حكم "الحجاب" من منظور تجريدي إلى واقع من القهر ال

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
عبد الخالق السر
مشاركات: 202
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 6:39 pm

حكم "الحجاب" من منظور تجريدي إلى واقع من القهر ال

مشاركة بواسطة عبد الخالق السر »

كم "الحجاب" من منظور تجريدي
إلى واقع متكامل من القهر المعنوي والجسدي للمرأة

إن معضلة "القرآن" ومنذ أن تنزل بلغة البشر كان محكوماً وسيظل في معرض تفسيره على تباين المفاهيم والرؤى بقدر سعة وحجم الاختلافات التي تميز بين بني البشر ووفق مقدراتهم الذهنية، المعرفية وتباين مرجعياتهم الثقافية – الاجتماعية0 صحيح أنه كان متاحاً في وقت ما إبان حياة مبلغ الدعوة (ص) أنه يمكن الوصول إلى حل لهذه المعضلة، وذلك من حيث أنه وحده الذي كان في مقدوره أن يدعي معرفة كاملة لا لبس فيها بمقصود كلام الله وذلك عبر وسيط مباشر ممثلاً في الوحي0 الشاهد أنه وبعد هذه الفترة القصيرة من حياة مبلغ الدعوة ، عاد التباين والاختلاف في وجهات النظر التشريعية والفقهية إلى الواجهة مرة أخرى – وهو وضع طبيعي- يتسق وينسجم مع طبيعة اللغة التعميمية التي اتسم بها القرآن والتعارض الظاهري الذي اشتملت عليه الكثير من آياته0

كل هذا استوجب ومنذ البدايات الأولى عملاً دؤوباً لاستنباط معاني وتفاسير تنسجم مع الواقع المستجد ومعضلاته والحراك الاجتماعي واستحقاقاته خصوصا حيال تلك الاستفهامات المربكة التي يفرزها ظاهر بعض الآيات التي تستعصي على الفهم الحرفي وبالتالي التفسير الظاهري0 بلا شك كان للمعتزلة القدح المعلى في اجتراح هذا الطريق وذلك حين أسسوا لعلم الكلام كأول محاولة لاعطاء العقل دوراً يتسق وأهميته0 إلا أنهم وقعوا في ذات العلة التي ما زالت تعاني منها الذهنية الإسلامية إلا وهي ادعاء حق امتلاك الحقيقة المطلقة دون الآخرين0 وهو مفهوم يتناقض كلية مع أيدلوجيتهم المؤسسة على المنطق والحوار العقلاني، في حين أن مفهوم "الحق الحصري" لامتلاك تفسير "القرآن" هو مفهوم يقيني يتعارض كلية مع هذا التوجه0

إن إهدار المغزى وعدم استصحاب البعد التاريخي للتشريعات الفقهية البسها هي الأخرى ثياب القدسية وأسهم في تأبيدها وضاعت بالتالي تاريخيتها والظروف الثقافية- الاجتماعية التي أنتجتها في زمن معين وبيئة معينة0
إن حوالي ألف عام من إحكام السيطرة السنية "الحنبلية" كانت كافية للخلط بين ما هو الهي وبين ما هو بشري " النص المقدس ، الفقه"0 ولم يكن ذلك اعتباطاً أو محض صدفة بقدر ما كان بلورة لواقع جديد أفصح عن نفسه بظهور دولة الإسلام السياسي الأولى "دولة معاوية" حيث كان ذلك إيذانا بتدشين طبقة رجال الدين بامتيازاتها الروحية والسلطوية التي تعززت عبر التاريخ0

ربما يكون المخرج – هذه المرة - للخروج من مأزق القراءة والقراءة المضادة للقرآن والمرجعية الفقهية والتشريعية التي تأسس عليها عبر القرون المنصرمة يكمن في رد الاعتبار للبعد التاريخي والفضاء الثقافي- الاجتماعي الذي تنزل فيه النص المقدس وأنتج كل هذا الكم الهائل من العلوم الإسلامية المختلفة0 أي بمعنى آخر الانطلاق من تاريخية الفكر الإسلامي كما عبر عن ذلك محمد أركون بإسهاماته الضخمة في هذا المجال ، مستفيداً في ذلك – كما أشار- من تطور علم التاريخ بتفريعاته الاجتماعية، الثقافية والنفسية وكذلك علم الانثربولوجيا0

ولا نبالغ أن قلنا أن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب هو أول من أسس لهذا المفهوم _ أي استنباط المغزى من التشريع- وذلك حين أوقف العمل ببعض التشريعات التي تتعارض صراحة مع ظاهر النص كتعطيل حد السرقة في عام الرمادة وكذلك تعطيل سهم "المؤلفة قلوبهم" في الفيء0

كان لابد من هذه المقدمة الضافية حتى نتمكن من اجتراح مقاربة لإشكالية "الحجاب" تتمفصل مع السائد وتنأى بنفسها من عنت وضيق حرفية التفسير والتفسير المضاد0 وذلك لأننا نرى أنه ما بين هذا وذاك قد أهرق الكثير من الحبر دون جدوى0 فهذا "مثلاً" فهم سلفي للتفسير يرى أن الحجاب معنى شامل وكامل يتبدى في الستر الكامل للمرأة من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها من باب أن المرأة "عورة" 0 كما أنه يجب أن تستتر ببيتها ويفضل أن لا تخرج منه إلا إلى القبر!!0 وذاك "اسلاموي" سياسي يرى من باب البراغماتية أنه من الممكن للمرأة أن تساير عصرها دون الإخلال بالاحتشام أو التفريط في كشف الرأس0 وهنا يتحول الحجاب إلى قطعة قماش تلتف حول الرأس، مع مساحة لا بأس بها من الحرية في تفاصيل ما يستر باقي الجسد من ملابس0 وآخر إسلامي- علماني يرى أن الإغراق في مثل هكذا تفاصيل هو مجرد "سفسطة" لا أساس لها في الإسلام في شيء ومهينة للمرأة اكثر مما هي تسهم في كرامتها0 ولا يضير المرأة شيء أن تكون في كامل زينتها دون الحاجة إلى "حجاب" أو غيره بقدر ما هي معنية بحجاب أخلاقي في المقام الأول يتمم مقاصد الدين0 الغريب في الأمر أن كل هؤلاء يستندون في معرض تباين تفسيرهم على ذات الآيات التي ورد بشأنها موضوع الحجاب!!0 ومن السهل كذلك اكتشاف أن كل هذه الاتجاهات المختلفة تحركها دوافع ذهنية وثقافية معينة تستنبط منها رؤيتها للمرأة وتستقي تفاسيرها من مرجعيات معرفية معينة0 إلا أنهم ورغم سباق التفسير والتفسير المضاد ينطلقون من قاعدة واحدة هي أحقية "امتياز" المقصد الإلهي وفقاً لمفهوم تجريدي للنص المقدس متعال على الواقع والتاريخ معاً0

قد يكون التيار الأخير "إسلام- علماني" هو الأقرب لمفهوم "التاريخية" الذي نعنيه، ولكنه في غمرة السباق المحموم وقع في حبال "التجريدية" الذي تتغذى عليه التيارات الأخرى وذلك بإصراره على استنباط المعنى وفقاً لذات الآلية المستخدمة من قبل المرجعية الكلاسيكية بشقيها السلفي والبراغماتي0 محيلاً الأمر بذلك إلى اختلاف مقدار ، لأن الجميع بات يستند على فكرة واحدة وهي كيفية إخضاع تفسير النص للفكرة المرادة سلفاً0

إذن والحال هكذا، علينا أن نفترع مداخل مختلفة تنأى بنا عن مأزق حرفية التعامل مع النص القرآني حتى لا يسقط منا المغزى في متاهة السباق المحموم في تأويل النص لصالح الايدولوجيا0

يجب أن يتم الدخول من خلال أسئلة مشروعة تمهد لاجتراح وجهة نظر قد تبدو مغايرة للسائد والمألوف وقد يكون لها القدرة في قطع مسافات مقدرة نحو بلوغ حلول مفارقة لهذا النوع من المماحكات غير ذات الجدوى0

السؤال الذي يجب أن يطرح نفسه في هذا الصدد: هل يمثل الحجاب غاية في حد ذاته أم وسيلة؟ وفي ذات السياق، هل كان تشريع الحجاب يمثل حينها خطوة تتسق مع الضوابط الاجتماعية الجديدة أم هو خطوة متخلفة لا تتماشى مع واقع الحال في ذلك الزمان؟

