اشكاليات الجمالية الأوروبية

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

اشكاليات الجمالية الأوروبية

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »


استاذى العزيز الدكتور عبدالله أحمد البشير الشهير ب عبدالله بولا
أخوتى الكبار:
الأستاذ خلف الله عبود
الدكتور حسن محمد موسى
الدكتور النور محمد حمد
و أخوتى دفعتى
الأستاذ علاء الدين الجزولى
الأستاذ عبدالله محمد الطيب الشهير بأبسفة
الأستاذ صلاح حسن عبدالله (ناقص حبة واحدة أى دفعة واحدة)
الأستاذ أحمد المرضى ( زائد حبتين)
وبقية الإخوة دفعات قديمة وجديدة من التشكيليين و عموم أهل العمل المبدع الحلاق ممن يتشاركون الإطلال عبر منبر (سودان فور أول)
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته


أمضيت زمناً مقدراً فى مراوحة حالة تردد اتساءل خلالها : هل أنشر ما كتبته حول الجمالية الأوروبية فى باب (مفاكرة الجمعة) الذى أحرره بصحيفة الصحافة السودانية أم أنشره فى (سودان فور أول)؟ فالأطروحة من ناحية تطرح قضية قد يتوفر لها عدد لا بأس به من المهتمين بشئون الفكر والتنظير. أما من ناحية أحرى فإنى أشعر بجذب طبيعى ناحية منبركم العامرلإحساسى بعلو كعب شأن الإنتاج الفكرى فيه، بل والإحتفاء الظاهر بمجهودات مقدرة ذات قواعد متينة من النظر و الحفر المعرفى العميق. لذلك فقد حزمت أمرى وتوكلت على الله و قررت الدفع بها لمنبركم
العامر.
ثم إنى ممن ترك الرسم والتلوين منذ العام 1990م واتجهت فقط الى تدريسهما. وإذا رسمت أو لونت، ففى غالب الأمر يكون لأسباب توضيحية لطلابى. لذلك فقد رأيت أن المشاركة النظرية زى (القحة
فهى (أخير من صمّة الخشم).
وقد تصادف لى أن قدمت محاضرة عن هذه الأطروحة فى منتصف شهر ابريل الماضى كبادرة للنشاط الثقافى لإتحاد التشكيليين السودانيين للعام 2008م، حيث أقيمت الندوة بالتضامن بين الإتحاد وجمعية (أروقة الثقافية) وذلك فى دار المجلس القومى للثقافة والفنون بالخرطوم و شرفنى بالتعقيب عليها استاذنا ابراهيم الصلحى ـ متعه الله بالصحة والعافية، إضافة الى الأستاذ التشكيلى محمد عبدالرحمن بوب والدكتور محمد الصادق، و إخوة آخرين كرام لا يتسع المجال لحصرهم.
و الآن فقد نقحت الأطروحة، و أظن أننى زدت قليلاً فى أمر تجليتها فإنى أطمع فى أن تجوز على قدر من مناسب من التداخل و المناقشة والنقد.
الأطروحة تحت عنوان (إشكالات أساسية فى الجمالية الأوروبية) و تقع فى عشرين صفحة من مقاس(4أ) مكتوب متنها ببنط 14 أبيض وعناوينها الجانبية بابناط 14/ 18/ 24 أسود.
وتقع هذه الأطروحة ضمن صياغ متكامل لكم فكرى موحد يتشظى الى مجموعة من الأطروحات لكنها تنهل من نبع واحد. ويطل بعضها إطلالة عجولة ضمن هذا البحث، حين التطرق الى منهجية التأويل كأطروحة عتيقة تخرج فى ميلاد جديد، يصاحبها ويتكامل معها أطروحة للعلم وأخرى المعرفة فى مقابل العقل والذهن مع نقد وافر لجغرافيا وتاريخ العلم والمعرفة ومناهج البحث السائدة فى عالمنا المعاصر. إضافة الى أطروحات مجاورة عن متلازمة الثقافة والحضارة والدولةأعمل بدأب على إصداركل هذا الجهد فى 4 كتب نصفها جاهز للنشر. والآن الى موضوعنا اليوم:

اشكالات أساسية فى الجمالية الأوروبية

1/ مدخل الأطروحة :

و ليكن مدخلنا ذو وجهتين ، الأولى تعريفى بمصطلحات و تعريفات الأطروحة و الثانى حصرى وتخطيطى للأسئلة الأساسية التى يفترض الإجابة عليها.

1/1 : الوجهة الأولى
1/1/1 : أوروبا كمصطلحية نعنى بها: وجوداً تاريخياً متكاملاً منذ ما قبل أثينا واسبرطة الى راهن دولة الإتحاد الأوروبى . ونعنى بها كذلك جغرافيا مضافة كأمريكا الشمالية بشقيها و أستراليا و اليابان ونمور آسيا. عموماً نعنى بها ما يسمى بالعالم الأول الذى يتمثل فى أصحاب إمتيازات فعاليات الحضارة المعاصرة.

1/1/2 : أما جماليتها كمصطلحية فنعنى بها : جمالية سائدة آنياً فى المشروع الإنسانى تمت موضعتها قسراً فى عالمنا العاصر. فقد أصبح وأمسى انتشارالجمالية المعاصرة تسويغاً لوضعها كمعيارية للجمالى بعد أن استعمرت أوروبا العالم وصاغت صورته السياسية المعاصرة بناء على فرضياتها السياسية الخاصة بها، ثم فرضت جماليتها تبعاً لذلك. وقد أدت تلك الموضعة الى واقع جمالى معاصر ابتسرت فيه الجمالية البصرية فقط داخل إطار اللوحة أو المنحوتة، والسماعية مقصورة شكل تمظهراتها فى الفنون الإستعراضية، و المقروءة مقصورة على تلازم شكل الكتاب كمستند حامل للرواية أو الأقصوصة أو القصيدة الخ.
وذلك بالطبع مفارقة ونفى لأشكال عديدة من الوسائط الجمالية غير الأوروبية كما فى ظاهرة الرقص الأفريقي من مشاركة بالحضور والتحولق الذى يكوّن شكل الحلبة الدائرية المكمل للراقصين دون أن يكون فى ذلك مدعاة لاعتباره كنشاط يقوم على (الفرجة= المشاهدة العاطلة عن التفكر) فيضاف للإستعراضى بالمعنى و الشكل الأوروبى. لكن فالذى يجعله مفارقاً للأوروبى أن جماليته ليست ذات حضورشكلانى، بل تنفذ الى معانٍ فى الواقع كما فى الحلبة وراقصيها من قبايل (الدينكا أو النوير) أو حلبات الذكر عند المتصوفة، أو كمثال القصاصين الذين يلقون أقصوصاتهم تغنياً بآلة (ام كيكى) فى غرب السودان ونفسها فى رواة السيرة الهلالية فى مصر. أو فى حلبات (المجادعة بالدوبيت) كنشاط سماعى فى الريف السودانى فى منطقة سهل البطانة أو عند رعاة الإبل فى صحارى شمال كردفان. وسواها وسواها من الكثير من الأشكال التى ابتسرها وكلاء الحداثة الأوروبية، فتم إخراجها من صياغها فى بيئتها الطبيعية لصالح وكالة لجمالية إستعراضية فى فرقة الفنون الشعبية السودانية، تلك التى تم فيها اغتصاب فعاليات ثقافية أصيلة ومن ثم تحويلها الى حلبات لاستعراضيات متهتكة، ليس بمعناها الإخلاقى المباشر، لكنه انكى وأضل سبيلاً بحكم افتقارها الى الطبيعية الكامنة فى أصول الظاهرة الثقافية كتعبيرات لها ما يقابلها من وفرة فى المعانى والترميزات.
وقد آلت تمظهرات الجمالية الشكلانية الى ضروب و وسائط معاصرة فى الجمالية الأوروبية الى سيادة الصورة (المنسوخة فوتوغرافياً) كمرئيات ومسموعات لمتحرك مسموع و مرئي على آخر صيحات الشكلانية كما فى جهاز التلفاز العالمى أو الإنترنت فى جهاز الحاسوب الخ الخ.

1/1/3 : الفنون الإستعراضية كمصطلحية نعنى بها: الفنون التى تستدرج المتلقى للمشاهدة البصرية الصرفة، وهى تقتضى تجويد العرض، ومنه (المعرض) و (الإستعراض).
ولا تقتصر الإشارة فقط الى المعارض والعروض والمستعرضات المعاصرة التى تعدت أمر المشاهدة البصرية حتى دخل فيها السماعى الى جانب الإستعراضى. فرغم وجود السماعى المعاصر داخل الإستعراضى، فذلك لا يقتضى الإستغراق الذى يلزم فى الفنون السماعية بقدر ما يستخدم الإستعراضى الصوتيات كزركشة مصاحبة لا تؤطر أوتحد من البصرى بل تصاحبه كعامل مساعد كما هو المتلقى الذى يشاهد (فيديوكليب) فى مخالفته لمن يستمع الى نفس ما تمت مشاهدته لكن فى شكل (اسطوانة) تخاطب فقط السماعى من خلال الغناء والموسيقى.
مع ذلك فما نقصده بالفنون الإستعراضية المعاصرة فذلك يدعو الى الأخذ باستعمال مصطلحى أكثر (غماسة) فالإستعراضى أو السماعى الأوروبى كما يبدو لى فهو ذو خطاب يختلف نوعياً عن خطاب يجرى تحت سيطرة حالة من الحضور و الإطراق كما ذكرت أعلاه فى حلقات الدوبيت فى سهل البطانة أو بوادى كردفان أو فى مجالس البرامكة فى غرب السودان أو عند رواة السيرة الهلالية فى صعيد مصر أو فى حلقات الصوفية فى غالب شمال و غرب افريقيا ، حيث يندمج المتحولقون مع الذين يتراصون خارج هذه الحلقات فى استغراق لا يمكن وصفه ضمن حظيرة الإستعراض بقدر ما يؤدى الى توصيف آخر يقال فيه بالتشارك فى الفعل و الإنفعال للحضور على اختلاف وظائفه. ولذلك بالطبع شأن آخر خلاف (التغريب) الذى يمارسه الإستعراضى أو السماعى الأوروبى الذى يفاصل تماماً فيخرج المتلقى ويقذف به بعيداً خارج فعاليات الإستعراض.

1/1/4: الحداثة كمصطلحية ، ماذا نعنى بها؟: و أعرفها عبر إختلاف وارد بين مصطلحين: حركة الحداثة المعاصرة، وحركة التحديث المعاصر. والفرق بينهما فرق نوع ـ والعتبى للإخوة الجمهوريين جراء هذا السطو المصطلحى حتى يرضو ـ . وهو نفسه الإختلاف النوعى الوارد فى المصطلحين حين التعرض الى ترجمتهما الإنجليزية وهى ( modernity and modernization ) و (الحداثة) اصطلاح للتعبير عن منظومة تستند الى شكلانية الحضارة الأوروبية، فتصير منظومة متكاملة جاهزة مقصور تجريبيتها على شكل ذلك الإنتظام الحضارى بسمته الظاهرة التى تدفع به الى محق كافة تمظهرات الإجتماع البشرى الأخرى غض النظر عن شكلها أو جوهرها، سواء أكانت من باب الإنتظام الحضارى أم من باب الإعتصام الثقافى.

1/1/5 : الجمالية كمصطلحية نستعملها كى: نموضع مبحثنا هذا فى صلب قضايا علم الجمال المعاصر ومراجعته منذ عصر (الميثولوجيا) الى راهن أطروحة استدراج الفنون الى ساحة التعاطى التسويقى فى راهن الجمالى الأوروبى كمنشط من مناشط منظمة التجارة العالمية. وبالطبع فذلك دخول على أطروحة عتيقة لم تفارق مختلف أطروحات الفلسفة الأوروبية و تجلياتها منذ إفلاطون الى مدارس ما بعد الحربين (القاريّتين) الأوروبيتين الأولى و الثانية مروراً بالمدرستين الكبيرتين، الماركسية ومدرسة فرانكفورت فى صراعهما مع بعضهما البعض ومع مختلف تنزلات مدارس المركزية الأوروبية منذ العصور المظلمة والوسيطة وما بعد الوسيطة فى عصر النهضة ثم ما أسميه بعصر ثورة المعرفة التطبيقية التى تقف وراء نهضة الآلية الأوروبية أو ما عرف بعدها بعصر ما بعد الحداثة، والذى يتمثل فى المدرسة (البراقماتية).
وترد غالباً فى كل هذه العهود بحوث علم الجمال فى ارتباط وثيق مع آلية التفكير الفلسفى الأوروبية، تلك الآلية التى جرى تسميتها فى التراجم العربية (بالعقل الأوروبى).
وقد تحاشيت وضع التعريف المصطلحى المباشر للماهية الجمالية. فى ذلك اعتبار لأزمة و معضلة لا بد لى من مراجعتها لتبيين ما أرى أنه يحتوى على اشكالية فى ترجمة مصطلح (العقل الأوروبى)، فنحن (كناطقين بالعربية) نقف امام ما أعتبره هنا حامل لترجمة خاطئة ونحن نستبدل (الذهنية) فنسميها (العقل)، ثم ما لحق بذلك من تصنيف لا يفاصل بين العلم والمعرفة، بل يدخل فى معمعان (جدل بيزنطة) بين عقل فعال أو عقل أداتى أو عقل محض أو أو الخ الخ. وفى هذا ـ حسبما أرى ـ تخليط كبير، ناتج عن أخذ لسالف الفكر و المصطلحات الأوروبية (بى ضبّاتنا) دونما تدبر لخلفياتها المعرفية و محركاتها ومصدر قوتها الدفعة. ونقع بسبب تلك الإشكالية فى تخليطات مفهومية كبيرة تجعلنا نقرر أنه متى ما تثبتنا من أزمة التخليط المفهومى من خلال التثبت من فرضية الإختلال فى الترجمة المصطلحية، ففى ذلك إطلالة على مبحث على درجة عالية من الخطورة، ينفى وجود عقل فى أوروبا وبالتالى العلم ويحصرها فقط داخل إطار (الذهنى) للمعرفة. وهذا ما يحتاج لإفراد وتركيز سأعود ـ إن شاء الله ـ لمراجعتة من خلال تأويل تعقيداته الظاهراتية ـ أى بإرجاعه الى مكوناته الأولية ـ حتى نتمكن من رؤية جليّة تمكن من حلحلة متشابكاته.
ثم بعد ذلك يمكن أن نعمل مباضعنا فى تشريح قلب علم الجمال لرؤيته فى كنهه وحقيقته العلمية الأولية البسيطة المجردة.


2/1 : الوجهة الثانية
1/2 /1: وكيف نرى الجمالية الأوروبية بحسب ذهنيتها:

لم أصادف وأنا أتدبر شأن أطروحتى هذه الوقوع على إفراد ل(علم) الجمال كمبحث خاص كامل الإستقلالية عن غيره من العلوم أو المعارف. وأذكر أننى حاولت منذ عهد باكر من الشباب دون طائل مطالعة ذلك فما وجدته إلا عند المفكر السياسى الروسى (بولخانوف). وقد طالعته وأنا غرير فى العقد الثالث من عمرى، ولم أتوصل حينها الى تصنيف مقبول ومعلوم يمكن من الإمساك به مما يمكن القول أنه مبحث مهموم بسبر أغوار(الماهية الجمالية). أما ما لحق بذلك من مطالعات أخرى، فقد ظهرت لنا ترجمات فى أواخر العقد الثامن من القرن العشرين للسويدى ( آرنست فيشر) ثم بعده للفرنسى (جان بول سارتر). فقد قاما كلاهما بكتابة كراسات متعددة ضمنها (فيشر) فى كتابه المترجم الى اللغة العربية تحت عنوان (ضرورة الفن) ثم سارتر الذى تم نشر مساهماته عبر مجلة فصلية كان اسمها (مواقف).
و قد أضيفت لاحقاً الى مطالعاتنا مساهمة نقدية تلخيصية ثم تلحيقية تخص مكتبتنا الداخلية ــ السودانية ــ حيث تم توزيع إصدارة لأطروحة حول علم الجمال فى كتاب بهذا الإسم صدر للدكتور مصطفى عبده المحاضر بجامعة النيلين بالخرطوم. وحسبى ذلك من نماذج تنظيرية تؤخذ فى مصاحبة كم هائل من المنتجات الجمالية الأوروبية فى أكبر جانبيهما ألا وهما علم التصوير و الأدب المنثور. ويكفينى تلك بحسبما يبين فيها مما يلبى أغراض البحث للكشف عن أكثرها إفصاحاً عن عناصرالجمال فى الذهنية الأوروبية.
وبينما يتحدث (فيشر) عن الجمال ـ كما فهمته عن قراءته ـ كظاهرة تحتوى على عوامل إغواء داخلى، تجعلنا ننجذب لها دون أن نمسك بمعرفة علة ذلك الإنجذاب، فهو يلمس الظاهرة ويتحسسها لكنه يتوقف خارجها معترفاً فقط بوجودها غير آبه بالغوص لإخراج مكنوناتها.
أما (سارتر) فهو يدعو الى اعتبار الفنون ظاهرة مفارقة لا تحاكك الواقع ولا تتماشى معه، فاللوحة رغم كونها قد تعبر عن واقعيات، الا أنها تستند فى واقع الأمر الى مفارقة بائنة لهذه الواقعيات. فما نقول أنها شجرة تظهر على مسطح لوحة ما ، فذلك يمثل واقاً جديداً مغايراً لا جسم له كالشجرة الحقيقية، لذلك فالواقعى والطبيعى فإنه يشكل عند سارتر واقعاً مغايراً لواقع اللوحة. وذلك بالطبع يجرى نفسه بصورة مقارنة على الرواية و القصة والقصيدة والدراما الخ الخ . ويقابل (سارتر) ما بين الذاتى فى الفنون كمتحرك تابع و الذات نفسها ــ منتجة أو متلقية ــ كمتحرك اولى وقبلى فى الزمان والمكان. ويرى أن كل ما يجرى من مستدركات جمالية مقصود بها اقتناص لحظة تطابق بين هاتين المتحركين من مشترك لا يقع إلا فى إطار مقترحات جمالية. فالجمال عنده لهاث باحث خلف انتظام ضائع قد لا يكون من سبيل للإمساك به.
و يبدو الخلاف ظاهراً بين نظرة الفيلسوف الفر نسى (جان بول سارتر) و بين المفكر والناقد الفنى النمساوى (آرنست فيشر) الذى يعتبر أن الضائع ليس هو الإنتظام الجمالى بقدر ما هو خفاء فى خلفيات الخطاب الجمالى الذى يصعب إدراك بواعثه.
وكلاهما يقفان بعيداً عن ما يراه محاضر الفلسفة وعلم الجمال بجامعة النيلين الدكتور مصطفى عبده الذى يرى أن الجمال ليس هو سوى لحظة انسجام مع إيقاع كونى ثابت ومعبر عنه بدقائق متزنة التتالى الإيقاعى، ويمثلها الإيقاع المنتظم المتتالى لدقات القلب.
وبالطبع تثور أسئلة كثيرة و متعددة حول هذه الأطر التى تحيط بمعارف علم الجمال، فتبدو هلامية عند فيشر وسارتر لا يروى زلالها عطاشى لا يرويهم غير زلال فحص مباشرلأصول الظاهرة. ونتساءل : لماذا العطش ومورد الماء مبذول لشاربه؟ أهو بسبب رغبات فى الحفاظ على سحر خاص اسطورى يكوّن مادة إطار وقواعد المصادر الجمالية؟ أم هو خوف من الكشف عما لا يريده أولايستأنس بكشفه الأوروبيون ـ ربما ـ مداراة لافتضاح محركات جماليتهم إذا ما تم إماطة الحجاب فيسفر وجهها الحقيقى الذى يدارونه بحرص. وتمر بالخاطر هنا (ولولة شديدة) حين محاولة الكشف عن مثلية الإسكندر الأكبر الجنسية ضمن عملية انتاج فلم عن حياته.
وما أراه من مفارقة بين تأصيل الأطروحة وبين الأخذ بها فى راهن حالها كما هى ( مدردمة وملكدمة ) داخل إطار الخطاب النقدى الأوروبى، فذلك يكمن فيه خلل لا تراه النفس الأوروبية المعنية بالخطاب. إذ أنها واقعة داخل حظيرة الإنفعال بما يحيط بها من جمالية، لكنها لا تحس بعماها عن رؤية ظاهرة تقبع هى نفسها داخلها، فلا تكاد تتبين موضع قدم يمكنها من رؤية ماهية تلك الظاهرة موضوع الخطاب؟ وهذا خطأ منهجى أولى سنعود لتبيينه لاحقاً.

