نـضـــَّــر اللهُ وجه ذاك السـاقي، إنـّه:

Forum Démocratique
- Democratic Forum
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[font=Verdana][align=justify]





ثم ماذا بعد الحَجّة الأمريكية...! *


يا سيد جمال الكون عاشق أنا ومغبون، للقصرو واشنطون يا حاج نوينا..! وكما يقولون، النية زاملة سيدا. فقد تحزّم الشريكان الحاكمان وتلزّما بآمالٍ عِراض وأهواءٍ مِراض. تأمل في الحصول على الجذرات المعروضة وتتعوّذ من العصي الممدودة. ذهبا يبحثان عن يقين تركاه من خلفهما، كحالِ بسطام، وكان قد قطع الفيافي بحثاً عن يقينه الخاص؛ ولمّا أدركته العناية الإلهية بإلهامٍ منيع ومنطقٍ بريع ،وقد تباعدت بينه وبين وطنِه الأسفار، سمِعَ القول الفصل: لقد تركتَ مِن خلفك ما جئتَ تبحثُ عنه ها هنا يا بسطام! وللأمانة، فقد كانت الخُطب التي تنافر الشريكان بها أمام المحفل الدولي ،رنانةً بما يكفي وقد تزيد، تقطُر بلاغة وتمتلئ بالمضامين الفخيمة والمؤشِّرات الإيجابية، لولا أن شواهد الحال تكذّب لسان المقال! وهل أكثر تكذيباً من أنّ كُلاًّ من النائبيَن يدعو لعكس ما يدعو إليه الآخر وهما يمثِّلان حكومة واحدة قطعتْ من عمرها الهَنيِّ حتى الآن أكثر من خمس سنوات! فخطاب الحركة الشعبية يكاد أن يعلن الانفصال من "دَكّة مَنْ ناداك" الأممية دون مواربة، مغلّباً أن هذا هو التوجّه الأبرز لدى مواطني الجنوب. في حين أنّ خطاب حكومة المؤتمر الوطني يستميت في الدعوة الى الوُحدة من نفس الدّكّة العالمية؛ مذكِّراً الجمع الميمون بأن الوحدة هي الخيار الأول لاتفاقية السلام الشامل ولدستورنا الانتقالي، بل وبشهادة الشهود الإقليميين والدوليين.


هل كُتِبَ علينا يا تُرى أن تظهر حكومتنا بلسانَيْن في مثل هذا المحفل الأممي؟ ألم يبحث الشريكان منطقَيهما قبل السَّفرة حتى تربح التَّجرة؟ وقد قيل مَنْ عاشَر قوماً أربعين يوماً صار مثلُهم، فكيف إذن تمادى التخالُف وتطاول الخِلاف وقد مضت خمسُ سنوات على اتفاقية السلام الشامل؟ ألا يطعن مثل هذا الظهور المتباين في استقامة اتفاقية السلام الشامل! وإن لم يفعل أفلا يقدح ،على الأقل، في صيرورة ما تمّ تنفيذه منها حتى الآن؟ ليت الأمور كُلها كانت تقوم على الرزانة الخطابية والمنافرة الجوابية والفخر الذي لا يترك للمُشارِك الآخر شيئاً يعود به الى ذويه..! إذن لكان حَريٌّ بنا جميعاً أن نطمئن على مستقبل سلامنا المستدَام وأمننا القومي وسيرورة نهضتنا الشاملة، بعد كل هذه الخطابية الفصيحة لحكومتنا في محفل الأمم والدول الفاعلة، ومن مِنَصّة بيت المجتمع الدولي المُمرّد من قوارير. بل لكُنَّا أعرضنا صفحاً عن كل هذه الحراجة في وضعنا الراهن؛ تلك التي تُحدّثنا بها دوماً ألسنةٌ حكومية بليغة! وكأنّ غير الحكومة هو المعنيُّ باجتراح الحلول وإصلاح الوضع السياسي المتأزِّم.


لقد كان خطاب الحكومة شاملاً، تناول بحصافة كل القضايا التي تشغل بال الحزب الحاكم الكبير، بينما كان خطاب الحركة الشعبية لايقل شمولاً فيما يهمُّها من أمور تتناسب وطموحاتها في دولةٍ قدر الحال. وعلى سبيل المثال، فقد عبَّر الاستاذ علي عثمان محمد طه، نائب رئيس الجمهورية، بأفضل ما يُمكن التعبير به في مثل هذا المحفل اللّجِب. مبتدئاً بامتنان الحكومة وتقديرها العميق لاهتمام المجتمع الدولي ودعمه لرفاهية شعب السودان، مُبيِّناً ما ورثته الحكومة من تركة مُثقلة بالنزاعات منذ تولّيها الحُكم، موضحا عزم الحكومة وإرادتها وتصميمها تحت رئاسة قائدها الرئيس عمر البشير في اتخاذ القرارات الصعبة لتحقيق السلام. حيّا السيد النائب روح صديقه وزميله الراحل الدكتور جون قرنق دي مابيور، لالتزامه وتصميمه وعزمه في انجاز الاتفاقية؛ وكذلك قد صوّب النظر نحو العمل على إعادة توجيه أنشطة العون الإنساني في دارفور لإعادة التوطين وتمكين المتأثرين من الاعتماد على أنفسهم. محذِّراً من تداعيات مواقف متناقضة يتخذها المجتمع الدولي في تبنِّيه مناهج التخذيل والتجريم بتوجيه الاتهامات غير المؤسسة في مثال المحكمة الجنائية الدولية. مرحِّباً بالتوجه الجديد والبنَّاء للولايات المتحدة تجاه السودان، ومبيّنا ضرورة رفع العقوبات الاقتصادية وإعفاء الديون حسب المعايير المتَّفَق دولياً علي تطبيقها على الدول الأقل نموَّاً.


عن الحركة الشعبية تحدّث النائب الأول لرئيس الجمهورية، رئيس الحركة الشعبية، الفريق أول سلفا كير ميارديت، ببلاغة فصل المقال، ممتنّاً للحضور الأممي، وشاكراً للأمين العام للأمم المتحدة على الاستضافة الكريمة لهذا الاجتماع بخصوص السودان. ومُعدِّداً مطلوبات الحركة الشعبية من المجتمع الدولي، موضِّحاً أن دعم المجتمع الدولي مطلوبٌ الآن بأكثرُ ممّا مضى، لأجل تكملة تنفيذ اتفاقية السلام الشامل بسلام. تلك الاتفاقية التي اقتطعت ثمنها الكبير بضياع حياة أربعة ملايين من أرواح المواطنين طيلة الحربين الأهليتَيْن منذ استقلال السودان في 1956 مفيداً بأن كل المؤشرات وقياسات الرأي تشير الى أن شعب جنوب السودان سيصوت غالباً لدولته المستقلة. مفنِّداً للأقاويل والدعاية التي تشكك في قدرتهم ،في جنوب السودان، على تأسيس دولة حالما اختار مواطنوها الانفصال. هذا وقد أفاد السيد النائب الأول، مستَمعيه، بأنهم في فترة الخمس سنوات الأخيرة، قد بدءوا إعادة التأهيل وبناء جنوب السودان من لاشئ، وقد أكملوا الآن مؤسساتهم الحكومية وابتنوا قدراتهم الحيوية لتقديم الخدمات لشعبهم، شارحاً بأنّ ما أنجزوه في خمس سنوات يفوق عشر مرّات ما قامت به كل حكومات السودان للجنوب في الخمسين سنة الماضية! وقد تناول السيد النائب الأول في حديثه، أبيي والصعوبات التي تعترض استفتائها، كذلك نوّه الى منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، وأشار الى فوضوية وارتزاق جيش الرب للمقاومة، باعتباره سرطان آخر! تمّ زرعه في الإقليم مشيراً الى أيادٍ خفية وراء هذه الجيش عديم الهدف السياسي، والذي لابد أن تتضامن الجهود لازاحته.


بالطبع، لم يحن الوقت بعد للحُكم على ما أحدثته هذه الحَجِّة الحكومية الوقورة لديار المجتمع الدولي ودولته القطب، من نتائج أو ما سوف تُحدثه في القريب العاجل! بيد أنّ مؤشِّراتٍ كثيرة من هاهنا وهناك، تضُخّ وعوداً مبذولة من الادارة الأمريكية وسكرتارية الأمم المتحدة ،وتلك وعود تستبطن وعيدا وجزاءات، لأجل التركيز على قيام الاستفتاء في ميعادِه وبكل الحرية والنزاهة. وإذن، فلا جديدٌ تحت الشمس، فهذا عينه ما ظلّ مطلوباً للسياسة الداخلية السودانية بعديد وجوهها الحاكِم والمعارِض، ولا تَخفى صعوبة تحقيق ذلك وإتمامه على النّهج المُراد في ظلِّ تماحُك الشريكَيْن وتطاول تشاكسهما بغير نهاية معلومة. وفي تقديري، أنّ دعم المجتمع الخارجي ،ومهما كان التعويل الكبير عليه من جانب الشريكَيْن، فلن يُجْدِ فتيلا ! مالم يكن تتميماً للدعم الدّاخلي الأصيل! وهنا، يسعُنا أن نقول: قُضَيْ الأمرُ الذي فيه تستفتيان.











.............
* مقال قديم، أكتوبر2010
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]




مليارات المُكاكاة والمُتكأكئين في تحكيم آل كابون السودانيين..!

تحت الظلال الوريفة من باسقات الشدر الغُلاد. بالكُلِّية والقضائية فالعدلية، ومن لدى زمن التــُّمْنَة وعصرِه. تكأكأت علينا، بعد أن كاكتْ طويلا، قيادات سودانية موغلة في مجالس العدالة وتنظيرها وتطبيقها. ثم وقعتْ من حالِق لتدُقّ عُنقها غير مأسوفٍ عليها. ولئن كانت الكأكأة نوعٌ من الترامي المُصطَنَع لأكل المَيْتات! فالمُكاكاة، هي إشهارٌ صوتي تتقنه الدّاجنات، إعلاناً لقُرب نَيْل المطلوب من منافع. وعبر استطرادية قصيرة؛ يلزمني أن أشير إلى أنّه، لا الكأكأة ولا المُكاكاة، تخلوان من شَبَهٍ بالكُــتَّيْمية، والكلبونية والكابونية. ذلك أنه في في التكتُّم الذي جرى في أمر التحكيم، تبرُز مُتلازمة "دَفن الليل أب كراعاً بَــــرَّة"؛ لتأتي من بعد، الكلابة! تتجلّى في هَزّ الذَّيْل مَلَقاً، للمُتكوبرين من صِــغار ذوي النفوذ. يهزُّ هؤلاء المتكأكِؤون ذيولهم لسادتهم. حتى يوضع كل البيض في سَلّة واحدة، بل لعلّه يوضَع في سلَّةٍ مُعَيَّنة مُخصخَصَة. حتى وإنْ كان الثمن الفادح، أنْ تتخرّم كُل السِّلال الأُخرى، العامِلة منها والعاطلة.

في مُشابهة هذا الصنيع "القانوني!!" الباهت للمُتَكأكئين بالآل كابونية ( و آل كابون هو أشهر لص وزعيم مافيا أمريكي)، فإنّ الكأكأة والمُكاكاة، كِلاهُما يحتشدان باللاّمُبالاة أو لعلّها "الشَّــرْفَة". تلك التي تُزري بالوَقار وتذهب بالمصداقية وتغور بالضمير الحَيِّ لسابع أرض. كأنّما أضحى الرَّيش الفسادي مفروشاً على كافّة الرؤوس!! وبالتالي فلا أحدٌ سيقول لهم بِغِم ..! وإلّا كانت حاضرة مقولتهم: مَنْ كانَ منكم بلا خطيئة فــَــليرمِنا بسطرٍ أو سَطْرَيْن. ها أنذا أفعل وسأفعل، دحراً لهذا التكالُب على المنافع، أكتُب سطوري هذه وما يليها؛ ضدّ الركاكة اللغوية والمِهَنية الحائمة بالدّو ر الكريمة؛ وليس من كريمٍ في أكثرِ ساكني تلك الدُّور، وكثيرٌ فيها اللِّئام. حيث يدّعون المِهَنية والجدارة والشطارة، وما هيَ إلّا مليارات تلاثة، حتى تكشّفتْ المقامات عن لامِهنية، ولا جدارة. بل كُل العَوارة في جوف المُتكأكئين الساذجين؛ وعلى رأي شاعرنا الغنائي السوداني: تاريهم جارو جارو وما صانوا الهوى.

في سنوات خلَتْ، افتُضِح أمر بعض القوم النفوذيين(مدير عام شركة السودان للأقطان، وصديقه الرأسمالي مُخضِّباً لِحيتِه في تلك الصورة الـــWANTED) يتّبعهم عددٌ من الغاوين، يتناشطون بأسوأ من أكل المَيْتَة والدَّمِ ولحمِ الخنزير والغِسلين، بل ويُجاهرون ثم يتغوّلون – عينك عينك – على حقوق ضِعاف الشعب من شبابٍ حائر ودمّه فاير، وأرامل تشكو مطابخهنّ قِلّة الجُرذان، وكهولٍ هدّهم التشاطـُر السياسي العربيد من الدواخل، جــَرّاء إيكال الأمر لغير أهله. من خلال التمكين والتموين والتَّزيين وانعدام المُحاسبة. بعد رفع القزاز وتظليل الشفافية حَدّ النِّقاب الشَّرْعي! حتى صار الشِّعار التكالبي هو: ( الذي معنا ها هُنا قد اغتنى، والذي لم يغنَ فَليــَفنى!).

رأى الناسُ رؤوس الحَيَّات السامّة. تتلاصَف وتتقاصَف ثم تتهادى! وهيَ تتلاعب بملايين الدولارات المُقتَرَضة من الخارج، لتفعيل جانب من تنمية الزراعة بأقطانها وقمحها وفومها وعدسها وبصلها. رأى الناسُ كلّ الفساد برؤية العين، قرأوه مكتوباً على الجُدران؛ لكنّهم تواطأوا معه جَبراً وقَهراً كأخَفَّ الضَّرَريْن!! فالناسُ لا يملكون الدّليل المادِّي الملموس؛ وهل تترُك الأفاعي أثراً ملوساً على الرِّمال المُتحرِّكة..؟ في سنوات خَلتْ، تمّ كشف المأكلة المجنونة وملعونة من الكُل؛ وظلّ الناس الطَّيِّـــبون يترقّبون المصير اللائق بهذه المأثمة والجريرة العضيرة. إلّا أنّ الزمن مضى، وبردت الغبائن بعض الشيء، وأقنع الناسُ أنفسَهَم بأنّ رأس الدولة، مُطَّلِع ومُضطّلع بالأمر، وكذلك قضاؤه ودستُّ عدالته، لن يألون جهداً في إيقاع القِصاص الذي فيه حياة لأولي الألباب ولكن!! اتّضح للناس بأُخرَة، أنّ رؤوس الحَيّات ما يزال لها سبعة رؤوس، بل وأكثر!! وأنّ المسألة ليست فقط في مجموعة المُتَّهَمين الأولى المحدودة، وأنّ الذي هو الثّقيل، يقع فيما وراء الوراء وراء وراء.
حقيقة لقد انصدم الشعب السوداني (أقلّه في الخرطوم!) بمهزلة ما جرى من تحكيمٍ زنيم! طلبه المُتَّهمون جِنائياً وبالثّابتة! ومع ذلك، وجدوا من عِلية القوم القانونيين!! مَنْ يُعينهم في إجراء "هوى" التحكيم. الذي يبيضُ مليارات مليارات مليارات. وذلك على الرغم مما بدا من حَرَد!! ومن عدم اطمئنان عند البعض من ذوي الفِطنة القانونية. من "العاملين" في الحقل العدالي السوداني؛ لكنّهم للأسى، ظلّوا مكانك قِف.

إحساسٌ بالضياع يشيعُ في كل النفوس، فهل هذا هو مستوانا العَدلي؟ من أين أتى هؤلاء ال هؤلاء إذن..! وأعني المقبوض عليهم مُتلبِّسين(Got red-handed)، وأعني المُتَمكِّنين من وزراء ومُدَّعين عامِّين وقُضاة دستوريين، سابقين ولاحقين وبين بين! كذلك أعني ذوي النفوذ الاقتصادي أمنيّاً والساسة الذين يقولون إنّهم يعدِلون. أشيرُ كذلك إلى الكَتَبة المُصَحِّفين، الذين لا يُجرِّدون الحقائق. بل هُم يُلوّنون على هوائهم القرائبي والصداقاتي ومن قبل عشرين سنة! يُنصِّبون مُحاكماتهم على قعور الصُّحُف الباهتة ويطلقون الأحكام العِظام، وهُم فيها كاذبون! من أين أطلّتنا هذه الصفوة من شيب وشباب؛ الذين أصبح كل حديثهم بالمليارات دون الملايين المُمَليَنة! وجودهم في السودان (بل الخرطوم!) كأنما لأجل الزيارات والاستثمارات!! هو وجود الزائر السائح. يوم بروتانا وآخر بالبُرج وثالث في بيت الحُكم! يُصيبون ساكنِه بالدُّوار، ثم يسيحون في أراضي الغير، إقامة وفَدامة وقِلّة مُلاءة وبياض عين! وجُلّ مشاريعهم ضررٌ على الشعب، وسفراتهم نهبٌ من مخزون البلاد التي أفقروها.

