دعوا النواح أيها الرفاق ولتكتبوا أغنيةً أخرى

Forum Démocratique
- Democratic Forum
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

دعوا النواح أيها الرفاق ولتكتبوا أغنيةً أخرى

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

"دعوا النواحَ أيها الرفاق ولتكتبوا أغنيةً أخرى لعل الجسرَ يلتئم صدعه ويعود النهرُ إلى الجريان".
آخر تعديل بواسطة عبد الله بولا في الخميس أغسطس 11, 2005 1:28 am، تم التعديل 9 مرات في المجمل.
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

عنوان هذا البوست، الذي لعلكم لاحظتم أنه يخلو من اعتبارات "الجندرة" التي أحرص عليها كل الحرص، أخذته من مسرحية "جسر آرتا"، عن العبارة التي كان يكررها المغني، الذي هو بمثابة الراوي في المسرحية، إذا لم تخني الذاكرة. وكنا قد قدمنا هذه المسرحية من على خشبة مسرح حنتوب الذي كان صرحاً ثقافياً جليلاً مهيباً في الستينيات وعلى وجه الخصوص في نصفها الأخير.
كان ذلك في عام 1969، وهو آخر عهدي بتلك المسرحية، إلا أن الكثير من عباراتها ومقاطعها الشاعرية المزلزلة الملهمة، ظلت باقيةً في ذهني توقظها، من حينٍ لآخر، مناسبات الفقد والأسى الجليلين، وما يصحبها من جزع الفجيعة.
وقد بدا لي أن هذا المقطع، يناسب مشاعر فجيعتنا في الأخ، والمواطن، والمناضل، والمعلم، والقائد جون قرنق. ولعله يناسب أكثر سيرته، وسيَر أسلافه من رواد ورائدات حركة النضال الوطني والديمقراطي في بلادنا، الباقية فينا: أن لا ننكسر ولا نتراجع أمام الفجائع مهما كان حجمها، وأن لا نجعل منها مقابر للأمل، ومناسباتٍ للتبشير بالعقم.
وأهم من ذلك، في تقديري، أن نكف عن "تصنيم" رائدات ورواد حركة نضالنا الوطني والديمقراطي. وأن نكف على وجه الخصوص عن تحويلهم إلى أساطير، إلى "جواهر فردية مفارقة" هابطة من السماء. ونحن نقول بذلك في الواقع، في كل مرةٍ نفجع فيها بفقد رائدةٍ أو رائدٍ من رواد ورائدات حركتنا، حين نسارع في غمرة الحزن وزلزلة الفقد إلى القول بأنه/بأنها "لن يتكرر/لن تتكرر". وما من شكٍ في أن الرائد الأصيل والرائدة الأصيلة لا يتكرران، في معنى الأصالة المطابق للإبداع والتفرد. إلا أننا ينبغي أن نميز بين معاني التفرد الفردي المثالي (في المعنى الفلسفي) المجرد من السياق التاريخي، وبين التفرد الريادي كحالةٍ خاصةٍ في سياقٍ تاريخي واجتماعي ثقافي معين. في هذا المعنى الأخير كان تفرد قرنق، ومن سبقوه وسبقنه من رائدات ورواد حركة نضالنا الوطني الديمقراطي، من أجل الإخاء والمساواة والعدل، ضارب الجذور في سياقنا المحلي، و"سياقنا" العالمي، السياسي والاجتماعي والثقافي. كان قرنق إبناً شرعياً لهذه السياقات، ولم يكن استثناءً منبتِّ الجذور.
ف"التصنيم" يفتح أبواب اليأس والقعود على مصاريعها، ويغذي، ويلهب، ردود الفعل البائسة القامعة المانعة لتسرب ضياء الأمل والإبداع.

