أشغال العمالقة

Forum Démocratique
- Democratic Forum
مأمون التلب
مشاركات: 866
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:48 pm
مكان: السودان/ الخرطوم

مشاركة بواسطة مأمون التلب »



الأعزاء
هنا رابط لمقال أرسله لنا الشاعر محمد المكي إبراهيم رداً على (أشغال العمالقة)، نُشر صباح اليوم الثلاثاء 29 يناير 2008م، بملحق (تُخوم) الثقافي. وأنشره هنا للحوار


[size=18]https://www.alahdathonline.com/Ar/tabid/77/SectionID/15/Default.aspx


آية اللؤم العظمى
محمد المكي إبراهيم


(يحلمون بالوزارات والجعاصات
وشعبهم يموت جوعا ويتفانى قتالاً ويتصدَُّع وادياً وادياً)


تألمت لمرض الفنان عبد الله بولا ووصلتني أنباء أكثر إيلاماً (كاذبة لحسن الحظ) عن طبيعة مرضه فبادرت إلى الاتصال به على الهاتف وتحدثت إليه وإلى حرمه الكريمة المثقفة، وخلال ذلك كان مقالي الاحتفائي قد نُشر في الرأي العام، ووصل إلى علمه فتحدث عنه مستحسناً مشيراً إلى ما فيه من مظاهر الإعزاز وانتهت محادثتنا على أحسن حال فقد قضيت واجباً نحو زميل في مهنة الاشتغال بالثقافة ونقلتُ إليه وإلى عائلته أنه ليس وحيداً ولا مهجوراً وأننا معه في الضراء وعند البأس. ومع ذلك فإنني لم الجأ للتزويق والمخادعة التقليدية التي تقتضيها المجاملات السودانية بمبالغاتها المشهودة، فلم أقل أنه صديقي المقرب ولا شريكي في الرؤى الثقافية وصرحت في ذلك المقال أنني التقيته مرات معدودة تعد على أصابع اليد وقلت إنني وهو كثيراً ما كنا على طرفي نقيض في مسائل الهوية وأكدت امتناني لإهدائه إياي واحدة من لوحاته المبدعة وقلت إنني كنت ارفعها في صالون داري حين كان لي دار وصالون إلى جوار لوحات أخرى أهدانيها نفر من فناني السودان الكبار.

بعد بضعة أيام على الاتصال ونشر المقال فوجئت بمقالة من السباب البذيء والتخريج اللئيم كتبها شخص مقرب للأستاذ بولا سبني فيها سباً لا استحقه ونسبني إلى أمور لا تتفق وما عمر به وجداني من المروءة ونبل المقصد. ولا أكتم القارئ الكريم أن ذلك شقَّ على نفسي وملأها بالاشمئزاز من وضاعة بعض المتعلمين السودانيين واعتمال أنفسهم بالحقد والحسد والغيرة التي لا تليق، فذلك الشخص يعتبر صديقاً قديماً لبولا ومن أعرف الناس بقدراته ومواهبه ولكنه نفس عليه أن يشيد به أحد بني جلدته السودانيين دون أن يشمل بالإشادة صديقه وتلميذه الأول. ولا أرى في ذلك عملاً غير مسبوق، فقد تودد المدعو إلى الملحق الفني لواحدة من كبريات الصحف في باريس فكتبت عنه دون أن تكتب عن أستاذه فلم يتقدم بولا لسبها أو استهجان صنيعها وكان حريا بالشخص المعني أن ينتظر إلى أن يصيبه ما يصيبه ليرى إن كنا سنقصر في حقه أو نتوانى عن مدحه بالحق والباطل ففي زمن العنصرية الجائحة هذه لن نقصر في حق من انتمي إلينا بأدنى صلة حتى لو كانت الصلة قد انمحقت بالتقادم .

أما عن شخصي فلا أرى ما يوجب الحسد والانتقاص المستمر من طرف ذلك المخلوق ويشهد الله أنني بما أنا باك منه محسود فقد أهدرت قدراتي في صنعة الكتابة وكنت مؤهلا لما هو أصعب منها واشق.فلولاها لما استكثر على إنسان أن اعمل في وزارة الخارجية وان أتصدي للبحث والتأليف علما بأنني دخلت الخارجية في طليعة المقبولين فيها ولكنهم ظلوا يدحرجونني نحو القاع ويدفعون بي إلى التخوم النائية لأنني لا أجيد الملق الوظيفي والبصبصة بالإذناب . ويشهد من عاصروني أنني كنت على قدر من المهارة في الرياضيات والعلوم الطبيعية وكنت دائما ضمن المتقدمين في التحصيل وكان ممكنا أن امتهن واحدة من المهن التي لا يلجأ أصحابها إلى اغتياب بعضهم البعض أو الاجتراء عليهم بالشتيمة والسباب ولكن حرفة الأدب أدركتني كما قال الشاعر وطغت على كل ذلك وقد تركتها تقاسم كل ما احترفت من المهن فقد كنت دبلوماسيا وأديبا ومحاميا وأديبا ومحللا سياسيا وأديبا وكما جمعتني مهنة الأدب بقلة من أوباش الناس فإنها جمعتني بعدد كبير من خيارهم وأماثلهم ممن صاروا عدتي وعتادي وإخوتي في الرضاع الثقافي والآن وأنا على أبواب التقاعد أحس بأنني بدلا من الهروب من الأدب سأهرب إليه واحترفه بصورة كاملة في ما بقي لي من أيام وأعوام وسوف أغيظ بذلك الشخص المعني بهذا الاستهجان والذي من شدة استهجاني لعمايله و"أشغاله" لن أذرق اسمه على هذه الصفحات ليذوق مرارة الحرمان من الشهرة التي ظل يتطلع إليها فأخطأته وذهبت إلى مستحقيها ممن هم اصغر سنا وأصدق عزيمة.

في كل مهنة منغصات إلى جانب ما فيها من الفضائل وبعيدا عن الحرد والزعل لا أرى مهنة اشرف من الاشتغال بالثقافة فالمثقفون هم مهندسو العقل القومي ومخططو المصير الوطني وبدونهم تنطلق الأمة دون بوصلة هادية كما هو حالها اليوم وتتخبط في خيارات عديمة المعني. ولو كانت الثقافة السودانية على درجة من القوة والرسوخ لما صارت بلادها فأر التجارب لكل الأفكار الجديدة التي لم تجرب في بلاد نشوءها الأصلي. فلو كانت لنا تلك الثقافة القوية القادرة لما انطلقنا خلف الفكر القومي العروبي ونحن اقل البلاد حظا من عروبة الدم وعروبة اللسان ولما أقمنا في بلادنا نموذجا إسلاميا قبل أن يقوم بتجريبه من ابتدعوه في مصر والأردن. وكنت أتحسر باكيا أن مساهمتنا في الفكر الإسلامي لا تتعدى كتابا واحدا أو كتابين ليس بينهما ما هو ذو شأن.ولكن كيف السبيل إلى تطورنا الثقافي وفينا كل هذه الآفات من حسد وضغينة وافتراء فالشخص المقصود مد يده بالأذى إلى عدد كبير من مبدعي السودان هم أساتذته عمرا وتجربة وإنتاجا وفي الهراء الذي كتبه عن شخصي لم ينس أن يمارس أحقاده ضد مبدعي السودان الإحياء والأموات. وأشد ما غاظني من كبائره ومنكراته هو افتراؤه على الشاعر الراحل صلاح احمد إبراهيم الذي نشر له كلمة كتبها في شكر القطريين على حسن صنيعهم في توظيفه وفي علاجه واستهجن ذلك منه واستكثره كأن صلاحا قد ارتكب موبقا من الموبقات. وفي استعجاله على السب والإقذاع لم يقف لحظة ليرى أن صلاحا لم يتكسب بالمدح أي انه لم يمدح ثم يطلب النوال كعطية وصلة وإنما وصله النوال في معاشه وصحة بدنه فأراد أن يجزى بكلمة الشكر يدا سلفت ومعروفا مسدى. ولقطر في أعناقنا جميعا قلائد تستحق ما هو أكثر من المديح فقد عالجوا لنا فنان بلادنا الأكبر محمد الوردي ومن بعده شاعرنا الضخم سيد احمد الحردلو وبيننا وبينهم صلات واشجة وود مقيم. وبينما ينكب هذا المكابر على كسب عيشه الشخصي فان صلاحا كان يعول العوائل التي لا تمت إليه بصلة أو نسب وكان يتولى الإنفاق على المعسرين في صمت وإيثار ولي قصيدة في رثائه قلت فيها إن نقوده الصغيرة تضيء في أيدي الأطفال والفقراء. وعلى عكسه يقول هذا المحترم بفخر فاخر انه تقاضى على المك ثمن لوحة من لوحاته وان ذلك الثمن كان أول ما دخل جيبه من نقود السودانيين. وليته تمثل أمثولة عبد الله بولا حين رفض بكل شمم أن يتقبل مني "ثمنا" للوحته قبل ثلاثين ونيف من السنين. والحق أن عليا أجدر مني بأن تهدى إليه الهدايا وتحمل إليه الألطاف وله في عنق المعني أفضال وأفضال.
أعود فأقول إنني قدمت باقة ورد لبولا المريض فجاء ذلك الرقيق الإحساس ورمى الباقة أرضا وداس عليها بأظلافه ثم مضى إلى شتم من جاء بها. وبلغ به اللهاث وراء نظرية المؤامرة حدا بعيدا فافترض أن وراء تقديمي تلك الباقة مؤامرة تهدف إلى تنصيبي وزيرا في حكومة السودان!! نعم هكذا قولا واحدا ولا ادري كيف يكون التعاطف مع مريض سبيلا إلى المنصب الوزاري ولا ادري كيف يكون التعاطف مع بولا بالذات مما تستحسنه حكومة السودان وتكافئ عليه بالمناصب الوزارية. والصحيح الأصح أن يكون المنصب الوزاري مكافأة لمن يأتي تلك الحكومة برأس بولا حيا أو ميتا أو بين ذلك. وعلى كل أجد في ذلك القول الخارج عن الذوق إعزازا للأخ بولا يشبه إعزاز العجائز لمن يعتقدن فيه من الأولياء والصالحين فالرجل المبارك في نظرهن يجترح الكرامات والمعجزات مما لم يتسن قبله لنبي ولا رسول ولكنني أتوسل إلى الأخ بولا أن لا يجترح لأجلي واحدة من تلك الكرامات لأنني أولا لست مؤهلا للوزارة ولأنني حقا وصدقا لا أريد أن أكون وزيرا لأحد ولا حتى وزيرا لعريس ونظرا لما أرى من تهافت المتعلمين السودانيين على كرسي الوزارة قررت أن لا أكون وزيرا في أي يوم من الأيام فهي بنظري مهنة من مهن الذل السياسي والاتضاع (خاصة في العهود الديكتاتورية).ولا تقل لي أنني اشتم العنقود البعيد وأقول له أنت حصرم مرير المذاق فقد رأيت بعيني رأسي ما تفرض الوزارة على الرجل الكريم من خسيس الطباع بما يخرجه من ملة الأدب السوداني أعني احترام النفس والتهذيب المأثور عن السودانيين. وينبغي على الرجل وهو يتصدى للكتابة أن يفكر ويقدر قبل أن يضغط على الزناد وتنطلق الكلمات. وكان على المورى عنه هنا أن يتذكر ما بلغت من عمر ويضع في حسابه أن الحكم الحالي لن يتنازل قريبا بأخوي وأخوك وانه تلزمنا من عشرة إلى عشرين عاما لنخلص من خلافاتنا ونتفق على الإتيان بود المكي وزيرا وعند ذلك يكون ود المكي خردة أو مقيما في دليل(مقبرة الأبيض) يسدد ثمن أخطائه أمام ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
ذهبت مرة ازور الأستاذ على شمو في مكتبه وكان وقتها وزيرا للإعلام وكانت تلك أول وآخر مرة أدخل فيها ذلك المكتب فهالني ذلك العدد الخيالي من صور الوزراء الذين سبقوه إلى ذلك المكتب وكادت تصاويرهم تغطي حائطا كاملا من حوائط المكتب وقد أحصيت منهم اثنين وعشرين وزيرا ولعلهم الآن قد بلغوا الثلاثين أو زادوا عليها(يعرف المورى عنه عدتهم المؤكدة إذ ربما كان هو الذي صمم للوزارة ذلك الحائط الفخيم أيام عمله فيها). وحيث أن سمعتي الأدبية لا تؤهلني لوزارة الثروة الحيوانية أو وزارة الشئون الإنسانية فانه لا يبقى أمامي غير وزارة الإعلام الأمر الذي يضمن تعليقي على ذلك الحائط كالضب أو مثل مخلوق كافكا العجيب ويحشر صورتي في ذلك الحائط المزدحم بين أولئك الاقيال
ذلك كل المجد الذي عليه تقتتلون وذلك ما تحسدون عليه الناس مقدما (صان فوار) فيا للبؤس الشديد.
كلا وألف كلا أيها الرقيق الإحساس، لن تراني أبدا في الحشد الوزاري المعلق على ذلك الحائط فان ذلك سيفش غبينتك ويؤكد سوء ظنك في شخصي وتلك راحة لن أتركك تنالها ونظر صائب لن أتركك تتمتع به وسأبقى كما أنا شجى في حلقك وتكذيبا لفألك وإثباتا لقصر نظرك وسوء تقديرك لأقدار الرجال وتذكرة لك بأنك أنت الذي اشتغل موظفا في آلة الدعاية النميرية وانك لم تظفر منها بما اشتهت نفسك ولم تصبح فنان دولتهم المفضل المدلل فخرجت من البلاد بقلب مليء بالسخيمة مثل "حردان السوق" الأسطوري في المثل القائل حردان السوق مين يرضيه.
ينظر المورى عنه بوجل وهلع إلى إمكانية أن يصبح معارفه السودانيين من الكبراء والمشاهير ولكن كابوسه الحقيقي هو أن يرى أحدا من أولئك المعارف في المنصب الوزاري الذي فيما يبدو تعرض منه للظلم أو الفصل أو لدرجة لا نعرفها من درجات التكدير المهني. وذلك دليل أن نفسه الأمارة لم تقطع الرجاء في العودة إلى خدمة الدولة (أي دولة) ليكون فنانها المدلل حتى يثبت لبعض المقربين أن رهانهم عليه صحيح. وبوحي من تلك العقد "يصانع" ناسا يتوسم فيهم بلوغ المنصب الوزاري ويعادي أمثالنا خوف أن نزاحم ناساته على المنصب الذي يراه رفيعا ونحن نراه دون همتنا ودون المبادئ التي قمنا عليها. وقد صعب عليه أن يواري تلك السوأة فمضى يتعصب لواحد من الناس توسم فيه إمكانية الصعود السريع إلى المنصب الوزاري في حين راح الناس حتى أنصاره يراجعونه في الأمر ويقولون له إن سوأة ود المكي في عيادة بولا أقل شأنا من سوأة ذلك الآخر في الانحياز إلى الحكم القائم ولكن رأسه وألف سيف في تفضيل السياسي على الشاعر وفات على الخدم والحشم المنتظرين بالباب أن الرجل ممن يحبون العاجلة ويريد وزيرا له شنة ورنة ينصفه من الوزارة التي ركلته بالبوت وربما يعيد إليه معاشه التقاعدي ويقيم له حفل تكريم. ولكنني واثق أن الرجل المعني لا يتطلع إلى الوزارات ولا يريدها ولن يقبلها والأفضل –والحال كذلك- أن يسعى هذا الفنان سعيا شخصيا ويصبح بشخصه وزيرا يحقق لنفسه مقاصدها
والواقع أن التطلع الوزاري في هذه الأيام دون غيرها سبة كبرى في أوساط المعارضين فهو دليل الوهن الثوري كما هو علامة الطمع والتطلع الشخصي وللسياسة رجالها الذين يعرفهم المورى عنه ويطمع في نوالهم ويبني عليهم آماله في الدنيا وأنا من المعترفين بأقدارهم وفي طليعة من يدعمون ترشيحهم لتلك المواقع ولا مانع عندي أن ينصفوا مظاليم حقيقيين أو متوهمين ولكننا لن نقبل محاباتهم شخصا بعينه ولن نقبل محاباتهم له شخصيا بنوع خاص فقد فقد أهليته وجدارته في نظرنا ويكفيه جحره الحالي في مزابل الزمان.
وقبل أن أغادر هذه النقطة أريدك أن تنظر وتتعجب في يساريي آخر الزمان وأحلامهم بالوزارات والجعاصات بينما شعبهم يموت جوعا ويتفانى قتالا ويتصدع واديا واديا وهم يتقاسمون الوزارات ويحلمون بها ويوزعونها على من يحبون. ولهؤلاء جميعا ولمن خلفهم من ذوي الإذناب القصيرة أقول بملء فمي أنا معارض للحكم الحالي أي أنني معارض لحكومة الإنقاذ ولا أريد منها أن تعطيني أي شيء- حتى ولا معاشي المستحق عن ثلاثين عاما قضيتها في خدمة الدولة وخرجت منه صفر اليدين. وأنا متنازل لآية اللؤم العظمى عن كل ذلك ليهنأ بإمارة الفن وأمارة النقد وأعطيه فوق البيعة إمارة الشعر ليهنأ ويقر عينا.(يتبع).
عندما صرخت
لم أشأ أن أزعج الموتى
ولكن السياج عليَّ ضاق
ولم أجد أحداً يسميني سياجا
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

