جيوبوليتيك الجسد العربسلامي في السودان

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

جيوبوليتيك الجسد العربسلامي في السودان

مشاركة بواسطة حسن موسى »


جيوبوليتيك الجسد العربسلامي في السودان
نظرت أكثر من مرة لعنوان بوست التضامن على المطالبة بسن قانون لمحاربة عادة الخفاض في السودان و كنت أرى عدد زوار البوست يتنامى حتى تجاوز الالف. و كنت ارجيء التوقيع واسوّف بذريعة انشغالي بأمور عاجلة وفي خاطري اضمار لئيم يحفزني على اعتبار التوقيع وجها في "فرض الكفاية" الذي اذا قام به الآلاف من رواد سودان للجميع سقط عني.ثم تسنّت لي فرجة في سد المشاغل وقلت اضيف توقيعي لتواقيع غيري على زعم ان البحر ما بيابى الزيادة كما يعبر الاهالي.بحر شنو ؟و زيادة شنو؟فقد فوجئت بأن الآلاف من زوار البوست يدخلون " بيت الطهور" من باب الفضول و الفرجة ليس الاّ . و راعني ـ بل و احبطني ـ أن اكتشف، بعد اسابيع من اطلاق البوست ، ان " الجميع" المعنيين بالامر لا يتجاوز عددهم في هذا المقام سوى الخمسة وثمانين توقيعا التي سبقت توقيعي. وتساءلت عن السر في كون التقدميين السودانيين يبخلون على طفلات السودان بأمر في بساطة النقرة على الكي بورد الذي يشهد لهم بصولات و جولات في أعقد القضايا الجليلة ؟ أقول: تساءلت عن "السر" لأن امرا بمثل سهولة التوقيع الالكتروني لا يستشكل على المثقفين السودانيين الا في حالة كونه ينطوي على "سر" غميس غاب علينا كلنا.
أي "سر" ؟
مندري، لكني على قناعة من كون التأنّي عند هذا الامر يمكن أن يفتح للريح أكثر من باب للمفاكرة في جيوبوليتيك الجسد المؤنّث في ثقافة العربسلاميين السودانيين.
هذه كلمة مستعجلة لزوم قد عين الشيطان وتلزمني عودة للعناية ببقية أعضاء الشيطان الاخرى.
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »



سلام يا حسن

وأنا أيضاً استغربت حينما رأيت بعضاً من مثقفي السودان يطوفون حول البوست هنا، وحول البوستات الأخرى التي تطالب بالتوقيع على العريضة في مواقع إسفيرية أخرى. وربما فتحوا صفحة العريضة، لكنهم لم يوقعوا من أجل طفلات السودان، بينما استحوذت على وقت الكثيرين، ممن لم يوقعوا، أمور المناقرة وعبادة الذات. بل ذهب الأمر بالبعض منهم إلى اعتبار أن "طهور البنات" قضية لا ترقى لمكانة قضايانا العاجلة. وهكذا يريدون لنصف المجتمع أن يُنتهك حق أساسي من حقوقه، وأن يساهم مع ذلك في عملية التنمية كأي مواطن له كامل الحقوق. كيف يفهم هؤلاء أن كرامة الإنسان كل لا يتجزء، وأن حقوقه كل لا يتجزأ. وأن حقوق الإنسان هي الركيزة الأساسية لبناء سودان الغد، في وطن يمثل انتهاك الحقوق الأساسية السبب الرئيسي وراء حروبه ومجاعاته وجراحه؟
ما يزيد حيرتي أن التوقيعات التي لم ترق لحجم الأذى الذي تتعرض له طفلاتنا، غابت عنها توقيعات العديد من النساء، ومن بينهن من قدمن نفسهن في الأسافير وغيرها كمدافعات عن حقوق المرأة. وليقلن لنا عن أي حقوق يدافعن، إن لم يدافعن عن حقهن في صون كرامة أجسادهن، وأجساد طفلاتهن، وأجساد طفلات السودان؟ ما هي المساواة التي ينشدنها؟ وما هي الحقوق التي "يناضلن" من أجلها، أن لم يكن لهن القدرة على رفع أصواتهن للمطالبة بحق أساسي وبسيط هو حقهن في الكرامة كاملاً غير منقوص؟

نجاة

صورة العضو الرمزية
تماضر شيخ الدين
مشاركات: 356
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:14 pm
مكان: US

مشاركة بواسطة تماضر شيخ الدين »

اشارة:

راجعوا يا نجاة فورمات البيتشن..
أذكر اننى وقعت فى الصفحة الاولى بعد عدد قليل من الموقعين، وعندما عاودت الحضور..لم يكن توقيعى هناك..فوقعت مرة اخرى. اتمنى ان تظل هناك..
فلعل السبب هو "تقنى" بحت.
ايمان شقاق
مشاركات: 1027
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 8:09 pm

مشاركة بواسطة ايمان شقاق »

سلام للجميع
عدد التوقيعات في العريضتين حتى الآن 1466.

يا تماضر توقيعك موجود في العريضة الانجليزية.
ÚÒ ÇáÏíä ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 33
اشترك في: الخميس أكتوبر 13, 2005 9:42 am

مشاركة بواسطة ÚÒ ÇáÏíä ÇáÔÑíÝ »

الاخوة/الاخوات المشاركين

خالص التحايا

عدد الزوار قد لا يكون دلالة على صحة العدد فقد يزور الشخص مرة او اكثر وتسجل زيارته لاكثر من مرة فيزيد العدد ... ما اريد ان اؤكد عليه ضرورة نشر هذا البوست والاعلان له في مواقع اخرى خارج سودان للجميع لان القضية لا تخص هذا الموقع فقط .... لا ادري ان كان التوقيع متاحا لغير الاعضاء ام لا!

اهيب بالجميع بدعم مسألة التوقيع وحشد من امكن
ايمان شقاق
مشاركات: 1027
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 8:09 pm

مشاركة بواسطة ايمان شقاق »

عدد التوقيعات اليوم1568

الاخ عز الدين
التوقيع متاح للجميع، وهناك إعلانات في أغلب المنابر السودانية (سودانيز اونلاين، سودانيات، سودانايل) وغيرها من المواقع، لهم الشكر والتقدير.
عن نفسي قمت بإرسال العريضة لعديد من الجهات والافراد المهتمين والمهتمات بهذه القضية وغيرها من قضايا حقوق الانسان في السودان وإفريقيا. وأعرف أن نجاة قامت بإرسال العريضة للعديد من الجهات كذلك.

لكن باقي الكتير.. ياريت الناس تتحرك!

حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

السر المكنون
ذكرت في مستهل كلامي انني تورطت في التسويف على التوقيع في عريضة المطالبة بمنع الخفاض بذريعة انشغالي بأمور عاجلة و في خاطري اضمار لئيم على اعتبار التوقيع وجها في" فرض الكفاية" الذي اذا قام به الآلاف من رواد المواقع الاسفيرية السودانية سقط عني.و قد تبين لي خطل موقفي حين نظرت في قائمة الموقعين السودانيين البواسل و وجدت أن عدد الموقعين الخواجات وأصحاب جمعيات البر يفوق عدد السودانيين و بدا لي أن في الامر " سر " ما.و قلت أيضا ان التأني عند" السر" الذي جعل المثقفين السودانيين يعافون الانخراط في موكب المطالبين بتحريم الختان قانونيا قد يفتح سكك جديدة للتفاكير النقدية في" اشكالية الجسد و السياسة "ـ و لو شئت قل "اشكالية سياسة الجسد" ـ في السودان العربسلامي و في غيره.
و سياسة الجسد العربسلامي في السودان سؤال ظل يشغلني منذ سنوات ، و ما يزال يستأثر بخاطري النقدي السياسي و الجمالي كلما نبلت بعض أحداثه على مشهد الحركة الاجتماعية.و قد مر عليّ عهد كنت أظن فيه ان أسئلة الجسد صارت تؤجج المشهد السياسي في مجتمعات العربسلاميين لأن الجسد هو أول خطوط المواجهة الحضارية بين قيم حداثة السوق الرأسمالي التي نعيش في كنفها المادي و قيم تقليد المجتمع قبل الرأسمالي التي تؤثّث ميراثنا الرمزي و تتخلل ذاكرتنا الجمعية والفردية.
و في" الحقيقة" ،التي" تبدو و لا تكون"( سالم موسى) ، فقد كنت بنيت مفهومي للجسد كأول خط مواجهة على تمثّل ساذج للمواجهة الحضارية كما لو كانت مباراة بين فريقين متكافئين يباشران الخصام أمام هيئة تحكيم ترعى مبدأ الـ "
Fair play
أقول :و سذاجة تمثّلي للمواجهة الحضارية انما ينطوي ، في " الحقيقة "، على امتثال لا واع لأحابيل الخطاب السائد الذي انصاغ ضمن آيديولوجيا" حوار/صراع" الحضارات مقطوعة الطاري و التي تموّه من واقع " حوار/صراع" الطبقات و قيل تطمسه طمسا فلا يستبين منه خيط على تباين ألوان الخيوط و أنواعها.و في الحقيقة (تاني) فان مبدأ الـ "فير بلاي" لا محل له من الاعراب في مشهد حرب السوق.و حرب السوق شاملة لا تقنع باندحار الخصم و تسليمه و انما تطلب امتثاله التام و اندماجه و هضمه بشكل ينفي كافة أشكال وجوده كاحتمال في التنظيم الاجتماعي من ذاكرة التاريخ.و ذاكرة التاريخ لا تكون الا مؤدلجة( شوف ليك جنس عبارة). و في هذا المنظور يصبح الجسد هو آخر خطوط الحرب غير المتكافئة التي تخوضها فلول الثقافة التقليدية المندحرة، ليس بغرض ايقاع الضربات بالخصم المتلبّس بلبوس حداثة رأس المال، و انما بغرض المساومة على نسخة" تقليدوية "من حداثة رأس المال، نوع من" طريق ثالث" بين الماضي التقليدى و المضارع الحديث. و هذا الحديث يجرنا لموضوعة تعّدد الحداثات في بلادنا . و هي موضوعة على قدر من التركيب يليق بجلال مشروع اصلاح الحداثة الذي نتنكّب مشقّاته بوصفنا طرفا اصيلا بين ورثة الحداثة الشرعيين.فتعدد الحداثات في مجتمعاتنا يبدأ من واقع تاريخي بسيط في مظهره يمكن تلخيصه في كون الحداثة قد فرضت فرضا تحت شروط الغزوة الاستعمارية الأوروبية التي اتصلت لقرون و طبعت علاقة الأوروبيين بغيرهم.( راجع نصي " حداثة الغبش.. السير عبد الرحمن المهدي" في سودان للجميع.) و تعدد الحداثات يبدأ من كون مفهوم الحداثة، المتخلّق تحت شروط المجتمع الطبقي، لا ينج من تبعات تناقض المصالح بين القوى المتناحرة في ساحة الصراع الاجتماعي.و على هذا فكل فئة اجتماعية تعرّف طبيعة خيارها الحداثي حسب العواقب المادية و الرمزية التي تعود عليها منه. و المستعمرون الاوروبيون الذين استعمروا بلادنا( أولاد الغلفاء) تعلموا، بغريزة التاجر الشاطر، ان يخلّصوا ميراث الحداثة الاوروبية الذي جلبوه في متاعهم، من كل" ألغام" التنوير الانسانية الكبيرة، كمباديء الحرية و المساواة و الديموقراطية و العدالة الاجتماعية الخ، ليعيدوا صياغة هذا الميراث الجليل على مقاس مصالحهم الطبقية الضيقة بما يبرر قهر المستضعفين و نهبهم و استغلالهم و اذلالهم مما هو سائد حتى اليوم.و ضمن هذا المشهد فان مجرد مقاومة القهر و الاذلال الواقع على الناس بذريعة رأس المال يصبح موقفا حداثيا أصيلا ينخرط بالضرورة في مشروع اعادة تأهيل الحداثة.و في أفق هذه الحداثة ، حداثة المقاومة، يصبح من الصعب الحديث عن الحداثة كما لو كانت خيارا مجانيا بوسعنا أن نتبناه او لا نتبناه.لا،فلا أحد يختار بين الحياة و الموت، الحداثة بالنسبة للمستضعفين هي موقف ضرورة و خيار حياة.كونها المخرج الوحيد من مسد القهر و الموت الذي يصونه منطق السوق الرأسمالي.
و ما علاقه كل هذا بمشكلة الموقف من الخفاض في السودان؟
الخفاض في السودان ، و بالمنطق الذي نعالجه به اليوم ،هو موقف حداثي جملة و تفصيلا ، و ذلك لأن السودانيين المعاصرين ، سواء كانوا من انصار الخفاض أو من أعداءه، انما يعبرون عن الالتواء المفهومي الغميس الذي يفاوض عليه العربسلاميون السودانيون حول سؤال الجسد تحت شروط حداثة السوق التي تلحّ عليهم و تمسك بخناقهم و ما تديهم نفس "لمّن يقولوا الروب". و لو كان لنا ان نجد عزاءا من هذا الشقاء فهو يتلخص في كون حداثة السوق لا تمسك بخناق السودانيين دون غيرهم من عباد الله، و" موت الكتيرة عرس" تراجيدي كبير و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
المناقشة الجارية اليوم في موضوع الخفاض تنطوي على الكثير من المؤشرات التي تكشف عن التركيب الذي ادرك سؤال الحداثة في مشهد الجسد في السودان و في غير السودان .و الخفاض ، في نهاية التحليل ليس سوى الطرف الظاهر من" آيسبيرغ" سؤال الجسد في مشهد شقاق الحداثات، و مساهمتنا فيه ،كسودانيين، مهمة من زاوية كونها تساهم في رسم خارطة لمنطقة مجهولة من قارة الجسد المظلمة التي تتمدد في كل فضاء يساءل فيه أهل السوق أجساد العباد.
و حين أقول ان الخفاض في السودان موقف حداثي جملة و تفصيلا فأنا انطلق من واقع بسيط و مركب في آن: كون الخفاض يحدث اليوم و يمارسه رجال و نساء ضالعون بكليتهم في منطق الحياة الحديثة و هو يقع على فتيات قدرهن الحياة ضمن منطق عالم حديث.و حتى حين يتذرّع المتداخلون المتعارضون بالنصوص الدينية" الضعيفة" و القوية فان المناقشة في جملتها تبقى مناقشة حداثية تندرج ضمن شقاق الحداثات الكبير الذي يتطور ضمنه خطاب المعاصرة..و ضمن هذا الأفق أظن ان من المنطقي توجيه المناقشة حول العائد المادي و الرمزي الذي يعود على أنصار الختان و أعداءه من جراء انخراطهم ـ أو من جراء" زوغانهم"( و الزوغان حاصل) ـ في المناقشة السياسية الراهنة المتذرعة بذريعة الختان. أي مصلحة لهؤلاء و أولئك في هذه الحرب الدائرة على ارض الجسد (الطفولي) المفخخة بأنواع سوء الفهم الطوعي و المتعمّد؟
هذا مدخل أول لـ "قد عين الشيطان" كما قلت و سأعود لمباصرة " سر " الالتواء في سؤال الجسد ضمن شقاق الحداثات في السودان العربسلامي.
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚÈÏ ÇááØíÝ ÅÏÑíÓ
مشاركات: 79
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 14, 2005 12:29 am
اتصال:

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚÈÏ ÇááØíÝ ÅÏÑíÓ »

الرجل الصارم الما بعاين تحته.
ينظر دائما في الافق البعيد فقط
ينسى ان هنالك افاق( صغيرة صغيرة) بتودي للافق داك .
هذه موروثاتنا التي نورثها بدون تدقيق وتمحيص .
شعارات كبيرة ضخمة لا يمكن ان تتحقق بدون تحقق الشعارات
الجانبية الصغيرة .
نتكلم عن وحدة السودان ولكننا نقيم الزول حسب لونه وحسب
درجة العروبة في دمه .
هذه امثلة فقط .
كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة
الإمام النفري
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚÈÏ ÇááØíÝ ÅÏÑíÓ
مشاركات: 79
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 14, 2005 12:29 am
اتصال:

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚÈÏ ÇááØíÝ ÅÏÑíÓ »

اواصل
يعني لما اقول مفروض النساء تناقش موضوع الشيلة والمهر تمهيدا لمناقشة تحررهم ( ما ممكن واحدة بتشيل قروش وعفش عشان يعرسوها ) .يعني دي خطوة مهمة جدا عشان المجتمع (يقع ليهو ) انه المراة بني ادم .
انا ما ضد تحرر المرأة .
لكن المثل بيقول عريان وبفتش للسديري( الصديري).
نتكلم عن تحرر المرأة وننسى بداية (حبل ) التحرر .
بداية حبل التحرر هو المحافظة على جسد البني ادم كما هو بمنع الخفاض
والمحافظة على كرامة المرأة بمراجعة شروط الزواج ( الكلام ده ما عشان عاوز اعرس تاني ).

واصل كلامك المكثف ( الغميس) يا حسن :?

لطفي
كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة
الإمام النفري
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »



الخفاض . . . جرح الحرج في جسد الحداثة العربسلامية

الأخ محمد عبد اللطيف
شكرا على قراءتك الرشيدة لجدل العلاقة بين الأفق البعيد والأفق القريب في خصوص سياسة الجسد وجسد السياسة في السودان، ولا خير في يوتوبيا لا تبدأ من "الآن/هنا". والتنمية والديموقراطية وحقوق الإنسان هي وسائل وغايات في آن.
قلت أن الخفاض في السودان العربسلامي ظاهرة حداثية، وأن الموقف منه، ضده أو معه، هو في نهاية التحليل موقف حداثي يطرح النسخة السودانية لحداثة الجسد بتناقضاتها وبالتواءاتها. وطموح هذه الأسطر يتلخّص في مقاربة سؤال الخفاض كوجه من وجوه التعبير الآيديولوجي العربسلامي الحديث الذي يتوسل بوسيلة الجسد ويفاوض باسم الدين أو باسم الجمال أو باسم السياسة أو باسم الاقتصاد لتسويغ دمج الجسد السوداني في جسد حداثة السوق المهيمنة بطريقة تصون لعربسلاميي الطبقة الوسطى الحضرية "حقوقهم" الرمزية والمادية التي كدّسوها تكديسا من ميراث ثقافة المجتمع قبل الرأسمالي. (حق القوامة وحق الإمامة وحق الميراث وحق الاسترقاق وحق البيعة الخ) دون أن تحرمهم من ميراث ثقافة المجتمع الرأسمالي(حق تملك أدوات الإنتاج وحق تملك موارد الطبيعة وحق استغلال الناس واسترقاقهم باسم قوانين الاقتصاد الرأسمالي).


حرج" الشأن العام"

لكن الكلام في الخفاض في السودان أمر يحفّه الحرج، المضمر والمكشوف، من كل جانب، حتى أن كاتب في مثل فطنة الأستاذ هشام هباني لا يخفي تأفّفه من الشعبية التي حاز عليها نقاش الخفاض مؤخرا بين المتناقشين في موقع"سودانيز اون لاين"، وذلك على زعم أن هناك موضوعات أخرى أكثر أهمية ترتقي، كما يقول: "لمستوى التحديات والمخاطر التي تحدق بالوطن. فهناك أولويات في الحياة ينبغي أن نراعيها وأولها الشأن العام أي ما يتعلق بالوطن واقعا ومستقبلا". ( راجع الاستاذ هشام هباني في بوست بعنوان" يا شباب بالله فكونا من حكاية طهورة البنات . . "، في الرابط

Sudaneseonline
com/cgi-bin/sdb/2bb. cgi?seq=msg&board=50&msg=1140

وهكذا فـ"لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" أو كما قال، طبعا هشام هباني لو قالوا ليهو: يا زول تعال"نخفضك" اعلاءا للشأن العام، فهو بلا شك سيعيد النظر في سلم الأولويات التي ترقى "لمستوى التحديات والمخاطر التي تحدق بالوطن". كما لو كان هناك خطر يحدق بالوطن أكبر من خطر التواطوء الجمعي الصامت على انتهاك أجساد الأطفال بذرائع التقليد الديني. ومن يدري؟ (و"ود ابن ادم الغلّب الهدّاي" ما مضمون. . )، فلربما قبل هشام هباني التضحية برأسماله الذكوري فداءا للوطن العزيز، وقد علّمنا عيسى بن مريم الذي برّ الإنسانية كلها بجسده على الصليب، علمنا أن أجلّ أشكال البر المسيحي هي البر بالجسد. (و"الجود قطعا في الجلود" على بلاغة الأهالي) وقد أورد الطبري ( 10/514) عن عكرمة قال:
كان أناس من أصحاب النبي ص همّوا بالخصاء وترك اللحم والنساء فنزلت الآية:" يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"(المائدة 87). والحادثة تلخّص مدى سطوة آيديولوجية "الشأن العام" على أجساد الأفراد بما يجعلهم لا يبالون بالخصاء وهم يحيون على عز الثقافة الأيرية (فاليك) الجاهلية، فتأمّل. لكن البون شاسع بين رجال لا يبالون بإيقاع الخصاء بأنفسهم في سبيل الدين ورجال لا يتورعون عن إيقاع الخصاء بالأطفال بذريعة الدين. وخفاض الفتيات في نهاية التحليل هو وجه من وجوه الخصاء.

