جَقــْـــــــــــــلا / نَشيدْ الرّملْ

Forum Démocratique
- Democratic Forum
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

عزيزي يوسف،
أحر تحياتي ومودتي،
فرغتُ من القراءة الأولى التي أنجزتها موزعاً بين الإمتاع والعبرات. وقد أسعفتني على فهم منبع العبرات التي فجرها نصك، كلمتك المؤثرة لنجاة:


يبدو إن الحزن سيرافقني كما ترافق جـقلا حردالها ، وسيكون مرحالي في الحياة القادمة .. ولا أريد الخروج منه.


هذا النص مدهشٌ وأخاذ بالفعل في تقديري. ومن بين انطباعاتي الأولى، وهي كثيرة سأحاول كتابتها لا حقاً بعد القراءة الثانية، إن في نصك صلة قربى ما بكتابات ابراهيم الكوني على مستوى "النوع" وليس على مستوى النوعية الإبداعية إذا جاز لي التعبير. فأنت، في اعتقادي، تجاوزت الكوني ببعيد على المستوى النوعي الجمالي، والدرامي، والشعري والتراجيدي. هذا أقل مايمكنني قوله عن هذا النص الإبداعي المركب في هذه "العجالة". وقد وضعتُها بين مزدوجتين كنايةً عن أن مشكل عجزي عن التعبير لا صلة له بالوقت أصلاً كما قد توحي كلمة "العجالة"، وإنما هو من فعل هذا النص المركب، المختلف، المزلزل.

وإلى أن أعود بعد القراءة الثانية عندي ليك "سؤلاتاً تحصحص لي"، لم أوفق في الصبر عليها:

أولها عن اشتقاق اسم "الفيزاني".
وثانيها عن اسمك "الثالث": هل هو الماهري أم المْهري؟

مع أزكى مَعَزَّتي وامتناني.
بــولا
صورة العضو الرمزية
íæÓÝ ÚÒøÊ ÇáãÇåÑí
مشاركات: 326
اشترك في: الاثنين يونيو 06, 2005 9:50 am
مكان: كندا =Winnipeg -MB

مشاركة بواسطة íæÓÝ ÚÒøÊ ÇáãÇåÑí »

عزيزي الدكتور عبد اللّه بــــــولا

سلام
ومرحباً بعودتك لفلاتنا ، ولا أخفي عليك سعادتي بهذه المداخلة التي طرحت اسئلة كنت أتحين الفرصة للإجابة عليها خصوصاً ما اثاره أصدقاء حول إبراهيم الكـــــوني كإنطباع أوَّلي لكل الذين اقدم لهم ما أكتب ، هذا حسب إعتقادي يعود لشيئين ، فهنالك من نصب إبراهيم حردالاً وحيداً للصحراء وأكتفى به ، كما نصب الكثيرون الطيب صالح حردالاً سودانياً وحيداً وتوقفوا عنده ، وبالتالي تتم إحالة كل جديد للمقارنة بينة والطيب صالح دون النظر للإختلاف ، وما أسعدني في مداخلتك إنك بدأت تقرأ الاختلاف بيني وإبراهيم الكوني وفق رؤية مستنبطة من داخل نشيدي ومن قراءة عارفة بما كتبه الكوني ..
عندما كتب الاديب محسن خالد روايته ( تمويليت السحاقية الفاتنة وصائدة الفتيات ) في المنبر الحر بسودانيز أون لاين ، هرول الكثيرون نحو محمد شكري ، دون النظر لما يكتبه محسن من عمل مختلف ولو قرأه محمد شكري لعاد للمدرسة مرة أخرى .. هذه هي المشكلة ، ولكنها بسيطة فما يترآئ في نصوصي من وجود لإبراهيم الكوني هو وجود للمكان ، ووجود للناقة ووجود للناس الذين تشكلت منهم حياة الرّمل ، فلولا هذا الوجود لكل هؤلاء لما كان االرّمل معروف لا في نصوصي ولا في نصوص إبراهيم الكوني ، فنحن ننتمي لفضاء واحد ، ونختلف في أساطيرنا ورؤيتنا ، كما نختلف في مساراتنا ، قرأت إبراهيم الكوني ، بل ذهبت إلى ليبيا في سن مبكرة ، وتعرفت على الكثير الذي أستطيع به التفريق بين مساري ومسار الكوني ، ولم يكن هاجسي في أي لحظة أدب إبراهيم الكوني عن الصحراء ، فقط لأنني داخله ، فهنالك إختلاف قراءة لأدب إبراهيم بيني وبين القارئ الآخر غير الملم بتفاصيل حياة الرّمل ، والذي يرى ذلك العالم كله مجرد تخييل ، لكني بسهولة أتعرف على ماذا يعني إبراهيم ومن أين ينطلق ، وأراني بعيداً عن رؤيته ومساره . وهذا لا ينفي إن لإبراهيم الكوني فتوحات عظيمة لذلك العالم الغامض والملفوف بالاسطورة .
أما الغناء كثيمة ملازمة لروايات الكوني ، فهذا لم يبتدعه إبراهيم بل هي طبيعة انسان الرّمل ، الذي لا يمكن أن يكف عن الغناء والحكي ، فبدون ذلك سيموت !
قالت لي أمي ذات يوم : تعال أكتب لأخوك جواب ، وكنت في الصف الخامس الإبتدائ بمدرسة ( كُتم الإبتدائية بنين ) وحين
حضَّرت الورقة والقلم قالت : قل ليه

هبايب اللّيل يوم ساقن
رموش العين ما أتلاقَن
يا موسى قلوبنا أشتاقن
وين دوخاتك فاقَن ؟؟؟


ثم واصلت بشكل عادي في وصايا أخرى وكأن النشيد فاتحة مثل ( بسم الله الرــــــــــ )
ولذلك وجود الغناء هنا هو جزء من طبيعة الحكي .. لابد من وجود اللّحن حتى في لحظات الموت والحرب .. فعندما يقوم الناس للحرب هناك وهذه عايشتها يأتي الفرسان للبيوت على ظهور زواملهم وهم يغنوا :

كَن جينا زين
وكَن ما جينا زين
البنات سَامْحَن لينا
إكون ما نَجوا تآمِين
.

وحين يعودوا ناقصين أيضاً يسبقهم نشيدهم الحزين .. الغناء حياتنا يا ناس الله ، وليس لدى أي حاكي مفر من إستلهامه وإلا فليبحث له عن عالم آخر غير الرّمل .


