أمريكا والهروب من الداخل

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صلاح شعيب
مشاركات: 121
اشترك في: الاثنين مايو 30, 2005 12:06 pm

أمريكا والهروب من الداخل

مشاركة بواسطة صلاح شعيب »

https://al-majalla.com/ListPolitics.asp? ... 2&MenuID=0

زيارة غونزاليزا رايس وزيرة الخارجية الاخيرة للشرق الاوسط تمثل محاولة جديدة لاصلاح صورة بلادها في العالم العربي, والتي منيت بضربات متلاحقة سياسياً وإجتماعياً وثقافياً كما قال بذلك تقرير أصدره في الاسبوع الماضي الاعضاء السابقين للمفوضية التي عينها الرئيس بوش لبحث أسباب الفشل في التصدي الاستخباراتي لاحداث 11 سبتمبر الارهابية. في ذلك التقريرأكد أولئك المفوضون أن سياسة الولايات المتحدة للتعامل مع المعتقلين والمتهمين بالارهاب أثرت سلباً علي الحرب ضد الارهاب نفسه وضربت سمعة أمريكا الاخلاقية كرائدة في مقتل. ولعل المفاجأة الكبيرة في زيارة رايس للعراق تصريحاتها التي حملت الافتراضات أكثر من القناعة السابقة والجازمة أن العراق سيكون حجر الزاوية لنشر الديمقراطية في العالم العربي, في تلك التصريحات قالت وزيرة الخارجية الامريكية أنه "إن لم ينجح العراق , فإن أجيال قادمة من الامريكان ستكون في حالات من الخوف الدائم.
إن زيارة رايس لمناطق من بغداد والموصل والتي لم تعلن لاسباب أمنية إلا بعد هبوط طائرتها وكذلك زيارتها لاسرائيل وقطاع غزة وقبلهم السعودية صاحبتها زيارات إصلاحية للرئيس بوش وأيضاً زيارات عالمية متتالية في الشهور الاخيرة لمسؤولين كبار من الادارة الجمهورية وذلك للهروب, كما يقول المراقبون, من القضايا الداخلية التي مني بها التيار اليميني المحافظ وإدارته نفسها, من جهة, وللاسهام أيضاً في تحويل الانظار إلي الساحة العالمية التي تأمل فيها إدارة بوش إحراز نجاحات تحقق لها بعض من الاعذار في الفشل الداخلي,هذا من الجهة الاخري.
غير أن الجبهة الدبلوماسية الخارجية ليست بأفضل عن رديفتها الحكومية الداخلية. فعلي مستوي أفغاغنستان عاد الحديث مجددا عن الضعف الامني بعد أربعة سنين من إسقاط طالبان وتهدد البلاد بما يشبه المجاعة, وعلي مستوي أمريكا اللاتينية فأن المظاهرات الصاخبة التي قادها هوغو شافيز الرئيس الفنزيويلي ونجم كرة القدم العالمي الارجنتيني ديغو مارادونا شكلت العناوين الرئيسية لتنامي الغضب العالمي نحو الادارة الامريكية بدلاً عن تنامي مضمون قمة الامريكتين بالارجنتين والتي حظيت بتغطية أمنية عالية قدرت بحوالي ثمانية ىلاف من افراد الشرطة.
صحيفة الواشنطون بوست قالت تأكيداً لهذا الجدل الدائر الذي لعب فيه العراق دوراً محورياً أن الرئيس بوش والقادة السياسيون من الحزب الديمقراطي المعارض نشطوا في تبادل الاتهامات في الاسبوع الماضي حول الوضع المتأزم الدولي الذي سببته الادارة لامريكا وأن معركة شخصية متصاعدة حول الجبهة العراقية وسريانها والتي تسعي رايس الآن لتهدأتها ما تزال مستمرة, حتي أن بوش قال وسط لقاءات كثيفة يجريها مع الجنود كلما تأزمت به الامور لسحب البساط من النقد الداخلي أنه يكون من عدم المسؤولية إعادة كتابة التاريخ لكيف بدأت الحرب, ولعب بوش