.

صورة

" شوف الزهرة شوف الحصان"
.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

اشغال الزهرة و اشغال الحصان

مشاركة بواسطة حسن موسى »

أشغال الزهرة و أشغال الحصان
تزو ـ ما ـ قووان ـ رهووا
Tzo-ma-gouann-rhoua

أعلاه مثل صيني قديم يقول:" أنظر إلى الحصان ، أنظر للزهرة "
و ترجمته"أنظر للمحاسن و اعرض عن المثالب" و أصله في حكاية عجوز خاطبة قالوا أنها أرادت تزويج شاب وسيم ، لكنه أعرج، من فتاة جميلة ،إلاّ أنها موسومة عند شفتها بعُلمة ظاهرة (و العلمة هي الشق في الشفة العليا) .و كان عليها الإحتيال بتمويه عيوب الأثنين حتي تتم الخطوبة، فطلبت من الشاب أن يمتطي صهوة حصانه.و قالت له و هو يمر أمام الخطيبة على صهوة حصانه: أنظر للزهرة. وكانت قد طلبت من الفتاة أن تضع زهرة في فمها و قالت لها: حين يمر الخطيب أنظري للحصان.
تهمني أشغال الزهرة و الحصان كونها توفر لنا مخرجا معقولا من أشغال الإفتراءات التي يحاول" شاعرنا"( الدبلوماسي السابق) ان يبتذل بها المناقشة الدائرة في هذا الموضوع الجليل الذي يعالج إشكالية الهوية و علاقة الإبداع بالسياسة في السودان (و في غيره). و المخرج المشرف الوحيد إنما يكون بتصعيد المناقشة لمقام الأسئلة الأساسية التي طرحها أيديولوجيو هوية التمازج في السودان و في طليعتهم رواد تيار " مدرسة الغابة و الصحراء". ذلك ان تطورات الواقع السياسي المعاصر في السودان دفعت بالكثيرين لنبش مقولات هوية التمازج التي طرحها شعراء الغابة و الصحراء و إعادة توظيفها ضمن آيديولوجيا " السودانوية" التي صارت موضع إحتفاء الساسة من كل المشارب و المآكل.و في مداخلاتي القادمة سأحاول أن انظر لإحتمال "الغابة و الصحراء" كسؤال مستقل عن بارانويا "شاعرنا" الذي لم ير في فيض إعزازنا له سوى آية أخرى" كبرى" بين آيات اللؤم الصغري الكثيرة التي تلبّك وجوده في دار" بوش" .
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

شغل الملاعين

مشاركة بواسطة حسن موسى »

شغل الشعراء الملاعين:

يا" شاعرنا" الذي في أمريكا ذات العماد.
سلام جاك و قعد معاك و لازمك في غدوك و رواحك و أنت تسعي وراء عيشك في بلاد "جورج دبليو" التي تصدّر الحرب للفقراء و المعذبين في الأرض .قرأت مقالتك الغاضبة المنشورة في " الأحداث" ـ و في أمكنة اخرىـ فتيقنت من أن " فيض الإعزاز" الذي حملت به عليك قد طاش هدرا.و لا يهمك يا صاح ،مافي شي كتير على رجل في مثل قدرك و هاك " فيض إعزاز" تاني و البحر ما يابى الزيادة:

ياخي أنا تعبان وراك التعب دا كلو إنت تعمل لي في " ماذا يفعل الحاسد مع الرازق؟"..حاسد شنو يا زول ،أنا حاسد و بغران كمان من الموهبة الكبيرة و الطاقة الشعرية التي تملك ان ترفعك، أعلى عليين، شاعرا مجيدا بجاه الإختراع الأدبي، بينما أنت تنساق وراء " شيزوفرينيا"أولاد الطبقة الوسطى العربسلامية التي تردّك أسفل سافلين مع همباتة الأدب و التراجمة "المارينز" و كل من دبّ .
حاسد شنو يازول؟ أنا حانق على مهانة ارذل العمر التي ادركتك في بلاد العم "السام"، و أنت الشاعر الذي كان يبرّنا بكلمات نقول بها خروجنا اليافع على العادات و التقاليد الأدبية البالية أيام كان الشعر " عار ربّة زنت " ..فعلا" الحسنة في (الشاعر)المنعول زي الشرا في القندول"، و لا جناح، وربما كان هذا بعض من قدر "الشعراء الملاعين" الحفاة العراة بلا حَوْف أو خوف و لا هم يحزنون . لكن هل تكفي لعناتي لتجعل منك شاعرا ملعونا؟ مندري ؟(و قيل :" مونتيري"؟) .
" الشعراء الملاعين" في التقليد الأدبي الفرنسي ـ و أنت أدري ـ فئة مشاترة من رواد الخروج "الرومانتيكي" على الأعراف و العادات الأدبية و غير الأدبية، ممن كان الشعر عندهم منهجا سلوكيا وجوديا اكثر منه صنعة بلاغية.و قد عاد عليهم خروجهم بالعوز المادي و بلعنات حرّاس الثبات من كل لون، مثلما عاد علينا بقناعة لا تتزحزح في جدوى الخروج على نماذج " صعاليك" الشعر "الكاميكاز" الذين جاد بهم القرن التاسع عشر(فيرلين و رامبو و مالارميه و بودلير .. إلخ).
لا يا صاحبي(و أنت "صاحبي"،نسيت أو تناسيت، و "صُحبتنا" قديمة تعود لمنتصف السبعينات حين حاورتك أول مرة لصفحة " ألوان الفن و الأدب" في جريدة" الأيام"،[ أيوه " الأيام" بتاعة" الإتحاد الإشتراكي" المابغباك]، التي كنت أتعاون معها.ثم اننا، في مطلع الثمانينات ، جددنا عهد الصحبة حين لبّينا دعوتك الكريمة و زرناكم في داركم بأمدرمان ـ في نواحي "أب روف" و "تجاذبنا أطراف الحديث" كما تقول العبارة غير المسؤولة. لكن اللوم " يا صاحبي"على الذاكرة الإنتقائية التي تنسى و تتذكر حسب المصلحة. كونك في عز الأشغال العملاقة لا ترى أي مصلحة في تذكر " صحبة" شخص مثلي، بل و تورّي عنّي تورية كاشفة و لو شئت محوت اسمي من ذاكرة المناقشة الدائرة حول" فيض الإعزاز" الذي أراك تستحقه رغم كل شيئ.شايف؟
لا يا " شاعرنا"، أنت لست من طينة "الشعراء الملاعين" ،وقد نظلم "الشعراء الملاعين" لو حشرناك بينهم،فهذا رقيص ماعندك ليهو "شِعْر"، و لكننا نظلمك أيضا لو حشرناك في زمرة "الشعراء الدبلوماسيين" (و إن استمرأت نفسك هذه الهدية المسمومة التي يبرّك بها قوم تحفزّهم اجندة لا علاقة لها بالشعر).و " الشعراء الدبلوماسيون" فئة إجتماعية غميسة من ظرفاء الحواضر الذين رمت بهم الصدفة الإدارية في وزارة الخارجية فسوّغ لهم ظرفهم أن يجمّلوا من إمتيازهم الوظيفي بشيء من رقشة الأدب، و الأدب في بلادنا "ميتة" يكفـّنها كل من يأنس في نفسه الشجاعة، و انت عارف إهلنا السودانيين ديل شجعان و" رجال ياكلوا النار" و " يمشوا على الجمر" فما بالك بالشعر؟.و لقد مر علينا زمان أورقت فيه شجرة الخدمة المدنية بوزارة الخارجية بوتقة مباركة من الشعراء الدبلوماسيين من نوع " الشاعر الدبلوماسي" عبد الماجد عمر الحاردلو، أو" الشاعر الدبلوماسي" علي حمدإبراهيم جمال محمد " لغاية الأديب المسرحي الشاعر الدبلوماسي خالد الشوش محمد خير .بل أن "رماد" وزارة الأدب الدبلوماسي الذي" كال حمّاد"، طال صديقنا الراحل الناقد عبد الهادي الصديق و أسبغ عليه لقب "الناقد الدبلوماسي" فأدركه" شقاء حنا" و هو في ميعة شبابه النقدي.
ولو كان مولانا" رولان بارت" حيّا بيننا لما مانع أن نضيف على هامش اساطيره الفرنسية(ميثولوجيات
Mythologies, Seuil, 1957)
هذا التنويع السوداني لأساطير الطبقة الوسطى الحضرية في السودان: أسطورة " الأديب الدبلوماسي".ذلك أن الدبلوماسي يمثل في مشهد الوجاهة الإجتماعية لأهل الحواضر السودانية كأديب بالقوّة.أو على الأقل يتوقع منه الناس حسا أدبيا أومعرفة بالأدب بدونها لا تقوم لتمثيله قائمة. و قد روى محمد آدم عثمان، الدبلوماسي السابق ، حادثة طريفة فحواها أنه يدين بفوزه بوظيفة دبلوماسي في وزارة الخارجية لقراءة لقصيدة للشاعر " جمال محمد ابراهيم أمام لجنة المعاينةsize=18]https://www.alahdathonline.com/Ar/ViewContent/tabid/76/ContentID/6918/Default.aspx

ترى هل يفسر هذا الأمر ميل الدبلوماسيين السودانيين للعناية بنشر نصوصهم الأدبية أكثر من عنايتهم بنشر النصوص التي تعالج الشأن الدبلوماسي؟ مندري؟
في حوار مع صلاح شعيب ،قال السفير السابق و الأديب علي حمد ابراهيم ،الذي تقلد من قبل منصب الأمين العام لإتحاد الأدباء السودانيين:
" الدبلوماسي يمثل رأس الدولة و الشعب السوداني في الخارج و يرفع علم الدولة على سارية عربته، وهذا يعطي عمله ملمسا مختلفا وجذاباhttp://sacdo.com/web/Categories/FeaturedArticles/Salah_shoaib/032806_ali_hamad.asp طبعا ليس من المستبعد أن يكون بين العاملين في وزارة الخارجية عدد من محبي الآداب و الفنون مثلما لا نستبعد ان يكون بينهم ذلك النوع من الشعراء" الوعول"(و الوعل في كلام العربان هو تيس الجبل .. يا النبي نوح).لكن نسبة الأدباء بين " وعول " وزارة الخارجية تفوق نسبة رصفائهم في وزارة الثروة الحيوانية.و ربما كان لهذا الأمر علاقة بالإفتتان الذاتي الظاهر في تقديم موظفي وزارة الخارجية لأنفسهم كأدباء، أو ربما كانت المسألة ببساطة تتعلق بالفراغ الكبير الذي يطبع حياة هذا النوع من الموظفين البعيدين جغرافيا عن طائلة الرقابة الإدارية و الله أعلم.و المتأمل في النصوص و الرسائل التي يكتبها الأدباء الدبلوماسيون أو التي تكتب عنهم من قبل " عامة الشعب" يلاحظ بسهولة ذلك الميل الغريب لمراكمة الألقاب التشريفية أمام اسم الدبلوماسي الذي هو دبلوماسي و شاعر أو هو دبلوماسي و أديب أو هو دبلوماسي و ناقدإلخ.
و عبارة الدبلوماسي السابق محمد آدم عثمان،( الأحداث ، العدد 131، 17 فبراير 08)، في توصيف صديقه القديم بـ " سفير الجمال" و بـ " الشاعر و الأديب و الدبلوماسي الأنيق جمال محمد ابراهيم" ليست سوى تحية متواضعة أمام بعض العبارات التي تجود بها أقلام بعض الصحفيين.و أظن ـ غير آثم ـ أن ميل القوم لتلبيك دبلوماسيي الأدب بكل هذه الألقاب الطنانة إنما يفضح قناعة سرية بكون معظم متأدبي وزارة الخارجية إنما يقيمون ،ميتة ، عند قشرة الممارسة الأدبية دون ان يتحملوا تبعاتها المادية و الأخلاقية.و خلاصة هذا الأمر هو أن ما كل من عمل بوزارة الخارجية بشاعرـ دون ان نغمط الدبلوماسيين حقهم في تذوق الشعر ـ مثلما ما كل من قرض الشعر بدبلوماسي دون ان نحجر على الشعراء الإهتمام بخفايا الدبلوماسية.

