أنثولوجي الصورة الشخصية السودانية

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
ãäÚã ÇáÌÒæáí
مشاركات: 118
اشترك في: الثلاثاء مارس 17, 2009 2:07 am
مكان: واشنطون دى س

مشاركة بواسطة ãäÚã ÇáÌÒæáí »

الاخ الكريم سيد احمد
الصورة هى للفنان الامين برهان
مع تحياتى

صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة


وسط الزهور
بالرغم من أن الرغبة في أن نتصورتتخلق عن دوافع ذاتية، منها فضول التأمل في انفسنا من الخارج، أو الأحتفاء بلحظة نصر حياتي حميم ( تخريج، زواج ، حج الخ)، أو حتى تحت ضغوط علل النرجسية الحميدة، الا أن الصورة الشخصية تستخدم بنفس القدر، في العرض و التقديم للآخر، يقول الشعار الشعبي الذي لا أعرف قائله: (تفني الجسوم و تبقى الرسوم ) وهو أمتداد لعبارة (....فالذكرى ناقوس يدق في عالم النسيان)، صحبت هذه الجملة معظم الأهداءات التي قدر لي قراءتها في ظهر العديد من الصور الشخصية، قرأتها بجميع أنوع الخطوط، الثلث و الرقعة و الحر و حتى ابداعات خط ( كراع الجدادة)، و بكل الوسائط الكتابية، الرصاص و الجاف، وانتهاءً بقلم الحقنة.
ظلت الكتابة ترابض في حياءٍ على ظهر الصورة الفتغرافية السودانية، ثم اتي عليها نهار، تقدمت فيه خطوة الى الأمام، مثلما رأينا في صورة السيد ( السر العطا)، فاصبح السطح الأمامي منبراً للتعبير عن مكنونات لا تفصح عنها صورة الوجه الذي يشيح بحياء عن ملاقاة عين المتلقي، و تحولت من كتابات رومانسية غامضة ( أموت ركن)، و حكم شعبية ( الدنيا مدرسة استاذها الظروف الخ....)، الى فرصة هيأت لميلاد صور العيد، الممهورة بعبارة ( عيد سعيد و عمر مديد) في مقدمتها، ملونة بمنقوع اللون الذي يستخرج من اصباغ ورق حلوى المولد الشفاف، و بذلك تمت وحدة الفنون، التي هزمت الموت، و لكن الوجه بقي في شروده و تأمله و حزنه و حياءه، دون أن تحركه الجلبة التي تدور من حوله.
تطورت الصورة، و اضيفت اليها بطريقة ( الكولاج)، أو ما يتعارف عليه المصورين بتكنيك (superimpose)، أو (multiple exposure)، في رواية أخرى متقدمة، صور لاتمت للقطة بصلة، و لكنها تكسر حدة الصمت فيها،ملهاة للمتفرج يتسلى بها، حتى لا يزعج خلوة المتصور الصوفية بنفسه، منها الطبيعي، مثل زهور الجهنمية و صفق الشجر، و منها البنائي، واشهره و اكثره استخداماً مبنى الفندق الكبير، الذي عُدّ كتحفة معمارية في زمانه، و من وسط كل هذه التراكيب الساذجة، يطل وجه المتصور، ملهماً للشاعر الغنائي قوله ( وسط الزهور متصور)، و لعمري فأن الأغنية التي غازلت مشاعر شباب السبعينات، وحتى زماننا هذا، لا يخالطنا ريب حين نقول، بأن قواعد بناءها، لم تكن غير صورة فتغرافية سودانية، من نوع الكولاج الملون، وأن شئنا الدقة، قلنا أن الشاعر (شافها) في استديو (توتيل) في كسلا، و الله أعلم.
صعدت الصورة درجة و الزمن يمضي بنا و بها، و ملامح الثورة تتغير، و تتبدل مثل حرباء منبتة، فوفد الى بلاد السودان في غمرة انشغاله، بترتيب شأنه، فن ( الترتيش)، و لعله عبر الحدود من بلاد المصاروة، و ( الرتوش) ماهي الا المنطوق العربي لكلمة (retouch)، و لربما نطق فرنسي، و يمكن ترجمتها الى كلمة عربية لاتفي بالمعنى (أعادة لمس)، غير أن معناها يشير الى سلسلة من المعالجات، لتنعيم الصورة، و أعادة صياغة التفاصيل فيها، بشكل يخفي عيوبها و يبرز جمالياتها، ونعني بالصورة هنا، الوجه المصوَّر، و المعالجة تتم في الصورة السالبة قبل طبعها، و هي عملية دقيقة، يتوجب عليك فيها، أن تحيل عقلك الى آلة (ديكلكسية)، تعمل بالمقلوب، فأذا اردت مثلا أن تعدل في الشارب، فما عليك الا أن تستخدم القلم الأبيض، و بياض العيون تنعمه بالقلم الأسود...!
بقي لأن نشير الى أن الصورة السالبة التي تصلح للترتيش، هي السالبة المستخدمة في كاميرات ( الفورمات الكبير)، مقاس اربعة في خمسة بوصة وما فوق، تأتي منفردة، لكل لقطة صورة سالبة واحدة، وهي سميكة، خشنة السطح حتي لا ينزلق القلم عنها حين معالجتها.
وسنأتي في رحلتنا قطعاً، الى طرق أعادة معالجة الصورة في العصر الرقمي الحادث.

صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة
Body paint
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة
Tune up
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

الزول الخايف من المكرفون دا منو؟. "أكيد ما الصادق المهدي***" : )

*** ذاك بحسب الأساطير السياسية المتداولة.

روعة يا ملك ... وكمان في صحبة منعم الجزولي.

تحياتي

محمد جمال
صورة العضو الرمزية
äÌæì ÏÝÚ Çááå
مشاركات: 113
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 2:24 am

مشاركة بواسطة äÌæì ÏÝÚ Çááå »

صورة
الموسيقار بدر التهامي ( الجد)

صورة
الموسيقار التهامي خوجلي ( الإبن)
https://www.sudan-forall.org/files/Tuham ... on%201.jpg
العازف صدّاح التهامي خوجلي ( الحفيد)صورة
صورة العضو الرمزية
äÌæì ÏÝÚ Çááå
مشاركات: 113
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 2:24 am

مشاركة بواسطة äÌæì ÏÝÚ Çááå »

سحر الكمنجة.......والتصاوير.... يا تاج السر الملك...ان كانت هناك بقية ستأتي ولو بعد حين.

لكم التحية

نجوي بت دفع الله
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

نجوى بت دفع الله
شكرا جزيلا جزيلا
دي لحظة نادرة للناس لتتبع التاريح الفني الراسخ لأسرة سودانية اصبح التراث الموسيقي عندها
تقليداُ ثابتاً ينتقل عبر الأجيال في هارمونية ممتعة، الصور يجملها قدمها و الحرص البادي على المحافظة عليها
سأقوم بمحاولة أعادتها جهد الطاقة الى صورتها الأولى و أرسل لك نسخاً منها
واصلي كفاحك خليك حريصة، انتي القائدة ونتي الرئيسة
سلام




لخطأ طباعي
آخر تعديل بواسطة تاج السر الملك في الجمعة أغسطس 12, 2011 6:18 pm، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

محمد جمال يا رااااقل
وين صادق مهدي واقف يعاين لكونغاز؟؟؟
الجواب يكفيك (شرو) قلنا ( تيون أب)...مزيكة يعني، ما تمشي تتضهب في اساطير الأولين
عدا ( اندروكليس و الأسد).
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورةصورةصورة


وكان في قريته الذرة !

