العودة إلى سنار : محمد عبد الحي - ترجمة للنقاش

Forum Démocratique
- Democratic Forum
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

Floats should be float in line 8 from bottom in page 2
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

لا يسعنى إلا أن أقول "أعترف" الليلة يومي كل ضاع عشان أقدر أفهم أنا ليه ممتع "متكيف" للكلام دا؟. برغم أني مرات بفهم سطر وأفط سطر!. (لازم أرجع تاني وتاني من الأول).
روعة. أنا سعيد بيكم.

محمد جمال الدين
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »

سلام يا مصطفى آدم
ورمضان كريم
ليك ول محمد جمال الدين.
والله دخلت أسلم وأقول ليك تشاور منو وفي شنو؟
ترجمتك تعلو على المشورة يا رفيق!
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

النشيد الثالث
الليل
و فتحت ذراعها
مدينتي
و حضنها الرغيد

-أيّة أنهارٍ عظيماتٍ
و غاباتٍ
من البروق و الرعود-

تنحل أعضائي
بخاراً أحمراً
يذوب في دمائها

تعوم روحي
طائراً أبيض
فوق مائها

و يطبق الليل الذي
يفتح
في الجمجمة البيضاء

خرافة تعود،
وهلةً و وهلةً ،
إلى نطفتها الأشياء

فيها ؛ و ينضج اللهيب
في عظام شمسها الزرقاء
الفائرة الزرقاء

و يعبر السمندل الأحلامَ
في قميصه
المصنوع من شرار

في الليل؛ حيث الثمرُ الأحمر،
و البرعم ، و الزهرةُ ، في وحدتها الأولى-
من قبل أن تعرفَ ما الأشجار

في الليل ، ينتاش بقايا
خرقةِ اللحم على العظام،
صقر الليل ، ثم تصعدُ الدماء

غمامة فضية فوق حدود الماء

و تتلوى الصور الأولى
و تطفو في مياه الصمتِ
حيث يرجعُ النشيد

لشكله القديم،
قبل أن يسمي أو يسمى،
في تجلّى ذاته الفريد

من قبل أن يكونَ
غير ما يكونُ
قبل أن تجوّف الحروف شكله الجديد.

شكراَ مجمد جمال على المؤازرة ولك شكري على ما تتحفنا به من كتابة شيقة ، وأعلاه النص الأصلي للنشيد الثالث ، طبعة 1985 المعدلة
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

صديقي ( رغماً عن أنفك و أنف حسن موسى و أضنين أفغانك الذين نسوا حكم طالبان فضحكوا )مصطفى
ما زلت استخدم عبارتك الشائقة " مع المودة المعطونة في الغرض" و غرضي ما بيغباك ! تحياتي و شكري
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

النشيد الرابع
الحلم
الصقر عاد للجبل
من صيده الليل أحمر المخالب
لكي ينام. عشه القصيّ من ريش العصافير و من صوف الأرانب
و اهتزت النخلة في رشاقة و فوقها برج النجوم المكتمل .

سأعود بترجمة النشيد الرابع ... يبدو أنها قد نضجت ،أيضاً، بين ذراعي شيخ يعرف خمر الله و خمر الناس !
Ahmed Sid Ahmed
مشاركات: 900
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 3:49 pm

مشاركة بواسطة Ahmed Sid Ahmed »

سعيد بعودتك فى أول مايو يا مصطفى لهذا " الخيط "، وقد غادر أبريل " الشهر القاسى. " إليوت "
إستمتعت بجهدك الخلاق وبما أثاره من مداخلات شيقة فى السابق.
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

شكراً يا أحمد ...
من أمس قاعد ... في الحقيقة فعلاً " قاعد" ... اباصر مسألة تحميل النص كملف بي دي إف و ما قادر ...!
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

صورة

صورة


صورة


صورة


صورة


النص العربي الأصلي كما جاء في نسخة الديوان، الطبعة الثانية المنقحة من دار النشر جامعة الخرطوم 1985 :

النشيد الرابع
الحـــــــلم

الصقرُ عادَ للجبلْ
من صيده الليل أحمرَ المخالبِ
و اهتزت النخلة في رشاقة وفوقها برجَ النجوم المكتمل

يجنح للأفول
كملكٍ قتيلْ
ورجع السبعُ إلى عرينه ؛ و نزل الجاموس للمياه.

