في الذكرى الحادية والعشرين لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
إدارة الموقع
مشاركات: 394
اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 3:10 pm

في الذكرى الحادية والعشرين لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه

مشاركة بواسطة إدارة الموقع »

.


صورة


.
ÚãÑ ÅÏÑíÓ ãÍãÏ
مشاركات: 72
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:44 pm

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÅÏÑíÓ ãÍãÏ »

عــــاِشــــت

ذكــــــــرى

الــشــهـيـد

مــحــمــود

مــحــمـــد

طـــــــــه
صورة العضو الرمزية
تماضر شيخ الدين
مشاركات: 356
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:14 pm
مكان: US

مشاركة بواسطة تماضر شيخ الدين »

عاشت ذكرى محمود محمد طه خالدة ..

فهى تحكى للتاريخ حكاية مبسطة:

"الطاغية يدوس بحذائه على المفكر

والمفكر يمشى الى المقصلة برأس مرفوع

ينطفىء بريق العرش ..ويتخبط الطاغية

تعلو سيرة المفكر ..وتولد بموته الف حياة"


هى فعلا حكاية بسيطة التركيب

لكنها عملاقة

فكل شاهد لها صار يحمل بطلا فى اعماقه ويمشى به فى طرقات التجربة..

ويعرف بسيماه



انها حكايات الابطال..

تعبر من هنا ويتحول المشهد الى حزمة ضوء فى مستنقع الزمن من هناك

عاشت ذكرى الاستاذ محمود محمد طه ..
صورة العضو الرمزية
ÓíÝ ÇáÏíä ÅÈÑÇåíã ãÍãæÏ
مشاركات: 481
اشترك في: الأربعاء مايو 25, 2005 3:38 pm
مكان: روما ـ إيطاليا

مشاركة بواسطة ÓíÝ ÇáÏíä ÅÈÑÇåíã ãÍãæÏ »


" الطاغية يدوس بحذائه علي المفكر
والمفكر يمشي إلي المقصلة برأس مرفوع
ينطفئ بريق العرش .. ويتخبط الطاغية
تعلو سيرة المفكر .. وتولد بموته ألف حياة "


حكاية بسيطة التركيب . ولكنها عملاقة.
وغزيرة وثرية .
هكذا كان الرجل :
بسيطاً .. غزيراً .. ثرياً .. عملاقاً .
أحني رأسي إجلالاً .

سيف
" جعلوني ناطورة الكروم .. وكرمي لم أنطره "
نشيد الأنشاد ، الذي لسليمان .
صورة العضو الرمزية
Elnour Hamad
مشاركات: 762
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:18 pm
مكان: ولاية نيويورك

مشاركة بواسطة Elnour Hamad »


العزيزة تماضر

شكرا على الكلمات المشرقات الحيات العامرات.

الأخ سيف
التحايا وغزير الشوق.

ما يلي ورد في صحيفة الشرق الأوسط الصادرة صباح اليوم 18 يناير2006

https://www.asharqalawsat.com/leader.asp ... issue=9913


محمود طه.. تعاقبت الأزمنة و«الحملات» واحدة

شهد صباح مثل هذا اليوم، الثامن عشر من يناير (كانون الثاني) 1985، إعدام الشيخ السوداني محمود محمد طه، وهو ابن السادسة والسبعين، بتهمة الردة عن الإسلام، ونقل جثمانه بالطائرة إلى مكان مجهول. لم يتردد مستشار جعفر نميري الشيخ حسن الترابي في الاعتراف لإحدى الفضائيات، وهو في موقع السلطة، بدوره في الاتهام والإعدام. لكن مَنْ يقرأ كتاب الترابي «السياسة والحكم»، ويستمع لأحاديثه وتصريحاته، بعد الانقلاب عليه وسجنه، يلاحظ تغير الشيخ وتراجعه، ولم يبق ذلك الإخواني المتشدد، المتعطش للسلطة وهلاك الخصماء. وهو يعلم، قبل غيره، أن إعدام خصمه كان إجراءً سياسياً أُلبس ثوب الدين، لا يتعدى ما كان بين الإخوان المسلمين برئاسته وما بين الإخوان الجمهوريين برئاسة القتيل. وبطبيعة الحال، لا يؤخذ بتغير الترابي وانفتاحه الجديد من دون دفع دية المسؤولية، مهما كان حجمها، ولا أراها تتعدى نطق مفردة «أعتذر»!

كان رفض الشيخ المقتول قوانين الشريعة، التي أُعلنت في سبتمبر 1983، رحمة بالشريعة والأتباع من التفريط، ومن المغامرة بالدين وتطبيق حدوده، كقانون نافذ على الناس، وسط تراكم من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ظل الشيخ، قبل إعدامه بعشرين عاماً، يعارض محاولات تطبيق قوانين «الإيمان» بالقتل، وقطع اليد، وسلب حرية الناس. وهو يرى أن الرق ليس أصلاً في الإسلام، وتغييب النساء عن الحياة ليس من الإسلام، والإسلام جاء متدرجاً في الأديان الكتابية، كي يتعاصر مع مدارك البشر (رسالة الإسلام الثانية). أفكار وآراء قابلة للجدل والحوار، لا تستدعي تهمة الردة وعقوبة الموت، والحرمان حتى من مراسم الجنازة. وهو بمعارضته القديمة لقيام دولة دينية، حكم الردة فيها مادة من مواد الدستور، ظل هدفاً للإخوان المسلمين، فاستصدروا ضده حكماً غيابياً بالإعدام (1968) عن طريق محكمة للأحوال الشخصية، لا شأن لها بمثل هذا الحكم، مع طلاق زوجته.

