خلافات الإخوان في السودان ...إلى أين تنتهي؟

Forum Démocratique
- Democratic Forum
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

العدد رقم: 851 2008-03-26

بين قوسين
ولماذا السرية؟

عبد الرحمن الزومة
كُتب في: 2008-03-25




فى عدد الأمس ناقشت قضية تتعلق بسؤال ظل يشغل الناس وهو ما يعتقدونه ستاراً مزعوماً من (السرية) تضربه الحركة الاسلامية على نشاطاتها. وأعتقد أننى قد أوضحت أن هذا الزعم ليس له أساس من الواقعية و عرفت بشكل مهنى ماهية نشاط الحركة الاسلامية فى السودان. غير أننى أشعر أن المسألة يجب ألا تقف عند هذا الحد بل ان العديد من الأسئلة حول القضية لا تزال تحتاج الى اجابة وهى أسئلة مبدئية و فلسفية ومن ضمنها : لماذا السرية فى نشاط الحركة الاسلامية أو بعبارة أدق : هل يجوز فى حق الحركة الاسلامية ان يكون نشاطها سرياً؟.
ان الاسلام هو الدعوة الخالدة وهو الرسالة الخاتمة التى أنزلها الله للبشرية ولئن اقتضت بعض الظروف فى بداية الدعوة ان يمارس الرسول صلى الله عليه وسلم دعوته سراً وذلك لأسباب عملية فانه سرعان ما جاءه أمر الله أن يصدع بما يؤمر (وأعرض عن الجاهلين). والدعاة الى الله يضطرون فى بعض الظروف الأمنية المحيطة بهم الى أن يكون نشاطهم سرياً والحركة الاسلامية فى السودان ليست بدعاً من ذلك ولا استثناءً. ان هذا ربما يفسر للبعض ما يبدو لهم نوعاً من تلك السرية.
غير أن ظروف الحركة الاسلامية فى السودان – ولله الحمد والفضل والمنة- ربما تكون أحسن من غيرها من الحركات الاسلامية المعاصرة. فالحركة الاسلامية لم تلق ما لقيته العديد من تلك الحركات من اضطهاد وظلم وصل فى أحيان كثيرة درجة (الاستئصال) الكامل ولئن بقيت تلك الحركات على قيد الحياة فذلك مما يمكن أن يطلق عليه أنه سنة الله التى اقتضت أن تبقى تلك الجماعات (شاهدة) على الناس وحجة (يوم القيامة)على الذين حاربوها وحاربوا دين الله وحاولوا (أن يطفئوه).
ان الحركة الاسلامية السودانية ليست فى حاجة اليوم الى أن تمارس نشاطها بشكل سرى فلم يعد سراً أن المشروع الاسلامى الذى يتم تطبيقه فى السودان اليوم هو مشروع قامت الحركة الاسلامية باعداد (دراسة الجدوى) له ثم قامت بالترويج له وتسويقه للناس وهى التى أمنت له (التمويل) وأشرفت على تنفيذه وقدمت فى سبيل ذلك العديد من صور التضحيات من دماء خيرة أبنائها من الشهداء الأبرار الذين قدموا أرواحهم رخيصة فى سبيل الله وفى سبيل المشروع.
أما الأهم من كل ذلك والجدير بالاعتبار والنظر فهو ان الشعب السودانى على علم كامل ودراية تامة بكل ذلك لأن الحركة الاسلامية انما قدمت مشروعها لشعبها وكانت تدرك منذ البداية أن هذا المشروع سينال رضا الشعب السودانى لأنه مستمد من تاريخه ويتماشى مع تقاليده ومثله لذلك فقد احتضن الشعب السودانى المسلم المشروع الاسلامى وقاتل دفاعاً عنه وقدم فى سبيله الغالى والنفيس من التضحيات ولا يزال مستعداً لذلك.
لقد اختلطت دماء أبناء الحركة الاسلامية مع دماء بقية أبناء الشعب فى سبيل الله والنتيجة النهائية والمحصلة من كل ذلك هو أن المشروع الاسلامى فى السودان لم يعد خاصاً بالحركة الاسلامية بل صار (ماركة سودانية مسجلة) وماذا تريد الحركة الاسلامية أكثر من ذلك وما الذى يدعوها الى السرية؟.


السودانى
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

[b][b][size=24]العدد رقم: 863 2008-04-07

بين قوسين
العودة إلى جذور المشكلة

عبد الرحمن الزومة
كُتب في: 2008-04-05





العودة إلى جذور المشكلة
لا تخلو صحيفة من الصحف هذه الأيام و لا منتدى من المنتديات من حديث عن ما يسمونه (المفاوضات) بين الوطنى والشعبى أو بعبارة أخرى اعادة الوحدة الى الحركة الاسلامية. الشعار لابد أنه شعار طيب ويلامس شغاف قلوب عدد كبير من الاسلاميين. لكن المسألة ليست بهذه (البساطة) وعودة الوحدة الى صفوف الحركة الاسلامية يجب ألا ينظر اليه من تلك الزوايا (العاطفية) لأن تلك النظرة لن تقود الى أية نتائج على أرض الواقع.
انه من المفهوم أن الطبيب المعالج وعندما يريد أن يقدم الوصفة العلاجية المناسبة لمريضه لابد له من أن يقوم بعملية (التشخيص) لذلك المرض أولاً وهذه المسألة تقتضى من الطبيب أن يلم بـ (تاريخ المرض) وما اذا كان أى من (أسلاف) ذلك المريض يعانى من ذات المرض وما شابه وتلك خلفية مهمة تمكن الطبيب من التوصل الى تحرير الوصفة العلاجية الصحيحة التى تقود الى العلاج الشافى.
ان الذين يتحدثون عن التفاوض مع المؤتمر الشعبى لابد لهم أولاً من العودة بالأمور الى بداياتها الأولى و (تحليل) تلك البدايات وارجاع المشكلة الى (عناصرها) الأولية وأيضاً (تحليل) تلك العناصر لأنه فى تلك الفترة تكمن (الجذور) الحقيقية للمظاهر التى نراها اليوم أو ما يمكن أن نطلق عليه (يوميات) النزاع الحالية.
وهنالك حفنة من الأسئلة لابد من أن تكون الاجابات عليها واضحة ومعلومة للجميع. ومن ضمنها سؤال عن الذين يتحدثون باسم المؤتمر الشعبى: من هم وما هى صلاحياتهم فى الوصول الى أى اتفاق! ان هذا السؤال يمكن وضعه بصيغة أخرى وهى (استرجاع) واستعراض الظروف التى قام فيها حزب المؤتمر الشعبى. والاسئلة تمتد لتشمل قضية أخرى أكثر أهمية بل هى القضية المحورية وهى تشخيص ما حدث : هل هو (انشقاق) بالمعنى الكلاسيكى للكلمة أم ماذا؟
حسناً دعونا نرسم صورة (قلمية) لتلك الأيام التى كان فيها الاسلاميون لاهم لهم غير الاجتماع والانفضاض من أجل هدف واحد وهو (اقناع) السيد الترابى بأن يعتزل منصب الأمين العام بسلام وهدوء بعد أن قر رأى الأغلبية الساحقة منهم على أنه لم يعد الشخص المناسب للاستمرار فى ذلك المنصب. لقد أحصيت أكثر من خمسة عشر مجموعة فى تلك الأيام تجتمع يومياً صباح مساء من أجل انجاح عملية (نقل السلطة) بسلام.
اجتمع ما يربو على (ألف وخمسمائة) فرد من كبار شيوخ وقيادات الحركة الاسلامية ذلك الاجتماع التاريخى فى قاعة الصداقة ودُعى الترابى لذلك الاجتماع غير أنه سخر منه بل وأصدر مذكرة (يحذر) من حضور الاجتماع وقام الاجتماع وطالبه بالتنجى.
جاء عدد من كبار قادة الاخوان من كل مكان من العالم الاسلامى وطالبوا الرجل بنفس المطلب لكن الرجل أصم أذنيه وأصر على موقفه. اجتمع المؤتمر العام للمؤتمر الوطنى أو ما عرف بمؤتمر (العشرة آلاف عضو) وقرروا عزل الترابى بما يشبه الاجماع وتم عزله فقط من منصب (الأمين العام) ولم يتطرق المؤتمر الى فصله من عضوية التنظيم وبالرغم من ذلك أنشأ حزبه. ان التسمية الصحيحة لذلك الحزب هى أنه حزب (منشق) وهذه تختلف عما يسمى بانشقاق الحركة الاسلامية.

العدد رقم: 863 2008-04-07

بين قوسين
لكل حادث حديث

عبد الرحمن الزومة
كُتب في: 2008-04-06




حاولت فى مقالى السابق أن أحلل الظروف التى نشأ فيها حزب المؤتمر الشعبى ورجحت أن التسمية الصحيحة لذلك الحزب هى أنه حزب (منشق) أكثر من كون ما حدث هو (انشقاق) فى صفوف الحركة الاسلامية. هذه مسألة مهمة لأن التسمية الخاطئة هى مثل (التشخيص) الخاطئ للمرض يقود كلاهما الى العلاج الخاطئ.وتنبع أهمية تلك المسألة من أنه اذا كان هذا الحزب (منشقاً) فان ادارة الحوار معه تختلف عن ادارة الحوار فيما اذا كانت العملية هى انشقاق فى صفوف الحركة الاسلامية لأنه كما يقولون لكل حادث حديث ولكل حالة لبوسها.
أما المسألة الأخرى المهمة فهى شخصية الرجل الذى (انشق) وطبيعة الوضعية التى يتمتع بها من يقودون اليوم (المفاوضات) مع المؤتمر الوطنى. ولتوضيح رأيى حول هذه النقطة بالذات أحكى لكم ما حدث فى الأيام الأخيرة من الأزمة وأنا هنا أنقل الرواية عن شخصية كبيرة ونافذة.
كان أحد الشيوخ الكبار من قادة الاخوان (من خارج السودان) يقود جهود وساطة وطلب من الحكومة أن تسمح له بمقابلة (أخيرة) مع الترابى والذى كان حينها فى السجن. قال الرجل انه قد تكلم مع الترابى (أمس) وأنه اتفق معه على كل شئ من أجل حل الخلاف وأن الترابى طلب منه أن يتحدث مع عبد الله حسن أحمد وأنه يوافق على كل ما توافق عليه (جماعته فى الخارج).
تمت الموافقة على الزيارة ليس هذا فحسب بل فتحت أبواب (سجن كوبر) لتدخل سيارة القصر وبداخلها الشيخ الجليل. انتظر الناس عودة الشيخ ولما جاء قال كلمة واحدة (اتركوه) ولما سألوا المزيد والايضاح قال انه وبعد أن اتفق مع الترابى وذهب لتأكيد الاتفاق بعد أن أكد له أنه اتفق مع عبد الله حسن أحمد على كل شئ تنصل الترابى بحجة (اننى سجين) والسجين لا رأي له.
الشاهد فى قولى هذا وعطفاً على ما قلت الآن وفى مقالاتى السابقة فاننى أرى أن أى شخص فى هذا الحزب لا يملك رأياً يخالف الترابى والأصوب والحالة هذه هو أنه اذا كان لابد من حوار فليكن مع الترابى شخصياً. ان أى مفاوضات مع أى شخص غيره هى مضيعة للوقت بل اننى أعتقد أن العملية كلها محاولة من الترابى لكى يسخر من قادة المؤتمر الوطنى ويظهرهم بمظهر (المتهافت) للصلح معه.
وشاهدى على ذلك هو أنه وقبل حدوث مفاوضات صلح بين أى جماعتين فلا بد أن تكون هنالك مظاهر تدل على تقارب بين تلكما الجماعتين فأين هى مظاهر التقارب مع الترابى؟ قبل أيام صرح الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل بأنه يتوقع لقاءً بين البشير والترابى فخرجت كل الصحف فى اليوم التالى تقول ان الترابى يرفض لقاء البشير.
قبل أسبوع سألت احدى صحف الجنوبيين الترابى حول ما اذا فازت الحركة الشعبية وجاء (رئيس مسيحى)! أجاب الترابى انه اذا كان هنالك مرشح مسيحى ومرشح مسلم (فسأصوت) لمن كان منهم (أميناً)! الايحاء واضح فالترابى يقصد أن يقول أن المسلم ليس (أميناً) لكن ما يقصده الترابى (أكثر) فهو أنه يريد أن يقول أن الرئيس البشير ليس أميناً لأنه يعلم أن مرشح المؤتمر الوطنى هو الرئيس البشير. أين مظاهر التقارب مع هذا الرجل!!! على مسؤوليتى لا تضيعوا وقتكم و( قولوا الزومة قال)!.



السودانى
[/b]
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

العدد 179 - الأربعاء 9 أبريل 2008


د. التجاني عبد القادر في حوار متجدد (1):ندرة المفكرين بالحركة الاسلامية أعاق خروجها من الأزمة

الحوار المعلن حيناً والمسكوت عنه أحياناً بين شطري الحركة الإسلامية الرئيسيين ، جعل العديد من المهتمين يتساءلون عن المنهج الذي يقوم عليه ، وأي القضايا

يخاطب ذلك الحوار، ويفتح ذات الحوار أسئلة من شاكلة هل خاض الناشطون على رتق شق الإسلاميين القضايا التي أدت إلى العاصفة التي ضربت التنظيم ؟! الأحداث من خلال بحثها وتنقيبها في هذه المسألة وتنشيط الذاكرة بشكل عام ، وذاكرة المتحاورين ، تعيد نص المقابلة التي أجرتها صحيفة (الصحافي الدولي) في العام 2000م مع د. التجاني عبد القادر، فإلى الجزء الأول منه...
نص المقابلة المطولة مع صحيفة الصحافي الدولي والتي نشرت في عام :2000م
وقعت فتنة عظيمة بين الإسلاميين طاولت واختبرت الكثير من أطروحاتهم, كيف تقرأ وتوصف ما حدث؟
د. التجاني عبد القادر : توصيف ما وقع من أحداث بين الاسلاميين يقتضينا أن نعيد النظر في الرؤية الأساسية التي قامت عليها الحركة الاسلامية في السودان وارتكز عليها المشروع الاسلامي, باختصار يمكن أن أقول أن أحد مكونات هذه الرؤية هي محاولة تكوين نخبة من ذوي الالتزام الخلقي والتحرر الفكري والإنتماء الوطني والإنفتاح العالمي, وأنها تروم من خلال التنظيم الإداري أن تجعل تلك النخبة ذات قدرة عالية على التآخي الروحي, وذات قدرة علمية على فهم أصول ومبادئ الاسلام وذات قدرة وتأهيل علمي تمكنها ايضاً من فهم الواقع السوداني والاقليمي المعاصر ومن ثم نستطيع باستيعابها لعناصر الفكر الاسلامي ولعناصر الواقع السوداني والاقليمي المعاصر أن تركب برنامجاً ثقافياً اجتماعياً سياسياً يستطيع أن يستوعب مشاكل المجتمع السوداني ويستطيع أن يواجه أسباب التخلف في هذا المجتمع وينطلق به الى مراحل أرقى من حيث النمو الروحي والمادي معاً, فيكون بذلك نموذجاً للتحول الحضاري المنشود.
هذه الرؤية تقتضي إيجاد تنظيم اداري له هياكل محددة وعلاقات واضحة, كما تقتضي أيضاً وجود قيادة فاعلة ومتجددة, ليست قيادة سياسية فحسب، وإنما قيادة متكاملة يلتقي فيها السياسي والاجتماعي والفكري ، وقادرة على التجديد والتجدد. ويقتضي هذا ايضاً معرفة بواقع المجتمع السوداني وبمسببات التخلف, بمعنى آخر يمكن أن نقول إن مشروع الحركة الإسلامية مشروع تنموي, لأن الحركة الاسلامية ليست منفصلة اصلاً عن مسائل التنمية في المجتمع السوداني. التنمية في المجال الاداري والبشري, وكل هذه الجوانب تستبطن من حيث ما نظرت اليها قدراً من المشاكل, فإذا نظرت مثلاً الى ناحية المكون الفكري للحركة الاسلامية وعلاقاته بالتراث الاسلامي فستجدها منطقة شائكة لأننا لا نريد اعادة إنتاج التراث الاسلامي بتفاصيله ومشاكله, وإنما نريد أن نقف منه موقفا علمياً موضوعياً فاحصاً فنأخذ الجوانب التي لا بد منها ونترك الجوانب التي لابد من اسقاطها, وهذه عملية تحتاج الى بصيرة وجهد نقدي كبير, ولكن النقد واعادة القراءة والتقويم قد تدخل الحركة الاسلامية في مشاكل أخرى وقد وقع ذلك بالفعل إذ أن بعض مشاكل الحركة الاسلامية وبعض جوانب الأزمة التي تعاني منها الحركة الاسلامية الآن متصلة بالجانب الفكري, ولكن كيف تكون القيادة وكيف تبدل وكيف تحاسب فهذه ايضاً مسائل ضرورية ولكنها ايضاً منار اشكال وذات صلة وثيقة بالأزمة الراهنة.
هناك جانب آخر يتعلق بالتنظيم الاسلامي نفسه الذي تولد فيه القيادة فهو تنظيم اداري قصد به ترتيب الأولويات وجمع المعلومات وحشد الموالين.. الخ, إلا أن التنظيم كهيكل اداري يمكن أن يفرز مشكلات ذات طبيعة فكرية وسياسية ولا يخفى عليكم انه عندما وصلت الحركة الاسلامية الى مرحلة الدولة نشأ الاشكال هذه المرة في منطقة العلاقة بين الدولة والتنظيم, وهذه مشكلة وإن كانت إدارية إلا أنها متعلقة بالناحية الفكرية وبالنظرة الكلية للعمل الاسلامي وبمستقبله في السودان, هناك ناحية أخرى متعلقة بتركيبة المجتمع السوداني السياسية والاجتماعية وتأثيراته سلباً أو ايجاباً على الحركة الاسلامية, وهذا ايضاً مكان نزاع ومكمن اختلافات لأنه يمكن أن تختلف الرؤى حول مكونات وخصائص المجتمع السوداني وما هو أساسي وما هو طارئ.
ويمكن أن ينشأ خلاف حول تقدير مواقف القوى السياسية قرباً أو بعداً من المشروع الاسلامي المطروح وهذا ايضاً موضع من مواضع الاشكالات, وفي تقديري ما حدث هو حصيلة لهذه الاشكالات التي تجمعت في كل هذه المواضع وهي اشكالات تقع في صميم البناء الايدولوجي, ومن الممكن أن تؤدي الى تعقيدات والى أزمات حادة.
هناك اتهام بأن وصول الحركة الاسلامية الى السلطة بإنقلاب جاء استعجالاً لها أو للتغيير في وقت كان كسبها الشعبي الديمقراطي يتزايد؟
د. التجاني عبد القادر : هذا أمر تقديري, فالمشروع له جوانب عسكرية وسياسية لا يستطيع أن يقدرها بحق الا من وجد في مواقع عليا في القيادة وتوفرت له المعلومات المناسبة, فإذا قدر في ذلك الوقت أن هناك تداعيات كثيرة تموج بها الساحة السياسية السودانية وأن هناك خطراً ماثلاً على الوجود الاسلامي, وأن هناك تسابقاً نحو السلطة من جهات كثيرة بعضها داخلي وبعضها خارجي, إذا قدر كل هذا ولم يستعجل فإنه لا يصلح للقيادة فهذه أسباب موضوعية تدعو لهذا الاستعجال, ولو كانت الحركة الاسلامية تعمل في الساحة لوحدها لآثرت التريث حتى يتم إنضاج البرامج فكرياً واستراتيجياً ولكن السياسة لا تمهل المفكر، ففيها اضطراب وتداعيات لا تستطيع أن تتحكم فيها لأن هناك لاعبين آخرين في الساحة يلعبون معك, وأنت مجبور في كثير من الأحيان في العمل السياسي العام أن تستفيد من تداعيات الموقف وإلا فستتجاوزك الوقائع والأحداث بصورة تجعل عملية اللحاق صعبة إن لم تكن مستحيلة.
وهل ترى ثمة مخارج للإسلاميين من مأزقهم الراهن ،أو لم يكن في الواقع رؤية ارهاصات الأزمة ومعالجتها؟
د. التجاني عبد القادر : الذين يوجدون المخارج من الأزمات هم المفكرون والمثقفون الذين يملكون مقدرة على التأمل والتدبر في الظواهر، في مآلاتها قبل أن تستفحل ولا أخفي عليكم سراً إذا قلت إن وجود هذه الشريحة في داخل الحركة الاسلامية ضئيل وضامر يغلب في الحركة الاسلامية الحركيون والمهنيون المتخصصون في جوانب بعينها يخلصون فيها ولكن لا يصلحون لغيرها, وضمور الشريحة الأولى وغيابها أو ضعفها جعل إحتمال المخارج من الأزمات ضعيف, فإذا أصاب البرنامج أو أسلوب إنفاذه بعض الأعطاب أو بعض الفشل فالذين يقومون بالإصلاح هم الذين تسببوا في فشل البرنامج لأنه لا توجد بدائل قيادية كثيرة تستطيع أن تتقدم بأفكار ورؤى مغايرة.
إن جنوحنا نحو الوحدة والإنسجام في المواقف وفي الأفكار ونحو الحشد والتعبئة في تنفيذ هذه الأفكار كان أضخم من البحث عن الرؤى الجديدة أو الأفكار غير المألوفة.
وبالتالي عندما وقعت الأزمة صعب ايجاد بديل أو رؤية مناسبة تطرح على الناس ليتأملوا فيها, فإما أن يعاد ترميم البناء من هذه الزاوية أو من تلك الزاوية ولكن لم تكن هناك مقدرة حقيقية لايجاد بديل أو خارطة جديدة وهذا نتاج لضعف الشريحة الفكرية في داخل الحركة الاسلامية.
ولكن أليس غريباً لحركة تغيير فكري هذا النمط المتواضع من الاداء؟
د. التجاني عبد القادر : بعض العناصر القيادية في الحركة الاسلامية كانت تتوجس من ظهور طبقة من رجال الدين أو العلماء بالصورة التي وجدت بها في المجتمعات الاسلامية الأخرى فلم تنشط أو تتحمس أبداً للتفكير في هذا الاتجاه.. وقد يكون هذا تقديرا صائبا لأنه لا أحد يريد أو يسعى لإعادة إنتاج المشكلة التي نرى صوراً منها في بعض الدول الاسلامية ولكن أن تغيب شريحة ذات قدرة على استيعاب المشاكل في بعدها الفقهي والإنساني وأن تضمر في داخل الحركة الإسلامية وفي داخل القيادة بهذه الصورة المفزعة فهذا شئ ضار وغير حميد, وكان ينبغي أن يستدرك ولكن لم يستدرك حتى غطى السياسي على الفكري وعلى الثقافي بصورة كبيرة وصارت معظم الموارد المادية والبشرية توظف بصورة شعورية أو لا شعورية على ما هو سياسي, وصارت المؤسسات التي تعنى بالتعليم، بالثقافة ،والفكر تتضور جوعاً ولذلك عندما تفاقمت الامور واحتجنا للمفكر والمثقف المتأمل والاستراتيجي لم نجده وإنما وجدنا التنفيذي المهني السياسي, ولا يستطيع الإنسان السياسي المحض أن يتحول بين عشية وضحاها الى مفكر واستراتيجي فهو لا يستطيع إلا أن يتعامل مع السياسة بواقعها المتجزئ, وليس في مقدوره إلا أن يخرج بمشاريع اصلاحية صغيرة ومحدودة فهو ليس مشغولاً بالنظر الطويل وليس مشغولاً بقضايا الفلسفة والفكر بل لعلك تلاحظ أن الفلاسفة والمفكرين يستهزأ بهم في داخل الحركة الاسلامية وهذا أمر غريب في حركة فكرية وحركة تجديد وبناء فكري وليست حركة مزاحمة سياسية فقط. حركة طليعة مثقفة ومفكرة تريد أن تقدم مشروعاً بديلاً عن التكوينات المحلية "المهلهلة" ومشروعاً بديلاً يمكن أن يتطور ليكون مشروعاً تستلهمه الحركات الاسلامية على المستوى الأرحب في العالم, فكان أولى قطاع بالحيوية والتفاعل هو هذا القطاع ولكن كما قلت إن السياسي يتفوق دائماً على المفكر.
ولكن لماذا تؤثر الشريحة الواعية والمفكرة الإنسحاب وهي المفترض فيها أنها الضمير الحي لمشروع التغيير.. ولماذا ترضى التقهقر وترك الأمر للنشطاء السياسيين والتنفيذيين هكذا؟
د. التجاني عبد القادر : هذا خطأ كبير وعيب يقع فيه المفكر فينبغي على المفكر المسلم أن يثبت في الميدان وأن يجاهد ويثبت جدواه حتى تثبت ايضاً جدوى الفكرة التي يقول بها ولكن محاولات اثبات الجدوى تؤدي الى الصراع والاحتكاك الذي ترى سماته في الأزمة الأخيرة.. وكثير من الناس كانوا يظنون أنه يكفي الحركة الاسلامية ما فيها من صراعات, فهي في صراع مع كثير من القوى, فهي في صراع اقليمي وهي في صراع دولي وهي صراعات حادة وكافية للقضاء عليها, ولذلك فكثير من العقلاء كانوا يظنون أنه ليس من الحكمة أن تضيف صراعاً جديداً بين السياسي والفكري..
ولئن ينجح مشروع سياسي جزئي خير من أن يضرب المشروع بجملته سياسياً وثقافياً وكان هذا هو تقدير من انسحب من هؤلاء ولكن المشروع نفسه لم يسع لتكوين شريحة فاعلة في هذا الاتجاه اصلاً.. لم يكن هناك توجه ايجابي قاصد لخلق أطر فكرية تقود العمل, وكان التوجه القاصد لخلق أطر أخرى. وطبعاً على المستوى الفردي لا يجوز للشخص أن ينسحب, ولكن نحن نتحدث عن المستوى التنظيمي كان ينبغي أن توفر وسائل وأدوات وتمويل للنشاط الفكري بمثلما توفر للمجالات الأخرى. ويكون هناك نوعا ًمن الاهتمام ونوع الاستعداد النفسي نفسه لم يكن موجوداً وبالتالي عندما تقع المشكلة نفتقد الرؤية حتى نحن صرنا في بعض الأحيان نتجادل ونختلف حول الرؤية الأساسية ذاتها للعمل الاسلامي مكوناتها الأولى وبداياتها ونهاياتها غير معروفة لعناصرها.. فضلاً عن الخطة الاستراتيجية من الذي يضعها؟ وكيف توضع؟ وهذا عمل صعب لا يستطيع كل الناس القيام به, وعدد كبير من الناس ينتسب الى الحركة الاسلامية والعمل الاسلامي ويكتفون بالقيام بالأعمال السهلة, وهذا عمل تحضيري طويل ولا تظهر ثماره بين عشية وضحاها, وبالتالي يضمر بصورة تلقائية إلا اضاءات هنا وهناك وهي مجهودات فردية..


الاحداث
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

خمسون إنجازاً للحركة الإسلامية السودانية: (7)

ليقرأ الفاتحة على نفسه من يريد أن يقرأها عليها

د. محمد وقيع الله
[email protected]

كان سيدنا كعب بن مالك، رضي الله عنه، ممن تخلفوا عن ركب الحركة الإسلامية، يوم زحف تبوك، وبقي في المدينة يماطل ويتلبث، حين طابت الظلال والثمار، وكان يتلفت حوله، فلا يرى فيمن بقي معه بالمدينة، إلا منافقا أو ضعيفا، وآذاه ذلك وأرَّقه، وعبر عما وخزه من الألم، فقال: كان "يحزنني أني لا أرى إلا رجلاً مغموصا عليه في النفاق، أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء".

ولكن كعبا بنقائه وصلابته، صبر ولم يتمادَ، ولم يخن عهد الدعوة وميثاقها، ولم يغدر بالدعوة أو يطعنها، كما خان صاحبنا وغدر وطعن. لقد خيب كعب بن مالك ظنون أعداء الإسلام، الذين قعدوا وهم غير معذورين، كما خيَّب ظنون أعداء الإسلام الذين أرادوا أن يستميلوه إلى جانبهم، حتى يكتب لهم التقارير المفصلة عن مسار الحركة الإسلامية، وخططها، ويعمل موظفا "برتبة ومرتب" في آلة الدعاية لديهم، فيقوم بهجاء الحركة الإسلامية والتعريض بها، فقد كان كعب شاعرا مُفْلِقا "أي صحفيا ضليعا بلغة اليوم، فقد كان الشاعر هو الذي ينافح وقتها عن الدعوات، والحركات السياسية، والحكومات!".

قال كعب، رضي الله تعالى عنه: فبينا أنا أمشي بالسوق، إذا نبطي يسأل عني من نبط الشام، ممن قَدِم بالطعام يبيعه بالمدينة: من يدل على كعب بن مالك؟ فجعل الناس يشيرون له إليَّ، حتى جاءني فدفع إليَّ كتاباً من ملك غسان... فإذا فيه: أما بعد: فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان، ولا مضيعة، فالحق بنا نُواسِك. قلت حين قرأتها، وهذا من البلاء أيضا، قد بلغ بي ما وقعت فيه أن طمع في رجل من أهل الشرك، فعمدت بها إلى تنُّور فسجَّرته بها..!!

الأصيل والعميل:

فها هو كعب بن مالك الداعية الصحابي الصادق الأصيل، يعي خطورة موقفه الذي بدأ بالتخلف عن الركب الزاحف، ويدرك أنه ربما ينجر بعد ذلك إلى ما هو أخطر من ذلك، بارتكاب الخيانة الأعظم: خيانة عهد الدعوة، وميثاقها، ومعاونة أهل الكفر عليها، فاستيقظ ضميره بلا تراخٍ ولا انتظار، ولم يكن في حاجة إلى أن يفكر أكثر وأكثر، فهذا العرض السخي، الذي جلبه له أحد عملاء الامبراطورية الرومانية "إحدى القوتين العالميتين العظميين حينها!" لم يستحق لديه إلا أن يحرق فوريا، فأخذه وسجَّره حالا في التنور..!!

فهل يا ترى يملك صاحبنا، هذا الذي يجادلنا، شيئاً من صلابة كعب بن مالك، رضي الله تعالى عنه، ووفائه، ونقاء ضميره الديني، فيسجِّر كتب الدعوات التي تترامى إليه من المراكز ذات الصلة الوثقى بالاستخبارات البريطانية، والاميركية، والتي ما تَنِي تطلب منه الرأي والمشورة الناجزة في أساليب التصدي للمسلمين؟!!



إن أملنا في ذلك، وفيه ضعيف، جد ضعيف! فها هو يدين حركة المقاومة الفلسطينية علنا كمطلوب من متطلبات العمل بمعهد بروكنجز، ومعهد السلام بواشنطون، وكلاهما من معاهد المحافظين الجدد، والقدامى، وعتاة الصهاينة، ولقد أرضى صاحبنا بإدانته للمقاومة الفلسطينية، كبير الصهاينة الذي يتزعم ذلك المعهد، فقربه إليه، وأسبغ عليه المنح، التي يُشترى بمثلها أمثاله.

وإذا عرفنا أن كبير الصهاينة بذلك المعهد، هو ذات الشخص الذي دبر مسألة الرسوم الكرتونية المسيئة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما كشفت ذلك إحدى صحف فيلادلفيا، في العام قبل الماضي، فربما نقف ذات يوم قريب على سر علاقة صاحبنا هذا، الناقم على الحركة الإسلامية السودانية، الراجي موتها، بذلك الصهيوني العتيد، فقد أمسينا لا نستغرب صلات معارضي الإنقاذ بالصهاينة، فها هم يصافحون الصهاينة "مصافحات غير عفوية ولا بريئة كما يزعمون!"، وها هم يزورون إسرائيل ويستنجدون بها، وها هم قد قرروا أخيرا أن يقيموا مكاتب لحركاتهم التخريبية، المتمردة في دارفور، في عقر ديار الإسرائيليين، وفي عز أيام غطرستهم، وعدوانيتهم، التي يبيدون بها جماعيا أهل فلسطين..!!

حدود طموح أستاذ انتهازيي الإنقاذ:

وإذا كنا لا نستغرب مكائد السياسيين من خصوم الإنقاذ، فإن استغرابنا يزيد ونحن نطالع مطالع الخيانة عند بعض مؤيدي الإنقاذ وجلاوزتها القدماء، هؤلاء الذين صرحوا بطموحاتهم الزائدة على الحد، عندما زعموا أنهم شركاء في الإنقاذ، وليسوا أجراء لديها، مع أنهم ما كانوا إلا مجرد أجراء لديها جاءوا إلى خدمتها بإغراء المرتبات والامتيازات والعلاوات والبدلات.

فقد قامت ثورة الإنقاذ، ثم تأسست دولة الإنقاذ، ولم يسهم أمثال هؤلاء في التمهيد لها بشيء، فقد ظلوا أبعد ما يكونون عن ساحات العمل اليومي، دع عنك ساحات الفداء، ولا يغرن أحد تشدق صاحبنا هذا، بأنه لولا جهاده لما صار المشير عمر البشير، ولما صار الشيخ على عثمان، فيما صارا فيه من مجد ومن علياء، ومن أسف فإن صاحبنا صدق زعمه هذا، كما صدق أشعب وهمه، ولهذا ظن صاحبنا، وظنه إثم مُتَجانفٌ لإثم، أن إبعاده عن الخارجية كان افتئاتا على حق أصيل له!

بين الخارجية والإعلام:

ولقد كنت في السابق قد أوردت معلومتين متضاربتين بشأن "رتبة" صاحبنا هذا في خدمة الإنقاذ، في أعوام التمكين، وزمان الشدة على المخالفين، أولاها أنه عمل بالخارجية، وثانيها أنه عمل بالثقافة والإعلام، والصحيح أنه عمل وزيرا مفوضا "برتبة" ملحق إعلامي "ومرتب" مقطوع لتلك الرتبة، وسار سيرته التي يعلمها الكل، في مسار التطرف البالغ، في تأييد الإنقاذ، بالحق وبالباطل، بلا تريث، ولا تورع، ولا اكتراث، وبذل جهده كله في تغطية وتبرير جرائرها، وبطشاتها الأولى، ولم يقدم صاحبنا هذا حتى يوم الناس هذا نقدا ذاتيا، لا مجملا ولا مفصلا، يتناول أخطاءه الأولى، التي لا يزال يلاحقه بها المتضررون، في أروقة المنظمات الدولية وساحات الإعلام، ولا يريد صاحبنا أن يتفضل حتى بمجرد ردود على هؤلاء الذين يلاحقونه، ويتقدمون ضده بالاتهامات على صفحات الصحف والانترنت..!!

صحيح أن صاحبنا عمل بوزارة الخارجية، ولكنه وصل إلى منصبه بالخارجية، بطريقته الانتهازية الفريدة، التي فاق بها كل الانتهازيين العالقين بأطراف الحركة الإسلامية السودانية، ممن تكاثروا على أبوابها في أيام الطمع، وتراجعوا عن رحابها في أيام الشدة الفزع.

فالمعروف أن الملحق الإعلامي، يكون في العادة تابعا لوزارة الإعلام لا الخارجية، وكذلك يكون الملحق العسكري تابعا لوزارة الدفاع لا الخارجية، وكذلك الملحق التجاري يتبع لوزارة التجارة لا الخارجية. ولكن صاحبنا هذا باعترافه قد قام باختراق القاعدة الدبلوماسية الوطيدة، وأصبح الملحق الإعلامي الوحيد، المعين على وجهين: وجه ظاهر معلن للناس، وهو وجه الملحق إعلامي، ووجه خفي مخفي عنهم كوزير مفوض..!!

وهذا مما يدل على قوة صلة صاحبنا هذا بقادة التنظيم الذي درج على أن يدعوه خطأ على أنه "سوبر- تنظيم"، ويدل كذلك على عظيم تودده إلى هؤلاء القادة في "المايكرو- تنظيم" كما يجب أن يسمى، أولئك الذين منحوه، لسبب وجيه، نفهمه، ونتفهمه جيدا، تلك المعاملة التفضيلية، التي ضنوا بها على أبناء الحركة الإسلامية السودانية الأوفياء المجاهدين، وصناع الإنقاذ الحقيقيين وأعطوها إياه. فأبناء الحركة الإسلامية الأصيلين الأماجد لا يُشتَرَوْن بالمناصب والأعطيات والصدقات، ولا يبيعون الحركة الإسلامية مهما بلغ الإغراء، وهذا يُشترى بالثمن البخس، ويَبيع الحركة الإسلامية بثمن بخس!

ومهما يكن، وسواء أعمل صاحبنا هذا بالخارجية أم بالإعلام، فإن نتائج أعماله وصنائعه سيَّان، لقد عمل صاحبنا بوظيفة إعلامية شبيهة بوظيفة الشاعر في بلاطات الحكام في العهود الخالية، فهو إذن قد كان "شاعرا" كشعراء البلاط الأموي، يرضى فيمدح، ويسخط فيهجو، يمدح الخلفاء، ويهجو المعارضين، ويشتط في الحالتين، ويتكسب قوته بهذا السبيل، كما يتكسب الشاعر الأموي قوته بهذا السبيل، وذلك مع فارق واحد جوهري مهم، هو أن شعراء بني أمية كانوا "مخلصين"، ولم ينقلبوا على سلاطينهم كما انقلب هذا على سلاطينه.

فهل تعلم صاحبنا هذه المراوغة من الشاعر الشيعي الرافضي الخبيث دِعَبْل الخزاعي، الذي فاجأنا بالحديث عن حبه له، وإيثاره إياه، والاستشهاد بشعره، مع أن دِعبلا هذا كان قد حشا ديوانه بأشنع السوءات وافظعها، عندما هجا أبا بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وسائر الصحابة الأجلاء، من المهاجرين والأنصار، الذين حضروا أعظم مجلس شورى في التاريخ، في يوم السقيفة المجيد.

جيل القيادة الجديد:

لقد ظن صاحبنا بنيله لتلك المعاملة التفضيلية في وزارة الخارجية، أنه كادر ذو قيمة نادرة يعز وجود مثيل له، وأن الإنقاذ لا يمكنها أن تستغني عنه، ذلك مع أن الإنقاذ تملك آلاف الكوادر غيره، بعضهم أفضل منه كثيرا، حتى في المجال الذي برع فيه وهو مجال الإعلام، وجلهم من أهل الصدق، والوفاء، والغيرة على الإسلام.

وهذه ميزة خاصة للحركة الإسلامية السودانية، دون سواها من الحركات الحزبية السودانية الأخرى، لأنها ربت جيلا إسلاميا، رساليا، محتسبا، من أصحاب المهارات القيادية المصقولة في مجالات مختلفة، وهؤلاء هم الذين يقودون البلاد بنجاح الآن، وربما صح أن نسميهم جيل شعبان، أو جيل دبك، كما يحلو لأحدهم أن يقول، وهذا الجيل هو الذي خاض ملاحم الكفاح اللافحة، يوم كان صاحبنا يحبر مقالاته في صحافة مايو المؤممة.

هذا الجيل الذي ربته الحركة الإسلامية السودانية، وعجمت عوده بمعاركها، ومجاهداتها النبيلة، هو الجيل الذي خبر طلائعه عن قرب عمنا الفاضل، الشيخ مضوي محمد أحمد، الذي مهما اختلفنا معه فلن نصفه بغير الصدق، فقد عُرف الزعيم الاتحادي الشيخ مضوي محمد أحمد هذا الجيل الإسلامي الصلد المجاهد، أيام الندوات السياسية ضد مايو، وأيام المعتقلات الطوال، ووبخ قومه من الاتحاديين، لأنهم لم ينتجوا قادة سياسيين وإداريين مدربين ومقتدرين مثلهم، أو مثل بهاء الدين، كما قال..!!

ولكن كم في الحركة الإسلامية السودانية من أمثال بهاء الدين؟! إنه يوجد فيها من أمثاله عشرات المئين..!! فهي حركة "ديناميكية" مستقبلية، لا تتوقف ولا تدور إلى الخلف، كما تدور دوائر الأحزاب السياسية السودانية الأخرى، بلا استثناء قليل أو كثير.

إن أكثر قيادات الحركة الإسلامية السودانية، هم في طور الشباب أو الكهولة، ومعهم شيوخ قليلون، والتركيبة القيادية للحركة الإسلامية السودانية، تماثل الشعب السوداني بتركيبته العمرية تماما، حيث لا يحتكر القيادة السياسية في الحركة الإسلامية السودانية، مجموعة قليلة، من الطاعنين كثيراً في السن، الأمر الذي تعاني منه الأحزاب السياسية السودانية الأربعة الأخرى، التي "يتحكر" في قيادة إحداها شخص منذ عام 1963م، وفي الثانية شخص منذ عام 1965م، وفي الثالثة شخص منذ عام 1968م وفي الرابعة يتحكم من هو الأحدث عهدا بالقيادة، لأن وصوله إلى منصبه هذا لم يكن إلا في عام 1971م..!! وأمثال هؤلاء أحرى أن يقودوا البلاد إن تمكنوا فيها إلى الخلف كما يفعلون بأحزابهم، أما قادة الحركة الإسلامية السودانية فإنهم يقودون البلاد والحركة الإسلامية إلى غد وضئ، رغم مشاكسات الرجعيين الراجعين بأحزابهم وأنفسهم إلى ظلام الأمس الوبيل.

سوسيولوجيا الحركة الإسلامية:

وكما شكلت الحركة الإسلامية السودانية، على مستوى القيادة، تركيبة متماثلة مع التركيبة العمرية للشعب السوداني، فقد شكلت على مستوى القاعدة تشكيلة قومية متجانسة مع التشكيلة القومية السودانية. فعضوية الحركة الإسلامية السودانية موزعة توزيعاً إثنياً متكافئاً بين أقاليم السودان الأربعة، بما فيها جنوب السودان رغم ظروفه المعروفة.

وقد عملت الحركة الإسلامية السودانية بوعي ثاقب على أن تكون تشكيلتها القاعدية قومية متناسقة مع تشكيلة هذا البلد العظيم. ولحسن الحظ، فقد نشأت الحركة الإسلامية السودانية، في أوساط العلم، ومعاهد التعليم الحديث، واكتسبت أكثر عضويتها من تلك البيئة الكريمة، حيث تم تجنيد أكثر المريدين، وتم تسليكهم في سلك الطريقة، وهم في سن البراءة، والمثالية، والطهر والتطهر.

ولما كان قبول الطلاب في تلك المدارس والجامعات، يتم على أساس غير جهوي، ولا عرقي، ولا طائفي، فقد نشأت الحركة الإسلامية على ذلك النهج، بِمَنْجَاةٍ من عقد الجهوية والعرقية والطائفية وعقابيلها. ثم ساعدت تعاليم الإسلام المتفوقة، والمتجاوزة لنُعرات التعصب للأرض، والعرق، في توجيه أتباع الحركة الإسلامية السودانية ومنسوبيها، وجهة لا جهوية ولا عنصرية ولا قبلية، فلم يسمع فيها قبل انشقاقها الأخير، صوت ناعق ينعق باسم قبيلته دون الإسلام.

وفي أكثر دهرنا الذي عشناه في رحاب الحركة الإسلامية السودانية، لم نكن نسمع كلمة صريحة، ولا كنائية، تشير إلى توجه إقليمي، أو قبلي، أو عرقي، أو نحو ذلك، فكان ذلك مما لا يصرح به، ولا يشار إليه، ولو على سبيل المزاح، لأنه أمر "جاهلي"، منكر، منافٍ لمفاهيم الحركة، ومُتَبَنَيَاتِها، ومقاصدها، وركائزها الخُلقية الكبرى، وإذا كانت هذه المشاعر المنحرفة قد ثارت أخيرا في بعض الأوساط التي انخلعت عن سعة هذا المفهوم الإسلامي الجامع، واعتصمت بتخوم القبلية الضيقة، فإنما جاء ذلك بفعل من كانوا يضمرون قديما ما لا يظهرون، وقد كان طبيعيا أن يخرج هؤلاء من الحركة الإسلامية السودانية، التي لا تتسع لغير الولاء لله تعالى، ولرسوله، صلى الله عليه وسلم، وللمؤمنين أجمعين، بمختلف أعراقهم، ومنابتهم، "من دون فرز" قبلي أو جهوي.
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

العدد رقم: 874 2008-04-20

بين قوسين
بوصلة الترابي

عبد الرحمن الزومة
كُتب في: 2008-04-16




كان أول من اخترع وأطلق تعبير (الترابى فقد البوصلة) هو الدكتور نافع على نافع ويبدو أن التعبير جاء فى وقته وزمانه المحددين لذلك وجد ما يستحقه من (هوى) فى نفوس الناس والذين وجدوا فى التعبير (ضالتهم) التى تعينهم على تفسير سلوكيات ومواقف الترابى والتى ليس لها من تفسير غير أنها بالفعل صادرة من رجل فقد (البوصلة).
لذلك فقد تحول التعبير وبسرعة البرق الى ما يشبه (الشعار) ومن ثم أصبح الشعار (ماركة تجارية مسجلة) خاصة بالترابى لا تستخدم الا عنه و (تدمغ) بها كل مواقفه وتصريحاته خاصة تلك التى تتعلق بـ (هرطقاته) المتعلقة بأمور ثابتة من الدين بالضرورة مثل (انكاره) للملكين (منكر ونكير) وانكاره لعذاب القبر فاستعمل التعبير عدد من الناس فكان الرجل كلما سمع أو رأى أمراً من أمور الترابى قال ببساطة ان الترابى فقد البوصلة!
و آخر من استعمل التعبير الشيخ المجاهد الطيب مصطفى وكان يعلق على تصريحات الترابى الذى زار مدينة (واو) لمدة يومين فجاء ليدبج القول فى مدح الحركة الشعبية وفى بحر الحريات الذى يجرى فى الجنوب والتسامح الذى ينعم به المسلمون هناك.
يأخذ الطيب مصطفى على الترابى تجاهله للأحوال الحقيقية لمسلمى الجنوب وكيف أنهم يعانون الأمرين وكيف أن مساجدهم حولت الى (خمارات) و هو أمر استنكرته حتى الصحف الجنوبية و أكثر من ذلك تعترف به حكومة الجنوب نفسها ويكفى القرار الذى أصدره الفريق سلفا كير بمعالجة قضية (مسجد رمبيك) و ضرورة اعادته الى المسلمين بعد أن تم نزعه منهم بصورة غير قانونية وهو أمر حدث للعديد من المؤسسات الاسلامية من خلاوى وأوقاف و بنوك وغيرها.
الطيب مصطفى و بعد ايراد العديد من (الشواهد) على ما توصل اليه حول الترابى يقول (ببساطة) " أقولها وكلى ثقة بأن الترابى قد فقد البوصلة وبات عبئاً على حزبه ...الخ" غير أن هذا الحديث يجب ألا يمر هكذا خاصة عندما يأتى من الطيب مصطفى فالرجل له مواقف مشهودة يوم أصدر الرئيس البشير قرارات الرابع من رمضان وهى مواقف أرجو أن يفصح عنها الأستاذ الطيب بنفسه.
نعود الى حكاية (البوصلة) لأقول لكم رأيي فيها. ابتداء أقول لكم ان العبارة مقبولة (شكلاً) ومرفوضة (مضموناً)! لماذا؟ القول ان الترابى فقد البوصلة يمكن أن يعنى من ضمن ما يعنى أن الرجل كانت له (بوصلة) ومرجعية اسلامية و أنه (الآن) فقدها. وهذا ليس صحيحاً و لايطابق الحقيقة والواقع و لا حتى بقدر مثقال حبة من خردل. الحقيقة هى أن (بوصلة) الرجل كانت (هى هى) منذ أن جاء من (باريس) على عجل ليسيطر على (أذكى) حركة اسلا مية فى العصر الحديث.
لقد ظل الرجل يدير شؤون الحركة بنفس البوصلة (الأصلية) التى جاء بها من (فرنسا) وكل الذى حدث هو أن أبناء الحركة الاسلامية (الأذكياء) الأتقياء الذين كانت نيتهم ولا تزال بحمد الله صافية وصادقة قد (كشفوا اللعبة) وطردوا الرجل من صفوفهم ونزعوا عنه (الغطاء) الذى كان من تحته يمارس دوره و سحب الله منه (الكُبْس) الذى كان يجعل من فوقه تلك (الهالة) ووجد الرجل نفسه فى (الصقيعة) فبان على حقيقته.
هذه المقولة تذكرنى بـ (فرية) أخرى وهى الادعاء أن الترابى قد تأثر بضربة (كندا) وأن الآراء الشاذة التى باتت تصدر منه هى نتيجة لتلك الاصابة. انها محاولة (ساذجة) من البعض لخلق (الأعذار) له لكن اطمئنوا يا (أحباب الشيخ) فى الجانبين فالرجل يعى كل مايقول وصحته (صاغ سليم) وكل ما يقوله (كان و لايزال) يتمشى وينسجم مع شخصيته والدور الذى يلعبه


العدد رقم: 874 2008-04-20

بين قوسين
أنا كضاب؟؟؟

عبد الرحمن الزومة
كُتب في: 2008-04-20




أنا كضاب؟؟؟
العبارة ليست عبارة (تقريرية) بمعنى أنها تفيد أن قائلها يعترف على نفسه بأنه كذاب. بالعكس انها واحدة من الاختراعات (الشايقية) الذكية التى صارت لها قوة المثل (الساير). ذلك أن الطريقة التى تنطق بها تفيد عكس المعنى الذى يتبادر الى الأذهان. فهى تنطق فى شكل (سؤال استنكارى) بمعنى: هل أنا كذاب؟ أو بمعنى أدق: هل جربتم على كذباً من قبل؟
ان الشخص عندما يطلق تلك العبارة فانه لا بد يخاطب أناساً كان قد قال لهم مقولة وفى أغلب الأحيان كان سامعوه (غير مصدقين) لمقولته لكن عندما تأتى الأيام بتصديق تلك المقولة فانه يلقى فى وجوههم بالعبارة وكأنه يقول لهم "الم أقل لكم ياقوم؟" وتكون أكثر وقعاً خاصة اذا صدقت الأيام نبوءته بعد وقت قصير من اطلاقها.
و الآن نأتى الى (الحساب) وذلك بمحاولة (اسقاط) هذه العبارة على الواقع. تذكرون اننى قبل أيام معدودة كتبت مقالاً عن ما يدور حوله الحديث هذه الأيام حول ما يسمى بالمفاوضات بين المؤتمر الوطنى والمؤتمر الشعبى. لا أنكر اننى القيت كثيراً من (الشكوك) حول الأمر برمته وهى شكوك ترقى فى نظرى الى درجة (اليقين) القطعى الذى لا يقبل الشك ولا التأويل وليس هنا مجال تفصيل تلك الشكوك.
لكن مما قلته ان الترابى ليس (فى وارد) أى نية لأى صلح بل انه يوعز الى بعض (أتباعه) لكى يتحدثوا عن المفاوضات فقط بقصد أن يظهر المؤتمر الوطنى بمظهر (المتهافت) على الصلح معه فقط من أجل ارضاء غروره الذاتى وقلت انه اذا كان لابد من مفاوضات فلتكن مع الترابى شخصياً ذلك اننى لاحظت أن اتباعه الذين كانوا مشاركين فى الحديث عن تلك المفاوضات كانوا يصرون على تسميتها بأنها مفاوضات (غير رسمية)! انها عبارة تدل على سوء النية وعدم الجدية.
غير ان بعض الاخوة الذين (يقتلهم الشوق) الى عودة الصفاء الى صفوف الحركة الاسلامية لا يقبلون اثارة تلك الشكوك وهم (يا حليلهم) فى انتظار نتيجة تلك المفاوضات على أحر من الجمر. أحدهم لامنى على ما كتبت و(اتهمنى) بأننى لست (متحمساً) بل ومعارض لعودة الوئام الى صفوف الحركة الاسلامية. قلت له: انتظر يومين فان (صاحبك) سيقضى على أى أمل لانجاح المفاوضات و (سيطرشق) الفيلم كله!.
لكن (صاحبه) لم ينتظر اليومين! بعد يوم واحد على حديثى أعلن الترابى أنه لن يتفاوض مع المؤتمر الوطنى الا على أساس (الندية) و بشروط ثم عدد شروطه (السبعة الموبقات) و كلها مما يمكن أن يطلق عليه كلمة (تعجيزية) بل ان شرطاً واحداً منها يكفى لنسف كل أمل فى الوصول الى اتفاق كامل أو حتى مجرد اتفاق مبادئ.
طالب باعادة (أملاك) حزبه واطلاق سراح (المعتقلين) السياسيين من أنصاره وهو يعلم تمام العلم أنه لا يوجد فى السودان معتقلون سياسيون بل هنالك مدانون بواسطة القضاء. ومن شروطه (بسط الحريات) وهو يتنسم الحرية التى تتيح له الطعن ليس فى الحكومة بل فى (منكر ونكير)! ثم يختم الترابى (سباعية) الشروط باعلانه انه لن يتفاوض مع المؤتمر الوطنى بصفة (السجين والسجان)!
العجيب ان جماعة الترابى الذين كانوا طرفاً فى مسألة المفاوضات صمتوا بعد تلك التصريحات وقد مر أسبوع وهم (لا حس ولاخبر). ان المطلوب هو ايقاف هذه (المهازل) التى يستخدمها الترابى للضحك على الناس والتلاعب بشعارات وحدة الحركة الاسلامية وهى شعارات عظيمة واذا أراد أى واحد من أنصاره العودة الى الصف فأهلاً به فالباب (يدخل جمل)!.

