صدور كتاب: الأستاذ محمود محمد طه والمثقفون

Forum Démocratique
- Democratic Forum
علي عجب
مشاركات: 470
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:48 pm

مشاركة بواسطة علي عجب »

الوصية التي أرهقتني مِن أمري عُسراً!

فتحي الضَّـو
[email protected]
بسم الله الرحمن الرحيم
1- هذه وصيتى ووكيلى على تنفيذها زوجتى بعد الله
2- تسدد الديون أعلاه وإذا لم يعرف يوسف الحلوانى وبائع الفحم والحلاق
يصدق بما لهم على الفقراء باسمهم والتسديد من نصيبى من مال السلوم
3- ينظر في ما على من حساب من شركائى بمقتضى فواتير من عبد الكريم عبد الرحمن
(حساب خصوصى باسمى) فيسدد وهو حوالى //36ج//
4- ينظر في استجرار المكتب من شراكة السلوم وما يخصنى منه يدفع وابراهيم الاسد
مسئول عن الارشاد الى ذلك
5- يعطى شيخ لطفى مبلغ //300 ج// تعويضاً له عما صرف على وعلى اولادى
6- تعطى الربجود مبلغ //50 ج//
7- ما يبقى يكون لزوجتى واولادى وزوجتى هى خليفتى عليهم بعد الله
8- لا يفرش على ولا يتصدق ولا اكفن في جديد
ولا يناح على ولا تجعل على قبرى أى علامة ويباشر
غسلى زوجتى
محمود محمد طه
السبت 13 شعبان 1370
موافق 19 مايو 1951
تظهير طبق الأصل
(2)
هذه هي الوصية التي أرهقتني من أمري عسراً. اطَّلعت عليها مؤخراً في ثنايا كتاب جمع فأوعى، شدّ وثاقه وجمع وثائقه، الأستاذ عبد الله الفكي البشير وصدر أواخر شهور العام المنصرم في نحو ما ناهز الألف وثلاثمائة صفحة، مسجلاً بذلك رقماً قياسياً في مضمار التأليف. وبما أننا نتنسم نفحات الذكرى التاسعة والعشرين لاغتيال شهيد الفكر الإنساني الأستاذ محمود محمد طه، أستطيع أن أقول إن هذا الإصدار الضخم - حساً ومعنىً – قد زاد المناسبة سمواً وزانها وفاءً وأكسبها جلالاً. هو كتاب إذا رأيته أعجبك عنوانه، وإذا قرأته وقعت أسير بيانه. سطَّر كل شاردة وواردة متصلة بحياة الأستاذ الوافرة بالعطاء والزاخرة بالمعرفة والمليئة بالمواقف المتفردة، بل وامتدَّ التوثيق لكل ما يتصل بفكره عرضاً وتحليلاً وتسجيلاً لما كَتب وكُتب عنه، الأمر الذي يمكن أن يوفَّر جهداً كبيراً ووقتاً ثميناً، يدخرهما دائماً أي باحث ومطلع ومهتم بمثل هذه الأعمال العظيمة. أصدقكم القول إن هذا الكتاب يفرض عليك هيبة غير مصطنعة وأنت تنظر إليه من قبل أن تمتد له يداك وتجوس في سطوره عيناك. ولا أقول ذلك نظراً لكبر حجمه، وإنما لكبر حجم من تناول سيرته. ونحن نعلم وأنتم تعلمون أن الأولى نسبية والثاني حتمية لمن شاء لعقله شقاءً ولقلبه طمأنينة أو كما قال أبو الطيب المتنبي (ذو العقل يشقى في النعيم بعقله/ وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم). ولعمري أن تلك غاية أصبحت أندر من لبن العصفور، فقد بتنا نعيش في زمن تسيَّد فيه المتنطعون وكاد الجهل أن يتوج ملكاً على العباد!
(3)
سنترك الأستاذ عبد الله الفكي البشير وكتابه في حصن مكين، ولكن قبل أن أغادره أقول بلا مراء إنني تمنيت لو كنت كاتبه، لا سيَّما، وقد زاد من رغائبي أن الكاتب وأنا لم تكتحل عيوننا برؤية الأستاذ يمشي بين الناس بشراً سوياً. بيد أن أستاذ الفكي تدارك تلك النقيصة بشرف الانتماء للفكرة الجمهورية، أما أنا فقد بقيت في سرب الذين هم في جهلهم يعمهون. كذلك لن أغادر كتابه هذا دون الإشارة إلى أن الوثيقة المنشورة أعلاه اصطدتها وعيني تزاور صفحاته ذات اليمين وذات الشمال. حينها شعرت - برغم تقادم سنينها - أن الأرض مادت من تحت قدمي. وقد هاج كياني وماج واضطرب، لدرجة كدت أن أقول لأبنائي زملوني ودثروني. لكن أبنائي أنفسهم لاحظوا حيرتي وشرود ذهني وإطالة نظري في اللا شيء. هم بداهةً لم يدركوا سر انجذابي وأنا – بالطبع - لم تحل عقدة في لساني لأقول لهم قولاً ينزل الطمأنينة في قلوبهم. فما الذي يمكن أن يقوله شخص مثلي وهو لا يقوى على اختصار السنين في ثوانٍ؟ كيف يتسنى لمثلنا أن يحتفظ برباطة جأشه وهو يقرأ وثيقة كهذه ولا يسأم من تكاليف الحياة وطولها كما سئم منها لبيد بن ربيعة العامري. عندئذٍ لم يكن ثمة مناص أمامي، غير تلفحي بالصمت ريثما يهدأ روعي. ومع ذلك بين الوالد وما ولد حاصرتني أسئلة كيوم الحشر. فأدبرت عنهم والأشفاق يكاد ينبجس دمعاً من عيونهم، وتركوني تائهاً أتأمل وثيقة أورثتني من أمري عسراً، وعجبت من أن العظماء مهما تطاولت سنين غيابهم إلا أنهم يشعرونك بأنهم ما غابوا عن دنياك إلا لأخذ سنة من النوم، وأن جلاديهم ومعذبيهم وقاتليهم يمضون لكهوف النسيان كما تمضي السابلة في الطرقات، لكن التاريخ يصنعه الأخيار كما يصنعه الأشرار أيضاً، وفي ذلك حكمة لكل ذي لبّ ألقى السمع وهو شهيد!
