اشكاليات الجمالية الأوروبية

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

الجمالية العقلانية

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

بسم الله أعود والعود أحمد
وقد عاودت الكتابة عندما بلغ تعداد القراء الكرام 33033، وقد آليت أن أعاود عند القارئ 33133. لكن عدد القراء تجاوز هذا الرقم فى يوم واحد مر على سراعاً ولم اتمكن من مجاراته، فامسكت تظللنى تهمة سوء تقدير تدافع قرائى الأعزاء على هذه الجمالية المنكودة بضيق وقت صاحبها. ثم تجاوزنى ليلة أول البارحة الرقم 33233، واليوم تجاوزنى الرقم 33333. لذلك فقد تركت الأمر يسير بلا مخايرة، والعتبى على قرائى حتى يرضوا.
ومواصلة أن ( حضرة اللون ) تضيف شأن غرابة الرؤيا اللونية وتشير بعنف وقوة الى سر أسرارها الإلهية. فرؤية العين للون لم يتم تكييفها الى يومنا هذا، أى أن المنظور اللونى قد ظل موصوفاً كما هو مرئي وبلا أى إضافة تحليلية أو تفكيكية، فهومفسر كما كان الماء مفسراً فقط بالماء. أما المنظور الشكلى فقد تمت دراسته، لكنها دراسة تتخبط حول أسراره منذ عصر النهضة والى يومنا الذى يظللنا هذا. إذ لم تخرج الى حيز الوجود المعرفى أى نظرية للتلاشى البصرى كظاهرة ارتبطت بالرؤيا البصرية. فظل سراً كبيراً من أسرار الجمال الشكلانى ما يزال الى يومنا هذا مطموراً فى طى الغيب.
وما نعرفه يتصل بتجريبنا، ويقفز بنا حواجز معرفة التقنية البصرية الى معرفة الجمالية. ويا سبحان الله، البصر ما عارفنو كيف بشتغل، نقوم نتفاصح فى الجمالية ...فنصرّح: هى كذا وكذا وكذا. فنحن نعرف الجميل ونغنى له، لكننا لا نعرف كيف كان الجميل جميلاً، وهل هذا الجمال صفة ملتصقة به أم هى ما نضفيه نحن برؤيتنا لشكلانيته أو لونه.
ولأن الجمال الشكلانى مرتبط بالإدهاش، وذلك بحكم جدة أو غرابة الرؤية الشكلانية، فإن تجاوز حدود المألوف البصرى فى فن الرسم ـ على سبيل المثال ـ كان فى كل تاريخه التجريبى هو عنصر المضاهاة. فقد كان مثيراً ويبلغ أقصى ما يمكن بلوغه من عناصر الإدهاش، أن يتمكن رسامٌ ما من تجويد مضاهاته للأشكال التى يرسمها مع أشكالها الطبيعية. فالمألوف السائد فى فن الرسم هو ضعف القدرة على مضاهاة الأشكال المرسومة مع الأخريات التى هى على شكلها الطبيعى، فهذه تعتبر مما ألفناه من طبائع الأشياء فى فن الرسم، اما سوى ذلك، أى امتلاك الرسام لقدرات عالية لمضاهاة رسوماته للأشكال كما تبدو فى طبيعتها، فذلك هو مثار الدهش والإنبهار، ومثار الحيرة إزاء ما يمتلكه هذا الرسام من قدرات سحرية عجيبة.
