الشاعر نوري الجراح في ندوة : مغامرة القصيدة الجديدة

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
الصادق الرضي
مشاركات: 68
اشترك في: السبت أكتوبر 01, 2005 10:08 pm

الشاعر نوري الجراح في ندوة : مغامرة القصيدة الجديدة

مشاركة بواسطة الصادق الرضي »

مغامرة القصيدة الجديدة
الشاعر( نوري الجراح) في ضيافة (أوراق جديدة)


أدارها وأعدها للنشر: الصّادق الرضي

ولد الشاعر نوري الجراح في دمشق عام 1956م وإنتقل الي بيروت وعمل في الصحافة الأدبية منذ مطلع الثمانينات فأدار تحرير مجلة (فكر) الأدبية وهاجر الي لندن وأقام هناك منذ أواسط الثمانينات وحتى أواخر التسعينات فعمل في (الحوادث) و(الحياة) وساهم في تأسيس مجلة (الناقد) وإدارة تحريرها، ثم أسس ورأس تحرير مجلة (الكاتبة) كأول منبر ثقافي عربي شهري يعني بمغامرة المرأة في الكتابة ومغامرة الكتابة في المرأة اعد كتابه الاول ، غير الشعري، تحت عنوان (الفردوس الدامي - 13 يوماً في الجزائر) الذي جاء ثمرة رحلة في الجغرافيا الدموية الجزائرية ، صدر عام 2000م عن دار رياض الريس ، وصدر له ايضا كتاب عن القضية الفلسطينية بعنوان (بيت بين النهر والبحر) كما صدرت له عدة مجموعات شعرية من بينها (الصبي - مجارة الصوت - نشيد صوت - طفولة موت ، كأس سوداء - القصيدة والقصيدة في المرأة - صعود أبريل - طريق دمشق والحديقة الفارسية).
نوري الجراح الذي يعد أحد أهم أصوات الحداثة في الشعر العربي المعاصر كان في ضيافة (هيئة الخرطوم الجديدة للصحافة والنشر) إبان حضوره للخرطوم مؤخراً وقد قدّم هذه الشهادة التي أعقبتها مداخلات في ندوة حول (مغامرة القصيدة الجديدة) بمشاركة وحضور عبد الله الطاهر- الفاتح وديدي- جمال علي حسن- الكاتب- الشاعر أحمد طه- التشكيلي ناصر بخيت ، إضافةً إلى معد هذه الأوراق.

شهادة الشاعر:

دارت في الأيام الماضية نقاشات حول بعض الموضوعات التي تشغلنا معا ؛ الحقيقة أنا لا أستطيع أن أعزل نفسي شاعراً عن جملة اهتمامات أخرى منشغل بها منذ سنوات طويلة، منها المرأة ومكانتها في المجتمع والثقافة والتاريخ ولي في هذه الحقول ما عبَّر عن اهتمامي من أعمال وقد تبلورت في مجلة (الكاتبة) بصورة خاصة أيضاً لا أستطيع أن أعزل نفسي شاعراً عن موضوعات كبيرة تتعلق بمعنى وجودنا كعرب وشرقيين ومسلمين في عالم تصطرع فيه الهويات والإيدولوجيات والثقافات وتتمازج وتلتقي وتتعادى أيضاً وبالتالي هذا الاهتمام الذي يجري التعبير عنه وأنا أحد المعبِّرين عنه في سياق عمل ومشروع يحاول أن يرصد أدب الرحلة العربي والإسلامي الأدب المكتوب بالعربية بصفته وثائق عن نظرتنا كعرب مبدعين ومستكشفين وباحثين ومتأملين في العالم كمتصوفة أو أصحاب قضايا روحية كبيرة كحجَّاج أو كمسافرين أو تجَّار في حركتهم عبر التاريخ ومحطات الحضارة العربية والإسلامية
لا أستطيع أن أعزل هذا الاهتمام عن نظرتي كشاعر فأنا أبدو فيها لنفسي هاوياً وعلى الأرجح سأبقى كذلك إذا كان الشعر في ثقافتنا العربية منذ ما قبل الإسلام وحتى اليوم هو البؤرة التي تتوتر فيها الروح العربية والشرقية والمرجل الذي يعبِّر على مدار عصور عن اضطرام الروح الإنسانية في مغامرتها الجمالية والوجودية، فهذا الشعر يكفي أن يكون أرضاً للإنطلاق في أي مغامرة لا أعتبر الشعر مجرد هجس شخصي فردي وكفى هو موضوع له صلة عميقة بكيان شخص في أمة أو في جغرافية.