و لمْ يزلْ طيرُ دمي يصيحْ
كجرس في الريحْ
طير دمي...
طير دمي...
طير دمي...
ويضرِبُ الموجُ براري حُلُمِي ؛ و تحملُ الرياحْ
لي مرّةً ثانية رائحة البحر و نقشاً من نقوش لغةٍ ميتةٍ على الجراح.
أ دعوة إلى السفر؟

أم عودة إلى الشجر ؟

أم صوت بشرى غامضُ يرجف كالسحلية الخضراء تحت خشبات البابْ

يبعثه من آخر الضمير مرَّةَّ عواء آخر الذئابْ

في طرف الصحراءِ ، مرَّةً رنين معدنٍ في الصمَّتِ ،
مرةً حفيفُ السمك الراقص في دوائر النجوم في النهرْ؟
ومرةً همس عصافير الثمار حينما يلمسه باللهب الأزرق جنٍىُّ القمر ؟

أم صوت باب جبلٍ يفتحه

في آخر الليل وقبل أول الصباح

المَلَك الساهر في حديقة الورد البدائية في إشراقة الجراح،

يَمُدُّ لي يديه

يقودني عبر رؤى عينيه

و عبر أدغال ليالي ذاتك القديمة

للذهب الكامن في صخورك القديمة

فأحتمى – كالنطفة الأولى –

بالصور الأولى التي تضئ

في الذّاكرة الأولى ،

وفى سكون ذهنك النقيّ

تمثالاً من العاجِ،

وزهرة

وثعبانا مقدساً وأبراجاً

وأشكالاً من الرخامِ والفَخّارْ.

حلمُُ ما أبصرُ أم وهمُُ؟

أم حق يتجلّى في الرؤيا ؟

في هاجرةِ الصَّحْراء أزيح قباب الرملَ

عن نقشٍ أسودَ ، عن مَلِكٍ

يلتفًّ بأسماء الشفرةِ والشمسِ

والرمز الطّافرُ مثل الوعلِِ

فوق نحاسِ الصَّحراءْ.

أسمع صوت امرأةٍ

تفتحُ بابَ الجبلِ الصَّامت ، تأتي

بقناديل العاج إلى درجات الهيكل والمذبحْ



ثم تنامُ – ينامُ الحرَّاسْ –

لتولد بين الحُرحُر والأجراسْ

شفةً خمراً ، قيثاراً ،

جسداً ينضج بين ذراعي شيخٍ

يعرف خمرَ اللهِ وخمر النّاسْ.

لغة’’ فوق شفاهٍ من ذهبٍ

أم نورٌ في شجر الحُلمِ المزهرْ

عند حدود الذَاكرةِ الكبرى

الذّاكرة الأولى؟

أم صوتي

يتكوَّر طفلاً كي يولدَ

في عتباتِ اللغةِ الزرقاءْ ؟


وتجئُ أشباح مقنّعة’’ لترقص حرَّةً ، زمناً،

على جسدي الذى يمتد أدغالاً ، سهوباً : تمرح الأفيالُ،

تسترخى التماسيح ، الطيور تهبُّ مثل غمامةٍ ، والنحل مروحة’’

يغنِّى وهو يعسلُ في تجاويف الجبالِ ،؛وتستدير مدينة’’ زرقاءُ

في جسدي، ويبدأ صوتُها ، صوتي ، يجسِّد صوت شعبي ، صوت موتاي الطليقْ.


حلم’’ ؟ رؤىِّ وهميّة’’ ؟ حقُّ؟

ماذا أكون بغير هذا الصوت ، هذا الرمز ، هذا العبء ِ

يخلقني وأخلقه على وجه المدينة تحت شمس الليلِ والحبِّ العميقْ .


وحينما يجنحُ آخر النجوم للأفولْ

ويرجع الموتى إلى المخابئ القديمة

كيما ينامون وراء حائط النّهارْ

أنامُ في انتظارْ

آلهة الشمس وقد أترعَ قلبي الحبُ والقَبُولْ.