حرج العورة المشتركة

لكن جلال أولويات الشأن العام وحده لا ينفع في تفسير امتعاض أولاد المسلمين المعاصرين من اتساع مناقشة الخفاض. وفي نظري الضعيف، فبحث الأمر يستحق التأنّي عند خطاب الجسد في الثقافة العربسلامية الحديثة وهو خطاب نسيجه مجدول بأنواع المحذور والمحظور ابتداءا وانتهاءا بعورة المرأة العربسلامية. وماذا عن عورة الرجل؟ هل الرجل العربسلامي بلا عورة؟ لا لأن عورة الرجل العربسلامي في موضع آخر، عورة الرجل العربسلامي هي المرأة على اختلاف تمثلاتها المادية والروحية، والمرأة (زوجة كانت أو أما أو بنتا أو أختا أو"أجنبية" الخ) تقيم في الخاطر العربسلامي المذكر كعورة جليلة، مركّبة، بشكل محرج، من خليط "غميس" من مشاعر الرفض ومشاعر الإعزاز العصابي. وتداخل مشاعر الرفض والقبول، في خاطر الذكور، إزاء المرأة العورة أمر لا يجوز تركه بغير تدبير واع، ذلك أنه قد ينطوي على مخاطر رمزية ومادية تتهدد تماسك بنية الأمة التي هي في النهاية أمة/جسد متلاحم إذا اشتكى منه طرف تداعت له سائر الأطراف "بالسهر والحمى". هذه المخاطر هي التي جعلت الثقافة العربسلامية تعرّف لعورتها المركزية لائحة تنظم عليها اقتصاد الحلال والحرام، بين الإباحة (الكشف) والمنع (الحجاب). وحين أقول "اقتصاد الحلال والحرام"، فأنا أعني الوسيلة العملية التي تتوسل بها ثقافة ما لتعريف منهج لتنظيم التداخل بين تناقضات الحياة الروحية والمادية وذلك بسبيل صيانة تماسك جسم الجماعة المتضامنة على "شأن عام" أو مصلحة مشتركة عليا، هي نفسها موضوع مفاوضات ومساومات لا تنقطع. وفي هذا المشهد نظّمت الثقافة العربسلامية ـ وهي ليست استثناءا ـ نظمت اقتصاد الحلال والحرام ابتداءا من عورة المرأة وانتهاءا بها. وذلك من خلال جملة من التدابير المركّبة التي تضع اعتبارا لتحولات العورة بين مواقف الرفض والقبول، بين محاور الطيب والخبيث، وبين جغرافيا الداخل (الخاص) والخارج (العام)، فلائحة الشرع تتصرف في نسب الكشف والحجب حسب موقع الجسد المؤنث من خريطة الحرم (الخاص) والخارج (العام) لأن المرأة لا تحتجب في الداخل كما في الخارج، مثلما تتصرف فيه حسب طبيعة علاقات الأفراد الذكور الموجودين في معية المرأة، كون النساء يفلتن من شرط التحجب أمام بعض المحارم والأزواج والأطفال والرقيق والخصيان. . وتنظيم اقتصاد الحلال والحرام على جدل الخاص والعام يمتد لغاية تعارض المحلي (محل الحرم والحريم) والأجنبي (محل السبي والاغتنام)، وتعارض المحلي والأجنبي يملك أن ينمسخ، ضمن منطق انزلاق المعاني إلى تعارض بين التقليد والمعاصرة وقيل إلى تعارض أوغل بين "أرض الإسلام" و"أرض الحرب". وإذا كان الفقه الإسلامي قد فرض الحجاب كإجراء مقصود منه حماية الداخل (الأنثى) من الخارج(الذكر)، فان معنى الحجاب يملك أن ينزلق لمرام أبعد وأكثر تركيبا من المرمى العملي الإجرائي. الحجاب يملك أن يقرأ كميثاق ترابط يتضامن تحت رايته كافة الموجودين داخل جغرافيا "الخاص/ الحرم/الداخل/ المحلي/الطيب..." وقد جاء في الأثر أن الخليفة عمر بن الخطاب كتب إلى عامله أبي عبيدة: "فانه بلغني أن نساء المسلمين يدخلن الحمامات مع نساء أهل الشرك، انه من قبلك فلا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر إلى عورتها إلا أهل ملّتها"، فتأمل في حال ملة متخلّقة على قاسم مشترك أعظم هو عورة نسائها. وقد شهدت في التلفزيون الفرنسي قبل شهور بعض الذكور المسلمين المقيمين في فرنسا يصرحون بأنهم لا يسمحون لنسائهم ولبناتهم أن يتكشّفن للفحص الطبي أمام الأطباء الذكور حتى ولو كانوا مسلمين.
وهذا الواقع، واقع العلاقة العصابية مع الجسد المؤنّث، يجعل من الكلام في موضوع الخفاض أمرا يثير الضيق، المضمر والمكشوف، في خواطر أولاد المسلمين، لأنه يضطرّهم إلى عبور أرض العورات المفخخة بأنواع الحرج والهرج، أرض الجسد الأنثوي في السودان، ويضطرهم لكشف تناقضات النظر الأبوي الأيري (فاليك) إزاء جسد الإناث المبذول كبناء نصبي عتيد لمفهوم "العورة/الحرم". وحين أقول: مفهوم "العورة/ الحرم"، فأنا بصدد تعريف أداة قمينة باستيعاب جدل الرفض والقبول المركب للذكور العربسلاميين إزاء الجسد المؤنّث. جسد هو، في آن، حرث وحرم وحرام وعار وعورة وهواجس وهلاويس وقوارير وبلاوي تلبّك الخاطر واللسان وتحيق بالأمن العام، (أيوة "الامن العام" شخصيا)، جسد هو مال وغنيمة وثروة وثورة وفتنة نائمة وفضيحة دائمة، جسد كيّاد وخائن وغدّار يحالف الشيطان ويتربّص بالذكور المسلمين، يصرفهم عن تقوى الله ويردهم إلى شرط الحيوان . . هذا الجسد المؤنث الفالت من قيود الثقافة وتابو الأخلاق لا ينفع معه إلا الحجب والضرب (غير المبرّح؟) والقهر والبتر وغير ذلك من أنواع القتل الرمزي والمادي.


حرج" أولاد الغلفاء"

وفي هذا المشهد فان الخفاض على خارطة الجسد العورة يحتل موقع الحظوة باعتباره "عورة العورة". وفي خاطر الغالبية من أولاد العربسلاميين المعاصرين يبقى الخفاض نوعا من قاسم مشترك أعظم مضمر بين "أخوان البنات" (المخفوضات) الذين لا يتورّعون عن شتم خصومهم بـ "أولاد الغلفاء" على زعم صلد ثابت في عمق الذاكرة التقليدية فحواه أن النساء غير المخفوضات يندرجن في فئة وضيعة نجسة لا تشرف بني الإنسان. وشتم الخصوم الذكور بإحالتهم لغلفات إناثهم تقليد قديم عرفه العرب ومارسوه حتى بعد أن كفّوا عن وأد البنات. وقد سبّ عُليم بن خالد الهُجيمي الشاعر الأبرش الكلبي بأن أهله يُعبرون النساء، أي يتركون ختانهن (ويقال :امرأة معبرة إذا طال بظرها)، قال له وهما في مجلس هشام بن عبد الملك: "ولكنكم يا معشر كلب تُعبرون النساء وتجزّون الشاء، وتكدّرون العطاء، وتؤخرون العشاء وتبيعون الماء. . " (أبو حيان التوحيدي، كتاب الإمتاع والمؤانسة، دمشق 1978).
وفي ثنايا الذاكرة الجمعية الموروثة من ثقافة المجتمع التقليدي قبل الرأسمالي يمكن للخفاض أن يتأسّس كميثاق يربط أعضاء العشيرة بما يجعلهم يتضامنون عليه كموضوع للتفاخر(أو للعار حسب الملابسات)، بحيث أن الفتيات غير المختونات يمكن ـ تحت تأثير الثقافة التقليدية المهيمنة أو تحت تأثير الضغط النفسي الجبار من طرف الراشدين في الأسرة ـ يمكن أن يطالبن بالخفاض طواعية رغم معرفتهن المسبقة بهول الألم الذي ينتظرهن بين يدي الـ "طهّارة". ذلك أن الخفاض في حقيقته "الثقافية" هو "طقس عبور" تتوسل به الفتاة للعبور من مركز الطفلة الخام "الجاهلة" لمركز الأنثى "العارفة" بقدر نفسها وبطبيعة دورها ضمن أعراف العشيرة. والخفاض هو بعض من "تمثّلات الكتابة" العشائرية على جسد الإناث. (شفت كيف يا عبد اللطيف؟). وهي كتابة نهائية تطمح للديمومة بتثبيت النص بالموس على لحم الجسد الطفل. وليست بين يدي حاليا أية إحصاءات أو استطلاعات عن نسبة النساء السودانيات اللاتي يؤيدن ممارسة الخفاض على بناتهن لكننا يمكن أن نتّكيء على تقرير نشره
قبل فترة "المجلس القومي المصري للسكان". ذكر في تقرير نشر في فبراير 1997، أن "ثمانية نساء من كل عشر مصريات يؤيدن مواصلة ممارسة الخفاض كعادة حميدة " ( لوموند 26 يونيو1997).

والخفاض هو أيضا مربط حرج لأولاد العربسلاميين على طول وادي النيل كونه يتلبس بلبوس الدين كـ "سنّة" نبوية. وقد يتذرّع بأحاديث (ضعيفة أو قوية) منسوبة للنبي("أشمّي ولا تنهكي")، كما قد يجد دعما رمزيا لا يستهان به من بعض الدعاة المحافظين المحسوبين على الإسلام. غير أن الأدهى من كل ذلك هو أن الخفاض يتمتع بدعم مهم وسط قطاع لا يستهان به من متعلمي الطبقة الوسطى الحضرية الذين لا يتورّعون عن التحالف مع الدعاة الدينيين الإسلاميين بسبيل الدفاع عن خفاض الفتيات في شمالي وأواسط وادي النيل.
وإذا كان موقف الغالبية العظمى من النساء المصريات المؤيدات للخفاض يمكن أن يتفسّر بامتثالهن لضغط التقاليد وإرهاب الاسلاميين فان الأمر المحير حقيقة هو في موقف الأطباء المصريين الذين تحالفوا مع الأصوليين المصريين لمواصلة خفاض الفتيات، وفي مستشفيات الدولة كمان.
جاء في دراسة أجراها "مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان" تحت عنوان "موقف الأطباء من ختان الاناث" (آمال عبد الهادي وسهام عبد السلام، 1998)
أن نسبة 49 في المئة فقط من الأطباء ترفض رفضا تاما ختان الإناث. أما الباقين الذين يؤيدون الختان بدرجات متفاوتة فهم يتوزعون بين :
واحد وثلاثين وسبعة من عشرة في المئة مؤيدون لإجراء الختان لنسبة ضئيلة من النساء. ثمانية عشر في المئة مؤيدون لإجراء الختان لنسبة كبيرة من النساء". . "وعلى صعيد المواقف العملية نجد أن معارضي الختان لم يختنوا بناتهم ". . "وأيضا الغالبية العظمى ممن يرون الختان ضروريا لنسبة قليلة من النساء لم يختنوا بناتهم. لكن الموقف يختلف مع مؤيدي الختان. فرغم أن أغلبهم لم يختنوا بناتهم، إلا أن حوالي ربعهم ختنوا بناتهم بالفعل. كما أن أغلبهم أفاد بأنهم سيختنون بناتهم في المستقبل.".
وتشير الدراسة إلى "التباين الواضح في محتوى التعليم الطبي بين الجامعات المختلفة". . "يميل خريجو طب القاهرة إلى رفض ختان الإناث، ويقل مؤيدو الختان بينهم " . . "وفي المقابل يميل خريجو طب الأزهر لتأييد الختان، ويقل بينهم معارضو الختان" . . "أما خريجو جامعة عين شمس فيحتلون موقفا وسطيا . . " ( ص 11 و12). .
وهكذا . . . .
ولوكان هذا هو حال العربسلاميين في مصر "أم الدنيا" فحدّث، ولا حرج، عن العربسلاميين في السودان "أبو الدنيا"(كما عبّر خلف الله عبّود مرّة). حقا هي دنيا "بت غلفاء"، هذه الدنيا التي تبيح لراشديها انتهاك الأطفال باسم العقيدة المحدّثة.