إها يا " شاعرنا"، إذا استكترنا عليك صُحبة" الشعراء الملاعين"، و استكترناك على " الشعراء الدبلوماسيين"، فكيف نعرّف مقامك الجليل البالغ التركيب؟
أظن انه لا مفر من أن نعجن لك طينة خاصة تنصفك و تحفظ لنا فرادة نفسك الشاعرة التي تصالح تناقضات الشاعر الذي يحمل لعنة الشعر صليبا سريا لا يراه أفندية الخدمة المدنية، و الموظف الذي لا يضيره أن يشيح عن " شغل الشباب" ليتفرّخ " شغل الحكومة" لقاء " الفايدة" و ال" أوفرتايم".و هذا النوع من الأشغال يتطلّب موهبة و سعة في الخيال و قوة عين و بهلوانية لا يقوى عليها سوى "العمالقة". (شايف آية اللؤم المُبَطّن دي؟)
المهم يا زول، أنا زاهد في مزازاتك بخصوص الكيفية التي تكتاد بها وراء العيش في بلاد عمنا السام التي يقال أن لكل فرد فيها "قضية"أو ( باشون) يحيا عليه او يموت ( أنظر كلام مصطفى ع. البطل
https://sudan-forall.org/forum/viewtopic ... af05168dc6

)، فالحرام بيّن و الحلال بيّن و بينهما أمور "مُقدّدات"،و في هذا المشهد فأنا أتـّبع حكماء الصين الذين ينظرون للزهرة في فم الحسناء و يشيحون عن العُلْمة في شفتها . لكني مسحور تماما بأسلوبك(الدبلوماسي؟) الفريد في التوفيق بين ضرورة الشعر و شعر "الجَرُورَة" . و في هذا المقام ، الذي هو مقام عمل عام،فسوف أتعقـّبك بفيوض الإعزاز التي تليق بقدرك الجليل و لو دخلت في جحر أدب خرء . ذلك لأن العمل العام الذي يجمعنا في هذا الموقف لا يحتمل المداورة و المجاملة.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

أشغال الهويولوجيا

مشاركة بواسطة حسن موسى »



شغل الهويولوجيا:

بعد هذه المقدمة الضرورية التي اقتضاها وضع الحروف تحت النقاط اعود لأسباب خلافنا الأساسي في مسألة التداخل بين الجمالي و السياسي عند مشهد الغابة و الصحراء.
و أبدا بإثبات نص " شبهات حول الهوية " الذي ضمنته اعتراضاتي النقدية على الخيارات السياسية لرواد " الغابة و الصحراء".

نشر هذا النص في مجلة " كتابات سودانية " رقم 3 ،أبريل 1993 و قد صوّبت التصحيف واكملت الفجوات التي لحقت به من جراء سوء الطباعة. و كانت صحيفة " الخرطوم" قد نشرت في ملحقها الثقافي جزءا مطولا من النص بتصحيف " كتابات سودانية". و قد لاقى الجزء المنشور في " الخرطوم" إنتشارا اوسع من النص الكامل الذي نشرته مجلة كتابات سودانية . و لهذا أسباب كثيرة لا سبيل لتفصيلها هنا بعضها تقني و بعضها الآخر مفهومي. و أظن ان إنبعاث المناقشة حول الهوية السودانوية كفكرة جمالية ذات عواقب سياسية قد حفـّز نفر من نقاد الأدب على الإهتمام بطرف النص الذي يعالج عواقب الخيار السياسي على الموقف الجمالي عند بعض أعلام الأدب السوداني المعاصر.و لا شك أن هذا الإهتمام لا يقتصر على نصي الذي يعالج علاقة الجمالي و السياسي في منطقة التداخل بين الإبداع و السياسة و لكنه طرف من ظاهرة عامة طبعت المناقشة السياسية منذ تسعينات القرن الماضي .و في إهتمام نقاد الأدب السوداني بالعواقب السياسية للآثار الأدبية التي تعالج موضوعة الهوية شبهة تواطؤ مع ذلك النفر من الناشطين السياسيين المنفيين الذين اضطرتهم تطورات النزاع السياسي المسلح للعناية بموضوعة الهوية. بل أن عبارة" الهوية" صارت كلمة مفتاحية في قاموس الساسة السودانيين ، بيد أن السياسي السوداني الذي يجد نفسه مضطرا ـ "و المنطر يركب الصعب" كما تعبر حكمة الشعب ـ لمطالعة آثار أدباء الهوية أو للتحرّي في إشتباهات فناني الهوية لا يفعل ذلك من باب الإهتمام بالأدب و الفن و إنما من باب الممارسة السياسية و لا جناح على أحد ، فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم و الناشط السياسي الذي يختزل محمد عبد الحي لقصيدة " العودة إلى سنار" و يختزل " العودة إلى سنار" إلى ذلك الحوار الشهير الذي يبدأ بعبارة " إفتحوا حراس سنار أبواب المدينة.." إنما يتحدث في مقام خطاب السياسة و ليس في مقام الخطاب الأدبي،و لو تسامحنا في تعريف الأدب، بذريعة حسن الظن العريض ، لقلنا أنه يتحدث في أحط درجات خطاب الأدب، و في نهاية تحليل ما يمكن إعتبار " قلة الأدب" درجة في سلم الخطاب الأدبي و الله أعلم ،و ليس من حق أحد ان يفرض علي حضرة السياسي المتأدّب العكوف على تجربة الشاعر الممتدة خارج هويولوجيا الطبقة الوسطى العربسلامية.
و من جهة أخرى فإن المبدع الذي يجود بأثره الإبداعي على مذبح الممارسة السياسية، طمعا في الدعم المادي او المعنوي المحتمل من طرف الناشطين السياسيين، ـ و" الشي بالشي" في بلاغة الأهالي ـ هذا المبدع الذي ينثر آثاره عند أقدام الساسة ـ كما تنثر الدرر أمام الخنازير لا يتحدث في مقام الإبداع و إنما يتحدث في مقام الممارسة السياسية في أحط درجاتها. و خلاص هذا الأمر هو أن العمل العام الإبداعي أجلّ من أن نتركه نهبا لأهواء الناشطين السياسيين المستعجلين ، مثلما العمل العام السياسي أجلّ من أن نعهد به لنزوات المبدعين الغشيمين ـ حتى لا أقول " الإنتهازيين"ـ .
و في هذا المشهد ساغ لي أن أتأمل في كلامات المبدعين الخائضين في ماء السياسة مثلما أفعل مع كلامات السياسيين الذين صاروا يجولون ـ كما الثور؟ ـ في مستودع الخزف الإبداعي السوداني. و في خلاصة الخلاصة أعلن انحيازي المبدأي التام اليقظ لحزب المبدعين دون ان أغفل ـ و لو هنيهة ـ عن ضرورة العناية بحزب الساسة المتنبهين لبُعد الإبداع السياسي. و أنا أستخدم العبارة " بُعد الإبداع السياسي"على إزدواج المعنى الذي يطال الإبداع كممارسة سياسية مثاما يطال السياسة كممارسة إبداعية.و في هذا المنظور أعيد نشر نصي " شبهات حول الهوية " هنا ضمن سعيي لتوسيع المفاكرة حول تداخل الفن و السياسة في السودان الحديث.وذلك على أمل أن يخارجنا توسيع المفاكرة من منطقة الإنفعال و التنابذ بالألقاب إلى أدب الحوارالنقدي. و أنا أزعم ان مبدأ " أدب الحوار النقدي" كان في صميم مقالتي " شبهات حول الهوية " التي أظن أن" شاعرنا" ـ حين علّق عليها في جريدة " الخرطوم " القاهرية (راجع حواره مع أحمد عبدالمكرم) لم يقرأ فيها سوى حسرتي اللاعنة الحانقة على تبديد الطاقة الشاعرية باسم إرضاء الدولة المخدمة و لم ير في كلامي سوى " عقوق أحد ابنائنا".ربما لأن" شاعرنا" ، في تلك الفترة من التسعينات، كان ما يزال يعاني من آثام انخراطه في ذلك" المجلس الوطني"، و ربما كان التوقف عند اللعنات وحدها بمثابة المسلك" التطهري"كجلد الذات الذي يساعد الآثم على فض وطأة الخطيئة،( و أي خطيئة ؟) .




"
شبـهات حــول الهــوية


مدخل:" الهوية الثقافية" أو فن النفي.

حين وصلت إلى فرنسا في السبعينات ، كان بعض أهلي الأميين يعتقدون بأني في تشاد ـ طالما عرفوا تشاد في السياق الإستعماري كـ " فرنسا" ـ و كنت أثابر على تصحيح " الخطأ التاريخوي" بالسماحة المزعومة للمثقف الرؤوف بأهله. و لم تكن جهودي التصحيحية تتوج بالنجاح في كل مرة أصرّ فيها على أن" السودان الفرنسي" قد نال استقلاله من فرنسا، و أنه صار جمهورية تشادية ذات سيادة و عَلَم مبرّئ للذمة يخفق بين أعلام "الأمم المتحدة" إلخ.
و بعد سنوات من متابعة السياسة الفرنسية " الغرب إفريقية" تسنـّي لي أن أتيقـّن من سذاجتي السياسية، إذ تأكّد لي أن تشاد هي فرنسا (شخصيا) بلحمها و دمها، و أن بعض أهلنا التشاديين ، قبل الفرنسيين، على يقين بطبيعة العلاقة الـ " نيوكولونيالية" الوثيقة التي تكذب الإستقلال الإفريقي المزعوم.
لكن لو سألتم التشاديين و الفرنسيين اليوم عن فرصة تشاد في الإنضمام للمجموعة الأوروبية لاستنكروا واستهجنوا خوفا على"الهوية الثقافية" لتشاد .( طبعا الهوية الثقافية لفرنسا لا خوف عليها و لا هم يحزنون). فما هي هذه" الهوية الثقافية" التي تتخذ اليوم ذريعة لإستبعاد الشعوب المقهورة بدعوى صيانة الثقافة المميزة ( بفتح الياء وبكسرها في آن)؟ و هل ترك منطق الإلحاق الإقتصادي المسلّح بتقنيات الإتصال ( فيديو، أقمار، فاكس، سينما تلفزة نشر إلخ)، للتشاديين و لغيرهم( من المستقلين وهَما)، هل ترك لهم فرصة أن يصونوا عذريتهم الثقافية ، حتى يشفق عليها المشفقون من الضياع، في حالة إنضمام هذا البلد الإفريقي أو ذاك إلى منظومة المجتمعات المصنـّعة؟
إن هويتنا الثقافية الراهنة الوحيدة الممكنة تتلحـّص بكلمة واحدة:
" الإستبعاد". أي الإستبعاد من أسباب التنمية و من ثمارها. و على اختلاف ألواننا و عقائدنا و ثقافات أسلافنا فنحن قوم مستـَبْعـَدُون. و منذ اليوم الذي ألحقونا فيه بمنطق السوق الرأسمالي، كمصدرين للمواد الخام و كمستهلكين لسلع لم نصنـّعها، أُحيلت هويتنا الثقافية إلى متحف التاريخ و فترينات الفلكلور و اكتملت قطيعتنا مع ثقافة الأسلاف، و لات بين سادة عصر الإلحاق من يفتح لنا قناطر العبور نحو " هويّتهم" خوفا من أن نفسدها أو ندنـّسها. و لا عجب فتلك هوية أخرى انبنت على" تنمية الإستبعاد"،" تنمية القهر" و الإستغلال، بيد أن سدنتها في موقع السادة الذين تحصّنوا بإمتيازاتهم المُذْنبة وراء متراس " الهوية الثقافية" الذي يسوّغ لهم تكريسنا كطرف ضعيف أزلي ضمن علاقة التبادل غير المتكافئ و التي توحّد " تخلّفنا " مع " نموّهم" مثل وجهي عملة الإستغلال.
نعم لقد حان الوقت لأن نطرح إرتيابنا المشروع بموضوعة " الهوية " من حيث المبدأ، باعتبارها واحدة من آليات ميكانيكا الإستبعاد، و ذلك بقدر ما تحيلنا من موقع " الشركاء" إلى موقع " السكان الأصليين" او " العالمثالثيين" أو "النيو ـ مستعمَرين" إلخ.