لم تجد المحكمة طريقاً لتنفيذ حكمها آنذاك، فانتظر المتربصون حتى سبتمبر (أيلول) السنة 1983، عندما أُعلن تطبيق قوانين الشريعة، مع إضافة «قانون الشروع بالزنى». ويعلم الشيخ كم يتجاوز مثل هذا القانون على حكم الشريعة، الذي جاء يحمي النساء والرجال من الأفاكين. شكلت لهذه المهمة محاكم عرفت بمحاكم «العدالة الناجزة»، أو «محاكم الطوارئ». يومها عارض الشيخ علانية، ومن موقعه في الحزب الجمهوري، تلك القوانين، واعتبرها مخالفة لروح الإسلام.

قال أمام هيئة المحكمة، وهي تلوح بحكم الموت ضده: «أنا أعلنت رأيي مراراً في قوانين سبتمبر 1983 من أنها مخالفة للشريعة وللإسلام. أكثر من ذلك فإنها شوهت الشريعة، وشوهت الإسلام»، (تقرير منظمة حقوق الإنسان). وبما أن حكم الردة على الشيخ كان حكماً سياسياً لا دينياً، فقد أُلغي الحكم حال سقوط النظام، وقررت المحكمة الدستورية العليا بطلان محاكمته «واعتبار كل ما ترتب عليها لاغياً».

على غرار قوانين سبتمبر 1983 السودانية أعلن نظام شباط 1963 في العراق تطبيق الشريعة بالمعتقلين السياسيين، وحتى يبرروا إعدام الآلاف من البشر سعوا إلى استصدار فتاوى قتل من الفقهاء، الشيعة والسُنَّة. غير أن مطبقي الشريعة في الخصماء السياسيين أعدموا، في جولتهم الثانية 1968، الشيخ عبد العزيز البدري، وآية الله محمد باقر الصدر ونعتوه بالمجرم (المجوسي)، وآية الله قاسم شبر وقد بلغ «من الكبر عتيا»، وغيرهم الكثير. وباسم قوانين الشريعة قطعت رؤوس نساء، وثبت قانون «غسل العار» العشائري، وهو مخالف للشريعة.

هناك تاريخ للحملات الإيمانية، ومطاردة الآمنين باسم الدين، ففي قروننا الوسطى، حكم على الفقيه الحنبلي ابن عقيل (ت513هـ) بالموت لأنه طالع كتب المعتزلة، وترحم على بعض المتصوفة. اضطر، وهو في زعامة مذهبه، إلى إعلان توبته من مطالعة أو كتابة نص أو اعتقاد بفكر مخالف: «أنا تائب إلى الله سبحانه وتعالى من كتابته وقراءته، وإنه لا يحلُ لي كتابته ولا قراءته ولا اعتقاده»، (ابن قدامة، تحريم النظر في كتب الكلام). وقبلها قاد الخليفة عبد الله المأمون، رغم شفافية زمنه، حملة ضد مَنْ اعتقد خلافاً لعقيدة المعتزلة في خلق القرآن ونفي الصفات. كان أبرز المعذَبين الإمام أحمد بن حنبل (ت247هـ). ومن المقتولين كان أحمد بن نصر الخزاعي (231هـ) (تاريخ اليعقوبي).

وشهدت مثل هذه الحملات الإيمانية، وبقسوة مشددة، أوروبا القرون الوسطى، فبحجة الحفاظ على إيمان المجتمع، وتطبيق الشريعة أخذت الإعدامات مأخذها من الناس: بسبب قراءة كتاب، أو بتهمة إهانة الكتاب المقدس، أو بسبب التخلف عن مواعيد الكنيسة. فحسب ول ديورانت في «قصة الحضارة»، كان أبرز رجال الدين عنفاً القس توماس توركيمادا، قتل طبيبه الخاص حرقاً بتهمة تنجيس الصليب، وأصدر أمراً بتعذيب المتهمين، بانتزاع لحم أجسادهم بآلة الكلابة. وتقرر حرق المتهمين بالبروتستانية، ومحاكمة أي راهب لا يعظ ضدها.

قال مؤرخ كاثوليكي: «كان رجال محكمة التفتيش الذين لم يفتر البابا عن حضهم يشمون الهرطقة في حالات كثيرة. ما كان المراقب الهادئ الحذر ليكشف فيها أثراً لهرطقة... وحرض الحاسدون والمفترون على بذل الجهد في تسقيط الكلمات المريبة من شفاه رجال كانوا عمداً راسخة للكنيسة ضد المبتدعين، وعلى تلفيق تهم الهرطقة لهم... وبدأ عصر إرهاب فعلي ملأ روما كلها بالخوف».

أخذ البابوات يتدخلون في أدق تفاصيل حياة الناس الشخصية، فإضافة إلى التدخل في شؤون العبادة، من الذهاب إلى الكنيسة والامتناع عن محرماتها، حُرمت قراءة أي كتاب لم يحصل على إذن بالنشر من الكنيسة. ولثقل تشدد أحد الباباوات على الأتباع هرعوا بعد وفاته إلى تحطيم تمثاله، ورميه في نهر تيير، «وأحرقوا مباني محكمة التفتيش، وأطلقوا سجناءها، وأتلفوا وثائقها»(قصة الحضارة).

