أنثولوجي الصورة الشخصية السودانية

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة


النظارات السودانية

للمطرب "التاج مكي" أغنية راجت في منتصف السبعينات، عبرت بشكل عابرمبتسر عن الفترة (النظاراتية السودانية)، حيث يقول مطلعها "بتغطي عينيك بالنضارة، يا أجمل ضيف جانا زيارة ... الخ"، فكأنما الشاعر الغنائي يلقي بعتابه الماكر العابث، على الحبيب كونه يغطي سحر عينيه، بهذه العوينات، والتي نفترض أنها سوداء، مشيراً بطرف خفي إلى الإضافة الجمالية الطارئة، على جمال الحبيب الأصلي الذي توجب تخليد زيارته شعرياً، وأضطر الشاعر خلال سعيه لإنجازقصيدته، إلى سرد تأريخ نوع من الجمال والتأنق الذي صاحب الجمال الطبيعي، تجلى في حداثية النظارة، فدخلت النظارة بما اضافته من بعد جديد لمفهوم الجمال، في بؤرة شوف الشاعر، ومنها انتقلت إلي مساحة ضوء الرجل الفتغرافي، ويجوز صحة العكس. فاصبح البورتريت الذي يلبس فيه المتصور النظارة، ولانعني بالضرورة النظارة الطبية، أمراً عادياً بل ومستحباً، في معظم الحالات، يفعله أهل العيون الجميلة، والعيون الناعسة الداقسة سواء بسواء.
وللنظارة في بداية عهد انتشارها، وخاصة الطبية، أثر عجيب في تكوين مفاهيم قد تكون كاذبة في بعض الأحيان، تتمحور حول الشخص الذي يلبس العوينات، فقد ارتبط في أذهان الناس، وفي معيتهم اصحاب (العشرة على عشرة)، مفهوم إتصال فرضية الذكاء بالشخص المستنظر، كأن نردد مع المرددين، ونحن بعد تلاميذ، (شاطر وبلبس نضارات)، حتي يثبت الطالب المعني العكس، تماماً مثلما اشيع عن العبقرية واتصالها بالصلع، حتى خرج علينا السيد (اينشتين)، بخنفسانه العجيب، مثل نجم من نجوم الروك، أو متشرد امعن في تشرده، و لكنه كان بالقطع ذو مناظير.
وفي السودان صور تداولناها، لنجوم مجتمع، وموسيقيين، وفلاسفة وسياسيين، يلبسون النظارات، لا يمكنك نزعها عن وجوههم، فلا تكاد تتعرف عليهم، وإنهم ليأتونك في أحلامك، مقنعين بعويناتهم، فتعرفهم منذ الوهلة الأولى، فكأنما هذه النظارات جزء اساسي من تكوينهم، أو أنهم ولدوا بها نابتة على وجوههم.
ولأننا كسودانيين، لا نملك الوقت وليس ذرتين من الصبر، ولا الإمكانيات بتعددها حتى، فإن كل أنواع الأسماك عندنا، سمك، والأشجارباشكالها و تفاصيلها، شجر، والكلاب، كلاب، والعصافير طيور وهكذا، دعني أوضح هذه النقطة، أقول إذا قدر لك، سؤال أي إمرأة تقود كلباً في أنحاء العالم المختلفة، عن كلبها، فإنها ستحدثك عن إسمه أولاً، وستحدثك عن نوعه وفصيلته، ومنشأه وتأريخ ميلاده، صفاته الجسدية ومزاياه العقلية، مواهبه، هواياته (وقد تخبئ بعضها السري)، عاداته وشمائله، فضائله وعيوبه، مواقيت نومه ومواعيد زيارته للطبيب، أما في السودان ياصديقي فنحن نقول "ناس الدحيش عندهم كلب فقري جداً"، إنتهى. وكنا نسميه (مركوب العرب)، نظراً لمطابقة لونه، للون (التفتة)، التي تصبغ بها المراكيب، وإسمه (جرقاس)، إن تماديت في التحقيق، فإن له "قدوم"، هوايته اللهاث والنوم تحت (المزيرة)، إن لم يتفضل عليه الناس (بالكرتة)، أكل (نجيلة) لا محالة!
والشجر كذلك، فنحن لا نقول (تظللت تحت شجر الاكاسيا)، ولا ظل الصفصاف، ولكننا نكتفي بالقول (قعدت تحت ضل الشدرة ديك).والطيور عندنا، خداري وسمبر وفِرّة، عشوشة وزوجها، وقمري، جداد وادي ورهو، وقد لايعرف من ادرك ثلاثة أنواع، البقية الباقية، فلا يؤاخذعلى ذلك، والنظارات عندنا، في ذلك الزمان، (بيرسول)، والأمواس (ناسيت)، فإن لم يكونا كذلك، فلا النظارة نظارة، ولا الموس موسى.
ونظارة (البيرسول)، منحوتة سوداء، ذات ذراعين عريضين، يرقان حين يلتفان حول الأذنين، ثلاثية الأبعاد، يجوز لك أن تقول عنها "هذه ليست نظارة"، وافترض أن عجب السودانيين بها، مرده إلي قدرتها علي تحويل ضوء نهار السودان الباهر وحرته الغاشمة، إلي سماء غائمة ناعمة، وهذا النوع من (المانيبيوليشن)، ناجع في أقناع العقل البشري، بأن الطقس طيب، وأن النهار (السلبة) قد مضى، وأن (الواطا مغربت)، فلا بأس من السير من (حلة حسن) إلي (عترة)، دون ان يتعرض الأحياء لأخطار الشواء. وللنظارة البيرسول مكان اثير في قلوب أهل السطلة، فهي الغطاء المعتمد للعيون، والتي بإمكانها فضح امر شاربها وحاملها، والملفوفة إليه، وراجت سوقها بين عمال الورش، والحدادين واللحامين، ثم أضافت السينما ونجومها، ووسائل الأعلام الأخري، بعداً آخرلإرتداء النظارات، بعد إغرائي رجولي، نسائي، وعضدت تلك المفاهيم بورتريهات، نجوم الغناء والسياسيين، فأدلت النظارة بدلالات جديدة للشخصية، لم تكن متوفرة من قبل، فعبرت عن الأناقة، وأشارت إلى الحزن في ساعات المصيبة، وافادت في أغراض تنكرية عديدة أخرى.
ومن الشخصيات السودانية، التي ارتبطت في عقولنا بلبس النظارة، شخصية الأستاذ الفنان (محمد الأمين)، في بورتريهاته المتعددة، والذي شكل الحديث عن حالته البصرية بين محبيه، لغطاً كثيراً، مالبث أن تلاشي حال وضعه النظارة، فبدا وسيماً في كل صوره القديمة والحديثة، وهو أحد قلائل من الشخصيات العامة، الذين تساهل الذوق العام معهم في استخدامهم للنظارة الشمسية، في كل الأوقات، هو والراحل المطرب الفنان (النعام آدم)، والنور الجيلاني و الذي تمنيت مخلصاً أن يخلع ناظوره، حتى نراه، بينما راودتني نفسي عن سؤال الأستاذ (كمال كيلا)، إنت مشكلتك شنو؟
وقد كأن من اشهر لابسي النظارات من خارج الحدود، والذين يعرفهم أهل السودان، (راي تشارلس)، والسيدة (أم كلثوم). من شخصيات السياسة و الأدب، يبرز وجه الشاعر الفحل (محمد المهدي المجذوب)، مؤطرة عيونه، بعدسات شفافة سميكة، يشاركه الشاعر الفذ (محمد عبد الحي)، الشفافية والشاعرية والنظرة الساهمة، عبر العدسات السميكة تطل العيون التي تشي بحدة الذكاء، ورهافة الحس، تصورت لو أن الجيل الحالي، يعيد الحياة إلى هذه النظارات، مثلما فعل الشباب الامريكي بإعادة الحياة إلى عوينات المناضل الأسود (مالكوم إكس)، و نظارات نجم البيتلز الراحل (جون لينون) المستديرة، ولم يفعل ذلك مع مجموعة نظارات نجم الغناء (التون جون)، نظراً لغلاءها من جهة، ولكونها (فلامبويانت) أكثر مما يجب من جهة أخرى.

صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة
All images by: T.Elmelik ©
Top from left to right: Suhaily (accontant)- Almoneer (Rapper)- Hafiz (Flutist)
Middle: Mike (R n B singer)- Frnest (Biker)- Kabli (singer)
Bottom: M. Elsunni (singer)- H. Musa (Artist)- A. Alsigaid (singer)[align=left]
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »


التاج مرة أخرى شكراً على الحكي .


قلتَ:

"إذا قدر لك، سؤال أي إمرأة تقود كلباً في أنحاء العالم المختلفة، عن كلبها، فإنها ستحدثك عن إسمه أولاً، وستحدثك عن نوعه وفصيلته، ومنشأه وتأريخ ميلاده، صفاته الجسدية ومزاياه العقلية، مواهبه، هواياته (وقد تخبئ بعضها السري)، عاداته وشمائله، فضائله وعيوبه، مواقيت نومه ومواعيد زيارته للطبيب"

وشكرا مرة تانية وتالتة على ونسة النضّارات وفقرة الكلاب دى جابت لي سيرة البحر .. وحكيتا لى صحبانى هنا..
ياخى عندنا اربعة خواجات فى الشغل وخامسهم كلبهم وكديستهم ملونى بالغيظ واللاانتماء لأى حاجة وشنو داك ماعارف... ولا اريد ذكر اسمائهم/ن طبعاً .. يقولو فى الونسة العامة (العامة دى حلّة ناس صلاح الزين بالمناسبة اضرب ليه تلفون وقول ليهو كدا لزوم التهميش وكدا ، واتوقّع انو ينبّذنى على طول) ، يقولو فى الونسة جورج امبارح مانام وماعارف الكس جاتو حمى ووديتو المستشفى ، ومليسا بتعمل فى حاجات Funny . انت عارف انو الاسماء دى بتاعة كلاب وكدايس وانا ما قادر أفضّى ظروفى وأتفرّغ عشان طوّالى أعرف انها الاسماء دى بتاعة كلاب ومش بتاعة اولادهم او بتاعة زوجاتهم او حبيباتهم او ما ملكت ايمانهم علشان أقول تانى يوم حاجة من نوع "آى هوب يور هزبند از اوكى" او سؤال ن شاكلة "إز يور دوق فاين توديي" . تشابهت على الكلاب والكدايس والناس يا التاج وبقيت أزعل من الكلام المزيّف وفاضى وخمج بتاع ناس الشغل الكنديين والكنديات وبقيت أزوغ من الونسة وأحرّض الباقين انو الونسة لازم تكون Culturally sensitive . وأقرّب أقول ياجماعة الكلب والكديسة (ابوهريرة) فى ثقافة ما نجس ومكروه عشان مايخمونا بالكلام الفارغ والمزيّف المتحمّس بتاع الكدايس والكلاب التى تنوم معهم وتصحى ويودّوها المستشفى لانو أبوي فى السودان (الله يطوّل عمرو) برضو يوماتى بمشى المستشفى وممكن اقول ليهم كل يوم عن البنى آدم دا (مش الكلب او الكديس) واحكى ليهم عنو .... لكين خايف تحت تحت يقولو فى سرّهم "هو كيرز!!"
The struggle over geography is complex and interesting because it is not only about soldiers and cannons but also about ideas, about forms, about images and imaginings
ادوارد سعيد "الثقافة والامبريالية 2004"
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

تعرف يا فاضل
المحنة في الأكل المخصص للحيوانات، وما يجره من خلظ، عندنا واحد صاحباً لينا، قال لي صحبانو جيبو لي ساردين معاكم
من البقالة، لمن جابو لى الساردين، زعل قاليهم انا بحب النوع المرسومة فيهو الكديسة!! أها بعد التحقيق إتضح
أنه ليه زمن بيشارك الكدايس في أطعمتها.
تعرف الحضارة الغربية دي بتسوي للزول ما يعرف ب (Information overload)

.في البقالات بس ممكن تطلع بدون ما تشتري الغرض، لأنك ستجد أن هنالك مليون من الأنواع، بالنعناع و بالصلصة
وبالبيض، وينسحب ذلك على كل شئ، الذباب وأنواعه، الطيور، الداجنات، الدبايب، وهناك فكرة الأرقام المصاحبة
والحروف التي تلحق بلوحات السيارات والمجانين والمساجين وطلبة الكلية الحربية، شارات الشوارع والعناوين،
أذكر أننا كنا نعرف الناسيت، سيقنال تو، ولو بالغت كولجيت، وصابونة اسمها لوكس ولا كامي، وبروت للكولونيا
ون مان شو ولا أراميس للعطر الرجالي، وهكذا.
أنا طبعا عندي فهم أن الحيوانات دي ماهي الا نحن، نعود مرة اخرى الي الدنيا، عشان كده بقيت ما بزعل من الخواجات ديل
متنيا أن لا يعود أحدنا، كلبا في غرب القاش
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة



التصاوير المهاجرة

لصورالرحلات والأسفار، موقع أثير في قلوب الناس، فهي المرجع لتذكر الأمكنة والمواقف والمناخات المتباينة، وهي الواحة التي نلجأ إليها، حينما تجبهنا صعوبات الحياة في بلداننا، أو أحايين يشتد خناق الروتين القاتل على أعناقنا، فنحلم بالمطارات والجزر والأشرعة، وبعض مغامرات خبيثة خضناها في حينها، أو أننا تصورنا حدوثها، وبالغنا في سردها و تصديقها. وللسودانيين خبرة طويلة مع الأسفار والتنقل، منها السياحي، ومنها البقائي، وهو المتعارف عليه بسفر الهجرة والإغتراب، وسفر سريالي إسمه (سفر البن)، لا يعتمد فيه التصوير الفتغرافي. أما السياحي، فقد شابته صبغة (تجارة شنطوية)، وذلك سابق لعهد (الحجة وزوغة)، يقوم به خلق كثير من المؤمنين بمبدأ (الفسحة والفائدة)، حتي برز إلي الوجود إعلان (توجد مع الحاج باروكات)، ولذلك مجال آخر. لم تتعد أسفار السياحة السودانية، بإستثناء سياحة الجُعَصَاء من الناس، حدود مصر واثيوبيا، وبعض دول عربية و أفريقية، إلا أن أعظم السياحات المفيدة، فقد ثبت بأنها السياحة الصينية، وبمجادلة أخرى الماليزية.
تغلب على صور مثل هذه السياحات، النزعة الإقتصادية الإستهلاكية، فمعظم الخلفيات في هذه الصور، أبواب فنادق، أسواق ولافتات ضوئية تحمل أسماءً مثل سوني وباناسونيك، لافتات مطاعم، وحاويات ملونة، حقائب وزكائب، وأكياس تحمل أسماء ماركات شهيرة، حتي ولو كانت تحوي في تلك اللحظة غرضاً غير ما صنعت لحمله، أما المتصورين، فدائماً ما يكونوا في حال إبتسام، وفي أياديهم شئ يؤكل، أو مشاريب تنتصب من داخلها مصاصات شفافة مستقيمة، أو حتي كوب من الشراب الساخن. وتتسم معظم هذه الصور، بضعف في الجودة، خاصة فيما يتعلق بالضوء واحتمالاته، فهي صور تقريرية لا تحتاج إلي جهد، فهي بحالها هذا تفي بغرض الإشارة إلي الرحلة وتزيد، ونادراً ما تتناول مثل هذه الصور صورة علي ظهر مركب، أو جلسة حميمة في ساحة عامرة بالنوافير والحمام، أو إتكاءة عفوية، على نصب تذكارية نحو برج إيفل و بيتزا المائل، أو توثيق لزيارة متحف للفنون الجميلة، وقد لايجوز في مثل هذه الرحلات، صور حضور الكونسيرتات، عدا التي تقام في المولات مجاناً، ولانغفل بالطبع صور السياحة بغرض قضاء شهر العسل، والتي غلب عليها، مشهد ركوب الجمال، بأنواعها، وبعض تأملات علي شط مهجور، إمعاناً في الرومانسية.
أما صور السفر البقائي، فتنقسم إلي عدة أنواع، بحسب إتجاه الهجرة الجغرافي، فالغرب الأوروبي والأمريكي، يتفقان في إنتاج الصورة الأولي، والتي غالباً ما تكون وسط كومة هائلة من الجليد، فصورة (الأسنو) مهمة جدا، ويراعى فيها الإبتسام، فهي بمثابة شهادة إجتياز أول إمتحانات تحدي البقاء، ويلحظ في كثير منها، تعبير التشفي من حرارة الديوم والقماير، المرتسم على الوجوه، وبعض سخرية من قطوعات الكهرباء، وهي "أي الصورة في هذه الحالة"، بمثابة وثيقة الإنتساب إلى العالم الاول المعتمدة. تعقب تلك الصورة، صور مرحلة ما يسمى (بتكوين النفس)، وهذه إستعراضية، يغلب عليها طابع "التحدث بنعمة ربك"، يبدو فيها (عزو)، وقد تطقم من رأسه وحتي أَسافل قدميه، ساق يمني إلي الأمام، مثل نسخة ساذجة طبق الأصل لموديلات (الجي كيو)، أم (موديلي)؟، وفي صفحات الألبوم التالية نعاين، صور التقدم الإقتصادي، وأهمها صورة البورتريه أمام السيارة، وتحضرني هنا قصة صديق، سافر إلي البلاد بعد غيبة طويلة، حاملا معه، الوصايا العينية والشفهية، وكان أن زار فيمن زار لتبليغ الوصايا الشفهية، أسرة رقيقة الحال، أبلغهم التحايا، وطمأنهم علي صحة إبنهم، فكان طبيعيا أن فرحت الأم والأخت، إلا أن السيد الوالد لم يبد أي إتفاق مع حزب السيدتين، ولم يبد أي إنفعال تجاه الرسالة الشفهية، ولكنه لم يخف امتعاضه وهو يقول معلقاً (ياخي لمن ترجع وتلاقي عصام، قوليه ابوك قاليك، نحنا أخدنا كفايتنا من صورك بالبدله قدام العربية، رسل لينا مصاريف الله يرضى عليك).
صور الطعام، جزء اساسي من الألبوم، أعياد الميلاد، الباربكيو الخلوي، داعمات الكوليسترول بأنواعها، وأصناف الكاربوهيدرات، والتي يصر البعض على شرب (الدايت صودا) بعدها، كخطوة صحية ملائمة، وقد أخطأ كثير من حديثي العهد بالبلاد، حين تصوروا داخل مطعم (مكدونالدس) الشعبي الشهير، باعتبارسمعته الراقية الطيبة، في بلاد ما وراء البحار، حتى أدركوا ساعة لافرار، القيمة المتواضعة لهذه المطاعم في بلدها الأصلية، وقد حدث أن دعيت فنانة سودانية شهيرة، زارت هذه البلاد، إلي حفل عشاء على شرفها، فما كان منها إلا أن أعلمت مضيفها مسبقاً بقولها (شوف يازول، أنا ماباكل اي اكل من طرف، نحنا ناس مكدونلد وانت طالع)! فكان أن وفرت علي المضيف، مبالغ طائلة، كان ينوي صرفها عن أريحية وطيب خاطر.
وقد كان أن نشرت لي صورة، قبل فترة قصيرة في موقع إلكتروني، تجمعني وأصدقاء من خيرة أهل التشكيل، وكنت ابدو فيها سعيداً برفقتهم، وبملابسي الصيفية (الكاشوال)، والتي هي من عينة (كالفين كلاين وانت طالع)، حتي أصابني سهم (انعدام الحساسية) السوداني، المشهود له في مقتل، وابت قوانين إختلاف الذائقة الملابسية، غير الوقوف حجر عثرة أمام تعليق من أحد البني كجة، لا أعرفه من آدم حتى يمازحني، بوصفي (كمساري ابورجيلة)، فقلت لنفسي مطمئناً مهدئاً معزياً، لعله من جماعة مكدونالد وانت طالع، وأن لكماسرة ابو رجيلة، الشرف الباذخ، ورفع القبعات، شكراً على خدمتهم لشعب السودان، واحتمالهم للسخف المعروف عنا، نظير دريهمات لا يقمن من جوع، ليتنا نقدر على رد جميلهم.
وقد إستشرت حمى التصوير الفتغرافي بين المهاجرين، حداً جعلهم يصورون، كل ما يقع تحت ناظريهم، و لكنني لا أدعي بأنهم الوحيدين القائمين بهذا العبء الفني، فحمى التصوير قد إجتاحت العالم كله، فنحن مثلا في "جمعية المصورين السودانين"، نتلقى مئات من طلبات الإنتساب، بشكل يومي، وقد بلغت عضويتنا حتي هذه اللحظة، ما يزيد على السبعة آلاف مصور عامل، والوف تنتظر.
أما البقائيون الشرقيون، فقد بدأت تصاويرهم منذ لحظة جلوسهم في مقعد الطائرة، وشباكها المحدب، وبعد اسبوع واحد من الوصول، يبعثون بصورة التوبة، وهي صورة أمام الحرم المكي، يبدو فيها الشخص وقد التف ببشكير أبيض كبير، لا تجده في أي مكان في العالم، وعلى وجه المتصور تبدو، إبتسامة الغفران وعلامات الإيمان الفوري، وبشائر الريالات. يلي ذلك في صفحات الالبوم، التصاوير المنزلية الداخلية، ويلجأ إليها الناس عادة، بسبب من حرارة الجو، واحتراما لبعض تقاليد محلية مرعية، إلا اننا نستثني منها صورطرقات النقل السريع، وبورتريه الشاحنة (طمنطاشر عجل)، البائنة من على البعد، وهذه تؤخذ عادة، عند مناسبة التوقيف الشرطي، المفاجئ.
نتعرف في الصور الداخلية، علي اللوحات القرآنية المعلقة، وكمية من الطواقي، اكواب للشراب، علب الدخان، ومزاج الأثاث المتشابه، وستائر سميكة مزركشة، و اوراق كوتشينة، وبجانبها ريالات،غير بريئة التواجد.
بالنسبة للنساء في كلا الجهتين، الشرقية والغربية، فالصور المعروضة نادرة نوعاً، يغلب فيها الحجاب، بطرزه المتعددة، والجينز من نوع ما تفضله (جينيفر لوبيز)، وغالباً ما تتكون الصورة، من ثلاتة وجوه ملتصقة ببعضها، يبتسمن فيها، أكثر قليلاً من فتحة الفم في صيحة Cheese الشهيرة، وبقدرة قادر، تظهر رسومات الحناء في الصورة،
الصورة الغربية تحفل ايضاً، بالإهتمام بالنصب والعمران الشاهق، وفي هذه يشترك كل (بني كجة العالم الثالث)، وذا نفس المبدأ الذي أوحي لكثير من مصوري السودان، أن (يهروا) برج الفاتح (هرياُ) بالتصوير، حتى سقط عنه الطلاء، ومثل هذه الصور، لا غرض لها سوى الغرض التقريري، شاهدة بانك كنت هناك، أو أنك لاتزال هناك، وحقيقة أنك هناك ولست هنا، حقيقة تستاهل الإحتفاء بها، والتذكير، فما أصعب (الإنفكاك) من هذا الذي اسمه السودان.
صورة العضو الرمزية
الصادق إسماعيل
مشاركات: 295
اشترك في: الأحد أغسطس 27, 2006 10:54 am

