نشأة "الإسلام" : قراءة مغايرة و مدهشة!!!!!!

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ
مشاركات: 267
اشترك في: الأحد مايو 22, 2005 9:57 am
مكان: كندا

نشأة "الإسلام" : قراءة مغايرة و مدهشة!!!!!!

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ »

يقدم موريس عايق عرضاً مقارناً للدراسة التى قدمها الراحل سليمان بشير الموسومة "مقدمة فى تاريخ الآخر: نحو قراءة جديدة للرواية الإسلامية" والمنشورة فى القدس فى العام 1984. وتدخل الدراسة فى دائرة ما عرف بـ"التاريخية النقدية". و حسب موريس فإن الدراسة تفصل بين لحظتين معرفيتين هما الرواية الاسلامية "التقليدية" الخاصة بميلادها و نشوءها. هذه الرواية إعتبرها الكاتب "نص إسطورى" لا يمكن الإعتماد عليها‘ هذا من ناحية‘ و اللحظة المعرفية التى تنطلق " من المعطيات الأثرية و البحوث الحديثة التى تناولت الإسلام المبكّر"‘ من الناحية الآخرى.

و بحسب الدراسة فإن "النص الأسطورى"- الرواية الإسلامية التقليدية- إنما تم إنتاجه لاحقاً و من ثم تم إقحامه ضمن فترة تاريخية سابقة لاضفاء شرعية سياسية و دينية لنمط ثقافى بعينه‘ من ناحية‘ و التقليل من شأن "حُكم" الأمويين تحديداً‘ من الناحية الاخرى على نحو ما سوف نرى بحسب عرض موريس عايق.

أيضاً تتعرض الدراسة بالنقد "الصادم" للكثير من القضايا التى حتى وقت قريب و حتى يومنا هذا يعتبرها البعض من البديهات و المسلمات. و من ضمن تلك القضايا:
1- هل محمد بن عبدالله شخصية حقيقة أم وهمية تم "إنتاجها" لاحقاً ضمن الصراع (اليهودى –المسيحى) فى منطقة الهلال الخصيب؟
2- هل ظهر "الاسلام" فى شبه الجزيرة العربية أم حقيقة فى مناطق الهلال الخصيب (الشام)؟
3- كيف نفسر ظاهرة التواجد الكبير للرموز اليهودية و المسيحية فى "الإسلام"؟
4- ما الإسلام؟

و العديد من القضايا و الاسئلة الكثيرة و "الكبيرة" التى لابد أن "تصعق" البعض و بشدة و تهز المياه الراكدة فى مخيلتنا و ربما دفعت بنا نحو آفاق فكرية و معرفية مغايرة أقلها أن نستمرأ البحث الجاد. سنقوم بإدراج النص الكامل فى حلقات قصيرة نأمل أن تساعد فى تسهيل القراءة للراغبين.
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ
مشاركات: 267
اشترك في: الأحد مايو 22, 2005 9:57 am
مكان: كندا

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ »

عودة إلى كتاب "مقدمة في التاريخ الآخر": نحو قراءة جديدة في نشأة الإسلام"

الكاتب: موريس عايق


تظهر حاليا دراسات جديدة (1) تعيد النظر في نشأة الإسلام انطلاقا من المعطيات الأثرية والبحوث الحديثة التي تناولت الإسلام المبكر، دون الاعتماد على الرواية الإسلامية للتارخ تلك الحقبة، بسبب من الالتباسات الكثيرة والقضايا الغامضة وغير المفهومة التي تلابس الرواية الإسلامية.

ضمن هذه الطريق الجديدة التي تشقها هذه الدراسات التي تتعامل مع الرواية الإسلامية كنص أسطوري لا يُركن إليه، يبدو عمل الراحل سليمان بشير المعنون بـ"مقدمة في تاريخ الآخر، نحو قراءة جديدة للرواية الإسلامية"، والذي نشر في القدس عام 1984
عملا بالغاالأهمية وسباقا في مجال دراسات هذه التاريخية النقدية، فهو قد افتتح طريقا لم يسلكها أحد بعده من العرب.

وإضافة إلى الخشية من الإهمال الذي قد يتعرض له عمل بشير وخاصة مع الأسبقية التي يحوزها دوما الوافد الغربي إلينا، فإن هناك سببا آخر لأهمية التعريف بعمل بشير مقارنة بعمل الآخرين. فبشير لا يتجاوز الرواية الإسلامية كما سيفعل بوب،أو كرونه وكوك في عملهما "الهاجريون"، بل سيعمد إلى استكشاف الجذر التاريخي الذي تستند إليه الرواية الإسلامية، والتي تشكل في النهاية المصدر الوحيد الذي يروي لنا بداية الإسلام، بغياب أية وثائق خارجية.

نقد الرواية، وهو المقدمة لأي "تاريخ آخر" كما سيعنون بشير كتابه، هو الخطوة التي ينجزها بشير في مؤلفه هذت، وهذه الخطوة هي مصدر أهمية عمل بشير والأرضية التي سيبني عليها نتائجه، وإن لم يحاول تقديم رواية متكاملة لما حصل على العكس من عمل بوب (والآخرون الذين اشتركوا معه) وكرونه/كوك، إلا أنه يمكننا بناء هذه الصورة عبر نتائجه ومقارنتها مع عمل بوب بشكل أساسي.

--------------------------

فلنبدأ بعرض عمل بشير.
إن إشكالية تاريخ الفترة الأولى من الإسلام تعود لغياب أية أدلة على وجوده قبل فترة عبد الملك بن مروان، بل أن أول الأدلة التي تشير إلى وجود القرآن تعود إلى الربع الأخير من القرن الهجري الأول. مع هذا الغياب تبدو الرواية الإسلامية كمصدر وحيد برغم ما تعانيه من إشكاليات متعددة، فتواريخها مضطربة إلى درجة كبيرة حتى أن المرء يعجز عن إيجاد تاريخ متفق عليه بين مختلف الروايات.

يبدو هذا جليا في قضية مثل عملية جمع القرآن التي تنسب إلى عثمان بن عفان، إلا أنه توجد روايات أخرى تنسبها إلى أبي بكر الصديق أو عمر بن الخطاب، في حين تتحدث روايات أخرى عن عمليات جمع تمت على عهد محمد نفسه. أما الرواية الشيعية فتعطي لعلي بن أبي طالب دورا مميزا في هذا الأمر، بل يصل الاضطراب إلى الحجّاج الذي قام بتنقيط القرآن، وربما بجمعه وتحقيقه كما أشار إلى ذلك الإمبراطور البيزنطي ليو الثالث في مراسلاته مع عمر بن عبد العزيز، وكيف قام الحجاج بإتلاف "كتابات المهاجرين" و"إنه جمع كل كتاباتكم القديمة وألف أخرى حسب ميوله ووزعها على أمتك في كل مكان.... ولم ينج من هذه الإبادة سوى القليل من أعمال أبي تراب لأنه لم يستطع القضاء عليها كليا".

بل يتعلق هذا التضارب بالرسول نفسه، بين روايات ثبّتت أميته وأخرى تجعله يتقن السريانية التي علمه إياها جبريل. فضلا عن إننا لا نعرف بشكل دقيق عدد أبنائه ولا حتى سنة ميلاده أو وفاته.

وتلك هي أيضا حال الروايات التي تتناول نسب الرسول، فهي مضطربة بشكل كبير على العكس من الرواية السائدة والتي تجعله ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، مما دفع بعض إلى اعتباره مجهول النسب. بل أن هناك رواية تُنسب إلى عمر أنه سأله "يا رسول الله مالك أفصحنا ولم تخرج من بين أظهرنا؟ قال: كانت لغة إسماعيل درست فجاء جبريل فحفظتها".

كما أن هناك أحاديث تروى عن الرسول تناسب فترات لاحقة، كما في حديث عبد الله بن عمر "القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدا وإليه يعود"، وكذلك الحال مع الآيات القرآنية، مثل الآية 33 من سورة الإسراء "وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا" والتي تنطبق على قتل عثمان، أو الآية 55 من سورة النور"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" في مسألة الخلافة.

إن نشوء الرواية التاريخية استند إلى الحاجة الدينية مقدما، كما في علم تفسير القرآن (أسباب النزول) حيث سعت الرواية إلى إعطاء الآيات القرآنية مضمونا تاريخيا عبر ربطها بأحداث معينة أو شخصيات، يضاف إليها الحاجة إلى ضبط الإسناد وتوحيده مع ازدياد ظاهرة الحديث عن الرسول والتي ازدادت بكثرة في نهاية العصر الأموي وبداية العباسي (القرن الثاني للهجرة)، على العكس مما سبق حيث كان الحسن البصري يروي دون إسناد.

هذه الرواية –إضافة إلى أسباب أخرى سنأتي عليها- هي التي أعطت المأثور الإسلامي إطاره التاريخي والذي يبدو أنه هو المشكلة برغم محاولات عقلتنه.

-----------------------------------------


إن الإطار التاريخي الذي يبدو أنه يناسب الأحداث هو إطار متأخر عن الإطار الذي تتحرك الرواية الإسلامية ضمنه وهو منتصف القرن الهجري الأول، أي فترة الحرب الأهلية الثانية والتي دارت أحداثها بين المختار الثقفي وعبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان.

فالتقاطعات بين أحداث الرواية السائدة لهذه الفترة والأحداث اللاحقة، كما بين شخصيات الفترتين، كبيرة ومهمة.
تبدو شخصية الرسول وكأنها بنيت على أساس من شخصية محمد بن الحنفية، فكلاهما كني بابي القاسم، برغم نهي الرسول عن أن يجتمع اسمه وكنيته لأحد من بعده، إلا أن الرواية تجد مخرجا في رخصة حصل عليها علي لابنه، وكلاهما لديه ابنة تدعى فاطمة وكنيتها (أم أبيها).

ومن أوجه الشبه الأخرى بين الشخصيتين الحصار الذي ضربه ابن الزبير على محمد بن الحنفية وأهله من بني هاشم بعد رفضه مبايعته، فأرسل المختار "الخشبية" لفك الحصار وفيها صدى لأقوال الرسول ونهيه عن حمل السلاح، وهناك مرويات عن أن الحصار دام ثلاث سنوات.

بعد مقتل المختار يهاجر ابن الحنفية باتجاه آيلة شمالا، وفي رواية أخرى انه هاجر بعد ذهابه إلى الطائف مع ابن العباس، وهنا يدخل عبد الملك مسرح الأحداث ويسمح لابن الحنفية بالدخول إلى أراضيه، فيهاجر إليه بسبعة آلاف ولكن في الطريق لا يبقى منهم إلا 900 في تشابه بيّن مع مسيرة الرسول إلى تبوك والآيات القرآنية التي تتحدث عن المتخلفين.

وعندما حاول ابن الحنفية الحج إلى مكة منعه ابن الزبير (كما منعت قريش محمدا) ولكنه وبعد فتح الحجاج لمكة بسنتين قام بالحج وبعده بثلاثة أشهر مات، وهو ما يتشابه مع سيرة الرسول والذي حج حجة الوداع بعد سنتين من الفتح وتوفي بعدها بثلاثة أشهر.
كما أن العلاقة بين محمد وأبي سفيان عشية فتح مكة تتشابه مع العلاقة التي ربطت كلا من عبد الملك بن مروان ومحمد بن الحنفية.
وهناك أيضا أوجه شبه تربط بين الرسول محمد ومحمد آخر هو محمد النفس الزكية.

وهذا هو أيضا حال عمر بن الخطاب والذي يبدو أن القصص التي وردت عنه اختلطت بروايات لأشخاص آخرين، كما مع عبد الملك بن مروان فيما يتعلق بتعريب الدواوين أو ضرب السكة أو مع شخصية ابن الزبير في توسيعه للكعبة أو الدور المنسوب لعمر في محاولة تقويض صلح الحديبية والذي ربما يشبه هنا ابن الزبير، أو حتى مع عمر بن عبد العزيز.

أما موقف الزبير من علي حيث بايعه أول الأمر ثم عاد وحاربه في موقعة الجمل فهو يشابه سلوك ابنه فيما بعد تجاه محمد بن الحنفية وزين العابدين، حيث أيد أولا الحق العلوي ثم عاد ليطالب محمد بن الحنفية بمبايعته.

أما معركة الأحزاب فتبدو وكأنها إعادة صياغة لمعركة الحرة التي شنها يزيد ضد المدينة، فالمدافعون عن المدينة تحصنوا في خندق الرسول ويزيد رآها ثأرا لأهله الذين قتلوا على يد أهل المدينة، وكذلك فيما يخص الطابع السري للدعوة الإسلامية في بدايتها. ففي قصة إسلام أبي ذر يبدو أن اسم الرسول ومكانه كانا غير معلومين، وهي تعكس أجواء الحركات الشيعية السرية في العهد الأموي.


-------------------------------------


أما فيما يتعلق بروايات فتح مكة (وقد يكون الفتح الفعلي هو القضاء على ابن الزبير) فهي تبدو غامضة ويحضر فيها أطراف ثلاثة، الرسول وأبو سفيان والقرشيون، و يظهر الأخيرون وكأنهم مختلفون عن أبي سفيان، زعيمهم المفترض، الذي فاوض النبي.
وبعد الفتح تسلم الأمويون كافة مقاليد الدولة الإسلامية، وشكلوا هم وحلفاؤهم قادة ألوية الجيوش التي حاربت القبائل المرتدة والتي كان من ضمنها قبائل مسيحية، مما يناقض الصورة التي تقدمهم فيها الرواية الرسمية كمهزومين. بل أن حروب الردة والتجهيز الذي سبقها والأعداد التي خاضتها تجعلها غير مناسبة للفترة التي تتحدث عنها بل أقرب إلى أجواء احتلال منظم قام به الأمويون في الشام للحجاز وإخضاع القبائل العربية، بعد قضائهم على ابن الزبير.

إن الرواية الإسلامية، وقد كتبت في العصر العباسي الأول، قامت بإضافة الفترة الراشدية إلى التاريخ الإسلامي من أجل الانتقاص من شرعية الحكم الأموي ومنجزاته في مجال الفتوحات وجمع القرآن وغيرها، عبر إيجاد حيز تاريخي يمكن أن توضع فيه هذه المنجزات وهو ما تم بإضافة فترة الخلفاء الراشدين الأربعة، وربما وبشكل خاص تشير موافقات عمر إلى التعديلات التي أدخلها الأمويون على الصلاة وعبادات ومسائل تشريعية أخرى. وحشر الفترة الراشدية بشكل قسري بين الرسول من جهة والأمويين من جهة أخرى كان هو السبب في أكثر الظواهر اضطرابا. وهكذا علينا أن نعيد قراءة الأحداث ضمن إطار تاريخي مغاير للذي تقدمه الرواية السائدة، وان يكن معكوسا بشكل ما ضمن أحداثها.

فالخلفاء الراشدون ربما عاشوا في المدينة بعد وفاة الرسول ومارسوا بعضا من الصلاحيات في المدينة ولكنها كانت صلاحيات وكان ذلك أساسا بموافقة الأمويين- ربما بسبب تحالف الرسول معهم- وتحت إشرافهم وهو الأمر الذي تنعكس ملامحه في الرواية الإسلامية. فعمر لا يسيطر على مواسم الحج، وعثمان يستنجد بمعاوية مما يعني أن المدينة لم تكن تملك المقومات العسكرية كعاصمة، بل أن هناك أدلة على أسبقية الشام فعثمان كان يرسل المعارضين إلى معاوية، كما أن معاوية خاطب علي "أهل الشام حكام لأهل الحجاز"، حتى انه تنسب إليه تهديدات للصحابة بشأن عثمان.

-----------------------------------------
أما الروايات التي تتحدث عن البيعة بعد الرسول فهي تشير إلى دور أموي في اختيار أبي بكر تحت قوة الوجود العسكري للأمويين، مما اقنع الأنصار بالخلود إلى السكينة.

وفي أحداث السقيفة، ستظهر جميع التيارات التي ستشكل فيما بعد التيارات المعارضة للأمويين والتي ربما تمثل التيارات اليهودية –مما يلفت الانتباه في هذا الشأن هو أن الشوام كانوا يعيرون الأنصار خلال وقعة الحرة بكونهم يهودا رغم أنه من المفترض أن اليهود في هذا الوقت كانوا قد أخرجوا من المدينة، كما أن معاوية عير سعد بن عبادة احد قادة العلويين وابن زعيم الخزرج بكونه "يهوديا ابن يهودي"/ فكان أن رد عليه "وثني ابن وثني"- في المدينة التي التفت حول علي.

وملابسات مقتل عمر بن الخطاب تشير إلى معارضة قوية للأمويين من طرف العلويين والزبيريين والعناصر اليهودية في المدينة. مما دفع الأمويين على ما يبدو إلى تشديد قبضتهم بالانتقال إلى الحكم المباشر عن طريق العناصر الموالية لهم ممثلة بعثمان.
إلا أن الغموض يحيط بعثمان بن عفان نفسه والذي ربما شكل مخرجا راشديا- سلفيا للجوانب الايجابية في الدور الأموي ونوعا من حلقة تبريرية لانتقال السلطة إلى الأمويين، إلا انه من جانب آخر يتقاطع كثيرا مع شخصية أخرى وهي عثمان بن محمد بن أبي سفيان عامل المدينة الأموي، والذي وثب عليه أهل المدينة وأخرجوه منها، مما كان المقدمة لمعركة الحرة، حيث دافع أهل المدينة عنها في خندق الرسول،كما يشار إلى أن مروان بن الحكم وابنه عبد الملك كانا ضمن من أخرجوا من المدينة، كما كانا سابقا ضمن من أخرج منها في الفتنة الأولى.

