كيف سينتهي الكون ( فزيائياً )

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
عباس محمد حسن
مشاركات: 521
اشترك في: الاثنين أكتوبر 09, 2006 12:39 am
اتصال:

كيف سينتهي الكون ( فزيائياً )

مشاركة بواسطة عباس محمد حسن »

كيف سينتهي الكون ( فزيائياً ) :

قلنا في مقالنا السابق عن بداية الكون ان الحجج التي تجعل من الصعب اليوم استبعاد فكرة ان الكون في حالة تمدد او انتشار هي : حركة التباعد العامة بين المجرات وتناسب سرعتها مع المسافة بينها وثبات هذا المعدل المتزايد في كل الاتجاهات والاتساق بين محصلة مختلف وسائل قياس عمر الكون سواء تم ذلك عن طريق تباعد المجرات او النجوم القديمة او الذرات القديمة ووجود الاشعاع الاحفوري (القديم) ووفرة الهيليوم والنووي الخفيفة الاخري وتماثل توزيع الهيليوم علي مستوي الكون ...
ان قوة الانفجار هي سبب التمدد او الانتشار وهناك قوة اخري تقاوم هذا الانتشار وهي قوة الجاذبية ... ان المادة تجذب المادة ويحاول الكون ان ينكمش علي نفسه .. فأذا كان هذا التجاذب قوياً بدرجة كافية فسوف تتوقف المجرات في يوم ما عن التباعد وآنذاك سوف تعود الي بعضها البعض في اطار تحرك ضخم في اتجاه التقلص الكوني وسوف تتصاعد الحرارة والكثافة وستتكرر المراحل الرئيسية للانفجار الكبير ولكن في الاتجاه العكسي مع الاخذ في الاعتبار الطاقة والمادة الزائدة التي تكونت بعد الانفجار العظيم الاول ..
ولكن الواضح الآن من دراسة العلماء للكون ان الكون خفيف بدرجة لا تسمح بتقلصه في المستقبل واذن فما هو مصير الكون ؟؟؟ هل هو الانتشار المتزايد والبرودة والفراغ ؟؟ ام التقلص وتصاعد الحرارة والكثافة ليصبح فرناً مشتعلاً ؟؟؟؟
جاذبية الكون تعني كثافة المادة التي يتضمنها .. والكثافة تعني كمية المادة في حجم محدد ( مثلا كثافة الماء هي جرام واحد في السنتمتر المكعب اي كمية المادة المعادلة لجرام واحد في حجم يساوي سنتمتر واحد ) .. ويقدر علماء الفلك المعاصر ان هناك حوالي ذرة واحدة في كل متر مكعب من فضاء الكون .. ولكي يتم توقف حركة المجرات وتنعكس حركتها من الانتشار الي الانكماش فاننا نحتاج الي كثافة لا تقل عن عشرة ذرات في المتر المكعب .. واذن فان كثافة الكون حسب المقاسات المعاصرة أضعف من ان تثير تقلصاً لاحقاً .. واذن ففي أغلب الاحتمالات فان كوننا مفتوح .... كما ان هناك مقياس آخر يعضد نظرية الكون المفتوح وهو العلاقة بين وفرة الهيدروجين الثقيل ( الديتريوم ) والهيدروجين الخفيف .. ويرتبط تكوين الديتريوم بكثافة المادة في مرحلة التخلق النووي .. وفي الكون المفتوح تتكون كميات أكبر بكثير مما تتكون في الكون المغلق .. وهنا أيضاً يؤكد الرصد نظرية الكون المفتوح .. واذن فخفة الكون ووفرة الديتريوم توضحان ان الكون سيستمر في الانتشار الي الابد واذن فالفضاء لا نهائي .. هذا هو الوضع حتي الآن ... ولكن هناك احتمال أثار العلماء وهو ان يكون الانفجار العظيم او الكبير ليس فقط مصدراً لكل المادة التي نراها ولكن أيضاً للكثير من المادة التي لا نراها .. فاذا كان الكون قد بدأ علي هيئة حساء شديد الحرارة من الجسيمات دون المادية فبالاضافة الي الالكترونات والنيترونات والبروتونات المألوفة لنا والتي تتكون منها المادة العادية فانه يجب ان تكون كل انواع الجسيمات الاخري والتي تم التعرف عليها مؤخراً في المعامل بواسطة فزيائيي الجسيمات قد تكون هي الاخري موجودة وبكميات وفيرة ... ومعظم انواع هذه الجسيمات عديمة الاستقرار بدرجة كبيرة اذ سرعان ما تتحلل ولكن البعض منها قد يواصل الوجود الي الزمن الحاضر كبقايا من أصل الكون ...
