إتحاد الكتاب الشاقية

Forum Démocratique
- Democratic Forum
صورة العضو الرمزية
Óáæì ÇáÓÚíÏ
مشاركات: 88
اشترك في: الاثنين مايو 30, 2005 5:06 am

مشاركة بواسطة Óáæì ÇáÓÚíÏ »

ابكر ادم اسماعيل
التحية لك...
" لا يفرقوا بين عربي او عجمي الا بالتقوي"
شوف التفريق دا!!!
ياابكر اليدو في النار ما ذي اليدو في المويا...
اتحاد الكتاب نادي خاص مقفول ككل النوادي الاخري ...
اما نحن النساء فبالعربي كيدا" فترنا منهم"...
سياسات المساواة في الضرر لا تناسب الحال الخرب يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب الاخري كجنوب افريقيا والمانيا مثلا...
لا يزال الالمان يدفعون ضريبة الناذية الي الان...
ولا يزال شمالي السودان من الرجال وشايقته يتملصون من الجريمة العرقيه وجرائم تهميش المرأة والانسان بل ويبررون لانتاج ثقافتهم المغلقة التي لا تتضمن احد...
اياتري لم يسمع هؤلاء بسياسات التمييز الايجابي !!!
فلقد حرمنا كما حرمتهم من المشاركة بدعاوي كثر, منها اليميني ومنها اليساري, والهدف واحد وهو الاستيلاء علي السلطات لتفريخ ثقافتهم الخربة لتحقبق مصالحهم الذاتية اذا كان ذلك في شكل دولة او في شكل منظمات مدنية او حتي في شكل وردة...
لو لاحظته شايقيت السودان ممثلين في القيادات لكل التنظيمات السياسية او المطلبية او غيرها مهما اختلفت الايدولوجيات قارن بين علي عثمان واخرين ...
وعند هؤلاء " المرأة مرأة والعبد عبد" فهل يعقل ان يأتي خير من هؤلاء؟؟؟
وكانت الحجة في احسن الفروض ان نتناسي الظلم والاستبعاد وان نتتنازل طواعية ودون حزن عن تمثيلنا لاخرين قادرين بالقيام بالواجب ؟؟؟
دا اسموا استعمار حديث...
فليتنحي هؤلاء من المناصب وليتركوا الفرصة للمهمشين ولو بدافع حسن السلوك وليس النوايا لانو النوايا دي لايعلم بها الا اللة وليس هنالك سابقة مشرقة يمكن الاعتماد عليها...
واصل في التساؤل فهو مشروع لهدم كل هذة المسلمات التي صارت تنخر في انسانيتنا جميعا...ولن يتنح هؤلاء "باخوي واخوك"...
لك التحية بالرغم من انني شايقية ولكن الكويس اني مرة ... :oops:
ÚÇÆÔÉ ÇáãÈÇÑß
مشاركات: 164
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 6:43 pm

مشاركة بواسطة ÚÇÆÔÉ ÇáãÈÇÑß »

لك التحية بالرغم من انني شايقية ولكن الكويس اني مرة


عجبتني وضحكتني يا سلوى .
سلام بخصوص هذا الشأن

راعي البوست ابكر ادم سلام
الموضوع دا عايز مذاكرة وحفر ..
لي عودة
صورة العضو الرمزية
Óáæì ÇáÓÚíÏ
مشاركات: 88
اشترك في: الاثنين مايو 30, 2005 5:06 am

مشاركة بواسطة Óáæì ÇáÓÚíÏ »

الرفيقة عائشة المبارك
لك التحية والسلام من مدينة الضباب.
اتابع بشغف حملتك المكثفة ضد العنف.
وفي انتظار شواهد العنف ضد المرأة باسم الحب.
فباسم الحب ارتكبت ابشع الجرائم الانسانية وصيغ الكثير من المقولات والامثال والقصائد وغنيت الاغاني التي تسلم بدونية المرأة.
فلك التحية اينما كنتي...
وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ
صورة العضو الرمزية
ÃÈßÑ ÂÏã ÅÓãÇÚíá
مشاركات: 17
اشترك في: السبت نوفمبر 26, 2005 1:37 am

مشاركة بواسطة ÃÈßÑ ÂÏã ÅÓãÇÚíá »



صديقنا حسن موسى
تحياتنا طيبات
واصل يا صاح نقدك وفلفلتك للأفكار
وسنعود لاحقا للمفاكرة حول الكلام الجاب الكلام.

سلامات كبّر
كويس إنك «إنعتقت» ولو مؤقتا ولقيت ليك فرقة للمفاكرات

الأخت الصديقة سلوى السعيد
تحياتي الطيبات
أيوة يا صديقة الحكاية فيها «إتحاد الكتاب الرجال» كمان - زي ما قال أخونا محمد كبّر.
وزي ما إنتي عارفة، القصة بتاعة علاقات الـDomination/subordination التي تشمل طبعا علاقات البطرياركية (البتجعل من اللمرأة هامشها التاريخي) البتم ترسيخها ماديا ورمزيا عبر سلوكيات التحركات الجمعية السودانية بما فيها سلوكيات «إتحاد الكتاب السودانيين» يا صديقة الشغلانة دي زي ما إنتي عارفة ما بتتحل بأخوي وأخوك.
يا زولة ما تسكتوا - وأظنك عارفة الإختراعات السودانية العجيبة زي "السكات رضا" و"الإجماع السكوتي" و.. و... الإتمررت عبرها المهالك المعروفة وما تزال.

الأخت الصديقة عائشة المبارك
سلامات
شوفي يا صديقة نحن مدنكسين كيف! حفيدات الكنداكة ومندي بقت الخانات المحجوزة ليهم بعد «التقدم» دة كله هي خانة سكرتيرات! عبر الجهاز الخطير الإسمه الـcommon sense الخلّقته البطرياركية الجديدة وأخواتها في الهيمنة!
يا صديقة ما تخلوا القصة دي تفوت ساي
عشان من هنا لقدام ما يجي أي زول يخمنا في حكاية «العدالة الاجتماعية» دي. وأظنك عارفة القيمة الرمزية (على الأقل) لتوجهات وممارسات الكيانات الجمعية الزي «إتحاد الكاتب السودانيين» في ترسيخ أو خلخلة مسلمات علاقات الـDomination/subordination في السودان. وحتى في الإسم ذاتو عايني لـ«كتاب» و«سودانيين» دي! لو كانت المسألة بالإنجليزي كان ممكن نقول أوكي مفيش تحيزات جندرية هنا. لكن بالعربي والفرنساوي؟ ما ياهوندة ذاتو القاعد يجيب حكاية وعي الناس بسيدي سيدك! والبجيب قصة عبد الكبابيش الحنتكلم عنها لاحقا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلي الصديقة نجاة المشرفة على البورد:
يا صديقة في مشكلة متعلقة بمطالعة المواضيع الطويلة زي الموضوع دة. اللي هي إنو (وأنا بستعمل جهاز ماكنتوش) المداخلات التحت بتظهر لي في شكل خطوط (ــــــــــ) ما فيها أي كلام! الواحد إلا يصغّر الخط لدرجة تزغلل العيون! القصة دي في سودانيزأونلاين بتتحل بالأمر بتاع «أقرأ المشاركات فى شكل سلسلة». في أي طريقة تحلونا من المشكلة دي؟ نكون شاكرين لو ممكن.
-----------------------------
وتصبحون على وطن

أبكر آدم إسماعيل


صورة العضو الرمزية
ÃÈßÑ ÂÏã ÅÓãÇÚíá
مشاركات: 17
اشترك في: السبت نوفمبر 26, 2005 1:37 am

مشاركة بواسطة ÃÈßÑ ÂÏã ÅÓãÇÚíá »

المتابعون الكرام
تحياتنا الطيبات
كما قلنا سابقا أن ثيمة هذا البوست الأساسية هي علاقات الـdomination/subordination في السودان وعلاقة توجهات وممارسات «إتحاد الكتاب السودانيين» كشكل من أشكال التحركات الجمعية بذلك. للتسهيل حنختصر Domination/subordination دي لـD/S. إتفقنا؟
الغرض من هذه المفاكرة هو التطرق لبعض المسائل المتعلقة بمقولات صراع الطبقات وصراع الهويات وأبعادهما الفردية والجمعية القاعدة تطل بشكل أو آخر كمرجعيات للإختلاف وتوضيح وجهة نظرنا حولها وحول تداخلها مع ثيمة البوست الأساسية.


لو أدينا طلة لكلام لوكاش الفي اللينك أدناه (الأوردناه في آخر مداخلاتنا الطويلة الفوق):

https://www.marxists.org/archive/lukacs/ ... thodox.htm

بنلقى إنو الثيمة الأساسية لكلام لوكاش هي إشكالية النظر للواقع، واقع الصراع الاجتماعي؛ فالبرجوازية، أو الأرثوذكسية الماركسية (ومن باب الإستنباط ممكن نقول جهات أخرى - الدينية مثلا) تتعامل مع الواقع (واقع الصراع الاجتماعي) بطرائق فيها إشكالية: فبدلا من تشخيص الواقع وفقا لشروطه أو معاينته أو بشكل أكثر دقة بتمديد أضواء المنهج ليشمل شروط هذا الواقع - كما هو - تقوم تتعامل مع الواقع دة وكأنه موصوف جاهز أو تكرفسه عشان يتناسب مع منظورها، ومن ثم القفز إلي المنفستوهات. ففي مثال الجماعات الدينية، توصيف الواقع عندها يقوم على أساس أنه صراع بين «طبقات» إيمانية: طبقتين رئيسيتين: المؤمنين والكفار، وبينهما أهل الكتاب ثم بعد داك في تقسيمات داخلية في الطبقات دي، زي فاسقين ومؤلفة قلوبهم داخل «المؤمنين»، وغير محاربين داخل «الكفار» وهكذا. وبعد داك ليه في ناس فوق وفي ناس تحت تحال المسألة لـ«الأرزاق» وتعتبر العناصر زي سادة وعبيد وحرائر وإماء - مثلا - حاجات ثانوية تتعالج بالإحسان أو بـ«عتق رقبة مؤمنة»... إلخ. أما البرجوازية، وحسب فهمنا لكلام لوكش حول «التأريخ والوعي الطبقي» في اللينك أعلاه، فممكن نقول إنها بتركز على توصيف الواقع الاجتماعي للصراع على أساس أنه صراع بين ناس (أفراد) تفاتيح "موهوبين" وناس داقسين "مش موهوبين"، وتتعامل مع التفاوتات ذات الجذور التاريخية والتفاوتات البنيوية (Structural inequalities) البتصاحب "عمليات" الرأسمالية كأنها حاجات ثانوية! أما الأرثوذكسية الماركسية، حسب فهمنا لكلام لوكاش، أيضاً، فإنها تتعامل مع الواقع، واقع الصراع الإجتماعي، بشكل إجمالي على أساس أنه موصوف جاهز!
لوكاش ما وقف في الحتة دي في محاججاته حول التأريخ والوعي الطبقي، بل قام بمد هذه المحاججات إلى ما أسماه بـ«المجتمعات ماقبل الرأسمالية» عشان يشرح الإشكالات البتصاحب منظور الأرثوذكسية الماركسية للواقع. هذا المنظور البعاين للصراع الإجتماعي على أساس التقسيمة الطبقية المستمدة من تحليل ماركس للمجتمع البرجوازي الرأسمالي، الذي هو في هذا المنظور صراع طبقي بين طبقتين رئسيتين: برجوازية، وبروليتاريا، وأحيانا يزيد البعض طبقات فرعية، مثل: الأرستقراطية، البرجوازية الصغيرة، والبروليتاريا الرثة - من باب التفصيل المفيد الذي يقرّب من الواقع. لكن لوكاش يرى أن هذا التقسيم/التوصيف، المبني على مواقع الأفراد في الخارطة الإقتصادية لعلاقات الإنتاج، فيه إشكالية عندما نأتي لنطبقه على المجتمعات ما قبل الرأسمالية.
يقول لوكاش هنا:

https://www.marxists.org/archive/lukacs/ ... ukacs3.htm
class interests in pre-capitalist society never achieve full (economic) articulation. Hence the structuring of society into castes and estates means that economic elements are inextricably joined to political and religious factors. In contrast to this, the rule of the bourgeoisie means the abolition of the estates-system and this leads to the organisation of society along class lines. (In many countries vestiges of the feudal system still survive, but this does not detract from the validity of this observation). (chapter 2 par. 2)


نلاحظ أن لوكاش يشدد على كلمة inextricably ليؤكد اللاخلاص واللامفر الأمر الذي يجعل من مقولات الطبقية - المبنية على أساس مواقع الأفراد في الخارطة الإقتصادية لعلاقات الإنتاج وتجاهل أو إعتبار العناصر الأخرى مجرد عوامل ثانوية - مقولات مضللة (دة تفسيرنا نحن النابع من فهمنا لكلام لوكاش ككل والمدعّم بمقولات أخرى مثل مقولات بورديو المتعلقة برأس المال الرمزي ودور نظام الاستعدادات والتصورات Habitus في تخليق الأنظمة الاجتماعية وتحديد وعي الناس بالمصالح وبالصراع).
واضح - على الأقل بالنسبة لنا - إنو لوكاش بتكلم عن المجتمعات البتسودها علاقات القرابة كما يعرفها ناس الأنثروبولوجيا وعلم الإجتماع. ودة مؤشر أول مهم جدا فيما نحن بصدده؛ فلإنو قوانين القرابة بتسود المجتمعات دي، فبالضرورة بتلعب دور مهم للغاية إن لم يكن الدور الأكبر في بناء علاقات الـD/S التي تحتوي التراتبيات الإجتماعية (ممكن نسميها الطبقات بتحفظ - تحفظ لإنو طبقات دي بقت مصطلح شبه محتكر للأرثوذكسية الماركسية - علي الأقل على مستوى ما خلقته من إستعدادات للتلقّي.

