في الديمقراطية والثقافة ومناهج النقد: موضوعات متنوعة للنقاش

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
ÚÈÏ ÇáãÇÌÏ ÝÑÍ íæÓÝ
مشاركات: 77
اشترك في: السبت يونيو 11, 2005 12:07 pm
مكان: كيمبردج - إنجلترا

كيف نحدد مفهوم الجيل

مشاركة بواسطة ÚÈÏ ÇáãÇÌÏ ÝÑÍ íæÓÝ »

الأخ الدكتور بولا ود فرح
السلام عليكم ولعلك الأسرة بخير
لا أدري لماذا "يحتل مثل هذا البوست المهم إلي الصفحة الثانية ولماذا لا يتداخل السودانفوراليين فيه رغم ثرائه وموضوعاته المتعددة وكذلك المجهود الكبير الذي بذله قلمك المبدع فيه؟؟!! لا علينا.
__
الجيل والأجيال:
في بوستنا هذا وردت كلمة الجيل والأجيال مرات عديدة, وأعتقد أن لديك عليها بعض التحفظات, فهل ياتري يمكننا تحديد مفهوم الجيل. فهل "أبان خرتايات"جيل وهل هم تجايلوا نسبة لتبيهم لمدرسة نقدية واحدة ,أم لأنهم نشطوا إبان نفس الحقبة الزمنية. إذا كان الزمن هو المحدد لمفهوم الجيل, فكيف يكون الإنتماء إليه؟ هل يكون الإنتماء لجيل معين وفقا لعمر المنتمي إليه أو وفقا لنشاطه الإبداعي في تلك الفترة من الزمن. في الكورة مثلا تبدو مسألة تحديد الأجيال في غاية السهولة وذلك لأن لاعب كرة القدم ينشط في فترة العشرينات وبداية الثلاثينيات من عمره, وهكذا نسمع عن جيل ماجد وجكسا وجيل عزالدين الدحيش وعلي قاقرين وجيل النقر وسامي عزالدين وجيل هيثم مصطفي ومنصور العجب. ولكن الكاتب والشاعر والأديب والروائي والفنان والرسام لايمكن حصر نشاطهم الإبداعي في مرحلة محددة من عمرهم, فبولا لازال يكتب ويبدع والطيب صالح ماهو "منسيا".
ماهو الجيل؟؟
الوطن يتحدث جهرا
خالد الطيب
مشاركات: 300
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:33 pm
مكان: أديس أبابا

مشاركة بواسطة خالد الطيب »

عزيزي د. بولا

أرجو أن لا أعتذر هذه المرة عن طول الغياب , لأن المواضيع التي طرحت في هذا البوست هي من العيار الثقيل و التي لاينفع معها وجهة نظر سريعة و خاطفة .. في أغلب الأحوال وجهة النظر التي سوف نصل اليها لن تكون و ليدة لحظات القراءة السريعة .. و انما هي نتاج خبرتنا علي عمقها أو سطحيتها في البحث و الاطلاع و المعاناة .المواضيع المطروحة هنا متعددة و متنوعة وكل منها يستحق بوست منفصل , علي أنني في هذه اللحظة سوف ألتزم بالبنود التي حددتها في مداخلة سابقة ..

الموضوع الأول الذي شدني في هذا البوست واستوقفني في بعض من مداخلاتك, هو نقدك لبعض الاتجاهات التي تنتقد اليسار بشكل تقريري و سوف يكون تعليقي في ايجاز موجز هذه المناقشة و محاور البحث و لعلي أشعر بالراحة العميقة في اتجاهك النقدي لبعض الاتجاهات التي تنتقد اليسار بالشكل التقريري والتي لأود أن أنعتها بمسايرة صيحات موضة العصر .. وذلك لأن هنالك سبب موضوعي يدعو للتأمل و النقد و لكننا أيضا يجب أن نفرق .. و النقطة الأخري في تناولك امفهوم المؤسسية و دحض الفكرة التي تقول بانعدام المؤسسية لدي اليسار و لعله من نافلة القول ان نقول علي صعيد التجربة السودانية بأن اليسار السوداني وفي قلبه الحزب الشيوعي هو أكثر الأحزاب السودانية تمسكا بالمؤسسية وتتجلي هذه المؤسسية في نظام المركزية الديمقراطية والتي تقوم علي أن للحزب مركزا واحدا و برنامجا واحدا و نظاما داخليا واحدا يسري علي كل أعضائه و لذلك فان وجهة النظر التي تقول بانعدام المؤسسية داخل هذا الحزب هي وجهة خاطئة و غير صحيحة و لكن يمكن أن ينتقد الناس فعالية تلك المؤسسية ودورها في تطور أو تراجع الحزب و يبقي المحك هو الممارسة علي ارض الواقع ..
في واقع الأمر فان التيار اليساري الذي ماانفك يهاجم ويوجه النقد للحزب الشيوعي , ازداد و توسع في أعقاب سقوط النموذج السوفييتي للاشتراكية و انهيار الكتلة الشرقية وهذه تجربة تدعو للتأمل و النقد فعلا و لكن النقد المعمم الذي لايستند الي حيثيات بينة والذي يبدو و كأنه مسايرة لموضة العصر في ظل هيمنة القطب الواحد والعولمة الاقتصادية و الثقافية القت بظلالها في انتاج أجيال من اليساريين نقاد اليسار .. وهنالك عوامل أخري ساعدت في تنمية هذا الاتجاه النقدي العدمي ومنها حالة الاحباط و اليأس التي طالت الكثيرين من اليساريين و التقدميين في أعقاب هبوط ظلام سلطة الانقاذ ومشاهدتهم بأنفسهم أن انجاز كبير مثل انتفاضة مارس / أبريل قد أغتصب أمام مراي و مسمع منهم .. هذه الحالة ساهمت في نشوء جيل من نقاد اليسار يعمل عاطفته أكثر من عقله و يشده في نقده حنينه الي تلك الأيام التي خلت , حينما كان اليسار عملاقا في ساحة السياسة السودانية مسنودا بدعم القوي العالمية الثورية الأخري وهي كما في الأدب اليساري : دول المنظومة الاشتراكية وحركة الطبقة العاملة العالمية ..
تحديد موضوعية و اخلاص نقد اليسار لليسار , برأيي تحدده مجموعة عوامل متشابكة , أري منها موقع الناقد ما اذا كان داخل أم خارج المنظومة ؟ أي ما اذا كان يجلس علي مقاعد المتفرجين أم تتسخ ثيابه بغبار المعركة ؟ وهذا لايعني بأي حال من الأحوال أنني أرفض نقد اليسار من خارج المنظومة ولكني قد يكون لي اعتقاد بأن النقد من الداخل قد يكون أقرب الي الموضوعية وأقرب الي تلمس الواقع .. و ثمة نقطة أخري أود طرحها هي " المكان الجغرافي" الذي ينطلق منه الناقد , فالمناضل داخل الوطن هو الأقرب الي معرفة الواقع الذي يتحرك فيه وبالتالي هو الأكثر تأهيلا لنقد واقعي و علمي ..
علي العموم تلك أفكار أولية , ربما يسمح لنا الوقت بالتفصيل فيها أكثر و حتما سأعود للكتابة حول البندين الاخرين ..
مرة أخري اعتذاري عن طول الغياب , فالغول ياعزيزي في كل مكان ..