أكلت قوانين الحملات الإيمانية، لغايات سياسية مصحوبة بتعصب ديني أو مذهبي، الكثير من البشر، ومن علماء الدين وشيوخه أكثر من العوام، وما الشيخ محمود محمد طه، إلا واحدا من الألوف عبر التاريخ.



[Bold]

((يجب مقاومة ما تفرضه الدولة من عقيدة دينية، أو ميتافيزيقيا، بحد السيف، إن لزم الأمر ... يجب أن نقاتل من أجل التنوع، إن كان علينا أن نقاتل ... إن التماثل النمطي، كئيب كآبة بيضة منحوتة.)) .. لورنس دوريل ـ رباعية الإسكندرية (الجزء الثاني ـ "بلتازار")
ÚÇÆÔÉ ÇáãÈÇÑß
مشاركات: 164
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 6:43 pm

مشاركة بواسطة ÚÇÆÔÉ ÇáãÈÇÑß »

التحية لشهيد الفكر والديمقراطية ، المفكر الانسان محمود محد طه "

مضى ولكنه أعطانا نجمة
أعطانا شارة ومعنى
لم يكن ذهابه هباء
فاضيؤ له الف شمعة
وأهتفو ا..سقط الجناة
وعاش فينا أنسانا
جميلا وحميما
حين أبتسم
لم يقل وداعا
بل
الى اللقاء ..
كمال قسم الله
مشاركات: 158
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:29 pm

مشاركة بواسطة كمال قسم الله »

المجد والخلود لشهيد الأنسانيه
الأستاذ الجليل محمود محمد طه
تعلمنا منه الكثير وتحضرنى فى هذه السانحه المقوله العظيمه:

( سيرك منك، وصولك اليك)

والتحيه للأخوان الجمهوريين..منهم أساتذتى الأجلاء، أبراهيم قرنى ، خلف الله عبود ، زروق ، طلب زهران ، أبراهيم يوسف
.
صورة العضو الرمزية
Elnour Hamad
مشاركات: 762
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:18 pm
مكان: ولاية نيويورك

مشاركة بواسطة Elnour Hamad »

شكرا عاشة بنت فاطمة
مع عاطر التحايا. فاتتني جلسة البالتوك الأخيرة وأخبرني بها متوكل.

شكرا كمال قسم الله
كل الذين ذكرت إخواني و زملائي وأصدقائي، لك ولهم عاطر التحايا
((يجب مقاومة ما تفرضه الدولة من عقيدة دينية، أو ميتافيزيقيا، بحد السيف، إن لزم الأمر ... يجب أن نقاتل من أجل التنوع، إن كان علينا أن نقاتل ... إن التماثل النمطي، كئيب كآبة بيضة منحوتة.)) .. لورنس دوريل ـ رباعية الإسكندرية (الجزء الثاني ـ "بلتازار")
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

العزيز النور والجميع
أطيب التحايا
هنا رابط الموضوع الخاص بافتتاح مركز الأستاذ محمود محمد طه


http://www.sudan-forall.org/forum/viewtopic.php?t=628&start=0&postdays=0&postorder=asc&highlight=&sid=af22d7df33d4667f7e49b0df9a788ff2

الذي كتبه الأخ النور تحت عنوان:
موقع مركز الأستاذ محمود محمد طه وكلمة الإفتتاح المسجلة

صورة العضو الرمزية
قصى همرور
مشاركات: 278
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 11:07 pm

مشاركة بواسطة قصى همرور »

أنا من هذه الأرض التي تجافى النور عن أرجائها
فعربدت بها خفافيش الظلام..
فقلت: أيا نور! لم هذا الجفاء؟
فقال لي: ويحك! إن هذه أرض تشنق فيها الشموس..
Conventional is neither neutral nor convenient
Ahmed Elmardi
مشاركات: 1279
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 8:08 pm

مشاركة بواسطة Ahmed Elmardi »

صورة
Haydar Badawi Sadig
مشاركات: 14
اشترك في: السبت يونيو 04, 2005 5:28 pm

مشاركة بواسطة Haydar Badawi Sadig »


افتتحت احتفالات هذا العام بالذكري السنوية لاستشهاد الأستاذ بتدشين "مركز الأستاذ محمود محمد طه للتجديد الإسلامي." وذلك في الساعة الثانية عشرة ليلاً، مع إطلالة اليوم الجديد، 18 يناير بتوقيت شرق الولايات المتحدة الأمريكية. وتم ذلك بإذاعة بيان التدشين بصوت الأستاذة أسماء محمود، رئيسة مجلس إدارة المركز، ومديرته. وقد حضر جلسة الافتتاح الكوكبية، بواسطة الشبكة الدولية، جمهوريون وغير جمهوريين من أرجاء مختلفة من العالم. وتم بث البيان في الصالون الصوتي الشبكي للجمهوريين وفي الموقع المخصص للمركز : alustadhcenter.org