إن الإجابة عن هذا السؤال المركب تفصح عن نفسها من خلال تسليط الضوء على بعض من الواقع التاريخي لتلك الفترة وبما يسهم في تجذير مفهوم "التاريخية" وذلك دون الخوض في التفاصيل المصاحبة للآيات المعنية بمفهوم "الحجاب" - أي أسباب النزول-0 إذ علينا أن نعي جيدا أن الدعوة نفسها تمثل في جوهرها ثورة إصلاح اجتماعي لواقع ذلك الزمان، مما يعني بداهة أن التشريعات التي تقررت تباعاً تمثل حالة متقدمة على هذا الواقع، بحيث تسعى جاهدة ومن خلال قراءات متتابعة له تتمثل في هذه السور المفرقة النزول و "المسببة" غالباً لإحداث التغيرات المطلوبة والمستهدفة قيم الخير والفضيلة0 نحن إذن أمام أوامر وتشريعات "تاريخية" تتعدل وفق الزمان والمكان بما يتفق والجوهر – أي المغزى- المعبر عنه بوسيلة ما لا يمكن تأبيدها حتى لا يفقد المغزى التشريعي قيمته كما هو حاصل الآن0 وفق هذا المنطق نستطيع أن نقول أن "الحجاب" يمثل مفهوم فضفاض لمعنى "الاحتشام" والذي بدوره هو معنى أكثر عمومية ولا يمكن اختزاله في شكل معين لزي معين بهذا المفهوم التجريدي المتعالي على كل منطق وموضوعية0 فالحجاب مفهوم تصوري له علاقة وطيدة بالبيئة والثقافة السائدة في مجتمع ما عن معنى العفة والاحتشام وينداح المفهوم ليقارب تخوم أكثر تعقيدا تتمثل في شكل العلاقة المؤسسة حقيقة على أرض الواقع بين الجنسين في هذا المجتمع أو ذلك بعيدا عن التنظير0

علينا أن نتذكر جيداً إن المجتمعات التي تنزل عليها الإسلام كانت مؤسسة على التمايز الجنسي تماماً، وكان الإسلام في هذه الحالة يمثل ثورة حقيقية على واقع الحال في ذلك الزمن مما يعني أن هناك كان صراعاً اجتماعيا عنيفا تمثله القيم والتقاليد الراسخة المعززة من دونية المرأة مقابل قيم دينية جديدة تسعى جاهدة لخلق قيم أكثر عدالة0 هذا المشهد يكشف لنا إلى حد ما تلك الانقلابات "الرجعية" في مستوى "التثوير" الذي بلورته الدعوة المحمدية0 إذن حتى الحجاب يمكن وضعه ومن زاوية موضوعية في سياق تاريخي كان يطمح إلى ضبط السلوك الاجتماعي الفالت – كما تشير بعض أسباب النزول – أكثر من كونه حالة تأبيدية تقبع فيها المرأة لمجرد كونها "مرأة" في معناها الدوني المستبطن عمق اللاوعي لتلك المجتمعات0ان النكوص الذي حدث عقب وفاة مبلغ الدعوة كان هذه المرة أكثر قوة ومنعة لأنه نجح في إضفاء قدسية وشرعية على آليات قمعه عبر التفافه على الخطاب الديني السائد وقتها من خلاله تبنيه له وفق رؤيته الخاصة المستنبطة من الإرث ما قبل الدعوي0 وكانت المحصلة هذا التأبيد للدونية والتخلف الذين ترزح تحتهما المرأة المسلمة حتى راهن اليوم0

من المؤكد أن الحجاب لم يعد قطعة قماش يستر بها الرأس أو عباية "لا تشف أو تصف" – على حسب منطوق السلفيين- بقدر ما هو منظومة كاملة من القهر الاجتماعي الواقع على المرأة في مجتمع أبوي صرف لا يؤمن بإنسانية المرأة أو عدالة مشاركتها في الحياة رغم هذه الاطنان من اللغة اللاهوتية التجريدية0 إن أي حديث أو جدال يبحث في شرعية "الحجاب" من عدمه وفق آلية الخطاب الكلاسيكي السائد هو حديث – حتى وان توفرت له صدق النية- يساهم من حيث لا يدري أصحابه في تدعيم المخطط الرامي من قبل أعداء المرأة لتعمية أصل قضيتها والالتفاف عليها بهذا النوع من "السفسطة" والمماحكات التفسيرية التي جبل عليها السلفيون ، والتي تحرك من شهيتهم في الاجترار والتجشوء لكامل الموروث الكلاسيكي0

من المهم أن نبحث هنا عن المعنى المستبطن لمضمون الحجاب حتى يتكشف لنا المراد الحقيقي لمثل هذا النوع من الأحاديث0 ولا يتم ذلك دون الرجوع إلى الأسباب الكامنة والدوافع التي تحركها كافة القيم والأعراف والتقاليد التي أنتجت مثل هذا النوع من الفتاوى المتداولة والتي يسعى أصحابها من خلال الالتفاف على بعدها التاريخي أن يلبسوها معنى مقدساً يساهم في أبدية هذه القيود0
إن الحفر عميقاً في مثل هذا النوع من الخطاب السائد يكشف بلا شك تاريخاً كاملاً من الانتهاكات غير المبررة التي مورست ضد المرأة بهدف إعادتها للمربع الأول لما قبل الدعوة ممثلة في ثورتها الاجتماعية كما أشرنا0 أن أبرز ملمح يكشفه المعنى المستبطن هو أنه وفي جميع الأزمان كان الضغط على موضوع الحجاب والارتقاء به لمصاف القضايا المهمة لم يكن سوى البداية لمنظومة كاملة من الانتهاكات غير المعقولة0 علينا قبل الانطلاق في الشروع لتفكيك المعنى الكامن خلف هذا النوع من الخطاب أن نستصحب منظومة القيم "الجاهلية" المستبطنة في اللاوعي الجمعي والمتوسل لها الحجاب هذه المرة0 تتمثل هذه القيم في التالي: "الوأد، التجهيل، القمع بشقيه المعنوي والجسدي"0 ومن المهم كذلك أن نتذكر أن هذه القيم تعمل خارج الزمان والمكان أي أنها قيم "أبدية" صادفت المرأة قبل أكثر من ألف عام وما زالت تلاحقها حتى اليوم بذات الرؤيا والتفاصيل0

والآن لننطلق لكي نشرح كيف يمكن لهذه القيم "الجاهلية" أن تتسلل عبر ما يسمى حكم "الحجاب" لكي تعلن عن نفسها0 يكشف لنا البعد التاريخي للحجاب أن أوامره لم تتوقف يوماً ما عند ظاهر النص حسبما تستند المرجعية الفقهية على ذلك بل الشاهد أن الأمر يتطور ومن باب اجتهاد لا يتسق مع الذهنية "التلقينية" لينسحب الأمر على كافة الجسد ووفقاً لمفهوم "المفاضلة"، بحيث يصبح النقاب هو "الأمثل" واللون الأسود "مفضل على بقية الألوان00 وهنا تفصح رغبة الوأد عن نفسها بطريقة ما000
المرحلة الثانية تتجلى في السعي بقوة نحو "التجهيل" بحجة حرمة خروج المرأة ونبذ احتكاكها بالمجتمع،ويدخل في تفاصيل ذلك كراهية التعليم من حيث أنه مدخل للمعرفة "أي المفسدة" في "المعنى المستبطن"، والمحصلة هي ما تبلور تاريخياً – فيما بعد- بعصر الحريم والذي قامت بعبء تسويقه دولة الخلافة العثمانية من خلال ثقافة كاملة ما زالت أثارها تنداح حتى راهن اللحظة0
بالطبع لم يتوقف الأمر على ذلك – فالمرجعية الذهنية تأبى ذلك- فالتدجين الكامل والإقرار من جانب المرأة بدونيتها وعدم اكتمال إنسانيتها هما الهدف الأسمى لمشروع "جاهلي" متكامل يسمى الحجاب0 يبدأ هنا مشهد العنف المعنوي من خلال إعلاء الكثير من الأحاديث "الموضوعة" بعناية للحط من قدر المرأة والتي تزخر بها المنظومة الكلاسيكية الإسلامية، والتي غايتها الإقرار بدونيتها تارة "لقلة عقلها" و"قلة دينها" وتارة بمساواتها بالحيوان في النجاسة 00 الخ من الأحاديث والتشاريع الفقهية المثبتة لقيم وثقافات بعينها أكثر من أنها مستمدة من رسالة سماوية تتأسس على العدل الانساني0 وينتهي المشهد بالتشريع للعنف الجسدي بوصفه "وصية" إلهية ينبغي الاعتناء بها والحض على الإخلاص في ايدائها0
في مثل هذا الجو التأمري والمرهون للعقلية التلقينية يكون من الصعوبة بمكان التوقف بعقلانية للتثبت من صحة مفهوم الحجاب "كغاية" حسب المنظور التجريدي المتعامل به0 إن خطل هذا التصور يبان ومنذ الوهلة الأولى وبنظرة فاحصة لمجتمعات "الحجاب اليونيفورم" وهي رقعة جغرافية واسعة تشمل "دول الخليج العربي، إيران، جنوب باكستان، أفغانستان 000" لنرى كيف انتهى الأمر بـ"العفة" والمرأة معاً في هذه المناطق0