طيب المجتمعات ما قبل الرأسمالية دي فيها طبقات (بالمعني العام) ولا ما فيها؟ طبعا فيها، بس السؤال مش في وجودها، وإنما في طبيعة هذه الطبقات ومدخلات إنتاجها. ودي في تقديرنا حاجة مهمة ما ممكن نجليّها (عشان نكون حريصين على التشخيص الدقيق (أو الأقرب للدقة) للواقع ومن ثم اقتراح معالجاته). وإحنا حين نستعمل «طبقة/طبقات» - بغير المعنى المحدد في الماركسية، نضعها بين قوسين لتشير إلى المعني العام: «تراتبية إجتماعية» عشان نتجنب الإلتباس البتجيبو إستعدادات التلقي الخلقتها الأرثوذكسية الماركسية لمعني طبقة. أوكي، طيب المجتمعات ما قبل الرأسمالية دي مشكلتها شنو مع الهوية وعلاقة الهوية دي شنو بإنتاج التراتبيات الإجتماعية (الطبقات)؟


الهوية الفردية والهوية الجمعية!
من الملاحظات المهمة في الجدال الدائر حول قضايا الهوية في السودان إنو في ناس كتار بخلطوا غفلة أو عمداً بين الهوية بمعناها الفردي والهوية بمعاناها الجمعي. ودة واحد من مدخلات إنتاج المغالطات أو علي الأقل سوء التفاهم.

ملاحظة تانية إنو في ناس بتعاملوا مع سؤال الهوية على أساس أنه سؤال مش مهم أو زائف. طيب ليه نحن بنعتبره سؤال مهم وحقيقي؟

الهوية identity دي - حسب علمنا - جاية من فعل (أو عملية) الـidentification والفعل دة ليهو أهمية كبيرة في خلق وتسليك عمل أي نظام لإنو بحتوي على شروط مسبقة وبحدد وعي الناس بالنظام ونوع التصرفات تجاه الواقع البفرضه هذا النظام وممكن في مراحل معينة بخلق الشروط المسبقة لعلاقات الإنتاج. ومن الأمثلة البسيطة مثال العساكر، فالشروط المسبقة هي الرتب وعلاقات السلطة التي تحتويها، والزي والعلامات الملزّقة عليه هي البتحدد إدراك وطريقة تعامل الفرد المعين أو المجموعة المعينة لموقع الفرد أو مجموعة الأفراد اللابسين للزي والحاملين للعلامات إياها. ممكن كمان نفهم المسألة دي بشكل أعمق لما نقرأ أو نسمع قصص أو نشاهد مسرحيات الـ(mistaken identity)، اللي بدون إدراك هوية الفرد أو الجهة المعينة بتختل علاقات التراتب. والنظام الإجتماعي، من باب التشبيه، ممكن نقول بعمل بطريقة مشابهة، فهو بخلق الهويات دي كتعبير عن شروطه وعشان تساعده (من ناحية وظيفية) على تسليك أموره والمحافظة على نفسه واستمراريتها. والنظام الاجتماعي يعني فيما يعني قوانين توزيع السلطة والثروة - بمعانيها المادية والرمزية (تشمل قوانين الملكية، تقسيم العمل الإجتماعي، حيازة المواقع المادية والرمزية في علاقات الـD/S - علاقات التراتبية الإجتماعية وإلخ من المسائل). ومسألة الهوية دي بتكتسب أهميتها لأننا بنتكلم عن المجتمعات ما قبل الرأسمالية، الممكن تكون رؤوس الأموال الرمزية فيها بتلعب دور أكبر مما يًعتقد بشأنه مقارنة بدور رؤوس الأموال المادية (ما ننسى إنو رؤوس الأموال المادية دي وجودها ليس مرهونا بوجود النظام الرأسمالي - فهي موجودة في أثينا أو مكة قبل قرون من ظهور النظام الرأسمالي الحلله ماركس وما يزال يحلل فيه أخرون).

الهوية الفردية:
على حسب رأي Erich Fromm - السايكولوجيست المشهور - إنو الهوية الفردية - بمعناها الواضح الذي يتعامل به الناس اليوم - ظهرت لأول مرة في التاريخ بعد ظهور المجتمع البرجوازي الرأسمالي! كلام عجيب، مش كدة! وعلى حسب رأي إريك فروم، إنو دة الجاب قصة «الكوجيتو» بتاعة ديكارت: "أنا أفكر إذن أنا موجود" البتأسس (أو تبرهن) الوجود إنطلاقا من الذات الفردية كإنعكاس للواقع الفرضتو هيمنة البرجوازية الرأسمالية، القامت بتحطيم علاقات القرابة القديمة (زي ما قال لوكاش) - طبعا مش عشان الرقي والتقدم وباقي الريتوريكا، وإنما (بشكل أكثر أهمية) عشان تسلّك أمورها البتعوقها علاقات القرابة بشكلها السابق لظهورها (أي البرجوازية الرأسمالية)، البتقدم ليها كتل يصعب التعامل معها لإنجاز ما تريد إنجازه، لتضع محلها علاقات قرابة جديدة ممكن نفهم إنو من ضمنها الطبقات بالمعنى الماركسي. لكن ما ننسى برضو إنو الانتقال دة «استصحب» معه بعض أشكال الوجود السابقة في صنع الطبقات اللاحقة - يعني يمكن القول إنو الناس الكانوا حايزين على المواقع الفوق وجدوا الطريق سالكا لاحتلال الطبقات الفوق بعد ما تم التحول والعكس صحيح.
أها فروم دة بفتكر إنو في المجتمعات "البدائية" (بدائية دي حقتو هو) لا توجد هويات فردية (بالمعنى المتداول اليوم)، فـ«أنا» في هذه المجتمعات تعني «نحن»، أو علي الأقل تُفهم على أساس أنها تعني «نحن». يعني لما تلقى ليك زول/زولة من من «الجماعة أ» يقول/تقول ليك: "أعتقد"، هذه تُفهم على أساس أنها تعني: "نحن «الجماعة أ» نعتقد." وينسحب ذلك أيضا على «أنت» و«أنتم»، و«هو» و«هم» - الجات منها الهوية. والمسألة دي في رأينا بتنطبق بقدر كبير ومهم على مجتمعاتنا ما قبل الرأسمالية.

والكلام دة بقودنا لحاجة في غاية الأهمية، وهي أننا عندما نتكلم عن الهوية في السودان، نعني بها الهوية الجمعية، ونبني محاججاتنا على هذا الأساس. لأننا بنعتبر إنو المجتمعات الموجودة في السودان، علي ما فيها من تفاوتات، هي مجتمعات ماقبل رأسمالية، تسودها علاقات القرابة - بالمعني الأنثروبولوجي للمصطلح وتسودها الإقتصاديات الإكتفائية على مستوى الاقتصاد الجزئي والريعية على المستوى الكلي، وإن كانت تساق (بشكل أو آخر) للإندماج في سلك الرأسمالية - خاصة في مرحلتها الحالية (وما ننسى إمكانية استصحاب الإمتيازات القائمة لما يحصل التحول). نحن نسلم بإمكانية «سل اليد» من قبل الأفراد والإنتقال من موقع لموقع في خارطة العلاقات الإجتماعية، وسلالم التراتبية، لكن «سل اليد» هذا لا يكتسب أهمية كبيرة وحاسمة في تشخيصنا لواقع الصراع الاجتماعي طالما بقي النظام الإجتماعي المعين قائما أو البنيات الاجتماعية المعينة السائدة فيه قائمة.

في نقطة تانية بنفس القدر من الأهمية، وهي لإنو عملية الـidentification في المجتمعات ماقبل الرأسمالية بتتم بشكل أكثر أهمية على أسس جمعية - لإنو إي نظام إجتماعي بعمل وفق معطياته، وهي هنا علاقات القرابة (شوف وانت ماشي تطلع جنسية وشايل شهادة ميلادك وجنسية أبوك وأمك وممكن يكون عندك شلوخ في وشك برضو الفورم يقول ليك «القبيلة» والضابط لازم يتحقق معاك فيها!)، فدة الكلام البجيب الإثنية (وجواها طبعا توجد الأعراق والقبائل والعشائر والثقافات ويمكن الجهات كمان) كمُدخل من أهم مدخلات إنتاج علاقات الـD/S في السودان وأهم نتائج فعلها هو ما يطال الجماعات ذاك المسمى بالـstructural barriers، ذات الطبيعة الإثنية، اللي بتخلّق الـ structural inequalities، اللي دورها في تقديرنا أهم من دور الـindividual variations - مما يجعل (الطبقات) تتمفصل مع مكونات الإثنية دي (العرق، القبيلة، العشيرة، والثقافة ويمكن الجهة). ودة حسب تقديرنا برجع للتعاضد بين رؤس الأموال المادية والرمزية (رمزية دي حسب مفهوم بورديو) في صنع التراتبيات الإجتماعية «الطبقات»، ولو مفيش مصانع مادية - زي ما هو حاصل في الأنظمة الإجتماعية البرجوازية الرأسمالية - عشان تتولى عمليات الفرز بمساندة أختها الرمزية، المصانع الرمزية ممكن تقوم بالعملية دي بمساندة أختها المادية في المجتماعات ما قبل الرأسمالية/ما قبل البرجوازية - والكلام الأخير دة - حسب تقديرنا - هو الحاصل في السودان. ونحسب إنو أهمية الحواجز البنيوية دي بتتفهم أكتر لما نفكر في مثال وضعية المرأة كهامش اجتماعي تاريخي في البطرياركية (لما نخلص من «إتحاد الكتاب الشاقية» ممكن نجي لحكاية «إتحاد الكتاب الرجال» بتاعة أخونا كبّر ونعاين لدور الحواجز البنيوية في أنظمتنا البطرياركية وظلالها الجندرية في التوجهات والممارسات الجمعية السودانية من خلال معاينة نموذج «اتحاد الكتاب السودانيين»، هذه التوجهات والممارسات البتسلك هيمنة الرجال والـgender inequalities كشكل من أشكال الـStructural inequlities القائمة في المجتمعات السودانية).

أوكي، بعد كدة نجي نعاين لتفاصيل واقع الصراع الاجتماعي في السودان. الهويات الإثنية دي جات من وين ووظيفتها شنو في مجال الصراع الإجتماعي في السودان؟ كدة نقلّب دفاتر الصراع.
الهويات الإثنية دي أصلا كانت وما تزال موجودة (وكانت في يوم ما مستقلة ولو نسبيا عن بعضها البعض) وبتعرّف نفسها بنفسها إن ما بالشلوخ، فبالحزازات والحروب، كما تتعرض لتعريفات الآخرين بالطبع. بعد ظهور الدولة المركزية في السودان، أصبح بالضرورة طبعا بناء نظام إجتماعي شامل أو قول كلي (دة الكلام البجيب الجدل = الديالكتيك) يتطلب ترتيب العلاقات وخاصة علاقات السلطة وتقسيم العمل البتقوم على الـ D/S والبتنتج التراتبيات الإجتماعية (الطبقات). وكانت أهم نتيجة من نتائج التفاعلات الإجتماعية الصاحبت نشأة وتطور الدولة المركزية في السودان هي «التراتبية الإثنية» - ما ننسى دور رؤوس الأموال الرمزية. ودة برجع - في تقديرنا - لسببين: السبب الأول هو الأغراض المباشرة الصاحبت نشأة الدولة المركزية وأولوياتها المتعلقة بجلب الرقيق مصحوبة بعلاقات القرابة الثقافية والإيديولوجيا بين صانع الدولة المركزية وبعض الكيانات (الإسلاموعربية) الموجودة في السودان في ذلك الوقت. والسبب الثاني هو طبيعة الأنظمة القرابية السائدة في المجتمعات السودانية (عربية كانت أم أفريقية) اللي ما بتسمح لأليات تخليق النظام الكلي والمحافظة عليه بتراتبياته بإنها تفلّي الناس فردا فردا زي ما هو ممكن نسبيا للأنظمة الرأسمالية البرجوازية (دة طبعا لو افترضنا أن هذا النظام كان يريد أن يتوجه مثل هذه التوجهات)، عشان كدة بتلجأ لتصنيفهم جمعيا. أها دة البفرض علينا أن نحاول أن تشخيص واقع الصراع كما نصفه - قبل للجوء للمنفستوهات (العلاج). وبنفتكر إنو الناس المهمومين بقضايا العدالة الاجتماعية الشاملة مفروض يتفحصوا المسألة دي بدقة ويحاولوا يسموا الأشياء بأسمائها.

