إلى محمد الشيخ في ذكراه لك الفراديس يا صديقي ولنا الأحزان

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
عبد الخالق السر
مشاركات: 202
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 6:39 pm

إلى محمد الشيخ في ذكراه لك الفراديس يا صديقي ولنا الأحزان

مشاركة بواسطة عبد الخالق السر »

صباح الصباحات الندية يا صديقي.. كيف حالك هناك وأنت البعيد على الضفة الأخرى؟ هل بات سكان تلك العوالم يألفون بسمتك البهية؟ ... يقال يا صديقي أن الملائكة يقدرون البسمة ويستطعمون المودة وحيوية الشباب أكثر منا نحن الملوثين بكل وعثاء المسافات وجراحات فقر الروح والبدن.
ما زلت يا صديقي استعيد طعم بهاء طلتك عليّ أول مرة .. هل تذكر تلك اللحظات، أم أن منح الآخرين من سخاء الحب هو الطاقة التي يفسد عليك التذكر والذي هو في عرفك بعض من المن؟. إن كنت نسيت في زحم ترحيبك بالآخرين دعني أذكرك تفاصيل ذلك اللقاء الذي لم يبرح مخيلتي قط. لقد فاجأني حضورك يومها وأنا الذي لم يكمل الشهر منذ حضوره. سمعت نقرك الخفيف على الباب، ووجدتك أمامي فارعاً يمتلي محياك ابتسامة تشع بالشباب والمحبة. أزيك ... حمد الله على السلامة .. معليش متلومين معاك، كان مفروض نجيك من مدة .. لكن والله البلد دي مشاغلها كتيرة ....
يا سيدي ... ولا يهمك ، مرحب ، اتفضل . أنا ممنون لهذه الزيارة خاصة وأنت أول سوداني يشرفني بزيارته في البلد دي. معاك أخوك محمد الشيخ.. أهلاً محمد ، مرحب يا سيدي وتشكر. تبدأ الونسة وأراك تتدفق حميمية وتلقائية. ما زال رنين كلماتك يوشوش آذاني وما زلت اذكر جيدا كيف تخرج الكلمات منك سريعة وبطريقة مميزة فريدة.
قالوا لي كنت عايش في السعودية؟ وين في السعودية؟
في جدة؟ تصرخ بفرح ... في جدة؟ بالله؟ طيب أنا أبوي عايش هناك ليه زمن؟
أسمه منو؟
اسمه الشيخ؟ زول معروف لأنه قديم هناك؟ وبعدين هو زاتو كان لواء في الجيش ؟
الشيخ .. الشيخ...؟ بدأت أنحت في الذاكرة ... أسمع، قصير القامة وزول أنيق كدة؟ غايتو أنا بعرف لي زول بالمواصفات دي شغال مدير شركة استيراد لحوم...
تصرخ.. أيوووووووووووه هو زاتو. بالله بتعرفوا؟ وبفرح طفولي .. يا ماما الزول ده طلع صاحب أبوي.
والله الحقيقة هو ساكن مع زول صديق اسمه أحمد حامد.
هل تذكر كيف خرجت من عندي وقتها ممتلئاً سعادة، حيث هناك من حمل إليك عبق ذاكرة أبوك ، هذا الذي تعشقه.
جلست ليلتها أتأمل في تفاصيل هذه الزيارة. يا الطاف الله، كم هو مدهش هذا الفتى العفوي الأصيل. كنت أحادث نفسي. من أين رضع كل هذا النضج الذي لا يتناسب وسنه؟ كنت حتى لحظة مجيئك أتدبر في أمر هذا الهلام المسمى مجازاً جالية سودانية، وها أنت تبعث إلىّ بالإجابة ندية وترفع عني عبء التفكير. وقتها فقط علمت أنك لم تترك للآخرين ما يدخرونه..... فاستحواذك بكل الحب والحكمة لم يترك للآخرين ما يجودون به.

لم نلتقي بعدها إلا لماماً يا صديقي. فإيقاع الحياة هنا، بشهادتك ، لا يترك فرصة للتنفس ناهيك عن التواصل. ولكن من قال أن المودة خاضعة لأرقام دفتر الزيارة؟. كنا نلتقي في بعض المناسبات العامة على عجل. ... شنو؟ وينك ما ظاهر؟ والله جري بس، بطريقتك الآثرة والسريعة ترد. وانت عامل كيف؟ والله ما بطال بس زيك كدة مشغول. أحسن ليك.. ما فاتتك حاجة. والله أنا يا عبده زاتو مستهلك ما بين الدراسة الماخدة كل وقتي ومعاها شوية شغلانة خفيفة كدة بالمساء لزوم طليع المصاريف.. لكن كله تمام.
كعادتك لابد أن تكون في كامل ابتسامتك وتفاؤلك.