الماهري : هذا الإسم جائني من جدي الكبير عِزّة الماهري ( ابو الحميراء ) ، اما جد كافة المهرية من عهد ثمود وحتى اليوم فهو ماهِر الذي أنتسبت إليه القبيلة ونحن كفرع منهم ابناء (وافي ابو صوف ) ولَد ماهر الجد الأول ، انا أنتمي إليه بحكم إنتمائ للمهرية كقبيلة بدوية في شمال دارفور على حواف الصحراء ، وتكتب بالألف حين ينسب شخص للجد ولكن إسم القبيلة يكتب ( المهريَّة ) وهناك شرطة تدل على مكان الألف بين الميم والهاء ..

الفيـزاني :
من مجاورتنا للرمل ، كانت ذات يوم ليبيا الحالية إسمها دار فيزان ، وفيزان هي قبيلة ، والمنسوب إليها يسمى الفيزاني ، وكان الخروج نحو دارفيزان يعتبر إغتراب ، فلدينا البدوي يغترب بأن يقوم بالسَرحَة لقبيلة أخرى ، نادراً ما يتأجَّر الشخص لإبن عمه من ذات القبيلة ولذلك خرج الحردال إلى دار الفيزاني ، والتي تعتبر قبل الإسكان الإجباري الذي فرضته السلطة الليبية في عهد الجماهيرية الحالية ، مراتع إبل وغنَم ساكِت .

دكتور بولا أتمنى أن اكون أجبت على الاسئلة المحصحصة ليك ، وأنا في إنتظار قراءة فاصحة وتلك التي لا تدع لهذا النشيد أن يمر من بين عينيها ، بل تغربله لأن جرابي ملآن بالكثير من الاناشيد القادمة وهذه القراءة ستسعفني في تلمس دروبي التي تخص مساري نحو النجم .

لك عميق الود
ودمت
صورة العضو الرمزية
íæÓÝ ÚÒøÊ ÇáãÇåÑí
مشاركات: 326
اشترك في: الاثنين يونيو 06, 2005 9:50 am
مكان: كندا =Winnipeg -MB

مشاركة بواسطة íæÓÝ ÚÒøÊ ÇáãÇåÑí »

شواقيـر الدروب :

بّرق الصّعيد اللَّيلَه لاح
كَبْ المَطر طلق الرِّياح
طرّاني لريلة البِطاح
الفايته البَنات خِلقة وسماح
زي ( جِيمْ سَريعْ ) فايت السلاح


...... مرَقْ في وِجْه الشَّواقير ، ومَدّن مناسمهِن وأتكَرَّفَنْ رِيحة الدّعاش ، قطعَن المسَايِل وطلَعَن يالريّلة بالمرحال الصّبْحَاني ، والأبنوس نّور وغنى حردالها :

ليالي الزّنق
ليالي الحَر
وكِت عود البابنوس نوَّر
رِكِب حاديها في الاشقَر
وبالسّهل البعيد نُوقَرْ


من كل قوز مَرَقَ وَسِم ، وأتشربكت المحاور على وريدها وعلى المَسار .
ساله عقيد الشّنابلَة : وسمَك ظاهِر باقي أهَلَك وين ؟
وعلى ثياب العقيد بُقع الدَّم مازالت لينَه ، قال سميعنَّه : بَرَاعي لي دَم في خُلقانَك ، ماتت ليك بهيمة ولا شنو ؟
- أنا مارِق لي من دَوسِهْ يالأخو ، دفَنَّا الميتين قبَل شويَّا وشِفتك أبلَكْ رَاتْعات وعرِفتَك غافِل وماك داري بالحَصل .
- الحًصل شنو ؟
- الحصَل حصَل وخلاص .. أهلَك وين عشان أَنْطَرْدُوا ليهم زول يوريهم الحَصَل .
- ما تهِم عليهم .. همَّه عارفين الحاصِل من زمان .
الوصية ترن في الخاطر والكلام بتزَرّق من اللسان بحذر ولم يقل له : أنا حَيدي لي تلاتة سنوات بحوس في قوز ساسِلقوا ، نَمَن المَطَره صَبّتْ على رأسي ، بل قال : ناسي جاييين وراء وعارفين مصائب الناقَة ومِتْحَزْمِينْ لشرورها .
- يا زول تعال سير معانا ، وبَعد ما أنعَدّوا الهَرَفات أفرِقنا وأمش لأهلك .
والوصية تْرِنْ ، لا تآمِن حَد على مالك .. والوحَدَه توسوس في الرأس .
الدنيا حروب يا سميعنَه ، والناقَة هبّاشَة ووطايتها حاميَه .. سير معاهُم .
- يا سميعنّه ما تفكِّر كتير ، أسألني أنا شِفت حروب ووحَده وشفت الدنيا شالت ناس زينين زي الهبوب السَقّايَه ، أنا ما بخليك ، باكِر تنكَتِل وابلَك ينشالن وتبقى لينا عيب وسط القبايل .
وجاء من كل إتجاه خلَق مُبَرقَع بالدَم والدَّخاخين على صَدر الجَبَل زي الهَرَع .. الدنيا موت ، وأيقَن سميعنّه هادي شواقير جقلا التَيِّ في حِكوة العَم ، هادي الهبوب البترَمِّي كل الوصايا على الأرض .. وتبقى الحقيقة الوحيدة في النشيد :


الجَمـرَة وقَعتْ في الحِزّه
الزَّول بلا اللَّهَلْ شِنْ عِزّه


نشَق معاهم سميعنَّة غريب حَكي ، غنى في مجالِس العلالـة وبنات الشنابلَه قَطَّعَن مسايرهِن ولَفَّنها في رقبَة المَردوخ لكن الرِّيلة وقِفت بينه وبينهن وأكتفى بمساعدتهِن في شَدْ الخْمامْ ، هِنّهْ النسوان ، أينما وجِدن كُن منازِل الغرباء ومفاتيح المراحيل في الدنيا أَم حروب -هَا .
ذات نهار وكان سميعنّة طالِع فروع شدَرَة العرديب ، وبغني :



دار الصَّعيد جلاها حَل
وعَيشها بِقي بي تْرَابَهْ
سحَابْهَا بِقي رَي رَي
مَطَرَتَهْ مِي صَبَّابَه
أم الجَور تَفَحَت وسالَت علي الشُرَّابَه ْ
ورَدناها بالقُورِيَّاتْ نَمَّنْ تِلِتْ شُكَّابَهْ