السودانى
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

المحبوب عبد السلام فى حوار غير تقليدي مع «أخبار اليوم» حول أسرار تنشر لأول مرة
بتاريخ 14-4-1429 هـ
القسم: الحوارات
هذه هى التفاصيل الكاملة للقاء الذى جمع الدكتور الترابي ومدير عام المخابرات والعمليات الفرنسية بمطار باريس حول تسليم كارلوس
{ فى نيفاشا كنا نساهم بالرأي عن طريق وفد الحركة الشعبية والترابى كتب ورقة حول علاقة الدين بالدولة بناء على طلب وسطاء الايقاد {
{ لاعلم لى بزيارة على عثمان لمدير الاستخبارات ليلة 29 يونيو وشاي المغرب الذى شربه الترابي مع الصادق للتمويه {
اجراه :عبد الرازق الحارث
الاستاذ المحبوب عبد السلام ابرز شباب الحركة الاسلامية الذين اصطفاهم الدكتور الترابي الامين العام للمؤتمر الشعبي وعراب الانقاذ السابق والزعيم الروحي للحركة الاسلامية ليبقوا بجانبه فى معاركة الفكرية حيث ظل يدافع عن شيخه بقلمه ولسانه ويتصدي لخصومه بجسارة وبرهان
والرجل شاهد على العصر حيث ظل قريبا من الترابي ترجمانه وسيفه ودرعه يقاتل عنه بالسيف الراعف ويسانده فى ظل الحكومة او عندما تشتد المعارضة ويطول الدرب
اخبار اليوم جلست الى المحبوب عبد السلام امين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الشعبي فى حوار لم تنقصه الصراحة اجاب على اسئلتها بكل الصدق والوضوح حول مذكرة التفاهم مع الحركة الشعبية فى جنيف واسرار وخفايا 30 يونيو والعلاقة مع الحركة الشعبية بعد وفاة قرنق وتسلم سلفاكير وملف تسليم الارهابى الدولى كارلوس فالى التفاصل
{ مذكرة العشرة كانت القشة التى قصمت ظهر بعير الحركة الاسلامية وكانت مفاجأة داخل حزب واحد {
{ كنا نرتب لعقد لقاء مابين الدكتور الترابي والدكتور جون قرنق برعاية البرلمان السويسري فى جنيف {
{المذكرة التى وقعتها كممثل للمؤتمر الشعبي مع الحركة الشعبية كانت القشة التى قصمت ظهر البعير للمرة الثانية فى الحركة الاسلامية؟
انفرجت اساريره عن ابتسامة هادئة ثم ابتدر حديثه قائلا« أنا شخصياً لم اكن اقدر أن المذكرة ستحدث كل ذلك الوقع الذى حصل وتصبح معلما فائقا فى التاريخ كما فى السؤال احد الاخوة اسمى كتابه الحركة الاسلامية صراع الهوي والهوية ولكن العنوان الجانب كان مذكرة العشرة الى مذكرة التفاهم ولعلك تقصد أن القشة الاولي كانت مذكرة العشرة والقشة الثانية كانت مذكرة التفاهم.
يمكن المذكرات يكون فيها هذا الجانب انك انت لاتقدر وانت تكتبها وانت توقع عليها او يوقع عليها عدد من الناس او يكتبوا بنودها لا يقرأوا جيداً المستقبل يقرأوا بعض الاثار ولكن لايحسبوا كل الاثار اظن هذا ينطبق ايضاً على مذكرة التفاهم .
اعتدل قليلاً فى جلسة ثم قال «بالنسبة لمذكرة العشرة طبعا كانت هى مفاجأة داخل حزب واحد مفاجأة من جانب على جانب اخر
لكن بالنسبة لمذكرة التفاهم كانت قى تقديرنا ونحن مقبلون على التفاوض على المذكرة كان فى تقديرنا اننا نريد أن نصل الخطوات التى بدأت بعد تأسيس المؤتمر الشعبي .
واسهب محدثى الاستاذ المحبوب عبد السلام شارحاً حول هذه النقطة «المؤتمر الشعبي اراد أن يتجاوز منذ العام 1977 عام المصالحة الوطنية بدأت الساحة السياسية تتداعي بين القوي السياسية وبين يدي الانتفاضة الشعبية عام 1985 تباعدت المسافة بين الحركة الاسلامية والقوي السياسية وخاصة عندما وقعت القوي السياسية كلها مذكرة التجمع الحزبية النقابى آنذاك
ثم جاءت الانقاذ فازدادت المسافة بين الاحزب ..
وبالنسبة للحركة الشبعية والحركة الاسلامية كانا على طرفي نقيض كنا نحن طرف وكانوا هم الطرف الاخر كنا طرف الصراع كان كل منا على اخر ضد وهو ما ادي أن تكون العلاقات مابيننا حادة
وانا البارحة كتبت مقالا فى الذكري السابعة لمذكرة التفاهم التى وقعت فى 19/2/2001م والاثنين الماضى مرت عليها سبعة سنوات .. والناس لاتقدر هذه المدة الطويلة مضى عليها وقت طويل منذ توقيعها المذكرة عندما اقبلنا عليها كنا نريد أن نكمل خطوات اصلاح ذات البين بين الحركة الاسلامية وقوي الساحة السياسية السودانية التى كما قلت بدأت تتباعد منذ المصالحة الوطنية مع النميري
وتباعدت فيما بعد الانتفاضة وتباعدت فى فترة الحكم الحزبى برئاسة الصادق المهدي وتباعدت جداً بعد الانقاذ عام 1999 بحل البرلمان بدأ يتبلور خطاب جديد من قادة المؤتمر الشعبي خاصة الشيخ حسن الترابي كان يتحدث عن الحرية باشد مما كان يتحدث عليها فى أية مرحلة من مراحل حياته ويتحدث عن اللامركزية هذه هى المبادئ التى بدأ فيها الخلاف داخل الحركة الاسلامية عام 1998م
الخلاف ضم الى بعضه شيئاً مافى اجازة الدستور الدائم عام 1998م
ولكن الخلاف تفجر مرة ثانية مع قضية اللامركزية فى انتخاب الوالى وشعب الولاية تفجر الخلاف مرة ثانية وعندما جاءت 4 رمضان كانت بمثابة قطع طريق على اللامركزية فى السودان وكان خرقا للدستور هذا تحول كبير فى داخل الحركة الاسلامية ومفارقات بين صفيها ولذلك عندما مضينا الى مذكرة التفاهم كنا نريد أن نعبر الجسر الاصعب وهو الحركة الشبعية .. واستطرد قائلا: الحركة الشعبية كما كتبت فى مقالي قال لى ترباتى وهو مذيع فى اذاعة مونت كارلو وكان يريد أن يجري معى مقابلة قال لى انتم صورتم الحركة الشعبية لمدة 10 سنوات انها حركة انفصالية وأنها حركة صليبية وأن لها علاقات مع اسرائيل وأن رئيسها اسمه «جون»
وهذه قناعة فى العالم العربي وكان خطابكم القوي بالتركيز على هذه المسائل وهى الحركة الشعبية نفسها بوصفها للانقاذ والحركة الاسلامية وهى تخاطب الغرب بأن هذا حزب دينى يحكم السودان وبالضرورة المواطن الجنوبى فيه مواطن من الدرجة الثانية هذا حزب غير أنه حزب دينى حزب مركزيته عربية واسلامية لذلك انتم فعلاً طرفى النقيض ونحن قلنا فى البيان التالي للمذكرة بعد توقيع المذكرة واعتقال شيخ حسن وحل الحزب وايقاف الجريدة وزير الاعلام انذاك الدكتور غازي صلاح الدين شن علينا حملة شديدة وقعنا بيانا أنا والاخ ياسر عرمان باسم اللجنة التى كانت هناك اللجنة المشتركة بين الحركة الشعبية والمؤتمر الشعبي لمتابعة تنفيذ الاتفاقية وكنا نريد فى الشهر الخامس لان التوقيع كان فى الشهر الثاني
فى الشهر الخامس كنا نريد أن نعقد لقاء بين الدكتور جون قرنق والدكتور حسن الترابي فى جنيف برعاية البرلمان السويسري وبين مايو وفبراير فى الوسط كنا نريد أن نعقد لقاءات فى مستوي اعلي بين القيادات الحزبية فى الطرفين المذكرة تحول كبير فى علاقة الحركة الاسلامية بالحركة الشعبية وفى علاقة الحركة الاسلامية بالجنوب والى اللقاء الذى كنا فيه قبل اسبوع بمدينة واو يوم الاحد الماضى تحديداً كنا فى مدينة واو
كان هذا اللقاء فى مدينة واو هو من ثمرات مذكرة التفاهم بمعنى اذا بعد اتفاقية السلام والحركة الاسلامية ماتزال تضغط تقول الحرب هذه مشكلة هنالك جانب اخر اختفى سنوات الانقاذ فى الدعاية السياسية هو أن الحركة الاسلامية لها مجهود كبير فى رعاية العلاقة مع الجنوب منذ عام 1964 مؤتمر المائدة المستديرة مقترح الحكم الاقليمي جاء من الدكتور حسن الترابي فى عام 1985 مؤتمر الجبهة الاسلامية القومية اقرينا الفيدرالية .
قبل عام 1987 كتبنا ميثاق السودان الذى اسس العلاقة فى السودان على المواطنة وليس على الدين وتولي المنصب العام
وجاء دستور 1998 يؤكد أن الناس متساوين فى الوطن وفى الانتماء اليه كان هنالك المرسوم الدستوري الثاني عشر المؤقت والذى اعطي سلطات واسعة للاقاليم
وعندنا تراث طيب من العلاقة مع الجنوب غطت عليها سنوات الجهاد وسنوات الانقاذ وكنا فعلا محتاجين لهذه المصالحة التاريخية.
{ الاستاذ المحبوب عبد السلام القرار النهائي لانقاذ 30 يونيو صدر من المكتب الخاص التابع للدكتور حسن الترابي الذى كان يتكون من 7 شخصيات وبه عدد من القيادات الامنية والعسكرية وفق التفويض الممنوح له بانقاذ مايراه فى مصلحة الحزب؟ حدثنا قليلا عن صراع التيارات مابين الانقلابيين والديمقراطيين وكيف حسم الخلاف؟؟
كان هناك مجلس شوري الحركة الاسلامية ويتكون من 40 شخصا وكانت هنالك هيئة شوري الجبهة الاسلامية وفيها حوالى 300 شخص .. فى هيئة شوري الجبهة الاسلامية تم تفويض هئية قيادة الجبهة لاتخاذ ماتراه مناسباً فى ضوء الظروف التى حدثت فى ذلك الوقت
وكان فى الشهر الثاني كانت هنالك مذكرة الجيش التى امهلت رئيس الوزراء اسبوعا وبمجرد ما اخطرت الجبهة القومية الاسلامية بأن الجيش تقدم بمذكرة امهلت رئيس الوزراء اسبوعا اعتبرت هذا انقلابا خاصة عندما استجاب رئيس الوزراء للمذكرة فاعتبر انقلاب ناحج لابعاد الجبهة القومية الاسلامية لذلك فى تلك الظروف فوضت الجبهة قيادتها فى اتخاذ ماتراه مناسبا فى التعامل مع الحالة السياسية .. مجلس شوري الحركة الاسلامية الذى يتكون من 40 شخصا ناقش هذه المسألة واعطى هذا التفويض لـ 7 اشخاص وهم الشيخ حسن الترابي ومعه ستى اخرون .. وكان هنالك حوار الكثير من الناس كانوا يعتقدون أنه اذا لم نتقدم للسلطة سيأخذها اخرون
وأن البلد اصبحت مفتوحة لان الصراع وصل الى مداه والتشقق وصل الى مداه واذا لم نتقدم نحن سيتقدم اخرون الفراغات لاتستمر فى السياسة والحكم والدولة تأتى جهة تتقدم ، الجهة التى اكثر نظاماً وقوة والقوات المسلحة ستتقدم لاخذ النظام لذلك كان القرار فى مجلس شوري الجبهة الاسلامية فى هذا الاتجاه كانت هنالك قلة والقلة هم شخص او شخصان كانوا يرون أن الديمقراطية تصلح بنارها الهادئة لتنضج فيها الحركة الاسلامية وكانوا يرون أن الحركة غير مؤهلة فى استلام الحكم ،بالمقابل كان هنالك رأي يقول أن الحركة الاسلامية بها العشرات من التخصصات ،وكل تخصص تجد به العشرات من الاشخاص ولذلك ينبغي أن نتقدم لاخذ الحكم ولن تكون هنالك تجربة كتجربتنا لان كثير من الانقلابات وقعت فى افريقيا والعالم العربي الانقلاب شئ عادي لكن لم نجد كادرا جيدا فى الاحزاب البعثية الاشتراكية والقومية والماركسية التى استلمت البلاد مثل كادر الحركة الاسلامية . طبعا أي انقلاب يحتاج الى حزب يدعمه لكن دعمنا كان اوسع مما وقع فى كثير من البلدان لانه لدينا حزب كبير ومؤسس وقائم على تخطيط استراتيجي وكان يتهيأ للتمكين واستلام السلطة منذ اوائل السبعينات
لذلك دار هذا الجدل هل نحن مهيأون لحكم البلاد ام نحتاج أن تصبح الحركة الاسلامية فى نار هادئة
كانت الجهة المقابلة قوية كذلك لانه اذا تركتوا البلاد لن تنضج فى نار هادئة ولكن ستتقسم لان الحركة الشعبية كانت تأخذ مدن الجنوب مدينة بعد مدينة كلها تسقط فى يدها .
كانت بداية الصراع القبلى فى دارفور يهدد كذلك وينذر بتمرد وكان ينتقل الى جنوب كردفان والشرق كان كذلك تتفاعل فيه عوامل كثيرة .. والخطر داخل الخرطوم كان كبيرا لو تذكر ،قامت هيئة حماية العقيدة والوطن ،الجو كله كان مضطرباً لكن القرار كان أن يتقدم هؤلاء السبعة بما يرونه مناسباً لانقاذ البلاد لم ينص القرار صراحة على القيام بانقلاب لكن التفويض كان يسمح بأن تحرك آله الحركة الاسلامية داخل الجيش وآلتها الخاصة المسلحة حتى بين اعضائها لتستلم البلاد واستطرد محدثى الاستاذ المحبوب عبد السلام قائلا ولكن كان ذلك مدرج فى اطار استراتيجية
والسنوات منذ اليوم الاول للانقلاب وحتى العام الثالث كانت تقريبا الخطوات واضحة انه فى الاول نحتاج أن نحافظ على هذا النظام لتغطية هويته الاسلامية وذلك بالتمويه الذى كان سائدا فى تلك الفترات ثم نكشف عن وجهنا شيئا فشيئا ثم نعيد السلطة الى الشعب خلال 3 سنوات وبالتالى خلال هذه السنوات الثلاثة سيحل مجلس قيادة الثورة وتحدث كل الخطوات ،تأخرت قليلا ، بعض الخطوات تقدمت مثلا المجلس العسكري الانتقالي حل مجلس قيادة الثورة واصبح فى محله مجلس تشريعي معين ولكن له كل سلطات التشريع لدي مجلس قيادة الثورة .كان هذا المجلس الوطني الانتقالي كان هذه خطوة فى بداية المراسيم الدستورية
ثم جاءت التوالي السياسى لتأسيس الوضع السياسي كله على الحرية وهذه هى النقطة التى اختلفنا فيها كما كان فى الاجابة الماضية لكن الانقلاب نفسه كان شئيا طبيعيا فى العالم العربي وفى افريقيا الى ذلك الوقت ولكن كان هنالك شعور قوي فى الحركة الاسلامية بأنه بمجرد أن تستلم السلطة بانقلاب ينبغي أن تقوم بمجهود لتصحيح هذا العمل لان الانقلاب عمل اضطراري وهو عمل ليس جيداً ينبغي أن نصححة بسرعة وكانت هنالك كما قلت لك خطة موضوعة ينبغي أن تتبع بدقة لم تتبع بدقة فادي الى الازمات التالية
{ الاستاذ على عثمان فى ليلة 29 يونيو 1989 ذهب صباحاُ لمقابلة مدير الاستخبارات العسكرية صباحا لجس نبضه حول مدي المام جهاز المخابرات بتدابير الانقلاب وذلك تحت ستار نقل الاغاثة والمؤن للجيش فى الجنوب بينما كان الترابي يزور فى نفس عصر اليوم صهره رئيس الوزراء آنذاك الصادق المهدي ويشرب معه شاي المغرب
هل هذه الخطوات جزء من تكتيك الجبهة الاسلامية لاستلام الحكم ام تقديرات القدر والمصادفة؟
انا لا علم لى بهذه الاشياء التى ذكرتها ، كنت خارج السودان فى السنوات الخمسة فى باريس فى تلك الفترة ولا علم لي بالتفصيل ما الذى حدث لكن على حال ليلة 30 يونيو 1989 فى يوم 29 يونيو فى الامسية يعني موصولة جدا بالترتيبات الفنية للانقلاب وبالتالي هى ترتيبات تقوم على مسائل تكتيكية وسريعة وقصيرة ولذلك وارد جدأ أن ترتب زيارة تمويهية الى جوبا ووارد جداً ان يزور الدكتور الترابي الصادق المهدي مساء .. واستدرك قائلا( لا اظن هذا حدث قد يكون داخل ترتتبات الاعداد للانقلاب الذى كان واقعاً لامحاله ..
اذا تمت هذه الزيارة وام لم تتم او تم التمويه او لم يتم .. المعد أن ساعة الصفر اتفق عليها اطراف كثيرة جدا كانت هنالك اجراءات كثيرة من هذا القبيل حتى رئيس الانقلاب العميد آنذاك عمر البشير جاء من الجنوب من «ميوم» وكان يقوم باجراءات عادية للسفر فى اليوم التالي لكورس تدريبى فى القاهرة هنالك اجراءات كثيرة تكتيكية ساعدت فى أن ينجح الانقلاب
{ القربان الاعظم الذى قدمه المؤتمر الشعبي بعبوره الجسر وتوقيعه لاتفاقية مع الحركة الشعبية ادت لتعميق المفاصلة بين الاسلاميين
واعتقال الدكتور الترابي برغم كل ذلك العلاقة ما بين المؤتمر الشعبي والحركة الشعبية ما يزال يلفها الضبابية والغموض.
{انت تعلم اننا لم نكن حزءا من مفاوضات نيفاشا ولا اي من القوي السياسية.. ووقعت اتفاقية نيفاشا بدون مشاركة القوي السياسية مشاركة فعالة فى المفاوضات نحن كنا نساهم بالرأي ولكن عن طريق وفد الحركة الشبعية لا عن طريق وفد الحكومة واحيانا يطلب من الوسطاء طلب شركاء الايقاد من الشيخ حسن الترابي اعداد ورقة حول علاقة الدين بالدولة فكتبها ،كان لدينا اتصالات مع ياسر عرمان ومجموعة الحركة الشعبية اثناء التفاوض وكانت هنالك قطيعة كاملة مابيننا الاخوة فى الحركة ولم يكن بيننا أي اتصال لذلك جاءت نيفاشا تؤسس علاقة جديدة مع المؤتمر الوطني الشق المناوئ للمؤتمر الشعبي وكان اقتراضا آنذاك أن نشارك مع الحركة الشعبية كحكومة الجنوب اذا كان الوضع الفيدرالي يسمح بذلك .. لكن حدث هنالك حدث غير كثيرا من المعادلات هى وفاة الراحل الدكتور جون قرنق لان العلاقات تأسست اساسا فى ظل الدكتور جون قرنق وكان الجيش الشعبي يسيطر على غالب نشاط الحركة الشعبية وكان النشاط السياسي للحركة الشعبية محدود فى الدكتور جون قرنق ومجموعته لوح بيديه ثم قال عندما توفى الدكتور جون قرنق دخلنا فى المعادلات الجديدة أن الحركة الشعبية تريد أن تتحول من حركة مسلحة مقاتلة وحزب معارض الى حركة سياسية تريد أن تعمل وكان هذا الفرق كما قلت كان من المفترض تجديد العلاقة بيننا ومابين الحركة الشعبية يعني الحركة الشعبية حتى تسوي اوضاعها كلها بعد وفاة جون قرنق اخذت وقتا وعندما مضى هذا الوقت كانت العلاقة تعقدت بينها وبين الشريك فى مواجهة مشاكل الوطن كلها واصبح عليها تأسيس نظام دولة فى الجنوب وكان ذلك يأخذ من وقتها فانا اعتقد أن الحركة الشعبية لم تجد الوقت الكافى لتكمل مشروعها الفكري السياسي وعلاقاتها السياسية خاصة مع حزب مثل حزب المؤتمر الشعبى .. لكن عمقنا هذه العلاقة بالاتصالات الشخصية وتبادل الاراء . الزيارات الاجتماعات كلها كانت فى حد ادني نحافظ عليها ولاتنسى أن الحركة الشعبية لها علاقة بالتجمع الوطني اطول واعمق من علاقتها مع المؤتمر الشعبى لكن مع ذلك احزاب التجمع الوطنى الديمقراطي تشتكي من العلاقة مع الحركة الشعبية . والحركة الشعبية محتاجة الى وقت حتى تؤسس جيداً كحزب سياسي وحتى تؤسس علاقاتها السياسية ولكن كلامك صحيح أن العلاقة لم تمض كما ينبغي ومخطط لها
{ واللقاء مابين زعيمي الشعبي والشعبية الدكتور حسن الترابي والفريق سلفاكير ميارديت لماذا اصبح امنية فى ضمير الغيب لا تتحقق علي ارض الواقع؟؟
هو من ناحية الدكتور حسن الترابي سعي الى لقاء سلفاكير . وكنا قلت لك لم تنقطع العلاقة مابيننا وبين اخوتنا فى الحركة الشعبية دون مستوي رئيس الحركة قيادات الحركة الاخري كلها كانت تأتي الى لقاء الدكتور الترابي دوريا وفى كل المناسبات وفى الاجتماعات واحيانا لعرض بعض الامور العلاقة عامرة دون مستوي رئيس الحركة
ولكن سلفاكير كما تعلم يقضى اغلب وقته فى الجنوب وحتى فى زيارتنا الاخيرة الى واو كان الاقتراح الاول أن نمضي الى جوبا اولا ويجلس الدكتور الترابي مع سلفاكير فى لقاءات مطولة ونبقى فى جوبا يوم ثم نغادر الى واو ولكن فكرة الحركة الشعبية أن سلفاكير ينبغي أن يلقي كل الاحزاب كما تعلم أن سلفاكير لم يعقد لقاءات مطولة مع السيد الصادق المهدي ولامع السيد الميرغني ولامع نقد اللقاءات التى تمت مابين الرئيس البشير وقيادات الاحزاب سلفاكير لم يحضرها .. علاقة الفريق سلفاكير مع قادة الاحزاب بسبب غيابه المتطاول لم تتصل كما ينبغي والاخوة فى الحركة الشعبية يقولون أنه من الضروري أن يلتقي الفريق سلفاكير بالدكتور حسن الترابي ويجلس معه ساعات نحن نأمل أن تحدث فى الفترة المقبلة لكن كلامك صحيح أنها تأخرت جدا رغم اهميتها
{ هل تتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة لقاءات مابين الدكتور الترابي والفريق سلفاكير ميارديت؟
{ هل هنالك اتصالات او لقاءات او محاولات لترتيب هذا اللقاء؟؟
نعم كانت هنالك دعوة من الحركة الشعبية لزيارة جوبا ولكن لم تحدد موعدها .. ثم جاءت دعوة أن رؤساء الاحزاب يزوروا الفريق سلفاكير مجتمعين ويصلوا الى واو ويعقدوا معه اجتماعا .. ثم عدل هذا الاقتراح للتشاور مع الاحزاب بأن يذهب رؤساء الاحزاب فرادي ويلتقوا بالفريق سلفاكير ثم من بعد ذلك يمكن أن يحدث هذا اللقاء فى اطار يجمع كل الاحزاب حتى المؤتمر الوطني
{ ملف كارلوس من الملفات الغامضة دخوله الى السودان؟؟ وتسليمه لفرنسا خاصة أن هنالك تقارير اشارت الى أن الدكتور الترابي عقب عودته من مدريد التقي فى المطار لمدة ربع ساعة بمسؤول فرنسي رفيع المستوي ابدي له خشيته من عدم تسليم السودان كارلوس وبعد عودة الترابي للخرطوم تم تسليمه بتلك الطريقة الدرامية؟ ولا نستطيع أن نتحدث حول هذا الامر دون التوقف بمحطة المحبوب عبد السلام مترجم اللقاء؟؟
ابتسم ثم رد قائلا النقطة الاخيرة صحيحة وهي انني كنت اقوم بالترجمة مابين جهاز الامن السوداني وجهاز الامن الفرنسى فيما يتعلق بموضوع كارلوس لذلك انا مطلع على هذا الملف جيداً الدكتور الترابي سافر الى اسبانيا وقدم محاضرة وفى طريق عودته كانت الرحلة تسمى الرحلات المقلة وحدث conatian
بتديل للطائرة لمواصلة الرحلة جلسنا فى مطار باريس ساعات حتى اتى مدير عام العمليات الفرنسية وقابل الدكتور الترابي لكن الخطأ فى تناول موضوع كارلوس فى السودان دائما يتجه الى أنه موضوع سياسى حكومة الانقاذ آنذاك تعاملت مع ملف كارلوس بوصفه ملفا امنيا من جانب كارلوس كان يظن أن هذا النظام الاسلامى الثوري سيكون متحمسا فى التعامل معه حقيقة كارلوس ضاقت عليه الارض بما رحبت كان يبحث عن مأوي كان يبحث عن مقر وفى دولة عربية ضافت به ذرعا وهرب اليها من دولة عربية
الدولة هذه الاخيرة كانت تريد ان تتخلص منه كان البلد الوحيد الذى يستقبل العرب بدون تأشيرات كان السودان بعثت به هدية مسمومة الى السودان جهاز الامن فوجى بوجود كارلوس فى السودان وقدم نفسه على أنه شاين كارلوس وكارلوس هذا لقب وليس اسمه الحقيقي الذى كان يريد التفاوض مع الامن الفرنسى هو الامن السوداني وكان السياسيون مثلا الفريق البشير والترابي وعلى عثمان كانوا فقط يخطروا بتطور المفاوضات معهم والمفاوضات كلها كانت منصبة فى أنه ينبغي أن يغادر السودان .. نحن لاشأن لنا به ولم نكن بعض من عملياته فى العالم العربي وانا تحليلي الشخص أن كارلوس لم يعد ذلك المناضل الذى ينصر القضايا العربية تحول الى مثير دولى والذى قاله مدير المخابرات والعمليات الفرنسة للدكتور الترابي انهم دولة فرنسا بمذكره صادرة من الانتربول البوليس الجنائي الدولي تريد أن تستلم كارلوس وسلم هذه المذكرة للدكتور الترابي فهذا كان شأن قانوني وعلاقات دولية محضة والدكتور الترابي كما تعلم هو شخص قانوني ومختص بالقانون الدستوري ومختص بالقانون الدولى فكانت اجابته واضحة اذا كانت هنالك مذكرة توقيف باسم القانون الجنائي الدولى ينبغى أن تتم المسألة فى هذا المستوي لانه سياسيا لا شأن لنا بكارلوس ولكن دولة فرنسا وهى دولة بالمناسبة الوحيدة فى العالم التى عندها ملف جنائي مع كارلوس هو قتل ثلاثة ضباط من ضباط المخابرات الجنائية الفرنسية قتلهم فى شقتة فى باريس مباشرة من مسدسه فعندهم قضية مكتملة لذلك واقف الانتربول بأن يصدر هذه المذكرة بتسليم كارلوس الى فرنسا اينما وجد
كذلك مدير المخابرات الفرنسية تحدث بأن هنالك مساومات تتم بينهم وبين الامن السوداني حول هذا الموضوع الترابي اكد انهم يرفضون أي مساومة فى موضوع جنائي واكد أن التسليم يتم على اساس جنائية محضة فى اطار البوليس الدوليوالانتربول السوداني و الانتربول الفرنسي . تم التسليم على هذا الاساس فملف كارلوس كان ملف امنى ثم اصبح ملفا جنائياا ولم يكن فى يوم من الايام ملفا سياسياً
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

خمسون إنجازا للحركة الإسلامية السودانية:

ليقرأ الفاتحة على نفسه من يريد أن يقرأها عليها!!

د. محمد وقيع الله
[email protected]

(8)

تحدثنا في المقال الماضي عن توازن الحركة الإسلامية السودانية، في تركيبتها القيادية العُمْرية، حيث بان لنا أنها الحركة السياسية السودانية الوحيدة التي تملك تشكيلة قيادية، تمثل أفضل تمثيل التركيبة العمرية العامة للشعب السوداني في الوقت الحاضر. وتناولنا بالحديث التركيبة الاجتماعية للحركة الإسلامية السودانية، فاتضح أنها تركيبة قومية، بحق وحقيق، تتمثل فيها جميع ألوان الطيف الاثني السوداني.

وبهذا التركيب المتوازن، الذي ميز الحركة الإسلامية السودانية، وزانها، اكتسبت تصرفاتها، وأفعالها، توازنا مشهودا، نأى بها عن التطرف في وجهيه: إفراطا وتفريطا.

التعامل المتوازن مع الأحزاب:

ونود اليوم أن نتحدث اليوم عن بعض أنماط التعامل السياسي المتزن، للحركة الإسلامية السودانية، بادئيه بتعامل هذه الحركة مع الأحزاب السياسية الأخرى. فبالرغم من أن الأحزاب السياسية التقليدية والعقادئية قد استقبلت الحركة الإسلامية السودانية، في تجليها السياسي، منذ حقبة جبهة الميثاق الإسلامي(1965-1969م) ، بكثير من التحفظ، والاستهانة، والاستخفاف، والازدراء،( تشهد على ذلك مداولات الجمعية التأسيسية بوجه خاص، وهي مصدر جيد لدراسة السوك السياسي في حقبة الديمقراطية الثانية)، إلا أن الحركة الإسلامية السودانية، ظلت تعامل تجمعات الأحزاب السياسية الأخرى (عدا الحزب الشيوعي) بقدر كبير وافر من التقدير والإحترام، ويمكن القول بأنها ما زالت تعاملها منذ ذلك الزمان بكثير من التقدير والاحترام لأوزانها وأقدارها.

لقد جاءت الحركة الإسلامية السودانية بمحتوى حزبي، أصيل، واعد، متفوق، من حيث الخلفية والبنية الفكرية، والبرامج السياسية المفصلة، ونوعية الكوادر المدربة المحتسبة. ومع أن الحركة الإسلامية السودانية كانت متقدمة على الأحزاب من هذه النواحي، إلا أنها عمدت مع ذلك إلى التعامل مع هذه الأحزاب، على أساس التفهم والاستفادة من تجارب من سبقوها في التجربة والبلاء، بدل أن تصادمهم وتسعي سعيا عاجلا لإزاحتهم، وهكذا أخذت الحركة الإسلامية السودانية من كل حزب خير ما فيه، ونبذت ما فيه من الشرور والبذور التي لا تنسجم مع برنامجها السياسي المستقبلي التقدمي.

وقد بحثت الحركة الإسلامية السودانية دوما عن المشترك بينها وبين الإحزاب السياسية السودانية الأخرى، فاتضح لها أن ما يجمعها بالأحزاب التقليدية هو البرنامج الإسلامي، أي التوجه السياسي الإسلامي، أو ما كان يدعى حينها بالدستور الإسلامي، إذ لم يكن أمر القانون الإسلامي، أو الأسلمة الشاملة مما يمكن أن يطرح أو يستوعب في أفق ذلك الزمان.

(معالم في الطريق) السوداني:

وهكذا أخذت الحركة الإسلامية السودانية، في ذلك الزمان الذي كان فيه كتاب (معالم في الطريق)، يرجُّ العالم العربي والإسلامي، بأطروحاته الجسورة الخطرة، تتعامل تعاملا هادئا غير ثوري، ولا جذري، مع الأوضاع السياسية السودانية. بل تعدى الأمر ذلك عندما كتب أحد فلاسفة الحركة الإسلامية السودانية، وهو الدكتور جعفر شيخ ادريس، حلقات متصلة بصحيفة (الميثاق) الإسلامي، لسان حال الحركة حينها، يحلل فيها أطروحات (معالم في الطريق)، وينتقدها، وقد بلغ أمر تلك الانتقادات إلى سيد قطب، ولم يقبلها، وذلك شأنه، رحمه الله، فقد كان صادقا في مواجهة الواقع القمعي الذي يتعرض له، وكانت الحركة الإسلامية السودانية، صادقة في تعاملها مع واقعها الذي تتعامل معه، ولم يكن يطغى عليه الغزو الفكري والاستبداد اليساري الشيوعي الناصري، كما كان الأمر في مصر، وهكذا لم تكن الحركة الإسلامية السودانية، مستعدة لاستيراد أطروحات فكرية حركية جاهزة، من واقع بعيد، من دون أن تتأملها، وتحللها، وتقبل منها ما تقبل، وترفض ما ترفض.

والتزاما بهذه المنهجية التحليلية، النقدية، الحصيفة، المتوازنة، نأت الحركة الإسلامية السودانية، عن اتباع أساليب الاستعلاء، والبراء، والمقاطعة مع الآخرين، والتزمت بمنهج التلاقي والتعامل الرصين الجاد معهم ، من أجل التأثر الخِّير بهم، والتأثير الخيِّر فيهم. وسعت للتحالف مع الآخرين من العاملين في المسرح السياسي السوداني ولو التقت بهم عرضا في الطريق، وما اتخاذ الحركة لمسمى (الجبهة) منذ ذلك الوقت، إلا دلالة على رسوخ تلك النزعة لاتخاذ التحالف مع الآخرين نهجا ثابتا في العمل السياسي.

وفي طوال دهرها لم تبادر الحركة الإسلامية السودانية أحدا بالعداء، وما زالت على ذلك النهج، تأمل أن تتحالف مع كل من فيه ذرة خير، حتى مع أصحاب تلك الأحزاب (العروبية) الهزيلة الكارهين للإسلام، كُرها غير مفهوم، والذين لا يترددون في ان يتحالفوا (تحالفات استراتيجية كما يقولون!) مع الحركات الشعوبية، العنصرية، الحاقدة، الكارهة للعروبة، وذلك لأن هذه الحركات تشاطرهم كره الإسلام!

ويوما بعد يوم، نرى الحركة الإسلامية السودانية، تزداد التزاما بهذا النهج المستبين، وتمكن بحكمتها من كسر عداء الآخرين لها، حتى عداوة من عادوها عن حسد. أولئك الذين رموها جميعا عن قوس واحدة، يوم وصلت إلى السلطة، بانقلاب عسكري، اضطروها إليه اضطرارا، بممارستهم للمكائد السياسية من ناحية، وبعجزهم عن ممارسة السلطة السياسية من ناحية أخرى.

وهنا أود أن أقول إن الوصول إلى السلطة، عن طريق انقلاب عسكري، لم يكن هو الوضع الملائم، هذا ما أقر به وأعتقده، ولكن إذا لم يكن إلا الأسنة مركبا فما حيلة الحركة الإسلامية السودانية إلا رَكوبها؟!

إن اللوم موجه إلى الآخرين لا إلى الإسلاميين في هذا الخصوص، إن اللوم موجه هنا إلى أولئك الذين استهانوا بالحركة الإسلامية السودانية، وأدانوها في البرلمان، عندما كانت في المعارضة، لمجرد أن الطلاب التابعين لها سيروا بعض التظاهرات في الخرطوم، ثم سعوا إلى إقصائها من الحكم، عندما اشتركت في حكومة الوفاق الوطني، وحرضوا عليها الجيش، مع أنها كانت أكبر سند للجيش في حرب التمرد في الجنوب، وشرع الكثيرون من الحزبيين في استغلال الجيش لتدبير انقلاب تكون أولى ضحاياه الحركة الإسلامية كما علَّمنا التاريخ.

هكذا جاء هؤلاء:

وهكذا اضطرت الحركة الإسلامية السودانية، إلى تجاوز هذه المؤامرات المتتابعة بتنفيذها لانقلاب الإنقاذ. والغريب أن خصوم الحركة لم يتعلموا الدرس، وواصلوا استهانتهم بها، وتوقعوا انهيار حكمها بعد شهور، وسأل سائلهم سؤال الغافل: من أين جاء هؤلاء؟ّ! ولم يفطنوا، أو قل إنهم لم يشاؤوا - في إصرار - أن يفطنوا إلى أن هؤلاء القادمين الذين سألوا عنهم، تضرب جذورهم عميقا، في تاريح العمل السياسي السوداني، إلى منتصف أربعينيات القرن الميلادي الماضي، وأنهم لم يتوقفوا عن الفعل السياسي يوما واحدا منذ ذلك التاريخ، وأن آثارهم برزت واضحة في كل مفصل من تاريخ البلاد، في حملة الدستور الإسلامي، في أوائل الخمسينيات، وفي مقاومة الحكم العسكري، في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، وفي قيادة ثورة أكتوبر 1964م، وإنشاء جامعة أم درمان الإسلامية في عام 1965م، (التي أنجز قرار قيامها السياسي الوطني العظيم الوزير الإتحادي بدوي مصطفي، أفسح الله له في مقامات المجاهدين، وقاد خطوات تأسيسها شيخنا العلامة الرائد الدكتور كامل الباقر أفسح الله له في مقامات الصديقين).

وقد قادت الحركة الإسلامية السودانية، حملة الدستور الإسلامي، مرة ثانية، في الستينيات، وشاركت في حرب فلسطين في السبعينيات، وشاركت في مقاومة النظام الشيوعي الناصري المايوي في حرب الجزيرة أبا، بالاشتراك مع الأنصار المجاهدين، وواصلت مقاومتها للحكم المايوي لسبع سنوات تلت، وأنجبت أكثر كوادرها الصلبة خلال تلك الحقبة، وأسست العديد من المؤسسات الإسلامية خلال السبع سنين التي تلت المصالحة الوطنية، وأيدت التشريعات الإسلامية بقوة وحمتها، واجتاحت دوائر العاصمة، ونالت أكثر عدد دوائرها، وأكثر عدد ناخبيها، ونالت أكثر دوائر الخريجين، في انتخابات عام 1986م. فهل هذه حركة خفية، يسأل عنها إلا واهم فيقول: من أين جاء قادتها وأتباعها؟!

هذا الوهم أو(اللا واقعية) السياسية، هي من بعض ما تعاني منه الحركة الإسلامية السودانية، خلال تعاملها مع الآخرين. والغريب أن هذا الوهم يطرق أحيانا بعض من يعرفون الحقائق عن كثب، معرفة وثيقة، لا ريب فيها، ولكن لا يحبون أن يصيخوا لصوتها، أويعترفوا بها. وآية ذلك أن هذا الشخص الذي أطلق تساؤله: من أين جاء هؤلاء؟! كان من قدامى أبناء الحركة الإسلامية السودانية في الأربعينيات، ولكنه تخلى عنها بهدوء، تخليا كريما، ونحن نحترمه، ونجله، كمفخرة أدبية وفكرية إجلالا واحتراما فائقا، ولم نستشهد بقوله هنا إلا في مقام جلاء العبرة لتبيان مكامن العلة في تعامل البعض مع الحركة الإسلامية السودانية. وعلى كل حال فصاحب هذا التساؤل قد برهن في سيرته أنه شخص وطني شريف، ولم يكتب التقارير الإستخبارية عن الحركة الإسلامية السودانية، ولم يساند الشعوبيين، العنصريين، الإنفصاليين، الذين أرادوا لفرط عدائهم للإنقاذ أن يدمروا الوطن برمته. وقد أكثر هذا الأديب الكبير المفكر في مقالاته من نقد الشعوبيين، العنصريين، الإنفصاليين، وتوبيخهم، ولم يكن قط كصاحبنا هذا اللا مبدئي، الناقم، الواهم، الذي ظن أن الحركة الإسلامية السودانية، قد ماتت بخروجه هو عنها، أو بالأحرى بإخراجه من خدمتها، ولم يهده ذكاؤه وفكره الزاخر، إلى أن يدرك أن هذه الحركة لم تمت عندما فصلته من صفوفها، عندما كان يكتب في صحافة مايو المؤممة في السبعينيات، وإنما ازدادت حياة على حياة، ولم يدرك أنها أضحت تزداد حياة على حياة، منذ أن استغنت عن استخدامها إياه في الدعاية لها في التسعينيات!

لقد دل تاريخ الحركة الإسلامية السودانية، قبل الإنقاذ، وفي ظلها، على أنها تحسن التعامل مع الفرقاء السياسيين الآخرين، وأنها تستطيع أن تتعامل معهم تعاملا وفيا ذكيا حصيفا متوازنا، وقد استمرت بعض تحالفات الحركة مع الآخرين، فيما انفرط بعضها، وما أبرئ الحركة الإسلامية من الأخطاء في هذا الصدد، فبعض الأخطاء التي أدت إلى انفراط التحالفات مع الآخرين، تأتت من بعض تجاوزات قادة الحركة الإسلامية السودانية، وبعضها جاء من الآخرين، الذين تجاوزوا بطموحاتهم كل المألوف (مبارك الفاضل كمثال).

ومن قديم كنت أدعو إلى ضرورة إحسان التعامل مع الحلفاء السياسيين، ولي بحث في ذلك مكتوب، تعرضت فيه لبيان هذا الأمر، وكانت لي محاضرة قدمتها مرارا لكوادر الحركة الإسلامية من الشباب الواعدين، كنت أحرص فيها على تربيتهم على رعاية حقوق الآخرين، بل إني دعوت بلا تردد إلى عدم السعي لـ (تجنيد) الحلفاء السياسيين، والعمل على إدخالهم في سلك الحركة الإسلامية السودانية، لأن هذا وإن كان أمرا طيبا، إلا أنه يهدر هدفا أهم منه، وهو هدف إحسان التعامل مع الآخر، والتعلم منه، والتعود على العمل التضامني، والتكيف مع بيئات وأساليب العمل المشترك مع الآخرين.

وما كنت أحرص على تنبيه الشباب الناهض إليه، كان من نوافل تجارب الحركة الإسلامية السودانية، ولكني حرصت على تأصيله ببعض معارف العلوم السياسية، وهو في الأصل، خلق حميد، مستمد من أخلاق الإسلام، ومنتزع من شيم أهل السودان الكرام، وهو ولا ريب أجمل تراث يزين سيرة الحركة الإسلامية السودانية، ويحليها، ويرشد خطوها على الدوام، لاسيما في هذه الأيام، التي تواصل فيها السعي الحثيث الصادق مع الإمام، وأعوانه الأعلام، لإنجاز ما نأمل أن يتحقق بالفعل على أرض الواقع السياسي بالتحالف مع حزب الأمة العملاق المقدام.
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

العدد رقم: 881 2008-04-27

حديث المدينة
أصحى.. يا بريش..!!

عثمان ميرغني
كُتب في: 2008-04-27

[email protected]


سألني باحث بريطاني يزور السودان هذه الأيام.. سؤالا افتراضيا جديراً فعلا بالإجابة المتأنية العميقة.. قال لي ( اذا افترضنا ان أحد أعضاء الحركة الإسلامية في السودان نام في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي.. ولم يستيقظ إلا الآن.. ثم سار في الشوارع وقرأ الصحف وتأمل في المجتمع والدولة.. دون أن يقدم له أي فرد مساعدة للتعرف على ما تغير خلال العشرين سنة الماضية.. فهل يستطيع ان يعرف أن الأمور كلها خلال فترة نومه كانت تخضع لحكم جماعته..؟؟)
قلت له.. ولو أُعطي (خيارات!!) فلن يستطيع تخمين الإجابة الصحيحة..
سأتقمص السياق الافتراضي الذي اختاره الباحث البريطاني.. وأتصور أن هذا الرجل ( وربما يكون من قيادات الحركة الإسلامية).. وبعد ان استيقظ..اول ما فعله وبكل شوق ولهفة أن ذهب الى منزل (الشيخ!) حسن الترابي.. وجلس في طرف الصالون بكل هدوء يسمع تصريحات وتحليلات الشيخ للأوضاع.. وكأني بهذا الرجل الذي استيقظ من منامه يقول في قرارة نفسه.. وهو يسمع لكلام الشيخ الترابي..( إذن لقد فعلها الشيوعيون.. !!).. ثم واذا به وهو راجع (بالمواصلات طبعا).. بشارع أفريقيا وجوار مدخل المطار.. تكاد تربكه الدهشة.. وهو يكمل الجملة (.. ويصَّلون..الشيوعيون !!).
وربما وقع في حيرة ودهشة اهل الكهف.. حينما قالوا لأحدهم أذهب بورِقِنا هذا فلينظر أيّها أزكى طعاما.. فقدم ورقه (العملة) للتجار فنظروا اليه وسألوه من أي عهد تاريخي سحيق هبط..
المعايرة القياسية التي طلبها الباحث البريطاني للفرق بين النظرية والتطبيق.. تحتاج اولا وقبل الغوص فيها الى استنباط وحدة القياس..حتى يمكن معايرة الطرفين والكتلتين بنفس الوحدة القياسية.. فلا يمكن – مثلا معايرة جسمين واحد بالكيلو.. والآخر باللتر.. أو بالمتر..
ماهي وحدة القياس التي تحسب المسافة الفاصلة بين النظرية والتطبيق..
اقترح استنباط وحدة قياس نطلق عليها (كيلو انسان).. الوزن المعياري للانسان.. على هدى معادلة بسيطة تفترض أن (الكيلو إنسان) هو الناتج الطبيعي لحصيلة جمع التنمية والخدمات والمشاريع التي تقدم له مع الحقوق التي يكتسبها.. فإذا توفرت للانسان مشاريع ضخمة وخدمات مترفة وتنمية هائلة.. ونال معكوسها من الحقوق الذاتية والمعنوية فإن (الكيلو انسان) يصبح في وزن الذبابة..
بوحدة القياس هذه يمكن إجراء اختبارت خارجية في دول أخرى.. والتأمل في ناتج (الكيلو انسان) فيها.. فدول عملاقة من فرط جبروتها خرقت غلاف الكرة الأرضية وارتفعت بإنسانها الى الفضاء الخارجي. لكن انسانها على الأرض كان لا يساوي إلا قيمة تافهة من الـ(كيلو انسان).. وكانت النتيجة الطبيعية بالتحديد انهيار منظومة (الاتحاد السوفيتي).. وحلف وارسو ودخول بعضها في حلف الناتو..
الأمثلة كثيرة.. وبعضها لا يزال شاخصا.. وسنة الحياة البشرية ان الانسان هو محور الحياة.. وأكدها القرآن الكريم الذي جزم ان كل ما في الحياة الدنيا هو مسخر لأجل الانسان. في البر والبحر والفضاء..
إذن فلنستخدم مسطرة أخينا الدكتور أمين حسن عمر الشهيرة.. ونحسب كم (كيلو انسان) يسوى السوداني..؟؟



السودانى
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

أي شريعة هذه التي تنتصر بجماجم الاطفال ..؟


خالد ابواحمد
[email protected]
الحوار المتمدن - العدد: 1444 - 2006 / 1 / 28


بطبيعة الحال أن كل الذين شاركوا في الحرب اللعينة التي قتل فيها السوداني أخوه (السوداني) سواء في جنوب، أو في شرق أو غرب السودان، تمر عليهم الكثير من الذكريات المؤلمة، أنني شخصيا أشعر بتأنيب ضمير شديد عندما كنت في تلك الساحة في ديسمبر من العام 1995م فيما يعرف برد الهجوم الذي أطلقت عليه الحركة الشعبية بقيادة الفقيد جون قرنق (الأمطار الغزيرة) هذه العملية العسكرية الكبيرة والتي قتل فيها المئات بل آلاف السودانيين من الجانبين، تختلف عن كل العمليات العسكرية في جنوب السودان لما فيها من مفارقات وتجاوزات إنسانية، تجعل من الهدف الكبير للحرب ضد (المتمردين) علامات استفهام كبيرة متمثلة في الموقف اللا إنساني للحكومة السودانية إذ استعانت لفترات طويلة بجيش الرب اليوغندي الذي يتزعمه المتمرد اليوغندي جوزيف كوني وهذا الجيش للأسف استعان بمشاركته إلى جانب الحكومة بحوالي 2000 طفل تبلغ أعمارهم ما بين الثامنة والرابعة عشرة عاما من الجنسين.