صعقت عندما نما إلى علمي إصابتك بهذا المرض اللعين، وأين؟ في رأسك حيث يسكن كل ألقك ونبوغك. يا له من اختيار لعين.. أصابني حزن صامت يا صديقي، أعرفه وحدي، وحدي فقط أكتوي بناره وعلى طريقتي الخاصة التي جبلت عليها. لم يكن قراراً سهلاً ذلك الذي اتخذته بزيارتك ، فأكثر شقائي يا صديقي حين أرى الإنسان في لحظات ضعفه، أو حين تكون الشفقة هي سيدة الموقف. كانت تتملكني رغبة قوية في الونسة معاك؟!! قرعتني نفسي: هل جننت؟ كيف يمكن لإنسان سوي أن يطمح في ونسة وضحكات مجلجلة مع شخص يعاوده الناس للاطمئنان عليه؟ لم استطع إقناعها بأنك كائن استثنائي، ومعرفتي بك تحضني على مثل هذا النزق.
ترجلت من علياء التردد واتخذت موقف الزائر، هل تذكر؟؟ أنا أذكره جيدا يا صديقي ، وها أنا استرجع تفاصيله إليك في هذه الونسة الحميمة. كان آخر يوم التقينا فيه. دعنا من ذلك الجو الجنائزي الذي كان يضفيه الآخرون بحضورهم الحزين. كان يحدوني أمل أن أجدك كما كنت اشتهي، أي أقوى من المرض وأكبر من الشفقة. اقتربت منك ، تسالمنا، ووقتها لم يخب ظني.. ذات البسمة، رغم تبدل الملامح. ذات التفاؤل المغلف بسخرية من تشاؤم الآخرين. لهم العذر يا صديقي، فهم لا يعلمون مقدار الحكمة التي تستبطن جوفك. أو مقدرتك على استشراف العوالم الندية ، تلك التي أكثر احتفاءاً بك منا. قلت لك وقتها على عجل: "أنا متفرغ اليوم خصيصاً لمجالستك. ابتسمت وقلت لي: أريد أن أتونس معاك بعد ما يخفوا الناس. بعد ساعتين من الانتظار لم يبقى سوانا. قلت لي: أريد الخروج إلى الباحة الخلفية للمستشفى حيث المكان المخصص للمدخنين. وبمساعدة الممرضة جلست على الكرسي المتحرك وخرجنا سوياً حيث كانت تلك الجلسة التي لن أنساها ما حييت.

ابتدرتني قائلاً: كدي ولع لي السيجارة دي، الواحد من الصباح خرمان ومحتاج ليه لكم نفس كدة. ها .. ها..ها .. واحدة قالت لي يا محمد ولدي السيجارة دي ما كويسة عشانك!!. والله ما عرفت أقول ليها شنو.. غايتو ناسنا ديل طيبين خلاص. .. لا ما شفت... في واحد عمك راجل طيب كدة كل يوم يجيني ويقول لي لازم تحفظ آيات كدة معينة أثناء اللحظات الأخيرة!!!! ها ..ها..ها.. هسة ده يقولوا معاه شنو؟؟طبعا هو عمك زول طيب، بس في النهاية قلت ليه ياخ انت مالك مستعجل يا أبوي ما تخليها معاك لمن يجي وقتها. ها..ها.. ياخ كدي خلينا، وينك أنت؟ وعامل شنو؟ ومالك مختفي؟؟
والله يا محمد أقول ليك شنو، تمام بس ياهو مشاغل الدنيا وكدة... وأنت تحكي لي بكل متعة السرد التي تتقنها، كنت مأخوذاً بك كما لم يحدث لي من قبل. نعم يا صديقي تمنيت أن أراك كما أشتهي وكما عرفتك من قبل.. ولكن ما رأيته منك فاق قدراتي على التصور والخيال. كنت وقتها أسائل نفسي: كيف تأتى لفتى عشريني محب للحياة أن تتملكه كل هذه الحكمة والصلابة في مثل تلك اللحظات العصيبة؟ وأي سر الهي أودع في صدره حتى يجعله قادراً على أن يسخر من الموت؟ قرأت الكثير من البطولات، وسمعت مئات الأساطير الشعبية، ولكنها يا صديقي ينقصها الخيال حقاً حتى توازي حكايتك!!.
صحوت فجأة من تأملاتي على صوت ضحكتك الندية.. ها..ها.ها.. شفت الزول داك "اللازنه" بالكرسي؟ ... ياخ عمك الخواجة ده؟ ايوة، أها مالوا؟ ده راقد جنبي، وعنده برضه "كانسر" .. وطوالي ببوظ ليك في أعصابه. كل ما زول من الحوالينا "يتكل" أقوم أقول ليه الدور الجاي عليك !!!. هو برضه زول ساخر، يقوم يقول لي: "دونت توك شيت" أنا زول بحب الحياة ما تجيب لي السيرة دي. طبعاً بضحك فيه وأقرب اقول ليه بالعربي ، يا ود ما ترجل..ها..ها.
وتواصل مستطرداً، تعرف والله كان نفسي الليلة أخش السينما، لكن المشكلة عندي مواعيد العصر مع الدكتور عشان يحددوا بشكل حاسم إذا كان في طريقة عملية ولا مافي.أنا عارف القصة مخستكة، لكن أهو لو كسبنا لينا كم يوم كدة ما بطالات.
والله يا ريت يا محمد، أنا زي ما قلت ليك اليوم متفرغ ليك عديل كدة، لكن مافي مشكلة نخليها مرة تانية. ها..ها.. يا زول مراتك دي خليها، أنا عارف تاني ما بلم فيك بالساهل, أسمع قالوا لي ماشي السودان؟ .. أيوة، والله بختك، كويس تغير جو وتشوف الناس وكدة.

