تأملات في القراية والتعليم

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
ÅÓãÇÚíá Øå
مشاركات: 453
اشترك في: السبت سبتمبر 10, 2005 7:13 am

تأملات في القراية والتعليم

مشاركة بواسطة ÅÓãÇÚíá Øå »

القراية أم Passion عوضا عن القراية أم دق.
تأملات في القراية والتعليم.
إنه هم كبير ذلك الذي يقع علي عاتق الكتاب, الصحفيين, كتاب المقالات, كتاب القصص والروايات, و الذين يعملون في الإزاغة والتلفزيون,وهو هم تمليك الناس المعرفة والحقيقة, لكن الفعل البطولي الخلاق لا يمكن أن يؤديه أحدا منهم إلا إذا تعامل بشفقة صادقة مع الآم الآخرين. الحياة تعلمنا بأن كل شيء قابل للنقاش. وحتى الذي سقط في مواعين الكلام كأخر قطرة مطر, يمكن له أن يقول رأيه, ويدوزن النشيد المطري.
تولي النظم الشمولية والدكتاتورية, خاصة تلك التي تدوم طويلا في السلطة, اهتماما استراتيجيا كبيرا لتربية النشء حسب أفكارها وفلسفتها في الحكم والحياة. هنالك عبر ودروس يمكننا أن نستمدها من هذه العملية. الذي نعرفه جميعا هو أننا لا يمكن أن نتحدث عن التعليم بصورة تجريدية, فالتعليم دائما ما يوجه نحو خلق نموذج للإنسان ولحياة الأمم. فدولة إسبرطة العسكرية لم تكن تعلم بنفس الطريقة التي كانت تعلم بها أثينا الديمقراطية, أو مصر الفرعونية أو بغداد العباسيين ودمشق الأمويين. وتاريخنا القريب يغلي مرجله بأمثلة لنظم تعليم كارثية عديدة كألمانية الهتلرية, وروسيا الاستالينية, و سودان الإسلامويين. أما اليوم فلقد أصبح التعليم مشكل ضخم وأكثر تعقيدا وذات بعد كوني, بعد أن حلت الجرائم السياسية التي ترتكبها النخب الحاكمة بإعلاء قيم الشر والتفوق والفساد المطلق الذي يتكاثر عاما بعد عام (السلطة مفسدة, لكنها مفسدة بصورة مطلقة عندما تكون مطلقة), حروب الإرهاب المجنون العابر للقارات, كل هذه الكوارث حلت محل الحوار والتسامح. وهنالك سؤال بديهي كتلك الفرضيات الرياضية التي تدرس في المراحل الأولية من حياتنا, ينتصب أمامنا من تحت ركام هذه الفظائع التي نشاهدها اليوم بفعل التعصب والمحاولات البائسة والتي لا يفعلها سوى صغيري النفوس الذين يمتازون بدرجة عالية من الدناءة في إلغاء الآخر عوضا عن السعي لمعرفته بوجه أكمل. والسؤال هو ألا يعد تعميد وتوجيه الطفل دينيا منذ ميلاده نوعا من الاستبداد, وبالتالي يخرج الطفل من حمام التعميد رجلا مشبعا بالاستبداد؟ قد يكون السؤال صحيحا, لكن استبدادا من هذا النوع يمكننا أن نتجاوزه حالما نبدأ في التفكير والنقد والتساؤل العميق حول سؤال الوجود, لكي نصل إلى إجابة وافية حول وجود الله أو عدم وجوده. الاستبداد الذي نتحدث عنه هنا يخص الاستبداد السياسي.
يشهد إنسان اليوم صعودا في عدد الدول التي تدير شؤونها سياسيين متعصبين حيث أصبح فيها المعلمين مجبرين لحقن أوردة النشء بأمصال التعصب التي تعدها مختبرات الدولة لتلقين أفكارا تخدم السلطة ويصيبهم بالكساح, فيظل الطفل عاجزا عن البحث عن الحقيقة والذي هو صميم العملية التعليمية. إن التعليم أي نظام تعليم يرتبط ارتباطا وثيقا بالسلطة وبالتالي فهي تقوم بتوجيه أهدافها نحو تأهيل وتعليم ناس ينصاعون إلى متطلبات النظام وهنا تكمن حتمية السيرورة والتي إذا تعذرت سيفضي بالتعليم إلى تخريج عاطلين عن العمل رجال ونساء كبار كبيرات, عظماء وعظيمات مبعدين ومهمشين عن سوق العمل. ينبغي أن يحدث توازن بين هذا الاتجاه من التعليم وتعليم أخر يقدم الأشياء كما هي, بتحفيز وتنمية الملكات والقدرات المهددة بالانقراض.
لا اعتقد بأنني آتي بجديد إن قلت بأننا حينما نقرأ إنما نفعل ذلك في حالة مزاجية وروحية معينة فقد تكون هنالك لحظات نحبذ عندها قراءة الكتب الروائية ولحظات أخرى نفضل عندها قراءة كتب فلسفية, فكرية أو علمية هذا إذا كان الإنسان مهتما بالقراءة وتثقيف نفسه أصلا. المهم والأساسي في كل هذا هو أن نقرأ بولع passion وأضيف هنا بأننا إذا قرأنا بهذه الطريقة فأن كل كتاب نقرأه يفتح أمامنا مجالا للتفكير ويهمس مقترحا هنا وهناك بإشارات لكتب جديدة. مما يمكننا قليلا من خلق ثقافة حية منسجمة مع رغباتنا واحتياجاتنا وبالطبع هنالك عدد لا نهائي من الكتب ولا أحد من الكمال في قرأتها كلها, هنالك ربما ظواهر تعد خرقا للقدرة البشرية على القراءة..
وتكمن قيمة قراءتنا في الكتب التي نقرأها لحوجة روحية ونفسية, فهي التي تبقى دون سواها محفورة في الذاكرة. إذن علينا أن نختار وبديهي أن يكون الخيار خيارا فرديا لأن ما يهم قارئ لا يهم الآخر بالضرورة, فالقراءة مسألة لا تتم إلا في الوحدانية المطلقة حين يتكامل القارئ مع الكتاب, وأنا أتحدث هنا عن القراءة التقليدية, من خلال الكتب وليس من خلال شاشات الإنترنت التي اعتبرها البعض أن في إمكانهم أن يصبحوا قرأ باحثين عن الحقيقة أمن قبيل الصدف أن البشرية لم تبقي غير القليل من الكتاب في ذاكرتها,بالرغم من هذا الكم الهائل من الكتب أم أن في الأمر شئ أخر؟ ربما, لكن لا زال العالم يقرأ أوديسة وأليس هوميروس, جحيم دانت ودنكي خوتى دو لامنشا سرفانتس, بن حزم وحمامته المطوقة بن رشد والمتنبي, بالرغم من مرور قرون من رحيل هؤلاء الرأيين عن وجه الأرض,. إن ما هو مفيد روحيا للقارئ هو ما يجاوب على أسئلته العميقة وشغفه اللامحدود. بالرغم من أنني لا استبعد حدوث تمزق وحيرة, فهذا محتمل أيضا, ومع ذلك يظل هذا الطريق هو الوحيد الذي ينبغي أن يعمد فيه روح الطفل ما من طريق آخر. لأن التعليم أو كما نسميه باللغة الدارجة القراية في النهاية هو مشروع لبناء الإنسان بكل ما فيه.