فلنكف عن النواح، ولنشرع من فورنا في إعادة بناء الجسر من نفس الحجارة التي شاده بها المناضل الملهم، وسابقاته وسابقوه، ولتضف إليها كل واحدةٍ وكل واحدٍ منا حجراً جديداً يكون دعامةً لصرح الأمل، حتى تتحول سيرته وسيرة من سبقوه ومن سبقنه إلى "ملامح" راسخة في التكوين النفسي والفكري والثقافي لأجيالنا المتعاقبة وليس استثناءً لا نجني منه سوى ثمار الأسف المُرة على تفويت الفرص "النادرة"، والندم على التفريط في القادة "النادرين".

مع كل محبتي
بــولا
صورة العضو الرمزية
ÕáÇÍ ÇáÃãíä ÃÍãÏ
مشاركات: 52
اشترك في: الأحد مايو 22, 2005 7:21 pm

مشاركة بواسطة ÕáÇÍ ÇáÃãíä ÃÍãÏ »

استاذنا عبدالله بولا
هناك مورال ينشده الجيش الشعبي ( والمورال هو المرادف للجلالة
عند الجيش )
يقول هذا المورال
(ان شاء الله موتو كمرد
ان شاء الله موتو مالوا )

وهو بعربي جوبا كما تلاحظ ويعني
اذا كان الرفيق قد استشهد
فما المشكلة في ذلك
فليمت الرفيق من اجل القضية .
وهذا المورال البسيط الممتلئ بالمعاني
يعني في جوهره الاستمرارية
استمرارية النضال من اجل المعاني
الجميلة والسامية
وليس المهم من هو( الكمرد ) الذي سيواصل بل
المهمة هنا هي القضية والمبادئ

استاذي انت انشدت الان نفس
المورال فقط اختلف التعبير.

العزاء الحار لك
والعزاء لكل الذين لا زالوا يحلمون بسودان جديد
ãÍãÏ Úáí ãæÓì
مشاركات: 71
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:21 pm

مشاركة بواسطة ãÍãÏ Úáí ãæÓì »

نعم..
بالرغم من الأحزان لابد أن نسعى بجد أكثر لتحقيق الأمل .
الرحيل المأساوى لجون قرنق يجب أن يحرك سكوننا,
الدرس الأول هو أن الطغيان قد أنكسرت حدته وزالت الرهبة..
الدرس الثانى أن الرهان ليس على الشخصية الكريزماتية وحدها و لابد من العمل الجماعى لحياة أفضل.ولابد من الوعى لحساسية الوضع الراهن وعدم التراخى الذى سيؤدى الى انزلاق خطير ويعطى السلطة غير الشرعية المبررات للمزيد من القهر والتراجع الى مربع ما قبل الأنفتاح الذى أجبرت عليه..
الأحداث التى جرت وتجرى الآن ليست غريبة فى مثل هذه الظروف ولكن الخطير هو عدم اغلاق الباب أمام من يحاولون جعلها ذريعة لأشعال المشاعر البدائية المتخلفة تحت ستار الفوضى الحالية مما سيقذف بنا الى مهاو يصعب الصعود منها..
كلنا مسئول عليه الأسهام بالكلمة والفعل..
حتى أتصالاتنا للأطمئنان على الأهل يمكن أن تكون عاملا مساعدا يطفئ الحملة العنصرية البغيضة..
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

مع كل محبتي
بــولا
عزيزي صلاح
أخلص تحياتي وأحر تعازيَّ لك أنت أولاً،
فالواضح من نصك وتجربتك إنك أنت الأقرب لرفقاء قرنق لا أنا، وإن كُنتُ قريباً منهم جداً في مستوىً آخر.
أثلجتَ صدري بإيرادك للنشيد المُخبر بحق عن مدى توحد هؤلاء الشبان والشابات مع القضية. وقد ذكرتني هذه الكلمة، كما ذكرتني مقاطع النشيد التي أوردتها، قول الفيتوري: "لماذا يظن الطغاة الصغار، وتصغر أحلامهم، أن موت المناضل موت القضية؟"
إلا أنني مع ذلك، لا أشاطرهم الرأي من أنه

"ليس المهم من هو( الكمرد ) الذي سيواصل بل
المهمة هنا هي القضية والمبادئ"
فكلا "الكمرد" والقضية مهمان عندي، والمبادئ بالطبع. وفي اعتقادي إن "الكمرد" يواصل حياته بقدر ما يؤسس ب"فدائه" حياة القضية والمبادئ، كما تؤسس حياة المبادئ والقضية فداؤه وتعطيه صفة الخلود . ومعاني "الفداء" عندي معقدة جداً ليس أعلاها "الفداء" الجسدي وحده.
وشكراً لك على هذه المعلومة المضيئة، والمداخلة المضيئة.