أؤلئك هُم الرؤساء الكرويين، مهزومة بهم الكُرة السودانية، هُم رجال المال والأعمال، مُنخَفِضة قيمة عُملتنا الوطنية بهم، وقد نقصتْ الغُلّة وساخ الإنتاج!! يملأون علينا الباحات والشاشات والمايكات بسماجة المرأى، وضعف الحُجّة وبلادة المطالِع. يستأثرون بكل ما للبلد من ريال دولار شيك سياحي! حتى لو كان مِنحة قَطَرية، بل ويرتكب بعضهم السبّع الموبقات، ولا عدالة تطالهم! اللهمّ إلّا تحكيمٌ تحكيما!! وأعني هؤلاء الأمويين الجُدد؛ يذكِّرون الناس بسيرة غِلمان بني أُميّة! يتعاورون الحُكم والصولة، وليس لهم إلّا مَدد الفهلوة وإظهار المودّات الكاذبة.

كل الذي يجري من فساد، يُرتِّب على السيد رئيس الجمهورية، أن يُرجِع السوط، ويستلّ السيف البتّار لقطع رؤوس هؤلاء الفَسَدة، بمثلما فعل القادة الأُوَل: ارفَع الســَّوطَ وضَعِ السِّيف ,,, حتى لا ترى على ظهرها أمـــويَّا ..! أو فلننتظر جميعنا نَعيٌّ السودان الوطن الذي كان ناهضاً فهاضَ جناحُه ببعض موبقات أبنائه.





الرابط:/ https://www.sudanile.com/index.php/2008- ... 2-09-34-30
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]


هل في فسـاد يااخوانّـا أكتـَر من كِـدا ..؟ *

الفساد موجود في بلاد الله الواسعة، إلّا أنه في خرطوم الدولة الرسالية، فــَحـَدِّث ولا حَرَج. فإنْ كان فساد الدول والمناطق الأخرى، يجد مَنْ يسعى في أثرِه، ويقوم باللازم لقطع طاريه، فإنَّ فساد بلدتنا له صفات الاستدامة والقَوامة واللئامة. إنّه فسادٌ خالي ندامة، ويبدو في كثيرٍ من الأحيان، كأنه استراتيجية لرُسُل البعث الحضاري الإسلاموي بظهرَانَيْنا رُبعِ قرنٍ من الفساد؛ أو لكأنّه مُهِمّة ابتُعثوا لقضائها ونشرها وتأصيلها، بالمجّان! ألا ترون إلى كَيْل الفساد وقد طفَح وانفضح، ومع ذلك، تظلّ الجهات العَدلية المنوط بيها قمع الفساد والمُفسدين "أولاد اللذين!" كأنّ على رأسها الطَّير..! وكأنّ الأمر لا يعنيها في قليلٍ أو كثير؛ عاملة فيها "أضان السُلطة" طَرْشاء. أو لعلها مليئة بكلام أشدّ حَــزَّاً من شوية مليارات! فسد بها ولاة ومعاونون ووكلاء عدل ودائشون؛ والحال أن الشعب بِــ حُسن ظَنٍّ أو سوئه كان، وما يزال، يرى أنّ "السلطة العدلية" إنْ هيَ إلّا أُذُنٌ، تسمع جَرَس من أقاصي الغرب السوداني الموبوء بالقتل السريع، وتعمى و "تطرَشْ" أن ترى أو تسمع القريب من طراقيع فسادٍ. يتصايح في دائرة سمعها، بل ومن داخل جنبات بُرجها العاجي؛ أزرق قزاز في عَزاز:صَحِّيهو ..


والي الخرطوم د. عبدالرحمن الخَضِرْ(!) وهو السيد المُنتخَب من غالبية شعب الولاية المترهلة، ظلّ حريصاً على تذكير الناس بين الفينة والأخرى! بكونه منتَخَب في انتخابات حُرة ونزيهة؛ للدرجة التي ظننا أنه يقول لنا: أنا كالبدريين! أقعُ في ذات دعوة الدّاعي الصحابي الذي نقل حديثاً للمصطفى صلّى الله عليه وسلّم في ما معناه: يا أهل بدرٍ افعلوا ما شئتم، فقد غُفِر لكم ما تقدّم من ذنبكم وما تأخّر. مع أننا نقرأ في القرآن الكريم: (مَنْ اهتدى فإنما يهتدي لنفسِه ومَنْ ضلّ فإنما يضِلّ عليها، ولا تَزِرُ وازرةٌ وِزْرَ أخرى، وما كُنّا مُعذِّبين حتى نبعثَ رسولا). السيد المنتخَب والينا، اتضح أنه ذو قصور إداري قاتل وتالِف للمال العام، واتّضح أنّ مُعاونيه غير موثوقين البتَّة؛ لا لدَيه ولا لدى شعب الولاية. لا أراضيها ولا عرباتها ولا مال أيتامها وأراملها، وَ فَلّ العاطلين عن نَشِب تعيينات الولاية وصناديقها، تلك الصناديق المتراكبة عديداً، والمكتنزة ومترادفة وموقوفة حَصراً على شِيعة الوالي والحزب الحاكم..


كلمة باطلة تدحرجت في الزحمة الإعلامية! قالها واحد من مُستشاري الوالي؛ وكان ذاك التصريح من بعد التحلل الذي رمى به وكيل العدل، إلى إرجاع المال للولاية..! وفقما صرّح به مُستشاراه، وكذلك وِفقاً لكون القضاء، ما كان بقادِرٍ على أنْ يدين هذين اللِّصَّين العاتيين..! صرّح مُستشار الوالي، وما أكثر مُستشاري هذا الوالي وبقيّة الولاة قائلاً: لقد كسروا ظَهرَه..! والمفهوم أننا رعيّة لها والٍ مكسور الظَّهَر، فَـــ ما أتعس حالنا إذن ونحن نُعاني في كَنَف والٍ انكسر ظهره وانخان موضع سِرّه! ذاك المُستشار المُصرِّح بكسر ظَهر واليه ووالينا، كان قد هبّ فجأة من غفوتِه، لم أسمع له رِكزٌ من قِبْل. فمن أيِّ الأضابير الاستشارية هبّ في وشّ الموية الإعلامية السائلة..؟ على مجاري الخرطوم الظّمأى لعدلٍ لا يجيء بـــ أخوي وأخوك. ألا يكون هبوب ذاك المُستشار إلّا لأجل التعبير عن نيّة واليه وترتيب الأمور بفكرِه ووعيه السّديد يا رَيِّس..! فتصبح الولاية أكوَس من كُويِّس! أو أنه مُتحلِّلٌ مُتململٌ مُستَريَبٌ بما يشبه لُعبة الدّومينو، فتدور عليه الدوائر؟ فالمعاونَان الشّابّان قد تحلّلا بأيسر ما يكون! وأرجعا من المال الملياري، تلتو ولا كَتِلتو، ويا دار الولاية ما دخلِك شَـــر، وما أسهل الطبطبة والملعبة والغتغتة من بعد، ولكن..!


هبّ الشعب فــَضَــحْ فُـســـُّـــــادو، رافضاً لتساهيل أهل وزارة العدل، يُماطلون بالقانون ويحوّلوه إلى صالح أهل الولاية (من نسل المصارين البيض)، يدسّون القانون وراء استثماراتهم الفاسدة، ظِهريــَّا ..! ويجعلون منه "دَرَقَة" يحمون بها ما تحت التّحت من فساد وحَرام وسَفَهٍ واستغفال للوطن. هبّ الشعب المضيوم، ولسان حال صُحُفٍ منه: لا نامت أعيُن الفاسدين؛ ولا هنأوا بأراضٍ اغتصبوها باستغلال نفوذ الوظيفة العامة، يأكلون لوحدهم ولا يخنقون! مع تطاول السنين وانشياع الفجوات المعيشية للشعب المسكين! بينما بعض صُحُفٍ أخرى بهيتة هفيتة وسخيفة تليفة، لم تدَع عاداتها الذميمة من مزاولة الصَّيد الحرام في الماء المُعتَكِر، تسعى جاهدةً للمُضايرة على "آل مُفسدين"! تكادُ تقول للناس، لا تصدّقوا تحقيقات صحيفة "الصيحة"! فإنها غير مِهَنية لأنها انتقدتْ نافع! وغير مِهنية لأنها انتقدتْ سُلاف الدين وفساد مفوّضيّتِه لنزع السلاح! تلك الصُّحُف الخليعة لها غايةٌ، تُبرِّر لها كل الوسائل! ومن وسائلها العَبَط والسَّفه الذي هو قمينٌ بحراسةٍ قانونية، أو حِجرٍ محجور! هبّت تلك الصُحُف من جحورها وصياصيها وأبراجها الكويتية، لتلوم الصحيفة ال صـــــيحة. تزعم تلك الصُّحُف: أنّ الصيحة غير مِهَنيّة..! بينما الصيحة، في وديان الصمت، غــرّاء فرعاء مصقولٌ إعلامها وعظيمٌ خطَرها، قاهرة، باهرة، حقّانية، مِهَنية وباطشة بأهل الظلم أين توافدوا وتشاهدوا ..! وتلك مركوزات المِهَنيّة، وهي بالطبع، مِهَنية لا تملكها أو تحوزها لبُرهة من زمان، بعض الصُّحُف الخامدة برغبويات رؤساء تحريرها ال فالصو! تقوم وتقع في حمد آلاء الفاسدين، وتسويق عماهات المَلقلقين، وتحليل سوءات الساسة المائلين عن الحق، وَ بئس المِهَنيّة إذن يا غيرَ مِـهَـــني..


وكيل وزارة العدل عصام عبدالقادر الزين، طار على حساب نثريات الحكومة، حتى يُمثّلنا، أو لعلّه يُمثِّل بنا في مؤتمر بدولة "أنجولا" حتى يرفع لإخواننا الأفريقيين والإقليميين والعالميين، لوحة شرف حقوق الإنسان عندنا في السودان. لله درّه من هَمٍّ.. طارَ الرّجلُ مُخلِّفاً وراءه أولويات كاملة الدّسَم؛ وذلك ربما لأهمية تمثيل " تــَـــخــْـــتــَـــتـــِنا وَ نَحْلِ أثـــْلَـــتِنا " في حقوق الإنسان، للملأ الأفريقي والعالمي من ورائه ..! تاركاً لأولوياتٍ أهَمّ. تكدح فيها لجانُ تحقيقٍ مُزمِنة، مُعلَّقة من زمنٍ زمين برَقَبة وزارة العدل؛ والتي هوَ وكيلها وأمين سِرّ لِجانها. تلك التي ترتكسُ بها الأيام والشهور والسنوات. تظلّ منعقدة، قائمة وقاعدة، ساكتة وناطقة، هامسة وداسّة، عايشة ودايشة إلخ ,,,, ولا جديد، ولا تغيير، ولا قرار، ولا سجن سجن ولاغرامة؛ وبالتالي، فلا استقامة لعود العدل ولا ظلُّه.. والعدل، قيمة إنسانية فاضلة، بل العدلُ هو اسمٌ من أسماء الله تعالى، جلّ جلاله، لو كانوا صِدقاً يعرفون. أهولاء وُكلاء عدل؟ أأولئك وزراء عدل؟ أذَيْنَك مُستشارا عدل ..؟ أيُّ مَعرِفةٍ بالعدل عند هؤلاء وأولئك وذَيْنَك ..؟ بل من أين جاء هؤلاء الناس؟

***






----------
الرابط:/ ســـودانايل - Sudanile :
Web Page Name
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]


من خلال الحوارات الوكيلية، والمؤتمرات الصحفية التي أعلنها وكيل وزارة العدل السودانية، مولانا عصام عبدالقادر الزين، ثم ألغاها مبدءأً ..! ولا يُسأل عن فحوى طلبه والإلغاء! ثم عاد وعقدها، ومن خلال "دراما" عصرية أوامر القبض! والمُخصْخَص حصرياً لتطبيق عقوبة على "آل صحيفة الصيحة" ممثّلين في رئيس تحريرها؛ كذلك ومن خلال ما رشَح من كتابات رأي لبعض الصحافيين السودانيين النَّبيهين (وضمنهم واحدين بهيــتين وفاضين وفايقين برضو! الله لا غَــزّ فيهم بَرَكَة ولا زاد من أشباههم يموّتوا علينا إعلامنا الحُر وما هُم إلّا سِفلة مُرتزقين بالفهلوة واللولوة قبّحهم الله من رؤساء تحرير وكُتّاب أعمدة بائخين لا يعون ما يكتبون! ولا يغضبون على العَوَج المرهون!!) في اليومَيْن الماضيين، يتسنّى لي أن أخوض في هذا البحر المسجور من العتاهة والهبالة وقِلّة النّبَالة، أملاً في فضح هذا الضعف المقيت في مُمَثـــِّلي قيمة العدالة السودانية؛ وأملاً أكبر في أنْ تتحرّك عَجَلة العقاب الحكومي، لتُجرِّع الفاسدين من موظِّفيها ومُحالِفيها، غُصص ما يستحقّون من تكريع عدالي! ولو بقفل مناخيرهم ونهرهم ليشربوا الدواء! فماذا بقيَ لنا، إن أفتى الزاعمون من القانونيين والمحامين والقُضاة الدستوريين بتحلل القضايا الجنائية العامة، إلى مجرد "تحكيم" بي 3 مليارات جنيه أتعاب للتلاثة الذي أُركِسوا بعد أن أُطمِعوا ولوِّعوا!!! والأدهى، أنهم – وأعني الثلاثة الذين خُلـــِّفوا وتخلّفوا ...! - كان واحدهم قاضي محكمة عُليا، والقاضي المُقيم للمحكمة الدستورية العُليا...! وثانيهم، كان وزيراً للعدل، وثالثُ الثلاثة، كان وكيل لوزارة العدل ...! يا إلهي... ماذا جَنَيْنا على أنفسنا حتى يتسلطن علينا أشباه هؤلاء ال هؤلاء؟ من أين أتى هؤلاء؟

نرجع لموضوع المؤتمر الصحفي البائت انعقاده من جانب وكيل وزارة العدل، مولانا عصام الدين عبدالقادر الزين ..وقد عاد فعقده وطلبوا له الصحفيين، فجاءوا جزاهم الله خير. ثم جامله مُقدّم، أو لعلّه مُقَدّم إعلام وزارة العدل، في بُرجها العاجي ذي الزجاج الأزرق ال ما خمَج! جامله بتلاوة الآية الكريمة: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبيّنوا أن تُصيبوا قوماً بجهالة فتُصبحوا على ما فعلتم نادمين..) كأنما يدفع عن وزارته شرور الإعلام! ويَذُبُّ عن حوضِه الرّوي بالأراضي، والعدالة وشهادة المعادَلة! والقوانين، والتفانين والكوالين والفناجين..! بالآية الكريمة، يجبه بها الصحفيين الذين جاءوه للمرة الثانية! ويستبطنُ منطقَها ما يحيق من مُكْرٍ سييّءٍ بالذين يتقوّلون على "وكيل" أو "وزير" أو " ذرير" هذا البُرج الماكِن! حتى وإن كان تقوّلُه تسنده البراهين، ولا تعوزه الوثائق البوائق!! كأنما الإعلامي البُرجي يقول: وثائق مين يا عمّنا ...! وا أُهو في وثائق غير وثائقنا، حبائبنا، تهاظرونا بهذا الهزار القاتل!!.. يا أعلامييّ الصيحة، نحنا هنا إحم ودستور! ... "ر جــ عــــ ــــنالَـــ ــــكْ" قايلِنَّنا .. ولّا إيه ...؟. انتو ما عارفين القانون قال شنو؟ ما تفتكروه بس القانون قال: كيف ترفضوا رجوع القمرة لي وطن القماري! .. إنتو قايلين الحكاية كلها مــَلعبة تحكيم هبيش وهش ومهشوش ومغشوش...! ده الزول الوقعتو في دربو ده: واحد من عماليق ألف قطعة وقطعة! كان عجبكم! ده الزول اللي ناس كانو فاكرين فيها "لجنة تقصي حقائق وتحقيق في قتلى سبتمبر سمبلة! وجاء وقال لا لجان في قتلى سبتمبر .. برضو كان عجبكم!!!

المُهِم يا زول، علَتْ الرّهبة، بعض الرؤوس الكاتبة، فحطّت من بعضها الرِّيشات المصاري الكانن عاملاتن ليها قُبّة من غير فقيه! أما أهل الرّكزة من الصحفيين، ولا عليهم! حافظين مِهَنيتّهم، وضامنين قوّتم.. لكن حقيقة، كانت القاعة مهيبة، والبرجُ أعلى من أن تجلس في داخل واحدة من وسيعات قاعاته "والمُرَطِّبة!" وتقوم تحبّو كمان على ال بيك وال عليك!! لكنّك، في كل الأحوال، لا تستطيع إلّا أن تحترمه ..! وإلّا "الله" قال بي قولَك!! على أن يكون احترامك هو الحُبّ بعينه! وإلّا: جــالـــَــك الموتْ يا تارك الصلاة؛ وفي أقل الترهيب: يا الفكي الإعلامي صــَـــــلـــــِّي .. تقول: ما بصـــَــــلــــــِّي!! يقولون: جيبو السووووووط! ... فِكرَك ما ح تقول: الله أكبر ...؟ وا لله أنا خايف بعض الإعلاميين يستجيبوا حتى للتحليل! كيف؟ كأن يقولوا لهم: تهليل: فيقولوا: لا إله إلا الله.. يقول لهم البُرج: تكبير: يقولون اللهُ أكبر .. يَصِرُّ البُرج وساكنوه جُبيهاتِهم – بعض الشيء ولو بالغَسِب!!- ثم يقولون: تحليل: فـــ ينفَـــقِش بعض الصحفيين: منزوعي الهيبة!: حلــِّــــلللللوه حَكِّموووه .. نحنا معاكم تحليل تحكيم، مافي أي داعي للمقاضاة والتضخيم!!!!!!!