1/2/2 : بيع الماء فى حارة السقايين
لكن لابد لنا من التخلص من المحيط والمخيط الجمالى للخطاب النقدى الأوروبى للنظر إلى الجمالى من خارج ظاهراتيته فنقول: الجمال فى موضوعيته كظاهرة، فهو ذو وجود تابع قد لا يخرج تعريفه عما اختطه المفكرون الثلاثة. فهو يحتوى بلا شك على عوامل الإغواء، ويحتمى كذلك خلف أطر الإغتراب عن الواقع بل و الإستهزاء به احياناً أومصالحته أومرافقته أحياناً أخرى ، ثم لا يكون فعل ظاهراتيته سوى انسجام ايقاعى متواتر مع مختلف الإيقاعات الكونية أو البيئية ـ مجتمعية كانت أم طبيعية ـ منسجمة أومتنافرة، معطاة كما هو الإيقاع الكونى عند د. مصطفى عبده أو مصنوع كما فى المقترح الجمالى كمشروع نتلمسه محاولين رؤيته والتعرف علي وجوده (العلمى).
إذاً فما هى إشكالية المنظورالجمالى الأوروبى الذى لا تشذ معتقديته كثيراً فتخرج عما صنفناه أعلاه؟ أهو بيع للماء فى (حارة السقايين)؟
لا، فليس هنالك بيع فى (حارة السقايين) بل هنا يبين بوضوح أمر التخليط والتشابك بين المعرفى والعلمى. ففى عجالة من الأمر المعرفى البسيط، و قبل أن أدلف الى اقتحام سواتره واستحكاماته، ففرضية بسيطة وساذجة تعيي ذهنية من يضربون لنا الأمثال ويتناسون أنفسهم وهم يتساءلون: ولماذا كل هذا السحر فى الماهية الجمالية؟ ثم لا يتبينون أن هنالك منسياً هو بالطبع هذه النفس المسحورة المتسائلة ذاتها. وهى عند ذوى داء (الأنا) هى ظاهرة طفولة ويفاعة فكرية ومعرفية فى المجتمع البشرى باْسره، خاصة عندما تصير ظاهرة (أنوات) متعددة بسبب تفشى هذه اليفاعة ، فيصيرالأمر الى أزمة فى النظر، ويصير من الأهمية بمكان ترجيع السؤال كى يتم التأكد من وعى المتسائل بالذات المتسائلة وانفعالاتها، فنقول: ومن هو هذا المتسائل عن الظاهرة الجمالية؟ وهل يعرف هو حقيقة نفسه حتى نتأكد من جدوى التساؤل؟ أم هو تنطع ليس إلا؟
ويبدو أن فى الأمر ثابت لايكاد يُرى أو يتم تمييزه فهو بالغ التجريد والتخفى فى آن واحد. و يوجد بالقرب منه متحرك يشاركه المكان فيختلط علينا الثابت والمتحرك حتى لا نكاد من ضعف رؤيتنا التمييزية نرى قواه المحركة، أهى طبيعية غريزية ذاتية أم بفعل فاعل ؟
وقد يبدو مضللاً ـ بكسرة على اللام الأولى ـ هنا الدفع بمقولة (الذاتى والموضوعى) إذ أنها تعرّض المسألة للتبسيط ، فالموضوعى يتمنع هنا لدقته فلا نكاد نمايزه عن الذاتى كما هى كافة مباحث شئون الماهية الإنسانية التى لا نكاد نتعرف عليها إلا من خلال احتياجاتها ومآخذها.
حسناً ومن أجل تقعيد الأمر الى الوهيطة، أرجو أن أدفع بتعريف يطال أصل ظاهرة الخطاب الجمالي خارج ذاتية ظاهرة (الأنا) فأقول : لا تكون الظاهرة جمالية إلا بعد اقتحامها حصن الذاكرة ومن ثم ابطال عمله و توقيفه جراء ورود ما تستحق أن تتوقف عنده اندهاشاً من جدته كمعلومات أو فرادتة كمشاهد أو معان مركبة أو مسامع تتلاعب بمخزونات هذه الذاكرة . و يتوجب علينا أن نعتبر هذه الهنيهات التوقيفية هى مجرد معالجة ذاكروية تعمل على استئناس الوافد الذاكروى المدهش الجديد، كى تدخله بتؤدة وتمهل ضمن اعتيادية حصيلتها التصويرية أو التنغيمية الخ الخ من ضروب العمل الخلاق.
لكن وللمزيد من شقائنا بها فلظاهرة (الأنا) وجود موضوعى لا نكاد تعتبر به كواقع، فيبدو الحديث عنه ميّال فى غالبه الى الإستئناس بالذاتى كالقول : (نعمل شنو، نحنا لقينا روحنا كدى) أو عند بعضهم (الله خلقنا كدى) وهذا انسحاب تكتيكى ماكر ومخادع لا يكون مقبولاً من متشدقين بالمواقف النقدية الرنانة ممن يضربون لنا الأمثال وينسون انفسهم كأمثلة مضروبة عن نفسها ولنفسها فى نهاية أمرها. ويساعد على ذلك كون الجمالية الأوروبية كنموذجية تحتوى على وفرة من التخليط ما بين ذات أو نفس (الأنا) وبين (أنا النفس) فتقدم لنا أكثر النماذج مواتاة للفحص و التأمل.

1/2/3 : أسئلة محورية :
والأمر لا بد له أن ينتهى الى أسئلة محورية يبتدئ منها مدخلنا الى جسم الأطروحة وهى :
1/2/3/1 : ما هو تأثر الذات الأوروبية على انتاجها الجمالى ؟ وكيف ننظر الى هذا التأثير فى حالة تواجده أهو تواجد إيجابى لصالح مقاصد جمالية مواتية لروح الإنسانية أم مخالفة لها لا تنسجم معها؟
1/2/3/2 : وهل نعتبر البعد المدرسى التى تفردت بانتاجه المدرسة الجمالية الأوروبية يقوم على وجدود موضوعى ومنطقى كظاهرة تلازم العمل المبدع، تتعالى على الذات المنتجة قفزاً الى موضوعيتها، أم يكون هذا البعد المدرسى خاصية ذاتية أوروبية ما كان من المفترض أن تتعدى (حيشان) ما سواها من مدارس أخرى ذات تجارب جمالية مغايرة تاريخياً ؟
1/2/3/3 : و إذا ما كشفنا عن وجود تأثير غير موات للذات فى ما يختص بالمدرسية الأوروبية بما يدمغ إنتاجها الجمالى بعدم المواتاة : فهل كانت هنالك نموذجية جمالية مغايرة مطروحة كان من المفترض وضعها فى الحسبان؟ وأين هى الحقيقة الجمالية فى كل ذلك، وكيف السبيل إلي اعتبارها والنظر إليها؟
و يبدو لى بعد اكتمال تحديد الأسئلة الإطارية للأطروحة، فقد حان الحين أن نتجه بعدها مباشرة الى جسم الأطروحة متتبعين مكوناتها بالمزيد من الفحص والتجلية
(نواصل) فالموضوع لسّة ما دخل الحوش.

آخر تعديل بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä في السبت أغسطس 30, 2008 1:07 pm، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

2 : المدرسية الجمالية الأوروبية

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »


يوغل تاريخ المدرسية الجمالية الأوروبية فى التاريخ الأوروبى الذى يدخل كله داخل ما تسمية (الإنسايكلوبيديا بريتانيكا ) عصر التدوين. وهو عندها بداية عصر الحضارة. و رغم مخالفة البعض من دهاقنة تاريخ الفنون والعمارة لذلك التأطير كالبروفسير (ارنست قومبردج) استاذ كرسى تاريخ الفنون والعمارة بجامعة (كمبردج) البريطانية وصاحب كتاب (قصة الفنون) و البروفسير (جورج كوبلر) استاذ تاريخ الفنون والعمارة فى جامعة (ييل) الأمريكية وصاحب كتاب الصورة فى الزمن، إلا أنه يبدو أن مدرسة تاريخ الفنون والعمارة نفسها لا تخرج من كولنيالية المدرسة الأكاديمية الأوروبية نفسها، فتبدو متحيزة فى أحكامها أكثر ما تبدو من كونها متزنة وعلمية. وتشابهها فى ذلك ريبتها الكبرى (الإنسايكلوبيديا بريتانيكا). إذ أن مجمل التاريخ الأوروبى داخل عصر التدوين لا يزيد إلا قليلا عن الألف سنة الأخيرة قبل الميلاد، ولا يبلع مهما طعنت بداياته فى بواكر الألفية الثانية التى تسبقها قبل الميلاد المجيد. بينما يتمدد التاريخ هنا فى الشرق الأوسط والشرق الأدنى والأقصى كحوض وادى النيل وحوض وادى نهرى دجلة والفرات و الحضارة الصينية، وكلها تؤرخ فى التاريخ الرسمى الأكاديمى الأوروبى الى ما قبل الخمس ألاف من السنوات قبل الميلاد المجيد.
و حتى ما هو موجود كوجود سابق لعصر التدوين الإمبراطورى فى أثينا واسبرطة وروما ، فقد طاله التدوين بواسطة الشاعر (هوميروس) فى منظومتيه ( الإلياذة و الأوديسّا) حكى فيها وجود أوروبا الأسطورى الذى يربط عندها ما بين بدايتها التخليقة و البعد الأسطورى، فيتم وضع أرضية أسطورية (تنظيرية) لخلق و إيجاد أوروبا (= عندهم خلق العالم) متساوقاً ما بين ظهور ملوكها العظام (كآلهة أوأبناء آلهة أو ممثلين عنها) وبين إفراد الذهنية الأوروبية لهؤلاء الأباطرة المقدسين ضمن حقوقهم فى الربوبية، أن يرفعوا عن العامة كصفوة ملوكية ملحقة بالإلهى المقدس، فجاز فى حقهم الولاية على أوروبا بشرعية هذه الحقوق المطلقة.
النظر الدقيق للأصول التاريخية الأورويبة والتى يبدو أنها تتراوح داخل عصر التدوين، لا يقدم تبريرات تاريخية مقنعة لأصولها كظاهرة تاريخية تحتكم لطبيعية الأثر التاريخى اعتباراً لقانون تتابع الأثر التاريخى الذى يقول به البروفسيران الجليلان قومبردج وكوبلر. فالظاهرة الجمالية (الأثينية) تقف عارية حتى عن (ورقة توت) تخفى عورتها التاريخية، فتمدها بما يدعم وجودها التاريخى عبر سلسلة من (الآثار) السابقة، يمكن أن يُرى فيها نمط يتساوق فيه تطور ظاهراتيتها التاريخية للوصول الى ذلك النمط من الجمالية فى (أثينا). فواقع الحال التاريخى الأوروبى يبدو مائلاً أشد درجات الميل من ناحية خلوه من الآثار التاريخية القبلية (بسكون على الباء وكسر على اللام)، درجة أنه ليبدو وجوداً خالياً من منطق التاريخ. وبالطبع فلا بد من العجز عن مواجهة متطلبات تبرير وصول الجمالية فى (أثينا) الى هذا القدر من التعبيرية عالية المردود الجمالى، خاصة فى شأن نضج مضاهاتها للطبيعه سواء أكان فى العمران كما فى عمارة (البارثنون) أو العمارة (الكورنثيوسية) بأعمدتها الباذخة التيجان والتى يعتبر التصاق نمطها بالطبيعى شأن جمالى باهر وظاهر الإتقان. وعلى ذلك فقس فى مجال النحت و المصورات الأثينية الأولى كما هو تمثال (فينوس) آلهة الجمال عند الأثينيين.
وقد يبدو الدفع بعدم وجود ظاهرة جمالية منبتة استناداً الى تخريجات البروفسير جورج كوبلر الذى لا يوافق على مقولة انبتات الظاهرة الجمالية بقدر ما يقول بكمونها الذى ربما يكون حسبما يراه (كموناً زمانياً أو مكانياً ). فقد نلاحظ فى ما نراه تصحيحاً ضرورياً يتتبع منطق البروفسير جورج كوبلر، فيدفعنا ذلك الى إصدار ما يشبه (جدول ماندليف الدورى لترتيب العناصر الطبيعية) ذلك الذى اكتشف حسب العالم الكيميائى (مندليف ) منطقية تسلسل الظاهرة الطبيعية لترتيب العناصر الذى لا يبرر وجود فجوات غير مبررة، الأمر الذى دفعه لتقرير وجوده عناصر قبل اكتشافها والتعرف عليها عملياُ. وقد أثبت الواقع المعملى صحة فرضيات وجودها فمُلئت فراغات (الجدول الدورى لترتيب العناصر).
ومما نراه هنا بصورة مقارنة، هو وجود فجوات تاريخية. وذلك يدعونا الى اصدار جدول دورى لترتيب عناصر الظاهرة الجمالية، فنرى فجوة كبيرة ومعتبرة تغطى مكان الخلفية التاريخية للجمالية فى (أثينا)، فنفترض وجودها الذى ربما منعه اشتغال المحل بحالة (كمون) أو ربما حالة خفاء تاريخى بحسب نظرية البروفسير كوبلر، لا أظن بوجود حل له إلا كما فعل الكيميائيون. وذلك قام به شاهد كبير من أهلها ألا وهو البروفسير ارنست قومبردج، الذى تحدث حديث خبراء مجربين فى علوم التاريخ عن وجود (زهرة اللوتس) كوحدة زخرفية مسيطرة على الوحدات الزخرفية فى فن العمارة فى الجزائر البريطانية فى القرن التاسع عشر . جاء ذلك فى محاضرته الشهيرة بمناسبة توليه كرسى تاريخ الفنون فى بجامعة (كمبردج). وكانت المحاضرة عن نفس القاعة التى القيت فيها تلك المحاضرة وهى قاعة الإمتحانات الشهيرة بتلك الجامعة. وقد ظهر فى تلك المحاضرة منطق تتابع أو انقطاع الظاهرة الجمالية والتى صاغها (بروف قومبردج) فى ما أسماه (قانون الإثبات التعاقبى) والذى أشار فيه لزهرة اللوتس كوحدة زخرفية أوروبية لا وجود مادى لها فى الجزائر البريطانية أو فى بقية القارة الأوروبية، بل هى ذات وجود طبيعى جغرافى وتاريخى فى حوض وادى النيل، ووجود جمالى زخرفى فى عمارة الحضارة المصرية تحديداً .
وذلك يقود مباشرة الى قول مبرر وفق نظرية البروف قومبردج لم يقل به صراحة ألا وهو أبوة و أمومة حضارية مصرية للحضارة الأوروبية على عمومها وعلى حضارة أثينا على وجه التحديد. و بالتالى أبوة و أمومة جماليتها، فتمتلئ بصورة آلية و طبيعية ومقنعة تماماً كل الفراغات التاريخية غير المبررة فى جدول الترتيب الدورى لعناصر الظاهرة الجمالية.
وتلخيصاً نقول إعمالاً لمنهج البرفسير قومبردج الذى أسماه (قانون السبق) وجاء مساوقاً لرصيفه فى القانون الجنائى، أنه يبدو مبرراً تبريراً منطقياً ومقنعاً القول بوجود خطوط امداد حضارية ما بين الحضارتين المصرية والأوروبية حيث السابق يمد اللاحق. وتظهر فى موقع الملاحظة هنا قضية التخلص من المحيط والمخيط كلازمة منهجية تبدو واضحة فى تنكب مدرسة التاريخ الأوروبى لمنطق (الجدول للدورى لترتيب العناصر الجمالية) تلك التى تبدو فيها فراغات غير مبررة لا يخارجنا منها إلا فحص ما خفى وكمن من الأثر التاريخى. فواقع متطلبات التخلص من المحيط والمخيط أنه و للمزيد من منهجة أساليبنا البحثية لا نحتاج سوى الى نظر من خارج تشابكات وتعقيدات الظاهرة التاريخية الى أثر موجود ومبذول، ويحتاج فقط لنظر مستقيم يتجافاه دهاقنة المدرسة الأكاديمية للتاريخ فى أوروبا من الذين تقيع مناظيرهم داخل تشوهات أزمة التخليط ما بين الذاتى والموضوعى .
لذلك يغطى الأفق علي مدرسة التاريخ الأوروبية مواقف كولينيالية ما فتئت تقوم بمحاولات عكس ما هو واقع وطبيعى ومنطقى، وذلك لأجل الحاق الحضارة المصرية بأوروبا باعتبارها المصدر لتاريخانيتها ولتاريخانية جماليتها. و يتم ذلك دون النظر الى مفارقات عديدة بين مناظيرالمعتقدية المعادية المصرية و مناظير المعتقدية الوثنية الأوروبية أو اللاهوت الأرضى كما صنفه المفكر السودانى محمد أبو القاسم حاج حمد، أو كما صنفه الشيخ (أنتا ديوب ) فى مباحثه الجليلة حول أفريقانية الحضارة المصرية.

2/ 2 : الحرامى فوق راسو ريشة :
و أورد إشارات لهذا (الحرامى) فى نقاط أستخرجها مما توصلنا إليه أعلاه:
مبدئياً وبلا أدنى شك، فمحاولات إلحاق الحضارة المصرية بالحضارية الأوروبية بحسب ذهنية تقرر أن أوروبا هى الأصل، فذلك فى واقع الأمر يعبرأحسن تعبير عن ذهنية يزين لها عماها المنهجى حقائق ظاهرة التزوير و الإختلاق. وقد نجد تبريراً فى ذلك يفسر دوافع حملة السطو والنهب المنظم للآثار و المخلفات التاريخية عامة و المصرية على وجه الخصوص ، تلك التى يزين بها الأوروبيون متاحف التاريخ عندهم، ودون خجل يعتبرون هذه الأثار ضمن ملك يمينهم.
ومقارنة بين (أثينا) التى تخلو تماماً عن أى وجود لمخلفات وآثار مادية سابقة توازى باهر وجودها التاريخى وبين ما هو موجود فى العمق الأفريقى الجغرافى والتاريخى للحضارة المصرية الذى يبدو الى يومنا هذا ظاهراً فيه أنه فى ماضيه أو فى راهن حالته المعاصرة، فهو ذو انتاج وفير لقدر مهول من النحت و التصوير الأفريقى الشعبى الأصيل الذى كان ما يزال يبهر للعقلية الجمالية السياحية الأوروبية كمصدر الهام جمالى حلوب لا يعتريه نضوب أو شيخوخة، كما يلازم تحولات مدرسية لجمالية استئصالية جابّة لما سبقها كما هو حال تعاقب جمالية المدرسية الأوروبية مما سنراجعه أدناه.
وذلك يشير بوضوح الى انه لا يمكننا أن نعتبر ما أقدم عليه دهاقنة مدرسة التاريخ الأوروبية هى عملية إحلال و إبدال تمت عفو الخاطر نتيجة لضعف فى النظر والفحص التاريخى فقط. فمثل ما تشير إليه كثرة الشواهد ووفرتها التاريخية، فذلك يقوّى عناصر الإتهام ليصير جريمة مع سبق الإصرار والترصد.
والإختلاق هو عادة عند (الحرامية) عندما يُطالبون بتفسيرات لغرائب فى سلوكهم، فيختلقوا القصص والحكاوى.
وهذا نفسه ينطبق على ذهنية دهاقنة مدرسة التاريخ الأوروبية، فقد تحدثوا عن وجود قارة مفقودة كانت فى البحر الأبيض المتوسط إسموها قارة (أطلانطس)، وأفترضوا أن يكون سكانها أجداد الأثينيين الحاليين، وكانت تقول فرضيتها فاقدة الدليل أو شواهد الأثر أن حضارة (أطلانطس) أكثر رقياً، تمثل المرجعية التاريخية الأوروبية للحضارة المصرية القديمة. وهذه أطروحة هشة (عضامها مقرشة ساكت) ما كانت تحتاج الى فك مفترس فى قامة فك السنغالى (الشيخ أنتا ديوب) الذى لم يأت على أخضر ويابس أطروحاتها وحسب، بل رتب الطريق الى ما يمكن اعتباره تعرية لفضائح علمية متلتلة لدهاقنة مدرسة التاريخ الأوروبى.
ويتواصل تباعاً ـ إن شاء الله ـ بقية الأطروحة.


آخر تعديل بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä في السبت أغسطس 30, 2008 1:15 pm، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

2/3 : قول فصل فى الأصول التاريخية للجمالية الأوروبية

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »


2/3 : قول فصل فى الأصول التاريخية للجمالية الأوروبية
لذلك فليس هو بمستغرب ظاهرة التلازم التاريخى التام والكامل ما بين التاريخ الأوروبى والأسطورة. وذللك تلازم يضع التاريخ الأوروبى مكشوف الظهر و يستند الى حائط مانل الإستواء. ذلك أن الأسطورة فاقدة الأثر المادى الواقعى الطبيعي فى التاريخ، وحتى وإن وجد، فإن مظهره ومخبره ضبابى ممعن فى الخفاء.
و ارتباط الجمالى الأوروبي بالأسطورة بحسب ارتباطاته بالتاريخ، فذلك يحعل الجمالى كما هو التاريخى فى موقف لا يحسد عليه، إذ يبدو كالمنبت فاقد الأصل والمرجعية ( ود حرام ولقيط كمان). و ذلك ليس كما لاحظناه من انبتات فى أصل وفصل الأسطورة ولا تاريخانيتها وحسب، بل ويتعدى ذلك الى محتوى الأسطورة الأوروبية ذاتها. حسناً ولنراجع بتمهل وتؤدة أصول ظاهرة الأسطورة الأوروبية كمصدر تاريخى وحيد ويتيم. ونحن نفعل ذلك، فلا نبالى بمظهرها (التحتو العروض عريانة). فأوروبا نفسها فهى مسمى لآلهة القمر فى الأسطورة الأثينية، تم االتعدى عليها بواسطة كبير الإلهة (زيوس) ثم بعد ذلك مسخها الى هيئة ثور بعد أن قام باغتصابها جنسياً، (ما قلت ليكم المسألة فيها ولادة بالحرام؟) فأوروبا الوجود التاريخى والجغرافى هو من أوروبا الوجود الأسطورى.
وبالمزيد من مراجعة تاريخ كبير الألهة (زيوس) فهذه مسألة (تخجل حتى السجمان الماعندو خجلة) فهو ذو ست زوجات، أى واحدة فيهن (قاهرة وسليطة لسان وعندها علاقات بى جاى وجاى) وهنّ : هيرا و ذيميس و منتس ومينموسين وديميتر وليتو. أما عشيقاته فحدث ولا خرج، فأولهم و أهمهم هى أوروبا (المعُهّرة إلهياً) ثم ولو وسيميل وجانيميد وكاليستو وليتو . ولا أدرى هل هذه ال ( ليتو) المكررة واحدة تحولت من عشيقة لزوجة أم ماذا؟
لكن وللشاهد فقد حمل لنا التاريخ الأوروبى نماذج وافرة فى فن التصوير لهذه الآلهة ، وكذلك وفى الأدب مما لا يمكن اعتباره إلا كتعبير عن هذه الأسطورة، مثال على ذلك منظومتا الشاعر (هوميروس) (الألياذة والأوديسّا). أو فى مقاربات تحمل نفس المفاهيم فى فن التصوير وفن النحت وفن العمارة الإغريقية.