وكان العَقيد على ظَهر جوادَهْ ، واقِف تِحت الشّدرَة وبِتصَنَّت لسميعنّه حين قال :

بيني وبينك
نقّاع بَحَر السّراب
وبسيمِة أنْجَيمات القَمَرهِن غاب
يالريـلَة زَمَنَّا كِمِلْ
وباقي العُمر ، قُرْباب
هَفَتنا جَقْـلا وخلَّت بَدونا خَرابْ


وردد العقيد : هَفَتْنا النَّاقَة وخَلَّت بَدُونا خراب .
نزل سميعنّه قاطعاً نشيده ..
وجَلسوا على شَحاحْ الضُل ، ومازال لسان العقيد يردد المقطع الأخير .
ثم غّز يديه في التراب وقال تُفْ ، رَمىَ الخَطْ و سميعنّه في أرض اخرى لا سماء لها وعينيه بتتمشى بين الخط وبين الشرود ، وولََد العقيد من العَرقُوبْ جَبّار فتدخَّل الحردال معدّلاً الرّميَة الأولى وهو يعرِف إذا ما إستُولِِد العرقوب جَبّاراً فإن نهاية ما قد تكون وقَعت بين قلب وقَفصه الصدري .
وسأل العَقيد : إنته الخَطّايِه -ها - وكِتْ خَطيتها كان في قَلْبَك شنو ؟
-انا الفي قلبي كتير ، بس رميت الخَطْ لَيك إنت .
رد العقيد على سؤاله وكانت يديه عَرقانَه من تَوليدها للخط مزيداَ من الجبَّابير والعَراقِيبْ وكلها مالَمّتْ في الصُرَّه .
مسَح سميعنّه الخَط من التراب وقال له : أَرِمْ لَيك خَطَّايِه تانيه هادي شيلها من قَلبَك .
رَمى العقيد ، ورَمى والجبّار واقِف في مَحَلَّهْ ، وألتَفت لسميعنّه وقال : الفي بالَكْ كَن مرَأه اقنَع مِنها وكَن ناقَة ، في دِنِيتْنا -ها - مابْتَسْعَاهَا .. قُمْ يا سميعِنّه شُق الفْرِيقْ وشِيف لَيكْ بِت عَديِلَه زي دَرب المُسار وبجَوزَك ليها قُبَّال مَغيبْ الشمش .
- أرِم ، أرِم سَآكِت يالعقيد ، انا كَن ما الرّيلَة لا كان لاقيتَكْ ولا سْمِعت بيَكْ ، وبلاها ما بَدورمَرَهْ . بَناتْكو حلِوَّاتْ وطوال زي شَدَر الصَّهَبْ . لكن الرَّيلَة أطوَل مِنهِن في المَقَامْ ، الرَّيلة شُوحَا وشبيهْهَا معَدوم .
الرَّيلَه مَربوعَة ... وأقول ليك الجَد :


ماها القِصَيَرَه
وماها الطَّويلَهْ الرُّوكا
ما حَاحَتْ غَنَم ، ما دَنقَرَت لَشوكَهْ


هادي ريلة البِطاح وما تفتكِرها أمنَعَّمَه ، الريلَة بْتحَاحي في أنْجُوم وفي دروب الخَرَزْ وماشيَه علي شوك السَيَّال ، مَاشَي يالعَقيد وما أتلَفَتَت ولا نَقَّت الشَوكْ من رِجْليهَا ..
أَرِم الخَط لَروحَكْ ولَينا كُلْنا في مراحِيلنا شِيفنا ماشين ييَنْ وجايين مِن يَينْ . واللَمَّانا في جقـلا شنو ؟
مسَح العَقيد الأرض ورَمَى الخَطْ وولَّد من كُل عرقوب جبّارين ، ولَمَّ المَحَقُونْ في الصُرّة فقال : أقنَع منها يا سميعنّه ، أقنَعْ .
وتمَدَّد ظل العَرديَبه لحَكي النّشيد من أوّله لآخره ، وكان العقيد مُنصِتاً دون أن يشغله جَواده المَرْبُوط بلا شَايَهْ ، ولا حَتى المهام الموكَله إليه كعقيد حَرب مثلَه مِثل ابو أم فَاقَه رغَم إن ألبِل ما مَدَّن أمغَرْبات من الرَّهَيدْ .
وقال سميعنّه في خِتام الحكي : أهلي من أوَّل عامانوّل ما سْمِعت ليهُم خَبر والخريف جاء لكن فلاتهُم بعيدة ، وبين دارين مافي وَعَدْ .
- أغَدِر بألبِلْ ، الشَّايفََهْ في الخَط ، هادَىَ آخِرْ أمْرَاحْ تَحَزْمَهْ قِدّامَكْ . أهلك كنْ لاقيتهم بْتَتلَى أمْلََسْ لا ناقَة ولا ريلَة ، أمسِك في القِدّامَك وأبقى لي رَفيق ، انا مثلك لا أم لا أبــو ، لكِن ألبِل شَاَلَن كَتَافَيِّ بينات أرجال وسَوَّني عَقيد ، ما تَحسبني أفْرَس منهم ، انا عارفهم أختاروني عقيد شان الناقـة ، شِيل ألبل وسير معانا .
رفع أصبعه ووضعه على شفتيه : هُسسسسسس ْ .
فسكت العقيد .

حفر سميعنة بيوت الضّالَة على الارض ، وجاب البّعَر والحْجار ، وبدأ يلاعبه وهو يهمهم بأغنية ود أمْبَدَّى :


إنتي ديفَة الأدرَع
المَسَك البياحات قَنَّا
مِنَّك قلبي نيران الغرام لََهبَنّه
دي كَنْ وقَفَت عَديلَه
وكَنْ مشَت تِتَّنى
والتُّوب كَن وقَع نهَّادى ما يخَلنَّه .