وفي يوم الجمعة 20يناير عقدت ندوة نظمها الدكتور الباقر العفيف في معهد الولايات المتحدة للسلام. وهذا المعهد مرموق للغاية، وممول من الكونقرس الأمريكي. ويعمل المعهد كبيت خبرة يعين الحكومة الأمريكية وصناع القرار على رسم استراتجات وخطط على ضوئها تسهم الولايات المتحدة في صنع وترسيخ السلام في العالم. شارك في الندوة د. إيرنست جونسون، متحدثاً عن الطرح الديني للأستاذ، وعن ضرورة أن يبدا السلام من داخل الفرد كما تحدث عن كيف أن الفكرة الجمهورية أجابت على أسئلته هو شخصياً كشخص أمريكي نشأ في الغرب، وعاش كل تناقضاته. وتحدث عن منهج الجمهوريين في العبادة والتفكر وإعانة ذلك المنهمج للفرد في توحيد بنيته الذاتية وترسيخ السلام والأمن داخلها، وإنعكاس ذلك على المجتمع.
ثم تحدث د.استيف هواراد عن المجتمع الجمهوري، كمجتمع واعد. وتناول في حديثه دور الجمهوريين في كسر القيود التي أقعدت المجتمعات العربية والإسلامية عن النهوض وعن مواكبة العصر. وفي ذلك تناول عدة جوانب تميز بها المجتمع الجمهوري. من هذه الجوانب تحرير المرأة، والتآزر والتعناون اللامحدود داخل المجتمع، واختراق الريف، وعيش الجمهوريين ببساطة تماثل حالة الفقراء. كما تناول جهد الجمهوريين في الإصلاح الاجتماعي. وتحدث عن وفود الجمهوريين للأرياف ودورها في ترييف جمهوريي المدن ودور المدينة في تمدين الريفيين منهم، حيث وزعوا فيها الكتب وعقدوا فيها الحوار أثناء حملات الكتاب والأركان، وغيرها من الأنشطة.
ثم تحدث د.النور محمد حمد عن طرح الأستاذ محمود المتفرد عن مشكلة الشرق الأوسط. وقد أبان النور بعرض بصري خلاب باستخدام الحاسوب، بنصوص ملونة، ومكبرة، مقتبسة بدقة عن تميز طرح الأستاذ محمود. وقد أوفى النور كتابي "مشكلة الشرق الأوسط" و"التحدي الذي يواجه العرب" شرحاً معمقاً مما كان له الأثر البالغ على الحضور. وقد استحوذت مساهمة النور على جل الاهتمام في اليوم الأول، وعلى جل التعليقات، لأن معظم من كانوا في الحضور من أميز الباحثين والإداريين في معهد السلام لم يكونوا قد عرفوا الأستاذ من قبل، خل عنك أن يعرفوا عن أفكاره.
وقد كان لمساهمة النور أبعاد كثيرة جعلت الحضور من الباحثين والإداريين المتميزين يقولون للأخ الباقر أنهم يجب أن يهتموا أكثر بفكر الأستاذ محمود وأن يعقدوا المزيد من المناشط بشأن هذا المفكر المتفرد. وذلك بسبب أن أفكاره تجيب على الكثير من حاجة العالم الإسلامي والعالم بأسره لهذا النوع من الفكر.
وقد تميز الطرح في هذه الندوة بأنه بدأ بتناول الفرد في الفكر الجمهورية والطرح اللاهوتي لها في حديث د.إيرنست جونسون، ثم دلف إلى المجتمع الجمهوري المحلي كوحدة أكبر في حديث د.استيف هوارد، ثم دلف للمجتمع الدولي عند تناول مشكلة الشرق الأوسط بكل أبعادها الإقليمية والدولية. فكأنما كان السلسل هكذا: الفرد، المجتمع المحلي، والمجتمع الدولي!
من التعليقات التي أمدني بها الباقر بعد انتهاء الندوة قوله بأن المعهد لم يشهد حضوراً بهذه الكثافة لاي ندوة عقدها منذ إنشائه. ومنها أيضاً بأن القاعة لم تشهد مثل عدد الكاميرات التي كانت تجول في القاعة لتوثق الحدث. وكان حملة الكاميرات هم د.إسماعيل علم، هادف حيدر بدوي، سعيد هارون، عبده الحاج، وآخرين من غير الجمهوريين. ومن التعليقات الأخرى أن نوعية المشاركين في الندوة والحضور أتاحت للاستفادة من الوقت بصورة ليس لها ضريب في سابق تجارب المعهد. فقد كانت كل ثانية من الجلسة محشودة بالمعاني والأمثلة والنصوص، مما جعل من الصعوبة أن يتجول فكر الحاضرين بمشاغل خارج القاعة.

يبقى أن أقول عن اليوم الأول في معهد السلام بأن فاعلية الباقر، وحضوره المتميز، وسعة وعمق تفكيره، وحلاوة سيرته بين زملائه في المعهد، هي التي هيأت لهذا النجاح الباهر. وكذلك يجب أن أقول بأن كلمة الباقر الافتتاحية عن حياة وفكر الأستاذ محمود كانت متفردة للغاية. وقد كان لها الأثر البالغ في التوطئة لنجاح الطرح من بقية الإخوان وترقية روحه. وقد علقت للأخ الباقر فور انتهاء الندوة بأن كلمته لم تزد فيها كلمة أو تنقص، كما لم تزد فيها نقطة أو فاصلة أو تنقص.

