هـجوم وحـشى على معرض التشكيلى محمد حمزة ..

Forum Démocratique
- Democratic Forum
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

التحية لعبد الرحيم ريشين

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام يا ياسر
و شكرا على سيرة و تصاوير الفنان القدير عبد الرحيم ريشين.
و أظنني شاهدت بعضا من أعماله في نيالا قبل عقود.( و عندي صورة فتوغرافية من مطلع الثمانينات لجدارية تمثل قطارا على واجهة مكتب سكك حديد السودان بنيالا. سأحاول تنزيلها و لك أن تستفسره إن كانت من أعماله أم لا؟).
المهم في الأمر هو أن بقاء فنانين عصاميين كعبد الرحيم ريشين في السوق دليل على أن استمرارية هذا النوع من النتاج الأيقوني تلاقي ضرورة ثقافية لدى قطاع من محبي التشكيل في الحواضر السودانية.و لا جناح عليه كونه يرسم شيوخ العربان أو أباطرة الصين أوحتى أوباما ذي الأوتاد فالمهم في الأمر هو كونه يرسم و يستمتع بعمله و يمتع جمهوره.و سيأتي يوم تفنى فيه الدول و الممالك و تبقى رسوم الفنان تدل عليه.أرجو أن تتمكن من تنزيل المزيد من أعمال عبد الرحيم ريشين و سنعود لحديثه لاحقا.
مودتي
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

المغرض 11

مشاركة بواسطة حسن موسى »



المغرض 11



الفن السوداني في البوتيك الأفرنجي

شهدت سبعينات القرن العشرين حيوية فنية و نقدية كبيرة شكلت ما يمكن أن نطلق عليه فاتحة عهد جديد بالنسبة لمعارض الفن الحديث في السودان. و ربما أمكن فهم ذلك التغيير بظهور جملة من المؤسسات الثقافية الحكومية ( وزارة الثقافة و المجلس)و الأهلية ( المبادرات الخاصة) و الأجنبية (المراكز الثقافية).و في ظل هذه التحولات الثقافية تطور المعرض من مستوى وسيلة إتصال جماهيري ليصبح في بعض الحالات نوعا فنيا جديدا مستقلا بذاته بفضل مساهمات بعض التشكيليين الاصغر سنا.
و قد تعاظم دور الدولة في النشاط المعرضي بفضل أجهزة الثقافة الحكومية، فمصلحة الثقافة و المجلس القومي لرعاية الآداب و الفنون كانا يشجعان الفنانين العارضين بتقديم العون التقني و الإعلامي و المادي من خلال إقتناء جزء من الأعمال المعروضة.و كانا يقتنيان أعمال الفنانين ضمن سياسة توثيق و جمع غرضها البعيد بناء مجموعة قومية تصلح أساسا لمتحف أو لصالة عرض قومية.
ورغم ذلك لم تكن سياسة المقتنيات الرسمية لتحل مشكلة بيع الأعمال التي كانت تتراكم لدى التشكيليين بمرور السنين.و ربما أدى واقع غياب سوق حقيقي للفن التشكيلي ببعض التشكيليين لمحاولة تصريف إنتاجهم في المواقع التي تتميز بحضور الأوروبيين سياحا كانوا أو مقيمين.
و أظن أن عدد كبير من التشكيليين اتجهوا بشكل عفوي نحو الفنادق العاصمية الكبيرة (كفندق السودان و إكسيليسيور، هيلتون، ميريديان ..) ليعرضوا آثارهم " السودانية" في صالات الإستقبال التي يعبرها الأوروبيون.
بيد أن صالات الفنادق الكبيرة لم تكن أرضا بكرا قبل وصول التشكيليين الحديثين. فقد سبقهم إليها باعة الأناتيك و المصنوعات اليدوية الشعبية (السودانية منها و المستوفدة من شرقي أفريقيا).و قد اضطر عدد من التشكيليين ـ بسبيل إيداع أعمالهم لدى أصحاب بوتيكات الفنادق ـ اضطروا لمراعاة مواصفات جمالية بعينها مفترض أنها مواصفات" أصالة محلية" فاكتملت بذلك ملامح ما صار يعرف في أدب الجمالية العرقية الأوروبية بـ " فن المطارات"( آيروبورت آرت).و هو ظاهرة معروفة في معظم أرجاء العالم الثالث الجاذبة للسياح الأوروبيين.و يمكن تلخيص فن المطارات بكونه يسعى لإنتاج آثار فنية معبأة بالملامح الأيقونية للتقليد المحلي، أو لما أُصطُلِح على أنه يمثل التقليد المحلي الأصيل. و هي آعمال يحبّذ أن تكون صغيرة الحجم سهلة الحمل و زهيدة الثمن.نوع من "غنيمة حرب" حضارية يحملها السياح العائدون إلى أوروبا في حقائبهم كقرينة على كونهم كانوا في هذا الموضع أو ذاك من مواضع العالم غير الأوروبي.و جدير بالذكر ان الولع بـ" فن المطارات" لم يعد يقتصر على السياح الاوروبيين وحدهم.فهناك نفر من أبناء الطبقة الوسطى الميسورة يعكف على شراء متاع " فن المطارات" لتزيين الدور و المحال المهنية بغرض إضفاء طابع سوداني " أصيل" على الأمكنة الحضرية التي يحتلونها.
أذكر حادثة طريفة بطلها صديقي فاروق . و قد كان فاروق رساما متعدد المهارات.فهو رسام حريف و ملون مائي من ذوي الدراية و كاريكاتيريست من المجودين . حدث ذلك في منتصف السبعينات. و هي فترة كنا نتقاسم فيها السكن في " بيت عزابة" في الحي "الشعبي" الواقع بين مستشفى الخرطوم و" فندق الواحة". مرة رجعت للدار يوم الخميس فوجدت فاروق منهمكا في تزيين مجموعة من بيض النعام بزخارف عجيبة أذكر منها منظرا فيه أفيال و أشخاص سود يحملون أقواسا و حرابا.
" أقعد يا أبوعلي تم معاي الشغل دا عشان ألحق أسلمُه قبل الساعة ستة".و بعد الإستفسار شرح لي الصديق أن زخرفة بيض النعام " طلبية" من تاجر أناتيك في السوق الأفرنجي و أنه يدفع " كاش".
كنا في نهاية الشهر و قد ضاقت بنا" فلما استحكمت حلقاتها ضاقت أكثر ". و بدا لي مشهد الجنيهات العشر التي تنتظرنا في تلك الأمسية كشعاع من النور في نهاية نفق العسر المالي الشهري الذي كنا نكابده بشكل مزمن. و لم أجد بدا من الإمتثال لطلب فاروق، فالصديق وقت الضيق كما تعبر حكمة الشعب .اتخذت مقعدا قربه و بدأت أنسخ أشكال صائدي الأفيال السود تحت رقابته الصارمة . من وقت لآخر كان يصححني " أوعك من حاجات الفنانين التشكيليين بتاعة ناس الكلية ديك ، مافي زول بشتريها".و أظنني حاولت مغالطته بأن" الخواجات ديل فيهم ناس عينهم شوّافة و بيفهموا و ممكن تحاول تعمل ليهم شغل مختلف".
فردّ ، و هو منهمك في وضع اللمسات الأخيرة ببوهية فضية على ثلاث بيضات مصفوفات أمامه على طاولة صغيرة ( نقطة للعين و قوس لسن الفيل بجرّة فرشاة رشيقة أدخل في حركة الراقص منها في عمل الرسام)، " خواجات شنو؟ الشغل دا بيشتروه سودانيين".
أذكر انني صحبت فاروقا لنسلم " الشغل" في بوتيك مصنوعات شعبية في ممر ضيق في عمارة فندق إكسليسيور.و استقبلنا صاحب المحل استقبالا طيبا يليق بالفنانين و شرح لنا شيئا من خفايا تجارته و كشف لنا أنه يستورد بعض المصنوعات من يوغندا و من كينيا و من القاهرة لأن الصنايعية السودانيين لا يحسنون أساليب صناعتها.
نابنا من جهدنا ذاك جنيهات عشرة صرفناها في بهجة نهاية الأسبوع مع الصحاب فأكلنا و شربنا و ضحكنا و حمدنا الله الذي يرزقنا كما يُرزق الطير( ذا قوود أولد تايم.. ياله من زمان).
ذكرتني حكاية " فن المطارات" الذي يقتنيه السودانيون المقيمون بحكاية الـ " سودانيز كوفي كورنر" الذي ابتدعه خيال مدير فندق المريديان الفرنسي في السبعينات حتى يمنح نزلاء الفندق من الأوروبيين نفحة من روح التقليد السوداني الأصيل ( تيبيكال). و ركن القهوة السودانية كان صالة في بهو الفندق يزخرفها ديكور النسخة الهوليودية من ألف ليلة و ليلة . و على البنابر الآبنوسية المزدانة بالطنافس الشرقية كان السياح يجلسون لإرتشاف القهوة التركية بينما تقوم على خدمتهم وصيفات(أريتريات ؟) رشيقات ناطقات في لسان البريطان و متنكرات في زي ألفليلوي عجيب.على جدران ذلك المكان لم ينس مصمم الديكور ان يضع بعض اللوحات التي تمثل الفن السوداني المعاصر في إحتماله الإستلهامي ( إقرأ: في إحتمال " مدرسة الخرطوم") الذي يعرض تمازج الزنوجة بالعروبة إلخ.و لم يمض زمن طويل حتى اكتشف العاصميون من شباب الطبقة الوسطى الميسورة ذلك المكان الذي يمكن للشباب أن ينعموا فيه بنوع من حرية اللقاء بعيدا عن رقابة الرقباء. فكان ان تقاطر الشباب العاصمي على ذلك المكان و جعلوا منه أسما على مسمى حقيقي.. هذه"المصالحة" التي حققها مدير فندق المريديان بين أهل الحواضر السودانية مع هذا الإختلاق المسقط على شاشة التقليد السوداني ، تمثـُل في مشهد التحول الثقافي لأهل الحواضر كـ "أليغوري" بليغ على حال الإلتواء الأيديولوجي في حداثة سودانية لا تتورع عن فبركة و " فولكرة" ( من فولكلور) تقليدها وتكييفه مع مقتضى الحال السياسي.و أليغوري" ركن القهوة السودانية " يسرى على وضعيات آيديولوجية أكثر فداحة مثل " الفن السوداني"و " الخلق السوداني" و" الإسلام السوداني" و" الثقافة السودانية" إلخ.
و فيما وراء مصالحة سودانيي الحواضر مع التقليد الثقافي المزعوم يقوم نوع من تواطؤ جمالي غميس بين سودانيي الحواضر و هؤلاء الحلفاء الأجانب الذين رمت بهم الأقدار في دروب هذه المدينة المنبتـّة عند مفترق دروب الحداثات .
على قاعدة هذا التواطؤ الجمالي الذي ينطوي على مزاعم الهوية المحلية و الأصالة السودانية ساغ لبعض الفنانين التشكيليين المعاصرين ان يتجاوزوا الأفق الضيق لباعة الأناتيك و المصنوعات الشعبية ليطرحوا للسياح الأوروبيين (وللسياح السودانيين ) متاع هذه "الفن السوداني "الذي يصالح التقليد و الحداثة ، العروبة و الزنوجة، الشرق و الغرب العقل و العاطفة .. إلخ.و في هذا السياق يمكن فهم دوافع فنانين معاصرين من خريجي كلية الفنون لتأسيس غاليريهات تعرض الفن السوداني جنبا إلى جنب مع ـ أو داخل ـ بوتيكات باعة الأناتيك و أعمال العاج و الآبنوس و جلود الأصلة و حقائب اليد المصنوعة من جلد التمساح. و رغم أن عبارة " غاليري" قد تبدو فضفاضة نوعا ما في توصيف ذلك المكان الذي كان الفنان أحمد شبرين يعرض فيه آثار الفن السوداني بين منتصف الستينات و منتصف السبعينات( داخل بوتيك لبيع الأناتيك في السوق الأفرنجي قرب مقهى "أتينيه")، إلا أن محل شبرين كان " غاليري"، حتى نجد كلمة أخرى أكثر كفاءة. ففي هذا المحل كان الزوار يجدون نتاج التشكيليين السودانيين من رسم و تلوين و خط عربي و شيء من النحت و الخزف و بعض مستنسخات الشاشة الحريرية و شيئ من بيض النعام المزخرف باليد ( وكان ما نخاف الكضب بعض الأقنعة الإفريقية المصنوعة في العاصمة)...