كما أن معارضة عثمان -عبد الله بن مسعود مثلا- سوغت موقفها بأمرين وهما توسع الحكم الأموي، الذي أشير إليه عن طريق تولية عثمان لأقاربه عمالا وولاة، والمعارضة لفرض صيغة موحدة للقرآن ما يوحي بدور عبد الملك في فرض صيغة نهائية للإسلام، تلك التي دخلتها عن طريق الأمويين تأثيرات مسيحية.

يبدو أن الإسلام تشكل بشكل معكوس لما تقدمه لنا الرواية السائدة فهو لم يخرج من الصحراء إلى الهلال الخصيب، بل يجب النظر إليه على انه نشأ كحاجة لحماية وتثبيت الاستقلال الذي قام به الأمويون في الشام عن البيزنطيين، وتوسيع سلطانهم باتجاه شبة الجزيرة وتوحيدهم الهلال الخصيب.

هنا نلحظ فترتين متمايزتين في الإسلام ، الأولى والتي تعكس تأثيرات يهودية وهذا ما أشار إيه كثير من الباحثين كاسم الرحمن وصيام عاشوراء (والذي سيكون يوم مقتل الحسين). وربما أثرت على محمد في الفترة المبكرة من دعوته مجموعة يهودية ذات معتقدات يغلب عليها طابع التصوف والرهبنة مخالفة بذلك اليهودية الرسمية التي كانت سائدة في المدينة.
كما أن هذا الإسلام الأولي حمل معه عداء صريحا للأعراب.

---------------------------------------------


ومفهوم الهجرة المرتبط بالإسلام الأولي كان مفهوما غامضا، وربما يدل على فئة اجتماعية متمايزة، فالرسول كان يميز في رسائله إلى أمراء السرايا بين المهاجرين وأعراب المسلمين، لكن ومع تحول الإسلام إلى دين الدولة توجب فتح باب الهجرة للجميع كما فعل عمر بن عبد العزيز.

أما الفترة الثانية والتي بدأت مع تبني الإسلام من قبل الأمويين، فقد ما أدت إلى بروز تأثيرات مسيحية فيه، كما في تعبير "الرسول" وهو تعبير مسيحي ظهر إلى جانب تعبير النبي. بل أن كلمة "حنيف" والتي أشير عبرها للإسلام كدين العرب الحنيف الذي أسسه إبراهيم، هي بالأصل كلمة أرامية تعني "وثني"، وقد استخدمتها الكنيسة البيزنطية للدلالة على المذاهب المنحرفة والمنشقة.

أما معاوية فقد توج على جبل الجلجلة عند موقع كنيسة جيتسمياني، وعمر بن عبد العزيز لقب بالراهب واختار دير سمعان مدفنا له، كما كني الأمويين من قبل خصومهم ببني الأصفر، ومما يلاحظ انه في الشام لم تكن هناك معسكرات لجيوش الفتح كما في العراق أو مصر، بل كانوا يعيشون في المدن القديمة مع أهلها الأصليين- وربما كانوا هم من أهلها الأصليين- وكانوا يشاركونهم دور عبادتهم –كنائسهم- وذلك بتحويل نصفها إلى مساجد لهم.

وهناك واقعة مهمة في هذا الصدد، وهي الحرب التي استأنفها الروم مع العرب بسبب ضرب عملة خاصة بهم بحسب ثيوفانس، إلا أن الرواية الإسلامية تؤكد أن ما أثار حفيظة الأخيرين هو ذكر عبد الملك للرسول في افتتاح مراسلاته معهم.


----------------------------------------

إن الأمويون هم الذين دفعوا باتجاه تعريب الإسلام، فظهرت الأحاديث التي تشيد بالعرب وترفع من شأنهم، وأيضا تعريب عبد الملك للدواوين وهذا ما كان جزءا من خطة استقلالية عامة.

كما أن هناك دلائل على أن نشاط عبد الملك بن مروان وابنه الوليد في بناء المساجد في دمشق والقدس كان أساسا لجعلها قبلة للمسلمين. وبالتعارض مع رفع مكانة دمشق ظهرت أماكن مقدسة أخرى كما في مسجد نوح في الكوفة. إلا أن عملية تعريب الإسلام وازدياد وزن العرب فيه دفع إلى تبني مكة، رغم وجود إشارات تدل على عدم تحديد موقع الكعبة فعليا، فقبلة جامع عمرو بن العاص في مصر والتي أشرف عليها ثمانون صحابيا كانت مشرّقة جدا، وتدل الكشوف الأثرية في جامعين أمويين في العراق إلى إنهما كانا منحرفين إلى اليمين.

اختيار مكة كمكان للقبلة دفع إلى اكتشاف أصول قرآنية لمكة، كما في الألقاب التي ذكرها القرآن ونسبت إليها (مثل أم القرى، أو واد غير ذي زرع) دون مبرر تاريخي لهذه التسميات. كذلك محاولة ربط مكة مع تاريخ نبوي يبررها كقبلة، هذا التاريخ الذي ستبرره قصص الأنبياء والتي يبدو أنها دخلت بشكل متأخر إلى الإسلام، فهناك روايات عن ضرورة استئذان السلطة فيها على أيام عمر بن الخطاب، وروايات أخرى تؤكد عدم وجودها في عهود أبي بكر وعمر وعثمان وأنها انتشرت زمن الفتنة.

أما بناء الأنساب القبلية للعرب فهي جاءت لتلائم التحالفات التي سادت خلال العصر الأموي، ولإعطاء شرعية للحكم الأموي نفسه عبر ربطه بقريش وبالرسول، وربما كان الأمر كذلك بالنسبة إلى الروايات المتعلقة بمصاهرات الرسول لأبي بكر وعمر وبدرجة أقل لأبي سفيان أي أنها ذات قيمة سياسية تتعلق بالنقاشات المتأخرة حول شرعية السلطة.

وكذلك يبدو دور العباس الغامض نوعا ما، كما في دوره في بيعة العقبة ورغم عدم إسلامه أو بدر وحتى في مسألة مبايعته لعلي بعد وفاة الرسول، وكأنه إضافة عباسية إلى هذه الروايات.

يبدو أن الإسلام تحول في فترة عبد الملك إلى دين الدولة، وذلك بعد تنظيمه وضبطه على الأقل فيما يخص البنية اللاهوتية الأساسية له والنص المقدس، فإنه يمكن الافتراض أن الفترة السابقة كانت بحكم الجاهلية، حيث التأثيرات اليهودية في المدينة وجنوب العراق، والمسيحية- النسطورية في العراق واليمامة، والمسيحية- اليعقوبية في الشام.

وبهذا الحال يكون الإسلام مع عبد الملك والأمويين مر بمرحلة إعادة إنتاج (تتضمن التعريب وإدخال التأثيرات المسيحية وحتى معاداة اليهود إلى الإسلام الرسولي) وتحويله إلى الدين القومي للهلال الخصيب الموحد مع الجزيرة العربية بما يضمن الاستقلال التام له عن بيزنطة، وفي الوقت ذاته استيعاب الهجرات القبلية التي وفدت على الهلال الخصيب خلال عقود بتأثير الوهن الذي أصاب البيزنطيين.

إن الجوانب الايجابية لعمل بشير تتجلى ليس وحسب في محاولة حل المعضلات التي تثيرها التناقضات الداخلية للرواية التقليدية وعدم اتفاقها، بل أيضا في ما تثيره من إشكاليات بقيت غامضة، فالعربي في الرواية الإسلامية يظهر على ساحة التاريخ مباشرة ممتطيا حصانه، فارسا وشاعرا دونما ممهدات. والفتح العربي تم بسرعة مذهلة، تلاه مباشرة الانتقال إلى تأسيس إمبراطورية مترامية الأطراف، ومعها بداية حضارة جديدة وكل هذا في فترة زمنية قصيرة بشكل غير معقول.

ومن المحير أن العرب المسلمين ارتضوا لأنفسهم وخلال خمسين عام العملة الفارسية أو العملة البيزنطية وما عليها من رسم الصليب وصورة قيصر.

----------------------------------------

إن محاولة بشير تأتي لبناء سياق عقلاني للأحداث وذلك انطلاقا من الرواية الإسلامية ذاتها، ونقدها. لكن هذا لا يعني أن ما قدمه بشير حل كل المعضلات، يبقى –مثلا- من غير الواضح من هو الرسول، وهل هو شخص آخر غير ابن الحنفية أم أنهما شخص واحد، وخاصة مع وجود دلائل على استمرار إمامة ابن الحنفية حتى أبي جعفر المنصور؟

هناك أشخاص آخرون في الرواية الإسلامية يبقون غير محددي الملامح مثل عائشة أو طلحة بن عبد الله.
والآن سنحاول تقديم الصورة التي أعاد بوب تركيبها للأحداث التي أدت إلى نشوء الإسلام، وبشكل مختصر ومهملين نوعا ما البراهين والنقاشات التي ساقها وسنحتفظ فقط بنتائجها، وفي هذا لن يهمنا عمل بوب نفسه بقدر ما سنتوقف عند تقاطعاته مع عمل بشير والضوء الذي يمكن له أن يلقيه على الموضوع.

تبدأ رواية بوب للأحداث من الحرب البيزنطية- الفارسية، والانقلاب العسكري الذي طرأ عليها مع الهزيمة القاصمة التي تعرض لها الفرس عام 622م (والتي هي أيضا بداية التقويم الهجري)، وما تلاها من إحراق هرقل لمعبد النار الأكبر 623م، وذلك بمساعدة من القبائل العربية(3) المسيحية، حتى نهاية الحرب ومقتل كسرى الثاني ابرويز 628م. هذه الهزيمة أدت إلى انهيار الإمبراطورية الساسانية، ومعها كذلك النخبة الدينية الزارادشتية.

كان قد تم الاتفاق بين الفرس والبيزنطيين على أساس استعادة الوضع كما كان عليه عام 590م، إلا أن الإمبراطورية الساسانية المنهارة لم تقو على الاستمرار، وانتقلت السيادة في مناطق بلاد الرافدين وسورية إلى الأمراء المحليين من العرب المسيحيين الشرقيين، والعرب الساسانيين الذين كانوا سابقا حلفاء للفرس، وأصبحوا الآن أمراء حرب لحسابهم الخاص على هذه المناطق التي كانت تحت السيادة الساسانية.


-------------------------------------------

كان من الصعب توحيد هؤلاء مع البيزنطيين، فقد كان عصيا أن يجدوا حلولا للمشكلات اللاهوتية المتفاقمة بينهم.
وهكذا بدت السيادة العربية كوراثة للإمبراطورية الساسانية المنهارة، وتحققت بالتعاون مع البيزنطيين، ومما يدل على هذا إعادة تنظيم الإمبراطورية التي قام بها هرقل بعد انتصاره وحيث يبدو أنه قد أخرج سوريا من أراضي الإمبراطورية المباشرة (4).
فيما بعد قامت سياسة هرقل تجاه المشرق البيزنطي كاستمرار لسياسته تجاه الساسانيين، وهي الحفاظ على التوازن مع العرب المسيحيين. هذه السياسة التي لم تستطع أرملته الاستمرار فيها فيما بعد فاضطرت إلى الانسحاب من الإسكندرية 642م.

إن أول الأمراء العرب هو معاوية، وقد دون اسمه على النقود، التي ستبقى تحمل نقوشا ساسانية وبيزنطية- مسيحية، مع لقب أمير المؤمنين، هذا اللقب الذي تمت قراءته بطريقة ارتجاعية. فالقراء رأوا فيه المعنى الإسلامي للقب، والذي هو نتاج الرواية الإسلامية المتأخرة والتي دونت في العصر العباسي، بينما اللقب نفسه ينتمي إلى الموروث المسيحي لعرب إيران، وهو يفيد بسلطة محلية ويمكن ترجمته بـ"أول المؤمنين" والمؤمنين تحيل هنا إلى المسيحيين العرب.

عبارات أخرى ظهرت على قطع النقود مثل "خليفة" و"عبد الله" وهي تستند إلى أصول مسيحية ومحلية، بل إن اسمي عبد الله ( عبد وجمعها عباد، وليس تلك التي جمعها عبيد) ومحمد لا تنتمي إلى عربية مكة وهي تبدو كأسماء أجنبية بالنسبة إلى منطقة الحجاز.
تابع معاوية في سوريا السياسة الساسانية، وربما يكون قد نقل عاصمة ملكه إلى دمشق من أجل تأمين السيادة عليها، خاصة وأن السيادة في المناطق الشرقية قد حسمت مع انهيار الإمبراطورية الساسانية، ولكنها تبقى مسألة مشكوك بها في القسم الغربي بحكم استمرار الإمبراطورية البيزنطية.

كذلك استفاد معاوية من أهمية دمشق، التي فيها قبر النبي يوحنا المعمدان، وهو شخصية محورية في المسيحية العربية، وقد قدم معاوية نفسه كحام لـ"الحرم- قبر يوحنا المعمدان"، كما يبدو في القطع النقدية العائدة إلى عصره.

بعد وفاة هرقل (أما خلال حياته حيث يبدو أن العرب قد قدروا له صنيعه فلم تحدث اضطرابات بينهم) قام معاوية بمحاولة احتلال القسطنطينية بإدخال القوى البحرية متفاديا الخطأ الفارسي، ولكن هذه المحاولة فشلت أمام أسوار القسطنطينية، مما دفع أميرا عربيا آخر في القسم الشرقي إلى التمرد عليه وهو عبد الله بن الزبير (الزبير ربما يكون اسم عائلة)
بينما سيخلف معاوية في القسم الغربي عبد الملك (شخصيات يزيد ومعاوية الثاني وحتى مروان هي شخصيات مشكوك بوجودها فلم تصل أية قطع نقدية او نقوش تعود إليهم).


-----------------------------------------

ومع عبد الملك بدأ تاريخ الإسلام، فالفترة التي سبقت لم يكن العرب إلا مسيحيين.
تعتبر فترة الإسلام التي بدأت مع عبد الملك بمثابة الإسلام-I، وفيها ظهرت العبارات التي تحيل إلى محمد رسول لله.
إن المحمدية في زمن عبد الملك لم تكن إلا مسألة مسيحية داخلية، ومحمد رسول الله تشير إلى شخصية يسوع المسيح.
ذلك أن ضرورة تأمين الاستقلال عن بيزنطة من ناحية، والدور العربي المتزايد في الدولة الناشئة عبر عن نفسه في إنتاج فهم عربي للاهوت السوري المسيحي، وهو ما كان بمثابة إعادة النظر إلى المسيح انطلاقا من الدين القبلي للعرب في إيران وبلاد الرافدين.
المسيح هو عبد الله ورسوله، وكذلك هو محمد عبد الله. ويلعب التوحيد في الفهم العربي للمسيحية دورا مركزيا وهو ما نجده إلى اليوم في الكنيسة الأثيوبية.

إن إسلام فترة عبد الملك وأولاده فيما بعد بقي يتحرك ضمن المجال المسيحي الداخلي، وحتى حربه مع جستنيان الثاني لم تأخذ معنى جهاديا، بل إن ما حرك الصراع بينهما هو التنافس على المشروعية الدينية على الأرضية المسيحية ذاتها، فما أن أصدر جستنيان نقودا عليها عبارة "خادم المسيح" في إشارة إليه، حتى قام عبد الملك بسك نقوده تحمل عبارة "خليفة الله"(5)، بل أن شعار-محمد سيبدأ بالظهور مع بيت إيل، والذي يستعاض به عن الصليب الذي كان في النقوش السابقة.

ربما يكون بيت إيل وحتى شعار- محمد، مفهومان كإشارة إلى الدولة الجديدة على أنها إسرائيل الجديدة، الدولة المستقلة، وعلى أنها العقد بين الله وشعبه، في استعادة للتقاليد السامية.

والأعمال العمرانية الضخمة وذات الطابع الإمبراطوري التي وسمت مرحلة عبد الملك وابنه الوليد لا يمكن إلا أن تكون ضمن دائرة تأسيس الشرعية الدينية المستمدة من حماية الحج إلى "الحرم" والحفاظ عليه في القدس ودمشق.

تبدو قبة الصخرة كنيسة لا جامعا، بل إن العبارات التي نقشت عليها تتوجه إلى المسيحيين لتؤكد على الطابع الرسولي للمسيح (محمد رسول الله) وعلى وحدانية الله.

إن هذه المفاهيم المحمدية للإسلام أتت من مناطق الرافدين، وبهذا يمكن الحديث عن أن الإسلام لم يتحرك من الجنوب إلى الشمال إنما من الشرق إلى الغرب.

لعبت بعض التأثيرات اليهودية من العهد القديم، فيما يتعلق بالنبيين موسى ووليه هارون دورا في بناء شخصية مرافقة للرسول محمد كولي له هي شخصية علي. كذلك أسهمت التقاليد القبلية والفهم القبلي للرسول في إعطائه نسبا. إن هذا التطور للمحمدية الخاصة بعبد الملك سيصل إلى حدوده القصوى في القسم الشرقي، في بلاد الرافدين.