حرج الجمهوريين

وفيما وراء الشقاق الفقهي حول الأحاديث النبوية الضعيفة والقوية يبقى موضوع الخفاض علامة مهمة في المنظور التاريخي لتأسيس الحداثة السودانية ضمن ملابسات النضال ضد الهيمنة الاستعمارية. وذاكرة الحركة الوطنية تحفظ لمناقشة الخفاض خانة حظوة ضمن مشهد الخلط والاشتباه وسوء الفهم (العفوي والمقصود) الذي أجّج له متكلمون، فيهم مستعجلون وفيهم مغرضون، في موضوع معارضة الأستاذ محمود محمد طه (وأهل رفاعة) لقرار السلطات الاستعمارية بتجريم من يمارس الخفاض.
وقد سجنت سلطات الاستعمار الأستاذ محمود لموقفه المعارض لقرارها وتظاهره ضد تجريم الخافضة وأسرة الطفلة المخفوضة. والصراع بين الأستاذ محمود وسلطات الاستعمار كان (ومازال؟) صراعا بين نسختين متعارضتين للحداثة. رغم أن النظر المستعجل (أو المغرض سياسيا) يملك أن يقرأه كصراع بين الحداثة والتقليد. فمشروع الحداثة الاستعمارية يتلخص في ضرورة تحديث المجتمعات المستعمَرة بالقوة وبأسرع ما يمكن بغاية دمجها في منطق تنمية رأس المال الاستعماري. وفي هذا المنظور يمكن فهم المشاريع التي تستهدف أوجه التنمية المادية، كالتعليم الوظيفي وبناء الخدمة المدنية الحديثة وتطوير المواصلات وتنظيم التجارة على أسس السوق العالمي ومكننة الزراعة وتوجيهها الخ. . والمشاريع التي تستهدف أوجه "إعادة" التربية الـ "رمزية" للمجتمع المحدّث كتسويغ النمط الأوروبي للحياة الاجتماعية في الملبس والمأكل والمسكن، وقبول أمور كانت تتعارض مع التربية التقليدية والدينية كقبول نظام المحاكم المدنية التي همّشت من النظام القضائي الموروث من المجتمع التقليدي أو قبول التعامل مع النظام المصرفي القائم على الربا وتعليم الفتيات وقبول حظر الاسترقاق والتخلي عن بعض أوجه الممارسات الثقافية التي صنّفتها السلطات الاستعمارية في باب "العادات الضارة" كخفاض الفتيات الخ.
وفي هذا الأفق، استفردت السلطات الاستعمارية بالمشروع الحاثي واحتكرته وحرّفته ليتطابق مع المشروع الاستعماري، وغررت بالسودانيين الذين انخرطوا فيه حين استشعروا بالغريزة المنفعة الكامنة في طياته التقنية في مجالات التعليم و الخدمات الصحية والمواصلات وتنمية البيئة الخ.
ومن الجهة الأخرى انطوى مشروع الحداثة السودانية، على الأقل، في نسخة الأستاذ محمود، على طعن مبدأي وجذري في شرعية قوامة المستعمرين على المشروع الحداثي. وكان موقف الأستاذ محمود يتلخص ببساطة في كون المشروع الحداثي هو مشروع اختيار حر وواعي ضمن كفاح الناس لتملك مصائرهم. وطالما لم يتوصل السودانيون لقناعة التخلي عن تقليد الخفاض فليس من حق السلطات الاستعمارية أن تفرض عليهم خياراتها الثقافية والأخلاقية. ووجه الاشتباه في الصراع بين الأستاذ محمود والسلطات الاستعمارية يكمن في أن موقف محمود، على حداثته الأصيلة، يملك أن يقرأ كدفاع عن التقليد قبل الرأسمالي في أحد أكثر تعبيراته بربرية، بينما تنفرد السلطات الاستعمارية، التي هي أصلا غير معنية بحداثة التنوير الانساني، بدور حارسة قيم الحداثة والتقدم والتنوير.
ولا شك أن محمود محمد طه كان واعيا بطبيعة التركيب اللاحق بسؤال الخفاض كأحد محكّات إشكالية الحداثة، مثلما كان عارفا بمخاطر الاشتباهات السياسية التي تترصّده عند منعطفات الحداثة في الساحة السياسية السودانية. وأظن أن قناعته بأهمية تقعيد الحداثة في السودان كفعل اختيار حر وواعي هي التي جعلته يقبل التعرض لمشقات الاعتقال ومشقات سوء الفهم بين قطاع من المتعلمين السودانيين الذين لم يفهموا أن الغاية من موقفه كانت هي إنقاذ المشروع الحداثي في السودان، بل وانتزاعه انتزاعا من قبضة السلطات الاستعمارية ، وليس الدفاع عن خفاض الفتيات.
وأظن ـ آثما ـ أن خطر هذا الالتباس يقيم بين الأسباب التي يمكن أن نفسر عليها عزوف الجمهوريين النظاميين عن الخوض في تفاصيل قضية رفاعة التي تظل حتى يومنا هذا قضية قابلة للتحريف والخلط المتعمّد وغير ذلك من أنواع الابتذال الذي امتاز به جل خصومهم السياسيين. فبالمقارنة مع سؤال الصلاة "الحركية" الذي أنهكه الجمهوريون النظاميون بالنقاش المثمر الجاد أرى أن سؤال الخفاض بقي في هامش حركة الجدال الجمهوري. وهو في نظري الضعيف سؤال جبار كونه يفتح سكة المفاكرة في بعد أصيل من أبعاد تخلّق الحداثة السودانية ضمن مشهد جيوبوليتيك الجسد.
الكلام عن محكّات الحرج في جسد الحداثة السودانية ذو شجون لا تنتهي، ولا بد لنا من عودة متأنية لتفحّص بعض أوجه سياسات الجسد في الأفق الجمالي للجماعة العربسلامية في السودان، وهذه فولة تحتاج لجيش من الكيالين من ذوي العزم الحديد ، والحاضر يكلم الغايب.

ÚÇÆÔÉ ÇáãÈÇÑß
مشاركات: 164
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 6:43 pm

مشاركة بواسطة ÚÇÆÔÉ ÇáãÈÇÑß »

فعلا الحديث ذو شجون يا عزيزنا حسن ..
وهذه القراية المستعجلة والمفطفطة مع دغسات النعاس تورطني للعودة من جديد ، ولو اعلق الا في نقطة ولا اتنين .. والاولى هي ملاحظة تماضر من احتمال سقوط بعض الاسماء سهوا بخصوص التوقيع فارجو من الاخت ايمان مراجعة هذا الامر ، حتى نحنا الواحد اخشى ان يكون وقع مرتين .

التانية بخصوص طهور رفاعة (والذي جرى لممثلة مشهورة ، لها التحية وعلي قولها قد لازمها النحس بهذا السبب ) والثورة التي حدثت او حرابة النيم كما يسميها ناس رفاعة والتي غنى لها الخراجة( يوم حرابة النيم ..انقلبنا حريم ) ما يهمنا هو موقف الاستاذ محمود فأنا لي راي آخر مغاير ربما لاني من ناس رفاعة وهم يحفظون تفاصيل الموضوع يا حسن . أصل المسألة ما كانت بسبب القانون وتجريم الخفاض أنما بسبب تطبيق القانون بصورة متعسفة مما ادى الى سجن ( والدة بت الطهور )والطهارة ، وهنا مربط الفرس فالمجتمع لم يكن يتقبل أن تسجن أمرأة بسبب خفض ابنتها لان الخفاض في راي هذا المجتمع البسيط هو الصاح 100المية وهو فرح ومكرمة .. فثارت رفاعة من أجل أطلاق سراح النساء المسجونات حتى يطلق سراحهن ، فسجن المرأة عيب كبير وعليه سعى المتظاهرين لاخراج هؤلاء النسوة بالقوة وعلى رأسهم محمود محمد طه والصباح رباح .
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

جيو بوليتيك الجسد.. بين الحركة و السكون

وعدت بالعودة لسؤال الالتواء الحداثي في السودان و عواقبه على واقع العلاقة مع الجسد ضمن مشهد الثقافة العربسلامية في السودان.و بين الوعد و الوفاء مسافة ـ و قيل " جبدة" ـ من الهموم، المادية و الرمزية، التي تفرض التسويف( والمحركة؟)، و في الانتظار يتفلّت الموضوع في أكثر من اتجاه ويشتبه حابل الفن فيه بنابل السياسة و يصير الخاطر في حيث بيث،( و هي ازرط من" حيص بيص").
المهم يا زول، استقر عزمي الجديد ـ "و لا يفـلُّ الحديد الا الجديد " كما في المثل غير المعروف ـ استقر على مراجعة نص في مسألة الرقص، كنت نشرته على قراء "جهنم" رقم 25 عام 2004 .وما أعقبه من مفاكرات جادت بها أقلام الصحاب الحادبين على سياسات الجسد في السودان.و المراجعة ، في حقيقتها، مشروع كتابة جديدة تطمح لتقصّي المعاني الكامنة في ثنايا النص و سد الفجوات التي استعصت على الكتابة الاولى.و عليه أعوّل و أتوقّع، و قيل أتوق توقا لقراءة مراجعات الصحاب الحادبيين على القراءة الكاتبة الرشيدة المؤازرة ، كون أمر سياسة الجسد في السودان أمر عجيب عامر بالاشتباهات التي يحتاج الامساك بها لفريق بحاله من المراجعين القانونيين العدول العاكفين على قوانين الجسد و قوانين السياسة في مجتمعنا المعاصر، كون " اليد الواحدة لا تصفق ولا تكتل غزال" كما جاء في حكمة الأهالي.و في هذا المشهد فقد سعدت كثيرا بالقراءات النقدية المؤازرة من طرف بعض قراء" جهنم" لورقتي " السر المكنون بين الحركة و السكون" و أسالهم الاذن لايراد مداخلاتهم ضمن هذه الكتابة فتعم الفائدة و نفتح الباب للريح فتستريح.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