من هنا، ممكن نخش على نقطة تانية بنفس القدر من الأهمية (مقارنة بالنقاط السابقة) تخص لب ما نحن بصدده ألا وهي تقسيمة عرب - أفارقة أو عروبة - أفرقة (أفريقانية).
نحن نفهم إنو دي تقسيمات تصارع بعضها وأهم ما فيها هو إنها ذات طبيعة إثنية (عرقية/ثقافية) وإيديولوجية تحوز أقدار متفاوتة في سلالم التراتبية الإجتماعية أو قول علاقات الـD/S وتساهم في نفس الوقت في إنتاجها.
عرب وعروبة وأفارقة أفرقة دي في السودان هي كما نفهم عبارة عن Social constructs عندها تاريخها ووظائفها في حلبة الصراع.
كدة نعاين للإختراعات دي ونشوف إنها إتخلّقت كيف.

عرب وعروبة دي - في فهمنا - بتشير لي كيانات (إثنية = عرقية /عشائرية/ثقافية) سائدة بتميز نفسها بنفسها في السودان وتؤكد سيادتها في كل خطوة تخطوها وأي ممارسة تمارسها. أما أفارقة، أفرقة، أفريقانية، فدي - لو عاينّا ليها كويس بنلقى إنها - مصطلحات subordinate - بمعنى إنها مشتقة بالمقابلة، زي قصة Man/Woman بتاعة اللغة الإنجليزية - أو على الأقل من الوجاهة فهمها كذلك - وبتشير لكيانات Subordinates. وأفارقة وأفرقة وأفريقانية دي طبعا واضح - على الأقل بالنسبة لينا - أنها ملتبسة بالمكان، ولكنها لما توضع في في خارطة الصراع في مقابل عرب وعروبة وإسلاموعروبة، ببدأ تميزها كمقابل للكائن الذي تقابله، وهو هنا مجال إثني ثقافي (ذو بعد ٌإيديولوجي وخلفيات إمبريالية) يقع موقعا معينا في سلالم التراتبيات الإجتماعية وعلاقات السلطة البتسودها. أوكي. السؤال الآن: الشغلانة بتاعة المقابلة دي جات من وين وإتعملت كيف؟
كدة نرجع لتاريخها.
المقابلة في التقسيمة عرب/عروبة - أفارقة/أفرقة (أو أفريقانية) دي في السودان جاية - حسب علمنا - من التقسيمة الكانت قائمة من زمان؛ سنار كمثال (وسنار دي، حسب فهمنا، تمت إعادة إنتاجها في أم درمان كلافتات للإيديولوجيا الإسلاموعر(و)بية في السودان ـ شوف بالله أكبر معملين للقهر العرقي والثقافي المؤسسين علي التقسيم العبودي يبقوا رموز لـ«القومية» يتغنى بيهم كبار الشعراء!). ولما ظهرت الدولة المركزية الحديثة، في عهد التركية، إتعممت: التقسيمة دي كان إسمها عرب - عبيد! أيوة كدة. في زمن التركية، وعلى حد تعبير ونجت (باشا) مقتبسا بواسطة أحمد أحمد سيدأحمد (رسالة دكتوراه منشورة في كتاب) في وصف التكوين البشري لمدينة الخرطوم في ذلك العهد، وهو وصف له دلالته العميقة ويمكن تعميمه:

فإلى جانب هذا التقسيم [التقسيم المبني على الألوان بالتحايل السوداني الذي يسمي الأدهم أزرق والأشهب أخضر] تقسيم آخر للأجناس - وخاصة سكان المدن منهم [اللي هم ورثوا الدولة برمتها بعد ذلك وفرضوا القومية المبنية على أساس سيادة الإثنية الإسلاموعربية]- يتميز بأنه أكثر شمولا وسهولة: فأهل البلاد يدعون أنفسهم - مهما كانت ألوانهم - عربا. والزنوج عندهم عبيد. وكل مسلم أبيض مهما كانت جنسيته تركي، وكل مسيحي أبيض نصراني.... فأهل البلاد إما عرب وهم سكان شمال السودان، وإما عبيد وهم الزنوج سكان الجنوب -عبيدا كانو أم أحرارا" (سيد أحمد، 2000:244)


كدة نخش لجوة ونشوف تفاصيل الشغلانة دي. يقول نفس المصدر:
والعرب من سكان الخرطوم - على هذا الأساس - هم السودانيون الشماليون. كما يضم إليهم المولدون من أم سودانية وأب غير سوداني، وسكان البلاد من ممن تشبه ألوانهم األوان السودانيين، والمغاربة الذين استقروا في السودان منذ مدة طويلة قبل الفتح المصري ...
وهذا الصنف من سكان الخرطوم يتكون من خليط من كافة قبائل السودان، وإن كان معظهمه من الدناقلة والجعليين والشايقية والمحس والمغاربة. ويضاف إلي ذلك عدد كبير من الدراويش أصحاب الطرق الصوفية والمشائخ المعروفين بالفقراء أو (الفقرا) عند السودانيين. (نفسه،244)


وحسب نفس المصدر إنو العبيد كانوا يشكلون نصف السكان علي الأقل، وفي عام 1883م (حسب تقرير الكلولونيل استيوارت) كانوا يمثلون ثلثي سكان الخرطوم.
ونحسب أن مثل هذا الواقع الاجتماعي التأريخي في الخرطوم هو ما دعا القدال لتعميمه في مقولته:
وأدى إنحصار مصادر الرقيق في المناطق التي تسكنها القبائل الزنجية إلى تعميق الفارق بين الشمال والجنوب، حتي أصبحت كلمة رقيق أو عبد تعني أفراد تلك القبائل سواء وقعوا في أسر الرق أم لم يقعوا." (القدال، ص 70).


مع ملاحظة إنو القصة مش مجرد شمال وجنوب، وإنما لكل جهة إمتداداتها.

أها يا جماعة، أهوندة طلع إنو استعمال إفريقي أفرقة أفريقانية دة طلع فيهو
Euphemism
يعني الكثيرين مننا متواطئين بالتحايل علي المعني السائد إجتماعيا بالألفاظ؛ يتواطأ الكثيرين، البفتكروا نفسهم سادة بالتنازل عن عبيد لأفارقة ويتواطأ الكثيرين من البتقع عليهم الواقعة - العبيد - باللجوء لأفارقة دي، يمكن لتجنب تعريف «الذات» تعريفا سلبيا: «نحن مش عرب»، البوقّع صاحبه في داخل الدايرة الما دايرها، وكل على ذيله متستر من إطلالة التأريخ! يا ربي يكون دة السبب ورا الرغبة المحمومة تجاه القفز إلى المنفستوهات والتستر ورا «المهمشين الإسلاموعرب» البقوا زي مصحف عمرو ابن العاص، والبتم لخبتتهم غفلة أو عمدا في الحاجة الإسمها «مهمشين الشمال الجغرافي»؟ حنجي للقصة دي لاحقا.
ومسألة
الـ Euphemism
دي لو حفرنا فيها بنلقى إنو فرضتها ظروف معينة، أول ظرف هو إلغاء مؤسسة الرق في السودان، وبالتالي لم يعد من المسموح به «رسميا» إستعمال «عبيد» في الرسمي والعلن، ولكنها طبعا ظلت مستعملة إلي يومنا هذا في غير الرسمي وغير العلني، وأحيانا غير العلني بمرق للعلن، زي ما حصل في حادثة سودانيزأونلاين الطالت ناس الغرب كلهم بمن فيهم شيخ عرب البقارة ود أبونا الذي يلقب نفسه بـ(كانتونا) في واحد من بوستاتنا المشهورة. الظرف التانى إنو الجماعة المسيطرة، بعد أن دانت لها السيطرة، لابد أن تعدل خطابها كسلوك إيديولوجي مفهوم لتباصر به أمورها لتأمن سيادتها واستمراريتها وضمن ذلك طبعا تجنب الإستفزاز الذي قد يؤدي إلى الهلاك (يمكن مراجعة ليفي ستراوس حول كيف يعمل تمدد البنيات). والظرف التالت ممكن نقول إنو الناس الكانوا إسمهم عبيد بدأو يعوا بقيمة أنفسهم كأفارقة كفاحا ضد (الملازم أول عبيد) البترصدهم في الشارع وفي الحياة اليومية، والظرف الرابع ممكن يكون حسن النوايا، الممكن نقول ولو افتراضا إنه نابع من تقدم وعي بعض الناس أو طموحهم تجاه العدالة والمساواة ومن ثم تجاوز معطيات تواريخ يعتبرونها شائنة بتظهر- مرة بعد مرة - في شرايط الشاويش عبيد (الكان إسمه الملازم أول عبيد).
طيب، الدناقلة والمحس ديل (على سبيل المثال) دناقلة ومحس ولا عرب؟ طبعا دي من الإرتباكات البتخلقها عمليات التشميل والتبعيض في عرب/عروبة دي، لكن لو إتفحصنا المسألة، القصة كما يبدو إنها زي قصة قريش/عرب/موالي (عشان دة مثال أكثر قابلية للفهم من قبل إستعدادات التلقي الخلقتها الهيمنة الإسلاموعروبية في السودان)؛ الدناقلة دناقلة في دنقلا، والمحس محس في بلاد المحس، لكن من يخرج ويتوجه إلي مجالات الدولة المركزية المحددة سلفا، المدينة كأوضح مثال، يدخل في سلك العروبة عبر عملية الإستعراب كخيار بتفرضه التقسيمة «المرعبة» السائدة: عرب/عبيد. وطبعا مفيش «مخيّر» - ولو جزئيا - بضيع الوكت في خيارات بينية ممكن تحيله في ظل الإرهاب إياه للتانية أو ما يقربه منها «قيد أنملة» - دة قانون الحراك الفرضته مواعين الدولة المركزية، امتداداتها، وإرتباط النشأة بمصر (أم العروبة كما تعرّف نفسها). أها لما تتحسم مسألة السيادة لـ(عرب) دي، القصة ما بتقيف هنا، بتظهر قريش طبعا في مقابل جهينة في إطار التقسيمة الداخلية، زي ما حصل في زمن المهدية الأظهرت التقسيمات الفرعية لـ(عرب) دي، وبقت القصة «أولاد البلد» و«أولاد الغرب» وفي الركن طبعا عبيد ديك قاعدة في ركنها. ولما فاتو «أولاد الغرب» أو إتفوّتوا في الفوات المعروف، بعد داك قريش طبعا عندها «أولاد العباس» و«أولاد أمية» و«العلويين» - ديل ناس المهدي، و«آل البيت» - ديل ناس الميرغني. وبرضو عبيد الإتحولت لـ«أفارقة» قاعدة في ركنها داك.

النتيجة الوصلت ليها الدولة المركزية في السودان هي هيمنة عرب وعروبة على أفارقة أفرقة أفريقانية أي بعبارة أخرى السادة على من كانوا (أو من كانوا يعتبرونهم) عبيدهم كأمتداد - مفهوم - للتقسيمة بإسمها الأصلي داك، وكانت النتيجة البعديها أو المترتبة عليها هي إلحاق السودان بعربه/عروبته (سادته) وأفارقته/إفريقيته/أفريقانيته (عبيده أو من يعتبرهم السادة عبيده) بالمجال العربي الكبير، كمجال إمبريالي، كشكل مفهوم من أشكال التماهي، والمجال دة، كما هو مفهوم أيضا، إنو بميز نفسه بنفسه في حلبات الصراع (الإثني الثقافي بالتحديد، كعنصر له أهميته الخاصة فيما نحن بصدده). وبالإضافة للأبعاد المادية للسيطرة الإسلاموعربية (وإيديولوجيتها الإسلاموعر(و)بية) في السودان، ومن ثم الإلحاق بالمجال العربي الكبير، فهناك الأبعاد الرمزية. ودة البجيب الكلام عن توجهات وممارسات «إتحاد الكتاب السودانيين».