2/4 : من التحول الأسطورى الى التحور السياسى
ونلاحظ فى كل هذه الضروب سيطرة كاملة للأسطورة على التاريخ و بالتالى مجمل الإنتاج الجمالى منذ (أثينا) الى الإمبراطورية الرومانية فى عهديها الوثنى ثم المسيحى.
ونلاحظ إضافة الى ذلك، أنه وفى العهد الرومانى المسيحى حدثت تحولات تابعة لظهور مؤسسة دينية تتجاذب سطوة الدولة مع الأمبراطور. مع ذلك فلم توثر هذه التحولات فى سيطرة الأسطورة بل زادتها. فقد قامت الكنيسة الكاثوليكية كطرف جديد فى التقاسم السلطوى بزيادة هذه السيطرة باضافات تابعة لما تضفيه مساحة سيطرة المقدس الكاثوليكى، فاقتضى ذلك إدخال (الإيقونة) على (الصورة) كتابع لسيطرة المقدس الجديد على مفاصل الإنتاج الجمالى. وقد تم ذلك فى الجزء الأول من النصف الثانى للأمبراطورية الرومانية، تلك التى تميز إنتاجها الجمالى كنمط تمت تسميته بعد ذلك بالمدرسة الكلاسيكية.
وحتى هذه التحولات فهى فى نهاية أمرها تحولات إطارية (أى لا تمس المكون الأساسى للأسطورى) بل شكلت استمراراً لها. وقد قيل والعهدة على الراوى الذى هو نفس كاتب هذه السطور، أن الأسطورة لم تسيطر على (الإيقونة) لتحيلها الى تابع وحسب، بل و سيطرت سيطرة كاملة راكزة لواءها حتى على العقيدة المسيحية ذاتها، فتم امتصاصها لصالح الوعاء الأسطورى الأوروبى المهول. وذلك حديث آخر يحتاج لإفراد خاص لوحده.
وقد استمر هذا الغطاء الأسطورى الى حين عهد قنانة المجتمع الأوروبى برمته (بى ضكورو و عوينو) تحت الملكية الكاملة المطلقة للسادة النبلاء ورثة القيصر سليل الآلهة العظام، وذلك بعيد سقوط الأمبراطورية الرومانية تحت قوة ضربات القبائل الجرمانية. أنظر الى ذلك فى : ويل ديورانت، موسوعة قصة الحضارة المجلد الثانى ترجمة د. محمد عبدالحليم، إصدار المنظمة العربية للتربية واثقافة و العلوم ، جامعة الدول العربية.
و استمر الحال هكذا لم يتغير إلا بعد بوادر ظهور الجمهورية كعقد سياسى سلطوى جديد إثر (كومونة باريس) ومن بعدها الثورة الفرنسية و اللتان آذنتا بدخول أول تباديل مدرسية بدخول المدرسة الواقعية الكلاسيكية والتى كان خروجها خروجاً ثورياً على ما سبقها من مدرسة كانت تابعيتها للنخبة الحاكمة الأوروبية. وكما كان الإنتقال الأول حمالاً لطابع الثورية والإحتجاج على الأوضاع السابقة التى تمثلت فى موت (الإيقونة) بصرياً و و ظهور عامة الشعب كمواضيع تصويرية أو شخوص روائية تعكس بؤس الفقراء وواقع الحال المزرى للشحاذين الخ. فذلك شكل ـ بتشديد الكاف ـ تبديلاً ثورياً عن اقتصار التصوير على حياة الترف والقصور كما فى الأدب الكلاسيكى. وذلك مما مهد لظهور المدارس الواقعية الكلاسيكية فى الأدب نذكر منها كتابات (الكسندر دوماس) و(تشالز ديكينز ) و(روبرت لويس ستيفنسن) و(فيكتور هوجو) وذلك فى روايات (الفرسان الثلاثة) و(قصة مدينتين) و( جزيرة الكنز) و(البؤساء) الخ الخ. أما فى مجال الفنون البصرية فقد كان تاريخ المدارس الكلاسيكية سابق لذلك، فقد تبدى فى عصر النهضة منذ القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، وظهر ذلك فى أعمال ليوناردو دافنشى والبرت ديورر و مايكل انجلو وماساكيو الخ، فيما سمى بمدرستى روما والبندقية حيث مثلت مدرسة البندقية طلائع التحررو النهضة الأوروبية، وذلك غير مدرسة روما التى كانت ذات تابعية بابوية كبيرة.
نفس تلك القيود التى كسرتها تعبيرية المدرسة الواقعية الكلاسيكية الجديدة صارت هى نفسها قيوداً عملت مدارس أخرى أكثر جدة ظهرت بعد موجة تحرر البرجوازية الأوروبية اللاحق بعد ثورة الآلة البخارية و دخول عصر البواخر والقاطرات و المصانع الصغيرة والمتوسطة الحجم و توسيع التجارة العالمية بفتح أسواق جديدة و بعد السيطرة على مصادر الخام فى أفريقيا آسيا و الأمريكتين بعيد اكتشافهما واستعمارهما أوروبياً ومن ثم تطهيرهما عرقياً.
ويبدو أثر ثورية الإنطباعية فى الصورة طاغياً خاصة بعد أن صارت باريس مركزاً جديداً أخذ المبادرة الجمالية من روما والبندقية، فظهر مانى ومونيه وبيسارو و ادوارد ديقا وريمبرانت الخ. وربما تسبق البصريات رصيفتيها الشعر الذى تجلى فيه هذا الضرب أكثر و الرواية.
ويبدو لى أن سيطرة روح التجريب الجمالى بفضل هذه الثورية الكامنة فى هذه المدرسية قد صار نمطاً أوروبياً ثابتاً ذو مخالب تاريخية. فقد كان يُنظر بقلق تجريبى الى القادم الجديد ليخلف مدارس أصبحت انتاجيتها تقع داخل دائرة التوقع ضمن رصيد معتبر من الإعتيادية و التسطيح، ثم لا تلبث أن أن تصبح تلك المدرسة مطرودة خارج دائرة الإدهاش. لذلك فقد سقطت مقترحات لمدارس عديدة صريعة لهاث ضعف التجويد والإعتيادية. وقصرت أعمار حياة مدارس جديدة كما هى المدرسة التنقيطية للمصور الفرنسى (كاميل بيسارو) أو المدرسة التكعيبية كما هى عند (موندريان) أو بابلو بيكاسو الذى شهد عصراً مدرسياً قصيراً وانتقالياً مرت به بضع مدارس فى حيز جمالى زمانى ضيف، بدأ بالتكعيبية ثم الدادية والوحشية وانتهى بالمدرسة السوريالية ساوق فيه (بابلة بيكاسو) هو وزميله (سلفادور دالى) تعبيرية جديدة تشاركوا فيها مع مجموعة من المصورين مثل (كاندنسكى) و(جوان ميرو) و(بول كلى) كان أظهرها علامياً ـ مع التحفظ على قيمتها الجمالية ـ صيحة (بابلو بيكاسو) الصارخة (الجرونيكا ) ضد الحرب الأهلية الإسبانية وضد ديكتاتورية الجنرال (فرانكو).
ونلاحظ هنا ـ وللمزيد من تفتيح العيون قدر الريال أبوعشرة ـ الرباط الوثيق لعلل الجمالية الأوروبية بالسياسى كتابع لعلل المركز الحضارى الأوروبى حتى بدت المدرسية فى الجمالية الأوروبية كمظهر من مظاهر أمراضه السياسية، تلك التى تتمثل فى سيرة المجتمع الأوروبى من الثورية الى ثورية أخرى حيث تتكرر ظاهرة البتر الثورى والخلاص ثم التجريب الثورى الجديد ثم الخلاص وهكذا دواليك .
و يتمثل ذلك التوالى فى تعبيرية ـ كما ذكرت آنفاً أعلاه ـ كانت مسيطر عليها بواسطة الأسطورة تحولت سيطرتها الى الإيقونة ثم الى بورتريه الطبقة النبيلة الكلاسيكية ثم الى تنزه طبقة البرجوازية الناهضة على حدائقها الغناء الى حين ظهور المدرسة السوريالية.
و تلخيصاً نقول أن سيطرة النخب السياسية على مفاصل مشروع الحضارة الأوروبى، هو الذى (حاش) أدوات التعبير الجمالى داخل غياهب سجونها السياسية المظلمة، فلا فكاك لها إلا بعد الدخول فى معمعان الثورة المجتمعية، فأصبحت الجمالية معنية بالسياسى ضمن مطالبتها بالتحرر من أحادية هذا المشروع و أحادية جماليته. ولذلك بالتحديد خرجت المبادرة الجمالية الأوروبية عن كونها ظاهرة تحتية مجتمعية الى ظاهرة فوقية كتابع للبنية السياسية. وهذا هو ما يبرر تعاقب مدرسيتها التى تتساوق انتقاليتها تبعاً للتناقضات الثورية مع الواقع السياسى. ويبرر كذلك هذه المدرسية فى ذاتها كشكل للتعبير الجمالى معتقلاً داخل الإطار السياسى. وذلك يبدو واقعاً أخذناه كظاهرة (ملكدمة ومدردمة) لم تعطها حقها من التنقيب الجمالى فنتساءل : ولماذا هى هذه المدرسية ؟ أهى شكل لازم وضرورى مطلق التلازم و الضرورية، أم ماذا؟
وهنا بالتحديد يتوجب علينا أن نرى بوضوح حالة تتابع وقوع ظاهرة التحرر نحو مشاريع سياسية أكثر انسانية، تلك التى تطرحها عادة هذه الثورية الى طبقة أكبر و أوسع .
لكن ومع هذا القدر من الأنسنة المجبورة عليه (خادم الفكى) = الثورة، فذلك عند مماسسة الجماليات يصير تصنيفاً متعسفاً للظاهرة الجمالية ويصيبها بأسقام مهلكة. فالحقوق الجمالية يصعب نفيها سياسياً، إذ قد يلتصق الإدهاش الجمالى مع تصوير أو غناء مبهر عالى وفائق الجمالية لمدرسة مرجعيتها سيادة النبلاء . أو يتم العثور على قيمة جمالية عالية فى أعمال تعبيرية لممارسات اختطاف واصطياد الرقيق فى أفريقيا و ترحيلهم الى الأراضى الجديدة، دون أن تكون ضمن هذا التعاطى الجمالى أى عامل مُشترك سياسى مع ذلك القدر من الوحشية واللاإنسانية الطاغية فى تلك الممارسات.
ونواصل بإذنه تعالى

إيمان أحمد
مشاركات: 774
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:27 pm

مشاركة بواسطة إيمان أحمد »

Thanks
This is capturing



Iman
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

ندوة اشكاليات الجمالية الأوروبية-اتحاد التشكيليين

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

إشكاليات الجمالية الأوروبية





أقام الإتحاد العام للفانين التشكيليين السودانيين خلال شهر أبريل 2008م ندوة بعنوان ( إشكاليات الجمالية الأوروبية ) بالإشتراك مع المجلس القومى للثقافة والفنون وذلك بدا رالمجلس تحدث فيها الأستاذ عمر الأمين وعقب عليه فى المناقشة كل من الأستاذ ابراهيم الصلحى وأستاذ محمد عبد الرحمن حسن والأستاذ أحمد صادق كما شارك الحضور بالمداخلات حول موضوع الندوة .

جانب من الحضور


https://sudaneseartist.net/html/union_pr ... age=24.jpg


الأستاذ ابراهيم الصلحى

https://sudaneseartist.net/html/union_pr ... age=25.jpg

المتحدث : عمر الأمين أحمد


https://sudaneseartist.net/html/union_pr ... age=30.jpg

المعقب د. احمد الصادق

https://sudaneseartist.net/html/union_pr ... age=23.jpg

جانب من الحضور: د. عثمان الخير
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

2/3 : فعل التصنيف الحضارى على الجمالية الأوروبية

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

2/3 : فعل التصنيف الحضارى
على الجمالية الأوروبية

ويبدو أن سليلة آل بيت العز الأسطورى ووريثة صولجان الآلهة ومملكتها الأرضية كابر عن كابر ، أوروبا ، ولأسباب لا تبتعد مناهلها كثير ابتعاد عن هذه الأصول فقد انتهى شكل وجودها ومختلف تجلياتها الى دوائرمتناسخة ومتبادلة التأثير. فالأسطورة التى تنتج الحضارة، تخلع عليها حللها وتزيّنها بأزيائها. والجمالى لا يتخارج من هذه الأصول خالى الوفاض، فهو يعبر أحسن تعبير عن هذه الأصول الأولية الأساسية كالأسطورة والحضارة. ثم لا يقصر فى مد تأثيره الى مستنسخاتها كالسلطة والسياسة والدولة والمؤسسة ثم الى توابعها كالعسكريتاريا والديمقراطية والعولمة الخ.
ويشكل ذلك كله روافع (تتشالب)المجتمع فلا تدعه يلتقط أنفاسه إلا بعد أن تحكم الرتاج على هذه الأنفاس فتحصيها، كى تمسك بفعاليات المبادرة المجتمعية من أهلها الطيبين وتحتكرها داخل هذه الدوائر المتعالية على المجتمع.
لذلك فهو واقع حال أن يتناطى الى مقام الفحص ما يبدو فى ظاهره ضعيف التأثير، لكنه فى واقع الأمر يمسك بخناق عضم المسائل البحثية.


2/3/1/: الأثر الحضارى على الذات الأوروبية:
و الحال هذه فالأثر الحضارى غير المنكور أثره على الجمالى، لا بد أن يكون قد قام بدوره كاملاً فاعتقل الجمالية الأوروبية داخل حدود المميزات التى قامت عليها هذه الحضارة. فما هى هذه المميزات؟
يقول المفكر الأوروبى الكبير فرانسيس فوكوياما فى كتابه (نهاية الحضارة وخاتم البشر) أن التاريخ الأوروبى قام على سيادة روح (الثيموس) ويقصد به تقدير الذات للذات نفسها. فإذا تقابل أوروبيان قبل تاريخ المدنيات الأوروبية الأولى، فسيخرج كلاهما سلاحه بصورة آلية أوتوماتيكية. و العراك والقتال هو الحصيلة الطبيعية التالية مباشرة لذلك اللقاء، ليخلصا الى حالة واحدة من ثلاث لا يستقر الحال إللا بعد أن يستقر استقراراً كاملاً على إحداها وهى :
إما الى أن ينتصر أحدهما و يقتل الآخر ويا دار ما دخلك شر
أو ينهزم أحدهما ويصير مقتولاً وما زال الشر بعيداً
اما الثالثة وهى جالبة ما حل بعدها من شرور، ألا وهى حدوث هزيمة وإستسلام من أجل محافظة إحدى الطرفين على حياته، حيث لا بد له حينها أن يقبل بمصادرة حريته لصالح المنتصر الذى سيصير بعدها المالك للمستسلم وذو سيادة مطلقة عليه. وذلك ما يفسر ارتباط النبالة الأوروبية بالفروسية وارتباط قنانتها بالخور والخنوع والذل والمسكنة.
لذلك فنتيجة ما يسميه (فوكوياما) بالثيموس هى إما أن تكون قاتلاُ أومقتولاً أو راضياً بالعبودية على نظام سيد للمنتصر وعبد للمهزوم الذى يعلن هزيمته وانسحابه ورضاءه بالعبودية التى لا يمكن أن يتخلص من تبعاتها إلا عبر السيف مرة أخرى. و بالطبع فهذه هى سيرة البدايات الميثولوجية الأوروبية التى كانت حلبة لقعقعة السلاح و المصادمات والحيل والمؤامرات، تلك التى انتهت بسيادة أثينا على طروادة عبر حيلة الحصان الخشبى الشهير. لذلك فقد قرر (فوكوياما) أنه ليس غير العمل العسكري الدؤوب لتطوير أدوات الصراع هو ما حمل أوروبا على حصان غزو العالم والسيطرة عليه، ومن ثم موضعة أنظمة السياسة والحكم وموضعة جماليتها التى صارت فيما بعد الجمالية السائدة فى كل أرجاء المعمورة. ولى مقولة تلخيصية سبق أن دفعت بها تلخيصاً لهذا المفهوم أقول فيها : لو عُرفت مصر تاريخياً بأنها هبة النيل و عرفت الهند بأنها هبة التنوع الطبيعى النباتى، فإن أوروبا لا بد أن تُعرف بأنها هبة المقاتلة والصراع العسكرى.
لكن وبعد هذا الحصار المحكم الذى ضربناه على الجمالية الأوروبية بمختلف تجلياتها فى الأسطورة ثم المدرسية ثم المراوحة ما بين الثورى والرجعى الى طلق (الهملة والمطلوقية) فى أحضان منظمة التجارة العالمية، فذلك كله لا يعطينا وجه للنظر فى ما ذكرت من تخليط ما بين المعرفى والعلمى. أو بصورة أخرى مابين العقل والذهن.
وينبغى لنا الرجوع للوراء قليلاً من أجل لملمة أطرافنا من التشتت المباحثى.