لم تحظ صورة شخصية واحدة، في كل تاريخ السودان المعاصر، بالأهتمام و الحب و أضفاء المعني عليها، و التغني بمجد انسانها، و مجد الثورة التي صارت رمزاً لها، و رغبة التغيير التي ايقظتها، نقول، لم تتحول صورة شخصية سودانية الى ايقونة تعادل في خطورتها، خطورة معني الوطن، مثلما حظيت الصورة الشخصية للسيد (أحمد القرشي). صورة لا نقدر على توصيف ما عنته للجماهير السودانية، ولا نقدر على تحديد عدد مرات استنساخها، و لا عدد اللوحات التي انتجها الرسامين طبقاً لاصلها الفتغرافي، لم يحتج السيد القرشي لغير صورة شخصية واحدة، واحدة فقط، لتحملها اللافتات و عليها وجهه بقسماته الهادئة، تظلل المسيرات الهادرة، عبر الوطن بأركانه الأربع، ليحيا الى الأبد في ذاكرة الأجيال. و برغم مرور السنين، و تمدد العمر، مابين المدرسة الشرقية الأبتدائية، و حتى لحظتنا الراهنة التي تتجاوزأعمارنا فيها، عمره الذي اغتيل فيه، فأن شيئاً في نظرات القرشي، تجعلك تحس به يطالعك بوجه الأخ الأكبر، فكأنك لم تكبر ولو لثانية حمقاء منفلته.
أشتهر بورتريه السيد (أحمد القرشي)، برغم جهل الناس بكثير مما أحاط بحياته، و بموته، بل و حتي مجرد وجوده قبيل أغتياله، لم يخلف السيد القرشي اي تراث من اي نوع، يقف مبرراً لخلوده الأبدي، سوى موته دون العشرين، حتى ولو كان ذلك الموت صدفة، فالعديدين غيره سقطوا واقفين وسط أهلهم و أخوانهم دفاعاً عن الحرية،. فالقرشي لم يكن (غيفارا)، و لا ( جيمي هندريكس)، فكليهما يعرفهما الناس في حياتهم، و كليهما ترك أرثاً و أثراً يقتفيه الناس من بعده، أحدهما مفكر ايديلوجي، قاتل من أجل الحرية، و الثاني مغن و عازف قام بتثوير فكرة العزف على الجيتار من أساسها، و اسهم كليهما في الهام أجيال من شباب العالم بالثورة و الوسامة الناطقة، ولم يكن أحمد القرشي كل ذلك، و لم يكن بوسامتهما، ففى المقابل كان القرشي (فاشونابل) في قميصه القطني البسيط، ولا توحي نطرته باي شئ، سوى هدوء سرمدي، تمدد و تمطى الى ابدية لانهائية، و لكنه رغماً عن ذلك، حرك ضمير أمة كاملة، لم يقدر على ذلك أحد من قبله ولا من بعده، من دون أن ينبس ببنت شفة، ودون أن يقدم أي محاضرة في الفلسفة و علوم السياسة و الأقتصاد و الفن و كرة القدم و الأجتماع و الكيمياء النووية، و لا قرض الشعر...... و لم يعزف الجيتار. لم يكن للقرشي فريق كرة ينضوي تحت شعاره، ولا فرقة موسيقية تنتظر امتلاء مقعده الفارغ، و لا حزب سياسي يلفه براياته و هو غارق في دمه.
لم تكن صورة أحمد القرشي الشخصية، سوى صورة السودان الشخصية.
آخر تعديل بواسطة تاج السر الملك في الأربعاء أغسطس 17, 2011 9:06 pm، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة


امسكي عندك قولي واحد
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »


انت ملك ولا ساحر ولا خلقة من يومك رسام?


بتشتغل الصورة بكم?

أصلى عندى صورة لمريم بت المدنى المرحومة منذ خمسين سنة ممكن توضبها لى?

قلت شنو يا ملك ارسلها ليك فى ايميلك?

هاشمى
The struggle over geography is complex and interesting because it is not only about soldiers and cannons but also about ideas, about forms, about images and imaginings
ادوارد سعيد "الثقافة والامبريالية 2004"
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