صفحات 33 -38 من :
العودة إلى سنار : قصيدة من خمسة أناشيد
الناشرون : دار جامعة الخرطوم للنشر
الطبعة الثانية " منقحة" 1985

آخر تعديل بواسطة مصطفى آدم في الخميس مايو 03, 2012 10:30 am، تم التعديل 3 مرات في المجمل.
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

تحية إلى رفيقنا " في الغار " الأستاذ مصطفى آدم ، الذي أصابته جرثومة الشعر منذ زمان بعيد ، وسكت على أحمالها المُعِدية ، وبدأ يترجم بثياب الخوارج ، ليأتينا من النافذة مترجماً لأعصى القصائد الشعرية العربية في زمان مولدها ومخاضها .
نعود لملف هام يتعلق بحياة الشاعر محمد عبد الحي :
ورد من كلمة زوجة الشاعر الراحل وهي الدكتورة ( عائشة موسى ) ...


كلمة الأستاذة عائشة موسى السعيد أول المتحدثين تحت عنوان : محطات في حياة عبدالحي - الرياض - السعودية :
*

النادي السعودي الأدبي بالرياض منبر تشرفت بالانتساب لعضويته والمشاركة في أنشطته طيلة سنوات عملي بجامعتي الملك سعود والأمير سلطان، وتحت مظلته استمعت وتعرفت على العديد من الأصوات والسير الخالدة لعلامات ثقافية سعودية وعربية وعالمية أثرت وجودي بهذه البلاد الرحبة وقد شرفني النادي بشهادة تقدير اعتز بها.
لذا فأنا احمد هذه السانحة التي هيّأت لي فرصة الشكر والعرفان للنادي الأدبي بالرياض والجمعية السودانية للثقافة والآداب والفنون للحفاوة بشخصي وبالفعالية التي نعتبرها حدثاً هاماً ضرورياً في الأسرة وفي السودان وهاهي منذ سنوات تتجاوز تلك الحدود وباستضافتكم لذكرى شاعر سوداني والنظر في شعره إضافة ثمينة عملية في طريق وحدة الثقافة العربية وما أصدق ما قرأته اليوم لكاتب قال: الثقافة تتعمق بالتعدد .واسمحوا لي في هذه اللحظة أن أحيي أولادي يتابعون هذه اللحظة حفاوتكم عبر الفضاء.

تحدثت كثيراً عن محمد عبد الحي الذي تتحدثون عن شعره اليوم، لكنني ترددتُ هذه المرة في الحديث....
فالمستمع هذا المساء فوق انه استثنائي فقد اقتطع من أمسية رمضانية تأتِ مرة واحدة كل عام ليستمع لامرأة من السودان تتحدث عن زوجها وليشارك في إحياء الذكرى بالاستماع لشعره!
ولكن شهادتي أمام الله وأمامكم أن الرجل يستحق منا أن نسمع ما قال! يستحق سعيكم الذي سأحمله قلادة تزين ما مكنني منه محمد عبد الحي هذا المساء ومنذ أن رحل.
لأختصر حديثي وأنا مدرسة وكثيرة الكلام سأقف فقط في ثلاث محطات تهم موضوعكم هذا المساء والذي يمثل جزء من شعره فرضت علينا تسميته واهتمام محمد به، أن نوفيه حقه من البحث والتفسير. وهو مطولته العودة إلى سنار التي سمعناها من الابنة شيراز والتي تحفظ كل أشعار ابيها.