(4)
نعود للذكرى وشؤونها والوصية وشجونها، لنستخلص منهما عبراً ومعانَي سامقة، لتعيننا في هجير الحياة الحارق ونحن نبحث عن خلاص من الطواغيت وشياطين الإنس. ولا شك عندي أن القراء سيمضون في طريق التأمل في نصوصها والتفكر في حياة كاتبها، بأكثر مما فعلت واستنتجت النقاط المختصرة التالية:
أولاً: بنظرة عجلى لا تخطئها العين، تنضح الوثيقة بشجاعة صارت فيما بعد جزءاً أصيلاً وخصلة متفردة من خصائل الأستاذ محمود محمد طه، لازمته منذ بواكير حياته وهو يخوض غمار الفكرة الجمهورية وحتى آخر لحظة من رحيله عن الدنيا. والشجاعة كما يُعرّفها اللغويون هي الجرأة والإقدام، وبهذا المعنى تؤكد أن الأستاذ محمود استبطن مصيره وهو يشق طريقاً وعراً وشائكاً، بل معروفة مآلاته في التاريخ الإنساني. فهو الطريق الذي سلكه من قبل رسل وأنبياء وعلماء ومفكرون وسياسيون من أصحاب المبادئ السامية والنبيلة، وقد تعرضوا في مسيرتهم تلك لصنوف من التعذيب والتنكيل والتقتيل، وأدناه السخرية والازدراء والتخذيل. في عام 309 هجرية أُخرج الحسين بن منصور الحلاج من سجنه، فجلد وقطعت يداه ورجلاه، وشوه، وصلب، وجزّ رأسه، ثم أُحرقت جثته. وفي سنة 124 هجرية خطب خالد القسري والي الكوفة خطبة العيد وكان الجعد بن درهم يرسف في الأغلال أسفل المنبر، فقال: أيها الناس ضحوا يقبل الله ضحاياكم فإني مضحٍ بالجعد بن درهم، وبالفعل نزل من المنبر وذبحه ذبح الشاة. ومثلهما عانى الإمام أحمد بن حنبل وهو يعذب من خليفة إلى آخر بدءاً بالمأمون ومروراً بالمعتصم والواثق وانتهاءً بالمتوكل، فقد أذاقوه الويل والثبور وعظائم الأمور، أما سعيد بن جبير فقد قتله الحجاج بن يوسف الثقفي بتشفٍ يحسده عليه غلاة الساديين. وقبلهم عزف سقراط عن الهروب والنفاذ بجلده وهو يعلم أن الموت بالسم الزعاف جاءه يجرجر ويلاته. وأمام جبروت كهنة الكنيسة الكاثوليكية أُخرص جاليلو عن الكلام المباح فمات كمداً. وعلى الرغم من أنه بقي في غياهب السجن لنحو ما يربو على الثلاثة عقود زمنية، يأتي نيلسون مانديلا الذي رحل عن دنيانا بالأمس نموذجاً لمن هزم جلاديه وهم صاغرون!
(5)
ثانياً: إن استدلالنا بالوصية على شجاعة الأستاذ محمود يأتي أولاً من زاوية أنها كُتِبت - وفق المنظور الزمني - في أعقاب تأسيس الحزب الجمهوري (1945) الذي توسل به مناهضة الاستعمار بالمواجهة والصدام المباشر، مما حدا بالمستعمر إيداعه السجن مرتين قبل نهاية الأربعينيات، ليصبح بذلك أول سجين سياسي سوداني. ثانياً، ظل غير عابئ بما حاق به في السجن ومعاناته، بدليل أن الوصية جاءت وفق منظورها الزمني أيضاً في بواكير نشر فكرته الجمهورية (أواخر العام 1951)، واستمر بعدئذ في طرح رؤاه العقدية والفكرية والثقافية والسياسية بصبر ومجالدة لأكثر من ثلاثة عقود زمنية، كانت الشجاعة المذكورة زادها الذي لا ينضب. ثمَّ توجها بوسام لا يعرف الصدأ وهو يتمسك بمبادئه ولا يحيد عنها قيد أنملة، ففي ظل ظروف بات فيها الموت ينشر أشرعته السوداء في كل مكان، صعد لمنصة الإعدام كصديق يريد أن يلتقي صديقه بعد طول غياب. وعندما تفاقمت تلك المشاعر التي استنطقت الصخر العصيا، بلغت سنامها بتلك الابتسامة الغامضة في لحظة تاريخية تتقاطع تماماً مع معانيها، ولذا برغم اجتهاد المجتهدين لن يستطيع أي كائن أن يسبر غورها ولو تنزلت عليه غيثاً من السماء. ويقيني أن صاحبها هو الوحيد الذي سينزع عنها اللغز في يوم يفر فيه المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه!
(6)