وأهم ما يثير الاهتمام من تلك البقايا هو جسيم النيوترينو تلك الجسيمات الطيفية التي كشف عنه نشاطها في انفجارات السوبرنوفا وبقدر ما يعرف العلماء فان النيوترينو لا يتحلل الي شيء آخر لذا يتوقع العلماء ان يكون الكون سابحا في بحر من هذه الجسيمات الكونية التي تخلفت عن الانفجار العظيم ... ولكن كتلة السكون للنيوترينو صغيرة جدا جدا وتقترب من الصفر ZERO ولكن الحسابات تشير الي وجود حوالي مليون نيوترينو في كل سنتمتر مكعب من الفضاء .. كما ان النيترينو يتحرك بسرعة كبيرة جداً قريبة من سرعة الضوء مما يزيد من كتلها ( حسب معادلات آينشتاين ) .. واذن فبالرغم من صغر كتلة النيوترينو الا انه يوجد باعداد هائلة في الكون كما ان سرعته عالية جدا ولذا فان مجموع كتلته في الفضاء قد يكون مؤثرا في حساب الوزن الكلي للكون ... وبالنسبة لعلماء الكونيات (كوزمولوجيا) فانه اذا كانت كثافة الكون أكبر من قيمة محددة تسمي القيمة الحرجة فان الشد الجذبوي سيوقف في النهاية تمدد الكون ويجعل الكون يبدأ في الانكماش ثانية وسوف يتقلص الي انسحاق كبير وهذا سيشبة نوعا ما الانفجار الكبير الذي بدأ به الكون وستكون حالة الانسحاق الكبير مما يسميه هوكنج بالمفردة (SINGULARITY) أي حالة من الكثافة اللانهائية والحجم الصفري ZERO ...
وحتي الآن فان مجموع كثافة المادة المرئية والمادة المظلمة (اي الغير مرئية) لا يزيد عن 10% (عشرة بالمائة) من الكثافة الحرجة ... واذن فحتي الآن سيكون مستقبل الكون هو التمدد والانتشار ككون مفتوح ..........
ولكن كسيناريو نظري فقد استمر العلماء يدرسون (الكون المغلق) اي اذا حدث ان تولدت كمية كافية من المادة تحدث تباطؤاً في حركة المجرات يؤدي في النهاية الي وقف التمدد العام في الكون ثم الي مرحلة تقلص عامة باتجاه المركز وبعدها قد ينتهي الكون في حفرة سوداء عملاقة (ثقب اسود) ويندثر الي الابد او الي نقطة ذات حجم صفري وكثافة لا نهائية يليها انفجار عظيم آخر .. اي تتجمع كتلة تزيد عن مليار مجرة في حجم لانهائي في صغره ZERO ولانهائي في كثافته .. هذه الحفر او الثقوب االسوداء هي عبارة عن فجوات ليس لها قرار ولا يتسرب منها اي شيء حتي الضوء (وهذا سبب تسميتها بالسوداء) ولها حقل جاذبية يمتد الي حد معين يجرف كل شيء ضمنه الي داخل الثقب وهذا ما يسمونه (أفق الاحداث) أو حد شوارتز- شيلد الذي يتناسب طرديا مع الكتلة المتجمعة داخل كل ثقب اسود .. وكلما عظمت هذه الكتلة اتسع الحد وبالتالي خف معدل كثافة المادة داخل الثقب .. فاذا كانت الكتلة تساوي كتلة الشمس فان حد شوارتز- شيلد يساوي 3 كيلومتر ومعدل الكثافة 1.8 x 10^16 كجم/متر المكعب (واحد وثمانية اعشار مضروبة في 10 مرفوعي ال اس 16 كيلوجرام في المتر المكعب) .. واذا كانت الكتلة تساوي 10000 كتلة الشمس فان حد شوارتز- شيلد هو 30000 كيلومتر ومعدل الكثافة 1,8 x 10^8 كجم/ متر مكعب .. فما هو الحد اذا تجمعت كل مادة الكون ؟؟؟ ان الحسابات الفلكية تظهر ان ذلك سيعادل ثقب اسود عملاق يكون قطره حوالي عشرة مليارات سنة ضوئية ويكون معدل الكثافة داخل هذا الحد خفيف جداً ... اما اذا جمعنا المادة المرئية وغير المرئية الآن في هذا الكون فاننا سنجد ان حد شوارتز- شيلد يعادل قطر 25 مليار سنة ضوئية (اي ان نصف قطره 12.5 مليار سنة ضوئية) وهو قطر الكون المرصود الآن ومعدل كثافة المادة داخله تساوي معدل كثافة المادة الموجودة الآن في هذا الكون الذي نعيش فيه ... فهل نحن نعيش في ثقب اسود عملاق ؟؟؟!!!!!!!! وهل وصلنا الي حدود الرؤية في الكون المرصود ؟؟؟ !!!!! وهل هناك خارج هذا الثقب عوالم اخري وكون آخر ؟؟؟؟ انه سيناريو مدهش .. والاعجب من ذلك هي القوانين التي تحكم داخل الثقب الاسود فهي قوانين غريبة ومحيرة .. فالمراقب الخارجي الذي ينظر الي جسم يقترب من الثقب الاسود يظهر له هذا الجسم وكأن الوقت الذي يستغرقه هذا الجسم في الانجراف الي قعر هذا الثقب (الحفرة) الاسود يطول الي ما لا نهاية بينما الجسم لا يصل أبدا الي قعر الثقب الاسود بسبب هذا التباطؤ في سير الزمن (نسبية اينشتاين) .. اما الجسم المنجرف الي داخل الثقب الاسود فلا يشعر بهذا التباطؤ ولكن يشعر ان المسافة بينه وبين قعر الثقب لا متناهية الطول وهوغير قادر علي اجتيازها مهما طال الزمن ... !!!!!!!!!! اما (هوكنج) وهواحد نوابغ الفكر الانساني فقد قام بحل كل معادلات اينشتاين النسبية العامة داخل الثقوب السوداء وتبين له ان الظروف الاستثنائية داخل هذه الثقوب والارتفاع الهائل في شدة الضغط داخلها يولد مسارب خاصة في الفضاء الزمكاني مشابهة للشقوق التي يحدثها السوس (او الدود) في الارض او في الخشب (اي انفاق السوس) ... وتتسرب المادة المحصورة داخل الثقوب السوداء خلال هذه القنوات في انتقال شبه فوري لتتفجر بكل طاقتها علي بعد مليارات السنين الضوئية عبر الكون .. ويرافق هذا الانتقال اللامتناهي في سرعته عبر المكان انتقال معاكس في الزمان فتظهر هذه المادة وكأنها عادت مليارات السنوات في الماضي السحيق .. وهكذا تتسرب المادة من مراكز الثقوب السوداء عبر انفاق السوس WORMHOLES لتتفجر بكل الطاقة الهائلة التي تختزنها هذه الثقوب في فضاء آخر يبعد عن مراكز هذه الثقوب مليارات السنين في الزمان والمكان ... وتسمي المخارج من الجانب الآخر لهذه الانفاق السوسية بالينابيع البيضاء WHITEHOLES .. اذن فهذا السناريو يحدثنا عن مصير آخر للكون وهو انتقال المادة عبر انفاق في الفضاء الكوني الي فضاءات اخري في اكوان اخري .. !!!!!! يا لها من قصة اغرب من الخيال .. انها سمفونية وترنيمة الكون المدهشة ... !! انها الحقيقة الاغرب من الخيال ...
اما الاحتمال الاخير فهو النموذج الدوري (اي المتكرر) والذي يتمثل في ان الكون يتمدد الي اقصي اتساع ثم يتقلص حتي الانسحاق العظيم ولكن بدلاً من ان يدمر نفسه تماماً فانه يرتد بسرعة وعنف ليشرع في دورة جديدة وتستمر هذه العملية الي الأبد وفي هذه الحالة لن يكون للكون بداية ولا نهاية بالرغم من ان لكل دورة بداية ونهاية خاصة بها ولكن هذه الدورات لا تكرر نفسها بالضبط وعلي نفس المسار اذ ان الكون قد بدأ بكمية من الاشعاع الحراري تخلف من الانفجار العظيم ومع مرور الزمن زادت المادة والضوء والطاقة الموجودة في كل الاجرام (النجوم) زادت هذا الاشعاع بحيث انه بعد بلايين السنين اصبح يسود الفضاء قدر أكبر من الطاقة المتراكمة وهذا يعني ان الكون يقترب من الانسحاق العظيم بطاقة اشعاعية أكبر بكثير مما كان موجوداً بعد الانفجار العظيم مباشرة ... لذا فان الكون عندما ينكمش الي نفس الكثافة سيكون أسخن من المرة الاولي اي بطاقة اكبر .. واذا ادخلنا ما حدث في الكون من تطورات مثل تكون الثقوب السوداء التي لم تكن موجودة في بداية الكون .. ونتيجة كل ذلك زيادة الاشعاع وهذا له تأثير مهم علي الطريقة التي ينكمش بها الكون اذ ان الاشعاع الزائد في مرحلة الانكماش يجعل الكون ينهار بمعدل اسرع واذا حدث ارتداد بطريقة ما فسيخرج الكون حينئذ متمدداً بمعدل اسرع ايضاً وبمعني آخر فان كل انفجار عظيم سيكون اكبر من السابق له .. ونتيجة لهذا فان الكون سيتمدد لحجم اكبر مع كل دورة جديدة بحيث تصبح الدورات بالتدريج اكبر واطول ... وهذا مثال واضح للنتائج الحتمية للقانون الثاني للديناميكا الحرارية (ثيرموداينمكس) فالاشعاع المتراكم يمثل نموا للانتروبيا ENTROPY التي تظهر نفسها في شكل دورات اكبر واكبر ومن الواضح ان الكون يتطور مع الزمن ففي البداية تتكدس الدورات مع بعضها في بدايات متزاحمة ثم تتمدد مع مرور الزمن الي ان تصبح بالغة الطول...

