محمد محمود:المرأة كاملة عقل

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

محمد محمود:المرأة كاملة عقل

مشاركة بواسطة حسن موسى »


بمناسبة يوم المرأة العالمي كتب الصديق محمد محمود
الباحث في الأديان و مدير مركز الدراسات النقدية للأديان
في الاحتفاء بعيد المرأة العالمي 2017


المرأة كاملة عقل




(1)
من المعلوم أن الإسلام لا يختلف عن باقي الأديان في أنه دين ذكوري. وفي حالة الإسلام فإن هذه الطبيعة الذكورية لا تنفصل عن ميراثه التوحيدي اليهودي إذ أن إله القرآن هو نفسه إله التوراة. ومثلما أن إله التوحيد اليهودي الذي وصفته التوراة بلغة الكائن المذكّر انتصر على الآلهة القديمة للشرق الأدني التي ضمت أنظمتها آلهة إناثا جنبا إلى جنب الآلهة الذكور، فقد انتصر إله التوحيد الإسلامي على آلهة الشِّرْك العربي الذي ضمّ نظامه الذكور والإناث من الآلهة.
ورغم أن لاهوت اليهودية والمسيحية والإسلام بذل مجهودا كبيرا للتأكيد على تَعَالِي الإله وغيريته إلا أن النصوص الأولية لهذه الأديان من توراة وأناجيل وقرآن لا تسوّغ مثل هذا التأكيد الذي لا يعدو أن يكون مجرد تجريد نظري صِرْف. فإله التوحيد الذي تصفه هذه النصوص إله مشخصن ويعكس الكثير من السمات النفسية للبشر وانفعالاتهم. والفيصل في صورة هذا الإله هو الخيارات التي اختارها كَتَبَةُ (جمع كاتب) التوراة، إذ أن صورتهم هي التي ورِثتها المسيحية وورِثها الإسلام. وخيارات كَتَبَة التوراة لم تكن بخيارات اعتباطية وإنما انبنت على رؤيتهم للعالم وانحيازات هذه الرؤية. وهكذا ورغم أن الكاتب التوراتي عندما يكتب عن لحظة خلق الإنسان يقول: "فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه، ذكرا وانثى خلقهم" (التكوين، 27:1) إلا أنه لا ينتهي "لمثال" لصورة الإله يجمع ثنائية الذكر والأنثى أو "لمثال" يتجاوز هذه الثنائية الجنسية ليقدم صورة "لاجنسية" للإله. بدلا من ذلك، ينحاز الكاتب التوراتي لعنصر الذكورة في ثنائية الخلق التي أوجدها الإله ويجعلها جزءا لا يتجزأ من صورة الإله.
وربما نظن أن لحظة خلق الإنسان في الآية المقتبسة أعلاه هي لحظة خلق "مشترك"، بمعنى أن الإله خلق الذكر والأنثى في نفس اللحظة (وإن كانت "لحظة الذكر" متقدّمة على "لحظة الأنثى" حسب صياغة النص التوراتي)، إلا أننا لا نلبث أن ندرك بطلان ظننا هذا عندما يحكي لنا الكاتب التوراتي تفاصيل قصة الخلق. فآدم، الرجل الذكر، هو خَلْقُ الإله الأول ومشروعُه الأصلي. وبعد أن يخلق الإله كل حيوانات البَرِّيَّة وكل طيور السماء ينتبه لوَحْدة آدم ووَحْشَته، ويقرر أن يخلق له نظيرا يعينه، فيوقع عليه سُباتا فينام، ويأخذ ضلعا من أضلاعه ويكسوه لحما ليجد آدم امرأته في انتظاره عندما يستيقظ. إلا أن امرأة آدم، التي تدخل الوجود كفكرة طارئة لاحقة وتستمدّ مادتها من جسد آدم ولا تكتسب اسما إلا لاحقا، لا تلبث أن تصبح ذات دور درامي خاص يدفع بقصة الخلق لنهايتها الفاجعة عندما تقابل الحيّة وتقع في شراك إغرائها فتأكل من ثمر الشجرة المحرّمة وتغري آدم ليشاركها عصيانها لأمر الإله. وعندما يطرد الإلهُ الإنسانَ من الجنّة، يقول للمرأة: "تكثيرا أكثِّر أتعابَ حَبَلِكِ، بالوجع تَلِدِين أولادا، وإلى رجُلِكِ يكون اشتياقُكِ، وهو يسُود عليكِ" (التكوين، 17:3). وهكذا تخبرنا القصة التوراتية أن مصير المرأة، ومنذ تلك اللحظة، قد تقرّر نهائيا إذ أضحت، وبموجب الأمر الإلهي، في حالة عبودية وخضوع دائمين للرجل.