و على نموذج " غاليري/بوتيك" شبرين حاول فنان تشكيلي آخر هو " محمد حامد شداد" تأسيس " غاليري/بوتيك" للفن السوداني المعاصر في" فندق السودان" على ضفة النيل في عام 1976. لكن التجربة لم تستمر سوى بضعة أشهر بعد أن هجرها شداد أمام الصعوبات المالية.
أما أستاذنا الفنان محي الدين الجنيدـ من أوائل خريجي كلية الفنون ـ فقد حاول ، في بداية سني تقاعده من وزارة التربية و التعليم، أن يؤسس لغاليري للفن السوداني المعاصر.و قام باستئجار محل في السوق الأفرنجي سماه " كوش غاليري" و عرض فيه أعمال التشكيليين السودانيين جنبا إلى جنب مع بعض المستنسخات الحديثة و بعض المصنوعات الشعبية. و رغم أن غاليري كوش استمرت تعمل بحماس لما يقارب العام إلا أن الجنيد اضطر لهجران المشروع أمام الصعوبات الناتجة من غياب الدعم من أي جهة حكومية أو أهلية.

و مجذوب ربّاح في بنك النيلين:
من بين كل الأوصاف التي يمكن أن تطلق على العاصمة السودانية فلا أحد يغالط في كون الخرطوم مدينة غير جاذبة للسياح.و لو تجولت نهارا واحدا بين متحف السودان و سوق أمدرمان و مقابر حمد النيل فقد يتسنى لك مقابلة كل الأجانب الوافدين أكثر من مرة.بعد هذه الأماكن الإجبارية لا يبقى أمام السائح الاّ أن يلجأ لغرفته في الفندق و ينتظر الفرج.
و أظن أن وعي الفنانين السودانيين بضيق السوق المحتمل من قبل السياح الأوروبيين حفزهم لـ " فتح خشم البقرة" بسبيل العثور على مصارف لائقة لإنتاجهم الغزير. و في هذا المشهد يجدر التوقف عند محاولة الفنان مجذوب رباح التي يمكن تلخيصها في العبارة السحرية: " إذا لم يذهب أثرياء السودان إلى المعرض فليذهب المعرض للأثرياء ".ولقد ذهب مجذوب رباح بلوحاته " السودانية" لأثرياء السودان في عقر دارهم.أعني في ذلك المصرف العاصمي المشهود في شارع الجامعة: " بنك النيلين".حدث ذلك المعرض في 1971 و أذكر اننا كنا طلبة في كلية الفنون، ذهبنا ـ عشية الإفتتاح ـ لذلك المعرض الغريب يلفنا فضول كبير لمشاهدة كيف تكون الأعمال التشكيلية في البنك؟
عند مدخل البنك كانت هناك لافتة رصينة تعلن عن المعرض.و حين ترى تلك اللافتة يبدو لك كما لو كان في الأمر نوعا من اللبس أو كأن أحدهم أخطأ و وضع اللافتة أمام البنك بدلا من وضعها أمام المبنى المقابل لبنك النيلين حيث كانت " وزارة الثقافة و الإعلام". لكن وزارة الثقافة في ذلك الزمان كانت في شغل شاغل عن هموم التشكيليين السودانيين.أعني شغل البروباغاندا الغليظة التي أنهكت أمكانيات الأجهزة الثقافية الحكومية خصوصا بعد أحداث يوليو 1971.
عرض رباح في صالة " بنك النيلين" في مواجهة الكاونتر الرئيسي حوالي عشرين لوحة تحتوي على تجاريبه في استخدامات الحناء و الحريق و الشمع على الخشب.كان الطابع اللوني العام للأعمال يتراوح بين تنويعات الأسود و البني بغاية الأصفر الترابي.و معظم التكوينات كانت مركبة من وحدات زخرفية نباتية بسيطة تمازج بعضها كتابات يغلب عليها طابع الشعارات الدينية.
و في الوريقة التي قدم بها الفنان لمعرضه يقرأ الزائر بعد السيرة الموجزة عناوين و أسعار اللوحات.كما يقرأ فيها وجهة نظر الفنان في ضرورة أن يقتحم الفنان الأمكنة العامة بفنه و أن لا يبقى رهين الصالات التقليدية التي لا يؤمها الناس.
كنا ( النورحمد و آدم الصافي و محمود عمر و آخرين ..) في تلك الصالة كما الغرباء، بل كنا الغرباء ( و طوبي للغرباء) في ذلك المعرض حيث اضطرتنا مشاهدة الأعمال الفنية لأن ندير ظهورنا لرجال الأعمال و الصيارفة المشغولين بأمور دنياهم و قد اضطرتهم أعمال المال لأن يديروا ظهورهم لأعمال هذا الفنان الذي جاء يحمل إليهم الفن السوداني..
أظن ان معرض مجذوب ربّاح في " بنك النيلين" كان أول و آخر معرض تشكيلي يقيمه فنان سوداني في مؤسسة مصرفية.خسارة كبيرة بلا شك للمصارف السودانية أنها لم تنتبه للثروة المعنوية الكبيرة التي يمكن أن يودعها الفنانون التشكيليون السودانيون في خزائنها.
سأعود
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

زيارة ثانية (لريشين)

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »


تحيّتك و صلت إلى الفنان (ريشين) و هو بدوره يُحييك و يُحيّى المهتمين بموضوع الرّسامين العصاميين .. و عن لوحة محطة السكة حديد الجدارية بـ(نيالا) .. يقول أنها لابد أنها لشخص آخر .. كما ليس لديه لوحات أخرى فى معرضه غير تلك التى قمت بتحميلها، و قد كانت هناك عند زيارتى الأولى لوحة لـ(إسماعيل الأزهرى) كنت قد صوّرتها و أنزلتها فى الكومبيوتر مع الأخريات ثم قلبت عليها الأرض و لم أجدها .. لا فى الجهاز و لا فى الكاميرا !! .. و كنت قد مررت بعد ذلك مرتين على ركن (ريشين)، مرّة لإعادة تصويره هو حيث بدت صورته الأولى غير واضحة تماماً .. و الثانية حين إكتشفت إختفاء صورة (الأزهرى) فمررت لأعيد تصويرها .. و لكن (ريشين) ذاك اليوم، لسوء الحظ، جاء إلى ركنه متأخراً فلم أظفر بصورة (الأزهرى)، .. و اليوم حين سألته عنها قال لى أنها سُرِقت ! و أنه تعرّض فيما سبق لعدّة سرقات منها لوحة لـ(فرفور) ! (لاحظ جاذبية سوق الرّسم السودانى التى لا تقف عند حدود بعض الزبائن الذين يدفعون ثمناً للأعمال الفنية .. بل تتعدّاهم إلى الذين لا يدفعون: "الحراميّة !").

صورة

.. و كنت قد وعدت (ريشين) بأننى بعد إنزال لوحاته فى موقع (سودان للجميع) سأحضر معى كمبيوتر محمول ليتمكّن من مشاهدة لوحاته على الإنترنت، و حيث أننى لم أوفّق فى تدبير "المحمول" كتبت له عنوان الموقع و شرحت له كيفية الوصول إلى لوحاته المنشورة لحين أتمكن من توفير جهاز، ثم أعطيته فكرة عامة عن ما يدور فى "بوست" (هجوم وحشى)، و عندما سمع منى ما حدث لمعرض (محمد حمزة) بدار (الأمة) .. إستاء (ريشين) أيّما إستياء و تعجّب و سخر من أن يصدر مثل ذاك الفعل من شخص فى عصرنا هذا .. و تحدث بصدق عن ضرورة توفّر شرط الحرية لأعمال الفنان .. و أن من يرى أن هناك ما يسيء إليه فى تلك الأعمال عليه أن يلجأ للقانون و القضاء، و لكن هذا الشخص ليس لديه أى حق أن يمد يده و يمس تلك اللوحات بأى سوء، .. إنفعل (ريشين) و تحدّث كثيراً ضارباً أمثال و أحاديث و تالياً آيات تعضّد من مبدأ الحرية .. و ختم ساخراً: .. و الناس الجات الصباح ما لقت فاس مُعلّقة على رسمة سالمة .. ؟!