الخلاصة، إن تمرير هذا المشروع "الجاهلي" من خلال المنظومة الفقهية "المقدسة" والمتعالية على التقييم والمراجعة قد أسهم بفعالية في هذا الوضع المتدني الذي تعيش فيه المرأة المسلمة اليوم0 إن غاية ما يطمع إليه هذا المشروع هو الوصول بالمرأة إلى الإقرار بالدونية والوصاية عليها من بوابة "القهر المعنوي" المنتهي بها لأن تسهم هي بنفسها وبقوة في تثبيت هذا الواقع بالنيابة0 كل ما عليك فعله للتأكد من هذا الواقع هو تصفح العشرات من المواقع السلفية على النت أو مشاهدة برامج الفتاوى على الفضائيات أو على صفحات المجلات النسائية حتى يتسنى لك الاضطلاع على الواقع المحزن الذي ترزح فيه0 أطنان من الأسئلة الفجة والبائسة لكائن مهزوز الثقة، يقابلها أطنان مماثلة من الأجوبة الأكثر بؤساً تكشف بجلاء عن خواء ذهني وتصحر وجداني لا يعادلهم في البؤس سوى هذه الغطرسة التي تطفح بها وجه هؤلاء المتفيقهون0

عبد الخالق السر/ ملبورن
صورة العضو الرمزية
قصي مجدي سليم
مشاركات: 269
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:42 pm

مشاركة بواسطة قصي مجدي سليم »

الاستاذ الفاضل عبد الخالق السر..
قرأت ورقتك (على عجالة من أمري) ووقفت على قوتها و(ثورتها) المنظمة .. وسرني ما جاء في ختامها من قول :
كل ما عليك فعله للتأكد من هذا الواقع هو تصفح العشرات من المواقع السلفية على النت أو مشاهدة برامج الفتاوى على الفضائيات أو على صفحات المجلات النسائية حتى يتسنى لك الاضطلاع على الواقع المحزن الذي ترزح فيه0 أطنان من الأسئلة الفجة والبائسة لكائن مهزوز الثقة، يقابلها أطنان مماثلة من الأجوبة الأكثر بؤساً تكشف بجلاء عن خواء ذهني وتصحر وجداني لا يعادلهم في البؤس سوى هذه الغطرسة التي تطفح بها وجه هؤلاء المتفيقهون0

ولكن لدي وقفات في بعض ما أوردت من قول..
لقد قلت:
صحيح أنه كان متاحاً في وقت ما إبان حياة مبلغ الدعوة (ص) أنه يمكن الوصول إلى حل لهذه المعضلة، وذلك من حيث أنه وحده الذي كان في مقدوره أن يدعي معرفة كاملة لا لبس فيها بمقصود كلام الله وذلك عبر وسيط مباشر ممثلاً في الوحي

وهذا القول يشبه الحق ولكنه غير ذلك ..
أولا فإن طريق المعرفة الكاملة للنصوص ليس هو (الوحي) بل الوحي نفسه لا يقف واسطة بين المعرفة ومصدرها (الله).
ثانيا : إن مقولة (معرفة كاملة لا لبس فيها بمقصود كلام الله ) أيضا لا تتم أبدا فقد جاء في الحديث النبوي أنه قال (لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير ،تقدو خماصا وتأتي بطانا، ولعلمكم العلم الذي لا جهل بعده أبدا .. وما علم ذلك أحد. قالوا: ولا أنت يا رسول الله. قال : ولا أنا . قالوا: ما كن نظن أن الانبياء تقصر عن شئ . قال : إن الله أجل وأخطر من أن يحيط بما عنده أحد).
ومن هنا يتضح أنه ليس هناك من أحد يستطيع أن يصل الى أن هذا (هو مراد الله) كاملا ، بلا لبس.. إذ أنه (ما علم ذلك أحد) وهذا أيضا بعض الذي يسقط من حسابات الجماعات السلفية إذ تعطي نفسها حقا رفض الله أن يعطيه لنبيه حين قال :
(فإذا قرأناه فاتبع قرانه* ثم إن علينا بيانه)..
فالبيان من الله فقط .. لا من النبي.. ولا ممن هو دونه .. وإن كان يقع البيان من النبي وممن هو دونه على مراتب ولكنه لا يرقى لأن يكون (معرفة كاملة لا لبس فيها بمقصود كلام الله ). لأنه ببساطة (وحسب ما يؤمن به اهل السنة) فإن القرآن كلام الله
وكلام الله غير مخلوق (وهذه القضية الخلافية الكبرى بين المعتزلة من جانب وأهل السنة من جانب آخر كما تعلم) وكلام الله غير مخلوق بمعنى أنه (قديم وأزلي) وهذا يعني أنه مطلق .. ولهذا لا يعلم المطلق (كاملا) الا المطلق ، ولهذا ورد (ولا يعلم تأويله الا الله) بمعنى أن الراسخون في العلم يعلمون تأويل بعضه .. ولكن تأويله كاملا لا يعلمه الا الله فحينها يصير الله هو صاحب ال(معرفة كاملة لا لبس فيها بمقصود كلام الله ) وما سواه باطل لا شك.
ومن هنا فإن أي دعوة تحاول أن تصب القدسية على مفهومها من خلال أن هذا القول مراد الله الذي لا لبس فيه تصير هي نفسها _ وللسخرية_ بمنطقها الذي إستنته مارقة عن الدين.
ما أوقفني أيضا في كتابتك الآتي:
بلا شك كان للمعتزلة القدح المعلى في اجتراح هذا الطريق وذلك حين أسسوا لعلم الكلام كأول محاولة لاعطاء العقل دوراً يتسق وأهميته0 إلا أنهم وقعوا في ذات العلة التي ما زالت تعاني منها الذهنية الإسلامية إلا وهي ادعاء حق امتلاك الحقيقة المطلقة دون الآخرين0

ثم أنت تقول في فقرات أخرى:
إن أي حديث أو جدال يبحث في شرعية "الحجاب" من عدمه وفق آلية الخطاب الكلاسيكي السائد هو حديث – حتى وان توفرت له صدق النية- يساهم من حيث لا يدري أصحابه في تدعيم المخطط الرامي من قبل أعداء المرأة لتعمية أصل قضيتها والالتفاف عليها بهذا النوع من "السفسطة" والمماحكات التفسيرية التي جبل عليها السلفيون ، والتي تحرك من شهيتهم في الاجترار والتجشوء لكامل الموروث الكلاسيكي

وفي رأيي أن فقرتيك هاتين تحتاجان الى وقفة وتمحيص إذ أنهما حقا يمثلان إشكالية ولكنها إشكالية داخل أي (مقال) فهو يقع في فخ (الذاتي) دوما وهذا من خلال محاولته لتفعيل دور الآخر .. ودون أن يدري يلقى أنه قد قضى على (آخر) (اخر).
وانا بدوري لست مدافعا عن آلية الخطاب الكلاسيكي السائد .. ولكني أتعجب أيضا كيف يتفق أي حديث (يبحث في شرعية "الحجاب" من عدمه )..أن يتفقا مع بعضهما البعض .. ايا كانت تلكم القضية..
وإن كنت أرى الوجاهة في بعض ما قلت إذ أنني أرى أن أي محاولة لتحرير المرأة تتم من محورين (إما علماني رافض للدين، أو ديني متملق للواقع) وفي رأيي أيضا ليس في الإثنين حل لمشكلة المرأة خصوصا وإذا أخذنا في عين الإعتبار وجهة نظر المرأة نفسها (كمتدينة) تريد (التحرر) فلا سبيل لذلك سوى أمرين:
إما أن لا يكون هناك حلا من الدين لمشكلتها فتظل قابعة في تخلفها
وإما يكن...
ولا أرى حلا ملائما في كل التبريرات السلفية (ولهذا أرى وجاهة منطقك) ولكني أيضا لا أدري ماذا تعني ب(الخطاب الكلاسيكي )!! فهذا المصطلح يحتاج الى تعريف .. شأنه ومصطلح (الحجاب ) نفسه الذي لم تعيي نفسك لإيجاد تبرير أو معنى له الا من خلال رفضك للتبريرات والاراء الأخرى.. فأنت إذا أردت محاربة شئ لا يمكن له أن لا يكون هنالك وجود له مثلا :
من المؤكد أن الحجاب لم يعد قطعة قماش يستر بها الرأس أو عباية "لا تشف أو تصف" – على حسب منطوق السلفيين- بقدر ما هو منظومة كاملة من القهر الاجتماعي الواقع على المرأة في مجتمع أبوي صرف لا يؤمن بإنسانية المرأة أو عدالة مشاركتها في الحياة رغم هذه الاطنان من اللغة اللاهوتية التجريدية0