تحياتي و مودتي
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

عزيزي عبد الماجد،
تحياتي ومحبتي،
أرجو أن تعذرني على التأخير، فقد عرفتُ في الأسبوع الماضي أقسى صنوف زحمة العمل. وإلى أن أعود لمناقشةٍ أطول لموضوع تعريف "الجيل" والمشكلات التي يثيرها دعني أشيد بتحديدك الممتاز لبعض وجوه الالتباس الشائع في مفهوم "الجيل"، و"علاقات الأجيال" وتقييم مساهمات "المبدعات والمبدعين"، بكل صنوفهم/هن، و"محاكمة" أدائهم/أدائهن في الحركتين الثقافية والسياسية على وجه الخصوص، وفق مفهوم بائسٍ جداً ل"الجيل". وسأخص، من أسئلتك الجيدة كلها، هنا هذين السؤالين اللذين أعتقد أنهما يقعان في جذر إشكالية مفهوم "الجيل" حيث تقول:


إذا كان الزمن هو المحدد لمفهوم الجيل، فكيف يكون الإنتماء إليه؟ هل يكون الإنتماء لجيل معين وفقا لعمر المنتمي إليه أو وفقاً لنشاطه الإبداعي في تلك الفترة من الزمن؟


وسأحاول أن أعود قريباً.
مع كل مودتي

بـــــولا
آخر تعديل بواسطة عبد الله بولا في السبت ديسمبر 31, 2005 1:50 am، تم التعديل مرة واحدة.
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

عزيزي خالد،
تحياتي ومحبتي،
أسعدتني جداً إطلالتك النيرة بعد الغيبة، التي أتفهم وأقدر أسبابها. المداخلة قوية جداً ودايرة قعدة. وقد شرحتُ في مداخلتي مع عبد الماجد أعلاه، الظروف والعراقيل التي أعاقتني عن التعقيب الفوري. وسأسعى بكل جهدي لأن أعود قريباً لتعقيبٍ يليق بمداخلتك المتينة.


مع عامر مودتي

بـــولا
خالد الطيب
مشاركات: 300
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:33 pm
مكان: أديس أبابا

مشاركة بواسطة خالد الطيب »

الأخ خالد الطيب
سلام كتير
المباحث التي حددتها لمداخلاتك المرتقبة ستكون إضافة ثمينة لموضوع النقاش.
من خلال قراءتي المتعددة لهذا البوست وبوست آخر يناقش "ثقافة الديمقراطية" و"ديمقراطية لثقافة" فيه أطروحات قيمة قدمها دكتور كبلو و د حسن, بالإضافة لقراءة متأنية لكتاب د.منصور خالد, "النخبة السودانية وإدمان الفشل" الجزء الثاني. هذه القراءات دلتني إلي أن أغلب المتعلمين والمثقفين بإختلاف مشاربهم الفكرية يؤمنون بشكل أو بآخر بالديمقراطية كمخرج لأزماتنا وكوسيلة أكيدة لإستقرار بلادنا, وإيمانهم بالديمقراطية قد يتفاوت بين الإطلاق والنسبية, ولكي لايكون في قولي تعميما مخلا أقول إن الإيمان بالديمقراطية قد يكون نظريا في أحايين غالبة عند البعض. وإذا صحت فرضيتي (التي ربما أكون قد توهمتها) أرى إنه قد حان موعد تنزيل هذا الفهم والفكر والوعي الديمقراطي علي الشعب بمستوياته وطبقاته ومذاهبه المختلفة. هذه ليست محاولة أو نداء مني لوصد أبواب التنظير الفكري الديمقراطي ولكنها محاولة لفتح باب النقاش حول النصف العملي الذي يمكن أن يسهم فعليا وعمليا وماديا في نشر الفهم والفكر الديمقراطي في كل أوساط الشعب, يمكن أن تقوم منظمات وجمعيات المجتمع المدني بدور فاعل علي أرض الواقع في أريافنا وقرانا ومدننا..
أتمني لو ضمنت بحثك المرتقب مبحثا بهذا المعنى:
تنزيل الوعي والفكر الديمقراطي علي كل الشعب السوداني.

\
عزيزي عبدالماجد
لم أنتبه لمداخلتك أعلاه الا اليوم .. معذرة .. حول " النصف العملي " كما قلت , سأطرح بعض الأفكار .. وهذا هو "النصف" الأصعب .. و اذا كانت " التنظير" هو الحصة فأن " النصف العملي" هو الامتحان .. هذا تعليق سريع ولكن سوف أتوسع في هذه النقطة حينما أرسل مداخلتي القادمة ..

تحياتي وودي

خالد
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

أعزائي أنس عبد الماجد وخالد،
تحياتي ومحبتي،
هذه عجالة انتزعها انتزاعاً من وقتي الذي يباشر لؤمه بصفاقةٍ شديدةٍ منذ ثلاثة أسابيع، لأبلغكم فقط أنني لست ناسياً، ولا مستغنياً، في هذه اللحظات الثمينة بالذات الذي عبأتم فيها البوست بطاقةٍ خلاقةٍ حميمة من الأسئلة الصعبة والمداخلات المشرقة.
وقد أسعدتني جداً مبادرة خالد بالانتقال إلى الحوار مباشرة مع عبد الماجد من دون المرور بصاحب البوست. وهذا هو على التحديد التقليد الذي أدعو إلى تأسيسه وترسيخه في الحوار الإسفيري.
واسمحوا لي بأن أنتهز هذه الفرصة لأعتذر أيضاً لأصدقاء وصديقات آخرين انقطع حواري معهم بصورةٍ مفاجئة، ولآخرين وأخريات لم أداخلهم أصلاً. وأود أن أوضح أن ليس لهذا أية علاقةٍ بالإهمال و"قلة القيمة". بل بالوقت اللعين وحده الذي تتحكم فيه عبودية العمل وعبوديات مجتمعات الرأسمالية العولمية الليبرالية "الجديدة" الكثيرة الأخرى.
فأرجو المعذرة من الجميع إلى حين أن أجد لي فضوه. وأتمنى أن يكون ذلك في الويك اند العلينا دا.

كل مودتي
بـــولا
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

عزيزي خالد
تحياتي ومحبتي بالآلاف لا يوم الوِقاف
فيا عزيزي، بمراجعتي لمداخلتك قبل الأخيرة، القيمة، وذات الوزن الثقيل، تلك، التي سأورد مقتطفات منها أدناه تحققتُ من أنني ارتكبت خطأً جسيماً في تعقيبي المختصر البائس عليها، والذي جاء كما يلي:


عزيزي خالد،
تحياتي ومحبتي،
أسعدتني جداً إطلالتك النيرة بعد الغيبة، التي أتفهم وأقدر أسبابها. المداخلة قوية جداً ودايرة قعدة. وقد شرحتُ في مداخلتي مع عبد الماجد أعلاه، الظروف والعراقيل التي أعاقتني عن التعقيب الفوري. وسأسعى بكل جهدي لأن أعود قريباً لتعقيبٍ يليق بمداخلتك المتينة.