ثالثاً: لعل الزهد والبساطة والتعفف هو الفسيلة الأخرى التي تطالعها في شجرة الوصية بما لا تستطيع أي عين نكرانه إلا من رمدٍ. فالزهد أصلاً هو ما ميز حياة الأستاذ فيما بعد. لقد كان زاهداً حد الاخشوشان في ملبسه ومأكله ومشربه ومسكنه. وهو الذي كان بمقدوره إن لم يعش ترفاً فعلى الأقل أخذ نصيبه من الدنيا بكده وعرقه وفق وظيفته الأصلية النادرة كمهندس في ذاك الزمان. أو فيما بعد وقد تحلق حوله تلاميذ يسدون عين الشمس. يقيني لم يكن الزهد الذي اتبعه الأستاذ محمود محض تظاهر بقدر ما هو دروس ألقاها علينا ونحن عنها غافلون. ولا أدري كيف استطاع العيش للعقد السابع من عمره بذاك الطعام الذي لم تتوفر فيه العناصر الغذائية الكاملة المعروفة؟ ولا أدري كيف غالب شهوات النفس وهو يحصرها في ملبسٍ واحد لا شريك له؟ المفارقة التي لن يستطيع المرء سبر غورها، أن تلك كانت حياة الضحية الذي وصم بالردة وسلوكياته تنم عن هذا الخُلق العظيم، ما بال الجلاد الذي ادّعى المنافحة عن الإسلام يلبس الحرير والسندس والإستبرق وقومه عراة؟ كيف له أن يأكل من الطعام أطايبه وشعبه جائع؟ حتّام يسكن قصوراً بُنيت من دم فقراء يكدحون كدحاً في الدنيا إلى أن يلاقوا ربهم. لقد مضى الأستاذ محمود إلى رحاب ربه وترك لنا من خلفه ثروة تضم »ثوب وعراقي وسروال وطاقية ومركوب وأبريق وسجادة« هي كل ما شاهدت في غرفة الجالوص القابعة في الثورة الحارة الأولى. ولا نملك إلا أن نقول من أراد أن يرى رجلاً كان أكله القديد فليتأمل في حياة محمود محمد طه، ومن » سرّه أن ينظر إلى زُهْدِ عيسى بن مريم فلينظر إلى محمود محمد طه«. والأخيرة هذه قالها الرسول الكريم في أبي ذرّ.. فتأمل!
(7)
قال سقراط فيما قال (ينبغي على الإنسان أن يفهم نفسه قبل أن يفهم العالم حوله) أما أبو ذر المذكور أعلاه فهو أبو ذر الغفاري، ولا شك - يا قارئي الكريم - أنك قرأت عنه أنه نُفي أو هُجَّر إلى الربذة مغاضباً سيدنا عثمان بن عفان بسبب ما آل إليه حال الخلافة فيما اعتبره تبذراً وإسرافاً. ولما أدركته الوفاة بكت زوجته أم ذرّ، فقال لها ما يبكيك؟ فقالت: ما لي لا أبكي وأنت تموت بفلاةٍ من الأرض، وليس عندي ثوب يسعك كفناً لي ولا لك. أما أنا يا عزيزي القارئ فعلاوة على ما قرأت عن أبي ذر وزهده، فقد حدثني عمنا الراحل يونس الدسوقي، وكان مثقفاً موسوعياً، ذرب اللسان عذب الكلام، عندما يتحدث يملك شغاف قلوب سامعيه بصوته الذي يعلو حيناً وينخفض أحياناً وفق مقتضيات السرد. وكان عم يونس - كما يحلو لنا أن نناديه - صديقاً للأستاذ محمود، وبالرغم من اختلاف مشاربهما الفكرية إلا أنهما تحابا في الله على حد تعبيره. ذلك كان إبان عمل الأستاذ كمهندس ري في المشاريع بمدينة كوستي في منتصف الخمسينات. حدثنا عم يونس ذات يوم وكنا رهط من أصدقائه حديثاً شفيفاً عن الأستاذ في تلك الفترة، وما يهمنا منه فيما نحن بصدده، قال إنه كان يحضر إلى كوستي من عمله بالمشاريع عند نهاية كل شهر حاملاً معه مرتبه الشهري، فيضعه في سلة صغيرة تحت منضدة تتوسط غرفته، وما أن يسمع الناس بمجيئه فيتدافع نحوه أصحاب الحاجات، ويشرحون أحوالهم الدنيوية طلباً للمساعدة، فكان يوجههم نحو تلك السلة ويطلب من السائل أن يأخذ ما يكفيه، ويستمر على هذا المنوال إلى أن تفرغ السلة من المبالغ التي ضمتها، فيستدبر الأستاذ كوستي عائداً لمكان عمله، ويتكرر الموقف في الشهر الذي يليه.. وهكذا دواليك!
(8)
عندما نتأمل هذه القيم ندرك تماماً لماذا تآمرت خفافيش الظلام على قتله. والناظر لحال الذين طغوا في البلاد اليوم وأكثروا فيها الفساد يدرك تماماً ما كان أمامهم إلا أن يفعلوا فعلتهم الشنعاء تلك. ذلك لأن حياة الأستاذ محمود بذلك النمط الذي ذكرنا تتضاد تماماً مع الصورة التي نراها أمامنا الآن. فقد قتلوه كي يخلو لهم الجو ليبيضوا ويفرخوا فيه بضاعتهم الكاسدة تلك، قتلوه لكي يتمكنوا من نشر أكاذيبهم وأباطيلهم وضلالتهم، فهم يعلمون أنهم ما كانوا سيفعلون لو أن الأستاذ محمود بقامته الفكرية الفارعة، وقدرته الفذة على المجادلة بالتي هي أحسن وفق المنهج الربَّاني، وحكمته التي تميز الخبيث من الطيب، وقدرته في الثبات على المبدأ، أنه بتلك الصفات الوحيد القادر على دحض أكاذيبهم وهزيمة ترهاتهم. لو كان بيننا لما تمددت سنواتهم لنحو ربع قرن. إنني أنعي إليك يا سيدي تقاعسنا عن بلوغ الغايات النبيلة، أرثي إليك حالنا ونحن صم بكم عُمي عن إرث تركته لنا في فضائل الأخلاق، من شجاعة وزهد وبساطة وحلم وحكمة، أشكو إليك جُبننا وقد عجزنا أن نقول مثلك كلمة حق في وجه سلطان جائر!
يريدون أن يطفئوا سيرتك يا سيدي وكأنهم لا يعلمون أن فرعها ثابت وأصلها في السماء، يريدون أن يطمسوا ذكراك يا شهيد الأمة، وفي ذكراك انطوى السر العظيم لو تأملوا وكانوا يفقهون!
آخر الكلام: لابد من الديمقراطية
وإن طال السفر!!
عبدالله الفكي البشير
مشاركات: 138
اشترك في: السبت مايو 22, 2010 3:49 am