العقيد : خراب الـــــــــ !
وحَت عجاج القَعدة من مؤخرته وذهب بعد أن خسر لعبة الضّالَة ، وحزم سميعنّه شَوايِل من حَجر .
هذا قدرك أن تكسبها في لعبة أو في نشيد ، وفي الأرض أم مَراحِيل - ها - قدرك تَعب ومسار في تعرجات الخَط ، وفي خرز البوباية .
ماذا لو كذب المِنجِّمون مرّة واحدة وأعطوك ناقتك المستحيلة ؟ ماذا لو صدقت مغالطتك لمسارك وجئت بها محزومة من أي دار ، ماذا لو ، ولو ..
ولكن منذ أن خرجت الناقَة من رَملها او من صَخرتها كُنت العَديـم ْ يا سميعنّه ، وعليك أن تمش على دَربَك الأخضَر كما قالت أم موسى او تغالط خطوتك لتدور في مدار النجمة دون أن تنفذ إلى هناك ، حيث مكمن التّوهُج ، ومن حيث تتزود البُرَّاقَة بضؤها .
هناك يالحَرْدال ، بينك وبين ذلك المسار مافي فَرقَة ، كُف عن سؤالك للريلة أن تتشرّف لك الدروب ، وأدخل قلب الخّرزة الحلاَّمه .. وعَرشك هناك في لَفّه زِيقها الاخضَر ، أجلس عليه .
صورة العضو الرمزية
íæÓÝ ÚÒøÊ ÇáãÇåÑí
مشاركات: 326
اشترك في: الاثنين يونيو 06, 2005 9:50 am
مكان: كندا =Winnipeg -MB

مشاركة بواسطة íæÓÝ ÚÒøÊ ÇáãÇåÑí »

إضاءة حول النشيد:

سبق أن وعدت بعدم كتابة هامش لمعاني الكلمات ولكني اود توضيح بعض الاشياء فقط لضرورتها كمفاتيح :

في البدايــــــة ما نزل من النشيد هنا لن يزيد أكثر ، يعني خلاص يا عارف عفان خلي شاهيك يبرد .

نبدأ ب :
بَدي : هي كلمة يكررها الاطفال
بدي
بدي
بدي
يا بدونا

اثناء حفرهم للسقيط والسقيط هو نبته صغيرة تشبه البَصل ، تنمو على جروف الوديان وتغرز رأسها داخل الارض والبحث عليها يترك اثر في اليد تلك هي بصمة النشيد الذي في اللسان .

كلوآآآآآه : هذه كلمة تقال دلالة على حالة إنجذاب ما أو حزن ما .
او حتى فرح ولابد أن يكون الفعل الذي تعبر عنه قد بلغ الحلقوم .

البــــــوباية : هي منطقة الآثار .

الطـــــامِح : هي المرأة الناشز والتي رفضت زوجها وطلاقها مرتبط بإعادة المال المدفــــــوع في زواجها ، وليس كل إمرأة رفضت زوجها تسمى طامح فهنالك المخروبَة وهي من أغراها أحد الرجال بالتخلي عن زوجها وهذا حرام في العرف البدوي وأظنه في الديانات ايضاً ، لكن الطامِح الجد جد هي التي ترفض منذ البداية لأنها ترى في نفسها كفاءة أكبر من زوجها ، والكفاءة شروطها السماح طبعاً يعني الشينة لو زوجوها عليها الحمد بقسمتها ، او ترى إنها بنت مكان ملئ بالابِل وهذه تطمح ويحلها ابوها .

الجَــــــردْ : هو شال يستخدمه البدو الصحراويين وهو كبير يعني ما زي الشالات العادية ، في السودان إسمه الفـــــــردة .

باقي الحاجات
يأتي تفسيرها في بقية النص الما حينزل هنا ، وأتمنى أن اكون أوضحت وإذا فيه سؤال سأجاوب إجابات إلتفافية زي إجاباتي على دكـــــــتور بـــــــولا .
ÚÇÑÝ ÚÝÇä
مشاركات: 4
اشترك في: الاثنين يونيو 27, 2005 1:58 am

مشاركة بواسطة ÚÇÑÝ ÚÝÇä »

[sizeالعزيز الماهري
خلو شاهينا اليبرد يطير ، فما فائدته وهو ينقصه حبيبات رمل النشيد..
ونحن حرادلة قلت عنهم على لسان ام موسى :
-------------------------------------------
وأم موسى قالت ما رأت : ما بحِزِمهنْ حتى كَنْ لمِسِت خَطواتَهْ الشمشْ .
-------------------------------------------
سنعود قريباً لفلاتنا لم نحزم شيئاً سوى الاحزان ....

نحترم رغبتك بعدم المواصلة ونحمل رواحلنا احزان الريلة وسمعينا والعقيد فوق احزاننا ..
ولن نثقل عليك بتساؤلات حتى نجد النشيد مكملاً باى بكان يكون وباى وسيلة كان...
ولك اطيب الامانى .....
=18]
ايمان شقاق
مشاركات: 1027
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 8:09 pm

مشاركة بواسطة ايمان شقاق »

الأخ العزيز الماهري
سلام
تابعت تسلسل النشيدالشيق اتمنى أن أستمع اليه،
فقد ذكرني أيام لنا في دارفور في السنة الاخيرة في كلية الفنون، وقد تكرم بعض الاخوة التشكيليين من المنطقة بتحديد موعد لجلسة شاي مع مجموعة من البرامكة وقد كانت ليلة غاية في الامتاع.
ليت السودان يعي ما بالسودان من تنوع وثراء، فمن عاداتنا أن لا نعرف قيمة الناس والاشياء إلا بعد فقدانهم و فقدانها!

تحياتي وشكراً مجدداً علي هذا النشيد
Ããíä ãÍãæÏ ÒæÑÈÇ
مشاركات: 41
اشترك في: الجمعة أكتوبر 14, 2005 9:16 am

مشاركة بواسطة Ããíä ãÍãæÏ ÒæÑÈÇ »

ايها الابالي الجميل

الان فتحت ابواب الكلام هنا وسف ادخل لكي ننشد جميعاً لحن الحياة

سأكون مشغولاً حتى مساء السبت ولكني سأعود حتماً
صورة العضو الرمزية
íæÓÝ ÚÒøÊ ÇáãÇåÑí
مشاركات: 326
اشترك في: الاثنين يونيو 06, 2005 9:50 am
مكان: كندا =Winnipeg -MB

مشاركة بواسطة íæÓÝ ÚÒøÊ ÇáãÇåÑí »

العزيز عارف عفان :

لك شاهينا الاخضر .. والأحمر والمطعون بحليب جقلا .
ستجد النشيد كاملاً قريباً في بريدك الالكتروني أو سيصلك مطبوع ..
وقتها ستشرب من حليبها العطش .. هذه دروب لا تصل لنهايات رويانة يا صديقي ، وعلى الحردال أن يسير .