.. و حكى أنه ً قد مرّ به موقف مُشابه .. حيث جاء أحدهم فى يومٍ ما و إستشاط فيه: راسم الزول ده لييه ؟! .. فأجابه أن هذا ليس "الزول داك" و إنّما مجرّد رَسْمَة .. أما لو عايز " الزول داك " ـ هذا الذى لا يعجبك ـ فسأريك أين يقيم لتذهب إليه و تحسم معه مشكلتك. و لمّا أزبد و أرغى صاحبنا .. هدّده (ريشين) بأنه إن إمتدت يده للوحة "الزول داك!" فلا يلومنّ إلا نفسه، .. إجتمع المارة كأجاويد و أخيراً اقنعوا صاحبنا بالمخارجة. يقول (ريشين) أن العمل الفنى شىء يخصّك و تمتلكه أنت و لا يحق لأى جهة إنتزاعه منك، و الفيصل هو القانون. و تدخلت "ست الشاى" معلّقة: (.. آآآى .. دى ما خشبة ساااى .. لو عايز "فلان" بشحمو و لحمو أليمشى ليهو بالدرب عديييل ..)، و إذ أنا أستمع فى إطراقِ لهذه الونسة الظريفة الدائرة بين هؤلاء اللطفاء، و جدت أننى – بنقدهم الموجّه لسلوك محطّم معرض (محمد حمزة) و ذاك الذى لم يعجبه أن يُرسَم "فلان!" - : I am included، بما أنه لم يعجبنى رسم (ريشين) للعُربان مُعلّلاً تبرّمى ذاك بطغيان مشهد العُربان فى سوق الرسم السودانى على مشهد السودانيين، إذ حَجَبَ عنى موقفى ذاك الإنتباه لضرورة توفّر شرط الحرية للفنان فيما يرسم.

صورة

.. أمّا الصُدفَة "الغريبة و المُدهشة فى آن" – على حد تعبير صديقى "فيصل" - و التى أتمنى أن تكون صحيحة و ليس مجرّد تطابق أسماء – أن (ريشين) يعرف (زين العابيدين على)، و أفاد بأنه أيضاً من أبناء (نيالا) و هو ما زال حىٌّ يُرزق .. و قد علم مؤخراً من بعض أصدقائه أنه و رسّامين آخرين موجودين الآن بمدينة (نيالا) – حكاية (نيالا) مع الرّسامين دى شنو ؟! -. و لا أكذبك القول إن قلت لك أن مهمة لقائه ستظل شغلى الشاغل فى مُقبل الأيام، بل قد يُصبح السفر إلى (نيالا) فى مرحلةٍ ما ضرورة مُلحّة .. ذلك أننى (Fond of) مثل هذه المواقف: .. حين أُفاجئه بلوحاته الأربع .. التى ياما تملّيت فيها سنينا عددا، إذ أُدرك جيّداً مشاعر من يلتقى بلوحاته القديمة .. و لى مآرب أُخرى ..! (1)
قال (ريشين) أنه يحدث أن يرى لوحة معلّقة فى مكانٍ ما فيقول فى نفسه: (يا سلاااام .. الزول ده رسّام خلاص ..) و عندما يقترب منها يفاجأ بإسمه موقّع أسفلها !! .. لابد أن (زين العابيدين) قد نسى لوحاته تلك، و بما أنها ما زالت موجودة .. فهو يستحق أن يعلم بذلك و يراها من جديد.

لوحة (أوباما) فى طور التخَلّق، حاول (ريشين) أن يثنينى عن تصويرها الآن، و لكنى أقنعته بأن تصويرها الآن سيسمح للناس بالتعرّف على جانب من مراحل و أسلوب عمله.

صورة

ـــــــــــ

(1)- (ريشين) ليس لديه معرفة برسّامين عصاميين آخرين فى "العاصمة المثلّثة"، و قد سمع بأن أحدهم يعمل بجانب "نادى الأسرة"، البحث عنه لم يُسفر عن وجود هذا الرّسام و لا حول "حديقة القرشى"، إذ يخلط الناس بين "أكشاك الخطّاطين و البراويز" و الرّسامين، و لكن الجولة فى تلك النواحى أسفرت عن إحتمال وجود إثنين بأمدرمان، .. و إنطباعى بصورة عامة أن هناك عدد ليس بالقليل يعمل فى هذا المجال .. منهم من لم يكمل الدراسة بكلية الفنون .. و منهم من لا يرغب فى الكشف عن أعماله ، مثل الشاب اليافع (شول) .. الذى يقلّد الرّسوم الفلكلورية الأفريقية فى أحد "أكشاك الخطاطين". سأسعى ما أمكن و بمساعدة آخرين للوصول لرسّماين عصاميين فى كل نواحى السودان.
ايمان شقاق
مشاركات: 1027
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 8:09 pm

مشاركة بواسطة ايمان شقاق »


سلام وتحية للجميع،
الأخ ياسر عبيدي،
لك الشكر الجزيل على عرض أعمال ريشين، ومن قبله زين العابدين علي،
حديثك عن نيالا، ذكرني استمتاعي بدكاكين ورواكيب سوق نيالا في رحلة السنة الرابعة لكلية الفنون في 95، وقتها لفت إنتباهي عدد كبير من "دكاكين" الخط والرسم والتلوين، وهي تحتل حيزاً معتبراً من مساحة السوق، بها أعمال على الجلود والقماش والخشب نفذت بخامات متعددة. وهي بمثابة قاعات عرض ومراسم مفتوحة، فمن الممكن رؤية الأعمال المكتملة معلقة على الجدران أو متابعة بعض الأعمال أثناء تنفيذها. أعتقد أن في دارفور تقليد راسخ، احسب أنه لايزال في عنفوانه في حواضرها، وهو التهادي بأنواع الأعمال الفنية التي تنتجها هذه الاستوديوهات في المناسبات المختلفة، وقد يكون ذلك سبب من أسباب وجود واستمرار هذه السوق.

بالتأكيد لو حالفك الحظ في زيارة نيالا، ستجد ما يسرك في "سوق" الرسم والخط، بجانب ما بالسوق من أعمال فنية أخرى مختلفة من السعف والفخار والخشب، إلا إذا اختلف الحال بسبب الحرب.

تحياتي

حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

حب الناس مذاهب

مشاركة بواسطة حسن موسى »

الأعزاء
إيمان و ياسر و ريشين
سلام
إن كان للأخ ريشين من عزاء في سرقة لوحة الأزهري فلنقل أن فعل السرقة ينطوي على شهادة إعجاب بعمل الفنان من طرف بعض المعجبين الحفاة العراة الذين لم يمنعهم واقع العوز المادي من التعبير عن فيض إعزازهم لعمل الفنان بهذه الطريقة الملتوية . و قد جاء في حكمة الشعب : " حب الناس مذاهب" و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
أظن أن " سوق الرسم" في نيالا طرف من ظاهرة أعمق منتشرة في معظم حواضر الأقاليم. ظاهرة هؤلاء الفنانين المتحركين خارج أطر الحركة الثقافية العاصمية.و هو أمر يستحق التأنـّي و الدراسة.
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

المغرض 12

مشاركة بواسطة حسن موسى »

المغرض 12

مراكز لفن الهوامش

الفن السوداني في المراكز الثقافية الأوروبية

حضور و نشاط الأجهزة الثقافية الأجنبية في السودان ارتهن منذ البداية بـملابسات الصراع بين القوى العظمى ضمن جيوبوليتيك " الحرب الباردة".فالأجهزة الأجنبية المعرّفة بـ "المراكز الثقافية" كانت ( و ما زالت) أجهزة بروباغاندا آيديولوجية تتذرع بالثقافة لتخاطب أهل البلاد و تستميلهم . و هي تمثل نوعا من منصة عرض أو " فترينة" غرضها إغراء "السكان الأصليين" واستمالتهم للإنخراط في موقف التأييد ( أو على الأقل التحييد ) المعنوي بالنسبة للمشروع الآيديولوجي الذي تطرحه القوى المهيمنة التي تدبّر مهام المركز الثقافي.
و منذ منتصف الستينات بدأ جمهور العاصمة ـ و بعض حواضر الأقاليم ـ يحس بحضور المراكز الثقافية في شكل المكتبات العامة أو دروس اللغة الأجنبية و المعارض الفنية و معارض المطبوعات أو مهرجانات السينما أو في زيارات فرق الفنون المشهدية إلخ. و هي " خدمات ثقافية" كانت هذه المراكز تقدمها للجمهور السوداني مجانا أو لقاء رسوم رمزية للغاية. و كانت أكثر هذه الأجهزة نشاطا هي:
مكتبة المجلس البريطاني ( و فروعها في بعض عواصم الأقاليم)
المركز الثقافي الفرنسي
المركز الثقافي الأمريكي
المركز الثقافي السوفييتي
معهد غوته.