إن إشكالية الإستبعاد( الإجتماعي الثقافي و السياسي و الإقتصادي) تبدو على قدر من التركيب يليق تماما بجسامة المكابدة التاريخية التي ألقت بشعوب العالم الثالث في هاوية التبعية و التخلف الإقتصادي و السياسي. فحين نفتنا آلية الإلحاق من مواقع الثقافة التقليدية( و أعني بـ " التقليدية" الثقافة الـ " قبل رأسمالية") فهي إنما موضعتنا في عمق حركة الثقافة الحديثة المعاصرة(الثقافة الرأسمالية المسيحية المهيمنة) بوصفنا غيرها ، ضدها ، نفيها و تناقضها التاريخي، عالمها الثالث، وجهها المشين، جوعها و تخلفها.
و في مثل هذا الأفق تصبح فرصتنا الوحيدة في الخلاص: تجاوز النفي الهويوي بعبور نفق الثقافة المهيمنة و إعادة ترتيب منطقه نحو صياغة جديدة لموضوعة الهوية. صياغة تسعنا جميعا ، نحن و هم ، ضمن تعريف للإنسان بقدرته على الخلق لا بما ورثه من أسلاف ذهبوا. إن فرصتنا في الخلاص تتسع بقدر قابليتنا على المساهمة في مشروع إعادة صياغة للثقافة المعاصرة ، بسبيل تحويلها من ثقافة هيمنة و استبعاد إلى ثقافة شراكة و تضامن بين الرجال و النساء المبدعين على اختلاف أصولهم العرقية و الثقافية.فهل نحن أهل لطموح كهذا؟
من هنا ، من أصل طموحنا المشروع لإعادة صياغة هوية للإنسان صفتها الإبداع، نطرح ارتيابنا بموضوعة الهوية الثقافية كموضوعة فكرية طالما أثارت الخواطر بما تنطوي عليه من عواقب نفسية و اجتماعية ضمن علاقات الفرقاء الإجتماعيين على اختلافاتهم.
إن أزمة موضوعة الهوية ـ مطلق هوية ـ تكمن في كونها تنبني على عوامل الثبات أكثر مما تنبني على عوامل الحركة و التحوّل في البنية الثقافية للجماعة. و هي بهذا مشروع " تاريخيته" الإجتماعية ترتهن بـ
" لا تاريخيته" الفكرية، كون اختيار و تبنـّي عناصر الثبات اللازمة لـ " فبركة " هوية ما ، لا يتم عرضا، بل يحكمه وعي إجتماعي تاريخي يحسب حساب المنافع و العواقب على الأصعدة الإقتصادية والسياسية و الثقافية. و ضمن منطق المنافع و العواقب الإجتماعية تبدو موضوعة الهوية ، في المنظور السوداني، كواحدة من الأفكار التي تخلـّقت في سياق عملية الإلحاق ببنى السوق الرأسمالي.و هو إلحاق شامل متكامل جرّ على الأشتات العرقية و الثقافية التي تنكّبته مكابدة " الوحدة " الإجبارية ، الإدارية و السياسية و الإقتصادية ضمن " وطن " رسم حدوده قوم غيرهم، و على أساس منطق لا يعنيهم، منطق التقسيم الكولونيالي.
و في حالة السودان ـ على الأقل ـ نجد أن فكرة " الوطن " أو فكرة " الوحدة الوطنية" إنما انطرحت أساسا على الدولة و ليس على المجتمعات و المجموعات التي تعيش ضمن ما صار اسمه "السودان" في لحظة ما من نهاية القرن التاسع عشر.ففكرة " الهوية السودانية" في أصلها فكرة تشوبها أكثر من شبهة.ذلك أن أصلها (غير السوداني) يسوّغ الإرتياب بها باعتبارها فكرة " دولوية" استنبطها إداريو سودان " الحكم الثنائي" البريطانيون و صاغوها في شعار " السودان للسودانيين" البديع، ضمن ملابسات استبعاد الشريك الأضعف في " الحكم الثنائي"( مصر)، من أن يكون له تأثير في السودان بعد رحيل الإنجليز.من حينها و " الهوية السودانية" تتثبـّت بدعم الدولة الوطنية و بجهود منظريها و أدبائها و شعرائها و المستفيدين من امتيازاتها و المسبحين بحمدها. و ربما كان ذلك يفسّر بالوضعية الخاصة للدولة في السودان.باعتبارها دولة سابقة على اقتصاد السوق و على الأمة و تسعى لخلقهما ( من فوق). دولة سابقة على الهوية السودانية و تسعى لـ "فبركتها" بل و فرضها على الأقوام المتعايشة ضمن نطاق سلطاتها.
و أعتقد أن" مشكلة " الهوية السودانية و التي يطرحها الكثيرون باعتبارها " مشكلة " السودان الأولى، لا تستحق إلا الإهتمام المتواضع الذي يليق بها كسؤال ثقافي يخص الباحثين في سوسيولوجيا الثقافة. سؤال أهميته الحقيقية ترتهن بدوره في حل أسئلة التنمية و الديموقراطية وسط المعنيين بالسودان. فماهو، يا ترى، سبب كل تلك الحظوة المبالغ فيها التي يسبغها مثقفو الطبقة الوسطى المدينية على سؤال الهوية السودانية؟
لعله من الأمور ذات الدلالة كون نقاش الهوية السودانية حافظ ، عبر الأجيال،على خاصية سوسيولوجية في كونه استبعد أهل الأرياف ـ و قيل بعض أهل الحواضر ـ و بقي وقفا على قطاع المتعلمين من أبناء الطبقة الوسطى المدينية.إن استبعاد أهل السودان الريفي من نادي المتكلمين في الهوية لا يعني بحال غياب الوعي بالهوية لدى الريفيين. فهم يعون هوياتهم و يعيشونها كأمر واقع من طبيعة حالهم ، دون أن يحولونها لموضوع مناقشة، و قد تعبّر حكمتهم بأن " العارف عزّه مستريح" ، على خلاف مثقفي الحواضر الذين يطرحون هوياتهم ـ و قيل هويتهم ـ كمشروع ثقافي برسم التجسيد لفائدة عموم أهل السودان بدون فرز.
هل يعني هذا أن مثقفي الحواضر يستغنون عن " الهوية " بإنتظار إنجاز مشروع هويتهم قيد المداولة ؟لا، مثقفو الحواضر لا يستغنون عن "الهوية". و هويتهم الحقيقية يعيشونها كل يوم دون أن يفصحوا عنها، و إنما هم يستغنون ، بالتحديد ، عن "مشروعهم للهوية" الذي لا يكفون عن المداولة في صدده و تبريره بالحجج و قد لا يتورعون عن فرضه على الآخرين بالقوة (عند الحاجة).
أعفقد أن زيف الجدال حول الهوية السودانية إنما يكمن في كونه جدال " سياسوي" ،( حتى لا أقول سياسي)،في المقام الأول.و أن عدم انخراط سودانيي الأرياف ـ و هم الأغلبية ـ في نقاش الهوية ينبغي له أن يهمّش هذا النقاش أو يحجّمه إلى حدوده الطبيعية كـ " نقاش مدينة ".و لكن الحال غير ذلك، إذ أن أفندية الطبقة الوسطى المدينية،( ساسة و مثقفين)، يستثمرون سياسيا نقاش الهوية السودانية و ذلك حسب صياغتهم " الشخصية " لهذه الهوية.و بإبراز صيغتهم للهوية السودانية كصيغة حقيقية و قومية جامعة،فإن أفندية الطبقة الوسطى المدينية يبررّون سلطتهم السياسية كـ "سلطة قومية" جامعة و مطابقة للهوية السودانية القومية الجامعة، و ليس كمجرد سلطة فئوية تعني قطاعا إجتماعيا بعينه.إن استبعاد" شعب" الأرياف و بعض" شعب "الحواضر من نقاش الهوية ينبغي له أن يفهم ضمن استبعادهم من المشاركة في النقاش السياسي أصلا.و يوم تصير المشاركة في النقاش السياسي حقا مشروعا مضمونا لكافة السودانيين فإن سؤال الهوية لن يحتل رأس قائمة الأولويات موضوع النقاش التي قد يرغب السودانيون في تناولها.
إن فكرة الهوية السودانية ( و قيل :" السودانوية") هي واحدة من اللقيـّات الآيديولوجية للطبقة الوسطى المدينية " العربسلامية"، و هي الفئة الإجتماعية التي ورثت مقاليد الأمور من المستعمرين، ورثت إمتيازاتهم و ورثت دورهم في رعاية مصالح مؤسسات الإلحاق ببنى السوق الرأسمالي.و هي ، بوضعيتها الخاصة هذه، تبحث عن المخارج " المناسبة لها" من الأزمة الإجتماعية و السياسية المزمنة في البلاد.و هي المخارج التي تكفل لها صيانة إمتيازاتها الإجتماعية و الإقتصادية و مواصلة دورها التاريخي(مهمّتها؟) ضمن مسار محفوف بالمخاطر و الإنهيارات.و كون التكوين الثقافي و النفسي لدعاة الهوية السودانية يتميز بملامح " عربسلامية" واضحة ، فإن ذلك الواقع يطبع طروحات الهوية السودانية ـ يمنة و بسارا ـ بطابع عربسلامي ، نبرته تقوى أو تخف ، وفق الملابسات الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية للحظة التاريخية.
و المتأمل في تاريخ الدعوة " الهويوية" العربسلامية في السودان، يلمس موقفين ظاهرهما التعارض حول الوسيلة لكن باطنهما التوافق حول الغاية النهائية : و هي تصميم الهوية السودانية على قاعدة الدين الإسلامي و الثقافة العربية.و الموقف الأول انطوى على منطق الإستبعاد أو الهضم أو الإمتثال ـ من طرف الأقوام السودانية المقيمة خارج دائرة الثقافة العربسلامية المهيمنة ـ لمقتضيات مشروع الأمة العربسلامية. و هو موقف عدائي واضح ، سواء اتخذ سمة الدفاع عن العقيدة ( الإسلامية ) و العرق ( العربي) أو سمة الهجوم باسم العقيدو و باسم العرق.و تاريخ العلاقة العصيبة بين أهل شمال السودان و أهل جنوبه حافل بالمؤشرات و بالأمثلة على عواقب منطق هوية الإستبعاد.