إن هذا القول جميل جدا .. ولكن
ما هو الحجاب ؟؟؟
لا بد أن ننطلق من أرضية لنصل الى محصلة أنه (منظومة كاملة من القهر الاجتماعي الواقع على المرأة). لابد من بداية لهذه المنظومة ، ولا بد من سند لمن شاركوا في هذه الجريمة.. والبداية دوما (صرفة) و (ساذجة) و (مجردة)... وهي أكثر من هذا فهي واضحة..
ولهذا فإن الدعوة الى :
إذن والحال هكذا، علينا أن نفترع مداخل مختلفة تنأى بنا عن مأزق حرفية التعامل مع النص القرآني حتى لا يسقط منا المغزى في متاهة السباق المحموم في تأويل النص لصالح الايدولوجيا0

ويطيب لي أن أقسم قولك هذا الى شقين :
الأول هو :
إذن والحال هكذا، علينا أن نفترع مداخل مختلفة تنأى بنا عن مأزق حرفية التعامل مع النص القرآني

والثاني هو :
حتى لا يسقط منا المغزى في متاهة السباق المحموم في تأويل النص لصالح الايدولوجيا0

والغريب هنا هو أن مداخلك سواء أن كانت (تاريخية) أو غيرها هي لا يمكن فصلها بأي حال من الأحوال من شرك (التأويل) وبالتالي (الأيدلوجيا)..
وكما هو معلوم فإن أي تأويل لا يبدأ من قاعدة (التفسير) الاولية .. (من الصرافة والسذاجة البدائية) يعد تأويلا فاسدا إذ أن النص لا ينشأ من أجل التأويل بل من أجل التفسير ، لأن التأويل لا وجود له دون معاني محددة تشتق منها المفاهيم البلاغية والمجازات اللغوية وهلم جرا...
المقال جيد ويستحق المتابعة والنقاش ولقد أمتعتني الكتابة حوله لأنه قيم كما أسلفت وأرجو أن تنال مساهمتي هذه حظها من المناقشة والمتابعة والنقد..
مع محبتي
لو كنت فارسا: لعبأت نشابي بالفرح.. وصوبت نحو البشرية جمعاء.. لا أخطئ أحدا.
لو كنت ملاك موت: لصعدت عاليا عاليا.. وهويت الى الأرض أدق عنقي (عادل عبد الرحمن)
_________________
الفكر أكسير الحياة
(الأستاذ محمود)
صورة العضو الرمزية
عبد الخالق السر
مشاركات: 202
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 6:39 pm

مشاركة بواسطة عبد الخالق السر »

العزيز قصي
شكرا للمداخلة القيمة، حتما سأعود للتعقيب على ردك بأسرع فرصة0
عظيم الود
عبد الخالق
ãÍãÏ ÇáÌÒæáí
مشاركات: 329
اشترك في: الأحد مايو 15, 2005 10:06 pm

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÇáÌÒæáí »

العزيز جدا عبد الخالق
الشوق بحر ونيل..
عارفك ياخوى مشغولللللللللللللللللللللل!!
لحتى ما ترجع ترد .. قلنا نسلم وكده..ولحين العوده تحياتى للاولاد

ونحن متابعين ..






.. .. .. .. ..
تخريمه..
( الماعندو محبه ماعندو الحبه والعندو محبه ماخلى الحبه )
ÂãÇá ãÕØÝì
مشاركات: 37
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:42 pm

مشاركة بواسطة ÂãÇá ãÕØÝì »

الأخ عبد الخالق..أعجبني تناولك لمسألة الحجاب بهذا الحس العالي جداً ومحاولتك لتغطية الموضوع من كل جوانبه وكذلك إختلاف الأخ قصي معك في بعض الجوانب ..

هناك الكثير من الأراء التي تؤدي الي تكريس دونية المرأة في المجتمع الإسلامي وكثيراً من الأفكار والمفاهيم السائدة في ذهنية الرجل عن المرأة عبارة عن تراكمات وترسبات تاريخية طويلة تمتد من العصور الأخيرة للجاهيلية وماقبلها في بعض الأحيان وحتي الوقت الحاضر مروراً بما مر به المجتمع الإسلامي من أحداث وفوضي ونزاعات دامية وتخلف وإفتقار الي الأمن والحرية.

هناك العديد من الكاتبات العربيات يحملن نفسا جديدا في معالجة (مشكلة المرأة) ..كالكاتبة المغربية فاطمة المرنيسي و أحب أن أضيف راي الكاتبة فيما يتعلق بمسالة الحجاب في كتابها الصادر باللغة الفرنسية في عام 1988بعنوان الحريم السياسي والذي قام بترجمته الي العربية عبد الهادي عباس..الكتاب يتحدث عن بعض الأحاديث المعادية للنساء وعن حياة النبي مع نساءه وعن حكمه وعن الرق ثم عن الحجاب...رغم أنك ذكرت أثناء عرضك للموضوع أنك تود تسليط الضوء علي الواقع التاريخي لتلك الفترة دون الخوض في التفاصيل المصاحبة للأيات القرأنية المتعلقة بالحجاب وأسباب النزول..ولكنني أري أن الحدبث عن واقع تلك الفترة لايمكن أن يتم بمعزل عن الخوض في أسباب النزول... لذلك أستميحك عذرراً بأن الخص بصورة عامة فكرة الكاتبة عن الحجاب..

مسألة الحجاب عند فاطمة المرنيسي:


نزل الحجاب وهو لغة يعني الستار ليس من أجل وضع حاجز بين رجل وإمرأة وإنما بين رجلين ..والحجاب هو حادث محدد التاريخ يناسب الأية 53 من السورة 33التي أوحي بها في السنة الخامسة هجرية 627:

( يأيها الذين أمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يوذن لكم ألي طعام غير ناظرين أناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا، فإذا طعمتم فأنتشروا ولامستأنسين لحديث أن ذلكم يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق وإذا سألتموهن متاعاًَ فسئلوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداًإن ذلك كان عند الله عظيما)

إن أية الحجاب نزلت في غرفة الزوجين من أجل حماية حياتهما الخاصة وإبعاد الشخص الثالث ويروي أنس أبن مالك أسباب نزول الأية بأنه في ليلة عرس النبي مع قريبته زينب بنت جحش ، رغب الرسول الإختلاء معها ، لكنه لم يفلح في التخلص من مجموعة فظة من المدعوين لم تغادر المكان كبقية المدعوين فجاء الحجاب رداً من الله علي هذه الجماعة.

إن الأية 53 المتعلقة بالحجاب أعتبرت من قبل مؤسسي العلم الديني كأساس لمؤسسة الحجاب وهذه الأية ليست الوحيدة المتعلقة بهذا الحدث لكنها كانت الأولي من سلسلة أوصلت في الواقع الي شرخ في الحيز الإسلامي وتكشف لنا إعادة قراءه متأنية لهذه الأية إن إهتمام الله هنا ذو طابع إبلاغي ..إنزار للصحابة يؤكد علي طرق التهذيب كواقعة الدخول إلي منزل دون طلب الإذن ..والقسم الأخير من الأية يعالج موضوعاًًًًًًًًً أخر وهو قرار الله بمنع المسلمين من التزوج بنساء النبي من بعد موته .

وعلي ذلك فإن قراءة سريعة للنص القرأني كما هو الحال في قراءة أنس بن مالك التي أعاد الطبري ذكرها تعطي الإنطباع المعاكس ومن هنا كانت المسألة المنهجية التالية :هل نحن ملزمون لتحديد إستقصائنا لهذه الأية بليلة عرس زينب ؟ الا يخولنا الإسلام البحث عن الأسباب الأخري في السياق التاريخي ؟ فالسيوطي علي سبيل المثال في مؤلفه أسباب النزول يقول لنا ( يستحيل فهم أية دون فهم قصتها والأسباب التي أدت إلي الوحي بها.)