Here is my email ya Hashmi

[email protected]
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة

ابو اللمين
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة

حمزة علاء الدين
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة

عركي
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة

Mike
The Blues singer
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة



صورة شخصية لمدينة سودانية


انقطع التيار الكهربائي فجأة عن صالة عرض سينما الحصاحيصا، ونحن جلوس و صحبتي أبناء خالتي، الذين كنت ازورهم كل اجازة صيفية، انتفت الطاقة التي تحمل على أجنحتها، حرب (دارا سنج)، يقاتل (الغجرات) بمفرده، اربعمائة من شداد المقاتلين يطيح بهم بضربة من ذات اليمين، و ثلاثة آلاف بسيف في ذات الشمال، و نحن نهلل غرقي في متاهة الخيالة و بطاحينها، لا نطلب تبريراً ولا نصدق غير ذلك، ثم مات الضوء، فاشتعلت ذبالة النجم، و سكت صوت ماكينة العرض الذي يشبه في تكتكته المتسارعة، صوت صرصار يعاني أمساكاً مزمناً، وأهتزت الشاشة القماشية المقعرة بهواء رقيق، صعد من موقعه الى السماء دون أن يرفق بالشعب، شهقت الجموع شهقة، خلت من هولها ان المذنب قد أقترب من الأرض، أو كأنما نحن على ظهر (لوري) يهم سائقه باقتحام (العقبة). تلك الليلة خرج (الشعب) في الظلمة، كل يحمل ما قدر على حمله من أثاث دار العرض الهالك، حملت و ابناء خالتي الثلاث، كنبة ثقيلة من (الشعب)، لايقدر على الجلوس عليها، سوى برهمي زاهد، و لكنها صارت مسرحاً للدجاج يؤدي عليها عروضه المسرحية، و ينفض فوقها من على ريشه (الهيم).
بقي السيد (سنهوري) حائراً في دار عرضه، وما اقترفت يداه ذنباً، غير أن الوقت كان قد ازف لبعض (رينوفيشن)، فقبلها بأيام، لم يكن الجمهور كافياً للعرض، فاقترح سنهوري ارجاع (الشلن)، قيمة التذكرة للحاضرين، قبلوا جميعاً الجزاء العادل، الا (بني كجة) واحداً، تمدد على الكنبة الحديدية وفوقه بطانيته التي جاء بها، ونام في دار السينما حتى الصباح.
للسينما الهندية أثر غريب على حياة الناس في الحصاحيصا، يختلف عما عداه في مدن السودان الأخرى، يوافق هدوئها و خفرها الأجتماعي و الجغرافي، فالمدينة الوادعة، يفجأك مرقدها على هدب النيل بغتة، وأنت قادم من منحنى شارع مدني، في شبه دائرة رسمها طفل على الرمل، و قبيل أن تتم تهجئة لافتتي (الضقالة) و (أم دغينة) قصيرتي الأرجل المتلاصقتين، ينحسر (النيم)، كاشفاً عن ساق المدينة (مجلس ريفي الحصاحيصا)، فان كان السائق مسرعاً، فالشجر يتحول الى (جرجير)، كما يصف السرعة من أصابه الذعر و الخوف على حياته و متعلقاتها، و دائماً ما تكون متواضعة وبسيطة بساطة الحياة نفسها، يعقب ذلك نحرها، ساحة يقعد قوز الرمل عليها و يتسيدها، يسرح في غبرته، هارون بأغنامه على غير هدي، حتى يحين موعد انفلاق البحر، و بيوت من الطين، تعتدل في هبوط القوز نحو وادٍ ليس بوادٍ غير ذي زرع، تقف كمعجزة خط معمارها (لويد رايت)، و هو يسعى بمعماره الطليعي نحو افق حميم، تنبع من ساحاتها الضيقة، أشجار كثة السوالف، تقطر (زونيا)، و ليمون يزهر قبل أن يبلغ اشده، فيكبر الزهر الى صغار يشبهونه. وعلى يمينك (الحطابة)، و بيان (سيدي الحسن) لا تنقطع عنه النذور، وعلى البعد تلوح (الجمالونات) مثل بشارة من دخان، تسبح في الفضاء متحدة مع غبرة الهواء وامنيات البشر.
البنيات في مواجهة مرآة (البترينة)، بتسريحة تشبه تسريحة (راجشري) و (آشا باريخ)، يسمونها (القبة)، محشوة ببقايا قطع القماش و (الكهنة)، وشامة على الخد مرسومة بدقة بقلم (الدلال)، كن معلقات على مدخل استديو (عوض كلكتا)، فكأنهن ممثلات، سيأتين في حقب قادمة، كان جمالهن رائقاً، طبيعياً ساذجاً، الا أن رجال (الجمالونات)، لا يلبثون أن يتزوجوهن، و رجال الزراعة و (الفبارك)، و عمال الثورة الصفراء، يكملون معاً دورة الحياة، يبعثون أملاً جديدا يزهر مثل زهر الليمون، فتدب الحياة في اوصال المدينة الغارقة في ذاتها.
(عوض كلكتا)، و الأسم الأخير مستلف من شبه قارة الهند، خطاط المدينة، يخط فيما يخط (بيلبورد) سينما الحصاحيصا، وهو المصور الفتغرافي، و رجل الاعلانات، و كل شئون (الملتميديا)، يشمل ذلك الأعلانات الصوتية للأبلاغ عن حدث، يحمل (المكرفون ابو بطارية)، على ظهر العربة ذات الصندوق الخلفي المفتوح، أو من على ظهر دراجة (الفيليبس) ذات الأطارات السمينة ، صائحاً :هلمو وشاهدو.
زبائن الأستديو، خليط من عرب الشرق، و الهمباتة، البرنو و التاما، الفلاتة، أولاد النوبة و مزارعي القطن و الحنطة، خضرجية و جزارين، حداحيد، سمكرجية، باعة سعوط، عرسان، حجاج، ترزية، قارءات مجلة حواء و الكواكب، ودَّاعيات، معلمات، حالمات، أمهريات، فيهن من نساء (جحا) و ( ابو الحسن مدني) خلق عظيم، و الغرفة ضيقة خانقة، تنظرك في مواجهتك من أعلاها، أربع من (كُوَر الطّلِس)، مقدودة في وسطها، ومن داخل كل ثقب تنبت (لمبة) متوهجة، تنفث لهباً فيما تنفث من خوارق الأوزون، مصفوفة على خشبة مستقيمة، و أثر القطع بلحام (بالستالين) لا تخطئه العين، و على يمينك و يسارك (كورتين) أخريين، تقفان على (سيبيتين)، لا تزال بقايا (رايش) اللحام على لحمهتما مثل اثر الجدري الكاذب على جلد الكهل، لم يدركها (حجر النار) بالتشذيب، و كرسي من البلاستيك صنع ورش الفبارك، وثير أن قارنته بكنب (الشعب)، وورد بلاستيكي على مقعد من حديد معقوف، و رسم في الخلفية القماشية البالية لدرج يصعد الى سماء، تماماً كما في أغنية (ليد زبلين) الشهيرة.
كان ابدع ما رأيت في استديو السيد (كلكتا)، بورتريه لمزارع يحمل بطيخة ضخمة أنتجها حقله، فأتي يحملها و يداه ملطختين بالطين، و العرق يتصبب منه، حدق في فرح تجاه الكاميرا، و هو يحتضن البطيخة فخوراً بين ذراعيه، كاشفاً عن اسنان تكفل عسف الزمان بصبغها بأسف مزمن، مخلداً تلك الذكرى الى الأبد.

صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

صورة

Sinful thoughts
ãäÚã ÇáÌÒæáí
مشاركات: 118
اشترك في: الثلاثاء مارس 17, 2009 2:07 am
مكان: واشنطون دى س

مشاركة بواسطة ãäÚã ÇáÌÒæáí »


موضوعان، امسكا بخناقى، فلم أعرف كيف اعالجهما.
هل أضمهما معا فى موضوع واحد؟ أم أعرضهما كلا على حدة؟

ألأول هو عبارة عن قراءة بصرية فى بترينة ناس خالتى ست البنات مَرَتْ سليمان الفكى. هكذا اسمها، وأكاد أجزم بأن أولادها أنفسهم لايعرفون لامهم اسما غير هذا!!
كانوا يقولون أمى ست البنات... وكنا جميعا نقول امى ست البنات... وكان الكبار سنا من اهلنا يقولون ست البنات مرت سليمان الفكى
.
وكلمة بترينة جاءت - غالبا - من الكلمة الايطالية VETRIN. وتعنى العرض، أو واجهة المعرض.. أو شئ من هذا القبيل. وتقابلها فى الانجليزية الكلمة
SHOWCASE

والبترينة، لمن لايعرف، كانت عبارة عن صندوق خشبى من جزئين، الجزء الاعلى له واجهة زجاجية من ضلفتين، تفتح وتغلق بترباس ومفتاح عجيب الشكل، رأسه يشبه وردة الشيريا فى الكوتشينة، كما فى الصورة ادناه


صورة


وتسمح واجهته الزجاجية هذى، للناظر أن يتأمل فى محتويات البترينة من أوان زجاجية لشرب الماء او الشاى، اضافة الى الاطباق المنقوشة نقشا فيه بداعة وجمال، وكذلك اباريق الماء والعصائر، وأدوات القهوة الفاخرة، والتى تستخدم فى رمضان، مع اوانى من الطلس كتبت عليها عبارات مثل ( رمضان كريم ) أو ( كل عام وانتم بخير). كما وأن كثير من النساء يحتفظن داخل اوانى البترينة ببعض الحلى والاموال - بكميات صغيرة - أيضا .