الفنانة العزيزة إيمان شقاق :

شكراً لدخولك على فلاتنا ، ومن ضاق طعم الشاي من يد البرامكة الحُرفاء ، لن يرتوي ، فبلادنا تحتاج لرحلات ورحلات كي نكتشف مافيها من جمال ، وستسمعي النشيد حالما يكتمل برنامج تحميل الصوت في المنبر ، فقد سجلت جزء كبير منه بإنتظار إكتمال البرنامج ليكون كل ما نزل هنا مسموع باللهجة ذاتها .
لك الود المقيم .. وجغمة حليب جقلاوي .

الصديق الجميل زوربا .
في كل المسارات بلاقيك ، وأهلاً بيك في سودان فور أول ، كلمة وصوت ، وسعيد أن تدخل المنبر من زاوية عطشي ، فأشرب يا جميل أشرب من حليبها وأحكي لنا عن عطشك .
لك الود المقيم .. ولسامية والقادم من رحم الطرقات إبننا الذي في الطريق .
لك ما تشتهي
صورة العضو الرمزية
íæÓÝ ÚÒøÊ ÇáãÇåÑí
مشاركات: 326
اشترك في: الاثنين يونيو 06, 2005 9:50 am
مكان: كندا =Winnipeg -MB

مشاركة بواسطة íæÓÝ ÚÒøÊ ÇáãÇåÑí »


الألحان :

معظم الوارد في هذا النشيد هو بناء على ما حفظته الذاكرة من الشعر البدوي في بادية المهريّة ، والمحاميد بغرب السودان ، ولابد لي أن أشير لإثنين من أبرز شعرائنا البدويين ، وقد إشرت إليهم داخل النشيد بأسمائهم ، الشاعر سالم جودة من بادية المهرية والشاعر تيبي ، وهو المشار إليه بأبو شريقة ، من بادية المحاميد وقد إنتقل إلى جوار به مقتولاً .. لم يعرف الذين قتلوه إنهم قتلوا شاعراً عاش مهمشاً وبعيداً عن دائرة الضوء ، كان وأحداً من أبرز الغنايين.

يتميز شعر سالم جودة البدوي بتفرد يخصه ، فألحانه غير مألوفة ( هل نعتبره حداثي حتى وهو يتكلم عن الناقة في شعره ) لديه أكثر من لحن حتى في داخل التويا ، ثم نوع خاص لا يوجد إلا لدى سالم فلا هو تويا ولا دوبيت .. وهو فوق هذا وذاك أحد أجمل اصدقاء أسرتي وبعد قتل أبي كان أحد الذين خلدوه شعراً .

ولتيبي أيضاً تجربة شعرية مختلفة ، فلم أسمع شعراً أكثر حزناً من شعر تيبي والذي وردت منه هنا مقاطع في البكاء على الناقة مع تعديلات خاصة من عندي ..


- الشعر البدوي :
تتميز المنطقة التي ولدت فيها بان لكل فرد - منوناة - خاصة به ، واللحن يجري على الألسنة كبيرها وصغيرها ، ويتناقل الناس الغناء من بادية لبادية ، ومن لسان للسان .
وكل المناسبات تخلد شعراً .. وهنا تتبدى ضرورة النشيد الذي يؤرخ للحياة ، حزنا وفرحا .

الغناء في باديتنا يقوم على هذه الانواع :

التـُّويا
الدوبيت
( رجالي )
وداخلها أنواع مختلفة من الالحان .

النسائ :
الكــــاتِم : أغنية قصيرة من بيت أو بيتين ، يتم تردادها بصورة متكررة ويصاحبها الرقص بالرقبة على إيقاع الصفقة .
نموزج :
البَرَم طاقيتَهْ
وخَط السلام في نيتَه
كَن مشيتو لَيهْ جيبو لي عافيِتَه


وهنالك نوع من الكاتم يسمى ( أم بارديه ) وهو يكون في نص القوايل :
نموزج :
يالصديقه شغلكي زَعل سيبي
يا أنا نار أم لهيب حرقت جـوفي
وتكرر البيت الأخير


هذه الاغنية سمعتها في دامرة الشيخ عام 1988 بغرب كتم - ورقصت فيها مع أطفال غادر معظمهم هذه الدنيا مقتولين .


الجراري :
ينقسم الجراري لقسمين : الهسيس
والجراري الفوق :
وتقسيمات الجراري حسب فهمي تعتمد على الزمن ، فعادة رقص الجراري يتم في الليل وكلما أوغل الليل يبرد الجراري حتى يصل للهسيس وهو مرحله تتجلى فيها الاصوات وتخلق حالة تشبة تلك التي يصلها الصوفي بعد أن يغرق في الذكر .

نموزج :

ألمربـوع حزمهن
وفي الدِكــــة ما لزمهن


- جراري فوق

يا أرقيَّق سِلك النايلو
يا مهوي ليلك شايلو
مكان ما قلبك دايروا
تهجم الصيد في مقايلو
.

- هسيس



ونواصل .
نصار الحاج
مشاركات: 120
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:59 pm

مشاركة بواسطة نصار الحاج »

يوسف عزت الماهري في : جَقْلا / نشيد الرّمل :

نصار الحاج
دنيا البدوي ناقة
راحَتْ من مُراح نبيها
وقعت على قلبه
ومشت على رمل عمره
عاش على دائرة خفِّها
مؤمناً بصالح
وبكل ما في الرمل من تعبٍ وحلمْ.