التحية من هنا للأخ الباقر، وعلى تهيئته الخلاقة لنجاح اليوم الأول من مؤتمر الاحتفال بالذكرى الواحدة والعشرين. وقراءتي لهذا النجاح تقول لي بأن الباقر قد جاء للمعهد على قدر من ربه ليفتح لنا أفقاً جديداً في أهم عواصم العالم. والباقر، لمن لا يعرفونه -كما أزعم أني أعرفه- من أكثر المثابرين على العمل الدؤوب في أي عمل يوكل له. وهو يعمل في بحوثه كزميل مرموق في المعهد وفق زمالته لساعات طويلة، تشمل ساعات في عطلة نهاية الأسبوع. وربما لاحظ زملاؤه هذا الجد، وهذه المثابرة، فعرفوا أنه يختلف عن البقية اختلافاً يكاد يكون نوعياً. فنال ما نال من الاحترام، ونال موافتهم الفورية على عقد الندوة في دار المعهد. وهذا أمر لا يتيسر بسهولة في أي مؤسسة مماثلة لجماعة مثلنا لم يعرف لها شأن في مراكز القرار في العالم.

أما أنشطة اليوم التالي 21يناير، في جامعة جورجتاون، فقد افتتحت بالإنشاد العرفاني، حيث أنشدت قصيدة "أحمدك اللهم كثيراً،" التي أثارت إعجاب الحضور واستحسانهم لدرجة أنهم شاركوا في تريددها مع المنشد ومع الجمهوريين. وقد لاحظت بأن محامياً يهودياً ، من أصدقاء الجمهوريين، من ضمن الحضور، كان يردد معنا الانشاد مثلما يردده الجمهوريون. وقد سألني لاحقاً عن معاني القصيدة و حدثني عن شبهها بالترانيم في اليهودية. وقد طربت لذلك كثيراً، إذ أنه ليس من المألوف أن يطرب يهودي لأي نشاط إسلامي.

بعد ذلك انعقدت الندوة بجامعة جورجتاون. وق حضرها عدد كبير من السودانيين، وعدد من الأمريكيين. قدم للندوة وأدارها الأستاذ بشير بكار. وتحدث فيها د.عبد الله النعيم ود.استيف هوارد وشخصي، حيدر يدوي. وقد افترعت الحديث بتناول "الفكرة والحركة الجمهورية في عالم ما بعد 11سبتمبر." وتناول حديثي الأفكار الأساسية وتجسيد الأستاذ محمود لها. ثم دلف لتناول البعد الاستراتيجي الدولي لأفكار الجمهوريين في حل أزمة العالم الإسلامي بتطوير التشريع ونسخ الجهاد، وانعكاس ذلك على الوضع الدولي الراهن. واستخدمت الحاسوب لتدعيم أرائي بصورة بصرية خلابة أثارت إعجاب الحاضرين، وتعليقاتهم أثناء، وبعد، الندوة.
ثم تحدث د.استيف عن الفكرة والحركة الجمهورية باعتبارهما منتجاً أفريقياً من الطراز الأول. وذهب يحكي عن تجارب ذاتية له مع الأستاذ ومع الجمهوريي لتدعيم طرحه. وتحدث في ختام الندوة د.عبد الله النعيم متناولاً "العلمانية من منظور إسلامي." وقد ركز حديثه على أنه ليس هناك أي إمكانية لطرح ديني تتبناه الدولة، أي دولة. وتناول في ذلك أمر الحدود، قائلاً بأنه ليس هناك إمكانية أن تصبح الحدود نصاً قانونياً لأن تطبيقها يعني خضوع غير المسلمين لقانون إسلامي، وهذا يتناقض مع روح الدستور. وقد ركز حديثه على أنه لم تكن هناك دولة حكمت بالشريعة الإسلامية على مر التاريخ الإسلامي، ولن تقم دولة إسلامية في المستقبل. وظل يؤكد بأن الدولة لابد أن تكون علمانية حتى يتهيأ للملسمين ولغير المسلمين من كافة الأديان التمتع بالحريات التي توفرها علمانية الدولة. بمعنى آخر، يقول د.عبد الله، أن تمتع المسلم أو المسيحي، أو اليهودي بالحرية في ظل الحريات التي توفرها الدولة العلمانية هو السبيل الوحيد للازدها ر الديني لهؤلاء ولأفكارهم ومعتقداتهم.
أثارت الندوة الكثير من التعليقات والأسئلة.
أرجو أن يفيد يثري الآخرون، الذين حضروا الاحتفالات، هذا الخيط بالمزيد من الانطباعات.
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

سلام للجميع
بعث إلينا صديقنا الشاعر سيد أحمد بلال بقصيدته "محمود محمد طه يضع واو العطف بين الإسلام والسلام" للمشاركة بها في الاحتفاء بالذكرى الحادية والعشرين لاستشهاد الأستاذ محمود





محمود محمد طه يضع واو العطف بين الإسلام والسلام

ساحة المعجزات تتَّشِح بالثوب الأبيض
سبع بلحات ووجنتان مغسولتان بندى الفجر تكفي للذكرى.

في تقاطع شارع محمود محمد طه بشارع الحريّة
ينتصب ثدي الحقيقة
حيث تتحوّل الدماء إلى حليب
ويَرْضَع العائدون من صحراء الروح حتى الفِطام.