كانت لحظات محزنة وشعرت فيها بالألم النفسي لوجود هولاء الأطفال معنا في مكان واحد وكان منظرهم يدمي القلوب وهو يحملون الآليات والأسلحة الثقيلة، ومهما يحاول المرء لا يمكن أبدا أن يصور هذه المناظر المرعبة، عشرات من الأنفس البريئة كانت تطوف حولنا في مساء يوم بارد استعدادا للهجوم على أكبر معسكرات (الحركة الشعبية) في الميل 72 في طريق مدينة نمولي الحدودية مع يوغندا في يوم 12 ديسمبر 1995م، أطفال في سن البراءة الواحد منهم يحمل فوق طاقته وما زنته 40 كيلو جرام أو أكثر من العتاد العسكري الثقيل وصناديق الذخيرة، والذين حملوا مثل هذه الصناديق يعرفون كم هي قاسية الحمل في مسيرة قد تبلغ الساعات الطوال، وأحيانا اياما من السير في الطرق الوعرة، والرطوبة العالية حيث تتبلي الملابس تماما مما تصيب المرء بالإعياء وفي الغالب التهاب الصدر و المفاصل الذي يعيق الحركة، وهذا ما حدث لي شخصيا، فكيف بالأطفال..!!
... يا إلهي.. انه أمر فظيع..

مهما أحاول لا يمكن أن أصور شكل الدموع الجافة على وجوه الصغار لا أجد لذلك سبيلا، ولم يكن هناك جنودا كبار السن وهولاء لا يتعدون العشرين من بين المئات من الجنود (الصغار) بالكاد تميز بين الذكر والأنثى، يساقون كالقطيع تماما يشهد الله على ذلك، وعلى بعد كل مائة (طفل) هناك جندي يوغندي يحث الأطفال بسرعة التحرك، و يضرب أحيانا الطفل في مؤخرته أو ظهره كي يستعجل ولا يبطي، في أجواء غريبة على عالم الطفولة، صوت الدبابات والمجنزرات وهي تتحرك إلى مكان قريب من بداية المعركة، مع صوت أجهزة الاتصالات اللاسلكية،، لحظات من التوجس والترقب والأوامر العسكرية من القادة هنا وهناك بالعجلة، وطقطقة الأسلحة الشخصية كل هذه الضجة تجعل المحارب يعيش في لحظات غريبة، والمحارب أو المقاتل قاب قوسين أو أدنى من الموت،، لحظات صعبة حتى على كبار السن،، فكيف بالأطفال الصغار..!!

عندها كان ابني (أحمد) لا يتعدي الثلاث سنوات، وأبني (أواب) رضيعا في حضن أمه، لكن رغم ذلك تخيلت أن (احمد وأواب) من بين هؤلاء الجنود المحملين بالسلاح و العتاد، وثمة آخرين يضربونهم ويذلون كرامتهم، ولذا كنت كثير التفكير في مضمون هذه الحرب التي اندلعت من أجل الدفاع عن الأرض والعرض، والمفارقة أن الجانبين المتقاتلين يحاربون تحت راية واحدة هي الدفاع عن الوطن و تحرير الأرض من الأعداء .. ولكن ما بال هولاء الأطفال والنفوس التي خلقها الله كي تنعم بالأمن والأمان تحتاج إلى الرعاية والاهتمام تقاتل وتحمل روحها بين جنبيها وفي تلك الساحات تتعدد الأسباب والموت واحد،، الأمراض والإعياء والإرهاق الجوع والمسغبة وضرب القادة العسكريين.

وأنا ومن معي في تلك الغابات الكثيفة كنا نتساءل أين ذهبت الحيوانات التي اشتهرت بها غابات جنوب السودان، ولماذا هربت حتى الطيور من هذا المكان، وكان واضحا ان لون الأخضر قد تحول إلى ألوان أخرى بسبب الحرب، ولم يبغي من الغابة إلا اسمها،، تتزايد الأسئلة الملحة في مخيلتي كلما نظرت لجنور جيش (الرب) وهم يحملون الأثقال،، لماذا ترضى الحكومة السودانية صاحبة المشروع (الإسلامي الحضاري) باستغلال هؤلاء الأطفال القصر والزج بهم في حرب ضروس لا غالب فيها ولا مغلوب..؟!
ألم تكن الحكومة هذه قد وقعت على كافة قوانين الأمم المتحدة التي تحظر الإساءة إلى الأطفال، وتشدد على تقديم الخدمات لهم، وأليس هذا أمرا مهولا ومستغربا أن تنفذ الحكومة في السودان حملات التطعيم ضد الشلل للأطفال بميزانيات طائلة على كامل التراب الوطني، وتقتل أطفالا آخرين في الجنوب..؟ .
وتحت أي مصوغ.. ديني وسياسي تم ذلك؟؟
وأي مكاسب هذه التي تجنيها الحكومة السودانية على حساب هؤلاء الأطفال الصغار، ولماذا يستخدم جيش الرب أطفالا قصر في حربه ضد الحكومة اليوغندية..؟؟.
يا إلهي ما هذا الذي يحدث.. وثمة أسئلة كثيرة كانت تصول وتجول في ذهني ولا تجد الإجابات الشافية،، وتزداد الأسئلة إلحاحا كلما نظرت تجاه هؤلاء البؤساء الذين كان قدرهم أن الله جلت قدرته ولحكمة يعلهما وهو وحده ..أوجدهم في هذا المكان من العالم..
ولمن لا يعرف فإن أطفال جيش الرب اليوغندي يبلغ عددهم حسب إحصائية للأمم المتحدة حوالي 40 ألف طفل،يشكل القصّر ما يقارب 90 بالمائة من جنود جيش الرب للمقاومة، ويتم ضمهم إلى الجيش من خلال الإغارة على القرى، فتتم معاملتهم بوحشية وإجبارهم على ارتكاب ‏الفظائع في حق أقرانهم من المختطَفين، بل وحتى ضد أخواتهم. أما من تسول له نفسه الفرار، فيتم ‏قتله، بذلك يصبح العنف بالنسبة لهؤلاء الأطفال الذين يعيشون في حالة من الخوف الدائم أسلوباً للحياة.
في تلك اللحظات عندما أتذكر أبنائي فإن أول ما يتبادر إلى ذهني طفولتهم البريئة وعفويتهم الصادقة، وفرحهم الذي يتجسد من خلال لعبهم وألعابهم المتنوعة التي يعبرون فيها عن ذواتهم، والتي تنمي مداركهم العقلية والذهنية حيناً، وتبعث في نفوسهم الفرح والسعادة والضحك في أحيان أخرى كثيرة، وأتذكر أن سعادة أبنائي هي غايتي وهدفي الدائم في الحياة، فكيف بالله أتحمل رؤية أطفالا مدججين بالسلاح الثقيل، ودموعهم يبست ولم تجد من يمسها، وصرخات أناتهم لا تجد من يوقفها بكلمة حلوة أو قبلة ترسم في وجوههم أهميتهم في الحياة.
ولكن ثمة سؤال لم أجد له إجابة حتى اللحظة.. أي شريعة هذه التي تنتصر بجماجم الأطفال..؟؟.

رداً على د. محمد وقيع الله

أحلام وقيع الله التي تحققت ..!!





خالد أبواحمد –[email protected]

صُدمت كما صُدم غيري من الصورة التي أعتبرها قبيحة تلك التي ظهر بها د. محمد وقيع الله والتي لا اعتبرها زلة قلم بل هي مكمن الداء للكثير من دعاة التبصر، الذين يرون أن علومهم النظرية التي تلقوها تجعلهم على بصيرة من أمور الحياة أكثر من غيرهم، ولو كان الاخرين قد اعتمدوا على التجربة بالبرهان والدليل العملي بعيدا عن التنظير.

كنت أضع في ذهني صورة جميلة للغاية عن د. محمد وقيع الله ولو أنني لم ألتق به إلا مرات قليلة وعلى عجالة أيام فترة التنظير للحركة الاسلامية في منتصف الثمانينيات وكنت أقرأ له كثيراً عندما يكتب عن الفكر الإسلامي،وتشدني مقالاته الرصينة، ولا زلت استمتع بها بين الفينة والأخرى أطالعها عبر موقع الجالية السودانية بالولايات المتحدة الأمريكية.

وفي فترة من الفترات أيام الديمقراطية الثالثة كانت هناك أقوال تتداول داخل مجتمعات الحركة الإسلامية مفادها أن د. حسن الترابي سئل ذات مرة عن خليفته في قيادة الحركة، وتقول الرواية أن الترابي قال "محمد وقيع الله- التجاني عبد القادر- أمين حسن عمر"، وفي رواية أخرى قيل "أحمد عثمان مكي قائد ثورة شعبان عليه رحمة الله ومغفرته- محمد وقيع الله – المحبوب عبد السلام" وهنالك روايات أخرى، والشاهد في المسألة أن اسم محمد وقيع الله ورد في كل الروايات المتداولة الأمر الذي جعل له حظوة واحترام القاعدة له وتقديره، ونحن السودانيون جميعنا نحتفي بالعُلماء وأهل الذكر، ونطرب لمطالعة إنتاجهم الفكري والأدبي مثلما أطربتنا من قبل مقالات مالك بن نبي ومحمد عبده والإمام حسن البنا إلخ، وقبل عقود من الزمان كان هذا الإنتاج له قيمته الفكرية والحضارية ولعب دوراً كبيراً في فتح الآفاق نحو التزود بالعلم وبالمزيد من التفكر والتأمل في هذا الكون العجيب.

المهم كان محمد وقيع الله يمثل بالنسبة للشباب الإسلامي القدوة الحسنة والأمل المُرتجى، وشخصي الضعيف سعدت أيما سعادة لكون واحداً من نخبة الإسلاميين الشباب يتزود بالعلم من الجامعات الأمريكية والغربية بحيث يُصبح رصيداً للحركة الإسلامية مع باقي الكفاءات والكوادر التي تقود دولاب العمل الإسلامي، لكني لم أتوقع ألبته أن أفجع في محمد وقيع الله هذه الفجيعة،لكن..

ولكن هذه تقطع القلب .. وتهده هداً..!

وعندما جاءت مساجلة د. وقيع الله مع د. الأفندي سقط في مخيلتي ذلك (المثال) الجميل والذي كنت أحبه وأترقبه كلما أصدر نتاجاً،،، مقالاً كان أو محاضرة تتداولها المجتمعات بالرصد والإعجاب والمفاخرة.

ولكنه سقط تماماً مثل أصنام كفار قريش، كانوا يصنعون التماثيل من العجوة، وعندما يجوع أحدهم يأكله ويسد به رمقه، أو صنماً من الخشب عندما تضيق به الدنيا يكسره ويرفسه رفساً برجليه..!.

كنت أقرأ ردود د. محمد وقيع الله باندهاش شديد وما فيها من سب وشتيمة وهمز ولمز لا تليق أبدا بالعُلماء ولا بالسنوات الطويلة والعجاف التي قارع فيها وقيع الله المكتبات وأُمهات الكُتب والمراجع، وحقيقة لم يسقط في عيني بل في عيون الجميع الذين أتوقع أن يكونوا قد صُدموا أكثر مني، وعندما يكون السب والشتم وعدم المصداقية ديدن العالم (بكسر اللام) فما شان ضئيلي المعرفة من أمثالي، ليته وقف عند سب وشتم (الأفندي) إذا به يُعدد خمسين انجازاً لحكم (الإنقاذ) ليس هذا فحسب بل طفق ينتقد مواقف الآخرين من القائمين على السلطة التي قال فيها من لم يقله مالك في الخمر..

ومبعث الألم هنا أنني يوما ما كنت أظن و(أن بعض الظن اثم) أن الاسلاميين أكثر من غيرهم إعمالاً لأدب الحوار تنزيلاً لكل معاني الدين القيم على أرض الخلافات، لكن للأسف بالدليل العملي سقطت لدي هذه النظرية وخاب ظني تماماً خاصة في مرحلة الخلافات فيما عرف بالرابع من رمضان، ثم جاء د. محمد وقيع الله ليؤكد أنه حتى قادة الشباب من المفكرين هم على الدرب سائرون ومُقتدون..!!

ويوماً ما تابعت بسعادة غامرة مساجلات تحلت بالأدب الرصين والاخلاق الاسلامية الحقة في حوارات جمعت د.منصور خالد والاستاذ محمد ابوالقاسم حاج حمد عليه الرحمة والمغفرة، تعلمت منها الكثير من القيم والمبادئ، ثم تابعت مساجلات اخي العزيز المرحوم طه أبوقرجة مع د. خالد المبارك وما اتسمت به من أخلاق رفيعة في أدب الحوار، ثم أصبحت أقرأ لـ د. الطيب زين العابدين و للأساتذة أبوبكر القاضي و كمال الجزولي والحاج وراق وعثمان ميرغني، وجدت واقعية وأدب حقيقي في التناول جاء به الاسلام، لكنني لم اتوقع أبدا أن تكون هنالك مساجلة لـ د.محمد وقيع الله بهذا المستوى من الانحطاط بل الحقد والكراهية على كاتب عالم ومفكر بسبب أنه انتقد النظام نقد موضوعي وبأدب اسلامي رصين، ولم يجنح إلى الشتيمة والهمز واللمز.

لا أحمل كراهية ضد الأخ محمد وقيع الله ولا أعتبر نفسي في هذا المحك مُنافساً له فهو رجل قد رزقه الله تعالى ويسر له الدراسة وتلقي العلوم حتى نال درجة الدكتوراه وهنيئاً له بذلك، أما العبد الفقير لله لم أنل حظاً من العلم الأكاديمي كما أوتي وقيع الله، والآن أسابق الزمن مع أولادي لتلقي العلم، لكنني أفتخر بتجاربي في الحياة وخبرتي الطويلة في المجال الإعلامي التي بلغت قرابة الربع قرن من الزمان والحمد لله ، واعتبر نفسي استفدت من الحركة الإسلامية أكثر بكثير من أخي وقيع الله لأن تجربتي هنا تجربة متكاملة نظرية وصقلت بالعمل في ظل (الإنقاذ) التي عصفت بنا في كل أرجاء السودان شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً وهذا فضل من الله لا يُقدّر بثمن، ونلت معرفة لم ينلها الأخ وقيع الله، فكل دراسته الأكاديمية المرتبطة بجوانب الفكر الإسلامي ما هي إلا تجارب نظرية فقط، مهما وصل صاحبها من علوم نظرية لا يمكن باي حال من الأحوال أن يصل للنتائج التي وصلنا إليها نحن الذين عشنا فترة التنظير والتطبيق، وشاهدنا بأم أعيننا مخازي ومآسي وكوارث التطبيق.



السقوط المدوي

والدكتور محمد وقيع الله في موقفه من تقييم نظام (الإنقاذ الوطني) مثل ذلك الطالب الذي غاب عن الدراسة سنوات طويلة ثم رغب آخيراً في مواصلة دراسته لكن مع دفعته الدراسية، وأصر إصراراً شديداً على أن يمتحن معهم ففعل لكنه سقط سقوطاً مدوياً..!!

شخصياً أحسب أن الحركة الإسلامية في السودان مدرسة كبيرة نال كل منا نصيبه من المعرفة حسب استعداده الشخصي وميوله والبيئة التي عاش فيها، لكن أخينا محمد وقيع الله غاب عن هذه المدرسة سنوات طويلة وحضر معنا مرحلة من مراحل التنظير، وقبل مرحلة التطبيق بكثير غادر السودان ولم يعش معنا مراحل الابتلاءات ولا مراحل الفتن، وجاء مُؤخراً في مرحلة السقوط والانهيار لمبادئ الحركة، يُريد أن يغالط الحقائق والواقع والمنطق والشواهد التي لا ينكرها إلا عليل سقيم، وكان يكفيه فقط أن يذهب الى تجمعات جرحي الحرب من ضحايا الألغام يدرك حجم الأسى وحجم ما وقعت فيه (الانقاذ) وكان يكفي محمد وقيع الله أن يذهب الى منظمة الشهيد ويفتح الملفات ليعرف الأعداد الحقيقية لضحايا الحرب في السودان من الكفاءات والخبرات ومن طلبة الجامعات في كل التخصصات ليدرك بوعي كامل حجم الدمار والخسارة التي اوقعتها (الانقاذ) في السودان.

وعندما يُعدد الأخ وقيع الله انجازات (الإنقاذ) المادية فإنه لم يأت بجديد فلم ينكر أي من المعارضين للحُكم هذه (الانجازات) المادية التي أبعد ما تكون عن جوهر ما جاءت به الحركة بعد الانقلاب المشئوم في 1989م، كما انه ليس من المنطقي أن نحكم على النظام بالانجازات التي ذكرها وقيع الله، حتى الانجازات التي تحدث عنها وقيع الله إذا تطرقنا إليها التفصيل سنثبت الكثير من الأخطاء والعواقب المستقبلية التي تحيطها والقنابل الموقوتة في أكثر من مكان، لكن السودانيين يحاسبون النظام بالنهج الذي جاء به، وبالبرنامج الذي أعلنه من خلال حركته اليومية في الإعلام والعلاقات الدولية والدبلوماسية، كما لم يكن في حسابات الذين اجتمعوا في ذلك الشهر من العام 1989م ليقرروا ما إذا كانت ساعة التغيير حانت أم لا أن يضعوا الانجازات المذكورة في حساباتهم، أبداً كان الهم الكبير يتلخص في (التمكين لدين الله في السودان)، وقد طالع القُراء مقالات محمد وقيع الله التي عدّد فيها انجازات النظام انه هرب بشكل واضح وجلي من التطرق إلى نتائج الحكم في تردي الأخلاق وانتشار الدعارة بكل أنواعها والجريمة المنظمة، والزيادة الفلكية في أعداد المصابين بالإيدز (الآن يعقد في العاصمة الخرطوم مؤتمر دولي يبحث مشكلة انتشار المرض في السودان) وانتشار المخدرات بين طلبة الجامعات، والازدياد الخطير في معدلات الطلاق، والهجرة الى الخارج، وهرب د. محمد وقيع الله هروب النعامة من الملفات التي تتحدث عنها الصحافة السودانية في ذات الايام التي كان صاحبنا يدبج في مقالاته مُعدداً إنجازات دولة بني أمية في السودان، هارباً من ملف (الأطفال مجهولي الوالدين) وموتهم بالعشرات يومياً ودفنهم بعيداً عن الأعين.

انجازات (الإنقاذ)

تحدث وقيع الله عن انجازات النظام على محيط (التدين) والارتقاء بالإنسان السوداني، هذا هو المحك الحقيقي لكنني هنا لا بد أن أقدم مختصراً للدروس العملية التي غاب عنها الأخ وقيع الله سنين عدداً، وشخصي صحفي وإعلامي وحركي غصت في أعمق مؤسسات الحركة الإعلامية والجهادية والتنظيمية، الأمر الذي يؤكد أن ما أقوله ليس أكاذيب ولا إملاءات من أحد انما أحداث عشتها لحظة بلحظة.



التجاوزات الإنسانية وانتهاك التشريعات الإسلامية والدولية..!!

كل السودان عاش سنوات الحديث عن تمسك الحكومة بالإسلام بل والدفاع عنه من كيد المتربصين، لكن من خلال معايشة في "مؤسسة الفداء للإنتاج الإعلامي" كمعد للبرنامج التلفزيوني الشهير بدأت تتكشف لي من خلال الأشرطة الخام التي كانت تأتينا من مناطق القتال ما لا يمكن أن يتصوره عاقل، و تحديداً من أحد الأشرطة الخام التي جاءتنا من منطقة شمال أعالي النيل متحرك (هدير الحق) عندما دخلوا منطقة شالي في النصف الثاني من التسعينات وهرب جنود الحركة الشعبية كان هناك طفل في الـ 14 أو 15 من عمره لم يتمكن من الهرب قاموا بقتله مع صيحات التكبير والتهليل وتم قتل كل الأسرى الذين كانوا داخل المعسكرات، وكان الشريط الخام يحتوي على مشاهد ليس لها أي علاقة بمن يدين بالإسلام ديناً، وعندما كنت أشاهد الشريط لفت بي الدنيا وكنت أحسب نفسي في كابوس لكنها كانت الحقيقة، علماً أن الأشرطة التي كانت تصلنا من مناطق القتال لا يشاهدها إلا مُعد الحلقة والمخرج، ويمنع منعاً باتاً للآخرين مشاهدتها لما فيها من تجاوزات.

وفي الكثير من الأشرطة التي كانت موجودة في مكتبة المؤسسة كانت مشاهد دخول القوات الحكومية إلى بعض القرى في جنوب السودان منظراً لا يمكن أن يمحى من ذاكرتي أبداً، حيث يتم حرق البيوت المصنوعة من القش في مشاهد همجية وأحياناً يكون هناك بشر داخل هذه البيوت وتسمع صراخ العساكر وهم في حالة هستيريا ويطلقون النار عشوائياً، لا يمكن أبداً أن يكون ذلك إسلاماً مهما كانت المبررات، وضرب بالقرآن الكريم والحديث النبوي الواضح عرض الحائط إذ يقول النبي الأمي صلى الله عليه وسلم:

"لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليداً ولا إمرأة ولا شيخاً فانياً ولا مُنعزلاً بصومعته, ولا تحرقوا نخلاً ولا تقطعوا شجراً ولا تهدموا بناء"، لكنهم يا رسول الله عليك أفضل الصلاة وأتم التسليم فعلوا أكثر من ذلك بكثير...

المؤسسة نفسها (ساحات الفداء) تعج بالفساد المالي والإداري وكان يرأس مجلس إدارتها الوزير الحالي أسامة عبد الله محمد وزير الدولة بالري المسؤول الأول عن خزان مروي، ويديرها مدير مكتب المؤتمر الوطني بالقاهرة حالياً كمال حسن علي، وكان نفر من السُراق يلعبون بالمال لعباً باعتبار المؤسسة فوق الجميع، والكُل يخاف منها حتى رئاسة الجمهورية كانت تخشى سؤال القائمين على أمر المؤسسة خوفاً من ردة الفعل، حيث كان القائمين على المؤسسة يذكرون للبعض أن (ساحات الفداء تابعة لأمن الثورة) وكان البعض يقول (ساحات الفداء تابعة لإبراهيم شمس الدين) في حين أن المرحوم العقيد إبراهيم شمس الدين نفسه كان يتحفظ على ما يحدث في المؤسسة من تصرفات ومن ألاعيب.

ويوماً ما كان لدي عمل مع الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة اللواء آنذاك عبد الرحمن سرالختم باعتباره المسؤول عن التوجيه المعنوي وكان اللقاء بخصوص إنتاج حلقة خاصة بمناسبة عيد الجيش الذي يحتفل به سنوياً في 14 أغسطس، وبعد الانتهاء من الحديث والنقاش حول الحلقة، قام سرالختم بإغلاق باب مكتبه وقال ليّ ضاحكاً ( وهو الآن حي يُرزق) " ياخي بكل الصراحة أنا عاوز أعرف إنتو تابعين لمنو..؟؟" فضحكت ولم أرد، فكرر سؤاله مرة أخرى "إنتو تابعين لمنو ومن حقي أن أعرف إنتو تقوموا بشغلنا ونحن سعيدين بذلك لإمكانياتكم الضخمة وعملكم المُتقن، وانا ما عارف انتو مدنيين ولا عسكريين، لكن قول لي انتو مع سعادة إبراهيم شمس الدين..؟؟ ولا تابعين للتنظيم؟؟"، ومن هنا يدرك القاري كيف أن القائمين على المؤسسة كانوا يلعبون على ضبابية أيلولة المؤسسة، وهذه المسألة كانت تعود بالفائدة على هولاء من كل النواحي الاجتماعية والأدبية والمالية.

فعلاً كانت أسئلة عبدالرحمن سرالختم وجيهة للغاية وقد لا يتصور المرء المنصب الكبير للناطق الرسمي والمكانة الكبيرة التي يتميز بها ومدير المكتب برتية عميد والموظفين العسكريين بالرتب العالية، ورتبة لواء في الجيش السوداني ليس بالأمر الهين، كونه لا يعلم شيئاً عن جهاز إعلامي كبير يتقمص دور إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة، وليس له أي سلطان عليه، والميزانية كانت مفتوحة ويتم شراء الأجهزة من دبي بدون مناقصات، وقد أثري مجموعة من ثلاثة أو اربعة أشخاص ثراءً كبيراً بسبب موجات الشراء العشوائية، وتم نشر كل ما يتعلق بالفضائح المالية، ولا حياة لمن تنادي ذلك لأن الفساد انتشر في السواد الأعظم من دولاب الدولة، فيما مؤسسات الحركة (الإسلامية) بعيدة كل البعد عن الرقابة المالية، ليس هذا فحسب بل مؤسسة مثل (ساحات الفداء) يخاف منها الكثير من الناس، الأمر الذي جعل وزارة المالية تصرف للمؤسسة شهريا مبلغاً كبيراً بدون وجه حق، في حين أن الامكانيات التي تزخر بها المؤسسة يجعلها داعمة وليس متلقية للدعم، لا رقابة مالية ولا إدارية والمسئول الأول من المؤسسة أحد (رجالات) علي عثمان محمد طه ومرفوع عنه القلم..!!



دولة العدل الرشيدة..!!

وقد لا يصدق المرء أن القائمين على هذه المؤسسة هم أنفسم القائمين على أرواح أبناءنا في معسكرات الخدمة الالزامية، فمجموعة من رجال المستقبل طلاب على أبواب الجامعات ماتوا ضرباً مبرحاً داخل معسكرات الخدمة (الوطنية) الإلزامية، وعندما ذهبت إحدى أسر الضحايا إلى وزيرالعدل تشتكي القوات المسلحة بعد أن أكد تقرير الطبيب الشرعي د.عبد الله عقيل بمشرحة مستشفى الخرطوم أن الوفاة كانت لنتيجة ضرب في أماكن مختلفة ومنها الرأس قال لهم وزير العدل آنذاك (عل محمد عثمان ياسين)" أذهبوا أن القوات المسلحة مؤسسة سيادية لا أحد يستطيع محاكمتها".

اخي وقيع الله التقرير الطبي موجود والشهود موجودين والدكتور الطبيب الشرعي عبد الله عقيل سوار موجود، ليس قضية واحدة بل قضايا كثيرة..!! هذه دولة الإنقاذ التي تدافع عنها وتطلب وُدها..!!

كلما أسرد هذه الواقعة أتذكر نفسي وأنا أنشد وأهتف باندفاع الشباب

لا أبالي لا أبالي انني شعبُ رسالي********** قد تربى بين قرآن وساحات القتال

مسلم قالت جموعي لست بعثي لا شيوعي *** عانقت أصلي فروعي رافضاً أي انفصال

سوف نبني بالعقيدة دولة العدل الرشيدة****** لا دويلات عديدة شيدت فوق الرمال

قد عشقت البندقية هاتفاً عندي قضية ******سحق حزب الماركسية انه حزب ضلالي

وقد بان أن كل ماكانت تخالفه الابيات أصبح واقعاً..

السودان وقد أصبح دويلات عديدة- انفصل عن كل تجاربه السياسية السابقة وعن محيطه الاسلامي بهذه التجربة التي لا يمكن أبداً أن نجد لها وصفاً يمكن ان يليق بما فعلته في السودان- حزب الماركسية الشيوعي السوداني ما أظن أنه اذا استلم الُسلطة يوماً أن يفعل في السودان ما فعلته (الانقاذ) وأهم شئ أنه سوف لا يتاجر بالدين ولا يرفع شعار الاسلام، وأن البندقية التي استخدمتها الحركة الاسلامية لم تجلب لنا إلا الدمار والقتل والابادة الجماعية التي أصبحت وصمة عار في جبين الحكم وهو يتحدث ويرفع شعار الاسلام، وقد بان واضحاً أن القضية هي الانتصار للنفس وقد سادت عقلية (التكويش) وقريباً ستظهر العقارات التي تم شراؤها في تركيا وفي ماليزيا، حتى زوجة الرئيس الجديدة أصبحت تنافس كبار التجار في العاصمة وقد تم إعطاؤها مشروع صالات وقاعات كبيرة لعدد من الجامعات،وقامت بشراء منتجع كبير في إحدى دول النمور الآسيوية، وبعد أن كانت محبوسة بين جدران بيوت جهاز الأمن بالقرب من المطار أصبحت ست أعمال كبيرة تتحدث بالارقام الكبيرة، فيما تم إعطاء أصغر أشقاء الرئيس رخصة لتصدير الماشية السودانية التي أصبحت حكراً على أشخاص بعينهم.. رحمك الله أخي عثمان حسن البشير طبت في عليائك بُعداً عن أكل السحت وقد كنت تقود الموتر (السوزوكي الأسود) وتجتهد في تعليم الناس قراءة (القرآن الكريم) وتحتفل وتسعد عندما تجد الجميع قد جلس على الأرض وبدأت التلاوة وزرفت الدموع الحرى محبة في الحبيب المصطفى.



فساد المهندس..!!

وثالثة الأثافي أن (المهندس) المدير العام لمجموعة شركات أحد البنوك السودانية المشهورة قد أفسد فساداً ليس له نظير في تاريخ السودان، وقد كُنا في الوسط الصحفي في فترة ( 1994-1998) نتبادل وثائق فضائحه المالية ونحن صحفيي الحركة (الإسلامية) نعرفه جيداً ونعرف الفاسدين معه وعندما أصبحت المسالة حديث كل مجالس الحركة الإسلامية قررت إحدى الجهات وضع حداً لفساد الرجل المهندس فتم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، وأعرف شخصياً رئيسها وقدم ملف الفساد بالأدلة إلى ديوان الثراء الحرام وأثناء البحث والتقصي ودراسة القضية جاء وفد من جهة عليا وطلب ملف المهندس الفاسد وعرّف أحدهم نفسه بأنه مرسل من (رئاسة الجمهورية) لاستلام ملف فساد الشخص المعني بل قام بتأنيب القائمين على أمر الديوان على فعلتهم ونيتهم في محاسبة الرجل.. وإلى هذه اللحظة لم يُقدم الرجل للمحاكمة أما مجموعة البنك فقد راحت في خبر كان، هذه قصة يعرفها كل قيادات وأعضاء الحركة الإسلامية وكل المنتمين للمؤتمرين الوطني والشعبي..!!.



هذا قليل من كثير..!!

هرب وقيع الله هروباً مخزياً عن ملفات الفساد المالي ووهنا أقتبس فقرة من مقال الاستاذ أسامة بابكر حسن في رده على وقيع الله "فطوال عمرنا هذا لم نسمع بأي مسؤول، صغيراً أو كبيراً في حكومة الإنقاذ وقف أمام محكمة في أي قضية، بينما وقف الإمام العظيم أستاذ الإنسانية علي بن أبي طالب الذي منح هالرسول (ص) صفة " أقضى الناس" أمام قاضي دولته في خلاف مع يهودي على درع، والإمام يعلم كذب اليهودي في دعواه، لكنه وقف أمام القاضي لكي تنتظم ثقافة العدل المجتمع ليثبت في المجتمع حديث الرسول (( الناس سواسية))، ولكن حدث ذلك في أمريكا في عهد كلينتون الذي لا يحكم بالإسلام ووقف حاكم أكبر دولة في العصر الحديث أمام المحكمة وهو لم يضع قانوناً للحسبة شرط به أئمة المساجد آذان الناس تنظيراً".!!

أطفال جيش الرب

بطبيعة الحال أن كل الذين شاركوا في الحرب اللعينة التي قتل فيها السوداني أخوه (السوداني) سواء في جنوب، أو في شرق أو غرب السودان، تمر عليهم الكثير من الذكريات المؤلمة، فأنا شخصيا أشعر بتأنيب ضمير شديد عندما كنت في جنوب السودان في ديسمبر من العام 1995م فيما يعرف برد الهجوم الذي أطلقت عليه الحركة الشعبية (الأمطار الغزيرة) هذه العملية العسكرية الكبيرة والتي قتل فيها المئات بل آلاف السودانيين من الجانبين، تختلف عن كل العمليات العسكرية في جنوب السودان لما فيها من مفارقات وتجاوزات إنسانية، تجعل من الهدف الكبير للحرب ضد (المتمردين) علامات استفهام كبيرة متمثلة في الموقف اللا إنساني للحكومة السودانية إذ استعانت لفترات طويلة بجيش الرب اليوغندي الذي يتزعمه المتمرد اليوغندي جوزيف كوني وهذا الجيش للأسف استعان بمشاركته إلى جانبنا بحوالي الألف طفل من مجموع 2000 طفل كانوا موجودين تحت قيادة جيش الرب في المنطقة الاستوائية، والأطفال اليوغندين التابعين لجيش الرب الذين كانوا معنا في ذلك اليوم تبلغ أعمارهم ما بين الثامنة والرابعة عشرة عاماً من الجنسين، وبالكاد تميز الذكر من الأنثى.

كانت لحظات محزنة وشعرت فيها بالألم النفسي لوجود هولاء الأطفال معنا في مكان واحد وكان منظرهم يُدمي القلوب وهو يحملون الآليات والأسلحة الثقيلة، ومهما يحاول المرء لا يمكن أبدا أن يصور هذه المناظر المرعبة، عشرات من الأنفس البريئة كانت تطوف حولنا في مساء يوم بارد استعدادا للهجوم على أكبر معسكرات (الحركة الشعبية) في الميل 72 في طريق مدينة نمولي الحدودية مع يوغندا تحديداً يوم الأربعاء الموافق 12 ديسمبر 1995م، أطفال في سن البراءة الواحد منهم يحمل فوق طاقته وما زنته 40 كيلو جرام أو أكثر من العتاد العسكري الثقيل وصناديق الذخيرة، والذين حملوا مثل هذه الصناديق يعرفون كم هي قاسية الحمل في مسيرة قد تبلغ الساعات الطوال، وأحيانا اياما من السير في الطرق الوعرة، والرطوبة العالية حيث تتبلل الملابس تماما مما تُصيب المرء بالإعياء وفي الغالب التهاب الصدر و المفاصل الذي يعيق الحركة، وهذا ما حدث لي شخصيا، فكيف بالأطفال..؟!.

... يا إلهي.. انه أمر فظيع..

مهما أحاول لا يمكن أن أصور شكل الدموع الجافة على وجوه الصغار لا أجد لذلك سبيلا، ولم يكن هناك جنودا كبار السن فهم لا يتعدون العشرين من بين المئات من الجنود (الصغار) يساقون كالقطيع تماما يشهد الله على ذلك، وعلى بعد كل مائة (طفل) هناك جندي يوغندي يحث الأطفال بسرعة التحرك، و يضرب أحيانا الطفل في مؤخرته أو ظهره كي يستعجل ولا يبطئ، في أجواء غريبة على عالم الطفولة، صوت الدبابات والمجنزرات وهي تتحرك إلى مكان قريب من بداية المعركة، مع صوت أجهزة الاتصالات اللاسلكية،، لحظات من التوجس والترقب والأوامر العسكرية من القادة هنا وهناك بالعجلة، وطقطقة الأسلحة الشخصية كل هذه الضجة تجعل المحارب يعيش في لحظات غريبة، والمحارب أو المقاتل قاب قوسين أو أدنى من الموت،، لحظات صعبة حتى على كبار السن،، فكيف بالأطفال الصغار الذين استخدمتهم (الانقاذ) يا د. محمد وقيع الله..!!

تصور يا وقيع الله كم هي مكلفة تلك الحملة التي اقامتها حكومة (الانقاذ) عندما تم خطف أطفال دارفور من قبل منظمة فرنسية..؟؟ تتذكر كيف أن الحكومة السودانية جيشت الإعلام والرجرجة والدهماء وتباكت على الأطفال والطفولة البريئة، وكيف أن التلفزيون السوداني جند كل برامجه ضد المنظمة الفرنسية المسكينة لخطفها الأطفال..!!

دارفور وأحداث تشاد

د. محمد وقيع الله لم يعش معنا المرحلة العملية في حياة الحركة الإسلامية التي نعتبرها الميدان الحقيقي للكفاءة والانقياد لأوامر الدين الحنيف، ومرحلة التنظير كانت جميلة وزاهية ولكن ميدان العمل أظهر أننا ضُعاف أمام حقائق الحياة، نعم هناك انجازات مادية ولكنها لا تساوي شيئاً ألبته مع الكوارث والمآسي التي جلبتها (الإنقاذ) للشعب السوداني ومهما حدث من انجازات في نظره ونظر الآخرين لا يمكن أبداً رُؤيتها عندما ننظر إلى كارثة دارفور، أخي وقيع بكل الأمانة والصدق أن قادة (الانقاذ) هم الذين تسببوا في اندلاع شرارة مشكلة دارفور،كنت أعمل في صحيفة (دارفور الجديدة) ليس لي مصلحة في أن أكذب على النظام لكن الحقيقة الساطعة كالشمس أن الذين تذكر انجازاتهم عندما غرتهم الحياة الدنيا لم يتحملوا مطالبة الأهل في دارفور بحقوقهم، فقاموا بضربهم بالطائرات قاذفة اللهب وحرقوا بيوتهم، وأظنك طالعت أحاديث د.علي الحاج في صحيفة (الصحافة) في اللقاء الصحفي وكيف أن عنجهية أهلنا الشماليين وعنصريتهم هي التي كبدتنا جميعاً ملايين الضحايا في الجنوب والغرب ومكنت من دخول القوات الدولية بلادنا..!!.

ومن إنجازات (الانقاذ) التي تحدث عنها وقيع الله هي أن الشرخ بل الجرح الكبير الذي حدث في السودان بسبب مشكلة دارفور لا يمكن ألبته علاجه بالساهل ويحتاج لعقود من الزمان بعد حل المشكلة (إذا تم حلها)، ولدي الكثير من الاخوة الاعزاء من أبناء دارفور الذين راحت أسرهم ضحايا لمجازر القوات المسلحة السودانية في قراهم، أحد الاخوة قد وصل من بعد معاناة ومطاردة من أجهزة الأمن السودانية الى تشاد ثم الى الكاميرون ثم الى فرنسا فالسويد واتصل بي هنا بتوقيت مكة المكرمة الساعة الثانية صباحاً حكى لي كيف ان طائرات الجيش غارت على منطقتهم في غرب الجنينة وكان سارحاً مع الماشية وعندما رأي الطائرة في الجو تدق الارض بقذائفها جرى مسرعاً إلى منطقته ثم الى بيت فرأى والدته وشقيقاته على الأرض والدماء قد أغرقت المكان، وكان يحكي لي ويبكي بأعلي صوته ويسألني " أبواحمد انت عشت معنا هل نحن انفصاليون..؟؟" و"هل نحن أشرار يرسل أخواننا في الخرطوم الطائرات لتقتلنا..؟؟" كانت لحظات صعبة للغاية ولم أنم ليلتها ولم أهنأ بالنوم منذ تلك المكالمة قبل أكثر من 3 سنوات.

الآن في الوقت الراهن كل العالم أصبح يدرك بوعي تام أن الحكومة السودانية لا تريد حسم قضية دارفور، وقد كشفت التقارير الإخبارية أن أيادي حكومة (الانقاذ) في أحداث شاد كانت واضحة جدا جداً وقد راح ضحية لذلك عشرات الأنفس البريئة، وعندما حاولت بعض الصحف نشر جزء بسيط جداً من معلومات خاصة بتدخل أيادي حكومية في أحداث تشاد تم اعتقال رُؤساء تحرير تلك الصحف، وأفرج عنهم بعد ضغوط شديدة من الحركة الصحفية في بلادنا وقد أصبحوا هم خط الدفاع الأول عن السودان وليس الحكومة التي تدافع عن انجازاتها.



محاولة اغتيال مبارك في أثيوبيا 1995م

من أكثر الفترات العصيبة التي مر بها السودان كونه يتهم لأول مرة في تاريخه الطويل بمحاولة اغتيال رئيس دولة مجاورة هو محمد حسني مبارك في أثيوبيا، وأتذكر أن الرئيس البشير ود.حسن الترابي كانا قد أقسما بالله قسماً غليظاً بأن السودان برئ من محاولة اغتيال الرئيس مبارك لكن المخابرات المصرية قد قامت بخديعة مخابراتية تم الكشف بعدها عن الذين قاموا بالمحاولة من أكبرهم الى أصغرهم، وتم تصفية عدد من (الصغار) وفي وضح النهار، وقد كسبت مصر (أخت بلادي) معركتها ضد السودان التي استمرت آلاف السنين وانتصرت آخيراً حيث وضعت السودان في (مُخباها) بالمعنى البحريني وفي (جيبها) بالمعنى السوداني تلعب به كما تشاء، وبسبب محاولة الاغتيال هذه نالت مصر ما لم تنله من السودان لآلاف السنين وهي الآن تدافع عن السودان دفاعاً مستميتاً وقد وُهبت الأرض في الشمال وأدخلت شركاتها العقارية للعمل في السودان (عايرة وأدوها صوت) لتبني لنا المباني الفخمة الخدمية منها والعامة..!!.

أحلامنا التي .....

لا يستحي د. محمد وقيع الله عندما يقول أن "أحلامنا تحققت" ... يا الله.. يا الله....كم هذا الكلام مُقزز ومُبكي..إذن كان حلم وقيع الله كابوس في ليلة شديدة العتمة نام صاحبها نجساً والعياذ بالله ويمضي ويقول:

"لكن الحركة الإسلامية ماضية تحقق إنجازاتها غير مبالية بهم كثيرا أو قليلا"،

قد يكون قد تحققت لـ د.محمد وقيع الله كل أمنياته لكن أعضاء الحركة الإسلامية المنتشرين في كل بقاع العالم يؤكدون عكس ذلك تماماً فالانجازات لا تتعدى البترول الذي لم ينتفع به الشعب السوداني ولا من المؤمل ان ينتفع به في القريب غير عوض الجاز وزمرته، الخدمة المدنية وقد دُمرت تماماً فحتى درجة وكيل الوزارة أصبحت وظيفة سياسية بالتعيين السياسي وقد كانت هي المرجعية المهنية والقانونية في كل وزارة، وكان وكيل الوزارة دائما هو القبلة التي يتجه اليها الجميع في كل شئ، هو الأب والأخ والصديق والزميل وهو المسؤول الأول والأب الروحي للجميع بدون فرز، أما وأن (الانقاذ) قد أحالت هذه الخاصية إلى الصالح العام، وأصبحت الوزارات تدار بالكذب والنفاق والتملق، والخدمة المدنية ليس بالشي الهين الذي نتقاضى الحديث عنه، فهي العمود الفقري للتطور البشري على مر العصور.

وعن مشاريع التنمية حدث ولا حرج وقد بيعت كل المشاريع التي كانت تُوفر الغذاء للمواطنين (الرهد الزراعي- النيل الازرق- النيل الابيض – السوكي – الشمالية-إلخ).

التجارة أصبحت فقط للموالين للنظام وكذلك التصدير والاستيراد لقادة النظام وأعضاء المؤتمر الوطني من العضوية النشطة سياسياً واقتصادياً، منظمات النفع العام جميعها للموالين، أما التي يقودها غير موالين للحكم توضع العقبات في طريقها حتى يتعذر عليها الاستمرار في العمل.

الصناعات كذلك غالبيتها لأعضاء النظام خاصة القطاعات المؤثرة وهولاء تُوفر لهم التمويلات المصرفية وتزال من أمامهم كل المعوقات.

التعليم والتعليم العالي.. لا يحتاج مني لحديث فالكل يعلم والأمر جلي للعامة وباعتراف الكثير من المسؤولين في النظام.

الدبلوماسية أيضاً كتاب فاضح مفتوح الكل قرأه وقد تحولت السفارات جميعها الى مراكز مخابرات في الخارج والعمل القنصلي ما هو إلا ديكور، والعقلاء من السودانيين في الخارج يعرفون حتى رتب الدبوماسيين الأمنية وتخصصاتهم الأمنية، والآن قد عرف السودانيين من خلال ما ينشر في الاعلام أن ضباط الأمن هم الذين يتولون المناصب المهمة في سفارات السودان في الخارج.

ومن هنا لا أرى أي انجازات غير استخراج البترول وتصديره، دون أن يرفع من المستوى المعيشي للمواطنين.

لكن حلمنا في الدولة الاسلامية قد تحول إلى كابوس، بل أصبحت دولة مافيا اقتصادية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.

هذا الحديث يذكرني أحد الاخوة من الصادقين عندما كنا في انتخابات الإعادة في دائرة أمبدة 1988م بعد وفاة نائبها المرحوم صلاح الصديق المهدي كنا في مدينة امدرمان مستنفرين للعمل في هذا الدائرة التي تنافس فيها الشيخ صادق الكاروري من الجبهة مع أحد قادة حزب الأمة، وعندما كانت تأتي بنا الحافلة في منتصف الليل او الساعات الأولى من الصباح كان يحدثني أخي ويقول الظاهر قصة الدولة الاسلامية بعيدة جدا" ورحنا نتذكر الصحابة الأجلاء ثم شهداء الحركة أمثال عبدالإله خوجلي و حسن سليمان و عبدالله ميرغني والامام الهادي المهدي (تقبلهم الله في الخالدين)، فبكى أخي بكاءً كثيراً، وحقيقة أن أشواقنا للدولة الإسلامية الحقة لا يمكن أن يصفها إنسان، فهي دولة العدل.. ودولة الدين.. دولة الرحمة.. دولة الصدق.. ودولة التسامح الديني، دولة نعيش فيها كلنا مسلمين ومسيحيين ويهودا ووثنيين في مكان واحد، نعم نختلف في عقائدنا لكن نحتمي ببعضنا البعض ونهرب من بعضنا لبعضنا البعض لا تفرق بيننا المناطق ولا الجهويات ولا القبليات ولا الكسب الدنيوي.

ترى كم من الآلاف من كادر الحركة الذين خرجوا من النظام مبكراً عندما تأكد لهم أن النظام يسير نحو عكس ما كانوا يعملوا من أجله السنين الطوال..؟؟؟ ترى كم من الشباب الذين غادروا محطة (الانقاذ) وهربوا بدينهم من جحيم زيد وعبيد، ترى كم من الآلاف الذين قدمتهم الحركة في جنوب السودان ، مسيرة طويلة من الصديقين والشهداء الذين عافت أنفسهم نعيم الدنيا من شهداء 1973م إلى عبيد ختم البدوي وأحمد عثمان مكي ومحمد عثمان محجوب مرورا بالهيثم عبدالهادي الحسن ويوسف سيد والبادرابي والمنصوري وعلي عبدالفتاح، وعبدالله جابر وعبدالله بابكر، وحسين سرالختم وشقيقه خالد، والكثير من الذين لا يعرفهم د.محمد وقيع الله باعوا حياتهم رخيصة من أجل دولة العدل الرشيدة.