الأولى:
كنتُ في منتصف الستينات في بعثة بجامعة ليدز البريطانية للتدريب لنيل دبلوم اللغة الانجليزية كلغة أجنبية وبحكم أنني كنت سكرتيرة الجمعية السودانية فقد كُلّفت بمقابلة المبعوث محمد عبد الحي الذي سيحضر لدرجة الماجستير بنفس كليتي فذهبت وصديقتي الكندية لمقابلته بمحطة السكة حديد كما نسميها فجاء من لندن فقابلناه وعشيناه ووجدنا له سكن مؤقت ورجعنا لشقتنا وأصدرنا شهادتنا عنه:
كان رجلاً وسيماً شديد الغرور واسع المعارف عربي الملامح وأضافت الكندية:
But he is a gentleman
وبما أنني إقليمية من غرب السودان فقد رأيته مختلفاً عن الشكل السوداني المألوف (وأمامكم نماذج).
خلال ذاك العام علمت انه شاعر وان ليس له دواوين منشورة إلا أن الشارع السوداني صدح بأنشودته وراء جثمان الشهيد القرشي في ثورة اكتوبر 1964م ..عريس المجد؛ وقد عاصر بليدز الشاعر عبد المجيد حاج الأمين رحمه الله فكان معظم من يستمعون لأمسياتنا الشعرية يصفقون لعبد المجيد ولا يعبأون لما يقوله عبد الحي إلا قلة منهم فقط فلم تكن الآذان قد سمعت هذا الصنف من القصائد.
كان يُطلب منه القراءة وبعد إلحاح يقف ليقرأ واحدة من قصائده التي تشبه الهايكو الياباني في قِصرها ودلالاتها الرمزية الغريبة في معظم الأحيان مثل:
الحمامة الخضراء:
وتخرج الحمامة الخضراء
من جسد القتيل
تنوح في حديقة النخيل
أو
الحواس الخمس:
مغسولة كل الحواس فارحلي مع الطيور
يا روحُ حرةً فإن مطر الصباح أيقظ الجذور
بين صخور الزمن المهجور
أو
الشجرة الأخيرة:
تستيقظ كل الدروب
بين الدم والثور
للشجرة المشتعلة
تضيءُ في الفجر مثل النسر

وكان في ذلك الوقت يدور الجدل حول الشعر الحديث والشعر الملتزم بالبنية الشعرية التقليدية وقصيدة النثر وغير ذلك..
عموماً انتهى العام بأن غيّرت رأيي كقارئة للشعر والآداب بأن محمد عبد الحي يتحدث عن أشياء سابقة للعصر الذي نعيشه.

كانت رسالته للماجستير عن شاعر اسكتلندي إدوين موير- فُتحت له أبواب واسعة من خلال أستاذه وكان شاعراً هو الآخر لمقابلة والاضطلاع على الكثير من الشعر الأوروبي المعاصر وقام بعدة ترجمات من الانجليزية والفرنسية التي تعلمها خصيصاً لقراءة الشعر الفرنسي. فقد كان تخصصه الآداب المقارنة. وجُبنا أصقاع اسكتلنده وشمال انجلترا بعد ذلك إلى أن التقى زوجة موير وهي على فراش الموت تقريباً وأظنها رأت فيه البطل الأفريقي الذي رآه قومها فينا فأتحفته بما سماه كنوز من المعارف.
حصل علي درجة الماجستير في الفلسفة بتوصية الترفيع للدكتوراه الا انه آثر الانتقال إلي كلية برايزنوس بأكسفورد وكان قد جاءه القبول قبل إجازة الماجستير وحرر رسالته في كتاب باللغة الانجليزية أسماه:
The Angel and the Girl العذراء والملاك
لم يجد حظه من النشر بعد.