عليك الله دا "رد" يردو زول مسئول على مداخلةٍ بهذا العلو؟!! إلى جانب عذري الأقبح من الذنب بكثرة المشغوليات، على الرغم من أن ذلك حقيقةٌ عضوض. سوى أنني رغم كثرة المشغوليات تداخلتُ في بوستات أخرى عديدة وأنا في غاية الإرهاق، إيماناً مني بأن المساهمة في مناقشة القضايا الكبرى تستحق تحمل العناء الجسدي مهما كانت درجة قسوته!! ولم أفِ بوعدي بالعودة "قريباً".
ولذا فإنني أسالك العفو المعذرة. وان ما عذرتني ماك متلوم. استاهل. فاسمح لي إذاً أن أعود "حاسر الرأس عند كل جمالٍ" إلى مداخلتك المشرقة. ولنبدأ بمدخلها الذي تقول فيه:


عزيزي د. بولا
أرجو أن لا أعتذر هذه المرة عن طول الغياب، لأن المواضيع التي طرحت في هذا البوست هي من العيار الثقيل و التي لا ينفع معها وجهة نظر سريعة و خاطفة .. في أغلب الأحوال وجهة النظر التي سوف نصل اليها لن تكون و ليدة لحظات القراءة السريعة .. و انما هي نتاج خبرتنا علي عمقها أو سطحيتها في البحث و الاطلاع والمعاناة .المواضيع المطروحة هنا متعددة و متنوعة وكل منها يستحق بوست منفصل , علي أنني في هذه اللحظة سوف ألتزم بالبنود التي حددتها في مداخلة سابقة ..

وهكذا تضع يداً متمكنةً تماماً على القضية الجوهرية والمرمى الجوهري من إقامة هذا المنبر للحوار الديمقراطي، ومن كتابة هذا البوست: مناقشة مواضيع من العيار الثقيل والتي لا تنفع فيها وجهات النظر الخاطفة والمخطوفة والقراءة الملفوحة. (على الرغم من أننا نتيح براحاً كبيراً لمواضيع أخرى متنوعة لا نشترط أن تكون من "العيار الثقيل" النقدي والمعرفي وحده).
وفي الواقع، إن كل ما جاء في هذه المقدمة مهم جداً. بيد أنني أريد أن أقف أولاً، عند الجوانب المتعلقة بنوعية المنهجية التي نحرص على الاهتداء بها في الخطاب والحوار. والتي جاءت مداخلتك بمجملها نموذجاً باهراً لها. إلا أنني أريد أن أسلط الضوء على جوانب منها، أعتقد أننا بحاجةٍ إلى التركيز عليها وإبرازها بصفةٍ خاصةٍ في مسعى تطوير مناهج الحوار. وأرى أن غيابها في ساحات الحوار، في كثيرٍ من الأحيان، وفي الحوارات الإسفيرية على وجه الخصوص، يتسبب في تعسُّر، بل وتعذر واستحالة الحوار في أغلب الأحوال. ومن أهم هذه الجوانب ما أسميه ب"حضور ذاكرة تماسك منطق السياق ومفاهيمه المؤسِّسة"، في كل أجزاء الخطاب في حركته وتطوره المتواصلين. وفي الحقيقة إن انتباهك لهذا الجانب وإشارتك التلقائية السلسة الواضحة إليه، التي تدل على أن الوعي به والانتباه له، عناصر راسخة في وعيك، وفي بناء الخطاب لديك، هو مثار اهتمامي هنا باعتباره حالةً نموذجية ل" حضور ذاكرة تركيب السياق ومنطقه" وقد تمثل ذلك في قولك:

المواضيع المطروحة هنا متعددة و متنوعة وكل منها يستحق بوست منفصل، علي أنني في هذه اللحظة سوف ألتزم بالبنود التي حددتها في مداخلة سابقة
.

وقد يبدو بناء هذه الفقرة، ومحتواها، تقريراً لأمور بديهية، لدى الوهلة الأولى. إلا أن النظر القائم على مفهوم ضرورة "حضور ذاكرة السياق في تأسيس وتركيب الخطاب"، سيجد أن انتباهك لهذا العنصر الضابط، في كل تأسيس للخطاب، وعلى وجه الخصوص الخطاب المحاور والمساجل، هو من الحالات التي تستحق الاحتفاء بها في مضمار تأسيس الحوار والسجال في ساحاتنا المعرفية، الثقافية، والسياسية إلخ. فقد لستحضرت ذاكرتك بمنتهى السرعة والتلقائية، وأنت تتحدث عن تعدد المواضيع وتنوعها في هذا البوست، واستحقاق كلٍ منها ل"بوست منفصل"، أنه سبق لك أن قبلت بالمشاركة في الحوار الجاري في هذا البوست نفسه، ووعدت بمواصلة المساهمة مناقشة عددٍ من القضايا المطروحة فيه، على رغم اعتقادك بأن كل واحدةٍ منها تستحق بوستاً قائماً بذاته. وبهذه الصورة الباهرة نجوت من التناقض مع السياق، إلى حين إيجاد حلٍ أفضل، من "ورطة" تعدد القضايا المطروحة في البوست وثقل وزنها، الذي قد لا يتحمله بوست واحد. فاسمح لي أن أحيي هذا الانتباه النابه، إلى واحدٍ من عناصر تماسك مكونات الخطاب عموماً، والخطاب الحواري، على وجه التخصيص، والسجالي بصورةٍ أخَص.
فشكراً خالد وسأعود إلى مناقشة فقرات أخرى من مداخلتك، اعتقد أنها ذات أو لوية وأهمية قصويَيْن فيها. رغم اعتقادي بأنْ ليس في مداخلتك ما هو غير مهم.

مع أنضر مودتي وكثير تقديري.
أرجو أن أطمئنك بأنني على علمٍ بمشغولياتك الحقيقية المتصلة بالتحضير للماجستير ولا أستعجلُك التعقيب.

بـــولا

عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

عزيزي خالد،
أواصل التعقيب على مداخلتك الملهمة. وسأناقش هنا الفقرة الثانية التي تقول فيها:


الموضوع الأول الذي شدني في هذا البوست واستوقفني في بعض من مداخلاتك, هو نقدك لبعض الاتجاهات التي تنتقد اليسار بشكل تقريري و سوف يكون تعليقي في ايجاز موجز هذه المناقشة و محاور البحث و لعلي أشعر بالراحة العميقة في اتجاهك النقدي لبعض الاتجاهات التي تنتقد اليسار بالشكل التقريري والتي لأود أن أنعتها بمسايرة صيحات موضة العصر .. وذلك لأن هنالك سبب موضوعي يدعو للتأمل و النقد و لكننا أيضا يجب أن نفرق ..


أما أنا فقد شدني، وأسعدني أيضاً، ترتيبك لمساق وسياق الحوار، وتحرُّزك من إلحاق أحكام قيمةٍ مسبقة بالتيارات التي تعتزم نقدها (ومعليش، فأنا أعلم أن الثناء يزعجك. إلا أنني "سأضطر" لامتداح جوانب أخرى من منهجيتك في تناولي لأجزاء تالية من مداخلتك. فأرجو المعذرة مقدماً). أتمنى بالفعل أن يكون نقدي ل"الاتجاهات التي تنتقد اليسار بالشكل التقريري" يستحق مثل انتباهك هذا. وسأطلب منك، ومن القارئات والقراء أن يعفوني ويعفينني من تقديم بحثٍ بمعنى الكلمة، في اللحظة الحالية، يقوم استشهاداتٍ وتوثيقٍ دقيق. وسأكتفي بالحديث عن الظاهرة في محدداتها العامة أولاً، لاسيما وأن شواهدها متوفرة في الواقع المشاهد والخبرات العملية والنظرية في الجانبين. وقد أوثق بشيءٍ من الدقة مستقبلاً إذا استدعت الأمور. إلا أنني أود أن ألفت أنظار المشاركين والمشاركات، والراغبين والراغبات في ذلك، أن لا يتهيبوا، كما هو الحال بالفعل، من الخوض في القضايا المطروحة في هذا البوست اعتقاداً بأنها لابد أن تتطلب توثيقاً بحثياً. فنحن هنا في الواقع في حلقة نقاش لا يجيء إليها المشاركون والمشاركات، محملين ومحملاتٍ، بالمراجع بالضرورة، بل بملاحظات وآراء مستخلصة من قراءات وتجارب نطورها هنا معاً بالحوار.
مودتي وإلى صباح الغد.
بولا
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »


عزيزي خالد،
تحياتي،
أواصل التعقيب على الفقرة المتعلقة بما أسميتَه أنت ب"بعض الاتجاهات التي تنتقد اليسار بالشكل التقريري في مداخلتك التي سبقت الإشارة إليها.
ملاحظتي الأولى أن هذه "الاتجاهات" لا تنطلق في نقدها "التقريري" كما أسميتَه أنت مصيباً، من رصدٍ تاريخي ووقائعي دقيقٍ ومنصفٍ لإنجازات اليسار، ووهي تتحامل بصورة خاصةٍ على الحزب الشيوعي، الذي ساهم في تقديري بنصيبٍ كبيرٍ في تأسيس وتطوير حركة الحداثة في بلادنا على المستويين المعرفي والمؤسسي: مستوى الوعي والمنهجية، ومستوى بناء مؤسسات التغيير والتحديث الاجتماعيين، إن لم نقُل بالنصيب الأكبر. ولهذا فإن "المنهج" النقدي لهذه التيارات يتصف بالتقريرية حقيقةً ويكتفي بتعميمٍ "لا يستند إلي حيثيات بينة" على حد تعبيرك. أقول ذلك على الرغم من اعتقادي بأن مساهمة الحزب الشيوعي الكبيرة في تأسيس الحداثة، قد صحبتها منذ البداية مشكلات منهجية ومعرفية أساسية تتعلق ب"النظرية" والتنظيم ورؤية العالم، والعلاقة بتيارات الحداثة، المعرفية والسياسية والثقافية الأخرى غير الماركسية اللينينية، في بلادنا وفي العالم. وهي مشكلاتٌ لا ينبغي أن نكتفي من أمر نقدها بردِّها إلى ظروف نشأتها فحسب، على الرغم من أن في ذلك جانبٌ من الصحة لا يجوز إنكاره. وسأعود لتطوير هذه النقطة الهامة لاحقاً إذا توفر لي الوقت، وإلا سوف أكتفي بما قلته في هذه الصدد في مداخلتي الأولى في هذا البوست.
وأهم من ذلك أن هذه "الاتجاهات" لا تبحث في الأسس النظرية المعرفية العميقة في بعض أوجه القصور التي تعيبها على أداء اليسار. فهي في الغالب لا ترى مشكلةً في هذا الجانب، وعلى وجه الخصوص التيار الذي يمثله أغلب الذين واللاتي خرجن وخرجوا، من الحزب، وعددٍ ممن لا يزالون ولا يزلن، في عضوية الحزب. بل ربما رأى بعض المعبرين والمعبرات عن هذه الاتجاهات، ممن خرجوا ومن بقوا، أن المشكلة تكمن في "تراخي أو تراجع" الحزب عن التمسك الصارم ب"العقائدية" الماركسية ـ اللينينية.

وهم في الغالب يحملون المسئولية للقيادات "التاريخية" المؤَسِّسة التي توصف ب"الديناصورية". وتُقيِّم مساهماتها السابقة والراهنة، على أساس السن وطول البقاء في القيادة، بمعزل تام عن مناقشةٍ منصفةٍ لظروف العمل المضنية، بل المعجزة في كثيرٍ من الأحيان، التي ظلت تعمل فيها هذه القيادات، والتي لها نصيبٌ ما في بقائها الطويل في ظروف العمل السري الطويلة. ويتم التقييم وإطلاق الأحكام من دون مرجعيات وشواهد من الممارسة الواقعية النظرية والعملية. (على الرغم أن هذه الشواهد موجودةٌ بلا شك)، وبوضع القيادات كلها في سلةٍ واحدة. وأنا أقول ذلك، في تقديري، انطلاقاً من أن ثمة فروق ينبغي أن تراعي في الخطاب النقدي بين الإنصاف، وانتحال الأعذار، والرجم بالغيب. (وهذه الدعوة لإنصاف قيادات اليسار، في مواجهة تيارٍ نقدي لا يتحرى الإنصاف، تبدو غريبةً جداً، "للعارفين"، حين تأتي من جانبي أنا على وجه الخصوص الذي لا أتمتع بثقة ومحبة الكثيرين بين هذه القيادات نفسها). وفي تقديري أن المسئولية عن قصور الأداء تشمل"نا" جميعاً بدرجاتٍ متفاوتةٍ بالتأكيد، وفق مواقع المسئولية، مؤسسية كانت أم شخصية، ومواقع القدرة على اتخاذ القرار، وابتداع والرؤى والمبادرة الفكرية والتنظيمية الملهمة والمحررة و"المحرضة" والمحركة بدورها لملكة الخلق والمبادرة في مختلف مجالات النشاط السياسي والاجتماعي والثقافي. أقول تشمل"نا" جميعاً، وأضع نون الجماعة بين مزدوجتين، لأنني منذ ثمان سنواتٍ مضت أصدر من واقع اليسار غير المنظم في الحزب. وأعني بذلك أيضاً أنني أتحمل وحدي مسئولية خطابي في هذه القضايا المتصلة باليسار والتي أناقشها في هذا البوست وفي غيره.
وأواصل، مع كل مودتي.
بـــولا
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

عزيزي خالد،
معليش حسابي الفوق دا في آخر فقرة غلط: حوالي ست سنوات مش تمانية. ولم تتجاوز مدة بقائي الفعلي أكثر من خمس سنوات. (أقول هذا حتى يكون محاوريَّ ومحاوراتي، في مواقع اليسار، والحزب بالذات، ثم المتعاطفين معه ومحبيه من خارج اليسار على بينةٍ من أمري). ومع ذلك لا أجد أي سببٍ أو مدعاةٍ للنقد التقريري والجذافي لهذه المؤسسة، بل أحرص على أن يكون نقدي الحامض والجذري أحياناً، فيما أتصور أو أتوهم، قائماً على شواهد ومنهجيةٍ، لا أسمح لنفسي بأن أقول "سليمة"، بل أقل أنني أحرص، وأتحرى الدقة في أن تكون جادةً ومنصفةً وصلبة الأساس. وهيهات. غايتها المساهمة في تحسين أدائنا جميعاً، وليس كشف الحال وإعفاء النفس من المسئولية.

بــولا
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

عزيزي خالد،
صباحك سعيد. أعود لقولك:

و لذلك فان وجهة النظر التي تقول بانعدام المؤسسية داخل هذا الحزب هي وجهة خاطئة و غير صحيحة و لكن يمكن أن ينتقد الناس فعالية تلك المؤسسية ودورها في تطور أو تراجع الحزب و يبقي المحك هو الممارسة علي ارض الواقع..