انشغالات بالقراءة واللغة:

الحقيقة أن الحديث في الشعر هو حديث عصيب لأنه في برهة، يضع صاحب القول وكأنه يريد أن يؤكِّد أمراً في وقت لا يمكن فيه تأكيد أي شئ إزاء الشعر، الشعر مغامرة من العسير أن تكون ثابتة ومؤكَّدة وكلّ شئ فيها محيِّر، على مستوى شكل القصيدة على مستوى التعبير فيها علي مستوى الجملة أو النبرة أو النظرة، على مستوى الموقف على كل مستوى بالتالي أرجو أن يكون كلامي دائماً من باب الاحتمالات الممكنة وغير الممكنة، أكثر مما هو من باب التأكيد النهائي على الأشياء.
يشغلني في الآونة الأخيرة ما أقرأ من شعر فضلاً عن انشغالي بقصيدتي وتلك الرغبة الدائمة والعميقة في الخروج من أسر الذات، في برهة إلى حريتها في (برهات) أخرى، بمعنى أن لا تكون قصيدتي التي كتبتها أمس هي نفس التي سأكتبها غداً، وهذه مسألة صعبة. تشغلني أيضاً علاقة الشاعر باللغة هل هذه اللغة في هذه القصيدة هي لغة شاعر أم أنها ثمرة تثاقف مع لغات الآخرين، هل هي صادرة عن معركة كيانية شرسة مع العالم ام انها ثمرة اطلالات على منجزات الآخرين الشعرية وكيف نستطيع أن نعرف أن هذه لغة هذا الشاعر أم أنها لغة تبناها هذا الشاعر هذه أسئلة لا يقدر الشاعر الإجابة عنها، هذا عمل..
النقد يشغلني أيضاً سؤال: هل ما يكتب اليوم في العالم العربي من شعر هو إضافة إلى التجربة الشعرية على مدار نصف قرن من انفجار حركة التجديد الشعري مع أسماء من نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وكوكبة ممن أسهموا في شق هذا النهر الجديد نهر الشعر الحديث.
هناك فقاع حول الشعرية الحديثة أثار ارباكا بجانب طبيعة القراءة وعشوائيتها في ظني أن الشعرية العربية الجديدة لم تقرأ في كل جغرافياتها وحتى نكون دقيقين قرأت نادراً وقليلاً بنسب متفاوتة وأعني بالقراءة هنا تلك التي تتيح معرفة من القراءة وبالتالي المعرفة عبر النص النقدي أو حتى النص الإنطباعي والنص الإنطباعي أيضاً له قيمة لأنه يصدر من الداخل من الوجدان وعبر الحواس. حياتنا الثقافية العربية حياة مليئة بالأخطاء القاتلة ومليئة بالإلتباسات العجيبة وعامرة بالخلل الذي يجعل من نص باهر وجيد، بعيدا عن الضوء ومن نص لا كبير قيمة له تحت الضوء.