الثانية:
كانت دراسته في أكسفورد والتي جمعت بين الدراسة الأكاديمية والاجتهاد الفكري الثقافي الأدبي و الفني والرياضي .. كان يجتهد باللقاء برموز وشباب كل هذه المجالات ونشط إنتاجه الأدبي فنُشرت له عدة مقالات في دوريات عالمية ولم تكن سنار تشغله في هذه الفترة وكأنها بلغت سن الرُشد لديه فاحتفظ بها في ملفِ قصي. كان أستاذه البروفيسور مصطفى بدوي فارتبط نشاطه بمدرسة الدراسات الشرقية التابعة لسانت انتوني للدراسات العليا بأكسفورد فشارك في كتابة ومراجعة عدد من المعاجم والقواميس وانتهت الدكتوراه بتشخيص حالة ضيق الصمامات وضرورة العملية التي حال دونها إضراب عام في مستشفيات انجلترا فسافر رافضاً الانتظار .
وانتقت جامعة أكسفورد لتُحرر للنشر ونشرتها ايثاكا برس وموضوعها تأثير الأدب الأمريكي والانجليزي على الشعر الرومانسي العربي، نُشرت بالانجليزية وطلب مني محمد ترجمتها ورغم أنني لم أكن قد ضلعت في الترجمة في ذلك الحين أو شغلتني ظروف المرض والعمل والعيال فقمت بالترجمة خلال شهور العدة الأربع وظلت تنتظر من ينقحها وهي الآن تحت يد الدكتور عبد الله علي إبراهيم للتحكيم والنشر إن يسر الله.
أعقب عودته نشاط زائد لأجل الاستقرار وقد أصبحت له أسرة والعمل العام والبلد في حالة حراك وتأسيس قسم الترجمة بجامعة الخرطوم ثم رئاسة قسم اللغة الانجليزية والانتداب لإدارة مصلحة الثقافة والتي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير..
فقد أنجز للثقافة والمثقفين أعمال عديدة بدأت البناء لسياسات ثقافية معافاة لو وجدت من يتفهمها: مثل مراكز ثقافة الطفل وتطوير العمل المسرحي وتفعيل دور التشكيليين في المجتمع ومعهد الموسيقى والمسرح والأكروبات والفرق الشعبية وفتح المراكز الثقافية الإقليمية والملحق الثقافي للصحافة الذي ابرز الوجه الأدبي بشعره ونثره ونقده وبدء تقليد المهرجان الثقافي والذي دعي له رموز لامعة للآداب والفنون كان من ضمنها الوفد السعودي وأذكر أن جاءت ضمنه الدكتورة فاطمة عميدة كلية البنات بجامعة الملك سعود.
وتخلل كل هذا حرباً ضدية شرسة تستنكر تعامله مع السلطة العسكرية أو هذا أو الآخر من الأحزاب السياسية.
وبالفعل كانت فلسفة محمد أن تستخدم الوسائل المتيسرة المشروعة والمتاحة لتحقيق الأهداف الكبيرة لبناء الأمة ثقافياً وأن الطاقة الكبرى الكامنة التي يجب استغلالها لإحياء الثقافة السودانية هي التعدد والتباين العرقي بلا خدش لأصالته ولا إهانة أو مسخ لجذوره فهو الدانة التي تحتوي تفاصيلها على هوية أهل هذا البلد وإغفالها يؤدي إلى شتات لا مفر منه.
ومن منظوره أن صهر أو ربما مزج أصح هنا، هذه الثقافات المتعددة في سنارِ واحد يُثبت وحدة التراب الذي نمت فوقه هذه النخلات المتحدة الجذور والسوق المتعددة الفروع والتي يشير إليها قوله:
عربيٌ أنت؟......لا- - من بلاد الزنج؟......لا- - أنا منكم تائه جاء يغني بلسان ويصلي بلسان.

الثالثة:
سمعتُ في التعليق على شعر محمد عبد الحي انه كان متأثراً بالثقافة الغربية.
نحن في بلاد ما أُطلق عليه العالم الثالث رغم أولويته في ما يهمنا، نصنف التحضُر والتأخر حسب الملبس والمأكل و المشرب والمظهر وكان محمد يهتم كثيراً بمأكله وملبسه فأجرى عليه المجتمع ذات المقياس الذي استخدمناه أنا وزميلتي الكندية. خاصة وان إجادته للانجليزية لغة وآداباً عميقة الظلال وقد عزى البعض ذلك لطول إقامته هناك إلا أن هذا غير صحيح فهو ذات الشخص الذي التقيته في الستينات وفارقته في الثمانينات. وقد أثرت في نمط حياته وشعره وسلوكه أشياء أخرى ربما يتحدث عنها احد الأخوة هذا المساء .
هو الشيخ المتبحر في فتوحات محي الدين بن عربي والطبقات وما شابه الفصيح اللسان الدارس بعمق فقه اللغة والذي لا يقبل الخطأ اللغوي من طفل وكأنما أراد الله أن يمتحن هذه القدرات إذ فُلج محمد في عام 1980م وفقد النطق تماماً والحركة في الجانب الأيمن إلا انه بإصرار أسطوري استعاد من القدرات ما مكنه من الحياة الطبيعية رغم رأي الطب في الإصابة؛ ظل يكتب باليد اليسرى والتي كان قد روضها للكتابة قبل المرض ساخراً بنفسه إذا أصابه مكروه .
واستطاع أن يقدم ورقة وهو بعد في فترة النقاهة بأكسفورد عن الشاعر شيللي والعرب لمعهد الدراسات الشرقية كُنت اقرأ عنه ويحاول الشرح والإجابة على الأسئلة مستعيناً بالإشارات وقد كان جهداً خارقاً يستحق التصفيق الداوي والتهاني التي أعقبته.
ومن الأصدقاء المقربين في ذلك الحين والذي قد يكون حاضراً تلك الندوة الأخ الدكتور علي جاد والذي لن أنسى فضله إذ جاء خصيصاً من الرياض لعيادة محمد بعد العملية بلندن فليت تحياتي تصله وأسرته هذا المساء.