بـــولا
ãÍãÏ Úáí ãæÓì
مشاركات: 71
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:21 pm

مشاركة بواسطة ãÍãÏ Úáí ãæÓì »

أشعر ببعض الراحة أن الأمور عائدة للهدوء بفضل الوعى الذى هزم جيش الظلام..وأحس بأن السودانيين ،على أختلاف رؤاهم ومواقفهم من الأتفاقية، لن يتنازلوا عن المكاسب التى أنتزعت أنتزاعا..ويبقى الآن مواصلة الحفاظ عليها وتطويرها..حاجز الخوف أنكسر ولن تستطيع قوى الشر أن ترممه..
قهل يكون موت قرنق مهرا للتماسك الأبدى للشعب السودانى ونهاية للتصنيفات المخلة : شمالى\جنوبى،مسلم\مسيحى،عربى\أفريقى الخ..لابد من بداية من مكان ما..
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

عزيزي محمد،
أحر تحياتي وأحر تعازي،

أعتقد أنك وضعت أصبعك على مقاصدي الرئيسية حين قلت:

الدرس الثاني أن الرهان ليس على الشخصية الكريزماتية وحدها و لابد من العمل الجماعي لحياة أفضل


فقد انصب الكثير من أسف الناعين بالفعل، على فقدان شخصية قرنق "الكريزماتية". و ما من شكٍ في أن كاريزما قرنق قد لعبت دوراً كبيراً في أن تسير الأمور في الاتجاه المحمود الذي غلب خيار الوحدة والتحالف الحميم المبصر مع قوى المعارضة الشمالية. إلا أن الرهان على " الشخصية الكريزماتية وحدها لا يكفي" كما عبرت". ولابد لتغليب خيار الوحدة والخيارات الشامخة الكبيرة الأخرى "من العمل الجماعي"، كما ذكرت، والوعي الجماعي، والإرادة الجماعية أيضاً.
وعلى مستوى واجبات واللحظة الحاضرة أوافق تماماً على قولك:


لابد من الوعي لحساسية الوضع الراهن وعدم التراخي الذي سيؤدى الى انزلاق خطير ويعطى السلطة غير الشرعية المبررات للمزيد من القهر والتراجع الى مربع ما قبل الانفتاح الذي أجبرت عليه


وكنت أتمنى أن أوافق على قولك بأن:

السودانيين على اختلاف رؤاهم ومواقفهم من الاتفاقية، لن يتنازلوا عن المكاسب التى انتزعت انتزاعا..


سوى أنني وجدتُ نفسي شديد التحفظ على عبارة "على اختلاف رؤاهم ومواقفهم من الاتفاقية". التي أعتقد أنك نَحَوْتَ بها إلى هذا التفاؤل الكبير النبيل، من فرط حزنك وفجيعتك. فالناظر في ركام الغثاء العنصري والجهالات، وسخائم النفوس المعطوبة التي تنشرها منابر الظلاميين الأصلية والمتواطئة، تقشعر روحه من أن أمثال هؤلاء لا تزال تشملهم صفة السوداني في القرن الحادي والعشرين، وبعد خمسين عاماً المظالم والعمى والتعامي عن أبسط مطالب المواطنة والإنسانية. [/s
[size=18] وقد شد من أزري قولك "حاجز الخوف أنكسر ولن تستطيع قوى الشر أن ترممه.. "
وأتمنى أن ينكسر في أثره حائط السجن الكبير. ولابد من الاعتراف بأن طاقة الغضب المستحق قد أخطأت طريق الانتفاضة الشعبية، إلى نوعٍ من انفجار غضب المظلوم "الغريزي الخام" الذي لا يميز بين الضحية والجزار، وبين العدو والحليف. وهذه تتطلب عملاً فكرياً، وميدانياً، جباراً لرأب صدع الجسر حتى "يعود النهر إلى الجريان".