الأبعاد المادية لسيطرة الكيان الإسلاموعربي وإيديولوجيته الإسلاموعر(و)بية في السودان ظاهرة في حيازة السلطة والثروة والخطاب الرسمي. أما الرمزية، فهي تكمن في إتخاذ الكائن الإسلاموعربي (العارب والمستعرب البكبّر في نفسه بـالمعورب/المعربن، والمتعورب حين تقتضي الضرورة وبلجأ للتقسيمات الداخلية حين تقتضي ضرورات داخلية أخرى) ككائن معياري، يتم ترسيخ معياريته (في عملية إعادة الإنتاج العرقي والثقافي وفق شروطه البتأمن سيادته) عبر فرض لغته، وثقافته، وتاريخه، وتصوراته للقرابة مع الأخرين - خارج السودان - وتصوراته للمستقبل علي مجمل أهل السودان. ووضعية هذا الكائن ككائن معياري هي التي ترصف له الطريق وتؤمن له السيادة وما يترتب عليها من مواقع في التراتبية الإجتماعية في مجال مجتمعات ما قبل رأسمالية في مقابل الحواجز البنوية أمام الآخرين. طبعا التسليم لشخص أو لمجموعة ما بالسيادة دي مسألة معقدة خالص، لكن ممكن نفهم إنو علاقات الـD/S ما بتتبني فقط بالبونية والشلوت أو البندقية -حديثا - وإنما عبر ما يسميه غرامشي بـ"الهجمنة" (دي ترجمة الصديق صدقي كبلو لـ Hegemony) وهي تعني الـdomination by consent، يعني - زي ما في ناس كتير عارفين إنو - العبيد البيولدو في كنف العبودية ما بتصوروا أنفسهم كناس يمكن أن يكونوا أحرار، بل يأخذوا كمسلمات سيادة أسيادهم عليهم (يعني العبودية بالقبول)، مش كدة وبس، بل ويستصحبوا تحاملات أسيادهم علي الأخرين؛ مثال لذلك ما ورد في ورقة عبدالله علي إبراهيم الموجودة في كتابه «الصراع بين المهدي والعلماء» إنو عبيد الكبابيش يأنفون من رعي الأبقار ويعتبرون ذلك تحقيرا لهم تماشيا مع إحتقار أسيادهم للبقارة! ومثال العداء المفرط ضد أعداء العرب (في الماضي وفي الحاضر) الذي تمارسه الدولة السودانية وكثير من الكيانات ذات التكوين الجمعي! وقياسا عليه، لما يتربى الزول في وضعية ويشوف إنو الرئيس دائما من الجماعة «أ» والضباط غالبيتهم من الجماعة دي ذاتا، والبتكلموا في الإذاعة أو التلفزيون هم ذاتم واللغة المفروضة عليهو في المدرسة (البتساهم في تخريجه مبكرا إلى الشارع) هي لغة الجماعة دي ذاتا، والتأريخ والبطولات هي بتاعة الجماعة دي ذاتا، ورئيس إتحاد الكتاب من الجماعة دي ذاتا والكتاب البجيبهم «إتحاد الكتاب السودانيين» هم إمتداد (أو قول أقرباء بشكل ما من أشكال القرابة) للجماعة دي ذاتا - الزول دة في أغلب الإحتمالات بيعي نفسه مش كجزء فحسب وإنما - وهو الأهم
كـSubordinate
للجماعة دي وممكن كمان يبقى زي صاحبنا عبد الكبابيش - إلا من رحم ربي طبعا- وأظنكم عارفين ما يترتب على ذلك من ممكنات في صنع «الطبقات» في الزمن المعين القائم وأيضا لما تحصل التحولات باتجاه البرجزة والرأسمالية البتساق ليها الناس سوقا، وحتى في الإشتراكية زي بتاعت الإتحاد السوفيتي - الذي ذهب في ذمة التاريخ وترك لنا العبر.

أها «إتحاد الكتاب السودانيين» دة - زي ما وضحنا فوق - بتماهى في المجال العربي/العروبي مثلما تتماهى الدولة، الدولة دي قالوا ديكتاتورية، ناس «إتحاد الكتاب السودانيين» ديل مالهم؟

وإلى حين عودة، سلام

--------------------------------------------
أحمد أحمد سيد أحمد؛ تاريخ مدينة الخرطوم تحت الحكم المصري 1820-1885، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2000.
محمد سعيد القدال؛ تأريخ السودان الحديث 1820-1955، الأمل للطباعة، بدون تاريخ.
Fromm, Erich. The sane society. (pages between 60 and 70 - as I remember).

----------------------
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

سلام للجميع

العزيز أبكر
المشاكل التقنية دي حلها والنصح في أمرها في إيد إيمان وأحمد. فلننتظر نصيحتهم إن سمح وقتهم مع مشغولياتهم الكثيرة في هذه الأيام. لكن، يبدو لي، حسب حدود معرفتي في هذه المسائل، أن المشكلة في "ماكنتوشك".
النظام الذي يعمل به هذا المنبر لا يسمح بقراءة المداخلات سوى بالشكل التي هي عليه الآن. فمعذرة يا صديقي إن لم يكن في جرابي الآن ما يحل مشكلتك.
نجاة
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


الصديق أبكر
يرى إيمان وأحمد أن الحل هو في تقليل عدد المداخلات في الصفحة إلى 30 مداخلة بدلاً من خمسين. وها هو عدد المداخلات قد نقص الآن إلى 30 تسهيلاً لأصحاب الماكنتوش.

سلامي للجميع
نجاة

Muhammad Jalaal Haashim
مشاركات: 131
اشترك في: الخميس سبتمبر 08, 2005 6:06 am

مشاركة بواسطة Muhammad Jalaal Haashim »

الأخ العزيز أبّكر وبقيّة المشاركين: لكم جميعا التحية.

عزيزي أبّكر أراك تستند على كلام لوكاش كثيرا وكيف أن مجتمعات ما قبل الرأسمالية ذات وعي جمعي مقابل الوعي الفرداني لدي المجتمعات الرأسمالية. وأراك تورد في ذلك العديد من الاقتباسات. لكن يا صديقي دعنا ننظر في مصطلح "ما قبل رأسمالية" نفسه لنرى إن كان قادرا على التعبير عن المجتمعات التي وجدها لوكاش ولفيف الماركسيين المحدثين خارج جغرافية الرأسمالية. فهذا المصطلح يجوز استخدامه من قبيل استخدامنا لمصطلح "الأيديولوجيا" على ما تشتمله من تزييف للواقع. أي أنه - في رأيي طبعا - يجوز استخدامه عبر دلالات سياقية تختلف الواحدة عن الأخرى لا أن نستخدمه وكأنه نظرية فيثاغورية تنطبق حدودها مع حدود الواقع المتعيّن تطابقا تمامّا. أي كأنها طريق للسكّة حديد لا مناص للقطار من أن يسلكها لو أراد أن يصل إلى نهاية رحلته. بمعني أنها طريق مكتوب للإنسانية أن تمرّ بها وكلّ الذي علينا هو أن ننتظر هذا القطار والذي ربما لا يأتي أبدا بنفس الطريقة الحالمة التي انتظر بها التطوّريون الأورثودوكس اللحظة (الحتمية) التي يطفُرُ فيها قردٌ ما إلى مرحلة الهوموسبيان. فهذه المصطلحات وغيرها كثير أصبحت ذات دلالات خطابية متجدّدة ومتنوّعة حسب السياق الذي تُستخدم فيه. وغاية ما تبلغه في دلالاتها هو تقريب أو تثبيت صورة لا تني تتراقص أمام أعيننا؛ فما إن تثبت للحظات حتّى تعاود التراقص من جديد. وهذه سمة الخطاب ومناط الديناميكية فيه وإلاّ كان مثل خُطب صلاة الجمعة التي يُذكر فيها السلطان عبد الحميد أمير المؤمنين داعية له بالسداد والتوفيق بينما السلطان قد مات قبل نصف قرنٍ من الزمان ودالت دولتُه.

الآن سأحاول أن أشرح كلامي أعلاه متناولا ظاهرة الديموقراطية في تحوّلاتها الثقافية من المجتمعات الرأسمالية إلى المجتمعات غير الرأسمالية (وليس قبل الرأسمالية). وسيكون مرتكز المناقشة هو هذا الوعي الفرداني في الأولى مقابل الوعي الجمعي في الثانية.

في مرحلة ما قبل الرأسمالية في أوربما لم يكن هناك أفراد؛ فالطبقة الأروستقراطية كانت تسيطر على المجتمع عبر نظام الأقنان. بمعنى إذا كنتَ تنتمي إلى طبقة النبلاء الأروستقراطية فإنك لا تتصرّف كفرد بل تبعا لنظام قيمي جمعي صارم. أمّا إن كنتَ تنتمي إلى الطبقة الدنيا وهي طبقة الأقنان فإنك لا تملك شخصية خاصّة بك بل ما أنت إلاّ فرد من أسرة هي بدورها جزء من مجموعة أكبر منها وجميعها مملوك أو في أحسن الأحوال يعيشون في كنف أحد النبلاء والذي يتصرّف وكأنه يمتلك المجموعة. فمثلا في العصر الأموي والعبّاسي عندما برز مجتمع الموالي كان المولى لا يستطيع أن يزوّج ابنته إلاّ بإذن الوليّ (مع ملاحظة تضاد كلمة "مولى" و"ولي" أي paradoxical term). في العديد من بلاد أوربّا تتكرّر الحكايات عن كيف أن القن كان لا يستطيع أن يزوّج ابنته أو أن يتزوّج هو نفسه إلا بعد أن ينام النبيل مع العروس.

مع تزايد الكشوفات الجغرافية نمت الحاجة إلى مهارات تقنية مثل الحدادة وفتل الحبال وفنّي السفن ... إلخ وهي ذات المهارات التي كان الناس يمارسونها ولكن فيما يحدّده لهم النبيل وذلك حال مكوثهم في أرضه (ولتقارن ذلك مع حالة "الحداحيد" في الممالك السودانية الوسيطة). وبالطبع لم يكن للناس خيار إذ لم يكن هناك مهرب من هذه الحياة. ولكن الكشوفات الجغرافية أتاحت شيئا جديدا إذ أصبح في مقدور الإنسان (الفرد) أن ينعتق من ربقة نظام الأقنان وذلك بأن يعيش في المدن والموانيء النامية بسرعة بعيدا عن النبلاء وهو يملك أمر نفسه أي دون أن يعيش في كنف أي نبيل ودون أن يكون ملزما بتقديم كشف حساب لكل ما يكسب. مع تزايد الكشوفات الجغرافية واتّساع الممالك بالفتوحات في فاتحة العصور الاستعمارية تزايد عدد الأقنان الذين أصبحوا يهربون من القيتوهات (لو جاز هذا التعبير) الاجتماعية التي ضربها حولهم نظام الأقنان.

هنا توّلدت جرثومة الحركة الليبرالية (وليس بالضرورة الديموقراطية ) كخصيصة عزيزة من خصائص هذا المجتمع الجديد والذي لمّا يتشكّل بعد. وقد كانت بذرة هذه الليبرالية هي الحريّة الفردية مقابل الربقة الجمعية (Collective Subordination) التي اتّسم بها نظام الأقنان. فيما بعد تطوّرت هذه الجيوب من مرحلة ما بعد نظام الأقنان إلى نواة الطبقة البرجوازية والتي ولّدت معها طبقة البروليتاريا بالمعايير الحدّية المتعارفة عليها. ثم عمدت هذه الطبقة إلى تراث الديموقراطية الرومانية فشكّلت لها ديموقراطية تختصّ بأهمّ خصائصها الثقافية (ولنقل: الطبقية) وهي الليبرالية والتي تبلورت على يد فلاسفة عديدين أشهرهم جون لوك وجون ميل. في فكر هؤلاء لم تعْدُ الليبرالية كونها الحرية الفردية في مواجهة سلطة المؤسسة (الدولة أو المجتمع).