في أوقات اليأس من الحياة والتي تغشوني كثيرا وأنا أنظر حولي الناس يركضون كوحوش كاسرة دون رحمة, منقادين تحت شعارات لا يعرفون حتى معناه. قدماي تقوداني في أزقة مولمنبيك ببر وكسل , حي تسكنه كمايات كبيرة من المهاجرين, فهي تعرف أي قدماي أي قرف يجتاحني في لحظات كتلك, مررت بزقاق مومارت, وأنا في طريقي إلى أكاديمية الفنون محرابي, الذي يمدني بالصبر لأتحمل لا معقولية الحياة. في ركن, وبالقرب من بقال مهاجر مغربي وقفت برهة, أرى أطفالا غارقين في واحدة من نقاشاتهم الغامضة والتي تبدو للكبار شيئا ليست ذات أهمية, وددت لو أن أثبت اللحظة في زمن الطفولة, وان يترك الأطفال فوق هذه القطعة من الكون غرقى عالمهم الحالم. أن لا تلوثهم أوساخ عالم الكبار, وتحطمهم أفعالهم, لكنني وجدت الفكرة لا تحتمل, لأنها تقتل الحياة. كثيرا ما أتساءل إلى أي حد يساهم التعليم في إفساد روح الأطفال.صحيح أن الطبيعة في تغير مستمر وكذلك تغير في طبيعتنا في عواطفنا وشخصيتنا. لكن النظرة التي من خلالها سينظر الأطفال إلى العالم تتشكل من الثقافة والتعليم. انه لأمر طارئ أن نعيد النظر في نظامنا التعليمي, يجب أن نعلمهم بأننا نعيش فوق كوكب الأرض الذي يلزمنا بحمايته, وأن حياتنا تتوقف على الماء, والهواء علي الطير و الشجر, وكل الكائنات. يجب أن يعرف الطفل بأن أي ضرر يسببه الإنسان للطبيعة وعظمتها يضع الحياة في خطر, ويمكن أن يحولها خرابا رمادا . يمكن للتعليم أن يكون شيئا أخرا, إذا أقمنا رابطا بين المعلومات التي يتحصل عليها الأطفال وبين عملية النضال التي ينبغي أن يقودها الكائن البشري من أجل واقع أفضل والضرورة القصوى لحماية البيئة, البحار, الأنهار والمحيطات, عوضا عن فرض كميات من المعلومات التي لم يستطيع أحدا منا أن يحتفظ بها ويتذكرها. يجب أن ننبه النشء بالمخاطر المحدقة بالكون, دون أن نخفي عنهم المآسي التي تسببها الحروب للشعوب. من الضروري أن يشعروا بأنهم جزء من تاريخ بذل فيه الإنسان جهودا كبيرة كما أرتكب خلالها أخطاء فادحة. البحث عن حياة أكثر إنسانية يجب أن يكون أساس التعليم. ولهذا السبب فانه يعد شيئا خطيرا أن يقضي أطفالنا ساعات طويلة مخبولين أمام التلفزيون, يتناولون ما يقدم لهم من أفلام العنف. أو يقضون ساعات مثلها في ألعاب إلكترونية تمجد الخراب. الطفل بإمكانه أن يقيم الخير, لكي لا ينجر وينسحب مع التيار الذي تدفعه إليه القيم الاجتماعية ووسائل الاتصالات الأخرى. في استطاعتنا أن نستمر في قراءة قصص على شاكلة دجاجي يلقط الحبة ويجري وهو فرحان للأطفال بينما نعرض ذات الحيوان إلى ابشع أنواع التعذيب. لكننا في نفس الوقت لا يمكن أن نخدعهم فيما يتعلق بمفاهيم مثل لا معقولية الاستهلاك, الظلم الاجتماعي, البؤس الذي يمكن تجاوزه, العنف الذي يسود المدن وينتصب حاجزا بين الثقافات. إن الأطفال سيفهمون حتما على قلة شفافيتنا معهم بأننا نقوم بارتكاب ذنب خطير بتبديد عالمنا. غاندي يمجد عاليا التعليم الروحي ذلك المتصل بالقلب وبيقظة الروح, إنها مسألة جوهرية يجب أن نفهمها جيدا هذا ما كان يقوله لنا الأستاذ خليل في المدرسة الثانوية وهو يدنو من خريف العمر, لم يقبل أن يتقاعد عن العمل, فظل يمارس مهنته بنفس المسؤولية التي عرف بها في وادي حلفا وبنفس الشفقة الأبوية التي بدأت أكثر حضورا بعيد الهجرة, ليزداد حينما لازم سرير المرض بمرض مبهم كان قد بدا يصطاد كبار الحلفاويين واحدا واحدا, كثيرون منهم أوعز سبب المرض إلى المياه الملوثة والبعوض. أول نسغ تشوه تتركه المدرسة والتلفزيون في روح الطفل هو روح المنافسة, الانتصار على رفاق الفصل والأنانية المسعورة. والتي تتجسد في الرغبة العارمة في أن نكون الأول والرابح دائما. في اعتقادي أن التعليم الذي نحقن به أوردة أطفال اليوم إنما يولد الشر لأننا نقدمه لهم كشيء خير. فحجر الرحى في تعليمنا يقوم على تحريك غرائز الأنانية والمنافسة لدى الأطفال. لأننا نقوم بتعليمهم مبادئ الأخلاق والأديان جنبا إلى جنب مع التشجيع على المنافسة والأنانية المفرطة والمصلحة المشتركة (الناس شركاء في ثلاث الماء النار والهواء) كان هذا الحديث لا يفارق ألسنتنا في حصص الدين, لأننا كان علينا أن نحفظ الأشياء دون أن نطلق العنان إلى فضولنا, فالسؤال والأخذ والعطاء في كثير من الأمور كانت تعد خطوطا حمراء لا يجب أن نتجاوزها. أن نصم أزان الأطفال بخطب طويلة في التضامن الاجتماعي من جهة, ومن جهة أخري نأتي بما يناقضه بالبحث المحموم عن النجاح الفردي والذي نعدهم له, يؤدي في نهاية الأمر إلى ضبابية الرؤية. إننا في حاجة ماسة وطارئة إلى تعليم يحفز التوازن بين المبادرة الفردية والعمل الجماعي, إلى تعليم يدين الأنانية الوحشية التي يبدو فيها (الإنسان ذئب لأخيه الإنسان).
فمثلا ينبغي أن نعيد النظر في تعليم شيء كالمتعة. يبدو لي أحيانا بأننا في غاية التخبط, إلى الدرجة التي أعتقد, حينما أرى الناس يقومون بعمل ما, وكأنهم يتسوقون. أكثر لحظات الراحة الإنسانية تكمن في لحظات الاتصال مع الأخر, في لحظة صمت وسكون أمام الإبداع البشري, في لحظة السعادة التي تهبه لنا العمل الإبداعي, شعرا, نثرا, فلما, رسما, موسيقى ومسرحا, أو أي عمل منجز بمسؤولية. إن لحظات المتعة الحقيقية هي تلك اللحظات التي تغدق أرواحنا بالعرفان وتهيئنا للحب. فالتجارب الكثيرة ومصاحبة الدنيا طويلا تعلماني كيف أتعرف على لحظات الفرح المطلق من بين كل ما تحملها الحياة.
Ismail Taha
Bruxelles.