2/3/2 : كيفية الجمالية الأوروبية مرة أخرى:
فإذا ما اتفقنا على تعريف سابق عن هويتها وتصافقنا على أنها عبارة عن إقتحامات ذاكروية، فلى فى هذا الموقف انطباع غير ملزم، أظن أنه لا سبيل غير أخذه فى الإعتبار. يذهب هذا الإنطباع الى صياغة فرضية أن هذه الإقتحامات فى الذاكرة هو نفسه انطباع. والإنطباع بواقع الحال ذو سمت و أصل تصويرى سواء أكان بصرياً أم سماعياً، وهذا ما يجعله ذو كيفية تصويرية، أى يتخذ شكل المحفوظات التصويرية كيفما تكون مادته الخام بصرية هى أم سماعية. وهذه سمة مأخوذة من طبيعة الذاكرة فى الذهنية البشرية، تلك التى تربط مدخلات الذاكرة بالصورة سماعية كانت أم بصرية.
وأظن أن لهذا الإنطباع أصول فى الذاكرة الجمعية للجماعة التشكيلية السودانية التقدمية، حيث كنت حيناً من الدهر شيئاً مذكوراً فى حضرتها. فقد كان ضمن مصطلحيتنا ما نطلق عليه (الذاكرة الفوتوغرافية) ونعنى بها ذاكرة جمالية تقريرية عاطلة عن انتاج ما يوازى حصيلتها من إضافات جمالية للواقع التصويرى العادى. وأظن أن من سبك ذلك المصطلح كان استاذنا الدكتور عبدالله بولا.
وأظن أن ذلك المصطلح كان يعنى أكثر ما يعنى العناية التصويرية من خلال الرسم دون ما حدود تؤطر تلك التسمية فتبعدها عن اللون بحسب أن لفوتوغرافية الذاكرة اللونية مصطلح آخر هو (الطباشيرية)، وأضع نفسى عرضة لأى تصحيح مصطلحى لهاتين المسبوكتين، فما أورودته من توضيح ليس محل اتفاق بقدر ما هو ما فهم خاص.
خفة الفرضية الصورية لمدخلات الذاكرة (كقيمة بحثية) يقضى بنا تحميلها حملاً خفيفاً، فالصورة السماعية تقتضى فى واقع أمرها غض الطرف و الإطراق، ومن ثم توجيه النظر فى غالب الأمر الى الداخل حيث منبع الصورة السماعية حتى ولو كان مصدرها الأولى خارجياً. لذلك فالصورة السماعية هى صورة جمعية لنفس المتلقى.
أما الصورة البصرية فهى خلاف ذلك تماماً فهى تتم عبر النظر الى الخارج. ويتبع ذلك بطبيعة حال التركيز البصرى. وتقتضى هذه الحالة خروج نفس المتلقى ووقوعها فى حالة استغراق بصرى تفحصى موجه نحو الخارج قد تنسى فيه نفس المتلقى المبصر حتى موقع أقدامها.
وتلخيصاً لذلك فالسماع فيه تجميع للذات الى الداخل، أما الرؤية التصويرية فهى على العكس إخراج لها للخارج. وفى ذلك تحيل الجمالية البصرية النفس الى كم ربما هو محايد أوغيرى أو كلاهما فى أن واحد.
فإذا كانت الصورتان (السماعية والبصرية) تساوقان مادة الذاكرة الصورية فى بعديها السماعى والتصويرى . إذا ما كان الإندهاش غالباًَ ما يتم عبر عملية مضاهاة تبتز النموذجية الذاكروية المحفوظة لصالح وافدات ذاكروية باحثة عن الإستئناس. وإذا ما كانت تقع مجاورة لهذه المضاهاة ، (تدافر وتعافر) من قمم أمانى شاهقة، متكونه فى الغالب من متطلبات نفس قد لا تحدها حدود من الرضا والقنوع بما فى يدها. نفس طمّاعة كلما صعدت لقمة من التمنى و توطنت فيها وصارت ضمن ملك يمينها الذاكروي، زال سحرها كما زال سحر نور خافت يراه (جاتسبى) فى الضفة المقابلة للشاطئ البحرى كما هو فى رواية (جاتسبى العظيم) للروائى الأمريكى (سكوت فيتزجرالد)، ثم ترنو النفس الى مصدر سحرى آخر فى قمة أخرى أكثر علواً وشموخاً.
هذا التصاعد اذا ما تم تفعيله فى الجمالى فيمكن أخذه كتصاعد ذوقى ، وهو تصاعد رأسى وأفقى فى أن واحد ، يطال الفرد والجماعة متضامنين ومنفردين، إذ لا نتبين أى غضاضة فى تذوق جماعى يتخلل بنية المجتمع بصورة جماعية، فيخرج فى شكل خطوط بيانية مجتمعية أفقية. بنفس القدر الذى يطال فيه الفرد فى أخص خصائص ذاتيته فيصدر بناء عليه بيانية ذاتية جمالية متصاعدة.
نواصل ، وسيرد تباعاً ـ ان شاء الله ـ كل يومين بقية الأطروحة.
آخر تعديل بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä في السبت أغسطس 30, 2008 1:23 pm، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

مواصلة لما سبق

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

وتنقسم بواقع حالها ( الذاتية الجمالية) الى ثلاث أقسام رئيسية فى الذاكرة هى كالآتى:
2/3/3 : جمالية عبرذاكرة يافعة. و ربما هى طفولية تقع داخل نطاق وعى تقريرى ك( الذاكرة الفوتوغرافية). ويميزها تزاحم لفراغات ذاكروية دائبة فى بحثها عمّا يملأها.
ووعي هذه الجمالية فى بدائيتة التجريبية، فمستدركاته عاطلة عن معرفة بحقيقة حاملها أى نفسها وذاتيتها إلتى لا تكاد تتعرف عليها إلا عبر تجريبية طفولية غريرة هى الأخرى.
ونعرف بحسب مرورنا بما يحدث فى فترة باكرة، أن فى تجريبية الجمالية اليافعة الغريرة ما قد يتصف بصفة الحمق، حيث يكتنف مرحلة تجريب اليفاعة الذاكروية الشبابية عادة عدم وجود كوابح أو مصدّات، وهى وإن وجدت فهى قليلة وواهية وضعيفة، غير مضمون كفاءتها وفعاليتها. وهى فى غالب حالاتها تنطع و سير بلا هدى ولا كتاب منير، كحال (حمل الجروف) فى تنططه خلف فراشات الحقول الخضراء، تلك التى يحسبها ـ لغرارته ـ حشائش هاربة منه. وتلك مرحلة بعينها أسميها مرحلة تجريب أولية ذات جمالية أولية بسيطة ومباشرة.
ويبدو فى هذا الحيز تحديداً ارتباط الذهنية اليافعة و جماليتها الأولية البسيطة بالشكلانية. ونموذجيتها الجمالية تقع فى الغالب عبر مثالية شكلانية الجسد الإنسانى فى طبيعية و اولية مصادرها فى الجذب والإستدراج لهذه الذوات الغريرة. وذلك بالطبع بحث عن الشق الحيوانى فى البنى آدمية. أو هو بحث عن الطبيعى الأولى غير المتصرف فيه أو المعدل، ومن ثم موضعته كشأن مرحلى مكفول تجريبيته بما يوجب الإعتراف به اعترافاً بالمكون الحيوانى المقابل للمكون البشرى فى البنى آدمية.
وفى هذا الصنف الجمالى تتغلب الجمالية الجسدانية على جمالية تحارب الشكلانية ولا تعترف بسطوتها محاولة لنفى أو تحجيم الحيوان لصالح البشرى.
2/3/4 : الثانية هى فى مقام أعلى مما ترتاده الذهنية اليافعة بعد بلوغها مرحلة نضج ذهنوى. وتظهر هذه الذهنية بميزة أنها ذات جمالية مبصرة وومتباصرة، قد تحتقب الحكمة التى تقتضى ارتفاع قامة التجريب الذهنوى الى درجة من المعرفة المؤهلة لانجاز مشاريع حضارية متقدمة بكفاءة عالية. ويميزهذه الجمالية فى غالب أحيانها مخزون ذاكروى وافر وغزير وتجريب يظهر فيه شيئ من النضج.
وتتميز جمالية النضج الذهنوى بامكانية أن تكون ذات مخزون معنوى معتبر. ويمكنها أيضاً أن تحتقب حالة انسجام مع الإيقاع الكونى المنتطم كما هى افتراضية الدكتور مصطفى عبده.
والشاهد أن الجمالية الأوروبية فى مختلف تحقيباتها المدرسية فهى تتخذ من البعد الشكلانى الجسدى مرجعية لها وتنأى بنفسها عن ارتياد حقول ابداعية تتجاوز الشكلانى وتضعها فى مواجهة أسئلة جمالية معنوية. فالجمالية الإغريقية، كما لاحظنا، فقد كانت ترتسم على ملامح و تقاطيع جسد تمثال فينوس و مقايساته أكثر مما ترتسم صفات فينوسية خلاف الجسدانية. فهو ذو معايير قياسية للجمالية، سائدة الى يومنا هذا فى مثالية المقايسات اللازمة لاختيار ملكات الجمال فى أوروبا.
نفسها الممسزات الجسدانية تواجهنا فى الجمالية الرومانية كما هو تمثال (آفروديت) ثم فى عصر النهضة عندما نلاحظ ذلك فى تمثال (ديفيد) للمثال مايكل انجلو. وفى كافة رسوم المدارس الواقعية بعدها كالإنطباعية و التعبيرية الخ الخ.
وقد تجلى شيئ من جمالى بصيروى فى الشعر الأوروبى أكثر من غيره كما هى روايات وليام شكسبير وقصائد تى إس إليوت الخ الخ . وخلت منه بصورة كبيرة اللوحة إلا من اليسير الذى لا يكاد يلاحظ فيذكر.
2/1/5 : أما الجمالية الثالثة فهى جمالية عقلانية. وهى ما زالت تمثل مشروعاً مقترحاً صعب التحقيق تتقاصر دونه كل التحقيقات المعرفية الذهنوية من حيث وقوعه خارح الذات المكبلة فى رتاج (الأنا).
وتتمايز الجمالية العقلانية المقترحة عن كلاهما الجمالية الأولية البسيطة و الجمالية البصيروية من حيث اتصاف كلاهما بكونهما جماليتين معرفيتين.
أما الجمالية العقلانية فهى تتعالى عن المعرفى ويقتصر تطلبها فقط عبر العلمى.
و إنى لزعيم أننا نتباشر على أيامنا هذه ارهاصاتها. خاصة كوننا نترقب ارتفاع قامتنا لرؤية استواء (رحمان) العقل على (عرش) العلم. وقد بدأ هذه الترقب فى أوان زمانى قريب يرجع الى بدايات نزول القرآن الكريم فى القرن السابع الميلادى بقوله ـ جل وعلا ـ (اقرأ باسم ربك الذى خلق) وهذا طلب للقراءة باسم الرب ـ كما عبر عنها المفكر السودانى محمد ابوالقاسم حاج حمد وقوله ـ جل وعلا ـ بواو العطف الذى يفيد المعيّة فى قوله (إقرأ وربك وتمثل (القراءة مع الله). راجع محمد ابوالقاسم حاج حمد ،موسوعة (جدلية الغيب والإنسان والطبيعة) اصدر دار الرائد ببيروت.
وبالطبع فهذا استواء عقلى يتجافاه الإنسان كعادته ويتهرب عن التقيد به الى طفولة ويفاعة معرفية يعاقرها منذ خروج الإنسان من الحيوان أوان قوله ـ جل وعلا ـ : ( فإذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين). وذلك بالطبع يقودنا الى القول أن البشر لا يعرفون الى يومنا هذا (العقل) كما هو آلية التلقى العلمى. وما لا يملكون آليته فهو نفسه غير مملوك بايديهم، حيث تحتل المعرفة مكانته. و الحال هذه فلا بد من انزال بعض التوضيحات لأركان هذه الأطروحة الهامة للتفريق بين متلازمة العقل والعلم ومتلازمة المعرفة والذهن ومن ثم ما أنوى إطلاقه من تصحيحات على ما يتعارف عليه بنظرية المعرفة ، حتى نتمكن بعدها من طرح الجمالية العقلانية وفق الأسئلة التى أوردها للتذكير وهى:
/2/3/1 : ما هو تأثر الذات الأوروبية على انتاجها الجمالى ؟ وكيف ننظر الى هذا التأثير فى حالة تواجده أهو تواجد إيجابى لصالح مقاصد جمالية مواتية لروح الإنسانية أم مخالفة لها لا تنسجم معها؟
1/2/3/2 : وهل نعتبر البعد المدرسى التى تفردت بانتاجه المدرسة الجمالية الأوروبية يقوم على وجدود موضوعى ومنطقى كظاهرة تلازم العمل المبدع، تتعالى على الذات المنتجة قفزاً الى موضوعيتها، أم يكون هذا البعد المدرسى خاصية ذاتية أوروبية ما كان من المفترض أن تتعدى (حيشان) ما سواها من مدارس أخرى ذات تجارب جمالية مغايرة تاريخياً ؟
1/2/3/3 : و إذا ما كشفنا عن وجود تأثير غير موات للذات فى ما يختص بالمدرسية الأوروبية بما يدمغ إنتاجها الجمالى بعدم المواتاة : فهل كانت هنالك نموذجية جمالية مغايرة مطروحة كان من المفترض وضعها فى الحسبان؟

أواصل فى غرة رمضان الكريم أعاده الله عليكم بالخير واليمن والبركات
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

حول إشكالية استلاف المصطلح

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

2/4 : حول إشكالية استلاف المصطلح
وقد سبق لى أن طرحت ضمن آخر ما أنزلت بباب (مفاكرة الجمعة) بصحيفة الصحافة السودانية ما سبق لى أن أسميته ب(نظرية جديدة للمعرفة) هى فى واقع أمرها لا تجد أرضية أكثر صلاحية لتجليتها أكثر من هذه البيانات فى شأن اشكاليات الجمالية الأوروبية. إذ أنها هى نفسها اشكاليات معرفية، حتى أننا ليمكننا أن نجد لها عنواناً ملحقاً رديفاً و مدمجًا ك : )نظرية جديدة للمعرفة فى بيان اشكاليات الجمالية الأوروبية).
وللدخول المتمهل الى هذا العنوان المشترك وما به من تخليط أطروحى ـ وهو تخليط محبب عندى فى متداخلاته المعرفية ـ فقد أشرت حينها الى:

2/4/1 : مدخل أولي
وقلت: لا أظن أن ما توصلت إليه معرفيتنا البشرية عاجز عن ضرب أمثلة يدعمها واقع الحال تؤدى الى اكتشاف حقيقة التنكب العلمى الواضح لما نسميه بالعقلانية فى عالمنا المعاصر. . وذلك نظراً لما يواجه هذه العلموية من منتقصات سببها فى كثير من الأحيان، حالة اختلاط معاصر لهذه المعارف الإنسانية ربما افقد البشرية الكثير من عناصر التركيز فى تجاربها، وذلك بفضل حراك عالمى معاصرتميزه الهجرة والارتحال والتنقل لهذه التجارب، ولمّا تبلغ مرحلة النضج فى تأسيسها الذى يفترض فيه أن يولد ثم يكمِّل ــ بكسرة على الميم المشددة ــ ما تحتاجه استنتاجات هذه التجارب من زمن لمراحل النمو الطبيعيّة فى بيئتها ومتنفسها الطبيعى.
فالعقل و العقلانية أصبحا كمصطلحين يأخذان أبعاداً عند كثير من الباحثين متجافية عن دلالاتها اللغوية ليس بسبب اختلاف المدلولات اللغوية لترجمة المصطلحين حسب بيئات نشأتهما المختلفة وحسب، بل ولاختلاف مردود التجارب الدالة على ما يراد ويقصد به من المصطلح فى التجريب الحيوى الإنسانى فى بيئتين مختلفتين. و قد بات من الشايع اعتبار العقل الأوروبى عقلاً أداتياً يستند الى معملية تفترق افتراقاً واضحاً عن عقلانية قداسة الماورائية أو الباطنية أو الروحانية، بحسب افتراق منهجين يمشى أيهما عكس الآخر، أحدهما مع عقلانية الأداتية المعملية، والآخر مع قداسة الماورائية. فالمنهج الأول يأخذ بالفلسفة و المنطق كأدوات ويتم تمييزه عندما يعرفونه مباشرة بالعقلانية. أما الثانى فلا يأخذ الا بالنص وما ورد فى متونه من أخبار، وهو لذلك يتم اخراجه مرة واحدة الى خارج حدود العقلانية.
مع ذلك نلاحظ أن بعض التعميم ناتج عن تسارع فى إلقاء هذه الأحكام، فقد أورد التجريب العقلانى الأوروبى انسانها موارد الهلاك، خاض فيهما حربين كبيرتين ساد فيهما من اللاعقلانية ما لا يمكن دفعه خارج أداتية العقلانية الأوروبية، ألا وهما الحركتان الفكريتان الشهيرتان (النازية والفاشية)، فقد نشأت الحركة النازية داخل أعتى و أقوى مواقع الفكر والفلسفة الأوروبية، وأكثر مجتمعاتها فاعلية وهمة ونشاط ، فى حين نشأت الحركة الفاشية داخل أكبر المراجع التاريخية للحضارة الأوروبية، و أكبر و أعرق مراكزها الدينية. وكان ذلك مدخلاً لتساؤلات عريضة حول ما يسمى بعقلانية أوروبية تتوصل الى حالة من تدمير الذات بهذا الشكل.
ولا يظن أن ما يسمى بالفترة السياسية التى مرت بها أوروبا مما ارتبط بصعود النازية والفاشية هى ظاهرة متفردة ومعزولة يمكن محاصرتها و بترها جراحياً، فيتمكن العقل الأوروبى من الإنطلاق. لكن من الثابت تماماً ارتباط أصول الحركتين (النازية والفاشية) بمجمل تاريخ المجتمع الأوروبى فى نشأته الباكرة واللاحقة الى المعاصرة، وذلك عبر مختلف مراحل تاريخه التى لا يصعب أمر أخذها دالة على ما يمكن تصنيفه من عقلانية أوروبية مدعاة. فمحصلة التاريخ الأوروبى هي فى واقع الأمر محصلة تاريخ صعود وهبوط مختلف التشكيلات الحضارية الأوروبية بحيث يمكننا أن نسمى التاريخ الأوروبى الحضارى فى مجمله بتاريخ التجاوز كما أسلفنا توضيحه أعلاه فى هذه الأطروحة فى شأن التجاوز ما بين راديكالية التغيير الثورى وبين دوغما الوقوع فى حبائل الإعتيادية والتكلس.
وما يمكننا أن نلتقطه هنا لبيان (عقلانية أوروبية) فلا بد أن يكون من خلال هذه التحولات التى يمكن تحديداً وصفها بصفة التجاوز الفكرى درجة الاستناد الى مدرسية أوروبية طالت الفكر و الفلسفة والثقافة والآداب والفنون و السياسة،حتى صارت مفاصل وتقاسيم التاريخ الأوروبى تقوم على متلازمة النقد والتجاوز والثورة مع ثبات التحاق هذه الفعاليات بالدوغما والبيروقراطية كمحصلة لم تفلت من براثنها أى حركة أو فعالية أوروبية.
وبداهة فإذا ما بحثنا عن رباط لما يمكن تسميته بالعقل الأوروبى فى هذا الحراك، فلا بد أن يقع فى حبائل التناقض بين العقل واللاعقل كما نراه فى الوصول بمحصلة النقد والتجاوز الأوروبى للحركتين السياسيتين النازية والفاشية.
و يبدو أن هنالك مواقف شتى فى شان العقلانية الأوروبية. منها مواقف اعتذارية تجاه تجاوز العقل الأوروبى بحسب أن فى أوروبا مصدرًا منتجا للعقل والعقلانية، موكولًا له أن ينظر الى تجاربه فينتقدها كلما عنّ له ذلك. فالمنجز العقلانى الأوروبى الذى يراه د. أحمد الصادق المحاضر بمعهد سلتى للغات والذى أدلى بدلوه معقباً على هذه الأطروحة فى الندوة التى أقامها اتحاد التشكيليين السودانيين المذكورة أعلاه، يراه وصل الى درجة منهجة العلوم المتداخلة التنظيم. ذلك يقتضي مقابلة اطروحته بأطروحة مضادة، فيها شيئ من التنظير بما فى ذلك من تأسيس مفهومى نقدى مقابل.
وقد توافق الأستاذ محمد عبدالرحمن (بوب) مع هذه الوجهة مادحاً جهد (جاك دريدا) الذى يقود الى حملة تطهيرية تكفى العقل الأوروبى وتضعه فى خانة المدح والقبول بوصف ذلك الجهد يعيد انتاج العقلانية.
لكن ذلك لا يتوافق مع رأى يبذله د. التجانى عبدالقادر الكاتب الصحفى بصحيفة الأحداث السودانية ويقبل فيه بالمنجز العقلى الأوروبى لكنه بقف حائرا إزاء موقف هذا العقل فى السياسى. و (يشير هنا الى مرحلة متأخرة من المراحل التى مر بها التيار العقلانى فى أوربا بعد فترة الاصلاح الدينى والكشوفات العلمية والثورة الصناعية حيث تحول فيها التيار العقلانى الى دوغما ينوء تحتها الإنسان الأوربي، ويتذوق فى حسرة بعض ثمارها السياسية المرة فقال: (بل وكأن الأمر يعود بنا فلسفيا الى عهود المنطقية الوضعية القحة، ثم يعود بنا تاريخيا الى ما وقع فى أوروبا ما بين الحربين العالميتين، حيث ذهب كثير من المثقفين والعلماء الأوربيين الذين رضعوا من ثدى العقلانية الى تأييد النظامين الفاشي والنازي، والعمل فى أجهزتهما السياسية والمخابراتية والاقتصادية، مما جعل بعض المفكرين من ذوى الوجدان السليم يطرح السؤال: كيف عجز العقل الأوروبي المستنير، الذى قدم انجازات مذهلة فى مجالات الكشوف الطبية والالكترونية والفضائية، كيف عجز هذا العقل عن إدراك ما فى النظام النازى من قبح وظلم وطغيان؟ وكيف استطاع الذين تربوا فى العقلانية العلمية/التنويرية أن ينحرفوا فى اتجاه الموجة اللاعقلانية التى كانت تمثلها النظم الشمولية القاتلة فى روسيا وألمانيا وايطاليا؟ وهل نستطيع أن نأتمن مثل هذا العقل أو أن نأمل فى أن يقودنا الى الايمان والخير؟) إقرأ وراجع د. التجانى عبدالقادر مقال بعنوان العقلانية الغربية والعقل القرآني، صحيفة الأحداث العدد 143 الأحد 2 مارس 2008م.
ويبدو تقابلاً بين أطروحتين تتناقض إحداهما مع الأخرى فترفض مصطلح العقل الأوروبى رفضاً متراوحاً أشبه ما يكون بالمثل الشعبى (لا بريدك ولا بحمل بلاك) فهنالك توافق بين الدكتور التجانى عبدالقادر والدكتور أحمد الصادق فى شأن تعذير العقل الأوروبى لدرجة درئهما الحدود عنه باعتراف ضمنى متلبس بالاحتجاج أو سوقاً للأعذار التحصينية. ويبدو العقل فى كلا الاتجاهين مكاناً للفكر ، وساحة للتجريب، و براحاً للنقد. وهوفى الحالتين إما مؤاخذ، فسديده ذو وجدان سليم و متخبطه مفارق حتى ليستحق أن يوصف باللاعقلانية، أو معذوربحسب وفرة انتاجه من المفاهيم مما يجعله كما يقول المثل الشعبى (مبطّر فى السمح والشين مختّر).
هذا فى شأن العقل . أما فى شأن المعرفة، و كما هو إشكال مصطلح العقل فهنالك إشكال آخر فى مصطلح المعرفة. فنحن نحتاج النظر الى تراجمهما المختلفة خارج المصطلح الأوروبى من أجل إلقاء مزيد من الضوء على مواتاة مصطلحيتنا المعاصرة الى ما نود تحميلها إياها من معان ومفاهيم، أهى وافية فى قدرات احتمالها، أم هنالك مخابئ مصطلحية لم نتجرأ بعد على تسليط ضوء كاشف يضيئ عتماتها. و أظن أنه يتعين علينا للوصول الى موقع التناظر حول مصطلح المعرفة وجوباً المرور من بوابة المعرفة كما يعرّفها الأوروبيون ف (نظرية المعرفة أو الإبستمولوجيا Epistemology) ) كلمة مؤلفة من جمع كلمتين يونانيتين : episteme بمعنى علم و logos بمعنى : حديث ، علم ، نقد ، دراسة فهي اذا دراسة العلوم النقدية . المصطلح بحد ذاته (إبستمولوجيا) يعتقد أن من صاغه هو الفيلسوف الاسكتلندي جيمس فريدريك فيرير .
معظم الجدل و النقاش في هذا الفرع الفلسفي يدور حول تحليل طبيعة المعرفة و ارتباطها بالترميزات و المصطلحات مثل الحقيقة ، الاعتقاد ، والتعليل (التبرير). وتدرس الإبستمولوجيا أيضا وسائل إنتاج المعرفة ، كما تهتم بالشكوك حول إدعاءات المعرفة المختلفة . بكلمات اخرى، تحاول الإبستمولوجيا أن تجيب عن الأسئلة : ماهي المعرفة؟ كيف يتم الحصول على المعرفة؟
و مع ان طرق الإجابة عن هذه الأسئلة يتم باستخدام نظريات مترابطة فإنه يمكن عمليا فحص كل من هذه النظريات على حدة. راجع موسوعة ويكيبيديا ، الشبكة الإلكترونية.
ولا أرى موسوعة (ويكيبيديا) إلا واقعة هى نفسها فى عتمات مجاهيل التراجم المصطلحية مما لم تقع فى براثنه (مقاهى إسلام أونلاين ) على الشبكة الإلكترونية والتى تقول : (ويبدو تشابه المعاني لكلمة معرفة في اللغة العربية واللغة الإنجليزية، وتدور هذه المعاني في مجملها على الإدراك. أما المعرفة في الاصطلاح الفلسفي: فهي ثمرة التقابل بين ذات مدركة وموضوع مدرك، وتتميز عن باقي معطيات الشعور من حيث إنها تقوم في آن واحد على التقابل والاتحاد الوثيق بين هذين الطرفين. والمعرفة بهذا الشكل هي التي تحصل للذات العارفة بعد اتصالها بموضوع المعرفة، كما تطلق نظرية المعرفة Theory of Knowledge على البحث في إمكان المعرفة البشرية، وفي مصادر هذه المعرفة أو الطرق الموصلة إليها. وتعتبر نظرية المعرفة قديمة قدم الفلسفة ذاتها؛ فقد أجاب أفلاطون عن جدلية العلاقة بين الاعتقاد الصادق والمعرفة بأن المعرفة هي اعتقاد صادق مسوغ له ما يسوغه أو يقوم عليه البرهان والدليل. وظهر موضوع المعرفة بصورة دقيقة في كتاب جون لوك (1632 - 1704م) «مبحث في الفهم الإنساني» ، وبعد ذلك جاء كانط (1724 - 1804م) فحدَّد طبيعة المعرفة وحدودها وعلاقتها بالوجود. وتدرس نظرية المعرفة عملية البحث في إمكانية الحصول على المعرفة، فتواجه مشكلة الشك في الحقيقة أو التيقن منها، والتفرقة بين «المعرفة الأولية» التي تسبق التجربة وبين المعرفة التي يتم اكتسابها عن طريق التجربة أو ما يطلق عليه «المعرفة البعدية»، وتدرس الشروط التي تجعل الأحكام ممكنة والتي تسوغ وصف الحقيقة بالصدق والمطلق، إن كان هذا ممكنًا، كما تبحث نظرية المعرفة في الأدوات التي تمكّن من العلم بالأشياء، وتحدد مسالك المعرفة ومنابعها. المعرفة والإبستمولوجيا : يظهر مصطلح «الإبستمولوجيا Epistomologie في اللغة الفرنسية وEpistemology في اللغة الإنجليزية، ويتضح علاقته بنظرية المعرفة عند تحليله لغويًا..فمصطلح Epistemologie في اللغة الفرنسية مشتق من الكلمة اليونانية Episteme التي تعني «العلم» أو «المعرفة العلمية» والمقطع «Logie» الذي يعني في أصله اليوناني (Logos) أي «نظرية»، وبالتالي فإن كلمة «إبستمولوجيا» تعني حرفيًا «نظرية العلم». ويقدم «أندريه لالاند» تعريفاً للإبستمولوجيا يرى فيه أن هذه الكلمة تعني فلسفة العلوم، والتي تعني في أساسها دراسة نقدية لمبادئ العلوم وفروضها ونتائجها .) راجع معرفة على مقاهى اسلام اون لاين على الشبكة الإلكترونية.
و أظن أنه رغم الرصانة التى تبديها (مقاهى اسلام أونلاين) فى محاولتها تكريب المصطلح ، لكنها وقعت أسيرة لمواقع التنطع العلمى/المعرفى الأوربى الكبير. الذى لا بد يحتاج الى المزيد من الكشف عن تنكبه المفهومى والمصطلحى ، وهذا ما سنحاول الدخول في معمعانه فى غرة رمضان الكريم اعاده الله علينا بالخير واليمن والبركات.

صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

where are you?

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

where are you Iman, are you still captured or you are by now released?
إيمان أحمد
مشاركات: 774
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:27 pm

مشاركة بواسطة إيمان أحمد »

Salam

..Released, I am not

And interestingly, I tend to read such posts down and up, up and down

!I am very glad to read something as mind-stimulating, and not falling in the monotony of the usual

I have been missing such writings for quite a while - my mistake, I thought, because I looked in the wrong places! But this post and some others (like Hassan Moussa's on the museums) are proving to me that Sudan For All discussion board is still a place where one can read works that add to one's knowledge and broaden one's vision

شكرا

إيمان
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

مراجعة المراجعة

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

Salam Iman
I feel very happy that I didn't miss you, cause I was been accused for sophisticating and complicating my contributions. Then you indicated to me that I am writing the perfect way it should have been.
Thanks to you,keep in touch.
عمر
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

مواصلة لما سبق

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

3/ معالجة مصطلحية جانبية ثانية:
رمضان كريم، والبحبو كلو كريم.
ولكم أود أن نتسامر فيه برقائق أهلنا من المتصوفة على عمومهم ، و برقائق أهل العرفان منهم على وجه الخصوص.
لكنى أجد نفسى مجبوراً على تكملة الناقص. إذ يتراءى لى أن هنالك أقلاماً تم شحذ سننها انتظاراً لفراغى مما أود تنزيله فى هذه الأطروحة كى تقتفى أثرها مفلفلة مقولاتها. فأرى العدول عن تكميلها أو التباطؤ فيه كالذى يكب الزوغة.
ونحن خلاص كبرنا على المرمطة وما بنقدر تانى عليها. لذلك فالخير فى اكمال الناقصة ونرجى الله فى الكريبة.
ومواصلة نعمل على تجاوز التخليط الأوروبى لمصطلح (معرفة) مما راجعناه أعلاه فأضيف جهداً مصلحياً مرة أخرى عسى أن نتجاوز به عقبة التفريق بين العلمى والمعرفى الكؤود هذه.

3/ 1 تعريفات ومصطلحات مرة ثانية
3//1/1 : المعرفة : و نعنى بها ذلك الكم المتحصل من المعلومات المستخرجة من ممارسات الإنسان و معايشته مع المجتمع و مع الطبيعة . و أسلوبها الأساسى هو الإستنباط المعلوماتى عن طريق الإلتصاق بالطبيعة وبالمجتمع. ومن ثم معالجة ذلك الكم المعلوماتى باختبارات عن طريق الصواب والخطأ المسمى ( trail and error ).
وتؤدى المعرفة فى أقل مقاديرها الى عدم تكرار الخطأ مرة أخرى. فى حين أنها إذا ما توفرت منها مقاديرغزيرة ومتنوعة، فربما يؤدى ذلك الى تراكم ربما يؤدى الى نجاح فى انجاز مشاريع على درجة عالية من الكفاءة.
و تعمل المعرفة وفق هذا الفهم فى مجموعة من الأبعاد هى كالآتى :

3/1/2 : البعد الفردى
و يختص بالتجريب على نطاق الفرد بوصفه وحدة تحقيق معرفى ذات استقلالية تامة و محترمة من حيث سعة فى التجريب تختص بالمزاج والخيارات الفردية التى ربما لا تؤثر فى خيارت الجماعة بصورة مباشرة.
3/1/2 : الأبعاد المعرفية للمجموعات البشرية
و نعنى بها مجموعات بشرية تتمايز باختلاف البيئة المجتمعية أو الطبيعية التى تعيش فيها. و يمكن ملاحظة تباين معرفى واضح مركب على هذه التمايزات حتى ليمكننا أن نشير الى معرفة تتمايز تبعاً لهذه التمايزات فنقول : معرفة بدائية أو معرفة طفولية أو معرفة معاصرة أو معرفة عصرية.
وكذلك فنحن نقايس المعرفة بحدين متقابلين بحدة كقولنا : معرفة متخلفة أو أخرى متقدمة. بل ويمكننا أن ننسبها الى أقليمية أو إثنية مثل أن نقول : معرفة شرقية أو هندية أو يمانية الخ من التمايزات التى تتصف بخصوصية معرفية يمكن أن تتميز بها أى من تلك المجموعات.
3/1/3 : أبعاد معرفية عامة ومشاعة :
وهى تختص بالبشرية على عمومها بحكم تعميمها نتيجة لأسباب مختلفة، ربما تكون لعوامل إقتصادية أو أخرى ثقافية.
وتتحقق المعرفة فى كل هذه الأبعاد الثلاثة أعلاه بما يجعلنا نستل استلالاً مصطلح ( معرفة علمية ) رغبة فى أن لا نخلطه مع أى منها من أجل مزيد من التخصيص، فنعتبر العلم ــ رغم أنه معرفة فى نهاية أمره ــ فهو بالتأكيد بعد معرفى ذو خصوصية و تفرد سنبرر فيما يليه كيفية استلاله و تخصيصه.
والمعرفة فى تحصيلها عن طريق الخطأ والصواب، إذا ما تم فى هذا التجريب أمر تجنب الأخطاء بتجنب تكرارها، فأن التجريب يقود الى تزكية وترفيع التجريب البشرى والذى لا بد يوصله الى قمته المعرفية ألا وهى الحكمة، ومن أهم أعمدتها هو عدم اعادة تجريب المُجرّب.
وتمر بالخاطر هنا عبارة قرأتها للشهيد محمود محمد طه لا أعرف لها من مصدر غيره تقول: ( كل تجربة لا تورث حكمة تكرر نفسها).
وننتهى فى توصيفنا الى حقيقة هامة نربط إليها أفراسنا المعرفية وتتصل ببيان مؤشر اتجاه المعرفة والذى يبدو أنه اتجاه تصاعدى من التجريب البدائى أو الطفولى الى التجريب المتقدم الى علو الحكمة فى قمة الهرم المعرفى. فالمعرفة متصاعدة من أسفل الى أعلى.

3/2: العلم :
وهو فى أدنى صوره معرفة مميزة لكونها تم الثبت منها بأن تم اختبارها والبرهنة على صحة مقولاتها ومن ثم تعميمها كمعلومات صحيحة لا يلتبث إليها الشك ولا يعتورها خوف من الخطأ.
والعلم وفق هذا الفهم واجب أمر تمييزه عن المعرفة فى التصاقها بالحيوى و الطبيعى . فالعلم بعد البرهنة على مقولاته يصبح محلقاً أعلى من المعرفى كتجريد للحقائق فى شكل مقولات علمية تقع خارج التداخل المعرفى العشوائى المتحقب حسب البيئة والمجتمع.
بل يقتضى أمر العلم الأخذ به فى ارتفاع عن البيئة ــ مجتمعية كانت أم طبيعية ــ ليصير حاكماً لها أكثر من كونه خاضعا لهذه البيئة ومعرفياتها على تنوعها. فليس تقليلاً من شأن الأرض أن تعرفنا لاحقاً على أنها ليست مركز الكون الجغرافى ، بقدر ما كانت تلك معرفة جعلتنا نتراجع عن اعتبار خاص لأمومة أرضية لنا نحن البشر، الى اعتراف بأننا فى الأرض أكثر ضآلة من هذا الإدعاء المعرفى العريض الذى تراجع أمام عناصر الإثبات و البرهنة العلمية.
وتجريد الحقائق العلمية يؤكد دواعى تحليقها أعلى المعرفة و تفريدها ، فيتحول العمود المثبت على الأرض الى مجرد خط بين النقطتين ( أ ، ج ) ويصبح الوتر المشدود بزاوية من قمة العمود الى الأرض هو الخط ( ب ، ج ) و قاعدتة ( أ ، ب ) هى قاعدة (مسلة) قدماء المصريين باعتبار الوتر هو الظل الواقع على الآرض ، فتتحول هذه الصورة المعرفية الملموسة الى تجريد لا يقتصر على طريقة لحساب ارتفاع العمود وضبطه بقدر ما هى ( حساب للمثلثات ) غض النظر عن وقوعها على (مسلات ) أو (جملونات ) أو خلاف ذلك من قيم تطبيقية يمكن استخراجها بسهولة تبعاً لعلم تجريدى يسمى علم حساب المثلثات.
كذلك تتحول عند تجريدها العلمى مجموع برتقالات ما عند ( صابر) و ما عند (مفيد) عدد عشر برتقلات الى معادلة رقمية كالآتى 6: + 4 = 10
حيث تصير 6 و 4 و 10 مجرد أرقام ، بنفس القدر الذى تصير فيه الدورة الدموية فى علم الأحياء رسومات بيانية لنسق منتظم من أوعية حاملة حمولة توصيلية أو حمولة ترجيعية بصورة مقارنة لا تميز ما بين القط والأرنب و الأسد و الناموسة والإنسان.
عليه يكون العلم مصطلح لما نتأكد من بلوغ أمر صحته درجة اليقين، ويستند الى براهين غير ذات التباس مما هو موضوع بمعزل عن تجريبيتنا كعلوم الكيمياء و الفيزياء و البايولوجيا مثلاً، تلك التى لا تكتسب مشروعية وجودها بحكم أنها عمل ومعرفة بشرية، فهى كاملة الوجود بمعزل عنا ، علمنا بها أم لم نعلم. فهى فعل إلهى ـ إقرأ ناموسى إذا ما كان يحلو لك ذلك ـ لا نمتلك إزاءه سوى تلقي الأخبار أو التشرف للتعرف عليه من خلال ارتفاع قامتنا الى مقامه والذى ليس كما هى المعرفة، بل متعال كمصحح وحاكم يقيدها الى قوانينه الكونية الناموسية.
فالكهرباء ـ مثلاً ـ تلك التى تعرفنا إليها من خلال التجريب المعملى، فهى ليست نتيجة اختراع تجريبى، ولا هى نتيجة من نتائجه بقدر ما هى واقع لا يفتأ يواصل فى فعل ما يفعله سواء أعلمنا به أم لم نعلم.
ويقتضى العلم ارتفاع قامتنا المعرفية لما هو فى مقام أعلى من مقام الحكمة. وربما يكون قرارنا أن المتحركون نحن ومعرفيتنا والثابت هو العلم هو مجرد حس مغشوش. لذلك فينبغى علينا أن نخاف (ممن؟) أننا سبق أن تمشدقنا بالتقرير أن (كوبرنيكس وجوردانو برونو) مهرطقون كبار قالوا لنا غير ما كنا نلمسه لمس الحواس. أن التى تتحرك هى الشمس، ونحن مركز الكون فى دوران الشمس وكل النجوم حولنا. وإمعاناً فى احترام منطقيتنا التى يدعمها واقع الحس، فقد أحرقنا هذين المهرطقين و ذررنا برمادهما فى البحر غير مأسوف عليهما. ولا شنو يا جماعة الخير؟ فأوروبا وكل كهنتها وبابواتها وأباطرتها ـ وعلى كل منهم دم هذين العالمين الكريمين الجليلين ـ لم نسمعها ولا فى يوم واحد تتوجع لفقدهما، ولا حتى تستعيد ذكرى ثباتهما على الحق الذى يهرى فؤاد العلماء والحقوقيين.
ة ومن ناحية ، فقولنا بثبات العلم وارتفاع قامتنا الى عليائه فذلك ظاهر الأمر. وحقيقته ليست فى الظاهر، ولهذا فالأمر يوجب الخوف إذا ما كنا فى حساسية مرهفة وغير غليظة. فالعلم متنزل. ومنذ متى؟ وكم اتى علينا من دهر نحن فى غلظتنا المعرفية ولم نعقل تنزيله هذا؟
وكم وددت أن أحدثكم عن هذا ال (حيص بيص) فى هذا السؤال. و(أم زوزاية) البتمسك كل من يقترب منه أو يهابشه، وطريق الخلاص من ذلك بل والإجابة الواضحة الجليّة عنه. لكن ذلك لا يفيدنا فى الكشف عن تنكب الجمالية الأوروبية والذى نحن بصدده. ولكل مقام مقال.

3/4 : الذهن
مما يجدر ذكره أن الأوروبيين يشتركون معنا فى صفة الذهنية، فتعريف (الذهن والذهنية) كمصطلح بحسب أنه يتماشى و يتساير مع مصطلح (المعرفة). وذلك غير مصطلح (العلم ) المتماشى المتساير مع مصطلح (عقل وعقلانية). فالذهن هو مكان التفكير و التفسير و التوضيح التساؤل ومن ثم التفكرفى المجردات من معان و دلالات مما هو متاح استخراجه عن طريق المعرفة الإستنباطية الحسية. لذلك فالذهن صديق ومصاحب دائم ورفيق بالإنسان يتصاعد متى ما تصاعدت الرؤى والأفكار ويتواضح حيثما وحينما تواضعت. لذلك فالذهن ذو حركة تصاعدية تبعاً للتجريب وما يستخرج منه من معارف. وهو مكان الإنطلاق الإنسانى التفكيرى بلا أى محددات أو كوابح للرؤى و الأفكار كما هو حال سيدنا إبراهيم ــ عليه السلام ــ لما رأى القمر بازغاً فقال هذا ربى، ثم رأى الشمس بعد ذلك، فليس هنالك من كابح لذهنيته أن يرى فى أيهما إلهه، كما يرينا القرآن الكريم بوضوح. وفى ذلك رؤى لكيفية تحديد واتخاذ الآلهه تبعاً للخيارات الذهنية التصويرية. و الخيارت الإلهية هى فى واقع الأمر قمة من قمم الخيارات المعرفية البشرية لتحديد الأصول والمرتجعات البشرية، و التى هى فى غالب ذهنيتها يتخذ الإنسان بواستطها إلهه و يكون فى الغالب تبعاً لهواه بحكم مقوده الذهنى. و هذا ما قاد الى جمالية طفولية أوروبية لا ترى آلهتها إلا فى جسدانية بشرية تتصارع وتتعارك وتتآمر وتغدر و تحيك المؤامرات كما هو الإله (زيوس) وإخوته وزوجاته وعشيقاته من الآلهة الإناث والذكور وأساطيرهم مما ذكرناه فى مقدمة هذه الدراسة فرأينا كم هى غريرة وساذجة ومتفسخة أحياناً كثيرة.
وكل البشر بالطبع ذهنيون، ولهم الخيار أن يرتموا فى أحضان هذه الذهنية فيستأنسوا بها وينطلقوا فى حياتهم التجريبية كيفما شاءوا.
3/4 : بناء عليه فتعريف العقل يصير سهلاً ميسوراً متى ما رأينا كيفية تطابق معطياتنا مع خيارات المعطيات الأوروبية المصطلحية. فالمخ عندنا يقابل ال(brain) وهو الجهاز الفيسيولوجى. كذلك عندنا مكان التفكير التجريبى المنطلق ألا وهو الذهن الذى يتوافق مع المصطلح (mind) الإنجليزى الأوروبى. ونتفرد فى الحديث العربى بالعقل الذى لا يتطابق مع أى مصطلح أوربى. إذ أن فعله يعتمد الى تقييد وتكتيف انطلاقة الذهن. وذلك بداهة ما تعطية مصطلحية العقل الذى هو القيد أو الرابط المكتف المقيّد ــ بكسرة على الباء فى الرابط و التاء فى المكتف و الياء فى المقيّد . و سأواصل بعد اجتياز هذه المحطة المصطلحية الوقوف على مزيد من تكريب مصطلح (عقل وعقلانية لكونهما يمثلان ركن ركين فى هذه الأطروحة.
وأرجو أن أهتبل هذه الفرصة فأواصل المعالجة المصطلحية مما سيرد لاحقاً شأن معالجته.