" جَقْلا / نشيد الرمل - يوسف الماهري"

" للأطفال حزنهم ، كما للخيام رياحها، وللأمطار مواسم تحبل فيها بالمواويل وتلد الشجن البدوي على مهد النشيد، تنتجه من تزاوج الخف والرمل، من عناق الريح والصوت، ومن كل من هبّ على ظهر الفلاة " . بهذا المفتتح المسبوق بنشيد / " بَدي " ، النشيد الخالق لهذه الرواية القصيرة، ينفتح أفق محفّز بجماليته وحركيته للذهاب إلى " جقلا / نشيد الرمل "، ليوسف عزت الماهري، الذي يرصد عبر هذا النص حياة مجتمعٍ غرقَ الكاتب بإبداعية ثرة وتعايش لصيق وحياة كاملة في أبجدياته ونظم حياته وعلاقاته مع الأرض ومفرداتها، مع الحياة وجغرافيتها ووسائطها، نشيد يحوِّل ذلك كله إلى سيرةٍ مبجّلةٍ لهؤلاء الناس في دار الريح، عبر ثلاث مفاتيح مركزية وجوهرية تشيد حياة وبناء ومعمار النص، هي الريح / والناقة / والحردال، إذ يتبدى هذا بوضوح في كل النص وبإشارة أكثر دقة نقرأ " الناقة حين تجئ يسبقها كرنفالها، وحين تذهب بعيداً في مرعى النجم، يبقى نشيدها عالقاً كَخُرْسٍ بأذن المكانْ / النشيد تحفظه الريح لا الذاكرةْ / الحردال اغنى أغنياء العدم يمتلك سرها في لسانه ". هذه العوالم هي وسائط وركائز ومسارات لربط هذا البناء وهذا الرصد الثقافي الاجتماعي بالاناشيد التي انتجتها هذه الحياة وحمولتها الثقافية والإجتماعية، " منذ نعومة أظفار الغناء، إلى ان تّحِتْ زهرات السَعدان تويجاتها، سيظل النشيد يرنْ " . إنها سيرة عشق الحردال وجَقْلا بمعاونةِ الريح، إنها سيرة الدروب إلى الرّيلة، انها الحياة حينما تشبه الأنثى – الانثى، أي أنثى، حينما تشبه جقلا ـ حواء، وحينما تشبه حواء ـ جقلا، سيرة الخروجِ والغواية والعصيان، سيرة الشجرة، سيرة الفلاة الواسعة وسيرة البحث المجيدة، مرّةً بمعاونة الريح ومرّةً بمعاونة إبليس، مرةً برفقة آدم وصالح ومرّةً برفقةِ الحردال .
إذ يفتح الكاتب سيرة كل ذلك العالم منصتاً ومستجيباً وراصداً ومفككاً لمنتجات هذه المفاتيح، لسيرتها بوعي المعايشة والتامل والتأويل والأسئلة المنفتحة على أفق التجربة الإنسانية، لسيرة هذه المفاتيح منذ ناقة صالح وحتى " ورودها بحر الشعر في القصيدة " إذ تصير جَقْلا / نشيد الرمل . منذ ان أخذت الريح واحدة من ثيماتها الأساسية في إنتاج النبات بالتكاثر وحتى " الريح مسّاحة أثر الدروب .. وحمّالة نشيد البوادي " . منذ أن كان الحردال فاتح الصوت في البشرية، الحردال " الذي لم يرسله أي إله ، وحده العشق هدّ على لسانه التَمْتَمة " حتى " ودار الحردال في صي النشيد " . بين هذه المسافات كلها يتشكل هذا النص ويؤسس حياته الثرة بعلاقاتها ومراحل تطورها، تأتي سيرة الأطفال والبنات والنساء والخيام والبيوت والفرقان والرجال والرباطين والأمطار والفصول والرمل والمراعي والجدي والسّعن رفيق الرحيل في البوادي، وسيرة الكائنات الاخرى التي تعيش وتتحرك في المكان، تتحرك الرواية وإيحاءاتها الجمالية في خدمة الإنساني من باب العشق، عشق الحياة البدوية ومفرداتها ومكوناتها التي تشتغل على خلق أسطورتها المقدسة – النشيدْ، كوعاء وسفر حامل لحياتها وسيرتها.
يتكئ السرد هنا على مخيِّلة يقظة في الإفادة مما تأسّسَ بالذاكرة من حكايات وروايات وطقوس واساطير ومدونات وديانات عاملاً على توليد ما ينسج شِرَاكَهُ في فضاء هذا النص، متتبعاً نسل جَقْلا أو سلالتها العائلية بغرائبية جميلة، تسعى نحو الكشف وفتحِ روحٍ عالية من المغامرة لرصد تاريخها المتخيّل والواقعي كأنما يبني نشيد الخلود لتلك الديار، نشيد الأبّالة في استقرارهم وترحالهم وتجوالهم وهو بالفعل يُحيك رواية ثرّة عبر هذه اللغة الرفيعة وعبر هذه الذاكرة الحية وعبر دلالات الأناشيد المحلية التي تجسِّد متناً ضرورياً وفاعلاً ومركزياً في حياة وآليات عمل هذا النص ومشروعه الجمالي.
يأتي النص على تفاصيل كثيرة، يقرأها بدقةٍ متناهية، فسيرة الناقة ليست دائماً بكل ذلك التوهج والبريق، إذ يمر بمشاهد وتصاوير عديدة للناقة، كونها مشاركة في الكثير من الحروب وكونها مسبِّبة للكثير من الحروب، حتى يقف عند سردية موت والد الحردال سميعنّة وكيف بعد ان مرّت الواقعة بضحايا كثيرين وتركوا الديار نتيجة ذلك الحدث، أشعلت الناقة مرة أخرى حرباً بينهم، استمرت ثمانية أعوام مات فيها الكثير من الطرفين .
يعالج النص سنوات الجفاف، وإسقاطاتها وتأثيراتها المتعددة على المجتمع والبئة والعلاقة ما بين الحياة والموت، تحت شروط قاسية، ما بين الاستقرار والنزوح، ما بين الماضي والحاضر . تحضر سنوات الجفاف بكل بؤسها إذ " لَوَتْ جَقْلا رقبتها وماتت "، و " السحاب مجرد صورة في ذاكرة الرعاة "، والسؤال / المقارنة الرمزية ما بين وقت زواج أبو الريلة الذي لا ينسى بخيره الوفير، وزمان الريلة التي " ترحك مواويلها وترسلها له وتمشط أيامها بإنتظار الخريف الجاي". يحكي النص سنوات البؤس والجفاف والشّح، سنوات الموت الكثيف واليباس الذي ضرب الديار والبوادي في السافل، وحالة النزوح نحو الصعيد المخضر .
كان الرحيل بالابل إلى الصعيد والعودة بهن في الخريف القادم على قيد الحياة هو شرط أبو الريلة لزواج سميعنِّة من الريلة، فعل ذلك خوفاً من تحقق نبوءة الخرّازة أم موسى التي رأت ان سميعنِّة دربه في مكان آخر وان سعاية الإبل ليست من نصيبه، فأبو الريلة لا يريد أن يزوجها لرجلٍ فقير، وبهذا الشرط يريد ان يختبر تلك النبوءة، مستحضراً ما حدث لسميعنِّة منذ طفولته من وقائع قريبة من أقوال أم موسى . امضى سميعنِّة ثلاث سنوات " غنى في مجالس العلالة وبنات الشنابلة قطّعن مسايرهن ولفنّها في رقبة المردوخ لكن الريلة وقفت بينه وبينهن.." وعقيد الشنابلة، يقرأ له الخط " الفي بالك كَنْ مَرَهْ أقْنَعْ مِنَّهَا وكان ناقة في دنيتنا – ها – ما بتسعاها" عارضاً عليه تزويجه على واحدة من بنات الشنابلة بينما سميعنِّة ما زال حالماً بالريلة مختصراً القول لعقيد الشنابلة بأن شبيهها معدوم.
الرّيلة في دار الريح ما زالت تُربي الأمل بداخلها، بينما أبوها يقول لها " أخوكي حردال وانجيم غرق في بحر الناقة من زمان وانحنا غافلين.. أم موسى كانت عارفة بس كذبناها .." ومن بين شقوق الخيمة تحكي فطوم، ام الريلة " انا شفت لي شوفه في المرحوم ما بنساها ...." لتتدخل الريلة : إنتي خلاص يا أمي سوِّيتي مرحوم؟ .. إنها سنوات غياب الحردال في سبيل الظفر بالرّيلة .
استغل الفاضل الذي أطلقت عليه الريلة إسم الخيس " ذات طفولة قريبة " هذه الأجواء راغباً في الزواج من الريلة . على مضض ، وافق أبو الريلة على تزويجها للفاضل، لكن " خرجت الريلة بعد ان فجت دموعها وقالت : كَنْ أشرَب الاندرين وأموت ما بتجوّزه " وغني الأطفال:

ريلة البطاح غصبوها
ولخيس الرجال أدوها

وتم الزواج لكن الذي تناقلته الناس ان الرّيلة ما زالت عذراء وتأكد للجميع ان الريلة طامح على سنة الله ورسوله، و " لملم الخيس بعد شهر من الطمحان جراح معركته الأخيرة وقال : ما بطلقها كن دفعوا لي أبل بعدد انجوم " وكل المتقدمين يسألون الفاضل بسخرية: هل يريد مهر ثيب أم بكرية، وأخيرا سكت الفاضل على سر خيبته وطلب مائة ناقة وجمل فحل لتطليق الريلة .
وعاد الحردال سميعنِّة مصحوباً بالحلال " أمدَردمات من الشحم وصوفهن نايم " تسالَم معه أبو الريلة بالدموع وتهامست النساء " هسّة أبو الريلة – ها – عنده وجه يقابل بيه سمعينة تاني" وبعض النساء يقلن عنده، وأم ريسيلة تحسم الأمر بأن أبو الريلة يقابل سمعينه بوجه الناقة " أبله جن أسمح من القماري وزايدات حيران درج وبته طامح بين قولين .. لاها معروفة ثيب ولا بكر " .
وركضت الريلة مكشوفة الراس وحفيانة، قلدته " بحضن اوسع من هالة النجمة " وسال الحكي بين سميعنِّة والريلة، سألته بحرقة الفقدان والزمن الذي مرّ من دونه وكيف تشبّرَ الخِيَسَا للنسوان، وحكى لها سمعينة عن اتساع الدنيا والحروب والدماء والوديان والجبال والابل والقيزان وبنات الشنابلة، " فألتفتت الريلة كالملسوعة، تاريك سارح مع بنات الشنابلة، نَمَنْ ودّرت مرحالك ".
سميعنِّة الذي لم يكن له ظل كما قالت فطوم، نظرت الريلة لمشيته ورات ظل ناقة تحت خطواته فطلبت منه الوقوف ورسمت ناقة كبيرة سائلة له: سميعنِّة إتّه بني زول ولا بني ناقة؟، اشارة رمزية تقود لعلاقة الحردال بالناقة ومصيره الذي لا ينفك عنها، رد سميعنِّة : يالريلة أنا بني رمل ونشيد .. أنا اوليد جدي ، انا ....... انت لن تستطيع النطق بمن تكون . كلمتك مدفونة مع الخرزة الرايحة في شقف البوباية .."
زينب أخبرت سميعنِّة بما جرى وان الريلة طامح . في تلك اللحظة ذهب الحردال بخياله بعيدا، رأى السنوات التي قضاها سائراً على وعد أبو الريلة وحروب الصعيد وكتّاحة دار الريح، تحسر على ان أبو الريلة بعد ان اخلف وعده كيف يزوجها لرجل خيسه.
والريلة تُريد سميعنِّة أن يكون عملياً أكثر " أسرع جيب ميّة ناقة وجمل فحل، الكلام – ها – ما بحلّك ولا بحلني، حبل الخيس مو مربوط في ايدك، الحبل – ها – مربوط في قلبي أنا، من ربطوني بيه، قلبي ما فراني ولا شِفت بسيمة الجدي." حينها خرج نشيد الرمل من الحردال . سمعينة لم يوفر المهر المطلوب من الفاضل وباءت خططه الأخرى مع الفاضل بالخسران ...
طشّ الحردال، وصحّت نبوءة أم موسى رغم انها نادت اهل البيوت أن يلحقوا به، لكنهم ايضاً، مثلما كذبوها أولاً ها هم يكذبوها مرة أخرى " العجوز المصروفه – ها – بتعيّط مالها في قِسْمْ الليل" فناموا، وهكذا خُلق النشيد الأول " بَدي" نشيد الناقة والحردال، نشيد الرمل والريح، نشيد العشق في تلك البوادي، نشيد الحياة الذي جرت من تحته كل تدابير حياتهم .
جَقْلا / نشيد الرمل، ليوسف عزت الماهري عمل روائي مميز وحافل بالحياة والتفاصيل المرصودة بجمالية عالية، تستدرج القارئ بمتعة حقيقية، لا يستطيع مبارحة النص دون إكماله وتأمل سيرة الناقة وحضورها الرمزي والمعنوي والجمالي ومركزيتها في تحريك ثقافة المجتمع وآليات إدارة الحياة ومعيشتها، ويظل الحردال مُنتج النشيد وحارسه وحاضنه، الواهب صوته لقوة الريح – وتراث دار الريح.
نصار الحاج