صدقي كبلو
مشاركات: 408
اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 9:02 pm

مشاركة بواسطة صدقي كبلو »

الأستاذ إسماعيل طه
شكرا لهذه المساهمة الثرة،
أنا مثلك مهموم بمسألة التعليم، راجع مساهمتي عن ديمقراطية التعليم في البوست:
عبد السلام نورالدين ومحمد جلال هاشم وتبيدة شوكاي في ندوة
ÅÓãÇÚíá Øå
مشاركات: 453
اشترك في: السبت سبتمبر 10, 2005 7:13 am

مشاركة بواسطة ÅÓãÇÚíá Øå »

Dear Dr Kabilo, many thnks for your comments, i will be back fot further contempolates on the issu of the education, your post is very interesting, i think tht we need more and more information about how to reform our eductional system.
ÅÓãÇÚíá Øå
مشاركات: 453
اشترك في: السبت سبتمبر 10, 2005 7:13 am

مشاركة بواسطة ÅÓãÇÚíá Øå »

دكتور صدقي تحية طيبة
سوف أقوم بإنزال بقية التأملات في القراية والتعليم شكرا علي الاهتمام بأمر البوست ووجع التعليم. كنت أتابع كما الكثيرين ما حدث من دمار للتعليم في السودان ولدي يقين لا يزعزع بأننا إذا كنا نريد سودانا جديدا كما تنادي به الحركة الشعبية والقوى السياسية الأخرى فان هذا السودان الجديد ينبغي أن يضع حجر الأساس له في المدارس وبالأخص في المرحلة الأولية والثانوية, وبالطبع لن يتم ذلك إلا في وجود نظام ديمقراطي يختلف عن ديمقراطية آل بربون السودان.
مع خالص الود.
ÅÓãÇÚíá Øå
مشاركات: 453
اشترك في: السبت سبتمبر 10, 2005 7:13 am

مشاركة بواسطة ÅÓãÇÚíá Øå »