جمعية الثقافة السودانية الألمانية (لألمانيا الشرقية)
و مع نهاية الستينات ، صار للمراكز الثقافية الأوروبية في الخرطوم دور كبير لا يمكن لأحد تجاهله في تفعيل النشاط المعارضي للتشكيليين السودانيين.بل أن بعض المراكز الثقافية الأوروبية ـ بفضل ما تقدمه من عون للتشكيليين السودانيين ـ تحولت إلى نقاط إرتكاز مادية و معنوية لا تملك حركة التشكيل أن تستغني عنها بحال.
و يمكن تلخيص النشاط المعارضي في هذه المراكز الثقافية على وجهين:
الأول يتعلق بالمعارض الفنية المستجلبة من أوروبا لعناية الجمهور السوداني.و رغم أن هذه المعارض يغلب عليها الطابع التوثيقي المحافظ مثل " معرض محفورات ألبريشت دورير" الذي نظمته جمعية الصداقة السودانية الألمانية ( الشرقية) في كلية الفنون عام 1971 .و معرض " الغرافيك الهامبورجي" الذي نظمه معهد جوته( ألمانيا الغربية) في صالة المعارض بميدان " أبو جنزير" عام 1975. و هذه المعارض مهمة كونها تفتح أمام التشكيليين السودانيين كوى غير متوقعة لمعاينة تجارب وافدة من بيئات جمالية بعيدة عن الواقع التشكيلي المحلي.
أما الوجه الثاني لمعارض المراكز الثقافية الأجنبية فهو يتعلق بالمعارض التي تنظمها هذه المراكز للفنانين التشكيليين السودانيين.فالمراكز تقوم بتقديم مكان العرض داخل مبانيها و تتكفل بنفقات الإفتتاح و الدعوات و مطبوعات المعرض.و في هذه المعارض التي يؤمها أعضاء البعثات الدبلوماسية الموجودة في العاصمة إلى جانب أعيان و"أنتليجنسيا" العاصمة، فغالبا ما يتم الإفتتاح بواسطة السفير أو الملحق الثقافي أو مدير المركز.و بالنسبة للفنانين فنوعية الحضور، ذي القدرة الشرائية العالية، في هذه المحافل يمكن أن تعود على الفنان العارض بمنفعة بيع بعض أعماله .أما بالنسبة للمركز الثقافي الذي نظم المعرض فأظن أن المنفعة الكبرى تظل منفعة رمزية ( إقرأ: سياسية) كون المركز يدعم من حضوره كمركز اشعاع ثقافي و كمكان يلتقي فيه أهل العاصمة لغرض الفن السامي.و المعرض التشكيلي ـ كما تشهد بذلك خطب إفتتاح المعارض ـ يملك أن يمثل كتجسيد حقيقي لدعاوي التبادل و التعاون الثقافي و قيل "حوار الثقافات" بين الجهة التي يمثلها المركز و السودانيين. و إذا كانت المراكز الثقافية قد استهلت نشاطها بتقديم خدمات المكتبات و دروس اللغة في البداية، فهي سرعان ما توصلت لضرورة تدبير مكان لمعارض التشكيل.و معارض التشكيل ، فضلا عن تكلفتها المادية المتواضعة بالنسبة للجهة المنظمة، فهي تتميز بكونها تظاهرات ثقافية مأمونة العواقب سياسيا، فمعرض التشكيل إنما يعتمد على دعوة الناس لمشاهدة أشياء مصنوعة أولا (و أخيرا؟) لمتعة البصر. و هو عمل يتم في مقام جمالي و سياسي فضفاض يحتمل الإختلاف في الرؤى و يقبل التعدد في وجهات النظر بعيدا عن الحزازات و الغبائن و المصادمات التي يمكن أن تثيرها مناشط أدبية كالشعر أو المسرح أو الندوات السياسية.فالفنان يعرض أعماله أولا على مسؤولي المركز الذين يقررون ـ بعد معاينة الأعمال ـ أن يعرضوا أو أن لا يعرضوا له.و لمسؤولي المركز كامل الحرية في قبول المحاضرات أو الندوات في صدد المعروضات،و بشروطهم. كما لهم الحق في رفض منتديات النقاش التي قد تصعب السيطرة على مساراتها السياسية.و ضبط مسار التظاهرة الثقافية أمر له أهميته القصوى في ظروف سودان السبعينات الذي كان يعاني من توجس السلطات السياسية فيه بكل ماقد يأتي من جهة المثقفين و المبدعين الذين كانوا، بشكل عفوي، في جانب المعارضة السياسية للنظام.
وعلى الرغم من أن خرطوم السبعينات شهدت إتساعا ملحوظا في إمكانات العرض بفضل تأسيس أمكنة ثقافية حكومية جديدة مثل المتحف القومي ، قاعة الصداقة و قصر الشباب و الأطفال(الذي شيدته كوريا الشمالية) و أرض المعارض بـ " أبو جنزير" و "معرض الخرطوم الدولي" ، فقد توجه التشكيليون بأعداد متنامية نحو المراكز الثقافية الأجنبية و فضلوها على الفنادق العاصمية و أمكنة العرض الحكومية الأخرى ربما لأنهم لمسوا في استقبال المراكز الثقافية لهم إختلافا نوعيا لا يقبل المقارنة مع طبيعة الأستقبال الذي قد تقدمه الأمكنة الحكومية و الفنادق العاصمية. و ربما لأن القائمين على بعض أمكنة العرض الحكومية مثل "قاعة الصداقة الصينية السودانية" أو متحف السودان القومي أو معرض الخرطوم، لم يتحمسوا لفكرة إستقبال معارض التشكيليين السودانيين في دورهم الفارهة( عدا بعض الإستثناءات المعروفة كمعرض " عبد الوهاب الصوفي" في قاعة الثقافة الذي افتتحه " اللواء الباقر"،النائب الأول لرئيس الجمهورية في حينها). و ربما كان الأمر برمته لا يعدو نوعا من سوء التدبير الإداري :أذكر ان إدارة قاعة الصداقة حاولت استثمار صالتها ماديا بين 1975 و 1976 فعرضت على الفنانين العارضين دفع إيجار الصالة.ثم فرضت نظام تذاكر دخول للمعارض بفئات غير مريحة للغاية ( أنظر " مجلة الثقافة السودانيةـ فن تشكيلي ـ حسن موسى، فبراير 1977) فكان ان تجنبها التشكيليون و عادوا يبحثون عن فرص العرض في أماكن أخرى.

و في نهاية التحليل يمكن القول بأن المراكز الثقافية الأجنبية قد ساهمت بنصيب وافر في حل مشكلة أمكنة العرض في هذه العاصمة التي ظلت تشهد نشاط التشكيليين السودانيين الجم لعقود طويلة دون ان تتمكن من تأسيس صالة عرض قومية في حجم الجهد التشكيلي المشهود. و رغم ذلك يمكن القول بأن صالات المراكز الثقافية الأجنبية تبقى ، إجتماعيا ،مستغلقة على قطاع كبير من السودانيين الذين يملكون القدرة على التفاعل مع آثارالفنانين التشكيليين دون أن ينخرطوا جديا في المناقشات النقدية حول أسئلة الجمالية التشكيلية التي تشغل خواطر المثقفين.
لكن ـ فيما وراء الصعوبة النفسية التي تجعل " شعب الغلابة" ينكص عن تقحّم صالات المراكز الثقافية الأجنبية ، تطرح معارض المراكز الثقافية الأجنبية مشكلة "السلطة الفكرية" التي تسوّغ لمنظمي المعارض تنظيم المشهد الفني السوداني بذريعة أمتلاكهم لمكان العرض.
و هي مشكلة حقيقية تملك أن تطرح عواقب جسيمة في اللحظات التي يقع فيها الخلاف بين مشروع الفنان و مشروع سلطات المركز الثقافي الأجنبي.و من متابعاتي للمعارض التي كانت تتم في المراكز الثقافية الأجنبية في خرطوم السبعينات تسنى لي أن ألمس أن بعض موظفي المراكز الثقافية الأجنبية ـ رغم خبرتهم السطحية بالحياة الثقافية السودانية ، كانوا ـ في أغلب الأحيان ـ لا يتورعون عن بث الأحكام القاطعة بصدد تعريف ما هو فن و ما هو غير ذلك ، و قد يتمادى بعضهم لحد تعريف ما هو " فن سوداني أصيل" و ما هو خلاف ذلك إلخ.و قد تؤدي بهم قلة الحيطة (أو فرط المُكر) للرعي الجائر في مقام الأسئلة الدائرة ـ بذريعة الفن ـ حول قضايا "الهوية السودانية".و في سبعينات المناقشة النقدية بين التشكيليين لم يكن الحديث حول موضوعات مثل هوية الفن السوداني ليقتصر على مقام الرسم وحده و إنما كان يتعداه لمقامات الفكر المتعارض و المتناحر في ساحة السياسة السودانية.هذا الواقع النقدي افقد النشاط الفني براءته المزعومة و مسخ كافة المساهمين في النسخة التشكيلية من مناقشة الهوية السودانية إلى أشخاص يدافعون عن هذا الخيار السياسي أو ذاك.و في هذا السياق قام مدير معهد جوته، الذي كان في ذلك الوقت من أنشط منظمي المعارض في الخرطوم، قام في عام 1975 بتنظيم معرض جماعي لعدد من التشكيليين السودانيين الذين اصطفاهم ليمثلوا ما اعتبره هو الفن السوداني المعاصر.كان اسم ذلك المعرض " فن الخرطوم" (
The Art of Khartoum
و قد جمع فيه نخبة من الأسماء التي ارتبطت بتيار استلهام تراث التمازج العربي الزنجي المعروف منذ منتصف الستينات تحت اسم " مدرسة الخرطوم" (بينهم صلحي و شبرين وكمالا و عبد العال و رباح..).و قد نظم معهد جوته بهذه المناسبة محاضرة عامة مع عرض شرائح لأعمال فنية لبعض الفنانين قدمها ( بالإنجليزية) الدكتور أحمد الزين صغيرون، المؤرخ و صديق الصلحي ، عن "مدرسة الخرطوم" و عن دور ابراهيم الصلحي في صياغة مفهوم الفن السوداني.أذكر أنني كتبت تعليقا على تلك الأمسية في صفحة "ألوان الفن " بجريدة الايام .( لا أذكر تاريخه).

فتوات الثقافة الجدد:
و مدير معهد جوته في السبعينات يصلح نموذجا لنوع التغوّل الثقافي الذي يمكن لموظفي المراكز الثقافية الأجنبية أن يمارسوه تجاه الفنانين السودانيين. و في هذا المقام أذكر حادثة بليغة الدلالة أبطالها مدير معهد جوته و فنانان سودانيان هما الفنان علي الورّاق و الفنان بابكر كنديو.و أصل الحكاية أن الوراق و كنديو تقدما بطلب لعرض اعمالهما لمدير مهعد جوته. و يبدو أن الرجل لم يجد في أعمالهما النكهة السودانية التي كان يتوقعها فلم يكتف برفض عرض أعمالهما في صالة المعهد و إنما تبرع بتوجيه بعض النصح الفني لهما حتى يستويا على جادة الفن السوداني الأصيل .
و قد كتب الوراق و كنديو مقالا غاضبا في "الأيام"( 3/11/1976) يلخصان فيه ذلك اللقاء الغريب مع مدير معهد جوته.و من نص المقال نقتطف:

" تقييم شخصي لمشكل خواجاتي و تقييم عام له"
الحادثة:
" ..طلب الرجل الطيب منا أن نعطيه مهلة ثلاثة أيام لأنه، كما تعرفون، و الحديث له:"يجب أن أعايش أعمالكم. إن أعمالكم ذات شخصية مميزة ، لذا سهل علي معرفتها..".."و حين أكملت لوحاتنا أيامها الثلاث في كنفه، ذهبنا نسأله إن كانت لوحاتنا قد نقرت فيه شيئا، فإذا به يخبرنا أولا أن برنامج المعهد مزدحم، و أنه لن تتيسر لنا الفرصة إلا بعد ثلاثة أشهر.. ثم يحاول أن يكون أكثر وضوحا:" إن لوحاتكم غير مثيرة". أي و بتفسير آخر أبعد عمقا و أغنى، كما فهمنا،" لا تلمس تلك المنطقة الكهرومغنطيسية و التي هي بين الصلب و الترائب. و التي تجعل المشاهد يأكل أطراف اللوحة من فرط الإنسجام، "..". و انتهت المقابلة.
تقويم شخصي للحادثة:
و لما كان المشكل " خواجاتي" فإننا سنتعامل معه في تقويمنا هذا بـ " البرود" الملائم.. و سنبعد قدر الإمكان عن منطقة الإساءة التي يحاول أن يجرنا إليها السيد مدير معهد جوته لفرض خاص جدا لا علاقة له بأعمالنا و درجة إثارتها ، و إنما لشيء يتعلق في ما يتعلق به..
و بعد كل شيء فهو مدير المعهد له الحق في أن يؤجره مفروشا، و هو صاحب الزبدة له الحق في إن يشويها أو يفصلها قميصا..و لكن حق لنا أن نتساءل: إلى أي مرعى يريد السيد راعي المعهد أن يقود قطيع التشكيل؟ و ماذا يريد، بتدخله المتعسف و العنيف على المسألة التشكيلية،أن يفعل بثقافة أهل السودان؟؟
و ما ذا يريد أن يفعل بالحركة التشكيلية التي لا يعرف عنها سوى اسمين ، ينطقهما بصعوبة، و بعض التذكارات الفولكلورية؟؟
هل يا ترى يريدنا أن نلوّن الحصى كما تفعل العزيزة ابنة أخيه و التي يعتز بأعمالها و يزين بها مكتبه؟؟
لقد نبهنا إلى أن السودان به ثروة هائلة من الحصى و الحجارة و الشوك، و تساءل: لماذا لا نلوّن كل هذه المروج الترابية كما تفعل العزيزة ابنة أخيه؟
و نحن لا يهمنا كثيرا إذا قرر هو و عائلته تحمل عبء تلوين أرض السودان" البنية" الجافة بألوان الزيت. فنحن نعتبر نفسنا شباب التشكيل الذي تجاوز هذه السذاجات" الترابية"، و نعرف أن اسهامنا في التشكيل ليس ضروريا أن نشلـّخه ليصبح سودانيا ليثير السيد المدير و آخرين.".."و نوعده مخلصين أن معرضنا القادم سيكون بأجنحة ذباب الـ " تسي تسي" كي تصيب القارئ السوداني بصدمة تجعله لا يعرف ما الذي يجري في ساحة التشكيل ، حتى يتسنى للسيد المدير أن يعرض ما يسميه بأعمال مثيرة..
أما في ما يخص أعمالنا فنحن لا نملك حق الحديث عنها و إن كان ذلك لا يمنع اعتزازنا الكبيرو قناعتنا بها،و لا يهمنا إذا لم يكن اسمينا المتواضعيين مدونين في مذكرته".."فبالنسبة له قد نكون مجهولين تماما، لكننا نعرف أننا معروفين جدا وسط الأغلبية المجهولة و
" المتطاولة" لأخذ مكانها في صف التشكيل.و بعد، كان لنا أن نسأل: من أي جزء من معرفته يملك السيد المدير حق أن يحكم على أعمالنا و هو رجل في وظيفة غير متعلقة بهذا النشاط؟و لنذهب أبعد من ذلك :فأي ألوان يريد السيد المدير أن يصبغ بها ثقافة أهل السودان؟ و أي تيار " مثير" يريد له الثبات و المداومة في ساحات التشكيل؟؟ و السيد المدير يفعل هذا و سلاحه ذلك التهذيب الكثير المزيف و الملاحظات غير الذكية"..".
".."تقويم عام للحادثة:
لا نقول هذا لكي يخاطبنا شخص مثلنا معتز بسودانيته (إنتو القال ليكم أمشوا للخواجة دا منو؟).
إن هذه الحادثة تطرح مسائل عديدة و نتمنى أن يأخذها المهتمون بأمر الثقافة في هذا الوطن مأخذ الجد. فالحادثة نموذج لما يمكن أن يفعله الغياب غير المبرر لإتحاد الفنون..صالة العرض و اهتمام مصلحة الثقافة ..إلخ." .." فلو كان اتحاد الفنون موجودا لكان هو الجهة صاحبة الكلمة الأخيرة في تقدير درجات " الإشارة"، و لو أن مصلحة الثقافة دبّرت مخاطبة أفضل مع التشكيليين لما وقعنا تحت قبضة فتوات الثقافة الجدد.."(
النص الكامل للمقال متوفر في قسم الملاحق من كتاب صلاح حسن عبدالله" مساهمات في الأدب التشكيلي"، نشر دار أروقة، الخرطوم 2005 ، ص 221).

سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

في معرض الفندق

مشاركة بواسطة حسن موسى »

صورة

من دليل معرض الفنان أحمد طه الباشا في فندق الهيلتون

صورة

بوتيك مصنوعات شعبية في السوق الأفرنجي في خرطوم السبعينات

صورة

من أعمال الفنان مجذوب ربّاح التي عرضها في معرض بنك النيلين بالخرطوم

صورة

ركن القهوة السودانية في فندق مريديان الخرطوم في منتصف السبعينات.
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

مع تحيّات الفنان "ريشين"

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »


صورة


تكتمل لوحة (باراك أوباما) فى يوم إستلام مهامه فى البيت الأبيض الموافق 20 يناير 2009 .

مع تحيّات الفنّان التشكيلى (ريشين).
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

المغرض 13

مشاركة بواسطة حسن موسى »

شكرا يا ياسر على إيراد صورة أوباما ( ملك العالم)
و الشكر موصول للأخ ريشين على هذا العمل البليغ.

المغرض 13

صالة الدلاقين في "أبو جنزير"..