إذن هذا هو مردّ التباس الفردانية - بمتعلّقاتها من ليبرالية وبرجوازية - مع الرأسمالية. وهو ما فهمه الماركسيون (أصوليين ومحدثين) أحسن فهمٍ. إلاّ أنهم لم يُحسنوا عندما اتّخذوا ذلك المجتمع قياسا لباقي مجتمعات الله في أرضه الواسعة فعمدوا (هل نقول: بستالينية؟!) إلى تعميمات حتمية تقضي بأن يمر تطوّر البشرية بجسر مجتمعهم الطبقي وبرجوازيتهم الفردانية مُسقطين خصائص الوعي الجمعي في مجتمعات أخرى (لم تعرف نظام الأقنان كما أخذت الكشوف الجغرافية وتطوّر العلم كمعطى) على أنه ذات المرحلة التي مرّت بها مجتمعاتهم قبل الرأسمالية. فالوعي الجمعي في أفريقيا (والسودان واحدٌ منها) لا يقوم على الإلغاء القسري للفردانية كما في نظام الأقنان إذ يأتي كخيار وليس كقدر مفروض بالقوّة الغاشمة. فمثلا في مصر الفرعونية كان نظام الأقنان قائما ولم يُلغ نهائيا إلاّ في عهد عبد الناصر. في السودان الفرعوني لم يكن ذلك النظام قائما كنظام اجتماعي بل كجيوب أقرب منها إلى الرق (راجع مسألة الحداحيد باعتبارهم صانعي أسلحة الحرب). ولتنظر إلى الأهرامات في البلدين كيف أتاح نظام الأقنان في مصر لحكّامها أن يبنوها بذلك الحجم المهول في الوقت الذي لم يتمكّن فيه فراعنة السودان من فعل ذلك ببساطة لأن نظام الأقنان لم يكون موجودا وأي محاولة لإكراه الناس بعمل شيءٍ لا يريدونه كان ينجم عنه هروب الأفراد والجماعات بعيدا عن دائرة تسلّط الحاكم.

إذن إلى ماذا نخلص وفق هذا الفهم؟ إن الأطوار التي مرّ بها المجتمع الغربي من حيث البرجوازية ثمّ الرأسمالية ثم الليبرالية ليس من الضروري أن تمرّ بها المجتمعات الأخرى. ليس لأن الظروف تتغيّر والملابسات تشتبك بطريقة تختلف - فهذا ممّا لا يختلف فيه إثنان ولكنّه مع ذلك لم يُجدِ فتيلا في أن يذهب أناسٌ ما ذهب إليه أخونا أبّكر - بل لأن هناك دائما استقلالية بين كلّ مجتمع وآخر. هذه الاستقلالية هي جماع هذه العوامل التي يمكن أن نسترسل فيها إلى ما لا نهاية.

بالعودة إلى الديموقراطية نلاحظ أنها لا يمكن أن تكون ليبرالية إلاّ في مجتمع يختصّ في شخصيته الفردية والجمعية بخصائص الحرية الفردية كما هو الحال في المجتمع الغربي الرأسمالي. عليه يمكن أن نقول إن الديموقراطية التي يمكن أن تصلح في السودان هي الديموقراطية التعدّدية. والتعدّدية هنا ليست للإشارة إلى تعدّد التنظيمات السياسية بل هي راجعة إلى التعدّد الثقافي والإثني في معنى أن يكون لأي جماعة ثقافية الحق في أن تحافظ على ثقافتها ولغتها دون أن يكون ذلك مدخلا لفرض هذه الأشياء والقيم على الآخرين وأن تتنزّه مؤسسة الدولة من الانحياز لأيّ مجموعة ..... إلخ.

بعد هذا إذا أردنا أن نتناول ما تُطلق عليه مصطلح (Domination/Subordination) في واقع السودان المتعيّن فإن أضلّ المداخل لتحليل هذه الظاهرة هو الأخذ بمسلّماتها ومن ثمّ الانطلاق منها. أشهر هذه المسلّمات هو أن أجناس السودان تتباين عرقيا من حيث العروبة والأفريقية. فقد عشتُ في جنوب السودان يا صديقي ورأيتُ وسمعتُ كيف يصف الجنوبي الأسود كسواد الفحم أخاه الجنوبي الأسود كسواد الفحم أيضا بأنه عبد لمجرّد أنه لا يتكلّم اللغة العربية أو لمجرّد أن الأول يستصحب في ذاكرته نسبا عربيا بعيدا لم يترك أثرا يجعله يختلف إثنيا عن أخيه الذي يصفه بأنه عبد.

ولكن هل هذا ينفي أن هناك فعلا (Domination/Subordination)؟ لا طبعا! فهذا موجود ولكن نحن لسنا بصدد إثبات وجوده من عدمه؛ بل نحن بصدد تحليله واستكناه أسباب وعوامل وجوده. في هذا لا أرى مدخلا أفضل من الأيديولوجيا باعتبارها وعيا زائفا لدراسة هذه الظاهرة. فكلّما اشتدّ الاستقطاب الأيديولوجي زادت حدّة خطاب وسياسات الربقة حتّى تحوّلت إلى عمليات استرقاق ثم إبادة منظّمة من الدولة. هذا بالطبع سيقودنا إلى معمعة من المعارك المنهجية حول الهويّة كخيار وهل يجوز لنا أن نتجادل مع الناس حول ما اختاروا من هويّة؟ وطبعا كلّكم تعلمون بمآلات حوار كهذا وما رفد به الأستاذ عبد الله علي إبراهيم.

في مذهبي يجوز أن نتغالط مع الناس حول هويّاتهم طالما كان الناس يستخدمون أنسابهم للإزراء بأعراق الآخرين. أي أنّنا لا ينبغي أن نلتحف ونتدثّر بروب الأكاديمي الذي لا ينتمي للصراع ومن ثمّ لا نتجادل مع إخباريينا على ما في شهادات نسبتهم من أغلاط تاريخية. نعم يجوز لنا أن نتغالط وأن نتجادل معهم وأن نبادلهم إزراء بإزراء حتّى يتبيّن لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود. كما يحقّ لنا أن نستفيد من إزراء عرب الجزيرة العربية بعرب السودان؛ ومن خطاب الإزراء هذا أن نُطلق على عرب السودان مسمّى "المستعربين" كما نُطلق على عرب الجزيرة العربية مسمّى "العرب العاربة". وفي النهاية لا يفلّ الحديد إلاّ الحديد.

ولكن هل هذه خطّة نقدح بها من بنات أفكارنا؟ لا شيء أبعد من هذا! إذ إن الواقع اليومي في الشارع العام هو الذي يطرح هذا الخطاب في أحدّ أشكاله. أمّا نحن الطبقة المتعلّمة أو المثقّفة فقصارى ما نقوم به هو التنظير مع أو ضد الظاهرة متسلّحين بسلاح النظريات العلمية والأنثربولوجية ما بليَ منها وما جدّ.

عزيزي أبّكر؛ كنتُ قد شاركتُ في هذه البوست الرائع والمشوب بالمرارة من جانبك (وهي مرارة لا أدري لها سببا؛ فنسمةُ فجرِنا بدأت تُهيبُ) بمداخلة حول مفهوم الهامش والمركز خلصتُ فيها إلى أن من يمارسون في السودان ما تُسمّيه (Domination/Subordination) هم نفسُهم مهمّشون مع فرق واحد هو أنهم لم يكتشفوا تهميشهم بعد. وهذه رؤيا لا تستند على مسلّمات خطاب الربقة عرقيّا أو جغرافيّا. وهذا فهم يتعارض ويتقاطع مع ما تطرحه إذ أراك تتّكيء على مسلّمات خطاب الربقة. من ذلك إشاراتُك البكائية المتكرّرة إلى حقيقة سواد لونك الفاحم مقرونا مع مسلّمة أنّك في هذه الحالة عبد حسب خطاب الربقة كما هو معهود. ولكن ماذا سيكون موقفُك إزاء خطاب آخر لم يتشكّل بعد وإن كان في طريقه إلى هذا وهو أن جميع السودانيين سود وأن هذه البلاد ظلّ اسمُها عبر التاريخ يدور حول معنىالسواد: كرمة (طين البحر الأسود)؛ كوش (الأسود)؛ إثيوبيا (محروقي الوجوه كناية عن السواد)؛ نوبيا (السواد وليس كما يشاع الذهب)؛ السلطنة الزرقا (بدون الهمزة وليس "الزرقاء" بمعنى "blue" بل تعني "السوداء")؛ ثمّ السودان ... إلخ هذا الخطاب والذي لا أظنّ أنّني في موضع من يشرح عناصره لك.

على أيّ حال استمتعتُ كثيرا بقراءة ومعاودة قراءة هذا البوست الذي افترعتَه لإثارة النقاش ونجحتَ فيه فلك الشكر والتقدير موصولا لبقيّة المشاركين ؛؛؛؛؛

؛؛؛؛؛ ودمتم ؛؛؛؛؛؛

محمد جلال أحمد هاشم
MJH
ايمان شقاق
مشاركات: 1027
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 8:09 pm

مشاركة بواسطة ايمان شقاق »

سلام للجميع،
تابعت ما في هذا الخيط من أفكار وتعليقات قيمة، و رأيت أن أشارك بهذه الرؤية للكاتبة والقانونية الامريكية باتريشا وليمز في واحدة من مقالاتها
The Emperor's new clothes
هي واحدة من خمس مقالات في كتابها Seeing A Color-Blind Future
حكت وليمز كيف انه خلال سنة واحدة ثلاث مدرسات في مدرسة إبنها(لتعليم الاطفال الصغار) قمن بإخطارها أن إبنها يعاني من عمى الالوان، ذهبت به الى الطبيب المختص فأعلن الطبيب أن نظر إبنها سليم . فأخذت تسأل إبنها عن الالوان فقال "أن اللون لا يهم" " It makes no difference!"
إكتشفت أخيراً أن إبنها يردد ما قالته مُدرساته، فقد كن يأكدن (له ولأنفسهن!) إذا كنت أبيض أو أسود لايهم، اللون لا يهم؛!!
وليامز ترى أن التأكيد على أن اللون لا يهم لهو أكبر دليل على "ideological confusion at best, and denial at it's very worst."
وقالت وليامز أن محاولات المُدرسات لتلقين الاطفال او تعريفهم بمبدأ المساواة فات عليهن أن إلغاء او إعطاء "ليبل"، "أن اللون لا يهم" جعل طفل في مكان إبنها في حيرة، بين تجربته كأسود وبين احاسيس الغربة التي جعلته يبحث عن طرق لقبوله إجتماعياً.
قالت إنها تعتقد في مبدأ الـ color-blindness لكن كأمل للمستقبل، وتظن ان المجتمع غير مهيئا لهذه اليوتوبيا "ليس بعد"، كما ترى أنه من المحتمل أن تتلاشى هذه اليوتوبيا بعفوية البعض في التفكير.
كما في هذه المقولة "I don't think about color there for your problems don't exist."

خلاصة القول هي تعتقد أن المشكلة هي التركيز على إخفاء أو مُداراة الاختلاف حيث ويكون ذلك على حساب قبول الاختلاف ثم التعايش معه.