التعليم أكثر الأشياء غير المادية, أي أنها المؤسسة الوحيدة التي لا تدر أموالا مباشرة للدولة, لكنه هو الذي يقرر مستقبل الشعوب لأنه يشكل قلعتنا الروحية , ولذلك لم يهتم به السماسرة وبائعي الوطن .
التعليم العام والرسمي الذي أسسته الإدارة البريطانية في السودان والذي ترسخت أركانه بجهد نفر كريم من السودانيين و الإنجليز وبعض المصريين والسوريين الذين عملوا في التعليم في بدايات القرن الماضي, هذا التعليم الذي كان يمتاز بالصرامة والنوعية الجيدة من الأساتذة والذي انبنى, , على أسس (علمانية) إجباريا ومجانا, كما توارثناه من صدمتنا الأولى بمدافع الحداثة والتقدم التكنولوجي التي صاحبت دخول الإنجليز السودان, بالرغم من محاولات المسؤولين السياسيين الذين تعاقبوا على دست الحكم في العقود التي تلت الاستقلال من تغيير صورته, ففي حقبة الستينات تم تحويل لغة الدراسة إلى العربية عوضا عن الإنجليزية, السلم التعليمي في السبعينات وثورة التعليم العالي في التسعينات والي الآن. هذا التعليم هو أساس المجتمع السوداني الحديث الذي نشهده ينهار أمامنا كقصر جميل قديم. في تلك المدارس البسيطة والمتواضعة كان هنالك معلمين ومعلمات على قلتهم وقلتهن يعلمون ويعلمن كيف يصبح الطفل باحثا للحقيقة.
وهو ذات التعليم الذي عمد الطريق لتحول المجتمعات السودانية من مجتمعات تتمسك بالتقاليد القبلية والجهوية, وما تترتب عليها من التزامات بالحياة الجماعية وروتينها الخانق إلى المجتمع السوداني الرحب والذي فيما يبدو وكما يشير إلى ذلك شاعرنا الرقيق محمد المكي إبراهيم,كانت نواته قد بدأت في الظهور منذ ما قبل الثورة المهدية, أي في حوالي منتصف القرن التاسع عشر. والذي نعرف جمعيا ملامحه وسحناته المتعددة وانسجته المتشابكة بالرغم من أن الكثيرين لا زالت تعمل في رؤوسهم طواحين القبلية والتزمت الديني والرؤية الأحادية للوجود, مخلفين غبار الكلام الفاضي والخمج في الصحف السيارة التي أصبحت تشبه لي سيارة أستاذ المبشر الفلكسواقن القديمة التي كانت تملأ سماء المدينة بدخان كثيف خانق. وقف المبشر بسلحفائه الفلكسواقن ذات يوم ليس ببعيد قرب بوابة المدرسة الثانوية داعيا أستاذ إبراهيم دوانة مدرس اللغة العربية أن يركب فيوصله حي مربع ستة بحلفا الجديدة حيث يسكن, فرد الأخير, بسخريته ومزاجه النوبي المعكنن بدخان السيارة قائلا- شكرا يا أستاذ مبشر أنا الحقيقة مستعجل واحسن أمشي بكرعي.
هؤلاء الذين لاينفكون يبدلون أقنعتهم دون اختشاء فقط من أجل أن ينعموا بالسلطة هم الذين قصموا ظهر التعليم. لكن الكثيرين كما نعلم لا يريد أن يرى وجوههم الداندية في المرآة, مرآة الحقيقة. وقد حدث كل هذا لما يمكن أن نسميه بالصالح العام الذي ينبغي إعادة بنائه إذا بقي للسودان وجود موحدا في الفترة القادمة, فالصالح العام, هذا المفهوم الذي دافع ويدافع عنه كبار الفلاسفة الألمعيين, هو الذي يشكل حجر الزاوية لأي مجتمع يريد أن يتجنب الأنانية المفرطة لدى الأفراد من جهة ومن مفهوم الدولة البوليسية من الجهة الثانية, فالصالح العام لا يتشكل من مجموعة من الأنانيين ومن هذه الأشياء التي تضعها الأنظمة الشمولية من أحقية الدولة وشرعيتها فوق قيمة الإنسان, الأصل في وجوده هو ونظامه الشمولي, فعليه لما لم يبقى أمام المرء إلا أن يرتعد خوفا ويؤمن بالنظام. الصالح العام شيء سامي لأي مجتمع وهو قبل كل شي يعني أن يعيش حرا متضامنا منتصرا للعدل, وإيجاد نقطة توازن بين طرفي هذه المعادلة شيء عسير لكنه ممكن لأنه شيء قابل للبرهان ومحسوس ومشيمة التاريخ حبلى بتجارب ثرة, ربما منذ المجتمعات إلى وصفتها السنة الحداثة والكبرياء الأوربية بالمتخلفة, والتي تحقر بها ومن شأنها المبشرين باسم ديانات التوحيد, والدول الديمقراطية التي لم تكن لهم حوجة للإرهاب, إرهاب الدولة ضد ما يسمى بالإرهاب ذات الماركة العالمية المسجلة باسم القاعدة. خوفا من أن يقلب عليها ظهر المجن.
كلنا نمارس السياسة في حياتنا العامة, السياسة بمعناها الواسع والمعروف لدى الناس بطريقة أو بأخرى, ولا أعتقد بأننا نفتقر إلى البنية التحتية لاستنهاض التعليم الذي نريده للمستقبل. فمن جهة لدينا خبرة متراكمة وان كانت اغلبها قد هاجرت منذ سبعينيات القرن الماضي حينما بدأت أفواج الهجرة المنظمة إلى الدول النفطية, لكننا يمكننا أن نوظف جزءا من هذه الخبرات في الكتابة عبر الأسافير التي يجب علينا جميعا أن نرفع من مستوى الحوار فيها واستغلالها بقدر ما يمكن في الكتابة الجيدة التي تخدم القضايا الاجتماعية الكبرى, ومن جهة ثانية هناك ارث أكاديمي ضخم في السودان بدءا بالمدارس الابتدائية والثانويات, الجامعات والمعاهد العليا.
لكن لماذا انهار التعليم في السودان؟
المدرسة الأولية هي المكان الذي يتم فيه تشكيل أو تشويه الفرد, هي المكان الذي يجب علينا أن نوضح عنده سؤات ومزايا الفرد وكذلك سؤات ومزايا كل شعب وكل ثقافة.
إن تدريس بعض المقررات كمادة التاريخ, اللغة, الجغرافيا بالطريقة التي درسناها في المراحل الدراسية المختلفة, لا تصل بالطالب في اعتقادي الضعيف بتاريخه كما أن تدريس اللغة بالتركيز على دروس النحو والقواعد شئ لا فائدة منه ولا خير فيه لان اغلبهم, أي الذين يمسكون بعصى النحو والقواعد مشكلين ما يمكن أن نسميهم ببوليس اللغة, الذين يجيدون القواعد ويحفظون قوانينها لا يمكن أن يفسروا لنا لماذا وبالرغم من كل هذه الرقابة البوليسية التي تخاف من فوضى المظاهرات, يستمر الناس في ارتكاب الأخطاء حينما يتحدثون. إن حالهم كحال من يعرف قوانين القيادة لكنه لا يستطيع أن يقود السيارة سواء كانت (سيارة روز رويس) وهي العربية الفصحى أو (فولوكسواجن) وهي العامية ( التشبيه للكاتب إدوارد سعيد). وسوف اكتفى هنا بالخوض في تفاصيل مادة التاريخ, على أن أعود إلى موضوع اللغة عندما يكون هناك متسع لذلك.
قلت أن تعليم مادة التاريخ بالطريقة التي تدرس بها في المراحل التعليمية المختلفة, لا تصل الطالب بتاريخه لانه يقدم لهم مبتورا. حيث يتم تدريس كل شيء والمحصلة النهائية هي أفراد يجهلون كل شيء عن التاريخ. إذن لا ينبغي أن نعلم كل شيء ويمكنني أن أسوق هنا مثالين او ثلاثة في كل ما يتعلق بدراسة التاريخ والجغرافيا. وكنت قد بدأت هذا الحوار مع أساتذة مادة تاريخ الفنون وطلبة الأقسام المختلفة بأكاديمية الفنون ببروكسل في يونيو الماضي بعيد المحاضرة التي تحدثت فيها عن تداخل الثقافات وتشابكها والتي تظهر في مجال الفنون بالذات, فقد تأثر فن الرسم في أوربا بعيد سقوط روما وانتقال عاصمة الإمبراطورية إلى القسطنطينية, بطريقة الرسم وتمثيل الطبيعة والحياة التي كانت متداولة في جنوب وشرق البحر المتوسط الذي يفصل الضفتين الشرق والغرب. فإذا أخذنا مثلا عصر النهضة كحدث تاريخي هام. ينبغي أن نعلم من خلاله العناصر التي يمكن أن نسميها بالمولدات والضوابط دون أن ندخل في سرد التفاصيل. بدءا بحدث ديني مثل الحروب الصليبية التي نشبت بين ضفتي البحر المشترك في البياض وخضرة الشطان وتضاريسها لكنها تختلف في المعتقدات. هذا الحدث بالرغم من انه كان حدثا ذا طبيعة دينية, لكنه كان مولدا لعناصر ذات خصائص متعددة وأحداث تاريخية مدهشة يمكن للطالب أن يتعلمها .
لقد تم تحطيم الإمبراطورية الإسلامية وبدأت تفككها, نشطت العلاقات التجارية بين الشرق والغرب. ظهرت المدن الإيطالية, Les Communes الكيمونات نتيجة النشاط التجاري ومع التجارة انتقلت الحرف تحملها المهارات اليدوية والفنية الخلاقة والضرورية لتطوير هذا التبادل الضخم. فالمدينة التي نعرفهااليوم إنما نسجت أحشائها من كل هذه الأشياء وظهرت لتغير ملامح أوربا كلها وكذلك ملامح العصر الحديث. ظهرت عقلية المنفعة التشيؤ أي تشي الزمن, والتي تعتبر نتاجا مباشرا لظهور العلوم التي تخضع للنظر والعقل الإنساني والرأسمالية الوليدة. فمنذ تلك اللحظة التاريخية بدأ كل شيء قابلا للتشيء وذات كمية محددة, ظهرت عبارة الوقت من ذهب. احتاجته أبراج القرون الوسطى, فأصبح البندول ضرورة. ثم تشيء الزمن والمكان. لم تعد تحتاج الشركات الرأسمالية, وهي تنتظر سفنها في عرض البحر محملة بالبضائع, إلى الشعراء والرسامين لكي يرسموا لهم الخرط . فاحتاجوا إلى مصممي الخرط. ظهرت أيضا علوم الرياضيات التطبيقية بسبب العمران المدني في إنشاء القنوات والجسور والعسكري الذي ظهر في بناء القلاع لاستعمالها في إطلاق النيران, نيران المدافع من زوايا محددة, وبما أن الفن بالنسبة لهم كان يتداخل مع ما هو حرفي, ما هو مرتبط بالفعل اليدوي , فاعتبروا الفنان والحرفي واحدا في الأصل. دخل علم الرياضيات في مجال الفنون . بيير دو لا فرانشسكا أحد مخترعي الهندسة المستوية , يعد في نفس الوقت أحد مبتكري الرسم المنظوري, أي أحد الذين ادخلوا المنظور ,تناسب الأبعاد والأحجام, في الرسم. حملت سفن التجارة على متنها ضمن ما حملت كثير من العلماء الإغريق, الذين عاشوا في القسطنطينية ردحا من الزمن بعيد انهيار روما وجاءت معهم أفكار بيتاقورث وأفلاطون... وهكذا يمكن من جلسة في محكمة التاريخ أن يتعلم الصبي وتتعلم الصبية وبولع وشغف, الطريقة الوحيدة للتعليم, التاريخ, الرياضيات, الفنون الأديان والجغرافيا.........
بواصل
ÅÓãÇÚíá Øå
مشاركات: 453
اشترك في: السبت سبتمبر 10, 2005 7:13 am