حاول أن يضع صارية السودان على خط استواء القلب والعقل
بعد أن وضع واو العطف بين الإسلام والسلام
لكن الكهنة انعطفوا بواوهم على العُنْق


حاول الظلام أن يتخلّله فلم يستطع
لكن الكهنة مرُّوا بالحرف المقلوب والحبل المنصوب
عبْر البَرْزَخ الذي يَفْصِل الأعلى من الأدنى
ومنذ يناير/كانون الثاني عام ألف وتسعمائة وخمسة وثمانين
غطّت سِتارة الظلام الكبرى لوح محمود
حتى تكتمل شرافته.


سيد أحمد بلال
الخرطوم
يناير 1986


Haydar Badawi Sadig
مشاركات: 14
اشترك في: السبت يونيو 04, 2005 5:28 pm

مشاركة بواسطة Haydar Badawi Sadig »

في تقاطع شارع محمود محمد طه بشارع الحريّة
ينتصب ثدي الحقيقة
حيث تتحوّل الدماء إلى حليب
ويَرْضَع العائدون من صحراء الروح حتى الفِطام.


Thanks Nagat, and thank to Ustadh Ahmed Balal

صورة العضو الرمزية
قصى همرور
مشاركات: 278
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 11:07 pm

مشاركة بواسطة قصى همرور »

شكرا أستاذة نجاة على نقل هذه القصيدة المفعمة بالمعاني، والشكر أجزله للأستاذ سيد أحمد بلال على تفضله علينا بهذه الكلمات الشواهق..

وأجمل القصيدة عنوانها! وهذا المقطع

(حاول أن يضع صارية السودان على خط استواء القلب والعقل)
Conventional is neither neutral nor convenient
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


العزيز قصي
تحياتي

أنا أيضاً شدني هذا البيت

"حاول أن يضع صارية السودان على خط استواء القلب والعقل"

نجاة
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

أسمحوا لي بأضيف إلى هذا البوست ترجمتي للمقدمة التي كتبها المفكر سمير أمين في تقديمه للترجمة الفرنسية لكتاب الأستاذ محمود محمد طه "الرسالة الثانية".




نحو لاهوت تحرير إسلامي؟
تقديم البروفيسور سمير أمين للترجمة الفرنسية
لكتاب "الرسالة الثانية" للأستاذ محمود محمد طه



هل تعلن أعمال محمود محمد طه عن مولد لاهوت تحرير إسلامي؟ على كلٍ لا يمكن أن تمر قراءة أهم أعمال هذا الشيخ السوداني [كتابه الرسالة الثانية في الإسلام، الصادر في الخرطوم عام 1971] دون أن يترك تأثيراً في النفس. إن قناعته العميقة كمسلمٍ، ومعرفته المتبحرة بالدين، وقوة حجته في سبيل تفسيرٍ جذريٍ جديدٍ للإسلام يؤسس لقطيعة تامة مع تيار التعصب الديني المحافظ الرسمي المسيطر، لهي شاهدٌ على أهمية مساهمته في تجديد إسلامي يذكِّرنا، في كثيرٍ من أوجهه، بالتجديد الذي جاء به لاهوت* التحرير المسيحي.


رسالتـــا الإســـلام

يرى محمود محمد طه أن للإسلام رسالتين، رسالةٌ وقتية، هي الرسالة الأولى (وفق اصطلاح محمود محمد طه)، ورسالةٌ أخيرة (الرسالة الثانية). إن البدء بمعرفة الرسالة الثانية يعيننا على فهم فحوى الأولى، وعلى فهم السبب الذي يجعل التيار المسيطر يكتفي بها.
إن الإسلام الحقيقي لا يتحقق وجوده دون إيمانٍ بالرسالة الثانية. ومن الممكن لنا أن نلخص هذا الفهم في هذه العبارة: إن الإنسان قد خُلق على صورة الله، ومن ثَمَ، فهو حرٌ، ومسئولٌ وقابلٌ لبلوغ الكمال. وحياة الإفراد هي صراعٌ دائمٌ لا معنى له إلا بالنظر إليه من منظور الصراع في سبيل الاقتراب من الكمال الإلهي والنأي عن كل المزالق التي تحول دون بلوغ هذا الكمال. إن حياة المجتمعات هي أيضاً، لا معنى لها هي الأخرى سوى معنى صراعها في سبيل المُضِيِّ نحو الكمال.


