أمير الحرب.. وواقع تجارة السلاح العالمية

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
قصى همرور
مشاركات: 278
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 11:07 pm

أمير الحرب.. وواقع تجارة السلاح العالمية

مشاركة بواسطة قصى همرور »

Lord of War
أمير الحرب.. وواقع تجارة السلاح العالمية


بدأ يوم الجمعة 16 من سبتمبر، عرض الفيلم السينمائي الأمريكي (أمير الحرب) (Lord of War).. وهو فيلم جدير بالمشاهدة، لما فيه من تناول قوي لظاهرة سياسية مقيتة، هي من أكبر ما يصيب شعوب العالم الثالث من حكومات العالم الأول.. هذه الظاهرة هي تجارة السلاح، حيث الربح السريع مقابل الموت السريع، وحيث ينطبق المثل (مصائب قوم عند قوم فوائد) في أبشع صوره المعاصرة.. يموت الآلاف مقابل تضخم حسابات أفراد رأسماليين ينعمون بالأمن والرخاء الذي توفره لهم حكوماتهم على حساب تراكم جثث الأبرياء من ضحايا حروب العالم الثالث..

الفيلم من بطولة الممثل الكبير نيكولاس كيج (Nicolas Cage).. وهو يقوم فيه بدور شاب من أسرة هاجرت للولايات المتحدة الأمريكية من شرق أوروبا، يدخل عالم تجارة الأسلحة ويترقى فيه ماديا ليصبح بليونيرا كبيرا يمد الجماعات المتمردة المسلحة في أفريقيا، مع الحكومات الديكتاتورية، بالسلاح بشكل منتظم وبكميات كبيرة.. ولا يلتفت كيج، أو يتظاهر بعدم الإلتفات، إلى المذابح وحالة الفوضى والحرب الدائمة التي تغذيها تجارته و"مصدر رزقه"..

يبدأ الفيلم بذكر إحصائية مخيفة، على لسان كيج نفسه، وهي أن هناك قطعة سلاح ناري لكل 12 شخص في العالم، ويعقب كيج على هذه الإحصائية بسؤال بالغ الدلالة، يعكس وجهة نظره الإنتهازية الباحثة عن الكسب، إذ يقول (والسؤال هو: كيف نسلح الأحد عشر شخصا الآخرين؟)..

يتعرض الفيلم بصورة درامية قوية إلى الموقف الأخلاقي لتاجر الأسلحة.. كيف يقيم إنسانيته وأخلاقه، وكيف يسعى لتحسين مستوى معيشة أسرته على حساب حياة آلاف الأسر الأخرى، وكيف يوفر لابنه وزوجته الحياة الرغدة على حساب معاناة آلاف الأطفال والنساء، حتى الموت، في دول العالم الثالث.. والفيلم يتعرض لهذه المسألة بصورة عميقة الدلالة، فشخصية كيج نفسه في الفيلم هي لرجل لا يستخدم السلاح، ولم يسبق أن سعى لقتل شخص في حياته، ولا يحاول إدارة أعماله بواسطة العنف إطلاقا، بل إنه، وفي مشهد مثير في الفيلم، يتردد كثيرا في قتل تاجر أسلحة آخر، حاول قتله ( كيج) والإستيلاء على سوق احتكاره أكثر من مرة، وفي إحدى تلك المرات راح عم كيج ضحية فيها.. ورغم هذه الجوانب في شخصيته، فهو مدرك تماما لحجم مشاركته في المجازر والمعاناة المستمرة لشعوب قارة بأكلمها..

لن أحاول سرد الكثير من أحداث الفيلم أكثر مما فعلت، لكي لا أفسد عامل الترقب للقراء الذين لم يشاهدوه بعد ويرغبون في ذلك.. غير أن هناك بعض النقاط التي أرى من الواجب نقدها في الفيلم، فالفيلم في مادته يعطي صورة سالبة جدا لمظهر السياسة في أفريقيا بشكل عام، وفي غرب أفريقيا بشكل خاص، فرغم أن الواقع يؤكد وجود الفساد السلطوي والديكتاتورية والقهر في أفريقيا، سواءا كان من جانب الحكومات أو المعارضات المسلحة، إلا أن إظهار أفريقيا بشكل عام على أنها أرض لا مجال فيها لغير الفوضى والفقر والدماء فيه تبخيس كبير لجهود جماعات ومنظمات وحركات سياسية كثيرة في أفريقيا تسعى لمحاربة هذا الوضع المؤسف بوعي كبير، وجهود جبارة، وعزيمة لا تخور.. والفيلم بصورة عامة لا يقدم أي دعم إعلامي لجهود هذه الفئة الخيرة، إذ أنه لا يعطي أية إشارة لوجودها.. ورغم أنه من الصحيح أن الفيلم غير معني بهذه القضية بصورة مباشرة، إلا أن الإشارة إليها هي أيضا عامل مهم في محاولة تحليل وعلاج الأزمة التي يسعى الفيلم للمشاركة فيها..