أنا أقول: (اللهُ أكبر)، ولكن ليس من فداحة أو عن(.........)ة وعنكبة مبانٍ من غير معاني! وأواني من غير "سوائل" طبيعية! لكنني أقولها (الله أكبر) على كُل مُفسِدٍ سفـــ يـــل، وموظفٍ عام، ذليل، و مواطنٍ باللّف والدّوَران عليل! عقلُه زِنِخ، ودوره وُسِخْ، وحديثُه تِرِخ تِرِخ تِرخ! كلو مَرخْرَخ كالتــــَّــبِخ! وهاهنا.. لا بُد لي من أن أستعيد حكاية المُعَيْدي! تسمَع ببرج العدل ولا تراهُ إلّا سماحة جمال البورسلين والزُّهريات المُكَيْنات!! ولا حِجاج ولا عجاج! اللهمّ إلّا " حــَ دَ قــان فِجاج! وكلّو بي تمنو! غارة وجَلالة في غير موضعها! كالهِرّ يحكي انتفاخاً صولة الأسدِ ..

صمتٌ كأهل القبور، وبلادة كأنها تشرب من "إنقاذٍ" بنت ديجور (والديجور من السمادير، وكلها ظلامية وظلام) وَهَمٌ يستطيلُ- هُناك!- كما البحور، بل سبعة بحور؛ بل كل المِهَنية والذّرائعية ومُكر اللباقة، منسوجة على ذات مُناداة ذاك الصَّبي السوداني يُلاعِب رفيقه: هو لبلبْ كم في الخط؟ .. ليقول مُشارِك اللعب: 10 قطع أراضي في الرياض، جبرة الفاخر، القادسية، الأندلس، المنشية، المعمورة، المستوردة، المهجورة، المغمورة المفتورة المكسورة، ال ناسنّها أهلها، الفازِّي وِزِّينا، العائم مندرينا، ال غُلاد كُرعينا، ال جداد اتغدّينا ... الطّفَّح حجيرا، الغَطــَستْ زانتا، واتلاكتْ لُبانتا، البَيَّض شَعَرا، الكَرْتَب بعرا إلخ إلخ إلخ ... وهَلُمّـــ خبطا.. ليقول "سيد اللِّعِب" وربّ الموظفين، وشيخ المَنسَر الأفين: كضباً كاضب! جيبوا الدليل جيبوهو ...! يلا أرح علينا جاي ..يا سايق البوباي والفيات واللاندكروزر وال تاتشر والتوسكن ...! أين أنت من ال عربيتو كورتينا، وال ريحة كارينا .. عشان بـــمشي وبجينا الناس عملوها فينا .. ويا ناس .. برانا بناكل من هنانا .. ونشرب من دماكم! وناخد أراضيكم حتى يُتاح لنا المُثنَّيّات، وثلاثيّات ورباع!! واللّول اللول يا رباعَــة!
--- --
من خلال الحوارات والمؤتمرات الصحفية وأمر القبض على رئيس تحرير " الصــــيـــحة " ومتابعات التحقيق الصحفي الكبير لفريق هيئة تحرير "الصيحة" رشَح أنّ السيد/ وكيل الوزارة وزارة العدل، كان قد دهمه الخطر! وهو بالدولة الجارة أثيوبيا، وتحديداً في مطارها، فعاد الوكيل سِراعاً إلى الخرطوم..! وتلك عودة مفجوع؛ انفضح أو انسرَقت عملاتِه من مكتبتِه (كعودة د. قُطبي المهدي، من السعودية لمّا أن قيل أن آلاف وعشرات آلاف ومئات الألوف من عُملات مختلفة، سُرقت من مكتبتِه وهو غائب عن دياره الوسيعة) فعادَ عودة النافذ الضّالّ. عادَ الوكيل، وقد قيل: من المطار رأساً، وعلى دار رئيس مجلس إدارة صحيفة الصيحة، يُرافقه مُدِّعي عام " جمهورية السودان" ... بالله شوووووف! عظمة والله! عَظَمة .. تذكرنا بأغنية البنات زمان: سايق العظمة سافر، وقام بالعظمة سافر .. خلّاني وووويييين! يا ماشي لي آديس! جيب ليْ معاك قِسِّيس وسافر! خَلّاني وووين! (ذاك شغب بنات في الستّينيات، لِقَنْ هواهِنْ في زمان الستينيات الجميل، وغنّنْ .. فيها شنو ياخ!) كذلك غنّتْ بنات السودان زمان: مالك يا حُبْ ماااالك مالك علينا .. منو الهداك لينا علشان تجينا ..ما شِلنا هَمّ لا بكَتْ عينينا عينينا.. وتلك لثنائي النغم، الطروب، وحينها، كانت الأراضي الخرتومية، ولا في البال..! تقول ليْ شنو وتقول ليْ منو ..؟

لماذا لا نسمع لهذا المُدِّعي العام لجمهورية السودان، أي تحريك قضائي لهذه المهزلة الحاصلة ...؟ أيكون المرحوم، المُدَّعي السابق، ما يزال يُنظِّر من قبرِه ...؟ أم يكون – يا ربي! - سبدرات ما يزال وزير عدل، بطيء الاستجابة لداعي العدالة ما دعاه هذا الدّاع إلى " طَبْل" أولاد المصارين البيض في الزنزانات الضيِّقة..! سيّما وأن أولاد المصارين إيّاها، عندهم من الأراضي والمكيّفات والفُرُش والطّنافس ما يملأ زنزانات السودان ويفيض ربما..!

قابل الوكيل المفزوع، خبر "الصيحة" ووثائقها بــِــ حِسّ الفاجعة ولا شك! كيف لا والخبر ملأ البلد ..! يفيد بأنه قد استولى، مُستغلّاً وظيفته العامة، كمدير عام للأراضي، مُكتَنِزاً 6 قِطَع من بيت الكلاوي الأرضيني الخرطومي! وتُعادل قيمتها الميدانية (مع انخزالة الجنيه!) ما لا يقل عن 30 مليار جنيه سوداني! .وتحت ضُل "العَشم الصحفي" بأن المسألة ممكن لملتها (وهي لملمة للفضيحة !!) لها شبيهاتها من اللملمات الإنقاذوية! كتلك التي حاولها وزير الإعلام الحالي! د. أحمد بلال، حينما هدّد مُبتزَّاً "موظفة بالدرجات العُلا بوزارة المالية! وهو حينها مُستشار لرئيس الجمهورية!! بأن هناك موضوع بأن وزيركم بتاع المالية، علي محمود قد عالج ابنه في أمريكا وأخد 30 ألف دولار من السفارة السودانية بواشنطن وبغير اللوائح التي تنظم علاج أبناء الدستوييييييين! والكلام ده عند صحفي في صحيفة "الوطن" لكن ممكن نلمّو!!! إذا ورّيتونا ما ذا فعل لنا وزير المالية في منحتي الخاصة بــ100 مليون جنيه سوداني، لأهل منطقتي!

تحت ظل العشم الصحفي، خضَع الوكيل لحوار مع "شواطين" الصيحة!! ثم عاد له عقله بعدما عرِفَ بأنه قد عَكّ وما سمّى!!! فأرسل للصيحة، خطاباً بتوقيعه كوكيل للعدل! (ما دخل وزارة العدل هنا في استغلال وظيفي بخارج منظومتها ..!) أن كُفـــّوا عن نشر حواري معكم!!! وُ بس! كمان، تحت ظل العشم، تهاوَد الوكيل، وكبّ الغسيل! فلماذا البطبطة من بعد .................؟ وَ غَــرّارة العبـــوس ... دار الكمال ونقاص دوووبا حليل أبوي .. ال للعلوم دَرّاس! آل إيه: هيَ 10 قِطَع أراضي! وليس 6 كما تقوقلون! وإذا أنا اخدتّا 2 قطعة فقط، إذا يكون هناك استيلاء!! عليه عَكَّه إذن!
وللصيحة، صيتٌ وشَكرة من المواطنين الغلبانين زي حالاتنا، على الأقل (وأقصد أمثالنا ال لما سُجِّل في اسمهم ولا حِتَّة أي قطعة حتى لو في "الوادي الأخدر" أو الحارة 170 الكرررريات! بالرغم من استيفائهم لكافة شروط الوطن،وصناديق إسكانِه، ووزارت تخطيطه الورجاغات وبنّايات للأبراج !! بشرط تقعد فاضية كمواصلات عادل إمام في ذاك الفيلم العربي! .. وزي حالاتنا مُستأجرين ومُنكّدين ومُكَندّكين..! فعلى الأقل، كتّر اللهُ خير "الصيحة" ال ورّتنا أنو مُدريري الأراضي العامّين، وكذلك مُديري المساحة للأراضي، ما خلّو شيتاً لي جِنس زول بشروط ولاّ مِنْ غير شروط سكَن ..! لكأنّما شعارُم: أب كريق في اللِّـــجج سَــدَّر حبَس الفِجج ... خال فاطنة .. وَعشميق حبل الوجج أنا أخوي ( تنفع هِنا: أخونا مدير الأراضي ومدير مساحتها!!!) مُقلام الحِجج!

ألا ترون كيف تتقلّم الحِجج بظهرانَيْهما ..! شُكراً فريق هيئة تحرير الصيحة، وأنتم ترفضّون حماساً لاستقامة ميزان العدل وتنكيساً لرايات الطمّاعين من الموظفين العامّين! بل شُكراً لكم بأنّكم لم تكونو ككثيرين من "مُدّعيي المِهَنية الإعلامية وإنْ هُم إلّا يُكضِّبون!" فوقفتم ألِفاً أحمر تنشرون حواركم مع "مدير الأراضي السابق، ووكيل وزارة العدل المُستقوي بخاتَم العدل يمنع به ويسفَع قايل!!!" وشكراً لكم يا ناس "الصيحة" وأنتم تعرفون بأن ليس من قانون يمنعكم من النشر الصحفي لحواراتكم.. فالبلد فيها حُرِّية تعبير مُقَنــَّـــنة بالدستور ... فنشرتم حوار الوكيل الذي - حسب اعتقادي - فيه عَكٌّ شليق! وسآتي على العَكّ الذي طغى! وفي خاطري، تلك الرّبقة التي نُحمّلها للّذي (جاءنا خبره في سورة والفجر): فأقرأ: ((الذين طَغـــَوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، فصَــبَّ عليهم ربُّكَ سوط عذاب، إنّ ربّك لبالمِرصاد) ..




صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]

يا اخونّا في منبر سودان الجميع

كيف حالكم بالله؟ إن شاء الله طيبين (ما ظنّيتكم!) وما ظنّيتكم لأننا كلنا، وبالذات ال"طيبين في أحوالُم وأحاويلُم" ما قادر "ديكُهم" يقتنع بأنّهم "حَـبَّـة حَـبَّــة زيد غرورك ومَرّة زيد الحَبّة قُبَّة!" وإلّا لا " طيبة ولا شيتين" ..!

الحقيقة والله، إنني لأستشعرُ بأنّ في بعض ما أتناوَل، حَرَجٌ وربما "غيظٍ مكتومٍ" من بعض الإخوان هاهنا ..! وَ ده شيء طبيعي متى ما كان معقولاً لن يفُتْ حَــدَّو! وأهلنا بقولوا ال "بفوت حَــدَّو" بنقلِب لي ضــدّو؛ وذاك بعكس ال (رَيْد) والذي لمّا يفوت حَـدّوا، ببقى مصيرنا في يدّو، فلا نأمل في أن ننقلِب (الله على الألبْ لو يحين!) ضدّو، وإلّا فاجأتنا المقولات التاريخانية: أألآن وقد عَصيتَ قبل!

***
ماذا يكون حبيبتي ما ذا يكون ..
يا جُرح دُنياي الذي
لا يندمل
يا مَنْ نسيتِ القلبَ ينزف في أنين
حسرات لحظات تولّت في وجل
كصدىً يصيح مُضَــيــَّعاً بين "القرون" .. ماذا يكون حبيبتي ما ذا يكوووون؟

***

لا أدّعي مِلكيتي لجلمود صخرٍ بين الحنايا، وإنّ من الحجاة لما يَشقَّق فتخرُج منه الماء، فضلاً عن الزيت أحيانا..! فيقولون لكَ: حجر ناس فلان، طلع زيتو. حجر ويطلِّع زيتا، وناءٍ يُكلّم حـِيَطا .. لكن بيني وبينكم، بعضُ "النِّكاية" هواية! فلا نكأتْ "نوافرٌ" تأتي استحقاقاً ف ضِبنِ موضوعاتي، لكم غوائر، ولا طمستْ لكم محابر، ولا أوحشتْ لكم منابر؛ وُ بعَـدْ ده كلّو، فإن ضمنتُ أن النكاية حاصلة، فقُل لله شُـكرا ..! فإن تُنكأون، خيراً من أن تُترَكون بلا "حجرٍ" ينشُد فيكم ثمرا


.....


ما فضَل لي شيء! أو لعلّني مُستعجِل، حاقن، ومحصور وماشِّي أجيب جريدتي و ال "عيش" .. ويومكم سعيد

صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]


بنو جَعَل مغضوبٌ عليهم حتى إشــعار آخر ..! *

الشيخ الرائد العَلم ، بابكر بدري ،أحسن الله إليه، في كتابِه " تاريخ حياتي " الجزء الأول صفحة 283 ، وتحت عنوان : الأشهر الأخيرة بأمدرمان ، كتبَ :
"جاءني في أحد الايام موسى يعقوب، وأخبرني أن مختار محمد ، العامِل، مريض ومحموم؛ وطلب مني أن أقوم معه لنزوره؛ فركبنا ولما وصلناه وجدنا معه ملازمية الأمير يعقوب، وهم أحمد فضيل، وآدم جديد الحريري، دوديه بدوي وآخر يُدعى داؤود؛ وكلهم من قبيلة الجوامعة من غرب السودان. كان أمامهم سموار نحاس أصفر، فيه ماء لصنع الشاي؛ وبينما كنا نتحدّث سمعنا صوت الوابور الآتي بنساء المتمّة ممّن قُتِل أو أُسِر ولاة أمورهنّ. فنهَض داؤود قائما وضرب جِبـَّتِه على وركه بيده نـَـشـِــطاً وقال : كَبْ .. أمشي لخليفة المهدي يدِّيني جعلية أسويـِّها سِــرِّية. فما أتمّ كلامه إلا ونهض مختار المريض، ورمى ثوبه الذي كان مؤتزراً به، وقام بسرواله فقط وضرب داؤود صفعةً كادت تُلقيه على الأرض؛ وضرب السـموار برجلِه وقال: كمان تشرب الشاي في بيتي..؟ تشرب سِمـَّـا .. فقال داؤود : يا مختار تضرُبنيْ؟ .. قال له مختار : وأكتلــَك.. هل خليفة المهدي يعمل الجعليـّات سراري ؟ واللي يقدر يعملهن إذا امدرمان ما تقيد نار"

وَ .. هاك من دار جعل ..
هااااااك من دار جعل ..
من الجيلي لا عند دامر المجذوب ..

وهذا مُفتتَح أغنية حماسية إنقاذوية لفرقة الصحوة، والتي صَـحَـتْ بآذان نيفاشا المبروكة، أو على الأقل، صحَّتْ بها كتير من الأوعية الإنقاذوية السمعية..! عن دائها العُضال من شنشنات هذه الحماسيات السياسية. كذلك جفّتْ أرفف مكتبات القنصليات السودانية بالخارج، حيث يقف إنقاذويين سُمان وسُناح يبيعونك الكاسيب المُفَخـَّخْ ده وأمثاله، بالشيء الفلاني! وفِرقة الصحوة كانت مُجيدة في ترديدها لهذه الكلمات، وعلى نغمٍ تطريبي حماسي أثير. لم يُقلـِّل منه إلا وِجهة المعنى المُراد. والممكِن فهم "التباسِه" من خلال نبرة المبارزة :

قـول لي جون جبــنتَك جاااهزة ليك بي لبانا ..
تأخـَّرت ليه ؟ أمرك خلاص همـّانا ..إلخ,,,,

(قال همّانا قال ..!)

وفي تبريرهم لهذه الغِلظة الثقافية، بين بني الوطن الواحد. كان المؤيِّدون يتحجّجون، بل يزعمون أنّ الراحل الدكتور جون قرنق كان قد قال : ح نشرب القهوة في المتمّة ..! وقد جاء قرنق داخلاً للخرطوم، سُــــرّة السودان، بالتي هيَ أقوَم بين قبائل السودان وأحزابه القَبَليّة؛ حيث جاء عبر الحوار والوجهة المؤدية للسلام. فاستقبله أغلب الناس في صدقٍ، بل استبشارٍ لا يقربه المَـحـَـك ولا توهنه الشنشنات ..

الاستاذ والأخ المحترم / بدرالدين حامد الهاشمي، حيـّاك الله وأبقاك ، حقيقةً قد وجـدتـُّني مُتحفـِّظاً حيال مقالك الحالي؛ على الرغم من كثير اتفاقي مع ما أقرأه لك من مقالات رصينة عبر الأحداث وموقع السودانيين بأمريكا ، وتجدني متّفقاً كثيراً مع ذاك التنويه الصاقب الذي أعلى رايتك العِلمية فيه : د. عبدالله حمدناالله .. فلكَ التهاني والإكبار .. وبعد، من تحفّظاتي على المقال، أنك في صدره قد اظهرتَ زُهدك في أي رجاءات تنتظر إسهامك في تأرخة فنون وحضارة قبيلتك في دارجعل مُتـَّكئاً على ضخ كثير من الموثوقية لما كتبه ماكمايكل وجعفر حامد وسيد حريز ومعروف و.. وربما : د. عبدُالله علي ابراهيم وواحد من حفدة " الأبيتر " عبدالله ود سعد. أقول: لاتزهد بالله عليك، فكل فولة وليها كـيّال. فضلاً عن أن الرّاهن يستدعي؛ وليس كالرّاهن شدّة للدفع بالإسهام الإيجابي، وجعله مثل هذا الإسهام أولوية قصوى.