3/5 : أبعاد مجسم المجتمع
وهذه فرضية تابعة للمعالجة المصطلحية. و تفترضها لتقريب المعانى. فنفترض أن شكل المجتمع يقوم على بناء ذى قواعد و ارتفاع. واليك هنا أسفله ـ ايها القارئ المحترم ـ أبعاد هذا البناء، وهى بداهة ثلاثة كما هى أبعاد كتلة أى مجسم. وهى كالآتى:

3/5/1: البعد الأول : الثقافة :
وهى البعد المجتمعى الأول. وهو يمثل الطول فى أولويته المطلقة لأبعاد أى مجسم. سواء أكانت قاعدته مربعة أو مستطيلة الشكل. و أفترض أن هذه الجزئية ـ فى شأن أبعاد المجسم على عمومها ـ مفهومة ومتفق عليها بداهة ليس لدى التشكيليين لوحدهم، لكنها من أولويات واساسات حقائق المعرفة الهندسية الأكاديمية، وهى مبذولة على مستوى عام. فإذا حدث وكانت ليست كذلك، فأرجو رفع الحرج فى عملية التأشير عليها لأعاود شرحها و توضيحها.
ورجوعاً الى حيث التمثيل الشكلانى، فالثقافة هى الموجد المجتمعى الأول بلا أى منازع. وقد أفلح الشهيد محمود محمد طه وهو يجّلى ترجمتها المصطلحية بردها الى أصلها اللغوى و تعنى عنده التسوية والتعديل، فقال حسبما أذكر: (سوّى قناة الرمح يعنى قوّم اعوجاجها، أى استعدلها بعد أن كانت معوجّة) والكلمات أدناه من الذاكرة وربما كانت كلمات الشهيد أكثر إفصاحاً.
المعنى المباشر لهذا التوضيح الواضح الأركان، أن الفرد إذا ما تم تثقيفه فذلك يعنى أنه قد تم تعديل اعوجاجه ليصير فرداً صالحاً للعيش فى الجماعة (= المجتمع). وذلك يعنى أن عملية التجميع (موضوعة مجازاً لتوصيل معنى تخليق للمجتمع ) تتم عبر عملية التثقيف (= التسوية والتعديل) هذه.
بناءً على ذلك فالثقافة هى المادة اللاصقة لخيوط النسيج المجتمعى، بدونها لا يكون اجتماع ولا يكون بالتالى مجتمع، فهى مكون أولى ينعدم بعدمه وجود التشكيل اللاحق فلا مجتمع بدون ثقافة ولا ثقافة بدون مجتمع بحكم رباط الغائية الوثيق بين العلة والمعلول، أو بعبارة أخرى السبب والنتيجة. لذلك فالثقافة هى منتج أولى للهوية.

3/5/2: البعد الثانى : الفاعلية :
ونعنى بالفاعلية الجهد البشرى لتوفير أسباب بقاءه واستمراره النوعى.
والفاعلية (=العمل) عنصر بَعدى تابع لتكوين وتخليق المجتمع. فهى بطبيعتها سائلة الشكل وغير محددته. أى تستجيب فى علاقتها بشكل المجتمع، فتشكل حسب القوالب المجتمعية الموضوعة فيها. والمجتمع نفسه بطبيعته التكوينية فهو غير ثابت الشكل، خاصة فى أطوار نشأته الأولى قبل أن يعتريه التعقيد. فمنه تجمعات انسانية بدائية صغيرة، تنحصر فاعليتها فى مرحلة التقاط الثمار والصيد، كما هى تجمعات إنسان العصر الحجرى الأول. وقد كان ضمن غنى وتنوع تاريخ وجغرافيا المجتمع، أن من ذلك العصر أشكال كانت على مرمى حجر من تاريخ بدايات القرن العشرين فى استراليا و أفريقيا.
ومن اشكال تنوع المجتمع البشرى هنالك المجتمعات العربية، والتى هى حسب عبدالرحمن ابن خلدون فى مقدمتة لمؤلفه (المبتدأ والخبر فى اخبار العرب والعجم والبربر) المعروفة بمقدمة ابن خلدون، أنهم كل من كان رزقه على السائمة وهم رعاة الغنم و الإبل والماشية. وهم أيضاً وبنفس الوصف على رأى الجاحظ فى رسالته ( فضل السودان على البيضان) انهم ليسو بأعراق محددة بقدر ما هم أهل بداوة. وهذا معنى تم تقديمه بمباشرة مباحثية من هذين الباحثين المتقدمين تاريخياً ومعرفياً ابن خلدون والجاحظ ، اللذان وضعا بحوثهما قبل عمليات التلوين الآيديولجى، ولم يكونا ـ ولسلامة القصد ـ مسئولان أسئلة تقتضى افتعال الإجابة.
والتطابق التاريخى الطبيعى غير المصطنع للمعلومة يدعمها ويقويها ويجليها. فالعرب عندنا ـ ونحن هذه تقع خارج نطاق معلومة أهل الحداثة بالوكالة من السودانيين ـ هم البدو، إذ نطلق على أهلنا من البجا والهدندوة أنهم (عرب) ومنها (حى العرب) ببورتسودان الحبيبة. ولا أدرى وتقتلنى الحيرة، واكاد ادفع مقابلها ما بقى من عمرى هدية لمن يهدينى الى معرفة العلاقة بين العرب والبدو ولغة البداويت وحى العرب، والذى هو مكان لأناس هم فى غالبهم من أهلنا ( البجا) أو (البجى) أو (البجه) أو (البجة) الناطقين بالبداويت، وربما هى (البجاويت ) تأسيساً على فرضيات د. جعفر ميرغنى والذى يقول أن (البُجى) هى (البُدى) من (البدو) بعد اقلاب السودانيون للدال جيماً كقولهم (شدر) و يعنون (شجر).
وهذه مباحث ـ ولشديد أسفنا ـ حال بينها وبين آثارها اشتغال المحل بعلوم ومعارف أهل الحداثة بالأصالة المرموسة فى الغرض (= المرض) ونسأل الله لهم الشفاء والبرء.
والمجتمعات العربية بهذا الفهم مقابلة للمجتمعات الحضرية، بحسسب متقابلة بدو وحضر تقابل ما هو عندنا (عرب وفنجر) على أساس (الفنجرى) يقابل بالمعنى أهل (البندر) وهى (الديوم) كقول أحد شعراء البطانة:

الوقل تعال من ديم رفاعة نقوم
إت لحمك كمل ونا عينى جافية النوم

والوقل هو الجمل الذى يرتحل عليه. وإت(= أنت) و (ونا= وأنا).
ومما يميز مجتمع العرب أن فعاليته كفائية ـ بكسر الكاف ـ تقوم بها المجموعة المجتمعية دونما تخصيص، حيث تنتج أى من هذه المجموعات كامل احتياجاتها. وهى قبل أن تفعل ذلك فهى تؤقلم حياتها على ما هو مبذول لها انتاجه، وهى لذلك تلزم نفسها بخشن العيش كما قرره ابن خلدون والجاحظ.

أما سوى ذلك من تشكيل مجتمعى فهى المجتمعات المتحضرة.
وأول ما يميزها هو تكامل الفاعلية. فالتحضر يتأتى بسكن الحواضر، وما يميز الحواضر هو تكامل الفاعلية. ففى الحواضر لا تقوم وحداتها البنائية بانتاج كامل ما تحتاجه، بل يعمدوا الى التخصص فى فاعليتهم الإنتاجية. فمنهم النجار والحداد والمزارع والطبيب والجزار والتاجر والحمّال، ومن يستعمل منهم (الحمير ) فى الحمل يقال له (الحمّار) بدلاً الخ. وهؤلاء بالطبع يحتاجون الى مكان لعملية تبادل منافعهم ونظم لترتيب هذا التبادل. تلك العملية التى قادت التحضر بميزتها فصبغت اهلها بصبغة ليونة وسهولة التجمع (الفاعلوى) غير (الثقافى) الذى ارتبط تاريخياً ـ بحكم النشأة ـ بالعشائرى.
لذلك فسلوك التحضر يبدأ من قبول الآخر ـ كيفما تكون هويته ـ بحسب فاعليته.
وبداهة فالسؤال عن البعد التكوينى الأول، وهو السؤال الثفافى. و يتجه الى البحث عن الهوية بآلة الإستفهام (من) ملتصقة باسم الهوية (هو) وهو أسم بالغ العجابة، حيث يمتنع أن يعتريه التنكير، درجة أنه مسكون بالتبجيل والإحترام. فهو من أسماء الجلالة فى قوله ـ جل وعلا ـ : (شهد الله أنه لا إله إلا هو...) وفى سؤالنا عن الهوية نقول : من هو هذا السنجك؟ فيقولون: هذا هو عدلان ود المك من شايقية البركل. ولا أتأسف إذا ما تطابق هذا الوصف مع شخص بعينه فهو وصف هويّة صحيح لشايقية أقحاح هم ملء السمع والبصر ضمن تاريخ تكوينى ل(حضارة كرمة)، تلك التى أهدت البشرية على إطلاقها سبل التحضر الأكثر استقامة والتمدين وقبلها سبل التثقيف. وذلك قبل بداية أكبر عملية غزو لتزييف المكون البشرى للثقافة المجتمعية بواسطة فعاليات (التمرد الحضارى) والتى كانت بداياته العام 1821م.
أما السؤال الفاعلوى فأداة استفهامه تبدأ بالحرف (ما) ومعها حرف الإشارة النكرة النافى (ويا لعجبى) للهويّة (هذا) وفأتساءل : ما هذا الذى يقف أمامى؟ فتأتى الإجابة: هذا هو الباشمهندس زعيط أو هو معيط الخضرجى مما يميز سكان الحواضر.
وهذه أطروحة أخرى واااااااااااااااااااااااسعة. دايرة ليها مهلة زمانية ومكانية الله يقدرنى عليها فى ومكان وزمان آخرين، نكتفى منها هنا بقدر ما يكفى بيان أزمة استلاف المصطلح فى عبارة (العقل الأوروبى التى سأدخلها بإذنه تعالى مساء بعد غدٍ.

وتصوموا وتفطروا على خير وكل عام وانتم بخير.

صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

مواصلة لما سبق

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

وقد سبق لنا توضيح كيف يتقابل التضارب بينما تعطيه ترجمة مصطلح (عقل) مع ما سبق أن راجعناه فى التضارب المفهومى لمصطلح معرفة (نوليدج) مع مصطلح آخر يقرأ دون ترجمة وهو مصطلح (ابستمولجى)، الذى لاحظنا أنه يستعمل وفق أصوله التكوينية المباشرة لتعبير يقصد به (نظرية العلوم) مع ذلك تختلط قيمته الإستعمالية مع مصطلح (نوليدج) بطريقة ربما تبرر لتداخل تبدو دوافعه غير مفهومة. رغماً فهذا التخليط لا أفترض وقوعه ضمن اشكالات الترجمة عند الأوروبيين، فقد لاحظت اتزاناً فى التعامل معهما فى الفلسفة والآداب وبقية المعارف الأوروبية، فى حين يتعين اختصاص اشكالات الترجمة بمعارف الثقافة التى تتوسط الحضارتين الشرقية الروحانية و الغربية المادية، و سبب ذلك حدوث تداخل معارف أهل الثقافة المتوسطة مع معارف ذوى البعد المجتمعى الواحد إبان فترة الإستعمار وما تبع ذلك من استلافات لتراجم مصطلحات ممن اكملوا تأسيس هياكل مجتمعاتهم على كمال بعديها وعلى قواعد مربعة أو مستطيلة الشكل. لذلك فما يبدو أنه قصورأوروبى فهو قصور غير أصيل ومصطنع، ما تمكن إلا بسبب فجوات النقص الثقافى الأوروبى العتيق الذى يغيّب ضمن ما يغيّب كثير من المعارف ذات الخصوصية المنسحمة مع بيئة الشرق الثقافية.
وليس هو من سبيل المبالغة القول أنه وبصفة عامة فكثير من الجوانب المعرفية ما زالت خارج نطاق التحقيق و التدقيق المعلوماتى كامل المعالجة، خاصة أن طابع التراكم المعرفى قد اتخذ سمة تجاوز التخلف المعرفى حتى صارت أزمان الإكتشافات المعرفية هى فى نفسها تواريخ معرفية وعلمية هامة يركن إليها. لذلك فهو من الطبيعى أن يصاحب عملية السبك المصطلحى قصور معنوى طبيعى فى انتظار الخلاص من أسر العماء النظري. فإذا كان ذاك هى شأن السبك المصطلحى، فما سيكون شأن ترجمة المصطلح غير المزيد من الحيرة والتخبط.
و أظن ظناً لا يعتوره الشك أن مصطلح (علم ) نفسه ما زال محل احتياج ملحاح الى تجليته تجلية علمية قد لا نستطيع اسنادها الى ظهر تخبطنا المعرفى بحسب ما نشأنا علية من بيئات علمية أوثقافية.
و مما هو معروف بالضرورة شأن تبعية اللغات كحوامل ثقافية هامة، لبيئاتها المجتمعية شكلاً ومحتوى. وذلك يشابه شكل قوالب لطعام ( زى بتاعة الحلو الكستر أو العصيدة) ما إن (يكبوا) فيها الطعام وهو سائل القوام وحار، فلا تتحقق فيه درجة البرودة اللازمة لحسن استعماله، إلا ويكون قد اتخذ شكل (القالب) النهائى الذى يجعله قيد الأستعمال.
مثلاً فى اللغة الأنجليزية الأمريكية فالمصطلح ( elope ) و معناه هروب فتاة مع عشيقها أو مع من تود أن تقيم معه علاقة كيفما كان شكلها، ويتم ذلك غالباً بمعزل عن أهلها و أسرتها. وبالطبع فتواتر حدوث هذا الفعل فى المجتمع الأمريكى هو الذى قاد الى أن يفرد له مصطلح من كلمة واحدة.
و ما هو معلوم بالضرورة أيضاً هو خلو المجتمعات الشرقية من هذه الظاهرة الغربية المتفشية، وبالتالى خلو مصطلحيتهم من مثل ذلك المصطلح تماماً. ولو قدر لمترجم للأدب الأمريكى أن ينقل ضمن ترجمته لشيئ عن هذا المصطلح لقرائه الشرقيين ، فإنه يحتاج لجملة من ثلاث الى عشر كلمات حتى يتمكن من نقل ما يود أن ينقله من معنى لهذه الترجمة. ولو عنّ له أمر البحث عن مصطح عربى بديل، فلا بد أن تتعرض مدلولات هذا المصطلح لحالة من الإهتزاز قد تؤدى الى معان قد تتعارض مع ما يراد توصيله من خلالها وذلك لعجم توفر شروط لازمة وبيئة صالحة لميلاد مصطلح. ومن ذلك فما لاحظناه فى تضارب ناشب حول مصطلح (عقل و عقلانية) و مصطلح (علم) و مصطلح (معرفة) و مصطلح (إبستمولوجى) فذلك يجر وراءه تخليط وعدم وضوح مباحثى كبير و ملحوظ.
كذلك ومما هو معلوم بالضرورة فى تاريخ المعارف والعلوم الإنسانية مما لا يحتاج لعملية ترجيع وضبط معلوماتى أن التصاعد الكمّى والكيفى يشكلان ظاهرة بادية على خط بيان تصاعد المعرفة والعلم البشريين. ففى مجال العمارة على سببل المثال، فالحاجة إلي المأوى كضرورة لبقاء الجنس البشرى ،بما تؤمّن له من حفظ من الأنواء و تقلبات الجو ، فقد سبقت أى آلية للمعرفة أو للعلمنة لكيفية صناعة المساكن. لكن ما حدث بعدها فإنه يشير الى صعوبة تحديد لحظة تاريخية بعينها يمكن الجزم بأنها هى تاريخ قولبة خبرة ومعرفة صناعة المساكن على قوالب علمية جاهزة. لكن فما هو معلوم بالضرورة أن عملية علمنة هذه الصناعة قد تمت فى نسق طويل و متصل بعد أن تعدى الإنسان بحكم تراكم خبراته المعرفية حالة كان يسود فيها عماء نظرى تام ومطبق الى حالة تصاعد فى الخبرات وصلت الى مشاريع عالية التعقيد فى حكمتها و تحضرها فدخلت بالتالى علوم العمارة ــ مثلاً ــ رويداً رويداً الى حظيرة الرصد المعلوماتى فأصبحت تقدم فى قوالب نظرية بالغة الدقة، و ما زالت عملية علمنتها سارية الى يومنا هذا.
و أظن ظناً لا يعتوره الشك أن البيئة المجتمعية بما تمثله من حاضن ثقافى لمعارف مجتمع ما، فهى لا تفعل ذلك مجانا، بل تدمغه بصبغتها التى تظل ــ رغم خفوت لونها ــ بادية الظهور فقط تحتاج لإمعان النظر. وقد ظللت ملحاح الطلبات لأستاذنا طويل الباع اللغوى الدكتورعمر شاع الدين صاحب عمود (فذاذات وجذاذات) بصحيفة الصحافة السودانية، أن يفتى لنا فى الأصول و الجذور اللغوية لمصطلح (علم) فى اللغة العربية، ومدى تقابله أو مجاراته مع مصطلح ( science ) فى اللغة الإنجليزية. إذ ينتابنى ما لا أستطع تجاهل قوة منطقه، أن مصطلح (علم) فهو كامل التوهط ليس فى اللغة العربية وحسب، بل و فى حوش الثقافة العربية الواسع الشاسع المترامى الأطراف. فهو يتحرك داخل حيز يمتلك فيه كامل الحرية فى التصريف اللغوى فى اللغة العربية. فهو فعل بسيط فى اتصال جذوره بالعملية التى يعبر عنها، ثم يتصاعد الى تكوين مصطلح بالغ التعقيد. فتصريف الأفعال من الماضى و المضارع الى فعل الأمرفى كلمة (علم) فهى كاملة و منطقية التشكيل. ثم يأتى مصدر الكلمة الى بقية التصريفات من أسماء للفعل و أسماء للمفعول الخ. وذلك يقودنا الى القول بكل ثقة أن مصطلح (علم) مولود ولادة عربية طبيعية فى أجواء أمومة للثقافة العربية، فتمت تنشأته وتربيته فى الثقافة الإسلامية.
لكننا نتفاجأ عندما نطل نفس الإطلالة على المصطلح المقابل فى اللغة الإنجليزية. فالمصطلح ( science ) يبدو أنه يقف عارياً ووحيداً كشأن اللقطاء، محدود حيز حراكه اللغوى، غريب بحكم أنه مستلف لا يمتلك أرضية يقف عليها. وما أضافوه إليه مجبرين من تصريف فقد جاء مفتعلاً بإضافة حروف الى آخره كما فى المصطلح ( scientist ) و معناها (عالم) أو ( scientific ) و يحتاج الى إضافة كالقول ( scientific method ) و معناها (منهج علمى). لكن لا يقع فى هذا المصطلح بأى صورة من الصور تصريفات ( فعل) كما فى اللغة العربية (علم يعلم) إلا و ينتقل المصطلح الى حقل مصطلحى آخر متحولاً الى مصطلح ( knowledge ) بأفعاله (عرف يعرف) لتكوّن بديلاً للأفعال(علم يعلم) ذات الجذر اللغوى المختلف المميز تمام التمييز فى اللغة العربية. والشاهد أننى أجد نفسى مع كثيرين يتصرفون فى فضاء مصطلحى مااااااااهل وواااااااسع. مثلاُ فى مصطلج علم فيمكننى أن أقول كما يقول إخوة لى : (قمنا بعلمنة هذه المقولات) حيث الإصطلاح علمنة(شغل نجارة عديل كدى) لا أظن أنه حسب رأيي اللغوى المتواضع مشمول فى الفضاء (التفعيلوى) شايفين كيف؟ أما فى اللغة الإنجليزية وبالتالى الأوروبية فحتى استخراج تصريفات أفعال تستحيل فى هذا المصطلح فإذا أردت أن تستخرج منه فعل على صيغة(علّم يعلّم) فالكلمة الإنجليزية تهرب الى مصطلح تربية كما هو الفعل الأنجليزىeducate ) ) .
ولذلك وبناء عليه فوجود مصطلح (علم) بكامل أهليتة فى البيئة الأوروبية هو وجود مريب بائنة غرابته المصطلحية فى الإنجليزى وبالتالى الأوروبى درجة انه يمكننا ان نقرر أن مصطلح (علم) لا شأن له باللغات الأوروبية ويشكل وجوده المعاصر داخلها إضافات تلحيقية لا أكثر ولا أقل . وذلك ليس كمصطلح (معرفة) الذى يبدو أنه يتوهط البيئتين ـ العربية والأوروبية ـ فيخرج مولودين متشابهى القسمات يحتويان على مقاربات تمكن من إجراء المقارنات بينهما فى سهولة ويسر.
لذلك و بناء عليه فالبحث عن معان مستخرجة فى اللغة الإنجليزية ينسجم معناها مع ما يعطيه المصطلح العربى (علم)، فذلك بحث عن (إبرة) فى كومة (التبن)، مما يشير بوضوح الى ما يتطلبه صراط البحث المستقيم من عزل للمجالات الدخيلة الغريبة عن بعضها البعض مباحثياً مما يؤدى الى تجويد النظر والفرز ومن ثم صحة الإستنتاجات.
أمّا مصطلح (عقل) فهو لم يستخرج الى يومنا هذا جواز مرور الى البيئة الأوروبية. وهو الى حين إشعار آخر لا يمكنه التنفس فى البيئة الأوروبية، بل ويصيبه الإختناق بل والسكته القلبية أيضاً. وإذا أراد أو عن له دخولها، فلا يمكنه ذلك إلا وهو يعتمر بدلة كتلك التى يستعملها رواد الفضاء حتى يتمكن من التنفس الصناعى وإلا هلك. فالعقل بداهة من (عقال) بكسرة على العين، كقول سيدنا أبوبكر الصديق رضى الله عنه ( والله لو منعونى عقال بعير كانوا يؤدونه الى رسول الله لحاربتهم عليه بالسيف). وهو مستخرج من بيئة عربية صحراوية خالصة و مسلمّة لا شية فيها. إذ يقتصر استعماله على البعران وهى جمع بعير.
و الكلمة لغة تعنى ما (يكتف) به ساق البعير أى يربط بقوة فيضم الى فخذه لمنعه من التحرك. لذلك فالعقل فى حيز الثقافة العربية الإسلامية لا يفيد الإنطلاق كما تبادر الى ذهن مستلفوا المصطلحات المترجمة من العربية الى الإنجليزية، بل يفيد التقييد. وهو عندما ننسب فعله الى الجهاز الذى يقوم بعملية التفكير وهو الذهن، فلا يعنى ذلك كى يساعده على الإنطلاق وعلى توسيع دائرة تحركه، وإلا ما كان (عقلاً) بل ليعقله أى ليقيده ويحد من مجالات تحركه. وفى هذه الصدد ياتى قول الحق ـ جل وعلا ـ فى سورة البقرة(أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم و انتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) أو قوله فى سورة يس : ( ولقد أضل منكم جبّلاً كثيراً أفلم تكونوا تعقلون) وقد يتبادر الى ذهن يستسهل الخطاب الإلهى فيعتقله داخل تبسيط تفسيرى مخل فيقولون (تعقلون = تستعملون عقولكم تفكراً) فيفسرون العقل كمكان للتفكير. فإذا ما لاحظ هؤلاء أن للتفكير مكانة مفردة عن التعقل فى التنزيل الحكيم للاحظوا فى هاتين الآيتين أن التفكر يتخذ مكانة خاصة لا صلة للعقل بها كما فى قوله ــ جل وعلا ــ ( الذين يذكرون الله قياماُ وقعوداً و على جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات و الأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار). أما العقل ففى قوله أفلا تعقلون للذين يـأمرون الناس بالبر و ينسون أنفسهم فهنالك عمليتان، أولاهما عملية تفكيرية يأمرون من خلالها الناس بالبر و ينسون أنفسهم، وفى ذلك خطأ تفكيرى لا يقدح فى أصلها كعملية تفكيرية قبيحة العواقب. أما الثانية ففيها مطالبة بتكتيف الذهن و تربيط تفكيره الذى أوردهم الخطأ غير المقبول، فطالبهم بأن يعقلوا آلية تفكيرهم. فالعقل بداهة يقع بعد الذهن فيقيده أماالذهن فهو قبل العقل، وهو مكان الإنطلاق التفكيرى الحر غير المحدود أو المقيد بأى شكل من أشكال التحديد أو التقييد أو التعقيل.
وبوصولنا الى هذا الموقف العظيم، فمتقابلة الذهن والعقل تبدو لنا وهى واقفة بشموخ فى مواجهة متقابلة العلم والمعرفة، وهذه جزئية تحتاج لإفراد خاص سيدور حوله التفاكر فى رابع أيام رمضان الكريم أعاده الله علينا بالخير واليمن والبركات
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