بعيد إستقلال السودان كتب محرر جريدة الأيام ( 18 يونيو 1956) تقريرا عن "معرض الخريف" الذي أقامه "إتحاد الفنون الجميلة السوداني" بصالة الـ " قراند هوتيل". و في نهايه التقرير عبر الكاتب عن أن" الخرطوم اليوم في حاجة ماسة لصالة عرض ثانية تعرض الصور العالمية و صور محلية..". و اليوم، و بعد إنقضاء أكثر من نصف قرن على معرض الخريف، ما زالت العاصمة تعاني من غياب صالة حقيقية لعرض الأعمال التشكيلية و ذلك رغم توفر العديد من الأبنية الحكومية التي يمكن ، بجهد بسيط ، أن تتحول لصالات عرض ممتازة.و أظن أن تفسير هذا الواقع الغريب يكمن في الطريقة التي تتعامل بها السلطات الوطنية المتعاقبة مع الفن التشكيلي.ذلك أن الفن التشكيلي ـ و قيل النشاط الإبداعي عموما ـ إنما يمثل في خاطر أهل السلطان كمثل " مكياج" مؤقت تلجأ له السلطة في المناسبات التي يحلو لها فيها أن تؤنسن من دمامتها بوجه حضاري مقبول.و لعل هذا المسلك الإنتهازي هو الذي يجعل سدنة السلطة السياسية في السودان يقصرون علاقة السلطة بالإبداع في أشكال البروباغاندا السطحية التي تفتقر إلى الديمومة المؤسسية، مثل المعارض و المهرجانات الموسمية.
و لعل أفضل الأمثلة على هشاشة الإهتمام الرسمي بالفنون التشكيلية في السودان يتجسد في ما عرف في أوساط التشكيليين بـ "صالة الدلاقين" ، والعبارة تدل على أرض المعارض بميدان " أبوجنزير" وسط الخرطوم.و المكان عبارة عن صالة من الخشب و القماش تم تشييدها في 1965لإقامة معرض تجاري مصري.و بعد انقضاء المعرض آلت الصالة لقسم المعارض بوزارة الثقافة و الإعلام و كانت تقام فيها المعارض التجارية و الصناعية حتى نهاية الستينات.و في عام 1971 نظم المجلس القومي للآداب و الفنون أول معرض تشكيلي جماعي في صالة أبوجنزير تحت عنوان " معرض الفن و التراث"و قد عرضت فيه أعمال تشكيلية معاصرة جنبا لجنب مع بعض المصنوعات الشعبية و الأشياء( الأناتيك) المصنفة في فئة الفن الشعبي ، ثم أشرف المجلس القومي لرعاية الآداب و الفنون على جزء من الصالة منذ عام 1976 حيث كان يقيم فيه معارض الفن التشكيلي بشكل منتظم.و من ذلك الوقت أطلق العاملون بشعبة الفنون في المجلس على صالة أبوجنزير إسم " "غاليري الخرطوم للفنون ".و في عام 1983 شب حريق غريب دمّر الصالة فانطوت بذلك صفحة عامرة بالحيوية من تاريخ حركة التشكيل السوداني الحديث. فقد لعبت صالة أبوجنزير ، بفضل موقعها الإستراتيجي و بفضل بساطتها الشعبية البالغة التي تقارب التقشف، لعبت دورا مهما في تقديم أعمال جيل جديد من التشكيليين الذين كان يهمهم توصيل أعمالهم للجمهور العريض بشكل مباشر، بعيدا عن ملابسات البيع و الشراء( في سوق السياح) و بعيدا عن شروط المراكز الثقافية الأجنبية و بعيدا عن قلة خيال بعض مواقع العرض المحلية كـ " قاعة الصداقة" التي كانت تنوي تأجير صالتها للفنانين.كانت " صالة الدلاقين" بأبو جنزير تتكون من صالة كبيرة ( حوالي800 متر مربع) ذات مدخل واسع من جهة شارع القصر و تتفرع منها صالات صغيرة يمكن التحكم في مساحتها حسب الحاجة ، تمتد في شكل مربع يحيط بباحة واسعة كانت تستخدم أحيانا للندوات و المحاضرات. لكن الصالة التي كان المجلس القومي للآداب و الفنون يعرض فيها المعارض الفردية كانت صغيرة نسبيا (4 في 15 متر) و مدخلها يفتح جنوب ميدان أبوجنزير.و حين يكون هناك معرض فالمارة يرون الأعمال من موقف البصات و " الطرّاحات" في الشارع.و غالبا كان الناس( الشعب؟) يتوقفون و يغلبهم الفضول فيدخلون الصالة ، كما الغبار و الضجيج المديني ، ليجدوا أنفسهم وجها لوجه مع الفنان العارض و أعماله.و هي لحظات غنية بالطرائف و الإكتشافات المدهشة سواء بالنسبة للزوار غير المتوقعين أو بالنسبة للفنان صاحب المعروضات. قريبي ـ " حاج أحمد"ـ شرطي أبعد ما يكون عن هم التشكيل، تفرقت بنا السبل فلم نلتق منذ سنين . رأي اسمي مكتوبا على مدخل الصالة فدخل و سلم علي بحرارة وحملق في الأعمال المعروضة بصبر و مثابرة حتى اتى عليها كلها" و سألني " يا حسن الرسم دا كلّهُ مُلولوْ مُلولوْ كدا في شنو؟؟". كان "حاج أحمد" يتأملني بفخر ظاهر و أنا أحاول ان أشرح له و لبعض الحاضرين أن غاية الفنان التشكيلي هي تدريب عين الجمهورعلى رؤية أشكال وألوان وحاجات جديدة غير مألوفة.و بدت له الفكرة معقولة و ودعني و وعدني بالعودة مرة أخرى لمشاهدة المعرض.كان ذلك آخر لقاء لنا قبل أن يتوفاه الأجل بعدها بسنوات.
في سبتمبر 1975،حين أقام الفنان محجوب حسن الفيل معرضه تحت شعار " الفن وظيفة إجتماعية" ،ذهبت إليه في صالة أبوجنزير لإجراء مقابلة لصفحة" الأيام" الفنية التي كنت أشرف عليها.قال الفيل معلقا على مكان العرض:" فضلت المكان دا رغم حاله، على دور المراكز الثقافية الأجنبية لسهولة الوصول إليه كمكان شعبي وسط المدينة، في الشارع يعني.أفتكر دا يخلي الرجل العادي اللي بيحس بغربة في المراكز الثقافية، يخليه يشعر إنو في ناس بتحاول تقرّب ليه الشغل بدون حواجز.و رجل الشارع يهمني حضوره و رؤيته للشغل ، مش بالنسبة لي بس لكن بالنسبة لكل الفنانين.( الأيام 23 سبتمبر 1975) و حين يقول الفيل" فضلت المكان دا رغم حاله" فهو يصدر عن إتفاق مضمر بين جمع الفنانين فحواه أن صالة " غاليري الخرطوم" في حالة لا تليق بما يستحقه التشكيليون من مكان للعرض.و قد كانت الإشارات للحالة المزرية التي تعاني منها صالة ابوجنزير، كمكان عرض الآثار الفنية، تتواتر في الصحافة بشكل شبه منتظم. أذكر ان أحمد عبد العال في معرض سجال صحافي ساخن مع مبارك بلال كتب "و قد كوفئ بلال ببعض المال على عبث كتبه حول تطور الفن التشكيلي في السودان في مهرجان الآداب و الفنون لعام 1975" و يرى عبد العال" أن هذا الذي كوفئ به بلال كانت أجدر به صالة الخرطوم للفنون بأبي جنزير صيانة و إصلاحا.."(الأيام 28/2/1975 ). لكن صالة ابو جنزير ـ رغم الغبار و الأمطار و ضيق الحال ، استمرت تعرض أعمال التشكيليين السودانيين للجمهور العاصمي ببسالة نادرة و بكفاءة عالية.و لو راجعنا سجلات شعبة الفنون في المجلس القومي للآداب و الفنون فسنجد أن صالة أبوجنزير ، رغم عمرها القصير، ( حوالي 10 سنوات) قد عرضت لما يقارب المئة معرض ( فردي و جماعي) للتشكيليين السودانيين.
و ربما أمكن فهم نجاح صالة أبوجنزير في كون المجلس القومي للآداب و الفنون كان يشجع التشكيليين جميعا على عرض أعمالهم من خلال شعبة الفنون بالمجلس. و قد كان المجلس يحفز الفنانين بتقديم المساعدات المادية و التقنية و الإعلامية للعارضين. فضلا عن تشجيع الفنانين بشراء بعض الأعمال لمقتنيات المجلس عقب إنتهاء المعرض.لكل هذا يجدر التذكير بأن القائمين على شعبة الفنون ( أذكر منهم محمد عبد الرحمن أبو سبيب و محمد حسين الفكي و الباقر موسى) كانوا على حيدة كاملة" تقريبا" فيما يتعلق بالخيارات الجمالية للفنانين العارضين.و هذا شيئ يحمد لهم ،و لا عجب فقد كان جل القائمين على شعبة الفنون في المجلس من الفنانين الممارسين و المساهمين في المناقشة الجمالية التي كانت مستعرة بين التشكيليين السودانيين في السبعينات.
و حين أقول أن القوم " كانوا على حيدة كاملة تقريبا" فـفي قولي بعض المجاز. و "التقريب " سينفعني كخط رجعة حين اتطرق لأسلوب القائمين على الشعبة في تدبير دعم المجلس لبعض المعارض أو لمشاريع العرض التي تقدم بها بعض التشكيليين في النصف الثاني من السبعينات.
لقد ثبّت المجلس ـ عبر معارض صالة أبوجنزير ـ نوعا من طقوسية سياسية للمعارض التي يدعمها و ذلك لأن القائمين على المجلس ـ بحكم عملهم كموظفين في أحد أجهزة وزارة الثقافة و الإعلام ـ لم يكن بوسعهم إلا أن يمتثلوا للتوجهات السياسية للنظام.و هكذا فالمجلس يدعم الفنانين العارضين بيد بينما اليد الثانية تقوم بتهيئة المعرض لكي يقوم المسؤول السياسي ( وزير الثقافة غالبا) بإفتتاح المعرض .و رغم أن مسعى تسيس المعارض من طرف المجلس القومي للآداب و الفنون لم يكن خافيا على التشكيليين العارضين في ذلك الوقت، إلا أننا حقيقة لم نشهد بين العارضين أغلبية ساحقة ضد حضور رموز النظام في إفتتاح معارضهم.و رغم أن بعض العارضين ( من المعارضين) كانوا يتدبرون الأمر بالتفاوض الودي مع المسؤولين في شعبة الفنون في المجلس حتى يتيسر لهم تجنب الثقل السياسي الرسمي لحضور المسؤولين السياسيين في الإفتتاح، فيمكن القول بأن بعض العارضين كان يرى في حضور الوزير نوعا من التقدير و الدعم الرمزي الرسمي. كل هذا الواقع لا يلغي المواقف البالغة التركيب من نوع ما جرىضمن معرض محمد حامد شدادالمعروف بـ " معرض الثلج " و الذي نظمه المجلس في صالة أبوجنزير و افتتحه وزير الثقافة ( إسمعيل الحاج موسى في يونيو 1976). و وجه التركيب في معرض محمد حامد شداد يتجلى أولا في كون القائمين على شعبة الفنون بالمجلس قبلوا " بشجاعة" مشروع شداد و تعاملوا معه بجدية كفنان تشكيلي. فالمشروع يقوم على عرض عدد من ألواح الثلج كما هي و تركها تذوب أمام الجمهور طيلة اليوم و تجديد العملية كل يوم حتى إنقضاء أجل المعرض. و تبرير دعم الشعبة مثل هذا المشروع و الدفاع عنه أمام الجمهور يقتضي قدرا من الشجاعة لتسويغ " معرض الثلج" كمعرض تشكيلي يستحق الدعم. و قد عرض محمد شداد حوالي عشرة كتل ثلجية بالإضافة لقطع" فنية" ثلجية أخرى أصغر، قوامها مكعبات الثلج التي تتكون في قوالب الثلج داخل الثلاجات العادية. و إلى جانب الثلج عرض محمد شداد عدة أكياس من البلاستيك الشفاف عبأها بالماء.و لا شك أن الطابع الإستفزازي الذي ظل يلازم نشاط محمد شداد النظري و العملي ساهم في تنبيه مسؤولي شعبة الفنون بالمجلس لمخاطر الإستهانة بمشروع مثل مشروع "معرض الثلج"، سيّما و محمد شداد في تلك الفترة كان قد ثبّت إسمه في المناقشة العامة كفنان فصيح يتزعّم " مدرسة" فنية جديدة هي " الكريستالية".و إذا صرفنا النظر عن دوافع مسؤولي شعبة الفنون فيلزمنا التأني عند موقف محمد شداد.فمحمد شداد،على خلاف سواد التشكيليين،" َودْ عِـزّتين و شبعان لكاعة"، و لم يكن بحاجة لأي دعم مادي من أي جهة حتى يتمكن من إقامة معرضه في أي مكان في الخرطوم.فما الذي حفزه للجوء لمؤسسة حكومية مثل المجلس القومي ؟ وما الذي يدفعه للقبول بالطقوسية السياسية للإفتتاح و ما يصاحبها من هللولة البروباغاندا المايوية الغليظة؟ و هو" الكريستالي" الذي بذل جهدا مشهودا في أن ينحت لنفسه صورة الفنان المتمرد " الرافض" للمؤسسات و الخارج على الأعراف و المواثيق القديمة و الحديثة..؟ ما الذي يجعل محمد شداد الكريستالي الذي ظل لسنوات يبشر بـ "تحرير الغرائز" و" توفير الجهد" و إعلاء شأن" الرؤيا" على "الحرفية "إلخ..ما الذي يجعله يرافق السيد الوزير، الذي شرفه بالإفتتاح، ليشرح له خفايا مشروعه الوجودي الجمالي و السياسي ، و هو عارف أن " هذا الوزير" بالذات أبعد ما يكون عن هموم الوجود الجمالي؟؟
الأجابة الوحيدة الممكنة لمثل هذه الأسئلة هي أن محمد شداد كان محتاجا للوزن الرمزي للمؤسسة الرسمية و طقوسيتها السياسية حتى يتمكن من استكمال مكيدته المشهدية التي تتذرّع بالشكل التقليدي للمعرض ـ لا لتوصيل نتاج خلقه التشكيلي ( و شداد تشكيلي متوسط المهارة ) ـ و إنما لعرض ذاته الفنانة المعارضة الخارجة المتمردة على هذا المسند الفريد، مسند المؤسسة الرسمية بموظفيها و وزيرها و جمهورها. و ضمن هذا المشهد الوجودي فمعرض الثلج مكيدة فنية ناجعة سياسيا بقدر ما ترتفع اصوات الإحتجاج على " هذا العبث" و تستثار" حفائظ التشكيليين " بفعل " هذه الألاعيب" كما جرت عبارة الكاتب عثمان علي الفكي:
"بحق أي شيطان تشكـّل هذه الألاعيب؟" في تعليقه على معرض الفنانة الكريستالية نائلة الطيب.(الأيام 14/9/1976).
هذه التعريجة على إستخدام المعرض عند الكريستاليين " لا تكتل غزال" و لا بد من التأني على مفهوم المعرض في تجربة الكريستاليين في مفاكرة أوسع من براح " صالة الدلاقين" الباسلة.

سأعود
ãÃãæä ÃÍãÏ ãÍíí ÇáÏíä
مشاركات: 101
اشترك في: الاثنين ديسمبر 26, 2005 9:15 am
اتصال:

مشاركة بواسطة ãÃãæä ÃÍãÏ ãÍíí ÇáÏíä »

المزيد من رسوم جحا:
من ارشيف اسرة الفنانة سليمى عثمان بابكر
امدرمان

صورة

الاستاذ عبد الله ميرغني
عضو مؤتمر الخريجين والناشط السياسي وقتها



صورة

الاستاذ عبد الله ميرغني وابنه د. جلال
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

على شرف "بوست" (هجوم وحشى)

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »

صورة

على شرف "بوست": (هجوم و حشى على معرض الفنان التشكيلى محمد حمزة) .. تكرّم الفنان "العصامى" التشكيلى (محمد الفَهيم محمد حسن) برسم أربع لوحات هى عبارة عن أحدث إنتاج له و تقدّم نماذج عن إسلوب عمله التشكيلى.