الفترة الأخيرة من الحكم الأموي كانت فترة الاضطراب الديني لعموم المنطقة، وحتى مع الفترة الأولى من قدوم العباسيين (وهم يمثلون صعود النخبة الساسانية الزارادشتية واستعادة مواقعها كما مع أسرة البرامكة، والجهاد ضد بيزنطة لن يكون إلا تكرارا للحرب البيزنطية –الفارسية)، والذي بدأ دعوتهم أبو مسلم الخراساني، ومما يلفت الانتباه أن كلمة "مسلم" بدأت تظهر في تلك الفترة.
أول الأمراء العباسيين المعروفين هو السفاح، ويبدو أن فهم السفاح للرسول محمد لم يختلف عن فهم عبد الملك له وكونه هو نفسه عيسى. إن ما يحسم مسألة إن كان المقصود بمحمد هو عيسى أو شخصية تاريخية مستقلة هو صفة عبودية الله، وأصلها التأكيد على عبودية المسيح.

غياب هذه الصفة من وصف محمد سيكون أول دليل على تحول محمد من شخصية المسيح إلى شخصية مستقلة تاريخيا، وهو ما تم كما يبدو على عهد المأمون، وهو الذي جمع القرآن وقدمه ككتاب مستقل للمسلمين، بينما لم يكن هناك سابقا إلا "كتاب الله" وهو مجموعة من الكتابات المتنوعة. أما سنة نبيه والتي كانت ترد دوما بالترافق مع "كتاب الله" فهي لم تكن تشير إلا إلى أعمال موسى النبي.


--------------------------------------------

إن المأمون، وربما كان أبو مسلم الذي يأتي من الشرق بجيوشه العربية-الشرق إيرانية والتركية إلى العرب في بغداد صورة أولية له، قدم نفسه بمثابة "خليفة الله" ولأسباب مغايرة للأسباب التي دفعت عبد الملك سابقا، فعوضا عن الصراع على الشرعية الدينية على الأرضية المسيحية كان المأمون يخوض صراعه مع الإمام علس الرضا... الإسلام (في صيغته النهائية) سيكون إذن من عمل المأمون الذي أمسى "خليفة الله" و"الإمام"

ربما يستطيع المرء أن يلحظ نقاط مشتركة مهمة بين كل من عملي بشير وبوب، وكذلك نقاط الافتراق بينهما. الميزة الأساسية لبوب هي أنه يقدم لنا الخلفية التاريخية التي يفتقدها عمل بشير. بالمقابل يقدم لنا بشير قراءة جديدة ومهمة للرواية الإسلامية، التي أهملها بوب بالرغم من أنها تشكل مصدرا هاما وغنيا بالأحداث والتفاصيل الفريدة.

إهمال الرواية الإسلامية واعتبارها إنتاجا متأخرا وأسطوريا تماما، يطرح مشكلة التراث الشفهي الذي نشأت عنه. فهل من الممكن بناء تراث شفهي بهذا الحجم وفي فترة قصيرة نوعا ما، بحدود قرن ونصف وقرنين من الزمن انطلاقا من لا شيء؟ وأكثر من هذا من قبل مجموعات لم تكن مضطهدة ومتخفية كما كان المسيحيون الأوائل.

هذه النقطة تبقى صعبة القبول، حتى لو قبل المرء اعتبار هذا التراث الشفهي قائما على أرضية أسطورية في قسم كبير منه، وان الصياغة النهائية له لم تنفصل عن احتياجات وتشويهات السلطة السياسية وبناء الشرعية لها.

بالمقابل يمكننا اغناء عمل بوب تحديدا بالقراءة المميزة التي قام بها بشير للرواية الإسلامية، والتي علينا أن نتعامل معها (الرواية الإسلامية) بحذر شديد وننظر إليها بما تقدمه لنا من أصداء عن التاريخ، أكثر من كونها تقدم تاريخا صرفا لا أدلة إلى الآن على وجوده.

إن أول التماثلات بين عمل بشير وبوب هي أن كلا منها يعتبر أن منطقة الهلال الخصيب هي الأصل الذي نشأ منه الإسلام، وان فترة عبد الملك هي بمثابة اللحظة المحورية في الإسلام ونشأته كدين.

فالخلفية التاريخية للحرب الفارسية- البيزنطية التي قدمها بوب قد تكون مفيدة لمعرفة من هم الأمويون الذين بقوا غامضين عند بشير سوى أنهم من الشام.

--------------------------------------


بالمقابل يفسر الأمويون أيضا الاتجاه المسيحي الذي برز في الإسلام، ولكن عند بوب يبدو الأثر المسيحي هو الأثر الأولي، ولكن هذا لا يمكننا من فهم مصدر التأثيرات اليهودية في الإسلام، والتي لا يمكن لنا إرجاعها وحسب إلى التوراة، فالنصوص القرآنية تبدي تشابهات كبيرة مع نصوص تلمودية، مما يعني أن هناك تأثيرا يهوديا مهما ولا سبيل إلى اعتباره تأثير ثانويا للعهد القديم، بالمقابل من الصعب تفسير التأثير اليهودي انطلاقا مما وفد من بلاد الرافدين في فترة الاضطراب الديني في أواخر الفترة الأموية و بداية الفترة العباسية. إن الظواهر اليهودية في الإسلام تبدو بمثابة حجر الأساس، وسابقة على التأثيرات المسيحية المتأخرة والتي يدلل عليها ليس وحسب التسليم بعيسى، بل كذلك العداء الكبير لليهود في الإسلام، والذي يبدو إنه إسهام متأخر في الإسلام.

بالمقابل يلاحظ المرء أن تشابهات مهمة بين الأصداء التي نقلت عن النقاشات اللاهوتية التي دارت في العصر الأموي حول مسائل الجبر والحرية، مع تلك المسيحية في الفترة السابقة مباشرة.

كما يمكن بوضوح التمييز ضمن الإسلام بين فترتين، واحدة منهما تخضع لتأثيرات يهودية جلية ومعادية للعرب، والأخرى تبدو فيها تأثيرات مسيحية وترفع من شأن العرب بشكل واضح وتعتبرهم مادة الإسلام، والاختلافات هذه لا يمكن تفسيرها بما يقدمه بوب، وخاصة أن المرحلة الأولى (ذات التأثيرات اليهودية والمعادية للعرب) لا يمكن أن تكون لاحقة على التأثيرات المسيحية العربية التي تميز الإسلام الآخر، من هنا ربما علينا أن نقول أن الإسلام بدأ يهوديا، وليس مسيحيا كما يرى بوب.

أما تأخير بناء صياغة نهائية للإسلام (بما يتعلق بالشخصية المستقلة للرسول) حتى عصر المأمون فإنها صعبة القبول، فلم يصل إلينا أي شيء يحتمل أي تأويل ممكن لكون محمد هو المسيح من تلك الفترة، من شأنها أن تحمل بشكل أو بآخر ذكريات متعلقة بمثل هذا الطرح. خاصة أن عاصفة لاهوتية قد نشبت بعصر المأمون، اشتهرت بمحنة القرآن، عللها بأن الفقهاء قد ضاهوا بقولهم في القرآن قول النصارى، إلا أنها من المستبعد أن تكون إشارة إلى بناء صياغة نهائية للقرآن ضدا من تأويلات ذات بقايا مسيحية، وخاصة أن الذين حاربهم المأمون، أي أهل الجماعة، كانوا أبعد الناس عن أي تصور يمكن مقاربته بما يقدمه بوب، بالرغم من أنهم كانوا يحسبون على الأمويين من وجهة التعاطف السياسي.

أما فيما يخص الفهم العربي للاهوت السوري فهو يزيد من تعقيد الموضوع، فما نعرفه عن التيارات اللاهوتية لتلك المرحلة هي النسطورية، واليعقوبية وأخيرا الملكية، ومن المستبعد أن يتطور أي شيء من النسطورية أو اليعقوبية باتجاه مشابه لما تطورت إليه مسيحية عبد الملك، أما التيار اللاهوتي الأقرب للإسلام وهو الأريوسية (6) فكان منتهيا وقتها، ولم يعد قوة فاعلة. على العكس من هذا يمكن أن نرى في العراق في ذلك الوقت نشاطا يهوديا قويا، ومن غير المستبعد أن القصص التي نقلتها الرواية الإسلامية عن اليهود في المدينة، والإشارات لاستمرارهم إلى فترة الحروب الأموية، أو حتى إنهم أخوال الرسول وجده، تعطي إشارات عن الجذور اليهودية للدعوة، ولا يكون التفسير عندها نتاجا لفهم عربي للمسيحية، بقدر ما هو توليفة متأخرة لتيارات متنوعة بين اليهودية والمسيحية بدأت في فترة عبد الملك (ربما بعد قضائه على تمرد ابن الزبير) وما بعده.

--------------------------------------------

حتى العرض الذي يقدمه بوب لتطور مفهوم آل بيت محمد يبدو من العسير قبوله، وإشارته إلى الصراعات التي عاشتها الدولة الأموية وفشل التيارين، تيار آل بيت محمد والتيار الثاني الذي يدعو إلى دولة الله (الخوارج) تدل على اعتماده المصادر الإسلامية الداخلية، والتي بدونها لا يمكن إعطاء مفاهيم إيديولوجية للصراعات التي عاشتها الدولة الأموية.

ما يمكن لنا عمله هو أن نأخذ الخلفية التاريخية التي يقدمها لنا عمل بوب القائمة على انهيار الإمبراطورية الساسانية وبداية الاستقلال العربي الذاتي في مناطق الهلال الخصيب، ومن ناحية أخرى أن نسترشد بعمل بشير في قراءة الرواية الإسلامية بطريقة مختلفة، وبما يتناسب مع المعطيات الأثرية الموجودة، لهذا سنقول مبدئيا إن الرواية الإسلامية التي تقدم لنا فترتين منفصلتين (الفترة الممتدة من بداية الدعوة حتى فتح مكة ثم الحرب الأهلية الثانية) هي في الواقع رواية لفترة تاريخية واحدة، انشطرت فيما بعد إلى فترتين، وتم إدخال الخلفاء الراشدين وحتى معاوية بينهم للتقليل من شرعية الأمويين الذين تمرد عليهم العباسيون من ناحية، ومن ناحية أخرى بناء الزمن المقدس، واليوتوبيا الإسلامية ، وإعطاء بعد تاريخي للحدث القرآني.

إن الأهمية التجارية لخط الحرير يمكن أن تعطينا سببا إضافيا لفهم الحرب الفارسية- البيزنطية، وهو الخط الذي ارتبط به تاريخ نشوء ممالك وتضخمها كتدمر ومملكة الأنباط. لقد استوجب انقطاع في خط الحرير خلال الحروب الفارسية-البيزنطية إيجاد طريق أخرى له. يمكن لنا هنا أن ننظر إلى أهمية مكة كطريق بديل للطريق السابقة مع عدم إمكانية استخدام البحر الأحمر بسبب شعابه المرجانية.

وقد أشار القرآن إلى الأهمية الخاصة لرحلتي الصيف والشتاء(7)، ويمكن لنا أن نرى حرب الفجار على إنها إشارة لمحاولات فارسية للسيطرة على هذه الطريق المارة عبر الجزيرة العربية، وكذلك المحاولات الحبشية (والفارسية) لاحتلال اليمن ومكة، كإشارات متأخرة لأهمية هذة الطريق.

إن الخط التجاري المار من اليمن عبر مكة إلى فلسطين هو خط قديم حمل بضائع يمنية سابقا، إلا أن أهميته ازدادت مع فترة الصراع الفارسي- البيزنطي.

أهمية هذا الخط، ومروره عبر مكة، هو التدليل على إن مكة وربما المدينة معها، دخلتا خلال الفترة الأخيرة في علاقات مكثفة مع الهلال الخصيب، مما يبرر حضورها في الإطار الداخلي للهلال الخصيب في تلك الفترة بعد انهيار الإمبراطورية الساسانية، وبدء فترة السيادة العربية الذاتية في تلك المنطقة، والذي بدأ تعريبها منذ زمن سابق وبعيد وبتأثير تحولات مناخية، وربما بشكل متسارع منذ سقوط تدمر على يد الرومان.

مع غياب أية إشارات إلى الإسلام خلال فترة معاوية، لا يمكننا إلا وضع فترة معاوية ضمن الإطار المسيحي الشرقي للمنطقة، وربما يكون نشاط النبي (الذي لا نعرف اسمه وخاصة أن أسماء محمد، وعبد الله يمكن أن تلعب دور الصفات أيضا، وربما يكون ابن حنيفة نفسه) بدأ في نهاية فترة معاوية، أو أقدم ولكن عندها لا يكون تجاوز النشاط المحلي، وربما السري، الذي نرى أثرا له في الرواية الإسلامية.

ربما كان النبي كان لتأثيرات يهودية، ضمن النشاط اليهودي في بلاد الرافدين أو المدينة، وربما كان أصلا نشاطا إصلاحيا يهوديا صرفا.


-----------------------------------------------

إن الأهمية التي أخذها النبي ربما كانت مع بداية التمرد الذي قام به ابن الزبير، والذي يجد سببه في محاولة معاوية التحول إلى الملك، فالرواية الإسلامية تنقل لنا صورة لمعاوية تشبه من ناحية شيخا عشائريا لاتحاد قبائل (والصراع القبلي هو سمة ستبقى خلال كل العصر الأموي) ومن ناحية أخرى على أنه أول الملوك، ولا يمكن لمحاولة معاوية احتلال بيزنطة أن تتم بدون محاولات لتحويل سلطته إلى سلطة ملكية مركزية ربما دفعت العرب الآخرين إلى التمرد عليه أو الرفض، وخاصة في المناطق الشرقية، المتضررة من انتقال العاصمة إلى دمشق.

إن التمرد الذي كان على خليفة معاوية عبد الملك التعامل معه لم يكتف بأخذ أبعاد قبلية، إنما اتخذ أيضا أبعادا دينية في منطقة مضطربة بين الكنائس اليعقوبية والنسطورية والملكية، يضاف إليها اليهود والزادشتيين وغيرهم، وهكذا ربما كان هناك تأثير يهودي بين المتمردين في وادي الرافدين، والذين كانوا من أتباع النبي، أو المتعاطفين معه.

والإشارات التي تنقلها لنا الرواية الإسلامية عن دعم حبشي لابن الزبير وحتى بيزنطي ستكون مفهومة في إطار الصراع الذي كان عبد الملك يخوضه ضد البيزنطيين.

بعد الانتصار الذي حققه عبد الملك على ابن الزبير (حيث كانت حروب الردة وفتح مكة هي أصداء للحملة الأموية على مناطق الحجاز والعراق وإخضاعها) والذي سبقه تحالفه مع الرسول وتبني دعوته، سعى عبد الملك إلى توحيد القبائل العربية في دولة واحدة، وترسيخ هذه الوحدة عبر بناء دين قومي لها، يضمن بواسطته تأمين الاستقلال النهائي عن بيزنطة، وهو ما كان متعذرا على الأرضية المسيحية السابقة.

إن تبني عبد الملك للرسول حتم إضفاء تعديلات مهمة على الدعوة ذات الطابع اليهودي، وإدخال مؤثرات مسيحية، وأيضا الإعلاء من شأن العرب بشكل خاص، وحتى البدء باختراع سلاسل انساب تربط الأمويين بين والرسول.

ذلك أن سلاسل الأنساب العربية تعكس لنا صورة التحالفات التي سادت في العصر الأموي، ومحاولات إعطاء شرعية للحكم الأموي، في محيط تشكل علاقات القرابة محورا أساسيا في فهمه للعالم.

لكن بالمقابل علينا الانتباه إلى أن تبني عبد الملك للرسول لا يعني تحويل الإسلام بشكل ناجز إلى دين الدولة، إنما اعتبارها نقطة البداية في مسيرة تكون الإسلام، التي لا تبدو واضحة بشكل نهائي. فالقصور التي خلفها لنا الأمويون بعد عبد الملك لا تعكس مفاهيم إسلامية في عمارتها وزينتها التي بقيت ساسانية، وحتى في رسوماتها الجدارية، بل تدل على استمرارية للتقاليد السابقة على الإسلام، مما يعني أن الإسلام لم يتكون دفعة واحدة مع عبد الملك وخلفائه، أو على الأقل لم يصبح بعد نمطا للحياة.

إن المساومة التي حصلت بين الرسول وعبد الملك لم تتم بدون معارضة ما من أتباع الرسول أنفسهم، وهذا ما تدل عليه ربما القصص التي تقدم لنا صورة لمجموعتين، مجموعة علي و مجموعة عمر، أو حتى الاعتراضات ذات السمة الدينية على النبي نفسه والتي قدمتها الرواية الإسلامية على أنها بداية تكون الخوارج، أهم تيار معارض تعين على الدولة الأموية محاربته، ولن تنتهي من الصراع معه إلا بانتهائهما معا.

إن الجذور اليهودية للدعوة، والتسوية الأموية التالية معها ربما تسمح بفهم أفضل للإسلام ، من افتراض فهم توحيدي عربي، لا توجد دلائل عليه (إلا بمقارنته مع الكنيسة الأثيوبية) ولا يفسر التشابهات الكثيرة التي يعكسها القرآن مع النصوص التلمودية.