ومن هنا أسأل الله للدكتور محمد وقيع الله أن تكون هذه شهادته لـ (الانقاذ) فيُبعث بها يوم القيامة يوم تصطف الخلائق جميعها أمام رب العزة والجلالة كل بمظلمته وذنوبه،حينها يكون الكثير من الناس في موقف لا يحسدون عليه، فشهادة للنظام الذي قتل الأبرياء في الجنوب وفي دارفور والشرق وداخل المعتقلات وداخل معسكرات الخدمة الإلزامية لا يمكن بأي حال من الأحوال إلا أن يكون من أهل الجحيم لأن ما قاموا به من مجازر حقيقة وليس إدعاء كاذب، كل الشواهد والأدلة ستقف أمام رب العالمين في يوم يخسر فيه الظالمين ومن أيدهم وساندهم.

فإذا كنت قد دافعت عن (الانقاذ) كل هذا الدفاع (بالصح والكضب) فمن الذي يدافع عنهم يوم العرض..يوم الدين.. يوم الحساب،وإذا كان للنظام أقلامه وكُتابه وقنواته الفضائية تمجد كل أعماله وتصدق أكاذيبه فتذكر أخي د. محمد وقيع الله قول الله عز وجل وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء [ابراهيم:43،42]..

وقوله سبحانه: أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى [القيامة:36].

وقوله تعالى: سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [القلم:45،44]. وقوله : إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته ثم قرأ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102].

وفي يقيني التام أن الظالم مهما مكث في كرسي الحكم يوما ماً سيطاله الحساب في الدنيا والاخرة والتجارب علمتنا ذلك من الديكتاتورصدام حسين الذي أصبح يمثل أكبر النماذج القريبة جدا لعالمنا ولواقعنا، وأمامنا قوله تعالى: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ الشعراء:227

هذه بعض من صفحات من تاريخ النظام المخزي كُتبت بصدق وبأمانة ويكفي أن كاتبها خارج السودان يعاني البعد عن الأهل وعن الأسرة، ويُعرف لدى الجميع في البحرين أنه أبعد الناس عن ممثلية النظام وحتى عن مقر الجالية، سبع سنوات خارج الوطن..

أتمنى من الاخ د. محمد وقيع الله أن يطالع هذه السيرة وان يسأل عن كاتبها وعن صحة ما كتبه

وإذا ادعت الامور لكي أزيد فيما كتبت فسوف آتي لا محالة..
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

الحكم الراشد

بروفيسور مصطفى إدريس البشير



لم تقتصر النجاحات التي حققتها الحركة الإسلامية من تصالحها مع مايو على الدعوة المفتوحة وتوسيع مؤسسات الحركة الدعوية والاقتصادية فحسب، بل التفتت الحركة الى جوانب أخرى رغم حساسيتها وخطورتها على العلاقة مع نظام الحكم المايوي. وتمثلت هذه الجوانب في التغلغل في أجهزة الدولة الحساسة كالجيش وجهاز الأمن والشرطة، وأقامت أجهزة في غاية من السرية والحذر تتبع مباشرة للأمين العام لمتابعة استيعاب شباب الحركة في الكلية الحربية وكلية الشرطة والانخراط في الأجهزة الأمنية، ويتم ذلك برغم التزامها الصارم بالحفاظ على العهد الذي أبرمته مع النميري على عدم الغدر به، وقد التزمت بذلك العهد حتى غدر بها هو من جانبه في عام 1985 بعد زيارة بوش الأب للسودان.
آثرت قيادة الحركة الاستمرار في اعداد الكوادر العسكرية المدربة من داخل السودان بعد أن تمت تصفية المعسكرات الخارجية، وفتحت الحركة عددا من المعسكرات السرية داخل السودان من باب اعداد العدة للجهاد والتحوط لما قد يطرأ بالبلاد من أي جهة كانت.
ولكي تحافظ الحركة على سرية العمل العسكري قامت القيادة بتغييرات كبيرة في صفوف القيادات التي كانت تتولى قيادة العمل العسكري ابان فترة الجبهة الوطنية المعارضة للنميري خارج السودان من أمثال الشيخ السنوسي وعثمان خالد ومهدي ابراهيم.. وجاءت بقيادات شابة ووجوه جديدة لتتولى تنسيق العمل العسكري من داخل السودان، وتم تغييب شبه كامل للقيادات الظاهرة عن تفاصيل ما يجري من باب التحوط الأمني، اذ إنهم كانوا تحت رقابة أجهزة النظام الأمنية.. وأذكر أن ذلك العزل والتغييب للقيادات السابقة أثر سلبا على بعضهم، فابتعد وانزوى وكاد يخرج على الحركة كلية.... وقد كانت تلك أيضا تجربة ناجحة استطاعت الحركة أن تعد بها قوة ضاربة قوامها بالآلاف تعرف معظم فنون القتال وتتعامل مع أنواع كثيرة من الأسلحة السائدة في ذلك الزمان، ومعظم منسوبيها من طلاب الجامعات وحملة الشهادات الجامعية وفوق الجامعية. ورغم حساسية الظرف وخطورته فقد كان الشيخ يقضي نهاره ما بين ديوان النائب العام والقصر أو الاتحاد الاشتراكي ويقضي ليله بين المجاهدين في مواقع التدريب دون خوف أو مبالاة، ودون أن ترصده أجهزة أمن النظام رغم حرصها الشديد على متابعة تحركاته.
وأستطيع أن أقول بأن الحركة الإسلامية كان بمقدورها أن تدبر انقلابا ناجحا أبيضا على حكم النميري منذ عام 1983 ولكنها لم تفعل، بل كانت على العكس تماما تنبه أمن النظام بصورة غير مباشرة على كثير من النشاطات الانقلابية ويتم اخمادها في مهدها... وقد تم ذلك أكثر من مرة.
أما الحقبة التي تلت الانتفاضة في أبريل 1985 وحتى قيام الإنقاذ في الثلاثين من يونيو 1989 فلم أكن شاهدا لها عن قرب بسبب السفر للدراسة خارج السودان، ولكن الحركة استطاعت بحنكتها وتجاربها المتراكمة في العمل العام أن تتجاوز الحصار الذي أرادت القوى الأخرى فرضه عليها وتحميلها أوزار مايو (السدنة)، فبادرت بتكوين الجبهة الإسلامية القومية وخاضت مع الأحزاب الأخرى التجربة الديمقراطية مستهدية بتجاربها في المشاركة في الحكم مع نميري، واستطاعت أن تكون القوة الثالثة في البرلمان من حيث العدد، ولكن في حقيقة الأمر كانت القوة الأكثر نظاما وقدرة على الحركة والمبادرة في الساحة السياسية، ولو قدر لتلك التجربة الديقراطية أن تستمر لاستطاعت الحركة الإسلامية في السودان أن تحقق النموذج التركي القائم حاليا (حزب العدالة والتنمية).. ولكن الحرب في الجنوب والتي بدأت تزحف شمالا حتى وصلت الى تخوم كوستي، وضعف الأحزاب التقليدية وعدم جديتها في مواجهة قضايا الجمهور الأساسية من مأكل ومشرب ووقود، عجل بوأد تلك التجربة الديمقراطية، كما جاء في النعي الشهير للراحل زين العابدين الهندي من داخل البرلمان، ولو لم يعجل الإسلاميون بالانقضاض على السلطة لسبقهم عليها آخرون كانوا على أهبة الاستعداد، كما تفيد التقارير الرسمية الموثقة في تلك الفترة.
وكما أوردت سابقا كان في مقدور الحركة الإسلامية أن تنفذ انقلابا ناجحا منذ مطلع الثمانينيات في القرن الماضي ان أرادت الوصول الى السلطة بأقصر الطرق فحسب، ولكنها كانت تحسب حساباتها للعوامل الخارجية والداخلية التي يمكن أن تعيق مسيرتها اذا انفردت بالحكم، وأستطيع أن أؤكد أن قرار الانقلاب في الثلاثين من يونيو 1989 جاء بعد حوار طويل وعسير وكان من أبرز معارضيه في البداية شيخ حسن ولكنه سلم بوجهة نظر معاونيه المقربين في قيادة وإدارة الأجهزة التنظيمية الخاصة التي كانت بعيدة عن أنظار معظم الشخصيات القيادية الظاهرة في الحركة، حيث إن بعضا من هذه القيادات التاريخية فوجئوا بالانقلاب واتخذوا مواقف معارضة له عند قيامه.
من كل ما سبق يتبين لنا جليا أن الحركة الاسلامية في السودان استطاعت أن تحقق نجاحات كثيرة في مسيرتها من النشأة وحتى قيام الإنقاذ وأن تتخذ نهجا متفردا في التعامل مع الواقع السياسي في السودان مما ساعدها على تنمية قدراتها كما وكيفا واستطاعت أن تستغل الظروف الماثلة مهما كانت صعبة لصالحها وكان لها كل ذلك بعد توفيق الله بسبب القيادة الواقعية الواعية التي تدرك ان التدين الحقيقي هو السعي لتضييق الهوة بين الواقع الأرضي والمثال العلوي، ومما ساعدها على النجاح والسبق أيضا هو رفضها للتبعية الكاملة للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين لتحتفظ لنفسها بحق الاجتهاد وفق مقتضيات الظرف المحلي في السودان. ومما تجدر الإشارة اليه أن اجتهادات الحركة الإسلامية في السودان والتي سبقت بها رصيفاتها في العالم الإسلامي كانت محل نقد شديد وصل الى حد القطيعة والاتهامات، ولكن أثبتت التجارب أن الذين ينقدون الحركة الإسلامية في السودان بسبب اجتهاداتها السياسية يصلون الى ذات القناعة بتلك الاجتهادات ويسيرون في ذات الدرب بعد فترة من الزمان.
فعلى سبيل المثال خاضت الحركة الإسلامية في السودان الانتخابات بعد ثورة أكتوبر ودخلت البرلمان وشاركت في السلطة في مايو، وكانت تلك الاجتهادات محل نقد لاذع بل وقطيعة من الحركة الإسلامية في مصر وبعض البلدان الأخرى، ولكن تمر عشر سنين على تجربتنا في المشاركة السياسية فإذا بإخواننا في مصر يترشحون للبرلمان ويرفعون شعار (الإسلام هو الحل) ويتصدرون النقابات ويقيمون جمعيات النفع العام بعيدا عن الصبغة الإخوانية الصارخة، بل ويباركون الآن ما يجري في تركيا وبإعجاب شديد حيث يحكم الإسلاميون في ظل دستور علماني متطرف، وقد طرحت حركة الإخوان المسلمين في مصر مؤخرا رؤية جديدة لمستقبل عملها السياسي العام ضمنته كثيرا من الاجتهادات التي حرموها علينا قبل أربعين عاما..... وليت اخواننا في مصر لو تقدموا خطوات أكبر وأحدثوا اختراقا أكبر في جسم الدولة المصرية وحاولوا اختراق جدارها العلماني السميك -سرا وعلنا- فالكل يعلم أن دوائر المخابرات الغربية والإسرائيلية تعمل ليل نهار هذه الأيام لترسم سيناريوهات الحقبة التي تعقب رحيل الرئيس مبارك، ومن الأرقام الصعبة في مصر بالنسبة لهم هي حركة الإخوان المسلمين التي ملأت الساحات كلها دون أن يكون لها أي أثر يذكر في اتخاذ القرار السياسي والسيادي، أو أن تقترب من السلطة رغم رصيدها الجماهيري الهائل في الشارع المصري، ونأمل أن يستفيد اخواننا في مصر من تجربة الحركة الإسلامية في السودان وتأثيرها الواضح في مجريات الأحداث في السودان خلال نصف القرن الماضي ويتجنبوا ما وقعنا فيه من أخطاء في ذلك المجال، ولهم أيضا في تجربة الإمام البنا في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي عظة وعبرة وخبرة نأمل أن يعيدوا قراءتها من جديد، وآمل أن يكون هذا الموضوع (الإخوان في مصر) عنوانا لمقال آخر، ان شاء الله.
ما أردت أن أصل اليه من كل السرد السابق للاجتهادات والنجاحات الميدانية التي حققتها الحركة الإسلامية في السودان هو كيف نجد تفسيرا مقنعا للخيبة الشديدة والانحسار والتراجع الذي أصيبت به الحركة بعد أن صارت تحكم دولة المليون ميل مربع وكسرت شوكة أعدائها في أربع جبهات للقتال الشرس على حدودها وفجرت خيرات الأرض ذهبا أسود وأحدثت استقرارا نسبيا في الاقتصاد وتوسعت في التعليم.
وللإجابة على هذين السؤالين -أسباب الخيبة وكيفية الخروج منها- لا بد من وقفة تأمل وتشريح دقيق ونقد بناء لمسيرة الحركة والإنقاذ لنتبين خطواتنا في المستقبل.
فما هي العلاقة بين الحركة الإسلامية والإنقاذ؟
الإنقاذ صنيعة الحركة الإسلامية بمؤسساتها السرية والعلنية من ألفها الى يائها، ولا مجال لأحد أن يدعيها لنفسه ولم تولد (بروسا)، بل كانت لها بذرة غرست في أرض السودان وسقيت وخصبت بدماء الشهداء من لدن محمد صالح عمر الى أحمد قاسم.
نعم وصلت الحركة الإسلامية الى سدة الحكم دون اراقة دماء واستطاعت أن تموه عن نفسها لبعض الوقت داخليا وخارجيا وبإعداد محكم ودقيق لخصه الشيخ وأفصح عنه بعد المفاصلة القاسية، حين قال "قلت للرئيس اذهب أنت الى القصر رئيسا وسأذهب أنا للسجن حبيسا". وللحقيقة والتأريخ لم تكن مهمة الرئيس في القصر باليسيرة وقتها، بل كانت أصعب من مهمة الشيخ.. فقد كان الرئيس واحدا من مجموعة في الميدان تكابد مشقات تثبيت الدولة الناشئة والتمكين لسلطانها على أرجاء البلد الواسع، وقد قام بدوره كاملا وفي تواضع تام لم يخفه عن قواعد الحركة، فقد قال الرئيس لجمع كبير من اخوانه في أحد اللقاءات التنويرية المقفولة "نعم أنا رئيس مجلس الثورة ولكن رئيسي المباشر هو أخوكم فلان هذا" وأشار اليه بيده، وكان فلان من الحاضرين في ذلك التنوير. أما الشيخ فقد مكث وراء القضبان بإرادته لبعض الوقت ثم خرج من بعد ذلك الى منزله في المنشية لينظر لمسيرة الثورة ويقودها من صالونه العامر.
وعلى وجه العموم فقد استطاعت الإنقاذ في بداية عهدها أن تقدم نماذج للطهر في القيادة والتجرد وتحقق نجاحات باهرة بكل المقاييس في عديد من المجالات خاصة الاقتصادية والاجتماعية والتعبوية والأمنية في ظل تلك القيادة المزدوجة بين القصر والمنشية، حيث كانت رموز الحركة تراقب المسيرة وتوجه من بعيد، وقيادة الدولة تنفذ وبروح عالية من الانضباط والتجرد الذي ضرب فيه اخواننا العسكريون المثال الأعلى من التجرد ونكران الذات، خاصة الأخ الرئيس والشهيد الزبير عليه رضوان الله، رغم المضايقات والاستفزازات التي كانوا يجدونها في كثير من الأحيان من بعض اخواننا القياديين.. وقد شهدت أمثلة منها داخل القصر الجمهوري ربما نسرد تفاصيلها في مقال لاحق.. ومضت مسيرة الإنقاذ تحت شعارات محددة هي التأمين والتمكين والدعوة.
أما في مجال التأمين فقد استطاعت أن تعبئ الأمة لمواجهة حركة التمرد التي وصلت الى مشارف كوستي وبدأت تعد العدة لاجتياح الخرطوم، وكان بعض منسوبيها يوزعون الغنائم قبل أن تقع في أيديهم، فكان الرد العاجل والحاسم في عمليات صيف العبور واندحار التمرد الى أقصى حدود الوطن الجنوبية. ولم تقف الحملة عند ذلك بل امتدت لتغيير الأنظمة الحاكمة في الدول التي يصلنا منها الشر في اثيوبيا والكونغو وتشاد وإريتريا... ونأمل أن يكتب من بقي من اخواننا على قيد الحياة من الذين كانوا يرعون كل هذه النشاطات، نرجو منهم أن يسجلوا ذلك التأريخ للعبرة.
وأما في مجال التمكين فقد قامت الإنقاذ بحركة تطهير واسعة داخل القوات النظامية والخدمة المدنية أبعدت منها كل من تشك في ولائه أو فساده، وقد يكون ذلك ضروريا في البداية ولكن للحقيقة أقول بأن عمليات التطهيرأو ما سمي الإبعاد من أجل الصالح العام لم تكن كلها صائبة وموفقة، فقد أضير منها أبرياء كثر، وجئنا في كثير من المواقع ببدائل عديمة الخبرة شديدة الحماس لا تحدها أطر ولا تراعي الأعراف والتقاليد، فأحدثت آثارا مدمرة داخل القوات النظامية والخدمة المدنية.. وللأسف قد زادت هذه الآثار المدمرة عمقا بعد الانشقاق، وأصبح كثير من أهل الولاء المزيف هم الذين يقودون ويتميزون في كثير من المواقع القيادية دون خبرة أو ولاء صادق، وربما نفصل في ذلك لاحقا.
أما في مجال الدعوة فقد حدثت بعض النجاحات في مجال نشر الوعي وإيقاظ الشعور الديني والاهتمام بالقرآن وازداد عدد المساجد وتم بعض الإصلاح في المناهج... ولكن كما قال بعض الظرفاء لاحقا (الجبهجية فتحوا لينا المساجد وهم دخلوا السوق). ربما كان في ذلك التصوير شئ كبير من الحقيقة بعد فترة التأمين والتمكين الأولى التي كان يتسابق فيها الإسلاميون الى مناطق العمليات وتقديم أرتال من الشهداء من صفوف القيادة ومن ذراريها وآلها وذويها، ولكن سرعان ما دب الغرور والاستحواذ والمحسوبية وادعاء حق الأهلية للحكم ومقدرات الأمة مما سنفصل فيه بعض الشئ لاحقا.
اذا أردنا أن نلخص أسباب النجاح والاستقرار النسبي خلال الفترة الأولى من عمر الثورة فيمكن اجمالها في الآتي:
* القدوة الحسنة التي جسدها قادة الإنقاذ الميدانيين ومشاطرة العوام في معاناتهم حيث كان يستوي الحاكم والمحكوم.
* الاهتمام المباشر بحوائج العباد اليومية من مأكل ومشرب ووقود.
* المرجعية في القيادة...
حيث كان الشيخ ومعاونوه في التنظيم بعيدين عن الجهاز التنفيذي ويوجهون من على البعد، فحفظت لهم الهيبة وعدم التحمل المباشر للأخطاء التي تقع من التنفيذيين.
لقد كانت خطة الحركة بعد نجاح الانقلاب ومرحلة التأمين والتمكين أن تتخلى عن شعاراتها المرحلية كحركة ذات أهداف مرحلية تعمل للوصول الى دولة الإسلام والحكم بتعاليمه، ومن ثم أرادت الحركة أن تتحول الى عمود فقري يحمل جسد الأمة كلها عبر الدولة الناشئة وينطلق بها الى آفاق أرحب وفق تعاليم الشريعة السمحاء بعيدا عن العصبية الضيقة لجماعة واحدة بعينها والعمل على انهاء الصبغة العسكرية للحكم وبسط الشورى والحريات العامة لأقصى ما يمكن الوصول اليه.. وقد ظل الشيخ يبشر بهذا التوجه منذ وقت مبكر بعد قيام الإنقاذ، وللحقيقة والتأريخ أقول كانت الغالبية العظمى من قواعد الحركة -وأنا منهم بالطبع- ضد هذا التوجه بعد مرحلة التمكين والانفراد بالسلطة وتحقيق بعض الإنجازات الملموسة.
كانت تلك الخطة للتحول من الثورة الى دولة الحكم الراشد، ولكن حدثت أحداث كبرى أثرت سلبا في مسيرة الإنقاذ وأخرت من خطوات التحول المنشود وأدت في نهاية المطاف الى الانشقاق المشؤوم منها:
* الغزو العراقي للكويت في أغسطس1990
* العلاقة بين أهل الظاهر وأهل الباطن في الدولة والتنظيم
* حادثة الاعتداء على الشيخ حسن في كندا عام 1994 وما ترتب عليها من خلط الأوراق في القيادة
* محاولة اغتيال الرئيس محمد حسني مبارك في أثيوبيا عام 1995
* الرحيل المفاجئ للشهيد الزبير عليه رحمة الله في فبراير 1998، وما أحدثه من فراغ هائل وما دار من معارك لتحديد خلفه
* تسلل الرويبضة الى قيادة الحزب والدولة
* مذكرة العشرة وتجذّر الصراع الداخلي في التنظيم والدولة
* صراع الأفيال في التنظيم والدولة
* الآثار السلبية لشخصية الشيخ المتفردة
لقد كان لهذه الوقائع والأحداث أبلغ الأثر في مسيرة الإنقاذ حزبا ودولة، وعلى علاقاتها الداخلية في داخل صفوفها وعلاقاتها الخارجية مع العالم الخارجي القريب والبعيد، وكانت في مجملها ما أوصلنا الى الانشقاق والتردي المستمر الذي ساقنا الى الذل بعد العزة وكاد يقذف بنا في قاع جهنم بما فرطنا فيه من حقوق الأمة وحدود الله، ويستوي في ذلك الفريقان؛ الذين يتسنمون قيادة الدولة والذين يناصبونها العداء. ومن المخجل حقا أن يهرول كل من الطرفين ويسعى للتحالف مع الرزايا والنطائح وما اكل السبع ليتناصر به على الطرف الآخر، حتى فقد الجميع البوصلة وضللنا الطريق وضيعنا الأمانة ونسينا القضية الأساسية التي ظللنا نجاهد من أجلها لنصف قرن من الزمان، ولا حول ولا قوة الا بالله. وتعالوا بنا لنغوص في الآثار السلبية للعوامل أعلاه على الدولة والحركة، وذلك غداً بإذن الله
السودانى
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

العدد رقم: 897 2008-05-13

الحركة الاسلامية والانقاذ.. التقمهما الحوت فهل من مسبِّح؟ (3)دعوة مفتوحة لجمع الصف الإسلامي للمحافظة على مكتسبات الأمة

بروفيسور مصطفى إدريس البشير



لقد كان غزو العراق للكويت فاجعة كبرى وفخاً نصب بذكاء فوقعت فيه الأمة العربية بأكملها فريسة سمينة وصيدا سهلا لأعدائها، وفتحت الأبواب على مصراعيها لدخول القوات الأجنبية الى قلب الأمة وسلبت البقية الباقية من ارادة الأمة وقرارها المستقل وأحدث الغزو فرقة وشتاتا يصعب لمه في المنظور القريب وكان حظنا في السودان هو الأوفر من ذلك كله، فقد كان الموقف الرسمي للدولة هو حل المشكل بالوساطة والدبلوماسية من داخل الأمة العربية والاسلامية ومعارضة التدخل الأجنبي في المنطقة ولم يجد هذا الطرح قبولا من النظام العراقي الذي قضى على الأخضر واليابس في الكويت، وكذلك لم يكن مقبولا من الغالبية العظمى من القوى الفاعلة من العرب ولم ينحصر موقف السودان على الحياد فحسب الذي انتهجته الدولة رسميا ولكن سافر كثير من القيادات الاسلامية البارزة والنافذة في الحزب والسلطة الى بغداد وباركوا الصنيع الشنيع للنظام العراقي في الكويت تقديرا لما قام به من مد السلطة ببعض العتاد الحربي بعد قيام الانقلاب، وقد شاهدت أفلاما مصورة لتلك الوفود التي كانت تتقاطر على صدام وتبارك صنيعه وتشجعه على المضي في خطه المعادي للرجعية والعملاء.... وبكل أسف فقد تاجر بهذه الوثائق والصور خصوم الحركة والدولة في السودان ونشروها في اوسع نطاق في الخليج وأوروبا..... وقد كانت ردة الفعل بعد التحرير الذي تم على أيدي الأمريكان من الكويتيين ودول الخليج عامة وكذلك مصر، كانت ردة الفعل صعبة على الحكم في السودان وتم بموجب ذلك تضييق الخناق على النظام في السودان ودعمت المعارضة في الجنوب وغيره من دول معروف عنها البعد عن الدخول في الصراعات مع الغير أيا كان هذا الغير، ومن ثم قطعت كل أشكال الدعم المباشر وغير المباشر التي كانت تصل الى السودان بما في ذلك العون للمنظمات الطوعية والمؤسسات الاستثمارية المشتركة وشهدنا ما عانته منظماتنا ومؤسساتنا المالية وتنامى العداء الغربي للنظام بمؤازرة لصيقة من أشقائنا وجيراننا.... وشهدنا ما كان يدور في حلايب ومثلث ثار من كر وفر، ولكننا تجاوزنا تلك المرحلة رغم قساوتها باللحمة ووحدة الصف واستطعنا أن نغير الخارطة السياسية من حولنا في دول الجوار وأن نستعيض عن الدعومات المالية التي تأتي عبر القنوات الرسمية باستنفار الأمة السودانية وبالدعومات التي ظلت تتدفق عبر قنوات العلاقات الشخصية التي كانت لبعض الأفذاذ من أبناء الحركة الاسلامية والذين تنكرنا لبعضهم فيما بعد ولفظناهم......
لقد تبنت الحركة الاسلامية سياسة التمويه على هوية الانقلاب في السنين الأولى فدفعت بقائدها الى السجن وحرصت على ابعاد كل الوجوه الظاهرة في الحركة عن الأجهزة التنفيذية وجاءت بشخصيات موالية او غير معروفة من كوادر الحركة منهم من تم استدعاؤه من دول المهجر ليصبحوا وزراء في الحكومة بجانب الكوادر العسكرية للحركة الذين تم تكليفهم بقيادة مجلس الثورة والمواقع الحساسة في الدولة مع الحفاظ على اضفاء القومية على مجلس الثورة حيث تم تمثيل الجنوبيين فيه وكافة مناطق السودان..... وظلت القيادات النافذة في الحركة من حواريي الشيخ يديرون الدولة والتنظيم من وراء الكواليس بتفويض تام من الشيخ وقد رأيناهم يستخدمون فيتو التنظيم في حسم كثير من المسائل الخلافية....دا رأي التنظيم..... وقد نجحت هذه السياسة في الشهور الأولى من عمر الثورة في توفير غطاء مريح للدولة لتجد الاعتراف بها من دول الجوار خاصة مصر التي زار رئيسها السودان وبارك الحركة الانقلابية في نشوة غير معهودة وأعطى كل ذلك التمويه الحكومة الجديدة نفسا لتبسط نفوذها على البلاد كافة ولكن سرعان ما بدأ التصادم بين أهل الظاهر وأهل الباطن الذين يملكون الحق المقدس في فرض رؤاهم...... فخرج بعض العناصر من مجلس الثورة من كوادر الحركة الملتزمة في ظروف غامضة لم يتملك الرأي العام في الحركة أبعاده وخلفياته ومن ثم بدأ حوار جاد حول الدور المستقبلي للحركة الاسلامية بطبيعتها التقليدية في تسيير دفة الحكم من الباطن وكيف يمكن احتواء الافرازات السالبة لهذه العلاقة الشاذة والتي أدت من قبل للصدام المسلح والمفاصلة المبكرة بين نميري والحزب الشيوعي الذي تحمل عبئاً كبيراً في قيام الانقلاب في مايو 1969. فقامت الحركة الاسلامية بتكوين لجان لتقديم الدراسات حول مستقبل هذه العلاقة والبدائل المتاحة وتحدث وقتها اناس عن حل الحركة كلية!!...... وطالب آخرون بقيام حزب جديد.......المهم في الأمر أن هناك بعض الخلافات التي بدأت تطفو للسطح تمثلت في تضارب بعض التصريحات وهناك قرارات تتخذ دون أن يكون أهل الشأن في الجهاز التنفيذي على علم بتفاصيلها وكانت هنالك بعض الفظاظة والاستفزازات المتكررة من الملكية للعسكر مما جعل احتواءها أمرا صعبا، هذا بجانب انكشاف السر ودخول العوامل الخارجية في التدخل بصورة غير مباشرة عبر وسائط مختلفة منها الحملة الاعلامية المضادة ولولا انشغال الجميع بحرب الجنوب وصد التمرد لقادت تلك الخلافات التي ظهرت الى انفجار الأزمة في وقت مبكر ولم تتأخر لعشر سنين، ونذكر جيدا المرات المتكررة التي أبدى فيها الرئيس نفسه عدم رغبته في الاستمرار في موقعه وطلب اعفاءه من المسئولية.....
أما الضربة التي تعرض لها الشيخ في كندا فقد أدخلت الحركة والدولة في مرحلة جديدة فقد كان الظن الغالب بأن الشيخ لن يسلم من تلك الحادثة واذا قدر له أن يعيش فلن يتحمل تبعات القيادة بعدها وكانت هنالك حركة نشطة في عمل الترتيبات لخلافة الشيخ وكان هنالك صراع عنيف يدور وراء الكواليس يحسه ويراه من يعرف كيف كانت تدار الدولة والحزب، وأذكر تماما ذلك الامتعاض الذي عبر لي عنه أحد خلصائي من أقارب الشيخ القريبين جدا منه حين ألتقيته في بيت الشيخ بعد الحادثة بأسبوع وسألته عن الأخبار الحقيقية بشأن حالة الشيخ فقال لي (اخوانك مشغولين بتقسيم التركة وليس من همومهم الآن حالة الشيخ الصحية- فقد لجنوهو....). ولا أريد أن أسرد كل ما أعرفه عما كان يدور في تلك المرحلة ولكن أريد أن أنفذ الى ما ترتب عن تلك الحادثة وما تلاها من أوضاع في الدولة والحركة. لقد كان للشيخ اسلوبه المتفرد في القيادة ويفصل تماما ما بين المسائل العامة المفتوحة للجميع والأخرى ذات الطبيعة الأمنية الحساسة وكان يدقق في الاختيار لادارة الشؤون الحساسة ويحصر العلاقات الادارية بشأنها في أضيق نطاق مع توفير الرقابة المزدوجة، وقد كان الشيخ يمسك بخيوط وملفات كثيرة تتجمع كلها عنده هو فقط وبعد الاصابة في كندا وتواتر الأخبار عن سوء حالته الصحية لم يكن هنالك بد من أن يفصح كل صاحب أمانة عما أؤتمن عليه وأن تؤول كل تلك الصلاحيات لنائبه، ومنذ ذلك الوقت بدأت تظهر المحاور والأحلاف داخل القيادة وعندما أفاق الشيخ وجد أن كثيرا من الأمور حوله قد تبدلت وأن صراعا خفيا على النفوذ قد بدا للعيان، وبدأ هو بعد تعافيه دورة جديدة في اعادة ترتيب الأوضاع من جديد مع بعض المرارات التي نتجت من تداعيات أحداث مرت في تلك الفترة وبدأ صعود نجوم جديدة وتراجع آخرون وترتب على ذلك بعض الاجراءات العملية ربما لا يسمح الظرف بالخوض فيها الآن.
من الأحداث التي أعقبت تلك الفترة وأججت الصراع داخل الدولة والحزب محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك في اديس أبابا وان لم يكن للدولة والحزب ضلوع مباشر في تنفيذ تلك العملية فقد أظهرت بجلاء بعض مظاهر التفلت وتغييب القيادة العليا في اتخاذ بعض القرارات غير المحسوبة بدقة من بعض العناصر داخل الدولة والحزب، وأيضا ترتبت عن تلك المرحلة اجراءات عملية كان من أهمها الدفع بعدد من القيادات التنظيمية التي كانت تعمل من وراء الكواليس الى الأجهزة التنفيذية في الدولة وأقصاء عدد من النافذين في الدولة من مواقعهم والتفاصيل يعرفها أهل الشأن.....
أما الشهيد الزبير عليه رحمة الله ورضوانه فقد كان رمزا للنقاء والطهر وصدق التوجه وقد كان رجل الميدان الذي وجد مكانا سامقا في نفوس العوام والخواص، وما أوكل للشهيد الزبير مشكلة الا وقد كان موفقا في حلها وقد شهدت له العديد من المواقف في حل الاشكالات الداخلية في الدولة والحزب، وقد كان لرحيله المفاجئ أثراً سلبياً كبيراً في مسيرة الانقاذ، وأما السعي لاستخلافه فقد كان مرحلة جديدة لتأجيج الصراع وسط القيادات في الحزب والدولة وكثير من المعلومات عن استخلاف الشهيد الزبير قد رشحت الى وسائل الاعلام وأصح الروايات عندي بأن التنظيم قدم للرئيس مرشحين علي الحاج أو حسن الترابي فكان الرد من الرئيس للشيخ أو مندوبه (أما الشيخ فلا أرضى لنفسي أن أرأسه في العلن وهو رئيسي في السر وأما علي الحاج فلا أطمئن للتعامل المباشر معه والتعاون التام في هذا الموقع الحساس)....وتم تعيين الأستاذ علي نائبا للرئيس خارج ارادة التنظيم.... وجرت من بعد ذلك مياه كثيرة تحت الجسر كادت أن تهد بنيانه وربما يحين تفصيلها وتوثيقها في مرحلة لاحقة.
لقد فرضت ضرورة التمويه على هوية الانقاذ عند قيامها الاستعانة بعدد كبير من الشخصيات التي لا تنتمي للحركة الاسلامية ولها صيت في المجتمع بحكم ارتباطها بأنظمة حكم سابقة أو احزاب أو عشيرة أو مؤسسة علمية ولم نراعِ المعايير التي نؤمن بها لاستيعابهم ظنا منا بأنهم سيكونون أدوات لمرحلة محدودة، فبعضهم تم تجنيدهم وسلكوا الدرب مع الجماعة وبعضهم استمر بأجندته الشخصية الخاصة وحرصه على المغانم العاجلة والمنصب وعدد مقدر عرف كيف يتسلق الي قمة الهرم القيادي في الدولة والحزب واصبح يدس السم ويمشي بالنميمة وينشر الفتنة وسط الجماعة كما تبين لنا فيما بعد، ولعل أبلغ تعبير سمعته في هذا الجانب مقولة الشيخ في معرض اعترافاته بأخطاء التجربة في الانقاذ (البعض جئنا بهم ممثلين فصاروا مخرجين)، وقد جمعتني جلسة في صالون في مناسبة أسرية اجتماعية مع أحدهم قبل الانشقاق لا يعرفني من قبل ولم يلق الي بالاً، وكان كل الحضور في تلك الجلسة تقريبا من خلصائه فبدأ يحدثهم عن تجاربه الشخصية مع أهل الانقاذ والكيزان بأسلوب استفزني أشد الاستفزاز فقاطعته قبل أن يكمل حديثه وكادت أن تقع بيننا خناقة لولا تدخل بعض العقلاء ورغم اني نقلت ماحدث لجهات الاختصاص وقتها ولكن يبدو أنهم حملوا على الظن بأنني من تيار المحافظين الذين لايقبلون التعايش مع الوافدين الجدد......
أما مذكرة العشرة فلم يكن الذين وقعوها كلهم من أصحاب الوزن الثقيل في قيادة الحركة والدولة، بل ان بعضهم ليس له سابقة أو عطاء يذكر وسط الاسلاميين وربما كان الذين من وراء المذكرة أو باركوها خلسة أكثر بكثير وفي أعلى درجات السلم القيادي وأرادوا أن يتواروا وراء ذلك النفر الكريم، والطريقة التي كتبت بها المذكرة وحملت بها الى داخل الاجتماع الشهير والطريقة التي وزعت بها تنبئ بصراع عنيف كان يدور في الخفاء ومرض خطير كان ينخر في جسم الحزب والدولة حالت الرهبة من المواجهة المباشرة للشيخ والتي كانت فوق ما كنا نتصور دون البحث عن أسلوب بديل غير تلك المباغتة غير المستساغة عرفا ولا شرعا وربما يذكرنا ذلك بقصة الفيلة والخليفة عبد الله التعايشي علية رحمة الله المتداولة كثيرا في الأوساط الشعبية. وقد كان وقع المذكرة أليما على الشيخ فقد دخلنا عليه في مجموعة من أهل مهنة الطب بعدها بأيام- ولأهل الطب حظوة خاصة عند الشيخ - فوجدناه في غم شديد لم نعرفه فيه حتى في أحلك الظروف التي مرت بها الحركة في تأريخها الطويل، ورغم مرارة ما حدث قبل الشيخ بما خرج به ذلك الاجتماع وتم سحب بعض سلطاته وتمليكها لرئيس المؤتمر الوطني، واستطاع أن يمتص الصدمة ويستوعب الظرف الذي خرجت فيه المذكرة والاصابع التي حركتها وبدأ يعد العدة لكسب الجولة القادمة، فالرجل الذي نعرفه لا يقبل الهزيمة ولا يعرف الانكسار فجاب السودان شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وقاد حملة تعبئة واسعة جدا وسط القواعد أتعب فيها كل أعضاء الوفود الذين رافقوة في مناطق السودان المختلفة، الا هو لم يكل ولم يمل وكان بعض مرافقيه يروي بأنه ربما صلي بالوضوء الواحد أربعة أوقات مفروضة، وعندما انعقد المؤتمر العام الأخير للحزب قبل الانشقاق كان هنالك استقطاب حاد وعزل مقصود لبعض الرموز التي صنفت بأنها مناوئة للشيخ والتفاصيل معروفة للكثيرين... وربما نوثق لها لاحقا. تزامن ذلك الصراع داخل الحزب مع الصراع الذي كان يدور ما بين القصر والمجلس الوطني حول التعديلات الدستورية وانتخاب الولاة... وقد كانت تلك الظروف مناخا ملائما ومرتعا خصبا لاخوة سلاطين باشا وعبد الله ابن سبأ الذين نشطوا بدرجة عالية في المشي بالوشايات والنمائم بعد اضافة التوابل اللازمة لها وتوغرت الصدور وفشا الطعن المتبادل والغمز واللمز الذي وصل الأعراض والذمم وتعداها الى الطعن في العقائد ولا حول ولا قوة الا بالله وقاد كل ذلك الى المفاصلة المشؤومة التي دفعنا ثمنها غاليا.
أما صراع الأفيال الذي أقصده فأعني به تكوين المحاور داخل الدولة والتنظيم الذي بدأت تظهر معالمه واضحة بعد الضربة التي تعرض لها الشيخ في كندا وتطور بسبب جملة الأحداث التي ذكرتها آنفا. فبعد افاقته وتسلمه القيادة من جديد والمامه بالواقع بدأ الشيخ في اعادة توزيع الأدوار من جديد (شك الأوراق) فقذق بقيادات تنظيمية نافذة الى الجهاز التنفيذي وأعفى آخرين من الجهاز التنفيذي خاصة بعد المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المصري وعمد الى الأجهزة التنظيمية الخاصة وأعاد ترتبيها من جديد وكذلك القيادات النافذة في الحزب وأدرك الشيخ تماما خطورة ما يمكن أن يحدث اذا غيبه الموت أو المرض المقعد ولكن يبدو أن الداء قد وصل العظم كما يقولون.... ولم تفلح تلك المحاولات التي قام بها في كبت الصراع الذي كان يجري وانعدام الثقة بين بعض القيادات الذي وصل الى حد زرع الكوادر في مكاتب الآخرين لتتجسس لهم على خصومهم من اخوانهم ليسجلوا عليهم مواقف سلبية، وعندي شواهد على ذلك وأمثلة حية. بدأ الشيخ يطلق التصريحات النارية عن مظاهر الفساد في الدولة وعن الرغبة القوية في الانفتاح وبسط الحريات وقد كان يبدي مخاوفه من جنوح بعض القيادات في مجالسه الخاصة وبدأ طرحا جديدا من أهم معالمه تراجعه هو عن قيادة الحزب حيث جاء بشخصية ذات مقبولية واسعة لدي قواعد الحركة وله قدرات فكرية هائلة وتأريخ ناصع في الالتزام والتجرد وهو الدكتور غازي صلاح الدين واذكر عندما عقدنا المؤتمر العام للقطاع الصحي في أكتوبر 1996 حضره الشيخ برفقة الدكتور غازي وأعلن لنا من المنصة الرئيسية أمام أكثر من ألفي شخص من المؤتمرين بأن أموركم التنظيمية بعد اليوم قد آلت لأخيكم هذا الذي يجلس بينكم وأشار الى الدكتور غازي. أما هو فأراد أن يتقدم خطوات نحو الجهاز الأعلى للدولة واختار في البداية طريق البرلمان....قام الدكتور غازي بجهد كبير لادخال النهج العلمي والمؤسسي في نشاط الحزب واجتهد في توفير بنيات أساسية واسعة لنشاط الحزب ولكن واجهته عقبات كبيرة أهمها عدم القدرة على تأطير القيادات التنظيمية النافذة ووقف الصراع بين الأفيال والحد من مظاهر التفلت هنا وهناك....وقد كنت قريبا منه واستمعت الى شكاواه المتكررة من التخطي للمؤسسات الرسمية وما عاناه من احباطات متراكمة دفعت به للتراجع ليتقدم الشيخ مرة أخرى لقيادة الحزب من جديد.



السودانى
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

الصحافة
الأربعاء 14 مايو 2008م، 9 جمادي الأولى 1429هـ العدد 5352

رأي
دروس إلى الأستاذ عثمان ميرغني:

د.محمد وقيع الله



نعم أنا أدعو إلى جيش مهيب.. وأمن متين مكين ركين (1- 3)
قرأت التعليق الذي كتبه عني الأستاذ عثمان ميرغني بعنوان «جيش مهيب.. وأمن متين مكين»، وذلك بعد أكثر من شهرين من صدوره. ولأهمية تعليقه وأهمية أسئلته التي وجهها إلي، رأيت لزاما أن أرد عليه الرد الشافي الكافي الوافي المخرس، لاسيما وأنه قد وجه أسئلته إلي بنبرة لا تخلو من تعالم وأستاذية مزعومة.
وقد أخفق الأستاذ عثمان في بداية تعليقه مرتين، عندما استعرض معلوماته الهندسية وثقافته العامة. ومن الغريب أن هذين الإخفاقين البينين قد جاءا في مستهل المقطع الأول من تعليقه، ثم لم يكن غريبا بعد ذلك أن تتوالى الأخطاء والارتكاسات والسقطات على طول الطريق، وهأنذا أجيبه، بناءً على طلبه، عن كل أسئلته، بتفصيل تام، فإن وعي هذه الدروس التي طالبنا بتعليمها إياه، كان بها، وإلا عدنا لمزيد التفهيم.
خلعاء الإسلاميين:
ذكر الأستاذ عثمان أنه أدرك بعد أن قرأ مقالا لي في الرد على أحد الكتاب من زملائه، أن نظام التشغيل في عقلي وروحي أضحى يحتاج الى إصلاح جذري. ذكر هذا المعنى مستخدما كلمات إنجليزية تتصل بتشغيل الحاسب الآلي الذي يبدو أنه يمتهن مهنة بيعه وإصلاحه وتأجيره. فقال: «الكمبيوتر.. يستمد «منهج تفكيره».. من «نظام التشغيل» Operating system.. مثلا الكمبيوترات الشخصية الشائعة الاستخدام تعمل في الغالب بنظام التشغيل المسمى النوافذ Windows بنسخه المتواترة.. فإذا كان هناك خطأ ما في نظام التشغيل، فإنه حتما يؤثر بصورة شاملة على كل التطبيقات التي يقوم بها الكمبيوتر.. فلا جدوى من محاولة اصلاح البرامج التطبيقية التي تعمل في الكمبيوتر لأنها حتما ستخضع في النهاية لسلطان نظام التشغيل الأساسي».
وهذه المعارف البسيطة التي يتباهى بها الاستاذ عثمان، ربما كان من الممكن ان يتباهى بها انسان في القرن الماضي، أما الآن فقد غدت هذي المعارف متداولة مبذولة، ويعرفها كل من له أدنى علاقة بهذا الجهاز، وربما يكون أطفال اليوم وصبيته، هم خير من يعرفونها، لأنهم نشأوا معها، أي نشأوا في العهد الذي انتشر فيه الحاسب الآلي الشخصي فتعلموا نظم تشغيله وإعادة تشغيله بلا عناء، تعلموا ذلك بالسليقة، وبهذا ربما أصبح تعلمهم لهذه المصطلحات والمعارف أكثر أصالة ممن تعلموا هذه المعارف قديما في الكليات!
وغُبَّ إيراده لهذه المعلومات المبتذلة، انتقل الأستاذ عثمان ليقول عني: «وعندما يكون الخطأ في «نظام التشغيل» يصبح هدراً اضاعة الوقت في إصلاح «التطبيقات».. الأوجب مراجعة منهج التفكير.. فإذا أصلح.. انصلحت التطبيقات Applications كلها». أي أني قد اختُلِط علي حتى احتاج عقلي وقلبي إلى ما هو أكثر من إعادة تشغيل. وهذا زعم باطل أملته على الأستاذ عثمان دوافعه النفسية لا معارفه العلمية، التي تشدق بها، وحاول من دون جدوى أن يبهر بها الأنظار.
فالذي يتابع ما أكتب وما أقول لا يجدني قط متخبطا، ولا متقلبا، بين الأفكار، والمذاهب، والأحزاب، والحركات السياسية، ولا يراني منخلعاعن إطار دعوتي الإسلامية الصميمة التي انتمي إليها. «وهنا استميح العلامة الفاضل البروفيسور عبد الله علي إبراهيم لكي استعير منه مصطلحه الذي نحته لوصف زملائه السابقين المنخلعين عن العروبة، لكي أصف به أقطابا من شيعتي المنخلعين عن الحركة الإسلامية السودانية»، فأنا بحمد الله تعالى سائر على الخطة التي اتخذتها لنفسي منذ أن كنت طالبا في السنة الأولى في المرحلة المتوسطة، حين كنت في الحادية عشرة من العمر، ومازلت منذ ذلك الأوان البعيد أتكلم في المجامع في مسائل الدعوة، والفكر الإسلامي، والبعث الإسلامي، وأؤيد كل من يعمل للإسلام، سواء أكان منتميا لإحدى الحركات الإسلامية، أو غير منتمٍ لأي منها، وأتحدى أي باحث متابع مدقق أن يثبت عني أني حدت عن هذا الخط الإسلامي، قيد شعرة، أو تنكرت له، أو أدبرت عنه، ولو ثانية واحدة من ليل أو من نهار..!!
ودون من يحاول أن يثبت ضدي شيئا أكثر من ألفي مقال صحفي نشرتها، وأكثر من عشرة كتب أصدرتها، فليدرسها كلها، سطرا سطرا، وليستخرج منها ولو سطرا واحدا، وليرني منهم، ولو مجرد قرينة يتيمة واهية، تشير إلى غير ثباتي على ديني، وإصراري على الدعوة إليه. فأنا بحمد الله تعالى ثابت على موقفي الإسلامي لا أتزلزل عنه، ولا أحول عنه ، ولا أتقلب، ولا أتذبذب، ولا أتردد، ولا يراني أحد أبدا، ممسكا بعصا من منتصفها، وإنما أمسك بالعصا من ممسكها الحق، ولا أبالي أن أقرع بها، بلا هوادة، ولا رفق، رؤوس طغاة الفكر الظلمة، الذين يتجنون على الإسلام، ويتهجمون على قيمه، وجهود الدعوة إليه.
وهذا التحدي الذي أرفعه بهذا الخصوص أوجهه لجميع خصومي، وبشكل أخص أوجهه إلى الأستاذ عثمان، الذي كتب عني الكلام الآنف، فإن كان يأنس في نفسه كفاءة علمية، وصبرا على تكاليف البحث العلمي، فليكتب لنا بحثا موثقا، يجعل إطاره النظري، ما زعمه في مقاله عني من افتراضات، ثم ليحاول أن يثبتها بالتوثيق والتحليل والاستنتاج والمقارنة بينما كان عليه أمسي وما آل إليه يومي، فهذا هو السبيل لكي يثبت دعواه عن اضطراب جهازي المفاهيمي، وإلا فإن الأعمدة الصحفية المبتسرة التي يكتبها بعضهم لمجرد الصدور ويحشونها بالترهات، لا تكفي لإثبات دعاواه العريضة، القائمة على غير أساس، إلا الرغبة في نصرة كاتب إسلامي سابق، انخلع مثله عما كان يدعو إليه وحاد عنه..!!
ليس كل ناقد بخليع:
وكعادة هذا الكاتب، وعادة صاحبه الذي يدافع عنه، في الافتراء علي، فقد زعم أني قلت إن كل من ينتقد الحركة الإسلامية السودانية هو شخص حاقد أو منسلخ أو طابور «خامس» أو عميل. وهذا هو نص دعواه المفتراة علي: «ورغم ان الدكتور وقيع الله افتتح مقاله بالمأثور في «أدب اختلاف الرأي» الشائع عند بعض اعضاء الحركة الإسلامية.. وهو افتراض ان وراء كل كلمة نقد.. حقدا.. أو انسلاخا أو «طابورا» نزولا حتى درجة «عميل».. إلا أن فقرة واحدة من المقال كشفت خلل «نظام التشغيل».. يقول وقيع الله «فقد انتقلت الحركة الإسلامية السودانية -بحمد الله- من طورها القديم لتصبح دولة حديثة، وجيشا مهيبا، وجهازا أمنيا متينا مكينا ركينا يحميها..».
في رأي وقيع الله أن مبلغ نجاح الحركة، أنها تحولت الى دولة حديثة بجيش مهيب.. وجهاز امن متين مكين ركين.. وهي بالضبط ذات الصفات التي انتقل بها حزب البعث في العراق من مجرد حزب الى «دولة حديثة بجيش مهيب وجهاز امن متين ومكين ركين» بلغت من القوة أنها كانت على مرمى حجر من تصنيع القنبلة النووية.
هل كان ذلك هو مطمح «نظام التشغيل» الذي يدير عقل وتفكير الحركة الإسلامية؟
«جيش مهيب.. وأمن متين مكين ليحمي مَن مِن مَن؟..»
وهذا كلام ركيك، غير مترابط، وفيه نقل غير أمين، وهو إن شئت قول كاذب كذب بينا. ولا أريد أن أتهم صاحبنا ولا أتهم «كومبيوتره» بأنه سبب ركاكة هذا القول وتفككه، ولكن النقل غير الأمين هذا القول المفترى افتراء، إنما أتى من جهة الكاتب بالتأكيد، لا من جهة «كومبيوتره» الشخصي، حيث لا مشكلة لي مع«كومبيوتره» الشخصي ولا أتهمه بشيء! وأعود فأقول بأني لم أقل في أي سياق ولا في أي نص ولا في مجرد تلميح خاطف إن كل من ينتقد الحركة الإسلامية يحمل بالضرورة تلك الصفات المذمومات «وإن كان منهم من يحمل بعضها أو يحملها كلها أو ما هو أزيد منها!».
ولو كنت قد قلت حقاً هذا القول المسرف، لكان هذا الكاتب الذي يتمنى أن يضبطني متورطا بخطأ فظيع كهذا، قد جاء به موثقا ومنصوصا عليه بعلامات التنصيص، ولكن هيهات أن يجد هو او غيره شيئا مثل ذلك عني، فليس هناك قول مأثور عني يشبه هذا القول أو يضاهيه، وذلك لسبب بسيط جدا يعرفه من يعرفني من الأصدقاء والقراء الكرام، وهو أني أؤمن إيمانا شديدا بضرورة نقد الحركة الإسلامية السودانية، وكثيرا ما أشارك في هذا المسعى شفاهةً وكتابةً، بل إن كثيرا من أصدقائي يظنون أني مولع بنقد الحركة الإسلامية، وأني أقوم بتجرئة الآخرين على الانخراط في هذا الجهد، وفي مقالاتي العشر التي نشرتها في الرد على افتراءات ذلك الكاتب الذي يدافع عنه الأستاذ عثمان، ورد مني نقد كثير للحركة الإسلامية السودانية، فكيف أقوم بنقد الحركة الإسلامية السودانية، وأقوم بتجريم نقدها في آن؟! هذا ما لا يستقيم في الأذهان، وإن استقام في ذهن صاحبنا عثمان..!!
ذهنية التجزئة:
وبهذه الذهنية التجزيئية اتنزع الكاتب عثمان من مقالاتي العديدة في دفع افتراءات زميله وإبطال مزاعمه، هذه العبارة التي ظن أنه سيعيرني بها حيث قلت: «فقد انتقلت الحركة الإسلامية السودانية - بحمد الله- من طورها القديم لتصبح دولة حديثة، وجيشا مهيبا، وجهازا أمنيا متينا مكينا ركينا يحميها». وأنا بحمد الله تعالى مازلت ثابتا على هذه العبارة، وعنها لا أحول، وإذا كان صاحبنا هذا قد جاء بهذه العبارة ليوهم القارئ بأني من دعاة القهر والدكتاتورية والحلول الأمنية، فهذا خبث شديد انطوت عليه، وإلا فإني قد ذكرت أكثر من خمسين إنجازا للحركة الإسلامية السودانية توزعت على مجالات مختلفة، منها بطبيعة الحال المجال الأمني، الذي تحتاجه الحركة لكي تحافظ على انجازاتها الأخرى، ولكي تحمي تراب الوطن الغالي، الذي يتآمر عليه الخصوم من الداخل ومن الخارج، ويتآمر ويتجرأ عليه جيش الخلعاء الذي اجتاح العاصمة في الأسبوع الماضي.
هذا وإذا كان الأستاذ عثمان مازال مصرا على رفع تساؤله القائل: «جيش مهيب.. وأمن متين مكين ليحمي مَن مِن مَن؟..» ويريد أن يسمع مني إجابة عنه، فإنه قد رأى، بحمد الله تعالى، إجابة هذا السؤال المتخرص بأم عينه أمس. أما أنا فقد كنت أرى ذلك منذ أول أمس. ولذلك كتبت مرارا وتكرارا ورفعت عقيرتي أنذر وأحذر، وسأظل أنذر وأحذر مما سيجئ به دعاة النقمة والخراب في الغد، وهم لن يكفوا عن محاولاتهم المتصلة المحمومة المسمومة لتقويض أمن البلاد وتحطيم نظامها الإسلامي الإنقاذي.
تجربتي مع حزب البعث:
وأما الاستنتاج المغرض الذي جاء به الأستاذ عثمان، القائل بأني أدعو إلى دولة مماثلة لدولة حزب البعث في العراق: «في رأي وقيع الله أن مبلغ نجاح الحركة، أنها تحولت الى دولة حديثة بجيش مهيب.. وجهاز امن متين مكين ركين.. وهي بالضبط ذات الصفات التي انتقل بها حزب البعث في العراق من مجرد حزب الى «دولة حديثة بجيش مهيب وجهاز أمن متين ومكين ركين» بلغت من القوة أنها كانت على مرمى حجر من تصنيع القنبلة النووية..» فهو استنتاج غير موضوعي ينضح بالغرض وبالتخرص.
حيث أني لم أقل إن ذلك هو مبلغ نجاح الحركة الإسلامية السودانية، وإنما قلت إنه جزء من انجازاتها لا غير، ولذلك أقول للأستاذ عثمان إن عبارة: «مبلغ نجاح الحركة»... قد جاءت من «عندياتك» كمجرد تزيد أضفته إلي، وهو تزيد لا أقبله منك، وإني راده لا محالة عليك، فلو كنت أريد أن أقول هذه العبارة أو ما فيها معناها لقلتها بنفسي ولم انتظر أن تقولني إياها!
ثم إني أريد أن أسال الأستاذ عثمان لماذا ترى أن قولي عن الجيش المهيب والأجهزة الأمنية المتينة المكينة الركينة لا ينطبق إلا على دولة البعث العراقي وحدها، ولا ينطبق على غيرها من دول الدنيا؟! ألا ينطبق هذا القول على أكثر دول الدنيا، وينطبق أكثر ما ينطبق على دول مثل أميركا وبريطانيا وفرنسا والهند والأرجنتين وجنوب إفريقيا وغيرها من الدول الغربية التي تمتلك جيوشا مهيبة وأجهزة أمنية متينة ومكينة وركينة ؟! بلى! ولكن هذا ما لا يريد الأستاذ عثمان أن يراه، ولذلك فهو يلوي عبارتي ليا كما يشتهي ليضعني بهواه قريبا من نموذج البعث..!!
وبمناسبة حزب البعث العراقي الذي يتحدث عنه عثمان بهذه اللهجة اليوم، فأظن أنني سأكون مصيبا، لا متفاخرا، إن قلت إنني كنت من ضمن كتاب قلائل جدا في العالم العربي، تصدوا للكتابة النقدية الفاضحة لجرائم حزب البعث العراقي ودولته فيما بين عامي 1985م- 1988م، وهي الفترة التي كانت فيها أكثر دول العالم العربي تساند نظام البعث العراقي ضد إيران. وقد كتبت في تلك الفترة عديد المقالات في صحف كـ «الراية» و«ألوان» و«صوت الجاهير» ضد ذلك النظام البغيض، ثم أصدرت كتابا بعنوان «أكذوبة حزب البعث» في عام 1990م وهو الكتاب الذي صادره نظام الإنقاذ الذي كان يقف مع العراق بعد أن كان يقف مع إيران، وأنا لم أقف مع إيران لا أمس ولا اليوم، ولم أقف مع دولة البعث في العراق، بل ناصبتها العداء طوال الوقت، ولكني لم أتقول عليها كذبا، ولم أقل عنها ما يتقوله عليها الأستاذ عثمان اليوم، حيث قال إنها كانت على مرمى حجر من انجاز السلاح النووي، وهو الزعم النكر الذي جاء به الصهاينة، والمحافظون الجدد، واتخذوه ذريعة لغزو العراق، وتحطيمه، ونهب ثروته، وهو زعم اتضح زيفه وكذبه فيما بعد.
حقا إني كنت أعادي نظام البعث العراقي بكتاباتي، أشد العداء، ولكني لم أكن أحرض عليه، ولم أدع إلى إسقاطه وتحطيمه، لأني كنت أعرف أن ذلك يجر إلى فساد أعظم بكثير من فساد البعث، وهو فساد الفوضى والحرب الأهلية المريعة التي تلف عراق اليوم، لقد كنت في خصامي لحزب البعث العراقي شريفا أقول كلمة الحق وحسب، وكنت أقولها، بحمد الله تعالى، متحررا من كل هوى وقيد. وأما مصادرة حكومة الإنقاذ لكتابي عن«أكذوبة حزب البعث» فهي مسألة انتقد حكومة الإنقاذ عليها، ولا أحاربها من أجلها، فإني لا أعادي الدولة لشأن خاص، وهذا هو الفارق المائز بيني وبينك يا أستاذ عثمان.
«وفي الحلقة القادمة أعود بإذن الله تعالى لأتحدث بالتفصيل عن جهاز الأمن والمخابرات الوطني، حيث سأعرب عن رأيي الصريح المتكامل فيه».
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

العدد رقم: 898 2008-05-14

الحركة الإسلامية والإنقاذ.. التقمهما الحوت فهل من مسبح؟ (4)المام كل طرف بتفاصيل الاخر خفف من حدة المواجهة

بروفيسور مصطفى إدريس البشير



هنا لا بد من الإشارة الى أن شخصية الشيخ الذي ظل على رأس الحركة أربعين عاما ومن بعد ذلك أصبح يقود الدولة معها لعقد من الزمان، كان لشخصيته المتفردة كثير من الآثار السلبية التي أدت لتأجيج الصراع وانتهت بنا الى الانقسام. فالشيخ يفوق من حوله عشرات المرات في تفكيره ونظرته الثاقبة للأمور وسرعة البداهة والقدرة على الإقناع والجرأة في طرح الأفكار والمبادرات. وقد أثبتت التجارب عبر السنين الطويلة، التي قاد فيها الحركة كما اسلفت في الحلقات الماضية، أنه يتمتع بصفات كثيرة أهلته للقياده دون ظهور منافس كفء، وربما ترتب عن ذلك بمرور الزمن في العلاقة بينه وبين أتباعه كبارا وصغارا ما يشبه نظرة الشيخ التقليدي الى حيرانه الذين يتلقون منه التعليمات دون نقاش عميق، بحكم الثقة المطلقة والتجارب التأريخية الناجحة الثرة. ولكن بعد الدخول في مرحلة الدولة والسلطة والنفوذ لم يعد ذلك ممكننا، كما كان سابقا (الكتوف اتلاحقن)، ولم يدرك الشيخ تلك الحقيقة بكل أسف، فبدأ البعض في التفلُّت على الشيخ، بل التحريض ضده كما كنا نشهد في بعض المجالس داخل السودان وخارجه.
ومن صفات الشيخ القيادية ايضا، والتي كان لها انعكاساتها السلبية في مسيرة الحركة والدولة، شدته في طرح الرأي الذي يؤمن به للدرجة التي تبلغ القسوة مع الآخرين في بعض الأحيان، وهي صفة قديمة عنده. وأورد للقارئ حادثة شهدتها عام 1983 عندما كانت الحركة الإسلامية تشارك في السلطة مع النظام المايوي وبدأت تتمدد في الساحات كلها بما فيها وسائل الإعلام الرسمية للدولة مما أثار حفيظة المايويين التأريخيين فأوعزوا للرئيس نميري بأن الإخوان المسلمين كادوا يسيطرون على كل شئ، وساقوا له أمثلة بنشاطات كثيرة موثقة في وسائل الإعلام الرسمية للدولة، فقام النميري وبطريقته المعهودة في التعامل مع وزرائه باستدعاء أحد الوزراء من الإخوان في وزارة سيادية وقال له بالحرف الواحد في لهجة تحذيرية، كما حكى ذلك الوزير نفسه "نحن متابعين الحاجات البتعملوا فيها دي أحسن تعملوا حسابكم"، وأذكر من الأنشطة التي جرت وقتها في تلك الفترة المسيرة المليونية لدعم تطبيق الشريعة وانعقاد المؤتمر العام للجمعية الطبية الإسلامية الذي رافقه بعض الزخم الإعلامي وأشياء أخرى كثيرة، وقد التقينا مع ذلك الوزير في عشاء ضم مجموعة صغيرة منتقاة في حضور الشيخ في بيت المرحوم الدكتور التيجاني أبو جديري، الذي كان من المقربين جدا من الشيخ الترابي، ويبدو ان اللقاء كان مرتبا له مسبقا لطرح ما ذكره الرئيس نميري من تحذيرات للحركة الإسلامية للشيخ في حضور حِبّه التيجاني، وما أن بدأ الوزير في الشكوى من تزايد النشاط الإخواني وخطورة الموقف على الحركة وأنه لا بد من أن نحافظ على ثقة الرئيس.... عندها تدخل الشيخ وقاطعه بلهجة الغاضب جدا واستخدم عبارات قاسية جدا في حق الوزير الذي هو من أبناء جيله ومن السابقين الأولين في الحركة، واضطررنا نحن الصغار للانسحاب الفوري من الصالون.. ومن وقتها ارتسمت في ذهني جوانب أخرى من شخصية الشيخ القيادية وأستطيع على ضوئها أن أجد بعض المبررات للذين قاموا بإعداد وتقديم مذكرة العشرة وإصدار قرارات رمضان وصفر وما تبعها من أحداث.
وفي ذات السياق أذكر أنه في منتصف سبعينات القرن الماضي أيضا عندما كان أخونا المرحوم محمود برات، عليه رحمة الله، يكتب ويوزع للإخوان نشرات من حين لآخر يعارض فيها أفكار الشيخ ويتطرف جداً في نقده له... وقد قمنا نحن مجموعة من طلاب جامعة الخرطوم بزيارته في منزله العامر فأكرم ضيافتنا وحدثنا بثقافته الموسوعية عن كل شئ، وعندما طرحنا عليه: لم لا تجلس مع الشيخ وتحاوره مباشرة فيما يطرحه من آراء؟ قال بالحرف الواحد: "لا أستطيع اقناع الترابي". ومما ترتب على بقاء الشيخ لفترة طويلة في القيادة والنجاحات التي حققها أنه أصبح يثق في نفسه ثقة مفرطة دون الاعتبار الكبير لما يجري من حوله من متغيرات وصراعات وتحول في الولاء قبل وقوع الانشقاق، فقد كان يصر على مواقفه ويرفض تقديم أي تنازلات أو حتى إرجاء بعض المسائل المطروحة لفترة لاحقة رغم الوساطات النشطة ومن أقرب المقربين اليه، والتي كانت تتحرك على مدار الساعة بين القصر وبيت الضيافة والمنشية والمجلس الوطني واستطاعت أن تجمع بينه وبين الرئيس في أحلك ساعات الأزمة ويبدي الرئيس بعض التنازلات ويقوم بتقبيل رأسه في آخر جلسة جمعت بينهما، ولكن كان الشيخ يصر على شروطه كاملة للحل مما جعل الأمور تتفاقم بعد ذلك وتصل إلى الانقلاب الذي لم يحسب له الشيخ حساباً بسبب هذه الثقة المفرطة التي كان يتعامل بها مع الأحداث المتلاحقة.
ولعل هذه الثقة المفرطة هي التي جعلته يستهين بالانقلاب الذي تم في رمضان وفي صفر، وقد لمست ذلك فيه عندما طلب مني مقابلته بعد الانشقاق وقد كنت وقتها أمينا للدائرة الصحية التي اجتمع مجلس شوراها بعد الانشقاق مباشرة وصوّت ستة عشر، من جملة سبعة وعشرين عضوا حضروا الاجتماع، لصالح الانضمام للمؤتمر الشعبي وسبعة للانضمام للمؤتمر الوطني وثلاثة وقفوا في الحياد كنت واحدا منهم. دار بيني وبينه حوار طويل في جلسة ثنائية حول الأزمة التي حدثت وحددت له موقفي منها، وقد لمست منه تلك الثقة المفرطة بأن هذه الأوضاع ستتغير ولا بد أن يعود الحق إلى نصابه، رغم أني قد حاولت لفت نظره بلطف بأن هناك شخصيات مفتاحية لحسم هذا الصراع اذا لم يضمن وقوفهم معه فقد تكون المهمة صعبة في اعادة الأمور إلى نصابها، ومن الشخصيات التي ذكرتها له بالتحديد: عوض الجاز ومجذوب الخليفة ونافع علي نافع.
أيضا من الصفات الشخصية للشيخ والتي أدت لتفاقم الأزمة في مثل تلك الظروف التي ساد فيها القيل والقال هي السخرية والمحاكاة والمزاح الخشن الذي يمارسه الشيخ مع جلسائه وفي كثير من الأحيان على المنابر العامة، وقد وجد المشائون بالنميم مرتعا خصبا، فقد كانوا يتنقلون بين مجالس الشيخ ومجالس الفريق الآخر وينقلون كل ما يقال بعد الدبلجة والإخراج الفني المثير... فزادوا في إيغار الصدور.
وبالرغم من اني شخصيا كنت أرى وقتها بأن الحق، في مجمل ذلك الصراع الذي كان يدور، مع الشيخ، ولكنه اراد أن ينتصر له بطريقة غير مألوفة في الطبع السوداني وفي دول العالم الثالث على وجه العموم. كما أضرت به الثقة المفرطة في نفسه وعدم التريث في طرحه لتلك الأفكار ليخلق لها تيارا عريضا مناصرا وسط القواعد ويضمن وقوف بعض الشخصيات المفتاحية في الحركة الإسلامية والدولة بجانبه لتسانده في هذا التوجه الذي كان يريده. وأغلب الظن عندي أن كثيرين منهم اجتهدوا عندما بلغت الأزمة ذروتها وقرروا مساندة الدولة للحفاظ على المكتسبات التي تحققت عبرها، رغم قناعتهم بصحة ما كان يطرحه الشيخ.
في أوج ذلك الصراع وقبيل الانشقاق الذي حدث وحين كانت الأزمة وقتها بين المجلس الوطني والمؤتمر الوطني من جهة (الشيخ)، والقصر وأنصاره من جهة أخرى، دخلت على أحد اخواني العسكريين النافذين في السلطة فوجدته مهموما مغموما محبطا وليس من عادته ذلك في أحلك الظروف التي مرت بها الإنقاذ، فسألته لماذا هو في هذه الحالة؟ فلم يزد أن قال لي إخوانك الكبار ديل دايرين يبوظوا علينا مشروعنا اللي قدمنا فيه آلاف الشهداء بي الجدل الفارغ.. ثم دار وقتها بيننا حوار طويل حول تفاصيل ما يجري، وقلت له في نهايته أنا عندي حل لهذه الأزمة فقال لي ما هو فقلت له الآتي:
"توجه للأخ الرئيس من مكانك هذا وأقنعه بأن يدعو أسماء بعينها من القيادات النافذة في الدولة والحزب إلى بيته في القيادة العامة لاجتماع مهم جداً، وتقوم أنت بتجهيز طائرة هيلوكبتر تحملهم فيها من المطار الحربي إلى سجن دبك القريب من الخرطوم وتقطع عنهم كل الاتصالات لمدة 72 ساعة ويطلب منهم أن يخرجوا بورقة مكتوبة لحل الأزمة يوقعوا عليها جميعا (سميت له ثلاثة عشر من القيادات ومعهم خمسة من المشايخ لإمامة الصلاة والوعظ عقب الصلوات الخمس دون المشاركة في الحوار)، في حضور المشايخ الخمسة وإذا لم يصلوا إلى حل خلال الزمن المحدد يبلغوا بأنهم لن يغادروا المكان أحياء ويمهلوا 24 ساعة أخرى فإذا لم يتوصلوا الى حل تحملهم الطائرة وتهوي بهم في النيل قبالة الخرطوم وتنتشل الجنائز ونصلي عليها في المؤتمر الوطني وندفنهم بجوار بعضهم في مقابر الصحافة وندفن معهم أزمة الحركة الإسلامية والإنقاذ ونبدأ عهداً جديداً.. فضحك صاحبي وقتها وظن أني أمزح، ولكنه على أقل تقديرخرج من الحالة التي كان فيها".
وإن كنت ما أزال مقتنعا بأن أزمة الحركة الإسلامية سببها هؤلاء الأفراد الذين لا يتعدون أصابع اليدين، وأنهم إذا تنحوا أو غيبوا بطريقة أو أخرى يمكن أن تستعيد الحركة والدولة عافيتها وتبدأ دورة جديدة تكون خيراً وبركة على الأمة السودانية والأمة الإسلامية جمعاء. فما أدري ان كان بالإمكان تطبيق السيناريو أعلاه في الوقت الحالي بعد أن رحل صاحبي وبعض من سميتهم له إلى الدار الآخرة، وأسأل الله أن يجمعنا بهم في مستقر رحمته اخوانا على سرر متقابلين، بجوار علي وعمار وطلحة والزبير وعائشة.



الانشقاق المشؤوم



مهدت كل تلك الأحداث لقرارات رمضان ومن بعدها قرارات صفر وحدث الانشقاق وتمايزت الصفوف ودخلنا مرحلة جديدة من أسوأ وأسود صفحات تاريخ الحركة الإسلامية في السودان، تعثرت فيها مسيرة الدولة وماتت فيها الحركة الإسلامية موتا سريريا. ولم تفلح حتى الآن كل المحاولات التي جرت لرأب الصدع من لدن لجنة عبد الرحيم علي إلى لجنة آدم الطاهر حمدون - التي تتحرك هذه الأيام بصورة نشطة وتواجه صعوبات معلنة وغير معلنة من ذات الأفيال. فقد درج الذين لا يريدون للجماعة أن تلتئم من جديد على اختراق تلك اللجان وتفتيتها من الداخل، وقد شهدت ذلك في لجنة أستاذنا صلاح أبو النجا، امد الله في أيامه، والتي أفلحت في بداية مسعاها وجمعت أكثر من مائة وخمسين من قيادات الطرفين في اتحاد المصارف وتم التوقيع على ميثاق شرف واستبشرنا خيرا، ولكن سرعان ما تم اختراق اللجنة وتم تعطيلها من داخلها والحديث يطول ويطول هنا عما آل اليه حال تلك اللجنة ومثيلاتها من قبل.
ومما نحمد الله عليه، رغم المصيبة الفادحة في الفرقة وتشتت الصف، اننا لم نشهد مواجهة مسلحة بين الطرفين، ويرجع السبب في ذلك -بعد لطف الله سبحانه وتعالى- إلى الاختراق الأمني المتبادل العميق حتى النخاع بين الطرفين الذي خفف من حدة المواجهة وأبعد احتمالات الاقتتال، اذ كان وما زال كل طرف يلم بتفاصيل ما يدور في كواليس الطرف الآخر فيتم عمل التحوطات اللازمة قبل التهور في اجراءات عملية ضد الآخر. ومما خفف من مضاعفات الأزمة أيضا المهنية العالية التي تعامل بها جهاز الأمن والحكمة التي أدار بها الأزمة وابتعد بها عن اراقة الدماء، رغم ما يكال له من اتهامات، فقد حشدت الحركة الإسلامية لجهاز الأمن مع قيام الإنقاذ نخبة ممتازة من أبنائها من كل التخصصات بما فيهم الأطباء والمهندسون وحملة الشهادات في علوم الشرع والقانون، وكان على رأسه استاذ جامعي تم تعيينه في رتبة لواء ليقود الجهاز، كل ذلك ساعد في احتواء الأزمة على الأقل في المركز في أضيق نطاق، وإن لم يمنع من افرازاتها في الأطراف كما هو الحال في أزمة دارفور والشرق.
وقد راوحت الأزمة مكانها لسنوات دون حل يجمع الطرفين، كما كنا نتوقع في بادئ الأمر، لأن كثيرا من الذين في السلطة أصبحت تجمعهم عصبية المصير المشترك والمصالح المكتسبة والضغوط الخارجية القريبة والبعيدة والخوف من عودة الشيخ إلى الصدارة مرة أخرى، كما عبر أحد كبارهم بعد مقابلة لجنة المهندس حمدون الأخيرة، حيث نقل عنه أنه قال بصريح العبارة لجمع تنظيمي مخصوص إنهم في قيادة الدولة ضد أي حل يعود بالترابي مرة أخرى إلى الواجهة وبأي صفة كانت، ويبدو أنه يرد على ما قاله الترابي في حوارات سابقة مع الدكتور غازي اطلعت على تفاصيلها مكتوبة، حيث ورد في شروط الترابي لجمع الصف أن يبقى بعض القياديين ممن خاضوا في الفتنة في مؤخرة الصف حتى الممات، ويا له من حكم قاسٍ.
وأما الذين تمترسوا حول الشيخ فمنهم أصحاب البيعة الخالصة لبرنامج الحركة الإسلامية، ومنهم أصحاب الولاء والصحبة التأريخية، ومنهم أهل العصبية الطائفية التي أصبحت كمثيلاتها الأخرى في الساحة السودانية، ومنهم من التف حول الشيخ بحسبان أنه سيحسم القضية مع خصومه في وقت وجيز ومن ثم يعودوا إلى المناصب التنفيذية التي أعفوا منها قبل الأزمة، ولكن طال الانتظار وصعب الفطام من ثدي السلطة فتبدلت مواقف بعضهم وانزوى آخرون.
وعند التأمل في كسب كلا الطرفين خلال الفترة الماضية ندرك فداحة الأزمة والخسارة التي ألمت بالحركة والدولة والنفق الذي أدخلنا فيه البلاد برمتها. فإذا بدأنا بما أصاب الدولة فأول مصيبتها بعد الانشقاق كانت في موت الحزب الحاكم الذي حل محله (جهاز الأمن الوطني) الذي يسير دولاب الدولة ويتبنى أطروحاتها السياسية. وقد سمعت أحد المسؤولين الكبار يقول ان من أكبر العقبات التي تهدد الإنقاذ هو موت حزبها الذي يفتقر لأي مبادرة ناجحة عبر السنوات الماضية سوى نيفاشا، وما أدراك ما نيفاشا.
حسنا فعلنا بالتوجه إلى السلام وعقد الصفقات مع بعض المحاربين في الجنوب والشرق والغرب، ولكن لن تحل المشكلة باقتسام المناصب والثروة وبناء العمارات الشاهقة للقيادات في قلب الخرطوم وتمليك السيارات الفارهة، فهذه الترتيبات قد تكون ضرورات عاجلة لإسكات المدافع إلى حين ولا أظنها أفلحت في ذلك، فكان لا بد أن يصحبها عمل قاعدي واسع ومدروس لاستيعاب هؤلاء المحاربين فكريا لصالح المشروع الوطني الكبير الذي يمثل فيه الإسلاميون وطرحهم الفكري رأس الرمح، وهذا هو دور الحزب الحاكم المرتجى منه، ولا أظن أنه مؤهل للقيام به، فحاله في التعامل مع المعطيات التي تفرضها اتفاقيات السلام الموقعة كحال الاتحاد الاشتراكي في مايو عندما تصالحنا مع نميري واستطعنا أن نبدل كل شئ في البلاد في أقل من عشر سنين بما فيها مواثيق الحزب الحاكم وشعاراته وتوجهات الدولة، وأخشى أن يحل بنا ما هو أسوأ من مصير الاتحاد الاشتراكي ودولته فتسقط دولتنا وتقع في أيدي من لا علاقة لهم بالوطن أو الوطنية وتصبح حالنا أسوأ من حال العراق والصومال وأفغانستان، فأين مبادرات الحزب الحاكم لاستيعاب الظروف الجديدة التي فرضتها اتفاقية نيفاشا وأزمة دار فور؟ وأين دوره في وقف التداعيات السلبية لسيل القوات الأجنبية التي تتدفق على البلاد؟ وما هي خططه لاستقبال الانتخابات القادمة؟ وما هو دوره في التراجع المستمر عن شعارات طرحناها في بداية الثورة وجمعنا تحتها شريحة كبيرة من السودانيين الغيورين على وطنهم ودينهم؟
فهذه أسئلة صعبة لا يمكن الإجابة عنها بالتخبط والقرارات غير المدروسة التي تتخذ أحيانا في الهواء الطلق وما نلبث أن نبلعها أو نجد لها مخارجات مضحكة، ولا يمكن أن يكون الحل بعنتريات بعض اخواننا الأعزاء وتحديهم للآخرين بطريقة (أطلع معانا الخلا... نتباطن) كما كنا نفعل في زمان الصبا الماضي... ولا أرى الحل في الحشود الجماهيرية التي تبذل فيها المليارات وتنفض بعد مغادرة الزعيم المحتفى به، ولا البيعات مدفوعة الثمن للوجهاء الذين هم مع من يدفع أكثر في ساعة الصفر، كما دلت تجارب سابقة.



السودانى
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

[b]العدد رقم: 899 2008-05-15

الحركة الاسلامية والانقاذ.. التقمهما الحوت فهل من مسبِّح؟ (5) لن يجدي الحوار في ظل انقسام الاسلاميين

بروفيسور مصطفى إدريس البشير



ولابد من التنبيه لظاهرة خطيرة لمستها كمواطن عادي أتيحت لي الفرصة عبر السنوات الطويلة أن أشهد زيارات المسئولين الى قريتنا في عهد الانقاذ وفي عهود سابقة من مختلف المستويات، وأذكر عندما كنا صغارا في ستينيات القرن الماضي كان المرحوم حسين محمد أحمد شرفي محافظا للمديرية الشمالية من حلفا الى شلال السبلوقة (ولايتي الشمالية ونهر النيل حاليا) وقد زارنا في القرية أكثر من مرة وفي كل مرة كان ينزل تحت ظل شجرة اللبخ الظليلة ويجلس بجانبه شيخ القرية ويستمع الى شكاوى المواطنين مباشرة لعدة ساعات ومعه كاتب يدون له وعندما ينتهي اللقاء ينصرف بدون ضوضاء ولا صخب في موكب مكون من سيارتين فقط. جالت تلك الصورة في خاطري قبل ثلاثة أعوام عندما شاركت في استقبال وضيافة لممثل والي نهر النيل الذي جاء لافتتاح بعض المنشآت التي اقيمت في قريتنا بجهود أبنائها، فقد استمر الاعداد لتلك الزيارة عدة أيام حيث شيد السرادق ونصبت الخيام ونحرت الذبائح وعلت مكبرات الصوت وجاء الموكب المهيب بعشرات السيارات الفاخرة من أحدث ما أنتجته مصانع اليابان وتبادلنا الخطب وسمعنا الوعود والالتزامات الرسمية بالدعم وافتتحنا المنشآت وطعمنا وتفرقنا، وللحقيقة والتأريخ أقول لم يتحقق من تلك الوعود التي أعلنها المسئول الكبير من فوق المنصة او أي بند منها حتى هذه اللحظة التي اكتب فيها هذه السطور رغم الملاحقات المتكررة التي وصلنا فيها السيد الوالي السابق نفسه....



فنحن أيها الاخوة الأعزاء نحتاج الى وقفة مع أنفسنا لنحاسبها ونجرد حساباتنا بصورة صحيحة ونستغفر عما جنيناه في حق الحركة والدولة وبامكاننا أن نعيد بناء حزبنا ونجمع شتاته بعد ان تصفو النفوس ويعود الافيال الى رشدهم أو يفسحوا المجال لغيرهم فما زالت الحركة الاسلامية في السودان بخير وحواؤها ولود وسوف يظل طرحها الوسطي هو الاكثر مقبولية وسط القطاعات الحديثة في المجتمع السوداني خاصة في ظل نمو الوعي وتوسع التعليم ووسائل الاتصال وحالة التوثب التي تعيشها الأمة الاسلامية جمعاء لصد الهجمة الصليبية الشرسة التي يقودها المسيحيون المتصهينون بقيادة بوش وحلفائه.



أين كسبنا في الاعلام الفاعل الحر الذي تدعمه الدولة ليسلط الأضواء الكاشفة على انجازاتها واخفاقاتها على السواء، فأجهزة الدولة الاعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة كلها مغلولة ومشلولة وليس لها الا التسبيح والتحميد بمنجزات أولي الامر الذين لا يعرفون الاخفاق كلية، فكم عدد الصحف الحكومية التي بدأت بها الانقاذ وكم عددها الآن ومن هم قراؤها خارج دواوين الدولة التي تشتريها لموظفيها الكبار وماذا فعلنا بألوان والسوداني وأصحابهما الذين ظلوا يجاهدون بالكلمة ويروجون لشعارات الانقاذ وهي في رحم الغيب، ثم ما حظ فضائياتنا في زمان الجزيرة والعربية CNN,BBC وماذا تبقى لنا لنسوقه من بضاعة المشروع الحضاري التي روجنا لها عند انطلاقة الانقاذ ووقفت معنا الأمة العربية والاسلامية جمعاء بكل ما تملك فخذلناها في نهاية المطاف. فيا أخوة الحق نحن في عهد الأجواء المفتوحة والأحداث المنقولة عبر وسائط لا نملك السيطرة عليها فاما أن نواكب ونقول الحقيقة كاملة ونتعامل بواقعية وشفافية مع الحقائق وفق القانون ونحاسب المخطئ ونكافئ المصيب واما أن تتجاوزنا الأحداث وتمضي فينا سنن الله في خلقه (وكم من قرية ظالمة....).
صحيح ان ما يمارس من رقابة على الصحف والوسائط الاعلامية في السودان أخف مما يحدث في كثير من البلدان العربية والافريقية من حولنا ولكن لم نجئ نحن للسلطة لنقارن كسبنا بما هو موجود ولكن بماهو مطلوب فلا ينبغي لنا أن نطبل لقادتنا في السلطة أونتركهم في مقاعدها حتى يصيبهم التكلس او نمهد لهم السبل لتوارثها بل يجب أن نرفع شعارات الحرية والمساواة والعدالة وسيادة القانون وأن تظل تلك المسؤولية في رقابنا أمام الله وأمام الأمة، ولا خير فينا إن لم نقل الحقيقة للحكام ولا خير فيهم ان لم يسمعوها ويعملوا بها، فهل كان هنالك أثر ايجابي لحملات اعلامية تمت في فترات سابقة حول قضايا كبرى تورطنا فيها او اصلاح لخلل يتم بعد تسليط الأضواء الاعلامية عليه بالسرعة المطلوبة أم انه العناد والمكابرة وعبادة العجول التي لا أجساد لها ولا خوار لسنوات وسنوات رغم غضب موسى... ولا اريد أن انكأ الجراح وأسوق الأمثلة لعناد السلطة وعدم قدرتها على اتخاذ القرارات الحاسمة في الوقت المناسب رغم الشواهد المتواترة على صحة ما يقال وما ينشر.....



اين كسب الدولة والحركة في نشر الدعوة وقد كان ذلك هو الشعار الثالث للانقاذ بعد التأمين والتمكين، أين كوادرنا القيادية الجديدة والمتجددة وسط القطاعات الحديثة من طلاب ومهنيين واين حملة راياتنا وشعاراتنا التأصيلية في دور العلم والمدن والأرياف التي تنتشر فيها الآن دور المؤتمر الوطني والشعبي وكلها خواء بسبب التناحر والمكايدات المتبادلة ويدير دفتها في كثير من المواقع الرويبضة وأحفاد ابن سبأ وسلاطين باشا، اقول ذلك وتدور في ذهني ذكريات وذكريات عن قيادات كان النور يشع من وجوهها وينساب الحق من السنتها وتنهمر الدموع من رؤيتهم على المنابر قبل ان يبدأوا المواعظ وأفلحوا في تجنيد الآلاف لبرنامج الحركة، وأما الآن وبكل اسف عندما نرى بعضهم من فوق المنابر تدور في أذهاننا تساؤلات هل هذا شيخ فلان الذي نعرفه قبل ثلاثين عاما وهل يستوعب الرجل هذا الواقع المرير الذي نعيشه الآن أم أنه يرضى بالتعايش معه هكذا (ليس بالامكان أحسن مما كان). لقد انحسر المد الفكري للحركة الاسلامية وسط طلاب الجامعات وقد ظلوا هم دائما عبر السنين الروافد التي تغذي الحركة بقيادات جديدة، وقد تابعت عن قرب مسيرة الحركة الاسلامية وسط الطلاب في جامعة الخرطوم خلال أكثر من ثلاثين عاما ومن مواقع متعددة واستطيع أن اجزم بأنها اليوم في أضعف حالاتها رغم الميزانيات المليارية والصرف المغدق عليهم لم يفلحوا في قيادة الصف الاسلامي العريض أو الفوز بانتخابات الاتحاد لعدة دورات



أما الخدمة المدنية فقد انهارت تماما وضاعت عنها التقاليد الراسخة التي اشتهرت بها حتي مطلع ستينيات القرن الماضي ووصل الانحدار المتواصل في الخدمة المدنية الذي بدأ بعد ثورة أكتوبر 1964 وصل الى القاع في عهد الانقاذ وتعداه الى ما دون القاع بعد الانشقاق فقد سألت الأخ المرحوم الدكتور مجذوب الخليفة بعد عامين من قيام الانقاذ وهو يمسك وقتها بملفات كثيرة أهمها الخدمة المدنية سألته ما هي أكبر الأخطار التي تهدد الانقاذ فكانت اجابته الفورية: هو الدمار الذي لحق بالخدمة المدنية في السودان. ورغم ادراكنا لتلك الحقيقة لم نول الخدمة المدنية كبير اهتمام، فمع قيام الانقاذ قمنا بحملات تطهير واسعة فيما عرف بالاعفاء من أجل الصالح العام ولكن البدائل التي جئنا بها في معظم المواقع لم تكن موفقة وليس لها سابق دراية وكل رصيدها هو الحماس للشعارات المرفوعة، ومع الانهيار المستمر في سعر العملة أصبحت الزيادات في الرواتب لا تكافئ الارتفاع في أسعار السلع الضرورية فظهر الفساد المقنن عبر الحوافز التي أصبحت حقا مكتسبا ودخلت أعراف وبنود جديدة للصرف منها المظاريف للاجتماعات اليومية داخل المؤسسات رغم أنها تنعقد أثناء ساعات العمل الرسمي والضيافات المفتوحة ومن أشهى المأكولات والمشروبات في السوق وأصبحت مكاتب الدولة هي المشتري الرئيسي من المحلات الفاخرة التي انتشرت انتشارا واسعا، فكل الهم والاهتمام اليومي لكثير من العاملين في مؤسسات الدولة هو بكم يرجع من الحوافز وينال من الضيافات والمكرمات من موقع عمله وليس كم سينجز اليوم في عمله، هذا سوى الفساد المعلوم من رشوة أصبحت تسمى تسهيلات، وصرف بذخي يبدد أموال الدولة في المصاريف الادارية لكبار الموظفين من عربات وبدلات واسفار لا تعرف جدواها هذا بجانب المحسوبية التي بلغت ذروتها في ظل الاستقطاب الجهوي والحزبي الحاد الذي يسود الساحة حاليا، ولدينا الآن أباطرة في كثير من المواقع لا يسألون عما يفعلون لانهم من أهل الحظوة لدى السلطان وتلتف حولهم الذئاب وبني آوي لتأكل من فتات موائدهم وتسبح بحمدهم.
حضرت مأتما عامرا لأحد الوجهاء في الولايات القريبة من الخرطوم وسمعت مصادفة أحد الظرفاء البسطاء المولعين بالنظر والمتابعة للأسماء اللامعة في المجتمع خاصة السياسيين وأهل المناصب الذين حضروا لذلك المأتم بسيارات اللاندكروزر الحكومية المظللة سمعته يقول بأنه عد منها ما يقارب الاربعمائة سيارة خلال ثلاثة أيام فقلت في نفسي كم تتكلف دولتنا الفقيرة يوميا في أداء واجب العزاء والمجاملات في الأفراح والأتراح فقط يوميا في مجال الوقود ناهيك عن تعطيل العمل....ناقشت أحد الأساتذة في كلية الاقتصاد في هذا الأمر وطلبت منه أن يعطيني رقماً تقريبياً لما تتحمله الدولة يوميا من وقود في مثل هذه المجاملات، فقام بعد استعراض وتقدير لعدد المناصب القيادية في مؤسسات الدولة وعدد السيارات الحكومية ذات اللوحات البيضاء ومتوسط المناسبات التي يحتاج المواطن السوداني للمجاملة فيها يوميا قام باعطائي قيمة التكلفة اليومية للمجاملات في جانب الوقود فقط بمبلغ ثلاثة مليارات بالجنيه القديم في حدها الأدنى.
فنأمل أن تلتفت الدولة الى الخدمة المدنية وتعيد النظر فيها خاصة الأجور التي يتقاضاها العاملون حتى تستطيع السيطرة على التحايل الاداري لصرف المال والظواهر الشاذة التي كان من أحد أسبابها الحاجة، واذا راجعنا ما يتم صرفه بالابواب غير المشروعة نجده يزيد عما يمكن أن تضيفه الدولة للمرتبات.
واما النجاحات التي تحققت في بعض المواقع ولا تخطئها الا عين الحاسد فقد قام بها بعض الموهوبين الأفذاذ وقليل ماهم، فبترول السودان كان سيظل من أحلام زلوط كما كان يردد السيد الصادق المهدي أيام المعارضة من الخارج لولا الهمة العالية والقدرات الادارية الفائقة التي يتمتع بها عوض الجاز، وثورة الاتصالات جاءت بفضل الذكاء والرؤية الثاقبة والدقة في المتابعة التي يتمتع بها الدكتور عبد العزيز عثمان والثورة العمرانية التي تشهدها الخرطوم الآن كان وراءها من قبل همة الدكتور شرف الدين بانقا ومن بعد العقلية الاقتصادية والعلاقات الواسعة والطموح اللامحدود للدكتورعبد الحليم المتعافي، وتظل هذه كلها مبادرات فردية نأمل أن يتم تأطيرها بما يضمن الاستمرار للنجاحات التي تحققت على أيدي هؤلاء الموهوبين وغيرهم في مواقع أخرى.
أما منظماتنا الطوعية التي كانت أذرعا قوية تساند الحركة في مسيرتها الطويلة والدولة بعد قيامها فقد أصابها القسط الأكبر من الدمار وكانت ساحة للمعارك الساخنة وتصفية الخصومات وتم اغتصابها وبعضها أصابها الشلل التام بعد أن آل أمرها للرويبضة والمتسلقين.
أما التأصيل الذي رفعناه شعارا مع بداية الانقاذ فيحتاج منا لوقفة تأمل في كل المواقع والساحات
أما كسب المؤتمر الشعبي فستجدونه في الرسالة التي أوجهها الى الشيخ في نهاية هذه المقالة.



كتاب الانقاذ بايجابياته وسلبياته وفي تقديري أن ايجابيات الانقاذ يمكن أن تصل نسبتها الي 55-65% اذا قورنت بسلبياتها التي قد تصل من 35-45 %...
ولا أجد من فعل يكفر عنا ما جنيناه في حق الأمة الا جمع الصف من جديد واعادة ترتيبه لخدمة الأمة ومشروعها الحضاري برؤية جديدة وكوادر جديدة. تجربة جنوب أفريقيا في التصالح....توتو



رسائل الي هؤلاء



أخي الرئيس أنت تعلم وأنا أعلم والغالبية العظمى من أبناء الحركة الاسلامية يعلمون بأن اختيارك لقيادة مجلس الثورة لم يكن مجرد صدفة ولم تكن الخيار الوحيد المطروح وقتها ولكنك كنت أفضل الخيارات المطروحة من بين الضباط الذين جندتهم الحركة الاسلامية ووفرت لهم الرعاية الخاصة عبر قنوات خاصة، فالكل يعلم أنك ود البلد الذي يشاطر السواد الأعظم من أهل السودان في سحناتهم وصفاتهم وعاداتهم وأما الذين ناصبوك العداء في فترة لاحقة من اخوانك واتهموك بالطغيان وحب السلطة فقد كانوا يصفونك بالذهب الخالص الذي نزل من السماء عند قيام الثورة وفي سنواتها الأولى ويقولون بانك لا تخرج من رأي الجماعة قيد أنملة، ونحن نعلم بأنك ظلمت عندما توارى بعض الأفيال من خلفك واستثاروا فيك حمية أهلنا الطيبين في دار جعل ودفعوك لتخوض بعض معاركهم الشخصية مع شيخهم الذي كانوا يطأطئون له الرؤوس ويضربهم عليها بالشاكوش من موقعك الحساس ونشهد بأنك لم تكن حريصا على السلطة وقد حاولت عدة مرات خلال مسيرة الانقاذ أن ترد أمانة التكليف الى أصحابها ولكنهم كانوا يصرون عليك بمواصلة المشوار الذي أبليت فيه بلاء حسنا نسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك.
أخي الرئيس ان السودان اليوم يتجه بخطى حثيثة الى دولة ذات سيادة منزوعة واذا لم تتدارك الأمر بالسرعة المطلوبة ربما يتحول الي دويلات متنازعة بل والى كنتونات يقاتل بعضها بعضا بلا أهداف واضحة وأتمنى صادقا الا يحدث ذلك في عهدك وألا يحدث ذلك أبدا رغم أن كل الشواهد والواقع الحالي يؤكد هذا المسار. وفي أحسن الأحوال اذا سارت الأمور على ما نحن فيه الآن فاننا مواجهون بانتخابات عامة العام القادم ونعلم أنها ستكون منازلة صعبة تتداعى لها كل قوى الشر في العالم لابعاد الاسلاميين بكل مسمياتهم من مواقع صنع القرار عبر صندوق الاقتراع وقد كان التمهيد لذلك يجري قبل التوقيع على اتفاقيات نيفاشا كما كان يصرح بذلك مستشارك الآن ومستشار قرنق قبل رحيله المشهود، ولتعلم أخي الرئيس أن الحوارات التي تديرونها الآن مع الأحزاب الأخرى لن يكون من ورائها فائدة في ظل انقسام الاسلاميين وتشتتهم وأقسم بالله لن يصمد تحالف واحد مع أي من هذه الأحزاب بما فيها الأمة والاتحادي والحركة فعندما تحين ساعة الصفر فسيأتي العم سام ويجمعهم جميعا في قوس واحدة ويرمينا بها، فافتح صدرك اخي الرئيس وتجرد من ذاتك كما فعلت مرارا وتكرارا وخذ بذمام المبادرة لجمع الصف الاسلامي القريب أولاً ليعود التيار الاسلامي قوة متماسكة تفرض نفسها في الساحة بالحق والعدل والشورى وتحقيق مصالح العباد ثم من بعد ذلك يكون المجال مفتوحا لنقوم بجمع أهل القبلة والملة الابراهيمية جميعا وفق أسس واضحة تضع المصالح العليا للبلاد فوق المطامع الحزبية الضيقة ونستعصي على الضغوطات والاملاءات الخارجية من القريب والبعيد.
وأول ما نريده منك لجمع الصف الاسلامي أخي الرئيس مبادرات جريئة تتجرد فيها من ذاتك وعلاقاتك التي نشأت عبر السنين مع من حولك وتجلس في ساعة صفاء وقت السحر وتقوم بجرد الحساب بعيدا عن الأوراق والتقارير المنمقة التي تصل الى مكتبك يوميا وتقوم الواقع الذي نحن فيه ومن ثم ترسم صورة واقعية لمسار جديد تزيل فيه بعض المظالم التي ارتكبت في أيام المواجهات العنيفة بين الاسلاميين وقد لا يحتاج الأمر في كثير منها غير تطييب الخواطر والتصافي الشخصي، فمن عفا وأصلح فأجره على الله...وخيرهما الذي يبدأ بالسلام... ونريد منك أخي الرئيس أن تخرجنا من هذه الرتابة القاتلة وتفسح المجال واسعا لدماء جديدة وخبرات جديدة فلا يمكن أخي الرئيس أن يرهن مصير هذه الأمة في أيدي أناس معدودين معلومين أبد الدهر رغم أنهم قد أستنفدوا كل ما عندهم من فكر وجهد واجهدوا حتى اعتلت صحة كثير منهم ولكنهم مازالوا يتبادلون المواقع والادوار في انتظار الطامة الكبرى التي لا تبقي ولا تذر، ثم عليك اخي الرئيس أن تشعرنا بأنك تسير في خطوات جادة لتمهد الطريق لمن يخلفك في موقعك بطريقة متحضرة كما تفعل الشعوب التي تقود عالم اليوم، فان فعلت هذه الثلاث أخي الرئيس(التصافي ورفع المظالم-التغيير للأفضل- الاعداد للمستقبل) فسوف تلتف قواعد الحركة كلها والتيار الاسلامي العريض من حولك ويتحملون المسئولية كاملة معك في تجرد وصدق وستسطر اسمك بحروف من نور في تأريخ السودان وتجد المثوبة عند الله وتدخل في سجل الخالدين، فقد اصبح الرئيس سوار الدهب بالموقف الذي وقفه مع الشعب والعهد الذي قطعه على نفسه وأوفى به اصبح رمزا للامة وكسب أحترام كافة الشعوب وليس الشعب السوداني فحسب.