مشاهد في غربة الجسد المسلم
ــــــــــــــــ
1 ـ مشهد الالتواء
ثمة حديث نبوي يقول ما فحواه: بدأ الدين غريبا و سيعود غريبا فطوبى للغرباء الذين يحيون سنتي بعد اندثارها. و هو حديث طالما سمعته عند أصدقائي الجمهوريين ضمن سعيهم لتسويغ غرابة الفكرة الاصلاحية الجمهورية بين أنواع الفكر الديني الاصلاحي المعاصر باعتبار الغرابة علامة أصالة.أقول هذا و أنا عارف أن الفكرة الجمهورية لم تعتمد على صفة الغرابة وحدها في استقطاب اهتمام جمهور واسع من المثقفين المسلمين في السودان. لكن فكرة غربة الدين في خاطر المسلمين تشغل اليوم أحد المحاور الرئيسية للنقاش الدائرحول اشكالية "الحداثة/التقليد" . و أنا أصر علىتركيب عبارة" الحداثة/التقليد " بهذا الشكل حتى لا اقول " الحداثة أو التقليد " أو " الحداثة و التقليد" ، كون العبارة التي تقوم على صيغة العطف أو على صيغة المخايرة انما تنطوى على فكرة انفصال واستقلال مفهوم الحداثة عن مفهوم التقليد. و هي فكرة تخلقت تاريخيا ضمن المنهج الميكانيكي الذي يفترض وجود كيان مفهومي حداثي في حالة مواجهة أو حالة مباراة ضد كيان مفهومي تقليدي.و هو منهج مريب كونه يفترض وجود فضاءات فالتة من منطق الحداثة، هي فضاءات التقليد. و وجه الريبة في هذا المنهج هو أن الناطق باسمه يتخذ سمت الحَكَم المحايد بين نقيضين افتراضيين ليموّه من واقع كونه يصدر عن مرجعية حداثية. وفي هذه الوضعية نجدنا أمام أحد تعبيرات الالتواء المفهومي لحداثة رأس المال التي تصنّف مكونات الواقع الاجتماعي التاريخي لمكون حداثي و مكون تقليدي ثم تعارض بينهما و تخلص الى تأثيم المكون التقليدي و ادانته بذريعة انغلاقه و معارضته لقيم التقدم و التنوير.و في هذا المشهد ، مشهد التواء حداثة رأس المال الكولونيالي و النيو كولونيالي المتعولم أنظر للنزاع الذي حصل بين محمود محمد طه و سلطات الاستعمار حول قضية الخفاض في رفاعة، مثلما أنظر لنزاعات أخرى ساحتها هذا الجسد المسلم الحديث المسقط على شاشة التقليد.أن تغريب الجسد المسلم ( في المعنى الحضاري التاريخي لتناقض ارادة دمج الجسد مع نظام الوجود الانساني
Alienation
) و تغريبه في المعنى الشخصي لفقدان الشخص لمفاتيح المقروئية لتي تمكنه من دمج جسده في جسد الجماعة القريبة، أمر مركب تتعذر الاحاطة به بدون الخوض في التواءات الحداثة الرأسمالية المعاصرة. بل أن غربة الدين في سياق ثقافة الحداثة الرأسمالية التي غمرت حياة المسلمين المعاصرين ، تكاد تكون أحد الاسباب الرئيسية التي تحفز الاصلاحيين الاسلاميين على انتاج فكر حداثي متلبّس بلبوس التقليد قبل الرأسمالي.فكر ديني اصلاحي،أو مصالح بالأحرى، كونه يصالح الدين مع واقع حداثة رأس المال التي لا يملك المسلمون أزمّتها و لا يقوون على ردها أو تجاهلها.و في العقود القليلة الفادمة سيأتي وقت يجد فيه المسلمون أنفسهم في مواجهة قوانين " وحدانية السوق " التي ترعاها منظمة التجارة العالمية و سيستفرد بهم غول التسليع الغاشم يبيع فيهم و يشتري و لو يشاء يدخلهم في ذلك الموضع الحرج من "الوزَّة" و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
أقول: الغربة في اللسان العربي هي الحال العجيب غير المألوف ، البعيد عن الفهم ، الناتج عن اختلال علاقة الدال و المدلول. فعلاقة السلوك الدال بمدلوله انما تكون ضمن سياق دلالي يكسب فيه كل من طرفي المعنى قيمته في اطار الثقافة السائدة.و هذا الفهم يضفي على معنى الغربة نسبيته ضمن الاطار الاجتماعي التاريخي المعين.فنحن كمسلمين لا نحس بغربة ذات بال ضمن ثقافة المجتمع الشرقي قبل الرأسمالي التي ورثناها ضمن ما ورثنا من متاع التاريخ.لكن غربتنا المعاصرة، غربة الجسد و الخاطر، انما تتمثل عبر التناقض التراجيدي( و الكوميدي أحيانا) الممتد بين" صورة الجسد" الموروثة من تقليد الاسلاف المُحدَّث و" صورة الجسد" التي تطرحها علينا ثقافة حداثة رأس المال في التواءاتها الأوروبية.هذا التناقض "التراجو/كوميدي" المنسوج من خيوط سوء الفهم العفوي و المقصود و من عوارض الجغرافيا و التاريخ يلفنا بظله الثقيل الواسع و يفرض علينا وضعيات سلوكية محيرة.فنحن نحس بغربة تحت ظل ثقافة الحداثة الرأسمالية التي نتقاسم قيمها مع من نشاركهم أقدارها. و لكنناأيضا نعرف أننا طرف أصيل في بنية ثقافة الحداثة الرأسمالية بقدر ما تفرض علينا هذه الثقافة المهيمنة الصادرة من خبرة التاريخ الاوروبي وضعيات سلوكية جديدة على تربية التقليد.و مساهمتنا، بل وشراكتنا، في حداثة رأس المال انما تكون متأثرة، بصورة أو بأخرى، بما انطوت عليه ذاكرتنا من أمور يجهلها شركاؤنا الآخرين( الاوروبيون و غيرالأوروبيين) في ثقافة رأس المال.و حين أقول بـ " مساهمتنا" وبـ " شراكتنا"، نحن الحفاة العراة رعاء الشاء ، في حداثة رأس المال فأنا اعني نوع المواقف ـ مواقفنا المعارضة ـ التي تملك أن تدفع بالنسخة الأوروبية لحداثة رأس المال الى أرض النقد الخلاق الذي يساعدها على تجاوز ضيق الأفق السياسي غير الاخلاقي و انسداد البصيرة التجارية التي لا تقيم اعتبارا لغير الكسب الافتراسي و غباء الموقف العرقي الجائر الذي لا يقيم وزنا للتنوّع الانساني.و في هذا الافق فنحن "أهل وجعة " و " اصحاب مصلحة حقيقية " في اصلاح الحداثة.نحن فرصة الحداثة الاخيرة في أن تكون و ليس من بعدنا سوى طوفان الخراب و القيامة بلا غد.
على هذا الفهم أبني معالجتي لمفهوم غربة الجسد العربسلامي المعاصر في السودان ـ و في غيرة ـ على واقع التحول و الاختلال الذي أصاب السلوك الدلالي الجسدي في علاقته بالمحيط الثقافي للمجتمع الحضري الحديث.ذلك أن الانخراط السريع لأهل الحواضر السودانية في ثقافة الحداثة الرأسمالية ـ على مدى جيل واحد ـ يضع الرجال و النساء الذين كتبت عليهم مباشرة تقعيد الحداثة في حياتهم ، في لحمهم و في دمهم ، يضعهم في حال مواجهة و تفحّص مستمر لعناصر الحداثة و التقليد المبذولة أمامهم في شكل أسئلة يومية الاجابة عليها تعينهم على مفاوضة حيز جديد يعرّفون عليه صيغة خيارهم التاريخي لحداثة تمسك بخناق الجسد و تميل و تفجر بمعانيه الموروثة.هذا الحيز الجديد لثقافة الجسد العربسلامي هو بحق أحد المجالات الاكثر شعبية التي ينشط فيها الاصلاحيون المسلمون من كل لون.و كل يدلي بدلوة على زعم أن الجسد أول خطوط المواجهة في حرب التقليد و الحداثة. و في نظري الضعيف ، فأهل الاصلاح الاسلامي، الذين لم ينتبهوا، الا مؤخرا، لجبهة الجسد، قد أدركوا بحدس الغريزة الثقافية أن الجسد المسلم هو آخر خطوط الدفاع عن الدين التقليدي قبل الرأسمالي.و من رحم الهزيمة الجديدة الوشيكة سيخرج اصلاحيون اسلاميون جدد لترميم الدين الجديد على شروط منظمة التجارة العالمية فيسوّغون استرقاق أولاد المسلمين باسم اقتصاد السوق الحر ويسوّغون تعهر بنات المسلمين باسم صناعة السياحة الوطنية.ولم لا ؟ فمن قبلهم قام الصيارفة الاسلاميون بترميم الدين المحدّث ، على شروط النظام المصرفي العالمي، و تفتقت قرائحهم عن أشد الذرائع التواءا لتسويغ الربا تحت يافطة البنوك الاسلامية، و الحمد لله على كل شيء..
اذا كانت بلاد المسلمين تحترق،من جراء حرائق الهيمنة العولمانية التي يشعلها و يصون لهيبها سدنة رأس المال، بينما علماء الدين عاكفون على فقه العناية بالجسد على سنة رسول الله ، من شاكلة العناية باللحية أو وضع الكحل على العينين ، مرورا باستراتيجيات كشف و "حجاب" أجساد الاناث، لغاية خفاض الفتيات المسمى " طهارة"الخ ، فما ذلك الا لأن فقه العناية بالجسد صار آخر ملجأ يسع المسلمين الهاربين من مواجهة تناقضات الحداثة ،على كثرتهم.
أقول هذا و في خاطري التظاهرة الكبيرة التي نظمها الناشطون الاسلاميون في فرنسا قبل شهور أثناء المنازعة القانونية و السياسية و الاعلامية الكبيرة، حول ما عرف بـ " قضية الحجاب " .فقد شاهدت في التلفزيون الفرنسي المئات من الفتيات المسلمات الفرنسيات يحملن لافتات تبرر التحجب و سمعت بينهن من كن يدافعن عن حقّهن في التحجّب على زعم أن الحجاب هو "هويّتهن".أو كما جاء في المثل المغربي:
" قالوا : آلعريان واش بغيت ؟ قال: خاتم" .
أن فقه العناية بالجسد على سنة رسول الله ،الذي استشرى عبر وسائل الاعلام هو في حقيقته مسعى حداثي يدبره مسلمون حداثيون يقيمون ، على خوف وعلى حزن كبير، فوق سطح الجزء الظاهر من آيسبيرغ الالتواء الحداثي المتنكر في زي التقليد الاسلامي.
و لا يظنّن أحد أن الخوف و الحزن و القلق على مصير الذات، والذي يتوسل بوسيلة الجسد ليعبّر من خلالها عن أزمة اجتماعية و وجودية مركبة، هو أمر يقتصر على أولاد و بنات المسلمين وحدهم.فأولاد و بنات النصارى معنا" في سرج واحد"، و ذلك ببساطة لأن أسئلة الجسد المطروحة اليوم( ماذا نأكل؟ و ماذا نلبس؟ و كيف نتحرك؟و كيف نتناسل؟ و كيف نسكن؟ و كيف نعمل؟ الخ) صارت أسئلة تستفرد بها و تحتكرها سلطات التجارة الكبيرة المتعولمة التي تسعى بكل السبل ، المشروعة و غير المشروعة ، لتجعل من الجسد سوقا للاستثمار بلا حدود و بدون أية عوائق اخلاقية أو دينية أو سياسية.لكن أولاد و بنات النصارى يتصرفون أزاء هذا الواقع بشكل مغاير للشكل الذي يتصرف عليه أولاد و بنات المسلمين ، و هذه فولة أخرى مكيالها مغاير بطبيعة الحال.
ان الميل الاسلاموي المعاصر لوضع النقاط على حروف الجسد المسلم المعاصر ما هو سوى الطرف الظاهر من مسعى مواجهة النسخة الاوروبية من حداثة رأس المال على أرض الجسد.و الاصلاحيون الاسلاميون(الاصوليون و غير الاصوليين) انما يسعون لبذل بديلهم لسياسة الجسد في مواجهة الطروحات الحداثية التي ترد بشكل عفوي و مكثّف ضمن معطيات السوق العالمي.و طروحات حداثة السوق و تدابيرها التي تمس أحوال الجسد انما تستقر في الخواطر و في العادات و الاستخدامات العملية اليومية و في اللغة، بدون استئذان و بدون أدنى شرح أو تبرير لضروراتها أو لأسباب وجودها.فأهل الحواضر في السودان تزيّوا بالزي الاوروبي و أكلوا الطعام الاوروبي و استحسنوه، و أخضعوا أجسادهم لأدب الجسد الاوروبي ، دون نقد و دون أن يتساءلوا عن ضرورة هذا التصرف و أسبابه ضمن التاريخ الثقافي للأوروبيين أو ضمن تاريخهم هم.و في الحقيقة، لم تكن بين أولويات أهل الحواضر السودانية يوما ضرورة تقصّي الاسباب الانثروبولوجية لأدب الجسد الاوروبي الذي تبنّوه، و لم يكن لهم حق الخيار بين أدب الجسد المحلي التقليدي و أدب الجسد الأوروبي الحديث.فهم قوم خرجوا من رحم الهزيمة الدامية في كرري، و هم في عجلة من أمرهم،بين ضغط الترغيب و الترهيب، و فتنتهم الحداثة التي استقرت في بلادنا بالعنف و بالتقتيل و أنواع الغوايات الحديثة، ثم توهّطت في أرض التقليد التي اخضعتها تنهى و تأمر بغير رقيب أو حسيب، و في أفقهاـ في أفق حداثة السوق الاوروبية ـ فلا مجال للاستئذان أو للتروّي حين يتعلق الامر بتطبيق أولوياتها على أجساد المقهورين على اختلاف دياناتهم السابقة.
و هكذا يمكن تلخيص فعل الحداثة الاوروبية الاكثر فداحة في خاطر المسلمين المعاصرين بفعل التغريب ، تغريب المسلمين عن" صورة الجسد " التي أورثتهم اياها ثقافة الاسلاف .و لفهم غربة الجسد العربسلامي المعاصر نحتاج للتأني في تعريف المجتمع الاسلامي التقليدي لمفهوم " صورة الجسد" أو لنموذج الجسد المسلم، الذي يعرّف المسلمون على أساسه علاقة الافراد بأجسادهم و دلالة وجود جسد الفرد ضمن جسد الامة، و علاقة جسد الامة بجسد الوجود كله.
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