إن تحليل مفهوم الحجاب بقطعة من القماش فرضها الرجال علي النساء كي تحجب عندما تمشي في الشارع ، هو بالفعل إفتقار لهذه العبارة ، إن لم نقل تفريغ لها من معناها وبخاصة عندما يعرف أن الحجاب حسب الأية القرأنيه وتفسير الطبري نزل من السماء ليفصل الحيز بين الرجلين وهناك العديد من الجهات في يومنا الحاضر تريد أن تجعل من الحجاب رمزاً للهوية الإسلامية وهبة سماوية للمرأة المسلمة ..أيضاً هناك العديد من إعادة طبعات الكتب المتعلقة بالمرأة والإسلام والحجاب.. وهي مشروعات لسلطات دينية معنية بمستقبل الإسلام وهي توضح أن هدفها هو إنقاذ المجتمع الإسلامي من الخطر ألذي يمثله التغيير ..ومن أبرز الأمثلة علي هذه الكتب كتاب أبن الجوزي أحكام النساء والذي يبين فيه أحكاماً للنساء والكتاب يحمل هذه الفصول ..(تحزير النساء من الخروج )..(خير أعمال النساء ما يختار إلي المنزل )..(الحجة في إثبات أن الأفضل للمرأة أن لاتري الرجل )..وإن مساهمة النساء بصلاة الجماعة يعتبر عملاً فاضحاً ويذكر حديثا أن نساء النبي كنّ يتسللنّ الي الجامع في ظلمة الليل ويصلينّ فيه جماعة مغطيات بأحجبتهن ويتركن المكان مسرعات قبل الفجر ..أما بالنسبة لحق القيام بالحج الي مكة فيقوم أبن الجوزي بإعطاء شروط وهي يجب أن تكون المرأة حرة فالمرأة العبدة محرومة إذاً الياً من الحج ..تجاوزت سن البلوغ.. وأن تكون عاقلة وغنية وأخيراً يجب أن تكون مصحوبة برجل محرم عليها ..وهناك فصل في الكتاب يعطي الزوج الحق بضرب زوجته ..وفصل أخر في ختان النساء الذي لا يربطه شئ بالإسلام ولا بالثقافة العربية..

هذه الطفرة في التاريخ لمؤسسة الحجاب لتفسيرها عبر القرون التي تنبثق وتنفتح في نهاية القرن العشرين وتشد السلمين الباحثين عن هوية عبر إنتاج توجيهي يشدد علي الحجز وحبس المرأة كأساس للإسلام ،هذا المنظور يجب الإحتفاظ به في الذهنية إذا ما أريد فهم ماكان يعنيه الحجاب في السنة الخامسة للهجرة...
...وهذا تلخيص بسيط للفكرة الني أذهبت فبها الكاتبة بالتفصيل والأيات والشرح..
..
أمال
صورة العضو الرمزية
قصي مجدي سليم
مشاركات: 269
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:42 pm

مشاركة بواسطة قصي مجدي سليم »

الاستاذة الفاضلة آمال..
شكرا لك على إستعراضك للكتاب.. وهو في مجمله جيد وينظر الى الاكور بشكل يستهدفها ويجعلها محل دراسة ونظر وتجديد، مما يدفع ويعزز عملية أو حركة تحرير المرأة من كل القيود المفروضة عليها..
ولكن لدي ملاحظة مهمة جدا.. وهي محاولة (تأويل) النص من داخل الحقبة التأريخية نفسها.. والحق أظن أن أي محاولة مثل هذه ستضر قضية التجديد أكثر من أنها تفيدها.. خصوصا عند النظر لهذه القضية من داخل السياق الاسلامي (كمنتمين) للسياق نفسه ، إذ أن الرافض للسياق أيضا لا يرى مثل هذا التأويل الان بل يحاول بقدر الامكان ان يبر السلبيات ليدلل على بطلان السياق ككل وبطلان الديانة من ثم.
واما صاحب الرأي الثاني فهو يحاول أن يجد الحلول من داخل السياق برمي الأعباء كلها على سوء التأويل والتفسير والممارسة .
وأنا لا أقول أن كل هذا لم يحدث .. فلقد حدث بالفعل سوء (نقل، وتخريج، وممارسة) من أغلب مدرس الفقه الاسلامي .. ولكن، ورغم هذا تظل بعض الحقائق واضحة ولا لبس فيها.. وأول تلك الحقائق هو ما يخالف القول:
نزل الحجاب وهو لغة يعني الستار ليس من أجل وضع حاجز بين رجل وإمرأة وإنما بين رجلين ..والحجاب هو حادث محدد التاريخ يناسب الأية 53 من السورة 33التي أوحي بها في السنة الخامسة هجرية 627:

إن هذه المقولة تنافي (النصوص) كما أنها تنافي (الممارسة) لا في ظل الخلافات التي تلت العهد الراشد بل في ظل الراشد وفي ظل النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).
لقد أوردتي نصا يقول :

وإن مساهمة النساء بصلاة الجماعة يعتبر عملاً فاضحاً ويذكر حديثا أن نساء النبي كنّ يتسللنّ الي الجامع في ظلمة الليل ويصلينّ فيه جماعة مغطيات بأحجبتهن ويتركن المكان مسرعات قبل الفجر

وفي هذا دليل واضح أن النبوة نفسها تقر أن الحجاب (فصل المرأة عن الرجل) نهائيا وهو ما يسمى ب (الإختلاط).
والحديث يرد هكذا في صحيح البخاري(كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وصلم نصلي الفجر فيخرج النساء متلفعات بمروطهن لا يعرفن من الغلس) والحديث في باب اوقات الصلاة .
اولا يجب علينا الاقرار أن الممارسة (النبوية) والتي تعتبر أفضل تحقيق للإسلام على مستوى القرون السابقة قد أقرت الحجاب (وهو فصل المرأة عن الرجل) نهائيا ، كما أقرت (قوامة الرجل على المرأة) وكما أقرت ضربها في حال النشوز، وأن شهادتها نصف الرجل، وأن تقر في بيتها أسلم وأفضل..
ثانيا وبعد النظر الى مجموع أحكام المرأة في العصر السابع وما يليه من قرون يتحتم علينا بعدها أن نقول (إن تلك الشريعة ككل غير صالحة بالمرة لإنسانية القرن العشرين) ومن هنا يكتسب التأويل دوره التأريخي بأن يرى أن تلك الممارسة خاصة بفترة محددة ولا تصلح (لكل زمان ومكان).. ومن خلال تأويل النصوص نصل الى محصلة تطوير التشريع الذي نرى أنه الحل للمرأة في هذا العصر وبالتالي يمس التطوير قضايا (الحجاب، والعزلة، والقوامة الخ الخ)..
لقد كتبت في مساهمتي السابقة:
أنني أرى أن أي محاولة لتحرير المرأة تتم من محورين (إما علماني رافض للدين، أو ديني متملق للواقع) وفي رأيي أيضا ليس في الإثنين حل لمشكلة المرأة خصوصا وإذا أخذنا في عين الإعتبار وجهة نظر المرأة نفسها (كمتدينة) تريد (التحرر) فلا سبيل لذلك سوى أمرين:
إما أن لا يكون هناك حلا من الدين لمشكلتها فتظل قابعة في تخلفها
وإما يكن...

والحل من داخل الدين لتحرير المرأة لا يكمن في أن نتحاور حول الفقه واسباب النزول ، لأن كل كتب الفقه والتفسير تنظم حياة لا تشبه حياتنا ولا يضيف لنا تصورها غير المرارة الحزن، فهي شريعة نزلت (للمرأة التي خرجت من حفرة الوأد لا لتلك التي خرجت من الجامعة)، وبالتالي يظل كل ذلك الفقه(بين الغلاة والمرنين منهم) لا يحل قضايانا المعاصرة لأنه لم ينشأ منها ولم يكتب لها.
فالحاجة الان ماثلة لتطوير التشريع (الأم) ليلائم حاجة القرن العشرين والقرن الحداي والعشرين والقرون التي تشبههما..
ولا أرى أنه قد تمت معالجة(من داخل الدين) تشبه معالجة الاستاذ محمود محمد طه في تطوير التشريع ، فهي وفق منهج متكامل تضع الأسس للتطوير، وتوضح الطرق الملائمة له. وسواء أن إختلف الناس أو إتفقوا حول (الدين) ككا أو الإسلام ، الا أنهم لا يستطيعون كتم حقيقة وهي أن الاستاذ محمود قد قام بمحاولة أهم ما فيها أنها لم تضحي بالدين لسبيل (الغرض)، ولم تهمل الغرض كلازمة للدين.
لو كنت فارسا: لعبأت نشابي بالفرح.. وصوبت نحو البشرية جمعاء.. لا أخطئ أحدا.
لو كنت ملاك موت: لصعدت عاليا عاليا.. وهويت الى الأرض أدق عنقي (عادل عبد الرحمن)
_________________
الفكر أكسير الحياة
(الأستاذ محمود)
ÂãÇá ãÕØÝì
مشاركات: 37
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:42 pm

مشاركة بواسطة ÂãÇá ãÕØÝì »

الأخ العزيز قصي ..لك التحية والسلام وشكراً علي مداخلتك المفيدة جداً..