من تحفظّاتي ، والتي تتساوق مع الأعلاه ، أنّك لستَ بالمُفتَخِر ولا الخَجِل كونك جعلي .. فما هذه التجريدية التي لا تخلو من هروب ! إن لم نقُل مسك العصاية من النُّص واجرك على الله ! كونك تحتشد مثل هذا الاحتشاد القوي لدحض مقال – أو هيَ عبارة من مقال - لواحدة من أخواتنا المتنوِّرات كالأستاذة/ منى عبدالفتاح ، لها التحية ، وغالب ظني أنّكم تعملون كفريق عمل بما تعلــّون به الأحداث وتجعلونها مهبط أفئدة الكثيرين من قُرّاء الداخل بعد أن " انجغم " موقعها على الشبكة العالمية مؤخّراً؛ وحقّ الأستاذة وزميلاتها الكاتبات بالصحف عليكم – وأنتم تعلمون - عظيم ! ما لم تكونوا جعليين عتيقين أو يكن في الأمر : أيّاك أعني واسمعي يا جارة ؟ ذلك أنه من خلال مقالها ، فلا أستبعد أنّها تمدح " بنات جعل " وربما كانت واحدة منهنّ جعلت البِساط أحمدي وكدا..!

في ردّك على الأخ محمد خير عبدالله ، له التحية، دهمتَه سِـراعاً مما بدا أنه سوء فهم! وأخليتَ ساحتَك ، كَرّةً أخرى، من أيِّ ارتباط وجداني مع قبيلِك الذي أعليتَ له راية الدّواس حسبما أفهم من مقالك ..! مودتي وتقديري للأخت العزيزة الدكتورة حنينة ، الأمينة على هذا الموقع ، والناشطة الحازمة بما رفدت به الموقع من أقلام لها صرير .


*** *** **

شكراً جزيلاً أخي بدرالدين الهاشمي، على هذا التعقيب المُنجِز والوافي الى حدٍّ كبير لما توقّعتُ وإنّك عندي لصادقٌ في مَـا عقّبتَ، بيد أنّه مايزال بالنفس شيءٌ من ليت! يقدحه حلم "يوتوبيوي" أن تتيسّر سُبُل النهايات المُبتغاة ،على حالميّتها، للوصول الى برِّ الأمان عبر "غابة الفيل" السياسوية التي نجوس في أتون ما يتشايح خلالها من سخائم قَبَلية وعصبيات مذهبية يرفدها احتقانٌ قبلي يهدّدنا جميعاً – كما تفضّلتَ مُحِقّـاً في تعقيبك- يكاد أن يُردِي الوطن المجرّح في حمأةٍ من التقاتل على الهوية. يخوضها الناس فُرادَى وجماعات متوسـّلين أن يحظوا بدالّة السُلطة والثروة بـِـ"ضـُراعِهم" وشدّة مراسهم وأصالة ميراثهم دون التدبّر للعواقب المُرّة وغير هيـّابين ،في سوادهم الأعظم، بما ينتُج. سيّان عندهم أن كان ثمرة صراعٍ شريف أو كان معرّة شهوات واستغضابٍ يستسهل الافتئات على الضّعَفة من المساوين الآخرين حقوقياً ومواطنياً.

كل ذلك ينبهم ،ربما، بسببٍ من لؤم العصر وفشل الادارة وهشاشة التكوين القومي لدولة السودان المُهدّدة بالكثير من معترضات البناء القومي المتين، وتلك مُعتَرِضاتٌ تُزري من رجاحة المبادئ القانونية الدستورية التي توصّلت إليها الإنسانية بعد كدحٍ مرير من أمثال مبدأ " المواطنة " ووضعها كأساس ومعيار للحقوق والواجبات ؛ المواطَنَة أوّلاً وعاشراً ..! وليس المجموعة الدعوية بزعمها، ولا الحزب الكبير بظنِّه الآثِم، ولاالقبيلة الراكزة بميراثها التاريخي؛ لا العشيرة المتنفِّذ أبنائها، ولا الديانة الكثير اتباعها، ولا المذهَب أو الطائفة أو النوع، بل ولا لونية المصارين ..! سوداً كانت أم جُددٍ بيضا؛ وإذن، فهناك حاجة ماسّة لتدابير تمنع الانزلاق العنصري والذي بدأت أوراقه تتبتــّق و ملاماتِه تتعتّق وترابطاته الواهية تتوثّق. في بلدٍ متنوِّع ونامٍ إن لم نقُل مُتَخـَلـِّف. يعوز حاكميـّته الراهنة، رُضىً مناسب من مجموع محكوميه الذين تتوزّعهم الأهواء العشائرية، وتدهمهم وحشية رأس المال المتعولم، قَرابة العـَصـَبة فيه، فوق الواجب..! وحداثة
ثقافة "الهيِلَك" أوجب من أيِّ أصالة يفرضها حُسنُ التّأتِّي للأمور العامّة، أو يفرضها مستوى العيش السوداني بعقلانية. كأمة متقاطعة الطموحات تعاني أزمة هوية ككثير مثيلاتٍ لها من الدول؛ لكنّها للأسى! تحبُّ أن ترتكس فيها، بغالب عسسها وربّاطّيها.
باعتقادي، أن التدابير المتّخّذة حتى حينه في ناحية الهوية ، لم تؤتِ أُكـلَـها بصورةٍ عَقلانية! بل لم تردع الحُكـّام الحاليين عن خبط عشوائهم! إذ طالما أوغلوا في الإخلال بوضع الهاديات لسيادة حُكم القانون . لا أبخس تلك التدابير الهويوية من حسنات قانتات. فعن طريقها على الأقل، أمكن الوصول إلى اتفاقات تأسيسية لوقف الجانب الأكبر من الحرب الأهلية، وأمكن بالتالي، من تقعيد دستور انتقالي، يفيد في رتق الفتوق وبرء اللّحمة القومية، فقط عند النزول إلى مشروطيّات التزاماته. في صياغة القوانين العامة الحاكمة والتمسُّك بالرّوح الداخلي لوثيقة الدستور.

أوّل مَن عليهم الالتزام بالقوانين، هُم السادة الحُكّام والحكّامات. فالناس على دين ملوكِهم ، كما يقولون، والملوك على هوى عشائرهم ولا بُد ..! وبطبيعة الحال، فإنْ سَعِد ملوكنا "من بني كاز" بمثل ذات الوباء العشائري في الثقافة، وفي الدعوة وفي الإعلام، في الشئون البلدية وفي تعيينات الوظيفة العامة، البترولية، السفارات، العمارات، الزّكَوات، البرلمانات. المُــلحَقيات الإعلامية إلخ,,, بل وبالقَبَليّة والعصبية والجهوية "أمّ العُنصرية" وكلها مظاهر من شُح النّفس التي لا تشبَعْ، وإشارات سالبة بانتهاك الحقوق العامة لاتُردَعْ ؛ أتُـرى مَـنْ سيُقـيـِّض للوطن حُماةً دستوريين، عليهم القيمة..؟ ومَن يستطيع كبح جماح هذه النفوس الرّاغبة في نعيم الدنيا والآخرة ضربة لازب.. ؟

لقد قرأتُ في بعض مظان الحكمة السودانية، أنّ واحداً من أعيان المتمّة، وكان قد سـُئلَ عمـّا أعدّوه للمتمرد د. جون قرنق الذي أقسم لجنوده بشِرب القهوة في المتمّة..!؟ فقال : (والله مرحب بيهو أخو كريم وفارس والمتمّة بلدو وأهلو زي ما توريت بلدنا وأهلنا ذاتو..! )نعم قد يكون ما ورد آنفاً من "هذا المُتَمــِّم!" عينة ممّا يسمّونه إسلوب الحكيم، كما عرّفته البلاغة العربية. فالسائل الآيدولوجي معنيٌّ بردّة فِعلٍ تُبرِّر ركائز آيدلوجيّته المتهالكة، بفخرها وحَسَبِها ودفاعها الشعبي وأغاني حماستها من أشباه: قول لي جون! بينما المُجيب، صاحٍ للّون الآيدلوجي و "كِدا"؛ وذلك على الرغم من أنّ الحائصة جاتو في عِــبِّه! ولكنه مع ذلك، فقد غلــّب الرزانة على الطَّيش، فلله درّه.

حَملة الفكر والأقلام، مُرجوٌّ منهم تــَصدّر هذه المأكمة. وتخصيبها بالحكمة وبالمفردة الحكيمة؛ وذلك حتى لا تُترَك للفَعَـلة من غير ذوي الحِكمة فيخضـِّبوها بحناضل القيزان. وإن استدعى تخصيب هذه العجاجة الكتّاحة، ببعض فخرٍ وقليلٍ من اعتداد، فلا بأس في ذلك، حالَما كان فخرٌ لايزيد عن كونه، مدعاة لإيقاظ الفضائل في الأخر. حتى ولو باختيار الهوية المواكبة لمَنْ أراد؛ تلك التي لن يعدم لها تنسيباً وعلائقاً تاريخية من المحيط التاريخي اللّجوج، كما لن تعوزه فيها دلائل الخيرات في السلوك والمنهج؛ طالما كان في كثير من دراسات الأنثربولوجيين أنَّ " الهوية خيـــــار " وليس هناك، نقاءٌ عِرقيٌّ خالِص.






------
* عنوان مقال لأخينا الأستاذ د. بدرالدين حامد الهاشمي، نشرته صحيفة "الأحداث" الخرطومية، أخريات ديسمبر2009، وتداخلتُ مُعِقِّباً على المقال، عندما نُشِر بـــمُنتديات موقع "Sudanray" في الأيام التي تلتْ، بهذه الكتابة في ذات الموضوع وحول أفكاره.. للأخ الصديق بدرالدين وللأصدقاء والصديقات بــ سودان رأي، كل التحايا والأماني الطيبة.
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]


أزمــات مــُــتصــاعدة ..! *


هذا زمانك يا أزمات فامرحي؛ فقد تناسلت أزماتنا واستقوت. تسدُّ علينا أبواب السبل، شاملة تأخذ حيّزها الكبير على المستوى العام. وعلى المستوى الخاص فحدِّث ولا حَرَج. ذلك أنّ الأخير، وبرغم انتهاله من الأزمات العامة ،والشَّرُّ يعُمْ، فإن له من مخصوص الأزمات نصيبٌ باتع. وأظهر ما يميز أزمات عصرنا الراهن، أنها تعمّر كثيراً وتنمو سريعاً وتمتلك خاصية التمدد والتمحور لتصل حدّ الفداحة بعد أن تتعدّى مراحل البجاحة المعقولة. فوق ذلك، فإنها على الدوام أزمات غير قابلة للحل الناجز. بل هيَ عُرضة للتنامي مع الأيام الى آجالٍ غير متناهية، وهكذا دواليك. إنها أزَماتٌ تمتاز بقابليتها على المعايشة الطويلة رغم أنف المسؤولين، وهُم كُثر، ولايخلو البعض فيهم من مِراس وحراصٍ لإثبات الذات. لكن فيما يبدو، فإنّ تكاثر الأزمات ،صغيرها وكبيرها، قد أوجد ولابد، حالة من العجز التام في دواوين الحكومة المترهلة ومظان عقلها الجمعي. وليس من تفسير إلا بذلك القول: إنّ الكثرة غلبتْ الشجاعة! أو لا دواوين ولا مظان ولا يحزنون.


الأزمة في حدِّ ذاتها، كلمة ملطّفة فيما يعتور زماننا الراهن من كوارث. وعلى سبيل المثال، هل من الممكن أن نسمِّي حال اللاسِلم واللاحرب، والتي يتناطح فيها الشريكان، مجرد أزمة سياسية؟ هل من الممكن أن نسمِّي ما يجري في دارفور منذ ثمانية أعوام أزمة إقليمية؟ وغير ذلك كثير، فضآلة الإنتاج الغذائي، وفشل الزرعة، والضائقة المعيشية الكالحة، والتعليم العام والعالي، والصحة، والعمل، والتجارة ومساككة سعر الصرف إلخ,,, تزخر بالأزمات التي تمور وتتصاعد. كذلك، فإن الأزمة الوبيلة التي تمثّلت في خلافية الشريكين في مآلات تطبيق اتفاقية السلام الشامل، ألقت بظلالها على ما تبقّى من أمل في استدامة ما تمخّض من سِلمٍ انتقالي. وللاستفتاء أزمة كارثية وقد اقترب حلول ميعاده وما تزال المفاوضات تنجمع وتنفض، في السر والعَلن. تُنشَر وتطوى بالداخل والخارج والحال في حالو! وليس من أملٍ مأمول ولا هدف موصول...! لقد تلاشى أمل الوحدة، وحتى الأمل في انفصالٍ آمن، في طريقه كي يذهب مع أمِّ عمروٍ! فلا الوحدة الجاذبة دنتْ ولا قَلّ الشِّجار.


لا أدري ما إن كانت الحكومة نفسها تملك تقديراً احصائياً سليماً عمّا تُعاني ونُعاني من أزمات؛ وإن لم يكن، فلتعي تماماً بأنها في نظر أغلب محكوميها، عاجزة عن حل الأزمات الصغيرة، وبالتالي، فليست لها من طاقة لمواجهة ما يدهمها من أزمات مزمنة. مع كل ذلك، تراها إذا ما استمعتَ إليها، متهلّلة لا تكفّ عن إعطاء الناس الأمل بسرعة الخَلاص، ولا إخلاص. وفي تقديري، فإن الحكومة لا تُبدع في شيءٍ إبداعها في تسكين الأزمات والكوارث. وحالها في ذلك، أشبه بدفن الليل أب كراعاً برّة، حينما أدمنت خاصيّة دسّ المحافير! ومعلوم أن الأزمات المتوالدة عنوان للفشل العام، والتزام بما لايلزم واستصحابٌ لما يُفني. ومن نافلة القول، أنه ليس كل أزماتنا هيَ وليدة العهد الراهن، وليست في معظمها، ميراث الأمس القريب، بل يرجع تاريخ نشوئها الى أبعد من ذلك بكثير.


إنّ الحكومة الحالية تتحمّل وزر الأزمات المزمنة وما أوجدته من أزمات جديدة. والجديدُ شديد حينما ينضاف أو يُقارَن بما سبق. ذلك أنها قد تصدّت غير هيّابة لإنقاذ حالٍ ،هو بمقاييس اليوم، أقلّ إرزاءا عمّا حلّ بالديار أو استجدّ على المدار؛ ولعلّ أول الدروس المُستفادَة من الإنقاذ بالمقلوب! أن الحكومة قد تصدّت لأمور لم تكن مؤهّلة لها، فزادت نار الأزمات اشتعالا بدل أن تطفئها.


اتّضَح بأنه لم يكن بين أيدي الحكومة الإنقاذوية، غير شعاراتٍ برّاقة في أنفُسٍ توّاقة؛ وما أسهل التلبُّس بالشعارات، وما أيسر الهتاف بالزعومات. وإن كان من تطوّر في النظر الرسمي لحل الأزمات، فهو تطور شكلي. لا يعدو كثيراً عن تجديد التسميات؛ فالخوازيق القديمة أصبحت مواسير جديدة ..! ولئن كانت الموسَرة مفهوماً يقوم على النصب والاحتيال ويُنذر بسوء الحال والمآل عندما يستعصي عن المساءلة؛ فإن الخوزقة لن تزد على أن تكون نوع من الفساد المدعوم.


فسادٌ مدعومٌ رسمياً لسبب العجز الكامن في مَنْ يداور الحلول، فسادٌ يتوالد محِناً وينذر بسوء عاقبة. وهذه من تلك، فقد زعموا أن رئيس الجمهورية الراحل جعفر نميري، كان قد تأسَّى في معرِض ندامته على ذهاب مُلكِه المايوي بأن قال:والله الشريعة دي - يقصد قوانين سبتمبر1983 في عُرف معارضيها- أنا ختّيتا ليهم خازوق، ما يقدروا يمرقوا منه. فإن كان قد قالها، فقد صدَق؛ والصدقُ شَـرٌّ إذا ألقاكَ في الكُربِ العظام. أقول لقد صدق، وقد تناوحت الريحُ أصداء ديمقراطيتنا الثالثة، الفتية والمقبورة في آن! حينما استعرّ نباح مسؤوليها حول إزالة آثار مايو كأولوية قصوى، طاغياً على ما عداه من أولويات. وحينما فشلوا في خلخلة الجذور، طفقوا يهشّمون فروعها في مظاهر الآنية وحجار الأساس المايوية. وللذكرى، فإنّ منهجية مايو في حلّ الأزمات، كانت تقوم زعماً، على المراجعة auditing وليس التراجع retreating حيث كان شعارها الأثير: إن الثورة تُراجِع ولا تتراجع.


تلك كلمة حق، ولكن لم يتحقق بها أيّ حق! وبصرف النظر عمّا أُريدَ بها، فقد أضحت مجرد كلمة مُلقاة على قارعة الطريق، إن شاء الإنقاذويون لمّعوها من جديد - ولا مشاحة عليهم إن فعلوا - فما يزال عرقهم المايويّ ينضح بأكثر من خازوق، إضافةً إلى أنّ عِرقهم الأصل، يضجّ بالموسَرَة..! فهلاّ اغتنموها فرصة وشرعوا في المُراجعة والمحاسبة والمُساءلة..؟ وساعتها سيرى الذين فسدوا أيّ مُنقَلبٍ سينقلبون، وستتوارى الأزمات بوجوهها وأسمائها المتعددة، إلى حين تغيير انقلابي محتمَل. ما صدقتْ النِّية واستقامت العزيمة وانصاع الضمير الحاكم بما ظلّ يغترف ولا يعترِفْ..! إلى أيّ ملمَح من حاكمية عادلة.