فلنعمل معاً، نحن جميعاً دعاة وداعيات ديمقراطية حقوق المواطَنة وحقوق الإنسان، لكي
يكون موت قرنق مهراً للتماسك الأبدي للشعب السوداني.

ولكي نشيد جسور التضامن والتآزر والإخاء.
مع أحر تحياتي للأخت الأستاذة ملكة.

بــــولا
ãÍãÏ Úáí ãæÓì
مشاركات: 71
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:21 pm

مشاركة بواسطة ãÍãÏ Úáí ãæÓì »

أخى الدكتور عبدالله بولا
أستميح الجميع عذرا أن جاء كلامى ملخبطا ولم أكن مبينا فى مسألة أختلاف السودانيين حول أتفاقية السلام وكنت أريد أن أوضح أننى كنت رافضا لأى طرح يأتى من جهة الجبهة الغاصبة "غاصبة بالفصحى والدارجة"من باب أن الأنقضاض على الشرعية هو الكفر الذى يجّب ما بعده..فلا سلام توقعت ولا مشاركة على أى نحو تمنيت..حتى رأيت مجئ قرنق والتحولات تفرض على الغاصبين فرضا ، فأملّت فى المحاسبة ولو بعد حين..ليس شهوة للأنتقام ولكن لمواساة الفايت الحدود ومؤاساة من حاق بهم الظلم .. وأحتياطا للمستقبل ..ولم يكن هذا التنازل سهلا أبدا ولكنه بدا معقولا ..
أما السودانيون الذين قصدت فما فيهم من سلب وغصب وأمعن تقتيلا..ونحن درجنا على نسبة كل حسن للسودان والسودانيين وكل سوء للظروف والغير والأستعمار!! ولابد لنا من مراجعة لهذه الحالة الأعتباطية أو أن نرتفع فعلا وقولا لنستحق مقامنا هذا المتخيل فنجعله حقيقة ..
جاء قرنق كما يجئ فيضان النيل ولما أنحسر ترك لنا من الطمى ما يوجب التشمير للزراعة..لا الحسرة العاجزة..
لك شكرى لما أعرت من أهتمام لخواطر أراها فجة ولكن النفس الأمارة يستهويها الكلام..وليتها صمتت لتتعلم..
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

عزيزي محمد، "خِلِّي وشيخي وإسنادي وعافيتي"،
تحياتي ومحبتي،
حاشاك "الخواطر الفطيرة" ياسيد اخوك. وإنما هي لحظة القمة في زلزلة الفجيعة، التي تنمي عند المرء، وبالأحرى تُنمي في النفوس الكبيرة استعداداً فسيحاً للغفران والتسامح، هو كنز المشاعر الإنسانية الباقية، حتى وإن شمل قوماً لا يستحقونه في هذه اللحظة.
وقد نطقتَ فأوفيت واستوفيت كل المعاني الكبيرة بكلمتك هذه:

"
أن نرتفع فعلا وقولا لنستحق مقامنا هذا المتخيل فنجعله حقيقة.."
فلم تترك لي ما أضيفه.
عشت.

بـولا
كمال قسم الله
مشاركات: 158
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:29 pm

مشاركة بواسطة كمال قسم الله »

العزيز بولا

هكذا غالبا ما يحدث لنا فى الحياة وفى الناس الذين يحيطون بنا فلنمعن التفكير فى فقدنا وفى المشروع الذى ساهم فية اسهاما مميزا .

فلنتذكر أن السودان الجديد أجمل , أجمل كان وسيبقى ويجب ألا ننصاع للحظة الظلام والموت ونرتاح أمامها .