كان محمد في تلك الفترة يرى منامات كثيرة منها انه رأى البوصيري على حماره وقال له شيئاً ما وكان قد فرغ من قصيدته التي أسماها معلقة الإشارات: قصيدة نبوية في مقام الشعر والتاريخ وفيها الرد على من ظنوا أنهم رأوا في شعره نكهة شعراء الانجليز وقد جاءت الإشارات وفقاً لترتيب الأنبياء :
إشارة آدمية: بالأسماء ،نستدعي العالم من فوضاه؛ البحر. الصحراء. الحجر. الريح. الماء. الشجر. النار. الأنثى والظلمة والأضواء.
وإشارة نوحية؛ وإشارة إبراهيمية؛ وإشارة موسوية؛ وإشارة عيسوية؛ وإشارة محمدية:
فاجأتنا الحديقة انعقدت ورداً وناراً في قلبها الأضواء..والخيول النورية البيضاء..والطواويس نشّرت في بلاد الصحو ريشاً مُنسّجاً.. كل شئ في غصون الحقيقة..آس نارِ وموجةٌ في بحارِ عميقة
وكان مسكوناً بالهوية والشأن السوداني كثير التنقيب عن كل ما كُتب فيه وقد جمع عددا من المخطوطات نعكف الآن على ترتيبها ووضعها تحت يد من يفقه أمرها.
عاد هاجس سنار ينام به ويصحو ولولا قصر نظري في أمور الشعر وتحليله لجزمت انه نثر ما قاله في سنار في كل قصائده الأخرى فقد كان يعتبرها الرسالة التي يود توصيلها وقد اكتملت. فرفض المجموعات الباكرة من شعره وقال انه أحرقها إلا أن بعض أصدقائه مازالوا يتحفوننا بشذرات منها آخرها طرحها اليوم الدكتور عبد الرحمن الخانجي والذي كان على صلة وثيقة بمحمد. وقد تستطيع الابنة شيراز قراءتها إذا سمح الوقت رغم أنها لم تُوثق بعد.
ومن حرصه على سنار تركها وديعة لدى دار الوثائق السودانية وأوصى بفتحها بعد عشر سنوات من وفاته. وفعلاً ذهبت وابني وضاح لفتحها وأنا أمني النفس بثروة تعينني على تربية العيال فإذا بها تخصكم فقد كانت خمس مسودات لسنار تقاربت في لغتها ومحتواها واختلفت في نظمها ومازالت الوديعة طرف دار الوثائق وهي متاحة للبحث.
في عام 1987 وهو يزورني في مدينة مانشستر حيث ابتعثت لإكمال الماجستير فقد ذات أمسية الحركة تماماً ثم استعاد النصف الأعلى. وكما كان يقول ضاحكاً كعادته :خرجت من السودان على اثنين وعُدت على أربع.
وعلى تلك الأربع باشر حياته العادية بجامعة الخرطوم إلى أن فارقنا ذات أربعاء.
فانطفأ النور الذي لدربنا أضاء.
رحم الله عبده محمد عبد الحي ابن الحاجة عزيزة
والحمد لله رب العالمين.