الصديق حسن
تحيات نديات عطرات بقدر ندى راحك (بكسر الحاء) وقيل ندى اصبعك او ذهنك ...
اتابع حديث الشجون والقمع،، تباريح الجسد الجيوبولتيكى واقتصاده السياسى، الجسد المحير (ام بيننا وفيناالمبرحون والمحيرون؟؟) ... وقت اشارك بحكوة صغيره ...
انت تقول
حرج الشأن العام .... "
لكن الكلام في الخفاض في السودان أمر يحفّه الحرج، المضمر والمكشوف، من كل جانب، حتى أن كاتب في مثل فطنة الأستاذ ..... " الخ ...
ولان كل شاه معلقه من عرقوبها اود ان اسرد ما يخص معركه خاصه خضتها فى جبهة الخفاض - وبالوكاله طبعالاننى لست المخفض- ، وهى معركه خسرتها بجداره ولكنى لم اخسر الحرب ... والتى - اقصد حرب الخفاض وليس معركته - كسبتها بعد عقدين من المعركه الاولى . ..ومافى زول طالبنى حليفه ...
وما يخصنى هو اننى وبحكم خيلاء طالب جامعة الخرطوم حينها – و كما يعتقد انه فوق كل ذى علم عليم – وقبل ايام معدودات من يوم خفاض شقيقتى والطقوس الاعداميه والجرتقه الماكره تملا كل فضاء ،، نعلت ابليس وامتشقت حسامى وقلت امرق الكلام من ضلام القلب لنور الفعل ... اتوكلت وقلت "للوالد" – والقوسين بداية قلة حيلة التكتكيك ،،، وقيل هوانه وهوان الموقف الايدلوجى فى مشهدى المشاتر وغير المشاتر-
قلت له : يا ابوى انتو ليه بتطهروا البت ؟؟؟
وكنت حينها معه وجها لوجه فى ضل العصريه وهو يستلقى على هباب-بتشديد الباء- عنقريب- حاف الا من مخده ... - وكانت الوالده حينها مشغوله بتجهيزات ما تعتز به –
كان رده/ الهزيمه- والذى فى قمة اعتزازى غيرالمسوب حينها-
ضحكه ساخره مجلجله اربكت ما تحسبت له من نقاش واخذ ورد من والد بدا لتوه ، وتنازل من عليائه –امد الله فى عمره- بدأ تواضعا منه- ان يلعب معى- كشتينه- "وست" فى تلك السنوات لان قبلها كان يعلن على رؤوس الاشهاد ان اللعب مع الابناء –وانا اكبرهم- مضر للتربيه ومبدد للاحترام... وحسبت ان والدى اعتبرنى فى عداد الكبار –والكبار عندى من يحسن دخول الجامعه او باعتبارانه سيكون فى حلم اب سودانى فقير فى اواخر السبعينات ان ابنه سيلتحق بنادى عتاة العربسلاميين.
وانتظرت الرد السريع والذى بدا بضحكه ساخره اخير منها العكاز...
يازول كانت جذوة ضحكته البطريركيه المجلجله فوق خراطيم مياهى الحداثيه القضه .... ثم اردف الضحكه/السلاح بقوله:" يعنى انت داير هسا بلا خجله تتكلم فى طهور اختك؟؟؟؟"
وكان الغضب والاستنكار والشجب - والذى لم اعهده ابدا فى علاقته معى والتى اتسمت بقراءة الشعروالاعراب وعدم ارتياحه لكتب الاستاذ محمود التى ترقد على تربيزة الديوان بدرجه اكثر حده من كتب ماركس وانجلز الخ –
بدات كل تلك العلاقه تتبدد برجائى وقيل
I am asking not telling
كما يقول الفرنجه
وكنت حينها على مشارف الخط الاحمرو ال
Bottom line
،، والمعركه التى اقتحمتها دون جيش عرمرم ومع من .. مع والدى ؟؟ بدات خاسره الا من حيث انها ستكون الاولى فى مقتبل معاركى ..
. وابى يستنكر تدخلى فى امر" النسوان" كما هو واضح من الافتراضات ..
ويمر الزمن الى ان التقى بالبروفسر"الرجل" فى امريكا الشماليه فى 1998 و الذى صرح فى محاضره تبعد عشرين عاما من ذلك الحدث بانه "
" "Feminist " ،، ثم تذكرت المعركه التى دارت بينى وبين والدى .. وكيف اننى كنت "فمنستيا" ولكنهن لا يدرين –رحمهن الله --.
وهذه مجرد دعوه لهن – من دون فرز سياسى- بان يحكين تفاصيل جحيم التجربه –دون ابتذال وحسب البراح النفسى - كما فعلت الاخت تماضر فى موقع اخر- حتى يهتز جذع الايدلوجيا الفرعونيه الخرافى القميئ والقمعى .
حتى لا ياتى من يتباهى علينا بقطع بظر امه
Cheers
الفاضل الهاشمي
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