***










--- --
• مقال قديم .. نُشر بصحيفة "الأحداث"النصف الأول من نوفمبر 2010م
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]


اتفاق أديس والبلاءُ الذي يجرُّ الحَـسـَـدا ..! *

والوطنُ يُتكَى للذبحة الانقسامية، يطوف طائف الوطني باتفاقٍ حنيذ. يضخّ تسهيلاً فريداً لمرور الانفصال بكل اليُسر غير المتوقّع. يُسرٌ في المرور، لم يتوفّر حتى لليخت المنكور، فللاتفاق الإطاري إذن، يدٌ بيضاء جعلتْ من انقسام الوطن لُقمة سائغة وإن حفّها النّشاف! إلى ذلك فقد رسمَ "الإطاري" خارطة طريق موضوعية، لمشهد جمهورية سودانية ناهضة من الرماد. تقوم على نهج التحاور وتنأى عن ميئوس التناذر، وقد تطاول كثيراً بين بني الوطن الذي كان واحداً فانفطر!

طفح السِّبابُ ورَقَّ عظمُ التنمية، وما عاد الوطن يحتمل المزيد. سيَّما وأنّ ألوية الحرب تتزاحم بمنطقتَي جنوب كردفان والنيل الأزرق. أبيي ما تزال تظلع سلاماً مشوباً بالحذر، ودارفور الكليمة تلعق جراحاتها مواسيراً ومساومات! واتفاقيات مُختَلَف علي توصياتها وشخوصها وتقسيماتها للسلطة والثروة. اتفاق أديس ابابا الإطاري، وبتحديده الموضوعي لنقاط النزاع المعروفة سلفاً، وكذلك بإبداءه الالتزام التام ببحثها والتوقيع الرسمي على ذلك، كاد أن يكون مدخلاً وسيماً لجمهورية سودانية ثانية. ظلّتْ تعتمل في العقل السياسي السوداني التَّيْهان. فراراً من كساد السياسة اللئيمة في الجمهورية الأولى ولكن!


ما إن تمّ الإعلان عن الاتفاق، إلاّ وانفجرت هجمة كأنها مدبّرة..! تنعى على الناس القبول بالتحاور مع قطاع الحركة الشعبية للشمال، وتتبرّأ ممّا اجترحه المفاوضون الأكثر دراية بواقع الحال والأقرب توجّساً بالمآل. كل ذلك بدعوى ألاّ مكان بالشمال لمَنْ تبقّى من الحركة الشعبية التي انفصلتْ بالجنوب! وكأنّما انفصال، أو استقلال الجنوب، حتماً سينتزع مواطنية قطاع شمالي كبير وأصيل، عن جمهوريته السودانية التي ما عرف غيرها.

للأسف فقد طار الاتفاق الإطاري أو يكاد! طارَ بما احتمل من انفتاح ديمقراطي وتسامح سياسي مطلوب وبالنتيجة، فقد تجهّمتْ طوالع البعث السياسي، والمزعوم بأنه إصلاحيُّ جديد. لتدخل البلاد فوضى الحيص بيص؛ وليس من خُطّة في اليد الحكومية المُرتخية، غير الرجوع لمربعات الحربِ وكلاّ سيعلمون. لقد تمّ تشييع الاتفاق الإطاري بالديباجة الانقاذوية: "خطوة غير موفقة".. يتلقّفها المرجفون بالمدينة لتريحهم من وجع المتاعب الشعبية المتصاعدة. انكشف المستور إذن، واتّضح جلياً فقرُ المصداقية في الشعار الشهير: حزبٌ قائد لوطنٍ رائد.. وما هكذا تكون القيادة الحزبية الرشيدة، ولا الريادة الإعلامية والسياسية السديدة؛ اللهمّ إلا عند الذين لاهُم أمناء ولا أقوياء.

لقد ظل الدكتور نافع علي نافع، مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب، رجلا مهاب الجانب التنظيمي، مرجوّاً في رهطِه ومُحسّدا ..! نافذاً ومن كِبار السّحَرة في الحزب والحكومة. فوق ذلك، فقد توفّر للدكتور نافع في رحلته التفاوضية الأخيرة، لفيفٌ من عُتاة المفاوضين الخبراء، يمسكون بأخصّ الملفات الحيوية في سيروة السياسة الإنقاذوية الأولى والثانية ربما،وهو على هذا الحال، مصحوباً بهذا التيم التفاوضي المُجرِّب؛ لا يستقيم في حالهم ولا يصدُق أن يوقّعوا اليوم مُتعهِّدين، "ليلحسوا" توقيعَهم في يومَين تلاتة..! فمالذي يجري بالضبط؟ بل أين القوة والأمانة اللائي كانتا تُجلِّلان تواقيع وتعهّدات هذه الثُّلّة المتنفِّذة بحق..؟


أين الالتزام بالكلمة (أوفوا بالعهود) أم أنّ المسألة لا تعدو عن كونها براغماتية سياسية؛ لا تتدبّر مستقبلاً و لا بعثاً سياسياً جديداً يجُبُّ ما تراكم من حسرات؟ أمثلُ هذه الفوضى تبيحُ استصحاباً ميسوراً لمشاركة في حكومةٍ عريضة..؟ مَن يُصدِّقكم إذن غير ذوي العَتَه! لقد كانت الدوافع التي قادت لاتفاق أديس أبابا الإطاري، وما تزال، وجيهة للغاية. والآفاق المتوخّاة مؤدية إلى حالٍ من الاستقرار بنبذ الحرب وتوطين التحاور؛ وفي المنتهى، تحقيق السلام الآمن عبر تحوّل ديمقراطي وسيع المظلّة الرضائية بين كافة قطاعات الشعب السوداني.

تحوّل ديمقراطي حقيقي وليس كما جرى! يضع كل لاجّة في مكانها؛ وذلك حتى لا يشيع القول: كُل امريءٍ في السودان بغير مكانِه، فالمالُ عند بخيله والسيف عند جــ ـباـنِه. ويسعنا أن نزيد: الرأيُ عند ذليلِه والأقلام و"البرّايات" عند مُهانِه. مالضرر أن يكون هناك نيفاشا أولى وثانية وثالثة وحتى يوم الفصل؛ طالما ارتضى الناسُ الحوار سبيلاً والحربَ جحيما؟ واقع الحال يدفع بإلحاح لإعادة النظر في رفض الاتفاق، طالما هو اتفاق! أو على الأقل لابد من ملء الفراغ التفاوضي الذي وجدت نفسها فيه "براقش" القوم! حتى لا تزيد الجناية على أهلها ومَنْ جاورَهم؛ وقد قيل قديماً: سمِّن كـ ــلـ ـبك يأكلك.


***






--- --
*مقال قديم.. نُشر بــــ: سودانايل، سودانيز 21/07/2011م
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]

الحركة الإسلامية .. أيُّ حظٍ رُزقتِهِ في المِــطالِ .. ! *


على أثر انفضاض مؤتمرها الثامن، تبدّت الحركة الإسلامية العجوز، بيتاً آيلاً للسقوط. تكاد لا تتماسك لها قوامة. فهي تدّعي أنها حكومية ولا حكومية. تُكابر في كونها تُعاني مخاض تشرذمٍ جديد وفرزٍ أجد. وقد ظلّت الحركة الإسلامية السودانية، تماطل دهرها وما تزال، تبيعُ إلى السودان سِلعة بيتها الخَرِب، وقد آن أوان انقضاء بالتي أو التي! فالمماطلة في الوفاء بالمحقوقات العامة، ظلّت ديدن هذه الحركة. تدمنها هروباً من التحديات، تستعينُ بفقه السُّترة "خلّوها مستورة" ولا تستمسك يقيناً، إلاّ بآخر أهداب السُّلطة. تُزكِّي سيرة نسائها ورجالها عند الصباح والمساء، وترمي مُنافسيها بالبهائت لتَنسلّ كما الشَّعرة من العجين! فالعجينُ عجينها فيما تضطـَّغِن من لِجاح، والمحبة والسلام مشروعها التفاوضي الزّمين. والحركة في كثيرٍ من مبدئها وجُلّ مُنتهاها، لم تكُن إلاّ لأجل أبنائها، وأكبرهم السُّلطة! حتى لتضحى في منشطها والمكره، سباقٌ في سبيل السُّلطة، وتحت رهَق السُلطة، جاه السُّلطة، والاستبداد بالسُّلطة، كي تقضي وطرها الذي لا يكاد ينقضي إلى نهاية. تُفتِّت أكباد عرّابيها وتلوك أكباد مُساكنيها، ثم تتفل كل ذلك بلا حِسٍّ إنساني ولا معنىً إسلامي، وكلّه بقانونها الخاص، وأحياناً بلا قوانين؛ وبالطبع فالعبرة بالنتائج الماثلة.


ثلاثة وعشرون عام، قضتها هذه الحركة في سُلطةٍ متسلطنة بلا جدوى. وكانت الحركة في طول عمرها، قد رمتْ من وراءها ما يقترب من ثلاثين حولاً في المَطَل. طوتها هذه الحركة في ادّعاءات وتخبُّطات. إعادة تسميات وائتلافات واختلافاتٍ وارتكاسات. تتقفّى فيها طُرق المطاولة، وعينها لا ترى غير السلطة جاهاً. اكتسبتْ فيها كثير لوَثات، وأكسبت غيرها بعض وعي وشيئاً من حُصرُم. ثم كانت المحصِّلة النهائية سلبية للغاية، الأثرُ مدمِّر والأيام تمِـرُّ ومسبحة الختل والتطامع في الانفراد بسُلطة لا تستكين، ما فتئت تكِرّ.

عديدون من العضوية الجادّة، في تيار هذه الحركة -بلا بركة- يعرفون ولا شك، أنّ مَطل الغنيِّ ظُلم. مع ذلك فإنّهم يخوضون في هذا الوحل بروح القطيع، لا يهمُّهم إنْ دام الظُّلم أو توطّنت أدواؤه في أحشاء الناس. استجاد فَلُّ الحركة تعميق ما احتازوه من طاقات الغُلاط والمماطلة. فما إنْ تيسّرت لهم السُّلطة التي كانوا عليها يراهنون، حتى وقفتْ أحمرة شيوخهم عند العقبات عصيّة الاستواء على أهل المَطَل. رجعوا يدورون كَرّة أخرى بالمكر والتلبيس، كأنّما تطبيق الشريعة يكون في الإعلام دون الأعلام، أو يكون في العيال دون الأنجال، أو ربّتما تصوّروه في أنفسهم لا يستقيم في المعاملات العامّة! وهُم فيها، أوّل مَنْ يُشمَلون.

لقد غطّى مواعين البلد إعلامياً ضجيجُ احتفالهم الذي شدَه العِباد، على انشداه البلاد بمزيجٍ من القواصم بلا عواصم. يتبارى فيه العديدون من المُرفّعين، بطرائق المماطلة ومدخور التكالب السُّلطوي. يُخزي بعضُـهم بعضا، تحسَبهم جميعاً وقلوبهم شتّى! ولربما تغترّ بعض حين، أنّ تحت قبائهم فقيه. فإذا قِبابٌ فارغات إلاّ من وَهَم السُلطة. نُصِبت السرادقات وجُلِّيت الصالات وامتدّت البُسُط. بعد أن صُرِفت المليارات من حساب المُعدِمين. نُشِر العسس وتهادت المواكب ليوم زينة مشهود. فكانت النتيجة الحُرّة: أنْ تلقّفت الحَيّات الجديدة ما تقادم من حيّات. هكذا كان الدأب منذ حين، تموت المضامين في ألواحها وضجيجُ البهرج والقشور فالسِّموم، له أجنحةٌ ورفيف.

لعلّ أكبر المطل في احتفاليتهم الأخيرة، قد تجلّى في إهدارهم الشِّرعةَ والمنهاج الحاكم لنظام البلد. دستورها وقانون أحزابها وتنظيماتها، وما إلى ذلك من قواعد قانونية وأخلاقية. يلتزمها أكثر أهل البلاد، أداءاً للذِّمة وصيانةً لاستقرار؛ٍ تتفتَّق بوائق تفلّتاتٍ عليه من كل الجَبَهات. لقد طالما آذى المتابعين من مُشفقين وشامتين – بأسبابهم- تجاسُر هؤلاء النّفر السلاطين على ما اختطّوه بأيديهم للناسِ من سُبلٍ هوادٍ يزعمون. أيكون صحيحاً ما اهتبله هابلٌ منهم: بأنّ الحركة الإسلامية السودانية أكبر من التسجيل الرسمي، لأنها حركةٌ شمولية لا يسعها ماعون؟ وبالتالي فلا يحتوي "عبلها ووشلها" أيّ قانون. إنّا لله إذن؛ ويا باريَ القوس بَرياً ليس يُصلحه .. لا تظلم القوسَ، اعطِ القوسَ باريها.. ذاك إنْ صَحَّ، فهو اعترافٌ بالظلم، واحتكام للطَّيْش وانسجامٌ -بلهُ استحمام- في وحَل التماطُل، حتى لا يأمل آملٌ في انعدال على المدى البعيد، ناهيك عمّا تقارب من مدى.

يفعلُ أهلُ الإسلام السياسي، بالحركة الإسلامية السودانية وبمُسلمي السودان خيراً، إن هُم تلبَّثوا قليلاً فيما أنتجوه من مخازٍ لإنسان هذه البلاد؛ وذلك حينما استطابوا المطل والتفّوا بالجدل فأدمنوا الفشل. يفعلون بالناس خيراً لو أنّهم درسوا ما لم يَدرُس بعد، من تجاربهم الحُكمية الفطيرة، ثم ليقتصُّون للناس من نفوسهم الشّرِهة. لقد دانت لهم السلطة لأكثر من عَقدَين من الزمان، فماذا يحسبون من خيرٍ أتى، أو هوَ آتٍ آت؟ لقد صبر الناس عليهم بما يفوق طاقات الصبر، ألا يستشعرون ما أطلّ من شرور؟ إنّهم ليفعلون خيراً –إنْ كان فيهم مُرتَجىً- إذا ما نظروا بعين الاعتبار إلى سِعة ادّعائهم وعجز إنجازهم: بأنّهم روّاد مشروع حضاري ورسالة إنسانية خالدة، ثم ثنّوا النظرة ذاتها على ما اقترفوا من آثام في حقّ الناس. أين مثالة توحّدهم على الحق؟ أين فضالة إنسانيتهم على بني شعبهم وقد تضاعف الضجر؟


في تقديري، أنّ أفضلَ ما تسلكه الحركة الإسلامية، في يومها الحالي، هو أن تطوي ظلّها الممدود مطلاً، عن حقائق حكومة البلد المنكوب بهذه الحركة الحاردة، وأن تدَع لمَنْ تعدّهم في بَنيها، أن يستجيبوا لمسؤولياتهم العامة بعيداً عن وهم الانتصار التنظيمي. إنّ أفضل ما يستشعره المواطنون هذه الأيام، هو أن تَصَـحّ، ثم تتحقّق توجّهات الحكومة في الالتزام بالقواعد التنظيمية والأبواب العَدلية: فالجماعات الأهلية، من مثل الحركة الإسلامية السودانية، ليست بحالٍ، هيَ حكومة البلد، وإنّما هي جماعات مُلزَمة بقواعد نظام البلد، مثلها في ذلك مثل غيرها، تسعى لتحقيق أهدافها في الإرشاد والدعوة بالحِكمة والموعظة الحسنة. فالحكومة حكومة مسؤولة تجاه كل الناس، ولم تكُن الحركة الإسلامية مسؤولة إلا باتّجاه عضويتها، أدام الله تعالى، عليها نِعمة الأجر الواحد، وإنّه لنِعم المولى ونِعم النَّصير.


***









--- --
*مقال قديم.. نُشر بــــصحيفة " القــرار " 2012
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]


المِستَر باقان أموم: ها نحنُ قد عُدنا ياخرطومَ الفيل ..! *


فجأةً ودون سابق موعد، انتشر الخبر بوصول كبير مفاوضي الجنوب، أمين عام الحركة الشعبية لتحرير السودان، السيد باقان أموم، إلى مطار الخرطوم. قيل الكثير في دواعي وآفاق الزيارة المباغتة، ولكنَّ أرجح ما يمكن الاعتماد عليه، أنها زيارة تمّت بإمرة المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، السيد برنستون ليمان، والأخير كان قد التقى قادة الطرفين خلال الإسبوعين الماضيين. ولا بُد أنّه قد عمِل على تدبير الزيارة الكبيرة. وإنّ صـحّ هذا الحدث، فله الثناء بقدرما تنطوي عليه أو تنتهي به الزيارة الباقانية للخرطوم، من نتائجٍ إيجابية على عموم السّاحة؛ لا سيما وأنّ الوسيط الأمريكي، على عِلم كافٍ بأنّ أحد الطرفين يطلب استتباب أمنه من تِلقاء شريكِه أوّلا، بينما يتوسّل الطرف الآخر تمرير بتروله أوّلاً تربيع..! ولو عبر أوردة شريكِه الآخر. ولا يغيب عن معرفة الوسيط الأمريكي الخاص، أنّ كلّ واحدٍ من الشريكَيْن يسعى حثيثاً لتحقيق بـُـغيته على حساب دم وعَرَق ودموع الآخر. ما استطاع إلى ذلك سبيلا. ولا نقطع بأيُّهما الذي سيبدأ بالاستسلام لما يُرادُ به من أقدار.