ويتناول الفيلم، عند وقت تلخيص المأساة، أهم معلومة، وهي أن حقيقة وجود أمثال كيج في عالمنا اليوم ضئيلة المعنى أمام حقيقة أفظع منها وأهول، وهي أن الممول الرئيسي للسلاح بجميع أنواعه لمناطق الحروب ليس سوى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، وباقي العقد الفريد من دول العالم الأول ذات المقاعد الدائمة في مجلس الأمن! و صاحبة حق الفيتو في تقرير سياسات هيئة الأمم المتحدة! ويعرض الفيلم هذا الواقع السياسي المحبط حين يظهر أن أمثال كيج هم في الحقيقة يؤدون خدمة كبيرة لحكومات تلك الدول المتاجرة الأكبر للسلاح، إذ أنهم يصرفون نظر الناس، دون قصد أو بقصد، عن التجار الأعظم للسلاح، وهم مصنعيه ومموليه بالكميات المهولة، وعلى مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، وتحت مظلة القانون الدولي!

في مقال للأستاذ الخاتم عدلان، طيب الله ذكره، في شهر ديسمبر من العام الماضي في جريدة سودانايل الإلكترونية، بعنوان (تأملات في جنون الأمم) يقول الأستاذ الخاتم (والحقيقة أن بشاعة الوضع الحالي، تتمثل في أن الخلاص منه ممكن تماما. فقد قدرت الأمم المتحدة عام 2000، أن برنامجها لرفع الفقر عن أطفال العالم يكلف 52 بليونا من الدولارات. ولكن العالم الذي عجز عن توفير جزء قليل من هذا المال طوال الأربع سنوات الماضية، صرف في العام الماضي، 712 بليونا من الدولارات على السلاح) وللتأمل في المزيد من حجم المفارقة، نضيف أن مئات البلايين من الدولارات، أكثر بما لا يقاس من المطلوب لرفع الفقر، تصرف على أدوات ترسيخ الفقر، وزيادة القهر الظلم وحجم المأساة.. ترسيخ الفقر والظلم يكلف أكثر من رفعهما أضعافا مضاعفة، ولكن الأموال تصرف في إتجاه ذلك الترسيخ!

إن دراسة هذه الحالة الغريبة ستقودنا إلى دراسة حالة الخوف الطاغية اليوم، خوف الإنسان من أخيه الإنسان، والمتجسد في إحدى تجلياته في خوف الدول من بعضها، وسعيها للصرف على السلاح أضعاف ما تصرف على السلام.. ومن تجسيدات هذا الخوف هذا النظام الرأسمالي العالمي اللاإنساني، الذي يجعل قيمة الربح أكبر من قيمة الإنسان، والخوف على المال، وتكديسه واحتكاره، أكبر من الخوف على إخوتنا في الإنسانية، لدرجة لا نتورع فيها عن تعميق حجم المأساة عليهم بدل مد يد المساعدة، وهي ميسورة أكثر من الأخرى.. هذا الخوف الذي ليس من سلاح نحاربه به، في أنفسنا وفي مجتمعاتنا، غير العلم، نقيض الجهل.. نحن بحاجة إلى ترسيخ ونشر الوعي بقضايا إنسانيتنا وحقوقنا الغير قابلة للتجزئة والإحتكار على بعضنا دون الآخرين.. ونحن بحاجة إلى الإرتفاق، من أجل هذا الهدف، بكل وسائل الإعلام والإتصال المتاحة، ولعل قيام مؤسسة السينما الدولية بالتعرض لمثل هذه القضايا، كما في هذا الفيلم، فيه جهد طيب ومقبول، على ما فيه من علل تتعلق بواقع سوق الإعلام الغربي نفسه (أشير هنا بصورة خاصة إلى عامل الإثارة الجنسية الذي استخدمه الفيلم، كعادة أفلام هوليوود في سباقها المحموم لكسب المشاهدين عن طريق مخاطبة غرائزهم أكثر من عقولهم، رغم أن بعض الأفلام القليلة فيها مادة فكرية وثقافية كافية لاستقطاب الجمهور الذي يحسن التمييز)..