شكراً على المناقشة الثرة
وتحياتي للجميع
ايمان
صدقي كبلو
مشاركات: 408
اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 9:02 pm

مشاركة بواسطة صدقي كبلو »

الصديق أبكر
شكرا لمساهمتك الأخيرة لإتسامها بالوضوح النظري، مما يجعل الحوار مفيدا وثريا.
هناك نقاط إختلاف ونقاط إتفاق. دعنا نتناول بعضها هنا:
تقول:
"لأننا بنعتبر إنو المجتمعات الموجودة في السودان، علي ما فيها من تفاوتات، هي مجتمعات ماقبل رأسمالية، تسودها علاقات القرابة - بالمعني الأنثروبولوجي للمصطلح وتسودها الإقتصاديات الإكتفائية على مستوى الاقتصاد الجزئي والريعية على المستوى الكلي"
وأعتقد أن هذا أساس كل المناقشة التي مهدت لها بحديث لوكاش عن المجتمعات ما قبل الرأسمالية
لقد أوردت أنت جزء من الفقرة الثانية:
This is true above all because class interests in pre-capitalist society never achieve full (economic) articulation. Hence the structuring of society into castes and estates means that economic elements are inextricably joined to political and religious factors. In contrast to this, the rule of the bourgeoisie means the abolition of the estates-system and this leads to the organisation of society along class lines. (In many countries vestiges of the feudal system still survive, but this does not detract from the validity of this observation.)
ولكن دعنا نقرأ تلك الفقرة مع الفقرة التي تليها:
This situation has its roots in the profound difference between capitalist and pre-capitalist economics. The most striking distinction, and the one that directly concerns us, is that pre-capitalist societies are much less cohesive than capitalism. The various parts are much more self-sufficient and less closely interrelated than in capitalism. Commerce plays a smaller role in society, the various sectors were more autonomous (as in the case of village communes) or else plays no part at all in the economic life of the community and in the process of production (as was true of large numbers of citizens in Greece and Rome). In such circumstances the state, i.e. the organised unity, remains insecurely anchored in the real life of society. One sector of society simply lives out its ‘natural’ existence in what amounts to a total independence of the fate of the state. “The simplicity of the organisation for production in these self-sufficient communities that constantly reproduce themselves in the same form, and when accidentally destroyed, spring up again on the spot and with the same name – this simplicity supplies the key to the secret of the immutability of Asiatic societies, an immutability in such striking contrast with the constant dissolution and resounding of Asiatic states, and the never-ceasing changes of dynasty. The structure of the economic elements of society remains untouched by the storm-clouds of the political sky.” [16]
ويقول لوكاش:
Yet another sector of society is – economically – completely parasitic. For this sector the state with its power apparatus is not, as it is for the ruling classes under capitalism, a means whereby to put into practice the principles of its economic power – if need be with the aid of force. Nor is it the instrument it uses to create the conditions for its economic dominance (as with modern colonialism). That is to say, the state is not a mediation of the economic control of society: it is that unmediated dominance itself. This is true not merely in cases of the straightforward theft of land or slaves, but also in so-called peaceful economic relations. Thus in connection with labour-rent Marx says: “Under such circumstances the surplus labour can be extorted from them for the benefit of the nominal landowner only by other than economic pressure.” In Asia “rent and taxes coincide, or rather there is no tax other than this form of ground-rent”. [17]
هذا يقودني لنقطة خلافنا الأولى حول تطابق ما يقوله لوكاش مع الواقع السوداني. هل السودان مجتمع ما قبل رأسمالي؟ يبدو أن صديقي أبكر يقع فيما يحذر منه والذي يتهم ما أسماه الماركسية الأرثوذكسية بالوقوع فيه، الإنطلاق من نموذج نظري جامد بينما المطلوب هو ببساطة ما دعى له لينين من دراسة الواقع الملموس وذلك في تقديري تقليد ماركسي قديم يكمن في منهج ماركس.
أولا دعنا نتفق على أن لوكاش يتحدث عن المجتمعات غير الرأسمالية وفي ذهنه المجتمعات القديمة في أثينا وروما والمجتمعات الآسيوية التي تحدث عنها ماركس تحت ما أسماه أسلوب الإنتاج الآسيوي المكون من وحدات معزولة تعيد إنتاج نفسها.
هل ينتمي السودان لتلك المجموعات؟ هل يمكن وصف أو تصنيف المجتمع السوداني رغم كل التغييرات الرأسمالية وعمليات المفصلة والإلحاق للتشكيلات غير الرأسمالية، أنه الآن يشكل تشكيلة قبل رأسمالية في مجمله؟ هل يمكننا وصفه كما يقول لوكاش:
The various parts are much more self-sufficient and less closely interrelated than in capitalism. Commerce plays a smaller role in society, the various sectors were more autonomous (as in the case of village communes) or else plays no part at all in the economic life of the community and in the process of production (as was true of large numbers of citizens in Greece and Rome).
إن المسالة ليست مجرد تنظير هي دراسة للوااقع الملموس، واقع تسرب الإنتاج السلعي في خلايا المجتمع السوداني بحيث لا يمكن الحديث عن إقتصاد معيشي (يقوم على أساس إنتاج من أجل إستهلاك المنتجين وعائلاتهم) أو يقوم على تسويق الفائض عن حاجة الإستهلاك العائلي، وليس ذلك فقط نسبة لتغيير نمط الإستهلاك ودخول سلع صناعية تتطلب التبادل السلعي النقدي للحصول عليها، أو لمتطلبات دفع الضرائب المحلية او رسوم الخدمات او تعليم الأولاد والبنات، بل لأنه فرض فرضا من خلال المشاريع المروية والزراعة الآلية وإدخال زراعة القطن في جبال النوبة وتشجيع زراعة الحبوب الزيتية خاصة بعد وصول حلف الأرستقراطية الدينية والقبلية والرأسمالية للسلطة بعد الإستقلال حيث أزيلت القيود التي كانت مفروضة على دخول التجار مجال الزراعة في أراضي الفبائل والحدود القصوى التي كان يسمح بها للتنافس بين التجار ووكلاء الشركات المصدرة رفع أسعار الماشية والمحاصيل في السوق المحلية. كل هذا أدى أن تعترف الحكومة المركوية عندما أنهارت المشاريع المروية وصادراتها من القطن أن الزراعة المطرية وما كان يسمى بالقطاع التقليدي (والذي يفترض الناس أنه معيشي) كان يحمل الإقتصاد الوطني على ظهره وكان هو المصدر الأساسي للعملات الصعبة. حدث هذا مرتين في النصف الثاني من السبعينات وفي تسعينات الفرن الماضي!
هكذا لا يمكننا الحديث غن إقتصاد معيشي مغلق قبل رأسمالي، بل نتحدث عن إقتصاد رأسمالي يقود ويلحق كل الإنتاج السلعي الصغير، وعن رأسمالية تستعمل أدوات للعمل متخلفة (كان ينبغي أن تكون في متحف بلإنتاج القومي)، لا نتحدث عن إقصاء تشكيلة إقتصادية، بل عن إلحاقها ودمجها في سوق عالمي ومحلي لإستغلالها إستغلالا يقوم أساسا على التبادل غير المتكافئ حتى في سلعة هامة كقوة العمل، هذا التبادل غير المتكافئ هو الذي يحدث التراكم على أضلاع مثلث سنار كوستي الخرطوم وتنتج عنه ظاهرة النمو غير المتوازن وعدم التمثيل المتكافئ في السلطة و التوزيع العادل في الثورة.
اواصل
آخر تعديل بواسطة صدقي كبلو في الثلاثاء ديسمبر 19, 2006 1:24 am، تم التعديل مرة واحدة.
صدقي كبلو
مشاركات: 408
اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 9:02 pm

مشاركة بواسطة صدقي كبلو »

2
أتفق معك في قضية منهجية هامة تتعلق بدراسة الواقع الإجتماعي، فلايكفي الإكتفاء بالتحليل الجزئي الذي يقف عند درجة ما من التجريد ولا يكمل المحدد فيعطي تصور مفهومي خاطئ للواقع، بينما المقصود منهجيا بالإنتقال من المجرد للمحدد هو محاولة إعادة تركيب الكل وفقا للعلاقات التي تكشف عن كنهه أو جوهره لذا ينبغي عند دراسة الطبقات الانتقال من تجريد الطبقات، للطبقات المحددة في الواقع، الطبقات الكلية الملموسة بكل مفرداتها الثقافية والإثنية والدينية والآيديولوجية والسياسية، فالطبقة العاملة في تجريدها هي نتيجة لتحول قوة العمل لبضاعة، بينما الطبقة العاملة السودانية، هي مجموعة الناس السودانيين باختلافهم العرقي وخلفياتهم القبلية والدينية، ولربما الطائفية، وهي في نفس الوقت نتاج تاريخ حركة الطبقة العاملة السودانية وتجاربها في التنظيم ووجود نقابات وحزب شيوعي، وهي نتيجة للصراع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي من اجل حق التنظيم والاستقلال وزيادة الاجور والاجازات المدفوعة الأجر ... الخ. إن الاكتفاء بالنظر لمخطط الطبقات المجرد في السودان، لا يعطي إلا وعيا زائفا يولد تيارات يمينية ويسارية غير مدركة للواقع الملموس وغير قادرة على الاقتراب من الواقع وخوض الصراع الطبقي وسط الناس الحقيقيين لا وفقا لتصورات في رؤوس مناضلين معزولين عن جماهيرهم.
والتركيب الطبقي لأي مجتمع هو نتاج لعملية تطور المجتمع أو التغيرات التي تحدث فيه، إما نتيجة لتطوره الباطني المستقل، أو نتيجة لما يحدث من تغييرات تفرض عليه من خارجه مثل الغزو الخارجي أو الاستعمار، أو نتيجة لمحصلة من مؤثرات داخلية وخارجية معا كالتجارة الخارجية غير الممكنة الا بوجود فوائض يمكن تبادلها أو الاستثمار الأجنبي الذي يتطلب وجود شروط محلية تحقق له اقصى ربح ممكن.
ان التركيب الطبقي في السودان، مثله ومثل المستعمرات السابقة، هو نتاج لإلحاق الاقتصاد السوداني واقتصاديات تلك الدول التي كانت مستعمرة، بالسوق الرأسمالي العالمي وما تطلبه ذلك الإلحاق من سياسات مفصلة اسلوب الإنتاج الرأسمالي واساليب إنتاج ما قبل الرأسمالية التي كانت تتواجد في السودان والمستعمرات السابقة ( مفصلة هي الترجمة العربية الحرفية لمفهوم Articulation والذي يعطي معنىً أغنى من المعنى اللغوي لكلمة مفصلة يعبر عن عملية يتم من خلالها إنشاء مجموعة من علاقات التشابك في مجالات الإنتاج والتبادل والقوى المنتجة والسياسية بين تشكيلة اقتصادية اجتماعية أو اكثر تؤدي لخدمة أغراض التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الأكثر تطورا.).
ولكن التركيب الطبقي لاي مجتمع لا يتم في لحظة تاريخية واحدة ويظل ثابتا، حيث أن تكوين الطبقات وفرزها عملية تاريخية مرتبطة بتطور عملية الانتاج واعادة وتقسيم وتراكم الفوائض الاقتصادية وتقسيم العمل واعادة انتاج القوى العاملة وتدريبها وما يصاحب كل هذه العمليات من تحركات سكانية بفضل اعادة تقسيم العمل القطاعي أو الاقليمي (داخل القطر الواحد) أو الاقليمي (بين دول مختلفة في الاقليم الجغرافي السياسي أو الاقتصادي) أو الدولي. لذا يصبح مفهوم التركيب الطبقي لاي مجتمع هو مفهوم تاريخي متغير، وعند محاولة تقديم صورة ما للتركيب الطبقي فانها تعكس فترة تاريخية محددة.
ودون الدخول في تفاصيل الطبقات في السودان دعنا نأخذ من الكل الطبقي مسألة الإثنية كأحد مكونات الطبقة في السودان، فالتطور غير المتوازي الموروث من الإقتصاد الكولونيالي لم يترك طبقة واحدة تتشكل من كل الإثنيات إلا الأرستقراطية القبلية (زعماء الإدارة الأهلية وبيوتاتها)،في قمة الهرم والمزارعين والرعاة في أسفل الهرم الطبقي، ولكن حتى طبقة المزارعين، فالتطور غير المتوازي ترك شرخا واضحا بين مزارعي الزراعة المروية والزراعة المطرية، ونستطيع أن نزعم أن المزارعين في الزراعة المروية ظلوا يشكلون مجموعة إثنية متقاربة، بينما الزراعة المطرية التقليدية يشكل غالبيتها مجموعات إثنية أفريقية أما الزراعة المطرية الآلية فمزارعيها ضمن الرأسمالية الزراعية ومعظمها ذات أصول شمال وسطية تتبنى ثقافة عربية إسلامية.
أما الأرستقراطية الدينية فإن أقواها وأوسعها نفوذا هي الأرستقراطية العربية الإسلامية الممثلة في الطائقية، رغم وجود أرستقراطيات دينية محلية مرتبطة بإثنياتها. أما الرأسمالية السودانية فهي بشكل غالب شمال وسطية، عربية أو مستعربة (رغم وجود أعداد ضخمة من نوبة الشمال محس ودناقلة) ولقد بدأ ظهور عناصر ذات جذور أفريقية في الربع الأخير من القرن العشرين (زغاوة، زاندي) وخاصة في فئات الرأسمالية التجارية.
أما الطبقة العاملة فإن طلائعها في قطاع السكك الحديدية والوابورات والأشغال وقطاعات الخدمات الأخرى فكانت ذات أصول شمالية أساسا حيث كانت العوامل الطبيعية (الهدام، تفتيت الأرض بحكم الوراثة ونمو السكان) والتسليع والضرائب تقوم بمهام التراكم البدائي، ولكن كانت هناك مجموعة من الأرقاء المحررين يغذون سوق العمالة، ولم يكن العمل ألمأجور جاذبا للمجموعات الإثنية في غرب وجنوب السودان لأن سكان تلك المناطق كانوا ما زالوا يملكون وسائل إنتاجهم وأهمها الأرض للزراعة والمرعى. وقد إضطر ذلك الإدارة الإستعمارية لمحاولات جلب عمال للزراعة المروية من الخارج، وعندما فشلت المحاولات الأولى، لجأت لإستخدام أسلوب الشراكة ووضع أسس نظام "فوردي" Ford )) للعمليات الزراعية في الجزيرة وأستخدمت الدعاية والمفتشين وأجهزتهم من مآمير وغيرهم والإدارة الأهلية في جلب العمال الزراعيين من غرب السودان وغرب أفريقيا وتشجيع إنشاء كمبوات العمال الزراعيين والعمالة الموسمية من مزارعي البلدات بين عمليات مزارعهم المختلف توقيتها عن تلك في الجزيرة المروية.
وعندما ووجهت الإدارة السودانية بعد الإستقلال بقضية العمالة الزراعية عند التخطيط لامتداد المناقل لم يجد مدير مصلحة العمل غير غرب السودان مصدرا لتلك العمالة وكان الشرط الأساسي أن يبقى غرب السودان على مستوى تطوره أو على الأقل أن تستمر الدورة الزراعية به وعملياته الزراعية في نفس المواعيد ختى تتيح لمزارعيه أن يبيعوا قوة عمل رخيصة لإمتداد المناقل والجزيرة.
الطبقة العاملة السودانية تغيرت تركيبتها الإثنية كثيرا خلال الخمسين عاما من الإستقلال بفضل عوامل كثيرة أهمها التراكم البدائي لراس المال بإعتباره تجريد مزيد من المنتجين من وسائل معيشتهم بالذات (والحرب الأهلية أحد أدوات، ومن بينها التعليم الذي ينزع الشخص من بيئته فلا يتعلم زراعة ولا رعي ولا حرفة تحافظ عليه في بيئته فيضطر للهجرة بحثا عن عمل يعيش منه، لا حظ كيف يصير التعليم أداة تراكم بدائي جديدة لم يتخيلها ماركس، إذ أن النتيجة واحدة طلاق المنتج عن وسيلة إنتاجه، ولا يهم إذا نزعت منه أو نزع منها، فهو في النهاية يضطر لبيع قوة عمله).
المسألة هي هل الإستقطاب الطبقي في السودان يأخذ طابعا إثنيا: الارستقراطية الدينية والرأسمالية من مجموعات شمال وسطية مستعربة/ واغلبية المزارعين والعمال (والنازحين الذين يشكلون قوة إحتياطية للعمل تحافظ على مستوى منخفض للأجور) التي تضم كل الإثنيات مع أغلبية غير عربية؟ خاصة إذا ما أضفنا أن فئات الأفندية والمتعلمين الذين شكلوا فئات مثقفي الطبقات السائدة وبيروقراطية وقيادات دولتها اللمدنية والعسكرية يشكلون في أغلبيتهم لأسباب التنمية غير المتوازنة والتقسيم غير العادل - غير المتوازن لخدمات التعليم، إثنيا إنتماءا للمجموعات العربية والمستعربة. ولكن لو إفترضنا أن ثمة إستقطاب موضوعي وفقا للإنتماء الإثني، هل هذا الإستقطاب الإثني هو جوهر علاقة السيادة او الهيمنة /الإلحاق أو الإخضاع؟ أم أن جوهرها هي المصالح الإقتصادية؟ هل حافظت أرستقراطية وبرجوازية وسط وشمال السودان على مناطق مهمشة لأنها تريد إطضهاد أهل تلك المناطق لأسباب إثنية؟ لأن لديها شعور بالإستعلاء العرقي فقط؟ أم لأن مصالحها أستوجبت الحفاظ على تلك المناطق كمنتج للغذاء ومصدر للعمالة الموسمية الرخيصة؟ وهل عندما لجأت للإبادة الجماعية كانت تريد أكثر من الأرض وثرواتها؟
هل إنعكست الإثنية في الصراع الإجتماعي والسياسي، بمعنى هل أستخدمت كأيديولوجية لتبرير الإستغلال أو لمناهضته؟ هل أستخدم كايديولوجية لنظام السيادة او الهيمنة /الإلحاق أو الإخضاع أو لمقاومته؟
نواصل
آخر تعديل بواسطة صدقي كبلو في الثلاثاء ديسمبر 19, 2006 1:28 am، تم التعديل مرة واحدة.
صدقي كبلو
مشاركات: 408
اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 9:02 pm