بصرف النظر عن أسباب الزيارة المفاجئة، فإنّ لها أهمّيتها الكبيرة؛ أقلّه إمكانية أنْ تُسهم في تجاوز حالة التمادي في التناحر بين الطرفين. بل ربما تلجم حالة الفوضى المتصاعدة والتراخي السياسي في كلا البلدين. كذلك ربما تمدّدت أهمية الزيارة، إذا ما أدّتْ إلى التفاتة متوقّعة من الرأي العام الشمالي. لأجل البحث الجريء في جدوى الوساطة الأمريكية وقد طالت سنينا..! ومن ثَم، النظر بعين الاعتبار، إلى مدى جدِّية وساطة "المبعوثانيان"..! التي تكأكأت علينا منذ أزمان؛ تتدخّل إلى ما دون صغيرات التفاصيل، لا تأبه كثيراً بتوفير آليات إنفاذ ما يتم الاتفاق عليه تحت إشرافها، لا تقبل لها مشاركاً دولياً يعينها على تحقيق الحلول المطلوبة لإنفاذ المتّفَق عليه. إنها في غالب الأمر، وِساطة تُريد أن تكون أمريكية حصـريـَّاً، لا معَقِّب لحُكمها فيما تجترح أو ترتِق! بل ولا تستأنس بخبراتها السابقة فيما تبرّعت! من وساطات على النطاق العالمي، تلك الوساطات والتدخلات الأمريكية الرّائجة في شرق أفريقيا كالصومال، والوسط الغربي من قارة آسيا كأفغانستان، والشرق الأوسط القديم! في فلسطين المحتلة والعراق المنهوب. وهناك النتائج الماثلة وضوحاً لهذه التدخلات الأمريكية المبذولة. بل مفروضة! من أيِّ النواحي أتيتها، تأخُذ بالألباب وتلفِتُ مَنْ لا يلتفت إلى رداءة الصِنعة حينما يعتورها الاستبعاد القُطبي، حتى لا نقول الاستهبال الوِساطي.


المستر باقان أموم، كوماندور وحدوي حسبما يزعم عارفو توجُّهاته. لكن الذين لا يقرّون له بتلك التوجّهات الوحدوية هُم الأكثر عديدا. يشهدون بأنه كان صاحب الصوت الأعلى في تحقيق الانفصال. معه كل الحق بالطبع فيما يريد، من انفصال أو وحدة في سياقهما المختص؛ لكن توقير ذاك الحق، يصطدم لامحالة بحقوقٍ للغير، وذلك حينما يعود باقان كأكبر داعٍ للحرِّيات الأربع، وقَسْريّاً على غالب أهل البلاد التي قد انفصل عنها بحَنَق؛ وللّه الأمرُ من قبلُ ومن بعد. إلى ذلك فإنه ليــُمكن ببساطة، تطبيق نفس المثالية المتناقضة للأمين العام، في قراره وقف عبور النفط بالسودان. وفي كونه الآمر الحقيقي لردم آبار نفطِه بقرارٍ من أديس أبابا، شهده المبعوث الأمريكي! وبالطبع، يعي السيد باقان تماماً، أن واحداً من أهداف قراره بردم آبار النفط، سيؤدِّي مباشرةً إلى تحقيق كمٍّ من الأذية والرزء يقَع على شعب السودان. ذلك رُزء لم يستطع السيد باقان ودولته الحديثة الإفلات منه! فلم يجد بالتالي من تكتيك أو شطارةٍ أفضل من أن يعود يحفرُ في تِكرارٍ مُمِل، يبحث عن واقع "جيوسياسي" يستمدّ منه الطاقات لبناء سودان جديد ربما. لايعي أنه قد تركه وراءه منذ الأمس، ثم عاد زائراً غائراً يبحث عنه اليوم!


المفارقة في النهج البراغماتي للسيد باقان أموم، تتمثل في أنّ البترول الذي تمّ طمرُ آباره بوساطة قراراتهما المتعجِّلة، لم يكن ضرب يده، ولا فراسة استثماراته. حيث لم يكن الكوماندر جزءاً من حكومة السودان التي انتصرت بإخراجها البترول عبر الشركاء الأمناء في الصِّين الجديدة. في آخر تسعينيات القرن الذي انصرم. ذاك انتصار سوداني حكومي استند، بل كان نتيجة طبيعية لانسحاب شركات التنقيب الأمريكية من حقول النفط السودانية بعد أن تدفّق بترولها بكميّات تجارية..! أبعد كل هذا، ألا يستشعر السيد الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان، أنّه هنا قد أصبح مضرباً للمَثل السوداني: (عُمدة وخالي أطيان!).


معلوم أنّ انسحاب شركات البترول الأمريكية عن السودان، كان نتيجة تحفيز الحكومة الأمريكية وقتها لتلك الشركات بإعفاءات ضريبية هائلة، إذا ما صرفت، تلك الشركات، النظر عن إخراج بترول السودان! وقد كان، فهل نقول: (مـا أشبه الليلة بالبارحة..؟ ). وأضف إلى ذلك، أنّ صوت الكومّاندر باقان، قد كان الأعلى ولا يُعلى عليه ما يزال! اتّهاماً لحكومة السودان باللصوصية في سرقة البترول الجنوبي، وفي فساد النظام السياسي السوداني الحاكم، في التنويه كثيراً بفشل الدولة السودانية، ظُلمها وتهميشها لبنيها أقاليماً وأعراقاً وآفاقاً إلخ,,, فهل نسيَ السيد باقان بأنه ليس مَعنيٌّ بالسودان بعدما قرّر مصير بلاده واستقلّ بها؟ أم أنه لا يعي أن جهوده أحرى بأن تتوجّه إلى ما ينال بلاده العزيزة الجديدة من أزمات ومشاكل مزمنة؟ عزيزنا باقان، لم تعُد لكَ بالسودان حاجة موضوعية، في نفس الأوان الذي عليك لدولة الجنوب واجبٌ كبير؛ فلمّ الإغراق في الكراهية بلا مسوَّغ؟ تلك التي لن توصلك إلاّ إلى مزيدٍ من الكراهية.


في البال أيضاً، أنّ الزائر الكريم السيد باقان أموم، لم يالُ جهداً في طرق الأبواب الإقليمية والدولية لضخ نفط بلاده بعيداً عن أنابيب السودان، ومهما كان الثمن! حتى ولو بعكس تضاريس الطبيعة؛ ولا نقول بعكس طبائع الأشياء في الحقل الاقتصادي؛ وعندما أعيته السُّبُل، عاد لخرطوم الفيل مُتحدِّيا يُريد طعن "تمرير" بتروله عبر السودان. ومتزامناً مع إهداره لدماء جانب معظّم من أهل السودان في جنوب كردفان والنيل الأزرق وفي جنوب دارفور!! بفعل تعدّيات "قُــــطّـــــاع" قِطاعه الشمالي للحركة الشعبية لتحرير السودان. وإذن، ألا تتيح لنا مثل هذه العودة النّكراء، أن نستذكر بها عودة مُريبة لاحتلاليِّ غربيٍّ بغيض، امتلأت خياشيمه بالكراهية حدّ القَدَم. ذلك حينما قَـــــرَع الجنرال الفرنسي "هنري غورو"، بقدَمِه على ضريح الناصر صلاح الدين الأيّوبي، بدمشق قائلاً: (ها نحنُ قد عُدنا يا صلاح الدين)..!



***











--- --
*مقال قديم.. نُشر بــــصحيفة " القــرار " 2012
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify] هل انكسر مِرْق الحوار الوطني ..؟ *

ما توالت الأيام بعد خطاب السيد رئيس الجمهورية، عشية السابع والعشرين من يناير 2014 حتى امتلأت علينا الفضاءات السودانية بحناجر ومنابر وأصوات. كلها تلهج بضرورة الحوار الوطني، وأنّه قد دَنتْ ساعته، وحانت ولادته طبيعياً أو تعســُّرا. تبارت في هذا المضمار الأحزاب السياسية بمختلــَف اتجاهاتها، المعارض منها والمتحالف مع الحكومة. المُتمادي منها في خصامٍ مع الحكومة، والمُتلاشي وجداً بين عصاة الحكومة ولِحاها، من أحزاب زينة حكومية. ذات مسؤولية شخصية وعائلية ووقائية محدودة. لا لون لها ولا َطعم. إلّا في "ذوق" الحكومة، إن كانت قواميس الأخيرة ما تزال تحفل بالـــ"ذوق"، ناهيك عن الحِسّ التاريخي والمصداقية والعدالة.

استأنتْ بعض الأحزاب المعارِضة عن الزحام الحواري الهادر في أوّلِه، واختارت التمكّث علّ وعسى أن تستقيم مأدبة الحوار في هدوء وعقلانية. كأنما لا تُريد أن تُجبَر على وضع "بيض الحوار" الوطني جميعه، تحت ذات السَّلَّة الراكدة وراكضة في آن..! حيث لا يُؤمَن ساعتها، ماذا ستفرخ تلك الــ"حضنة" الجارية. في أجواءٍ تفتقد لأبسط قواعد الحوار الخلّاق.

من جانبٍ آخر، فقد هبّتْ كثير من القِطاعات الاجتماعية، الهيئات، الجامعات، الاتحادات إلخ,,, من رُقادٍ طويل. واندفعتْ مهرولة لمباركة الحوار الوطني، كيفما اتّفق ومتى ما أهلّ على الناس. كذلك فقد حرِصت بعض الشخصيات القومية، على إبداء ترحيبها بضرورة الحوار، واستعدادها لدعمه حتى النهاية. انسرب أكثرُ الســّاسة الذين يُشارُ إليهم بالبنان؛ في الإشادة الحارة بالخطاب الرئاسي. في ذات الليلة الليلاء التي خرج فيها مولود الخطاب، لا يُدرى أيّ فِطْرةٍ سينشـّــأ عليها؛ مُقلـِّلين من خلوّ الخطاب من المفاجأة التي كانت مُنتَظَرة، بل ومُقلِّلين أيضاً ممّا اعتوَر الخطاب من أسلوب صياغة مُعقّد، ولا يخلو من حذلقة. الأمر الذي فتح الشّهيّات التي كانت مُنتظرِة لمفاجأةٍ مُعلَنة، أنّ تستنتج بسهولة أنّ أسلوب صياغة الخطاب له ما وراؤه من خبايا، وأنّ سهوَ وتعمية الصياغة، ربما فرضته دواهٍ تتخفّى في جُلباب الحزب الحاكم. ترفض أن تتفرّق قماشة الحوار الوطني بالسوية بين الفُرقاء السياسيين؛ وتلك دواهٍ تستوثق في كون قامة حزبها الكبير، ما تزال لها مآربٌ شتّى! في احتكار تلك القماشة الحوارية لأجلٍ غير مُسمَى. أو هو مُسَمّى في أحسن الفروض، بنزول السيد المسيح عليه السلام؛ فتــعُمّ الأرض السودانية المــــَسرّة، ويكون على ناسِها وأحزابها السلامُ خير خِتام.

إلى ذلك فقد اندلقت التساؤلات لتحديد مَنْ ذا الذي صاغ خطاب الرئيس، وماذا يُريد أن يقول..؟ وعمّن يُعبِّر هذا الخطاب، وهل صحيح أن هناك نُسخة من الخطاب أُخفيَتْ، ولأيٍّ شيءٍ بُدِّلتْ ..؟ بل أين هيَ وثيقة الإصلاح الموعود..! هل هناك مراكز قوى في الحزب الحاكم؟ وإن كانتْ، أما تزال هيَ متمكِّنة من مفاصل القرار بالحكومة المُجهَدة بالتمكين..؟ والمــُثقلة بالتحلل والتحكيم والترمّل والتقفيل. هل تستجرئ أيّ مراكز قوى أن تعمل على إفشال خُطّة السيد الرئيس، وهكذا عينك عينك وعلى الملأ الذين يشتجرون ..؟ بل أيِّ مطامحٍ تلك التي تُحرِّك تلك القوى. أفلا تخشى انكشاف ظهرها، أم أنها لاتخاف أن تؤثم بأنها ما تزال مستمسكة بضلالها القديم. أقلّه الضلال الذي تقف شواهده ماثلة أمام الناس جميعاً، في راهن اليوم. ممثّلاً في الخراب السياسي العميم، والضيق الاقتصادي الوخيم، وحالة اللّاسِلم واللّاحرب. تلك التي تتردّى فيها عديدٌ من المناطق السودانية؛ بل وباب الفضح الفسادي الذي انفتح على مصراعَيه، وانكشف المستور عن بوائقٍ شنيعة، حتى إنّها عَصيّة على التصديق، لولا البراهين المنشورة على الحيطان.

ما إن جاء يوم السادس من أبريل2014، وبعد مُضيِّ سبعين يوماً حسوما، حتى انعقد اللقاء التشاوري بين السيد الرئيس وقادة الأحزاب المُرحِّبة بالحوار، ومُنتظرة ومؤمِّلة فيه. ثم خرجتْ مُخرجات التشاوري بمُقترح (7+7) كمجلس قيادي للحوار، لكنّ المُقتَرح ما يزال قيد النظر والحوار ..! بين شــَــدِّ وجذب يقطع شَــعَرة معاوية. لقد مَرّ الآن على اللقاء التشاوري ما يقترب من السّبعين يوم، ولسان حال بعض القوم: هانتْ، بينما لسان آخرين: بُعداً للقوم المحاوِرين. تململتْ التنظيمات التي رحّبتْ بالحوار مبدءاً. ثم نفض بعضها يده ظاهراً وباطناً عن حوارٍ لا تحين جلساته إلّا مَرّة واحدة بعد سبعين يوم..! كأنّه "حوار أب سـبعين!"، فكم من سبعينات الأيام – يا تُرى – يمتلك السودانيون حتى لا ينكسر مِرق الحوار الوطني، فـــيتشتَّتْ الرّصاص ..؟ اشتدت الأزمة السياسية راهن اليوم؛ وبأكثر ممّا كانت عليه قبل الـ (مئة وأربعين يوماً) المنصرِمة..! تلك التي أضطرّت أو حبَّبتْ في الحوار الوطني. مرّت كثيرٌ من المياه تحت الجسور، وما تغيّر شيءٌ على سطح السياسة، إلّا للأسوأ..! فإلى أينَ نُساق ..؟















--------
* نُشر بــSudanile في 10/يونيو/2014
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify] الصادق المهدي .. أمل الأمة السودانية .. يا جبل ما يهزّك ريـــح *


لم يجدوا غيرك يسترون به عوراتهم، لكنهم تناسوا أن أمثالَك عصـــِــيــيُّون على الكَــسْــر. والله قد تحزَنْ لكنّك لن تخاف؛ وعليك أن تستأسى بقول: مَشيناها خُطىً كُتِبَتْ علينا ,,, ومَنْ كُتِبتْ عليه خُطىً مشــــــــــــــــــاها ..وفي خاطري أنك تُردد قول أبي الطيب المتنبي: ولم تزَلْ قِلّة الإنصاف قاطعةً ,,, بين الرجال ولو كانوا ذوي رَحِمِ .. سُبحان خالِق نفسي كيف لذّتها ,,, في ما النفوس تراهُ غاية الألَــــــم.. أدام الله عليك ثوب العافية وأسبغ عليك فضلاً منه وتوفيق ..ووراك أُمّة.

التجاسُر باعتقال الزعيم السوداني والوطني الكبير، رئيس وزراء حكومة السودان، في المرحلة الديمقراطية الثالثة؛ والتي انقلب عليها هولاء، هو باعتقادي ال خطُّ الأحمر، والصّحي صَحي؛ وليس كلام النعامات والمُهترشين بالقوانين وهُم يهرفون بما لا يعرفون. قد ينتقد أيّاً مِنّا سياسات وبرامج يطلقها الزعيم الديمقراطيالصادق المهدي، كزعيم لأكبر الأحزاب السودانية بأغلب مراحل السودان السياسية، لكننا نكون غير محقِّين عندما يتشفـــّى البعض مــِــنّا، في أمثال الزعيم الصادق المهدي. فالصادق المهدي، ماهو الزعيم العاق بشعبِه وجماهير أمّتِه، لا خانْ ولا ســَـــــرّاق، راجل وسيع آفاق، عندو الطموح دَفّاق ..بالله لولا أنه زمنٌ بئيس، أيتصدّر المجالس الإعلامية السودانية، هذه الأيام النَّحِسة، أشباه فُلان وعِلّان وفرتكان ..! منسوبو الحزب الحاكم بالبغي والعدوان والبلادة والزّمَتان والضــَّهبان يقولون: إنّ توقيف الصادق المهدي، كان لكيت وكيت، وهو أمــرٌ قانوني وليس سياسي..! وآخرون، يدّعون أنهم نوّاب الشعب، حاكموا المواطن السياسي الأوفر إسهاماً في حكومات السودان منذ ستينيات قرنه الماضي، بأنه اقترف جريمة الخيانة العُظمى ..!

قــــــــــبــَّح الله المُسَيــِّســين ومُجيِّرين كل نشاطهم الحقوقي لذواتهم ومصالحهم فقط! وَ قبّح الله المــُنتهِزين لمنبر الرقابة والتشريع القومي، يوجّهونه فقط لصالح اختياراتهم الرؤيوية الذاتية جداً جداً، وبضدّ ما تُلزِم به القوانين والأخلاق. أنْ كانت محاكمتهم على الملأ ..! وليسوا بمحكمة ولا قُضاة ولا ولا ولا ، وقد قيل: وَبئيسٍ ينامُ على حَريرٍ ,,, وَ ذو نَسَبٍ مفارشه التُّراب.