(2)
هذه الدُّونية والتبعية للرجل هي الوضع "الطبيعي" للمرأة في أديان التوحيد الثلاثة. وهو وضع يعبّر عنه القرآن أصرح تعبير في آية القَوامة التي تقول " الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حَفِظ الله واللاتي تخافون نُشُوزهن فَعِظُوهُنَّ واهْجُرُوهُنَّ في المضاجع واضْرِبُوهُنَّ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا" (النساء، 34:4). وفي التعبير عن قَوامة الرجل على المرأة (أو "سيادته" بتعبير سِفْر التكوين) فإن الآية تعطي سببين: سبب أول يتعلّق بالإله وتفضيله للرجل على المرأة وسبب ثانٍ يتعلّق بميزان القوى الاجتماعي – الاقتصادي الذي يضع القوة الاقتصادية في يد الرجل الذي يقوم بالإنفاق على المرأة. ولابد أن نضع في اعتبارنا التراتبية التي تحكم هذين الاعتبارين، إذ أن اعتبار التفضيل الإلهي هو الاعتبار الأصلي والأعلى الذي لا يزول حتى وإن تغيّر الواقع الاقتصادي فأصبحت المرأة هي المُنْفِقة. وهكذا فإن الآية في تقريرها لمبدأ القَوامة تريد أن تقرر في واقع الأمر وضعا ثابتا لا يقبل التغيير، وضعا يصبح فيه الرجل دوما هو "السيّد" وتصبح فيه المرأة دوما هي "المَسُودة".
وبإزاء الخضوع لهذه القَوامة ومقتضياتها تطرح الآية نموذجين للمرأة: نموذج المرأة "الصالحة" والنموذج النقيض الذي تمثّله المرأة "الناشزة". والمدار هنا هو شرط الطاعة الذي تشير له الآية في نهايتها بقولها: "فإن أطعنكم". فالمرأة "الصالحة" مطيعة بالضرورة (تصف الآية "الصالحات" بأنهن "قانتات" ويقول صاحب لسان العرب في معنى القنوت إنه "الخشوع والإقرار بالعبودية والقيام بالطاعة التي ليس معها معصية"). أما المرأة "الناشزة" فقد استحقت هذه الصفة لأنها لم تطع زوجها. ما الذي من الممكن أن يفعله الزوج في هذه الحالة؟
إن علاقة القَوامة بين الرجل والمرأة تضع الرجل في مقام "تأديب" المرأة. ويترتّب على ذلك أنه وعندما تعالج الآية هنا مسألة النشوز فإن هذا الواجب "التأديبي" العام الذي يضطلع به الرجل يتخذ شكل "إجراءات تأديبية" محدّدة وهي: وعظ الناشزة، معاقبتها جنسيا ونفسيا بهجرها في المضجع، ضربها. وهكذا نرى تدرّج وتكثّف العملية "التأديبية" لتصل لمستوى العقوبة الجسدية العنيفة.
وإن قبلنا بما جاء في مادة الحديث فإن هذا الترخيص القرآني بضرب المرأة الناشز ربما جاء استجابة لضغط عمر بن الخطاب الذي نقرأ أنه ذهب إلى محمد محتجّا وقال: "ذَئِرنَ [نشزن] النساء على أزواجهن، فرخِّص في ضربهن، فرخّص في ضربهن" (سنن أبي داود، كتاب النكاح). إلا أن هذا الترخيص وُوجِه على ما يبدو ومنذ البداية بمعارضة قوية من النساء اللائي رأين في الحال الظلم الذي سيترسّخ في حقّهن، وهي معارضة أجبرت محمدا على الإعراب عن درجة من الإدانة الأخلاقية لضرب الزوجة إذ نقرأ عن قوله: "لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن، ليس أولئك بخياركم" (نفسه). ولقد تأذَت مشاعر بعض المفسرين لاحقا من عنف إجراء الضرب وحاولوا تلطيفه باشتراط أن يكون "غير مبرِّح" (لبعض هذه الأقوال انظر تفسير الآية في الطبري مثلا).
والملاحظ أن القرآن لا يقصُر فعل النشوز على المرأة، إذ من الممكن أن "ينشُز" الرجل أيضا. وهذه حالة يعالجها القرآن في الآية 128 من سورة النساء (4) حيث يقول: " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا". وليس هذا موضع الدخول في تفاصيل نشوز الرجل وما يعنيه (وهي تفاصيل من الممكن الرجوع لمادة التفسير لمعرفتها) ولكننا نكتفي بالإشارة للفرق البائن في المعالجة القرآنية للحالتين.