عتقد أننا متفقان على أن القول بانعدام المؤسسية في الأحزاب السودانية عموماً، وفي الحزب الشيوعي على وجه الخصوص ليس صحيحاً على إطلاقه. ولكنني أتحرز من أضافتك إيراد عبارة "هي وجهة نظر خاطئة". "خاطئة" قوية شوية إذا ما وافقنا على أن هذه المؤسسية بها شوائب. وقد أناقش لاحقاً الظلال التي تشكل الفرق بين غير الصحيح والخاطئ.
أما قولك "يمكن أن ينتقد الناس فعالية تلك المؤسسية" فإنني أوافق عليه في جملته. بيد أنني أفضل أن أقول من حق "الناس"، بل ومن واجبهم أن بنتقدوا فعالية هذه المؤسسية. وعلى وجه الخصوص "الناس" الذين واللاتي يساندن يساندون الحزب، ويصوتون ويصوتن له في الانتخابات، ويدافعن ويدافعون عن مشروعية وجوده. و"أخص" من هؤلاء اللاتي والذين يعملن ويعملون معه في المنظمات الديمقراطية جنباً إلى جنب ومن مواقع أصحاب الحق. أما النقد الجزافي فلا. ولي من التجارب والأمثلة القريبة المباشرة من أن نقد ومساءلة فاعلية "هذه المؤسسية"، من جانب هذه الفئات، لا يلاقي في كل الأحيان قبولاً لدى الكثيرين من "الشيوعيين" والكوادر الوسيطة على وجه الخصوص، والقيادية أحياناً.

ولا شك عندي في أن الممارسة على أرض الواقع هي "محك المحكات"، سوى أنني أرى أن التحليل النظري والفكري، الذي لا يتجاهل خبرات الواقع ومستوياته المتعددة، بل ويستبق شواهد في ترشيد المؤسسية، أساسي وضروري أيضاً.

وأنا أقول هذا بسبيل المساهمة في إضاءة بعض جوانب الإشكالية التي تقود نقاشنا هنا. والتي أوضحت أنتَ بعض جوانبها في مداخلتك بصورةٍ أسعدتني كما أسلفت.

وسأعود غداً
مع خالص مودتي.

بـــولا
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

عزيز خالد، وعزيزاتي وأعزائي المتابعين والمتابعات،
في مشكلة في الصفحة الثالثة: تظهر ولا تنفتح. وأنا أحاول مباصرتها. وان ما اتفتحت المرة دي حأكتب up، لا من موقع الرغبة في رفع البوست. بل من موقع "مجبرٍ لابطل"، بغرض علاج مشكلة إصرار الصفحة الثالثة على "التخفي".

مع شكري على تفهم حسن المقصد.

بــولا
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

***
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

***؟؟؟؟؟!!!!
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

شي عجيب أبت تفتح تب.
العندها أو العندو بصارة يدلونا.
أحمد وإيمان يَم مروة ويابومروة.

بـولا
خالد الطيب
مشاركات: 300
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:33 pm
مكان: أديس أبابا

مشاركة بواسطة خالد الطيب »

عزيزي بولا

تحياتي وسلامي

أشكرك علي إثراء الحوار وتوسيعه حول البند الأول و المتعلق " باتجاهات نقد اليسار" وسوف أعود لتعليق حول الافكار التي إستبنتها في مداخلاتك أعلاه .. ومن ثم سوف أنزل مداخلة حول " تطور مفهوم الديمقراطية في أدب وممارسة الحزب الشيوعي" ولكني لم أحزم أمري بعد ما اذا كنت سأتداخل بها هنا أم أفتح بها بوست منفصل ؟؟ رأيك في ذلك مطلوب .. وربما يجنبنا ذلك مشكلة الصفحة الثالثة ..

مودتي

خالد
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

عزيزي خالد،
أنضر تحياتي الصباحية منها والمطلقة،

سعدتُ بكونك قد وجدت فسحة من الوقت لكتابة مداخلات. سوى أنني في ورطة أمام طلبك الغالي في مسألة حزم أمرك من ما "اذا كنت [ستتداخل[ بها هنا أم [تفتح] بها بوست منفصل ؟؟" أشكرك على هذه الثقة. وهو في الواقع مسلكٌ في الحوار يتخطى بمراحل مجرد الثقة، إلى تكريس مبادئ التشاور في كيفية ترتيب الحوار. ولذا فإنني أشكرك أيضاً على هذه الروح. في تقديري أن مواصلة الموضوع هنا في اللحظة الحالية، التي يمضي فيه حوارنا في اتجاه تبلور قضاياه، وإشكالياته، وسياقاته الرئيسية، ويدخل في مرحلة التحليل التفصيلي والتشخيص العيني القائم على رصد وشواهد الممارسات النظرية والعملية، ربما كان أفضل من فتح بوست جديد قد لا يساعدنا على التركيز، في أيٍ من البوستين. أقول "ربما".
إلا أن هناك صعوبةً أخرى تتأتى من أن موضوع "الحزب الشيوعي والديمقراطية والمؤسسية" هو أحد الموضوعات الفرعية في هذا البوست. وأكثر من ذلك، هو فرعٌ من موضوعٍ فرعي، هو الموضوع المتعلق بأداء "الأجيال السابقة في الحقل السياسي". بينما موضوع البوست الأكثر شمولا هو أداء "الأجيال" "السابقة" في كافة حقول حياتنا، الاجتماعية، والثقافية، والسياسية. بل في "أساسها الوجودي" نفسه إذا جاز لي التعبير. ومن المؤكد أن هذا يجعل لرغبتك في مناقشة موضوع " تطور مفهوم الديمقراطية في أدب وممارسة الحزب الشيوعي"، في "بوست منفصل" أساساً منهجياً متيناً. لأن هذا البوست ليس مخصصاً للخوض المفصل في أيٍ من القضايا المطروحة فيه، بقدر ما هو معنيٌّ بتحديد الإشكاليات والمنهجية، في مواجهة اتجاهات "النقد التقريري" والقول التقريري"، الطليقين من أية ضوابط لتأسيس الحِجاج في قضايا في منتهى الجذرية والخطورة.
وهكذا تجدني لا أملك إجابةً حاسمة. وأكتفي بالقول بأن الموضوع يحتاج إلى تفكير. لا في أمر كتابة بوست منفصل في مبدئه، بل في علاقة التمايز والتكامل بينه وبين هذا البوست في اللحظة الحالية. وأعني اللحظة التي يدور فيها الحوار حول جزئية "الحزب الشيوعي والديمقراطية والمؤسسية"، والذي أنت مساهمٌ أساسي فيه. وأنت بالطبع الذي تملك وحدك الحق في اتخاذ القرار.

هذا ولك عامر موتي وتقديري.


بــولا
آخر تعديل بواسطة عبد الله بولا في الأربعاء يناير 18, 2006 3:32 pm، تم التعديل مرتين في المجمل.
خالد الطيب
مشاركات: 300
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:33 pm
مكان: أديس أبابا

مشاركة بواسطة خالد الطيب »