وجه السياسي والإيدولوجي:

بالنسبة لي تاريخ الشعر العربي الحديث هو تاريخ بالغ الغنى وتاريخ متعدد الحلقات والأطوار وفيه أصوات رائعة وفيه انعطافات وموضوعات عديدة، أنا كنت في إيران قبل عامين والتقيت الشعراء وعايشت عالم الكتابة، انهم ينظرون إلى الشعر العربي نظرة عليا، يعتبرونه أعلى بكثير مع أن الثقافة الفارسية ثقافة عريقة تذخر بكوكبة من الخالدين من أمثال الخيام وحافظ، أنا أقارن ثقافتنا مع ثقافة مجاورة.
ذهب هذا الغنى للأسف، في مرات كثيرة ضحية الصراع السياسي والايدولوجي في العالم العربي للأسف كان الشاعر مضطراً في أحايين كثيرة أن يكون على مقربة من السياسي والايدولوجي ليكون موجوداً، في أحايين أخرى كان شريكاً حقيقياً للسياسي والايدولوجي أتحدث عن الايدولوجي بكل درجاته من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
المشكلة تتمثل بأن الايدولوجي والسياسي عكس وجهه على الحياة الشعرية والأدبية بصورة سلبية واضحة ونحن نعرف أن هناك أسماء سطعت واختفت نهائياً ولم يعد لها وجود، كانت ضحية الخطاب السياسي وكانت هناك تجارب صادرة عن مواهب حقيقية اندثرت بسبب التدخل الفظ من قبل السياسي والايدولوجي في حياة الشاعر الآن يبدو لي خلال العشرين عاماً الماضية أن شيئاً جديدا قد ولد، لكن لم تولد أضواء جديدة على هذا الجديد، لم يولد به وعي جديد، لا تزال قراءة الشعر تنطلق من الرؤى القديمة أساساً ويبدو من خلال ما يشهده عالمنا من خضات كبيرة أن الشعر مكانته تراجعت وإن كنت أرى غير ذلك من واقع أن هناك فنوناً جديدة كرست وجودها وصار لها معجبون ومتابعون ومولعون بها وبالتالي أخذ الشعر موقعه الطبيعي، ليست هناك ضرورة أن يكون الجميع كلف بالشعر.

القصيدة اقتراح شخصي

بداهة، ما يمكن تسميته بالشعرية الحديثة، هو أنواع من الكتابة وجغرافياتها أيضاً أتحدث هنا عن نوعين من الكتابة، قصيدة التفعيلة لدى مجموعة وقصيدة النثر لدى مجموعات أخرى، حدثت بين المنطقتين التباسات والعزل هنا أعني به الشكل الفني، حدثت تواترات إلى درجة التنافر وتبادل الاتهامات مما أدى إلى بروز أفكار إقصائية وانقلابية وفكرة الانقلاب في الشعر حدثت في وقت مبكر، حدثت مع قصيدة التفعيلة، لكن ظلت قصيدة التفعيلة أوثق صلة بقصيدة العمود من خلال الايقاعات والبحور الشعرية المعروفة وإن كانت مواقع القافية تبدلت على مساحة الصوت لكن من قال بالمقابل إن قصيدة النثر بلا إيقاعات؟!
على العكس من ذلك ولكن هل كل ما عرفناه وقنَّناه من الصوت ووحداته هو كل الإيقاع في الشعر تحديداً حتى لا يلتبس الأمر؟! هناك في قصيدة النثر إيقاعات تقنينها لم يحدث بعد وأظن أنه لن يحدث، بالطريقة السابقة إنما بطريقة جديدة وعلى النقد أن يبتكر هذه الطرائق الجديدة في قراءة القصيدة الحديثة. هناك ساحات شعرية ليست لديها منابر وغياب المنابر هو الذي يتسبب بغياب القراءة لأنها تحدث في فضاء يتيحها ويتيح التلقي، أنا أعتبر الشاعر متلقياً، إحدى مشكلات شعراء الحداثة ليس على الإطلاق بالطبع، انهم يكتبون أكثر مما يقرأون وهي معضلة لا نعرف مصدرها هل سهولة النشر، أم ضعف القائمين - أحياناً - على المنابر الادبية لم يكن الشعر قريباً من نفسه، ربما منذ العصر المملوكي كما حدث في العقدين الماضيين قرب الشعر منذ ذاته عندما يعبر عن براءة العلاقة مع العالم. بداية التجريب فيها قصدية واستتبعت القصيدة الإيدولوجيا؟! ابتعد الشعر عن ذاته، صار جندياً في معركة دامية، تضمنت اقصاء وإلغاء كم من الشعراء الجيدين في (العمود) دمروا وسحقوا وتم اقصاؤهم من الساحة بقوة الإنقلاب يشبه الإنقلاب الذي حدث في المجتمعات وأنا أربط ما جرى في الشعر والثقافة بما جرى في الحياة السياسية وفي السيطرة على المجتمعات وهذه هي الصيرورة لا أدعو من خلال هذا للعودة للسابق يجب أن نذهب للأمام، إلى اللحظة التي تتحول فيها القصيدة مرة أخرى، إلى إقتراح شخصي لا جندي في معركة ايدولوجية أو حتى شعرية.
على هذا السطح الذي نثرنا فيه كلاماً أرجو أن لا يكون كثير التعدد بحيث نفتح موضوعات كثيرة ولا نصل لشئ.