وقد قامت منظمة أمنيستي الدولية، فرع الولايات المتحدة (Amnesty International USA) بإعلان دعمها لمادة الفيلم (Lord of War) في موقعها الإلكتروني، لإثارة الفيلم بصورة قوية لقضية تجارة السلاح العالمية والغير منظمة، وهي قضية تقف منها المنظمة موقفا معروفا، وتسعى لبذل جهود كبيرة في سبيل محاربتها*..

قصي همرور
17/9/2005

* https://www.amnestyusa.org/lordofwar/
ãÍãÏ ÇáÌÒæáí
مشاركات: 329
اشترك في: الأحد مايو 15, 2005 10:06 pm

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÇáÌÒæáí »

.. .. .. .. ..

الأخ قصى همرور ..

لك التحايا ..
وشكرا لك وانت تلفت الأنتباه لهذا ( الفيلم ) ..
ومايسرده من وقائع ( لأرذل ) تجارة على وجه الأرض تضرر ويتضرر
منها الكثيرين .. الكثيرين فى هذا العالم ..
وشكرا مجددا ..

صورة

بوستر الفيلم ( lord of war )



.. .. .. .. ..
تخريمه ..
( الماعندو محبه ماعندو الحبه .. والعندو محبه ماخلى الحبه )
ãÍãÏ ÇáÌÒæáí
مشاركات: 329
اشترك في: الأحد مايو 15, 2005 10:06 pm

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÇáÌÒæáí »

إن دراسة هذه الحالة الغريبة ستقودنا إلى دراسة حالة الخوف الطاغية اليوم، خوف الإنسان من أخيه الإنسان، والمتجسد في إحدى تجلياته في خوف الدول من بعضها، وسعيها للصرف على السلاح أضعاف ما تصرف على السلام.. ومن تجسيدات هذا الخوف هذا النظام الرأسمالي العالمي اللاإنساني، الذي يجعل قيمة الربح أكبر من قيمة الإنسان، والخوف على المال، وتكديسه واحتكاره، أكبر من الخوف على إخوتنا في الإنسانية، لدرجة لا نتورع فيها عن تعميق حجم المأساة عليهم بدل مد يد المساعدة، وهي ميسورة أكثر من الأخرى.. هذا الخوف الذي ليس من سلاح نحاربه به، في أنفسنا وفي مجتمعاتنا، غير العلم، نقيض الجهل.. نحن بحاجة إلى ترسيخ ونشر الوعي بقضايا إنسانيتنا وحقوقنا الغير قابلة للتجزئة والإحتكار على بعضنا دون الآخرين.. ونحن بحاجة إلى الإرتفاق، من أجل هذا الهدف، بكل وسائل الإعلام والإتصال المتاحة، ولعل قيام مؤسسة السينما الدولية بالتعرض لمثل هذه القضايا، كما في هذا الفيلم، فيه جهد طيب ومقبول، على ما فيه من علل تتعلق بواقع سوق الإعلام الغربي نفسه (أشير هنا بصورة خاصة إلى عامل الإثارة الجنسية الذي استخدمه الفيلم، كعادة أفلام هوليوود في سباقها المحموم لكسب المشاهدين عن طريق مخاطبة غرائزهم أكثر من عقولهم، رغم أن بعض الأفلام القليلة فيها مادة فكرية وثقافية كافية لاستقطاب الجمهور الذي يحسن التمييز ) .

صورة
( لقطة من الفيلم)







.. .. .. .. ..
تخريمه ..
( الماعندو محبه ماعندو الحبه .. والعندو محبه ماخلى الحبه )
صورة العضو الرمزية
قصى همرور
مشاركات: 278
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 11:07 pm

مشاركة بواسطة قصى همرور »

عزيزي محمد الجزولي..

جزيل شكري على المرور والتعليق وزخرفة الخيط ببوستر الفيلم..

أعتقد أن نجاح الفيلم الأكبر يقاس في مجال توعية الشعب الأمريكي نفسه بما تفعله حكومته، فالشعب الأمريكي، عموما، من أكثر شعوب العالم جهلا بالسياسة، خصوصا بما يختص بسياسة بلاده الخارجية، وهذه النقطة من إحدى مفارقات هذا البلد الغريب التي طالما استوقفتني منذ أول أيام وطأت فيها قدماي أرضه..