المجتمع المثالي هو ثمرة الصراع الاجتماعي

يستخلص محمود محمد طه من هذه الرسالة الأساسية استنتاجاً جذرياً هو: إن المجتمع الذي يجب أن يكون هو الهدف الذي ترمي إليه معركة الصراع الاجتماعي، هذه المعركة التي تخلق الشروط التي تسمح للإنسان الفرد بأن يقود معركته الخاصة في سبيل الاقتراب من الله والتي بدونها يقع الإيمان ضحيةً للحدود التي يفرضها المجتمع لتحول دون تفتح الحرية المسئولة التي يمتلكها الأفراد، هذا المجتمع لا يمكن له سوى أن يكون مجتمعاً اشتراكياً وديمقراطياً.
إن الاشتراكية وفقاً لمحمود محمد طه هي رديفٌ لتمكُّن البشر جميعهم من أخذ نصيبهم المتساوي من الثروة المادية التي استطاعت أن تنتجها عبقرية الإنسان. وبذلك، فإن هذا التعريف يجعله في واقع الأمر أكثر قرباً لمفهوم الشيوعية من تجارب وبرامج الاشتراكية التاريخية الحديثة. لأنه، في رأي محمود محمد طه، طالما لم يتم توفير هذه الشروط الاجتماعية، فإن الفرد سيبقى أسيراً للنزعات الأنانية التي تُقْعِدَهُ وتُحِدُّ من قدراته الكامنة التي تنطلق به نحو الكمال الذي يقرِّب الإنسان من الله.
و في تعريفه للثروة المادية، يطرح محمود محمد طه مسألة العلاقة بين الإنسان والطبيعة من مفهوم الرسالة الثانية الذي يقترحه. فالطبيعة هي أيضاً من خلق الله، مثل الإنسان الذي يكوِّن جزءً منها. وبالتالي، فإن الطبيعة ليست منظومة تقع تحت تصرف البشرية بلا حدود. ولذا، لن يتسنى للإنسانية الاقتراب من الكمال الإلهي إلا إذا توصلت إلى عقد علاقة متوازنة مع الطبيعة، لتعمِّق بذلك وعيها بانتمائها للكون في مجمله. وهكذا، تحدد هذه القاعدة الغايات والشروط التي تنظِّم إنتاج الخيرات المادية التي تفضي إلى تفتح وازدهار المجتمعات والأفراد. وبدورها، فإن هذه الاشتراكية (أو الشيوعية)، كنظامٍ اجتماعي، مثالي، لا معنىً لها إن لم تكن ديمقراطيةً، أي إن لم تكن، وفقاً للغة التي يستخدمها محمود محمد طه، مبنيةً على حرية الأفراد المطلقة. لأن هذه الحرية المطلقة هي الشرط اللازم للوفاء بالمسئولية، وهي الضمان الذي يكفل للخيارات التي يتخذها البشر في كل لحظةٍ، وفي كل مقاصدهم، أن تقرِّبهم من الله (أو تبعدهم عنه).
ومن هنا، يميز محمود محمد طه بين المشروع الذي يدافع عنه باسم الدين الإسلامي وبين مشاريع الاشتراكية التاريخية الحديثة. إن المثال السوفيتي، ضمن أمثلة أخرى، ظلّ، كما يراه محمود محمد طه، يستند على الرغبات الأنانية عند الأفراد. ويتقاسم المجتمع السوفيتي هذه الخاصية مع المجتمعات الرأسمالية الحديثة. إن احتقار الديمقراطية في التجربة السوفيتية يأتي، وفقاً لمحمود محمد طه، من هذا التناقض بين الغاية المعلن عنها (الاشتراكية كإلغاءٍ لكل أوجه الظلم) وفلسفتها المادية، التي تفرض اللجوء إلى وسائل من شأنها إثارة الرغبات الأنانية عند البشر. وإذا لم يكن من الممكن للإيمان أن يتفتح ويزدهر في عالمنا الحديث الرأسمالي (بما في ذلك البلدان المسلمة)، مثلما لم يكن من الممكن له أن يتفتح ويزدهر في الأنظمة السابقة، فذلك لأن الظلم الذي نتج عن استخدام وسائل تفسح الطريق لأنانية البشر، جعل هذه الأنانية تدوم، وبدون إيمان حقيقي، فإنه لا سبيل أيضاً لتحقيق الاشتراكية.
هذه هي "الرسالة الثانية" (الرسالة الأخيرة) للإسلام، كما يراها محمود محمد طه. وهذه الرسالة يتقاسمها الإسلام مع كل أشكال التعبير الديني التي عرفتها الإنسانية عبر كل الأزمنة وفي كل الأمكنة. لأن هذا الفهم للإسلام كان موجوداً منذ الأزل، ولا "يتأرَّخ" بنزول القرآن. إن الإسلام الذي هو دين الله الشامل (وفق تعبير محمود محمد طه)، أي الدين الذي ظلّ موجوداً عبر الأزمنة، قد عبَّر عنه، ضمن ديانات أخرى، نزول اليهودية والمسيحية.
إذن، وبنفس الصورة ، التي عرف فيها دين الله (الإسلام بالمعنى الشامل) صوراً من التعبير سبقت نزول القرآن، فإن هذا الأخير يحتوي، إلى جانب رسالته النهائية، على رسالة وقتية مرتبطة بظروف النزول.
ولأن الله حاضرٌ على الدوام، فإنه يتدخل في حياة البشر والمجتمعات. إذ يبعث إليهم برسالاته وتعاليمه، وبفروضه التي يتم تبليغها بواسطة الكلام الذي يستطيعون فهمه في لحظة محددة من الزمان. إن هذه الرسالات، المرهونة بزمان محدد، تعين البشر والمجتمعات في تصحيح نفسها، وأن تحقق خطوة في الطريق القويم (حتى وإن كانت خطوة واحدة). لذا من الممكن أن تبدو هذه الرسالات متناقضة، إذا ما تمّ تفسيرها تفسيراً حرفياً، وإذا ما أعْطِيَت مغزىً مطلقاً لا تحمله. وهكذا، تجلّى الله عبر رسالات رسل بني إسرائيل، وعبر رسالة المسيح.
وبالتالي، فإنه يجب التمييز في نص الرسالة القرآنية، كما في السنة، بين رسالة الإسلام النهائية وفروضه المرهونة بزمان محدد. يشير محمود محمد طه في تحليله المحكم الرصين للنصوص إلى أن الرسالة الثانية احتلت مكاناً مركزياً في ترتيب نزول الوحي، أي في السور المكية. ففي هذه السور لا تنشغل الرسالة بمسائل تنظيم المجتمع، وإنما تهتم فقط بجوهر الإيمان (حرية الإنسان ومسئوليته في سعيه للاقتراب من الله). وفي المقابل، فإنه بتوفر الفرصة في المدينة، بتنظيم مجتمعٍ حول الرسول أفضل قليلاً من سائر مجتمع الجزيرة العربية في تلك الفترة، مجتمعٍ قادرٍ على تحقيق بعض خطوات في الاتجاه السليم، وعلى فتح طريق نحو تطوير الإيمان، فإن الله، لم يتوانَ من التدخل في مساعدة البشر في صياغة هذا المجتمع. ويرى محمود محمد طه إنه يجب النظر إلى التعاليم التي أوصى الله هذا المجتمع باتِّباعها، باعتبارها مرتبطة بزمانها، وليس باعتبارها الصورة النهائية التي يجب أن يكون عليها المجتمع الإسلامي المثالي. أي إنه لا يجب النظر إليها باعتبارها الإنجاز الأفضل والمطلق. وفي هذا الخصوص، يعالج محمود محمد طه ثماني قضايا متتالية، ينظر إليها المسلمون عادةً باعتبارها أموراً قد حسمتها الشريعة بصورة نهائية وقاطعة في مجتمع المدينة، هي:
1ـ الجهاد
2ـ الرق
3ـ الرأسمالية، التي يمكن النظر إليها باعتبارها جملة المسائل التي تتعلق بالإدارة الاقتصادية للمجتمع عن طريق الملكية الخاصة والتجارة المشروعة
4ـ المساواة بين الجنسين
5ـ تعدد الزوجات
6ـ الطلاق
7ـ الحجاب
8ـ المساواة بين الرجال والنساء في الحياة العامة.