عزيزي بولا

طرق هذا البوست طرقا خفيفا بعضا من "مزاعم" تتحدث عن "صفوية" و " تعالي" وغيرها من الأوصاف في حق هذا المنتدي و المؤسسين له . .. وقد نوقش الموضوع في اكثر من بوست بدرجات متفاوتة , وكنت قد حددت في مداخلة سابقة أنني سوف أدلو بدلو في هذا الموضوع , و أعتقد أن ذلك يتماشي مع " موضوعات متفرقة للنقاش" , ولذلك لن تكون هذه المشاركة واسعة و لكني أقصد منها أعطاء إشارات أو أفكار أولية , علي الأقل " نتنوع" في ترتيب المداخلات و ربما نجذب أخرين لموضوع محدد ضمن المواضيع الكثيرة المتنوعة .. فمعذرة مقدما إن جاءت المداخلة " مجوبكة"
بادئ ذي بدء , يجب علينا أن نتذكر أننا في ساحة يمكن لنا أن نتحاور من خلالها حول موضوعات شتي , "أو حتي لانتحاور" , تتنوع هذه المواضيع من القضايا الفكرية العميقة و المسائل السياسية المعقدة وقضايا الفنون و الأداب المختلفة الخ ... المشاركون هنا ليسوا نسخ من أصل واحد , انما يتباين الناس تباينا كبيرا من حيث اهتماماتهم ودرجة علمهم و معرفتهم وأعمارهم و تجاربهم في " دي الزايلة" وهنالك من هو متخصص في مجال معين , يعني بالعربي كدة " زول فايت الناس في مجال معين " , وهنالك " كتاب" , نشاطهم الأساسي هو الكتابة .. إذن , نحن أمام تباين في القدرات والتخصصات و الاهتمامات .. لكن هذا التباين يجب أن لايكون مشكلة , بل بالعكس , هو ضروري إذا تفاعل بشكل صحي , لتطوير المفاهيم و القدرات والارتقاء بكل ذلك درجة في سلم المعرفة والعلم .. ومايبدعه المشارك هنا هو نتاج تجربته ومعرفته وليس " علوق شدة" وربما يكون الأمر أشبه بامتحان ال TOEFL الذي يختبر قدراتك التي راكمتها في اللغة الانجليزية منذ نعومة أظافرك وليس معني بأختبار معرفتك اللغوية نتيجة كورس تدريسي أو تحضير قبل الإمتحان ..
ولكن لماذا يقول البعض أن هؤلاء " متعاليين" و " متفلسفين " ؟؟ أحد الإحتمالات أنهم قد لايفهموا مايكتبه هؤلاء وبالتالي بتفاعلون معهم بطرقة العدوان التعويضي كما درسنا في علم النفس .. وعدم الفهم هذا يتم التعبير عنه بازدراء الأخرين كأبلغ تعبير عن مركب نقص Inferiority Complex و الوصول لحل وسط قد يساعد الطرفين أو قل إن شئت يجسر الهوة في المعرفة ولكن كيف ذلك ؟ هل يتواضع العلماء في توصيل أفكارهم أم يرتفع الأخرون بمعارفهم درجات أعلي .. وفي هذه الحالة قد نساعد في علاج بعضا من تلك المظاهر المرضية .. وهذه النتيجة مبنية علي فرضية أن هنالك من هو دون مستوي فهم ومعرفة الأخرين .. وتلك الفرضية قد تكون صائبة أو خاطئة ولست متأكدا ما اذا كانت تلك الفرضية مناسبة لما نحن نناقشه .. في بلادنا إذا ربطت " حزام الأمان" في سيارتك يقولون عليك " مضيقها" واذا لبست البدلة و الكرفتة , يقولوا ليك " قايل نفسه حاجة" وإذا كنت دقيقا في مسائل الزمن و المواعيد يقولوا ليك " عامل فيها خواجة" ..
الإحتمال الثاني لترويج مثل هذه الفرية , يمكن أن نقول أن له دوافع فكرية مناهضة للاستنارة و التقدم , فوجود تيار مشع بالجديد و التقدم , يخيف الذين يروجون للأفكار الظلامية في تجلياتها العنصرية و العرقية و الدينية ولأن حججهم الفكرية دائما ضعيفة ولاتصمد أمام قوة بيان الاستنارة و التقدم , فانهم يعمدون الي الديماجوجية وإثارة غبار كثيف في جزئيات غير أساسية تعمل علي تعتيم الصورة وخلق بلبلة و تشكيك في مسائل اساسية .. ولكن الذي أحزن له و أستعجب له أن هذه الفرية قد تجد تجاوبا و قبولا عند بعض " المستنيرين بالانتماء" , لا وبل هنالك من يتبناها و يتصدي بالشكل " الطليعي" اللازم لترويجها ..
نأتي للمواضيع المهمة و التي تحسم أسئلة من شاكلة " هل هذا المنبر , منبر صفوة تتعالي عن عامة الناس " .. واقع الحال يقول بغير ذلك , فالعضوية مفتوحة لكل من يرغب وليس هنالك من شروط سوي الالتزام بقوانين المنبر , واذا نظرنا الي قائمة الأعضاء المسجلين , لوجدناها تضم أعضاء و عضوات من أجيال مختلفة تتباين في أفكارها و توجهاتها ولكنهم إرتضوا أن يسود بينهم الإحترام و أن إختلفوا ..
هذا ماكان في أمر البند الثالث والذي حددناه سابقا , و طبعا قفزنا عن البند الثاني والذي هوالآن تحت رحمة " حزم الأمر" ووجهة نظرك محل تقديري , بالرغم من أنك لم تحدد تحديدا قاطعا " و طبعا غير مطلوب مثل هذا التحديد " , لكن أخاف عليك من " بت أمحمد " تقول عليك ماسك العصاية من النص .. :lol:

وأواصل

مع حبي و تقديري
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

عزيزي خالد،
(عاوز اقول ليك مساء الخير طلعت لي الساعة اطناشر وواحد وعشرين دقيقة بعد منتصف الليل. وقد فرغتُ من كاتبة هذه المداخلة في الساعة اتنين ونص وشوية صباح اليوم الأربعاء 21ـ 12ـ 2005).
"صباح الخير إذاً،
وقع اختياري على أن أبدأ التعقيب على مداخلتك الأخيرة من هذه الفقرة:

ولكن الذي أحزن له و أستعجب له أن هذه الفرية قد تجد تجاوبا و قبولا عند بعض "المستنيرين بالانتماء", لا وبل هنالك من يتبناها و يتصدي بالشكل "الطليعي" اللازم لترويجها ..