يقول بعض الناس: النهاية بالخواتم فقد نال الامام جزاء سمناااااار، ويردّ عليهم آخرون: تحليلكم وتعليلكم غير صحيح؛ فأين نحن من الخواتيم، وإنما أننا يا دووووب في البدايات ..؟ ولعلها بداية العَد التنازلي لحُكم الاستبداد والطغوان .. فالسيد/ الصادق المهدي، أكبر من سنّمار ومن النعمان ومن اللّخمي والسّهمي إلخ,,, أعني أقدار الصادق المهدي، كسياسي سوداني ديمقراطي وزعيم مُعَتــَّق، ذو سماح وإسماح وعقلٍ براح، وإنْ ترضونَ أو تغتاظون، فالآن الآن؛ فإنّ تطوّر السياسة الديمقراطية في السودان، يعتمد بشكل كبير على أمثال السيد الصادق المهدي، بل يُعَدُّ الصادق واحد من أعمدة استنهاض نظام ديمقراطي في السودان؛ بالتالي فإنّ ما تقترفه الحكومة تجاه الوطنيين من أبنائها والدّاعين للاستجابة لما تطرحه ذات الحكومة من حوار وطني، ليس له غير معنىً واحد!! فحواه أنّ دعوة الحوار كانت "هظار"!! أو لعلّها ( بوبار في إطارٍ من ال Showـــــــــــشوبار).

الصادق المهدي، عمود راكز لابتناء نظام ديمقراطي سوداني يُرجى منه؛ وهو الذي عليه الرَّكْ في مسائل الديمقراطية والدولة المَدَنية، بل والصحوة بعد نُعاس ووسواس وخُنّاس .. وبعد كل هذا أن يشمتْ بعض الناس، في هذه المِحنة المعضِلة؛ فـــَــــ ـــعليه العوَض ومنّو العوَض. فليس على مِثل الصادق المهدي، يشمتْ العاقلون ..وإنني والله أرى الصادق المهدي، أحرَى بأن نتمثّل له وعنه، بقول أمير خراسان في عهد الدولة الأموية، نصر بن سيّار: إنْ يحســـدوني على مــا بنيتُ لهم ,,, فمثلُ بـــلائي قد جَـــرَّ لي الحســــــــَـــدا ..

لكأنّك، عزيزنا، الصادق المهدي، تتأسّى بكلام النبي يوسف عليه السلام: الســِّجنُ أحبُّ إليّ ممّا يدعوني إليه؛ فللّه دَرّك، وأنت برغم التغوّل عليك، وأنت القامة السودانية الفارعة، لم تتنازل عن إسماحك وشهامتك في إعلام الناس، قيادة الناس، التأكيد للناس بأنّك سِدادُ الأمرِ، وكِفائه ليوم كَريهةٍ ونفادِ صبرِ ..وكنتَ، قد تمثّلتَ بقريض أبي عُبادة.. في موقِفٍ حالك: إذا احتربتْ يوماً وسالتْ دماؤها ,,, تذكَّرتِ القُــــــربَى ففاضتْ دموعـــها .. وذاك موقفٌ حالكٌ، قليلٌ من يُغلِّب فيه رجاحة العقل، على هوى العاطفة. لكنّك كنتَ ابن بجدتها، والعامل لتجنيب وطنَك، الاحتراب السياسي اللئيم .. وها أنتَ الآن في موقفٍ أرقى وأبلغ وكلّه وطنية ناهضة، فإن كنتَ السجين في يومنا هذا، فسجّانوك، يئنّون من السجن بأكثر منك ..! ألا تراهم يتخبّطون؟ كأنّ - بل مؤكّد - أنّ بهم مَسّ أو دَسّ! فلا تهِن ولا تحزَن فإنما الديمقراطية عائدة وراجحة .. لا تأسى ولا تحزن .. وذاك، مقالك وكتابك وفِكرَك الســّديد .. وإنّ استمرار اعتقال أمثالك، وعلى هذه الصورة المُلفلَفة، هوَ في أبسط توقّعاتِه، نذيرٌ شــَــرّ على استقرار السودان. بل هو تَعــَـــدّ وتجاوز لأيّ خطوط حمراء.. وَ أ فليس في هؤلاء القوم، رجلٌ رشيـــد..؟



--------







نُشر بــSudanile في 14/يونيو/2014
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]

من قصيدة لــِـ نـزار قـبـَّـاني:

لمْ يبقَ فيهِم لا أبو بكرٍ .. ولا عثمان
جميعُهُم هياكـلٌ عظمية في متحفِ الزمان
تساقطَ الفرسانُ عن سروجِهم واُعْـلِنتْ دويْلة الخِصيان
واعتُـقِل المؤذنونَ في بيوتهم واُلْـغِيَ الأذان
جميعُـهُم .. تضخَّـمت أثـدائُهم .. وأصبحوا نسوان ..!
جميعُهم يأتيهُمُ الحيْضُ ومشغولونَ بالحمل وبالرضاعهْ
جميعُهم قد ذبحوا خيولهم وارتهنوا سيوفهم
وقدّموا نساءَهم هدية لقائد الرومان





............
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

نسوي شنو أنحنا مع قشار قشراني؟!

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام يا أبا جودة
و ماذا نصنع بقشار قشراني ؟
و ماذا تنتظر من الشاعر الذي يسب الرجال بعلامات الأنوثة؟!
و ما ذنب النساء كون الرجال الذين يضطهدونهن نكصوا عن رجولة الجاهلية؟
يا محمد النساء يحضن و يحملن و يلد و يعتنين بأطفالهن لحسن حظنا كلنا. و بعد داك ـ لسوء حظهن ـ يجلسن أمام شعراء الآيديولوجيا الذكورية حتى يخترعوا لهن أحط آيات الهجاء في ثقافة الناطقين بالضاد؟!!
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]

مرحباً عزيزي حسن

وبضدّها تتمايز الأشياء، وقد فكّرتُ في حل ورطة الشاعر؛ كونه مطلوب منه ريادة خلق المفاهيم، وهو لا يستطيع أن يخرج من أرضٍ تحته وسماء فوقه..! وبالتالي، فــ ـفقر الأدوات هاهنا، عاملٌ حاسم في أن يكون الشاعر شاعر آيدلوجية ذكورية.

هل استطعنا أن نخرج بعد، من تبكيتية " محمد ولد"، إلّا بالعضِّ في تقريظية " أخو البنات"..؟ وباعتقادي هنا، أننا خرجنا من حِفيرة، لنقع في "دُحديرة" مفاهيمية من أصل "قماشة" نسل المفاهيم، أو لعله، تنسيلها:

فَـ سُلــّى ثيابك من ثيابي تنســُلِ (ولا تأكيد!) في تركيبة ثالث أبيات امرئ القيس:

أفاطمُ مهلاً بعض هذا التدلل ,,, وإن كنتِ قد أزعمتِ صرمي فاجمُلي
أغرّك أن حُبِّك قاتلي وأنّك ,,, مهما تأمري القلبَ يفعــــَـــلِ
وإن تكُ قد ساءتك منـِّي خليقة,, فـَ "سـُلـَّى" ثيابك من ثيابي تنسَلِ

!!
فامرؤ القيس، تسنّى له القول: كلانا واحد!
و نزار، لا يجد غير أن يقع ضميناً لـِ "من يقول" ليس النساء كما الرجال! كأنّما يقرِّظ "فِعلة: صاحب ذات النـَّحيــيَّن* ..!


...
لا أستطيع أن أقول أن "ثيمة" شِعر نزار هاهنا، منسولة لأجل استهانة بالأثداء، والحِمل والرَّضاعة والتبضُّع إلخ,,, وذلك على الرغم من أنه، لو تحوّط من أن يوصَف بشاعر آيدلوجية ذكورية، لما غرس أكثر من "طائشات الضفائر" و "يا"أم ضفائر قودي الرَّسن واهتــُفي فليحيا الوطن؛ و"يا" أم " كوفاتات" إلخ,, لكن نزار كامرئ القيس، كلاهما غارز "وصفاً" في اللحم الحي!! باقيلك ماذا نصنع به ــما ..؟



_______
* خوّات بن جُبير، صحابي، شُهِرَ عنه أنه في جاهليته جاهلية الهَنا، أنه قد صادف "امرأة" تحمل زِقّيْ عسل "رايق مصفّى" تعرُض بضاعتها العسلية، فساوم على الشراء بشرط الـ " ضواقة"؛ فمكّنته من أحد الزّقّين، فذاق، ثم التفت للآخر! فذاق وأصبحت كلتا يدَي المرأة مشغولتَين (ودِفِّيق طِبيق العسلات، ما حبابو!) فانتهز الصحابي - فيما بعد!- مشغولية يدَيها، فتقدّم(كما سرَد ابن جَرير الطبري في أحداث سنة من سنوات وفيّات الصحابة الأجلّاء، حوالى قبل 40 من الهجرة، يؤرِّخ بها لوفاة خـَوّات) فقضى منها وطره؛ واشتهر بصاحب ذات النـَّحيــَّيْن.





وباقي ليْ، أن نزار وغير نزار "كُتارينْ" لا يستطيعون الفرز والتفريز بين الفذلكات والفـَـزْرات..! فالـ كروموزومات، هي ذاتها، لم تتغيّر..! ليبقَ السؤال: وماذا نصنع بالكروموزومات ..؟
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

أم الحفر

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام يا أباجودة
ياخي تمرقنا من حفيرة نزار قباني عشان ترمينا في حفيرة خوّات بن جبير؟أنحنا سوينا ليك شنو؟!
غايتو ربنا يجيب العواقب سليمة.
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]
(أصبح فلان، دميعاتو قِـرَيْبات! البنادر حنَّــنَنْ قلبو)

ذاك كان حال "محيميد" وقد عاد من غربته تلك بعد سبع سنين؛ وذلك بحسب وصفية "واحد" من المحجوباب، خيوت الشُّــلَّة القديمة لــ"محيميد" ممكن يكون سعيد عشا البايتات، أو الطاهر الرّواسي، أو لعله محجوب مثل نمر هرِم بذات شخصه.

وفي كوبليه لواحد من عـُشّاق الحقيبة، بصوت رخيم للكابلي، في أغنية: يا نسيم قول للأزاهر، نامتْ الناس وأنا ساهر:

الغرام ده هوّ هوا
من زمن، آدم و حواء
ال سكنْ في قلبي جـــوّة
اعرفوه مين ده هوّوا..؟

....

ولك التحايا والسلامات يا حسن
وإني والله في شيءٍ من بلبال! ولا أجد سلوى غير شفاعة المحجوباب في قولهم حول الذين تحنَّنتْ (خلّنا نقول: رقَّتْ ودَقَّتْ) مشاعرهم.


جليّة أمري، في استجلاب كلام نزار قباني، أنني بالفعل امتثلتُ الصورة الذهنية في "رجال" لا ينكأهم إلّا تشبيه صنيعهم، وهم في أنفسهم ما هُم! من ادّعاء الفتوَنة والفرسنة والسودنة ذاتو!، إلّا تبخيسهم وتبكيتهم بمثل ما قال نزار (وأنا مالي!)؛ وتلك لقيات راقدة بالكوم. ما على الواصف - والذي يُريد أن يُنكيء بعضهم ولو على ظهر السايبر الأثيري- إلّا أن يفتح صفحة في أيٍّ من مُجلدات تُراث مليء بالتبكيت واللازمنّو، فيأخذ بُغيته ويخرج بأسهل ممّا دخل.

ولكن تنبيهك أوردني مصادر شاقّة؛ وانشعبتْ عليّ الأسئلة! أقلّها، ماذا نصنع بهذا التراث المتدفق بالإساءة (ال أمّها بت اعمّ أبوها) ..؟ ليس للمرأة فقط، بل للرجل هو الآخر. نفس الآن الذي يتدفّق فيه ذات التراث، بالثناء والفخر العُباب؛ وقد سمعتَ - بلا شك لابن كلثوم:

لنا الدنيا وما أضحى عليها ,,, ونبطشُ حين نبطشُ قادرينا

الوعكة المفاهيمية - إن صحّت العبارة - ليست في كون الاساءة المتدفقة تراثياً، أكثرها مُدَوّناً تجاه "المرأة"؛ بل إن الإساءة المتدفقة نحو المرأة، ما تزال منصوبة ومفتوحة ومرفوعة في أكثر تراث الإنسانية...! وليس فقط في التراث الماضوي لهذه الإنسانية، ولكن حتى في راهن إبداعها وابتداعها.

من باب آخر، تتقافز الأسئلة: فهل من الممكن تنقية "الأدب الكوني" ممّا يتدفّق به من هُمزاتٍ ولُمزاتٍ تجاه النصف الآخر..؟ وكيف تكون تلك التنقية..؟ وأين نتائج التطهرية التي انبثقت في مركزية أوروبا، من كالفنية ولوثرية و اللورد أوين و جوته في آلام فارتر..؟

الأشق! هل بقيَ مزاج إصلاح أو استصلاح في دُنياواتنا (ال بي هِنا ده!)...؟ وكم هو مستوى الـ "طليعة" القادرة على جَــر الناس التراثويويين من خِطاماتهم نحو تقدير المرأة، وتقديس المرأة، والعمل على تحقيق حق المرأة حتى غِسِّيْل العِدّة وتفويط الأواني وكرد الزير، وفكّ البهَم وسقاية العشيرة...! وَ : عيني عليك باردة ..

والرحمة للفنان الكبير، إبراهيم موسى أبّا:

يا السمحة يا الواردة
يا فُقراء رُدّوا ليْ رويحتي ال هناك شاردة
***
في مشيتا الخايلة
ورّادة كيف نايلة
ال بيها يتشتّت دميعاتها دي السايلة
روحي العطيشانة في "خديرتِك" المايلة
وُ قلبي كان شُفتي حَــرّاية القايلة
***
وديعة منضومة
كايسا لها لي تومة
إن قُنّا نوصفها خشومنا مختومة
دي من بَرِق عينيها عقولنا ملخومة
والله ملخووووومة

..........





بيني وبينك، وبعد ده كلو، أريتا العواقب تجي سليمة! وإلّا فــ العشقان في ذمة الفُقراء ال خِتو العِشِق!!
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

خوات ستوري !

مشاركة بواسطة حسن موسى »






هُو إز خوات ؟

سلام يا محمد
جاء في حديثك
" وكم هو مستوى الـ "طليعة" القادرة على جَــر الناس التراثويويين من خِطاماتهم نحو تقدير المرأة، وتقديس المرأة، والعمل على تحقيق حق المرأة حتى غِسِّيْل العِدّة وتفويط الأواني وكرد الزير، وفكّ البهَم وسقاية العشيرة...! "
و ذكرتني كلمتك بعبارة مأثورة للمسرحي الفرنسي " ساشا غيتري" جاء فيها " من أين أتينا؟ و إلى أين نقصد؟ و منو البغسّل العـِدّة ؟ ". و كما ترى فإمتحان الطليعة التقدمية إنما يكون في أشياء الحياة اليومية من نوع غسيل العدة و تفويط الأواني إلخ ،عشان البنات الواقفات في وجه الغول الليلة بكرة مضطرات يقيفن في وجه أقرباء الغول من عيال المسلمين القاعدين ينظروا لأزمة رأس المال المعولم وراجين العدة تتغسّل و تتفوّط و تتدخـّن تتدلك و تتريّح إلى آخر كلام الشعراء .