وغالب ادوات هذه البترينة لاتستخدم فى الايام العادية، وانما يحتفظ بها اهل الدار للمناسبات الكبيرة مثل السمايات والاعياد وغيرها.
كما تستخدم ايضا كمتحف صغير لعرض بعض الدمى والمجسمات الفنية، كعروسة وحصان المولد، وبعض الالعاب التى يكون أحد أطفال البيت قد حصل عليها كهدية فى مناسبة من المناسبات ( الطهور غالبا ).

والجزء الاسقل ،ضلفتاه مصمتتان من خشب الموسانايت او الابلكاش او حتى من خشب المهوقنى، لمن يقدر عليه، او من خشب الموسكى المطلى بالجملكة. وفى هذا الجزء تحتفظ الاسرة بمقتنياتها من الاوانى الكبيرة مثل الحلل وصوانى الشاى المتوسطة وبعض اطباق الباشرى الكبيرة وغيرها

بالاضافة الى ذلك كانت واحدة من أهم استخدامات البشرية للبترينة، هى إستخدامها كمعرض دائم للصور التذكارية، والتى تحشر بعناية فائقة خلف اللوح الزجاجى، فى المساحة الضيقة جدا التى بينه وبين مايرتكز اليه من الاطار الخشبى.

اما الموضوع الثانى فهو لايختلف جوهريا عن الاول الا من حيث الحجم وطريقة الاستخدام، وهو عبارة عن جولة تأمل داخل علبة حلاوة (كريكاب). وهى شركة لانتاج الحلويات الفاخرة. وكانت تضعها داخل علب من المعدن الملون والمرسوم والمنقوش. خلافا لحلويات (ريا) والتى كانت تباع داخل علب من الورق المقوى. واشتهرت الاخيرة برسومات على العلبة لنساء جميلات مشلخات وممشطات وبعضهن تضع(الفدوة) وأخرى تلبس (الزمام) وقد كتبت عليها كلمات منتقاة من شائع غناء الناس فى ذلك الزمان، مثل (أغلى من حياتى) و ( بنت النيل) أو شئ من هذا

وعلبة كريكاب المعدنية هذى، كانت - وحتى اليوم فى بعض البيوت - تستخدم كخزينة لحفظ الصور الفوتوغرافية

أنا، وكما شرحت اكثر من مرة، نشأت، ودرست، وعملت اغلب سنوات عمرى فى المدن الكبيرة. علاقتى بالريف والقرى، بل وبالمدن الصغيرة، لاتعدو كونها مسألة علاقات عامة!!! زيارة لأداء واجب إجتماعى، عزاء، زواج طهور، سماية، وماشابه.

وفى غالب البيوت التى دخلتها، كان- ولايزال- أهتمامى، يذهب – أول مايذهب – الى البترينة فى الغرفة الكبيرة.

ظلت البترينة ومعها علبة الحلاوة، حافظا لبعض تاريخ الاسر والبيوت فى المدينة والريف على السواء.

الملاحظة الاولى هى ان جميع الصور من مقاس البوستال (14X9) سم، بل وإن جميع الصورة المحفوظة فى كل بيوت السودان تكاد تكون من نفس المقاس!! وان حدث اختلاف فهو طفيف جدا حيث أن النوع الآخر من الصور هو من نوع الباسبورت (7X4.5) سم، وهى فى الاصل عبارة عن ربع مقاس البوستال!!

فتجد فى ركن اللوح الزجاجى صورة المرحومة الحاجة بملابس الاحرام، كانت قد التقطتها فى جدة أو فى بورتسودان!! وتحتها صورة خالهم المرحوم طه ابنعوف جاويش البوليس تميزه برنيطة عريضة عليها بعض ريشات الى الجنب وعلامة الخرتيت تزين مقدمتها، أعلى الجبين مباشرة، وتبدو ملابسه باهتة بعض الشئ، كونها من قماش النظاميين ذى اللون الكاكى.