مشاركة بواسطة عبدالله الفكي البشير »

...
الدكتور حسن موسى

تحية واجلال.. لقد سعدت غاية السعادة بكل كلمة جاءت منك.. وانتشيت بكل الملاحظات والمعاني الواردة في مداخلتيك.. فقد مثلتا عندي شراكة في الاحتفاء، من نوع خاص، بصدور كتاب: صاحب الفهم الجديد للإسلام، محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف، وتزوير التاريخ.. لقد حفزتني كلماتك على التأمل وإعادة التأمل، فانتقلت بعد أن قرأت كلماتك مرات عديدة، من حالة الانتشاء بالشراكة في الاحتفاء إلى الجانب العملي، وهذا ما جعلني، إلى جانب ظروف أخرى، أن أتأخر في التعليق..

فمنذ أن تأملت تعليقك، وما جاء فيه من ملاحظات وأفكار، بدأت في إعداد ورقة استوحيتها من تعليقك، واستلهمتها من ملاحظاتك، لتكون بمثابة شكر وتحية لك.. نبعت فكرة الورقة من تأملي في قولك وإشاراتك العديدة للجسد: "... وصف أحوال الجسد... تيه التعبير الجسدي... سيرة شفرتها التعبيرية مودعة في النحو الذي تنضبط عليه الأجساد الماثلة... مبحث الصورة الجسدية... رغم أن أدبنا الشعبي عامر بمآثر جبارة في موضوع العلاقة بالجسد... التعبير الجمالي لأحوال الجسد... إلخ"... وهي إشارات تتصل بقولك: "افتقدت في الكتاب حضور التصاوير الفتوغرافية"... سأعود لـ "التصاوير الفتوغرافية"... لكن حديثك عن الجسد جاء عندي بمثابة النداء المباشر لي، لإنجاز مهمة، أو هكذا تبدى لي.. ولهذا بدأت فوراً في إعداد ورقة استجابة لهذا النداء، ووسمتها بعنوان مبدئي: "الجسد عند الأستاذ محمود محمد طه: قراءة أولية".. وكنت أود انجازها لتأتي مع هذه المداخلة، غير أنها لم تكتمل وتحتاج مني لوقت اضافي.. ولهذا، ولأني تأخرت في التعليق، دفعت بهذه المداخلة بمثابة تحية وشكر لك، على أمل الدفع بالورقة لهذا المنبر، متى ما فرغت منها..

يتصل هذا النداء، الذي ورد في ثنايا مداخلتيك، بأمر آخر، وهو أنني كنت مشغولاً بأمر الجسد عند الأستاذ محمود، وبأقواله الواردة في كتاباته ومحاضراته عن الجسد: "الجسد ما بيخطى" و"أعلم شىء في كل حيّ جسده" وأن الروح "هي الجسد الحى الذي لا يموت!!..." وقبل مرحلة ظهور الجسد الحي، الذي لا يموت، "فان الروح هي الطرف اللطيف من الجسد الحاضر"... إلخ.. إلى جانب ذلك فإن الأستاذ محمود كان في معتقله خلال الفترة من 9 يونيو 1983م وحتى 19 ديسمبر 1984م، وهو المعتقل الذي خرج منه ليعود ثانية وبعد 17 يوم أي في يوم 5 يناير 1985م للسجن ومن ثم تنفيذ حكم الاعدام عليه، كان في ذلك المعتقل، قد دوَّن بخط يده يومياته في مفكرة صغيرة، ومن بين ما كتبه: "الحوالة على الجسد" وقد كتبتها بتكرار "الحوالة على الجسد" وهكذا. لقد اتيحت لي فرصة الاطلاع على تلك المفكرة، وقد استعنت بها كمصدر، إذ وظفت بعض مما جاء فيها في مقال نشر من قبل في صحيفة الجريدة بالخرطوم، وفي هذا الخيط أيضاً، وهو بعنوان: "مساعي مراجعة حكم الاعدام على الأستاذ محمود محمد طه وموقفه منها". من المعروف أن الأستاذ محمود قضى الجزء الأول من فترة اعتقاله تلك، بنادي الضباط الإداريين بشارع السيد عبدالرحمن بالخرطوم، وقضى الجزء الثاني بمنزل بونا ملوال بالخرطوم.

الشاهد ان إشاراتك الواردة عن الجسد، زادت من انشغالي، وحفزتني على التأمل، ورتبت أفكاري، ومن ثم بلورت عندي فكرة الورقة، التي قطعت فيها شوطاً...

الصور الفتوغرافية والرسومات والخرائط الجغرافية

القول "وقد افتقدت في الكتاب حضور التصاوير الفتوغرافية"، قول صحيح.. في الواقع كانت خطتي أن يتضمن الكتاب بعض الصور الفوتوغرافية، وقد جمعت عدداً كبيراً من الصور، عن الحركة الجمهورية والنشاطات والشخوص ...إلخ، كما قمت بتصوير عدد من كبار تلاميذ وتلميذات الأستاذ محمود، وأشياء كثيرة. ولكن وبعد أن بلغت صفحات الكتاب 1278 صفحة، وبعد نقاش مع الناشر، لم يتم تضمين الصور.. ولكن هذا ما سأتداركه في الطبعة القادمة، وقد وضعت ضمن ملف ملاحظات الطبعة القادمة، هذه الجملة: "أرجو أن تتيسر للمؤلف في طبعات الكتاب القادمة فرص تضمين الكتاب مجموعة الوثائق الأيقونوغرافية [ الصور الفتوغرافية و الرسومات و ربما الخرائط الجغرافية التي تعين القارئ [السوداني وغير السوداني] على موضعة تطور الحركة ضمن التاريخ و الجغرافيا السودانية ]... غايتو يا عبد الله قالوا " البتبلبل بعوم " ،فكمّل جميلك و أحمل ملف التصاوير و طف على الجمهوريين و الجمهوريات و من لف لفهم و استنطقهم في سيرة الملابسات و الظروف التي تشهد عنها التصاوير الجمهورية. من يدري؟ فربما عاد علينا مبحث التصاوير بفتوحات غير مسبوقة تنفع السودانيين و غير السودانيين في عقلنة ظواهر هذه القارة المظلمة الجديدة: قارة التصاوير السياسية المعاصرة و الأجر على الله".

بهذه المناسبة سأورد بعد نهاية هذه المداخلة نماذج من تلك الصور التي كنت قد جمعتها أو التقطتها (سأورد نماذج فقط)..

حينما يسعفك حسن موسى وجاك لوغوف

بعد يومين من مداخلة حسن موسى الأولى في يوم 6 يناير، تم تنظيم سمنار في يوم الأربعاء 8 يناير 2014م عن كتاب: صاحب الفهم الجديد للإسلام، محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، https://www.dohainstitute.org/content/94 ... ca13e545ce
وفي بحر السمنار قدم أحد الأساتذة الجامعيين (بروفيسور متخصص في التاريخ) مداخلة أورد فيها بعض النقاط، كانت أولى نقاطه عن عنوان الكتاب. أشار إلى أن عنوان الكتاب أبرز الأستاذ محمود كالبطل، وأضاف قائلاً: لقد انتهى زمن تمحور التاريخ حول البطل والبطولات، وأشار إلى دور مدرسة الحوليات في ذلك، وتوسع في حديثه، مع عدم اتفاق واضح كون العنوان أبرز الأستاذ محمود كبطل..