وتواصل مسترسلاً... قالوا لي الحفلة بتاعة ذكرى مصطفى سيد أحمد العملتوها طلعت تمام.. أيوة ما بطالة، لكن انت مالك ما جيت، ما حايم اليوم كله وعامل المستفى "لاكوندة" بس تجي تخت فيها رأسك؟
والله تعرف كنت فعلا ناوي أجي ، وانت عارف أنا بفتش للبرامج عشان اطلع من رقدة السرير البايخة دي، وبعدين أهو نسابق الزمن ونطلع لينا من الدنيا بكم لحظات حلوة، ، بدل ما كل لحظة يجوا ناسنا يبكوك وانت حي لسة ما مت. المهم يا زول في زول كدة خستك بي لأنه وعدني يجي يسوقني الحفلة، وفضلت منتظر واشيل واضرب ليه في موبايله وما برد. المزعلني أنه هو كان هناك في الحفلة!!!.
كدي ولع لي دي كمان...و.....و........و...........و........ كنت يا صديقي تحكي وتحكي وأنا شغوف بالاستماع اليك. تحدثنا في كل شيء، الجالية، السياسة، الدين، والرياضة، وبالطبع لم يفوتك أن تتحدث عن أبوك. أسمع رسلوا ليه تأشيرة وحا يجي في اليومين ديل. كان بيتكلم معاي في التلفون أمس. قلت ليه انك بتعرفه. بالله، هو كيف؟ ... والله تمام ، ويمكن قريب تقابله هنا معانا!!.

أصابك التعب قليلاً. فضلت العودة إلى سريرك. تحركنا صوب غرفتك. قابلتك الممرضة بابتسامة، شاغلتها كعادتك .. ضحكت من جوة قلبها وقالت ليك "جكي بوي" حضورك الطاغي يحرك كل كوامن الحب لدى ملائكة الرحمة بالمستشفى. توافد عليك حينها بعض الزوار. استأذنتك في المغادرة. توادعنا ، وتواعدنا. ولكن كلانا كان يعلم أنها الأخيرة. آه ه ، نسيت يا صديقي في زحمة حديثي أن أخبرك أنني لمحت "نوال" قبل أيام في "سيدني رود"، كانت أنيقة وجميلة كعادتها، تشع منها ابتسامتك ، تلك التي أودعتها لها أمانة، . كانت كما يجب أن تكون، فقط كانت تنقصها رفقتك المعتادة. كل من كان يراكما كان يعتقد أنكما عاشقين من فرض التناغم. كانت دوما حفية برفقتك. فمنك كانت تستمد كل المشاعر الإنسانية. تصدق عمار كبر يا ود الشيخ؟... بات جميل الطلعة ممتلئاً حيوية وذكاء. رايته في مهرجان يوم اللاجئ، يمارس سودانية قحة. يرتدي سروالاً وطاقية ويرقص المردوم على أنغام البالمبو ومحمود عبد العزيز.!!! فيه الكثير من حيويتك والمعيتك.
الحديث يطول يا صديقي ولا ينتهي. ربما يكون في الإمكان أن نتمه هناك ... هناك حيث السديم، فوقتها لن تحاصرنا ظروف الحياة. سنجد متسع من الوقت لنحكي. الم تصبح خبيرا بالدروب والأمكنة هناك؟ إذن لا مخافة طالما أنك لن تبخل عليّ بابتسامتك وترحيبك.

عبد الخالق السر/ ملبورن
8/9/2005م
ãÍãÏ ÇáÌÒæáí
مشاركات: 329
اشترك في: الأحد مايو 15, 2005 10:06 pm

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÇáÌÒæáí »

الحديث يطول يا صديقي ولا ينتهي. ربما يكون في الإمكان أن نتمه هناك ... هناك حيث السديم، فوقتها لن تحاصرنا ظروف الحياة. سنجد متسع من الوقت لنحكي. الم تصبح خبيرا بالدروب والأمكنة هناك؟ إذن لا مخافة طالما أنك لن تبخل عليّ بابتسامتك وترحيبك.


تخريمه ..
(الماعندو محبه ماعندو الحبه .. والعندو محبه ماخلى الحبه )
صورة العضو الرمزية
عبد الخالق السر
مشاركات: 202
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 6:39 pm

مشاركة بواسطة عبد الخالق السر »

ود
الجزولي
سلامات
لسة متسكع في المحطات ولا وصلت امدر؟؟؟
قاطع خبرك
سلامي للجميع
عبد الخالق
أضف رد جديد