مشاركة بواسطة ÅÓãÇÚíá Øå »

ربما يثير ما طرحته في موضوع التعليم بولع وشغف مخاوف كثير من المعلمين, الباحثين والذين يعملون في حقل التعليم عموما, إذا اطلعوا عليه, ذلك الخوف الذي ينتاب الإنسان عندما يهز أحدا أركان إيمانه بشيء مقدس. والمثير هو إن ما طرحته لا ينبع إطلاقا من عقل يهذي بل بالعكس انه قمة الاتجاه الصحيح. قبل فترة كنت قد طرحت لزوجتي دلال رجب وهي خريجة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة الخرطوم سؤالا في الجغرافيا وهو أن تقوم بتعداد خلجان القارة الإفريقية, فكان جوابها أنها ربما تعرف خليجا أو اثنين بالكثير, وهو السؤال عينه الذي أطرحه على نفسي وعلى مجموع المعلمين ولعامة المتعلمين.
ربما سيتذكر الكثيرون منا رأس الرجاء الصالح وخليج غينيا, لكن من غير رجل الجغرافيا أو بحار خبير يستطيع أن يعدد هذه الخلجان كلها.أفلا يحق لنا, بعد هذا أن نتأسف قائلين يا له من تبديد للوقت وللمال, كل هذا الذي درسناه لأننا لم نعد نتذكر منها شيئا كثيرا. قد يكون هؤلاء الأساتذة والمتعلمين من المثقفين, على حد قول ماكس شيلر الفيلسوف الألماني 1874-1928
( أعتقد أن الإنسان المثقف هو ذلك الإنسان الذي نسي تعليمه الرسمي من الكتب Erudition or Scholarship) هم أحد العيوب الرئيسية في نظام التعليم, ليس في السودان وحسب بل في العالم أجمع, لان نظام التعليم اليوم يدعي بأنه يعلم كل شيء وفي نهاية المطاف نجد أنفسنا لا نعرف شيئا أو بالأحرى لا نعرف شيئا بالطريقة الإيجابية لتشكيل ما يمكن أن نسميه بصورة عامة الثقافة. والتي لا علاقة لها بالذاكرة وبالتراكم الإجباري للمعلومات من معطيات, أرقام, مقاييس, معادلات كيميائية كانت أو رياضية أو فيزيائية, تواريخ. وكما يؤكد ماكس شيلر( فإن الإنسان المثقف والذي يعتبر النموذج الأسمى لأي شعب), ليس هو الفرد الذي يعرف كل أوجه الأمور والأشياء, وليس كذلك المهندس الذي يستطيع أن يخطط وبحسابات دقيقة لبناء جسر أو عمارة وليس كذلك الفيزيائي الذي يمكن أن يرصد بدقة متناهية ويحدس عن متى يحدث كسوف الشمس أو خسوف القمر, وليس ذلك الفرد الذي يعرف الفرق بين الجول والوات, أو بين البارومتر والثرمومتر (وحدات قياس الضغط والحرارة). كل هؤلاء يعتبرون أكاديميين ( علامة في مجالاتهم) بل وهناك رجال عباقرة في العلوم التطبيقية والعلوم الأخرى, لكنهم ليسوا بالضرورة مثقفين. وإذا كانوا كذلك فليس نتيجة معارفهم المتخصصة هذه, بل نتيجة لحالة كينونة أخرى تميز الإنسان المثقف. بالطبع فحينما أسوق مثل هذه الأمثلة, لا أريد أن الغي مواد الجغرافيا, التاريخ, الرياضيات الفيزياء والعلوم الأخرى من المقررات من البرامج الدراسية, كلا بالطبع, لكن الذي أثيره هنا هو الطريقة التي نعلم بها هذه المواد. يجب أن نعلم النشء والأجيال الجديدة بطريقة مغايرة, حسب معيار أخر. ليس لتأهيل جغرافيين, فيزيائيين أو متخصصين في الرياضيات للمستقبل, فهناك كليات متخصصة لذلك في الجامعات, لكن ينبغي أن ندرس هذه المواد لكي تساهم في تشكيل الثقافة, الثقافة التي تنسجم مع رغباتنا وحيواتنا, حسب مفهوم شيلر.
هذا جانب من الحديث, في الجانب الأخر يبقى كل الذي قيل في التعليم شيئا غير قابل للتطبيق أو بمعنى أخر ليس هنالك وسيلة لتعليم جيد وتأهيل تلاميذ أكفاء, إذا لم نؤهل في المقام الأول أساتذة جيدين, ونموذج بخت الرضا في السودان نموذج جيد ينبغي تطويره بإعادة النقاش والبحث في أصول التربية والتعليم من خلاله, ويسعدني في هذا المقام أن اذكر أساتيذ أجلاء تم تدريبهم في بخت الرضا أو في معهد المعلمات بكسلا ثم حملوا وحملن أمانة العمل في التعليم ردحا من الزمان. ولقد شرفت بان أكون تلميذا على يديهم, أذكر منهم الأستاذة الخالة علوية حسن محمد التي درستني في المدرسة الأولية ولقد حببتنا المسرح والرسم, وأذكر بأننا قمنا, تحت قيادتها الصارمة لنا في أمسيات الجمعيات الأدبية في سبعينيات القرن الماضي, بتمثيل مسرحية الكلبة لأيكة وتاجر البندقية, كما إنها تركت رسومات على جدران المدرسة بقيت فترة من الزمن ثم تلاشت كما تلاشت أغلب الأشياء الجميلة من حياتنا, وأذكر كذلك الأستاذ والشقيق الأكبر عمر أحمد طه الذي درست على يديه في الصف الخامس مادة الرياضيات, ثم في الثانوية العامة. ولا زلت أذكر ذلك اليوم الذي دخل علينا الفصل وبدأ في كتابة النوتة الموسيقية على السبورة ثم طلب منا أن نردد وراءه حروف النوتة, وبقيت تلك الحصة, بالرغم من أنه خرج من إطار المقرر محفورة بذاكرتي حتى الآن, لأنه ربط بين الموسيقى والرياضيات. وأذكر كذلك الأستاذ الجليل العم صالح محمد طه, حينما كان مديرا للمدرسة, فقد بادر بإنشاء مكتبة صغيرة بالمدرسة وكان يفرض علينا قراءة كتب القصص والروايات ثم يطلب من كل طالب كتابة موجز للقصة التي قرأها. وهذا إضافة لأساتيذ علامة آخرين أمثال عبد الحليم قرناص, حسن أحمد علي, أزهري بشارة, أستاذ حلبي, محمد عبد الدائم وأخريين. عودا للبدء أقول بأنه ليس هنالك وسيلة لتعليم جيد, دون تأهيل أساتذة جيدين. نعم ليس هنالك وسيلة أخرى, فمفتاح تعليم راق وبنوعية ممتازة لا يكمن في المناهج والبرامج الدراسية التي لا تعد أكثر من كلمات وحروف ميتة على الورق, إذا لم تتوفر أساتذة علامة قادرين على فك طلاسم الحروف. الملاحظة, الاهتمام بمسؤولية, النظرة الناقدة المحللة هي التي ينبغي أن ننشد منه ونكرس له أساتذة مؤهلين, كما أثبتتها بعض التجارب التي طبقت في التعليم إبان فترة الإنجليز, ثم بعدهم في مراحل التعليم المختلفة إلى الدرجة التي اشتهر خلالها أساتذة كبار مثل الأستاذ الكاتب حسن نجيلة والذي لا يلبث أن يحل منقولا بمدرسة ما في زمانه, لترى نسبة نجاح طلاب المدرسة المحظوظة قد ارتفعت.
يتبع.
صورة العضو الرمزية
ÃÈæ ÈßÑ ÓíÏ ÃÍãÏ
مشاركات: 318
اشترك في: السبت فبراير 04, 2006 5:08 pm
مكان: Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة ÃÈæ ÈßÑ ÓíÏ ÃÍãÏ »