صورة

و قد عرض علينا لوحاته هذه بمكتب الأستاذ (عبد الباسط الخاتم) بكلية التربية، و حدّثنا (الفهيم) أن: "الفَهيم" – بفتح الفاء و ليس بكسرها – هو إسم و ليس لقب، و أنه من مواليد (بابنوسة) حوالى 1930، و قد عمل بوظيفة "محضّر معمل" مع (شبرين) حين كان عميداً للكلية، و هنا تدخل الأستاذ (الخاتم) و أفاد بأن هذه الوظيفه كان يطلق عليها أيضاً: "مُدرّب".

صورة

(الفهيم)، الذى أُحيل للمعاش، لم يتعلّم الرّسم من أحد، و حين سألته قبل هذا اللقاء بماذا يصف أسلوب عمله التشكيلى، لم تكن إجابته واضحة و دقيقة .. و حاول أن يتحدّث معى بلغة التشكيليين الأكاديميين فقال بنبرة متردّدة: (زى ما تقول رسم "سوريالى" أو زى "بيكاسو")، و حين قلت له: (إذا كنت ترسم رسم "سوريالى" فأنت ترسم مثل "سلفادور دالى"، و إنتَ زى "بيكاسو" إذا كنت ترسم رسم "تكعيبى") .. وافقنى على الفور و كأنى قد خطفت شرحى هذا من لسانه. و هو يرسم بألوان "البوستر" على قماش "دموريّة"، و قد حاول أحد الحضور فى المكتب كان قد أبدى إعجابه باللوحات و يبدو أنه تشكيلي مٌقيم خارج السودان، و معه الأستاذ (الخاتم) إقناعه بإستخدام ألوان أفضل و ثابتة على القماش .. حيث أن ألوان "البوستر" تزول من اللّوحة إذا ما تعرّضت للماء.

صورة

و يقول (الفهيم) أنه إبّان عمله فى الكلية حين كان يسأل العميد أو بعض الأساتذة عن ماهية بعض الرسومات التى يشاهدها حوله، كان يقول له البعض: (لا تسأل .. فقط أرسم ما بدا لك)، و لكن محاولته لتقريب معنى تعريفه لأعماله التشكيلية و هو يجيب على سؤالى اعلاه .. يعكس لنا مدى تأثير جو الكلية الأكاديمي عليه.
.. هذا، و لم يرَ أحد الأوربيين إمكانية تصنيف أعمال (الفهيم) ضمن المدارس التشكيلية الأوروبية، حيث فى (Pamphlet) معرضه المُقام بالمركز الفرنسى، كتب مقدّماً لأعمال (الفهيم) التشكيلية بعد أن أطنب فى مدحها، بوصفها أعمالاً "فولكلورية"!!.

صورة

أقام الفنان (الفهيم) عدّة معارض فى أماكن مختلفة منها المركز الثقافى الألمانى (جوتة) و كذلك المركز الفرنسى. و (الفهيم) لديه جمهور مقدّر من المعجبين بفنه من خارج السودان بالذات أوروبا، و قد إقتنوا العديد من لوحاته، كما لديه إشادات بفنه من جهات مختلفة .. منها جهة فى لندن أصدرت له "كتالوج" لبعض أعماله.

صورة

و لكنه فى نفس الوقت وقع ضحية لإستغلال من عدّه جهات و أفراد، .. أكثر قصص الإستغلال هذه إيلاماً له، و التى حكاها علىّ أكثر من مرّة بمرارة، هى قصة المدعو (محمد عمر خليل) الذى طلب منه رسم 36 لوحة وعد بدفع قيمتها .. ثم إختفى منه قبل سنوات عديدة.

صورة

(الفهيم) يخطط لإقامة معرض فى مقبل الأيام، و قد وُعد من قِبَل آخرين بإقامة معارض له فى الخارج، و هو بسبب ما تعرّض له من إستغلال و نَصْب .. أصبح حذراً من أولئك اللذين يطلبون منه رسومات، و هو إنسان بسيط و مٌرهَف للغاية .. منذ أن وقعت عينىّ على صور لرسوماته بمعرضه المقام بالمركز الفرنسى شعرت فى قرارة نفسى أننى أرغب فى إقتناء مثل هذه اللوحات التى تبعث روح التفاؤل و السعادة .. لذلك فى نهاية لقائنا هذا عقدت على الفور إتفاقاً معه لشراء لوحاته الأربع.

صورة
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

المدعو محمد عمر خليل؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام يا ياسر و شكرا على جهد التقديم و التوثيق للفنان العصامي القدير محمد الفهيم.فقد مرت السنوات و لم نسمع عنه شيئا لكنه ما زال يحمل هم الإبداع و حديثك معه عامر بالتأملات.و يا ليتك تبذل لنا مزيدا من التصاوير و مزيدا من المعلومات في خصوص السيرة الذاتية و الفنية للفهيم، و هو بالتأكيد يستحق أكثر من السطور و التصاوير الأربعة الرائعة التي أوردتها.
غير هذا استرعى انتباهي ما أوردته على لسان الفهيم من حادثة الشخص الذي طلب من الفهيم عددا من اللوحات ثم اختفى. وهي حادثة غريبة سيما و اسم الشخص الوارد هو " محمد عمر خليل". أرجو ان تستبين الفهيم في المزيد من المعلومات في هذا الصدد. فنحن نعرف محمد عمر خليل الفنان الرسام و الحفّارالقدير المقيم في الولايات منذ عقود طويلة و هو شخص طيب الخلق نستبعد ان يبدر منه ما يشي بالتعالي اوبالجور في حق الناس.و ياحبذا لو تكرّم الأخ الفهيم بشرح ما حصل.و ربما كان في الأمر نوعا من سوء الفهم.
مودتي و تحياتنا للفنان الفهيم.
ãÃãæä ÃÍãÏ ãÍíí ÇáÏíä
مشاركات: 101
اشترك في: الاثنين ديسمبر 26, 2005 9:15 am
اتصال:

مشاركة بواسطة ãÃãæä ÃÍãÏ ãÍíí ÇáÏíä »

استاذنا حسن واهل القعدة

مازال جحا يفاجئ الزميله الفنانة سليمي بابكر
خلال جولاتها العاديه في بيوت اسر امدرمان
فقد عثرت علي هذه اللوحة لجحا في بيت عرس
مع مجموعه اخرى في (ضهر دولاب قديم)

لابد ان جحا يمثل ظاهرة فنان المحتمع ويذكرنا هنا بفناني الاسر النبيلة
في اوروبا الغائرة!
لابد من مبحث عميق في تجمل الانسان الامدرماني برسمه يعتز بها من جحا!

تحياتنا للزميله ولكم اجمعين:

صوره السيدة بخيتة من ام درمان لجحا


صورة
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

حزب الفن ..تاني!

مشاركة بواسطة حسن موسى »

و ما يصنع التشكيليون بكم؟

شيئ ما في حكاية إحراق لوحات الفنان سليمان ابـّشر أعاد للخاطر قصيدة الخاتم عدلان التي يقول في مطلعها " لكم يوم أيها التشكيليون " التي يتوعد فيها التشكيليين بالويل و الثبور و بدائع الامور. ذلك أن الخاتم كان يعبر فيها عن دهشة الناشطين السياسيين في السبعينات عن تغوّل الخطاب التشكيلي على ارض السياسة.[ ليس عندي نص القصيدة و من عندهم النص يتكرمون علينا هنا و الاجر على الله].و حركة التشكيليين في ارض السياسة قديمة و اصيلة ربما لأن الممارسة التشكيلية، كنبت حداثي مشاتر تموضع صاحبها ـ من قولة تيت ـ في عمق الأسئلة الإجتماعية حول جدوى الفن و دور الفنان في مجتمع كمجتمع اهل السودان. و قد تخلّقت ـ في اوساط التشكيليين ـ على تباين مشاربهم السياسية ـ جملة من القناعات السياسية أولها أن عمل الفنان إنما يستهدف الصالح العام للمجتمع و ثانيها أن حركة الفنان في وسطه الإجتماعي ، و إن لم تكن حركة ذات مرمى سياسي مباشر إلا أنها حركة تترتب عليها بالضرورة عواقب سياسية، في معنى أن حاصل الحركة ينطوي على " بركة " ، أو على ضدها ، في حساب الفرقاء السياسيين. و من جملة القناعات السياسية للتشكيليين السودانيين تلك القناعة القائمة على مبدأ أن الممارسة السياسية أخطر من أن تستفرد بها فئة بعينها ، بما في ذلك فئة السياسيين الصنايعية الذين يتسمون بـ" المحترفين" [ يا لها من عبارة ].
سأعود بمزيد من التفصيل في سيرة معرض محروقات المشهد السياسي السوداني.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الخاتم و التشكيليون

مشاركة بواسطة حسن موسى »

هاهي قصيدة الخاتم عدلان في وعيد التشكيليين و الشكر موصول للأصدقاء الذين تكرموا بتوصيلها .