----------------------------------------------

فالفترة التالية لحكم عبد الملك كانت فترة اضطراب ديني، من بين ما يدل عليها أن القبلة أخذت وقتا ليتم تثبيتها في مكة، في حين كانت سابقا تنتقل بين دمشق والقدس وربما أمكنة أخرى في شمال الحجاز وهناك أحاديث عن أما كن مقدسة في العراق أيضا وهو ما ستحفظه التقاليد الشيعية. كذلك كانت فترة اضطراب سياسي يمكن أن نفهمه بصعوبةِ بناء الدولة مع استمرار القبائل كوحدات أساسية، لكن علينا أن ننتبه أن القبائل العربية هذه هي قبائل عايشت لفترات طويلة الساسانيين والبيزنطيين وليست قبائل الحجاز والجزيرة البدوية التي تقدمها لنا الرواية الإسلامية.

إن البنية النووية للإسلام، التي تقوم على الرسول ومفاهيم دينية توحيدية يمكن اعتبارها على أنها نشأت في تاريخ مضطرب منذ فترة عبد الملك وأبنائه، وريما يكون القرآن قد جُمع في فترة لاحقة (وان كانت قد وُجدت بدءا من فترة عبد الملك نصوص يمكن اعتبارها كمصدر أولي للقرآن، و تمثل كتاب الله) من نصوص متنوعة وربما بعضها سابق على هذه الفترة، إلا انه من المستبعد أن يكون الإسلام انتظر عهد المأمون ليعثر على شخصية مستقلة تاريخيا لرسوله، لكن الصيغة المنظومية المتكاملة للإسلام لن تتشكل إلا مع عصر التدوين وبناء الرواية الإسلامية وإعطاء صيغة نهائية للنص القرآني وللحدث التاريخي الذي يمكن تأطيره داخله.

يمكن لنا وضع نقطة انطلاق الإسلام في فترة الحرب الأهلية التي عاشها العرب، بعد استقلالهم في مناطق الهلال الخصيب، وهو لم ينشأ وحسب من الحاجة إلى الاستقلال عن بيزنطة إنما أيضا ضمن واقع الحرب الأهلية وضرورة توحيد العرب.

الإسلام بهذا لم يخرج من الجزيرة إلى الهلال الخصيب، بل إن ما حصل هو العكس تماما، لقد انتقل الإسلام من الهلال الخصيب إلى الجزيرة، وكان بمثابة الدين القومي للدولة الناشئة في الهلال الخصيب. أما الحجاز فلم يدخل إلا متأخرا مع التحولات التي أصابت الخط التجاري، وقد دخل كمنطقة ملحقة في فترة الأحداث التي عصفت بالهلال الخصيب وقتها، وفيما بعد دخلت في الرواية المتأخرة للزمن المقدس وأيضا كأرض الآباء المقدسة، ربما على غرار ديمون بالنسبة للسومريين.


----------------------------------------------

خاتمة
تعاني الفترة الممتدة من السنة الأولى للهجرة حتى سنة 72 للهجرة غيابا للوثائق التي تدل على الإسلام، وأحداث الجزيرة العربية ونشوء الدعوة فتبقى منطقة مظلمة تماما، بالمقابل تتأخر الرواية الإسلامية المدونة لها بما ينوف القرنين عن زمن الحدث الأصلي، وتعاني من كثير من الثغرات مما يدفع الكثيرين إلى ستبعادها، مما يعني أن أية رواية لما حصل تبقى رواية مفترضة حتى تظهر أدلة تثبتها أو تدحضها.

التاريخ المدون للبدايات الضبابية التي تسم الأديان جميعها ليس تاريخا للأحداث كما حصلت، إنما تاريخ للأحداث كما يجب أن تكون قد حصلت، تاريخ تدخله علاقات القوة وحاجات الشرعيات السياسية، تاريخ للمتعالي والمقدس والأبطال، ومهمته إعطاء المعنى للعالم الذي يعيشه البشر، تاريخ منتخب واختراع للأصول، وليس رواية لما حصل فعلا.

مسألتان فقد يمكننا أن نكون على يقين منهما: أولاهما تأخر تحول الإسلام إلى نمط حياة متكامل إلى نهاية العصر الأموي أو بداية العباسي، والثانية أن تصورنا للتطور السياسي للإسلام (من خلافة راشدة إلى خلافة- ملك وانتهاء بملك عضوض) كما تقدمته الرواية الإسلامية خاطئ تماما ومغاير لما حصل، وهو ينتمي إلى التاريخ القيمي، إلى النقد الذي رفعه الفقهاء في العصور المتأخرة على حكامهم عندما قدموا على الضد منهم عصرا ذهبيا كان الحكم في الإسلام بمثابة تراجع عنه. وهذا يتوافق مع ما أسماه بجمالية فهمي جدعان ب"الزمان الملحمي" (8) الذي شكل بؤرة محورية في رؤية الفقهاء ورواة الحديث وحتى المؤرخين – الذين أنتجوا هذا التاريخ- للعالم، التاريخ الذي يتجه نحو الأسوأ انطلاقا من زمن ذهبي مقدس، وربما ما علينا إلا أن نقول أن هذه البداية لم تكن إلا في لا مكان، إنها اليوتوبيا الشرطية للملحمة.


الهوامش
<!--[if !supportLists]-->1- نشير هنا إلى سلسلة من الكتب والتي تناولت موضوع نشأة الإسلام ، وهي "القراءة السريانية الآرامية للقرآن" للوكسنبرغ، و"البدايات المعتمة" و"الإسلام المبكر" كمؤلفين مشتركين بإشراف كارل هاينس أوليش.<!--[endif]-->
وهناك مراجعة نقدية للكتاب الثالث منها في مقال "تهافت التحريفية الجديدة" لدانييل برنشتيل على موقع القنطرة
https://www.qantara.de/webcom/show_artic ... p-1/i.html
وأيضا عمل للدكتور رالف غضبان عن الكتاب الأول في مقاله "معاني القرآن على ضوء علم اللسان"
https://www.middleeasttransparent.com/ar ... ticle=1430
وما سأعتمد عليه هنا هو دراسة فولكر بوب من الكتاب الثاني "البدايات المعتمة"
Karl-Heinz Ohlig / Gerd-R. Puin (Hg.)
Die dunklen Anf&auml;nge
Verlag Hans Schiler
الدراسة
Wieso dunkle Anf&auml;nge des Islam?
Zur Frühgeschichte des Islam
Volker Popp
كما تجدر الإشارة إلى عمل "الهاجريون" لباتريسيا كرونه ومايكل كوك والذي ترجمه نبيل فياض ضمن هذا الاتجاه، وقد أشار بشير إلى هذا العمل في كتابه.
2- الدكتور سليمان بشير محاضر في جامعة النجاح في نابلس بالضّفّة الغربيّة الفلسطينيّة، وقد وضع الكتاب على أساس المادّة المكتشفة لأول مرة من مكتبة الجهرية القديمة في دمشق.
3- من هنا فصاعدا لن يعني أي حديث عن العرب إلا العرب الذين يتحركون ضمن الهلال الخصيب، في بلاد الرافدين والشام ولا علاقة للقبائل العربية في الحجاز إلا إذا أشير إلى هذا.
4- إن نظرة إلى الوضع البيزنطي العسكري في سوريا وبلاد الرافدين تظهر الصورة واضحة إلى حد ما، ففي الولايات البيزنطية الثلاث والولاية العربية لم يكن هناك جنود نظاميون، وقد تولى الحراسة جنود مستأجرون من الأصدقاء العرب.
أما في سوريا فكان الجنود في الشمال، وأكبر الحاميات كانت حامية أنطاكية وتقدر بـ 1500 جندي، وبعدها حامية قنسرين وتضم بضع مئات. أما في القسم البيزنطي فوُجد بضعة آلاف من القوات الجيدة.
مقابل هؤلاء قد يصل عديد قوات العرب الأصدقاء إلى عدد القوات البيزنطية النظامية في سورية والعراق وفلسطين، بل قد يبلغ ضعفيها أو ثلاثة أضعافها.
كما أن الحاميات العربية المحلية قد ساوت عددا، أو ربما تجاوزت عدد الجنود البيزنطيين النظاميين، وكانت الحاميات قرب حلب وتكريت وهيت. ص 81-84. "بيزنطة والفتوحات الإسلامية المبكرة". ولتر كيغي، ت: نقولا زيادة، دار قدمس ط1، 2002.
5- نلاحظ أن تطور استعمال مفهوم الخليفة مغاير لما قدمه لنا التراث السياسي الإسلامي، والمرة الأولى التي يرد فيها التعبير يدل على سلطة محلية دون أي ارتباط برئاسة دولة، وفيما بعد ومع عبد الملك يصبح الخليفة هو خليفة الله، أما تعبير "خليفة رسول الله" فهو إضافة متأخرة على سيرة الأحداث، وهذا ينسجم أكثر مع المنطق التاريخي، والبناء اللاحق لـ"لعهود الذهبية المقدسة".
ومن هنا يمكن أن نرى أن الحضور المبكر لما سماه الجابري –في عمله "العقل الأخلاقي العربي"- بأخلاق الطاعة ونسبه إلى الموروث الأخلاقي الفارسي، والذي حدد بداياته مع سالم وعبد الحميد في الفترة الأموية المتأخرة، مؤسس في الدولة الإسلامية – كما يحضر لدى الدولة البيزنطية مع جستنيان الثاني - بينما يمكننا أن نعتبر الموروث الأخلاقي العربي (وكذلك الإسلامي) الخالص بمثابة إضافة متأخرة.
6- تجدر الإشارة إلى أطروحة مهمة للمؤرخ الاسباني أنياسيو أولاغي والتي قدمها إلى العربية إسماعيل الأمين في كتابه "العرب لم يفتحوا الأندلس" عن دار رياض الريس، ط1- 1991.
يرى اولاغي أن الذي حصل في الأندلس هو تطور داخلي باتجاه الإسلام وانه لا وجود لفتح عسكري، وهو ليس إلا أسطورة تاريخية متأخرة. والأسرة الأموية لا تنتسب إلى القرشيين إنما إلى القوط.
ما يهمنا هنا هو أن ما ساعد على دفع تطور المسيحية في بلاد الأندلس باتجاه الإسلام عدة عوامل، بعضها متوافر في حالتنا إلا أن هناك عاملين مهمين غائبين، أولهما المثال الذي يُحتذى، وفي حالة الأندلس كان المثال الذي يدفع إلى التماهي معه هو الشرق الإسلامي، وهكذا فان المسيحية تطورت باتجاه إسلام كان موجودا أصلا.
والثاني وهو الأهم أن الكنيسة التي تطورت باتجاه الإسلام هي الكنيسة الأريوسية،وهي غائبة هنا، لكن ربما تجدر الإشارة إلى نص مهم وهو نص للقديس يوحنا الدمشقي يتحدث فيه عن الإسلام في كتابه "هرطقات" ويرى أن محمدا كان يعرف الكتاب المقدس وانه خضع إلى تأثير راهب أريوسي (بحيرى).
إلا أنه يتوجب التعامل بكثير من الحذر مع هذه الشهادة، فهناك شكوك حول نسبتها إلى يوحنا الدمشقي، وعلى الرغم من أنها تشير إلى وجود أثر أريوسي، بل وتذهب إلى حد أبعد وترى الإسلام من داخل الأرضية المسيحية حيث يتحدث يوحنا عنه في "هرطقات"ـه، إلا أنه من ناحية أخرى ينظر إلى محمد على أنه شخصية تاريخية مستقلة.
7- هذه النقطة كانت منطلقا لعدة أعمال مهمة، على سبيل المثال لا الحصر عمل خليل عبد الكريم "قريش"، انطلقت من التطور التجاري لمكة مما أدى إلى تحلل البنية القبلية وتغير الشروط الاجتماعية وجعل من الدولة ضرورة ملحة، وهذه الدولة احتاجت إلى شرعية تبررها وهذه الشرعية كانت الإسلام، فالإسلام كان الطريق إلى الدولة.
تعتمد هذه الأعمال على الرواية الإسلامية بشكل كامل وهكذا فإنها تحمل معها كافة مشاكلها، فلا أدلة أثرية تسندها، وموقفها من التناقضات التي تطرحها الرواية الإسلامية هو عقلنتها، وتبقى المشاكل المتعلقة بالفتوح الإسلامية السريعة وبناء الإمبراطورية، والعربي الفارس الذي يظهر فجأة في التاريخ وباني الدولة، والذي يمكن قبوله بصعوبة، لأن ما فيها يتعلق بمكة والمدينة وحتى الطائف لا أكثر.
8- فهمي جدعان. المحنة: بحث في جدلية الديني والسياسي في الإسلام. دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان. ط1- 1989 ص 312- 322
المصدر:
https://www.alawan.com/index.php?option= ... &Itemid=45
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ
مشاركات: 267
اشترك في: الأحد مايو 22, 2005 9:57 am
مكان: كندا

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ »

يقول غسان عبدالله عن القراءة:

"في عام 1984، نشرالراحل سليمان بشير المحاضر في حينه في جامعة النجاح في نابلس بالضّفّة الغربيّة الفلسطينيّة " مقدمة إلى التّاريخ الآخر: نحو قراءة جديدة للتراث الإسلاميّ" 10. وقد وضع الكتاب على أساس المادّة المكتشفة لأول مرة من مكتبة الجهرية القديمة في دمشق. وتضمّن الكتاب بشكل أساسي مراجع تعود إلى قرن ونّصف بعد محمد، والتي كانت مخفيّة أو تم تجاهلها من قبل مؤرخي التأريخ الرّسميّ للإسلام. وقد كان توزيع الكتاب محصور في الدّوائر العلميّة وقلما انتشر خارج تلك الدوائر، وبخاصّة خارج الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة. سبّب الكتاب لمؤلّفه الطرد من الجامعة. إلا أن النّسخ غيرالقانونيّة للكتاب، ما زالت تنتشر رغم ذلك حتّى الآن في الأردنّ وأماكن اخرى في العالم العربيّ."


[font=Tahoma]المصدر هنا

دريج
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ
مشاركات: 267
اشترك في: الأحد مايو 22, 2005 9:57 am
مكان: كندا

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ »

لسان عربى مبين؟؟


معاني القرآن على ضوء علم اللسان: كتاب للمستشرق كريستوف لوكسنبرغ
د. رالف غضبان بمراجعة المؤلف

الخميس 5 تموز (يوليو) 2007

صدر في العام 2000 كتاب للمستشرق الألماني (كريستوف لوكسنبرغ ) يعرض فيه قراءة جديدة للمقاطع الغامضة الواردة في القرآن الكريم بعنوان : Die syro-aram&auml;ische Lesart des Koran. Ein Beitrag zur Entschlüsselung der Koransprache (Das Arabische Buch, Berlin 2000) " قراءة آرامية سريانية للقرآن ـ مساهمة في تفسير لغة القرآن " (دار الكتاب العربي، برلين 2000 )

لمّا تعذَّر على أهل اللسان إيضاح ما غمُض في لغة القرآن مع قوله بالنزول بلسان عربي مُبين، ذهب المفسّرون إلى أنّ هذا الغموض يعود إلى لغة قريش مُعللين اعتقادَهم بقوله تعالى (وما أرسلنا من رسولٍ إلا بلسان قومِه ليُبيّن لهم) (سورة ابرهيم، الآية 4).

إنطلاقا من هذا الإشكال يتمَحْوَر البحث الجديد حول واقع اللغة، وبالأخص لغة الكتابة التي كانت منتشرة في مِنطقة الشرق العربي في الفترة التي دُوّن فيها القرآن الكريم. هذه اللغة هي الآرامية، وقد نعتها الإغريق منذ عصر ما قبلَ الميلاد بالسُريانية نِسبة إلى مملكة آشور في بلاد ما بين النهرين وسوريا الطبيعية. وتنتمي أقدم نقوش آرامية اُكتُشِفت حتى الآن إلى القرن التاسع قبل الميلاد.

وقد عُرف الآراميون الذين اعتنقوا النصرانية بالسُريان تمييزا عن أبناء أمّتِهم الوثنيين بحيث أَضحى لقب الآرامي مُرادِفا للوثني. والطبرى لا يَذكر في تفسيره الآرامية بل السريانية. وما رفع من شأن اللغة السريانية ترجمة الكتاب المقدس (التوراة والإنجيل) منذ القرن الثاني الميلادي وربما قبله إلى سريانية الرُّهَى، وهي اللغة الآرامية المَحكِيّة في مِنطقة الرُّهَى (وهي أورفا الحالية) الواقعة في شمال غرب بلاد ما بين النهرين. ومع تنصّر الملك أبجَر الخامس، ملك الرُّهَى، في أواخر القرن الثاني الميلادي وانتشار النصرانية على يد السُريان انطِلاقا من سوريا وبلاد الرافدين، أصبحت السريانية بفضل ذلك لغة الكتابة ليس في سوريا وبلادِ ما بين النهرين فحَسْب، بل وتجاوَزتها إلى مناطقَ مجاورة، منها بلاد فارس وشبه الجزيرة العربية. وقد ورد في حديث نَبَوي شريف أن النبي (صلعم ) طلب من زيد بن ثابت الذهاب إلى بلاد الشام لتعلّم السريانية، مما يبيّن لنا أهمية اللغة السريانية (المسيحية) في العصر الذي نشأ فيه القرآن الكريم وما بعده. إذ نعلم من تاريخ الأدب العربي اللاحق أن للسريان حظا وافرا في تطوير اللغة العربية الكتابية بما أنجزوه من ترجمات من السريانية واليونانية إلى العربية في العصر العباسي، فأضحَت اللغة العربية بعد السريانية لغةَ الآداب والفلسفة والعلوم. والمعروف أن الآرامية القديمة بدأ تدوينها بحسب النقوش المكتشفة منذ القرن التاسع قبل الميلاد، وأن ملوكَ الفرس اتخذوها لغة دَواوينِهم واستعملوا الخط الآرامي لكتابةِ الفارسية الوسطى (البَهلويّة) كما اتخذها بنو اسرائيل بعد سَبيِـهم إلى بابل لغةً لهم، فدوّنوا بها جُزءا من كتبِهم المقدسة منها كتاب النبي دانيال وتراجمُها. وليست السريانية إلا امتدادا للآرامية القديمة بطابعها المسيحي بعد الميلاد وباتت اللغة الرسمية إلى جانب العربية في العصر الأموي حتى عهد عبد الملك بن مروان (685 – 705 م)، مما يبيّن الاتصال الوثيق الرابط بين العربية والسريانية حتى عصر ما بعد الفتوحات.