يبدو للوهلة الأولي أنك مختلفاً معي ولكن بقليل من التأني والهدوء أري أن لا خلاف بيننا علي الإطلاق فيما ما أوردتة من تحليل لما ورد في حديثي والذي خانني الزمن في الإذهاب فيه ..وأنا كنت أنوي موأصلة الكتابة وتسليط الضوء علي مسألة الحجاب من جوانب أخري ولكنك بأغتني بالمداخلة ..إذاً سوف أبدل مسار الحديث وأؤجل ماكنت أنوي كتابته وأرد عليك مباشرة إن ذلك أجدي..

أنا عندما أقول ياقصي بتفسير النص القرأني داخل تلك الحقبة التاريخية المعينة هذا لايعني بأي شكل من الأشكال القول بأن الهدف من هذا التاويل والتفسير جعله بأن يكون صالحاً للقرن الحالي وتطبيقه لحل أزمة المرأة التي لا أري أصلاً حلّها بالرجوع الي الدين بل علي العكس من ذلك تماماً أعني من هذا التأويل والفهم لأسباب النزول لجعله حدثاً خاصاً بتلك الحقبة المعينة في الظروف المعينة وبما أن هذه الظروف قد إنتهت إذاً لايجوز تطبيق هذا التأويل وأذكر لك مثلاً فعندما هاجّر الرسول من مكة الي المدينة كان النساء يتعرضنّ للأذي والملاحقة من قبل بعض الرجال وقد أتضح أن هولاء الرجال لا يمارسون هذا التعرّض إلا مع النساء المعتقد أنهنّ عبدات ومن أجل هذا أوصي الله بالأية 59 من السورة 33 حيث تنصح نساء النبي بأن يدنين عليهنّمن جلاليبهنّ كي يعرفن فلا يؤذينّ ( يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المومنين يدنينّ عليهنّ من جلاليبهنّ ذلك أدني أن يعرفنّ فلا يؤذينّ وكان الله غفوراً رحيماً )..

وهذا يكفي دليلاًعلي أن هذه الأحكام والتشريعات ليست صالحة لتحكم الناس في يومنا هذا بل كانت جائرة حتي في ذلك الوقت فهذه الأية بها تمييزاًعنصرياً وأضحاً فهي تقسم النساء الي قسمين نساء حرأت لايجوز التعرض لهنّ ونساء إماء أبيح التعرض لهنّ ..كيف يمكن فهم ذلك الأن ؟؟ وما بألك بتطبيقه ..

هناك شي أخر ..فأنا لم أدلي برأئي وإنما قدمت وجهة نظر الكاتبة فقط في مسألة الحجاب وهذا لايعني موأفقتي وإتفاقي علي كل ماجاء بالكتاب فأن أحترم رائها جداً رغم أني أعتبره في أغلب الأحيان فيه شي من التحفظ .. فهي من أولائك الذين يلجأون لمحاولة تحرير المرأة من دأخل السياق الدين ..وأنا لاري مانعاً في ذلك في زمن أرتفع فيه صوت الخطاب الديني والسلفي مطالباً بتطبيق السنه والقرأن تطبيقاً نصياً وأول المتضررين من ذلك بالطبع هو المرأة ..فلا السنة ولا القرأن أنصفا المرأة حقها الموازي للرجل ككائن بشري ..

وفي جزء أخر من الكناب قامت فاطمة المرنيسي بتحليل بعض من الأحاديث التي كان يعتقد أنها ضد النساء مثل قال النبي ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة) (مايقطع الصلأة الكلب والحمار والمرأة ) ( ما أدع بعدي فتنة أضر علي أمتي علي الرجال من النساء ) ( أطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء وأطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء ) أثبتت فاطمة المرنيسي أن هذه الأحاديث أستخدمت بشكل سيئ لتخدم أغرأضاً معينة وكان التلاعب بها من صلب ممارسة السلطة في المجتمعات الإسلامية ..وأتسأل ماذا ستفعل فاطمة المرنيسي عندما تصطدم بأحاديث وأيات أخري تحوي الكثير من التناقض والظلم الوأقع علي المرأة والتي لا يسمح تأويلها إلابتطبيقها كاملاً ؟

أتفق معك أن ماجاء به الإستاذ محمود محمد طه من تجدبد في التشريع وفي السمّاحة يفوق محدودية هذا الزمن ..

أرجو منك الموأصلة ..فحديثك به الكثير..

خالص تقديري..أمال

صورة العضو الرمزية
قصي مجدي سليم
مشاركات: 269
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:42 pm

مشاركة بواسطة قصي مجدي سليم »

الأستاذة الفاضلة امال..
شكرا لك على مساهمتك القيمة .. وهي مثل الاولى تماما في قدرها العالي وذوقها الرفيع.. وانا أصلا لم أختلف معك حول رأي من الاراء بل كنت واعيا تماما الى أنك :
هناك شي أخر ..فأنا لم أدلي برأئي وإنما قدمت وجهة نظر الكاتبة فقط في مسألة الحجاب وهذا لايعني موأفقتي وإتفاقي علي كل ماجاء بالكتاب فأن أحترم رائها جداً رغم أني أعتبره في أغلب الأحيان فيه شي من التحفظ

وانا ما نقدت الا وجهة نظر الكاتبة لأنني كما قلت سابقا أجد أن هناك تيارين لحل قضايا العصر اما علماني رافض للدين واما ديني متملق للواقع.. هنا بالطبع لم أذكر التيار المتشدد لأنه لا يعيي نفسه في البحث عن حلول .. وانا (كما هو واضح) لا أميل الى أي من التيارين (لا العلماني، ولا الديني المتملق) وإن كنت أرى أن التيار العلماني أفضل حالا من هكذا تيارات دينية.. لأن خطورة تلك التيارات الدينية تكمن في أنها (لا علمانية، ولا دينية) فهي تضرب هنا وتضرب هناك..
سوف آتي لاحقا بمساهمة أطول إن شاء الله
لك تحياتي وودادي
لو كنت فارسا: لعبأت نشابي بالفرح.. وصوبت نحو البشرية جمعاء.. لا أخطئ أحدا.
لو كنت ملاك موت: لصعدت عاليا عاليا.. وهويت الى الأرض أدق عنقي (عادل عبد الرحمن)
_________________
الفكر أكسير الحياة
(الأستاذ محمود)
صورة العضو الرمزية
قصي مجدي سليم
مشاركات: 269
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:42 pm

مشاركة بواسطة قصي مجدي سليم »

الا ستاذة امال..
تحية طيبة..
أحب أن أنقل لك رأي الاستاذ محمود في الحجاب منقولا من الباب الخامس من كتابه (الرسالة الثانية من الاسلام).. وانا إذ أنقل هذه الجزئية أوصي بقراءة الباب الخامس ككل .. وكما أوصي بقراءة الكتاب لتكتمل الصورة ..
والباب الخامس والسادس يعتبران في نظري زبدة الكتاب أجمع ففيه يصل الاستاذ الى خلاصة أن:
الجهاد ليس أصلا في الإسلام
الرق ليس أصلا في الإسلام
الرأسمالية ليست أصلا في الإسلام
عدم المساواة بين الرجال والنساء ليس أصلا في الإسلام
تعدد الزوجات ليس أصلا في الإسلام
الطلاق ليس أصلا في الإسلام
الحجاب ليس أصلا في الإسلام
المجتمع المنعزل رجاله عن نسائه ليس أصلا في الإسلام

كل هذا قد جاء وفق سياق منطقي ومترابط ينظر الى الدين (من حيث هو دين) وينظر الى مشاكل العصر الراهن فيلاقي بين الاثنين بصورة لا ترى فيها ذرة إفتعال..
دعيني الان أنقل لك ما جاء عن الحجاب:
الحجاب ليس أصلا في الإسلام