إن تطور الصراع الثقافي و السياسي بين " السلطة " في الشمال و " المعارضة "( المسلحة غالبا) في الجنوب قد أتاح أكثر من فرصة لتأسيس فرز سياسي بين القوى السياسية شمالا و جنوبا.و هو فرز مكّن لصعود المسلك الوحدوي بين الفصائل المعارضة الجنوبية مثلما مكّن لتقدّم بعض القوى السياسية التقليدية في الشمال نحو خيار الحوار السلمي، و قناعة الحل السلمي للأزمة ( إتفاق نوفمبر 1988 بين الإتحادي الديموقراطي و الحركة الشعبية).على أن الفرز الإجتماعي و السياسي لم يلغ المتشددين ،لا في الشمال و لا في الجنوب. و الحرب الدائرة الآن في جنوب السودان[كتب هذا النص في 1993] إنما تستعر على صدى خطاب سياسي قوامه" الدفاع/الهجوم" باسم غوغائية عرقية و دينية " عربسلامية" تتمنـّع على التطوّر و تستعصي على الفرز و التحول.فالجهادية العربسلامية في السودان لا تتورّع عن المتاجرة بمقدّرات البلاد الإقتصادية و الإستراتيجية بهدف إستجداء الأحلاف و المساعدات باسم الإسلام (مع إيران) و باسم العروبة( مع عراق صدام حسين) حتى تحقق حلمها " الصليبي" المجنون: فرض الهوية العربسلامية على كافة أهل السودان بدون فرز. (1)
و إذا كانت المناقشات الأولى بين أنصار الدستور الإسلامي و معارضيه تطرح خوف غير المسلمين من استبعادهم (باسم الإسلام) عن مناصب الولاية ضمن الدولة الإسلامية، فإن منطق الإستبعاد باسم العقيدة يملك ان يمتد ليطال المسلمين غير المنسجمين مع اسلام الدولة الرسمي ، وصولا إلى استبعاد المسلمين الذين لا تنسجم رؤيتهم الإسلامية مع إسلام هذا التيارالإسلامي أو ذاك ، الذي وضعته الملابسات السياسية و الإجتماعية ، في لحظة ما ،على رأس جهاز الدولة.و ذلك أمر عواقبه خطيرة في سودان مطبوع بالتعدد العرقي و الثقافي و تتنوع فيه الإتجاهات و المذاهب الإسلامية.
و أما الموقف الثاني فهو يبدو أقل عنفا و عدوانية ، بل و قد يتخذ سمة التسامح الثقافي و العرقي بسبيل تحقيق مشروع أمّة الخلاسيين التي تصلي في لسان غير الذي تغني فيه .( و لم لا؟ فالصلاة عند منظـّري العربسلامية، على اختلافهم، كانت على السودانيين قدرا مكتوبا في لغة الضاد ، و ليغنوا في رطاناتهم ما شاؤوا).و هو على كل حال موقف ارتبط تاريخيا بأسماء مثقفين جلهم تقدميون و لا غبار على صدق نيتهم في رؤية أمة من الأعراق و الثقافات المتمازجة تبني وحدتها من معطيات تعددها. غير أن النيّة الصادقة وحدها لا تكفي لمخارجة أهل السودان من واقع التخلف و الحرب و عواقبهما. أن مشكلة منظـّري
" الهويولوجيا "السودانية هي في كونهم يتصرّفون كأفندية الخدمة المدنية، الدولة عندهم ـ كالزبون ـ دائما على حق.فهم مشوا مع الدولة النميرية مشوار" الوحدة في التعددية" حين كانت الدولة ترفع هذا الشعار التقدمي ، بالذات بعد "إتفاقية أديس أبابا". و أغلبهم تبع نفس الدولة النميرية حين نكصت عن التعددية لصالح المشروع العربسلامي على هدي شريعة" الحدود".
إن حضور الدولة الطاغي، من خلال سياساتها و من خلال رجالها(أفنديتها)، في مختلف مراحل تطوّر " الهويولوجيا السودانية"، يجعل مشروعا في جسامة خلق هوية للأمة السودانية عرضة لفقدان المصداقية كلما غيرت الدولة من توجهها السياسي تحت هذه السلطة أو تلك. و إذا كان رجال الدولة يسعون لإكساب دولتهم بعضا من رصانة و من نبل مشروع خلق " الأمّة السودانية"، و ذلك من خلال دمج صورة الدولة في صورة "الأمة"، فإن فشل الرجال و دولتهم المتكرر في حل مشكلات الواقع الأكثر إلحاحا، ضمن سودان الفرقة و التخلف، لا يملك إلا أن يلقي بظلال سلبية على هوية هذه الأمة التي انمسخت من غاية للدولة إلى مجرد ذريعة تعسة لرجال مهوسين بالسلطة.و ليس أفضل من دولة النظام المايوي(1969- 1985) مثالا على التحولات التي يكابدها مشروع الهوية عقب التحولات في سياسة الدولة.فقد طرحت دولة النميري ، في مطلع السبعينات،فكرة الهوية التعددية على خلفية "إتفاقية أديس أبابا" و ما جسّدته من آمال السلام و الوحدة و التنمية. في حينها كان افندية الطبقة الوسطى المدينية يتغنون بـ" لقاح الغابة والصحراء"
في ديكور تتمازج فيه " الزخارف الزنجية" مع " الخط العربي" ضمن أنواع الرمادي و البني التي روّج لها روّاد " مدرسة الخرطوم" باعتبارها " ألوان السودان". و في حينها كان" التعدد الثقافي" عبارة سحرية تفتح مغاليق " التنمية" و " الوحدة الوطنية " وتضمن " السلام".فأدبيات " الهويولوجيا" التقدمية في السودان تتجه غالبا نحو تمجيد السودان كمجال فريد في نوعه لتحقيق حلم طوباوي و مشروع نبيل ، عائده الحضاري يتجاوز الحدود الإقليمية و السياسية التي يحيا ضمنها السودانيون الراهنون.فالسودان هو " ملتقى" أو " قنطرة " أو " برزخ" أو " بوتقة تمازج" و" إنصهار" و " تداخل" ( وقيل" صراع") بين الثقافات و الأعراق، بين الشمال و الجنوب، بين " الغابة و الصحراء"إلخ.و بصفة عامة فالسودان هو كيان " وسيط" بين عالمين متباينين، و أحيانا متعارضين.و موضوعة البلد " الوسيط" هذه مسؤولة ، في اعتقادنا، عن النزعة" الخلاصية" المسيحية التي تطبع معالجات منظّري الهوية السودانية حين يبشرون بخلاص القارة الإفريقية بأكملها على نهج نموذج الخلاص السوداني الذي يطرحونه.
في بحثه عن " الجذور التاريخية للقومية السودانية" يجد أحمد محمد علي الحاكم للسودان " دورا طليعيا هاما كأحد المداخل التي أطلّت من خلالها القارة الإفريقية إلى العالم الخارجي. فلم يكن السودان معبرا أو قنطرة للتيارات الحضارية إلى أفريقيا فقط، بل كان بوتقة انصهرت فيها شتى هذه التيارات في صياغة جديدة"(2).وإلى جانب دورالـ " بوتقة"
يجد محمد إبراهيم أبوسليم للسودان دور " همزة الوصل" بين عالمين. ففي كتابه عن " الشخصية السودانية" يرى أبوسليم هذه الشخصية
"مواجهة الآن".." بالتوفيق بين الثقافات الإفريقية و العالمية و الإسلامية العربية لتتخذ خطا منسجما مع شخصيتها. و على أساس توفيقها هنا يمكنها أن تلعب دورها التاريخي كهمزة وصل بين العالم العربي و العالم الإفريقي".(3)
و لعل السمة المشتركة لمنظـّري الهوية " القنطرة" و " البوتقة" و " همزة الوصل"أو " رأس الرمح الإسلامي العربي في إفريقيا"(4)، هو إنطلاقهم من فرضية (نبيلة أو مرذولة) قوامها وحدة القارة الإفريقية بشقيها العربي ( شمال الصحراء) و الإفريقي ( جنوب الصحراء).و هي فرضية فحواها أن إفريقيا تتكون أساسا من وحدتين منسجمتين:
إفريقيا عربية (بيضاء خالصة) شمالا ، و إفريقيا إفريقية ( زنجية سوداء) خالصة جنوبا ، بما يضمر نفي إفريقية عرب القارة و تهميش أو إهمال الإختلافات العرقية و الثقافية التي يطرحها التعدد الإفريقي شرقي و غربي الحزامين الإفريقي العربي والإفريقي الزنجي.(5)
بيد أن منظـّري الهوية السودانية الطوباويين لا يشكـّلون مجرد ظاهرة فردية و استثنائية يمكن التجاوز عن شطحاتها، بل هم جزء من تيار أصيل في أدبيات الفكر السياسي الأفريقاني المحافظ .ذلك الفكر الذي دأب على رؤية إفريقيا و أهلها خارج التاريخ. و تلك رؤية لم ينج من غوايتها مفكر في حصافة " آرنولد توينبي" الذي رأى " مشكلة السودان" في صيغة الثنائية العربية الإفريقية، كإنعكاس لمشكلة إفريقيا في ثنائيتها العربية الإفريقية:
"..إن مشكلة السودانـَيْن تعكس بشكل مصغّر مشكلة الإفريقيّتين، و لهذا فالسودان يملك مفاتيح مصير إفريقيا بقدر ما يملك مفاتيح مصيره الخاص. و لو تمكن من مصالحة المعسكرين الذين يتقاسمان شعبه يكون قد طرح مثالا يحتذى و شق طريق الريادة لبناء القارة الإفريقية بأكملها.(6)".
إن كلام " توينبي" يجسد الرؤية الأسطورية للوحدة الإفريقية بين شمال القارة و جنوبها، بشكل يختزل كل تعقيد و تركيب الواقع الإفريقي إلى مجرد ثنائية ثقافية بين العروبة و الأفرقة.و للآسف (؟) فإن مشكلة السودان غير قابلة للتناول ضمن بساطة الثنائية الثقافية العربية الإفريقية. فالسودان التاريخي الراهن موجود ضمن بنية التخلف و سوء التنمية( على وزن " سوء التغذية" و قيل " دون التنمية" و هو أمر غريب كون لغتنا الحديثة لم تسُك لنا بعد عبارة تترجم ثقل المصطلح البذيء:
Under Development
أو:
Sous Developpement
في الفرنسية).
و هذا السودان بوصفه خاضع لقوانين التبادل الإقتصادي و منطق السوق الرأسمالي العالمي، و بوصفه مكابد لعواقب بنية إجتماعية قبل رأسمالية و رأسمالية في آن، فهو لا يملك اي من مفاتيح مصير إفريقيا مثلما لا يملك أي من مفاتيح مصيره الخاص. ذلك أن هذا السودان لا ينوجد ـ و هو على كل حال لم ينوجد أبدا ـ إلا كـ " قطر " ناتج عن إعتباطية التقسيم الإستعماري ، و عواقب سياسات الإلحاق، مما تعانيه منظومة مجتمعات العالم الثالث.و السودان ليس سوى أحد هذه المجتمعات التي تؤلف ـ ضمن مجال الهيمنة الرأسمالية كيانا إقتصاديا ناتجا عن اسلوب الإنتاج الرأسمالي و مستبعدا ، في الوقت نفسه، من الإستفادة من ثمار التقدم الرأسمالي.(7). و قبل أن يكون " بوتقة " تنصهر فيها الثقافات، أو " همزة وصل " بين العالم العربي و العالم الإفريقي أو حتى " رأس رمح إسلامي عربي"، فالسودان إنما يمثـُل كبلد ذي إقتصاد مشوّه منقسم بين أسلوبين للإنتاج ( قبل رأسمالي و رأسمالي) و مكره على البقاء ضمن بنى التخلّف و سوء التنمية.و إذا طمح هذا السودان يوما إلى دور الريادة في بناء القارة الإفريقية فينبغي عليه أن يجتاز عقبات التخلف و سوء التنمية أولا، و هي العقبات الحقيقية في إفريقيا و في غيرها من قارات العالم الثالث.
إن هشاشة و ضعف البنى و المؤسسات الإقتصادية و السياسية في السودان، تلعب دورا كبيرا في ظاهرة التبدل و التغيرات المفاجئة التي تعانيها توجهات الدولة السياسية.و هو أمر له عواقبه المباشرة على صعيد الخيارات المتاحة لـ "أفندية" الهوية السودانية في التعبير الرسمي الدولوي.فحين يرتفع صوت مثقف و أكاديمي رصين مثل محمد عمر بشير، في " ندوة الخرطوم الإفريقية العربية للتحرر و التنمية" ، عام 1975 ،قائلا بأن " التحرر و التنمية لا يمكن تحقيقهما إلا بالإعتراف بالتنوع.. و الحاجة الآن ملحـّة إلى صوغ مفاهيم جديدة عن الوحدة الوطنية و تطويرها لتحل محل المفاهيم القديمة البالية"(8)، حين يقول محمد عمر بشير هذا الكلام فهو إنما يبني مقولته على معطيات واقع سياسي فحواه أن" الإقتناع الفكري بالتنوع الثقافي كأساس للوحدة القومية اتخذ شكله القانوني و الإداري بـ " إتفاقية أديس أبابا"[..] التي تم التوصل إليها عام 1972"(9).
غير ان الواقع السياسي لدولة الطبقة الوسطى المدينية( المايوية) إنما هو واقع نزق ، متقلب و عشوائي لا يعوّل عليه إلا من يعوّل "على الراكوبة في الخريف".ففي أقل من عام من تاريخ إنعقاد " ندوة الخرطوم" التي انطرحت عيدا للفكرة التعددية شرع نظام مايو في تحالفاته مع قوى المحافظة العربسلامية محليا، بمباركة قوى المحافظة " الشقيقة" في العالم العربسلامي، و دارت لجان إعادات النظر في القوانين و الأعراف و العادات و التقاليد تنشط في إعادة أسلمة الفضاء الثقافي و خرج الرئيس النميري على نص دستور دولته (10) الذي يساوي بين المواطنين( على إختلاف معتقداتهم) حين أعلن في خطابه أمام" لجنة إعادة النظر في القوانين"، في 16 أغسطس 1977 :
"و لما كان القانون أداة توحيد يتحقق عبرها التجانس، فإننا باستلهام شريعة الإسلام كمصدر لكل قانون، ينبغي أن نستلهم من الإسلام روحه و من واقع السودان المميز حقيقته، بحيث نحقق في النهاية وحدة إطارها الإسلام"(11).
كام ذلك زمان تراجع دعاة التعددية أمام صعود" الإسلاميين" المسلحين بالغوغائية الدينية و" البترودولار"، و تحوّل نموذج السوداني من حال " التخلـّس" العرقي و الثقافي إلى حال "التخلـّص" من كل عرق أو ثقافة لا تنضوي تحب راية العربسلامية الصاعدة..
و كانت الحرب من جديد. حرب تستهدف كل ميراث الحركة العلمانية في السودان، بل و تتجاوز حدود العلمانية لتستهدف رموز الإستنارة الدينية الإسلامية القمينة بطرح نقد ديني معارض للإسلاميين السلفيين ( 12).
و كان على أفندية الهوية أن يتراجعوا عن كل ما نكصت عنه دولة
" الإمام" جعفر النميري، فأخلوا " الغابة " و تركوا أهلها تحت رحمة المليشيات المسلحة بتواطؤ السلطات العربسلامية ( 13)[ في الضعين و الجبلين..]، و استكان جلـّهم في " صحراء " العقيدة البراغماتية باسم " الإسلام السوداني"، و غضوا الطرف عن قطعان " البغال" الخارجة من الأباريق، تمضي نهارها في " قطع الجمار" و الأيدي " مع خلاف" و تحلم بإقامة دولة خلافة " نيو إسلامية" تعطي واقع الإلحاق الإقتصادي نبرة دينية محلية.
كان لا بد لـ "حلم" التمازجية السودانوية أن ينمسخ "كابوسا" استبعاديا موجعا.فهو مشروع تأسس على محور الثقافة العربية و الدين الإسلامي الذي تتمتع الطبقة الوسطى المدينية العربسلامية فيه بموقع الحظوة بين أقوام السودان الأخرى : كل تلك الشعوب و القبائل المحسوبة، إحصائيا ،في الوطن، و المنفية، تلقائيا، من مواقع المبادرة الوطنية بذرائع العجمة اللغوية و العجمة الثقافية و العجمة العرقية.
نعم كان لابد لـ "حلم" التمازجية أن ينمسخ " كابوسا" و التعبير الفني لفكرة الهوية السودانية يتلوّن على نحو حربائي وراء التحولات في سياسة دولة تمسخ مبدعيها و مفكريها إلى مجرد منفذين للـ "تعليمات" و الأوامر. دولة تبدّل في هوية البلاد كلما تغيـّر فريق " المنقذين" الموسميين على سدة السلطة. ترى هل كان كل أدب الهوية السودانية ( بشقيه : التمازجي و الإستبعادي) مجرد " شغل حكومة" ينجزه أفندية الخدمة المدنية المثابرين الذين تعوّدوا أن يعمّروا " خيمة الحكومة" في مُولد الهوية لقاء الـ " أوفرتايم " و " الفايدة"؟
هذه العلاقة العصيبة بين السلطة و مثقفيها ألقت ظلالها الكثيفة على الطرح الجمالي لفكرة الهوية التمازجية فيما عرف بـ " مدرسة الغابة و الصحراء" في الأدب، و " مدرسة الخرطوم " في التشكيل، أو في توجهات النقاش بين الموسيقيين السودانيين حول قضية السلّم الخماسي (14) و" الطابع الوطني" للموسيقى ، و بعض مباحث "المسرح السوداني"..و يضيق المجال هنا عن تحليل الخلفيات الإجتماعية لكل هذه المساهمات التي اكسبت فكرة الهوية السودانية محتوى جماليا معينا، غير اننا سنحاول معالجة كل مبادرة حسب الثقل النوعي لمساهمتها ، سلبا و إيجابا، في أفق حركة الخلق المعاصرة.


من غابة الصحراء إلى صحراء الغابة و بالعكس :