مشاركة بواسطة صدقي كبلو »

إذا عدنا لمنهجنا الذي يرى الغابة مثلما يرى الشجر، فلا بد لنا الإجابة بالإيجاب ذلك أن التشكيلة الإقتصادية الإجتماعية التي تتطور عبر مفصلة أساليب إنتاج، لا تتم المفصلة على مستوى الإقتصاد فقط، وقد ناقشت هذه المسألة من قبل في رسالتي للدكتوراه حيث عرضت أن المفصلة تتم في البنية السياسية والثقافية إلى جانب بنيتي الإنتاج والتوزيع حيث قلت
a) Political articulation that subordinate the pre-capitalist modes of production through the incorporation of its politically and economically dominant social groups, stratum and class, the articulation of tribal and religious aristocracy in the Sudan is an example of that (Chapter 2),
b) Institutional articulation which involves reorganisation, legislation and introducing managerial or administrative organs to capture, control and achieve the goals of the articulated system, the Gezira Scheme in Sudan is a good example, (see Chapter 2 below),
c) The articulation through exchange, which is not only a relation between merchant and commercial capital and the pre-capitalist producers (peasants, nomads craftsmen and women, the latter is very important where most of the domestic crafts industry was dominated by women), but it is a process in which the state plays a great role (taxation, organisation of markets, construction of infra-structure, etc.),
d) Articulation on the cultural and ideological level, in which despite the supremacy of the capitalist ideology and culture, the coexistence of social elements of the two kind of modes, leads to both modes adopting some aspects of the other's culture and ideology.

فبينما المفصلة السياسية أدت بالإحتفاظ بالأرستقراطية القبلية والدينية، نجد أن المفصلة الثقافية حافظت على قيم الأرستقراطية التي كانت سائدة في التشكيلات قبل الرأسمالية التي كانت الأرستقراطية هي الفئة الطبقية المهيمنة وهذه القيم هي التي يتحدث عنها الصديق الدكتور أبكر، بالنسبة لهذه القيم التراتب والمكانة الإجتماعية تقوم على أساس الأصل العرقي والوراثة (يعني الشخص ود منو وبت منو) ومثل أثينا وروما هناك ثلاث فئات طبقية الأرستقراطية والنبلاء، الفقراء الأحرار، والعبيد، كانت قيم الأرستقراطية السودانية تقوم على عدة تمايزات أولها بالنسبة للأرستقراطية الدينية هي الأشراف (السادة) ومرجعيتها عربية إسلامية بإيجاد نسب يوصل للنبي محمد الهاشمي القرشي، وهذه قيمة يعود إنتشارها لدخول العرب المسلمين السودان وإنتشار الصوفية، ثم ينقسم الناس لأولاد بلد أو أولاد قبائل وعبيد، وما يدعو للملاحظة أن متعلمي البرجوازية الناشئة، رغم شغفهم بأفكار البرجوازية الأوربية، ظلوا يتبنون بعض تلك القيم فأول مظاهر الصراع بين الأرستقراطية الدينية والجلابة ومثقفيها في جانب وأبناء الإثنيات الأفريقية ظهر في رد فعلهم على جمعية الإتحاد وثورة 1924، وفي تشجيع أرستقراطية الكبابيش وتعاونهم لفتح دارفور (وقد أستحق ناظرهم أن تمنحه الإمبراطورية لقب سير على ذلك)، ثم كان رد الفعل تجاه كل التحركات الإقليمية بإتهامها بالعنصرية والتعامل مع المجموعات غير العربية والمستعربة التي تحاول الإستيلاء على السلطة بإعتبارها عنصرية وإنفصالية، وهذا يصور المجموعات العربية والمستعربة على أساس أنها الوحيدة الوطنية وغير العنصرية والمهمومة بالوحدة، أي أن الوطنية السودانية توافق ما تشعر به المجموعات العربية، وقد إنعكس ذلك في كتابة التاريخ السوداني وتدريسه بحيث أهمل تاريخ المناطق الأخرى، بل أن كتابة تاريخ مقاومة الإستعمار نفسها لم يؤرخ فيها للمقاومة مثلا في الجنوب.
لم يكن غريبا أن تلجأ المهدية الجديدة لفكرة البيعة والهجرة والأنصارية والإشارة ولكتاب الراتب للإلحاق والتهجير للعمل في مشاريع الدائرة وفي معية الإمام وكلها سبل وقيم تعود لبنية قبل رأسمالية بينما الدائرة (أقصد دائرة المهدي هي شركة تجارية رأسمالية مسجلى بموجب قانون الشركات لسنة 1929) ورغم أن الختمية أساسا هي طريقة تجارية شمال وسطية إلا انها في علاقاتها بمزارعي الشمالية (الشايقية بالذات) و بقبائل البجة، لجأت هي الأخرى للفاتحة والمولد والذكر كغطاء أيديولوجي للإستغلال الأرستقراطي. صحيح أن كل من المهدية الجديدة والختمية سعيا لإستخدام وسائل حديثة في سعيهما لبناء هجمنة، بدأت منذ سعيهما لتأسيس الصحف الأولى، وفي تجنيد الخريجين ومن ثمة إنشاء الأحزاب وتنظيمات الشباب وإنشاء الصحف الحزبية. ولقد إحتفظت الأرستقراطية طوال التاريخ بجوامعها وزواياها الدينية كأحد الأدوات لبسط النفوذ الإيديولوجي، ومثلما أستعملت المهدية وكيل الإمام كمنظم وقائد في التراتيب الأنصارية، أستعملت الختمية الخليفة وكبير الخلفاء لنفس المهام (طبعا وأنت تقرأ هذا تذكر غرامشي والمؤسسات التي تستخدم لبناء الهجمنة مثل الكنيسة والإذاعة ألخ).

ونعود للحديث عن الخريجين وعن الحركة العمالية والوعي المناقض.
آخر تعديل بواسطة صدقي كبلو في الثلاثاء ديسمبر 19, 2006 1:33 am، تم التعديل مرتين في المجمل.
ÈßÑí ÇáÌÇß
مشاركات: 8
اشترك في: الأربعاء مارس 22, 2006 1:37 pm

مشاركة بواسطة ÈßÑí ÇáÌÇß »

سلام للجميع

شكر لادارة الموقع

فقط للتأكيد علي ان الموضوع فى غاية الثراء و حتما لي عودة قريبا


بكري الجاك
صدقي كبلو
مشاركات: 408
اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 9:02 pm

مشاركة بواسطة صدقي كبلو »