فالنحول هذة الكارثة الفاجعة الى فعل ايجابى يدعم مشروع السودان الجديد , سودان الأستنارة , سودان التقدم .
فلنجعل حياة الدكتور قرنق فانوسا يضيىء لنا دروب السودان المستنير الوعرة الشائكة.
Norani Elhasan
مشاركات: 10
اشترك في: الثلاثاء يوليو 12, 2005 10:40 pm

ولماذا انهد الجسر يا بولا

مشاركة بواسطة Norani Elhasan »

الاصدقاء الاعزاء

لكم التعازى وايضا اشواقى

هذه الايام يلح على تساؤل كيف اثرنا، وطنيو وديمقراطيو هذا الوطن فى ثقافة حربنا الاهلية. كان الشهيد قامة فى نقل قضاياها الى الافق الوطنى، شعرت، رمنا ما، بعد الانقلاب، ان تتقارب القوى الديمقراطية فى الشمال والجنوب لتجسد وحدة الوطن فعلا. جبهة عريضة ديمقراطية، جبهة عريضة شمال وجنوب- احساس البعض الرايد بالفجيعة وحتى اليتم مفهوم لان الحركة كلها اصبحت فى يد الحركة واصبحت قشنتا حين كدنا نغرق-كلن بيدنا ان نثبت الجسر-ولكتي اتفف معك-لا متاحة
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