مقاربة دينية بحتة

دافع محمود محمد طه عن فهمه للدين عبر تحليلٍ دقيق للنصوص الدينية، مركِّزاً على التأويلات التي توضح، وفقاً للطريقة التي تتم بها قراءتها، الصفة الوقتية للحلول التي قدمتها الشريعة، في مكانٍ وزمانٍ محددين. ونجد إن الفصول التي تتناول هذه الأسئلة الثمانية يحمل كلٌ منها عنواناً معبراً عن السؤال المعنِّي ... الجهاد ليس أصلاً في الإسلام ... تعدد الزوجات ليس أصلاً في الإسلام ...
لكن، للأسف، فإن المسلمين، مثل آخرين غيرهم (اليهود)، اكتفوا بهذا المستوى من الرسالة، وبتعاليمه، وصبوا كل تركيزهم في اتِّباع هذه التعاليم بصورة حرفية، بأن جنبوا أنفسهم تحمل العبء الأكثر مشقةً، عبء المُضِيِّ في الطريق الذي أشارت إليه الرسالة الثانية. لقد حولوا الدين إلى ممارسةٍ طقوسيةٍ متشددة (كان ذلك شأن قوى الرجعية والسيطرة والاستغلال). وبذلك، يتوصل محمود محمد طه إلى استنتاجٍ جذريٍ وحاسم: لم يبنِ هؤلاء مجتمعاً من "المسلمين" بل مجتمعاً من "المؤمنين".
لذلك حرص محمود محمد طه على الدعوة بمثابرة في كتاباته، وأحاديثه، و بتنظيم تلاميذه الناشطين من حوله. وقد تركزت دعوته على نقد جذري للتفسير المحافظ، الطقوسي، الشكلي، المتقيد بالرسالة الوقتية وحدها. ونادى بتفسيرٍ يوضح الرسالة الثانية، التي تدعو إلى العمل على تحقيق تحويل المجتمع في اتجاهٍ يعزز انتشار العقيدة الصحيحة.
كانت تلك هي الجريمة التي اقترفها في نظر الساسة الذين نبذوا الديمقراطية بتسترهم وراء قناع الإسلام السياسي، وفتحوا الباب على مصراعيه لكل أشكال الظلم الكامنة في طبيعة الرأسمالية، وبسطوا سلطتهم المطلقة، محولين شعوبهم إلى حالةٍ من العبودية الأخلاقية. لقد حكمت عليه بالإعدام "محاكم" نظام الأخوان المسلمين بقيادة الشيخ حسن الترابي. ونُفِّذ فيه حكم الإعدام شنقاً وهو في السادسة والسبعين من عمره، ومُنعت كتبه وحُرقت.


ترجمت هذا التقديم من اللغة الفرنسية
نجاة محمد علي
باريس في 9 أبريل 2004




ترجم الكتاب إلى اللغة الفرنسية
محمد البارودي وكارولين باي
صدرت الترجمة عن دار لارماتان للنشر
Mahmoud Mohamed Taha
Un Islam à vocation libératrice
Traduit par Mohamed El Baroudi & Caroline Pailhe
L'Harmathan, Paris ,2002
أضف رد جديد