اسمعيل ..رحم الله عمي خليل الذي كان "وابورا" في شدته فصارت كنيته ومات من داء اقعده وافقده النطق و لم نعرف ما هو حتي ترك الفانية ... يبدو لي احيانا ان جزئية "التعلم Learning تسلخ من منظومة التعليم فتصيير منظومة قاصرة علي بعض من القدرة علي القراءة والكتابة بمعتاهما اللفظي الميكانيكي ..والمقولة ادناه ربما تلخص ما يجب ان يكون عليه واقع التعليم في زماننا هذا
"
The illiterate of the 21st century will not be those who cannot read and write, but those who cannot learn, unlearn, and relearn
"
يجدر بي ان اشير الي ان المرحوم عمي خليل لم يلتحق باي تعليم نظامي و عمل طباخا فترة من عمره في اربعينات القرن الماضي ثم اختار تطوعا ان يكون معلما ومؤسسا للمدارس الصغري sub-grade وهو بمفهوم اليوم كان معلما educationalistوقادرا علي ايصال المعلومة الصحيحة effective communicator ومخاطبة عقول التلاميذ وما فيها من حب للاستطلاع وتنطبق عليه وكثيريين من امثاله في زمن قبل زحف الهوام ليلا راكبيين بغال الحديد الي كراسي السلطة المقولة التالية :
The whole art of teaching is only the art of awakening the natural curiosity of young minds for the purpose of satisfying it afterwards

في سنوات شدة الانقاذ الاولي قابلت او زارني واحد منهم ممن يشاركني المهنه وشاركني فصول دراسة جامعية وحيث انه كان ضيفي لم اساله الا سؤال واحد " لماذا كل هذا العدد الكبير من الجامعات وانتم تعرفون ان نظامكم طارد لكل القادريين علي التعليم
وان الجامعات لا تؤسس جزافا وان التعليم السئ كالدم الملوث السئ قاتل بلا محالة "
كانت اجابته غريبة لكنه ذكرها بثقة " نريد ان نحارب بالتعليم الطائفية " ..غرابة الاجابة لم تساعدني علي الرد ولكن بعد ان ذهب ترأي لي انه يقصد خلق طائفة اكبر عددا من حملة الشهادات فقط تفتقر الي "التعلم " والمعرفة وتلتهي بشهاداتها التي لا تؤهلها لعمل او فكر فتصيير طائفة عاجزة عن دحر طائفيتهم الجاهلة اصلا ...
المعرفة او بالاصح الرغبة الاكيدة الطامحة passion الي التزود بمعارف هي التي كما اظن الطريق الي ثقافة وليس التعليم
بالمفهوم العام الدراسي .. اقابل كثير من المبرزيين في مجالات اكاديمية متخصصة ويحملون اعلي درجاتها الاكاديمية والمهنية ولكن لا اهتمام لديهم بمعارف كثيرة غير ذلك ربما يروون ان ما لديهم يكفي وربما كان ذلك ايجابيا في نظر الكثيرين حيث تحديد التوجه والتركييز وكان المعرفة المتنوعة حائل .. مهنتي وهي مهنة جافة ومفرداتها كثيرة ومتغيرة تاخذ الكثير من انتباه الفرد وتزحم الفكر بكم هائل من المفردات والنظريات والمعادلات ولكنني وجدت وفق خبرة جاوزت العقود الثلاث ان تنوع المعرفة هو امر كثير النفع في تناول مشاكلها - مشاكل المهنة وتعقيداتها ومساعدا في اجادة المهنة وليس العكس... فالتعامل مع البشر باعداد كبيرة ودرجات متفاوته من التعليم والتوجهات والطلبات تستوجب معرفة تفوق حدود المهنة ...
abubakr sidahmed
Blogger:sidahmed.blogspot.com
ÅÓãÇÚíá Øå
مشاركات: 453
اشترك في: السبت سبتمبر 10, 2005 7:13 am