علي الوتر الوطني بقوله "أن هذه الهجمات التي لا اساس لها من الصحة ترسل إشارات خاطئة للجنود وتومئ لأعداء الولايات المتحدة أن هناك شكوكاً حول الرغبة الامريكية في إستمرار المقاومة ضد الارهاب وتنفيذ برامجها الحضارية". في ذات الاسبوع بدا أن إستطلاعاً جديداً للرأي قامت به الصحيفة المذكورة وقناة الABC التلفزيونية أن الحرب في العراق والاقتصاد وكذلك الحرب علي الارهاب لعبوا دوراً جديراً بالذكر لاضعاف شعبية الرئيس التي وصلت إلي 34بالمئة من أجمالي المستطلعين, وهذا الرقم يمثل الاضعف وسط ارقام النسب التي تحصل عليها منذ وصوله إلي السلطة.
خلفيات سابقة
هذه الخلفيات التي سبقت زيارة رايس للعراق ربما بقيت أسباباً للفت الانتباه إلي هذه الجبهة الخارجية أكثر منها للفت الانظار لرغبة الادارة الامريكية في حلحلة الصراعات التي واكبتها منذ مجيئها إلي الادارة في عام 2000, فالعراق الذي كان المحطة الاولي للوزيرة السمراء لم يزل يشكل اولوية في سلم الاهتمامات التي توليها الخارجية الامريكية للصراعات الدولية , بل ويعتبر حجر الزاوية في النجاحات التي تأملها لنشر مشروعها الديمقراطي كما ظل مجالاً للتسويق الذي يبذله مهندسوا النظام من المحاظين الجدد, مثلما أن زيارة السعودية ومقار السلطة الفلسطينية في غزة ودولة إسرائيل وإقامة جسر من دبلوماسية الوصل لتحقيق سمسرة مربحة في مشروع خريطة الطريق وكذا الاردن- لم تحقق إختراقاً أكيداً في الركود الذي سم علاقات السلام بين السلطة الفلسطينية وحكومة شارون وأيضاً لم تشفع في تقليص الهجمات الارهابية التي تستهدف المواطنين الابرياء في العراق وأماكن اخري والجنود الامريكان هناك وفي أفغانستان. وأيضاً لم تقلل من الصورة السلبية للسياسة الامريكية حتي داخل الاردن التي نشرت صحيفة الواشنطون تايمز المقربة من الاوساط الجمهورية أن نسبة 65 في المئة من شعبها إنما هم ضد أمريكا وأن 80 في المئة يرون أن اسامة بن لادن أكثر مسؤولية كقائد عالمي من الرئيس بوش وفقاً لاستطلاع مؤسسة بيو التي تهتم بالدراسات العالمية عن الولايات المتحدة.
من ضمن الازمات التي دخلت فيها رايس تصريحها بشأن حماس والذي تناقض كلية مع رؤية السلطة الاسرائيلية التي قالت أنها لاتعترف بحماس حتي ولو أتت بها العملية الديمقراطية وانها سوف تعتقل ناشطينها في العملية الانتخابية لو أمكن لهم الدخول الي أجزاء من أسرائيل, فبينما تري رايس أنه يمكن تجريد حماس من سلاحها عبر الضغط علي السلطة الفلسطينية حتي يمكن قبولها في العملية السياسية, فإن شارون بموقفه المتشدد من حماس يرسل إشارات للادارة الامريكية إنها يمكن أن تعرقل اية خطوة للسلام في حال الاعتراف الامريكي بها, ولعل أبلغ مواقف التشدد أنه ما أن غادرت رايس المنطقة إلا وإستمرت حكومة شارون في سياستها لتغييب رموز حماس حيث إغتالت أمجد حناوي قائد كتائب عزالدين القسام من الجناح الجناح العسكري لحركة حماس بالضفة الغربية.
في إسرائيل أيضاً مدحت رايس رئيس حكومتها شارون لموافقته علي إتفاق رفح مع الفلسطينيين للسماح بمرور حركة البضائع والمواطنين الفلسطينيين بين الشاطئ الغربي ومصر,وقالت رايس في مؤتمر مصغر بين وفدها المرافق والوفد الاسرائيلي في وجود شارون"..الرئيس وأنا شخصياً نثمنان شجاعتك الشخصية ..وقيادتك وإسهامك الحاسم للسلام الذي أنت صانعه.."