انتهى نص الدكتورة عائشة موسى
*
تعليق عبد الله الشقليني:

لمنْ بُردة النبي .. يا تُرى ؟

تلك البُردة قد فضّ غلافها سيدنا في الأعالي ،
وفي الهمهمة الصادرة من أزيز النفوس حين تتلاقى ،
هذه أمسية ، لحَضرة نيرة ، للأرواح المؤتلفة أن تلتقي بعضها ،
على نار الحفاوة بعندليب الشِعر العربي " الدكتور محمد عبد الحي " ، بغنائيته بنظم جديد وأبجدية جديدة للطرب .
هذا يوم للوفاء للكلمة التي هي أمضى من النصال ، وأورق من شجر الربيع ،
انزاحت البسمة عن غيمة الرحيل ، ولبس الحُزن ثياب الفرح ، فعادت عذوبة الشاعر وقد مدّ ذراعيه إلينا ، ووشوشت الريح بلغة أبلغُ من الهمس ،
واخضرّت الأمسية بذاكرة تترنح في التفاف الدَرويش في لولبية عُرس الطرب .
هذا يوم ننحني فيه ، ونمسحُ جبين التاريخ أن مهدَ لهذا الجمع أن يلتقي، ونحن قد غيبتنا المهالك .
هذا الضوء الخافت من خلف نواح الفراق يمدُ أذرع الخير الشعري وهو يلثُم ذكرى نبيل الشِعر العربي الوثيق الصلة بتاريخ أمته " عبد الحي "
الشكر للجميع ، ومحمد عبد الجليل ، ونخُص الفاضلة بهية القِوام :
الدكتورة " عائشة موسى "
https://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/s ... 584&rn=172
*
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

التحية و التجَلّة لأستاذة الأجيال

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

التحية و التجَلّة لأستاذة الأجيال عائشة موسى السعيد ...فقد ساهمت ... عبر طالبتها ؛ شقيقتي سعاد آدم بمدرسة الأبيض الثانوية حينها ، في ما أنا عليه من معرفة متواضعة ... و بصورة مباشرة !
و إن قُرأ شعر أستاذنا الراحل بلغة غير لغة العربان ... فالفضل يعود إليه في المبتدأ ... فقد كان حفياً بنا يبرّنا بمعارفه الجمة و يقودنا عبر مسالك أدوات امتلاك المعارف الوعرة ...بصرامة محببة إلى النفس ... جعلت من السعي إلى المعرفة عبر اللغات و الثقافات ديدن للكثيرين من طلبته.
أذكر بجلاء شديد ذات يوم في منتصف السبعينيات ... دعاني إلى مكتبه و نظر إلى ملياً بسمته الصارم ... كأنه نسى تماماً ما دعاني لأجله ... مع ذكرى باهتة لإبتسامة أبدية تظهر و تخبو كطيف بيت من الشعر عالق بين شفتيه المضمومتين ... ثم ...عندما استقرت الابتسامة مطمئنة بين عينيه البراقتين ... قال و هو يدفع إلىّ بمقال في مجلة طبية عن " السايكودراما " : " شوف المقال دا ... حتستمتع بترجمته للملف الثقافي" ..فكان أن أصابني ... من حينها ...هذا الداء العضال . يكون هذا الجهد بمثابة جزء يسير من رد الجميل لأستاذنا و لا ينتقص من استحقاقه مرور السنوات و عبور مخاطر الوجود العبثي الراهن .
شكراً يا عبدالله بيكاسو على مناولة كتابة أستاذتنا د.عائشة موسى.
حافظ خير
مشاركات: 545
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:23 pm

مشاركة بواسطة حافظ خير »

مصطفى آدم سلامات

يسعدني أنك تعود لبقية الأناشيد لإكمال هذا العمل المهم
فترجمة عبدالحي للإنكليزية ، وهو الذي درس بدأب تأثيرات الشعر الانكليزي والأمريكي على الشعر العربي، تبدوا لي أكثر من ضرورية لمستقبل دراسة تجربته الشعرية والأكاديمية والثقافية عموماً...