تأسيسا على هذه الخلفية التاريخية المُسَلَّم بها، ينطلق لوكسنبرغ في بحثه اللغوي من عصرٍ يسبِقُ وضعَ قواعدِ اللغةِ العربية على يد سيبَوَيْه (المتوفَّى سنة 795 م) بحوالي مِائةٍ وخمسين عاما، معتبرا أن اللسان العربي الذي أنزل به القرآن يختلف عن العربية التي وضع أسسها مجموعة من النحويين الأعاجم والعرب. ويشكك المؤلف بكفاءة هؤلاء النحويين وبالأخص الأعاجم منهم، الذين يجهلون "اللسان" الذي أنزل به القرآن، مستندا بذلك إلى صاحب "جامع البيان عن تأويل القرآن"، أبي جعفر محمد بن جرير الطبري (839 - 923 م) الذي أدرك الطابع الخاص المميز للغة القرآن، إذ ناشد "أهل اللسان الذين لهم علم باللسان الذي نزل به القرآن... والذين هم أوضحهم برهانا فيما ترجم وبيّن من ذلك... "، أن يتفضلوا بتفسير ما تيسر لهم من قبل علمهم، ومضيفا إلى ذلك: "كائنا من كان ذلك المتأول والمفسّر ".

يشير لوكسنبرغ إلى أن القرآن هو أول كتاب دوّن باللغة العربية لعدم وجود أي أثر تاريخي لمخطوط سابق ما خلا بعض النقوش النبطية القريبة من العربية. وكان الخط العربي في بداياته كنظيره النبطي مجردا من النقـاط والحركات. يشـهد على ذلـك العديـد من المخطوطات القرآنية وغيرها المحفوظة في المتاحف شرقا وغربا، وآخرها تلك التي اكتشفت في أوائل السبعينات تحت سقف جامع صنعاء الكبير. وهناك إجماع على أن النقاط المميزة لاثنين وعشرين حرفا من حروف الأبجدية العربية قد أضيفت إلى النص القرآني في وقت لاحق. إلا أن هناك غموضا حول الزمن الذي تم فيه التنقيط. لكن الملاحظ أن الطبري (القرن التاسع / العاشر ميلادي) قد اعتمد في تفسيره إجمالا على النص الحالي المنقوط.

يؤكد المؤلف أنه وضع جانبا كل النظريات السابقة الصادرة عن مستشرقين أو عرب في محاولاتهم العديدة لتفسير القرآن انطلاقا من عربية سيبويه وما بعده التي ليست بعربية القرآن، مستندا فقط إلى علم اللسان الذي يقضي بقراءة النص وفهمه في إطاره الزمني مجردا من المؤثرات اللاحقة. ولأن المفسرين اعتمدوا على النقل الشفهي اللاحق دون المبالاة باللغة طبقا لإطارها التاريخي، وقعوا في الخطأ ونتج عن ذلك ما يعرف بـ "المقاطع الغامضة" في القرآن. ويؤكد لوكسنبرغ بأنه علاوة على "المقاطع الغامضة"، هناك نصوص أخرى في القرآن غير مشكوك قي صحة فهمها العربي حتى الآن، بيّن البحث أنه ينبغي إعادة قراءتها على ضوء علم اللغة الموضوعي. وقد سلك لوكسنبرغ في بحثه هذا منهجية تتلخص بخطة تدريجية قوامها خمسة وهي :

1) يراجع لوكسنبرغ في خطوة أولى تفسير الطبري تقديرا منه بأن التقليد الاسلامي ربما احتفظ بالشرح الصحيح دون أن يأبه به المفسرون داعما ذلك بالأدلة اللغوية. وإلا فيلجأ في خطوة ثانية إلى موسوعة لسان العرب لابن منظور (1232 ـ 1311 م ) ربما يعثر فيه على الشرح المناسب، سيما وأن الطبري لم يرجع في تفسيره إلى أي قاموس عربي كان، معتمدا على النقل الشفهي دون سواه ولو أنه استشهد في بعض الحالات بالشعر العربي مع بعده من لغة القرآن. وكثيرا ما يؤدي هذا التحقيق إلى نتيجة إيجابية.
2) فإن لم يكن ذلك، عمد لوكسنبرغ إلى قراءة الرسم القرآني دون أي تغيير قراءة سريانية أعطت النص في عدد من الحالات معناه المنطقي.
3) وإن لم يكن ذلك، باشـر لوكسنبرغ في محاولة أولى بتغيير نقاط الحروف التي ربما وضعت عن عدم إلمام المحقق العربي بمفهوم نص القرآن في قراءته العربية. وقد أدت هذه الخطوة في حالات غير قليلة إلى نتائج إيجابية.
4) وإن لم يكن ذلك، شـرع الباحث في محاولة ثانية بتغيير نقاط الحروف بهدف إيجاد مصدر لقراءة سريانية، وقد أدت هذه المحاولة في حالات عديدة إلى قراءة تعيد للنص معناه الحقيقي.
5) وإن فشلت جميع هذه المحاولات وكان التعبير كتابة وقراءة عربيا لا شك فيه وإنما دون أن يعطي معنى مناسبا للنص، لجأ الباحث حينذاك إلى محاولة قصوى تكمن في ترجمة التعبير العربي إلى السريانية لاقتباس مفهوم هذا التعبير من معانى مرادفه السرياني. وقد بيّن البحث بأن هذه الخطوة تتجاوز الخطوات الأربع السابقة أهمية، إذ كثيرا ما يعطي مفهوم التعبير السرياني النص القرآني العربي الغامض معناه المنطقي الجلي.
وفي سياق تطبيقه اللغوي المفصل لهذه المنهجية تطرّق لوكسنبرغ لبعض التعابير والآيات القرآنية معتمدا في ذلك بانتظام على المراجع العلمية عربية كانت أم سريانية، نعرض منها نموذجا مبسطا لكل من الخطوات المذكورة:
أ) من جملة الآيات غير المشكوك في فهمها إلى يومنا هذا الآية 64 من سورة الإسراء. وموضوع هذه الآية أنه تعالى طرد إبليس من الجنة لرفضه السجود لآدم، فاستأذن منه إبليس أن يسمح له عز وجلّ أن يجرب الناس إلى يوم الدين، فأذن له تعالى وأردف بقوله ما يلي : (واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الآموال والأولد وعدهم وما يعدهم الشيطن إلا غرورا)

شرح الطبرى هذه الآية بالمفهوم التالي: (استفزز) بمعنى أفزع بصوتك، مع أن هذا المفهوم يناقض المفهوم القرآني القائل بأن إبليس (يوسوس في صدور الناس) (سورة الناس، 5 ). ويشير لوكسنبرغ إلى أن لسان العرب يشرح استفزه بمعنى ختله حتى أوقعه في مهلكة، وهو المفهوم الصحيح لهذا التعبير المطابق للمفهوم القرآني. ويشرح الطبري (وأجلب عليهم بخيلك ورجلك) بمعنى الهجوم على الناس بجلبة لتخويفهم بالخيالة والمشاة، وهذا المفهوم يخالف أيضا المعنى القرآني. فيقرأ لوكسنبرغ اعتمادا على اللسان أخلِب عوضا عن (أجلِب) بمعنى احتل أو أنصِب عليهم. ولمّا تعسّر الاحتيال على الناس بالهجوم عليهم بجلبة بالخيّالة والمشاة يرى لوكسنبرغ من الأنسب قراءة بحبلِك (بمعنى حبالِك أو حيَلِك) بدلا من (خيلِك) ودجلِك بدلا من (ورجِـلِـك)، مما يتوافق والمنطق القرآني. أما (وشاركهم بالأموال والأولـد) فيعجب أهل التفسير من سماحه تعالى لإبليس بمشـاركة الناس بالأموال والأولاد مع علمهم بأنه عزّ جلاله هو الذى يرزقهم إياهم، فيرى الطبري الحل بشرحه هذا المقطع بمعنى مشـاركة إبليس الناس بمال الحرام وأولاد الزنى، بينما يشـير لوكسنبرغ إلى أن مصدر (سـرك) بالسريانية مشتق منه الشَرك والأشراك بالعربية والمقصود منه مصدر شرّكَ بمعنى أغرى، مستشهدا لذلك بالحديث النبوي الشريف القائل: (أعوذ بك من شرّ الشيطان وشَرَكِه). والمفهوم القرآني أن إبليس يغري الناس بوعده الكاذب إياهم بالمال والبنين وليس بمشاركته إياهم بهم، ويتضح هذا المفهوم من نهاية الآية: (وعدهم وما يعدهم الشـيطن إلا غرورا) (أنظر كتاب لوكسنبرغ ص 216 – 220 ). وتعطي هذه الآية لوحدها خمسة أمثلة نموذجية عن نقاط المنهج رقم 1 و 2 و 3.

ب) مثالا عن المنهج رقم 2 هناك كلمة بسيطة عجز المفسرون شرقا وغربا عن شرحها حتى الآن وردت في سورة المدّثر الآية 51 وهي (قسْوَرة)، ومفهومها من نص الآيات 49 -51 : (ما لهم عن التذكرة معرضين / كأنهم حمر مستنفرة / فرت من قسورة )
أجمع المفسرون العرب على أن هذه الكلمة حبشية الأصل لبعدها عن العربية وقـدّروا بأنه لا بد أن المقصود منها الأسـد لفرار الحُمُر (أي الحمير) منه، بعد أن تبيّن لأحد المفسرين بأن الأسد يقال له بالسريانية (أريا)، مما يدل على أن بعضهم كان له إلمام بالسريانية. ثم جاء المفسرون الغربيون فبحثوا في أصل هذا التعبير ولم يجدوا له اشتقاقا من الحبشية، فاستنتجوا بأن معنى الأسد أقرب ما يمكن اشتقاقه من أصل قسـر العربي الذي يعني أرغم وأجبر، وأن المعنى الحقيقي لهذا التعبير ما زال غامضا. إلا أن الرسم القرآني يشير إلى اسم فاعل سرياني على وزن (فعولا) (بقراءة فاعولا fa‘ola ) المشتق منه الوزن العربي فعول وفاعول.

والكلمة هي في الواقع سريانية الأصل ويمكن اشتقاقها من أصل قسر وقصر كما تثبته لنا القواميس السريانية، فنجـد هذا التعبير بقلب السـين والواو بكتابة (قوسرا qusra ) بالسين و(قوصرا) بالصاد، وهي كتابة سريانية لا تختلف لفظا عن كتابة (قوسره) qusra و(قوصره) في غيرها من اللهجات الآرامية. ويذكر لسـان العرب بأن أهل البصرة يقولون للمرذول إبن قَوْصَرة qausara (والأصح قوصْرَه qusra أو قوصْرا لفظا والقاصر أو الفاشل معنى) ناسبا إلى أبن دُرَيد قوله: لا أحسَـبُه عربيا ولو نطقوا به قديما، مما يثبت مجددا اختلاط اللغتين العربية والسريانية سابقا. والرسم القرآني قسوره أصحّ سريانيا ويلفظ قاسورا qasora (بلفظ الواو بالإمالة نحو الواو) وليس قَسْوَِرَة qaswara بتشكيل مُصحَف القاهرة. أما المعنى بشهادة المراجع السريانية فهو الحمار الهرم الذي لا يستطيع الحَمل. والمراد بالتعبير القرآني أن هناك احتمالين لفرار الحمر المستنفرة: أ ) إما الهرب من شيء مرعب كالأسد، وهذا أمر بديهي يبرر الهربَ منه، ب ) وإما الهرب من شيء غير مفزع، كقولك عن أحد يهرب من خياله! وهذا هو المقصود في النص القرآني الذي يشـبّه استنفار الهاربين من تذكرة القرآن بالحمير الهاربين ليس من نظيرهم فحسب، بل ومن دابة هرمة هالكة ليس فيها ما يدفع إلى الهرب. ويقابل هذا التعبير بالعربية القاصر المثبت للأصل السرياني لفظا واشتقاقا ومعنى (انظر كتاب لوكسنبرغ ص 45 – 47). ج ) يشير لوكسنبرغ إلى أن المفسرين العرب فهموا كلمة قسورة qaswara qasora / بمعنى الأسد بينما المقصود منه الحمار الهرم بالسريانية، وقرأوا الرسم القرآني (وانظر إلى حمارك) (سورة البقرة، 259 ) بمعنى الحمار عربيا، بينما المقصود منه سريانيا صفة لبني آدم. وتوضيحا لهذا التعبير نأخذ عن لوكسنبرغ (ص 176 – 183) الآية المذكورة كمثال عن المنهج رقم 2 و 4 (وموضوع الآية أن الله أمات إنسانا لا يؤمن بالقيامة ثم بعثه بعد مائة عام فقال له) : (وانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر ألى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما) قبل الوصول إلى كلمة (حمارك) يتساءل لوكسنبرغ عما عساه تعالى يقصده بالإشارة إلى هذا الإنسان الذي بعثه بعد ممات مائة عام إلى طعامه وشرابه، مع أنه ليس هناك أي صلة بالطعام أو الشراب. ولما لم يمكن فهم هذين التعبيرين عربيا بغير مفهوم الأكل والشرب، يرى الباحث شرحهما بمفهوم سرياني يوافق النص القرآني. ولما كانت الألف الوسطى مضافة غالبا في المصاحف اللاحقة، يقرأ لوكسنبرغ سريانيا طعما بشرح المراجع السريانية التي تعطي 1) معنى العقل والفهم ومشيرا إلى التعبير (السرياني الآصل) الشائع في الدارجة القائل (حكي بلا طعمه) بمعنى بلا فهم، و 2) معنى الحال والشأن والأمر. ولما كان هذا المعنى مطابقا للتعبير السرياني التابع (شـربا sharba ) (بغير معنى الشراب العربي)، يرى لوكسنبرغ بأن هذين اللفظين مرادفان بدليل الفعل التابع لهما بصيغة المفرد المذكر (لم يتسنّه)، وناسبا هذا الفعل أيضا إلى أصله السرياني (إشتني) eshtni الذي يعني تغيّر طبقا لشرح الطبري، فيكون المفهوم: (أنظر إلى حالك وأمرك، لم يتغيّر ).

ويشـرح لوكسنبرغ بأنه علينا أن نفهم الرسم (حمارك) بقراءة سريانية (جمارك) gam&aacute;rika أي كمالك (ومنها بالعربية كلمة الجمر أي اكتمال النار في الفحم)، فيقرأ لوكسنبرغ الآية كالآتي: (وانظر إلى كمالك)، مما يعطي معنى منطقيا إلى ما سبق بخلاف القراءة التي درجت منذ تنقيط القرآن بمعنى الحمار الذي ليس له أي مكان في هذا النص. ودليـل ذلـك أنّ تعـالى يُردِف قائلا : (ولنجعلك آية للناس) وليس (لنجعل حمارك آية للناس). ويشير لوكسنبرغ أخيرا إلى أن قراءة (ننشزها) خاطئة والمفروض قراءتها (ننشرها) داعما هذه القراءة العربية بدليل مرادفها السرياني (فشط) pshat الذي يعني عدا نشـر وبسط : أصلح وعدّل، فيكون معنى الآية بقراءتها العربية والسريانية: (أنظر إلى حالك وأمرك لم يتغيّر وانظر إلى كمالك ولنجعلك آية للناس أنظر إلى العظام كيف نصلحها ثم نكسوها لحما)..