مشاركة بواسطة الصادق إسماعيل »

العزيز تاج السر

أبان إقامتي في دولة ارتريا والتى امتدت لستة سنوات وقفت على عادة عجيبة من ضمن طقوس الضيافة، فما أن تطأ قدماك لأي بيت ارتري تجدهم يتسابقون لضيافتك بقهوتهم الشهيرة وبعد تناول القهوة يقدمون لك (البوم صور) وربما أكثر من واحد، ويقصون عليك وأنت تستعرض الصور /ىلات الشخوص المصورة.

حيرتني هذه العادة ولم اجد لها تفسيراً مناسباً، ولكنى ارجعتها في النهاية لكثرة الموت بين صفوفهم جراء النضال الطويل وربما تكمن الفكرة في العبارة التى طالما وضعناها كإمضاء على الصور "تفنى الجسوم وتبقي الرسوم".
Ahmed Sid Ahmed
مشاركات: 900
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 3:49 pm

مشاركة بواسطة Ahmed Sid Ahmed »

عزيزنا تاج ، سئلت طفلة صغيرة : هل تحبين التلفزيون أم الراديو ؟
أجابت : أحب الراديو .!
قالو ليها : ليه ؟
قالت : الصورة فى الراديو أحلى.! ( قصة حقيقية )
فى كتابتك برضو الصورة أحلى.!
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

الصادق اسماعيل الصديق
تحياتي
من تحربتي العملية هنا، فقد لاحظت أن معظم المتصورين عندي، هم من تلك المناظق (اثيوبيا، ارتريا)، وأنهم ياخدون
مسالة البورتريه الشخصي والجماعي بجدية، فعندي كثيرون يتصورون سنوياً في ميعاد ثابت، ويبدو لي أن نفس الالبوم
يتكرر حدوثه في مناطق مثل فلسطين مثلاً، بنفس الفهم الدي اقترحته، والدي أعتقد بأنه صحيح لدرجة عظيمة، الامريكيون
مثلا يحتفظون في صناديق الأحدية، بصورهم، وهو تقليد قديم، يبدو ان نفس المبدأ ينطبق عليه، الحرب العالمية، و العنف
القتالي في الغرب، والحرب الأهلية، حتى ظهرت الصور المتحركة، المعرفة بالسينما، وقبل كل دلك، الرسوم الواقعية، والتي اشتهروا بها،
ومن اشهر رساميهم الواقعيين، نورمان روكويل، ولا تزوال مرسوماته عن الناس باقية الى اليوم. عموما فهو مبحث عميق
سنحاول التعرض اليه في الانثولوجيا السودانية، والمعنى المتخفي وراء البورتريه السوداني ودلالاته.
شكرا لك
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

الفنان الصديق أحمد سيد أحمد
تحيتي ومحبتي
الراديو احبه شخصيا الى اليوم، والتلفزيون سددناه قبل اطناشر سنة او يزيد، عقب محاضرة
عن دوره في ترسيخ البلادة لدي الاطفال، ومن يومها وعيالنا وفراسخ بينهم وبينه، فتعافوا من ادمانه
وانتبهو الي دراستهم، والطفلة المعنية في تمثيلك، طفلة نابهة، فامر انتزاع الصور من الحكي، تسهم في توسيع
الخيال والعقل والادراك، شكرا لسعة ادراكك وعمق خيالك.
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

تاريخ المعرفة 2

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة



تأريخ المعرفة

أرض المحنة

...قضيت زمناً يا أيها السكون المهيب، أشهد المجد يحور تراباً، ورماداً، وذكريات توقد جذوتها الأغنيات
جاهدة بين الفينة وبين (أرض المحنة)، قالوا أن ( زيدان) اقتبس طريقته في الغناء، و كان هو قد اقتبس (أبراهيم عوض).
يدركها الكلال مع مغيب الشمس، مهجتي، فتنثال هواءً تتنفسه المدينة التي تلسعني بحزنها الساذج العفيف
ونهرها ينطوي، وهو يغادر يأسها، مثل ساعد يظهر فتننة داؤود حين يصرع الفلسطي
والشجر الأخضر يحف جانبيها مثل طوق من بهجة هوت، أو تكاد
ومن زرقته يحدثني الموج، عن الهضبة، والجوع الذي يمسك بتلابيب الأطفال، ملون بألوان بالوصايا العشر في متن ألواحها الأصلية
والمسادير حينما يصل الى عرب الشرق، يزاولون (النضم)، حتى تتلون اللغة بفعل متعد وفعل لازم، وفعل لا فعل له.
هل تبدو فتنتك في عيون الناس مثلما تبدت لى؟؟
أم أنك ناشز، تعودين في كنف المساء، عابقة بعبير الضرائح، تحملين الطعام الى المرضى في المشفى الحكومي؟؟
وتناضلين في سوح الشهداء، وسوق (ام سويقو)، وفريق (سانتوس)، و( حلة محجوب)
بالهتاف والرسم على الحوائط البالية، أم أنني سأغرق أحزاني عمدا في اثداءك التي تشبه إكسير الحياة؟
تباركت ايتها السنة المحل، أخت السنين العجاف، اللواتي سيعقبهن أعجف وأشد محلاً منهن
يندر ( المقد) و (وزن عشرة) والطير الذي يأتي من عشم الضيف وصهد الصيف
جاء (خليل) يحمل المرهم البلسم الشافي، لقروح في رأسي، مسح على البثور وتلا مالم ادرك من فرط الألم
دعا مارداً يقال له (عوج)، يبيع الكتب جوار (سليمان وقيع الله) في سوق التشاشة، أسلم وصار يشرب الليمون البارد
حتى أدرك موسم (اللقيط)، فصبر على الهاجرة و( البني كربو)، واشترى الراديو الترانسستور، و عقد العزم على عودة للجبال ما تمت.
و في الصباح كانت البثور قد جفت على رأسي بفعل السحر، وحين جاء (خليل) ليطمئن على، نمت فرحته مثل أعواد (العوير)، وأزهاره التي لاتثير اهتمام أحد.
في حوش الخليفة طه، ووجهي في المرآة، والرجال يتبادلون البرزنجي بين اياديهم، ورأسي نصف الحليقة مثل واحد من محاربي الأباتشي،
قرأت ما تيسر، وهتفت معهم في الختام (اللهم أغفر لنا ما يكون وما قد كان)، مددناها طويلاً، حتى حننا إلى وحشة السكون.
ملأت فراغات المدونة الطبيعية، بحديث عن المواسم والثمار ليس من بينها عنباً وزيتونا وقضبا
وعلقت على الحائط صورة علي ابوجريشة و صالح سليم، هدية مجلة سمير
وانتزعتها في مساء اليوم التالي، ووضعت صورة بابكر من تصاوير عثمان بحر بأعلام الأوسط
واولاد الله جابو، والأسيد سنطة وابرهيم بدوي الحارس، الشهير بأبو حمامة.
وفي طريق التراب الممتد أمام بيتنا، تباهى سليمان رحمة الله و صديقه ابراهيم دبيو، بدراجتيهما المتشابهتين، حتى في اللون،
فينيكس، ماركة الثعابين يقولون، ولكنه تنين ينفث النار من رؤوس عديدة، عربون انضمامهما للنادي الأهلي، لم تسع الدنيا عبد الله شريعة خال الأول، فرحة بأنضمام ابن أخته الى الأهلي.
جرى الأهلي في أرواحهم مثل الدم في العروق، إخوانه دانبا والهادي سليم وبله سليم، وكانوا جميعاً على خلق رياضي عظيم.
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة






أسد الخُشش السوداني يهاجر إلى هوليوود


من أمتع الكتب التي قرأتها مؤخراً، كتاب الاستاذ المرحوم كمال محمد ابراهيم، أول سيناريست ومخرج سوداني بقسم الإنتاج السينمائي بوحدة أفلام السودان، وعنوان الكتاب التوثيقي الرائع (السينما في السودان، ماضيها، حاضرها، ومستقبلها)، بدأ مشيراً إلى بدايات علاقة السودان بالسينما بالقول (جاء في مذكرات السير ستيوارت سايمز الحاكم العام للسودان، في مؤلفه "جولة عمل" إن أول عرض سينمائي في السودان، تم بتوجيه من اللورد كتشنر عندما كان في زيارة للسودان في مهمة رسمية عام 1911 وكان ذلك لفلم إخباري قصير صامت تم عرضه في مدينة الابيض ضمن الإحتفالات التي اقيمت بمناسبة إكمال مد خط سكة الحديد إلى هناك، ووضح الفلم مقابلة الملك جورج الخامس ملك بريطانيا العظمى لبعض الأعيان والمشايخ من أهل السودان، في ميناء بورتسودان)
يواصل موثقنا العظيم سرده فيقول (لا يعني البتة أن ذلك التاريخ كان بداية للعروض السنمائية في البلاد، غير أنه كانت تقام عروض لأفلام صامتة بعد منتصف العشرينات على سينما سكيتينج رينق بالخرطوم، لصاحبها عمانويل ليكوس اليوناني الجنسية) ويمضي السرد الشيق، يحكي عن إنشاء سينما كليزيوم، و النيل الأزرق الشهيرة بالبلونايل (حوالي عام 1934 أسست المؤسسة العسكرية البريطانية (نافي) داراً للسينما في الثكنات الجنوبية للجيش الإنجليزي، سميت سينما البلونايل، وكانت خاصة بالرواد من أفراد الجيش الانجليزي، والمدنيين من الإفرنج، تحت إدارة ليكوس، ولم يكن مسموحاً للمواطنين دخولها ومشاهدة الافلام المعروضة لأسباب سياسية، إذ كان قصد الحاكم البريطاني آنذاك، إبعاد عامة الجمهور السوداني من مشاهدة أفلام ربما تعطي فكرة سيئة عن الرجل الاوروبي، حسب فهم وأخلاقيات الرجل السوداني العربي المسلم، كما كانت السياسة في عمومها تخطط لترك السودانيين في عزلة عن العالم الخارجي، وايضاً بقصد حرمانهم من جني ثمار الثقافة والمفاهيم التي تعبر عن الحرية والوطنية خوفاً من تحولهم من احترام وتقديس الحاكم البريطاني إلى إنفتاح وفهم حضاري ليس في صالح المستعمر). ويوضح ذلك بقوله (أذكر أن شركة ليكوس في نهاية الثلاثينات تقريباً كانت قد استوردت فلماً أمريكياً تدور أحداثه في الكاريبيان يسمى الهاركان (Hurricane) بقصد عرضه على جمهور سينما الكليزيوم، نسبة لما يحتويه الفلم من مشاهد بطولية ومغامرات مثيرة خلال عاصفة الهركان الهوجاء، وعند عرضه على رقيب الأفلام البريطاني، وهو أحدموظفي مكتب السكرتير الإداري، لم يوافق على عرض الفلم في السينما التي يرتادها عامة الأهالي، ومن ثم تم تحويل الفلم لعرضه على شاشة البلونايل)
يمضي الكتاب في سرده الدقيق الممتع، مشيرا إلى أنشاء شركة السينما السودانية في نهاية الحرب العالمية الثانية، وظهور السينما الاسكوب ونشاطات الهواة والنقاد الأوائل ومن بينهم اتى على ذكر السد محمد أحمد محجوب طيب الله ثراه، والدكتور عبد الحليم محمد، وتناول الكتاب مواضيع شتى، من بينها السينما المتجولة، والتعاون في مجال السينما بين مصر والسودان، والسودان في السينما العالمية فيقول (في عام 1932 قامت شركة بريتيش انترناشونال بالتصوير في منطقة وادي حلفا وما جاورها على نهر النيل، لفيلم أقتبست قصته من قصة للكاتب الانجليزي آرثر كونان دويل، وكان عنوانها مأساة الباخرة كوروسكو، Tragedy of the Korosco ، وفي عام 1938، قامت شركة لندن فلمز، لأصحابها اخوان كوردا، بتصوير فلم الريشات الأربع، بالألوان و الصوت في منطقة السبلوقة، وساعد في التنفيذ ضابطان من قوة دفاع السودان هما اليوزباشي عبد الرحمن القكي واليوزباشي أحمد بشير طمبل، رحمة الله عليهما، وأحد الأعيان من المنطقة هو السيد سرور رملي الذي اسند إليه دور ثانوي في الفلم).
أما أطرف ما قرأت في الكتاب، فقد كان فصل أسد شركة مترو قولدوين ماير، حيث يذكر الكاتب بالقول (أثناء زيارتي لمدينة السينما قبل ثلاثة أعوام تقريباً، إتصلت بي رئيسة إحدى مؤسسات المجتمع المدني التي تعنى بالتراث الفني الأمريكي، لتحدثني عن اصل الأسد المسمى "ليو"، وهو العلامة التجارية الصناعية لشركة مترو قولدوين ماير الشهيرة، يظهر الأسد في بداية كل فلم من إنتاج شركة مترو، بصرخاته الثلاث، معلناً بداية الفلم، مات هذا الأسد ودفن في مدينة "نيوجيرسي"، شرق الولايات المتحدة، وهي مدينة مروض الأسود والحيوانات المدعو فولتي بايفر، وقد اشتراه شبلاً لا يزيد عمره عن اربعين يوماً، كما قالت السيدة، من إعرابي متجول في الصحراء قرب مدينة بورتسودان، وكان ذلك في العام 1917، وقد تم تدريبه بعد نقله إلى أمريكا، وعندما كبر الأسد السوداني الجنسية، إشترك في عدة أفلام مغامرات انتجتها شركة مترو، ونسبة لإعجاب أحد مؤسسي شركة مترو قولدوين به، فقد اختاره رمزاً للشركة، وهكذا اصبح الأسد السوداني معلماً لأكبر شركة إنتاج وتوزيع وعرض سينمائي في العالم قبل تصفيتها).
ملحوطة:
هسي الأشبال كلهم و ألأحفاد عندهم قرين كارد.
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

Quote

النيل الأزرق الشهيرة بالبلونايل (حوالي عام 1934 أسست المؤسسة العسكرية البريطانية (نافي) داراً للسينما في الثكنات الجنوبية للجيش الإنجليزي، سميت سينما البلونايل، وكانت خاصة بالرواد من أفراد الجيش الانجليزي، والمدنيين من الإفرنج، تحت إدارة ليكوس، ولم يكن مسموحاً للمواطنين دخولها ومشاهدة الافلام المعروضة لأسباب سياسية، إذ كان قصد الحاكم البريطاني آنذاك، إبعاد عامة الجمهور السوداني من مشاهدة أفلام ربما تعطي فكرة سيئة عن الرجل الاوروبي، حسب فهم وأخلاقيات الرجل السوداني العربي المسلم، كما كانت السياسة في عمومها تخطط لترك السودانيين في عزلة عن العالم الخارجي، وايضاً بقصد حرمانهم من جني ثمار الثقافة والمفاهيم التي تعبر عن الحرية والوطنية خوفاً من تحولهم من احترام وتقديس الحاكم البريطاني إلى إنفتاح وفهم حضاري ليس في صالح المستعمر).