قليل من الشطح لا يضر

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

وأظننى قد وصلت بأطروحتى هذه الى مرحلة تجميعية لما بثثته بين ثناياها وفى متنها ما أظنه منهجية جديدة/قديمة للبحث هى منهجية التأويل. وسأحاول ان شاء الله وبتوفيقه انزالها الى بساط البحث فى أقرب ما يكون بتفصيل أكثر وببحث يغوص فى تاريخ ما أهمله التاريخ. إذ أنها هى المنهجية الأساس التى انطلقت منها كافة ما يسمى بمناهج ووسائل البحث المعاصرة. وهى منهجية أصلها قرآنى صرف ، بثها المصطفى ـ عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة و أتم و أوجب التسليم ـ وواصل بثها آل بيته الأطهار منارات العلم والهدى كالإمام جعفر الصادق، ثم أوصلها للعالم أحفادهم و تلاميذهم كالشريف الإدريسى الناشر الأول لخارطة العالم التى أخرج فيه لأول مرة فى مطلق التاريخ البشرى الشكل الكروى للأرض. والحسن بن الهيثم صاحب نظرية انتقال الضوء الشهيرة التى صحح بها مفاهيم أرسطو وما لحقها من مفاهيم العالم البطلمى (إقليدس) فقدم نظريات لا يزال بعضها على رأى عالم البصريات الأمريكى الدكتورتشالز جروسبى تحتاج لمن يعيد قراءتها ويكشف مكنونات أسرارها. والصوفى جابر بن حيان صاحب الجبر والكيمياء و الخوارزمى صاحب علوم الرياضيات الحديثة و غيرهم من ورثة علوم كان أول من قام بتدريسها بنفسه الكريمة المصطفى ـ عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأتم وأوجب التسليم ـ تلك العلوم الذى تضافر العالم ـ اسلامه ونصرانييه ويهودييه ـ على محاربة مصادرها واخفائها وتزييف معالم الطرق التى تؤدى إليها، وهذا حديث جد خطير، ما سن هذا القلم إلا لتجليته. فتم تزويده بكل الوسائل والأسانيد اللازمة والدلائل الوقائعية والإستنتاجات المرتبة بمناهح فحوص للتاريخ موزونة ورصينة كما هى مدرسة (قانون السبق) للبروفسير ارنست قومبردج والساعة الثقافية للبروفسير جورج كوبلرمما إشرنا اليه سابقاً.
أما عضم ما ثبتته فى هذه الأطروحة، فهو يتجه فى غالبه الى تأسيس حقيقة هامة وأولية، ما كان الحديث عن شكلانية الجمالية الأوروبية إلا مظهراً من مظاهرها. إلا وهى حقيقة ارتباط المعرفة بالذات، وفكاك العلم منها. أو بمقولة أخرى تلخص مجمل المنظور الذى يمكن تجليته فى هذه الأطروحة : ارتباط الذات بالمعرفة المرتبطة أصلاً بالذهن وفكاك العقل منها كلها وارتباطه فقط بالعلم. وهذه منطقة تدق فيها المعانى حتى لتكاد أن تتوارى. ولقد رأيت بأم عينى هاتين سادتى آل بيت المصطفى ينظرون إلي هذه الأمانة فيكيفونها، فإذا هى تنوء بحملها الجبال. فلم يطالبونا ـ كما هى السنة المطهرة ـ أن نحملها، لعلمهم أننا نرى أن نفوسنا لا تطيقها فخافوا علينا من الفتنة. وقد انغششنا نحن بظنون أذهلتنا عن المعنى ونحن ننظر الى الآية الكريمة فى خواتيم سورة البقرة : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) فظننا لهوان نفوسنا أن ما لم يطلبه منا آل بيت المصطفى مما حملوا عليه نفوسهم بلا تهاون أو تفريط ، فذلك لا تطيقه نفوسنا، فرددنا مع من ردد عشية انكسار الخوارج بعد خدعة التحكيم الشهيرة(الأكل مع معاوية أدسم والصلاة خلف على أقوم والوقوف بينهما أسلم) فسلمنا نفوسنا الى الهوان وتركناهم مع فئة قليلة من المتصوفة و أقل بكثير من الأولياء والصالحين من الصادقين ظاهراً وباطناً. هؤلاء الذين لا ينظرون الى أى مما يستحق النظر إلا بعد أن يتأكدوا تمام التأكد أن نفوسهم ليست موضوع ضمن ما ينظر إليه، فقد وضعوها تماماُ خارج دائرة أحكامهم التى يستعملونها لتسليط الضوء على القضايا مثار البحث. فهؤلاء قد فهموا واستوعبوا تمام الفهم والإستيعاب ما عجز عنه الناس فى قول الحق ـ جل وعلاـ : ( فاقتلوا أنفسكم أن كنتم صادقين). و هم لم يستوعبوا الحديث وحسب بل وحملوا نفوسهم على جادته قتلاً لها وتبخيساً من قدرها، لذلك فهم وحدهم الذين يستحقون خطاب الحق ـ جل وعلا ـ فى قوله : (عم يتساءلون* عن النبأ العظيم * الذى هم فيه مختلفون* كلا سيعلمون* ثم كلا سيعلمون). فهولاء هم وحدهم العلماء الذين قال فى حقهم صاحب جوامع الكلم ـ أصلى عليه و أسلم له ولآل بيته الى أن أموت، صلاة لا تنعد ولا تنهد ولا تنقض: ( العلماء ورثة الأنبياء).
أظن أننى اليوم قد زودت العيار حبتين. أعود ان شاء الله بعد غدٍ للمواصلة وأعود كذلك ان شاء الله لجادة حديث الأخذ والعطاء، وليعذرنى إخوتى الكرام عن قليل شطح استطال على فى هذا الشهر الكريم المبارك. ونواصل

صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

مواصلة لما سبق

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

مواصلة لما سبق
وأود وقد وصلت الى قريب من الهدف المقصود ان أقصّر ما استطال من أمر تلاعب هذه الأطروحة بنا. وأبدأ بتجميع ما تشتت على.
أولاً: كانت مشروعية هذا البحث تقوم بحسب صيرورة الجمالية الأوروبية كنموذج معيارى تم تمرير معياريته هذه عبر عسف الإستعمار. حيث صارت بعدها تمثل النموذج الوحيد المطروح على نطاق المشروع الإنسانى الواسع.
ثانياً : بداية الأطروحة كانت تشخيصية للجمالية الأوروبية، استطالت الى محاولة فهمها كظاهرة من خلال فهم أصولها ومرجعيتها و منطلقاتها. وبدأ الأمر باحتجاج حول الكيفية التى ترى بها الشخصية الأوروبية الظاهرة الجمالية، ورأينا خللاً فيه عدم تبصر كونهم يضربون لنا الأمثال ويتناسون أنفسهم وهم يتساءلون: ولماذا كل هذا السحر فى الماهية الجمالية؟ ثم لا يتبينون أن هنالك منسياً هو بالطبع هذه النفس المسحورة المتسائلة ذاتها.
ثم رأيت مفارقة بين تأصيل الأطروحة وبين الأخذ بها فى راهن حالها كما هى ( مدردمة وملكدمة ) داخل إطار الخطاب النقدى الأوروبى، فذلك يكمن فيه خلل لا تراه النفس الأوروبية المعنية بالخطاب. إذ أنها واقعة داخل حظيرة الإنفعال بما يحيط بها من جمالية فلا تحس بعماها عن رؤية ظاهرة تقبع هى نفسها داخلها، فلا تكاد تتبين موضع قدم يمكنها من رؤية ماهية تلك الظاهرة موضوع الخطاب؟ وقلنا أن هذا خطأ منهجى أولى.
ثالثاً: عرّفنا الظاهرة الجمالية فقلنا: : لا تكون الظاهرة جمالية إلا بعد اقتحامها حصن الذاكرة ومن ثم ابطال عمله و توقيفه جراء ورود ما تستحق أن تتوقف عنده اندهاشاً من جدته كمعلومات أو فرادتة كمشاهد أو معان مركبة أو مسامع تتلاعب بمخزونات هذه الذاكرة . و يتوجب علينا أن نعتبر هذه الهنيهات التوقيفية هى مجرد معالجة ذاكروية تعمل على استئناس الوافد الذاكروى المدهش الجديد، كى تدخله بتؤدة وتمهل ضمن اعتيادية حصيلتها التصويرية أو التنغيمية الخ الخ من ضروب العمل الخلاق.
ولأن لظاهرة (الأنا) على عمومها وجود موضوعى لا نكاد نعتبر به كواقع، فيبدو الحديث عنه ميّال فى غالبه الى الإستئناس بالذاتى، فقد أجرينا هذا الأمر على الجمالية الأوروبية وتساءلنا عدة تساؤلات هى:
1 : ما هو تأثر الذات الأوروبية على انتاجها الجمالى ؟ وكيف ننظر الى هذا التأثير فى حالة تواجده أهو تواجد إيجابى لصالح مقاصد جمالية مواتية لروح الإنسانية أم مخالفة لها لا تنسجم معها؟
2 : وهل نعتبر البعد المدرسى التى تفردت بانتاجه المدرسة الجمالية الأوروبية يقوم على وجدود موضوعى ومنطقى كظاهرة تلازم العمل المبدع، تتعالى على الذات المنتجة قفزاً الى موضوعيتها، أم يكون هذا البعد المدرسى خاصية ذاتية أوروبية ما كان من المفترض أن تتعدى (حيشان) ما سواها من مدارس أخرى ذات تجارب جمالية مغايرة تاريخياً ؟
3 : و إذا ما كشفنا عن وجود تأثير غير موات للذات فى ما يختص بالمدرسية الأوروبية بما يدمغ إنتاجها الجمالى بعدم المواتاة : فهل كانت هنالك نموذجية جمالية مغايرة مطروحة كان من المفترض وضعها فى الحسبان؟
4: وأين هى الحقيقة الجمالية فى كل ذلك، وكيف السبيل إلي اعتبارها والنظر إليها؟
رابعاً: ثم دلفنا الى تأثير الذات التاريخية الأوروبية فلاحظنا التلازم التاريخى التام والكامل ما بين التاريخ الأوروبى والأسطورة. وذلك تلازم وضع التاريخ الأوروبى مكشوف الظهر و يستند الى حائط مائل الإستواء. ذلك أن الأسطورة فاقدة الأثر المادى الواقعى الطبيعي فى التاريخ، وحتى وإن وجد، فإن مظهره ومخبره ضبابى ممعن فى الخفاء. إذ يبدو كالمنبت فاقد الأصل والمرجعية ( ود حرام ولقيط كمان). ثم لاحظنا مدى ارتباط الجمالى الأوروبى بالسياسى بحكم منقلب الأسطورى الى السياسى عبر متحرك الثورية الى نقيضها. ولا حظنا كم هو مهلك هذا الإرتباط بالجمالى الذى يحتمل امكانية أن يرى فى مشاريع ضعيفة فى محمولاتها من الإنسانية.
وقد ظهر لنا كذلك ظهوراً أولياً أن الأسطورة لا تدعم كثيراً موقف الجمالية الأوروبية. لا من حيث ضعف وجودها الواقعى وحسب، لكن بحكم بيان البعد الأسطورى كتزوير تاريخى كبير، يظهر الجمالية الأوروبية كالظاهرة المنبتة بحكم خلو ما قبل (أثينا) من أى مخلفات أو آثار تاريخية. ولاحظنا لخلل آخر أنه بحسب نظرية البروفسيرين الجليلين ارنست قومبردج وجورج كوبلر اللذان يقولان بعدم جواز وجود أصول أى ظاهرة تاريخية منعزلة ومنفردة أو منبتة، وإذا ما حدث فذلك نتيجة لكمون أو خفاء الظاهرة.
ثم نظرنا الى تتالى الشكل المدرسى فى الإنتاج الجمالى الأوروبى، فرأينا ذلك تابع لمتحرك الأسطورى الى السياسى. وتعجبنا عن قبولنا بالشكل المدرسى الأوروبى كمسلمات جمالية لم نخضعها للفحص والتبصر حتى نكيّفها بالوعى بظاهرانيتها.
خامساً : تواضعنا على مقولة تقرر: أنه ما لو عُرفت مصر تاريخياً بأنها هبة النيل و عرفت الهند بأنها هبة التتوع الطبيعى النباتى، فإن أوروبا لا بد أن تعرف بأنها هبة المقاتلة والصراع العسكرى. وقد ذكرنا ذلك فى معرض استعراضنا الناقد للسيرة التاريخية الأوروبية بحسب أنه مجتمع قام على الصراع والمدافعة والمقاتلة. وذلك ما مكنه من فرض سيطرته عبر آلته العسكرية على مفاصل الفعل التاريخى، ومن ثم استعمار العالم.
سادساً : ثم قسّمنا الجمالية الى ثلاثة أقسام: يافعة وطفولية تحتكم الى منظور جسدانى. وأخرى أنضجتها التجربة فصارت جمالية مبصرة وبصيرة تحتقب الحكمة بحكم ارتفاع قامة الذهنية التى تتمثلها. وقلنا أن المقارن بين الجماليتين أن اليافعة الذهنية ذات جمالية أولية بسيطة وشكلانية ونموذجيتها الجمالية تقع فى الغالب عبر جمالية فى شكلانية الجسد الإنسانى وطبيعية و اولية مصادر الجذب والإستدراج لنفسونا. وذلك بالطبع بحث عن الحيوانى فى الإنسانى. أما الثانية فقد تحتقب الحكمة بحكم ارتفاع قامة الذهنية التى تمثلها. ويميزها فى غالب أحيانها مخزون ذاكروى وافر وغزير. أما الثالثة فهى الجمالية العقلية وقد أشرت الى أنها جمالية يقبع الإنسان خارجها منتظر دخولها باستحقاق صفة (البشر) أو صفة (البنى آدمية) فسيدنا أدم هو أول البشر وليس أول انسان به وضع الإنسان الذى كان (....حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا) قدمه على عتبات البشرية. وذلك حديث آخر لم يستوعبه الإنسان الى يومنا هذا أرجو أن يمكننى الحال المايل من ازاحة ما أهيل عليه من غبار (المعرفة) الإنسانية الغريرة الساذجة المبرأ منها الخطاب ذلك الإلهى العلمى الدقيق.
وقد كان ذلك إيذاناً بالدخول لفحص متلازمة العقل والعلم، ومتلازمة المعرفة والذهن. وهذا هو ما جرى وسيجرى به خواتيم توصيف الجمالية الأوروبية. ثم التفرغ للجمالية العقلانية وحديثها الذى لا بد له أن يكون حديث ذا شجون.
وقد انتهينا فى حديثنا السابق الى تقرير أن ظاهرة كمون العقل أن المقود إليه كان مقوداً لطيفاً علوياً معطى بمحض فيض الفضل الإلهى، وذلك من خلال تتبع فعاليات التنطع المعرفى الإنسانى المضحك المبكى فى سذاجته و بدائيته، والأمثلة على ذلك ــ على قفا من يشيل ـ أيسرها ما هو مدون من تصورات مضحكة عن شكل العالم و كيفية خلقه وكيفية تفسير ظواهره ليس كما هو فى الأسطورة البالغة التنطع المعرفى، بل هى حتى فى مجال ما يعرف فى المنظور الأوروبى بما يترجم للعربية بأنه (علم ) زورًا وبهتاناً. والمثال على ذلك الذرة التى كان يعتبرها عارف الكيمياء (دالتون) كمثل حبة البرتقال.
ولا أظن أن هذا القدر من نقد التنطع المعرفى الإنسانى عالمى الظاهرة يمكن أن يمر دون أن تثار فى مواجهته أسئلة ذات لسانين، أولهما لسان الذين يلحدون إليه، وثانيهما لسان معرفى مخلص فى معرفيته ، وموقاً عليه من شح نفسه الأمّارة بالسوء. يتساءل الأول سؤالاً سبق لى الإستماع إليه يقول : هل تسير كل الإنسانية بغير وهدى وكل ما أنجزته عبارة عن أخطاء تنتظر (عمر اللمين) كى يصلح ويصحح عليها معارفها؟
وهذا بالطبع سؤال استنكارى كبير، رغم أنه يحتوى على دفاع مشروع يتولد نتيجة إحساس بالمسئولية البشرية المشتركة الكبيرة. وقد استمعت إليه من الأخ الأستاذ الحاج وراق وهو يدافع ـ كما هو الدكتور محمد الصادق والأستاذ محمد عبدالرحمن بوب عن التجربة الأوروبية.
أما اللسان الثانى فله مجموعة من الأسئلة ومجموعة أخرى من الملاحظات يقول فى محصلتها: أين يقع النقد الذاتى الذى تمارسه التجربة الإنسانية على معرفيتها؟ وهل كل ما بذله الإنسان من جهد يقع فى خانة الإخفاقات خالية من أى منجز إنسانى؟ وهل يحق لك أن تحرم الإنسانية من المشاركة فى تحقيق المنجز العلمى؟
وما هو مؤكد أن ما تثيره هذه الأطروحة من ترتيب يعيد تصفيف المعرفة والعلم على أسس نظرية قديمة فى ثوب جديد، فتلك قضية بالغة الخطورة، تماس مختلف تصوراتنا درجة تبرراحتجاج أهل لسان الذين يلحدون إليه. فنحن عادة ما نستسهل الإشكالات عامة التأثير إلا عند بلوغها درجة الخطر المباشر السريع على حياتنا. أما سوى ذلك فإننا نعتصم عادة فى تقرير إهمالنا لها الى كونها مشاعة لم يعتمد فى شأنها التخصيص الزمانى أو المكانى، فنترك امرها للمجتهدين موافقين فى غالب الأمر على استنتاجاتهم دون إجراء فحصوصات تليق بما حملناه له من أمانة . وفى هذا الصدد فالموضوع ضخم غاية الضخامة، تقود فرضياته الى أخرى أكثر خطورة تذهب الى تقرير أن التنطع المعرفى ملق بكلكله على كل نطاق انسان عالمنا المعاصر، وأننا ما زلنا نخوض في أوحالنا المعرفية لم نبلغ بعد من الرشد ما يؤهلنا لدخول حضرة العلم. إذ أن حضرة العلم بعبارة من عباراتها مكان مطهّر من دنس النفس الأمّارة بالسوء. أو بعبارة أخرى هى مكان لا ينظر فيه الإنسان الى الأشياء من داخل ظاهراتيتها، بل يشترط شأن الإحاطة بها رؤيتها من خارج تعقيداتها الظاهراتية، أى من خارجها. و أخص ما يشمله ذلك ضمان أن ينظر الإنسان الى نفسه من خارجها. أما التساؤل: كيف يخرج الإنسان من نفسه التى بين جنبيه كى ينظر إليها، فهو نفسه السؤال المعرفى الإبتدائى الذى لم تسأله الإنسانية الى نفسها حتى يومنا هذا.
وهو سؤال ينتظرها أن تلقيه على معرفيتها حتى ينفتح لها باب الدخول الى حضرة العلم. ولكى نقرّب المعنى الى مفاهيمنا المعرفية الغضة فلا بد من النزول بتعريف مصطلح العلم الى أرضنا المعرفية المشتركة فنقول: العلم هو ناموسية الظواهر الحيوية طبيعية كانت أم مجتمعية.
وما الفرق إذن بين معرفية علوم الإقتصاد و علموية علوم الفيزياء والكيمياء؟
أليس الإقتصاد علم ويعنى فى نفس الوقت بالتجريب البشرى الذى يخطئ ويصيب؟
هنا تحديداً يظهر المفرق حيث وحين يُخرج الذاتى تماماً خارج حضرة العلم، فلا ينظر إليه إلا تحت ضمانات كافية أن تم عزله تماماً من النفس ـ أمّارة أو غيرها ـ وأصبح ظاهرة معزولة يمكن تقليبها وتفحصها دون أدنى حرج من استصغار أو تأله. وكذلك ضمان التعرف على موقع اقدام الناظر من الظاهرة المنظور اليها للتأكد من ضمان وجود موقع اقدام الناظر خارج الظاهرة وخارج تعقيداتها.
عليه يكون العلم مصطلح لما نتأكد من بلوغ أمر صحته درجة اليقين، ويستند الى براهين غير ذات التباس. و هو فى تجريده وتحليقه موضوع بمعزل عن تجريبيتنا. فعلوم الكيمياء و الفيزياء و البايولوجيا مثلاً، لا تكتسب مشروعية وجودها بحكم أنها عمل ومعرفة بشرية، فهى كاملة الوجود بمعزل عنا ، علمنا بها أم لم نعلم. فهى ذات أصول ناموسية كونية لا نمتلك إزاءها سوى تلقي أخبار أو التشرف بالتعرف عليها من خلال ارتفاع قامتنا الى مقام متعال كمصحح وحاكم لا يتقيد بمعرفيتنا، بل بأصوله من القوانين الكونية الناموسية الأكبر و الأكثر إحاطة من تجريبيتنا المعرفية البسيطة الساذجة المتنطعة.
وأظن أنه ينبعى هنا بالتحديد فرز الكيمان وارجاع الديون الى أهلها و أصحابها الأصليين. وأعنى هنا تحديداً فك متشابك الإستلاف المصطلحى والتى لا تشكل اتهاماً للأوروبى يدمغه بالقيام بها، إذ لا يستقيم له استحداث قوالب لغوية جديدة دون أن تبدو مصطنعة، بقدر ما يقوم بما قام به فعلاً من استدراج للمصطلح لعملية ترقيع لغوية كما فى الكلمة (بوليس) ذات الأصل الأوروبى الذى تم استلافه عربياً فخرجت منها عبارة كقولك (رواية بوليسية ). وذلك ترقيع يتيح القول بعبارة مثل (هذا تفكير بوليسى) مع ذلك تستعصى هذه (البوليسية) أن تستجيب لتصريف يستخرج منها أفعالاً للمضارع أو الماضى أو الأمر. لكن يبدو أن صاحب الإستلاف هو المترجم الوطنى الغرير الذى يظن لغشامته أن (العلم) هو ترجمة صحيحة للكلمة (ساينس) وأن أصولها و مرجعياتها اللغوية أوروبية، فصار عنده (العلم) مولود كمصطلح ـ وبالتالى كوجود وفعالية ـ فى بيئة أوروبية خالصة. وليس ذلك إلا بسبب عماء علمى و معرفى، قاده إليه تبدل مرجعيات المناهج التعليمية بعد الحقبة الإستعمارية، كان من الطبيعى أن يسود بعد أن تيتم جراء ذلك العقل وهام على وجهه مفتقداً البيئة الصالحه لنموه. ويبدو أن تيتم ظاهرة العقلانية قد كان السبيل لاستحداث وسائل ومناهج جديدة بعد استعمار العالم برمته ـ ومنه الشرق ـ بواسطة قوة السلاح الأوروبى الفتاك. و ليس ذلك سوى إفساح للدروب لأجل استحداث وسائل ومناهج جديدة للتعليم منبتة الجذور، دون أى اعتبار لمناهج ملغاة لم تجد ما يكفى من الفرص لنمو طبيعى و مستقر، فانطبق عليها المثل الشعبى (جدادة الخلا الطردت جدادة البيت). فمصطلح (عقل) بائن الغرابة على كافة اللغات الأوروبية، وذلك ناتج طبيعى لانعدام البعران (ومعناها جمع بعير) فى كل القارة الأوروبية كما أسلفت القول. وبالتالى انعدام فعل (التعقيل) نتيجة انعدام ما (يعقل) به هذه البعران كما أسلفنا القول فيما مضى. فالعقال ذو نشأة عربية صرفة، ومن تصريفاته الكبرى (العقل)، وما تمت نسبته إليه كإصطلاح لا يخرج عن كونه ناتج من نتائج عملية (التعقيل) هذه والتى يراد بها الدلالة على تربيط وتكتيف آلية التفكير ألا وهو (الذهن). والتكتيف هنا لا يؤدى الى حجر عملية التفكير بقدر ما يؤدى الى ضمان مراقبة الذهن بكابح يمثل آلية أخرى تسمى (العقل)، ويقصد به الذهن نفسه، لكنه فى هذه الحالة مكتف (بتقوى) تمنعه من موارد التهلكة. أنظر لقوله ـ جل وعلا ـ (ألم أعهد اليكم يا بنى آدم ألا تعبدو الشيطان إنه لكم عدو مبين * وان اعبدونى هذا صراط مستقيم * ولقد أضل منكم جبلاً كثيراً أفلم تكونوا تعقلون) سورة يس. فبنو آدم هنا يفكرون بلا أدنى ريب أو شكوك. و لا ينتفص من استحقاقاتهم التفكيرية هذه أنهم اتجهوا الى عبادة الشيطان، وتتمثل فى التفكير بطريقة تقود الى التجافى عن موارد الفلاح، فيتجافون عن (تفكير آخر) يدعوهم الى ما يخرجهم من هذا التضليل (الشيطانى) والذى هو فى معناه و مبناه يمثل الذهن غير (المعقول) الذى لا يفسح مجالاً لذهن معقول يتأدب فيطرق السمع للرحمن، فى منهج للتلقى الطوعى مقابل ومضارع لمنهج الشيطان. و ما نستنتجه مباشرة من هذا الخطاب أن العقل لا يقوم بعملية التفكير على إطلاقها مما يؤدى الى حالة تنقيص لموجبات المعرفة السليمة وفيها كامل استحقاقات التجريب، خطأ أو صواب. لكننا إن (عقلنا) أى كتفنا و قيدنا ذهنيتنا، فسنتعرف الى ما هو مكفول لنا من تجريب يجنبنا المزالق الخطرة كالمزالق الشيطانية. وذلك قول يخرج العقل من الذهن المطلوق السراح خروج الشعرة من العجين، ويحوله الى تالى له مقيد ومكبل بمنهج معطى ومضاف كخبر من أعلى الى أسفل لا يتضمنه المعرفى بصحبة ورفقة الذهن المطلوق السراح. أنظر الى قوله ـ جل وعلا ـ بلسان سيدنا الخضر لسيدنا موسى ـ عليهما السلام ـ (وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً).
ومما هو تخليط فى ترجمة هذا المصطلح، فقد صارت الكلمة (عقلانية) ترجمة للكلمة الإنجليزية ( rational
) و التى يقولون بها دائماُ كترميزالى التفكير المستقيم ذو المنطق المقبول على نطاق الإتزان و الحكمة وهو مصطلح يشير فى نهاية أمره الى حالة انسجام مع المنطق السليم وهو نفسه (الحكمة) ومنها (الفلسفة)، وكلاهما إحكام للبدايات و النهايات التفكيرية الى المنطق السليم و الموزون. وما يبدو فى الحق أن المصطلحين ( عقلانية و راشونال) قريبان من بعضهما البعض درجة التداخل. لكن الحق نفسه يقتضى حسن الفرز، فالحكمة ناتج معرفى قد يؤدى الى (العلمنة) مع ذلك فقد تخطئ العلم وقد تصيبه. وهى و إن اصابته أو أخطأته فذلك لا يغير من صفة كونها (عمل) و (تجريب) بشرى، فيه تجريب مفضى الى الخطأ و فيه تجريب يصيب الصواب. و التجربتان ـ المصيبة و المخطئة ـ معرفة هى بلا أدنى شك ذات فائدة معتبرة . وقد يكون مقبولاً كذلك التقرير أن (تجربة خاطئة) قد تقود الى الحكمة، إذ أن تجريب الخطأ والصواب هو منهج معرفى مؤكد ومضمون النتائج، ومن ذلك القول الذى رددته أعلاه للأستاذ الشهيد محمود محمد طه لا أدرى له من مصدر غيره يقول فيه: (كل تجربة لا تورث حكمة، تكرر نفسها). أما فى مقام (العلم) فلا يسمح بأى هامش من الخطأ. فما نعتبره (العلم) فذلك لا ينبغى أن يكون موصوفاً إلا بالصحة المطلقة التى لا يعتورها أدنى قدر من الإنتقاص. فبقدر ما بامكاننا القول بعبارة (تجربة خاطئة لكنها مقبولة) فلا يمكننا أن القول بعبارة (علم خطأ)، فالكلمتان فيهما من التناقض ما يجعل هذه العبارة تثير الريبة و ربما الإشمئزاز؟
وأظن أنه هنا يقع بيان الجمالية الأوروبية فى توضيح ربما لا يحتاج للمزيد منه. فقد قيل: توضيح الواضح (صعلكة) و أظن أن الأسئلة المثارة قد وقعت ضمن تخصيص فى اجابات أترك تفصيلها للجزء الأخير كمدخل له، وسيرد الحديث عنه أدناه.
ولا أدرى، فربما يكون فى الأمر احتياج لبعض التوضيح إذا ما رأى الإخوة الأحباب وقوعه فى شيى من التعقيد أو الغموض. وربما يكون فى محل احتياج لإنزال بعض الأمثلة و النماذج للجمالية الشكلانية، الإستعراضية، الجسدانية، الباحثة عن الحيوانى فى الإنسانى. أو يحتاج لمزيد من تجلية هذه اجمالية الأوروبية، وهى الجمالية البصريةالتى ازاحت جماليتنا الأفريقية (البصيروية) والتى ذكرنا أنها جمالية الذهنية المعرفية الناضجة.
و يسهل بالطبع انزال أمثلة عديدة لمظاهر وحال هذه الجمالية الأوروبية والتى هى كما أسلفت تمثل رسمياً الجمالية العالمية المعاصرة، كما وصفها تحديداً أخونا وحبيبنا حسن موسى فى قوله : (التى هى مشكلتنا كلنا رضينا بذلك أم أبينا) و الأمر متروك لكم إخوتى لتقرروا فيه ما ترون.
وأتوقع أن ترد الى مساهمات الذين يرغبون فى التداخل مع هذه الأطروحة. إذ تدفعنى رغبتى فى رؤية هذه الأطروحة فى عيون إخوتى التشكيليين والمهتمين بالإنتاج المعرفى أن أتوقف هنا تاركاً أمر الدخول فى الجزء الأخير منها ويتناول بالطبع الجمالية العقلية بالشرح والتمثيل.
و أظن أن ذلك يشير الى أن اتوقف هنا اتاحة لفرص التداخل و التفاكر ثم أواصل بعد ذلك بقية الأطروحة جزئها الأخير، إلا إذا رأيتم غير ذلك، خاصة رأى إخوتى الكبار.
[size=18] [/s
ize]
آخر تعديل بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä في الاثنين سبتمبر 08, 2008 5:38 am، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

ابن حلال يفتح الباب

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

معليش البضاعة غالية شوية واسعارا نار وفى السما.
وهى زاتا بضاعة من النوع الممكن الواحد يستغنى منها.
لكن انا قايل لو كان فى ابن حلال يفتح الباب بيكون أحسن، يمكن ترخس شوية.
[size=24] [/size
]
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

عودة على بدء

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

[color=darkblue][size=24]ورمضان على مشارف المغادرة أعود ولسان مقالى فى تردد، أهو عود أحمد أم لا؟
أما لسان حالى فهو نفسه لم يغادر مقام الحيرة.
تبرعت زوجتى نفيسة كريمة المربى والمعلم الراحل استاذنا الجنيد ، أو على قولكم ـ توتو ـ بالرد على حيرتى وتساؤلاتى فقالت:ـ( انت يا عمر كلامك فظيع، وديل ناس حساسين، وعلاقتم بيك ما بحبو يخربوها، عشان كدا لا بولا لا حسن موسى ما بداخلوك رأفة ورحمة للعلاقة البرتبطكم ببعض). ثم قالت :ـ( أما النور محمد حمد فهو لأنو جمهورى ما حيشتغل بكلامك، لأنك هاجمتا الأستاذ محمود).أهـ
لكن فى راى تانى ربماأقل حدة من راى(توتو). وهو للأخ الأستاذ أسامة عبدالجليل الذى قال :ـ( والله يا شيخ عمر كلامك كتير جنس كترة. هسى دا نقراه ليك كيف؟ ما كان تنزلو حبة حبةعشان نقدر نقراه)
ولأصدقنكم القول: فقد شوّشت على هذه النهاية، حتى وقفت على مكان قريب من الإقتناع باحتجاجات زوجتى والأستاذ أسامة. لكنى لا ألبث أن أعود الى مقاربة الأمر. حينها فلا بد من مواجهة النفس(الأمارة بسوء الحيوانية) واتهامها. وفى هذا الصدد اتهامها بضعف الإبانة، ربما بلجوئها:ـ (كما يدفع به البعض) للتعقيد بدلاً عن التقعيد.

والنفس بطبيعتها الدنيئة ربما تفضل التعقيد حباً فى اصطياد المدح بادعاء التفوق. لكنى أدفع فى مواجعتها بما قاله الشاعر: الكنجى، شاعر الشيخ ابراهيم الكباشى وهو يتحدث عن نفسه قائلاً:

دايماً تتورى
وخصالا دنيّة وقط مى حُرة
تراها تـجاوى زى الهرة
وليها عيوبا ظهرت برة
وقال:
نفسى الأمّارة
قالت لى أنا فيك محتارة
أحذر أحذر من الغرارة
الناسية الآخرة وباعدة ديارا

وبسبيل نقد نفسى الأمارة بسوء الحيوانية، فقد ارتأيت أن الأطروحة هى فى نسبيتها (أكتر من فظيعة)ذلك أنها خطاب قصد به فى غالبه أهل الحداثة، ولسان مقالهم ولسان حالهم هو طبق الأصل كما ورد فى(البورد) أعلاه الذى يحتج على التفريق فى سياسة القبول للتعليم الجامعى بالقول :ـ(نحنا كلنا ما أولاد آدم)؟
وهذه هو نفس المنحى الحداثى الديمقراطى الذى لا بد أن يدفع اعتماداً على مقولاته بالآتى: وطيب وآل بيت المصطفى ( نصلى عليهم فى سرنا وعلانيتنا) ما بشر زينا؟ هم أحسن مننا فى شنو؟
وقد قيل لى مرة فى صيغة احتجاجية: أتجرى فى عروقهم دماء زرقاء؟
وزيادة على ذلك، فدا كلو كوم، وكلام عمر اللمين الجابو لينا من وين ما عارفين عن العلم والمعرفة دا كوم تانى. نحن ما عارفين الزول دا داير يصل لى شنو بعد ما يكسر مقاديف العالم العلمية من أقصاه لأدناه.
وأتساءل أنا بدورى: وما العمل؟
أهاااااااأ .... أخوك كمان عامل فيها ولا فلاديمير إليتش لينين
أواصل غداً ان شاء الله الإجابة، وعذراً للمخالفة فى المواعيد
[/
size]

[/color]
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

و الحساسية

مشاركة بواسطة حسن موسى »

يا عمر سلام جاك و قعد معاك
يا زول كلامك ملولو لولوة كبيرة و فرزه داير ليه قعدة و انا و الله مزانق في امور العيشة ام قدود (زنقة كلب ) لكن "الحاسوب ولد" كما يقول المثل غير المعروف. و يوم نفضى نوريك" الحساسية" الما بتغباك ومافي شفقة على العلاقة ( و يا" توتو" سلام كتير من على البعد ).
دا رأيي و بولا و النور كل بحساسيته. شايف؟
مودتي
عبد الماجد محمد عبد الماجد
مشاركات: 1655
اشترك في: الجمعة يونيو 10, 2005 7:28 am
مكان: LONDON
اتصال:

مشاركة بواسطة عبد الماجد محمد عبد الماجد »

الأستاذ عمر الأمين

لك التحية

موضوع بحثك مهم و (ختري). مهم بالنسبة لي شخصيا (لعلي من أحوج الناس له). لكن الله غالب: ما قدرت الملم أطراف حديثك تب. يا ربي أنا مخي تِخٍنْ ولا شنو؟ ما أظن إلا أن كتابتك - بصراحة - محشوة شديد علاوة على صعوبة في تراكيب الجمل وافتراضات منك بأن القاريء ملمٌ ببعض جوانب هي عندك من البديهيات. أخي, الله ذاتو يسّر كتابو للقراءة, معليش بالطريقة دي سيرد عليك مجموعة خاصة جدا. لا شك أنت تعرف الكثير لكن الجمهور يحتاج للبسيط المباشر وبخاصة في الأسافير لأن لها لغتها الخاصة في معطم الأحيان.
واصفح عني لو زعّلتك.

مودتي
المطرودة ملحوقة والصابرات روابح لو كان يجن قُمّاح
والبصيرةْ قُبِّال اليصر توَدِّيك للصاح
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

أخيراً مداخلتان

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

و أمر المداخلتين من أول التبادى محول لزوجتى العزيزة و التى رغم أنها عزيزة لكنها شمتانة فى شأن عدم مداخلة مقالى. وحبتان تكفى كدواء للشماته.
وأشير إليها فى تعليقى على مداخلة الأخ التشكيلى الكبير وصديقنا المشترك الحميم الأخ حسن موسى فأقول : ( أها شايفة يا توتو، ياهو دا حسن موسى البنعرفو. شغلو الفكرى ـ صقع شديد ـ لكنو بى جيهة، وعلاقات المودة ثابتة لا تتأثر عنده مهما كانت حدة صراع الأفكار). ورأيى فيه فى هذا الصدد يتمثل لى فى قول الشاعرالشعبى:

كاتال فى الخلا وعقبان كريم فى البيت


عموماً لما قررت أنزل هذه الدراسة هنا فى هذا المنبر ، فما أقصده أن فيها من يستطيعون أن يردوا صاع الفكر بصاعين، ثم يرد الأول بثلاثة صاعات وهكذا دواليك لغاية ما تجيب الموية.
لذلك فمرحباً بكشف حال (اللولوة) الوعد بيهو أخونا حسن، وأخوك ياتوتو ياها دى الراجيها من زمان.
وبى طمع للمزيد، ونظرى ممدود لأستاذنا الدكتور عبدالله بولا وبقية العقد الفريد.
أما الأخ الأستاذ عبد الماجد محمد عبدالماجد فقد نطق بالحق. حقيقة يا أخ عبدالماجد أضع نفسى عادة كأول متلق، وهذا ضعف اعترف به وأرجو أن يوفقنى الله على التخلص منه.
وبى قناعة أنه ليس غير البساطة والوضوح، أو ما يسمونه بالسهل الممتنع، من تجويد للأسلوب مما ينبغى الأخذ به فى أى أطروحة. والتعقيد وحشو القول مخل بالمعنى.
على العموم حقو تتعبوا معانا شوية بالضبط والتأشير للمكان المراد تصحيحه.
لك حبى ومودتى، فدخولك على أثلج صدرى وسكّت الشمات. وللأخ حسن مثلها
وللموضوع مواصلة





أضف رد جديد