وفى مكان آخر تجد صورة لثلاثة اولاد بملابس الطهور تزين هاماتهم الضريرة ويربطون قماشا داكن اللون ( كون الصورة ابيض وأسود) غالبا هو المعادل للون الاحمر وعليه هلال من الذهب - غالبا - وفى اياديهم ربطت الحريرة المعروفة ويحملون السياط القصيرة. لماذا يحمل اولاد الطهور السياط!!؟

ثم صورة اخرى لشابة جميلة ومشلخة فى فستان منفوش، بدون اكمام ( كط )، يصل الى أسفل الركبة، تقف متكئة على عامود قصير، داخل الاستديو، ومن خلفها لوحة، كبيرة، لحديقة خيالية، أشجار وأزهار، وعصافير من نوع غامض. ست فوزية!! يقولون لك حين تسأل، معلمة فى كلية المعلمات.

ثم صورة اخرى لأحد سباع البشر، فى بذلة أفرنجية كاملة بربطة عنق ضخمة، يقف واضعا كلتا يديه على كتفى عروسه الجالسة على كرسى امامه. ممشطة الشعر ولها مساير لامعة، الحناء تخضب يديها، وغوايش الذهب تزين معصميها وبعض الحلى من نوع أحفظ مالك تتدلى من عنقها.

صورة أخرى لشاب مسرح شعره على نمط ابراهيم عوض

واحدة ثانية لنفس الشاب يضع يده تحت خده

ثم صورة لاسرة سليمان داؤود، ابن عمتهم الذى يقيم ويعمل فى الروصيرص. الرجل جالس فى قميص بأكمام طويلة مكفوفة حتى منتصف الذراع. يداه على ركبتيه. وبجانبه زوجته (كتيرة)، تحمل اصغر الابناء ( الطاهر) فى فانلة نصف كم مخططة وبنطلون قصير ( شورت) بحمالات!! وبجانبها يقف ( الطيب) اكبر من أخيه بسنة واحدة، ويرتدى نفس الفانلة والشورت ( طقم). فى الخلف يقف ولدان وبنت، الولدان يلبسان ملابس متشابهة، قميص نصف كم مخطط، ولاتدرى ان كانا يلبسان بناطلين طويلة او قصيرة. والبنت يبدو وجهها الطفولى العابث ملفوفا داخل طرحة سادة.

ثم صورة باسبورت لوجه رجل ما تحت عمامة كبيرة. وصورة اخرى من نفس الحجم لبنت شابة شعرها مرفوع الى اعلى فى تسريحة غريبة نوعا ما فالشعر تم تدويره الى اعلى فى شكل كعكة. ويبدو فستانها بدون اكمام.

صورةغريبة الحجم، اكبر قليلا من البوستال العادى.. تضم مجموعة من الشبان جلهم فى بناطلين من الاسفل وقمصان غريبة الاشكال، انيقة نوعا ما، بعضهم يحمل حقائب للاوراق، بينما يحمل احدهم حقيبة للتبضع غريبة الشكل , خلفيتهم مبان ليس مما يألفه أهل السودان. الصورة غالبا لمجموعة طلاب فى بعثة دراسية فى بلد من بلدان اوربا. تسأل، فيجيبونك:
- النعيم تانى واحد فى الصف، ولد عمتى الشول بت عبد الباسط. فى لندن يدرس الطب

اما فى شأن علبة كريكاب، فالصور لاتختلف كثيرا، وإن كنت ترى بينها بعض كروت المعايدات ذات الصور البديعة لكاتدرائية ما، أو مبنى بلدية فى واحدة من بلاد العالم الاول، وربما حقل من الزهور الصفراء التى تمتد الى ماوراء حدود البصر. وخلفها كلمات بالقلم الحبر تعبر عن تهنئة بمناسبة من المناسبات الكبيرة.

وترى كذلك مظروفين من النوع الذى تحف اطرافه خطوط قصيرة متساوية بلونين ، احمر وأزرق وكتب عليهما بالقلم الكوبياء أو الرصاص، عنوانا غالبات هو متجر فى مكان ما متبوعا بعبارة ( ومنه الى الخال العزيز.....) أو ( لعناية العمة الكريمة....)
ولابد أنك واجد بين اكوام الصور والكروت تلغرافا كاكى اللون... تفتحه، فتقرأ.. ( بطرفكم يوم الخميس بقطار كريمة)


ملحوظة

الموضوع اعلاه كتب فى ظروف غاية فى الإستثنائية!!! فلقد تم تجميعه حرفا حرفا من خلال كيبورد اسفيرى تعمل عليه بالماوس وفكرت اكثر من مرة فى ان الغية كلية واشوف لى شغلة تانية.
منعم

أضف رد جديد