15/01/2005
صورة العضو الرمزية
íæÓÝ ÚÒøÊ ÇáãÇåÑí
مشاركات: 326
اشترك في: الاثنين يونيو 06, 2005 9:50 am
مكان: كندا =Winnipeg -MB

مشاركة بواسطة íæÓÝ ÚÒøÊ ÇáãÇåÑí »

المبدع / نصار الحاج

وقفت مشدوهاً وأنا ارى جقــلا سارحة في فلواتك الخصيبة ، رأيت الريلة تفك مسائرها والحردال ببشر في مداك .. ورايتني اقرأ النشيد كله من خلال ما كتبته أنت ، فقرائتك ل ( جقـلا / نشيد الرمل ) ، فتحت مسارات ودروب بعيدة في كَرَبْ السرد ، ولا يسعني إلا أن أعلن فرحي بعبور جقلا سهول مخاوفي الأولى التي أعلنت عنها هنا ، سواء كانت تلك المتعلقة باللهجة البدوية التي كتبت بها ، أو تجربتي مع الكتابة ذاتها .. وكتابتك هذه وتِد سأربط عليه حبل النشيد ، وأثبت خيمة جقــلا رغم الهبوب ، وأعني هبوب الاسئلة الأولى التي واجهتني : هل هذا السرد ، نشيد / أم رواية ونشيد / أم رواية / أم شخبطة على ورق ابيض ومغري ؟
تلك الأسئلة حسمتها بخروجي الذي أطرب ، الدكتور عبد الله بولا ، كما اشار في مداخلاته القيمة ، بأن أسميها ( جقـلا / نشيد الرمل ) ومن حيث هي كتابة ستصنف نفسها في قائمة التجنيس الأدبي ..
في هذا النص ، بعد شكرك وشكر كل الذين علقوا هنا وأعطو جقلا خطوتها ، لابد لي أن اشكر ذاكرتي التي إستعنت بها وأستلفت منها الكثير ، في زمن لا تجد فيه من يسلفك حرفاً واحداً ، ومشيت فيها لفلوات هناك ، ووجوه تترائ كغيوم ، حياة مجهولة وجاهلة بوجود غيرها ، تلك هي حياة البداوة وناسها والتي ولد النشيد من رحمها ، تلك الحياة تقوم على ما لمسته أنت هنا كمرتكزات أساسية ، والسؤال الأكبر هل هنالك دنيا لا تقوم على ( جقـلا ) ؟
تتبع سيرة البشر في توهانهم الجميل ، يقودني إلى إن لكل جَقــلاه ، والتي يغنيها حردال ما ، هكذا هي الارض التي دحتها خطواتها ، والتي سرنا عليها .. وهذا السرد لاويت فيه رغبة كبيرة ، كانت تلح أن تغرقني في رملنا الهناك ، ولاويت رغبتي الخاصة في كشف دنيا كاملة تقوم بهناك ، ولا تدري أي شيئ عن دنيتنا البِهنا ، وبين العالمين ، كان لابد للحردال أن يلامس بخطواته الباحثة عن جقلا أسئلة أخرى أيضاً تتعلق بدنيتنا الراهنة .
فرحت فرح مشروع بكتابتك عن جقلا أخي الشاعر نصار ، فقليل من المبدعين أمثالك يتصدون للكتابة عن المشاريع الأخرى ، مهما كانت هذه المشاريع وقيمتها ، وسيظل ما كتبته هنا يرافق جقـلا في مراحيلها القادمة ، سواء خروجها على الورق أو صوتها أو وجودها الهنا والهناك في الأسافير .
لك سهولاً خضراء ، من الود
ونشيد .
صورة العضو الرمزية
عبد العزيز عبد الماجد
مشاركات: 111
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:34 pm
مكان: الرياض - السعودية
اتصال:

مشاركة بواسطة عبد العزيز عبد الماجد »

---------
صورة
----------
----------
صورة
---------
---------
صورة
---------
---------
صورة
---------
---------
صورة
---------
---------
صورة
---------
---------
صورة
---------
---------
صورة
---------
---------
صورة
---------
---------
صورة
---------
---------
صورة
---------
---------
صورة
---------
---------
صورة
---------
---------
صورة
---------
---------
صورة
---------
---------
صورة
---------

من مجموعة أعمال عن "ألبِل" ..
سارفدها هنا ..لجقلة ونشيد الرمل ..


خالص ودي لك عزيزي عزت الماهري ..

ولهذا النشيد ..
صورة العضو الرمزية
íæÓÝ ÚÒøÊ ÇáãÇåÑí
مشاركات: 326
اشترك في: الاثنين يونيو 06, 2005 9:50 am
مكان: كندا =Winnipeg -MB

مشاركة بواسطة íæÓÝ ÚÒøÊ ÇáãÇåÑí »

الجميل عبد الماجد

قال الغناي :
ألبِلْ نارهن نار
والبنوت كمان نارين
وتالت نار عنافي فوق الدار
ورابع نار بشاري وفكوا ليهو يمان
شبكن فوقي وأتوهجن نيران
والحلل عند الله الخالق الإنسان
يمكن بعد ده تتحسن الظروف ونعمل قروش كيمان
ونعمل مراح إبل ومراح بقر ومرحات من الغنم والضآن
ونخت خمسين مليون أمنيّة فوق مصرف أم درمان
والله يريدوك الكبار وصغار
وتجيك السمحة من بيت أمها وتقول ليك تعال فرحان !!

هي الناقة تمومة شنب الرّاجل ، إن بركت قدامك تنمو أحلام البنات ، وينزلوا في دورك الضيفان يا صديقي ،
شكراً لتصاويرك الجميلة لجقلا
وأسمح لي أن أختار واحدة من رسوماتك هذه لتكون غلاف لجقلا / نشيد الرّمل فهي الآن في طريقها للمطبعة ......
ولك كل الود ، وحليب .
نصار الحاج
مشاركات: 120
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:59 pm

مشاركة بواسطة نصار الحاج »

ايها الجميل عزت الماهرت

يسعدني
ان تذهب كتابتي عن جقلا أو جزء منها كيفما ترى مع جقلا اينما ذهبت
فذلك نص باذخ الذي منك في هذا النشيد
ولك ودي ابداً
أضف رد جديد