Unquote


This is very interesting information ya Taj

وينك ياخى طوّلت مالك من هذا الخيط المبهِج خفيف الظل واظب قدر ماتقدر على حضورك الافتراضي فيه virtual presence

ينوبك ثواب جزيل

باقى لىْ مداخلتك الاخيرة "فتلو فوووق" حاول قصّر السطور كان تفك الفتلة ...
The struggle over geography is complex and interesting because it is not only about soldiers and cannons but also about ideas, about forms, about images and imaginings
ادوارد سعيد "الثقافة والامبريالية 2004"
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

الفاضل الهاشمي كتب:Quote

النيل الأزرق الشهيرة بالبلونايل (حوالي عام 1934 أسست
المؤسسة العسكرية البريطانية (نافي) داراً للسينما في الثكنات
الجنوبية للجيش الإنجليزي، سميت سينما البلونايل، وكانت خاصة
بالرواد من أفراد الجيش الانجليزي، والمدنيين من الإفرنج، تحت
إدارة ليكوس، ولم يكن مسموحاً للمواطنين دخولها ومشاهدة الافلام
المعروضة لأسباب سياسية، إذ كان قصد الحاكم البريطاني آنذاك،
إبعاد عامة الجمهور السوداني من مشاهدة أفلام ربما تعطي فكرة
سيئة عن الرجل الاوروبي، حسب فهم وأخلاقيات الرجل السوداني
العربي المسلم، كما كانت السياسة في عمومها تخطط لترك السودانيين
في عزلة عن العالم الخارجي، وايضاً بقصد حرمانهم من جني ثمار الثقافة
والمفاهيم التي تعبر عن الحرية والوطنية خوفاً من تحولهم من احترام
وتقديس الحاكم البريطاني إلى إنفتاح وفهم حضاري ليس في صالح المستعمر).

Unquote


This is very interesting information ya Taj

وينك ياخى طوّلت مالك من هذا الخيط المبهِج خفيف الظل واظب قدر ماتقدر على حضورك الافتراضي فيه virtual presence

ينوبك ثواب جزيل

باقى لىْ مداخلتك الاخيرة "فتلو فوووق" حاول قصّر السطور كان تفك الفتلة ...
The struggle over geography is complex and interesting because it is not only about soldiers and cannons but also about ideas, about forms, about images and imaginings
ادوارد سعيد "الثقافة والامبريالية 2004"
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

سلام يا هاشمي
أشكرك جزيلاً على اهتمامك بالخيط ومتابعته، تعرف الحضور الإفتراضي ده اصبح ثعبا
مع مكابسة المعايش في بلاد العم سام/ مع متابعة كتابي الجديد، والرسم والتصوير
وسيد اللبن :) ومتابعة وقائع العيش في السودان، والفسبكة، نحاول جهد الطاقة أن نفي بالتزامنا به
عموما حسن موسى في زيارته السالف ذكرها لنا، حفزني على المواصلة فيه، حينما صرحت له بانني
أنوي تكملة الخيط ونشره في كتاب، وحجته مقنعة في أن الناس في السودان يقرؤون ويتابعون
فلا أقل من نشر الكتاب كله هنا، وسنزود الخيط بأعمال معاصرة لفنانين شباب من مجموعة المصورون السودانيون
لك الود
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

Freedom overspill

صورة
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة عبد الكريم الكابلي


صورة


يا هاشم الحسن
سَمِي سيدي هاشم وأبوك الحسن، أظله الله بالرحمة، لو ما(طمسَتَك المخبورة، يزورو فيك)، وبيانك لسانك الذرب وعقلك المتوهج، فإن صفت جوانحنا، وهدأ روعنا ونامت عيون الحارسيك، من نشوة صبا (الكوري) وزمرته (العمة والخال)، وهو يتهدد الكوكب بالنووي، لصحنا وبصوت واحد حبينا عشانك كسلا

ولكن من أين لنا بدكتاتور مستنير ولو إسمه (شاكا زولو)، نتحد حول رايته، ونصدق في روايتنا، حنبنيهو البنحلم بيه يوماتي،
بيت من ثلاثة طوابق، ( كلما سألوني عنه أجبتهم بطابق آخر).

سمعت أنك تركت الربع الخراب، أو الخالي، واعتزلت الرمال الكثيب، كم كانوا سعداء برفقتك، يقول لي كمال، اصدقاء البيطار القارح، في إمارات الذهب الأسود، وحين أفردت أشرعتك غير آسف لفراق الجليد، أسفنا نحن لفراقك، وأحمد الرضاب لم نسعد به ينشأ بين أخوته ابناءنا، وبما أنكم (خلفا أولاد خلفا)، فإن خلافته جاءت بشارتها من تكساس، معولمة، حذوك النعل بالنعل، والحافر بالحافر، دون أن ينتقص حقه في القاش وتوتيل، ثم آمنة، جاءت تحمل خيرها ورزقها في يمينها، ونخل وسواقي، وحل وثاقِ، وهي أعلى درجات الميلودية والميلودرامية، في كل أغنيات (كابلي)، وقد يقول قائل غير ذلك، حكي قصته مع القصيدة، قبل عدد من الاسابيع، في حفل خصوصي، إفتقدك مقعدك ليلتها، سيسمعك القصة بنفسه عندما تأت لزيارتنا، فهو معنا هذه الأيام كما تعلم، قبل أن تلتقي بفنه، ستلتقي بتهذيبه، مهذب يا هاشم هذا الرجل، زول شرق منكم، يجعلك تتمني أن تعيش معه في سلام نفسه، لو افسح لك مجالاً، مثقف حد الثقافة وتنوعاتها، تصاريفها تعارضاتها تلاقيها تلاقحها وتداعياتها، مطبوع ومسكون وممسوس بالجمال والعذوبة، يبتسم ثم يغني، ثم ينشد من نظمه شعرا رقراقاً، متى ما أدرك مقعداً، تخلى عن العصا التي يتوكأ عليها، فتسكن آلام ظهره، وتخلد إلى الكرى أوجاع ارواحنا، ونغني معه حتى آخر المقطع.