(3)
إن مبدأ القَوامة مبدأ أصيل في الرؤية القرآنية لأنها تنسبه للتفضيل الإلهي للرجال على النساء، وهو مبدأ تمّ على أساسه تبرير الكثير من مظاهر التمييز ضد المرأة في التشريعات الإسلامية. وفي كل هذا نحن بإزاء بنية تصوّرية ومؤسسية كاملة ومتّسقة سواء على مستوى التصوّر اللاهوتي الذكوري للإله أو مستويات العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
ورغم أن الرؤية الذكورية التمييزية لا تقتصر على الإسلام من دون سائر الأديان، إلا أن صعود الإسلام في عالمنا اليوم كحركة سياسية وتشريعية واجتماعية (لأسباب عديدة ليس هذا مكان نقاشها) جعله الدين الوحيد بين سائر أديان العالم الذي نجح في إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء والانتكاس بأوضاع المرأة في أغلب البلاد الإسلامية وحتى بين المسلمين الذين هاجروا للغرب. ولا شك أن هذا الانبعاث الحركي للإسلام هو أكبر تحدٍ يواجه النساء اليوم في البلاد والمجتمعات الإسلامية ويهدّد مكتسباتهن ومستقبل مساواتهن وحقوقهن الإنسانية.
إن الحرية من قهر الوعي الذكوري وقهر مؤسسة راسخة مثل مؤسسة القَوامة تتطلّب تحوّلا جذريا على مستوى الوعي. وهو تحوّل لا يقتصر على المرأة وإنما يمتدّ أيضا للرجل. إن الرجل الذي يؤمن بأنه أفضل من المرأة ويؤمن بقوامته عليها ليس برجل حرّ، لأن من يستعبد الآخرين يستعبد أيضا نفسه.




محمد محمود أستاذ سابق بكلية الآداب بجامعة الخرطوم وحاليا مدير مركز الدراسات النقدية للأديان.




محمد عثمان أبو الريش
مشاركات: 1026
اشترك في: الجمعة مايو 13, 2005 1:36 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد عثمان أبو الريش »


شكرا يا حسن واستغربت كيف محمد يسرد موقف قوانين صيغت قبل 1400 سنة ويغفل التطوير والتعديل الذى احدثه الاستاذ محمود محمد طه.. ولقد ربط الاستاذ القوامة فى الشريعة باطارها الزمنى وفى سياقها التاريخى.. وقال انها مشروطة بالانتاج.. واليوم الانتاج ليس صيدا او غارات.. وانما برمجة ورسم وغناء وادارة.. ومن ثم انتفى الشرط الذى تبع تشريع القوامة حيث قال الله
الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم..
Freedom for us and for all others
صورة العضو الرمزية
الصادق إسماعيل
مشاركات: 295
اشترك في: الأحد أغسطس 27, 2006 10:54 am

مشاركة بواسطة الصادق إسماعيل »

يا ابو الريش
محمد بيتكلم عن الغالب الأعم
معظم المسلمين متبعين موضوع (القوامة) دا
وتجديد الأستاذ محمود محمد طه وغيره من المفكرين
موجود في تفكير مجموعة صغيرة إذا قارناها بجموع المسلمين
فالتغيير في وضعية المرأة في ذهنية المسلمين بصفة
عامة داير شغل أكبر بكتير. وحتى الجمهوريين برغم اجتهادهم
الكبير لم يحدثوا هذا التغيير ومحتاجين لي عمل اكبر معاهم باقي
القوى الاخرى التى تقرأ الاسلام والقرآن في سياقه التاريخي، وبالتالي
تصبح مثل تلك القراءات هي السائدة وليس كما هو حاصل الآن.
محمد عثمان أبو الريش
مشاركات: 1026
اشترك في: الجمعة مايو 13, 2005 1:36 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد عثمان أبو الريش »

يا أخ الصادق، أولا شكرا على المرور والتعليق.. ثم أن كلامك يكون فى محله لو محمد تحدث عن المسلمين اليوم او فى السابق.. والأخ محمد محمود لا يتحدث عن "وضعية المرأة في ذهنية المسلمين"، وإنما عن الإسلام ذاته.. من هنا جاء تعليقى. محمد محمود إعتمد فهم السلفيين للإسلام والشريعـة وأغفل فهم الأستاذ محمود ومجددين كثيرين اخرين على درجات مختلفة. ودمغ الإسلام بأفهامهم وتفاسيرهم المتخلفة.. من هنا كان سهلا عليه نقد الإسلام.
Freedom for us and for all others
أضف رد جديد