أيها الفنانون ـ التشكيليون ـ الفلاسفة :
ماذا تظنون انفسكم ؟
اجتمعتم من كل تشكيلة و لون ،
أقمتم على امتداد هذا الفضاء الطويل العريض ،
دارا كبيرة ، حميمة، عامرة ،
" رحبة المثوى مطيّبة الجناب " ،
زينتموها بمواد مسروقة من السماء ،
و لوحات أخفاها المستقبل في حرز أمين ،
أخذتموها دون استئذان من أحد ،
و شرعتم دون ابطاء و بغير مقدمات ،
تعرضون جمالكم الباهر المتجاوز ،
في سفور مشع و فاقع ،
علينا جميعا،
غير عابئين بعشى عيوننا ، و لا مبالين بطاقاتنا على التحمّل ،
و الإستيعاب و المسلك الرزين،
في لحظات الهوى و الطيش !
تخجلون البعض مما كتبوا ،
تدفعون الأقلام إلى ابتلاع ما سطرت من كلام ،
ترفعون الحدود المعلومة " بالضرورة" ،
و القائمة حتى مقدمكم ،
بين الطالب و الأستاذ ،
بين الصفوة و الدهماء ،
بين البوفسور و صانع العناقريب.
ماذا تظنون انفسكم ؟
تعرضون علينا النسخ الأصلية ،
من الوفاء و الأخاء ،
و الحب و الصدق ، و تتظاهرون
بخبث عجيب ،
بأنكم لا تتميزون عنـّا بشيئ ..
تمدون اياديكم عبر الآيديولوجيات و المذاهب ،
مشهرين علوية الإنسان ،
على منتجاته ،
الجديرة بالإعزاز و الإكرام و الصون ،
و العيش من أجلها و الموت في سبيلها ،
و المفتوحة ، مع كل ذلك و قبله ، على التجاوز و الفوت .
إنني اتهمكم دون مواربة :
بنفس التهمة التي وجهتها الجمعية الأثينية إلى سقراط ،
و هي إغواء الشباب ،
و عقوبتها معروفة لديكم ،
فأنتم تحاولون الإيحاء أن الفتى و الفتاة ،
بمحض الموهبة و العزيمة و الخرتاية ،
يمكنهما أن يتجاوزا كزازة الظروف و لؤم المؤسسات ،
و أن يسجلا حضورهما المضمّخ باللعطر واللون ،
في سجلات الزمان المقدسة .
أتهمكم بتضليل الشعب ،
لإيحاءاتكم المكشوفة ، بأن الفن ليس جوهرا مفارقا ،
بل هو ممارسته اليومية ، المرفـّعة و المهذبة و المصعّدة ،
و أن زعيطا و معيط يهجع داخلهما فنان مرهف ،
ينتظر من يربّت على كتفه و يوقظه .
أتهم كبيركم الذي علمكم السحر ،
عبد الله أحمد البشير ،
المدعو بولا ،
الهارب من عدالة المشروع الحضاري ،
المتخفـّي وراء الأسماء المستعارة ،
و الذي حوّل جراحه إلى وشم ،
و صهر قيوده جاعلا منها أجنحة ،
غزيرة الرياش ،
لا تميزها من أجنحة الطيور الحقيقية ،
إلاّ العين البصيرة الساهرة .
مستعينا بسحره القديم في خلق الطبائع الثانية ،
و صناعة التصاوير .
لكم يوم أيها العصاة ،
لكم موعد أيها المارقون ،
لكم عودة ايها الغرباء ،
لكم جلسة حاشدة ،
لكم قبـّة جامعة ،
لكم افق واسع و مديد ،
لكم زمن ... يكفي
و زمن يفيض .


خاتم
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »




مرت أكثر من خمس سنوات على الهجوم الوحشي على معرض الفنان التشكيلي محمد حمزة الذي اقيم بدار حزب الأمة في 26/8/2008 م . والتقيت الفان التشكيلي لأول مرة في أواخر نوفمبر 2013 م .....
لسنا في حيرة من أمرنا ، أن حزب الأمة ، ذاك الذي يرغب التجديد كما يظن ، فقد رجع إلى أنصارية الجهادية الأولى أيام حكم عبد الله ود تورشين ، وهذه الأيام يشهد سطوع نجم إسلاميته الجهادية وهو يستبين أخوته اللازمة ، للجهادية الإنقاذية ، وهي في مرحلتها أسفل سافلين .
نعود بالملف ليعتبر من يتذكر أن حداثة الغبش ، قد جاء حفيد الإمام ليغتسل منها ويعود الحزب تركة لأبناء وبنات المهدي وأبناء وبنات الخليفة ...قصة الحكم الطائفي وفشل غير المؤهلين الذين يحكمون وفق الميراث لا إبداع في الأفق .



عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »



حرق المعرض وحزب الأمة مرة أخرى كي لا ننسى



حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

حرق؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »


سلام يا شقليني
كتبت:ـ
"حرق المعرض و حزب الأمة مرة أخرى كي لا ننسى"
و حسب علمي مافي حرق و لا حاجتين.في زول من ناس حزب الأمة أخد بعض لوحات محمد حمزة و رماها خارج مكان العرض و بعدها ثارت الخواطر ثم جاء اعتذار من أعيان حزب الأمة كما هو وارد في مطلع الخيط.
الفاضل البشير
مشاركات: 435
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:56 pm

مشاركة بواسطة الفاضل البشير »

الفنانة التشكيلية ايثار عبدالعزيز انهارت ودخلت في نوبة بكاء بعد ان قامت محلية الخرطوم دون اخطار مكتوب
بهدم المرسم وتحطيمه وبداخله اعملها ومجهودها الفني من لوحات ومجسمات. يا للحرقه.
عن الراكوبة عن سيد الطيب فبس بوك
.:

https://www.alrakoba.net/articles-actio ... -75933.htm
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »



هذا ما كتبت سابقاً :

كود: تحديد الكل


في فن الرسم والنحت عند حزب الأمة
 

 التحية للفنان التشكيلي محمد حمزة والشكر لمفترع الملف الأكرم : عاصم إدريس ، وبادية الحرفية الدقيقة لأعمال الفنان محمد حمزة التي رأينا صورها ، فما بال من تمتع برؤيتها حقيقة . وإنها لحسرة .
من قبل من بعد قوانين 1983 م جهزت الجالية الهندية تمثالاً نصفياً للمهاتما غاندي للطريق المُسمى باسمه في أمدرمان ، فجاءت هجمة التتار وحطمته .
من السهل كتابة ديباجة تتصالح مع التقدم والتحرر ، ولكن المرجعية هي التأصيل ، آية وحديث واجتهاد . وسيختلف حول تفاصيله أعضاء الحزب قبل الآخرين .
أبسطها أن الآية الخاصة بالتماثيل التي اعتمدت عليها رؤى حزب الأمة الجديد هي في تفسير الجلالين مذكور فيها (ولم يكن اتخاذ الصور حراما في شريعته) أي أن للقارئ المستند على مرجع الآية ألا يعجل بالإباحة !!! . والجلالين من التفاسير المعتمدة لدى أهل السنة وحزب الأمة مرجعيته كذلك .
نورد تفاسير آيتين حسب الجلالين ، ونورد نص مرجعي للأمام المهدي الأصل حول حظر النساء ، وليس صورهُن ، وليقدم لنا حزب الأمة رأيه الصريح في رسم الكائن البشري عارياً أو صنع تمثالاً منه كذلك ، وأيضاً في رسم وصناعة تماثيل ما له روح ، وكل التراث الفني هو تراث منذ آلاف السنين .
 ***
النصوص :
 {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ }الأنبياء52

من مختصر تفسير الجلالين :

52 - (إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل) الأصنام (التي أنتم لها عاكفون) أي على عبادتها مقيمون.

 {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }سبأ13

من مختصر تفسير الجلالين :

13 - (يعملون له ما يشاء من محاريب) أبنية مرتفعة يصعد إليها بدرج (وتماثيل) جمع تمثال وهو كل شيء مثلته بشيء أي صور من نحاس وزجاج ورخام ولم يكن اتخاذ الصور حراما في شريعته (وجفان) جمع جفنة (كالجواب) جمع جابية وهو حوض كبير يجتمع على الجفنة ألف رجل يأكلون منها (وقدور راسيات) ثابتات لها قوائم لا تتحرك عن أماكنها تتخذ من الجبال باليمن يصعد إليها بالسلالم وقلنا (اعملوا) يا (آل داود) بطاعة الله (شكرا) له على ما آتاكم (وقليل من عبادي الشكور) العامل بطاعتي شكرا لنعمتي .

 ***

منشور من المهدي في حجر النساء
 بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على سيدنا محمد وآله مع التسليم
 

 وبعد ، فمن عبد ربه محمد المهدي بن السيد عبد الله إلى كافة أحبابه في الله تعالى وأتباعه .
يا أحبابي إن الله يقول :" {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {30 }وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ..." الآية (30) و (31) من سورة النور.
و ما دام أن طلب الله هذا معلوم ، وأن أكثر الناس في هذا الزمن لا يقفون إلا بالحجر والحجاب . وجب أن تحجر النساء من الخروج والمشي بطرقات الرجال الذين لا عصمة لهم ولهن إلا بهذا الحجر ، سيما وقد قال صلى الله عليه وسلم : باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء ، وقد قال صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة عليها السلام :" ما أحسن ما تكون عليه المرأة ؟ فقالت : ألا يراها رجل ولا ترى رجلاً " ، فعجبه صلى الله عليه وسلم هذا الجواب فقال :" ذرية بعضها من بعض ".
والذي تراءى من ذلك أن تمنع النساء جميعاً من الخروج إلى الأسواق والطرقات إلا بنت صغيرة لا تشتهى أو متجالة ومن انقطع أرب الرجال عنها غالباً وحتى الإماء الشباب يمنعن من الخروج ، إلا في محل لا يكون به رجال ومن خرجت بعد التنبيه بثلاثة أيام تضرب مائة سوط زجراً لها وعبرة لغيرها .
هذا وليقم بهذا الأمر حاكم السوق ، وكل أمير فيما يخصه من نساء الذين هم مأمورون باتباعه ، وإذا خرجت امرأة عن ذلك كان حكم أمرها عند القاضي .
وهذا الأمر مع أمر الكتابة في الحدود فيكونا عند كل أمير وعند حاكم السوق والقاضي وعند الساير لا سيما عند الخليفة عبد الله والخليفة علي والخليفة محمد شريف لينبهوا بها ثلاثة أيام على رؤوس الأشهاد والجامع ، ثم يجري المقتضى والسلام .
18 جماد أول سنة 1301/ 16 مارس 1884 م

 ورد نص المنشور في ص 298 ـ 299 من منشورات المهدية ـ تحقيق الدكتور محمد أبو سليم ـ 1969 م
 
 


ثم مؤخراً كتبت :

كود: تحديد الكل

حرق المعرض وحزب الأمة مرة أخرى كي لا ننسى  

ورد صديقنا

كود: تحديد الكل

سلام يا شقليني 
 كتبت:ـ
"حرق المعرض و حزب الأمة مرة أخرى كي لا ننسى"
و حسب علمي مافي حرق و لا حاجتين.في زول من ناس حزب الأمة أخد بعض لوحات محمد حمزة و رماها خارج مكان العرض و بعدها ثارت الخواطر ثم جاء اعتذار من أعيان حزب الأمة كما هو وارد في مطلع الخيط.


وأنا أعتذر عن توصيف الحدث : ليس حرقاً ، بل اعتراض من أشخاص عاديين ينتمون لحزب الأمة ، وهذا الاعتراض اعتذرت عنه إدارة دار حزب الأمة .

أهُنا ينته الأمر ؟!
لا أظن ذلك
*
أضف رد جديد