عزيزي نوراني،
أصدق تحياتي وموتي،
نعم فقد أثَّر "وطنيو وديمقراطيو هذا الوطن"، لا "في ثقافة حربنا الأهلية"، بل في تحجيم "ثقافة" الحرب الأهلية، وتحجيم دائرة الدمار الذي كان يمكن أن تحدثه في الوعي الجمعي، وفي البناء الوطني، لولا جهود " الوطنيين والوطنيات الديمقراطيين والديمقراطيات الحقيقيين والحقيقيات في "هذا الوطن". ولتسمح لي بأن أدعي أنني لا أطلق صفة "الحقيقيات والحقيقيين" اعتباطاً وارتجالاً، كما سأحاول أن أوضح. ولتسمح لي أيضاً أن أنتهز هذه الفرصة السعيدة التي أتَحْتَها لي بمداخلتك الجيدة، لأشرع في تفكيك نزعة اللاأدرية الشائعة في أكثر أشكالها وصيغها ابتذالاً، في منابر"نا" الإلكترونية في ما يتعلق بِ"ملكة الحُكم" أو "أهلية الحكم"، إذا جاز التعبير، في القضايا المتصلة بأحكام القيمة، وبتعريف المفاهيم وتحديدها. ف"اللاأدرية الجديدة" الشائعة إياها، تقول باستحالة أحكام القيمة أصلاً، وليس بضرورة الحذر والانضباط والتدقيق المنهجي والتحليلي المتصل بتأسيسها وإطلاقها. ولا شك في أنك قد قرأت وسمعتَ كثيراً تعبيرات نزعة "اللاأدرية الجديدة" المتعلقة بما نحن بصدده من أمر "الحكم" بوجود "ديمقراطية "حقيقية"، وديمقراطيين وديمقراطيات "حقيقيين وحقيقيات"، من قبيل: "كيف تحدد الديمقراطي الحقيقي؟"، أو "من أعطاك الحق في تحديد ذلك"، أو بابتذالٍ ومكرٍ أشد، "هذا رأيك أنت (أو) أنتِ" (ليس إلا). فمغالطوك ومغالطاتك "اللاأدريين واللاأدريات الجدد"، غير معنيين، وغير معنيات، بالطريقة والشواهد التي تؤسس بها رأيك وتسند بها تحليلك. وهم وهن، لا يناقشونها أصلاً ليقيموا عليها قولهم ب"بطلان" رأيك. وإنما يكتفون، في سذاجةٍ سعيدةٍ غامرةٍ، بأن يقذفوا/يقذفن في وجهك بهذا الصنف من عبارات الرغبة في التعجيز الجاهزة. وأشكر لك صبرك على هذا الاستطراد الذي بدا لي ضرورياً لإسناد "حكمي" بوجود ديمقراطيين وديمقراطيات "حقيقيين وحقيقيات".
الديمقراطيين والديمقراطيات "الحقيقيين والحقيقيات" في تقديري (والمزدوجتان لا تفيدان هنا معنى التشكيك أو التردد بل معنى التحرز من "الإطلاق الطليق" فالمرء لا يكون ديمقراطياً حقيقياً في معنى العصمة من الخطأ في كل لحظةٍ من لحظات حياته)، هم وهن من تشكل فكرة الديمقراطية ومبادئها النواة الصلبة في بنية وعيهم، وسلوكهم وتعبيرهم ومشاغلهم وهواجسهم (وأنا أعني بالهواجس هنا الحوار النقدي الدائم مع الذات ومع القناعات المؤسِّسة)، وتشكل، فوق كل ذلك، مشروع، أو مشروعات حركة فكرهم/هن، والجوهر المؤسِّس لخطابهن/هم.
وهؤلاء موجودون/موجودات، في تقديري، في كل بنياتنا الاجتماعية والثقافية والفكرية، والدينية المتعددة أيضاً في مختلف الحقب. وإن كنتُ أعتقد أن وجودهم البنيوي الواعي، يتركز بين القوى المؤسسة لحركة الحداثة القائمة على مبادئ حقوق الإنسان على وجه الخصوص. ومن مواقع هؤلاء ومن تراثهم جاء قرنق. وهذا معنى قولي بأنه "لم يهبط علينا من السماء".
ولولا حضور تراثهم في بنيات وعينا الجمعي، وفاعلية خطابهم الحاضر في تكوين وعينا الراهن المباشر، ووجودهم فينا وبين صفوفنا، لما كانت حرب الخمسين عاماً، وما ألهمته من حروب المظالم الأخرى، لتنتهي إلى الاتفاق على تغليب فرصة وحدة الوطن القائمة على التضامن والمساواة والعدالة والإخاء، ولتحولت أحداث الأسبوع الماضي إلى حربٍ أهليةٍ لا تُبقي ولا تذر بالفعل.
مرحباً بفكرتك واقتراحك، الجميلين، بتكوين جبهة عريضة للديمقراطية الآن. على أن نتذكر أن هذه الفكرة ليست وليدة اليوم.
ومع احترامي وتقدير الكبيرين للدور الجوهري الذي لعبته الحركة في هزيمة الدكتاتورية في هذه المرة، إلا أنه ليس من الإنصاف القول بأنها أصبحت وحدها "قشتنا حين كدنا نغرق كلنا". لا يا عزيزي النوراني فقد كانت قطاعاتٌ واسعةٌ من الديمقراطيين الحقيقيين في بلادنا تقاوم الغرق، أو بالأحرى محاولات الإغراق، بجسارةٍ وتصميمٍ منقطعي النظير، في بيوت الأشباح، والسجون، والتشريد والتجويع والمنافي. ولا ينبغي أن يدفعنا تمجيد جهد الحركة المستحق، وشموخ قامة مناضلٍ من طراز قرنق إلى أن نبخس من قدر قامات شامخةٍ أخرى في مسيراتنا الراعفة لإعادة تأسيس الديمقراطية وتكريسها "ملامح في ذريتنا".
لك كل مودتي وشكري على إثارتك لهذه القضايا، والأسئلة النيرة.
بولا
آخر تعديل بواسطة عبد الله بولا في الثلاثاء أغسطس 09, 2005 12:32 pm، تم التعديل مرة واحدة.
عبد الله حسين
مشاركات: 208
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:52 pm

مشاركة بواسطة عبد الله حسين »

عزيزي بولا


ودي الأكيد


وحار عزائي





ليتنا نقدر

ليتنا نقدر

لي صديق كيني ما إن يراني حتى ينفجر في بكاء حارق....

فلا أتمالك نفسي فأنخرط أنا أيضا في البكاء.....