هنا استدعيت حسن موسى والمؤرخ جاك لوغوف، وهو أحد رواد التاريخ الجديد. كما استأنست بآراء فرانسو دوس في كتابه: التاريخ المفتَّت: من الحوليَّات إلى التاريخ الجديد، 2009م، وكذلك بما جاء عند جان كلود شميث، في ورقته: "تاريخ الهامشيين". وهي ورقة نشرت ضمن كتاب: التاريخ الجديد، الذي أشرف عليه المؤرخ جاك لوغوف، وترجمه وقدم له محمد الطاهر المنصوري، 2007م. كنت قد درست كتاب: التاريخ الجديد، الذي صدر في طبعته الثانية متضمناً (10) أوراق علمية لبعض الكبار من المؤرخين وهم: جاك لوغوف J. Le Goff، "التاريخ الجديد"، ميشيل فوفيل M. Vovelle "التاريخ والأمد الطويل"، كريزستوف بوميان K. Pomian "تاريخ البنى"، أندريه بورغيار A. Burguière "الأنثروبولوجيا التاريخية"، فيليب أرياس Ph. Ariès "تاريخ الذهنيات"، جان ماري بيساز J. M. Pesez "تاريخ الثقافة المادية"، جان لاكوتور J. Lacouture "التاريخ الآني"، غي بوا G. Bois "الماركسية والتاريخ الجديد"، جان كلود شميت J. C. Schmitt "تاريخ الهامشيين"، إفلين باتلاجين E. Patlagean "تاريخ المتخيَّل"..

استدعيت كل هؤلاء الجماعة الكبار، في اجابتي على البروفيسور في يوم السمنار، وأشرت لرؤى ما بعد مدرسة الحوليات حيث التاريخ الجديد، كما استدعيت حسن موسى، ونسجت اجابتي قائلاً للبروفيسور (جزء من معنى اجابتي): فالعنوان الذي ترى أنت فيه مركزية وبطل وبطولة مع إشارتك وتذكيرك بآراء ومنهج مدرسة الحوليات، يرى فيه الدكتور حسن موسى وهو أكاديمي وفنان عالمي، رأياً ليس ببعيد عن آراء جاك لوغوف ورواد التاريخ الجديد، إلى جانب أنه يسير في الاتجاه المعاكس لما ذهبت أنت إليه. إذ يرى حسن موسى أن اسلوب العنوان أضفى على "سيرة الأستاذ محمود صفة الضحية المغلوبة على أمرها بينما الرجل في مشهد الحركة الفكرية السودانية عملاق متمرد أنفق عمره في عقلنة الخروج منهجا ساميا لبلوغ إنسانية ود ابن آدم الغلـّب الهدّاي".

كيف وصل الكتاب إلى حسن موسى?

من المهم الإشارة إلى الكيفية التي وصل بها الكتاب إليك.. خاصة وأنك قد أشرت إلى أن اسم الشخص الذي أرسل الكتاب لم يكن واضحاً في رسمه.. الشاهد أنني عندما عزمت على أن أهديك نسخة من الكتاب، أرسلت عبر البريد الإليكتروني رسالة إلى الأستاذة نجاة محمد على وطلبت منها عنوانك.. فرفدتني مشكورة بالعنوان.. ثم دفعت بعنوانك إلى الأخ محمد بليلة، وهو من تلاميذ الأستاذ محمود ومقيم بلندن، وكنت قد أرسلت له بعض النسخ من الكتاب، وطلبت منه أن يرسل لك نسخة.. وقد فعل.. له مني خالص الشكر وكثير التقدير..

شكراً حسن موسى.. والحق إن كلماتك وأفكارك، لم تقف في حدود الإشادة بالكتاب والتعليق وإبداء الملاحظات النقدية؛ وإنما كانت عابرة لكل ذلك في اتجاه الالهام وملامسة مناطق تماس التساؤلات والانشغالات، والدفع نحو توليد الأفكار والمعاني، والتحفيز على العمل والانجاز بإتقان.. آمل أن أنجز ورقة الجسد عند الأستاذ محمود، وآمل كذلك، وقد عزمت بعد قراءة تعليقاتك، أن تكون الطبعة القادمة من الكتاب، عامرة بالصور الفتوغرافية والرسومات والخرائط الجغرافية..

وبالطبع سأكون منتظراً للمزيد من نظراتك وتأملاتك وملاحظاتك النقدية عن الكتاب.. لك التحية والتجلة..

آخر تعديل بواسطة عبدالله الفكي البشير في الأربعاء مارس 12, 2014 8:06 am، تم التعديل 6 مرات في المجمل.
عبدالله الفكي البشير
مشاركات: 138
اشترك في: السبت مايو 22, 2010 3:49 am

مشاركة بواسطة عبدالله الفكي البشير »

[color=darkblue]..
نماذج من الصور التي جمعتها



[size=24]صورة تذكارية- الأستاذ محمود (مرتدياً الجلابية والعمة) مع نقابة المهندسين السودانيين، عام 1967م



صورة
آخر تعديل بواسطة عبدالله الفكي البشير في الثلاثاء مارس 11, 2014 11:17 am، تم التعديل مرتين في المجمل.
عبدالله الفكي البشير
مشاركات: 138
اشترك في: السبت مايو 22, 2010 3:49 am

مشاركة بواسطة عبدالله الفكي البشير »

صورة

الأستاذ محمود محمد طه من الجالسين من ناحية الشمال، الطفلة (آنذاك) سهير العاقب ابنة بنت شقيق الأستاذ محمود، وزوجة عثمان بشير مالك "حالياً"، الشاعر محمد المهدي المجذوب، النور حمد.
الوقوف من اليمين: عصام عبدالرحمن البوشي، مختار مختار محمد طه، محمد عثمان سليمان، جمعة حسن، أحمد الحسين الحسن.

من المهم الإشارة إلى أنني حصلت على هذه الصورة من البروفيسور عصام عبدالرحمن البوشي، الذي حدثني بأن الدكتور سلمى الخضراء الجيوسي هي التي التقطتها أثناء زيارتها للأستاذ محمود عام 1972م. كما أفادني البوشي بأنه حصل على الصورة من الأخ جمعة حسن.

