الاسلام والغرب: مقومات الصراع

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صلاح شعيب
مشاركات: 121
اشترك في: الاثنين مايو 30, 2005 12:06 pm

الاسلام والغرب: مقومات الصراع

مشاركة بواسطة صلاح شعيب »







فى ندوة عقدت بمركز الحوار العربى بضاحية العاصمة الأميركية، قال الدكتور ماجد فخرى الأستاذ بجامعة جورجتاون الأمريكية فى محاضرة حملت عنوان "مقومات التقارب بين الغرب والإسلام" أن "من الادعاءات الشائعة فى الأوساط الغربية أن العالم اليوم يقف على شفير هاوية تهدد بعواقب وخيمة بحكم صراع الحضارات. ومن مشاهير دعاة هذا الزعم صامويل هنتغتون الذى ذهب إلى أن الإسلام قد دخل منذ القرن الخامس عشر فى مرحلة صراع مع الغرب وتمثل هذا الصراع فى هذه المجابهة المعروفة بالإرهاب. ويؤيد هنتغتون فى هذا عدد من المؤرخين والمفكرين الغربيين منهم برناند لويس وبازيل مثيو الذى استخدم عبارة صراع الحضارات فى كتاب نشره عام 1926. ويلاحظ أن هنتغتون يكاد يقصر دعواه على تاريخ الإسلام الحديث بدءاً بالقرن الخامس عشر وكأنه يتجاهل الحقب الطويلة التى كان الإسلام إبانها على صلات حضارية وثقافية بارزة مع الغرب تبدأ بالقرن الثامن".
وأضاف د. فخري، الذى كان سابقاً رئيساً لقسم الفلسفة بالجامعة الأميركية فى بيروت، انه على اثر حقبة من المجابهة العسكرية بين الإسلام وبيزنطة، وريثة الحضارة اليونانية القديمة، بدأت مرحلة من التفاعل الثقافى لا مثيل لها فى التاريخ أدت فى أواسط القرن التاسع إلى ترجمة التراث اليونانى العلمى والفلسفى والطبى برمته تقريبا إلى العربية وتواصل هذا التفاعل طيلة ما لا يقل عن ثلاثة قرون كانت أوروبا قد تناست التراث اليونانى خلالها بينما انتقلت الوصاية على هذا التراث العريق إلى العالم العربى والإسلامي.
ومن الشواهد على ذلك، كما يقول المحاضر أن " آخر مترجم لبعض الآثار الفلسفية، أى منطق أرسطو من اليونانية إلى اللاتينية، كان القنصل الرومانى بووثيوس "توفى سنة 525" ومنذ ذلك التاريخ حتى أواسط القرن الثامن عشر لم يظهر على المسرح الثقافى فى أوربا مؤلف يعتد به باستثناء سكوتش اريجنا الأيرلندى "توفى سنة 877" الذى كان يتقن اليونانية وينهج نهجاً فلسفياً مخالفاً للنهج الكاثولوكى المحافظ آنذاك. إلا أن أثر سكوتش اريجنا لم يتجاوز بعض الأوساط اللاهوتية الميالة إلى الخروج عن الخط المحافظ. وأستمر هذا النهج حتى أواسط القرن الثالث عشر حيث بدأت عملية الترجمة المعاكسة للمؤلفات الفلسفية والعلمية والطبية من العربية إلى اللاتينية، كان من أشهر ممثليها جيرارد دى كريمونا "توفى سنة 1187" الذى ينسب إليه ما لا يقل عن ثمانين ترجمة لعدد من تلك المؤلفات".
وقال د. فخرى أن "محور هذه النهضة الفكرية فى الغرب آنذاك كانت مدينة طليطلة فى الأندلس واشهر دعاتها آنذاك مطران طليطلة ريموندوس الذى كان شديد الحماس للفكر العربى والإسلامي. ويتمثل التفاعل بين الإسلام والغرب بالفعل فى أثر ابن رشد فيلسوف قرطبة الذى فتح كوة فكرية على أوروبا الغربية لم يكن لها عهد بها آنذاك وكان من نتائجها أن آثار ابن رشد الفلسفية والطبية ترجمت إلى اللاتينية فى أوائل القرن الثالث عشر على يد عدد من مشاهير الترجمة أمثال ميكال سكوتش وهرمانوس أليمانوس وسواهما بلغ مجموعها أحد عشر مجلدا. وقد أدت هذه الترجمات إلى نهضة عقلية سابقة للنهضة الإيطالية المعروفة فى القرن الخامس عشر ورافقها صراع فكرى ولاهوتى فى باريس وبادوا بين أنصار ابن رشد أمثال سيجردى براباك وجان دى جاندون ومناهضيهم أمثال القديس توما الأكريني. ومن الشواهد على ذلك ما كتبه إتيان جيلسون عميد المؤرخين للفلسفة فى العصور الوسطى عن دور ابن رشد فى إيقاد هذه النهضة العقلية قائلاً: "أن النظرة العقلية ولدت فى أسبانيا "الأندلس" على يد هذا الفيلسوف العربى الذى خلّف نموذجاً من الفلسفة العقلية التى أثّرت فى تطور الفلسفة المسيحية ذاتها".
وأضاف د. ماجد فخرى أن للتقارب الحضارى شروطاً عدة أهمها التبادل والتفاعل، وأن مثل هذا التبادل والتفاعل بين العالم الإسلامى والغرب كان فى حقبتين: الأولى إبان القرن الثامن والتاسع مع بيزنطة وريثة اليونان القديم، كما سبق القول، والثانى إبان القرنين الثانى عشر والثالث عشر مع أوربا الغربية، وقد كان هذا التفاعل فريداً فليس فى تاريخ الصين أو اليابان مثلاً شبيه له حتى أوائل القرن العشرين، فالمطلوب اليوم المضى قدماً فى مضمار التبادل والتفاعل بين الإسلام والغرب لتحقيق هدف التقارب الذى لا غنى عنه".
وقال الدكتور ماجد فخرى أنه فى هذا المجال يتوجب على الغرب متمثلاً بأوروبا وأمريكا اليوم مواصلة النشاطات الفكرية الهادفة إلى فهم الإسلام على حقيقته ومواصلة الجهود التى بذلها المستشرقون منذ مطلع العصور الحديثة فى مضمار الدراسات المعمقة بالالمانية والفرنسية والانكليزية التى عرّفت العالم الغربى إلى حد بعيد بكنوز الحضارة الاسلامية، منها الدراسات القرآنية والتطورات الفكرية المعاصرة على يد عدد من كبار المستشرقين.
أضف رد جديد