كلنا أيتام

كلنا أيتام.
ÚÇÆÔÉ ÇáãÈÇÑß
مشاركات: 164
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 6:43 pm

مشاركة بواسطة ÚÇÆÔÉ ÇáãÈÇÑß »

العزيز بولا سلام ..
فعلا الفقد جلل والجرح نازف م ومنذ هذا الرحيل الخاطف لهذا المناضل وطعم الملح لا يفارق صباحاتنا ولكن أكيد سنواصل الحلم من أجل سودان جديد وتماما كما ذكرت علينا أن نعيد بناء الجسر ونبتعد عن الصنمية وتقديس الافراد وتهميش دور الجماهير التي هي من ابجديات البناء وتثوير الشعوب وعصب تفكير مناضل مثل قرنق ...
ومعا لاحماد الفتن من اجل السودان الجديد .
إيمان أحمد
مشاركات: 774
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:27 pm

مشاركة بواسطة إيمان أحمد »

Dear Dr. Bola
Salam, and thanks for these real consoling words.
I am still in shock and really can't sort out my feelings. All I am aware of is a deep feeling of anger.
Yet still we need to think realistically and objectively.

The loss is big, but it is good to think that Dr. John Garang had done his share provided the complex reality of the Sudanese politics. Having signed a peace agreement with the current government is the greatest thing the man had done. At least the government is now committed to fulfill its obligations. And it is now the turn of all the back-bencher Sudanese politicians to stand up and act.

It is absolutely true that the SPLM/A is not flawless, so we need to be equally aware of the positives and negatives of our political movements.
Regards and thanks again

My condolence to all
Iman
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

عزيزي كمال،
تحياتي ومحبتي،
آسف جداً على الطفيرة الكبيرة بي فوقك. عاد امانى مي شناة لوم.
بيد أنني يا سِيدي ربما أُرجع هذه الفَطَّة إلى كونك أوفيت قلم تترك في ما أقوله.
ولولا أن المقام لا يناسب الزبلعه أمانة ما كنت ازبلعت عليك. أقول ذلك على الرغم من أن فقيدنا الكبير كان من أساطين فن الزبلعه الطريفة المنتجة، والناقدة والممتعة أيضاً. فهلا حيينا فيه هذا الجانب واحتفلنا به ضمن احتفائنا بتراثه الخصب المتنوع؟

مع أحر تعازيَّ. وأنا أعلم كم افتَقدته

بــولا
آخر تعديل بواسطة عبد الله بولا في الثلاثاء أغسطس 09, 2005 12:33 pm، تم التعديل مرة واحدة.
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

عزيزتي بت المبارك
تحياتي ومعزَّتي بالآلاف لا يوم الوقاف،
نعم لقد كان رحيله خاطفاً وراعفاً ومزلزلاً. ونعم "علينا أن نبتعد عن الصنمية" التي وهب جون قرنق عمره لمناهضتها بمرحه، وبساطته، وسهولة معشره وصفاء قلبه. وأن نمتنع عن "تقديس الأفراد". بيد أنه ينبغي علينا تمجيدهم وتخليدهم، في تاريخنا وفي قلوب وملامح أجيالنا ومثلهم العليا، عندما يكون الأفراد في علو جون وجماله.

أحر تحياتي للبيرق العالي، والبنيات، والوليدات، وأحر تعازيَّ لك ولهم.
ولكم جميعاً عامر مودتي

بـــولا
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

عزيزتي إيمان،
أحر تحياتي وأحر تعازيَّ،
يُعزِّيني أن تجدي في كلماتي شيئاً من العزاء، مع إنني في الواقع مزلزلٌ تماماً.
لا شك في أن جون قرنق كان صاحب النصيب الأكبر في ملحمة إجبار حماة الغول الإسلاموي الذي يجثم في صحن الدار، على التراجع. إلا أننا لا ينبغي لنا ولا يليق بنا أن ننسى في غمرة فجيعتنا الكبيرة، فيه آلاف المناضلات والمناضلين في كل أنحاء بلادنا، وفي المنافي، الذين واللاتي ساهمن وساهموا بأقدارٍ مختلفةٍ، في قهر الغول وكسر خيلائه والكشف عن وجهه البشع الكريه للعالم أجمع.
وأؤمِّن على قولك:

And it is now the turn of all the back-bencher Sudanese politicians to stand up and act.
بيد أنني أضيف أن علينا كلنا أن ننهض ونستعد للمعركة الكبرى معركة نقد الذات ومقاضاتها الحساب على نصيبها في ميلاد الغول الذي لم يهبط علينا من السماء كما قلتُ في مكانٍ الآخر. حتى نتحصن بصورةٍ "حاسمةٍ" ضد الغيلان الأخرى "الواقفة في الصف"، والتي قد تتسرب إلى صفوفنا في أي لحظةٍ، إن لم تكن قد تخللتها أصلاً. وقد أقول التي ربما تسربت إلى دواخل نفوسنا، أوقي قابعةٌ متخفيةٌ فيها مسبقاً, فلا نراها من فرط الغفلة والإطمئنان إلى حظوظ النفس.

لك أحر وأصدق تعازيَّ، وعامر مودتي،

بــولا
Norani Elhasan
مشاركات: 10
اشترك في: الثلاثاء يوليو 12, 2005 10:40 pm

مشاركة بواسطة Norani Elhasan »

العرير بولا

التحايا والاشواق


كيف حالك والاسرة الكريمة

ساواصل الحوار معك طبا على صفحات المنبر
ولكنى سعيد لمجرد التواصل مع الناس خصوصا مع الضغوط القاسية والايقاع اللاانسانى للحياة فى نيو يورك. مشكلتى الان اننى اعاود الكتابة بالعربية، التى لا اظننى فالحا فيها على اى حال، وتتعبنى للغاية عملية الطباعة. يعنى المقال الصغير الذى ارسلته اقعدى ساعت اكت فى موقع للايميل بالعربى مستخدما هذه الفارة اللعينة،ارسل لى رقبتى فى الايميل الافرنجى عشان اقدر اقطع والصق فى موقعكم لا لسبب الا لانى لااعرف موقع الحروف العربية فى لوحة المفاتيح. المهم يازول القحة احسن ولو عارفين ليكم طريقة اسهل نورونى . وسلامى الكتير لى نجاة والبنات
نورانى
_________________________________________________
صورة العضو الرمزية
ÕáÇÍ ÇáÃãíä ÃÍãÏ
مشاركات: 52
اشترك في: الأحد مايو 22, 2005 7:21 pm

مشاركة بواسطة ÕáÇÍ ÇáÃãíä ÃÍãÏ »

العزيز استاذنا بولا

اتفق معك في ان القوي الديمقراطية
التي كانت تحمل السلاح والاخري التي كنت
تناضل من مناطق سيطرة الحكومة (ولا اقول الداخل لان الكل كان
يناضل من الداخل )
ففي رأي ان اشجع بنات وابناء شعبنا
هم الذين اسسوا لجماليات الاستشهاد
والذين تحملوا التعذيب في بيوت الاشباح

وكذلك الذين حملوا السلاح في وجه الاسلامويين .

رغم ان هناك رأي وسط
الكثير من المقاتلين ان القوي الديمقراطية غير
الحركة الشعبية لم تكن متمرسة بما
فيه الكفاية لمنازلة النظام في ميدان الحرب
وان ثقافة الانتفاضات السلمية (على طريقة ثورتي اكتوبر ومارس /ابريل )
لا زالت مسيطرة تماما على الثقافة النضالية
لتلك القوي دون ان تطرح تلك القوي بديل اخر
في ظل متغيرات في تركيبة هذه القوي
وكذلك نوعية النظام الذي كانت
تناضل تلك القوي لازالته .

عموما هذا رأي قد اختلف معه
لكن اري ان نجعل من بوستك هذا
مدخل لنقاش هذا الموضوع

استاذي بولا
خير من يتحدث
عن نضالات (الميدان ) هو الصديق المناضل
النوراني محمد الحسن
فهو من الذين ساهموا في
تقريب المسافات
وكثيرا
فارجو ان تسمح لي بتحيته عبر بوستك هذا .

لك الود استاذي
أضف رد جديد