(الانتروبيا هي الطاقة المشتتة نتيجة العمليات الحرارية ولا يمكن ارجاعها كالالات الحرارية وتعتبر هذه الطاقة مفقودة ولذلك اعتبرت الانتروبيا ايضا تعبيرا عن اللانعكاسية وحيث ان هذه الطاقة المشتتة تتبعثر في الكون بصورة عشوائية فقد اعتبرت الانتروبيا تعبيرا عن اللانظام والعشوائية . وطبقا للقانون الثاني للديناميكا الحرارية فان الانتروبيا تزداد باطراد مما يعني ان مصير كافة طاقات الطبيعة نحو التشتت والانظمة نحو العشوائية والنظام الي الاضطراب وهو ما يطلق عليه الموت الحراري للكون .. مثلا لو ان لدينا كوب ماء زجاجي سقط من المائدة فانه سيتكسر الي قطع فهل يستطيع الكوب ان يجمع اجزاءه المكسورة ويصبح كوبا كما كان اولا .. طبعا لا .. وذلك لان القانون الثاني للديناميكا الحرارية يمنع الكوب من تجميع نفسه والوثوب الي المائدة كما كان .. ففي الحالة الاولي حيث الكوب السليم علي المائدة تعتبر حالة علي درجة عالية من النظام .. اما عندما تكسر الكوب فهي حالة اكبر من الاضطراب وهذا بالضبط ما يقوله القانون الثاني للديناميكا الحرارية : ان الاضطراب او الانتروبيا تتزايد دائما بمرور الوقت وهذا هو ايضا ما يحدد لنا سهم الزمن اي اتجاه سهم الزمن اي الشيء الذي يميز الماضي عن المستقبل ويعطي للزمن اتجاها .. واذا كان السهم الكوني للزمن هو في اتجاه الزمان الذي يتمدد فيه الكون بدلا من ان ينكمش فان سهم الديناميكا الحرارية للزمن هو باتجاه الزمان الذي يتزايد فيه الاضطراب او الانتروبيا )
ومع كل هذا الزخم المدهش من السيناريوهات العلمية التي تفوق الخيال والتي تملؤنا بالدهشة والمتعة وتقربنا من اعظم الاسرار الا ان الاحتمال الارجح عند العلماء الآن ان الكون سيتمدد الي الابد اعتمادا علي الكثافة الحالية للكون والتي هي اقل من الكثافة الحرجة CRITICAL اللهم الا اذا ظهرت مستجدات ترفع الكثافة الحالية الي حدود الكثافة الحرجة وبذلك تخرج مصير الكون من التمدد اللانهائي الي التقلص والانكماش او الي احد السيناريوهات التي اشرنا اليها ...
ولكن قبل ذلك ما مصير منظومتنا الشمسية وهل يستطيع الجنس البشري مستعينا بالهامه ونبوغه الهروب والبقاء ام او يستسلم للفناء ؟؟؟ هذا ما سنحاول استكشافه لاحقا انشاء الله تعالي ...

مراجع :
استيفن هوكنج – بول ديفز- كارل ساقان – هوبرت ريفز – حسن الشريف
[b]
أضف رد جديد