كتبت يا محمد ، في هامش خوات ، ما يأتي:
"
خوّات بن جُبير، صحابي، شُهِرَ عنه أنه في جاهليته جاهلية الهَنا، أنه قد صادف "امرأة" تحمل زِقّيْ عسل "رايق مصفّى" تعرُض بضاعتها العسلية، فساوم على الشراء بشرط الـ " ضواقة"؛ فمكّنته من أحد الزّقّين، فذاق، ثم التفت للآخر! فذاق وأصبحت كلتا يدَي المرأة مشغولتَين (ودِفِّيق طِبيق العسلات، ما حبابو!) فانتهز الصحابي - فيما بعد!- مشغولية يدَيها، فتقدّم(كما سرَد ابن جَرير الطبري في أحداث سنة من سنوات وفيّات الصحابة الأجلّاء، حوالى قبل 40 من الهجرة، يؤرِّخ بها لوفاة خـَوّات) فقضى منها وطره؛ واشتهر بصاحب ذات النـَّحيــَّيْن "
.
و أظنني وقعت على حكاية خوات مع ذات النحيين قبل سنوات، و أحلتها آنذاك لشناعات الثقافة الذكورية للجاهليين الذين كانوا يئدون بناتهم خوفا من العار. ثم قرأتها مجددا حين جلبتها لنا يا محمد، كإستطراد جانبي داخل "حفرة" نزار قباني الواسعة.هذه المرة حفزني التأمل في جوانب الحكاية على التحري عن هذا الخوات.فسألت سيدنا قوقل فنبأني بأن الرجل كان في جاهليته نوعا من " بلاي بوي" عرف بمجونه و شعره الغزلي قبل أن يسلم و يعيش في معية النبي، و يصير صحابيا يروي الأحاديث .لكن يبدو أن حكايته مع ذات النحيين ظلت تلاحقه حتى اليوم، ربما بفضل عناية الرواة الذكور الجاهليين من ذوي الإربة الطافحة ، كما طفح المجاري ،عن مواعين الدين وكوابح الذوق العام. و هاك بعض من فيض ويكيبيديا :

الصحابي خوات بن جبير
خوات بن جبير بن أمية بن امرئ القيس، وهو البرك بن ثعلبة بن عمرو بن عوف ابن مالك بن الأوس، الأنصاري الأوسي، يكنى أبا عبد الله، وقيل: أبو صالح. أصاب ساقه حجر فرجع، فضرب له رسول الله بسهمه.
وقال ابن إسحاق: لم يشهد خوات بدراً، ولكن رسول الله ضرب له بسهمه مع أصحاب بدر، ومثله قال ابن الكلبي.
وهو صاحب ذات النحيين، وهي امرأة من بني تيم الله كانت تبيع في الجاهلية، وتضرب العرب المثل بها فتقول: أشغل من ذات النحيين، والقصة مشهورة فلا نطول بذكرها.
وقد روي عن النبي ، صلاة الخوف، و"ما أسكر كثيره فقليله حرام".
وتوفي بالمدينة سنة أربعين، وعمره أربع وتسعون سنة، وكان يخضب بالحناء، والكتم.
أخرجه الثلاثة "
من هذه الحكاية يخرج القارئ بعدة استنتاجات هو أن الرجل نجا من التهلكة في بدر التي استشهد فيها اصحاب النبي، بفضل ذلك الحجر المبارك الذي أصاب رجله .و رغم ذلك فقد حفظ له النبي نصيبه من الغنيمة مع مجاهدي بدر! لماذا؟ مندري!؟ أغلب الظن أن الرسول كان يستلطفه فأسبغ عليه ذلك الإستثناء. و حجة استلطاف النبي لخوات و عمايله تستقوى بحكاية " شراد بعيره " التي وجدتها على الرابط

https://sh22y.com/vb/t22064.html
و هي حكاية طريفة تضيئ العلاقة التي كانت بين النبي و أصحابه بمزاج البساطة الإنسانية و العفوية الرحبة لرجال ذلك الزمان.
"

يقول خوات بن جبير ـ رضي الله عنه ـ كما روى ذلك عنه ذلك الحافظ بن حجر في ( الإصابة ) : كنتُ رجلاً شاعراً في الجاهلية ، وكنت أتغزل في شعري بالنساء ، وأسامرهم به ثم من الله سبحانه وتعالى علي بالإسلام ، وكنت في المدينة مع رسول الله ، فخرجنا معه في سفر من أسفاره ـ وأنا حديث عهد بالإسلام ـ فلما دنا الليل نادى فذهبت لبعض حاجتي بعيداً عن المعسكر ، فرأيت عدداً من النساء جالسات يتسامرن على ضوء القمر ، فعاد إلى نفسي ما كنت أصنعه قبل إسلامي فعرضت عليهن أن أسمعهن شعراً وأسامرهن فرحبن بذلك ـ ولم يكن من نساء المعسكر ـ وإنما هن من أهل ذلك المكان الذي وقفوا للمبيت فيه، قال : فبينما أنا كذلك ، رأيت على ضوء القمر خيالاً قادماً من تلك الجهة ، فإذا به رسول الله ـ وكان من عادته إذا أراد الخلاء أن يبتعد ، فلما رأيته اضطربت ونهضت من مكاني فرآني ، فناداني وسألني عن سبب وجودي في ذلك المكان ، فقلت له : بعير لي شرد فأنا أسأل ـ هؤلاء النسوة عنه ، فابتسم لي صلى الله عليه وسلم ، وانصرفنا إلى المعسكر وبي من الهم والحياء ما لا قبل لي بوصفه ، قال خوات : فوالله ما رآني رسول الله في سفرنا ذلك حتى رجعنا إلى المدينة إلا وسألني مبتسماً : أبا عبد الله ما فعل شراد بعيرك ؟ حتى صرت أتحاشى أن أقابل رسول الله عليه الصلاة والسلام هرباً من سؤاله ، وكنت أترقب خروجه من المسجد لأدخل إليه ، فجئت يوماً إلى المسجد وليس فيه رسول الله فكبرت للصلاة فما بدأت قراءة الفاتحة حتى دخل الرسول من إحدى حجره إلى المسجد فقلت في نفسي لأطيلن صلاتي حتى يخرج خشية سؤاله ، فصلى عليه الصلاة والسلام ركعتين خفيفتين وجلس فلما رآني أطلت الصلاة قال : أبا عبد الله أطل ما شئت فإني جالس ـ أو كما قال عليه السلام ـ قال : فأكملت صلاتي وأقبلت عليه بوجهي فقال له : مبتسماً : أبا عبد الله ، ما فعل شراد بعيرك ؟ فقلت له : فوالذي بعثك بالحق ما شرد بعيري منذ أن آمنت بما جئت يه يا رسول الله ، قال : فابتسم ودعا لي بخير ".
و حين واصلت بحثي عن حكاية ذات النحيين وقعت على مناقشة شيقة مستعرة بين جمع من عيال المسلمين في موقع اسمه " ملتقى أهل الحديث". و من تصفحي للمداخلات بين الفرقاء بدا لي للحظة كما لو كنت قد تطفلت على مجلس نفر من رجال العصور الوسطى نصبوا ذواتهم أولياء على مسلمي القرن الواحد و العشرين.فقد كانت المناقشة دائرة بين البعض حول ثبوت قصة خوات، " فهل ثبتت القصة؟ " و " في حال ثبوتها..هل يجوز لنا أن نتحدثها في الدروس أو المحاضرات بعد الصلوات أو غيرها، خاصة أن البعض قد يفهم منها انتقاص من الصحابة لما حصل مع هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه من أمرين: السمر مع النساء و هروبه من قول الحقيقة لرسول الله " ؟!.
[ أنظر الرابط:
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=222461

]
يقول الرابط:"..

حول ثبوت قصة الخوات
________________________________________
السلام عليكم ورحمة الله

هناك سؤال متعلق بثبوت قصة الصحابي الجليل خوات بن جبير في ماجرى بينه وبين النبي وهي قصة البعير الشارد، والقصة ذكرها ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في الإصابة، والقصة بتمامهما نقلا من الكتاب على النحو التالي:

{2300} خوات بن جبير بن النعمان بن أمية بن امرؤ القيس:
بن ثعلبة بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصاري أبو عبد الله وأبو صالح ذكره موسى بن عقبة وابن إسحاق وغيرهما في البدريين وقالوا إنه أصابه في ساقه حجر فرد من الصفراء وضرب له بسهمه وأجره ذكره الواقدي وغيره وقالوا شهد أحدًا والمشاهد بعدها فروى البغوي والطبراني من طريق جرير بن حازم عن زيد بن أسلم أن خوات بن جبير قال نزلت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمر الظهران قال فخرجت من خبائي فإذا نسوة يتحدثن فأعجبنني فرجعت فأخذت حلتي فلبستها وجلست إليهن وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبته فلما رأيته هبته فقلت يا رسول الله جمل لي شرد فأنا أبتغي له قيدا الحديث بطوله في قوله ما فعل شراد جملك ".." وقال موسى بن عقبة عن بن شهاب خوات بن جبير هو صاحب ذات النحيين بكسر النون وسكون المهملة تثنية نحى وهو ظرف السمن فقد ذكر بن أبي خيثمة القصة من طريق بن سيرين قال كانت امرأة تبيع سمنا في الجاهلية فدخل رجل فوجدها خالية فراودها فأبت فخرج فتنكر ورجع فقال هل عندك من سمن طيب قالت نعم فحلت زقا فذاقه فقال أريد أطيب منه فأمسكته وحلت آخر فقال أمسكيه فقد انفلت بعيري قالت اصبر حتى أوثق الأول قال لا وإلا تركته من يدي يهراق فإني أخاف ألا أجد بعيري فأمسكته بيدها الأخرى فانقض عليها فلما قضى حاجته قالت له لا هناك قال الواقدي عاش خوات إلى سنة أربعين فمات فيها وهو بن أربع وسبعين سنة بالمدينة وكان ربعة من الرجال وقال المرزباني مات سنة اثنتين وأربعين‏.‏"


المهم يا زول ، سألت قوقل عن ذات النحيين فقال لي انها امرأة من طينة النساء المستقلات بأمرهن، عبرت بلاء جاهلية ما قبل الإسلام و بقيت واقفة في ساحة السوق الذكوري كـ " امرأة أعمال" ترعى بضاعتها وسط جمع الذكور المنعظين المهووسين بقضاء حاجاتهم بأي وسيلة. و قد رمى بها سوء الطالع في درب خوات فغرر بها و" انقض عليها" و " قضى حاجته" منها! [و ترجمتها: " اغتصبها" نهارا جهارا ] . طبعا حكاية عملة خوات الشنيعة تسوغ في لسان رواتها الذكور لأنها تنطوي على إعجاب، خفي بالكاد، بذكاء هذا الرجل الذي نجع في قضاء حاجته دون ان يلجأ للعنف الجسدي أو التخويف. و لا عجب فالممارسة الجنسية في خاطر هؤلاء الفحول أدخل في " قضاء الحاجة" العاجلة منها في التضامن على قسمة المتعة بالتساوي [ و هيهات] بين المتشاهيين.و الأدب العربسلامي القديم و الحديث عامر بالصور الشعرية التي تختزل العلاقة الجنسية لرياضة قتالية أو قل لعملية عسكرية غايتها الغزو و الفتح و الإحتلال و الإجتياح الخاطف للجسد المؤنث الذي ينمسخ أرضا مبذولة للأقوى.
لكن حكاية خوات مع ذات النحيين قد تنطوي على إحتمال مغاير و مشاتر بالمرة، هو إحتمال أن تكون ذات النحيين قد مكرت على الشاعر الماجن و غررت به و قضت حاجتها منه دون أن يدري![ طبعا في الوكت داك عيال العربان ، في براءتهم الجاهلية كانوا يظنون أن المسألة عدس في عدس، عشان سورة يوسف ما كانت وصلتهم و نبهتهم لإحتمال كيد النساء العظيم !" قال أنه من كيدكن إن كيدكنّ عظيم" شايف؟]. أحتمال أن تكون ذات النحيين قد غررت بالشاعر الخوات وارد في ثنايا محكية خوات العامرة بالثقوب المنطقية. فأولا هذه الحكاية ، على قصرها، تبذل للقارئ حوارا مطولا موضوعه المفاوضة بين طرفيها حول نكته البدوي الشاعر الذي لا يعرف كيف يوثق بعيره و المرأة التاجرة التي لا تدري كيف تدبر حفظ بضاعتها. و ثانيا كان من الواضح أن المرأة قد تعرفت على هوية الرجل، و هو شاعر علم صاحب صيت و له قصص مع النساء ،و لا بد أنها فهمت مبتغاه منذ البداية حين راودها فتمنعت و عاودها متنكرا، أي و الله! " متنكرا " ،كما فرعون و هامان في الحكاية إياها .. ياخ فرعون شنو؟ قول كـما "سيوبرمان" و بديله " كلارك كنت" أمام "لويز لين". أو كـما "بات مان" و " بروس واين " أمام"بات وومان" .طبعا ذات النحيين التاجرة النجيضة، زيها زي أخواتها "لويز لين" و "بات وومان" و "بلقيس" و "الزباء" و "كليوباترا" و "شهرزاد" و" مونيكا ليفنسكي " و "هيلاري كلينتون" إلخ، عملت نايمة و جاهلة و عويرة و خلافه، و تعامت عن هوية الشاعر الذي راودها عن نفسها ولم تشأ أن تفوت الفرصة، فسايرته في حيلته العبيطة حتى قضت حاجتها منه. طبعا حيلته " عبيطة " لأنه لا يعقل أن تهمل التاجرة بضاعتها لمجرد أن الشاعر الماجن الأرعن أهمل عقل بعيره! فهي لم تتجشم مشقة الحضور في السوق لتعتني بدواب الشعراء، و لا شنو؟.
يا محمد لا بد أنك سمعت بحجوة " عرديب ساسو " التي في كتاب "الأحاجي السودانية"[ عبد الله الطيب 1978 دار جامعة الخرطوم للنشر] ، و التي يطلب فيها الغول من فاطنة أن تفتح له الباب بصوت أجش : " فوطنة يا فوطنة
افتحي البوب لمحومد الأربوب
يعشيك و يغديك
و يسوري الليل يخليك"
فتنتهره فاطنة من وراء الباب:
" فوت ، حسّك حس حمار
و حس محمد أخوي جرسا نقّار ".
أها فاطنة دي في النهاية اختارت أن تفتح الباب للغول، بل و تآمرت مع الغول ضد أخيها محمد حين تقول للغول
" إدّسّى في الزير و محمد وكت يجي قوم عليه و اكله".
أما لماذا خانت فاطنة محمد و انحازت للغول فهذا و الله سؤال جبار لأن هذه الفاطنة رأت مصلحتها في التحالف مع الغول ضد محمد ، و لأن البقاء في معية محمد طريق مسدود، بينما يبذل لها الغول فرصة المخارجة من خطر زواج المحارم الذي ينتظرها إذا بقيت في حوزة هذا المحمد. و هنا يا محمد فـ " كيدهن " ضروري و مطلوب لكسر الحصار الواقع عليهن.
و كما ترى يا محمد فموضوع خوات يملك أن يطول في شأن علاقة النساء و الرجال في مجتمع العربسلاميين . و في خاطري بعض الإستطرادات التي تحتاج لتنظيم في موضوع شجرة نسب ذلك الكيد الذي يحيله الرجال ناحية النساء. هل هو " كيدهن" و بس أم أن المسألة فيها " كيدهم " برضو؟
غايتو ، ربنا يجيب العواقب سليمة.
سأعود
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]




الكلام دخل الحوش

فـ
سلام يا حسن

ويا سلام ياخي:
تدفق أيها النيلُ
وفِضْ بالخيرِ والرزقِ
وطُفْ بالزرع عطشانا
وروِّي حقولِه واسقِ
جعلتَ بمائك الصحراء .. بعد الجدبِ بُستانا
به الأزهار والأشجار .. أشكالاً وألوانا
لنا فيه سياحاتٌ .....إلخ,, (وحيّا الله سنوات الطّلَب في رابعة ابتدائي، وأولئك التربويِّين العِظام) وحَيّاك.

احتمالية "كيدهنّ" من ذات النّحـيـيـَّيْن، واردة بشدّة! أو لعلها أحبولة ذكورية عربسلامية قديمة متجدِّدة؛ ومع قِلّة يقيني في "تساوي" الفُرص بين انتهازيي عصر "خوّات" وعصر "نزار" في حالة شرود البعران! إلّا أنّ التمسّك بأهداب الزِّق خوف اندلاق العسل، ووسط ذاك المعمعان! يؤيــِّد - لا محالة!- حالة التماهي "عندها" في الحظّوِّ بالحُسنَيين. أي نعم إنه مجرد استنتاج مما جرى في مسرح الحدث (السفادي) يعزز من حالة الكيد؛ وبالذات عند اللواتي هُنّ "مُستقلّات" واحدتهن امرأة أعمال، لا تُلهيها التّشهيّات عن البزنس! وفي النهاية كلو بزنس في بزنس.

وقد سبق النابغة بقولٍ له:
سقطَ النّصيفُ ولم تُرِدْ إسقاطه ,, فتناولته واتّقتنا باليَدِ
في ذات قصيدته التي ورَد فيها " وإذا طعنتَ" ...إلخ,, وَ "عَضُّ الكبير من الرجالِ الأدرَدِ".

كذلك، يسند استنتاج (الكلام على كيدهنَّ ال عظيم)، مقالة شعرية منسوبة في أكثر المصادر، للصحابي عروة بن أُذينة:
ما زلت أبغي الحَـيَّ أتبع فلهم .. حتى دُفعت إلى ربيبة هودج
فدنوت مختفيا ألمُّ ببيتها حتى .. ولجت إلى خفيِّ المولج
قالت: وعيش أبي وأكبر إخوتي .. لأنبهن الحي إن لم تخرج ..!
فخرجت خيفة قـــولها فتبسَّـمتْ .. فعلمت أن يمينها لم تحرج
وتناولت رأسي لتعرف مـَسـَّه .. بمخضـَّب الأطراف غير مشنـَّج



وفي عودتك إثمارٌ ليس بعده، ولا قـَبله؛ ذّلك أنّ عصيِّ الأسئلة ما يزال "يتغامس" برغم تدفُّق اللغة والأدب والتاريخ، في معيّتكم وقوقل.


صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]




هلْ ممكنٌ أن يَعْـقِـدَ الإنسانُ صُلحاً دائماً مع الهوان ..؟ --(ii)


ما كان يدعى ببلاد الشام يوما
صار في الجغرافيا... يدعى (يهودستان)
اللهْ ... يا زمان..
لم يبقَ في دفاترِ التاريخ لا سيفٌ ولا حِصان
جميعُهم قد تركوا نِعالهم
وهرّبوا أموالهم
وخلَّـفوا وراءهم أطفالهم
وانسحبوا إلى مقاهي الموت والنسيان
جميعهم تخـنَّـثوا
تكحَّـلوا... تعطَّروا... تمايلوا أغصان خيْزران
حتى لتظنَّ خالداً سوزان .. ومريماً .. مروان

اللهْ ... يا زمان
جميعُهم موتى ... ولم يبقَ سوى لبنان..
يلبسُ في كلِّ صباحٍ كَـفـناً
ويُشْعِلُ الجنوبَ إصراراً وعُنفوان
جميعُهم قد دخلوا جُحورَهم واستمتعوا بالمسكِ , والنساءِ , والرَّيْحان
جميعُهم : مُدَجَّـنٌ , مُروَّضٌ , منافِـقٌ , مزْدَوجٌ .. جـبان

ووحدَه لبنان
يَصْـفعُ أمريكا بلا هوادة ويُشعلُ المياهَ والشطآن
في حينِ ألفُ حاكمٍ مؤمركٍ يأخُذُها بالصّدرِ والأحضان
هلْ ممكنٌ أن يَعْـقِـدَ الإنسانُ صُلحاً دائماً مع الهوان؟


***



أضف رد جديد