مداخلات

حول خديعة الشاعر للقارئ

أحمد طه: هناك شعراء خدعوا القارئ من بينهم شعراء كبار هل يمكن أن يلقي لنا الشاعر نوري الجراح قليلاً من الضوء على هذه المسألة؟
نوري: كنا نتحدث قبل أيام في موضوعات تتعلق بفكرة الحداثة، ما هي الحداثة؟ هذا سؤال شغل العرب كثيراً، لأنهم في برهة تحول أو في برهة الرغبة في التحول من واقع إلى واقع ومن نمط حياة إلى آخر، هل كتب على العربي أن يعيش تحت مظلة دولة الإستبداد؟! هذا سؤال له تجليات كثيرة أي أن الإستبداد ليست له صورة يتيمة هي صورة الحاكم السياسي المستبد، له صدور عديدة، ربما تكون صورة السياسي مستبداً هي الصورة الأبسط والأوضح لكن هناك صور أكثر تعقيداً للإستبداد في الأسرة في نظام التعليم والتربية، في شكل العلاقة بين المبدعين أو ربما في شكل العلاقة بين شخص وإطار ايدولوجي أنتمى له.
السؤال الذي ربما يمس مسألتنا هو هل أقطاب فكرة التحديث أعطوا من خلال مسلكهم الفكري نموذجاً حقيقياً ساعياً إلى التحديث؟! لماذا لم تتمكن النخب العربية المثقفة إلى اليوم من خلق كيان، اعتباري لها في المجتمع، بعيداً عن هيمنة السياسي والايدولوجي هذا السؤال يقودنا إلى قلب الحركة نفسها، أي لماذا غابت فكرة المرأة كشريك من الإهتمام بمعنى حقيقي ومركز وعميق من قبل مبدعين، نادوا بالتحديث تأخر كثيراً بالرغم من الإرث الذي جعل من قاسم أمين بطلا للمرأة، إذا فحصت نصوص بعض أبرز شعراء العربية المحدثين ، تجد أن المرأة هامشية في هذه النصوص إما لها حضور شهوي أو حضور رمزي بصفتها رمزاً يدل على أي شئ إلا عليها وإما هي فغائبة هذه إشكالية كبيرة أدعوك مثلا لقراءة أشعار يوسف الخال، أدونيس، فؤاد، رفقة ويمكن أن تقترح بدورك آخرين.
الصادق الرضي: أين تجلت هذه الخديعة التي أشار لها الأستاذ أحمد طه هل في السير الذاتية لهؤلاء الشعراء أم في نصوصهم؟
نوري: أولاً تجلت في الشعر وبالتالي - بالضرورة - في السيرة الذاتية لماذا استشهدت بموضوع المرأة؟! لأن الحداثة إن كنا نريد أن نستكشف النص هل هو حديث أم لا، يجب أن نعرف هل هو نص مديني، ما هي طبيعة الأفكار التي ينتجها النص في علاقته بالعالم، المرأة بالضرورة والمؤنث بالتالي ان كان غائبا عن بؤرة النص فهناك مشكلة، إن كان حضورها عضوياً وعميقاً، سريا ومتفتحاً في طاقة الشاعر فنحن بإزاء شاعر حديث وجديد.
أحمد طه :أنتم جيل جاء للساحة الأدبية في أعقاب جيل الستينات من القرن المنصرم ماذا قدم لكم جيل الستينات وما الذي ميز جيل الستينات عن الأجيال السابقة؟
نوري :دعنا نبدأ من الشق الثاني من السؤال أهمية جيل الستينات في نظري ليس في العالم العربي وحسب وإنما في كل العالم ، ذروة صعود حركات التحرر كانت في الستينات وحركة أفكار وتحولات شهدها العالم مثل الثورة الطلابية في فرنسا وأوروبا وقد كنا شغوفين، منذ الثلاثينات بما يأتي من هناك، في الستينات انفتحنا علي التجارب (العالم ثالثية) تجارب الرواية الأمريكية اللاتينية والأدب الروسي وفرانكفونية الأفارقة كل هذا بالإضافة إلى الموسيقى والمسرح وحدث أن جيل الستينات إنفعل بهذا خصوصاً في لبنان وسوريا وفي مصر كانت هناك تجربة أفرزت أسماء مثل أمل دنقل وإبراهيم اصلان، وهي الفترة التي أخرجت نبرة جديدة في الشعر العربي يمكن أن نقول نبرتين جديدتين في الشعر، من حيث اهتمام الشاعر بالعالم وكيف يرى العالم والنبرة كيف تكون الماغوط أحدهم وأهمهم، وأنسي الحاج ثانياً، الماغوط في (حزن في ضوء القمر) و (الفرح ليس مهنتي) وانسى الحاج في (لن) و(ماذا فعلت بالوردة ماذا صنعت بالذهب)، حدث تراجع استمر لعقد من الزمان إثر نكسة حزيران وصعدت موجة (شعراء المقاومة) وصعد شعر خارجي (برَّاني) وأصبح يعبر عن فجيعة ويحاول الشاعر أن يكون ذلك البطل الذي يستنهض أمته وخسرت المعركة الجمالية لكن عادت تلك الروح مرة أخرى، وولد شئ مختلف ونقدر أن نميز محمود درويش من موجة شعراء المقاومة لأنه استطاع أن يكون من (الفرقة الناجية).