السودانى
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

العدد رقم: 899 2008-05-15

بين قوسين
اعتقال الترابى: هل هو الطبعة الثانية من الهجوم التشادى (2-2)

عبد الرحمن الزومة
كُتب في: 2008-05-15




فى محاولتى للاجابة على سؤال مهم يتعلق (بالجهة) أو الجهات المحلية التى يمكن أن تكون (متواطئة ) مع هجوم (المرتزقة التشاديين) خلصت فى الحلقة الماضية الى (ترصد) بعض الشواهد والأحداث التى ربما تساعد على تفسير ما حدث وتشرح فى نفس الوقت التحركات والتصرفات التى قامت بها قيادات حزب المؤتمر الشبعى وعلى رأسهم زعيمه السيد حسن الترابى.
من النقاط المهمة و(اللافتة) لانتباه أى مواطن عادى دعك من كونه محققاً عدلياً يحقق فى واحدة من أخطر (الاختراقات) الأمنية والسياسية التى شهدها السودان فى عهد الانقاذ الوطنى وهو أمر لم يحدث حتى ابان سنوات الحرب, من تلك النقاط التى لفتت انتباهى أن (كل) قيادات الحزب (تصادف) أن كانوا (خارج العاصمة) فى الفترة التى سبقت الهجوم وأثناءه!.الترابى كما قلت قضى أربعة أيام فى (سنار) بحجة الاشراف على مؤتمرات حزبه وهو وقت لم يقضه فى الجنوب اذ مكث هنالك يومين اثنين فقط.
أما نائبه ابراهيم السنوسى فأمره أعجب. سافر الرجل الى الأبيض بينما كانت زوجته على فراش المرض بحجة تلقى (العزاء) فى وفاة (ابن اخته) والذى تلقى فيه العزاء هنا فى الخرطوم. ذهب السنوسى الى الأبيض بينما كل أهل المتوفى موجودين فى الخرطوم. السنوسى جاء الى الخرطوم بعد وفاة زوجته يرحمها الله.
نائب الأمين العام للحزب عبد الله حسن أحمد يعتقد أيضاً أنه كان خارج الخرطوم وان كانت الحجة التى بموجبها كان هنالك غير معروفة لدى. أما اذا أردنا أن نستعرض (خريطة) الذين تم اعتقالهم مع الترابى فيلفت نظرنا مسئول الحزب فى كرفان ومعروف أن كرفان كانت (محطة) محورية فى تحرك المرتزقة التشاديين. لقد كانت كردفان (هدفاً) لمتمردى حركة العدل والمساواة منذ زمن واتضح أخيراً أن معارك ضارية دارت فى شمال كردفان قبل هجوم المتمردين وبعده وآخر تلك المعارك هى التى دارت عصر الأحد وكانت معركة فاصلة قتل فيها ما يقرب من خمسين من قادة حركة خليل ابراهيم وعلى رأسهم المدعو (الجمالى) والذى يعتقد أنه الساعد الأيمن و (كاتم سر) المتمرد الهارب خليل ابراهيم.
أما المسئول السياسى للحزب بشير آدم رحمه فقد شاهد كل الناس بعض ضباط الأمن وهم يستعرضون بعض (الوثائق) التى ضبطت مع المرتزقة الغزاة ومن ضمنها خطاب معنون الى ( الأخ بشير آدم رحمة). وبطبيعة الحال فان التحقيقات التى تجرى الآن ستكشف الحقيقة من الخيال. ولعل بعض قادة الحزب الذين لم يشملهم الاعتقال شعروا بـ (خطورة) الوضع فقد بدأوا فى اطلاق التصريحات (الاستباقية) اذ قال بعضهم لقناة (الجزيرة) ان الاعتقالات محاولة من الحكومة للتغطية على (فشلها) فى التصدى (الاستخبارى) للغزو! ملاحظة أخيرة (غير ذكية) وهي أن المؤتمر الشعبي هو الحزب الوحيد الذي لم يسجل إدانة للغزو.
آه ... هنالك نقطة (فاصلة) تدحض كل (الايحاءات) التى سقتها للربط بين الترابى وبين الحركة الأخيرة و(تنسفها نسفاً) وهى عبارة أطلقها الترابى من سنار وذلك بينما كانت عربات المرتزقة تشق الفيافى لتستولى على السلطة فى الخرطوم: قال الرجل (لا فض فوه) انه يعارض أى انقلاب عسكرى ضد السلطة القائمة! هنالك ثلاثة قراءات لذلك التصريح : اما أن الرجل ربما يريد أن يعيد ما قاله قبل أسبوع من انقلاب (30 يونيو) أو مجرد (تلاعب بالألفاظ) واستخفاف بعقول الناس وهى صفات عرف بها الرجل منذ خلقه خالقه أو أنه يعتقد أن هجوم السبت ليس (انقلاباً عسكرياً) والله أعلم.


من قبل كتب الطيب مصطفى عن دولتى تشاد واريتريا تهكما بهما وثقناه فى بوست سابق عند غزو انجمينا بان نظام حكمهما لا يحتاجان الا للكزة من السودان وكتب مهددا بالباطن فى تلك المقالات
فى هذا المقال يتحسر على ما حصل ويطالب عبد الرحيم محمد حسين بالاستقالة ويصفه بان عينه قوية ويطالبه بالاستقالة وان باطن الارض خير له من ظاهرها ..اقرا المقالان وتعجب ..

الخيانة والتداعيات (١ - ٢
كتب الطيب مصطفي
Wednesday, 14 May 2008




زفرات حرى

الخيانة والتداعيات (١ - ٢



وهكذا إنجلت معركة أم درمان بكل تداعياتها الاقتصادية والسياسية.. إنجلت من حيث تمكن القوات الحكومية والشعب السوداني بتوفيق من الله سبحانه وتعالى من دحر المعتدين، لكن آثارها الإقتصادية المترتبة على ما لحق بسمعة السودان ومناخ الاستثمار من ضربات موجعة وآثارها السياسية المترتبة على تمكن المتمردين من الوصول الى العاصمة بعد ان كانوا عاجزين حتى عن الوصول الى مدن الجنوب البعيدة أيام تلك الحرب الضروس التي دارت رحاها بين القوات المسلحة والحركة والجيش الشعبي لتحرير السودان... أقول إن تلك الآثار السالبة لم تنته بعد وإنما ستستمر لفترة لا يعلمها إلا الله تعالى.



قبل أن نفتح الملف المؤجل والمؤلم حول السؤال الذي يتردد على كل الألسنة... كيف حدث ذلك، أود أن أتطرق إلى نقطة جديرة بالتأمل تؤكد على القول القرآني الحكيم: (عسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً)، فمن بين ثنايا ما حسبه الناس شراً محضاً قد يخرج خيراً كثيراً فقد كان إجماع القوى السياسية ما عدا المؤتمر الشعبي تقريباً على إستنكار تلك الجريمة النكراء وقبل ذلك الاستنكار الشعبي الواسع نعمة وخيراً كثيراً يمكن إذا أحسنا توظيفه أن يسهم إسهاماً كبيراً في جعل مشكلة دارفور وتحقيق الكثير من المكاسب الأخرى ومعلوم أن الحركة المتمردة الأخرى »عبد الواحد محمد نور« كانت قد تلقت لطمة قوية أوشكت أن تقضي عليها حين أعلن عبد الواحد محمد نور في غباء سياسي ساقه الله إليه عن فتح مكتب لحركته في اسرائيل ولذلك فإن تمرد دارفور ممثلاً في أكبر حركتين مسلحتين بات في حالة بائسة من الضعف والتهالك. وبالتالي فإن ذلك يتيح للحكومة وحزب الأمة تحديداً فرصة أكبر للتحرك السياسي باتجاه حل مشكلة دارفور من خلال توجيه خطاب سياسي وإعلامي مؤثر لتجريم ومحاربة الحركات المتمردة على المستوى السياسي ولإعادة دارفور الى سابق عهدها كجزء من النسيج القومي بعيداً عن الحركات الدافورية العنصرية التي أسهم الفراغ السياسي الناشيء عن التضييق على الأحزاب الوطنية الكبرى في منحها الفرصة لملء ذلك الفراغ بالنظر الى أن الطبيعة لا تقبل الفراغ.



إن موقف الإمام الصادق المهدي أكد لي مرة أخرى عظمة هذا الرجل المتسامي على المرارات الشخصية فقد كان الإمام وهو يدلي ببيانه حول الهجوم الغادر على أم درمان كبيراً كبيراً... إنها العظمة بل إنه الخلق الإسلامي الرفيع الذي يحض على إعمال قيم كظم الغيظ والعفو عن الناس وهل من تسام أكبر من أن يتجرد الرجل من مرارة خلع حكومته من أجل الأهداف الوطنية العليا المتمثلة في التصدي للإستهداف الذي تتعرض له البلاد وهويتها العربية الإسلامية والذي تشهد الساحة ببعض تجلياته العنصرية. هل من تسام أكبر من أن يقف الرجل في مركب واحد مع من خلعوه ذات يوم؟.



قارنوا بربكم بين موقف المهدي وموقف الترابي الذي لربما كان الوحيد في الساحة السياسية الذي رفض إستنكار ما حدث من هجومٍ غادرٍ على العاصمة!!.



إن موقف المهدي يقتضي أن يجعل الحكومة أكثر اندفاعاً نحو التحالف معه والإقدام على خطوة أكبر في سبيل حل مشكلة دارفور وإذا كانت دارفور في السابق منطقة نفوذ لحزب الأمة فإنه لمن الحكمة، بعد الضربات الموجعة التي تلقاها التمرد بجناحيه الكبيرين، أن تسعى الحكومة لتمكين حزب الأمة من إستعادة قوته في دارفور من خلال تحالفٍ سياسي بين الحزبين أما تحركات د. نافع علي نافع المستفزة وتصريحاته قصيرة النظر كما حدث في الجزيرة أبا مؤخراً فإنه مما ينبغي أن يلجم الرجل عن تكراره رحمةً بهذه البلاد التي مزقها الصراع والخصومات السياسية وإني والله لأعجب أن تصبر الحكومة على كل الأذى الذي تلحقه بها الحركة الشعبية بقيادة باقان وعرمان وعقار ولا تبدي حماساً للتلاقي مع الصادق المهدي رغم إتفاقه معها في الوجهة والقبلة بل أن يسعى بعض قياداتها الغافلة إلى استفزاز الرجل وإعتراض طريق التلاقي كلما اقترب الطرفان من الوصول!!.



إني لمقتنع تماماً أن حزبي المؤتمر الوطني والأمة يمكن أن يندمجا تماماً على الأقل في دارفور لو حسنت النوايا وكبر الرجال وقفزوا فوق مراراتهم ولجاجاتهم الصغيرة نحو الأهداف الاستراتيجية الكبرى كما فعل الصادق المهدي وهو يتعامل مع الهجوم الغادر على أم درمان وبالتالي فإني لأرجو أن يكوّن الرئيس والامام آلية مشتركة بين الحزبين للنظر في المعالجات اللازمة لأزمة دارفور وكيفية التعامل مع البعد الدولي سواء الدور الفرنسي والأمريكي والأممي أو الدور الإقليمي المتمثل في الدورين التشادي والليبي.



أما الترابي وحزبه المؤتمر الشعبي فقد والله شعرت بالحسرة والأسى أن يصمت الرجل عن هذا الذي جرى مما يشي بعلاقته بخليل إبراهيم هذا إذا أحسنا الظن وإستبعدنا ما لا يمكن ولا ينبغي أن يستبعد من تورطٍ للمؤتمر الشعبي أو بعض عناصره القيادية في هذا المخطط الإجرامي... نعم لقد شعرت بالألم والحسرة لكني لم أندهش لموقف الرجل بعد تلك الفتوي التي أطلقها لصحيفة »الخرطوم مونيتر« والتي أعلن خلالها عن تقديمه للمسيحي على المسلم كما أعلن عن »عدم علاقة الدين بهذه الأشياء«!!.



على إني رغم ذلك كله لم أستحسن البتة إعتقال الترابي ليس لأنه لا يستحق الإعتقال وإنما لأن ضرر ذلك أكبر من نفعه من حيث الأثر السياسي... فقد رأينا كيف تناقلت الفضائيات هذا الخبر، وأخص قناة الجزيرة الأكثر إنتشاراً بأكثر مما تناقلت خبر الهجوم الغادر.



فالترابي الذي بات لا يحظى بأي تأييد يذكر على المستوى الداخلي بعد أن إنفض عنه معظم مؤيديه السابقين الذين رأوا فيه وسمعوا ما دفعهم للإبتعاد عنه لا يزال يحظى بشيء أو بكثير من الإحترام في الخارج لدى من لم يعرفوا - بسبب البُعد الجغرافي - ما صار إليه الرجل في سنواته الأخيرة.. لذلك فإن جريمة خليل ما كانت ستحظى بأية مصداقية أو مشروعية أو تعاطف لولا أن إعتقال الترابي قد خلع عليها جزءاً من سمعته ومكانته العالمية وأرى أن إطلاق سراح الرجل سيُجرِّد القضية من بعدها الخارجي في العالمين العربي والاسلامي.

خيانة وتداعياتها ٢ - ٣
كتب الطيب مصطفي
Wednesday, 14 May 2008


زفرات حري


الخيانة وتداعياتها ٢ - ٣



كتبت بالأمس أقول إن من بين ثنايا ما حسبه الناس شراً محضاً قد يخرج خير كثير وأثنيت في المقال على موقف الامام الصادق المهدى ودعوت الى تمتين العلاقة مع حزب الامة وتمكينه من استعادة قواعده في دارفور حيث منطقة نفوذه قبل التضييق عليه وعلى الاحزاب القومية الكبرى التي كانت تستوعب الولاء الوطني وتسهم في توحيد الأمة ذلك أن تضاؤل نفوذ تلك الاحزاب وانحساره ملأته الحركات الصغيرة المسلحة التي نتجرع اليوم من كؤوس علقمها المر وقلت إن التقارب بل التحالف مع حزب الأمة مما يسهم كثيراً في حل مشكلة دارفور خاصة اذا اتفق الحزب الحاكم وحزب الأمة على بلورة رؤية مشتركة لمواجهة المشكلة والتصدى لكل مشكلات السودان خاصة تلك المتعلقة بوجوده وهويته والحمد لله انه قبل ان يصدر ذلك المقال التقى الرئيس والامام فيا لها من خطوة مباركة تفرح الحادبين على مستقبل هذه البلاد من أن تدهمها خيول المغول الجدد وتغيظ الأعداء المتربصين وليت الرجلين يمضيان إلى الأمام قفزاً فوق المراحل والخصومات الصغيرة.



إني والله لأشعر بحرج شديد أن أكتب ما أكتبه الآن لعلاقة القربى التي تربطني بـ (الابن) الرئيس عمر البشير وكذلك الصداقة التي تصلني بالفريق اول عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع وبالرغم من أني لا اكتب إلا لخير الرجلين العزيزين أجدني محرجاً بين الولاء لتلك العلائق والولاء للهم العام والرسالة التي نذرت نفسي لها وعاهدت الله عليها أن أقول ما أعتقد ولا تأخذني في الحق لومة لائم.



أقول إن الاختراق الذي أصاب عاصمتنا الوطنية أم درمان كان أمراً عظيماً وخطباً جللاً قلَّ نظيره في تاريخ السودان الحديث وإن الشعب السوداني - ما عدا القلة - قد استنكر هذا التقصير المريع كما استنكر ذلك الفعل الشنيع فقد والله كنا نضحك عندما جاءتنا أخبار تمكن المعارضة التشادية من محاصرة قصر الرئيس التشادي ادريس ديبي بعد يومين من بداية تحركها وكنا نتساءل ضاحكين عما إذا كان ذلك يحدث في دولة (بمعنى دولة) ولكن سرعان ما انكسر غرورنا وبتنا محل تهكم العالم أجمع وحُق لعبد الصمد وجمال ريّان وغيرهما من مذيعي قناة الجزيرة أن يتساءلوا مندهشين عن كيف حدث هذا وكيف تُخترق البلاد طولاً وعرضاً من أبشي داخل تشاد حتى ام درمان في قلب السودان؟!



أود أولاً أن اقرر أن الاعتراف بالتقصير والاعتذار للشعب وأدب الاستقالة عند حدوث تجاوز كبير أصبحت من القيم الراسخة في التعامل السياسي الراشد على مستوى العالم أجمع حتى الثالث منه كما انها تتسق مع روح الاسلام وصارت تلك القيم من الأسس التي تقوم عليها العلاقة بين الحاكم والمحكوم وما من تقصير أكبر من أن تُخترق عاصمة البلاد الوطنية بتلك الصورة التي دهمت ام درمان التي اخترقتها عصابات خليل ابراهيم وادريس ديبي بعد أن قطعت الفيافي والقفار معرضة السودان لفضيحة مدوية زادت من هوانه على العالمين وعلى دول الجوار بل على القوى الداخلية المتربصة والشامتة التي كانت تبحث عن دليل على ضعفنا يدفعها لانفاذ مخططها الاستئصالى.



في دول أخرى كثيرة تستقيل الحكومة بسبب تقصير لا يبلغ معشار ما حدث من اختراق لأمن العاصمة وإذا كانت النظم العسكرية المعمول بها عالمياً حتى في السودان تحاسب الجندي العادى على أى تقصير في ميدان القتال وتخضعه لمحاكمة عسكرية عاجلة تفضي أحياناً الى الإعدام فإن المسؤولية تتعاظم بالنسبة لكبار الضباط والمسؤولين وعليه فإنني لأرجو من الأخ الفاضل الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين ألا يكون عبئاً على الرئيس وألا يحرجه خاصة وأن علاقة الرئيس وصداقته الحميمة للرجل ورقته التي أعلمها أكثر من غيري قد تحول دون إقدام الرئيس على إبعاد صديقه ورفيق دربه واقولها والألم يعتصرني انه لا مناص من أن يستقيل عبد الرحيم ولا مناص من أن يقبل الرئيس تلك الاستقالة كما حدث في السابق عند مغادرة عبد الرحيم وزارة الداخلية وأقولها وكلي اشفاق على الرئىس بحكم صلة القربى إنه من الأفضل له أن يُضحي بصديقه المقصّر من أن يضحي برضا شعبه الصابر ويقترف ما يقدح في أمانته ونزاهته وعدله ويؤثر على مستقبله السياسي وتاريخه وأنا أعلم مقدار التنازع الذي يشعر به الرئيس، ولا أدري لماذا تذكرت في هذه اللحظة نبي الله الخليل ابراهيم - وليس شيطان الإنس خليل ابراهيم - وذلك حين أقدم على عنق ابنه اسماعيل قبل ان ينزل الفداء العظيم ولو كنت مكان الفريق اول عبد الرحيم الذي أعلم صفاءه لضحيت بالمنصب ورفعت الحرج الذي يحس به الرئيس تجاهي إيثاراً لصديقي الحميم على نفسي بل لجعلت من الاستقالة السابقة من وزارة الداخلية استراحة أبدية من العمل العام وليس (استراحة محارب) أطوّق بها عنق الرئىس بعد أن أفكها من عنقي معرضاً سمعة الرئيس الى التشنيع وتهكم الشانئين.



إن الأمانة التي حملها الرئيس - أمانة إمامة او رئاسة الأمة - تفرض عليه أن يتخذ القرار الصعب حتى ولو كان شاقاً عليه خاصة وأن من آزروه وقت المحنة والتفوا حول قواته النظامية وهي تواجه اولئك المتوحشين العنصريين من فاقدي الضمير والأخلاق والأهلية لحكم حظيرة أغنام... أقول إن اولئك الذين آزروا الرئيس من أبناء الشعب وجميع قواه السياسية تقريباً ينتظرون اليوم قرار الرئيس حول محاسبة المسؤولين عن ذلك التقصير الشنيع أما وزير الدفاع فينبغي ألا يتأخر قرار استقالته أو اقالته لحظة واحدة فقد والله طفتُ على بعض المناسبات الاجتماعية التي جمعت خلقاً كثيراً ولم أجد من كل من تحدثت معه أو تحدث معي غير حسرة تملأ جوانحهم من أن تُغزى أم درمان في وضح النهار.. ممن؟! من دويلة تشاد! كما لم أجد شخصاً واحداً لا يحمّل وزارة الدفاع المسؤولية عما حدث.



إن اتخاذ القرار بصورة عاجلة سيثبت من التفوا حول الحكومة ممثلة في قواتها النظامية أما التهاون في ذلك فإنه سيحول ذلك الالتفاف الى ردة فعل عكسية تماماً وعلى الرئيس أن يختار بين أن يستجيب لنبض الشارع وينال رضا الشعب وبين ان يسترضي صديقه الحميم.



إن على الفريق أول عبد الرحيم أن يعلم مقدار الحرج والإضعاف الذي يسببه للرئيس الذي لن يحق له بعد اليوم أن يعفي وزيراً او مسؤولا بحجة التقصير و(سيقوي من عين) الوزراء والمسؤولين جميعاً والذين مهما فعلوا أو ارتكبوا من مخالفات فإنهم لن يبلغوا جرم المسؤولين عن غزو ام درمان.

لقد انقبضت وكادت مرارتي تنفقع أن يتحدث وزير الدفاع للبرلمان(بكل قوة عين) ويقول انه (انتصار ساحق)... بربكم أليس باطن الأرض خير من ظاهرها؟! ثم يتحدث عن استعداده لمغادرة موقعه وعن عدم (تشبثه بالمناصب) ولم يسأل الرجل نفسه هل من جرم أكبر من الذي حدث سيضطره لمغادرة موقعه؟! وهل كان جرم مغادرته وزارة الداخلية أكبر من الذي حدث ؟!



اختم بأن استحلف الرئيس بالله أن يرفق بنفسه وبهذه البلاد ويتخذ القرار بعد أن اتضح أن الاستقالة دونها خرط القتاد وللأخ الصديق الفريق اول عبد الرحيم محمد حسين العتبى حتى يرضى..


الانتباهة
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »



المحبوب عبد السلام فى حوار غير تقليدي مع «أخبار اليوم» حول أسرار تنشر لأول مرة
بتاريخ 14-4-1429 هـ
القسم: الحوارات
هذه هى التفاصيل الكاملة للقاء الذى جمع الدكتور الترابي ومدير عام المخابرات والعمليات الفرنسية بمطار باريس حول تسليم كارلوس
{ فى نيفاشا كنا نساهم بالرأي عن طريق وفد الحركة الشعبية والترابى كتب ورقة حول علاقة الدين بالدولة بناء على طلب وسطاء الايقاد {
{ لاعلم لى بزيارة على عثمان لمدير الاستخبارات ليلة 29 يونيو وشاي المغرب الذى شربه الترابي مع الصادق للتمويه {
اجراه :عبد الرازق الحارث
الاستاذ المحبوب عبد السلام ابرز شباب الحركة الاسلامية الذين اصطفاهم الدكتور الترابي الامين العام للمؤتمر الشعبي وعراب الانقاذ السابق والزعيم الروحي للحركة الاسلامية ليبقوا بجانبه فى معاركة الفكرية حيث ظل يدافع عن شيخه بقلمه ولسانه ويتصدي لخصومه بجسارة وبرهان
والرجل شاهد على العصر حيث ظل قريبا من الترابي ترجمانه وسيفه ودرعه يقاتل عنه بالسيف الراعف ويسانده فى ظل الحكومة او عندما تشتد المعارضة ويطول الدرب
اخبار اليوم جلست الى المحبوب عبد السلام امين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الشعبي فى حوار لم تنقصه الصراحة اجاب على اسئلتها بكل الصدق والوضوح حول مذكرة التفاهم مع الحركة الشعبية فى جنيف واسرار وخفايا 30 يونيو والعلاقة مع الحركة الشعبية بعد وفاة قرنق وتسلم سلفاكير وملف تسليم الارهابى الدولى كارلوس فالى التفاصل
{ مذكرة العشرة كانت القشة التى قصمت ظهر بعير الحركة الاسلامية وكانت مفاجأة داخل حزب واحد {
{ كنا نرتب لعقد لقاء مابين الدكتور الترابي والدكتور جون قرنق برعاية البرلمان السويسري فى جنيف {
{المذكرة التى وقعتها كممثل للمؤتمر الشعبي مع الحركة الشعبية كانت القشة التى قصمت ظهر البعير للمرة الثانية فى الحركة الاسلامية؟
انفرجت اساريره عن ابتسامة هادئة ثم ابتدر حديثه قائلا« أنا شخصياً لم اكن اقدر أن المذكرة ستحدث كل ذلك الوقع الذى حصل وتصبح معلما فائقا فى التاريخ كما فى السؤال احد الاخوة اسمى كتابه الحركة الاسلامية صراع الهوي والهوية ولكن العنوان الجانب كان مذكرة العشرة الى مذكرة التفاهم ولعلك تقصد أن القشة الاولي كانت مذكرة العشرة والقشة الثانية كانت مذكرة التفاهم.
يمكن المذكرات يكون فيها هذا الجانب انك انت لاتقدر وانت تكتبها وانت توقع عليها او يوقع عليها عدد من الناس او يكتبوا بنودها لا يقرأوا جيداً المستقبل يقرأوا بعض الاثار ولكن لايحسبوا كل الاثار اظن هذا ينطبق ايضاً على مذكرة التفاهم .
اعتدل قليلاً فى جلسة ثم قال «بالنسبة لمذكرة العشرة طبعا كانت هى مفاجأة داخل حزب واحد مفاجأة من جانب على جانب اخر
لكن بالنسبة لمذكرة التفاهم كانت قى تقديرنا ونحن مقبلون على التفاوض على المذكرة كان فى تقديرنا اننا نريد أن نصل الخطوات التى بدأت بعد تأسيس المؤتمر الشعبي .
واسهب محدثى الاستاذ المحبوب عبد السلام شارحاً حول هذه النقطة «المؤتمر الشعبي اراد أن يتجاوز منذ العام 1977 عام المصالحة الوطنية بدأت الساحة السياسية تتداعي بين القوي السياسية وبين يدي الانتفاضة الشعبية عام 1985 تباعدت المسافة بين الحركة الاسلامية والقوي السياسية وخاصة عندما وقعت القوي السياسية كلها مذكرة التجمع الحزبية النقابى آنذاك
ثم جاءت الانقاذ فازدادت المسافة بين الاحزب ..
وبالنسبة للحركة الشبعية والحركة الاسلامية كانا على طرفي نقيض كنا نحن طرف وكانوا هم الطرف الاخر كنا طرف الصراع كان كل منا على اخر ضد وهو ما ادي أن تكون العلاقات مابيننا حادة
وانا البارحة كتبت مقالا فى الذكري السابعة لمذكرة التفاهم التى وقعت فى 19/2/2001م والاثنين الماضى مرت عليها سبعة سنوات .. والناس لاتقدر هذه المدة الطويلة مضى عليها وقت طويل منذ توقيعها المذكرة عندما اقبلنا عليها كنا نريد أن نكمل خطوات اصلاح ذات البين بين الحركة الاسلامية وقوي الساحة السياسية السودانية التى كما قلت بدأت تتباعد منذ المصالحة الوطنية مع النميري
وتباعدت فيما بعد الانتفاضة وتباعدت فى فترة الحكم الحزبى برئاسة الصادق المهدي وتباعدت جداً بعد الانقاذ عام 1999 بحل البرلمان بدأ يتبلور خطاب جديد من قادة المؤتمر الشعبي خاصة الشيخ حسن الترابي كان يتحدث عن الحرية باشد مما كان يتحدث عليها فى أية مرحلة من مراحل حياته ويتحدث عن اللامركزية هذه هى المبادئ التى بدأ فيها الخلاف داخل الحركة الاسلامية عام 1998م
الخلاف ضم الى بعضه شيئاً مافى اجازة الدستور الدائم عام 1998م
ولكن الخلاف تفجر مرة ثانية مع قضية اللامركزية فى انتخاب الوالى وشعب الولاية تفجر الخلاف مرة ثانية وعندما جاءت 4 رمضان كانت بمثابة قطع طريق على اللامركزية فى السودان وكان خرقا للدستور هذا تحول كبير فى داخل الحركة الاسلامية ومفارقات بين صفيها ولذلك عندما مضينا الى مذكرة التفاهم كنا نريد أن نعبر الجسر الاصعب وهو الحركة الشبعية .. واستطرد قائلا: الحركة الشعبية كما كتبت فى مقالي قال لى ترباتى وهو مذيع فى اذاعة مونت كارلو وكان يريد أن يجري معى مقابلة قال لى انتم صورتم الحركة الشعبية لمدة 10 سنوات انها حركة انفصالية وأنها حركة صليبية وأن لها علاقات مع اسرائيل وأن رئيسها اسمه «جون»
وهذه قناعة فى العالم العربي وكان خطابكم القوي بالتركيز على هذه المسائل وهى الحركة الشعبية نفسها بوصفها للانقاذ والحركة الاسلامية وهى تخاطب الغرب بأن هذا حزب دينى يحكم السودان وبالضرورة المواطن الجنوبى فيه مواطن من الدرجة الثانية هذا حزب غير أنه حزب دينى حزب مركزيته عربية واسلامية لذلك انتم فعلاً طرفى النقيض ونحن قلنا فى البيان التالي للمذكرة بعد توقيع المذكرة واعتقال شيخ حسن وحل الحزب وايقاف الجريدة وزير الاعلام انذاك الدكتور غازي صلاح الدين شن علينا حملة شديدة وقعنا بيانا أنا والاخ ياسر عرمان باسم اللجنة التى كانت هناك اللجنة المشتركة بين الحركة الشعبية والمؤتمر الشعبي لمتابعة تنفيذ الاتفاقية وكنا نريد فى الشهر الخامس لان التوقيع كان فى الشهر الثاني
فى الشهر الخامس كنا نريد أن نعقد لقاء بين الدكتور جون قرنق والدكتور حسن الترابي فى جنيف برعاية البرلمان السويسري وبين مايو وفبراير فى الوسط كنا نريد أن نعقد لقاءات فى مستوي اعلي بين القيادات الحزبية فى الطرفين المذكرة تحول كبير فى علاقة الحركة الاسلامية بالحركة الشعبية وفى علاقة الحركة الاسلامية بالجنوب والى اللقاء الذى كنا فيه قبل اسبوع بمدينة واو يوم الاحد الماضى تحديداً كنا فى مدينة واو
كان هذا اللقاء فى مدينة واو هو من ثمرات مذكرة التفاهم بمعنى اذا بعد اتفاقية السلام والحركة الاسلامية ماتزال تضغط تقول الحرب هذه مشكلة هنالك جانب اخر اختفى سنوات الانقاذ فى الدعاية السياسية هو أن الحركة الاسلامية لها مجهود كبير فى رعاية العلاقة مع الجنوب منذ عام 1964 مؤتمر المائدة المستديرة مقترح الحكم الاقليمي جاء من الدكتور حسن الترابي فى عام 1985 مؤتمر الجبهة الاسلامية القومية اقرينا الفيدرالية .
قبل عام 1987 كتبنا ميثاق السودان الذى اسس العلاقة فى السودان على المواطنة وليس على الدين وتولي المنصب العام
وجاء دستور 1998 يؤكد أن الناس متساوين فى الوطن وفى الانتماء اليه كان هنالك المرسوم الدستوري الثاني عشر المؤقت والذى اعطي سلطات واسعة للاقاليم
وعندنا تراث طيب من العلاقة مع الجنوب غطت عليها سنوات الجهاد وسنوات الانقاذ وكنا فعلا محتاجين لهذه المصالحة التاريخية.
{ الاستاذ المحبوب عبد السلام القرار النهائي لانقاذ 30 يونيو صدر من المكتب الخاص التابع للدكتور حسن الترابي الذى كان يتكون من 7 شخصيات وبه عدد من القيادات الامنية والعسكرية وفق التفويض الممنوح له بانقاذ مايراه فى مصلحة الحزب؟ حدثنا قليلا عن صراع التيارات مابين الانقلابيين والديمقراطيين وكيف حسم الخلاف؟؟
كان هناك مجلس شوري الحركة الاسلامية ويتكون من 40 شخصا وكانت هنالك هيئة شوري الجبهة الاسلامية وفيها حوالى 300 شخص .. فى هيئة شوري الجبهة الاسلامية تم تفويض هئية قيادة الجبهة لاتخاذ ماتراه مناسباً فى ضوء الظروف التى حدثت فى ذلك الوقت
وكان فى الشهر الثاني كانت هنالك مذكرة الجيش التى امهلت رئيس الوزراء اسبوعا وبمجرد ما اخطرت الجبهة القومية الاسلامية بأن الجيش تقدم بمذكرة امهلت رئيس الوزراء اسبوعا اعتبرت هذا انقلابا خاصة عندما استجاب رئيس الوزراء للمذكرة فاعتبر انقلاب ناحج لابعاد الجبهة القومية الاسلامية لذلك فى تلك الظروف فوضت الجبهة قيادتها فى اتخاذ ماتراه مناسبا فى التعامل مع الحالة السياسية .. مجلس شوري الحركة الاسلامية الذى يتكون من 40 شخصا ناقش هذه المسألة واعطى هذا التفويض لـ 7 اشخاص وهم الشيخ حسن الترابي ومعه ستى اخرون .. وكان هنالك حوار الكثير من الناس كانوا يعتقدون أنه اذا لم نتقدم للسلطة سيأخذها اخرون
وأن البلد اصبحت مفتوحة لان الصراع وصل الى مداه والتشقق وصل الى مداه واذا لم نتقدم نحن سيتقدم اخرون الفراغات لاتستمر فى السياسة والحكم والدولة تأتى جهة تتقدم ، الجهة التى اكثر نظاماً وقوة والقوات المسلحة ستتقدم لاخذ النظام لذلك كان القرار فى مجلس شوري الجبهة الاسلامية فى هذا الاتجاه كانت هنالك قلة والقلة هم شخص او شخصان كانوا يرون أن الديمقراطية تصلح بنارها الهادئة لتنضج فيها الحركة الاسلامية وكانوا يرون أن الحركة غير مؤهلة فى استلام الحكم ،بالمقابل كان هنالك رأي يقول أن الحركة الاسلامية بها العشرات من التخصصات ،وكل تخصص تجد به العشرات من الاشخاص ولذلك ينبغي أن نتقدم لاخذ الحكم ولن تكون هنالك تجربة كتجربتنا لان كثير من الانقلابات وقعت فى افريقيا والعالم العربي الانقلاب شئ عادي لكن لم نجد كادرا جيدا فى الاحزاب البعثية الاشتراكية والقومية والماركسية التى استلمت البلاد مثل كادر الحركة الاسلامية . طبعا أي انقلاب يحتاج الى حزب يدعمه لكن دعمنا كان اوسع مما وقع فى كثير من البلدان لانه لدينا حزب كبير ومؤسس وقائم على تخطيط استراتيجي وكان يتهيأ للتمكين واستلام السلطة منذ اوائل السبعينات
لذلك دار هذا الجدل هل نحن مهيأون لحكم البلاد ام نحتاج أن تصبح الحركة الاسلامية فى نار هادئة
كانت الجهة المقابلة قوية كذلك لانه اذا تركتوا البلاد لن تنضج فى نار هادئة ولكن ستتقسم لان الحركة الشعبية كانت تأخذ مدن الجنوب مدينة بعد مدينة كلها تسقط فى يدها .
كانت بداية الصراع القبلى فى دارفور يهدد كذلك وينذر بتمرد وكان ينتقل الى جنوب كردفان والشرق كان كذلك تتفاعل فيه عوامل كثيرة .. والخطر داخل الخرطوم كان كبيرا لو تذكر ،قامت هيئة حماية العقيدة والوطن ،الجو كله كان مضطرباً لكن القرار كان أن يتقدم هؤلاء السبعة بما يرونه مناسباً لانقاذ البلاد لم ينص القرار صراحة على القيام بانقلاب لكن التفويض كان يسمح بأن تحرك آله الحركة الاسلامية داخل الجيش وآلتها الخاصة المسلحة حتى بين اعضائها لتستلم البلاد واستطرد محدثى الاستاذ المحبوب عبد السلام قائلا ولكن كان ذلك مدرج فى اطار استراتيجية
والسنوات منذ اليوم الاول للانقلاب وحتى العام الثالث كانت تقريبا الخطوات واضحة انه فى الاول نحتاج أن نحافظ على هذا النظام لتغطية هويته الاسلامية وذلك بالتمويه الذى كان سائدا فى تلك الفترات ثم نكشف عن وجهنا شيئا فشيئا ثم نعيد السلطة الى الشعب خلال 3 سنوات وبالتالى خلال هذه السنوات الثلاثة سيحل مجلس قيادة الثورة وتحدث كل الخطوات ،تأخرت قليلا ، بعض الخطوات تقدمت مثلا المجلس العسكري الانتقالي حل مجلس قيادة الثورة واصبح فى محله مجلس تشريعي معين ولكن له كل سلطات التشريع لدي مجلس قيادة الثورة .كان هذا المجلس الوطني الانتقالي كان هذه خطوة فى بداية المراسيم الدستورية
ثم جاءت التوالي السياسى لتأسيس الوضع السياسي كله على الحرية وهذه هى النقطة التى اختلفنا فيها كما كان فى الاجابة الماضية لكن الانقلاب نفسه كان شئيا طبيعيا فى العالم العربي وفى افريقيا الى ذلك الوقت ولكن كان هنالك شعور قوي فى الحركة الاسلامية بأنه بمجرد أن تستلم السلطة بانقلاب ينبغي أن تقوم بمجهود لتصحيح هذا العمل لان الانقلاب عمل اضطراري وهو عمل ليس جيداً ينبغي أن نصححة بسرعة وكانت هنالك كما قلت لك خطة موضوعة ينبغي أن تتبع بدقة لم تتبع بدقة فادي الى الازمات التالية
{ الاستاذ على عثمان فى ليلة 29 يونيو 1989 ذهب صباحاُ لمقابلة مدير الاستخبارات العسكرية صباحا لجس نبضه حول مدي المام جهاز المخابرات بتدابير الانقلاب وذلك تحت ستار نقل الاغاثة والمؤن للجيش فى الجنوب بينما كان الترابي يزور فى نفس عصر اليوم صهره رئيس الوزراء آنذاك الصادق المهدي ويشرب معه شاي المغرب
هل هذه الخطوات جزء من تكتيك الجبهة الاسلامية لاستلام الحكم ام تقديرات القدر والمصادفة؟
انا لا علم لى بهذه الاشياء التى ذكرتها ، كنت خارج السودان فى السنوات الخمسة فى باريس فى تلك الفترة ولا علم لي بالتفصيل ما الذى حدث لكن على حال ليلة 30 يونيو 1989 فى يوم 29 يونيو فى الامسية يعني موصولة جدا بالترتيبات الفنية للانقلاب وبالتالي هى ترتيبات تقوم على مسائل تكتيكية وسريعة وقصيرة ولذلك وارد جدأ أن ترتب زيارة تمويهية الى جوبا ووارد جداً ان يزور الدكتور الترابي الصادق المهدي مساء .. واستدرك قائلا( لا اظن هذا حدث قد يكون داخل ترتتبات الاعداد للانقلاب الذى كان واقعاً لامحاله ..
اذا تمت هذه الزيارة وام لم تتم او تم التمويه او لم يتم .. المعد أن ساعة الصفر اتفق عليها اطراف كثيرة جدا كانت هنالك اجراءات كثيرة من هذا القبيل حتى رئيس الانقلاب العميد آنذاك عمر البشير جاء من الجنوب من «ميوم» وكان يقوم باجراءات عادية للسفر فى اليوم التالي لكورس تدريبى فى القاهرة هنالك اجراءات كثيرة تكتيكية ساعدت فى أن ينجح الانقلاب
{ القربان الاعظم الذى قدمه المؤتمر الشعبي بعبوره الجسر وتوقيعه لاتفاقية مع الحركة الشعبية ادت لتعميق المفاصلة بين الاسلاميين
واعتقال الدكتور الترابي برغم كل ذلك العلاقة ما بين المؤتمر الشعبي والحركة الشعبية ما يزال يلفها الضبابية والغموض.
{انت تعلم اننا لم نكن حزءا من مفاوضات نيفاشا ولا اي من القوي السياسية.. ووقعت اتفاقية نيفاشا بدون مشاركة القوي السياسية مشاركة فعالة فى المفاوضات نحن كنا نساهم بالرأي ولكن عن طريق وفد الحركة الشبعية لا عن طريق وفد الحكومة واحيانا يطلب من الوسطاء طلب شركاء الايقاد من الشيخ حسن الترابي اعداد ورقة حول علاقة الدين بالدولة فكتبها ،كان لدينا اتصالات مع ياسر عرمان ومجموعة الحركة الشعبية اثناء التفاوض وكانت هنالك قطيعة كاملة مابيننا الاخوة فى الحركة ولم يكن بيننا أي اتصال لذلك جاءت نيفاشا تؤسس علاقة جديدة مع المؤتمر الوطني الشق المناوئ للمؤتمر الشعبي وكان اقتراضا آنذاك أن نشارك مع الحركة الشعبية كحكومة الجنوب اذا كان الوضع الفيدرالي يسمح بذلك .. لكن حدث هنالك حدث غير كثيرا من المعادلات هى وفاة الراحل الدكتور جون قرنق لان العلاقات تأسست اساسا فى ظل الدكتور جون قرنق وكان الجيش الشعبي يسيطر على غالب نشاط الحركة الشعبية وكان النشاط السياسي للحركة الشعبية محدود فى الدكتور جون قرنق ومجموعته لوح بيديه ثم قال عندما توفى الدكتور جون قرنق دخلنا فى المعادلات الجديدة أن الحركة الشعبية تريد أن تتحول من حركة مسلحة مقاتلة وحزب معارض الى حركة سياسية تريد أن تعمل وكان هذا الفرق كما قلت كان من المفترض تجديد العلاقة بيننا ومابين الحركة الشعبية يعني الحركة الشعبية حتى تسوي اوضاعها كلها بعد وفاة جون قرنق اخذت وقتا وعندما مضى هذا الوقت كانت العلاقة تعقدت بينها وبين الشريك فى مواجهة مشاكل الوطن كلها واصبح عليها تأسيس نظام دولة فى الجنوب وكان ذلك يأخذ من وقتها فانا اعتقد أن الحركة الشعبية لم تجد الوقت الكافى لتكمل مشروعها الفكري السياسي وعلاقاتها السياسية خاصة مع حزب مثل حزب المؤتمر الشعبى .. لكن عمقنا هذه العلاقة بالاتصالات الشخصية وتبادل الاراء . الزيارات الاجتماعات كلها كانت فى حد ادني نحافظ عليها ولاتنسى أن الحركة الشعبية لها علاقة بالتجمع الوطني اطول واعمق من علاقتها مع المؤتمر الشعبى لكن مع ذلك احزاب التجمع الوطنى الديمقراطي تشتكي من العلاقة مع الحركة الشعبية . والحركة الشعبية محتاجة الى وقت حتى تؤسس جيداً كحزب سياسي وحتى تؤسس علاقاتها السياسية ولكن كلامك صحيح أن العلاقة لم تمض كما ينبغي ومخطط لها
{ واللقاء مابين زعيمي الشعبي والشعبية الدكتور حسن الترابي والفريق سلفاكير ميارديت لماذا اصبح امنية فى ضمير الغيب لا تتحقق علي ارض الواقع؟؟
هو من ناحية الدكتور حسن الترابي سعي الى لقاء سلفاكير . وكنا قلت لك لم تنقطع العلاقة مابيننا وبين اخوتنا فى الحركة الشعبية دون مستوي رئيس الحركة قيادات الحركة الاخري كلها كانت تأتي الى لقاء الدكتور الترابي دوريا وفى كل المناسبات وفى الاجتماعات واحيانا لعرض بعض الامور العلاقة عامرة دون مستوي رئيس الحركة
ولكن سلفاكير كما تعلم يقضى اغلب وقته فى الجنوب وحتى فى زيارتنا الاخيرة الى واو كان الاقتراح الاول أن نمضي الى جوبا اولا ويجلس الدكتور الترابي مع سلفاكير فى لقاءات مطولة ونبقى فى جوبا يوم ثم نغادر الى واو ولكن فكرة الحركة الشعبية أن سلفاكير ينبغي أن يلقي كل الاحزاب كما تعلم أن سلفاكير لم يعقد لقاءات مطولة مع السيد الصادق المهدي ولامع السيد الميرغني ولامع نقد اللقاءات التى تمت مابين الرئيس البشير وقيادات الاحزاب سلفاكير لم يحضرها .. علاقة الفريق سلفاكير مع قادة الاحزاب بسبب غيابه المتطاول لم تتصل كما ينبغي والاخوة فى الحركة الشعبية يقولون أنه من الضروري أن يلتقي الفريق سلفاكير بالدكتور حسن الترابي ويجلس معه ساعات نحن نأمل أن تحدث فى الفترة المقبلة لكن كلامك صحيح أنها تأخرت جدا رغم اهميتها
{ هل تتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة لقاءات مابين الدكتور الترابي والفريق سلفاكير ميارديت؟
{ هل هنالك اتصالات او لقاءات او محاولات لترتيب هذا اللقاء؟؟
نعم كانت هنالك دعوة من الحركة الشعبية لزيارة جوبا ولكن لم تحدد موعدها .. ثم جاءت دعوة أن رؤساء الاحزاب يزوروا الفريق سلفاكير مجتمعين ويصلوا الى واو ويعقدوا معه اجتماعا .. ثم عدل هذا الاقتراح للتشاور مع الاحزاب بأن يذهب رؤساء الاحزاب فرادي ويلتقوا بالفريق سلفاكير ثم من بعد ذلك يمكن أن يحدث هذا اللقاء فى اطار يجمع كل الاحزاب حتى المؤتمر الوطني
{ ملف كارلوس من الملفات الغامضة دخوله الى السودان؟؟ وتسليمه لفرنسا خاصة أن هنالك تقارير اشارت الى أن الدكتور الترابي عقب عودته من مدريد التقي فى المطار لمدة ربع ساعة بمسؤول فرنسي رفيع المستوي ابدي له خشيته من عدم تسليم السودان كارلوس وبعد عودة الترابي للخرطوم تم تسليمه بتلك الطريقة الدرامية؟ ولا نستطيع أن نتحدث حول هذا الامر دون التوقف بمحطة المحبوب عبد السلام مترجم اللقاء؟؟
ابتسم ثم رد قائلا النقطة الاخيرة صحيحة وهي انني كنت اقوم بالترجمة مابين جهاز الامن السوداني وجهاز الامن الفرنسى فيما يتعلق بموضوع كارلوس لذلك انا مطلع على هذا الملف جيداً الدكتور الترابي سافر الى اسبانيا وقدم محاضرة وفى طريق عودته كانت الرحلة تسمى الرحلات المقلة وحدث conatian
بتديل للطائرة لمواصلة الرحلة جلسنا فى مطار باريس ساعات حتى اتى مدير عام العمليات الفرنسية وقابل الدكتور الترابي لكن الخطأ فى تناول موضوع كارلوس فى السودان دائما يتجه الى أنه موضوع سياسى حكومة الانقاذ آنذاك تعاملت مع ملف كارلوس بوصفه ملفا امنيا من جانب كارلوس كان يظن أن هذا النظام الاسلامى الثوري سيكون متحمسا فى التعامل معه حقيقة كارلوس ضاقت عليه الارض بما رحبت كان يبحث عن مأوي كان يبحث عن مقر وفى دولة عربية ضافت به ذرعا وهرب اليها من دولة عربية
الدولة هذه الاخيرة كانت تريد ان تتخلص منه كان البلد الوحيد الذى يستقبل العرب بدون تأشيرات كان السودان بعثت به هدية مسمومة الى السودان جهاز الامن فوجى بوجود كارلوس فى السودان وقدم نفسه على أنه شاين كارلوس وكارلوس هذا لقب وليس اسمه الحقيقي الذى كان يريد التفاوض مع الامن الفرنسى هو الامن السوداني وكان السياسيون مثلا الفريق البشير والترابي وعلى عثمان كانوا فقط يخطروا بتطور المفاوضات معهم والمفاوضات كلها كانت منصبة فى أنه ينبغي أن يغادر السودان .. نحن لاشأن لنا به ولم نكن بعض من عملياته فى العالم العربي وانا تحليلي الشخص أن كارلوس لم يعد ذلك المناضل الذى ينصر القضايا العربية تحول الى مثير دولى والذى قاله مدير المخابرات والعمليات الفرنسة للدكتور الترابي انهم دولة فرنسا بمذكره صادرة من الانتربول البوليس الجنائي الدولي تريد أن تستلم كارلوس وسلم هذه المذكرة للدكتور الترابي فهذا كان شأن قانوني وعلاقات دولية محضة والدكتور الترابي كما تعلم هو شخص قانوني ومختص بالقانون الدستوري ومختص بالقانون الدولى فكانت اجابته واضحة اذا كانت هنالك مذكرة توقيف باسم القانون الجنائي الدولى ينبغى أن تتم المسألة فى هذا المستوي لانه سياسيا لا شأن لنا بكارلوس ولكن دولة فرنسا وهى دولة بالمناسبة الوحيدة فى العالم التى عندها ملف جنائي مع كارلوس هو قتل ثلاثة ضباط من ضباط المخابرات الجنائية الفرنسية قتلهم فى شقتة فى باريس مباشرة من مسدسه فعندهم قضية مكتملة لذلك واقف الانتربول بأن يصدر هذه المذكرة بتسليم كارلوس الى فرنسا اينما وجد
كذلك مدير المخابرات الفرنسية تحدث بأن هنالك مساومات تتم بينهم وبين الامن السوداني حول هذا الموضوع الترابي اكد انهم يرفضون أي مساومة فى موضوع جنائي واكد أن التسليم يتم على اساس جنائية محضة فى اطار البوليس الدوليوالانتربول السوداني و الانتربول الفرنسي . تم التسليم على هذا الاساس فملف كارلوس كان ملف امنى ثم اصبح ملفا جنائياا ولم يكن فى يوم من الايام ملفا سياسياً ..