مشاركة بواسطة ÅÓãÇÚíá Øå »

عزيزي ابو بكر التحايا والشكر المبذول, ويافينا وو انجينتود, صراحة سعيد بهذه المداخلة واستحضارك للسيد خليل بابور لقد كانوا اساتيذ وعلامة خرجوا اجيالا تتلمذنا على يدهم في وقت كان فيه للمعلم هيبته. هنالك مسرحية عبدون التي كانت تمثل في مدرسة جمي بوادي حلفا, لا ادري هل تعرف عنها شيئا وهل هي لا زالت محفوظة عند اسرة الاستاذ مرغني صادق أم لا, ليتك تسأل عنها لكي يتم طبعها على الأقل نقرأها, فلقد سمعت عنها كثيرا. فهي حتى ولو فقدت قيمتها الأدبية, الا أنها مسرحية تؤرخ لحقبة زمنية كان فيها الأستاذ خليل ومحمد صالح سعيد أسماء زات رنين خاص في آزان الاجيال التي تربينا نحن على يديهم. سوف أعود الي بقية موضوع التعليم بعد ان أفرغ من تصحيح الامتحانات وترتيب اوراق البلجيك الكتيرة.كن دوما بخير مع تحياتي للأسرة.
صورة العضو الرمزية
ÃÈæ ÈßÑ ÓíÏ ÃÍãÏ
مشاركات: 318
اشترك في: السبت فبراير 04, 2006 5:08 pm
مكان: Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة ÃÈæ ÈßÑ ÓíÏ ÃÍãÏ »

عزيزي اسمعيل ....فاتني ان اذكر ان عمنا المرحوم محمد صالح سعيد ادي دورا مماثلا لدور المرحوم عمي خليل .كانا جيلا باكمله .. علمت من اشقاءك عمر وفيصل طه بانهم وبينما كانو يفحصون مكتبة ابن عمي المرحوم د. حسن خليل وجدوا مسرحية عبدون مكتوبه بخط يد المرحوم ميرغني ولقد اشرنا الي ذلك في مساجلاتنا عن عبكة في موقع اخر ..ساتصل بعمر في هذا الصدد... لك مودتي
abubakr sidahmed
Blogger:sidahmed.blogspot.com
صورة العضو الرمزية
ÃÈæ ÈßÑ ÓíÏ ÃÍãÏ
مشاركات: 318
اشترك في: السبت فبراير 04, 2006 5:08 pm
مكان: Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة ÃÈæ ÈßÑ ÓíÏ ÃÍãÏ »

اسمعيل..

حاشية :
استمعت مساء الامس الي الصحفي المصري ابراهيم عيسي وهو ضيف برنامج شهير يتحدث عن التفوق العلمي عند اسرائيل والغرب عموما وراق لي ما ذكره عن واقع القراية والتعليم في المنطقة حين اشار اليها ب "تقنيين الجهل " من خلال شهادات ينالها الطلاب بحفظهم لمعلوملت تذهب عن ذاكرتهم فور انتهاء الامتحانات ...
abubakr sidahmed
Blogger:sidahmed.blogspot.com
ÅÓãÇÚíá Øå
مشاركات: 453
اشترك في: السبت سبتمبر 10, 2005 7:13 am

مشاركة بواسطة ÅÓãÇÚíá Øå »