حول الشعر السوداني

أحمد طه: تحدثت حول الشعر وقضاياه ولكن لم يذكر الشعر السوداني ولا أحد من رموزه، وهو شعر له خصوصيته - نحن لا نلومك - لكن من المسؤول عن غياب الشعر السوداني عن الساحات العربية؟
نوري: أول اطلالة لي على الشعر السوداني كانت من خلال طلاب سودانيين في جامعة دمشق ،وهذا في السبعينات وأول من قرأت له فيما اطلعت عليه من تجارب هو محمد عبد الحي، وقرأت لمحمد المهدي المهدي المجذوب ، ومحمد المكي إبراهيم وقرأت للياس فتح الرحمن قرأت لهؤلاء مجموعات شعرية كاملة بالإضافة إلى الفيتوري وصلاح أحمد إبراهيم ومصطفى سند وقرأت أيضاً لـ (عبد الله الطيب ومن التجارب المؤسسة قرأت للتجاني يوسف بشير ومحمد سعيد العباسي، لكن أنا لا أعتبر نفسي نموذجاً، هناك من لا يعرف كل هذه الأسماء أنا عرفت ذلك بفضل اصدقاء في دمشق وبيروت وقبرص، فمن الظلم أن أتحدث عن الشعر السوداني بمعلومات ضئيلة ولم يكن الكتاب السوداني يخرج إلينا إلا إذا كان هناك سوداني يحمله، ربما يعود ذلك لان أغلب من زاروا السودان من العرب، من غير المثقفين ، وان التواصل الشعري بين السودان وبلاد الشام تواصل ضعيف وأنا بذلت جهوداً مضنية للحصول على شعر من السودان وأذكر صديقاً هو سيد أحمد بلال أمدني ببعض ما توفرت عليه.
إذا كانت هناك مسؤولية في عدم حضور الشعر السوداني على الساحات العربية فهي مسؤولية مشتركة، هناك شئ - لا أسميه من التقوقع السوداني - أسميه شيئاً من الإكتفاء الذاتي، ربما كان مصدره جغرافيا تعتدُّ بذاتها ولكن الحقيقة أن هناك أيضاً كسل المؤسسات العربية بخصوص خلق تواصل وأيضاً اشكالات النشر في السودان.