كمثال آخر عن المنهج رقم 4 نذكر عن كتاب لوكسنبرغ (ص 102 - 121) تفسير الآية 24 من سورة مريم : (فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتـك سـريا) يشير لوكسنبرغ في بداية شرحه إلى السيوطي (1445 – 1505 م) الذي يذكر عن أبي القاسم في كتابه "لغات القرآن" وعن الكرماني في كتابه "العجائب" بأن تحت كلمة نبطية (وهي لغة الأنباط السريانية أو مزيج من العربية والسريانية) تعني البطن (بمعناها السرياني جنين). ولم يأبه المشتشرقون لهذا الشرح معتبرين بأن تحت في اللغات الآرامية والعبرية والسريانية والحبشية لا تختلف عن معناها العربي بشيء. ولم يرد في تفسير الطبري أي شك عن معنى تحت ما خلا التساؤل عمّا إذا كان الذي نادى مريم من تحتها جبريل أم عيسى (عليه السلام)، بينما اختلف أهل التأويل في تفسير سريا، فاعتبره الطبري جدول ماء، داعما ذلك بقوله تعالى : (فكلي واشربي) (الآية 26). وأيد المفسرون الغربيون هذا المفهوم بالإشارة إلى مقطع من إنجيل منحول منسوب إلى متى ورد فيه بأن عيسى (عليه السلام) لدى هربه مع أمه مريم إلى مصر طلب من النخلة، حيث لجآ للاستراحة أثناء عبورهما الصحراء، أن تفتح جذورها لتخرج ماءا وتروي ظمأ أمه. واعتبر المفسرون الغربيون هذه الرواية مطابقة لما ورد في القرآن إثباتا لكلمة سـريا بمعنى الجدول. ويرى لوكسنبرغ بأن المفسرين شرقا وغربا قد أخفقوا في محاولاتهم لتوضيح هذه الأية لاعتمادهم على مجرّد اللغة العربية اللاحقة من ناحية ولاستشهادهم بنص بعيد عن مفهوم النص القرآني من ناحية أخرى.

وفي شرحه المفصل لكلمة "تحت" يشير لوكسنبرغ إلى أن لا أصل لها في العربية وأنها مشتقة من الفعل السرياني (نحِت) nhet (بلفظ نحِث nheth وبمعنى نزل وانحدر) المشتق منه الفعل العربي نحت المفهوم منه نحت الحجر وغيره لتسويته أو صقله، والمراد منه سريانيا تنزيل ما زاد منه، ومنه النحاتة أي ما نزل من كسارة لدى النحت. وقد ورد هذا التعبير بالمعنى المجازي في بيت للشاعرة الخرنق، أخت الشاعر طرفة (حوالي 538 - 564)، ونصه : الخالطين نحيتهم بنُضارهم وذوي الغنى منهم بذي الفقر
يلاحظ لوكسنبرغ بأن لسان العرب أخطأ بشرحه معنى النحيت بالدخيل على قوم لعدم فهمه أصل فعل نحت السرياني بمعناه المجازي، مع أن تعبير النُضار (أي الأشراف) يوضح المعنى المناقض للنحيت الذي يعني بالسريانية الوضيع الأصل، القليل الحسب والنسب، كما يتضح هذا النقيض من خلط ذوي الغنى منهم بذي الفقر. وتمهيدا لقراءة الرسم الفرآني (تحتها وتحتك) بمعنى البطن (أي الجنين) المنسوب إلى النبطية بحسب السيوطي نقلا عن أبي القاسم والكرماني، ينفي لوكسنبرغ هذا المفهوم، إلا أنه يرى له علاقة بالمقصود به إذا قرأنا بدلا من (تحتك) نحتك بلفظ نُحاتكِ بمعنى وضعك أو توليدك بالسريانية. وإثباتا لهذا المعنى يشرح لوكسنبرغ بأنه علينا أن نفهم حرف من ليس بمعنى ظرف المكان العربي (من تحتها) بل بمفهوم ظرف الزمان السرياني (من نُحاته)ا nuhatiha أي حال وضعها. ويثبت هذا المعنى السرياني لحرف من قولك في الدارجة: (من وصلتي قلتلّه) أي حال وصولي قلت له.

وتوضيحا لشرحه تعبير النُحات بمعنى الوضع أو التوليد، يلاحظ لوكسنبرغ بأن هذا المفهوم لم يرد في المراجع السريانية، وإنما ورد مرادف له وهو (نفَل) nfal أي هبط وسقط في مرجع آرامي آخر بمعنى الوضع أو التوليد غير الطبيعي أو الفائق الطبيعة بخلاف الولادة الطبيعية. ولما لم يرد في القرآن سوى وَلَدَ ووَضَعَ للتعبير عن التوليد أو الولادة الطبيعية، ينبّه لوكسنبرغ إلى أهمية تعبير النُحات الذي لم يرد في القرآن إلا في هذه الآية تعبيرا عن ولادة عيسى (عليه السلام) غير الطبيعية أو الفائقة الطبيعة مميزا إياه عن ولادة أي مخلوق آخر، والمعنى الحقيقي للنُحات هو التنزيل، وربما كان المراد به تنزيله من العُلا. ويرى لوكسنبرغ في هذا المقطع من سورة مريم وبالأخص في هذا التعبير أصطلاحا لاهوتيا ذا أهمية قصوى بالنسبة إلى تاريخ الأديان.

استنادا إلى ما سبق يكون مفهوم المقطع المذكور: فناداها حال وضعها ألا تحزني قد جعل ربك وضعك سـريا !
لإيضاح معنى سريا المختلف عليه، يباشر لوكسنبرغ بنقض ما حاول المفسرون شرقا وغربا فهمه بمعنى جدول الماء، مشيرا إلى أن استناد الغربيين إلى المقطع المذكور من إنجيل منحول منسوب إلى متى لا يأخذ بعين الاعتبار النص القرآني. فإن أمر الطفل عيسى (عليه السلام) النخلة بتفجير الماء لإرواء ظمأ أمه، بحسب هذا الانجيل، فالسبب يعود إلى انقطاع الماء في الصحراء المجاورة. أما في النص القرآني فالوضع يختلف تماما. فهتاف مريم (يليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا) (الآية 23 ) لم يأت عن خوف منها من الموت عطشا، بل بالأحرى عن يأسها لاتهامها بصورة غير مباشرة بالحمل الحرام كما يتضح ذلك من الآية 28: (يأخت هرون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا)، ولنبذها لهذا السبب من بيت أهلها وفقا للآية 16: (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا).

ويشرح لوكسنبرغ فعل انتبذت بمعنى طُرِدت من (قبل) أهلها بصيغة المجهول وفقا للنحو السرياني الذي يجيز استعمال المجهول مع ذكر الفاعل بخلاف النحو العربي الذي وُضعت قواعده فيما بعد عن يد أعاجم لم يلمّوا بأصول لغة القرآن. ويشير لوكسنبرغ إلى مقاطع أخرى في القرآن ورد فيها الفعل المجهول مع ذكر الفاعل بواسطة حرف مِن، منبّها إلى أن القرآن لا يخضع لقواعد العربية اللاحقة وأنه على الباحث أن يأخذ بعين الاعتبار قواعد السريانية التي تفتح لنا أبعادا جديدة لفهم لغة القرآن وإدراك معانيه.

ثم يردف لوكسنبرغ في شرحه لِما اتهمت به مريم بأنه لا يعقل أن يكون أول كلام وجهه اليها ابنها حال ولادته للتخفيف عن يأسها عبارة عن جدول ماء جعله ربها تحتها. إنما المنتظر أن يكون في كلامه لها عزاء يناقض اتهامها بالحرام لإزالة هذا العار عنها. ولما كان نقيض ابن الحرام (وفقا للكلام الذى ما زال دارجا) ابن الحلال، يثبت لوكسنبرغ بالمراجع السريانية بأن الرسم القرآني (سـريا) sariyya يلفظ سريانيا شـريا shary، وهو عبارة عن صفة فعلية مشتقة من فعل شـرا shra (أي حلّ) وتعني الحلال. وعليه وجب قراءة الآية كما يلي : (فناداها من نُحاتِها ألا تحزني قد جعل ربك نُحاتكِ شـريا ) كما وجب فهمها وفقا للعربية المعاصرة كالتالي : (فناداها حال وضعها ألا تحزني قد جعل ربك وضعَكِ حلالا ).

الـخــلاصــة لم يُعرض في هذا الملخّص إلا نماذج يسيرة عما غمض في القرآن توضيحا للمنهج الذي اتبعه الباحث في دراسته التي تزيد عن 300 صفحة. ويقول المؤلف في المقدمة بأن هذه الدراسة لا تشكل سوى جزءا من أبحاث واسعة حول لغة القرآن يأمل نشر نتائجها فيما بعد. وبذكره الأبحاث اللغوية التي نشـأت في الغـرب منذ منتصف القرن التاسع عشـر، يشـير لوكسنبرغ إلى أن هذه الأبحاث اقتصرت على شرح اشتقاق عـدد محدود من الألفـاظ غير العربية في القرآن دون تغيير معانيها، بينما تبيّنت من هذه الدراسة مفاهيم جديدة بعيدة كل البعد عما سبق تفسيره لألفاظ ومقاطع غير يسيرة في نص القرآن. ومن جملة هذه المفاهيم التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من العقائد الاسلامية بخصوص الجنة تفسير لوكسنبرغ الجديد لما أجمع التقليد الاسلامي على تسميته بـ "حوريات الجنة". وفي تحليل لغوي معمّق للآيات المنسوبة لها، يشرح لوكسنبرغ على 40 صفحة (221-260) بأن أهل التفسير شرقا وغربا قد أخطأوا في فهمهم التعابير القرآنية اعتمادا على عربية ما بعد سيبويه. ويبيّن لوكسنبرغ لغويا وموضوعيا بأن هذه التعابير ترجع إلى نصوص سريانية معروفة بالـ "ميامر" ألفها أفرام السرياني (306 – 373 م) في القرن الرابع ميلادي عن الجنة. وخلاصة الشرح أن لفظة حـور صفة سريانية للعنب الأبيض وأن عين صفة اسمية تعبر عن صفاء وبريق الحجارة الكريمة التي ينعت بها القرآن نصاعة العنب الأبيض إذ يشبهه باللؤلؤ المكنون. ولما نعت القرآن (الولدان المخلدون) بنفس التعبير، تبيّن كذلك بأن المراد بالولـدان وفقا للمرادف السرياني (يلـدا yalda ) : الثمار، فتوجّب قراءة مجلدون بدلا من (مخلدون)، أي أن ثمار الجنة تؤكل باردة (مجلّدة) بخلاف أهل الجحيم (الآكلون من شجر من زقوم … فشربون عليه من الحميم) (سورة الواقعة، الآية 52، 54 ).
ويستنتج لوكسنبرغ من تحليله اللغوي بأن "اللسان الذي أنزل به القرآن" لا يمكن فهمه إلا بالرجوع إلى لغة القرآن الأساسية ضمن مفهومها التاريخي والتي يكمُن سـرُ فهمها في انسجام عناصر من اللغتين العربية والسريانية
.


[email protected]

[font=Tahoma]المصدر هنا
دريج
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ
مشاركات: 267
اشترك في: الأحد مايو 22, 2005 9:57 am
مكان: كندا

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ »

الحور العين و الولدان المخلدون؟

الحكاية ليست سوى عنب ابيض و "شوية" فاكهة باردة

يقول رالف غضبان فى عرضه:


" ومن جملة هذه المفاهيم التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من العقائد الاسلامية بخصوص الجنة تفسير لوكسنبرغ الجديد لما أجمع التقليد الاسلامي على تسميته بـ "حوريات الجنة". وفي تحليل لغوي معمّق للآيات المنسوبة لها، يشرح لوكسنبرغ على 40 صفحة (221-260) بأن أهل التفسير شرقا وغربا قد أخطأوا في فهمهم التعابير القرآنية اعتمادا على عربية ما بعد سيبويه. ويبيّن لوكسنبرغ لغويا وموضوعيا بأن هذه التعابير ترجع إلى نصوص سريانية معروفة بالـ "ميامر" ألفها أفرام السرياني (306 – 373 م) في القرن الرابع ميلادي عن الجنة. وخلاصة الشرح أن لفظة حـور صفة سريانية للعنب الأبيض وأن عين صفة اسمية تعبر عن صفاء وبريق الحجارة الكريمة التي ينعت بها القرآن نصاعة العنب الأبيض إذ يشبهه باللؤلؤ المكنون. ولما نعت القرآن (الولدان المخلدون) بنفس التعبير، تبيّن كذلك بأن المراد بالولـدان وفقا للمرادف السرياني (يلـدا yalda ) : الثمار، فتوجّب قراءة مجلدون بدلا من (مخلدون)، أي أن ثمار الجنة تؤكل باردة (مجلّدة) بخلاف أهل الجحيم (الآكلون من شجر من زقوم … فشربون عليه من الحميم) (سورة الواقعة، الآية 52، 54 )."


دريج
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ
مشاركات: 267
اشترك في: الأحد مايو 22, 2005 9:57 am
مكان: كندا

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ »

ما الإسلام؟

فى مقالته "ما الإسلام"
يتعرض بالنقد نبيل فيّاض للعديد من القضايا المرتبطة بالإسلام تاريخياً و جغرافياًُ و سياسياً و نفسياً. و لكن أهم من كل ذلك يتعرض للجذور اليهودية الحاخامية للإسلام. فعلى سبيل المثال‘ يقول نبيل فياض:

" لقد خرج الإسلام من رحم اليهودية - التلمودية - الحاخامية!
فرغم كل ما قيل أو يقال حول العلاقة بين الإسلام والنصرانية(2) - وليس المسيحية - فالإسلام، في نهاية الأمر، لم يخرج إلا من الرحم الآنف الذكر. لقد أشار غنزبرغ في عمله الشهير أساطير اليهود إلى أن القرآن يعرف الهاغاداه أكثر مما يعرف التوراة - إنه ينظر إلى التوراة في الواقع في ضوء الهاغاداه(3). من الجانب الألماني، يطالعنا عمل أ. غايغر الطليعي، ماذا أخذ محمّد من اليهودية Was hat Mohammeds aus dem Judenthume aufgenomen؟ الذي قد يعتبر الأول من نوعه في حقل العلاقة الجوهرية بين الإسلام الأرثوكسي واليهودية التلمودية الحاخامية. مع ذلك، ففي اعتقادنا أن هـ. شباير هو أفضل من كتب، بتفاصيل وافية، في ذلك الحقل حتى الآن: الحكايا الكتابية في القرآن Die biblischen Erzنhlungen im Quran، هو عمل شباير المحوري، الذي نقدّمه أيضاً، ضمن هذه السلسلة."

أو فى قوله:

" الإسلامية السنية واليهودية الحاخامية - ممهور بالروح التلمودية. وأهم مراجعه تغصّ حتى الاختناق بالتراثيات الحاخامية. ورغم كل العدائية التي يظهرها شيوخ السنّة لليهود، إلا أنك تشعر بالمعاشرة وكأن حاخاماً صغيراً يسكن داخل كل شيخ، يبرمجه بأسلوب حاسوبي، ويتحكّم في تصرفاته منذ ولادته وحتى مماته.وحده عنصر الزمن، هذا العنصر السيء السمعة، هو الذي يجعل الشيخ يشعر أنه نقيص الحاخام مع أنه النتيجة الطبيعية له."

أو فى قوله:

" بعكس اليهودية، أخذ الإسلام الطابع التبشيري والذي كان بحاجة ماسة له آنذاك
(-والآن؟! -) من أجل تضخيم مضطرد لبنيان القوة فيه. وهكذا، كان لابدّ له أن يمتد إلى شعوب وإثنيات ولغات متباينة - لكن الإسلام، بعكس المسيحية هنا، بدل أن يكسر جدران الغيتو الأصلي لإنشاء حضارة عالمية ذات حقيقة إسلامية، أجبر الحضارات على حمل هويته الخاصة وأدخلها بالتالي في «غيتووه» طارحاً أمامها خيارات ثلاثة: إمّا أن تتمثّل قيم الغيتو وعالمه؛ أو أن تعيش داخل جدران ذلك الغيتو معزولة ومقهورة وقابعة في غيتوهات أصغر تضيق باستمرار الى ان تنتهي؛ أو أن تقاتل حتى الفناء. - باختصار: عوض أن يكسر الإسلام جدران الغيتو كي ينطلق حراً، خالياً من أثر الرحم الأصلية، وسّع جدران الغيتو حتى طوّقت العالم كله تقريباً. «لكنه ظلّ غيتو يهودي الرائحة والطعم والنكهة»."

أو ما ذهب إليه فى قوله:

" مقابل العبرية، فُرضت العربية على كل من أسلم أو تأسلم لأنها لغة الإله والملائكة والعبادات (ملائكة اليهود لا تفهم غير العبرية وبالتالي لا تستطيع أن تنقل إلى يهوه أية صلاة بغير تلك اللغة؛ وملائكة الإسلام لا تفهم إلا العربية)."


[font=Tahoma]المقال: الجزء الاول

[font=Tahoma]المقال: الجزء الثانى

دريج
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ
مشاركات: 267
اشترك في: الأحد مايو 22, 2005 9:57 am
مكان: كندا

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ »

اللوح المحفوظ؟؟؟؟

"لقد رأينا من قبل أنه بعد مقتل عدد كبير من القراء في معركة اليمامة ذهب جزء من القرآن كان لا يعلمه إلا هؤلاء. هناك أيضا عدد من الروايات الصحيحة توضح أن آيات منفردة و أحيانا مقاطع كاملة فقدت من القرآن. لقد أجمع المؤرخون المسلمون القدامى على أن القرآن في حالته الراهنة غير مكتمل : "قال أبوعبيد‏:‏ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ ليقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله قد ذهب قرآن كثير ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر‏.‏ " ( (السيوطي-الإتقان في علوم القرآن)"

النص الكامل و المصدر

دريج
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ
مشاركات: 267
اشترك في: الأحد مايو 22, 2005 9:57 am
مكان: كندا

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ »

كازانوفا؟؟؟

" لقد لعبت المرأة دورا رئيسيا في ظهور نبي الإسلام ؛ فخديجة كان أبن عمها ورقة بن نوفل قس مكة الذي ترجم الإنجيل العبراني وعاش محمد في كنفها وتعلم طيلة خمسة عشر عاما معها ينهل من تعاليم القس قبل أن يدعي النبوة وهي التي كانت وراء تحديد ذلك التابع الذي كان يأتي محمدا وكان لقولها الفصل بين النبوة والكهانة ؛ كما كان لعائشة وحفصة دورا في توطيد العلاقة مع ساعديه عمر وأبي بكر. لقد تضاربت الأقوال في عدد أزواج النبي المدخول بهن وغير المدخول بهن ومن وهبن أنفسهن للنبي ومن خطبها ولم يتفق على تزويجها أو عرضت عليه فأباها أو تزوجها وماتت قبل الوصول إليه أو مات النبي قبل الدخول بها وكذلك الاختلاف في عدد سراري النبي ويزيد عدد هؤلاء النسوة عن الأربعين امرأة.