وببلوغ فن الرسم مرحلة ال(التفكيك الحِرفى)، أى عندما زالت الدهشة كنتيجة لإمكانية قراءة (مفردات لغة التشكيل) قراءة عملية وعلمية تفسر ما بدا غريباً ومثيراً للدهش فيما يمتلكه الرسام، فقد أدى ذلك الى إنتقال الرسامون الى مجال آخر يمكنهم من حبس أعمالهم داخل أسوار حظيرة عملية ( التدهيش) هذه. فلجأوا الى تجريد أعمالهم من هذه المضاهاة الطبيعية التى أصبحت (لعبة مكشوفة) تسودها الإعتيادية البصرية والمألوف، إلى مبتكرات بصرية يرصون على متونها ( مفرداتهم التشكيلية) كيفما اتفق أن مكنتهم منه قدراتهم فى فن الرؤية.
وهذه قاعدة ذهبية لجدل ( الدهش ) المرتبطة بالجدة والغرابة، مع حالة التجاوز التى تساوى هنا ( الضجر والسأم) كنتيجة لتكرار المألوف الخالى من عنصر الإدهاش. هذه الوتيرة التى ربما أمكننا أن نسميها ب (ساقية جحا البصرية ) فهى نفسها لها حدود، إذ أن لعبة استخدام قدرات الرسام لتحريك وافر حصيلته التشكيلية لا بد أن تصل الى تشبيع البصر من كل عناصر الإدهاش فى اللوحة، مهما كانت قدرات الرسام الذى انتجها. وفى هذا الصدد فما نلحظه على أيامنا هذه من حقيقة نضوب مصادر التجديد التشكيلى ، أو ربما اتصافه بالفقر كنتيجة لحالة جفاف ونضوب معين كبيرة يعانيها، أن أزمة كبيرة تطرق أبواب العمل التشكيلى بعنف وشدة. وهنا يظهر مربط فرس ورطة الجمالية الأوروبية، فى نفس الوقت التى تلوح فيه على أفق البشرية بشريات الرؤية البصيروية أو ( جمالية غض الطرف ) أو إن شئت فقل : جمالية التأدب البصرى، أو إن شئت فقل جمالية الرؤيا ( الآخرة) وليس الرؤية ( الدنيا )، أو إن شئت فقل : جمالية زجر وتأديب الذهن، أى الإمساك به وتربيطه وتحديد الحدود التى يمكنه أن يتحرك داخلها، ومن ثم حراك العقل، وهو حراك ( تلقى) لا حراك (استنتاج)، حراك (قبول ورضا ) لا حراك تمرد ومعارضة.
يقول الحق ـ جل وعلا فى أواخر سورة الفجر : ( يا أيتها النفس المطمئنة (*) ارجعى الى ربك راضية مرضية (*) وادخلى فى عبادى وادخلى جنتى).
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