والأصل في الإسلام السفور.. لأن مراد الإسلام العفة.. وهو يريدها عفة تقوم في صدور النساء والرجال، لا عفة مضروبة بالباب المقفول، والثوب المسدول. ولكن ليس الى هذه العفة الغالية من سبيل إلا عن طريق التربية والتقويم. وهذه تحتاج إلى فترة انتقال لا تتحقق أثناءها العفة إلا عن طريق الحجاب، وكذلك شرع الحجاب. فكأن الأصل ما كان عليه آدم وحواء قبل أن يزلا: (ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة، فكلا من حيث شئتما، ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما، وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين، أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين * فدلاهما بغرور، فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة، وناداهما ربهما: ألم أنهكما عن تلكما الشجرة، وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين؟ * قالا ربنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا، وترحمنا، لنكونن من الخاسرين * قال اهبطوا، بعضكم لبعض عدو، ولكم في الأرض مستقر، ومتاع إلى حين * قال فيها تحيون، وفيها تموتون، ومنها تخرجون * يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم، وريشا، ولباس التقوى، ذلك خير، ذلك من آيات الله، لعلهم يذكرون * يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة، ينزع عنهما لباسهما، ليريهما سوآتهما، إنه يراكم، هو وقبيله، من حيث لا ترونهم، إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون) قوله (ليبدي لهما) يعني ليظهر لهما.. قوله (ما ووري عنهما) يعني ما غطي عنهما بلباس النور.. (من سوآتهما) من عوراتهما.. قوله (فدلاهما بغرور) نصحهما بباطل، وكذب، حتى تورطا في الخطيئة، فلما سقطا (بدت لهما سوآتهما، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) فأخذا يستران عوراتهما بورق التين، ومن يومئذ بدأ الحجاب. فهو نتيجة الخطيئة، وسيلازمها حتى يزول بزوالها، إن شاء الله. وفي ذلك قوله تعالى (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم)، وهو يعني قد خلقنا لكم، وفرضنا عليكم لبس ثياب القطن والصوف وغيرهما مما يواري عوراتكم.. وقوله (ولباس التقوى) يعني لباس التوحيد، والعفة، والعصمة المودعة في قلوبكم، قوله (ذلك) لباس العفة (خير) من لباس القطن.. (ذلك) يعني لباس القطن.. (من آيات الله) من حكمته في تشريعه.. وكل المعنى في قوله تعالى (لعلهم يذكرون) ويعني لعل الناس يذكرون حالة الطهر، والبراءة والعفة، التي كان عليها أمرهم قبل الخطيئة، فتكون منهم الرجعى.

والآية الأخيرة واضحة الدلالة على ما ذهبنا اليه في أمر الحجاب.. والسفور في الإسلام اصل لأنه حرية.. وقد أسلفنا القول بأنه، في الإسلام، الأصل في كل إنسان أنه حر، إلى أن يسئ التصرف في الحرية، فتصادر حريته بقانون دستوري.. وقد سلفت الإشارة إلى القانون الدستوري.. اقرأ في حكمة الحجاب قوله تعالى (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم، فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت، حتى يتوفاهن الموت، أو يجعل الله لهن سبيلا.) إذا توفرت الأدلة على اعوجاج سلوكها بما لا يرقى إلى الحد تصادر حريتها بحرمانها من حقها في حرية السفور، وتحبس في المنزل (حتى يتوفاهن الموت) إن لم يبد من احداهن أنها قد انتفعت بالعقوبة، وأنها استقامت، مما يجعلها مرجوة لحسن التصرف في السفور.

فالحجاب عقوبة حكيمة على سوء التصرف في حرية السفور. هذا في الأصل الإسلامي. ولكنه، في التشريع الحاضر، يمثل مصادرة مستمرة لحرية السفور، لأن الشارع أراد به الى سد الذريعة، حماية للقصر من مسئولية باهظة، وثقيلة، لا ينهض بها المؤمنون، وإنما ينهض بها المسلمون، وما لهؤلاء شرع.



المجتمع المنعزل رجاله عن نسائه ليس أصلا في الإسلام

وما يقال عن السفور يقال عن الاختلاط، فان الأصل في الإسلام المجتمع المختلط، بين الرجال والنساء، ثم هو مجتمع سليم من عيوب السلوك التي إيفت بها المجتمعات المختلطة الحاضرة.

هذه جميعها مجرد أمثلة سيقت على سبيل إظهار الفرق بين الأصل والفرع، وللتدليل على أن الرسالة الأولى، إنما هي تنزل عن الرسالة الثانية، لتناسب الوقت، ولتستوعب حاجة مجتمعه، ولتتلطف بالضعف البشري يومئذ، وفيها في ذلك غناء.
لو كنت فارسا: لعبأت نشابي بالفرح.. وصوبت نحو البشرية جمعاء.. لا أخطئ أحدا.
لو كنت ملاك موت: لصعدت عاليا عاليا.. وهويت الى الأرض أدق عنقي (عادل عبد الرحمن)
_________________
الفكر أكسير الحياة
(الأستاذ محمود)
صورة العضو الرمزية
عبد الخالق السر
مشاركات: 202
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 6:39 pm

مشاركة بواسطة عبد الخالق السر »

الاخ قصي سلامات
عظيم أسفي لهذا التأخير الذي أملته ظروف قاهرة لم يكن في الامكان القفز عليها0
- فيما يخص مسألة "الوحي" حسبما وظفتها في مقالي كيما أبين وجهة نظري، يبدو أنك قد حملتها أكثر مما ينبغي ولربما اتاح لك ذلك استرسال يخرج بنا عن المعنى المراد تحديدا0 لم يكن بخاطري اسقاط معنى لاهوتي للمفردة تنداح معه المعاني والدلالات الى ما لا نهاية، بقدر ما أنها كانت اشارة مهمة تبين الانصياع التام للتفسير الوارد من مبلغ الدعوة ، وذلك من منطلق بدهي، هو الايمان بأن هذا الرجل على حق، والا انتفى الايمان بالدعوة نفسها كما حدث من الرافضون لها0 ولما كان النص المقدس نفسه تنزل بواسطة "وحي" لمبلغ الدعوة، بعيدا عن متاهات توصيف نوع هذا الوحي، فمن المؤكد أن التفسير الذي كان يقول به الرسول (ص) يؤخذ كمسلمة بحكم أنه صاحب الشأن وحده في هذا الأمر0 اذن ليس للامر هنا علاقة بأزلية النص أو مخلوقيته0 كما أنه - أي مبلغ الدعوة - لا يعلم "المطلق" لا يقدح في انصياع اتباعه التام لمجمل تفسيره للنص المقدس0
وإن كنت أرى الوجاهة في بعض ما قلت إذ أنني أرى أن أي محاولة لتحرير المرأة تتم من محورين (إما علماني رافض للدين، أو ديني متملق للواقع) وفي رأيي أيضا ليس في الإثنين حل لمشكلة المرأة خصوصا وإذا أخذنا في عين الإعتبار وجهة نظر المرأة نفسها (كمتدينة) تريد (التحرر) فلا سبيل لذلك سوى أمرين:
إما أن لا يكون هناك حلا من الدين لمشكلتها فتظل قابعة في تخلفها
وإما يكن...

الحقيقة أنني مستغرب لهذا التقرير الصارم أعلاه، فهذا يعني أن انك توافق ضمناً على - طالما انك حكمت على المرأة بهذا العنت- أنه لم تعد توجد حلول يعتد بها في هذا الصدد طالما ان الأمر منجز ومنتهي، وهذا للمفارقة هو نفس الموقف السلفي من قضية المرأة !!0 فمفهوم "ديني متملق" يعني القضاء تماماً على أي محاولة لايجاد وضع لائق للمرأة وفق المفهوم الديني يتسق وقيم حقوق الانسان المعاصرة0 هذا بالطبع في حال أنك تستند في تعريفك لمفردة "تحرير" على المفهوم الايجابي للمعنى0