حول القصيدة النثرية ضدياً وغياب النقد

جمال علي حسن: لا ننكر أن هناك تجارب ناضجة ومهمة في الشعر الحديث وهناك أسماء راسخة وبارزة داخل وخارج السودان ، لكن غابت معايير النقد حينما تحطم الشكل القديم للقصيدة ولم يمكن الإنتاج الجديد النقاد من وضع معايير حاسمة في تصنيفه هل هو شعر أم لا، أيضاً تحدثت عن المرأة بالإشارة إلى أن بعض الشعراء جعلوا منها رمزاً لأي شئ عداها وتيارات حديثة في الأدب جعلت المرأة، كما عبر محسن خالد، هي الصحيفة التي تقرأ بالمقلوب، وهذه ردة عن الحداثة وعودة لجعل المرأة في مكان محدد وتناقض بيِّن ثم ما قولك في من يتحفظ على القصيدة النثرية اصلا بموضوعية غياب النقد عنها؟
نوري: حركة الشعر الجديد أنتجت معها خطاباً نقدياً وهو محاولة دفاع ومحاولة اطلالة على بنية الجديد ومحاولة القول وداعا للشكل القديم، الآن ما حدث فعلاً - كما تفضلت أن المنتج الجديد خلخل القراءة القديمة وبالتالي قدم مقترحاً جديداً لابد من قراءته بطرق جديدة، ما هي هذه الطرق الجديدة ما هو المعيار؟ الذين نافحوا عن الطريقة الجديدة قالوا نحن ضد المعيار وضد المعيارية، أنا ضد ذلك لا أستطيع أن أقبل أي شئ خارج معيار، لا في الأخلاق ولا الإقتصاد ولا في الأدب. ولكن كيف يكون المعيار اوالميزان، هو المناسب، الذهب يحتاج لميزان دقيق وكذلك نحن هنا نحتاج لميزان أدق لأننا بصدد المخيلة وما هو أكثر تعقيداً مما هو مرئي في العالم وملموس باليد وما هو الشعر هل هو لعب أطفال؟! ضرب من السحر، تعويذات، حق في رؤية العالم من زاوية ما؟! همهمة لفريق، أنشودة سائر في الليل حالم في يقظته يائس على عتبة الانتظار ما هو الشعر؟ هو كل هذا لكن بماذا نزنه من قبل كانت هناك معايير واضحة ومع ذلك لم يكن الأمر سهلاً يجب ألا ننسى شراسة المعركة القديمة، على سبيل تثبيت الشعرية، أن لا ننسى معركة مغادرة الاطلال ومعركة ولادة الشعر الإندلسي.
جمال علي حسن: لكن كل هذه المعارك دارت في ميدان الشعر القديم أي في إطاره وهذا يختلف عن الثورة التي حدثت فيما بعدت، ثورة الشعر الجديد.
نوري: كنت قد أشرت في بداية حديثي إلى هذه الثورة وإلى الفجوة التي حدثت بعد حزيران واستعادة موجة الحداثة مرة أخرى باكتشاف محمد الماغوط وأنسي الحاج مجدداً واشرت إلى أن هذه الإستفادة لم يتم استيعابها في إطارات نظرية وهناك تأرجح حتى على مستوى الإتفاق علي المصطلح فتارة يجري الحديث عن قصيدة النثر وأخرى عن القصيدة الحرة أو الشعر المرسل ..الخ. ما حدث إن المصطلح استجلب واستجلب معه مشكلات أولها أن الذائقة لم تستوعب المصطلح (قصيدة النثر) بعد أن ألقى ثقله على النص نفسه، لابد أن نحرر النص من اسمه أي القصيدة من إسمها ولكي نفعل ذلك افضل أن أسميها القصيدة الحرة. قصيدة التفعيلة ليست حرة حريتها ناقصة وهي إطار أو جزء من الشعرية القديمة هي شئ جديد ولكن ليس كل الجدة.