والفرية المعنية، لعلم القارئات والقراء، هي فرية "الصفوية" و"التعالي" التي تُنسب إلى القائمين على أمر هذا الموقع ومنبره! وقد اكتفيتُ بهذه الفقرة إذ ليس عندي ما أضيفة إلى تحليلك المتماسك، سوى بعض الحد من استحقاقنا صفة الإشعاع "بالجديد و التقدم"، التي أضفيتها علينا مشكوراً، (إن شاالله لينا بي فالك). وإنما هي اجتهاداتٌ نتجشمها ونتقحمها، في سبل طلب الاستنارة بالسير في طرقها الوعرة، قد تصيب وقد تخطئ. وقد أحزنني أنا أيضاً أن تجد هذه الفرية جازت لا على "المستنيرين بالانتماء"، وأنها وجدت "من يتبناها و يتصدي بالشكل " الطليعي" اللازم لترويجها". وشر الاستنارة ما يجئ من الانتماء وادعاء "الطليعية" وحدهما بدون homme work، مع النفس الأمارة بالسوء، كما سبق لي أن قلت في مرات عديدة، ومن دون همٍ حقيقي بشقاء ومعاناة الأغلبية الساحقة من البشر (والكثير من بنات وبني الحيوان الأبرياء) في هذا العالم. وأوعر سبل طلب الاستنارة نقد الذات وزجرها عن الاستهانة واللامبالاة بقضايا حقوق وكرامة المستضعفين. ولا أقول الضعفاء. فالضعفاء حقاً هم عندي الذين يستضعفون الآخرين والأخريات ويستولون على حقوقهن وحقوقهم بالإيديولوجيات الهالكة، ومؤسسات القمع والتدجين، ويأكلونها "سُحتاً وسوء كيلة". وللصديق الكاتب والفيلسوف الحداثي البنيني العالمي الفذ، استانسلاس أدوتفي، كلمةً جبارة في هذا المضمار بخصوص الاسترقاق هي: "إن "العبد" هو من يمارس العبودية ومن يؤمن بها". وأضيف استطراداً إنه يقول أيضاً: "إن ممارسة الاسترقاق هي التي ولدت الإيديولوجية العنصرية والامتياز العرقي، وليس العكس". وأقول من جانبي بأن ممارسة الاستغلال والاستضعاف هي التي ولدت إيديولوجية التعالي وأوهام الصفوية والامتياز. والضعيف بحق هو من يمارس الاستضعاف والاستعلاء. وليس من وهمٍ يرتكبه الإنسان أنكى وأضل من وهم الامتياز. وهو مع ذلك أكثر الأوهام رواجاً، ومكراً وتخفياً في مكامن النفس الأمارة بالسوء. وفي اعتقادي أن هذا وجه من وجوه المنطلق الفكري، على الأقل، الذي يصدر عنه القائمون على هذا الموقع ومنبره. ومع ذلك فإننا لا نستبعد أن يكون تصورنا للموقع الذي نصدر عنه وهماً من الأوهام. إلا أنني على شيءٍ من اليقين بأن أمرنا ليس بتلك البساطة التي يصدر عنها خطاب "الذين يروجون للأفكار الظلامية في تجلياتها العنصرية و العرقية و الدينية"، على حد تعبيرك، وأحب أن أضيف أن هؤلاء، على الرغم من اعتقادي بأن بينهم وبينهن "ضحايا" كثر لمؤسسات وإيديولوجيات القهر والتخويف والامتثال، إلا أن أغلب المروجين "الأشداء" بينهم لهذه "الفكرة"، هم من سكان الضفة الأخرى من "جمهور" الاتجاهات "النقدية" أسميتها أنت "باتجاهات النقد التقريري"، وأسميها من جانبي اتجاهات "الخطاب الطلقيت". واسمح لي بأن أضيف بأن بين "المستنيرين" الذين يروجون لهذه "الفرية" أيضاً من يمكن أن نسميهم ب"اللا أدريين الجدد" الذين ذهبوا بمقولة "الشك المنهجي"، والامتناع على المسلمات اليقينية السهلة، إلى حد القول بأنه ليس من الممكن أصلاً التمييز بين الأوهام والحقائق، وبين الحق العضوض والباطل العضوض. ورموا بكل الوقائع والشواهد والقرائن في سلة "اللا أدرية" التي لا قاع لها، ولا معيار من أي نوع كان. "وكل زول يشوف على كيفه، ويقرا على كيفه ويستنتج على كيفه. وما في حد أعرف من حد!! فما "الحل" إذاً؟ دي أجيك ليها بكرة لا ب"الحل" بل بإشكالية التمييز بين الحق العضوض والباطل العضوض، وما بينهما من أمورٍ مشتبهات. على أنني أقر بأن منطقة "الأمور المشتبهات" في حقول المعرفة، وفي ساحة حرمة المعرفة، أوسع بكثير من منطقة اليقين.

والصباح برضو، سأعلق على عبارتك الطريفة عن إمساكي "بالعصا من النص" في موضوع اختيار مكان نشرك لموضوعك عن "تطور مفهوم الديمقراطية في أدب وممارسة الحزب الشيوعي". وأنا مقرٌ سلفاً بأنني أمسكت العصا من نصفها في هذا الأمر المشتبه الذي لا أملك له صرفاً ناجعاً. لكن بما أنك منحتني، مشكوراً، صلاحية المشاركة في اتخاذ القرار، باكر أجيل باقتراح أبعد من نص العصاية شويه.