1. خديجة بنت خويلد
2. سودة بنت زمعة
3. عائشة بنت أبي بكر
4. حفصة بنت عمر بن الخطاب
5. زينب بنت خزيمة
6. أم سلمة هند بنت أبي أمية
7. زينب بنت جحش
8. جويرية بنت الحارث
9. ريحانة بنت زيد بن عمر
10. أم حبيبة بنت أبي سفيان
11. صفية بنت حيي بن أحطب
12. ميمونة بنت الحارث
13. فاطمة بنت الضحاك
14. عمرة بنت يزيد بن الجون تزوجها صلعم فبلغه أنها بها برصا فطلقها ولم يدخل بها .. ..
15. العالية بنت ظبيان قال أبو عمر تزوجها صلعم وكانت عنده إلى ما شاء الله ثم طلقها.
16. أسماء بنت النعمان كانت من أجمل نساء العرب فقالت لها عائشة إنه يعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول أعوذ بالله منك ؛ فلما أغلق النبي الباب وأرخى الستر ؛ قالت أعوذ بالله منك فقال لها ألحقي بأهلك.
17. أميمة بنت شراحبيل قال لها النبي هبي لي نفسك ؛ فقالت وكيف تهب المليكة نفسها للسوقة؟ فأهوى إليها ليسكتها ؛ فقالت أعوذ بالله منك؛ قال قد عذت بمعاذ وأراد عمر أن يؤذيها؛ فقالت والله ما ضرب عليّ الحجاب ولا سميت أم المؤمنين.
18. قتيلة بنت قيس : لما استعاذت أسماء بنت النعمان من النبي ؛ خرج والغضب يعرف في وجهه ؛ فقال له الشعث بن قيس ألا أزوجك من ليس دونها في الجمال والحسب؟ قال من؟ قال أختي قتيلة ؛ قال النبي قد تزوجتها ومات النبي وهي في الطريق قبل أن تصل إليه.
19. عمرة بنت معاوية الكندية : وصلت إلى النبي بعد موته.
20. أسماء بنت الصلت : قيل ماتت قبل أن تصل إليه ؛ وقيل لما مات إبراهيم قالت لو كان نبيا ما مات حبيبه فخلى سبيلها.
21. مليكة بنت كعب الليثى : تزوج النبي صلعم مليكة بنت كعب وكانت تذكر بجمال بارع ؛ فدخلت عليها عائشة فقالت أما تستحي أن تنكحي قاتل أبيك؟ فاستعاذت من رسول الله صلعم ؛ فطلقها فجاء قومها فقالوا يا رسول الله إنها صغيرة لا عقل لها وأنها خدعت فأبى أن يرجعها.
22. ابنة جندب بن ضمرة الجندعي : قال الدمياطي تزوجها وأنكر ذلك الواقدي.
23. الغفارية : أمرها النبي فنزعت ثيابها فرأى بها بياض فقال لها ألحقي بأهلك.
24. خولة بنت الهذيل : ماتت في الطريق قبل وصولها إليه.
25. شراف بنت خليفة الكلبية هي أخت دحية الكلبي هلكت قبل دخوله بها.
26. خولة بنت حكيم : يقال وهبت نفسها للنبي.
27. ليلى بنت الخطيم : وهبت نفسها للنبي ؛ فقبلها ثم جاءته فقالت إن الله أحل لك النساء وأنا طويلة اللسان واستقالته ؛ فقال قد أقلتك.
28. ليلى بنت حكيم الانصارية : هي ممن وهبن أنفسهن للنبي.
29. أم شريك غزية : هي التي وهبت نفسها للنبي وكانت جميلة وقد أسنت(كبرت) فقالت إني وهبت نفسي لك أتصدق بها عليك فقبلها النبي فقالت عائشة ما في امرأة تهب نفسها لرجل خير قالت أم شريك أنا تلك فسماها الله مؤمنة فقال الله تعالى وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا ..(الأحزاب33: 50)

يلح على رأسي حديث للنبي صلعم عن معاذ قال النبي صلعم أيما امرأة زوجت نفسها من غير ولي فهي زانية.

(*)الجامع الصغير للسيوطي حديث رقم2994

ماذا عن هؤلاء النسوة اللاتي وهبن أنفسهن للنبي؟ هل وهبن أنفسهن بوليّ؟ إذا كانت المرأة زانية إذا زوجت نفسها ؛ فماذا عن الرجل الذي قبلها وضاجعها؟
30. الشنباء : ذكرها الشيخ الدمياطي من أزواج النبي.
31. أم هانئ بنت أبي طالب : خطبها النبي في الجاهلية فزوجها أبي طالب هبيرة بن أبي وهب ؛ فقال له محمد زوجت هبيرة وتركتني!! فقال يا بن أخي الكريم يكافئ الكريم ؟؟؟ هل هبيرة أكرم من الصادق الأمين؟
32. ضباعة بنت عامر بن قرط : ذكر جمالها عند النبي وكانت إذا جلست أخذت من الأرض شيئا كثيرا (أي كبيرة المقعدة) فخطبها النبي وقيل للنبي أنها كبرت فسكت عنها!!!
33. صفية بنت بشامة : أصابها النبي في سبي فخيرها فاختارت زوجها.
34. جمرة بنت الحارث
35. سودة القرشية : خطبها النبي ولم يتزوجها.
36. أمامة بنت عمه حمزة
37. أم حبب أو أم حبيبة بنت العباس عن أبن عباس قال نظر النبي صلعم إلى أم حبب بنت العباس تدب بين يديه فقال لئن بلغت هذه وأنا حي لتزوجتها فقبض قبل أن تبلغ فتزوجها الأسود فولدت له لبابة.
38. مارية القبطية أم إبراهيم
39. نعامة من سبي بني العنبر : كانت جميلة عرض عليها النبي أن يتزوجها فلم تلبث أن جاء زوجها الحرش.
40. نفيسة جارية زينب بنت جحش : وهبتها للنبي صلعم لما رضى عليها بعد أن كان غضب عليها شهرا.
41. زبيحة القرظية : مجموع من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري؛ تاريخ الطبري ؛ الطبقات الكبرى لأبن سعد ؛ السيرة الحلبية لبرهان الدين الحلبي؛ سيرة أبن هشام وغيرهم.
خلاصة القول أننا في هذا الكتاب سنتحدث عن من أجمعت عليهن أوثق المصادر وأدقها من قران وسنة وكتب التاريخ وان كنا قد أشرنا إلى البعض الآخر مجرد إشارة.
لقد اختلفت الآراء حول اكثر من أربعين امرأة بين من يؤكد زواج النبي منهن ومن ينفي لكن أجمعت الآراء على أن النبي مات وعنده تسع نسوة واتفقوا على زواجه من أربعة عشر امرأة وهذا ما سنناقشه بالتفصيل."


تنزيل الكتاب مجاناً
[font=Tahoma]هنـــــــــــــــــــــــــا

دريح
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ
مشاركات: 267
اشترك في: الأحد مايو 22, 2005 9:57 am
مكان: كندا

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ »

أسماء الله الحسنى ليست 99 إسماً!


"أكدت دراسة جامعية حول أسماء الله الحسنى أن 69 اسما فقط من الاسماء المتداولة بين المسلمين صحيحة اما الأسماء المتبقية فمنها 22 اسما ليست من الأسماء الحسنى ولكنها عبارة عن أفعال وأوصاف لا يصح الاشتقاق منها، وسبعة أسماء مقيدة بالإضافة لا بد من ذكرها مضافة كما ورد نصها في القرآن، بجانب أن الأسماء المتداولة هي 98 اسما فقط لأن لفظ الجلالة هو الاسم الأعظم الذي تضاف إليه الأسماء الأخرى.."

[font=Tahoma]الخبر والمصدر

دريج
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ
مشاركات: 267
اشترك في: الأحد مايو 22, 2005 9:57 am
مكان: كندا

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ »

إكتشاف محمد!!!!!!

فى مقالته الموسومة "غونتر لولينغ- و اكتشاف محمد" يقدم نادر قريط عرضاً موجزاً للمحاضرة التى قدمها عن أصل القرآن القديم و إكتشاف النبى محمد باحث الإسلاميات الالمانى غونتر لولينغ فى 1985 بجامعة كامبرج. يتعرض الباحث لــ"ملف مجهول من تاريخ الدعوة المحمدية".
و نتكتشف من العرض تناول الباحث للجذر اليهومسيحى للـ"إسلام" و بخاصة الابيونية التوحيدية (الاحناف) "المعاديين للصور و النحوت التى جلبتها المسيحية اليونانية ذات الاقانيم الثلاثة.." ليخلص الباحث إلى أن اصل الصدام لم يكن مع قريش الوثينة بل مع قريش المسيحية التثليثية.
و يخلص الباحث إلى "إن مشروع محمد لم يكن يقصد إخراج العرب من الوثنية إلى التوحيد الذي مثلته المسيحية واليهودية( أهل الكتاب ) بل كان يقصد الخروج والعصيان على ذلك التوحيد ( المسخ ) والعودة إلى دين إبراهيم وإسماعيل ويعقوب وموسى وعيسى،..." إلى قوله "إن عودة النبي محمد إلى الجذر الإبراهيمي هو عصيان وتمرد أمام مسيحية روم هيلينية ذات مشروع كوني ( باولوسي ) يرمي إلى تشييد امبراطوية بروليتارية لأفراد مقطوعي الجذور!!( أي أنها عودة إلى إبراهيم الذي يخاطب الله بدون تكلف، فيحدد له تخوم أرضه ونسله وصلبه."
كذلك يعتمد الكاتب مقولة "النبى الملاك" مشيراً إلى أن محمد لم يكن بحاجة إلى جبريل (الوحى!!!!).
ومن ضمن "الأشياء" التى لمسها الباحث و تعتبر من صميم الإيمان ضمن النص الاسلامى التقليدى:

الكعبة: كانت عبارة عن كنيسة عربية صغيرة
اللات و العزى و مناة: عبارة عن مريمات (مريم) عربيات
هبل: هابيل الإله المثولوجى للرعى
الصفاء و المروة: أماكن لرمى النفايات الناتجة عن القرابين التى كانت تنحر امام الكعبة المقدسة
و الأن إلى النص الكامل...
دريج
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ
مشاركات: 267
اشترك في: الأحد مايو 22, 2005 9:57 am
مكان: كندا

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ »

غونتر لولينغ- واكتشاف محمد
نادر قريط
[email protected]
الحوار المتمدن - العدد: 1932 - 2007 / 5 / 31
(غونتر لولينغ) واكتشاف محمد

أود الإشارة إلى أن هذا النص يستند على مسّودة لمحاضرة، قدمها باحث الإسلاميات الألماني غونتر لولينغ Günter Lüling في سبتمبر 1985، أثناء مشاركته في ندوة دراسية، أقامتها جامعة كامبرج، وهذه المحاضرة بدورها تلخيص لأهم أفكاره التي سبق له وأن نشرها في كتابين أولاهما (حول القرأن القديم &Uuml;ber den Ur Quran1974) وثانيهما:(إكتشاف النبي محمد ثانية Die wieder Entdeckung des Propheten Mohammed 1981 ) الذين أثارا بعيد صدورهما سخط ورفض واستنكار الأوساط الأكاديمية، ومعاهد دراسة الإسلاميات في أوروبا ، ثم تحوّلا مع مرور الزمن إلى مرجعيّن كلاسيكيين، يُشار لهما بالبنان، خصوصاً من باحثي الإسلاميات في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا. ورغم مايؤخذ على الكاتب من شطحات، لكنه امتلك نظرة ثاقبة وإحساساً مرهفاً، مكنّاه من التوغل وبلوغ المناطق المعتمة في ديانات التوحيد واستطلاع لحظات نشوئها. وهذا مثل للبعض، عصيانا وخروجا على الأنماط الأكاديمية والمدرسانية السائدة، مع أنه والحق يقال لم يبتعد قيد أنملة، عن ميدان المدرسة الفيلولوجية الألمانية، وقواعدها الصارمة. وبرأيي المتواضع، فإن إشراقات الرجل، ولمحاته الكتابية تنبع أيضاً من حبه لتراث المشرق العربي وولعه بنسيجه الحضاري، ومن المؤكد أن ولادته في سوريا عام 1928 وسط عائلة تبشيرية، ثم عمله في معهد غوته في حلب، قد منحه فرصة ثمينة للتعرف على مكنونات الشرق وتقاليده ( إضافة للحمص والفلافل ) ومن جهة أخرى شكّل أرضيّة لكراهيته ومقته حضارة الفرد الإستهلاكي.

لقد سعيت إلى تقديم الرجل كما هو، أملا في كسر حلقة الشيطان المقفلة، وفتح آفاق جديدة للرؤية. وآثرت (ما أمكن) أن أقتبس منه أفكارا كاملة، وفق لغته المسهبة، مع إلتفاف مقصود على بعض التعبيرات الحادة، والغريبة عن مناهجنا ولغتنا (المدلسة والمداهنة). وأشير أيضاً إلى أني فتحت أقواساً عديدة، تضمّ بين دفتيّها، مشاركة جديّة، لإشباع النص بوفر من التساؤلات والإيضاحات، والإعتراضات؟ آملا أن لا يرفع أحدَ السيف، ويطالب بتوّبة نصوحة، فالقضية لايمكن إختزالها بإنكار معلوم من الأديان ؟؟ المسألة أكبر من ذلك بكثير؟؟ فتاريخ أديان التوحيد برأي الكاتب أشبه بألغاز!! تختفي وراء بدايات معتمة ومجهولة، وتقبع خلف جدران من الأسطرة، شيدتها الدوغمات الثلاثة، مما سبب إغلاقا لمنافذ الرؤية !! من هنا فإن نظرية لوليغ تقوم أساساً على تلمس تلك الفجوة في الموروث الكتابي والتي يبلغ متوسطها 200سنة، وهي مقدارالزمن الفاصل بين وفاة مؤسس العقيدة، وبين نشوء النصوص المقدسة القانونيةCanon )

ينطلق لولينغ، من أن اليهومسيحية كانت الأساس لنشوء الإسلام، فخلال القرون المبكرة للمسيحية، حدث إنشقاق مهم، أنتج تيارين رئيسيين، أولاهما تيّار إرتبط بالهلينية الرومانية، وقاده بولس الرسول وأثمر عن ولادة الكنيسة المسيحية، التي انقسمت فيما بعد إلى كنائس متعددة، أما التيار الثاني فقد أنتج يهومسيحية كان من أهم ممثليها الطائفة الأبيونية، التي تؤمن بإله واحد، منزّه من الأقانيم الثلاثة، وترفض عقيدة الألوهية ليسوع، وتنظر إليه كأحد الملائكة الكبار الذين إختارهم الملأ الأعلى، وألبسهم الجسد المسيحي لإيصال رسالة الخلاص. ومن أهم ميّزات العقيدة الأبيونية إلتزامها بشعيرة الختان اليهودي، إلى جانب المعمودية، وكذلك التزامها بتقديس يوم السبت ( اليهودي) وبنفس الوقت إدانتها لطقوس تقريب القرابين ( التي تأمر بها الشريعة اليهودية) ورفضها لقانون موسى، والنبوّة ( أود الإشارة إلى أن فكرة النبوّة آنذاك لم تكن تحظى بتقديس، فالنبي كان أشبه بعرّاف قبيلة، لذا نجد التوراة تسرد حكايا عن آلاف الأنبياء، وأحيانا تذكرنا بحروب بين أنبياء البعليم الوثني وأنبياء إسرائيل، لهذا حملت العقيدة المسيحية مشاعر إزدراء واضحة للنبّوة، وفضّلت صيغة المسيح ملك يهوذا والسامرة، ولاننسى أن ملك وملاك نشأتا من جذر لغوي واحد؟؟فقط أردت تعميق هذه الفكرة لنصل مع لولينغ إلى فهم فكرته القادمة عن النبوّة الملائكية أو النبي الملاك، وعلاقتها بالإسلام) وكذلك رفض الأبيونيون الشرائع الباولوسية ( بولس )، وفضّلوا عليها حياة الزهد والتقشف، والمواظبة على طقوس الغسل والصلاة بإتجاه القدس، بعكس الكنائس اليونانية التي إتخذت شروق الشمس اتجاها لقبلتها( والناجمة حسب تقديري عن تأثرهم بعبادات رع المصرية ). لهذا يستنتج لوليغ أن الإسلام المبكر، يحتوي على تأثيرات أبيونية، يمكن تلمسها في أيامنا الحاضرة، خصوصا عند الشيعة والإسماعيلية ، كما ويمكن إثباتها من خلال قصص الموروث المتواترة ( ختان النبي وهو في يومه السابع على يد جده عبدالمطلب، ظاهرة الأحناف وورقة بن نوفل، وظاهرة الشعر الجاهلي الذي استبطن النص القرآني دلاليا ولفظيا كما في أشعار ابن الصلت وعمرو ابن نفيل وزهير وغيرهم، وكذلك الحال استيعاب الشعر الجاهلي مشروع لسان قريش، علما أن معظم الشعراء ليسوا من هذه القبيلة!! وكذلك دلالات اسم والد الرسول عبدالله، وعدد لاحصر من الإشارات التي تدل على وجود تراث يهومسيحي غزير) لكن الأمر الذي، أفزع الأوساط البحثية، تلخص في نظرية لوليغ حول تاريخ الكعبة، واعتبارها كنيسة عربية صغيرة، وكذلك إعتباره اللات والعزى ومناة ، مريمات عربيات، وهبل ( هابيل : صورة ميثولوجية لإله الرعي)