-: المحبوب عبد السلام فى حوار فوق العادة مع «أخبار اليوم» الاولى (2-2)
بتاريخ 28-4-1429 هـ
القسم: الحوارات
الترابي لم يلتقي مسؤول ملف الارهاب C.I.A فى معتقله بكافوري ولم يدلي بأي معلومات حول الارهاب
{ لامانع أن يلتقي الدكتور الترابي بشخصية يهودية دينية او روحية والحوار مع اسرائيل يحتاج إلى فكر آخر {
{ لم نستخدم ملف اغتيال حسني مبارك والمعلومات المتداولة ادلي به ضابط منشق من الامن الاثيوبى فى لندن
{ هذه هى القصة الكاملة لزيارة كارلوس لسكرتارية الترابي فى المؤتمر الشعبي العربي الاسلامي ولماذا رفض طلبه؟
فى الجزء الثاني فى حوارا مع اخبار اليوم كشف الاستاذ المحبوب عبد السلام امين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني الشعبي معلومات جديدة حول الزيارات التى قام بها الارهابي العالمي كارلوس الى سكرتارية الدكتور الترابي الامين العام للمؤتمر الشعبي العربي والاسلامي بهدف مقابلته والكتاب الذى تركه فى الاستقبال والاتصالات التى اجرتها المخابرات الفرنسية بالاجهزة الامنية بعد شهرين من وصوله وقصة رقم جوازه الدبلوماسى الذى كان يمتلكه واكد المحبوب عبد السلام أن حزبه لم يستخدم ملف اغتيال الرئيس المصري حسنى مبارك مشيرا الى أن المعلومات التى نشرت فى صحيفة الشرق الاوسط قدمها ضابط منشق من جهاز الامن الاثيوبي كان قد وصل الى لندن هارباً ونشر حلقات حول التحقيق الذى قام به مع بعض الشخصيات التى تم القبض عليها اثناء المحاولة من الجماعات الاسلامية ونفى المحبوب عبد السلام المعلومات التى تداولت حول لقاء جمع مابين زعيم الشعبي ومسؤول مكافجة الارهاب بـ ((cia فى معتقله بكافوري حيث تداولت انباء بأن الدكتور الترابي قدم معلومات استراتيجية حول الجماعات الاسلامية التى كانت موجودة بالسودان في سنوات الانقاذ الاولي
وفى هذه الحلقة اجاب المحبوب ابرز تلاميذ الترابي حول هجومه على الدكتور جعفر شيخ ادريس فى مقاله الشهير عودة طائر البطريق حيث اعترف لاول مرة بان الرد كان به خروج على ادب الخلاف ودافع المحبوب عبد السلام بشدة عن المشروع الفكري الذى يطرحه الدكتور الترابي مشيرا الى أنه اذا لم نتأمل اصول مشروعة سنندم كثيراً على ضياع الفرصة بيد انه اهم فى فكرته انه يعود بالاصول الى القرآن ويجعل القرآن حاكما على السنة كل هذه القضايا فى ثنايا هذا الحوار الذى لم تنقصه الصراحة فالى التفاصيل
سكرتارية الدكتور حسن الترابي فوجئت بكارلوس فى استقبال المؤتمر الشعبي والاسلامي اكثر من ثلاثة مرات وكان يريد مقابلة الزعيم الروحي الـ 30 يونيو ؟ لماذا رفض الدكتور الترابي مقابلته فى مكتبه؟
كارلوس كان يقدم نفسه لبعض الناس الذين كانوا يؤتمنهم انه سياسي وكان يريد عندما طلب من بعض الشخصيات السودانية التى كان يعرفها طلب منهم اما أن يقابل البشير او الترابي او السيد عبد الرحيم محمد حسين الذى كان وزير الداخلية يومها
كما قلت كان يقدم نفسه كسياسي ولم يكن مقتنعا بالتعامل مع الاجهزة الامنية فقط وكان يظن ان هذا النظام ثوري واسلامي عنده اعمال كبيرة سيساعده هذا فى أن يجد موطئ قدم بعد أن ضاقت عليه الارض بما رحبت
واستطرد محدثى امين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الشعبي قائلا هو فعلا جاء الى الاستقبال فى المؤتمر الشعبي العربي والاسلامي وطبعا لانستطيع ان تدخل الى المؤتمر الشعبي لتقابل الترابي دون أن نعرف من انت ودون أن يكون هنالك موعد خاصة أن الموجودين فى الاستقبال لايستطيعون أن يتعاملوا مع شخص كهذا لم يفصح عن اسمه لكنه ترك كتاب معروف ومشهور اسمه الى نهاية العالم كتبه صحفى ايرلندي «يفيديلو» تحدث عن قصة كارلوس وترك هذا الكتاب وقال أن هذا الشخص الذى كتب هذا الكتاب «كتب عنه هذا الكتاب يجب ان يقابل» فنحن ظننا أن الصحفى الايرلندي موجود فى الخرطوم ولكن عندما اتصلنا بالجهات فى الاعلام الخارجي لم نجد اثر «ديفيد يلو» فى الخرطوم فلذلك صرف عن هذا الامر ولكن الاجهزة الامنية اكتشفت كارلوس منذ وصوله للخرطوم منذ الاسبوع الاول كان معروف لدي الاجهزة الامنية لكن بعد حوالي شهرين من وصوله الى الخرطوم اتصلت المخابرات الفرنسية وقدمت معلومات للسودان عن شخص مواصفاته كذا . وكذا وانه هذا كارلوس وكانوا يعرفون حتى رقم جوازه بالضبط وكان متطابقا مع جواز السفر الذى دخل به للسودان وهو كان اسهل مكان لديه هو المؤتمر الشعبي والعربي والاسلامي
واسهب محدثى الاستاذ المحبوب عبد السلام قائلا طبعا لايستطيع أن يذهب الى وزارة الداخلية وطبعا لايستطيع أن يذهب الى القصر الجمهوري فجاء الى المؤتمر الشعبي
{من ضمن الانتقادات التى وجهت للمؤتمر الشعبي أنه استخدم كرت محاولة اغتيال حسنى مبارك فى المؤسسات الدولية بصورة لم تراع صفاء الود القديم لاخوان الامس؟
رد بسرعة اطلاقاً نحن لم نستخدم هذا الملف أي استعمال الملف مثلا استعمله الامن الاثيوبي مرة ضابط منشق من الامن الاثيوبي جاء الى لندن وقدم حلقات حول تحقيقة مع الشخصيات التى تم القبض عليها اثناء المحاولة من الجماعات الاسلامية وقدم لها ونشرت فى جريدة الشرق الاوسط اللندنية كانت ترد اسئلة للدكتور على الحاج والدكتور الترابي من وسائل الاعلام ومن صحفيين فى التلفزيون او بعض الصحف كانوا يسألون الدكتور الترابي هل هو كان بعض من هذه العملية كان يقول لا
وكان يسألون هل هنالك بعض شخصيات سودانية كانت تعرف هذا الملف كان يقول نعم
ومرة طلب منه أن يذكر اسماء فرفض أن يذكر اسماء وقال انه لن يذكرها الافى محكمة
لانه فى المحكمة تقول الحق وتشهد حتى على نفسك يعنى لكن نحن لم نستغل هذا الملف يعنى الا اذا جاءت جهة وسألت وطالما أن الموضوع مغري ومثير وكثير من الصحفيون يحبون الاثارة ولكن نحن لم نبادر الى الحديث عن هذا الملف او كشف معلومات عنه حتى للجهات التى تملك معلومات عنه لم نبادر عن كشفها اذا قلت أي كلام فيما يتعلق بهذا الملف نحتاج الى تحقيق يعني محتاج الى جهات تحقق فيه محتاج الى محكمة تفصل فيه فحتى الذى يعرف التفاصيل يمكن أن يحكي القصة ولكنه لايمثل تجريم لجهة بعينها مالم تنعقد محكمة .
حقيقة لم نستغل هذا الملف لا امرة واحدة هنالك برنامج معهم فى قناة العربية لكشف بعض الاشياء وفى اطار هذا البرنامج مع كان هنالك سؤال للدكتور الترابي وكما تعلم أن الدكتور الترابي تمسك برفض الحديث حول هذا الموضوع
{هنالك معلومات تسربت بأن الدكتور حسن التر ابي التقي بمسؤول كبير من المخابرات الامريكية فى محبسه الاخير وقضوا معه حوالي 8 ساعات قطعتها اوقات الصلاة ووعدهم تسليم كل المستندات التى بحوزته والمتعلقة بالارهاب فى الخارج فى سنوات الانقاذ الاولي وايام تواجد بن لادن فى الخرطوم وفقا لما ادلي به الدكتور المحيس؟؟
هو لم يحدث هذا انا سمعت هذا الكلام ان هنالك شخص ذهب للدكتور الترابي فى سجن كوبر والتقي به وظننت انه شخص يتبع للامم المتحدة حتى على هذا المستوي لم يزر أي عنصر غربى الترابي فى سجن كوبر ولم يزره أي عنصر غربي فى المعتقل المنزلي في السجن كافوري لم يزره أي شخص من الغرب لا شخص يتبع منظمة لا شخص من الغرب لا شخص يتبع للمخابرات المعلومات الدقيقة الوجودة , المعلومات الصحفى جون افقاندي هذا الذى كتب كتاب واسماه «اسامة»
وجون افقاندي ظل يحضرللسودان منذ الثمانينات كل مرة يحضر للسودان يقابل الدكتور التبرابي يتحدث معه عن الحركات الاسلامية يتحدث معه عن الارهاب
هذا هو اكثر صحفى كان يحضر بصورة منتظمة ويتحدث فى هذا الموضوع وكتب كتاب اسماه اسامة واكد قائلا محدثى الاستاذ المحبوب عبد السلام لكنه لم يحدث قط انه اذ ذكر الدكتور المحيس هذه الافادات فهي غير صحيحة.
{قيل أن الصحفى الغربي الذى ظل يدير الحوار مع الدكتور الترابي هو جزء من المنظومة الاستخباراتية العالمية؟
لا .. لا .. هو صحفى لم يزره فى السجن هو كان يأتى عن طريقنا نحن فى مكتب الترابى ونجلس معه فى لقاء صحفي عادي وهو ليس عنصر استخباري بل هو صحفي مشهور جدا فى السبعين من عمره ومعروف جدا
{تعليق الحركة الشعبية للتعداد السكاني تقيمك لهذه الخطوة وما هو موقف المؤتمر الشعبي من التعداد السكاني؟
المؤتمر الشعبي لم يصدر كلاماً عن موقفه حتى الان فى هذا الخصوص لكن رأيي الشخصى هذا تعبير عن ازمة العلاقة بين الشريكين وازمة حكم السودان لان كلاهما يمثل اكثر من 80% من السلطة
العلاقة بينهما امر يخص كل السودان والعلاقة بينهما تمضي فى ازمات من ازمة الى ازمة
يمكن جدا أن تكون الاسباب التى ذكرتها الحركة الشعبية تكون مقنعة أن فصل الخريف سيدخل وانما لديها اعتراضات على الاستمارة وكذلك الحديث الذى ذكره المؤتمر الوطني او ذكرته مفوضية التعداد السكاني ربما يكون حديث منطقى لكن كان ينبغى طالما أن الشريكين يحكموا السودان كان ينبغي أن تكون هذا الاشياء فى اطار الاجهزة الرسمية التى تجتمع بينهما لكن واضح أن مثل أن المؤتمر الوطنى لايطبق بروتوكول ابيي وبخرق الاتفاقية فى ذلك يمكن جداً أن الحركة الشعبية تخرق الاتفاقية فى امر اخر
كما تعلم أن التعداد السكاني شأن اتحادي مركزي ليس شأن حكومة اقليمية فى النهاية حكومة الجنوب ليس من اختصاصها التعداد السكاني لكن هى ممثلة فى المفوضية
وفى النهاية هى عرض لمرض العلاقة بين الشريكين واعتقد أن يجب ان تقوم مبادرة من القوي السياسية لاحتواء الازمات وللوصول لهذه العلاقة لحالة من الاستقرار تساهم فى أن تقوم بانتخابات حرة عادلة ونزيهة فى الفترة المقبلة لانه اذا لم يتم احصاء الجنوب ولم تحصى دارفور وحلايب كما اتضح , يصبح الاحصاء مشكلة تضاف الى مشاكل السودان يجب أن يكون هنالك شئ يساعد على حل مشكلة السودان ينبغي أن تتضافر الاحزاب السياسية لحل هذه المشكلة
{استاذ المحبوب المقال الذى كتبه بعنوان عودة طائر البطريق ضد المفكر الاسلامي جعفر شيخ ادريس بعض المتابعين اشاروا الى انه خروج على ادب المخاطبة فى الحركة الاسلامية ماهو تعليقك؟؟
رد بهدوء قائلا : هو كان رد على محاضرة كان قدمها جعفر شيخ ادريس بقاعة الشارقة وكفر فيها الدكتور الترابي اكثر من خمسة مرات بدون ادلة وشواهد فى أي من محاضراته يعتقد على السمعيات نحن قدمنا بالرد بعد ذلك فى محاضرة سميناها حركة التجديد تواجه خصومها كانت اللحظة هى لحظة مواجهة مع الدكتور جعفر شيخ ادريس لذلك يمكن أن نكون خرجنا على ادب الخلاف وكانت محاضرة الدكتور جعفر شيخ ادريس محاضرة غير علمية و محاضرة اجتماعية منفصلة بعلاقته الشخصية بالدكتور الترابي ونتج عنها كلام خطير هو تكفير الدكتور الترابي هى كانت رد على تلك المحاضرة
{العنوان اللافت المثير لكلمة طائر البطريق فى مقالك ضد جعفر شيخ ادريس من أي المرجعيات اقتبسه؟؟
انت صحفى وتعرف أن عناوين المقالات مثل عناوين القصائد نظرا اثناء كتابة المقال انظر اثناء التفكير فى المقال لكن الفكرة بسيطة طائر البطريق سمي على البطريق الذى يشبه زي القسيس وهو عنده فترة بيات شتوي طويلة ثم يظهر على الشواطئ من هنا جاءت الفكرة ان جعفر شيخ ادريس يتلبس لبوس الدين ولكن يختفي فى امريكا ويختفي فى السعودية ثم يظهر فى محاضرة كل عام فى السودان ويحدث بها هذه البلبلة
{التفسير التوحيدي ومجالس الدكتور الترابي التى ظل يعقدها لنخبة مختارة من تلامذته حدثنا عنها قليلا, خاصة أن هنالك احد الكتاب الاسلاميين قال انه حضر احدي هذه المجالس حيث فوجئ بالترابي جالسا على كرس العلماء فى صالونه وحوله 7 من تلامذته من بينهم المحبوب وامين حسن عمر واخرين وكان الدرس عن طريق الاشارات والايماءات؟
ضحك قيلا ثم قال مفارقة كبيرة هى كانت جلسة علمية كنا نجلس جلسة علمية فى كراس متساوية مرة من المرات كان حصل حريق فى المؤتمر الشعبي العربي والاسلامي فتحولوا الى هيئة الاعمال الفكرية وكانت ضيقة الدكتور الترابي كان يجلس فى مكتبى يعني وكنا نجلس فى مكتب شخص كما تجلسون الان واذا كان هنالك شئ يمكن أن يعاب على هذه الحلقة هى حدة النقاش فيها كانت اراء الترابي تجد نقاشا شديدا جداً من المحاضرين وتقبل بعد تمحيص شديد جداً هى حلقة حوار ساخنة بمعني الكلمة ولم تكن حلقة تسليم خاصة أن القضايا كلها كانو مطلعين على التفاسير الذين كانو يشهدون الحلقة وكانوا مطلعين على التفاسير كنا نقسم العمل أنا مثلا كنت اطلع على الزمخشري شخص اخر كان يطلع على الطبري شخص يطلع على ظلال القرآن شخص يطلع على التنوير والتحليل وشخص يطلع على محمد عبده وشخص يطلع على تفاسير الصوفية مثل ابن عربي فكانت كل هذه المعارك تشبك فى الحلقة فكان الترابي الذى كان من المعتقلات الاولي ايام النميري بدا قرارات مطولة فى تفسير القرآن فهو كان يبلور رأيه عادة فكنا نتداول معه حول الراي واذهب محدثى الاستاذ المحبوب عبد السلام شارحا حول هذه النقطة الترابي يعتقد أن العلم كذلك شوري مثل ان هنالك شوري فى السياسية هنالك شوري مابين الزوج والزوجة بين الوالدين والابناء يعتقد أن العلم شوري فى الغرب تأسست المدارس الفكرية بين الاستاذ الكبير والتلاميذ ويؤسسوا منهج وتصبح مؤسسة فكرية المذاهب فى تاريخ الاسلام مثل الامام الشافعي الامام ابن حنيفة, كانوا يجلسوا حوله ويتداولوا ومن هنا ظهرت المذاهب الاسلامية الترابي يؤمن حتى فى محاضراته واوارقه التى يقدمها خارج السودان كانت مجتمع لها لجان تطرح الفكرة ويدور حولها النقاش وتكتب النقاش وتكتب وبعدين تقرأ وتضع لها اللمسات الاخيرة ايمانا بالشوري العلمية فحلقة التفسير التوحيدي هى ثمرة لهذه الشوري العلمية
{اين وصلت مراحل طباعة التفسير التوحيدي المعلومات التى امتلكها تشير الى أنه فى مراحل الطباعة فى دار الساقى بيروت؟
اشار الى كتاب التفسير التوحيدي الذى وضع بعناية كشر عزيز على صدر مكتبته وقال لى هل شفت هذا فرددت لا فقام من مقعده واخرجه من مكانه وناولني اياه ثم قال كان التقرير أن يخرج ثلاثة مجلدات كل مجلد عشرة اجزاء لكن قد يكتمل ويصبح 4 مجلدات الترابي فى معتقل كافوري ومنذ ان خرج تجاوز الجزء 15والسادس عشر والسابع عشر وباقي حوالي ثلاثة اجزاء حتى نهاية العام سيصدر المجلد الثاني من التفسير التوحيدي من الحادي عشر الي العشرين هذا هو الجزء الاول من سورة الفاتحة الى سورة التوبة
{الاستاذ المحبوب عبد السلام اتفق اغلب العلماء فى العالم السنى بان الافكار التى يطرحها الترابي والفتاوي والاجتهادات بها بعض الشذوذ عن ماهو متعارف عليه وفق اجماع الراكزون فى العالم؟هل يكتفي الترابي بشتم مخالفية الراي بانهم علماء الحيف والتعاس؟؟
رد بهدوء قائلا: الدكتور الترابي لايشتم العلماء التقليديين ولكن يناقش ارائهم احيانا بلا حدة لكنه لايشتم. استجمع افكاره واورقه قائلا انا دائما ما ادعو والان ادعو أن تقرا الترابي قراءة شاملة بمعني أن الترابى كتب كتاب الصلاة فى التسبعياينات بعنوان الصلاة عماد الدين) ثم كتب كتاب الايمان اثره فى حياة الانسان ثم قدم مسودة لنظريته اصول الفقه فهو عنده مشروع متكامل مؤسس على علم تجديد وعلى تجربة فى الحياة وفى السياسية وفى التدريس وهو يجدد بهذا المعنى وهو هذا المهم
الاراء الفرعية انت مثلا يمكن أن تتفق مع الدكتور الترابي فى اصوله التجديدية ولكن قد لاتري زواج المسلمة من الكتابي جائز وقد تراه اليوم غير جائز ولكن بعد سنة قد تقتنع براي الدكتور الترابي هذا فى الفروع لكن انا اهتم بان تناقش اصول الدكتور الترابي ومثلا الجزء الذى ذكرته اخيرا أن هذه المسائل مخالفة للقرآن هو اهم شئ فى نظرية الترابي هو أنه يعود بالاصول الى القرآن ويجعل القرآن حاكما على السنة مثل ماكان الاصوليون يقولون قديما لكن الان من منهجنا عادة أن ناتى با قوال السلف الصالح فى المساجد وفى الفتاوي ثم بعد ذلك اذا وجدنا حديث قد نضطر للحديث ثم اذا لم نجد حديث شق علينا جدا ان لم نجد حديث وراي من السلف نلجأ الى القران هو يريد لهذه المعادلة أن تستقيم بمعنى أن يصبح القرآن مهيمنا فعلا حتى على السنة وحاكما لها لذلك انت مثلا اذا قلت لك انه لا توجد أي اية فى القرآن تمنع زواج المسلمة من الكتابي والاصول فى الدين الاباحة والا أن نجد نص يحرم خاصة فى التحليل والتحريم لكن انت تقول هذا جري به العمل فى السلف الصالح وانه فيه اجماع سكوت بانه لم يأتى احد فى الامة يخالف هذا الكلام
قد تذكر هذا الكلام هذا فيه خلل فى المنهج الذى يعتقده الترابي الذى يقوم على القرآن.
الترابي كذلك ادخل النظرة الجديدة للاجماع، الاجماع فى الاصول كان شئ لا يمكن تحقيقه، اجماع كل علماء الارض على مسالة هذا لا يحدث لكن هو جعله اجماع اغلبية خاصة فى شؤون التشريع، المهم هو أن نقرا مشروع الترابي الفكري كله من كتاب الصلاة عماد الدين، كتاب الايمان واثره فى حياة الانسان، تجديد اصول الفقه، التفسير التوحيدي، السياسة والحكم، المصطلحات السياسية فى الاسلام، عندئذ سنري ملامح هذا المشروع الفكري للترابي.
أنا اعد فى رسالة حول 40 صفحة عن مشروع الترابي التجديدي حتى لانضيع فى الفروع ولا نمسك بحديث الذبابة وزواج المسلمة من الكتابى، هذه كلها مسائل فرعية ومحدودة وخطرها ليس كبيرا، لكن المنهج الذى وصل به الى هذه النتائج هو المهم والذى سيعالج المرض.
طبعا نحن متفقون أن هنالك مرضا شديدا، واقع المسلمين مزري جدا، الجسد الاسلامي عليل، العالم متطور ومتقدم فلا بد أن ننظر اين الخلل فى تفكيرنا لماذا هذ الجمود لماذا هذا التخلف؟ هذه الاسئلة هى التى حركت المجددين، هنالك مجددون لهم المقدرة على الابداع مثل الشاطبي فى القرن الثامن الهجري، واعتقد أن الترابي الان يقوم بمشروع مماثل، اذا لم نتامل اصول مشروع الترابي سنندم كثيرا على ذهاب الفرصة.
ü فرنسا تعتبر محطة مهمة لدراسة قيادات الحركة الاسلامية، هنالك انباء ان قيادات من المؤتمر الشعبي كانت تقابل بعض الشخصيات اليهودية الفكرية فى فرنسا وتدير معها حوار حول الاسلام واليهودية، هل يمكن ان يفاجئ الدكتور الترابي الجميع بأي خطوة فى الحوار مع اليهود أو مع اسرائيل؟
- رد بهدوء فى هذه المسائل لانلجأ للمفاجات ولكن احب أن نكون واضحين فيها، لم تكن فرنسا محطة بهذا المعنى حوارات بين الحركة الاسلامية السودانية وجهات يهودية ولكن الذى حدث تاريخيا هو أن الحاخام الاكبر الفرنسي مختلف قليلا عن بقية الحاخامات ومعروف انه عنده نظرات فيها عدالة، وقد قرأ تصريحات للدكتور الترابي فى احدي المجلات، الترابي تحدث عن انتحاري -كما يقال- واستشهادي قام بتفجير حافلة فى اسرائيل. والصحفي سال الترابي وهو رد عليه قائلا أن هذا الشخص يقوم بهذا العمل امامه ولم يجد الا أن يفجر نفسه لشعوره بحالة من الظلم الشديد وحالة من العجز الشديد فكتب هذا الخاخام الاكبر يقول انه يأسف جدا من شخص يعتبر مفكرا اسلاميا كبيرا أن يقول هذا الكلام ووجه رسالة مفتوحة سماها خطاب مفتوح للترابي وعندهم جريدة تصدر فى فرنسا اسمها لوخا الصليب نشرت هذا الخطاب المفتوح للترابي فرد عليه الترابي، فى أول نقطة ذكرها الترابي أن ثلث القران يتحدث عن اهل الكتاب والحوار مع اليهود والنصاري، لذلك أن نتحاور مع اليهود والنصاري واجب بالقران وأن نجادلهم بالحسني ونحاورهم بالمنطق ولا نلجا للاساءة حتى لا يسيئوا للاسلام ويسيئوا لربنا سبحانه وتعالي، فى هذا الاطار تم تبادل رسالتين رسالة من الخاخام مفتوحة فى الجرائد
وهى مشهورة فى وسائل الاعلام ورد الترابي على ذلك فى خطاب مفتوح شرح فيه فهمه للقضية الفلسطنية وتصرف الفلسطينيين بسبب الظلم الواقع عليهم، لكن مبدئيا لا يوجد مانع أن يتم حوار اديان بين الاسلام والمسيحية وبين الاسلام واليهودية ليس بالمؤتمر الشعبي هذه قضية عامة لكل المسلمين.
ü هل يمكن لدكتور الترابي بثقله المحلي والدولي كزعيم اسلامي ان يلتقي بشخصية يهودية يدير معها حواراً حالياً أو مستقبلاً؟
- قال : شخصية فكرية يهودية او دينية او روحية، نعم ممكن لا شئ يمنع، واسهب شارحاً حول هذه النقطة قائلا : كما ذكرت لك أن الحوار ياخذ حيزا كبيرا جدا فى القران، سورة البقرة كلها حوار اليهود وسورة ال عمراني حوار مع النصاري، فى العالم التاسع للهجرة بعد زيارة وفد نجد أن السور التالية سورة التوبة وسورة المائدة كلها فى هذه العلاقات،
تحديد الثقافة الاسلامية من الاثر الكتابي عليها لذلك هناك جدل كثير جدا عليها، الان هم يحكمون العالم باسم المسيحية الجديدة، دولة اسرائيل من اسمها هى دولة دينية اليس كذلك.
فى هذا الاطار لابد أن يكون هنالك حوار، اصلا الحوار السياسي احيانا يتعذر، الان منذ أن وقع ياسر عرفات على كامب ديفيد لم نصل الى المرحلة الثانية والثالثة فى الحوار بين الفلسطينيين والاسرائيلين، لكن الحوار الاسلامي المسيحي يمكن ان يتصل لانه هنالك لجنة فى الفاتيكان كان يرأسها الكاردينال ارينزي وهو نيجيري مختص بالحوار مع الاديان، الجهات اليهودية اقل انفتاحا لان اليهودية نفسها دين مغلق مافيه فرصة لداخل جديد الا اذا كانت اصولك يهودية، لكن الحوار معهم لانهم يؤثرون علينا وهم جزء من العالم ويؤثرون فى كل العالم، والحوار معهم لا يوجد شئ يمنعه اصولياً، اما أن تحاور دولة اسرائيل وتدخل معها فى اتفاق وعلاقات هذا يحتاح الي فكر اخر ومنهج اخر يحتاج لحساب موقفك الاستراتجي فى اطار القضية العربية الاسلامية وهل تستطيع انت وحدك ان تتحدث باسم الامة .. لابد أن تستصحب كل الامة فى هذا الحوار السياسي او الفكري، لذلك كما قلت لك هو ليس موضوع يخص فقط المؤتمر الشعبي ولكن يخص المؤتمر الشعبي ضمن منظومة الموقف الاسلامي، الاديان الان مهمة جدا، الان اذا نظرت فى نشرة اخبار الجزيرة تجد الاسلام مهيمنا على معظم الاخبار 90% من الاخبار فيها كلام عن الاسلام، الاسلام عنصر مهم جدأ حتى فى العالم لكن الباحث الاسلامي ضعيف البحث فى القران ضعيف فى الفكر ضعيف البحث فى قضايا التاريخ، الوعي للمسلم المعاصر محدود لذلك كان الحوار هذا سواءً حاورنا اليهودي او غيره كل ذلك يزيد معارفنا.
ü أمين حسن عمر بعد أن كان سيف الترابي ودرعه وأبرز المدافعين عنه تحول الى سهم ضدي، وفى تصريحاته الاخيرة قذف المؤتمر الشعبي وشيخه الترابي بالحجارة من وراء اسوار، ماهو السر وراء تبدل موقف الرجل .. هل هي ردة؟
- لا اقول ردة، نحن مختلفون فكريا وسياسيا لكن لم يقم شخص منا بتكفير الاخر، هو طبعا لانه وزير وقيادي بالمؤتمر الوطني والاسئلة التى تلح عليه مسائل سياسية فى مقابل حزب هو يُعتبر الحزب الذى ينتقد المؤتمر الوطني نقداً أصولياً ننتقد الفكرة التى تأسس عليها المؤتمر الوطني نحن نعتقد أن المؤتمر الوطني ليس حزبا اسلاميا ولكن يتاجر بالشعارات الاسلامية فهذا النقد هو النقد المؤلم للاخوة فى المؤتمر الوطني منهم الاخ امين حسن عمر هو اعتبره لايعبر عن موقف فكري حقيقي يعبر عن التزامه السياسي فى هذا المفهوم
ü الحوار بين الوطني والشعبي لماذا وصل الى طريق مسدود؟
- هو وصل الى طريق مسدود لانه فى مبادرة محدودة جدا جاءت من المؤتمر الوطني قابلتها مجهودات كبيرة جدا من افراد بصفتهم الشخصية بالمؤتمر الشعبي. الاخوة بالمؤتمر الشعبية ادم الطاهر حمدون، هباني وصديق الاحمر التقوا بـ 16 شخصية بالمؤتمر الوطني، التقوا بالدكتور مصطفي عثمان والتقوا بالدكتور نافع، صلاح قوش، على عثمان، ابراهيم احمد عمر، احمد عبد الرحمن، عبد الرحيم على، عبد الرحيم حسين، بكري حسن صالح ود. غازي صلاح الدين، والقائمة تطول، فهذا مجهود كبير اليس كذلك .. واعتقد انه مجهود ناجح ان تقوم بكل هذه اللقاءات حتى الر ئيس، وكانوا دائما يقولون هنالك شروط حتى يتم حوار رسمي أن يتم اطلاق سراح المعتقلين فى كوبر فى اقرار واضح لمبدأ المساواة امام القانون لانه أي شخص اشترك فى محاولة تخريبية انت اطلقت سراحه. هم الان يحتجون وراء الكواليس أن هؤلاء الاخوة اذا خرجوا من المعتقل سيذهبون الى حركات المقاومة فى دارفور. افرض ان 28 انضموا للمعارضة فى دارفور هذا لن يحدث تغيير نوعي للمعارضة فى دارفور لن تحل المشكلة ولن تنهزم الحكومة فى اليوم التالي بخروجهم هذه بالنسبة لنا حجة مرفوضة فى الاساس لانهم دخلوا بإسم المؤتمر الشعبي الحكومة تحدث الناس أن المحاولة التخريبية قام بها المؤتمر الشعبي الان نسبتهم الى حركة العدل والمساواة ولا تريد أن تخرجهم بهذه الحجة، كل ما تاخر خروج هؤلاء الاخوة من المعتقلات كلما تأخر الحوار الشعبي والوطني.


ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

المؤتمر الصحفي للأمين العام للمؤتمر الشعبي بعد إحتجازه والإفراج عنه
بتاريخ 9-5-1429 هـ
القسم: الملف السياسي
الترابي: هذه السيناريوهات المتوقعة للتداعيات الدولية والقومية والمحلية
{ المجتمع الدولي لن يقطع صلته بخليل ولا بعبد الواحد وبعد قليل يعود العقل والبصر وأنا لست يائساً {
أمين الشعبي أكد رفضهم لاستخدام العنف لتغيير النظام وضرورة المدافعة السياسية ووصف أحداث أم درمان بالمؤسفة
الخرطوم : كرم الدين سعيد - تصوير : رضا حسن
كشف د. حسن عبد الله الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي في مؤتمر صحفي عقد أمس ملابسات اعتقاله وعدد من قيادات الحزب.
وأكد د. عبد الله حسن أحمد، نائب الأمين العام رفض حزبه استخدام العنف لتغيير النظام وضرورة المدافعة السياسية، واصفا ما حدث في أم درمان بالأحداث المؤسفة لكل الشعب السوداني.
واضاف ان ما حدث من اعتقالات في المؤتمر الشعبي أمر مرفوض ارادت به الحكومة ان تغطي ما حدث من معالجة خاطئة للأحداث.
وفيما يلي تورد (أخبار اليوم) نص المؤتمر الصحفي للترابي الذي بدأ حديثه قائلا :
الاعتقالات طالت (21) واطلق منهم بالتحري نحو (6) حتى الآن وامتدت الى الاقاليم في شمال كردفان وامتدت الى الدور.
الحكومة صورتها اجراءات تحري وحسب، ولكن في الاول بدا اعتقالا في الشكل لاننا اخذنا الي كوبر، وتعلمون كوبر ليس بديوان التحري في السودان، والدور طبعا لا تتحري لان الدور لا تسأل ماذا فعلت وكيف اتصلت بالقوات الغازية على ام درمان، ولكن نحن علمنا الآن ان قائمة خاصة اوحت وقالت لا بد ان نوازن الصدمة لهيبة السلطة لرهبتها مما حدث في ام درمان، كل احد يدرك ذلك طبعا، وكنت لاربعة ايام في ولاية سنار لاشهد مؤتمرا وحسب ونهجنا دائما في المؤتمرات ان نطوف على القرى والمدن في الولاية المعنية. ولكن عادت جبهات اخرى من السلطة وقالت هذا يفسد علينا قضيتنا والاعلام سيصوب الي حدث اخر وكان يمكن رميا على تشاد بالاتهام او رميا على هذه الحركة بالاتهام. الاتحاد الافريقي والامم المتحدة تتعامل معها طبعا في حركة العدل والمساواة في اطار محاولات الحوار وبدلا من ذلك هذا الامر افسد علينا ولذلك جاء وقت متأخر والتحريات اختلفت بين منظومة فيها شئ من الغلظة ومنظومة فيها شئ من اللطف مع الاخرين والاجوبة اختلفت مع من يجيبوا جوابا محدودا لانه لا يدري بالضبط كيف كان قرار الحزب النهائي في كل حيثياته، المبادئ العامة معروفة للجميع بعضهم اجاب وبعضهم كالمتحدث اليكم كان لا يستحقر اشخاص اللجنة العليا من الامن ولكن يستحقر هذه الاجراءات اصلا حتى ولو عقدت في وزارة العدل بكبار مستشاريه، فالاستحقار ليس للاشخاص ولكن للاجراءات نفسها لا جدوى منها من قبل جاوبنا كما قال الاخ الكريم الحكومة كلما غضبت تريد ان تشفي غضبها وكلما انكسرت بشئ تريد ان تعالج كسرها وتصوب علي المؤتمر الشعبي او على آخرين، وفي الاجراءات كلها ما كنت تجد شيئا اصلا قانونا ولا اعلاما، بل ان بعض من تحروا معهم قيل لهم الترابي هناك يجب ان تعترف انت، وقالوا لهم جمعنا كل المعلومات والوثائق والاعترافات فخير لك ان تمضي وتعترف بما تقوم به، بمعني اتخذت كل وسائل الضغوط ولكن عموما لا استطيع ان اقول كان مفاجأة لنا ان نخرج من الامر ولكن الدخول لم يكن مفاجأة لنا، قبل ان ادخل الخرطوم تحدثت مع الذين كانوا معي راجعين من سنار ان الحكومة يبدو مع هذه الضربة ستلتفت اليكم وستفعل بكم الافاعيل، وما كان الفرق بين قدومي الي البيت واعتقالي الا ساعة ونصف، واذا وكان لديكم اي اسئلة طبعا الدكتور بشير ادم رحمة لم يطلق سراحه بعد وادم الطاهر حمدون وحسن ساتي امين العام للشئون الاقتصادية وابوبكر عبدالرازق مسئول العلاقات العالمية لم يطلق سراحه واسامة مسؤول الاحصاء في التنظيم وكذلك اخرون لم يطلق سراحهم سيطلق سراحهم تباعا هذا اليوم بعد تحريات، والمؤتمر كما حدثتكم اصلا لا يصرح الا عن مؤسسة ولذلك نحن - صدقوني قلتها لكم- حتي نحن في سنار خمسة اعضاء كبار حتي نحن لوحدنا لم ندبر امرنا لنسهم به في اجتماع الامانة ودائما الحوادث لا نعلق عليها التعليق الصحفي، الذي نقوله فقط للرأى العام، ولكن اذا حدث حادث ما هو حيثياته التي سبقت وادت اليه؟ تحدث عنها هي حتى لا تؤدي الى مثله غدا او بعد غد، وننظر الي العلاقات العالمية لعلاقات الجوار مثلا او علاقات سمعة الوطن والسلطة وهكذا ووحدة الوطن، ونتحدث عنها وننظر الى آمال السودانيين فيها ان يتفقوا جميعا.
ü رده على اسئلة الصحفيين
ü ما هو رأى الحزب في ما حدث وما تأثير ذلك على السلام في دارفور؟
- الامر لا يستدعى جوابا كثيرا، ما حدث امر محزن ومؤسف كما اسفنا وحزنا على الغرب وللموت وللضرب وللعنف الذي وقع لاهالي دارفور، قد لا تأتي كل الصور الى السودان ولكن نتلقاها ولو من خارج السودان وكل الاحداث نتلقاها ولو بعد حين لانها طبعا محجوبة، تلك المأساة التي تحدث في دارفور انسانية ونأسف لهذا الذي حدث ونحن ضد العنف الذي تسلطه الحكومة وضد العنف التي تسلطه المعارضة عليها لان العنف لا يولد الا عنفا لان منهجنا اذا قرأتم تجدون الوسيلة هي كذا والهدف كذا واهدافنا السياسية ان نغير نظام الحكم ووسائلنا هي وسائل المجاهدات والصبر على الاعتقالات والمظاهرات وهكذا، ولكن لا نرضى ان يقوم عسكري ليغير النظام او يقوم فاعل بفعل مثل ما فعل النظام بالبلد، كيف تغير نظاما بمثله؟
ü ما ذا ترى في العلاقات
الامريكية تحت الطاولة وهل هنالك حريات قبل الانتخابات؟
- السؤال خارج اطار المؤتمر ولكن سنجيب عليه، امريكا طبعا لها موقف في قضية دارفور يتأثر بالموقف الشامل داخليا وانتخاب مرشحي الاحزاب، وان الرئيس في خواتيم امره احيانا يريد ان يخرج بحسن عاقبة، ولكن ضغوط الرأى العام في امريكا ماثلة في علاج قضية دارفور وفي اطار الامم المتحدة اوربا لها موقف شبيه ليس متوازيا تماما، والعالم كله له مواقف كهذه وامريكا كانت لها آراء انها اذا غُزيت المعسكرات في دارفور او اذا اشتد الضرب ستضطر الى التدخل من خلال ادوات الامم المتحدة او تتجاوزها كما تفعل كثيرا، حتى رد الفعل الامريكي يبدو فيه شئ من الاضطراب بين الخارجية وبين البيت الابيض وليس ذلك بغريب، في الديمقراطية اصلا الاصوات احيانا لا تتوازي مثل اصوات الدكتاتورية كلمة بكلمة.
الانتخابات هذه ليس قضيتنا، تسألني عن الحوار حدثناكم ان لنا شرائط ان نحادثهم على سواء لا يمكن ان يكون عندنا معتقلين، ومررنا بالدار التي خرج منها الاسير في غوانتتامو، ولكن غوانتتاموا في داخل السودان لا في كوبا، لا يزال يعتقل منا مجموعة غير هؤلاء الذين اعتقلهم امس منذ زمن يحاكمون محاكمات سياسية ليس فيها من القانون شئ، قلنا لهم حتى نلتقي سواء حتى لا نحدثكم عن غضب او ظلم ولا عن استسلام كما تتوهمون بعد ذلك يمكن ان ان نحاوركم انشاء الله اذا انطبقت هذه الشروط سنتسأنف بيننا وبينهم المحاورات.
السودان بلدكم هذا مازال مضطربا ولا تفتكروا الاضطراب فقط في الاقاليم، الاضطراب والزلزلة في الشرق وفي الغرب وفي الجنوب هذا الاضطراب في المجتمع كله ممثلا في الصراع في التعليم وممثلا في تشققات الاحزاب وفي صراعاتها حتي الحزب الحاكم داخله تباين، انظر الى التصرفات التي تحدث بين اجهزتها نفسها شئ من التوتر. من فعل هذه الفعلة ومن قصر ومن يأخذ الحمد اذا حدث؟
ü تداعيات الهجوم على ام درمان والاعتقالات والتوترات السياسية .. الى اي مدى تعتقد ستؤدي لتحقيق السلام وعملية التحول الديمقراطي، هل تعتقد ان هذه التداعيات ستقلل الفرص ام انها ستكون ضاغط في اتجاه تحقيق السلام بشكل عاجل؟
- الترابي :
ابدأ بالاقليمي وانتهى بالقومي .. ازمة دارفور من اول الزمان كنا في كتاباتنا نقول انها ازمة غير محلية لها جوار واسع اجتماعي وتاريخي وما حولها ولذلك اذا اشتعلت فيها النيران ستصيب الذين الى جانبنا غربا في تشاد وستتفاعل الامور هنا وهناك، فهي ازمة دولية والعالم كله سمع بالأزمة والجماهير في كل الغرب حتى كل الاخبار والصور وانفعلوا بذلك قبل ان تنفعل الحكومات الغربية والضغوط كانت شعبية عليهم في بلاد ديمقراطية اصلا ولذلك قلنا انها ازمة قومية لا يصلح السودان اذا بقت دارفور او عطلت او شلت كلها بين اللجوء الى المدن والمعسكرات وتعطلت الزراعة والعمل كله بل اصبح خصما ننفق على السلاح حتى نقاتل دارفور، وكنا نرى انها ازمة قومية وعالمية وليس محلية وحسب، واجيب ان شاء الله على ما ارى في مستقبل الامور في هذا الامر والتداعيات، انا في رأىي والله اعلم انه ستكون لنا عظة في العلاقات الدولية، من قبل كانت لنا علاقات مع اريتريا واثيوبيا ومع يوغندا نتبادل معهم تسليط المعارضات وتسليحها ومدها عليهم فيجيبوننا او يبادروننا فنضطر الى ان نجاوبهم بمثل ذلك فكانت تستغل الشعوب وتوظف ليضرب بعضها بعضا، الحكام الطغاة هنا وهناك والشعوب ينبغي نحن ننظر الى ان تتوحد وتصبح سوقا مشتركا ومجتمعا مشتركا ومنظومة واحدة ولكن هكذا تتخذ الشعوب وتلقي بالشعوب بعضها على بعض كادوات سلاح فقط .. ولكن اظن ان ما حدث في تشاد قبل مدة وما حدث في الخرطوم .. ما حدث في تشاد وصل انجمينا وما حصل هنا وصل العاصمة، كذلك احسب انه سيجعلنا نرجع الى حسن الجوار مع كل الدول التي تجاورنا، حسن الجوار والسلام، لا مسالمة فقط وملاطفة ولكن تعاونا وسوقا مشتركة بل حدودا تنفتح لا لتجلب النار بل للتبادل التجاري والاجتماعي والرجاء ان شاء الله في منظومة كالمنظومة الاوروبية تجمعنا ان شاء الله. انا في رأيي الضربة كانت صدمة بالغة تذكرنا بهذه المعاني وفي برنامجنا هكذا نقصده وهدفنا في علاقات الجوار له امانة خاصة والعلاقات العالمية.
اما في العلاقات القومية احسب انه احيانا بالطبع من اول الضربة الانسان يصيبه الغضب وان لم يجد الذي ضربه فيضرب مثل ضرب المؤتمر الشعبي، ولكن لعل من في السلطة الآن يدركون ان مجرد حصر العنف في دارفور والضرب والنيران كلها هنالك رد الفعل لن يقتصر علي دارفور بين القبائل بعضها على بعض وبين مقاومات هناك ولكن احيانا قد تنطلق منها قذائف كما انطلقت قذيفة غزو تبلغ الخرطوم وتبلغ كل عاصمة السودان وتزلزله، زلزلتنا هذه الضربة المؤسفة المحزنة ولكن نحن كنا نتحدث امس لايمكن ان نصم آذاننا عن الاحزان المتباعدة لانها غدا ستأتينا العاقبة، واظن الحكومة ستدرك والمقاومة نفس الشئ اظن انها ستدرك انها قد تضرب ضربة تبلغ حتى الخرطوم ولكنها لن تبدل كل شئ بهذا المنهج وحده ولو جاءت وحكمت السودان -ارجو ان تكون لا تريد - ولكن نحن لا نريد ان ننتقل من حكم عسكري الى حكم عسكري فضلا من ان تكون من قوة عسكرية اخرى لاننا سنظل في نفس المشاكل ومن قبل في السودان لو تذكرون تاريخكم اهل السودان قامت قوات من ليبيا وجاءت وضربت الخرطوم وانتشرت في كل ناحية ولم تبلغ هدفها فردت وحكمت وقتل من قتل لكن الحاكم اتعظ طبعا والمعارض هناك اتعظ تماما بعد قليل بعد ذلك التقوا وبدأت المصالحات وعادوا نحن كنا في السجون طبعا ولا نخرج من البلاد كثيرا ولكن عادوا من بورتسودان ولندن وجاءونا في السجون ليفاوضونا فقلنا ان منهجنا لا نفاوض في السجن حتى لا تظنوا ان طيب الكلام هو خوف ولا شديد الكلام هو حماقة، فاخرجونا بعد ذلك وحققنا المصالحة الوطنية معا. اذا كنتم اهل السودان ترجون مصالحة وطنية ومهاد من حريات اوسع وكفاية السلطة والقوة والامن يبقى القرار للشعب ليختار لا للامن ليكره ويخبط ويطلق كما يشاء، اظن ان العبرة ستكون خيرا ويأسف المرء لما فقدنا ولكن دائما تطورات التاريخ تكلفك التكاليف، دائما هذه التكاليف تحدث في دارفور ووصلتنا هنا وما حدث من اعتقالات متوالية لنا والوقع الاعلامي العالمي لذلك هذا كله احسب سيهمنا جميعا والاحزاب والقوى السياسية الاخرى لتتحاور وتتسالم وتقيم في السودان نظاما هادئا ساكنا بوحدة وبمعادلات مطمئنة لا بحروب، وتقيم نظاما حاكما شوريا ديمقراطيا حرا عادلا هذا ليس رجاء ودعاء مني لكن تقدير مني ان نستفيد مما حدث. القادمون كما بلغني ما كانوا يستهدفون المواطنين بل يلتقون بهم ويحيونهم والقوات المسلحة طبعا لا تستهدف ولكن اذا تراشق الناس بالنيران بعد ذلك لا اسهل ان تنطلق الطلقة واين تقع وتصيب عشرات من المدنيين، و هذا دائما نهج الاضطرابات العسكرية.
ü ذكرت اطراف حكومية عديدة عن وجود ادلة ووثائق تربط بين د. خليل والمؤتمر الشعبي، هل عرضت عليكم أي من هذه الادلة في التحري ولو على سبيل دفعكم للتسليم بالامر؟
- من يعلم بداهة القانون واولويات الاجراءات والتحريات لا يمكن ان يتصور ان الدولة في ضرب والجيش في عمليات والامن في عمليات، العدل الآن غائب تماما وهذا ليس وقتا للتحريات ولكن هذه طريقة استجواب، نحن عندنا اعترافات، انا احدثكم وقالوا للناس الترابي اعترف وهو الامين العام لك، ولا بد ان تعترف انت، ولكن نفس هذه المسائل قيلت لي، قالوا لنا وثائق بعد ان رفضت ان اجيبهم بنعم او لا اصلا لا لانني احتقرهم ولا لانني محتار ولكن لان مثل هذه الاجراءات لا قيمة لها البتة هم ارادوا ان يخرجوننا اعتقلوننا ثم بعد ذلك ارتدوا الى رشدهم ولكن حتي يستتروا منكم قالوا تحرينا حتى يكون الامر كأنه تحري، قيل لي هذا، قيل لدينا وثائق واعترافات، الشرطة احيانا تنشغل بالقانون لانها تدرس قانونها وتقاضي بين يدي دفاع واتهام ولذلك تضطر لان تتعامل مع القانون وقبل كل الاخرين كذلك. وقالوا لنا وثائق .. عادة الشرطة الذكية اذا اعترف بعض المشتركين في جريمة يشهدونك عليهم حتى تشعر ان قضية التستر بينكم قد انهارت، لا يأتونك بالورق فقط يأتونك بالاشخاص نفسهم وحدث في بعض القضايا.
قلت لهم انا لن اجيبكم على شئ وانا زاهد فيما عندكم حتى هنيئا لكم اذهبوا به الى المحاكم ثوابت وبينات مؤكدة ومعززة، اذهبوا بها الى المحاكم ونلقاكم هنالك، ولكن ما اخرجوها لاحد قالوا هنا لي هذه اسرار امنية لن نخرجها . طبعا القوات النظامية مختلفة الشرطة تعلم ان لابد ان نسأل ونجاوب ونتعامل ولا نضرب اول طلقة .
ü هل نتوقع من حزبكم تقديم مبادرة لما لكم من نفوذ في الاقليم في محاولة لم الجراح؟
- المبادرات كانت دائما تخرج منا لا لفضل فينا لانكم تعرفون ان هذا الحزب من قديم الزمان يتحدث عن اللامركزية سواء كانت ثورة الجنوب او حركة الجنوب بعد ثورة اكتوبر كنا دون سائر الاحزاب تقدمنا خطوة الى اهل الجنوب وعقدنا مؤتمرا في فكرة الاقليمية درجة نحو الفدرالية وحتى مع الجنوب اخيرا نحن الذين بادرنا في جنيف وعقدنا اتفاقية سميت اتفاقية خيانة للدستور وخيانة للسلطة وخيانة الدين، ولكن في نهاية الامر الحكومة اضطرت الى ان تفاوض تستسلم لما جرى في نيفاشا ومشاكوس من قبل والطريق سلكوه من بعدنا وفي دارفور تعلمون اننا ندعو الى اللامركزية والتعامل بيننا وبين قضية اهل دارفور المقاتل منهم وغير المقاتل سواء عندنا نحن لا نقاتل ولكن قاتلنا او لم نقاتل قضية دارفور نحن معها كنا دائما لا مركزية ونحن حزب قومي فينا من دارفور ومن الجنوب ومن الشرق من كل ناحية رجالا ونساء ولابد ان يتوازن رأينا وقدمنا قضية دارفور وترجمناها الى اللغة الانجليزية مرة بعد مرة وتحدثنا الى الامم المتحدة حتى امينها العام وتحدثنا للاتحاد الافريقي مرة بعد مرة ونصحناهم ان يكون الحوار وخالفوا رأينا وذهبوا الى مكان واخفقوا تماما ونصحناهم كيف ينبغي ان يتبع الحوار لا ليأتي بطرف مقاتل مع طرف مقاتل هنا دفاعا عن الدولة وطرف يقاتل دفاعا عن حقوقه والذين لايقاتلون والاحزاب القومية التي لا تقاتل ولكن لها رؤى كذلك حول دارفور والشرق والجنوب والشمال يشتركون جميعا في هذه قضية تأسيسية للوطن وليست قضية سياسية عارضة تاسيسا للوطن والبناء الدستوري البنيوي للسودان ينبغي ان يشترك فيه كل اهل السودان وبعد ذلك يعتمده الرأى العام كله هذا هو الضمان ليس قوات عالمية والقوات الافريقية لم تجد شيئا، الضمانة هو الشعب والسلطة هي للشعب، فقلنا لهم مرة بعد مرة ذلك ولكنهم لا يريدون ان يستجبوا لذلك لانهم مازالوا يرددون بعض الالفاظ التي تعلموها قديما عندما كنا جميعا سواء ولكن لا يدركون مراميها ومغازيها، اسأل الله ان بهذه الحادثة تصلهم المبادرة وهم يصوبون خاصة على خليل ابراهيم ودائما يحدثون كل الاعلام الغربي وكل الدبلوماسيين الغربيين ياتونني ويقولون يقال ان هذا الرجل هو معك ومع بن لادن، طبعا لانهم يريدون بذلك ان يخاف الغرب من هؤلاء، هذا هو الارهاب والاصولية الاسلامية حتى لايمدوه لا بدعم سياسي ولا مالي وسلاح، هذه هي الطريقة التي فعلوا بها كثيراً، والاخر ذهب الى اسرائيل، هذا لا يغضب الغرب عليها طبعا ويزيده رضا ولكن يزيد الحكومة هنا حياء، ان تؤثر عبدالواحد يساري الاصل على خليل الاسلامي الوطني، طبعا هو درس في وسط السودان وتزوج وسط السودان.
ولكن لا احسب ان المجتمع الدولي سيقطع الصلة بخليل ولا بعبد الواحد ولا باهل دارفور الاخرين سيظل يحاولون ان يجمع المتحاربين مهما اشتدوا واحتدوا ومهما شكا بعضهم سطوة على الاخر في دارفور او على الاخر في ام درمان ومهما خسر المدنيون وبنىة الاقتصاد السوداني هنا وهناك احسب ان ذلك سيكون كذلك وما احسب ان الاحزاب السودانية ستفعل ذلك وبعض القضية الاولى اكاد اطمئن انهم سيرجعون، انا حدثتكم عن نميري ماذا فعل في الذين قدموا من ليبيا قتلهم قتلا فاحشا حتى الذين لم يشاركوا في المعارك جاء لهم من دارفور وهذا اصل القضية في العالم كله حتى في امريكا مجرد ان يجدوك مسلما يلقي عليكم الغضب والغضب احيانا يحول الانسان الى وحش (اصم وابكم) لا يرى ولا يسمع ولكن بعد قليل يعود العقل والبصر ان شاء الله وانا لست يائسا وانا صدقوني ما كنت اعلم ما هي قرارات الامانة كنت في سنار وفي سنار نحن اصلا ما علمنا قرار حتى لم نهيئ نفسنا جمعنا فقط معلومات وتحليلات وجئنا لنجتمع واجتمعوا بعد ان غيبنا هنا في الخرطوم في الاعتقال. واهدافنا في نظامنا وكل سياستنا ان النظام يكون لا مركزي ويكون ديمقراطي وحر ولن نقبل ان يخلفه نظام اخر حتى يشفي غيظنا فيه، لا نقبل الانقلاب ولا نقبل العنف والوسيلة هي الترابط السياسي والتغيير ولذلك في دارفور اتخذنا نفس الموقف كنا ضد العنف من جانب دارفور او من الجانب الذي يقابله هنا وكنا ندعو للحوار فيها وكنا نرى ان كل شئ يحدث فيها مؤسف وان الرد الذي وصل الى الخرطوم حدث مؤسف ومحزن لاننا لا نقبل هذا من اي طرف اما اعتقالنا ارى انه امر اسف جدا ايضا ولكنه معهود عندهم ولعل الحكومة الآن تستيقظ وبدلا ان تشفي غيظها لا بد ان تسترشد به، وسترون في الايام القادمة حديثنا عن كل التداعيات الدولية والقومية والمحلية لما يحدث في دارفور وما حدث اخيرا حتي في قلب السودان.
علاج قلب السودان يجب ان يصل الى اطرافه لا يمكن ان تعالج الاطراف دون ان تعالج العقل المركزي في السودان حتى يتوازن السودان ويهدأ ويطمئن وكل ثرواته لا تضيع هكذا في الصراع ان شاء الله بالبناء بالتشاور والحكمة ولا الخصومة.
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

دروس إلى الأستاذ عثمان ميرغني:

كيف أدعو إلى جيش مهيب.. وأمن متين مكين ركين..؟!