الفاضل
سلام جاك
شكرا على القراءة المؤازرة
و حرج الكلام في الخفاض جبّار كونه يموّه من صورة المأساة تحت غشاء الحياء.و من الحياء ما قتل.لكن الحرب التي نكسبها هي الحرب التي نختارها و ان خسرنا أول المعارك، و الحرب سجال كما جاء في الاثر.
سأعود للمنفعة الآيديولوجية في أمر" الحياء السوداني" الذي يجعل القوم يتخندقون" في اضافرينهم" كلما انطرح أمر الجسد.
مودتي
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشهد " صورة الجسد"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و ما أدراك ما " صورة الجسد"؟
" صورة الجسد "
« schéma corporel »
(و قد أترجمة بعبارة " جسد الخاطر " حتى اشعار آخر)، مفهوم استقر، ضمن أدبيات الجسد الأوروبية، كتعبير اشكالي متحوّل من تحولات المصالح الاجتماعية و المنطلقات الآيديولوجية لمن تصدّوا لمعالجته في افق المجتمع الأوروبي الرأسمالي ، سيّما و منهجية مباحث الجسد لم تتأسس بشكل جدي الا بعد القرن التاسع عشر.
" ان التجربة المعاشة للجسد، قبل أن تتحول لمبحث علم نفس، فهي قد استقرّت زمنا كمبحث من مباحث علم وظائف الاعضاء، الفيزيولوجيا.و كان ذلك أمرا منطقيا حيث أن مبحث النفس لم يتأسس كعلم نفس الا على حساب العلمين اللذين كان أوغست كونت يختزل اليهما كل المعارف المتعلقة بالانسان.و هما : علم وظائف الاعضاء، الفيزيولوجيا، أو ما كان يعرف بـ " الفيزياء العضوية " و علم الاجتماع ،السوسيولوجيا، أو ما كان يعرف بـ " الفيزياء الاجتماعية". و هكذا بدا منطقيا التوصل للاستنتاج الآتي: اذا كان الجسم الحي يتعرّف على العالم الخارجي عن طريق الاحاسيس التي تبثّها المثيرات الخارجية عبر الحواس، فما هي الاحاسيس، أو بتحديد أكثر، ما هي الوظيفة الحسية التي تمكن كل فرد من التعرّف على كيانه العضوي الخاص؟ هل في الامكان تصوّر وظيفة حسية مقابلة للحسية الخارجية تؤمّن الاستقبال العام لكل الاحاسيس الداخلية النابعة من تلافيف الاحشاء ، من لحم الجسد و من دمه ..الخ؟
من هذه التساؤلات صاغ الباحث الفيزيولوجي " رايل"، في مطلع القرن التاسع عشر، المفهوم الغريب المبهم المعروف بـ " الاحساس العام" و الذي يعبّر عنه في الفرنسية بالـ " كوينيستيزي"
« coenésthésie »
و صدرالعبارة من اليونانية " كويني" و تعني " العام المشترك" ، و عجزها من " ايستيزيس" و نعني " الاحساس". و عبارة الـ " كوينيستيزي" أو" الاحساس العام" تدل عند مستخدميها على أمشاج من الاحاسيس العامة التي تعتمل داخل الجسد و تعبره وصولا للمركز العصبي لملتقى الجوارح"( ميشيل بيرنار، الجسد، ص 18)
(Michel Bernard, Le Corps, Seuil, 1995)
بيد أن مفهوم الـ "كوينيستيزي" رغم غموضه احتاز على انتشار واسع نسبيا بين الباحثين النفسانيين في القرن التاسع عشر كونه وفّر للباحثين أداة مفهومية أتاحت لهم معالجة الاسئلة المطروحة في فضاء الوعي النفساني بالجسد، و هي أرض بكر لم تكن مفاهيمها و مصطلحاتها قد تأسست آنذاك.لكن تطور مباحث الجسد هجر موضوعة " الاحساس العام" مع ظهور مفهوم " صورة الجسد" في أعمال الطبيب الفرنسي أ. بونيه عن الدوار و مشكلات التوازن الجسدي بالذات في كتابه " الدوار"(1893).يقول بيرنار في " الجسد":
" أكّد بونيه ـ من جهة ـ على أهمية الدور الذي يلعبه الحس الحركي المفصلي كونه يمكننا من معرفة موضع الروافع العظمية العضلية للجسد في علاقاتها المتبادلة و في اعتماد كل منها على الاخرى، كما أكّد ـ من جهة أخرى ـ على الاحساس اللمسي للأذن الداخلية التي تمكن كل منّا من عقلنة الوضعية الرأسية للجسد ، أو وضعيات السير في خط مستقيم أوالدوران.و هكذا افترض بونيه ، من فحص الحالات المرضية التي كانت تكشف عن اختلال في أداء الوظائف الحركية الجسدية ، افترض أن هذه الحالات المرضية انما تعبّر عمّا سمّاه باختلال " الصورة الجسدية"( شيما) في معنى اختلال التّمثّل الذهني لطبوغرافيا الجسد"(ص 20).و رغم النقد الذي لاقته فكرة " صورة الجسد " عند بونيه، الا أن زعمها الأساسي بكون كل فرد انما يتصرف جسديا على تمثّل ذهني لصورة جسده ضمن المكان الزماني المكاني، مكنها من الاستقرار ضمن موضوعات مباحث سيكولوجية الجسد ، و ذلك بفضل باحثين متأخرين مختلفين خرّجوا عليها تنويعات جديدة مثل " الصورة الجسدية ضمن الفضاء "( بيك)
« l’ image spaciale du corps » , (Pick)
" و هي الصورة التي تمكننا من موضعة أعضاءنا في الفضاء و ضبط توجهات الجسد في الفضاء". و بشكل عام يرى بيك أن" وعينا الطبوغرافي بالجسد، أي وعينا بتكوين الجسد و تمفصله و تضاريسهأ انما يستجيب لخريطة ذهنية أو لنوع من أطلس عقلي مصغّر متكوّم من تضامن الحس اللمسي الجلدي مع الحس البصري المقابل له..".."و الحس البصري ، عند بيك ،يحكم طبيعة الوعي الجسدي و ذلك عندما يتلقى الاحساس المحال تجاهه من جارحة اللمس.و أولوية الحس البصري عند بيك تتأسس على موضوعة " العضو الشبحي" في الحالات المرضية التي يفقد الشخص فيها بعض اعضاءة في الواقع بينما يظل العضو المفقود في موضعه الطبيعي على مستوى الصورة البصرية للجسد.فالشخص الذي يفقد ذراعه يظل ،على صعيد الوعي الطبوغرافي بتكوين جسده، يظل يتصرف كما لو كان الذراع المفقود في موضعة الطبيعي من الجسد.الجسد الذهني.و ذلك حال لخّصه " ديكارت" قبل" بيك" بزمان ، حين عبّر:
" ان احساس الانسان بالألم في اليد ليس مردّه أن النفس تستشعرالالم في موضع اليد و لكن مردّه أن النفس انما تعقل الالم في الرأس أصلا"( بيرنار،22،23) .
و قد تطورت مباحث " صورة الجسد" بما يفيض كثيرا عن سعة هذه الورقة ، و سأعرّج على بعض مفاهيم أدب الجسد الأوروبي التي تملك أن تدفع المفاكرة في خصوص اشكالية " صورة الجسد" ضمن مشهد المجتمع العربسلامي المعاصر في السودان.ذلك أن لـ" صورة الجسد" المتخلّقة في خاطر الثقافة العربسلامية الحديثة في السودان روابط كثيرة، مادية و رمزية،مع الواقع الاجتماعي المتعولم الذي تتطور عليه " صورة الجسد" ضمن تقليد الغرب الاوروبي .و ليس هناك مثال أكثر كفاءة من مثال المناقشة الراهنة في خصوص الخفاض لتجسيد التحات و التعرية، بل و الزلزلة الكبيرة، التي أدركت " صورة الجسد" الموروثة من التقليد الثقافي قبل الرأسمالي في السودان.
و النزاع الحاصل بين أنصار و أعداء الخفاض في السودان هو في الحقيقة نزاع على " السيادة "، سيادة الجسد., لو جاز لي التبسيط فأنصار الخفاض يقاتلون لصيانة " حقوقهم" الموروثة في السيادة الكاملةعلى أجساد الاناث، بينما أعداء الخفاض(و حلفاءهم الأوروبيون) يقاتلون لبسط " حق " حديث من " حقوق الانسان "، حق الشخص، ذكرا كان أو أنثى ، في التمتع بالسيادة الكاملة على جسده.و حين أقول أن أولاد و بنات النصارى( و اليهود) صاروا " في سرج واحد " على جبهة الجسد مع أولاد و بنات المسلمين، فذلك لأن واقع الصراع الطبقي المتعولم صار يطرح على الأوروبيين، و بشكل ملح، سؤال سيادة الجسد.و سأعود لاحقا لهذا الأمر، أمر حرب الجسد النصراني التي ستضطر أولاد و بنات المسلمين لاعادة تعريف المصالح المادية و الاحلاف الآيديولوجية وتحديد المواقف الفردية و الجمعية بالنسبة لنزاع السيادة على الجسد.
و الأدب الديني الاسلامي يعرّف للجسد صورة وجودية بالغة التركيب ابتداءا من المستوى المادي للانسان ككائن بيولوجي" خلق من ماء دافق . يخرج من بين الصلب و الترائب" ( سورة الطارق 5 ، 6 و 7) ، أو "..من علق"( سورة العلق 2), هو في أحسن صورة ، على مشيئة الخالق الجمالية" الله الذي جعل لكم الارض قرارا و السماء بناءا و صوّركم فأحسن صوركم و رزقكم من الطيبات ذلكم الله تبارك الله رب العالمين"(سورة غافر 64)،"..و صوّركم فأحسن صوركم و اليه المصير"(سورة التغابن 3)،مرورا بالمستوى الاجتماعي لوجود المسلم كفرد مندغم ضمن جسد الأمّة المسلمة التي هي " خير أمة أخرجت للناس"، أمة هي مركز الوجود و مبرر خلقه:" هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوى الى السماء فسوّاهنّ سبع سماوات و هو بكل شيء عليم"( سورة البقرة 29)، حتى المستوى النفسي الذي يتكشّف فيه وعي الانسان لشرط الحياة كسعي نحو الموت" و العصر ، ان الانسان لفي خُسر"(سورة العصر ،1،2)، لغاية مستوى الوجود الغيبي الماورائي الذي يجد فيه الجسد ـ جسد الفرد كما جسد الامة ـ حقيقة حياته بين لا نهايتي الجحيم و النعيم مما فصّل فيه الأدب الديني بأنواعه:" ان الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية. ان الذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك هم خير البرية. جزاءهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الانهار خالدين فيها أبدا، رضي الله عنهم و رضوا عنه، ذلك لمن خشي ربه"(سورة البيّنة 6،7،8).
و تبقى الغاية المركزية من وراء خلق الجسد المسلم هي تحقّق الفرد المسلم الذكر على مشيئة خالقه و تفتّح طاقاته الحيوية متمتّعا بنعم الوجود المادية و الروحية التي يسّرها له الله، بحيث يكون فعل التمتّع وجها من وجوه التعبير عن امتثال المخلوق لمشيئة الخالق في الدنيا و في الآخرة، بل أن فعل التمتّع الذي يراعي لائحة الدين يصبح ـ في بعدة المادي ـ فعل عبادة لا يجوز للذكور المسلمين الانصراف عنه بدواعي التنسّك و خلاص الروح، أو كما قال:
" يا أيها الذين آمنوا لا تحرّموا طيبات ما أحل الله لكم و لا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين"(سورة المائدة 87).
و ضمن هذا الافق تتضافر جملة من الصور الايجابية للتأسيس لوجود المسلم على قدر الكفاح المستمر بين حال " أسفل سافلين " و حال " أحسن تقويم":" لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم. ثم رددناه أسفل سافلين"( سورة التين 4،5). و هذه الوضعية تجعل الجسد المسلم موضوعا لجدل التعليم الأداتي و الاجتماعي ، و تخلّق صورته في خاطر المسلم على صفة العلاقة المركبة بين الذات و العالم الخارجي بكافة تناقضاته المادية و الرمزية. وتعليم الجسد أمر بالغ التركيب كون طرفه المادي و طرفه الرمزي يكونان معا جماع السعي الانساني لتأسيس حضور و انسجام جسد الفرد المتناهي في لانهائية جسد الوجود.بل أن وجود الجسد الانساني يستحيل خارج مساعي التعليم المادي و الرمزي.و ربما كانت أولوية التعليم الجسدي في خاطر الجماعة الانسانية تجد تفسيرها في كون الانسان يولد و جسده( و روحه؟) في حالة اعتماد شبه تام على غيره، و ذلك على خلاف معظم الحيوانات التي يخرج صغارها الى الحياة و هم يملكون أسباب بقاءهم الحيوي.فالانسان لكي يبقى حيا، بالذات في سنوات طفولته الأولى، يحتاج بشكل حرج لدعم و حماية و تضامن والديه و أقاربه الخ.و في خلال فترة اعتماده على الآخرين يتم انخراطه في عملية التعليم الجسدي الاداتي و الرمزي بأعتبار أن عملية التعليم هي طرف من جملة مساعي المجتمع لصيانة بقاء و تماسك و استمرارية جسده. و التعليم كمكيدة بقاء انما ينطرح كضرورة متجددة، سواء على المستوى الجذري لوجود الجماعة أم على مستواه التفصيلي اليومي. و عليه فجسد المسلم العدل الراشد انما يعدل و يرشد عن جماع ما أودعته فيه ثقافة المجتمع الحية و تقاليده الموروثة.و ما الدين و السحر و الآيديولوجيا الا وجوه تاريخية لمكيدة التعليم.و المسلم" المتعلم" انما يتعلّم منهج الحياة على شرط الانسجام مع المقتضيات المادية و الرمزية للمجال الاجتماعي التاريخي. و من واقع انسجام الفرد مع مجاله تستقر صورته عن ذاته كجسد مركب تتصالح عنده التناقضات المادية و الرمزية. وفي انسجام و استقرار صورة الجسد ضمن صورة الوجود مفتاح المتعة والرضاء و الجمال و السعادة.لكن" صورة الجسد" في خاطر الثقافة العربسلامية تنطرح في نهاية التحليل كانعكاس لجسد مذكر فاعل و قوّام(ايجنت)
Agent
، مركزي و متمتع بما أحل الله له من طيبات بينها النساء.و المشكلة التي كتب على الذكور المسلمين مواجهتها اليوم هي أن واقع الحداثة يخلخل نظام العلاقات التقليدية الذي كان للذكور فيه مركز حظوة لمجرد كونهم ذكور و يعيد تعريف مركز المرأة ليجعل منها شريكة فاعلة و قوّامة و متمتعة، تقاسم الذكور مكان الحظوة على مركز الوجود.و الخطر المحدق بقوامة الرجال (ايجانصي) تحت شروط التحولات الحداثية هو من أهم الاسباب التي تزرع الفوضى في "صورة الجسد" المسلم في السودان و في غيره من ديار المسلمين.
صورة العضو الرمزية
ÓíÝ ÇáÏíä ÅÈÑÇåíã ãÍãæÏ
مشاركات: 481
اشترك في: الأربعاء مايو 25, 2005 3:38 pm
مكان: روما ـ إيطاليا

مشاركة بواسطة ÓíÝ ÇáÏíä ÅÈÑÇåíã ãÍãæÏ »

عزيزي حسن
سلام وافر
و تبقى الغاية المركزية من وراء خلق الجسد المسلم هي تحقّق الفرد المسلم الذكر على مشيئة خالقه و تفتّح طاقاته الحيوية متمتّعا بنعم الوجود المادية و الروحية التي يسّرها له الله، بحيث يكون فعل التمتّع وجها من وجوه التعبير عن امتثال المخلوق لمشيئة الخالق في الدنيا و في الآخرة، بل أن فعل التمتّع الذي يراعي لائحة الدين يصبح ـ في بعده المادي ـ فعل عبادة لا يجوز للذكور المسلمين الانصراف عنه بدواعي التنسّك و خلاص الروح، أو كما قال:
" يا أيها الذين آمنوا لا تحرّموا طيبات ما أحل الله لكم و لا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين"(سورة المائدة 87).