في نهاية الخمسينات كانت عواقب " النهضة" قد تجسدت في شكل التعليم الرسمي للبلاغة على أساس تراتب هرمي دقيق تتوزع فيه المسؤوليات (الأدبية) على" مناصب" و " ألقاب " مختارة بعناية ، من " أمير الشعراء" لـ " رائد الأدب العربي" لـ " شاعر القطرين" لـ " شاعر النيل" لـ "أستاذ الجيل" لـ " عميد الأدب العربي" إلخ.لكن الفائدة العميقة لـ "لنهضة" ، على صعيد حركة الأدب في السودان، هي في كونها جمعت أدباء العربية في السودان مع أدباء العربية في العالم العربي ، من خليجه إلى محيطه ، على مرجعية أدبية موحّدة بفضل استقرار المناهج المدرسية على أطر بلاغية متشابهة من بلد لآخر. و يبدو ان مكابدة أدباء السودان لمرجعية النهضة البلاغية قد سوّغت لهم طرح مساهماتهم ،ضمن زخم الحركة الأدبية العربية الحديثة ،دون احساس بـ "مُركّب الدخيل " المستعرب(15) .و من المحتمل أن موقف الندية الإبدعية مع الأجيال الحديثة من رصفائهم العرب قد ساهم في توفير هامش مناورة نقدية ساعدهم على طرح ما سمّوهبـ " الخصوصية الإفريقية" او " الدم الإفريقي"(16) في الأدب العربي السوداني.و كانت " مدرسة الغابة و الصحراء"، في مساهمة محمد عبد الحي و محمد المكي ابراهيم و النور عثمان أبكر، مهمومة بما سمّوه بـ "البلاغة السودانية" للأدب العربي (17)، على زعم أنهم هم أنفسهم، في لحمهم و في فكرهم، يمثلون تجسيد واقع الهجنة العرقية و الثقافية التي اتصلت في السودان منذ عهد سلطنة الفونج.و من خلال طرحهم الشعري يبدو الإشتباه بين الماضي الفونجي و الحاضر مقصودا ، بحيث تختلط صورة الشاعر السوداني الحديث بصورة البطل السناري الخلاسي، مثلما يختلط الواقع السياسي و الإجتماعي للسودان المعاصر، المطروح كمشروع للتمازج، بكليشيه دولة الفونج التي يتعايش عربها و زنجها " سمن على عسل"[ و قيل لبن" أبيض" على عسل "أسود"].
و بالرغم من أن التعريف الدارج لـ "الفونج" في أدبيات تاريخ السودان السائدة هو أنهم قوم مسلمون ، لا تعارض في الدين بينهم و بين حلفائهم العبدلاب، إلا أن شعراء" الغابة و الصحراء" المهمومين بالتعددية الثقافية غضـّوا الطرف عن بُعد الدين في اليوتوبيا السنارية المطروحة نموذجا يحتذى.و يبدو أن مشكلة الدين عند شعراء هوية التمازج العربسلاميين قد لعبت دورا حاسما في إختيار " سنار " كمرجع ثقافي و عرقي يُحال إليه السودان، بإمتداداته العديدة في التاريخ و الجغرافيا، بما يضمن إختزاله ضمن المشروع السياسي للدولة العربسلامية.
كما أن مشكلة مشروع الهوية ،في مساهمة الغابة و الصحراء، تتلخص في كونه مشروع يقوم على موضوعة " الرجوع". الرجوع لمعطيات التاريخ الثابتة النهائية، كأساس لتعريف هوية قوم يعيشون التحولات التي يفرضها العصر و يصيغون هوياتهم الواقعية على منطق التحوّل ( كأنهم يعيشون أبدا،كأنهم يموتون غدا) و لات مخرج.ثم أن هذا " الرجوع" لليوتوبيا السنارية ليس في براءة " البداءة النبيلة" لـ " لقاح" الغابة و الصحراء، إذ هو رجوع ملغـّم بخيار ثقافي و سياسي مسبّق هو خيار الثقافة الإسلامية المطروحة كأساس لبناء هوية أمـّة الخلاسيين التي تصلـّي في لغة الضاد.و بـ " الرجوع " لسنار تنجح " هويولوجيا" التمازج في" ضرب حجرين بعصفور واحد"(فيما يعبر مثل عربي من تحريفي). فهم بوصفهم عربسلاميين خـُلـّص يمرّرون مراجعهم الثقافية العربسلامية إلى موقع الحظوة في مشروع الهوية السودانية الذي يدّعون له طابع الشــراكة(" فيفتي فيفتي") بين الثقــافة الــعربية و الثقــافة الإفــريقية. ثم هم بوصفــهم إفريقــيين (خُــلـّص؟)
" يدسـّون"(18) إسلامهم المصحـّح و المنقـّح ، على "علـْمنة" براغماتية من واقع الإلحاق،بدعوى الخصوصية الثقافية الإفريقية لـــ
" الإسلام السوداني"(19).و هي مناورات ذات مردود سياسي اكيد على صعيد المنافسة مع غلاة الدعاة الإسلامجية في حلبة الغوغائية السياسية العربسلامية. ترى هل كان في وسع شعراء التخلـّس الرجوع إلى مدينة أخرى، بخلاف سنار، قمينة بتجسيد التلاقح و التخلّس؟
لقد عرف تاريخ السودان أكثر من ماض مجيد و أكثر من مدينة فاضلة قبل سنار الماضي الفونجي كـ "مروي " القرن الثالث قبل الميلادي او " دنقلا" النوبا المسيحية او " سوبا".فكلها مدن عامرة بالرموز، غير أنها مدن سابقة على دخول العروبة و الإسلام للسودان.و هي مدن لا تثير اهتمام منظـّري " الغابة و الصحراء" الذين يرون تاريخ السودان يبدأ مع دخول العرب المسلمين وادي النيل.و هو رأي يجد تفسيره في مساعي المداهنة الغوغائية للجمهور العربسلامي المعاصر أكثر مما يجده في الجهل بالخارطة الزمنية لأحداث التاريخ السوداني.و بالطبع لم يخطر على بال محمد عبد الحي و شركائه من العائدين إلى سنار أن تلك العودة إلى الجذور العربسلامية يمكن أن تتحوّل إلى" تصحيح" متعسف لمجمل تاريخ السودان السابق على الإسلام (بأثر رجعي) في إتجاه إلغاء سودان ما قبل الأسلمة و التعريب من ذاكرة التاريخ (20). لكن لمحمد عبد الحي و شركائه نصيب (الأسد؟) في المسئولية الأخلاقية ، بقدر ما عبّدوا الطريق لسلطة الصيارفة الإسلاموية و سوّغوا مقولاتهم الغوغائية على مراجع العروبة و الإسلام.
و بعد..
إن هناك الكثير مما يمكن قوله في صدد الهوية الإستبعادية العربسلامية حسب تعبيرها الأدبي المتسمي بجماع" الغابة و الصحراء"، غير أننا اقتصرنا على نقد مفهوم " العودة" إلى سنار المسلمة و تقديمها كمشروع هوية سودانية طالما طولب السودانيون غير المسلمين بتبنـّيه باسم " الوحدة الوطنية"و باسم " التنمية" أو باسم " خلاص إفريقيا" كلها إلخ.و لم يتكلم أحد بعد عن رأي السودانيين المسلمين المستعربين، على زعم أنهم ـ من باب أولى ـ متحمسين لهوية تمازجية تحبّذ مرجعيتهم العرقية و الدينية.و هو إفتراض ـ بالرغم من نبله الظاهري ـ فهو لا يستند على أي أساس موضوعي. بل أن واقع التراتب الإجتماعي ، في بعده العرقي ـ في مجتمع ما زال الناس فيه يتعايرون بشبهة الرق ـ يجعل من السودانيين المستعربين أشد استرابة بدعاوي التمازج العرقي.
و البعد النفسي لمشكلة " الهوية التمازجية" في طرح الدولة لها، يحوّل موضوعة الهوية التمازجية إلى نوع من كابوس نفسي يذنـّب الأفراد الذين قد لا يستسيغون فكرة التمازج، بل و يحمّلهم نفسيا بعض وزر الشتات القومي و تعثـّر مشروع الأمة " المستحيلة"، و قيل : فشل التنمية ..إلخ.ذلك أن فكرة التمازج تفترض ـ و قيل تطالب ـ المسلم المستعرب بالتنازل طوعا عن بعض مكونات ذاتيته العقائدية و العرقية، مثلما تطالب الإفريقي المتوثـّن أو المتنصّر بالتخلي ـ بالتي هي احسن؟ ـ عن بعض مكونات ذاتيته العقائدية و العرقية ( ضمن وهم بالمساواة في الحقوق و الواجبات)، و ذلك لكي يسوّغا معا فرصة تخلـّق جماع الذاتية السودانية الخلاسية، ذلك المخلوق الجديد الذي جاء يطالب " حراس سنار" بفتح الأبواب.لا بدوي و لا زنجي، و إنما عربي متزنوج و زنجي مستعرب. نوع من فرانكشتاين " زنجرابي" اخترعه موظفو دولة الطبقة الوسطى العربسلامية الذين يهجسهم نقاء عرقهم العربي الهابط من سبط العباس، و صفاء إيمانهم الإسلامي كـ " خير أمة أخرجت للناس". هذا الفرانكشتاين " الميري" ظل يستحوذ على اهتمام منظري الهوية السودانية في الدولة العربسلامية، لأنهم رأوا فيه نوعا من ضمانة نفسية و سياسية لتأمين مشروع الوحدة الوطنية لدولة الإلحاق التي وعدت شعبها بجنة التنمية و وعدت شعوبا " شقيقة" بأن تكون " سلـّة غذائهم" المبارك.
إن نقدنا لمساهمة محمد عبد الحي و شركائه في مشروع الهوية لا علاقة ( مباشرة) له بوجهة نظرنا النقدية في جمالية الخلق الشعري عندهم. و من المؤكد ان القوم شعراء على قدر عال من الرهافة التي تحرّك و تطرب. بيد أن خطورتهم إنما تتأتـّى من إمتيازهم الجمالي. فهم قوم لم يرعوا حرمة الإبداع و لم يعوا دور المبدع كمعارض و كخارج، و انساقوا وراء إرضاء الدولة المخدّمة بغشامة لا تليق برجال في ذكائهم.
و هم يستحقون اللعنة بقدر ما تتسع الشقة بين رهافة حسهم الجمالي و غلظة تواطئهم الإجتماعي.

الهوامش و المراجع:

(1) حلم أسلمة و تعريب السودان ـ و ربما إفريقيا ـ الذي يهجس خواطر الإسلاميين الجبهويين في نظام الخرطوم الحالي ، ليس جديدا تماما، وهم في هذا السعي يستجدون دعم إيران على مثال حليفهم القديم " الإمام الهادي المهدي" الذي كان يقود حملته السياسية في الستينات على محاور" العربسلامية" السودانية في بلاط الملك فيصل، عارضا على هذا الأخير خدماته (السياسية) بذريعة العقيدة و العرق. و لنقرأه يخاطب الملك فيصل لنكتشف ان خطابه العربسلامي ما زال يستأثر بأفئدة الغوغائيين العربسلاميين النابحين باسم نظام الجبهة في الخرطوم. يقول الإمام الهادي في كلمته أمام الملك فيصل، و التي نشرتها" مجلة رابطة العالم الإسلامي"(العدد الثالث، أغسطس و سبتمبر 1965، ص 13):
"و السودان يا صاحب الجلالة بلد عربي إسلامي في أغلبيته و عموم أسباب حضارته و ثقافته. و هو يشكـّل الرمح الإسلامي العربي في أفريقيا، و يشكل طلائع الغزو السلمي الإنساني في مجاهل إفريقيا. لذلك فإنه يلقى عداء الصليبيين و أصحاب النعرات العنصرية كالقومية الإفريقية و القومية الزنجية إلى آخره.".." و أننا يا مولاي إذ نوضح لكم طبيعة المعركة الدائرة في جنوب السودان ، نترك لحسن تقديركم أن تنظروا فيما يبدو أنه إلتزام أدبي على الدول و الشعوب الإسلامية، و الدول و الشعوب العربية خاصة، أن تنصر الشعب السوداني العربي المسلم " .." في كفاحه الجديد من أجل الإسلام، و في سياسته الإسلامية الزاحفة إلى تلك البقاع الإفريقية المتخلفة".
و هكذا ، ما أن يتخلص " أفارقة " السودان من " عبء الرجل الأبيض" الذي كان يسعى لتمدينهم بقوة السلاح، حتى يجدوا أنفسهم في مواجهة " عبء الرجل المسلم"، الذي آلى على نفسه ـ حسب تعبير الإمام الهادي ـ " أن يجعل من القارة السوداء (قارة ) مضيئة في خط نور الإسلام ".
(2) أنظر : أحمد محمد على الحاكم،" الجذور التاريخية للقومية السودانية منذ أقدم العصور و حتى بداية الدعوة الإسلامية"، ورقة بحث قدمت في " مؤتمر القومية السودانية و الوحدة الوطنية" تحت رعاية جامعة الخرطوم و مجلس دراسات الحكم الإقليمي/ مايو 1984 ، الخرطوم.
(3) د.محمد ابراهيم ابوسليم" في الشخصية السودانية"، دار جامعة الخرطوم للنشر، الخرطوم،1979،ص 19.
(4) الإمام الهادي المهدي ، سبق ذكره.
(5) لا العوامل الثقافية و لا عوامل الجغرافيا تعتبر أقل أو أكثر توفرا على ساحلي البحر الأحمر منها على طرفي الصحراء الكبرى. فالبحر الأحمر الذي يفصل مصر و إثيوبيا و الصومال و السودان عن اليمن و السعودية لم يكن ابدا سدا أو عقبة طبيعية أكثر صعوبة من الصحراء الكبرى التي تفصل المغرب العربي من بلدان السهل الإفريقي. و مع ذلك فإن المشاريع الوحدوية التي طرحت فكرة وحدة بلدان إفريقيا عبر الصحراء، طالما تجاهلت إحتمال الوحدة بين البلدان المطلة على البحر الأحمر، في وقت حلمت فيه بوحدة تلم الأشتات العربية المتنافرة من المحيط إلى الخليج.ترى هل يتفسر ذلك الميل الوحدوي الإنتقائي بكون مشاريع الوحدة الإفريقية إنما طرحها أفارقة يحلمون بإفريقيا زنجية خالصة من" الإستعراب" بينما مشاريع الوحدة العربية إنما تبنـّاها، في إفريقيا، عرب يحلمون بـ " شمال" إفريقيا عربية خالصة من " الإستفراق"؟