وقد اعتمد لوليغ في تفسيره هذا إلى الموروث العربي نفسه ( تاريخ مكة للأزرقي وغيره ) الذي تحدث عن مراحل عدة لبناء الكعبة، في عهد الزبير وعبدالملك بين مروان، ثم إشارته الذكية إلى الحُجر ( وهو عبارة عن قوس ضئيل الإرتفاع أمام الجدار الشامي، بداخله قبر إسماعيل وأمه هاجر) حيث تؤكد المدوّنات العربية أن بناء الحُجر كان مرتفعا، ومتصلا بداخل الكعبة!! إذ يمكن تصوّره كمذبح للكنيسة المفترضة، ناهيك عن أن الموروث، تحدث عن وجود ستة أعمدة متوازية داخل الكعبة، أتاحت لمصليّ تلك الأيام، أن يوّلوا وجههم صوب المذبح أوالقدس أو الحُجر( حاليا يوجد ثلاثة أعمدة)!! (وفي مقدمة ابن خلدون ص389طبعة دار الجيل هنالك مايؤكد أن الحجاج بن يوسف هدم ستة أذرع وشبر مكان الحُجر، وسدّ الباب الغربي!! وأيضاً لم ينس لولينغ رواية الأزرقي، التي تحدثت عن اللحظة التاريخية لفتح مكة، وذكره قصة صور مريم وعيسى داخل الكعبة، والتي مّسحت لاحقا بإوامر من النبي..وبرغم ما أثارته هذه النظرية، من لغط ، أجزم أن الأمر لايتعدى حدود الإثارة والفضول المعرفي، ولا أظن أن المسيحية، والرئيس المؤمن جورج بوش سيكترث للأمر، لعلمه اليقين أن البترول هو الطريق الوحيدة المؤدية للجنة) أما الأمر الأكثر حساسية، هو دخول السيد لولينغ في واحدة من المحرمات الإسلامية، أقصد بحثه الطويل والمركب في قراءة النص القرآني، وملاحظته للسور القصيرة ( المقفاة شعرياً ) وإعتباره إياها تراتيل وأغاني مسيحية عربية، جُمعت وكوّنت نواة القرآن القديم، بعد إضافات منحتها محتوى ودلالة جديدة، وبرأيه فإن هذا النص دُوّن بداية الأمر بلغة غير منقطة وبدون حركات صوتية، وظل على حاله فترة تصل إلى 150سنة، ثم تعرض بعدها إلى تغيير دوغمائي، استمر حتى نضوج وترسخ مؤسسة الدوغما ونشوء وإكتمال السير النبوية، وبداية ظهور التفاسير في القرن العاشر والحادي عشر ميلادي؟؟

لكن كل هذا الكلام لايمس جوهر الموضوع الحقيقي !! فنشأة وصيرورة النص القرآني تاريخيا، هي من مسلمات البحث الفليلولوجي المعاصر..فما سعى إليه لولينغ، هو فتح ملف مجهول، من تاريخ الدعوة المحمدية: ملف يعتبره الكاتب، جوهر الرسالة، التي عبرت عن نفسها من خلال ذوبان أتباع النبي مع الأبيونيين التوحيدين( الأحناف ) المعادين للصور والنحوت، التي جلبتها مسيحية اليونان ذات الأقانيم الثلاثة، والطقوس الغريبة، أي أن الصدام لم يكن مع قريش الوثنية، بل مع قريش المسيحية التثليثية، وهذا ما أخفاه موروث الخلفاء، وطمسه وغيّبه عبر سياسة تعتيم شمولية، ومسح للذاكرة الجمعية ..إن مشروع محمد لم يكن يقصد إخراج العرب من الوثنية إلى التوحيد الذي مثلته المسيحية واليهودية( أهل الكتاب ) بل كان يقصد الخروج والعصيان على ذلك التوحيد ( المسخ ) والعودة إلى دين إبراهيم وإسماعيل ويعقوب وموسى وعيسى، ( وهنا بيت القصيد ) بمعنى العودة إلى الأصول البدئية الطبيعيةPagan لتراث العرب وديانات الخصوبة الطبيعية التي مثلتها اليهودية والمسيحية المبكرة( والتي تجلّت بصورة داوود وسليمان !! و فكرة الفداء المسيحي، بإعتبارها فداء للقبيلة والعصبة وعلاقات الرحم، ناهيك عن الجذور المثولوجية لقصة المسيح، والتي تعود هي الأخرى لديانات وطقوس مرتفعات الخصوبة الكنعانية، التي مجدت البطولة، وتقاليد القبور وإحياء الموتى، لهذا أعاد الإسلام هذه الفكرة من خلال، عقيدة النشر، وحشر الإجساد في العام الآخر) وهكذا يلخص لولينغ أفكاره في إكتشاف النبي كما يلي : إن عودة النبي محمد إلى الجذر الإبراهيمي هو عصيان وتمرد أمام مسيحية روم هيلينية ذات مشروع كوني ( باولوسي ) يرمي إلى تشييد امبراطوية بروليتارية لأفراد مقطوعي الجذور!!( أي أنها عودة إلى إبراهيم الذي يخاطب الله بدون تكلف، فيحدد له تخوم أرضه ونسله وصلبه. وهذا برأيي من أحد أهم اللمحات الفكرية للولينغ)

أما النقطة الجديرة بالإنتباه، فهي رفض غونتر لولينغ لفكرة الفتوحات الإسلامية السريعة، فمن اللامنطق قبول وتصديق الرواية، التي تتحدث عن مجموعات قليلة من التجار ومربي الماشية، وكيف اجتاحوا بلاد فارس ووصلوا إلى تونس خلال ثلانين سنة، وفي غضون خمسين عاما إلى جبال البيرينيه، وهددوا القسطنطينية، كيف يستوي ذلك مع أخبار نزاعات العرب فيما بينهم وتذابحهم على خلافة الرسول وإشتعال فتنة عثمان وحروب عائشة وعليّ ومعاوية، إن هذه النزعات وحدها كانت كفيلة بإحباط أي مشروع امبراطوري كبير..إذاً لابد لنا من قبول مبدأ التمدد السلمي للعرب ، فالإيمان فقط بعقيدة ما لايحقق إنتصارات وفتوحات، لابد أن اللغة الكتابية العربية قد إزدهرت في وقت ما وسبقت الجيوش ؟؟ ( ببساطة شديدة يمكننا الحديث بهذا المعنى عن فتوحات لغوية كتابية عربية، سحقت لغات وثقافات دبّت بها الشيخوخة، وعن لغة تحوّلت إلى العالمية Lingau Franca واحتلت وحلّت مكان لغة الساسانيين واليهود وبيزنطيي شمال أفريقيا، وعن لغة استطاعت أن تجعل من أبناء الثقافة الفارسية العريقة، أهم معلميها ومبدعيها ونحّاتيها؟ هنا برأيي نجد اللغز الأكبر في نشأة الإسلام!! )

والآن أعود بعجالة لتلخيص لأهم ماورد في محاضرة لوينغ:
يشير الكاتب إلى البحوث اللسانية التي قام بها كارل فولر ولاندبرغ في القرن 19 ودراستهم للهجات العربية، واصرارهم المحق، على عدم وجود عربية فصحى محكية، في الزمن المبكر للإسلام ( عكس ما تزعمه مؤسسة الدوغما)، بداية منهجية، وكذلك يشير إلى سعيهم لإثبات وجود نسخة شعبية للنص القرآني، يُعتقد أنها هُضمت وذابت في اللغة الفصحى. لكنه ينتقد ضمنياً تلك المحاولات، الغير كافية، التي لن تؤدي إلى تحطيم وتهشيم الموديل Paradigmaالدوغمائي المهيّمن ، لذا يقترح تعميق محاولات العالم البروتستانتي البرت شفايتسر وفيرنر واعتماد طريقتهما المثلى في البحوث المسيحية وقدرتهما على تفكيك وتهشيم الموديل المسيحي ، وتعميق دراسات العصور السابقة للدولة، وتمثل قيّم القبيلة ومفاهيم العصبة الدموية ( صلات الرحم ) والثأر وإقراء الضيّف، وتعميقها بمزيد من دراسات الإنتربولوجيا الإجتماعية، وإعتماد تطبيقات أولبرايت W.F Albight على العهد القديم ..ثم ينتقل بعدها إلى واحدة ( من شطحاته التي لم أستطع هضمها؟) والتي منح بموجبها محمد، صفة النبوة الملائكية( نبي ملاك)، وهي صفة تم طمسها فيما بعد!! واستبدالها بحشو قصصي عن الملاك جبريل، ويعتقد لولينغ أن محمد فهم نفسه كملاك يمثل إرادة الملأ الأعلى، دون أن يصرح بذلك وهكذا فهمه أتباعه، تماما كما فعل يسوع الذي فهم نفسه بأنه المسيح المخلص دون أن يصرّح بذلك؟ لذا يخلص لولينغ إلى أن محمد لم يكن بحاجة لجبريل، ويشير إلى أن الآيتين المتعلقة بجبريل 2,97 و66,4 هما من فعل التدوين المابعد نبوي، ويعلل ذلك بسبب إستحالة النبوّة في ذلك المناخ العقلي الثقافي الذي كان مفعما بروح النبوة الملائكية ؟؟؟(وبرغم تعارض هذه الصورة مع ثقافتنا الرائجة، إلا أني أعتقد أن ملامح جبريل تبدو مشوهة في الموروث الإسلامي، بسبب إشكالية التنزيل التي حدثت بصورة شخصانية مباشرة ، وأحيانا بواسطة الإلهام ؟ إضافة إلى تمظهرات جبريل الغريبة كأخ لمحمد، وأحياناً كدحيّة الكلبي أو دوره كسائس يمتطي البراق في قصة الإسراء والمعراج؟ )


أما النقطة المهمة في محاضرته ، فقد تضمنت ردا مسهبا على رأي المستشرق المعروف فيلهاوزن، الذي إعتبر نظام العصبة الدموية( القبيلة) العربية، أشبه بوجود وإدراك عمومي بدون سلطة، وهذا يندرج في إطار التوحش، الغير قادر على الإنتاج والفاعلية ؟؟ ويجد لولينغ أن فيلهاوزن لم يدرك تماما حضارات الخصوبة، لأنه كان مأخوذا بنموذج الدولة الراقية وأسيرا لفكرة الإنتاج والنمو الإقتصادي( وفي مكان آخر يعبر لوليغ عن إعجابه بقانون العقوبات البدوي، ونظام دفع ديّة القتيل، والمصالحة العشائرية، بينما ينظر إلى قوانين الجزاء الحديثة ، كأنها سلسلة من الذنب والعقوبة!!)

إستراحة تاريخية؟
والآن وبعد أن عرفنا بعض آراء لوليغ، أود أن أتجاوز الكثير من أطروحاته، إختصارا لمساحة هذه المقالة ، وأتوقف عند إكتشافه ( المتأخر ) للهولندي راينهارد دوزي R. Dozyالذي أصدر عام 1864 كتابا بعنوان: الإسرائيليون في مكة وفيه يذكر أن إسم مكة، ولغاية القرن الثالث ميلادي، كان يرد في الوثائق القديمة: ماكورابا Macoraba وهو نفس الإسم الذي ورد ذكره مرارا في الأسفار التوراتية : مكا رابا وتعني بالكنعانية : ساحة الصراع أو أرض المعركة، ومن المهم ذكر الحادثة التي ترويها التوراة عن رحيل سبط شمعون، أيام الملك شاوول وداوود، وإقامتهم في أرض الحجاز، ( أحد الإسباط الإثني عشر) كل هذه الإشارات دعت دوزي إلى الإعتقاد أن قصة إسماعيل وهاجر التوراتية هي حشو تاريخي أحدثه مدوّنو التوراة متأخراً لتبرير رحيل آل شمعون، كخروج من المأزق وتخفيف من مشاعر الذل والعار التي لحقتهم، وبهذا فإن نظرية دوزي تقوم على وجود خلط بين شمعيل وشمعون ( تعمدت كتابة اسم إسماعيل : شمعيل لإظهار الفرق الضئيل مع اسم شمعون )

ثم ينتقل دوزي بدراسته إلى إلهين وثنيين، عرفا باسميّ: إساف ونائلة، وهما إلهان انتصبا على مرتفعي الصفا والمروى ( بالقرب من مكة ) ويذكرهما الموروث الإسلامي بكثير من الأسطرة، لكن دوزي يكتشف مفتاحا لغوّيا يؤكد أن إساف بالعبرانية هي آسوف ( مكان لرمي فضلات الذبائح والأحشاء ) ونائلة هي نوالي وتعني( مزبلة ) وبهذ فإن الصفا والمرّوى كانا أماكن لرمي النفايات الناتجة عن القرابين التي كانت تنحر أمام الكعبة المقدسة.. وبعد موت دوزي، توقفت إهتمامات باحثي التوراة، باستثناء محاولة فينكلر و هوميل التي تابعت أخبار العصر التوراتي للملك حزقيا( 715و696 ق.م ) وأثبتت أن كثير من النصوص التوراتية التي ذكرت مصر كانت تعني المنطقة جنوب خليج العقبة (شمال غرب شبه الجزيرة العربية)، حيث أثبت القوش والكتابات المسمارية التي عُثر عليها أن تلك المنطقة ( حتى القرن السابع ) كانت تدعى مُصُر أو مِصر وهو المكان الذي تسميه التوراة مصراييم، وعين المكان الذي أقامت به قبائل الشماعيلية أو الشمعونية!! ( وهذا الأمر سيفرح عشاق نظرية كمال الصليبيي، وأحمد داوود)

ثم ننتقل إلى واحدة من الأمور التي حيّرت باحثي التوراة، وهي قصة سبط اللاويين ( الذين تفرغوا للكهانة ومنهم موسى وهارون ) والذين فقد أثرهم، من خارطة توزيع القبائل الإسرائيلية، إذ لاوجود حقيقي لهم على أرض التوراة( من المعروف أن سبطي يهوذا وبنيامين سكنا الجنوب، والباقي في الشمال ) لكننا نعود ونسمع قصة اللاويين مجددا من جيل ما بعد السبيّ البابلي، الذي تركنا نعرف أن اللاويين اختفوا ولم يعودا إلى أرض الميعاد!! وبنفس الوقت يخبرنا المدوّن التوراتي أن نبوخذ نصر قام بترحيل ثمانين ألفاً من فتيان اليهود إلى الحجاز؟؟
أخيراً، وبعد كل هذه الروايات والقصص الميثولوجية التي تصب في إتجاه واحد، أجد شخصيا أن أرض الحجاز كانت أحد المراكز الروحية الكبرى في تاريخ القصة اليهودية الإبراهيمية، فالكعبة لم تكن مركزاً لعبادات( الجاهلية ) الوثنية المبتذلة، كما يخبرنا الموروث الإسلامي بإطناب، وإسهاب قصصي أسطوري، وإلا فكيف يفسرون تحوّلها إلى مركز للحج الإسلامي فيما بعد، وكيف يفسرون تأكيد النص القرآني على جعل الصفا والمروى ( حيث يقف صنما إساف ونائلة !!) ضمن شعائر الحج ؟؟
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ
مشاركات: 267
اشترك في: الأحد مايو 22, 2005 9:57 am
مكان: كندا

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ »

فى إعادة كتابة "كلام الله" أو فى قتل المؤلِّف:

بسبب كتاب أم المؤمنين تأكل أولادها حكم النظام الإجرامى فى الخرطوم- نظام الكراهية والإستعباد- على عاملين مصرين السجن ستة أشهر بتهمة إدخال كتاب مسئ إلى "العقيدة" و "الدين".

و الكتاب لمن يقرأه أو لمن قرأه حقيقة ليس سوى محاولة من الكاتب نبيل الفيّاض رسم صورة "أخرى" لـ"عائشة" بناءاً على مصادر إسلامية موجودة أى مصادر من "العقيدة" و "الدين"! و هذا الجزء من الدين و العقيدة هو الذى يحاول فيه دعاة إعادة كتابة "كلام الله"- اى قتل الله- التنصّل و التبرؤ عنه و بالتالى الخروج عن "حقيقة" العقيدة و الدين!
يمكنكم الإطلاع على الكتاب على الرابط أدناه:


[font=Tahoma]أم المؤمنين تأكل أولادها

دريج
أضف رد جديد