آخر تعديل بواسطة عبدالله الفكي البشير في الأربعاء مارس 12, 2014 9:14 am، تم التعديل مرتين في المجمل.
عبدالله الفكي البشير
مشاركات: 138
اشترك في: السبت مايو 22, 2010 3:49 am

مشاركة بواسطة عبدالله الفكي البشير »

محمد محمود محمد طه (1944م-1954م)

صورة
عبدالله الفكي البشير
مشاركات: 138
اشترك في: السبت مايو 22, 2010 3:49 am

مشاركة بواسطة عبدالله الفكي البشير »

صورة
حيدر بدوي صادق في عمل دؤوب، يمسك بماكنة الطباعة والحبر وإلى جنبه أحد الإخوان الجمهوريين

الطباعة- ماكنة الرونيو لها تاريخ عند الحزب الجمهوري منذ عام 1946م..


يقول الدكتور أحمد خوجلي: "وكنا من الجهة الأخرى على اتصال بالحزب الجمهوري وكان حزباً ثورياً. والجمهوريون هم أول من أصطنع المطبعة السرية لطبع المنشورات ويوزعونها في المقاهي وغيرها. واذكر لما تظاهرنا في الوادي في 1946م، جاؤونا بمنشورات وزعناها وسط الطلاب. فأزعجت المنشورات مفتش مركز أم درمان وتحروا في كيفية وصولها للوادي من أم درمان. ولم ينتهوا إلى شيء".
وردت الإشارة لذلك مع شىء من التفصيل ضمن الفصل الرابع: "دور الأستاذ محمود في الحركة الوطنية السودانية" من كتاب: صاحب الفهم الجديد للإسلام، محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف، وتزوير التاريخ، صفحة (351-402).. مع الإشارة للمصدر في الهامش: المصدر: أحمد خوجلي، ضمن مقابلة تمت معه ومسجلة بصوته. قام بالمقابلة عبدالله علي إبراهيم خلال عام 2005م وقد أهداني هذا الجزء من نص المقابلة في يوم 3 يوليو 2012م أثناء تفريغه للمقابلة من شريط التسجيل. كان عبدالله متابعاً لتطورات ومراحل إعداد هذا الكتاب فكتب لي يوم أهداني النص قائلاً: عزيزي عبد الله، أفرغ شريطاً سجلته مع أحمد خوجلي، أستاذ الفيزياء ونائب مدير جامعة الخرطوم في الستينات وعضو الحلقات الماركسية. الحلقة الأولى عن فترة الطلب بوادي سيدنا 1942م-1946م. فذكر بداية اتصال الشيوعيين بهم منذ كانت المدرسة الثانوية في أم درمان حتى تفرقت إلى جهات منها وادي سيدنا. ما يهمك أنه ذكر أن الجمهوريين اتصلوا بهم في وادي سيدنا. فهاك النبأ: وكنا من الجهة الأخرى على اتصال بالحزب الجمهوري...إلخ

آخر تعديل بواسطة عبدالله الفكي البشير في الأربعاء مارس 12, 2014 8:12 am، تم التعديل مرتين في المجمل.
عبدالله الفكي البشير
مشاركات: 138
اشترك في: السبت مايو 22, 2010 3:49 am

مشاركة بواسطة عبدالله الفكي البشير »

صورة
[ الأستاذ محمود محمد طه








صورة
[ الأستاذ محمود محمد طه





صورة

الأستاذ محمود وابنته بتول مختار محمد طه وبعض تلميذاته وتلاميذه
[img]https://www.sudan]
آخر تعديل بواسطة عبدالله الفكي البشير في الثلاثاء مارس 11, 2014 10:01 am، تم التعديل مرتين في المجمل.
عبدالله الفكي البشير
مشاركات: 138
اشترك في: السبت مايو 22, 2010 3:49 am

مشاركة بواسطة عبدالله الفكي البشير »

صورة

[size=24]الأستاذ سعيد الطيب شايب (1931م-2002م)


في يوم 18 يناير من عام 1970م، كتب الأستاذ محمود في رسالة لتلميذه عصام عبدالرحمن البوشي، الذي كان يدرس وقتئذ في جامعة لندن ببريطانيا، قائلاً: "إن تربية واحد من الإخوان أعود بالخير والبركة وأدل على صدق الدعوة من عشرات المؤلفات العرفانية فالحياة أصدق من العلم"..

وقال الأستاذ محمود: "أعظم كتاب كتبته الفكرة الجمهورية سعيد شايب".

في تقديري أن الأستاذ سعيد شايب قد استهل حركة التتلمذ على الأستاذ محمود. إذ كانت العلاقة بين الأستاذ محمود والذين معه في فترة النصف الثاني من الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي علاقة رفقاء وزملاء وشركاء نضال.. وتغير وضع هذه العلاقة مع ظهور أستاذ سعيد شايب، قبل إعلان الأستاذ محمود لمشروعه في أكتوبر من عام 1951م.. ويمكن التأريخ لمرحلة التتلمذ على يديّ الأستاذ محمود بالمقالة التي كتبها الأستاذ سعيد نشرها في جريدة الشعب بتاريخ السبت 13 يناير 1951م يتساءل فيها عن الأستاذ محمود. كتب سعيد شايب قائلاً: "لفتت نظري "قفشة" وردت في عددكم الثالث منسوبة الى المجاهد "محمود محمد طه" فإنها قد أعادت لنفسي أملاً كاد أن يفلت، لما اكتنفني من شكوك وأوهام؛ وعلى الأقل أعادت لنفسي بأن هناك صحافة حريصة على أعمال المجاهدين". ثم أضاف سعيد شايب قائلاً: "إن اسم "محمود" قد اختفى منذ حين، وكأنه لم يفعل شيئا، بل كأنه لم يكن في عالم الوجود! ولكنى أخرق ذلك الصمت وأقول، أليس محمود ذلك الرجل الذى آمن بقضية شعبه وعمل لها ما وسعه العمل رغم العراقيل التي وضعت فى سبيله؟ أليس هو ذلك الرجل الذي يقوم ولا يتردد ولا يتنازل مهما قابلته الصعاب من بطش ومعارضة حكومية وحزبية- كل ذلك لأنه يؤمن بأن الشعب الذي يريد الحرية ويسعى لها، يجب أن يكون في كفاحه صلباً لا يتزحزح وقوياً لا يلين وثابتاً لا يتنازل".
وأضاف سعيد في تساؤله عن الأستاذ محمود قائلاً: "وأليس هو الذي سجن مرات دون أن يحرك الزعماء ساكناً للدفاع عنه والوقوف بجانبه؟ وأليس هو الذي وقف وقفة الرجل المؤمن بحقه يوم حادث رفاعة – يوم مشكلة الخفاض- التي تمخضت عن سجنه عامين؟ وهل هو غير ذلك الرجل الذي رفض المنصب والجاه فى سبيل حرية رأيه؟". وتساءل سعيد شايب أيضاً، عن الأستاذ محمود قائلاً: "وهل هو غير ذلك الرجل الذي أراد أن نكون فى هذا الظرف العصيب مكافحين قبل أن نكون ساسة وعاملين على أخذ حريتنا دفعة واحدة وحالا، ونكفر بتقسيط الحرية وسياسة التطور؟". (أوردت كلمة سعيد شايب كاملة، ضمن ملاحق الكتاب).