يخاف النحويون من الفوضى اللغوية كما تخاف الشرطة من أشكال المظاهرات السياسية المختلفة. لكن ينبغي أن يسأل هؤلاء النحويون واللغويون العرب بشكل خاص والنحويون بشكل عام أنفسهم عن في أي عصر كانت اللغة تتحول وتتغير حسب نسق منتظم مع حركة التقعيد اللغوي؟. كيف كتب هوميروس أعماله الإبداعية الخالدة, في الوقت الذي لم تكن تعرف فيه البشرية النحو والقواعد؟ والسؤال نفسه قائم حول الإبداع الشعري العربي ما قبل الإسلام وما بعده, الشعر الجاهلي وفن الخطابة لدى العرب, بالرغم من ما أثاره طه حسين حول تاريخية هذا الشعر, في كتابه المحظور في الشعر الجاهلي. كيف كتبت المعلقات بهذا الإيقاع الشعري واللغة المقطرة في وقت لم يكن يعرف فيه العرب القواعد والنحو, هذا دون التطرق إلى القران. لقد نسي هؤلاء أن لا شيء يتعلق بالبشر نقي صاف, واللغة من أكثر لأشياء غير النقية عند الإنسان. إنها بطبيعتها فوضوية, ويصيبها التساقط والنسيان. دون أن يمنع ذلك من ظهور مصطلحات أخرى. فالتساقط اللغوي إذا جاز التعبير, يسود على كل اللغات تماما مثلما يصيب التساقط أوراق الشجر. وليس هنالك شرطي نحوي أو عالم لغوي, له القدرة في أن يوقف هذا التساقط. فاللغات التي تتحدث بها الإنسانية هي هذه اللغات التي ولدت من رحم هذه الفوضى, مثل اللغات الأوربية, اللغات الأسيوية والإفريقية. والعربية ولهجاتها المختلفة, هي لغة مثلها مثل لغات العالم لم يبتدعها الرب في السماء إنما هي بنت الأرض, ولدت فوق تلك الصحراء القاحلة, وبالرغم من ذلك, نجدها بلهجات مختلفة في بيروت, دمشق, بغداد, القاهرة, الخرطوم, طرابلس الغرب وفي مراكش. لقد قاومت هذه اللهجات عمليات التقعيد وشرطتها المدججة بأدوات النحو, وبسطت نفوذها وبقيت حية في وجدان الناس وحياتهم اليومية, فهي التي تستخدم في التعبير اليومي, عند لحظات الفرح والسعادة, عند لحظات الخوف والحزن, وكذلك عند لحظات الموت والحياة. فالخالق من جهة واللغة من جهة أخرى يتم خلقها بواسطة الشعوب وكبار مبدعيها, لتستمر في التعبير بكلمات تصيغها الذاكرة البشرية, مدفوعة بالآمال والآلام, بالأحزان والأفراح, من خلال الأغاني التي صاغت وجداننا منذ الطفولة, الأصوات التي تلتقطها آذاننا والتي تعبر عن كلمات الحب والكره, كلمات الترغيب والترهيب. اللغة التي رضعنا كلماتها مع قطرات حليب الأم ( أهي محض صدفة أن نقول اللغة الأم وليست اللغة الأب) اللغة المعاشة التي عانينا ونعانى من تعلمها طيلة مشوار الحياة. إنها اللغة التي يكتب بها المبدعون أعمالهم دون أن يفكروا في القواعد والنحو, لأنهم ببساطة, يعتبرون اللغة بيتهم, يعيدون ترتيبها وفق أمزجتهم, كما يقول هيدغر (اللغة بيت الشاعر) فليست الكلمات هي التي خلقت بندر شاه, فبندر هو الذي خلقها, ( انت وين لقيت الكلام يا سجم الرماد؟) وليست هي التي خلقت كذلك الأوديسة, إنما الأوديسة هي التي خلقتها, وليست الكلمات هي التي شكلت جحيم دانت, أقول جحيم دانت لأنني أفضلها عن فردوسه. فإذن لا ينبغي أن يخشى النحويون من الفوضى اللغوية, لأنها لن تصيب اللغة بخلل بل العكس, قد يحدث أن يولد في إحدى أحياء القاهرة أو بغداد أو امدرمان أو دمشق أو في أي قرية نائية واحدا من أمثال المتنبي, أو أبو نواس أو ابن خلدون أخر.
إن تعدد التراكيب الصوتية, المصطلحات والألفاظ والمعاني المتعددة, وحتى الأساليب النحوية دليل قاطع على ما تتمتع بها العربية من قوة هائلة وخصوبة لا تنضب كما أنها دليل أيضا على فاعلية اللغة ومقاومتها للتغييرات الحتمية. يحدث تقدم وتطور في اللغة عندما يكون عمق الإبداع الأدبي متوقفا على تغييرات خفيفة في المعاني والأصوات. فبالرغم من كل السنوات التي نقضيها دراسة النحو والقواعد, نجد أنفسنا نبتكر ونخرق أسس ونواميس النحو باستمرار.
الخير محمد حسين
مشاركات: 469
اشترك في: الجمعة أكتوبر 06, 2006 2:15 am

مشاركة بواسطة الخير محمد حسين »

أستاذنا/إسماعيل طه ...نعم لقد تأثرت المناهج التربوية بمفاهيم نابعة من أغراض سياسية مما أدى إلى الخلل الذي لازم تطبيق المناهج الدراسية وتغير الأسس التي يقوم عليها المنهج، كما أن الأهداف العامة التربوية صارت موجهة حسب سياسة السلطة الحاكمة..فالمدرس بجانب إهتمامه بميدان تخصصه وتحقيق الأهداف الخاصة بماد ته فهو مطالب أيضا بربط مادته بهدف سياسي مهما كان نوع هذا الدرس، وفي ظل هذا التناقض يجد التلميذ التلميذ الصغير نفسه عاجزاَ عن إستيعاب الأفكار الجديدة التي لا تتناسب ومستواه العقلي، بجانب ما يخلقه مثل هذه الأوساط من عدم العدالة ومحاباة المعلم لتلاميذ معينين . كما أن من أسباب الخلل التربوي عدم وجود مصادر تعليمية مستقلة مواكبة للمنهج ،نذكر جميعاَ الجغرافيا المحلية في الصفوف الدنيا في المرحلة الإبتدائية وكيف كانت الزيارات الميدانية تتم في استقلالية وتجرد - للتاجر ، المزارع ، ناظر المحطة، مكتب البريد..إلى آخر المزارين . ولم يكن مهماَ تحديد الصفات الشخصية للمزار أومن أي لون سياسي وفي هذا الجو السليم كان التلميذ الصغير يكتسب مهارات في فن التعامل مع الآخرين دون تدخل من أي جهة.
ÅÓãÇÚíá Øå
مشاركات: 453
اشترك في: السبت سبتمبر 10, 2005 7:13 am

مشاركة بواسطة ÅÓãÇÚíá Øå »

الاستاذ الخير تحياتي وشكرا على المرور والتعليق,
معذرة للتاخير, وسوف اعود بتكملة التاملات حول اللغة وتدريسها, وابادر قبل كل شيء, واقول بانني لست متخصصا في اللغات لكنني كنت مرغما من الاحاطة بها بشكل اعمق, وهيهات, بعد ان التحقت بفرقة تدريس العربية لغير الناطقين, بقسم الترجمة بمعهد عالي للترجمة هنا في بروكسل, فما اكتبه حول تدريس القواعد والنحو من وجهة نظر, كنت ادافع عنها في حوارات مستمرة, وفي اغلب الاحيان دون ان نتفق, اتقاسمها مع عدد قليل من زملائي. وكان ايجابيا ان لا نتفق كثيرا فقد كان مصدر اثراء للحوارات. مقالاتك التي تكتبها عن اللغة النوبية شيقةو وتستحق التقدير والمتابعة, كما وعدتك بالعودة في خيط اللغة النوبية. سوف اقوم لاحقا بانزال فلم وثائقي عن التعليم كنت قد انجزته قبل ستة سنوات, فقط يلزمني بعض الوقت والمدد المزاجي.
الخير محمد حسين
مشاركات: 469
اشترك في: الجمعة أكتوبر 06, 2006 2:15 am

مشاركة بواسطة الخير محمد حسين »

أستاذنا / إسماعيل00متعك الله بالصحة والعافية 0يسعدني جدأَ أن أحظ بملاحظاتك وآرائك عن اللغة النوبية ، ويبدو أنك متمرس فيها ، لان كلمة ( كو: الأسد ) من الكلمات القديمة في النوبية و التي لا يعرفها الكثيرون0مع أجمل أمنياتي لك بالتوفيق في بحوثك عن التعليم0
بريدي هو:
[email protected]
أضف رد جديد