(6) َأرنولد توينبي (إفريقيا العربية إفريقيا السوداء)
A.J.Toynbee, Afrique Arabe , Afrique Noire, Sindbad,Paris 1979.
(7) Didar Fawzi, La Republique du Soudan, 1956-1966,Echec d’ une Experience du décollage économique dans la voie capitaliste, SNED, Alger, 1975.
(8) محمد عمر بشير،" التنوع الثقافي و الوحدة القومية"، ورقة قدمت في ندوة الخرطوم الإفريقية العربية للتحرر و التنمية، 1975،ص 32.
(9) محمد عبد الحي" السياسة الثقافية في السودان، سلسلة السياسات الثقافية، اليونسكو ، باريس، 1981، ص 16 .
(10) حسب نص دستور السودان لعام 1973،المادة 16، البند "د":
" تعامل الدولة معتنقي الديانات و أصحاب كريم[كذا] المعتقدات الروحية دونما تمييز بينهم فيما يخص حقوقهم و حرياتهم المكفولة لهم في هذا الدستور كمواطنين.و لا يحق للدولة فرض أي موانع على المواطنين او على مجموعات منهم على أساس العقيدة الدينية".
(11) هذا المقطع من خطاب النميري اقتطفه محمد عبد الحي( نفس محمد عبد الحي جماع الغابة الوثنية و الصحراء الصوفية) في كتيبه عن " السياسة الثقافية في السودان"، فالرجل كان حينها مسؤولا عن " مصاحة الثقافة"، إحدى أهم المؤسسات الرسمية التي كانت تجسد هم التعددية الثقافية في سودان مايو.
(12) قال الأستاذ محمود محمد طه لـ " محكمة الردّة" الثانية التي قضى قضاتها الإسلامجية بإعدامه:
" أنا أعلنت رأيي مرارا في قوانين سبتمبر 1983 ، من أنها مخالفة للشريعة و للإسلام..أكثر من ذلك أنها شوّهت الشريعة و شوّهت الإسلام و نفـّرت منه.يضاف إلى ذلك أنها وُضعت واستغلـّت لإرهاب الشعب و سوقه إلى الإستكانة عن طريق إذلاله، ثم أنها هددت وحدة البلاد.. و هذا من حيث التنظير. أما من حيث التطبيق فإن القضاه الذين يتولون المحاكمة تحتها غير مؤهلين فنيا و ضعفوا أخلاقيا عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية تستغلهم لإضاعة الحقوق و إذلال الشعب و تشويه الإسلام و إهانة الفكر و المفكرين و إذلال المعارضين السياسيين..".
(13) يفسّر سليمان بلدو و عشاري محمود "مذبحة الضعين"، التي ذهب ضحيتها عشرات المئات من الدينكا، بتواطؤ السلطات الحكومية مع الرزيقات و المسيرية و تسليح مليشياتهم ضمن سعيها " لتقويض دعن الجيش الشعبي بين الدينكا". أنظر سليمان بلدو و عشاري محمود، مذبحة الضعين، الرق في السودان، إنتهاكات حقوق الإنسان في السودان، 1987، ص 59.
(14) أنظر: حسن موسى " حوار مع مكي سيدأحمد: الخروج على السلم الخماسي خروج على الطابع الوطني" في " الأيام" 11 ـ 4 ـ 1975
و حسن موسى ، " حوار مع جمعة جابر" في " الأيام"، 17 ـ 4 ـ 1975 .
أنظر جمعة جابر:" تراثنا و مفهوم السلم الخماسي"، وزارة الثقافة ، فبراير 1979.
(15) يقول محمد المكي إبراهيم: ان الأدباء السودانيين عرفوا في التركية بأن العصر ( العثماني) لم يعد يسمح باستخدام اللهجة الدارجة( عربية عهد الفونج) في المؤلفات و المكاتبات و الفتاوي، و قد دفع بهم التحدي الجديد " في سباق لاهث و سريع على الإلمام بأصول اللغة".."و كنتيجة أولى لهذا السباق اكتسب السودان عقلية " الأجنبي على اللغة".."فوضع حدا لحريته في الإبتكار و التعديل و شرع في التعامل مع القاموس..".أنظر : محمد المكي ابراهيم، الفكر السوداني،أصوله و تطوره، ص 13.إدارة النشر بمصلحة الثقافة، وزارة الثقافة و الإعلام 1976 .
(16) هوية الغابة و الصحراء في نظر محمد عبد الحي عمل واع لإستعادة " الدم الإفريقي و دراسة ذلك الجانب من ميراثنا و الذي أهمل لمدة، و أعني التراث الزنجي" أنظر محمد عبد الحي في " الرأي العام" 24 ـ 12 ـ 1973 .
(17) تبدو " شجرة نسب" البلاغة السودانية في أفق رواد تيار الغابة و الصحراء ضاربة بجذورها في عربية عهد السلطنات المتكنـّزة في تلافيف الوثائق و المخطوطات و المحفورات مرورا بعربيات التركية و المهدية ، حتى عامية مثقفي المدينة في تبني طمبل و مدرسة الفجر وصولا إلى عربية المجذوب.
(18) عبد الله علي ابراهيم في مقالته السديدة عن الآفروعروبية يرى " خطة الآفروعروبيين لإستخدام المكون الإفريقي لديهم و حقوق الجنوبيين" كمجرد " حيلة" سياسية لا تنطلي على الغلاة من الدعاة الإسلاميين الذين " يرون الليبراليين من الآفروعروبيين إنما يدسّون مشروعهم العلماني وراء تظلمات الجماعات الإفريقية غير المسلمة" أنظر عبد الله علي ابراهيم" حول مسألة الأقليات في الوطن العربي: الآفروعروبية أو تحالف الهاربين"، في " المستقبل العربي، العدد 119 ، يناير 1989 .
(19) " الإسلام السوداني" مفهوم غامض فحواه أن الإسلام قد خضع لبعض السودنة و " التمازج" مع معطيات الثقافات الإفريقية بما يجعل منه " وصفة " ناجعة من أجل كيمياء " وحدة وطنية" تمازجية " و آفروإسلامية". و هذا " الإسلام السوداني ينطرح ضمن الواقع السياسي الراهن كلقية آيديولوجية ساحرة يحتفي بها المحتفون و يفرح بها منظـّرو هوية التمازج باعتبارها البلسم المضاد لإسلام الأصوليين و الجبهجية، مثلما هي، في نفس الوقت،تشكّل نوعا من مدخل مقبول نحو الإستكانة السياسية في جوار الطائفية ضمن ملابسات التحالف السياسي ( التكتيكي؟) الراهن المتخلّق في تجمّع للمعارضين يلم البسار السوداني و الطائفية و حركة قرنق و غيرهم ضمن خندق واحد (إلى متى؟).و أعتقد ان موضوعة " الإسلام السوداني" تستحق الفحص المتأنـّي ـ و قيل الإسترابة ـباعتبارها واحدة من وسائل آيديولوجيا التمازج المفخخ بالدين، و ذلك بقدر ما تفترض إسلاما خارج التاريخ.إسلاما فولكلوريا يطيل من عمر مؤسسات الطائفية و يبرّر نقد الأصوليين و مشاريعهم. ثم هي ـ موضوعة " الإسلام السوداني" ـ تستحق الإشتباة بقدر ما تفترض سودانا خارج الإسلام.ذلك ان تقنيات الإتصال الراهنة المتاحة و واقع الأزمة الثقافية و منطق الإلحاق المتكامل كلها عوامل تفجر الحواجز التقليدية و الحدود الثقافية الإصطلاحية بين " إسلامات" المسلمين من المغرب حتى إيران ( و قيل حتى الصين).إن إسلام" الترابيين" إنما ينطرح كجزء من الإسلام السوداني مثله مثل إسلام الأنصار أو إسلام الختمية أو إسلام الجمهوريين. و كل اسلام بين هؤلاء لا ينطرح بمعزل عن تيارات الإصلاح الإسلامية الكبرى التي ظلت تهز المجتمعات الإسلامية منذ القرن التاسع عشر.إن موضوعة " الإسلام السوداني" تستحق الإسترابة بقدر ما تستنكف عن نقد الإسلام على ضوء معطيات الواقع المعاصر، و بقدر ما يتخفـّى منظـّروها في لباس الأكاديميين "الإسلامولوجيين" المتجردين عن الغرض السياسي و الواقفين ـ خارج الإسلام ـ على حياد فكري " إيجابيته" ترجـّح تلقائيا نحو مراجع الإسلام و العروبة.
(20) إن " العودة " إلى الجذور الإسلامية" تحولت إلى " تصحيح " مجمل تاريخ السودان، وبأثر رجعي، على طريقة عبد الله محمد أحمد وزير إعلام الإسلامجية الذي " أمر أن تكسى تماثيل الفراعنة المعروضة في المتحف القومي لأن عريها مستفز..و ذهب إلى حد طلب إزالة كا ما يمثل التراث المسيحي من المتحف لأن تاريخ السودان ـ كما يحب أن يراه ـ هو تاريخ الإسلام فيه." فتحي عثمان، من رسالة شخصية ، 1991).
صورة العضو الرمزية
ÚÕÇã ÃÈæ ÇáÞÇÓã
مشاركات: 814
اشترك في: الأحد أكتوبر 23, 2005 4:48 am
مكان: الخرطوم/ 0911150154

مشاركة بواسطة ÚÕÇã ÃÈæ ÇáÞÇÓã »

شغل جنينة وكيل الوزارة :
لن انسي يوم مجيء مدير عام السجون لتفقد احوال المعتقلين وقد اعتاد زيارتنا مرة كل شهر ، وكان علي الدور بطلب شيء من البصل ، والبصل في المعتقل بمكانةأكسير للحياة والشفاء من كل سأم وداء علما بان لا قدرة للواحد منا علي ابتلاع لقمة من طعام تعافه النفس يقدم لنا بالسجن ايامها الا ان كانت رائحة شيء من البصل لصق الانف وحين كرر مدير عام السجن قبل ختام زيارته ،ان كنا نريد شيئا ؟ .. صعب علي ان اطلب بصلا بدلا من عن ان اطالب بحقوق الانسان فلكزني من سبقني في الطلب حتي قلت بصوت لم اصدق انه خارج من حنجرتي (سعادتك .. نريد شيئا من البصل ).
فجييء لنا ببضع بصلات اخذت شقفة من واحدة منها وزرعتها تحت زير الماء لأرى شيئا اخضر وحينما نمت اسماها رفاق المعتقل " جنينة الصلحي " ...
هذا يا صاحبي نذر يسير مما جري لي كوكيل دائم والدائم هو الله ناهيك عن كثير من كثير لحالات القلق والاكتئاب والدبرسة التي اصبت بها وقت ذاك من جراء التعذيب النفسي وتحقيق مستمر معي برئاسة الامن طوال شهر بحاله عند بدء اعتقالي اذ كنت استدعي يوميا قبل موعد الافطار بقليل واساق الي رئاسة الامن بالخرطوم حيث ابقي بزنزانة لاعاد منها الي كوبر الي قرابة وقت السحور واسئلة رجال الامن لعلمك رتيبة تتكرر ولا احد منهم يريد ان يصدق ان لا دخل لي بما حدث في حركة انقلاب 75واني ما كنت ادري ان ابن عم لي هو من قاد تلك الحركة الا لاحقا عقب افشالها ....
الصلحي ـ من حوار بصحيفة البداية الخرطومية ـ الجمعة 30 نوفمبر 2007
صورة العضو الرمزية
ÚÕÇã ÃÈæ ÇáÞÇÓã
مشاركات: 814
اشترك في: الأحد أكتوبر 23, 2005 4:48 am
مكان: الخرطوم/ 0911150154

مشاركة بواسطة ÚÕÇã ÃÈæ ÇáÞÇÓã »

وهذا المقتبس :
هذا كتاب بديع. ووفرت مناقراته فرصة طيبة لمراجعة عقيدة هجنة ثقافة عرب السودان التي ذاعت في الستينات. وتجسدت هذه العقيدة في مصطلح "الأفروعروبية" الذي اثمر مدرسة الخرطوم في الفنون الجميلة والغابة والصحراء في الشعر والثقافة عامة. وأثمر في الساحة السياسية والحكومية مصطلح "الجسر بين العرب وأفريقيا.وهو جسر جاءتنا عن طريقه بنوك عربية ومعاهد دينية غرضها نشر الثقافة العربية الإسلامية. بينما لم يأتنا من أفريقيا عبر هذا الجسر شيء مذكور !

عبد الله علي ابراهيم ـ في مقدمته لكتاب "المناقرات: خلافات ومراجعات في العامية." لعمر شاع الدين
https://www.sacdo.com/web/forum/forum_posts.asp?TID=1587
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

للوصل خفايا
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

كسح و مسح في حديقة شوك كردفاني قديم

مشاركة بواسطة حسن موسى »

كدي شوفوا الرابط دا

https://www.youtube.com/watch?v=8xklV3ygdgY

https://www.youtube.com/v/8xklV3ygdgY


سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

جنجويد بيزنيس

مشاركة بواسطة حسن موسى »

جنجويد بيزنيس
تحت شعار " الحقول اشتعلت قمحا و وعدا و تمني" !






صورة





سأعود
صورة العضو الرمزية
ÃÈæ ÈßÑ ÕÇáÍ
مشاركات: 236
اشترك في: الاثنين يوليو 28, 2008 11:15 am

مشاركة بواسطة ÃÈæ ÈßÑ ÕÇáÍ »

سلام يا حسن، قالوا الما عندها ضنب يحاحي ليها ربونا. شايف الجماعة بهناك شغالين محاحاة تقيلة خالس بالحق و الباطل عن الرفيق السابق ع ع اٍ. ربنا يقيّض لود المكي من يحاحي عنه.

مع التحيات الطيبة.
أرض الله ما كبْوتة
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

Janjaweed Business

مشاركة بواسطة حسن موسى »

Janjaweed Business 1




صورة










قال لي فارس الجنجويد : هاتها
قلت أسورتي ؟
قال لي هاتها.
كنت وحدي
كنت خائفة ً
والمخيم كان بعيدا
والبنات اختفين وراء السياج
قلت خذها ؟
وبسطت يدي
سطع البرق من يده
ورأيت يدي وهي تسقط في الرمل هامدة ً
ورأيت غزالا يولي
ودم أحمر يصبغ الرمل حولي
قال لي فارس الجنجويد : أرفعيها











سلام يا أبوبكر
كتبت :
"
__________
سلام يا حسن، قالوا الما عندها ضنب يحاحي ليها ربونا. شايف الجماعة بهناك شغالين محاحاة تقيلة خالس بالحق و الباطل عن الرفيق السابق ع ع اٍ. ربنا يقيّض لود المكي من يحاحي عنه.
.."
ياخي و الله غلبنا معاك حيلة.و ترجمتها " قلنا تيس قال أحلبوه". و ما فهمته من تعليقك أعلاه هو أن موقف عبدالله و موقف محمد المكي ابراهيم كلو صابون في صابون.طبعا عندك الحق تقول رأيك. لكن يا أبوبكر السطرين بتاعاتك الفوق ديل ما بخارجن معانا. عشان أنا افتكر إنو موقف عبد الله علي ابراهيم و موقف محمد المكي ابراهيم كلاهما على قدر من التركيب الوجودي و المفهومي و السياسي عظيم. و من المستحيل اختزال أي منهما لسعة الأدوات المفهومية البدائية التي يسعى بها ونـَّاسة الأسافير المستعجلين على دفننا بليل بذريعة أننا جميعا ، و بدون أي فرز ، مجرد صفوة مثقفة أدمنت الفشل لا يرجى منها.و أن خلافاتنا لا تصدر عن مبدأ، و أن مؤسساتنا المدنية و السياسية غير مفيدة، و أن تقاليد عملنا السياسي و ميراث حركتنا الفكرية صفر كبير إلخ.و ونّاسة الأسافير [ حتى لا أقول " مناضلي الكيبورد" ] هم نفر من عيال الطبقة الوسطى العربسلامية الذين اكتشفوا في العمل العام على شاشات الحواسيب منفعة تأثيث الخواء الوجودي لواقع الدياسبورا المذنبة، و وجدوا في ثنايا الشبكة العنكبوتية يوتوبيا الحرية الجديدة في الجهر بالهواجس و الهلوسات و أنواع الأدب الفالت من قيود الذوق و أنواع الغرام العاير خبط عشواء فعشقوا و كرهوا و تزاوجوا و تناسلوا و بنوا الأحزاب و المنظمات العابرة للقارات و فيهم من بشر بديانات جديدة و خلصوا لقناعة أنهم هم صوت الشعب و ضمير الأمة. كل ذلك بجاه البكاسل الرخيصة و الأجر على الله . "هؤلاء الناس" المتأففون من الآيديولوجيا [ ترجم من "الصراع الطبقي"]، كانوا يحلمون بـ " ربيع عربي" محمي من قبل قوات حلف الأطلنطي ، أو ،على الأقل، بديكتاتور عسكري عادل، فوق الأحزاب و فوق الآيديولوجيات، يفرض النظام و الضبط و الربط و يحمي مصالح طبقتهم و يصون امتيازاتهم الآثمة.
لو عنّ لك أن تنضم لونـّاسة الاسافير فبطريقتك ، لكن يا ابوبكر أنحنا هنا في منبرنا دا ما مستعدين نقبل أي كلام ساكت بدون " صياغ". و عشان نجنب عيال المسلمين طق الحنك الفارغ ، أنا طالبك تفرز لينا " الصياغ" المفهومي الإنت بنيت عليهو التطابق بين موقف عبد الله و موقف محمد المكي ابراهيم الأخير دا. طبعا لو عاوز تبسط الحكاية ممكن تقول مع وناسة الأسافير إنو عبد الله علي ابراهيم عميل لنظام الإسلاميين و محمد المكي ابراهيم محتال باع نفسه للجنجويد .و في المشهد دا عندك قائمة طويلة من المفكرين و الأدباء و الفنانين السودانيين الذين رمت بهم ملابسات السياسة السودانية عند ابواب السلاطين.فلو رميتهم كلهم" في مزبلة التاريخ"، كما تقول العبارة المريبة، فستلقى نفسك قاعد امفكو،بلا ذاكرة و بدون ميراث، عشان تاريخ الحركة الفكرية و الجمالية، في مجتمعنا ، و قل في مطلق مجتمع، يتكون من جملة المساهمات التي يختلط فيها الغث و السمين و تتشابك فيها الإشراقات مع الحسرات بأسلوب بالغ التركيب.و مجمل تاريخنا سينسرب من بين أيدينا مالم نتصدى له بالفرز النقدي القادر على تفهم التناقضات و المفارقات التي تعصف بوجداننا الجمعي. و من ضرورة الفرز يجدر بنا أن نتحرى الأدوات الأكثر كفاءة لعقلنة مواقف هؤلاء و أولئك من الأشخاص المؤثرين على مسارات الحركة الإجتماعية. أقول قولي هذا و أنا واع بمحدودية و تواضع الأدوات التي في حوزتي اليوم ، لكن تفاؤلي كبير بأن هناك أشخاص يقاسمونني قناعة الفرز النقدي سيبادرون ، كل بطريقته، لجعل المشروع النقدي حقيقة فاعلة في مشهدنا الإجتماعي. و خلاصة كلامي دا إنو ما عندنا مفر من إنو نرجع نحاحي عيال المسلمين عن هذاالشاعر الضليل الذي أدركته مذلة أرذل العمر فلم يعد يدري كوعه من بوعه، و لو يوم ، لا قدر الله يا أبوبكر لقيناك وحلان في طين السياسة السودانية فسوف نمد لك يد العون، و فيها نحاحي ،.و أهلنا قالوا " السطران في ذمة الواعي" و كدا!.