كان الأستاذ محمود وقتئذ معتكفاً في مدينة رفاعة. أطلع الأستاذ محمود على كلمة سعيد شايب ورد بمقالٍ جاء في جريدة الشعب، يوم السبت 27 يناير 1951م، بعنوان: "سعيد يتساءل". (أوردت مقال الأستاذ محمود كاملاً ضمن ملاحق الكتاب).

مثَّل في تقديري تساؤل سعيد شايب عن الأستاذ محمود، ورد الأستاذ محمود عليه، النواة الأولى لمرحلة التتلمذ على الأستاذ محمود، والبداية الفعلية للتواصل بين الأستاذ محمود والأجيال الجديدة (آنذاك). وعندما طرح الأستاذ محمود عام 1951م ملامح مشروعه، ثم أخذ يُبين ملامحه، ويُفصل فيه، جاء الأستاذ سعيد الطيب شايب ليكون بذلك من أوائل تلاميذ الأستاذ محمود..


صورة

الأستاذ عبد اللطيف عمر حسب الله، الرجل الذي ظل ملازماً للأستاذ محمود منذ يوم 30 نوفمبر 1951م..
عبدالله الفكي البشير
مشاركات: 138
اشترك في: السبت مايو 22, 2010 3:49 am

مشاركة بواسطة عبدالله الفكي البشير »

..
هناك صور عديدة، من بين ما جمعت، عن الحركة الجمهورية وأركان النقاش والحملات ...إلخ سترد منها نماذج في الطبعة القادمة

أدناه بعض النماذج من الصور التي التقطها أثناء فترة البحث وإجراء المقابلات من أجل الكتاب



صورة

المؤلف والأستاذ أسماء محمود محمد طه والطاولة التي كان يكتب عليها الأستاذ محمود



صورة

بمنزل الأستاذ إبراهيم يوسف فضل الله بالخرطوم، وهو أول الجالسين من ناحية اليسار



صورة
بمنزل الأستاذ مجذوب محمد مجذوب وزوجته فاطمة عباس سليمان (1937م-2011م)، بقرية الجنيد البيارة بالقرب من مصنع سكر الجنيد، بمنطقة شرق الجزيرة.. فاطمة عباس هي أول الجلوس من ناحية اليسار..
عبدالله الفكي البشير
مشاركات: 138
اشترك في: السبت مايو 22, 2010 3:49 am

مشاركة بواسطة عبدالله الفكي البشير »

صورة
مقابلة مع الأستاذ الريح أبو إدريس أحد تلاميذ الأستاذ محمود (يمين المؤلف)، بحضور الوالد الفكي البشير (يسار المؤلف) بالخرطوم بحري




صورة
في مقابلة من بين مقابلات عديدة مع الأستاذ عصام عبدالرحمن البوشي وأسرته الكريمة بمدينة ود مدني
الجلوس من اليمين: عصام عبدالرحمن البوشي، عطيات عبدالرحمن البوشي، سلمى مجذوب محمد مجذوب
الوقوف من اليسار: علوية عبدالرحمن البوشي، رجاء عصام عبدالرحمن البوشي، عبدالله الفكي البشير




صورة
في إحدى المقابلات مع الأستاذ خالد الحاج، بمنزله بمدينة رفاعة. وهو الجالس من ناحية اليسار مع الأستاذ علي أبو كليوة
آخر تعديل بواسطة عبدالله الفكي البشير في الأربعاء مارس 12, 2014 11:56 am، تم التعديل مرة واحدة.
عبدالله الفكي البشير
مشاركات: 138
اشترك في: السبت مايو 22, 2010 3:49 am

مشاركة بواسطة عبدالله الفكي البشير »

...


صورة
بمنزل أحمد محمد الحسن بالخرطوم.. مقابلات مع أحمد محمد الحسن يمين المؤلف، وبشير بكار (1952م-2012م)، وحسن محي الدين التهامي في ناحية اليسار..



صورة
في مقابلة مع هدى عثمان سليمان القباني بالخرطوم



صورة

الأخوات الجمهوريات



صورة
أحمد مصطفى دالي- أركان النقاش، توظيف المحلي (ظل الأشجار) وتجاوز المنابر الرسمية والاتصال المباشر بالجماهير




صورة
أركان النقاش- بريطانيا، ويظهر في الصورة عبدالرحيم الريح




صورة
مع عمر القراي بمدينة الخرطوم
آخر تعديل بواسطة عبدالله الفكي البشير في الثلاثاء مارس 11, 2014 11:36 am، تم التعديل 4 مرات في المجمل.
عبدالله الفكي البشير
مشاركات: 138
اشترك في: السبت مايو 22, 2010 3:49 am

مشاركة بواسطة عبدالله الفكي البشير »

....
صورة
في مقابلة مع الأستاذ علي لطفي بمنزله بأم درمان







صورة
في مقابلة مع شيخ علي أحمد إبراهيم بمنزل حمد النيل عبدالله العركي بأبي حراز... بدأت المقابلة في الخرطوم وانتهت عند الوصول إلى أبي حراز..
عبدالله الفكي البشير
مشاركات: 138
اشترك في: السبت مايو 22, 2010 3:49 am

مشاركة بواسطة عبدالله الفكي البشير »

...
صورة
مع الأستاذ عيسى إبراهيم بمنزله بالخرطوم (يسار المؤلف)، بمعية الأستاذ عراقي..