إلتبس علي فهم هذا الإستخلاص ، هكذا ، اللهم إلا إذا كان في سياق ما قبل الختام "لكن" صورة الجسد" في خاطر الثقافة العربسلامية تنطرح في نهاية التحليل كانعكاس لجسد مذكر فاعل و قوّام(ايجنت)
Agent
، مركزي و متمتع بما أحل الله له من طيبات بينها النساء "
وإلا فإن الأصل في الوجود - كما تعلم -هو الوحدة. فهو الأول والآخر والظاهر والباطن والذكر والأنثي ، وإن لم يرد ذلك في أسماء الله الحسني كما تعلمناها في المدارس .
أرجو مواصلة الإمتاع .
سيف
" جعلوني ناطورة الكروم .. وكرمي لم أنطره "
نشيد الأنشاد ، الذي لسليمان .
ايمان شقاق
مشاركات: 1027
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 8:09 pm

مشاركة بواسطة ايمان شقاق »

العزيز حسن موسى

راودتني فكرة وضع احد اعمالي منذ اليوم الاول لهذا الخيط،(لكن زي ما بتقول امور الدنيا أم قدود!) والذي يشابهة في جنس افكاره حديثك في هذا الخيط، فلا الحياء ولا السكوت و"السكوت رضا!!" ولا حتى الدخول في الضفور يجديان في هذه الحرب.


صورة

Censorship, Iman Shaggag 2003


.
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

أخونا في بلاد النور و نيران ساركوزي و دو فيلبان،
قبل أن ينتهى مقالك حول حربائية الإيدولوجية العرب-إسلامية

و من رحم الهزيمة الجديدة الوشيكة سيخرج اصلاحيون اسلاميون جدد لترميم الدين الجديد على شروط منظمة التجارة العالمية فيسوّغون استرقاق أولاد المسلمين باسم اقتصاد السوق الحر ويسوّغون تعهر بنات المسلمين باسم صناعة السياحة الوطنية.ولم لا ؟ فمن قبلهم قام الصيارفة الاسلاميون بترميم الدين المحدّث ، على شروط النظام المصرفي العالمي، و تفتقت قرائحهم عن أشد الذرائع التواءا لتسويغ الربا تحت يافطة البنوك الاسلامية، و الحمد لله على كل شيء..

تحققت نبوءتك، فقد ورد في الأخبار فتاوى شيخ فقه الضرورة حسن الترابي حول مشروعية زواج االمسلمة من الكتابي و الحديث عن أن الحجاب لم يرد في القرآن الكريم كما يمارسة غلاة المتشددون الآن .الخمار يضرب فقط "على جيوبهن" وهي فتحة الصدر من جسد المرأة. استمعت البارحة لجدال عنيف في تلفزيون العربية بين من يدافع عن فتاوي الترابي و من يكفرّه بصورة ما ( بضاعتهم ردت إليهم) ، لولا بعد المسافة نتيجة لبدعة التسامر عن بعد فيديو كونفرانسنج، النصرانية الكافرة، بين عمَّان والقاهرة لسفكت دماء المتحاورين!!!!!
مصطفى آدم
عبد الماجد محمد عبد الماجد
مشاركات: 1655
اشترك في: الجمعة يونيو 10, 2005 7:28 am
مكان: LONDON
اتصال:

مشاركة بواسطة عبد الماجد محمد عبد الماجد »

الأخ المفكر(جد جد) حسن موسى
لك التحية
هذا الموضوع عميق وشامل ويتخطى الظاهرة السودانية التي وقعنا العريضة بشأنها. لا شك أنك اتخذت مسألة الخفاض مدخلا لموضوع أوسع (الجسد بمجمله وعلاقته بساكنه أو الحال فيه علاوة على علاقات تشكل الوعي الإنساني ومجتمعات الإنسان عبر العصور ومنذ النشأة) وتخطيت ذلك للنظر حصاد المكيدة (مكيدة التعليم (تعبير جبار لمن يتفكر)) فقبضت بكف واحدة على الثلاث العظام: ( الدين والأيديولجيا والسحر). هذا بحر ساخن أو كما يقول أهلنا (المي الحار ولا لعب قعونج).
وإذا كان التعليم قدرا مقدورا يحتمه حيازة الإنسان لكمبيوتر لم يسع هو لامتلاكه (الدماغ) فإن ناتج المكائد ما كان يمكن تجاوزه أبدا مما يجعلني أفكر بأن المكيدة سوف تستمر في اتخاذ أشكال جديدة ما دام النوع الإنساني باقيا ولم يتعرض للانقراض.
وأسائل ما هو محرك اختيارات سلوكيات الفرد ونزوعه للتحكم في خيارات اللآخرين (نساء وأطفال وأمم أمثالنا). الإجابة ليست جاهزة ولن تكون سهلة، ولكن في كلمتي هذه سوف أتحدث بدافع المنفعة الشخصية (أو قل الاستمتاع واستجلاب اللذة المشبّعة). آسف رجعت بك إلى المدخل (طهارة البنات) وهو كما قلت باب فيه حرج شديد ولكنني سأحاول أن أتحلى بشيء من شجاعة وأعلم أني سأفضح نفسي، وأعلم أنه لن يسايرني في ما أذهب إليه إلا ما كان ذا استعداد لفضح نفسه من الرجال والنساء وبعض الأطباء. أيهما أكثر متعة للطرفين؟ وأيهما أشد ضررا وإيلاما، وكيف تحصل الموازنة؟
أذكر غلفتي جيدا لأنه في أيامنا ما كان الولد يختن حتى يقترب من البلوغ أو يكاد. وأذكر كيف كنا نزاول ممازحة الجلدة أفرادا وجماعات ( في الرهود عند العوم (السباحة)) استجلابا للذة فإن سهونا عنها يومين أو ثلاثة ولم نجذبها للتطيير سواء بالماء أو قطنة ننكشها من طرف المخدة، ينشأ تحت الغلاف عفن كريه وتتمدد البكتيريا وتبيض (من الياض) وتتسبب في آلام عند التبول ولا سيما لمّا تسد فوهة القضيب. قرف لم يحلنا منه إلا الطهور. الآن نتلذذ بلا عفن. ودفعنا الثمن جلدة لا أظنها خلقت عبثا. فهي ليست كالزائدة الدودية مثلا. أتصور أنها درع (درقة) من الحشرات والسوام القارصة لما كان الإنسان يلتحف الأرض أو جذوع الأشجار ويتدثر بالسماء. ومعلوم أن قرصة كقرصة القراد (القردان) في هذا الجزء من الجسد هي من أقسى ما يمكن أن يتعرض له الرجل من أذى، ويضرب بها المثل في شدة الأذى وكنت سمعت حمريا يتحدث عن قسوة الشتاء فقال لصاحبه: (والله السنة دي البرد قرصة بيض). ولك أن تتصور القرصة هذه في مقدمة الآلة. لو كانت بعوضة يمكن أن تقعد الرجل عن اللعب تلك الليلة, وربما تسبب ذلك في الحيلولة دون بروز إنسان جديد من عالم القوة لعالم الفعل أو ربما تأخر التخصيب شهرا آخر. وببساطة فإن الجلدة الذكورية - في ما أرى - كانت وليدة لحكمة الماوراء (آالله سمّه أو الطبيعة). وبمرور الزمن وبفعل مكيدة التعليم والتعلم والتطور الصحي ... الخ استغنى الإنسان عن هذه الجلدة الدرقة. الآن - نحن الرجال - ليس لدينا مشكلة ولا نعاني من أمراض عدم الختان (كما تشهد الإحصائيات الطبية) كما يعنيها الرجال في مجتمعات لا تختن. ومن معاناتنا شريكة في السرير لا تشارك الذروة (تولد لديك الإحساس بأنك بزغت وبس فتندم على خمة النفس وربما نظرت لنفسك نظرة تحقير أو تظنن في نفسك التقصير لا سيما إذا كان مبعث الشهوة حب وغرام وليس مجرد تفريغ لامتلاء).
وليس بالإمكان أن أجرب أن أكون امرأة لأتأكد مما ينبغي أن تكون عليه وجهة نظر الجنس الآخر. وإذا قلنا أنه ينبغى الاحتكام للمرأة في إعطاء رأى ضوء تجربتي الذكورية هذه, فلن نجد امرأة مارست المتعة في الفترتين لتعقد مقارنة ولن تستطيع أن تعطي وجهة نظر في الجانب الصحي والإيلامي، لأنها أيضا لم تجرب كلا من الغلفة والخفاض. هذا إن وجد من لهن الاستعداد للخوض في مثل هذا الحديث من أساسه.
والأطباء والطبيبات لن يجدوا العينة المناسبة إلا أن الطب قد تقدم جدا وأصبح بالإمكان قياس أشياء تجرى في الدماغ (كشف الكذب, حال التذكر، حال الحلم الخ) وأخال أن التقدم العلمي سيساعد في كشف امور المتعة والنشوة وبالإحصائيات يمكن قياس الآثار الصحية الضارة وكذلك درجات الألم (وبعضهن يقول ألم حال (حلو مر)).
هذا الشأن حكم المرأة فيه هو الفيصل. ولذلك وقّع في العريضة أمثالي ( وليس فيه من الدين تثبت وإلا لامتنع البعض). نحترم حق المرأة في جسدها وهو من مكائد العصر وتشكلات الحداثة.
ومن الحداثة استمرار البحث وإجراء تعديلات وفق آخر الاكتشافات. أريد أن أقول بأن خفاض النساء - برغم انه في طريقه الآن للزوال - وإن لم نوقع العرائض - ربما يعود ليطرح نفسه علميا مرات ومرات مستقبلا.
ونعود للحرج: لا اعتقد - بل أجزم من تجربة محصورة بفرد واحد - أن لا فرق في الانتشاء بين غلفاء ومخفوضة (إلا إذا كانت المخفضات يتصنعنها).
هل في جسد المرأة قطعة أصغر من المضغة (في حجم الحمصة) في رأس ما يشبه عرف الديك من قطعة يمكن أن تذهب بلا أسف لأنها تطرد الباكتيريا ولكنها ليس بالقدر الذي يسبب إيلاما أو عسرا في الولادة أو تتسبب في الإجهاض ( علاوة على الجراح النفسية)؟ هل؟
لأ أدرى إلى أي حد ذهبت بي المكيدة في كلماتي هذه ولكن أحس بأنني لا أنطلق من مسائل الدين أو التاريخ أو الهوية أو مفاهيم العيب والتحقير الخ.
يدفعني طلب اللذة الملونة ولا أرغب في عضو يحرم المرأة من لذتها لأن ألذّ اللذاذات ما كان فيه مشاركة.
ولا أريد لأم ولدي أن تقاسي أو تموت (ومن هنا اعتراضي على الخفاض بنوعيه المعروفين في السودان - وما أريد أن أتأكد منه هو خفاض استئصال حبة الحمص - وهو في النهائية من شؤون المرأة التي نسندها ونقف معها بقوة)

ستقولون ويقولن : "أناني" وأكون عندئذ قد اختصرت اختصارا فاجعا.

اعتقد أن تعليقي هذا بعيد عن التأثير في ما يطرق الدكتور حسن موسى. هو يتحدث في مسائل أجلّ وأعتى.

عبدالماجد
آخر تعديل بواسطة عبد الماجد محمد عبد الماجد في الأربعاء إبريل 12, 2006 2:07 pm، تم التعديل مرة واحدة.
المطرودة ملحوقة والصابرات روابح لو كان يجن قُمّاح
والبصيرةْ قُبِّال اليصر توَدِّيك للصاح
أضف رد جديد