مع أزكى مودتي

بــولا
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

[b]صديقي بولا، والجميع ( بدون فرز)
لكم التحية ،
ليس الأمر يتعلق بالمنولوج و لا الصفوية لسبب بسيط جداً في نظري الضعيف جداً (فعلاً وليس كما يدَّعي حسن موسى) وهو أن تشارك في نقاش ما يعنى أن تضيف رأى ما يُثرى أو يضيف إلى النقاش بعداً آخر أو جديد. أمّا الدخول على الخيط ( أفضِّل كلمة الخيط على البوست لغير ما سبب واضح) من أجل رفعه أو تسجيل حضور فأمر يصيب الفكرة الأساسية من المنبر وهى ترقية الوعي الديمقراطي على أسس إنسانية وعلى شرط الحرية ، بأضرار بالغة.
المنبر ليس في منافسة مع منابر أخرى ، إنما يضيف ما هو في رأينا غير متوفِّر بصورة واضحة في أغلب المنابر الأخرى. ولست هنا بصدد المقارنة: صفويين أم شعبيين؟ نحن نسعى بجدية لا تسمح بأي شكل من أشكال التهاون ، أو الاستخفاف ورمى القول على عواهنه ، لتأسيس وعي ديمقراطي يناقش الأزمة السودانية بصورة ناقدة وحازمة تماماً ، لا تتخلص من الأوساخ بإخفائها تحت سجادة الدار، بل باقتلاعها تماماً . ولا يتم ذلك ، حسب ما أرى وترى ويرى الآخرون ممن يدخل في زمرة الجميع ، بدون مواجهة المسائل والقضايا الأساسية بدون وجل أو مجاملة . مثل مواجهة قضايا تعدد الثقافات والعنف الذي صاحب محاولات التعايش السلمي بينها نتيجة لغياب الوعي الديمقراطي.
ويترتب على ذلك أن لا نتعامل بردة الفعل مع ما يصدر من سقط القول والسفه العاير الموغل في العنصرية.
دعني أضيف للمناقشة بعد آخر وهو التركيبة النفسية للشخصية السودانية النمطية وتجلِّى ذلك في الأزمة السودانية المتمثلة بصورة نهائية في غياب الوعي الديمقراطي التام :
. ما صدر وما زال يصدر ، عن الفخر الزائف بالتميّز السوداني ، وبدون أدني تردد أو مسائلة للذات ، على جميع شعوب العالم بصفات مثل الشهامة والرجولة ؟؟؟ ( ولا أدري إن كانت متطابقة في لاوعينا بالفحولة ، ربما ) ومثل التسامح قبول الآخر وما يتبع كل هذا السِّجل من الأخلاق الفاضلة من صدق وأمانة و شرف . من كتب تاريخ السودان الحديث ؟ من هرَّب كل هذا الغلو في النرجسية عبر تاريخ الكتابة السودانية من كاتب الشونة وود ضيف الله وتابعه يوسف فضل و شبيكة وهولت وسلاطين ( النسخة التي معي الآن من كتاب سلاطين صدرت من القاهرة في سلسلة تاريخ المصريين فتأمّل !!) مضايرة هذه الإشكالية عبر تهريب أجندة الاستعلاء العرقي و الثقافي إلى مؤسسات الدولة السودانية تاريخيا لتصبح واقعاً لا فكاك منه ، وعبر سياسة التأجيل التاريخي للمواجهة الحقيقة مع أمراضنا ( بارك الله في الحسن بكري وتأريخه المغاير لأجوبة التي لم تخرِّب سوبا بفتنتها وبناتها بل قاومت ما استطاعت فتنة التمييز/ التمايز العنصري في بواكير أيامها وبارك الله فيه مرَّة أخرى في إعمال البصر النافذ والبصيرة التي ترى غير ما يراه الآخرون في أحوال محاربه القديم المتجدّد في ثياب الماكرين ( كما ثعلب المطالعة الأولية) أفضت بنا إلى مجزرة الاثنين والثلاثاءً الداميين. و اندفعت لسطح الحقيقة الباهرة مجافاة السلوك النمطي لمعظم السودانيين لما هو متخيَّل من تمَّيز بل على النقيض تماماً ، مقدرتهم المنافقة على الآتيان بكل ما هو ضد كل تلك الصفات المتخيَّلة الواهمة.
هل هنالك أسوأ من موظف الدولة العام السوداني؟ لا أعتقد ذلك. ليست المسألة متعلقة بالبيروقراطية بل بقيمة العمل العام وحَيِدَته . معظم من يتكدّسون في مكاتب الدولة لا يفرقون ما بين العام والشخصي . مجرد نزوة عابرة مصحوبة بضيق شخصي تكفي لأن تتعطل معاملات الناس الغلابة لأيام ربما شهور لما يصاحب موقف الموظف العام من عناد مَرَضي بأن إنجاز المعاملة المؤجّلة يقلّل من هيبته الشخصية ولتذهب مصالح العباد وغير العباد ( خصوصاً غير العباد) إلى الجحيم. ربما احتاجت المعاملة لمجرد توقيع مسئول ما، يحمل إليه هذا الموظف التعيس الأوراق صباحاً ويوزعها على العباد وغيرهم ظهراً. وتنتقل التراجكوميديا العربسلامية (حتى لا نقول السوداء كما صدر عن مجمل تاريخ السحن أو الأنثروبولجيا العرقية الأوربية و المستنسخة من قبل علمائها غير الأوربيين وتم تهريبها لجميع لغات العالم الحية وربما الميتة أيضا حيث لم نكن حاضرين عندما فُكت طلاسم اللغات الميتة ( وهل هنالك علم اجتماع غير عرقي يا حسن موسى) إلى أعلى مراتب الخدمة العامة لتصل الوزير ........... في مرحلة ما من رحلة سقوطها إلى الأعلى. الفصل بين العام والخاص حالة مرضية متأخرة في شعب السودان ، وخصوصاً عندما يختلط العمل العام مع أيدلوجيا الاستعلاء التاريخي بحيث يصير العام حقا شخصيا لا ينازع فيه إلاّ عنصري مضاد. وهذا ربما كان تفسيرا ما لمجمل تاريخ الدولة السودانية . تبدأ من موظف في أدنى مراتب السلم الوظيفي وتنتهي عند رأس الدولة عبر وسطائه الذين يتوسل بهم في حكم العباد. وما المقولة الشهيرة ( البلد بلدنا ونحن أسياده ) ببعيدة عن الذاكرة حيث صدرت عن وزير في حكومة منتخبة ديمقراطياً فما بالك بسلطة شمولية تستدعى المقدّس عند حفر جداول تصريف المياه مع بداية كل خريف وتستجدى الجن لمحاربة الكافر أو العنصري المضاد أو تقتل ضحاياها مجدداً كل ما عنَّ لها ذلك. وما لوثة المشير المتعلِّقة بوسواس جريمته الماحقة ضد رمز من رموز الاستنارة والوعي بضرورة الوعي الديمقراطي ، الأستاذ محمود ، إلاّ خير مثال لذلك الخلط البشع والمأساوي. وما مصيدة رفع علم السودان المستقل و شعارات ضبابية تمت صياغتها بمكر : " تحرير لا تعمير" تعفي من يتصدى للعمل العام من أية مسئولية وطنية ، إلاّ مدخل ممتاز للاستيلاء على جبل السلطة بدهاء ، حيث يكون شعار التمكين في الأرض هو الديدن والديدان الذي ينخر ويتجلى عبر منظمات سياسية ، في أوقات مختلفة وأزمات متجددة ، تبدو متناحرة ولكنها تصدر من نفس المنبع الواحد الصمد الذي ظل عبر قرون التنازع الثقافي و لا أقول التعدد في هذا المقام، يتّخذ عدة ألوان ومسميات وواجهات تصب كلها في خانة المركزية العربسلامية ، ليست كعِرق خالص لله ولقريش ، بل كمؤسسة فكرية تستوعب اللغة والمعتقد ، غض النظر عن الخلفية الإثنية ( أنظر ورقة محمد جلال هاشم في ندوة الثقافة السودانية بيرمنقهام 2005) .
يكون الحديث عن فساد الدولة و السرقة والتعامل مع المال العام بمثل ما يرد يومياً من روايات تفوق خيال كل الروائيين والعبثيين والسرياليين من، سرفانتيس في دون كيخوته إلى لويس بونوييل في" سحر البرجوازية الخفي" ، مجتمعين هي نتاج لمرض عضال أصابنا منذ عدة قرون ( الطيب صالح زاد المسألة شوية وقال ألف عام ). هذا المرض يصدر عن إحساس طاغي بأهمية زائفة. ويتمظهر في مجمل أداء الشخص السوداني النمطي في مختلف منظمات العمل العام الاجتماعية والثقافية والسياسية. وهو أيضا عَرَض ساطع لمرض غياب الوعي الديمقراطي ، داخل الأحزاب السياسية ، ومنظمات المجتمع المدني الأخرى ، وداخل المجموعات التي تتشكّل بحكم السكن ، العمل ، النشاط الرياضي أو الاجتماعي . تجليات هذا العَرَض تأخذ عدة أشكال منها الحسد . كثيراً ما تسمع أحدهم يعلِّق على إنجاز متميز لأحدهم بعبارة : " خلاس عامل فيها أبو عرّام؟" بينما يبدأ نفس الشخص ممارسة التملق والمداهنة وكل أشكال النفاق الاجتماعي عند مواجهة الشخص المشار إليه بأبو عرّام. هي حالة انفصام شخصية على مستوى وطني يبدأ من الحي وبين الأقران حتى رأس الدولة و ما بينهما. لا استثني من ذلك أشخاص يتمتعون، نظرياً ، بقدر عالٍ من الوعي كأساتذة الجامعات. فهل يستقيم الظل والعود أعوج؟ وربما امتد الأمر إلى ما يشبه ألاعيب توم و جيري الكرتونية ، من مقالب ومكائد ذات طابع شخصي لحسم منافسة شخصية في فضاء العمل العام . فلينظر كل منّا إلى فترة الدراسة الجامعية في السودان تحديداً . أجزم أن كل واحد منّا يستطيع أن يأتي بعشرات الأمثلة لما ندفع به هنا ، و أمسك عن ذكر ما خطر لي منها إكراماً لكم و للمبحرين في فضاء " إسفيريا " في نهار رمضان (. كتبت هذه المداخلة خلال رمضان الفائت ، وضاعت في زحمة الملفات في الكمبيوترين ( البيت و الشغل ) وزحمة الملفات في الراس)
نخلص إلى أن الفرية بالصفوية كما أشار خالد الطيب هي تجلّى آخر من تجليات أعراض المرض العضال ، وليس فقط مركب نقص . ومع معطيات العولمة الطليقة المنفلتة ، سُلبت الأنظمة الشمولية من أكثر أسلحتها مضاءً ، وهي الرقابة وحجب المعلومة عن رعاياها أو سجنائها في حوش السجن الكبير المسمى بالوطن.ً وما نحاول هنا أن تجشمه من دفع باتجاه الاستنارة و تعميق وترسيخ مفاهيم احترام الإنسان و السعي لبناء وطن ديمقراطي على شروط الحرية ، يجعل منّا أعداء حقيقيين لأيدولجية الاستعلاء المستعرب .
مع خاص مودتي المبرأة من الغرض ، كما يحب صديقنا العزيز واستاذناعبد الماجد محمد عبد الماجد[/b]
أضف رد جديد