ختام الختام

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

بسم الله، واتمها بالله، فلا حول ولا قول إلا بالله، وإلا بكمال الصلاة وتمام التسليم لرسول الله، تلك التى لا تتم ولا تكتمل إلا بكمال الصلاة وتمام التسليم لآل بيته الثقاة، وعلى مَن مِن صحابته أحبه وفى حياته وبعد مماته والاه، وعلى تابعيهم وتابعى تابعيهم من أولياء وعباد لله، وبعد:
خير أن يكون خواتيمنا لهذا الجزء من الرسالة فى أواخر شهر القرآن الكريم، وشهر الفرقان البدرى العظيم، وأن يكون خواتيم ما سبقه آيات نيرات من سورة الفجر، خاصة أننا نعيش أوان انبلاج هذا الفجر، اللهم أجعلنا كلنا من رجاله العالمين العاملين ونسائه العالمات العاملات، آمين.
وهذا الختم لا يكون ختاماً وحسب، إذ أنه يكون استفتاح فى آنه ذاته. فالفجر هو فجر العلم ووعده الوعد الحق، والذى هو وعد العلم. وحتى الجنة فهى جنة العلم. أما النار، فيكفينا ما نعايشه من نار جهل بالحقيقة، وأولها جهلنا بحقيقة أنفسنا وبحيوانية متأصلة فى انسانيتنا. ونظن أن انسانيتنا هى فطرتنا التى فطرنا الله عليها، وهى فطرة بلا شك، لكنها فطرة ينبغى أن نكمل دورتها فننتقل الى فطرة بنى آدمية بشري أرقى، أعد الله لنا فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وهذا مقام. وهو بالطبع لا يتأتى ونحن ننظر بعين بصرنا وجماليتها الشكلانية هذه، تلك التى تستحق كامل استحقاق تسميتها بالجمالية الأوروبية، وذلك لكامل انطباق الشكلانية على الجمالية الأوروبية قلباً وقالباً.
ورسالة الوعد الحق هى رسالة كاملة، وينبغى أن تعيها أذن واعية. ويظهر كمالها أحسن ما يظهر فى كمال تصورها منذ أوان انطلاقها، مما يبعد عنها أى توصيف انسانى أو بشرى، ويلحقها بصورة آلية بالحق ـ جل وعلا ـ الذى يبدى كمال بدايتها عندما يقول فى مطلعها: ( إقرأ بسم ربك الذى خلق (*) خلق الإنسان من علق (*) إقرأ وربك الأعظم (*) الذى علم بالقلم (*) علم الإنسان ما لم يعلم ).
وللذين ينظرون بنور من الحق ـ جل وعلا ـ يرون قراءتين بينهما مفرقين عظيمين. القراءة الأولى هى قراءة (بسم الله) أى قراءة به. أما الثانية فهى قراءة معطوفة مع الله أى قراءة معه، أى برفقته. القراءة بالله فهى قراءة إعانة يجوز فيها تعلم كيفية النظر عبر أى إبصار شكلانى. أما القراءة معه فهى قراءة لا يغيب عنها ظاهر ولا باطن، فهى قراءة للشكل والمضمون. قراءة للشريعة والحقيقة. وهى يا سادتى الكرام قراءة من خارج الظواهر لرؤية شكلانيتها، وقراءة من داخلها لرؤية باطنها. وهى ليست هكذا وحسب، بل هى قراءة حتى للظواهر المحيطة التى تمسك بتلابيبنا ولا فكاك لنا من قبضتها كالظواهر الكونية، وقراءة من خارج هذه الظواهر، أى من خارج أقطار السماوات والأرض لرؤيتها ظاهراً وباطناً. وذلك لعمرى كمال منذ البداية، ويسرى دون أى تعديل حتى النهاية. وما نعلمه أن رسالات البشر تتكمل معرفيتها تصاعدياً حيث تكون بداياتها نيئة ينضجها التجريب والتكرار.
أقول قولى هذا واترحم على روح فقيدنا العالم الجليل محمد أبوالقاسم حاج حمد، من أدين له بهذه الرؤية، فهو اول من رأى وتحدث عن هاتين القراءتين بهذا الوضوح وهذا الجمال.