التحايا والسلام؛

ح.خ
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

سلام يا حافظ و ساعمل جاهداً على ان أنتهى من النشيد الخامس و الأخير قريباً ... وشكراً على المؤازرة و ما زلت أطمع في دعمك في مسألة " شعرنة" الترجمة .
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

صورة


صورة


صورة


صورة
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

ها هو النشيد الأخير ... " الصبح" ! قيد التمحيص و التدقيق و " الشعرنة"
( يا فردة يا أبو الدروش ، البكري ، عادل عثمان , و مسعود " قدس الله سره" و الجميع )
آخر تعديل بواسطة مصطفى آدم في الخميس يناير 17, 2013 8:15 pm، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

صورة
صورة
صورة
صورة
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

صورة
صورة
صورة
صورة
صورة

صورة
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »


اهديك نوط الشداعة والحرفنة المُغامرة ، بل الجدارة وانت تبارى لغوياً م. عبدالحي فى عودته السنغورية إلى نبع البراءة الأولى... وتبارى تشنجاته وإيقاعاته ونشوته ونزواته ورعبه..


"كافراً تهت سنيناً وسنينا
مستعيراً لي لساناً وعيوناً
باحثاً بين قصور الماء عن ساحرة الماء الغريبة
مذعناً للريح في تجويف جمجمة البحر الرهيبة
حالماً فيها بأرض جعلت للغرباء
ـ تتلاشى تحت ضوء الشمس كي تولد من نار المساء ـ
ببنات البحر ضاجعن إله البحر في الرغو"

"الليلة يستقبلني أهلي:
أهدوني مسبحةً من أسنان الموتى
إبريقاً جمجمة
مصلاة من جلد الجاموس
رمزاً يلمع بين النخلة والأبنوس"

عليك شوف !!!
لو عاد اليوم ود عبدالحي الى ارض الادغال والقيزان، سيرى الاخيرة ...وحتى مقابر الموتى اخفوها من عيون الاقمار الصناعية ..

مااروعكما: محمد والمصطفي
The struggle over geography is complex and interesting because it is not only about soldiers and cannons but also about ideas, about forms, about images and imaginings
ادوارد سعيد "الثقافة والامبريالية 2004"
صلاح النصري
مشاركات: 607
اشترك في: السبت يوليو 01, 2006 12:32 pm

مشاركة بواسطة صلاح النصري »

عزيزي مصطفي
عندي خبر مفرح ويفتح النفس في الزمن الاغبر النحنا فيهو , في مكالمة اليوم مع الصديق كمال عبدالكريم علمت منه ان الاستاذة الدكتورة عائشة موسي قامت بترجمة رسالة دكتوراة محمد عبدالحي للغة العربية واعدادها للنشر , وتمت اجازة الكتاب من قبل المنصفات الفنية وتم ارساله للطبع مع اعطائه اولوية وخلال شهر أونحوه سيكون الكتاب جاهزا , تفاكرت مع كمال كثيرا حول الترجمة ومدي استفادة الادب السوداني منها في أزمنة سابقة ولماذا لا نحاول فتح ابوابها من جديد {وطبعا أخوك محرض او محرش ساكت }وجرنا الحديث للترجمة موضوع الخيط واعجب بها كمال كما اعجبتني وصار للدرب كليوات ومنها طباعة اعمالك المترجمة في كتاب بعد موافقة اصحاب الحقوق, وانت حقك راح لانو انا اديت كمال كلمة وقلت ليهو ما أظن مصطفي يكون عندو مانع . واصل وكمان لو عرجت وميلت كما قال الخليل علي النور عثمان أبكر يكون زيادة خير وبركة , . ومرحبا بمصطفي الشاعر والترجمان الحصيف ولك شكري,
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

لك الفرح العميق يا فاضل يا هاشمي فالفضل كل الفضل يعود لك في ترجمة مفردة " الفرح" عند عبدالحي التي وردت في مقطعين مختلفين ، الأول منها في نشيد المدينة ( إننا نسعد بالضيف ) ، الثاني ورد في نشيد الصبح ( الفرح العميق ) ، و لم أكن قد انتبهت إلى الايحاء الروحي (و بالطبع لا يهم كثيراً أن ارتبط ذلك بالمفهوم الكنسي) في أحشاء مفردة rejoice التي اقترحتها أنت كترجمة للسعادة بالضيف و التي ترد كثيراً في الأناشيد الدينية الكنسية و خصوصاً تلك المعروفة ب كريسماس كارولز". شكري و بالطبع كلى عشم في نظرك الثاقب
آخر تعديل بواسطة مصطفى آدم في الأحد يناير 20, 2013 9:29 am، تم التعديل مرة واحدة.
أضف رد جديد