لقد تعرض مثقفون يساريون غيري لفكر الأفندية من خريجي كلية غردون ولعل أبرز المساهمات هي تلك التي تعرض فيها عبد الخالق محجوب لنشأة هذه الفئة كمعبر عن آمال وطموح فئة التجار التي توسعت بتوسع التبادل السلعي، يقول عبد الخالق في لمحات (وهو عبارة عن محاضرات عن تاريخ الحزب قدمها بقسم البحريات بسجن كوبر في يناير 1960):
"افتتحت الإدارة الاستعمارية كلية غردون التذكارية لتخريج موظفين سودانيين يعملون بأجور منخفضة في القطاعات الدنيا من أجهزة الدولة و كان خريجو هذا المعهد يمثلون آمال الطبقة الجديدة وهم متأثرون بالشعارات الوطنية العامة التي يتردد صداها في البلدان العربية وفتئذ، ونتأثرون بما يقرأون من الثقافة الغربية التي تتحدث عن الديمقراطية والحرية" ( ص 16).
وعبد الخالق في مخططه العام لم يحاول النظر لتكوين الفئة وتناقضاتها بل نظر للتأثير العام للحركة الوطنية المصرية وأثار حركات الشعوب بعد الحرب العالمية الأولى وتعامل مع جمعية الإتحاد السوداني وجمعية اللواء الأبيض أنها "لم تخرج من حدود حركة الطبقة الوسطى في تكوينها وفي طبيعتها" (ص 18) وكيف أنها تراجعت للتحلق حول نفسها بعد فشل ثورة 1924 وكيف أن بعض أفرادها أصيب باليأس وأصبح مهتما بتطوره الوظيفي، والبعض لجأ للنشاط الأدبي الذي كان "يتجه نحو التمسك بالتراث العربي وهو بذلك كان يمثل عملا لمقاومة للإتجاه الإستعماري لهدم اللغة العربية وأدابها في السودان" (لمحات ص 24).
ويتناول عبد الخالق فشل الطبقة الوسطى في تنظيم الجماهير وإعتمادها "إعتمادا تاما على اشكال التنظيم الطائفي" حتى أن "أقساما من الجماهير اختلطت أمامها القضية فلم تعد تنظر اليها بوصفها نضالا ضد المستعمرين ومن أجل الاستقلال الوطني بل كتجمع طائفي وولاء ديني" (لمحات ص37)
ثم جاءت حلقة مثقفي ما بعد الحرب، الذين خطوا منهجا جديدا في النضال يعتمد تنظيم الجماهير في تنظيمات حديثة.
وقد لخصت أنا ذلك في أكثر من مكان، فقلت مثلا في موسم الهجرة لليمين:
" فلو نظرنا مثلا لمسالة المثقفين والسياسة منذ إتفاقية الحكم الثاني وحتى الاستقلال، فإ ننا نجد ثلاث اجيال من المتعلمين تعرضوا لظروف تاريخية، بما في ذلك النظم التعليمية، مختلفة، أدت الى تباين في موقفهم من قضية العمل الوطني عموما والعمل السياسي على وجه التحديد. فالجيل الأاول والذي تلقى تعليمه بكلية غردون و هي لم تزل مدرسة إبتدائية ووسطى، وتأثر بظروف الحرب العالمية الأولى والثورة المصرية (1991)، ووجه بخطط الاستعمار الأاولى لإستغلال إمكانيات البلاد بالتخطيط لمشروع الجزيرة وبناء خزان سنار، هذا الجيل الذي كان جل تأثره بالثقافة المصرية ولم ينفتح بعد على الثقافات العالمية، هو الذي قادت طلائعه ثورة 1924 وإنكفأ على نفسه بعد الهزيمة، ولاحقته السلطات الاستعمارية بهجمة منتظمة على المؤسسات التعليمية وبسياسة تعليمية أثرت على الجيل التالي وتكوينه الطبقي والمعرفي، وهذا الجيل الثاني أثرت فيه سياسات متناقضة: سياسة السير مافي Maffey المعادية للتعليم والمتحالفة مع شيوخ القبائل ورجالات الطائفية، وسياسة سايمز Sir Stewart Symes (Governor-General between 1934-1940) الذي ووجه بالحاجة العملية لتطوير التعليم ليمنع عودة الاداريين المصريين بعد إتفاقية 1936 . وهو نفس الجيل الذي عانى وشهد معاناة الشعب خلال الأزمة الإقتصادية العالمية الكبرى (1929-1933)، والذي نظم جزء منه إضراب الكلية الشهير، وهو جيل الفجر والمدارس الفكرية في الهاشماب وابي روف، وهو الذي أإنشأ مؤتمر الخريجين وشهد الحرب العالمية الثانية وقدم مذكرة الخريجين، ولكنه في نفس الوقت هو الجيل الذي رهن الحركة الوطنية للطائفية عندما ووجه بصعاب تنظيم الجماهير بعد رفض الادارة الاستعمارية لمذكرة الخريجين عام 1942، والذي إنقسم على نفسه بين الطائفتين مكونا حزبي الأمة والأشقاء. أما الجيل الثالث من المثقفين فهو الجيل الذي تفتح وعيه بعد الحرب العالمية الثانية وأشترك إشتراكا فعالا في مقاومة مخططات الاستعمار كالجمعية التشريعية وساهم في بناء الحركة الجماهيرية والديمقراطية الحديثة مثل الحزب الشيوعي واتحادات الطلاب والنساء والشباب والحركة النقابية، وهذا جيل تمتع اليسار بنفوذ واسع فيه."
,ونواصل
آخر تعديل بواسطة صدقي كبلو في الثلاثاء ديسمبر 19, 2006 1:37 am، تم التعديل مرة واحدة.
صدقي كبلو
مشاركات: 408
اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 9:02 pm

مشاركة بواسطة صدقي كبلو »

وجاءت مساهمة الراحل الدكتور خالد الكد في صياغ أكثر دقة من تقسيم الأجيال، فقد ذهب خالد للبحث عن التناقضات والإنقسام داخل الجيل الواحد، بل حتى منسوبي تنظيم واحد مثل جمعية الإتحاد السوداني.
سواء تابعت الإختلاف بين الأجيال أو ذهبت مذهب خالد فالشاهد بالنسبة لهذا الخيط من المناقشة، هو لا يمكن محاكمة المثقفين(وحتى معشر المتعلمين) بأنهم يمثلون وحدة (حتى لو إفترضنا وحدة إثنية، بل ووحدة تراث)، فالمتغيرات الإجتماعية والسياسية والثقافية أثرت على أولئك المثقفين وأدت إلى تغييرات في تركيبهم الثقافي وفي إنتماءاتهم، وبالطبع تبقى المخلصون بوعي او بدون وعي للإرث الثقافي قبل الرأسمالي، والممثل في كثير من الأحيان عن أيديولوجيا الأرستقراطية الدينية والقبلية. بل أن حتى بعض المستنيرين من مثقفي البرجوازية السودانية أرتدوا للفكر الديني للدفاع عن إمتيازاتاهم في مواجهة نهوض اليسار في الستينات، بل أنهم كانوا بصدد فرض الدستور الإسلامي في مسودة الدستور المسمى بالدائم في عام 1968.
ولقد إستعان اليسار في محاولاته لهزيمة الفكر اليميني وفي إستنهاض الجماهير ببناء منظمات للمجتمع المدني حديثة، كان عبد الخالق يقول للشيوعيين: أعطوا الجماهير نافذة يطلون عن طريقها للمستقبل، اعطوهم فرصة ليدركوا إمكانية قوتهم عندما يأخذوا مصيرهم في أيديهم، لذا كانت إتحادات الشباب والنساء والتنظيمات الإقليمية والقبلية وإتحادات الفنانين والكتاب والجمعيات والأندية الثقافية والجمعيات التعاونية والخيرية تنشأ بمبادرة وتجد التأييد منهم عندما تنشأ بمبادرة الجماهير.
إتحاد الكتاب السودانيين الذي تأسس بمبادرة مثقفين ديمقراطيين وشيوعيين ومبدعين لا ينتمون لفكر سياسي أو تنظيم سياسي، هو احد هذه التنظيمات الحديثة، التي تسعى للتحرر من التراث الأرستقراطي القبلي والديني ، رؤساءه الثلاث: جمال محمد أحمد، علي المك ويوسف قضل أرجلهم ثابتة في البحث في التراث الأفريقي تاريخا وأدبا.
ولكن ليست القضية من يرأس الإتحاد ومن في لجنته، يظل أمام الإتحاد واجب نقل الوعي بقضية الهوية لبرنامج عمله، فأنا رغم كل ما كتبته لا أرى سببا لهيمنة نشاطات المثقفين العرب المدعوين من الخارج على نشاطات الإتحاد في السابق، المسألة ليست سوء نية، إنما إستسهال وعوم مع تيار ما يطلبه الجمهور، بينما الدور الريادي يتطلب الوعي بالتعددية الثقافية التي تتطلب تعدد العلاقات الثقافية.
في تقديري هذه المسألة يمكن طرحها بدون إتهام الإتحاد بأنه إتحادا للشايقية.
آخر تعديل بواسطة صدقي كبلو في الثلاثاء ديسمبر 19, 2006 1:42 am، تم التعديل مرة واحدة.
صدقي كبلو
مشاركات: 408
اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 9:02 pm

مشاركة بواسطة صدقي كبلو »

أرفع هذا البوست حتى يتسنى للأستاذ محمد حسبو والأصدقاء المشاركين في نقاش الطبقات معرفة بعض آرائي في مسألة الطبقات وطبعا هذا لا يغني عن مشاركتي في النقاش هناك.
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

[quote="حسن موسى"

نهايتو، لا تعليق على تعليق عصام جبر الله سوى أن " حسد الناس مذاهب" و فيهم من يحسد البرنس على سواد وقعته.
لقد شنّعتما ، يا أبابكر على كمال الجزولي، أنت و أخوك الكاشف البرنس، أسوأ تشنيع حين طاب لكما استخدامه ضمن استعراض أخرق فحواه اقتسام المشهد بين من يدافع عن كمال الجزولي و من يهاجم كمال الجزولي. عشنا و شفنا كمال الجزولي الذي أنفق زهرة العمر يدافع عن الشرفاء في السودان، و في أحلك شروط القهر السياسي، ينمسخ رهينة طيّعة تتنازعها أيدي حماة العربنة و حماة الزنوجة المتحالفين سرا بذريعة الانتماء للجيل" البان جديد"، و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه..
لكن يا" أبابكر"( تزوغ وين من اسم زي ده؟)، ده كلو كوم ،و قولك بأنك لم تقرأ أبراهيم اسحق الاّ في الالفية الجديدة ،كوم تاني. فهذا اعتراف لا يليق بقدر من يتنكب الدفاع عن ابداع أهل الهامش لأن ابراهيم اسحق في المشهد الادبي المعاصر يَمثُل كأحد أنصع ايقونات "ادب الهامش"، ان سلمنا بهذا المصنّف المريب في حق ابراهيم اسحق. تقول :" و كاتب مثل ابراهيم اسحق مثلا فأنا لم أقرأ له الا رواية واحدة في الالفية الجديدة و بحكم عملي في مركز الدراسات السودانية ".
ترى من أي هامش " جاء هؤلاء الناس؟" الذين يتأففون من ماركس و ينظّرون في ما بعد الحداثة ثم يجاهرون بجهلهم بأدب السودانيين؟
و كيف أوكل اليك حيدر ابراهيم علي ـ الشاقي القح ـ مسئولية التحرير في" كتابات سودانية" و أنت لم تقرأ شيئا لكاتب سوداني في أهمية ابراهيم اسحق؟
أبكر يا أخانا الذي في امريكا الشمالية ذات العماد..
لعلك لاحظت اني قاومت رغبة عارمة في قفل هذه الفقرة من كلامي بعبارة أمي المفضلة " يا النبي نوح"، و ما ذلك الا لقناعة خفية من كونك ، مع الزمن ، قمين بتجاوز كل هذه المؤاخذات التي لمستها بين ثنايا نصوصك المبذولة على محاور السياسة و الادب في بلادنا.و أنا في انتظار ما قد يجيء من طرفك و سلام.
حسن

[/quote]
ياله من رد
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

ياله من رد



أتعني أنّه قد ألقـَمـَه حجرا ...؟

الأكرم عبدالله، لك التحايا
وأذكر أنني حينما كنتُ أطالع تلك المحاورة في فجرها أو فلنقُل رُبع ال2006 الأول، كثيراً ما افتَهمتُ ما استشكل عليَّ من رائعة "الحسن" ..

صاقعة النّجِم ال بحمي الشهادة والنَّضِم! هو "أو" داك الليلة" من السوط ما بِهِم! وحَميان الشهادة "غير التّامّة، ليسه بِمُضِرٍّ! وكذلك ال"نضمة" ..

ومَنْ يدري، أن السّوط، ربما كان تلك: "الهوينة"؛ والتي ما تزال تُزيد واقعنا إمراراً على إمرارِه ..!


يالنّبي نوح..





ودمتَ




---
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚÈÏ ÇáÎÇáÞ ÈßÑí
مشاركات: 433
اشترك في: الجمعة سبتمبر 11, 2009 12:33 am

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚÈÏ ÇáÎÇáÞ ÈßÑí »

العزاء الحار لال مدثر وللشعب السودانى .
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

محمد أبو جودة كتب:
[color=red][size=18]ياله من رد



أتعني أنّه قد ألقـَمـَه حجرا ...؟

الأكرم عبدالله، لك التحايا
وأذكر أنني حينما كنتُ أطالع تلك المحاورة في فجرها أو فلنقُل رُبع ال2006 الأول، كثيراً ما افتَهمتُ ما استشكل عليَّ من رائعة "الحسن" ..

صاقعة النّجِم ال بحمي الشهادة والنَّضِم! هو "أو" داك الليلة" من السوط ما بِهِم! وحَميان الشهادة "غير التّامّة، ليسه بِمُضِرٍّ! وكذلك ال"نضمة" ..

ومَنْ يدري، أن السّوط، ربما كان تلك: "الهوينة"؛ والتي ما تزال تُزيد واقعنا إمراراً على إمرارِه ..!

يالنّبي نوح..

ودمتَ


---


الأكرم الأستاذ " محمد أبو جودة "
تحية طيبة وود كثير

لم أتعجب بقدر ما تعجبت من غياب الروائي المخضرم ( إبراهيم إسحق ) من ذواكر الأدباء السودانيين .مما حفزني من فتح ملف عنه في سودانيزأونلاين بعدما
حصلت على تسجيل يو تيوب كامل لحلقة في النيل الأزرق مع الروائي " إبراهيم إسحق " على هذا الرابط :
https://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/s ... 1350318293[/color]*
دمت بألف خير



.
أضف رد جديد