فشل في إشراك السنيين
جزء من رحلة وزيرة الخارجية الامريكية كان وظفت لكسر حدة الموقف السني من إعادة بناء العراق, ففي إجتماعها بالقادة السنيين بالعراق حاولت رئيسة الدبلوماسية الامريكية تصحيح سياسة بريمير رئيس السلطة الانتفالية للتحالف السابق والتي هدفت إلي عزل الرموز السنيين عن عملية بناء العراق وسعت في الموصل التي يمثل سكانها السنيين60 في المئة إلي ما يشبه تقديم الاعتذار للسنيين وترغيبهم للدخول في الانتخابات القادمة ومن جهة ثانية لكسر حدة المقاومة العراقية التي تري الادارة الامريكية انها مدعومة من زعامات سنية, غير أن المجهودات الوفاقية لرايس ومن قبلها السيد عمرو موسي الامين العام للجامعة العربية قوبلت بتصريحات شيعية تمثلت في قول الجعفري رئيس الحكومة الانتقالية العراقية أن الذين يجب أن يشاركوا في بناء العراق هم فقط الذين شاركوا وإعترفوا بشرعية العملية السياسية, وعلي حسب مصادر أمريكية أن الجعفري رفض أية محاولات لاشراك المسؤولين البعثيين الكبار وعناصر المقاومة في اية تسوية سياسية قادمة كما حاول الحاكم قارنر تطبيقها قبل خلفه بريمر وأدت إلي إستدعاءه إعفائه السريع من منصبه.
مصادر أمريكية قالت ان الرئيس بوش ظل طافياً وطائراً مع وزيرة خارجيته خارج واشنطون فبعد أسبوع فقط من عودته من امريكا اللاتينية, فأن الرئيس "سوف يهرب مرة أخري " علي الاقل مؤقتاً, من القضايا الداخلية التي وضعته مرابطاً لفترة بواشنطون..". ولكن المحللين والدبلوماسيين يتنبأون أيضاً أن زعيم الادارة الامريكية المتشددة ربما يجد تحديات آسيا الجيوسياسية أكثر شراسة في الوقت الذي يحاول إقتحام حساسيات الاقليم , بيد أنهم أشاروا أن الخارجية الامريكية خصوصاً في حاجة أكيدة لانجاز إتفاقية الان لتحريك السلام وحرمان أي تاخير فيها وذلك بعد الاضطراب السياسي المتزايد في إسرائيل المهدد لاجبار حكومة شارون لعقد إنتخابات مبكرة,تلك التي يمكن أن تغير الانتباه من محادثات السلام مع الفلسطينيين.
وجهات النظر المستقلة تري أن زيارة رايس لن تفلح في تحقيق أهدافها ما لم تقم الادارة الامريكية بتغيير جذري في تعاطيها المتشدد مع الطرف الخارجي والداخلي علي حد سواء, فالسيناتور إدوارد كينيدي, من الرموز البارين داخل الحزب الديمقراطي ومن المعارضين الاشداء للحرب, ومعه عدد كبير من رموز الحزب يشككون في فلسفة سياسة رايس ويرون أن خبرتها لاتؤهلها للقيام بدور أمريكي فاعل في إعادة الامور الامريكية لنصابها الصحيح.
فضلاً عن ذلك يري الكاتب المعروف جيم هوقلاند المهتم بالشأن العربي أن "المشاكل أكثر هيكلية مما يعترف به الرئيس ونائبه تشيني, فهم يسبحون ضد تيار سريع من الشكوك, وأن الازمة السياسية التي يواجهونها لايمكن حلها بحملات من التسويق السياسي بالداخل أو الدبلوماسية بالخارج.. إن جوهر صناعة القرار السياسي لادارة بوش مايزال
ينظرإلي العالم من غيوم 11 سبتمبر, بينما بدأ العديد من الناس يفقدون مثل هذا الاحساس.."
أضف رد جديد