(ضياء) العراقي صاحب مكتبة الحكمة -تعرفه يا هاشم - (شرقان) بالكابلي، أكاد أجزم بأنه يحلف به، رفع رأس السودان يارجل، في (منتدى الحوار العربي بواشنطن)، في كل مناسبة شارك فيها، غناءً أو حديثاً سيان.
حدثوني بأنك بعد رحلتك (العوليسية) من مضارب الادروب، القيت بعصا ترحالك في بلاد (الرقاب الحمر)، ومن قتل (جي آر)، وبلوز(ستيف راي فون)، حدثتك حينما أعجبك (إريك كلابتون)، في الشورت القصير، على خشبة المسرح في مهرجان ما، قلت لك بأنه قد ورث الصوت والاسلوب في عزف الجيتار(كط اند بيست)، مثله مثل استيف(المعترف بالامر دون اعتراض) وحتى ساعة موته في حادث تحطم طائرة، قلت ورث عن (البرت كنغ)، وهو(النحدثك)، واحد من ثلاثة ملوك، والآخرين(بي بي كينغ، وفريديريك كنغ)، كنيته (البلدوزر المخملي)، نسبة لضخامة جسده، ورقة أدائه الفني، ولد في مزرعة للقطن، في غرب قاش يتوسط ولايتي انديانا ميسوري، نشأ في (فوريست سيتي) بوبلايةأركنسا،) كما ينطقها أهلها، وأثقفهم (ويليام جيفرسون بليث الثالث) الشهير ب (بيل كلينتون)، ثالث ثلاثة هم أصغر الرؤساء عمراً في تاريخ رئاسة هذا البلد، وهو فوق علمه وثقافته، وحبه لأشعار (إدغار الان بو)، و (ولت ويتمان)، يعشق الجاز والبلوز، ويعشق (اريثا) و(بوب ديلان)، وحينما عزف اغنية (بيلي هوليداي (God bless the child) ، في لقاء تلفزيوني، سقط الشعب الاسود بأسره في حبه، وكتبت (مايا أنجلو) في شأنه
Still I rise

إنت اخبارك شنو؟؟
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

لماذا نصور؟

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة



لماذا نصور؟؟

ذات نهارصيفي في واشنطن دي سي، كنا في مهمة عمل، شخصي وزميلتي الأفروميريكية السيدة (ساندرا)، ساندرا إمرأة ساخرة حد المرارة، لا يعجبها العجب، ولا الصيام من اصله، في رجب أو في غير رجب، الشمس مشرقة، والسماء زرقاء كما تبدو في بطاقات البريد تماماً، والسحب منتقاة من مسلسل (السمسوناب)، بيضاء تبدو كالعهن المنفوش، والسواح من كل حدب وصوب أتو، ومن كل بلاد الدنيا، وكل الولايات، يذرعون ساحات (المول) طولاً وعرضاً، يتفحصون أحجار الطريق فكأنما يبحثون عن خاتم سليمان، يتجولون بين المتاحف، راجلين ومن على سطوح البصات ذوات الطابقين ناظرين، وفي داخل المتروباص المعدل الذي يمشي على إطارات مطاطية، مستسلمين إلى دراية السائق والدليل السياحي، وبين كل ذلك، الباعة الصامتون الجالسين داخل مقطورات بيضاء، تتفتح منها ابواب في كل جوانبها ترتفع إلى السماء، والمتشردون يسألونك في أدب، عن (الفكة) التي تقعد في قعرجيبك، فكأنهم يعرفونها وتعرفهم، وكأنك لن تحتاجها، آلات التصوير معلقة على رقاب تسعين بالمائة من القوم، عدا التلفونات وادوات تصوير اخري مما (يقول الشعراء)، وبين القوم نسبة عالية من المتقاعدين، أو ممن يطلق عليهم تأدباً إسم المواطن الكبير (ترجمة قوقل: سينيور سيتيزين)، رتبة تلحق على من تجاوز الستين، وهي رتبة طيبة، تعينك على شراء كثير من الأشياء باسعار مخفضة، أو أن تكون عسكرياً، فتصيب الفائدة ذاتها، إضافة إلى الإلكترونيات.
ظلت السيدة ساندراترقب في اهتمام شديد وعجيب في الوقت ذاته، الرجال والنساء المتقدمين في العمر، وهم منشغلون بتصوير النصب، والآثار الأرضية التاريخية، والرموز الوطنية، ارصفة الآجر، وكلما يقع تحت
طائلة أنظارهم، وحينما تملكني الفضول واستبد وطغي وتمادى على قدرة الصبر عندي، كان طبيعياً أن أسألها، الحكاية شنو؟ لعل شيئاً في الأمريبدو ولا يكون، أجابتني وهي تجذب نفساً عميقاً، ينفث سخطاً وتبرماً، وتبدت نظرتها الساخر وهي تمط شفتيها وتدور فمها، وصحبت كل تلك المظاهر (غزة الكيعان)، رمقتني في تحد وأجابت
(الناس ديل بصورو في شنو، كلها سنة ولا سنتين ويموتو)!
فلم أحر إجابة، فانتصرت، وبدا ذلك جلياً في بريق عينيها وابتدارها للسير بساقين معتدلين، على طريقة (مارش).
فجر سؤال السيدة ساندرا في نفسي، احاجِ وأسئلة، قد تراود أي برهمي عتيق، انصب جلها حول كنه الحياة، وتقلصت كل تلك التساؤلات في نهاية اليوم، فتلخصت في سؤال وحيد، لماذا نصور؟
وازداد عبء ضغط السؤال، خاصة وأن رياضة التصوير في السودان، فاقت كل رياضة شعبية عرفها شعبنا منذ اكتشاف لعبة (سكج بكج)، مروراً بغنيمة كرة القدم الاوربية، يهتم بممارستها كل من يحمل موبايلاً، وكل إنسان وله (حديدة)، وأحتفل الناس بهذه النزعة التصويرية، بجملة من تراث الحكومات البالي يقول منطوقها (تعالو نوثق)، ومن أجمل ما رأيت في شأن التوثيق، رسماً كاريكاتورياً لرجل يغرق ويموت، والناس منشغلين بتصوير الحدث، دون أن تمتد يد أحد منهم لإنقاذه، وفيديو لإمرأة سودانية تم جلدها على مرأى من الطائفة، فلم تفت شعوب العالم فرصة التلذذ بصراخها الذي شق عنان السماء.
وقبل أن نلج وغي الإجابة على سؤالنا الرئيسي، أو حتى محاولة التحايل على مدواورته، فقد وجدت نفسي معتقلاً سياسياُ في ساحة التوثيق، وعز على أن افارقها، دون أن أعرج على قصة صديقي المفلس، والذي كان كلما ضاق به الحال، حكى قصة جده، بعد أن يسب سنسفيله، وكيف أنه كان يمتلك كل قطع الأراضي السودانية النادرة ... يقول (ياخي من سجن كوبر ده لغاية الباقير، كان حق جدي)، ثم يضيف (لكن للاسف قضاها شراب مريسة، ما وثق ليها)، وجاءت الحكومات المتعاقبة، فقالت (ورق توثيق مافي، أراضي مافي)، ومؤخراً وبعد ان تضاعف عدد المفلسين في الجمهورية التي لاتغرب عنها الشمس، حتى ينضج الخلق، تم تداول (الوهمة) بين الوف من الناس، فحازوا من الاراضي ما بدا لهم، ونامو في غرف ضيقة، أو تحت رحمة البعوض، والسيول، وهم يسبون الجدود ووطن الجدود، دون ادنى شعور بالذنب. وقد تعجبت في السابق كثيرا من عدم إهتمام عرسان دول العالم المتحضر، بتوثيق مناسبات الزواج عن طريق الفيديو، والإكتفاء عوضاً عن ذلك، بالصور الثابتة، حتى تزوجت وانقضت من عمرزواجي خمس سنين، فكان آخر ما أوده، مشاهدة تلك الحادثة موثقة على الفلم.
أما نوع التوثيق الذي ظل يدهشني و يمتعني على مدى السنين، وبما أنني أعني كثيراً بالفن والفنانين، فقد كان طبيعياً أن يكون التوثيق لبعض عظماء قبيلة الغناء والموسيقي من المفضلين لدي، ولأن مثل هذا التوثيق غير متعارف في تلفزيوناتنا بسبب من احتلال رؤساءنا لكل المساحات، ومن بينها محاولاتهم الجمع بين العرضة والجبجبة والمون ووك، فقد اكتفيت بالغناء الغربي، فوجدت ارتالا من الوثائقيات المنفذة بعناية واحترافية، تتمحور كلها في تتبع بدايات الفنان، ونشأته، والظروف التي شكلت وصقلت موهبته، وقد يشترك الكثيرون، وخاصة السود، في المعاناة العنصرية والفقر المدقع، وقد تختلف الطرق والوسائل التي اتخذها اي منهم لاكتساب الشهرة، ويتم التوثيق عادة، بالإستعانة بأصدقاء ومعاصري وأفراد اسرة الفنان، وقدامى عازفين ومديري أعمال ومتنفذين في شركات التسجيلات، يدلون بشهاداتهم وذكرياتهم مع الفنان، إلا أن كل حلقات التوثيق، لم تغفل أن تتناول شيئاً مشتركاً واحداً، يجمع كل هؤلاء الفنانين، وهو جاذبيتهم الجنسية، يدلي بالشهادة دائماً وفي منتصف الحلقة تماماً، رجل مهردم الأسنان، مغبر فكأنما بعث لتوه من مقبرة، ودائماً ما تكون شهادته على هذا النحو: والله المرحوم النسوان كانو بجدعو لباساتن في المسرح لمن يظهر!
تصورت في خاطري لو أن شيئاً من هذا يحدث عند توثيق سير فنانينا، خلف الله حمد وبقية العظماء الراحلين، فهززت رأسي عجباً، فمحاسن الموتى تختلف من بلد لآخر.
عقد من الزمان مضي قبل أن اقترب من الإجابة على سؤال السيدة ساندران والذي بدا في لحظته مجيباً على نفسه من داخله، فهو إفتراض بعدم جدوى ممارسة التصوير، لقوم يعيشون آخر لحظات حياتهم، فكأنما الإستمتاع بمرأى تحولات الضوء، قصر على الذين يعيشون طويلاً، ولكن ما يدريك أن صبيا قد يموت قبل معمر بلغ الثمانين وما ابالك يسأم، عقد من الزمن مثل أطول فترة قضيتها في البحث عن إجابة لسؤال،
ليس لصعوبة في السؤال، او لكسل عقلي يعتورتفكيري، ولا لأي ذريعة من ذرائع الشعور بعد أهميته، ولكن بسبب من أن حلول بعض المعضلات والقضايا، تحتاج إلى زمن طويل من الإختبار الحياتي (ودوننا تاريخ التطور البشري شاهداً على ذلك)، حتى الوصول إلى نتائج مقنعة بشأنها، ولأن بعض الاسئلة تأتي مشفرة بإجابات لا تكون حاسمة إن لم نقل مضللة.
في العشر سنين التي مرت منذ أن القت السيدة ساندرا بسؤالها، تبين لي، أن للفن قدر تأهيلية، تتوفر لممارسه أولمتلقيه، بمتلازمة الشغف و الحضور، سواءً كان ذلك الفن سمعياً أم بصرياً، وأن إرتباط الإنسان بالحياة عبر آليات الفن المتعددة، يضيف بعداً مهماً إلى علاقته بالكون والكائنات، وقد يفسر جزءاً من كنه الوجود لا يتأتي لمن لم يخبر التجربة، ولمن لم يتوقف خلال مسيره في دروب الحياة، متأملاً الحركة المتجددة للكون من حوله، الشروق، الغروب، حركة السحب و تعدد تشكيلاتها، السحنات وتعابير الوجوه، المباني والشجر، وقد يسال متسائل: ما الذي يعني الإنسان من كل ذلك؟ أقول يعنيه وجوده المباشر وإحساسه بالإستمرارية، وإلهامه الإندغام في هذا الهيولي الذي هو الأبد والسرمد، وهذه منطقة تنتفي فيها فكرة العمر تماما، وتصبح عملية ممارسة الفن، أقرب إلى العبادة منها إلى ممارسة العلوم التطبيقية، أو (الكرافت)، ويصبح جلياً أن علاقة الإنسان بالأشياء من حوله، والتي قد تتغطى طبيعياً بغبار الرتابة، لا يجد معها الإنسان مناصاً، غيرالإقلاع عن الرؤية التي يمارسها من موقعه القديم، ومشاهدتها والتدقيق في تفاصيلها، بروح وموقف معاصر، فالحياة تتغير و تجدد من حولنا بشكل يدعو إلى الإعجاب، وقد لايكون أي زمن مناسب، مثل الذي يتاح لمعظم هولاء المتقاعدين، الذين استهلكتهم وظائفهم في الماضي، فلم تتوفر لهم ثانية يتيمة، لرؤية وردة واحدة تتفتح.




حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

Re: لماذا نصور؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »

تاج السر الملك كتب:صورة



لماذا نصور؟؟

وقد تعجبت في السابق كثيرا من عدم إهتمام عرسان دول العالم المتحضر، بتوثيق مناسبات الزواج عن طريق الفيديو، والإكتفاء عوضاً عن ذلك، بالصور الثابتة، حتى تزوجت وانقضت من عمرزواجي خمس سنين، فكان آخر ما أوده، مشاهدة تلك الحادثة موثقة على الفلم.






معليش يا تاج السر
قالوا التسوّي إيدك يغلب أجاويدك!
و الله لو كان لك من عزاء في هذا الأمر فهو في كون مساند التسجيل الرقمي تتطور بسرعة هائلة بحيث إنو بعد خمسة سنوات قادمة لن يتمكن أحد من مشاهدة الفيديوهات القديمة لأن أجهزة القراءة الجديدة ستغمر السوق مع مساند تسجيل رقمي جديدة. و الله أنا عندي ديسكات قديمة مربعة كنت مخزّن فيها نصوص من منتصف التسعينات مالاقي ليها طريقة أفتحها أو أنسخها لأنو الحواسيب الجديدة ما بتعرفها!غايتو البركة في الورق المسكين المغلوب على أمره، أهو ماسك لينا صورنا و نصوصنا القديمة و صابر.
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

ياتاج ويا حسن


خاطرة ذكية كون هؤلاء الشغيلة التى جمعت فاوعت ودفعت فواتير عيالها للشركات ؛؛؛؛؛؛ ثم حين يطل الصيف تقوم كدا تتسلي .... لو فكرت رابطة العمال السائحين بعد بلابيطهم وقعوا ان يصوروا سيد الاسم الذي هرس تلك البلابيط لكان اجدي ......


شفنا صور الظبا. ... عادلوها بصور النمور والأسود ... من يصور الأسد وهو قابض على الفريسة؟؟؟


دا كوم ديلاك .... ماهو كومنا الان؟؟؟؟


لماذا لا نصور ظباء الحضر السودانية هذه الايام و التى اعيتها الحيلة وطلعت للشوارع فطلعت لها الأسود والنمور التي لا تعرف غزل الظباء او تقبيلها ؛ الأسود التى تأكل وبس !!!
[/color]
The struggle over geography is complex and interesting because it is not only about soldiers and cannons but also about ideas, about forms, about images and imaginings
ادوارد سعيد "الثقافة والامبريالية 2004"
أضف رد جديد