ولك كثير المحبة..
Conventional is neither neutral nor convenient
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

شكرا يا قصي،
قديما قال المتنبئ وهو بيت في واحدة من أجمل قصائده على الإطلاق:
كلما أنبت الزمان قناة * ركّب المرء في القناة سنانا
قولك

ويتناول الفيلم، عند وقت تلخيص المأساة، أهم معلومة، وهي أن حقيقة وجود أمثال كيج في عالمنا اليوم ضئيلة المعنى أمام حقيقة أفظع منها وأهول، وهي أن الممول الرئيسي للسلاح بجميع أنواعه لمناطق الحروب ليس سوى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، وباقي العقد الفريد من دول العالم الأول ذات المقاعد الدائمة في مجلس الأمن! و صاحبة حق الفيتو في تقرير سياسات هيئة الأمم المتحدة! ويعرض الفيلم هذا الواقع السياسي المحبط حين يظهر أن أمثال كيج هم في الحقيقة يؤدون خدمة كبيرة لحكومات تلك الدول المتاجرة الأكبر للسلاح، إذ أنهم يصرفون نظر الناس، دون قصد أو بقصد، عن التجار الأعظم للسلاح، وهم مصنعيه ومموليه بالكميات المهولة، وعلى مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، وتحت مظلة القانون الدولي!

بهذا التلخيص يكون الفيلم قد نجح في تنوير الشعوب بحقيقة تحدث عنها الأستاذ محمود قبل عشرات السنوات، وبالتحديد عندما قال:

المدنية الغربية ذات وجهين ..
إن المدنية الغربية الآلية الحاضرة عملة ذات وجهين: وجه حسن مشرق الحسن، ووجه دميم. فأما وجهها الحسن فهو إقتدارها في ميدان الكشوف العلمية، حيث أخذت تطوع القوى المادية لإخصاب الحياة البشرية، وتستخدم الآلة لعون الإنسان.. وأما وجهها الدميم، فهو عجزها عن السعي الرشيد إلى تحقيق السلام، وقد جعلها هذا العجز تعمل للحرب، وتنفق على وسايل الدمار أضعاف ما تعمل للسلام، وأضعاف ما تنفق على مرافق التعمير.
فالوجه الدميم من المدنية الغربية الآلية الحاضرة هو فكرتها الإجتماعية، وقصور هذه الفكرة عن التوفيق بين حاجة الفرد وحاجة الجماعة.. حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، وحاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة، وفي الحق إن العجز عن التوفيق بين هاتين الحاجتين: حاجة الفرد، وحاجة الجماعة، ظل آفة التفكير الإجتماعي في جميع عصور الفكر البشري.
وهذا التوفيق هو إلى اليوم القمة التي بالقياس إليها يظهر العجز الفاضح في فلسفة الفلاسفة وفكر المفكرين، ويمكن القول بأن فضيلة الإسلام لا تظهر بصورة يقصر عنها تطاول كل متطاول إلا حين ترتفع المقارنة بينه وبين المذاهب الأخرى إلى هذه القمة الشماء.

"رسالة الصلاة"


ودعنا نأمل أن يعمل هذا الفيلم على توصيل هذه الحقيقة لملايين الناس، وأن يتمكن أحرار العالم من العمل على تغيير هذا الواقع الأليم..


ولك مني السلام وللجميع.. والتحية لأمنيستي إنترناشيول بدعمها القوي للفيلم كما ظهر من الوصلة المرفقة

ياسر
صورة العضو الرمزية
قصى همرور
مشاركات: 278
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 11:07 pm

مشاركة بواسطة قصى همرور »

أستاذي العزيز ياسر الشريف..

إن العبارات التي حضرتني بقوة أثناء وبعد مشاهدة الفيلم كانت هي عبارات الأستاذ عن حال الدول اليوم في ظل هيمنة الحضارة الغربية الآلية المعاصرة، وكيف أنها تصرف على وسايل الحرب والدمار أضعاف ما تصرف على وسايل السلام والتعمير، حتى عندما لا تكون في حالة حرب اساسا.. أعتقد أن هذا الفيلم يترجم عن جانب كبير من عبارات الأستاذ هذه بدرجة طيبة، وبصورة توضيحية ناجعة..

جزيل شكري على تعليقك.. ولك كثير الشوق والمحبة..
Conventional is neither neutral nor convenient
أضف رد جديد