ثم يقول الحق ـ جل وعلا ـ لحبيبه ـ أصلى عليه وعلى آل بيته الى أن أموت، صلاة لا تنعد ولا تنهد ولا تنقض ـ فى سورة الضحى : ( والضحى (*) واليل إذا سجى (*) ما ودعك ربك وما قلى (*) وللآخرة خير لك من الأولى (*) ولسوف يعطيك ربك فترضى). ولا يكون وعد الحق ـ جل وعلا لحبيبه متجافياً عن روح الوعد الأول والذى ما يزال فى طور التحقيق، والوعد الثانى الذى ينتظر أوانه. الوعد الأول هو تعليمنا بالقلم ما لم نكن نعلم من القراءة باسمه. أما الوعد الثانى الذى تلاوى هذه الإنسانية ملاواة عظيمة للدخول فى حضرته المنيفة فهو تعليمنا بالقلم كيفية القراءة معه. وبالطبع ومن خلال تتبعنا لفعليات هذه الجمالية المنكودة، وضعنا أصبعنا على آليتى النظر والتعلم هاتين، أى الذهن والعقل. ثم دلفنا الى حصيلة ما ينتج من معاقرة انتاجهما فتوصلنا الى التفريق بين العلم والمعرفة. والمسألة مترابطة، وهى فى ترابطها تساوق بعضها بعضاً، فالرؤية الشكلانية هى الرؤية الذهنية الأولية. أى رؤية الإنسان الذى ما يزال يكابد الخروج من حيوانيته الأولية، أى تسيطر عليه فعاليات هذه الحيوانية من مأكل ومشرب ملبس ومسكن وتناسل. لذلك فهو لا يرى من جنة لله إلا عبر ما يتحقق فيها كامل استحقاقاته، تلك التى لا تنفك تلتبس بحيوانيته، فلا يرى فى الجنة إلا الحور العين والفاكهة الكثيرة ولحم الطير والماء النمير والخمر. فى حين أنه لا يعى ولا يخطر على خاطره ما عناه سيدى ابن الفارض الذى يذكر فيه أنه شرب من كأس الحبيب مدامة، فسكر منه قبل أن يخلق الراح والخمر. ولا يعرف ما يقصده سيدى النابلسى عندما يتمنى من ( ليلى ) على البعد نظرة.
وأظن ظناً لا يعتوره أى قدر من الشك، أن هذا المبحث لم يفض غلاف فعاليات الجمالية العقلية، أى جمالية العلم. بل ينتظره الكثير لأجل المزيد من تبيين أكثر تفصيلاً بما يفرق حقل المعرفة فى ارتباطها بالذهنى، وحقل العلم فى ارتباطه بالعقلى. وأول هذا التكليف هو ووضع منهج البحث العلمى فى قالبه العلمى الصحيح. إذ يبدو أن ما نأخذ به كمنهج للبحث العلمى، فهو لا يخرج عن كونه منهج للبحث المعرفى، لا يزيد عن كونه لبنة فى طريق انزال منهج البحث إلذى يعبد الطريق الى حضرة العلم، وقد نزل كاملاً ومكملاً بلا أى نقص فى سورة الكهف، أرجو أن يمكننى الله من انزال فعالياته، أو يقيض الله لى من يحمل معى هذا الكل الكبير، إنه نعم المولى ونعم النصير.
وأطمح أن ألملم فعاليات هذا المبحث الذى نزل فى هذا الخيط، الى مبحث فى خيط آخر هو: ( آل بيت المصطفى ومتلازمة العلم والمنهج العلمى)، ثم أضيف إليه مبحث سابق لم يكتمل نزل فى صحيفة الصحافة تحت عنوان: ( جمال الإعجاز فى سورة الكهف )، وأرجو أن يمكننى الله من تكميله، ثم توضيب الجميع فى سفر جامع عن العلم والمعرفة ومنهج البحث وعلم الجمال، لا أزال محتاراً فى كيفية تسميته.
لا أرى لوح ختام خير مما خطه سيدى الإمام جعفر البرزنجى لختم مولده الشهير الذى سمى باسمه ( المولد البرزنجى ) فهو لوح يرجّعنى لإحساس طفولة كانت منذ باكر أيامها مفارقة لذهنية ملتبسة بالحيوانية. فقد كانت طفولة ملء الروح، وملء العقل وانا برفقة حنونة لجدى لوالدتى و مرجعى، وأصلى الأصيل الذى لو لاه ما كانت أى نجاة، سيدى الشيخ على الشيخ أحمد قوى.
وأحب أن أستدعى معه فى هذا الختام دعاء سيد الدعاء والتوسل، صاحب الصحيفة السجّادية، سيدى الإمام السجاد على زين العابدين بن الحسين، عليهما السلام. فهو دعاء لم يبخل ان يرمسه سيدى السجاد بفخيم ما عنده من علوم، فلم يكن دعاؤه مجرد دعاء، بل رسالة فى بث العلم، فى وقت منع فيه الأمويون اهل العلوم من بث ما كان يفترض أن يكون بأيدينا مكملاً ومشروحاً.
واختم بسيد الإستغفار، الإستغفار العظيم، للشفيع ذو الخلق العظيم والجاه العلمى العميم ـ أصلى عليه وعلى آل بيته الى ان اموت ، صلاة لا تنعد ولا تنهد ولا تنقض : ( اللهم انت ربى لا إله إلا انت. خلقتنى أنا عبدك وانا على عهدك وعدك ما استطعت. أعوذ بك من شر ما صنعت و أبوء لك بنعمتك على ابوء لك بذنبى، فاغفر لى فإنه لا يغفر الذنوب إلا انت) أهـ.
أضف رد جديد