إشارات لابد منها :

اقتضت ضرورات تحريرية ضغط أفكار كثيرة عرضت أثناء الندوة بإسهاب لا يتناسب وطبيعة عرض الأفكار كتابة، مما لزم الإشارة اليه
[u]
المصدر : مجلة "أوراق جديدة" https://www.awragjadida.net/view.asp?rel ... icle&id=64 /u]
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »



الصديق الصادق الرضي،
كل الود

هذا حوار جميل ورصين، سواءً من ناحية الأسئلة المطروحة أو من ناحية إجابات الشاعر. توقفت كثيراً عنده منذ نزوله هنا.
ولي عودة.

نجاة


صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÈåäÓ
مشاركات: 406
اشترك في: السبت فبراير 25, 2006 4:26 pm

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÈåäÓ »

حبيبنا الصادق الرضي
تحيه وشوق
اولا اضم صوتي لنجاة في ما يخص هذا الحوار.
ثانيا اطرح عليك سؤالا فيما يخص الشاعر محمد المهدي المجذوب:
هل التراث الشعري لهذا الشاعر الذي احب كل البلد بمعنى الحب الاصيل,قد اخذ حقه تماما من قبل نقاد ومفكري واقع الادب في السودان?
.. محبتي
صورة العضو الرمزية
الصادق الرضي
مشاركات: 68
اشترك في: السبت أكتوبر 01, 2005 10:08 pm

مشاركة بواسطة الصادق الرضي »

الاستاذة : نجاة محمد على
شكرا على المرور والتعليق
حين زار الشاعر نوري الجراح الخرطوم ، فكرت في صيغة صحافية أكثر فعالية لاستنطاق تجربة الشاعر ، غير الصيغة التقليدية المعروفة ( الحوار الفردي ) وبالفعل أعددت هذا الحوار بالتنسيق مع ادارة مجلة أوراق جديدة التي أتعاون معها في الشئون الثقافية ، على الرغم من أن عددا من الاسماء الشعرية التي وجهت لها دعوة الحضور لم تتمكن من ذلك الا ان الندوة خرجت بمستوى معقول كونها اول تجربة لنا في هذا السياق.

حين زار الشاعر عاطف خيري الخرطوم في نوفمبر الماضي قادما من مهجره الاسترالي ، أعددت ندوة مماثلة بالتنسيق مع ادارة مجلة اوراق جديدة ايضا ، وكانت الفكرة هي دعوة عدد من الشعراء الشباب الذين قدموا الى الساحة في غياب الشاعر عاطف خيري وكانوا قد أبدو رغبة في التعرف عليه ومحاورته ، وبالفعل حضر عدد مقدر من الشعراء الجدد وخرجت النسخة الورقية من الحوار بصورة جيدة
هناك نسخة الكترونية من ندوة عاطف خيري أزمع نشرها هنا فور فراغ الصديق عاطف خيري من بعض التدقيق اللغوي وارساله لي مرة اخرى
صورة العضو الرمزية
الصادق الرضي
مشاركات: 68
اشترك في: السبت أكتوبر 01, 2005 10:08 pm

مشاركة بواسطة الصادق الرضي »

الصديق الـ صدِّيق ..
بهنس
شكرا لحضورك هنا والتعليق .. أولا

بخصوص الراحل العزيز محمد المهدي المجذوب .. سأعود إليك قريبا
أضف رد جديد