- الحقيقة أنني في تناولي لقضية الحجاب كنت حريصا على استخدام المصطلحات المتداولة في بنية الخطاب "المعاصر" ، ومنها مصطلح "الخطاب الكلاسيكي" وهو الخطاب الرائج الآن والذي يدمج بشكل اختزالي ما بين النص المقدس والتراث الفقهي التأويلي المستنبط منه0 أي بمعنى آخر هو ذلك الخطاب الذي يجعل من مجمل تراث الفقة الاسلامي نصوص مقدسة لا يمكن تجاوزها، وان الحل الامثل هو امتثال ذلك الواقع بحذافيره واسقاطه على الواقع المعاش0
- ينسحب الأمر كذلك على مصطلح الحجاب في معناه الجدلي السائد بعيدا عن تعدد معانيه صوفية كانت أم لغوية0 فذلك أمر لم يناقشه المقال0 اذن في هذا السياق هو ذلك "اليونيفورم" المحدد عباية كان أم "طرحة" تلتف حول الرأس لتمنع كشف الشعر، أم نقاباً في أكثر التعريفات غلواً حسب الخطاب الكلاسيكي ذو المرجعية الواحدة والمتراوح ما بين الاعتدال والتطرف لأسباب ثقافية- اجتماعية ونفسية أكثر من كونه مفاهيم متماسكة يعتد بها0 وفي رأي أن هذا النوع من الركون للوثوقية في نجاعة هكذا حل لا يعززه واقع الحال يطرح أكثر من سؤال وعلامة استفسار ، كما أنه يشيء بحالة من الذهول ان لم نقول الهروب عن مواجهة الواقع الذي يعري من مثل هذه اليقينيات التي يصر عليها هذا الخطاب0
- لست هنا يا عزيزي بصدد رفض التأويل بقدر ما أنني وددت التركيز على مأزق التفسير الحرفي المسقط للتاريخية التي أشدد عليها في هذا المقال0 لأنه من الواضح أن التفسير الحرفي هو محاولة تسطيحية للتأويل تتعامل مع النص كلغة تجريدية في أحسن الأحوال كما أنها لا تدفع كبير عناء في محاولة اعطاء اعتبار للحراك الاجتماعي - الثقافي والظروف المتغيرة بحكم حتمية الحراك التاريخي مما يجعل من الصعوبة بمكان تأبيد المعاني التاريخية خارج الزمان والمكان، لأن مردود ذلك هو الضيق والعنت والتناقض الذي يقع فيه النص المقدس لا محالة0
وذات الأمر يندرج على الايدولوجديا في بعدها الايجابي كما وددت أن يفهم كلامي0 لأن الانسياق وراء محددات الايدولوجيا في شقها السلبي هو ذلك الجهد المحموم لاخضاع النص وقسره على مفاهيم محددة سلفاً0

شكري وتقديري وأسفي مرة أخرى على هذا التأخير في الرد

عبد الخالق السر

العزيز ود الجزولي
سلامات يا راجل0 وينك وأنت السايح في بلاد الله0 أرجو أن تكون واولادك بخير في بلاد العم سام، هذا ان لم يجدك ردي هذا "منطلق" بعراقيك في حواري امدر0

الاخت آمال مصطفى
شكرا جزيلا على مداخلتك القيمة واسهامك بمقال الكاتبة الكبيرة فاطمة المرنيسي
لك الود
عبد الخالق السر
سلامي للجميع
ãÍãÏ ÇáÌÒæáí
مشاركات: 329
اشترك في: الأحد مايو 15, 2005 10:06 pm

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÇáÌÒæáí »

.. .. .. .. ..
العزيز جدا
عبد الخالق السر ..
( عطبراوى ) ..

سلامات يا راجل0

سلامات ياأخو الرجال .. سلامات ..
وينك وأنت السايح في بلاد الله
0
اجمل مافيها انها بلاد الله .. واجمل مافى الأمر اصبحنا نستطيع ان( نسوح ) بها !! ..
.. ياللهول ..
أرجو أن تكون واولادك بخير

دائما هميم وسائل عن الحال ..
اولادى على اكمل وجه من الصحة والعافية ..
وهاهو ( ابو على ) الصغير – يصفو معى بعد ( ماغنج شهرين ) .. واظنها محاولة للإنتقام
.. كونى لم احضر ولادته ..
واخيرا اصبح( صديقى ) الذى كنت ابحث عنه ..
فلك منهم الاف السلام .. وقدرها تحايا للأسرة الكريمة عندك ..

في بلاد العم سام،

عمنا سام ماطلع حريف .. وحريف جدا ..
اصطاد كل من هتف ( يوما ) ضده .. وتوعد .. وندد .. وقاد ( المظاهرات ) واقلق منام سفارته
بالخرطوم ..
وأتى بهم لبلاده لاجئين .. ومحتمين .. وهاربين .. و .. و ..
ومارس عليهم ( الرأسمالية ) ..
واغرقهم فى نعيمه ..
و بالتأكيد حرمهم من ترديد مطلع قصيدة العزيز - محمد طه القدال – التى تقول ..
.. .. .. .. .. ..
اقول البنات المفتح صدورن يقالدن رشاشك ويخلن حبيبن ..
كضب ..
اقول العساكر تبارى الكبارى وتفتش قلوب الجهال الشلوخم هويه ..
كضب ..
فتر من تنضف دقن عم سام ..
فتر من تنضف دقن عم سام ..
هذا ان لم يجدك ردي هذا "منطلق" بعراقيك في حواري امدر0


وده لمن اجيك راجع ( ملبورن ) ..
لانو الظاهر انى ( شطحت ) ! واطلقت لنفسى العنان ( فى الدردشة معاك ) ..
وانت عالم كم هى محببة الى قلبى .. الدردشة معاك ..
وبالتالى نسيت امر الاعزاء المتداخلون هنا .. فلهم منى عميق اسفى فى اننى قد
اكون اربكت( البوست ) بهذه( الهطرقة ) !! ..
ولكن هذا هو عبد الخالق – عطبراوى ..
فلكم منى عميق حبى
وجل تشكراتى .. على كل هذا الزهن .. فواصلوا وانى لمشجعكم ..
ــــ وبرغم المشغوليات ياعبد الخالق ارجوك لاتغيب .. لاتغيب ..
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتة




.. .. .. .. ..
تخريمه..
( الماعندو محبه ماعندو الحبه والعندو محبه ماخلى الحبه )
صورة العضو الرمزية
قصي مجدي سليم
مشاركات: 269
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:42 pm

مشاركة بواسطة قصي مجدي سليم »

عزيزي عبد الخالق..
آسف جدا جدا على التأخير غير المقصود وأوعدك بأنني في القريب العاجل سأقوم بالرد على كل مساهمتك بصورة موسعة. ولكني الان أقتصر الأمر على جزئية صغيرة .. لقد كتبت أنا فقلت:


وإن كنت أرى الوجاهة في بعض ما قلت إذ أنني أرى أن أي محاولة لتحرير المرأة تتم من محورين (إما علماني رافض للدين، أو ديني متملق للواقع)
وفي رأيي أيضا ليس في الإثنين حل لمشكلة المرأة خصوصا وإذا أخذنا في عين الإعتبار وجهة نظر المرأة نفسها (كمتدينة) تريد (التحرر) فلا سبيل لذلك سوى أمرين:
إما أن لا يكون هناك حلا من الدين لمشكلتها فتظل قابعة في تخلفها
وإما يكن...
ولقد عقبت علي بقولك:
الحقيقة أنني مستغرب لهذا التقرير الصارم أعلاه، فهذا يعني أن انك توافق ضمناً على - طالما انك حكمت على المرأة بهذا العنت- أنه لم تعد توجد حلول يعتد بها في هذا الصدد طالما ان الأمر منجز ومنتهي، وهذا للمفارقة هو نفس الموقف السلفي من قضية المرأة !!0

فمفهوم "ديني متملق" يعني القضاء تماماً على أي محاولة لايجاد وضع لائق للمرأة وفق المفهوم الديني يتسق وقيم حقوق الانسان المعاصرة0 هذا بالطبع في حال أنك تستند في تعريفك لمفردة "تحرير" على المفهوم الايجابي للمعنى

وهذا قطعا تخريج لم أقصده ولم أقله .. لقد كنت كما هو واضح اسرد ما هو عليه الاسهام في الواقع لا مقررا لما يجب أن يكون..
وعلى عكس ما ذكرت أنت تماما فإنني أرى ضرورة أن يكون هناك حل ثالث ورابع وألف طالما أن هذه الحلول كلها تصب في رفد العمل من أجل
تحرير المرأة وتحرير الانسان عموما
عليه فانني لم أقرر أي تقرير صارم (كما ذكرت) بل قررت واقع الحال الذي عليه الاسهامات الفكرية لجل من قرأت لهم من المفكرين المهتمين بهذه القضية.
سوف آتيك برأيي مفصلا فأرجو أن تسمح لي ببعض لوقت
ومع محبتي
لو كنت فارسا: لعبأت نشابي بالفرح.. وصوبت نحو البشرية جمعاء.. لا أخطئ أحدا.
لو كنت ملاك موت: لصعدت عاليا عاليا.. وهويت الى الأرض أدق عنقي (عادل عبد الرحمن)
_________________
الفكر أكسير الحياة
(الأستاذ محمود)
أضف رد جديد