(2 من 3)

د. محمد وقيع الله
[email protected]

في خاتمة مقال الأسبوع الماضي، وعدت القارئ الكريم بأني سأعرب عن رأيي الصريح المتكامل في جهاز الأمن والمخابرات الوطني، وأتحدث عن ما له وما عليه، وهاأنذا أفي بوعدي، وأوجه حديثي هذا إلى من انتقدني عندما دعوت إلى توطيد الأمن في البلاد، كما أوجهه إلى المسؤولين عن جهاز الأمن والمخابرات الوطني، عسى أن يستفيدوا مما فيه من نقد هادف أبغي به الإصلاح العام.

الفلسفة والأمن:

إن بذور أكثر القضايا الاجتماعية والسياسية توجد في تراث الفلسفة، وأكثر أسباب إخفاق الناس في معالجة هذه القضايا إنما يتأتى من جهلهم بحالة تلك البذور الأولى، والطرائق التي عولجت بها على مدار التاريخ. ولا يمنعني سأم الناس من تداول دروس الفلسفة من أن ألمع سراعا إلى شيئ من ذلك بلا إطالة ولا إملال. فقد تواطأ فلاسفة الغرب ممن عالجوا المسائل الاجتماعية والسياسية على اتخاذ قضية الأمن مدخلا للعلاج، وتحدثوا عن حالة الطبيعة الإنسانية الأولى

State of nature

وعما إذا كانت حالة خير أم شر أم حالة خير طرأ عليه الشر، ثم اتفقوا في غالبيتهم (عدا الفوضويين منهم) على ضرورة بسط الأمن وعدم التساهل في شأنه لأن ذلك مؤذ للمجتمع ككل، ومعوق لأي جهود تبذل للنهوض به.

وأشهر من يستدل به في هذا المقام هو الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز، الذي زعم أن الإنسان شرير بطبعه، وأنه لابد من أن يردع بجهاز سياسي أمني مطلق السلطة، أطلق عليه اسم وحش بحري مهول هو التنين. وجاء فلاسفة آخرون منهم جون لوك وجون جاك روسو قاموا بتعديل فرضية هوبز المتطرفة بما خفف من تشاؤمها وشؤمها، ولكنهم شددوا أكثر منه على مسألة الأمن، وضرورة حفظه بما يقي الأمة شرور الفوضى والحروب. ومن يطلع على تراث الفكر السياسي الغربي يلاحظ مركزية هذه القضية (الأمنية) فيه، ومن يراقب إفرازات فكر المحافظين الجدد، الذين يحكمون العالم بأسره حاليا، يلاحظ أيضا مركزية هذه القضية في فكرهم، حيث جعلوا من جهودهم في مكافحة ما يسمونه بالإرهاب، أهم بند في سياساتهم الداخلية والخارجية على الإطلاق.

ولا أريد أن أفيض في مرجعية أمر (الأمن) إلى أكثر من ذلك، حتى لا أجور على المساحة المخصصة لبقية هذا القول، وأما من لاحظ تجاهلي لتراث الفكر السياسي الإسلامي في أمر (الأمن) فلا أكثر من أن أدله على كتاب الماوردي، وشعر الأفوه الأزدي، وقبل ذلك وبعده، على كلام الله تعالى، في سورة قريش.

وهكذا فإنني عندما أتحدث عن ضرورة بسط الأمن بجهاز متين مكين ركين، فإنما أشير إلى أمر له مرجعيته، وتبريره القوي المقنع، الذي يذعن له صاحب البداهة ودارس الفلسفة سواء، ولا أدل على بدهية هذا الأمر، من تعالي انتقادات سائر مواطنينا الكرام لتقصير جهاز الأمن، واستنكارهم لاخفاقه في اكتشاف جحافل الغزو الأخير قبل أن تبلغ مشارف أم درمان وتخترقها وتكاد تجتازها. وأذكر أن هذا الضرب من الانتقاد المبرر كان هو الذي قدمه المواطنون لأجهزة أمن نميري عندما فاجأ العاصمة غزو مماثل في عام 1976م، وقد كان هذا الضرب من النقد يتصاعد حتى من أفواه جنود الجيش عندما كنا نلقاهم في الطرقات التي انتشروا فيها بعد انكسار الغزاة.

الإنقاذ والأمن:
وهكذا فلقضايا الأمن أهمية كبيرة في حكمم السودان، ولدولة الإنقاذ بشكل خاص علاقة قوية بقضايا الأمن، فقد نشأت وليدا للحركة الإسلامية السودانية، التي ولدت بدورها عن الحركة الإسلامية المصرية. وكلتاهما تعرضتا لظروف أمنية استثنائية، فاتجهتا لحماية كيانيهما بأعمال أمنية مضادة. فقام النظام الخاص السري، وهو تنظيم شبه عسكري، مواز للتنظيم المدني، لحركة الإخوان المسلمين في مصر، بالاستيلاء على التنظيم برمته، وإدارته بروح أمنية تحافظ عليه من الاختراق ومحاولات التذويب.

وفي السودان نما الحس الأمني خلال محاولات قهر الحركة الإسلامية والتآمر عليها في السبعينيات والثمانينيات، ونشأ نظام للمعلومات والأمن، استفحل في عهد الإنقاذ، وأدى خدمات جلى لدعم النظام، والمحافظة على أمن الوطن ووحدته، وإذا تاح للحركة الإسلامية السودانية أن تحقق النجاحات الكثيرة التي استعرضنا طرفا منها في سلسلة ماضية، فقد كان ذلك بحماية من الله تعالى، ثم بجهد الحركة الإسلامية الذاتي في حماية نفسها بنظام أمني متين مكين ركين.

سلبيات نظم الأمن:

وإلى هذا الحد وحده، من النظام الأمني المأمون، أدعو إلى تقوية نظم الأمن في البلاد لحفظ وحدتها وأمنها ومجهودات التنمية المتصاعدة فيها. وهذه دعوة مشروعة لا غبار عليها. إذ لابد من القوة لحراسة الحق، وهذه دعوة وظيفية بهذا المستوى، ولا تتعداه لتبرير عدوان القوة على الحق، أو لتضخيم القوة لأجل احتياز مزيد من القوة والسيطرة واستغلال النفوذ.

وإني وإن كنت قد دعوت وما زلت أدعو إلى تقوية جهاز الأمن، إلا أني لمن أشد الناس قلقا من هذه الدعوة في آن، لأن القوة تفسد في النهاية لا محالة، فهذا درس جلي من دروس السياسة، لا منازعة فيه، وقاعدة وطيدة من قواعد التاريخ، لا خلاف عليها، فالذي يتذوق طعم القوة، وينتشي بخمرها يميل في النهاية، لا محالة، إلى الطغيان والظلم، وهذا أمر أخشى أن يكون عاقبة نظام الإنقاذ إذا تطاول أهل الأمن في البنيان، واتجهوا إلى السيطرة على الحكومة من الداخل، بحيث نجد في النهاية أن أكثر الوزراء والوكلاء والولاة وما إليهم إنما هم أعضاء في جهاز الأمن، أو وصلوا إلى هذه المناصب بترشيحات وتزكيات وضغوط من جهاز الأمن، فيصبح ولاؤهم إليه بالضرورة.

وهذا مآل مفزع بالتأكيد، وأتمنى ألا يصل إليه حال البلاد على الإطلاق، لأن الحال حينها سيختلط تماما، وتتبدل الوظائف غير الوظائف، ويصبح الشرطي حارس الدار، مالكا لها، ومتصرفا فيها، ويغدو صاحب الدار رهينة مأسورة عنده. وهذا ما (أتخيل) أحيانا أن أمر الإنقاذ سينتهي إليه، وأرجو أن أكون مخطئا أشد الخطأ وأنا أفكر على هذا النحو.

ولكن على كل حال فإن على جهاز الأمن مسؤولية أن يطمئننا بسلوكه، بأنه يتصرف برشد كبير وإحساس مستقبلي يقظ بمآلات الأمور، وأن يبذل جهودا معقولة لضبط ممارساته بمعايير العدالة الراقية، وأن يوقف تدخلاته في أعمال الجهاز البيروقراطي، لغير أغراض المراقبة والتجسس، فلا أحد يريد لجهاز الأمن أن يكون أقوى من مجلس الوزراء برمته، أو أن تكون ميزانيته أضخم من ميزانيات وزارات متعددة، إن لم تكن أضخم من ميزانيات جميع الوزارات، وأنا لا أقول إن الأمر هو كذلك بالفعل الآن، ولكن أود أن أقول، وأظن أن كل مواطن مخلص يود أن يقول، إنه لا يود أن يكون الأمر كذلك، لا الآن ولا في الغد!

حتى لا يتحول الأمنيون إلى انكشارية:

وقد دلتنا خلافات الإسلاميين الأخيرة، وما برز فيها من مفارقة بعض أجنحتها البينة للتقوى، وجنوحها السافر للفجور، أن الإفراط في الثقة في الإسلاميين كما كان في الماضي، أمر لا يجب ولا يستحب، وأنهم يجب أن ينظر إليهم وأن يعاملوا كبشر عاديين، تسكرهم خمر السلطة، ويستخفهم الغرور، وتتقادم عندهم المبادئ وتتآكل وتبلى، ويجنحون إلى الظلم المريع.

وما لم تنتبه الدولة الإنقاذية إلى المحاولات التي يبذلها جهاز الأمن للتمدد في خارج وظائفه الحقيقية، فأخشى أن يكون هذا نذير بخطر قادم، وأخشى ما أخشاه هو أن يتحول جيش الأمن في عهد ليس بعيد إلى جيش انكشارية، شبيه بالجيش المريب، الذي كانت الدولة العثمانية تعتمد عليه في التجسس، والقتال، والتوسع، والإدارة، وتستفيد كثيرا من خدماته، وتطلق بين أيديه العنان ليجمع الضرائب، ويقهر الأهالي، حتى تضخم واستفحل، وكون سلطته المستقلة المستغلة الباغية، وصار جيشا منحلا عربيدا مشاغبا، جعلت الدولة العثمانية، تحذره وتهابه، وتجهد في التخطيط لإبادته عن بكرة أبيه!

كان هذا مصير دولة إسلامية انهارت قبل أقل من مائة عام، أرجو أن تتأمله الحركة الإسلامية السودانية الواعية وتفيد منه. وفي هذا المدى فأرجو من الفريق غوش، وأحسبه من مثقفي الحركة الكبار، الذين يطلعون على الكتب الجيدة، ويتأملون دروس السياسة والتاريخ، إضافة إلى امتيازه بخلق التهذيب والتواضع، أن يعيد النظر في هذا الجهاز الشكلي المسمى جهاز الشكاوى والاستعلامات، وأن يجعل منه جهاز فعليا للشكاوى والتحقيق ومحاسبة الضباط الأمنيين، بلا محاباة، أقول ذلك لأني لمست خلال تعاملي مع هذا الجهاز، أنه جهاز للتحايل وتطفيش الشاكين بأساليب بعيدة عن اللباقة والذكاء (ودع عنك أصول الخلق اٌسلامي الذي ندعو إليه!)

إن أعضاء جهاز الأمن هم بشر ممن خلق الله، لا عصمة لواحد منهم، وليس ذنب كل واحد منهم مغفور لمجرد أنه عضو في هذا الجهاز. فينبغي أن يحاسبوا وأن يردعوا حتى لا يجوروا، ويتمادوا في الجور، ويجروا الإنقاذ التي يدافعون عنها إلى مصير رهيب.

لا أدافع عن أخطاء الأمن ولا أسكت عنها:

وبتقديمي لهذه النصائح المخلصة إلى الفريق غوش يتضح أني لا أدافع عن أخطاء جهاز الأمن وخطاياه، ولا أبرر مظالم بعض ضباطه وانحرافاتهم. فما الذي يدفعني لتحمل أوزارهم، وأنا في ذلك عن غنى شديد؟!

إن هذه الأخطاء والخطايا يتحملها من يرتكبونها، ولا أريد أن اتحملها معهم. وقد يتحملها معهم من يغضون الطرف عنهم من رؤسائهم، الذين يحابونهم، ويزينون لهم الباطل، ويشجعونهم على إتيانه، فهؤلاء وحدهم هم المجبورون على الدفاع عن الأخطاء والانحرافات، التي قد يأتون في يوم القيامة وهم يحملون أوزارها مع أوزارهم.

إنني لا أرى قط مانعا يمنعني من نقد أي انحرافات تقع في جهاز الأمن، ولذلك فإنني أتصدى لمثل هذه الانحرافات بأقوى ما يمكن التصدي، فليس الفريق صلاح غوش، مع احترامي له، بأقدس عندي من الله تعالى، ولا أخشاه ولا أرجوه بقدر ما أخشى الله تعالى وأرجوه.

صفعتان هائلتان:

وفي العام الماضي قابلت الفريق غوش في مكتبه، وشكوت له صنيع ضابط من أتباعه، بغى علي أشد البغي بغير الحق، إذ زور وثائق تخصني، ثم ظن أنه يستطيع استظهارا بسلطته في جهاز الأمن ورئاسة مجلس الوزراء أن يرهبني، وتمادى أكثر في غلوائه فشتمني بأقذع ألفاظ أما ضابط آخر، وحاول اعتقالي، وهددني بأنه سيزج بي في زنزانة من زنازين جهاز الأمن، حيث ينفرد بي ويذيقني أشد العذاب، ولما قلت له إن هذا عهد للبغي كان لكم فيه صولة وجولة ثم انقضى، زاد في غيه وتطاوله وطلب مني أن انتظر قليلا لأرى.

ولم أنتظر أي لحظة بعد ذلك حيث حسمت الأمر كله بصعقه بصفعتين هائلتين أطارتا صوابه(أو ربما أعادته إليه!) فانثنى مخذولا مذلولا هاربا من ميدان التحدي والمناجزة، التي ظن أنه سيكسبها بخوفي من بغيه. ولما لقيت الفريق غوش وشرحت له الأمر بتفاصيله ذهل لما جرى، وكان الضابط قد أخفاه عنه، وقد وعد الفريق غوش بالتحقيق مع هذا الضابط المتطاول، وما زلت أتمنى أن يكون الفريق غوش صادقا وأمينا فيما وعد به.

وهذه الحادثة التي كنت أحب أن أطويها، ولا أذكرها، إنما ذكرتها اليوم لما في ذكرها من فوائد ودلالات، تتصل بما نحن بصدده، لقد ذكرتها لأدلل على جملة أمور منها ( أولا ) أنني لا يمكن أن أنكر وجود انحرافات أوسوء استغلال للنفوذ في جهاز الأمن وذلك بعد أن بلوت منه نصيبا مهولا على الصعيد الشخصي. و(ثانيا) لأدلل على أني لا يمكن أن أسكت على انحراف يأتي من جهاز الأمن، وإنما أسعى للتصدي له بكل قوة، وأدعو جميع أفراد الشعب ألا يرهبوا سلطة هذا الجهاز إذا انتهكت خصوصياتهم وحقوقهم، وأن يتصدوا لمواجهتها بكل ما أوتوا من مضاء، هذا وإن كنت لا أشجع أحدا على أن يتصرف بالطريقة العنيفة، التي تصرفت بها في ذلك الموقف، وكانت مجدية في إيقاف العدوان علي. أقول هذا رغم أن أحد كبار الضباط بالجهاز كان قد حذرني من مؤامرات وبلاغات كيدية يدبرها ضدي ذلك الضابط لأنه مشهور بها كما قال، وقد بدأت تلك المكائد تظهر بالفعل وقد أخبرت بها قيادة الجهاز. وقد ذكرت هذه الحادثة لأدلل(ثالثا) على أن الشأن الشخصي شيئ غير الشأن العام، فلا يليق بمن له مظلمة لدى جهاز الأمن أن يصبح عدوا له، ويسيئ الظن به وبكل من فيه، فأنا لا أعتقد أن الجهاز كله فاسد، ولا أن جميع ضباطه هم من شاكلة ذلك الضابط الذي واجهته وقهرته بالحق.

ففي الجهاز نخبة فاضلة من زبدة أجيال الحركة الإسلامية ممن أعرف، وربما كانت أكثرية الضباط هم من تلك الزمرة النقية السامية، من أهل التضحية والوفاء، وخدماتهم للوطن لا ينبغي أن يستهان بها، أو أن تنكر لمجرد أن نماذج سيئة شائهة - كمن صفعت- قد اندست وانبثت في أوساطهم.
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »


الصحافة
الإثنين 5 مايو 2008م، 29 ربيع الثاني 1429هـ العدد 5366

رأي
دروس إلى الأستاذ عثمان ميرغني:

د.محمد وقيع الله


لماذا لا أعتد بإحصاءات جمعيات حقوق الإنسان؟! (3 - 3)
في مواقع أخرى يجد القراء الكرام ما كنا نزمع أن ننشر في الأسبوع الماضي من آراء لم تعجب من حجبوها فحجبوها، وأقول لهؤلاء الذين لم يرضهم أن يصل مقالي في الأسبوع الماضي إلى القراء، إنه قد وصل إليهم فعلا، وإن عليهم أن يحجبوا إذن شبكة المعلومات الدولية بأسرها إن استطاعوا.
والحمد لله الذي سخر لنا هذه (الآلية) التي فتقت في الحكومات فتقا ما تستطيع له رتقا، فما علينا والأمر كذلك إلا أن نصل القول، مطمئنين إلى أنه سيصل إلى القراء بهذا السبيل أو ذاك، ومطمئنين قبل ذلك وبعده إلى أنا لا نبغي بما نقول شيئا إلا مصلحة الإسلام وأهله وأنا لا نريد أن نستعدي أحدا أو نغضبه أو نرضيه.
لماذا لم استشهد باحصاءات حقوق الإنسان:
هذا وقد كان الأستاذ عثمان قد استنكر في كلمته التي كتبها عني، دفاعي عن دولة الإنقاذ. ولعله يكون قد علم الآن، هذا إن لم يكن يعلم أصلا، أو كان يعلم، ولكنه لغرض في نفسه يتجاهل، أني لا أدافع عن قومي بالباطل، ولا أتردد في نقدهم فيما أراه خطأ وقعوا أو قد يقعوا فيه.
وكان مما قد تعالم به الأستاذ عثمان - في غير علوم الكومبيوتر هذه المرة، وإنما في علوم السياسة التي لم يدرسها ولم يدر كنهها!- أن خاطبني باستهزاء مستغربا أني استشهدت في مقال سابق لي بإحصاءات صدرت عن بعض المؤسسات النقدية العالمية، كصندوق النقد العالمي، والبنك والدولي، والمؤشرات الاقتصادية السنوية التي تصدرها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
وقد كانت هذه المنظمات قد أبرزت احصاءات طيبة للنمو الإقتصادي السوداني، مؤداها أن إجمالي الدخل القومي السوداني، قد قفز من (10.3) بلايين دولار في عام 2000 م، إلى (18.5) بليون دولار في عام 2004م، وإلى (23.3) بليون دولار في عام 2005 م، وأن مستوى الدخل الفردي قد قفز من (310) دولاراً سنوياً في عام 2000م، إلى (522) دولاراً في عام 2004 م، وإلى (640) دولاراً في عام 2005م، أي أنه تضاعف خلال خمس سنوات، وأن السودان قد أصبح يسجل باطراد نسبة نمو اقتصادي لا تقل عن 7% سنويا، وأن هذه النسبة كادت أن تصل في العام الماضي إلى 10%..
ولأن هذه الإحصاءات لم تعجب الأستاذ عثمان، الذي لا يحب أن يرى خيرا لوطنه، إن كان هذا الخير قد تحقق على يد الإنقاذ، فقد قال إن: « خطأ ما في (نظام التشغيل) عند الحركة الإسلامية.. هو الذي يجعل مفكرا إسلاميا مثل د.وقيع الله يستشهد بإحصاءات الغرب عن معدل النمو في السودان.. بينما يرفض إحصاءات ذات المصادر عن حقوق الإنسان في السودان التي فرضت علينا مبعوثا خاصا يراقبنا لأكثر من عشر سنوات».
ولا يخفى ما في هذا القول من التخليط الشديد، الذي أرجو ألا يكون مقصودا. وإلا فإن الغرب ليس شيئا واحدا، كما يظن الأستاذ عثمان، وإن المصادر التي تحدثت عن النمو الإقتصادي في السودان، ليست هي عينها المصادر التي تحدثت عن انتهاكات حقوق إنسانه. وأنه لا يتحتم موضوعيا ولا منطقيا على كل من يتحدث عن الشأن الإقتصادي السوداني، أن يتحدث كذلك عن احصائيات حقوق الإنسان التي تصدر عنه، فهذا إلزام بما لا يلزم، وإقحام لأمر في أمر ليس له به صلة!.
وإذا ما قررنا أن نتغاضى عن هذا التخليط كله، مقصودا كان أو غير مقصود، ثم تغاضينا عن ركاكة هذا النص وهلاميته، هذا النص الذي لم ينبئنا على وجه الدقة عمن فرض علينا مبعوث حقوق الإنسان (ذلك المبعوث الذي أساء إلى القرآن.. لو يذكر عثمان!) إذا أغضينا عن ذلك كله، وعدنا للإجابة عن السؤال المرفوع، فإني أقول للسائل إن الكتاب الجادين المنشغلين بالمباحث السياسية والإقتصادية، ومن يدرسون العلوم السياسية والإقتصادية، يتفقون على حيادية وعلمية هذه الاحصاءات الإقتصادية التي تصدرها المنظمات التي استشهدت بإحصاءاتها ولم يشكك فيها أحد منهم فيما نعلم.
ومما يؤكد علمية هذه الإحصاءات وحياديتها أنها تأتي في الغالب متشابهة، ولا تختلف اختلافا كبيرا، ومما يزيد من موثوقيتها أنها تُجرى على أرض الواقع، وعلى انفصال واستقلال عن بعضها البعض( بلا تآمر مع مراكز قوى مريبة)، وأنها تنضبط بمنهجيات بحثية إحصائية صارمة، ويشرف عليها باحثون أكفاء وأساتذة مؤهلون (غير مسيسين). ولهذه الأسباب مجتمعة فقد تواطأ الأكاديميون على الأخذ بها، بلا حرج، وسمحوا لطلاب الدراسات العليا باستخدام نتائجها في أبحاثهم بلا تثريب.
التعريفات الصلبة: والمائعة:
وثمة خاصة أخرى مهمة امتازت بها هذه الإحصاءات الاقتصادية، التي تصدرها المؤسسات النقدية الدولية، وهي أنها نهضت على تعريفات علمية صلبة، لمصطلحات إقتصادية متفق على استخدامها، مثل إجمالى الناتج المحلي، والاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإجمالي الناتج الصناعي، وإجمالي الناتج الزراعي، وميزان المدفوعات الخارجية، وغير ذلك من المصطلحات الإقتصادية المهمة المنضبطة المعنى والدلالة.
وأما احصاءات حقوق الإنسان التي طالبنا الأستاذ عثمان أن نأخذ بها، فهي على النقيض من ذلك، تقوم على تعريفات متحيزة مائعة، لا اتفاق عليها، منها زعمهم أن محاربة الشذوذ الجنسي انتهاك لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وأن تعدد الزوجات انتهاك لحقوق المرأة، وأن الحجاب قيد على حريتها، وأن تجريم الإجهاض افتئات على تملكها لجسدها وحرية تصرفها فيه، وأن منع الدولة للخمر انتهاك لحريات الناس، وأن إجبارهم على الصلاة جماعة في المسجد تعدٍّ على حرياتهم الخاصة، وهذه مجرد أمثلة لتعريفات كثيرة لا نتفق عليها معهم، وهذا لا يقع في المجال الإجتماعي وحده، وإنما في المجال السياسي حيث يتعاظم تحيز بعض دعاة حقوق الإنسان المشبوهين ويطغى.
وإلا فليخبرني الأستاذ عثمان كيف يمكن أن أحترم تقريرا لمنظمة كبرى من منظمات حقوق الإنسان، أصدرته أثناء اشتعال حرب البقان، سودت فيه أكثر من ثلاثين صفحة عن انتهاكات حقوق الإنسان في السودان، بينما لم تكتب أكثر من سبع صفحات عن جرائم الصرب التي ارتكبوها بحق البوسنويين؟! وكيف أحترم تقارير هذه المنظمات التي كانت تتحدث عن ظاهرة الرق في موريتانيا ثم سكتت عن ترويج تلك الدعوى فور تطبيع تلك الدولة لعلاقاتها بإسرائيل؟!
وكيف أحترم ذات المنظمات التي كانت تتحدث عن أسواق الرقيق العامرة بالخرطوم أم درمان، ثم سكتت عن ذلك عقب توقيع اتفاقية نيفاشا، وكيف احترم هذه المنظمات ذات البعد الصهيوني التي تدعي الدفاع عن حقوق انسان دارفور، بينما لا تنبس ببنت شفة واحدة عن انتهاكات حقوق الإنسان المسلم في أفغانستان والعراق وفلسطين؟!
ألا يمكن أن أفهم أن هذه منظمات تتلاعب بحقوق الإنسان، وتوظفها لممارسة الضغوط على بعض البلدان، التي من بينها وفي طليعتها السودان، أولا يمكن أن أفهم أن أشخاصا من أمثال عثمان، تهوِي قلوبهم لحب هذه المنظمات، لا لسبب إلا لأنها تكيد لدولة الإنقاذ، التي كان عثمان يهيم بهواها يوما، ويتمنى أن يزداد وميضه في عهدها، فلما خاب مناه، انقلب عليها، وأصبح يتمنى أن تظاهره في تمرده وشغبه على الإنقاذ، هذه المنظمات المشبوهة، التي لا أجد في قلبي ذرة احترام واحدة لها!!
لماذا لا أحترم هذه المنظمات:
إنني لا أحترم هذه المنظمات، لأسباب وجيهة جدا، منها أن هذه المنظمات هي مجرد وكالات تتاجر بشعارات حقوق الإنسان، وتوظف نفسها لدى أجهزة المخابرات العالمية، ومراكز القوى الدولية، والشركات عابرة القارات، وعلى هذا تتوافر الأدلة وتتضافر البراهين.
وكنت قبل سنوات طويلة قد كتبت تعليقا أثنيت فيه على فطنة الأستاذ كمال الجزولي، الذي كتب مقالا ذكر فيه أن المنظمة السودانية لحقوق الإنسان، تلقت عونا ماليا(ذكر أنها رفضته) من مؤسسة أمريكية مشبوهة، وقد جاء هذا الدعم المالي للمنظمة عندما كانت تعترض على تطبيق الشريعة في السودان، وتقيم في الخرطوم، مؤتمرا لمنظمات حقوق الإنسان العربية، التي كانت تظاهرها في ذلك المسعى، وهو ذات المؤتمر الذي اعترض أعضاؤه على اقتراح الكاتب الشريف الدكتور عبد الله النفيسي، بتصدير بيانه الختامي بالبسملة، وصوتوا بالأغلبية ضده وأسقطوه!!
إنني لا أحترم هذه المنظمات المشبوهة، لأن لها كيدا عظيما للإسلام، ولكل من يدعو له ويناصره، وقد شنت هذه المنظمات حربا غير شريفة على السودان والإنقاذ، وقد رعتها ووجهتها في هذا السياق العدائي دول كبرى، لم يكن لها تاريخ مشرف في احترام حقوق الإنسان، وأسوأ من ذلك أن لها حاضر غير مشرف في استغلال موضوع حقوق الانسان، والضغط به بطريقة ذرائعية انتقائية ضد بلد دون آخر!
لماذا لم ينتفع عثمان بهذا القول:
ولست أنسى ما قرأته في مطالع تسعينيات القرن الماضي، من قول صريح للدكتور عبد الوهاب الأفندي، حينما كان موظفا في خدمة الإنقاذ، ذكر فيه أن المسؤولين الأمريكيين أخبروهم - أي المسؤولين الإنقاذيين والأفندي منهم- أن الحكومة الأمريكية لن تكف عن استغلال شعار حقوق الإنسان ضد السودان، حتى تنصاع الإنقاذ للإرادة الأمريكية، وحينها ستسكت أمريكا عن الإنقاذ، كما تسكت عن أنظمة كثيرة تنتهك حقوق الإنسان، أشد الانتهاك، ولكنها توالي أمريكا وتخدم مصالحها في خاتمة المطاف.
فهذه الشهادة القديمة القيمة التي أدلى بها الأفندي، فيها تعضيد لما أقول لصاحبه عثمان اليوم، وقد كان حريا بعثمان أن يفقهها وينتفع بها إن كان قد اطلع عليها في ذلك الحين. وفي الوجهة الأخرى فأرجو أن يكون الأفندي نفسه ما زال ثابتا على هذه الشهادة التي فاه بها قديما، ولم ينقلب في سياق - تجارته الحاضرة التي يديرها في مركزه في لندن عن موضوع الحريات - ليصبح مثل صديقه عثمان حليفا مستظهرا بهذه المنظمات التي تتاجر بحقوق الإنسان!
مأساة الحركة الإسلامية مع الخلعاء:
ومهما يكن فإن احتفال عثمان واستظهاره بهذه المنظمات المشبوهة واحصاءاتها، لشأن ملئ بالدلالات، وإنه ليكشف لنا عن جانب كبير من ضعف معلوماته وتصوراته السياسية، وخلله المفاهيمي، كما يكشف لنا عن ملمح من ملامح مأساته مع الحركة الإسلامية، ومأساة الحركة الإسلامية معه ومع بعض أشباهه من أبنائها الخلعاء، الذين بنوا شخصياتهم في ظلها، ثم تنكروا لها، وانخلعوا عنها، وغدوا يستعْدون العالم عليها.
وأشنع ما تبدو لنا تقاسيم هذه المأساة المروعة في سيرة بعض من ولتهم الحركة الإسلامية رئاسات اتحادات الطلاب في الجامعات، فأصابهم الغرور، واستبدت بهم الأوهام، وخيلت إليهم أنهم زعماء أبد الدهر، ولم يقتنعوا أن زعاماتهم ما كانت لتزيد عن فترة عام أو زهائه، كما اقتضت طبائع تلك الأحوال!
ولذلك شطت ببعض هؤلاء الرؤساء( ولا أقول بهم جميعا بطبيعة الحال، فإن منهم شهداء أعزاء، كالحافظ، وعجول، وآخرين لما يلحقوا بهم) شطت بهم الأوهام والأحلام، وظنوا أنهم إنما وصلوا إلى تلك المقامات العلى، في قيادات اتحادات الطلاب، بقدراتهم الخارقة، لا بقوة الحركة الإسلامية، ورصيدها التاريخي، النضالي، والأخلاقي، الباقي، في وسط الحركة الطالبية، وصاروا يتيهون بالمجد الكاذب، وينتفخون بالخيلاء والزهو، ويزايدون بالشعارات الخلب، ويدفعون بالمطالب الشخصية الخيالية غير المشروعة، ويفتعلون المشاكل والمشاجرات، ويتمردون على الحركة الإسلامية. ولم يكن هذا المدعو خليل بدعا في هذا الشأن، وإنما كان له فيه سابقون ولاحقون.
هذا ولا يخالجني أدنى شك في أنه يدخل في زمرة عشاق الزعامة هؤلاء، هذا المدعو عثمان. وقد لمست ذلك من وراء سطوره كثيرا، وهاهو يفصح أخيرا عن ذلك بزلة يراع عابرة، عندما حكي عن تجربته الصغيرة القصيرة، في رئاسة اتحاد الطلاب، فقال :» لم نكن ندير اتحاداً للطلاب.. كنا ندير (جمهورية) كاملة.. للطلاب..!!» .. إنه سطر حسير كسير عبر بعمق ودقة متناهية عما يعتمل بدواخله من مطمح بعيد عتيد في أن يصير زعيما على نطاق قطري أو قومي، أي زعيما لـ (جمهورية) كاملة!.
ولتحقيق ذلك الغرض الهائل، أنشأ منبره الفاشل، الذي سرعان ما انفض عنه السامر، بعدما انكشف زيفه، وانفضحت خبيئته!.
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

الصورة من انجمينا

الحلقة الثانية

ثروت قاسم
[email protected]

(2-3)

مقدمة:-

في الحلقة الاولى اوضحنا بأن الطبقة المثقفة في انجمينا تتابع باهتمام بالغ مجريات الاحداث السياسية والاجتماعية والثقافية في الخرطوم . ولخصنا تحليل احد المثقفين التشاديين بأن غزوة دكتور خليل ابراهيم لامدرمان يوم السبت الموافق العاشر من مايو كانت رد الرئيس دبي لغزوة انجمينا يوم السبت الموافق الثاني من فبراير . وسبت بسبت , وانجمينا بامدرمان , والبادئ اظلم , والجروح قصاص .

وفي هذه الحلقة الثانية نتناول ادعاءات بضلوع القوات الفرنسية (EPERVIER) والاروبية (EUFOR) المتمركزة في تشاد في تقديم دعم استخباراتي لغزوة دكتور خليل ابراهيم , مما مكنها من عبور اكثر من الف كيلومتر عبر فيافي شرق تشاد ودارفور وكردفان ودخول امدرمان غازية , دون ان تدري بها الاستخبارات العسكرية السودانية , مما يؤكد وجود عجز وخلل استخباراتي في مؤسسة القوات المسلحة السودانية .

ميكال و (EUFOR) + (EPERVIER) :-

ميكال , لواء معاش من قبيلة االقرعان , واسمه ينطق به القوم كما ورد في محكم التنزيل . يقول ميكال بأن (EPERVIER) كلمة فرنسية تعني الصقر, وهو الاسم الذي تعرف به القوات العسكرية الفرنسية المتمركزة في تشاد حسب اتفاقية دفاع مشترك بين فرنسا وتشاد . والاسم لم يعطى لهذه القوات من فراغ , فهي سابحة في سماء تشاد تماما كالصقر, تعرف ما يجري في كل شبر في تشاد 24 ساعة كل يوم , بفضل تقنية الاقمار الصناعية المتوفرة لديها وطائرات المسح والتصوير الجوي المتاحة لها .

و (EUFOR) هو اسم القوات العسكرية الاروبية المتمركزة في شرق تشاد, ومهمتها حفظ السلام وتأمين سلامة اللاجئين الدارفوريين في تشاد وافريقيا الوسطى. وكذلك ال (EUFOR) متصلة بتقنية الاقمار الصناعية من رئاستها في فرشانة في شرق تشاد, وتعرف ما يجري في شرق تشاد على مدار الساعة .

والقوات الفرنسية في تشاد وكذلك القوات الاروبية في شرق تشاد , وحسب ادعاء ميكال , كانت على علم تام بتحرك قوات دكتور خليل ابراهيم من ابشي وحتى وصولها الى امدرمان. بل كانت ترسل , عبر القوات المسلحة التشادية , اشارات استخباراتية في غاية الاهمية , حتى تتجنب قوات دكتور خليل الاحتكاك مع القوات المسلحة السودانية, وتتجنب محطات الجباية في الطريق من دارفور الى امدرمان .

ويدعي ميكال بأن (EPERVIER) قد سهلت فرار دكتور خليل ابراهيم من امدرمان وحتى وادي هور في غرب دارفور, رغم الطلعات الجوية الكثيفة لسلاح الجو السوداني في اثر دكتور خليل ابراهيم .

ويخلص ميكال الى ان القوات العسكرية الفرنسية والاروبية في تشاد قد لعبتا دورا مفتاحيا في دخول قوات دكتور خليل ابراهيم لام درمان .

ويدعي ميكال بأن حملة التورو بورو (يوم السبت الموافق العاشر من مايو) قد تم الاعداد لها مباشرة بعد غزوة انجمينا يوم السبت الموافق الثاني من فبراير الماضي . وان الرئيس دبي اراد الانتقام من الرئيس البشير, ولم يعمل بالحكمة القرعانية التي تقول :

اللي فشى غبينته , هدم قبيلته .

فقد اعمى الغضب الرئيس دبي . واقنع الدكتور خليل ابراهيم الذي يمت اليه بصلة سراره ( قربى بعيدة ) بقيادة حملة مسلحة لقلب نظام الحكم, والاستيلاء على السلطة في الخرطوم .. وصور الرئيس دبي لدكتور خليل الموضوع على انه يريد ان يرد له جميله الذي طوق به الدكتور خليل عنق الرئيس دبي, بالقتال الى جانبه ضد عدوان السبت الموافق الثاني من فبراير الثلاثي , وانقاذ اركان حكمه بدماء الشهداء من دارفور , من عناصر حركة العدل والمساواة , خصوصا في معركة الجمعة الاول من فبراير , خارج العاصمة انجمينا , والتي ابلت فيها حركة العدل والمساواة بلاء حسنا , ومات فيها مئات من عناصر الحركة, وعلى رأسهم القائد الميداني لحركة العدل والمساواة .

واكد الرئيس دبي للدكتور خليل ابراهيم بأن القوة الفرنسية الموجودة في انجمينا (EPERVIER) قد اكدت لهم بما لا يدع مجالا للشك, بان عيون استخبارات القوات الجوية السودانية وعيون الجيش السوداني عمياء ( عمى كباسة ) . فليس لدى الجيش السوداني تقنية اقمار صناعية, ولا طائرات تصوير ومسح جوي وتحليل معطيات , وليس لديهم اجهزة الكترونية لالتقاط مكالمات الثريا . وعليه, وحسب تأكيدات الرئيس دبي للدكتور خليل, فان غزوة التورو بورو سوف تتحرك من ابشى ، وتقطع صحاري شمال دارفور وشمال كردفان, وتصل الى ام درمان, على مسافة اكثر من الف كيلومتر, دون ان تدري بها الاستخبارات العسكرية السودانية .

واكد الرئيس دبي للدكتور ابراهيم, بأن القوة الفرنسية في انجمينا قد وافقت على تقديم دعم استخباراتي متواصل (24 ساعة في اليوم) لقوات الدكتور خليل ابراهيم, سوف يمكنها من تعديل مسارات متحركاتها لتجنب أي قوات سودانية, وتجنب محطات الجبايات على الطريق من دارفور الى ام درمان, وعددها يفوق الخمسين محطة . واقنع الرئيس دبي الدكتور خليل ابراهيم بأن قواته سوف تصل سالمة وكاملة الى ام درمان, وتبدأ معركتها وكأنها بدأت من امدرمان وليس من ابشي على بعد اكثر من الف كيلومتر غرب امدرمان .

ويستمر ميكال في الحكي, ويذكر السامعين بأن الرئيس دبي طلب يوم الجمعة الموافق الاول من فبراير , ومن خلال فرنسا , دعما عسكريا مستعجلا من العقيد القذافي ومن اسرائيل لصد غزوة السبت الثاني من فبراير . وان العقيد القذافي وكذلك اسرائيل ارسلا, وفورا, كمية معتبرة من الذخيرة والاسلحة , ولكنها وصلت الى مطار انجمينا يوم الخميس السابع من فبراير, وبعد تقهقر القوات الغازية خارج انجمينا, يوم الاثنين الرابع من فبراير . وعليه, فقد بقيت هذه الاسلحة والذخيرة في صناديقها . التي اودعت المخازن دون ان يفتحها احد . ولكي يقطع الرئيس دبي الطريق امام الدكتور خليل ابراهيم, فقد امر بتسليم كل هذه الاسلحة والذخيرة, بصناديقها, للدكتور خليل ابراهيم, لتكون تحت تصرفه , ضمن اسلحة وذخيرة اخرى , لضمان نجاح غزوة امدرمان .

وقام الجيش التشادي فورا بتجهيز وتدريب عناصر اسلحة العدل والمساواة ومدها ب 191 وحدة عسكرية متحركة . والوحدة العسكرية المتحركة هي عربة لانكروزر مجهزة بمدفع دوشكا والاسلحة الاخرى من RPG ومدافع الهاون , وصواريخ سام 7 , ومضادات للطيران , واجهزة قتال حديثة مربوطة بالقمر الصناعي , واجهزة الثريا . وكل وحدة عسكرية متحركة عبارة عن دبابة صغيرة, ولكن سريعة الحركة . وكل وحدة مربوطة لاسلكيا واتصاليا وبشكل دائم ومستمر مع الوحدات الاخرى .

كما استفاد الرئيس دبي من غلطته ابان العدوان الثلاثي ( السبت الموافق الثاني من فبراير ) على نظامه, اذ كادت ذخيرة قواته العسكرية من النضوب . ولذلك فقد تم امداد قوات دكتور خليل ابراهيم بذخيرة تفوق, وبمراحل, الاحتياجات الفعلية لهذه القوات . كما تم تجهيز اغلب المتحركات العسكرية بنظارات ليلية اسرائيلية غير متوفرة حتى للجيش السوداني . وقام الدكتور خليل ابراهيم بتوفير العناصر المقاتلة ومقدارها 1231 مقاتل, بعضهم من الاطفال القصر, وتم وضعهم تحت اشراف ضباط وصف ضباط من الجيش التشادي . وتم ايداع مبلغ 35 مليون دولار في حساب خاص في بنك الساحل والصحراء التابع لتجمع الساحل والصحراء ( س , ص ) ورئاسته في طرابلس (ليبيا) وله فروع في انجمينا والخرطوم, وذلك لتمويل عملية التورو بورو; بما في ذلك العناصر المساعدة والنائمة في الخرطوم . وذكر ميكال بان رجل اعمال دارفوري مقيم في لندن, ومساهم كبير في بنك فى الخرطوم, قد قام بتمويل العناصر النائمة في الخرطوم , والتي لاسباب, يجهلها ميكال, لم تتحرك واستمرت في نومها , ربما لفشل العملية قبل ان تبدأ .

وتابع ميكال حديثه بأن اكد بان الدكتور خليل ابراهيم قد استطاع اختراق صفوف حزب المؤتمر الحاكم, وجند بعض المسئولين, من الزغاوة, في دائرة غرب ووسط افريقيا في المؤتمر الوطني الحاكم , ولكن لم تتحرك هذه العناصر, لمساعدة قوات دكتور خليل عند دخولها ام درمان , مما يشي بوجود اشياء خلف الاكمة , لا تزال في رحم الغيب .

وختم ميكال كلامه بأن ادعى بأن القائد سلفاكير قد شم الدم وقال حرم , فقد استغرب سلفاكير للسهولة التي دخل بها دكتور خليل ابراهيم ام درمان, مما اكد له بما لا يدع مجالا للشك, بان اسطورة, وفزاعة, وهوابة, القوات المسلحة الشمالية لا تعدو ان تكون " كلام ساكت " . وعليه فقد بدأ في تسخين الموقف في أبيي; وطلب دعما عسكريا من الولايات المتحدة الامريكية, لتقوية قواته العسكرية, متخذا من غزوة دكتور خليل ابراهيم ذريعة . ذلك ان الادارة الامريكية تعتبر دكتور خليل ابراهيم وحركته من العناصر الارهابية , ومطلوب القبض عليه بواسطة السلطات الامريكية , كما لمحت لصلاته المشبوهة بتنظيم القاعدة الارهابي , خصوصا وخلفية دكتور خليل ابراهيم الاصولية الاسلامية معروفة للكل .

وقد ذكر ميكال بان القائد سلفاكير قد سخر من طلب حكومة الانقاذ اضافة دكتور خليل وحركته للعناصر الارهابية العالمية , لان هكذا لستة سوداء تحتوي على منظمات وحركات مثل: حماس , وحزب الله, وجيش المهدي العراقي, والجيش الثوري الايراني, وحزب المؤتمر الافريقي الحاكم في جنوب افريقيا. وعلى اسماء رموز مثل : حسن نصر الله , خالد مشعل , واحمدي نجاد ونلسون مانديلا . وتسآل القائد سلفاكير هل حقا تريد حكومة الانقاذ اضافة اسم دكتور خليل ابراهيم وحركته لهكذا لستة (سوداء) ؟ وهو الذي لم يفعل اكثر مما طلبته حكومة الانقاذ من معارضيها , ذلك انها وصلت الى الحكم , حسب تأكيدها , بواسطة السلاح , ولن تتركه الا لمن ينزعه منها بالسلاح .

وضرب ميكال اخماسه في اسداسه قائلا :

عجبي .


أضف رد جديد