سأعود
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]
سلام يا حسن موسى،

مع أني لي مدة ما بنتا (بظروفي..!)، إلّا أنني كنتُ في رغبة جارفة لرفع هذا البوست العملاق، رغبة ربما!، في توظيف مراويده تكوى بها جباه مَن تقـزّموا وما التزموا ..! عسى أن يلزموا - ربما - مسؤولية العملـَقات المجّانية وكدا.

عديلة تبْ، البوست ورفعوه..

وسأعود




.............

[align=justify]
صورة العضو الرمزية
عبد الخالق السر
مشاركات: 202
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 6:39 pm

مشاركة بواسطة عبد الخالق السر »

حسن والاخوة بالمنبر سلامات

بمناسبة تبسيط الحكاية وكدة هاك الاسهام "النقدي" للاخ أبوجودة في كتاب عبد الله علي ابراهيم والموسوم ب"الشريعة والحداثة":

[size=18]
[size=18].... يخرج بعدها الى تقريظه الكبير لمسيرة قضاة الشرع السودانيين في مكايدة لا تخفى ضد الإخوان الجمهوريين..!


لاأدري حقاً أن كان الاخ أبوجود قد قرأ كتاب Manichaean Delirium لدكتور عبد الله أم أن رأيه مجرد تخمين. فالكتاب ليس باي حال من الأحوال
يقوم على مكايدة الاخوان الجمهوريين أو تقريظ القضاء الشرعي بقدر ما أن موضوعته الاساسية التعرض بالنقد للمؤسسات التي خلفها الاستعمار ودورها في تقويض مشروع الحداثة الموعود، هذا بغض النظر عن اتفاقي من عدمه مع المدخل الذي اختاره المؤلف لتبيان وجهه نظره. فالكتاب يحتوي على 430 صفحة ويتكون من 8 فصول، وهناك فصل وحيد من 44 صفحة يتعلق بمحاكمة الاستاذ محمود محمد طه، لا يخرج عن السياق العام الذي يقوم عليه مجمل الكتاب. والكتاب (الاصل) كما هو معروف باللغة الانجليزية- ولا ادري كيف يكون موجها لمكايدة الاخوان الجمهوريين الناطقين بعربية مبينة! وهو جهد اكاديمي خالص بغض النظر عن محتواه والذي هو بالطبع عرضة ل"مبضع" النقد والنقد الجاد كمان.
وقد أوضح المؤلف مدي الجهد والمعاناه في أخراج هذا الكتاب باللغة الانجليزية موجزا ذلك في عبارة بليغة (مرفقة) بأن (الكاتب بلغة غير لغته الام هو في مقام "المتسول" للمفردات). وهذا بمنطق الاشياء ليس شأن المكايدون.



[align=left]Manichaean Delirium
Decolonizing the Judiciary and Islamic Renewal in Sudan, 1898–1985
By
Abdullahi Ali Ibrahim
LEIDEN • BOSTON
2008


A writer in other than his mother tongue is a beggar for words. And
John Bullion,
a proud Texan and a shepherd of idioms gave this writer, a non-native speaker of English, a herd of words and various beautiful things. This book is dedicated to him in acknowledgement of his jamil (beautiful deed).


CONTENTS
Acknowledgements ............................................................................ ix
Abbreviations ...................................................................................... xiii
Orthography ....................................................................................... xv
Glossary ............................................................................................... xvii
Introduction
Decolonization: Toward a Musical Approach to Religion ...... 1
Chapter One
In the Shoes of the Colonized ..................................................... 59
Chapter Two
A Tale of Two Courts: The Sharia of Allah and the
Custom of the Patriarch ............................................................... 115
Chapter Three
President Ismail al-Azhari, 1965–1969: The Politics of
Moral Injury ................................................................................... 165
Chapter Four
Nimerie’s Instant Justice: Tongue of God and the Rogue ....... 221
Chapter Five
The Qadis and Mahmoud M. Taha: Towards an
Economy of Vendetta and Martyrdom ...................................... 273
Chapter Six
Growing Up in a Qadi’s Home: Hasan al-Turabi
and his Theology of Modernity ................................................... 323
Conclusion
The Difficult Birth of the Unified Judiciary .............................. 367
Bibliography ........................................................................................ 395
Index .................................................................................................... 411


[size=Font Size]
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]

لاأدري حقاً أن كان الاخ أبوجود قد قرأ كتاب Manichaean Delirium لدكتور عبد الله أم أن رأيه مجرد تخمين. فالكتاب ليس باي حال من الأحوال، يقوم على مكايدة الاخوان الجمهوريين أو تقريظ القضاء الشرعي بقدر ما أن موضوعته الاساسية التعرض بالنقد للمؤسسات التي خلفها الاستعمار ودورها في تقويض مشروع الحداثة الموعود،


سلامات يا عبدالخالق،

الحقيقة إنني لم أقرأ كتاب الدكتور عبدالله، ولكنني قرأتُ له سلسلة مقالات تتعلق بموضوع "المكايدة"، استنتاجاً من "روح المنطق الداخلي" لمقالات الدكتور ال "ميسوري" وكدا ده.

وبعدين، يا عبدالخالق، فأنا "كمان" لا أدري حقا حقاً ..! ما إن كان الجهر بمكايدة الدكتور للإخوان الجمهوريين، في مقالاته تلك، المنشورة قبل سنوات بـSudanile، هو الكمد الوحيد الذي التقاك، في تناولي لتناولات الدكتور ..؟ ما جعلك حاقناً بهذا الشكل في " قياس" إسهامي النقدي - على علاّتِه - في " معبودك ربما" د. عبدالله علي إبراهيم!

وعلى أيٍّ، هو إسهامي، الذي عليه رَكـّي، حتى يستبين لي صُبح عبدالله، أو ظلامو! سَـيّان كان المتناوَل كتاب الدكتور بلغة "يتسوّل مفرداتها" وفقما يزعم! أو بمقالات باهظات، فصيحات، بليغات شغيبات سنينات؛ ولا أظنّك، يا عبدالخالق، لم تمُرّ عليهنّ مرور الشياب؛ أعني تلكم المقالات العبدلاّبيّات.

مع التحايا للدكتور وليك ولكل مَن مَــرْ واستمرّ مريره أو ارعوى وسنو.


.........




صورة العضو الرمزية
عبد الخالق السر
مشاركات: 202
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 6:39 pm

مشاركة بواسطة عبد الخالق السر »

يا ابوجودة سلامات

أنا لمن كتبت كلامي ده ما بهتك، بقدر ما أني كنت معاتبا على عدم الدقة. وإنت هسة بعضمة "كي بوردك" أكدت كلامي لمن قلت انك في الحقيقة ما قريت الكتاب. تشكر على الشجاعة دي، بس كان كمان تتم جميلك وما تبهتني وتقع مرة تاني في التسرع وعدم الدقة كما هو الحال في السطور الاخيرة من تعليقك: هسة عليك الله الجاب "الكمد" و "الحقن" و "معبود" ... شنو؟

ياخ صحيح أنا ما كاتب مشهور زي حسن موسى ولا عبد الله علي ابراهيم أو غيرهم من الاسماء الرنانة، بس لكن لو شوية تعبت نفسك ورجعت لبعض مقالاتي في هذا المنبر لأكتشفت كم أنت متسرع في حكمك عليّ.

مرة أخرى لو كنت بنيت رأيك على "مكايدات" (سودانايل) كان بكون مفهوم لدي وما كان اتداخلت من أصله. ده رغم قناعتي المؤكدة أنه ما كل نقد طال الاخوان الجمهوريون أو منصور خالد من قبل عبد الله كان من باب المكايدة، ولكن على كل هذا موضوع أخر أرجو أن يأتي يومه.

تحياتي
عبد الخالق السر
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

أشرافبيزنيس دوت كم

مشاركة بواسطة حسن موسى »

أشرافبيزنيس 1


صورة
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

التقى جيل البطولات بجيل التضحيات

مشاركة بواسطة حسن موسى »

كتب عبد اللطيف علي الفكي في فيسبوك

Abdelatif Ali Elfaki

"
لـماذا يصنع المثقف أياماً صعبة تبقى كعوائقٍ في تلقي الناس لثقافته وماضي ثقافته، مع نظام ٍ قاتلٍ لشعبه مثل هذا النظام الفاضحة أعمالـُهُ تكيلُ سوءاً كل يوم؟ هذا السؤال للطيب صالح، ومحمد المكي إبراهيم، وعبد الله علي إبراهيم، وبشرى الفاضل، ومحمد وردي، وحُميد يجلس بجانب البشير ومحمد جبارة يغني في المسرح "عفارم عفارم" من كلمات حُميد، و و و إلى آخره من تورَّطوا في تثبيت قدَمَ كذبٍ لحكومة الإخوان المسلمين وهي تحكم وما زالت مدةَ 25 سنة."

سأعود
بشرى الفاضل
مشاركات: 353
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:31 pm

مشاركة بواسطة بشرى الفاضل »

يا حسن إذا كان عبداللطيف قد اورد اسمي فيكون هو
وأنت وغيركم تزجون باسمي وسط من تصالحوا مع النظام بلا طائل.
ظللت طيلة عمري أقف ضد الأنظمة العسكرية ولو انني استلمت جائزة الطيب صالح للقصة القصيرة عام 2012 فهي جائزة لم تنظمها حكومة الإنقاذ. يبقى مسالة السلام على نائب الرئيس لانه قدم الجائزة هذا السلام الذي تقيمون به يومياً مقصلة بينما موقفي من الإنقاذ هو القطيعة التامة .لقد ظللت طيلة 25 عاماً اكتب مقالات سياسية ضد الإنقاذ ولو انها هي التي قدمت الجائزة بمليون دولار لما شتركت فيها وسأظلعلى موقفي المبدئي وستذهب كلماتكم هذه في حقي أدراج الرياح حين ينصفني العارفون بموقفي الثابث والراسخ ضد الإنقاذ .
صورة العضو الرمزية
تماضر شيخ الدين
مشاركات: 356
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:14 pm
مكان: US

مشاركة بواسطة تماضر شيخ الدين »

عزيزي الفاضل بشرى الفاضل

انا تماضر دي ..واثقة من نواياك تماما وأعلم أن هؤلاء الدبوماسيين السودانيين كثيرا ما يدسون أنوفهم

في الأحداث الأدبية والابداعية حتى يتاح لهم أن يلوثوا سمعة الأشخاص الذين يقفون ضدهم ويعملون على دحرهم وازالتهم

وليس هنالك ما يؤلم في مثل هذه المواقف الا أن يخذلك الاصدقاء ( ويتغابوا فيك) وفي سليم نواياك العرفة

أنأ شخصيا أقف في صفك وأتخيل عظامة حزنك وألمك ...وأدعمك وأشيد بك!!


والانسان يحتمل ويصبر على أشياء كثيرة ، كفانا أننا تحملنا الغربة والشتات وضياع الوطن وموت الاحباء والظلم الحائق بالناس،

ولكن مثل هذه المواقف التي يطعن فيها الآخر في مبادئك الشخصية، والمعنى الوحيد الذي تعيش من أجله كل يوم،

قد تقود الشخص للانزواء والاكتئاب والعزلة وحتى الانتحار الموت ...

لأنه احساس بالظلم لا يحتمل
وجرح لايندمل...

وخصوصا عبر الانترنيت ...حين يقرأ عنك -القاصي والداني يقرأ ويمضي لاهله حاملا عنك مفهوم لم تتمنى في يوم أن تكونه ..
هذا مالا تستحقه

يا بشرى الفاضل أنا أحبك وأحترمك واؤمن بك
وأقر بأنك غرر بك وأفهم انك لم تكن على كامل العلم بالفخ الذي زرعوه لك ..
ولم يكن في نيتك المشاركة في عمل ينتقص من ابداعك ومجهودك ونواياك
بل ولتصورك للمواقف التي تحب أن تكون فيها وضمنها أومبتدع لها.



هل ثمة آخرين؟؟

أتمنى ذلك..
أضف رد جديد