ختاماً
هذه مجرد أمثلة لعدد ضخم من الصور التي حصلت عليها أثناء رحلة تأليفي للكتاب.. وبالطبع سأختار منها نماذج متنوعة لتكون في الطبعة القادمة من كتاب: صاحب الفهم الجديد للإسلام، محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف، وتزوير التاريخ..
آخر تعديل بواسطة عبدالله الفكي البشير في الأربعاء مارس 12, 2014 11:36 am، تم التعديل مرتين في المجمل.
عبدالله الفكي البشير
مشاركات: 138
اشترك في: السبت مايو 22, 2010 3:49 am

مشاركة بواسطة عبدالله الفكي البشير »

...
الأستاذ علي عجب

تحياتي واحترامي

لك خالص شكري وكثير تقديري على كلماتك، وعلى هذه الشراكة في الاحتفاء بصدور كتاب: صاحب الفهم الجديد للإسلام، محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف، وتزوير التاريخ.. لقد سعدت غاية السعادة بأنه قد اتيحت لك الفرصة للحصول على نسخة من الكتاب، ووجدت مساحة من الوقت للاطلاع عليه، وأنت تتهيء للمساهمة في احياء ذكرى 18 يناير 1985م، يوم تنفيذ حكم الاعدام على الأستاذ محمود (الذكرى 29).. وقد سررت بما خرجت به..
آمل أن تجد الفرصة لإبداء ملاحظات النقدية عن الكتاب بعد اكمال القراءة.. فملاحظاتك وتعليقاتك تهمني وتتيح فرص تلاقح الرؤى وتزواج الأفكار..
كما أشكرك كثير الشكر على اثراء هذا الخيط باضافة مقال الأستاذ الجليل فتحي الضو..

لك الود والتقدير
عبدالله
محمد عثمان أبو الريش
مشاركات: 1026
اشترك في: الجمعة مايو 13, 2005 1:36 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد عثمان أبو الريش »

الأخ الفاضل عبد الله الفكى،
سلام وتحايا عاطرات.. ولم يحالفنى الحظ فى الحصول على الكتاب الموسوعة بعـد.. ولقد حزنت ايضا انى لم اكن حاضرا فى ندوة الدوحـة..
شكـرا على إيراد الصورة النادرة التى كنت ابحث عنها منذ زمن بعيـد.. ولقد سألت الاخ النور حمد عنها، وارهقته بسؤالى.. حتى تفضل عبد الله عثمان ونشرها فى سودانيزأونلاين أمس.. فحمدت الله كثيرا، وسوف اذهب بها الى اصدقاء صينيين رسامين لصيانة الصورة وإصلاحهـا.. والداير نسخـة منها يقدم طلبه بعد عشر سنوات لو الله حيانا.

تحياتى ليك وللأسرة

محمد عثمان سليمان

نسيت اقول، لما الأستاذ تأخر فى الخروج، سلمى الجيوشى قالت "يتجلبب"

صورة
Freedom for us and for all others
عبدالله الفكي البشير
مشاركات: 138
اشترك في: السبت مايو 22, 2010 3:49 am

مشاركة بواسطة عبدالله الفكي البشير »

.....
الأخ محمد عثمان أبو الريش

تحياتي.. أشكرك كثير الشكر على هذه الطلة والكلمات.. وقت طويل منذ آخر مرة التقيتك فيها بالدوحة.. يا ليتك كنت معنا في الدوحة.. أسعدني ظهور الصورة التي ظللت تسأل عنها لمدى نحو (8) سنوات.. بالفعل هي وثيقة تستحق العناء في سبيل البحث عنها.. فعمر هذه الصورة الآن 42 سنة.. في ذلك اليوم أنت تتوسط الواقفين مرتدياً الجلابية والعمة.. لك التحية

عبدالله
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

حديث التصاوير

مشاركة بواسطة حسن موسى »

الأخ عبد الله
شكرا على عودتك الكريمة لهذا الخيط و هي عودة تفتح دروبا للتفاكير في سيرة[ و في صورة ] الرجال و النساء الذين حملوا هم الفكرة الجمهورية مع الأستاذ محمود . و الله لي يومين و أنا أعمل النظر في كنزالتصاوير الفتوغرافية و لا أملّ. هذه الوثائق ـ في نظري الضعيف ـ تستحق كتابا مستقلا لأنها تقول ما يفلت من سعة الكلمات.و لا بد من عودة.


صورة
صلاح النصري
مشاركات: 607
اشترك في: السبت يوليو 01, 2006 12:32 pm

مشاركة بواسطة صلاح النصري »

[quote="عبد الله الفكي البشير"]...


صورة
أركان النقاش- بريطانيا، ويظهر في الصورة عبدالرحيم الريح


شكرا عبدالله
وكما تفضل حسن موسي فالصور وحدها تحكي التأريخ كمسند بصري مهم وتحفذ الذاكرة علي احداث مفصلية مضت وتسربت من الذاكرة التي تصير خربة بفعل الزمن , وذكرتني صورة عبدالرحيم الريح ابو لكيلك , بحدث تشيع المرحوم الخليفة الريح ابولكيك , وهو كان ينتمي للطريقة الختمية وخالي كان صديقه وكان لخلفاء الختمية رأي في طريقة التشيع وللاسرة والجمهوريين رأي أخر , وخلق هذا الموضوع جدل وحراك سياسي اجتماعي تحدثت عنه مدينة ود مدني لفترة في تأريخها . ومقترح من شخصي الضعيف أن تكون هناك اصدارة منفصلة , مقسمة علي المدي الزمني للفكرة الجمهورية وحياة الاستاذ .
Ahmed Sid Ahmed
مشاركات: 900
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 3:49 pm

مشاركة بواسطة Ahmed Sid Ahmed »

الأخ عبدالله الفكى،

أطيب تحياتى وتهاني بصدور الكتاب الهام. وآسف لتأخرى فى التهنئة.

وتشكر على البوست الذى أتاح لنا أن " نُقَرِّضْ " على الريحة حتى يتيسر
لنا الحصول على نسخة من الكتاب الدسم.



كتب حسن موسى:

إقتباس :

" الأخ عبد الله
شكرا على عودتك الكريمة لهذا الخيط و هي عودة تفتح دروبا للتفاكير في سيرة[ و في صورة ] الرجال و النساء الذين حملوا هم الفكرة الجمهورية مع الأستاذ محمود . و الله لي يومين و أنا أعمل النظر في كنزالتصاوير الفتوغرافية و لا أملّ. هذه الوثائق ـ في نظري الضعيف ـ تستحق كتابا مستقلا لأنها تقول ما يفلت من سعة الكلمات.و لا بد من عودة ".
إنتهى

تعرف يا حسن، قبل أن أقرأ مداخلتك أعلاه ، كنت أيضا " أعمل النظر " فى هذا " الكنز "
ولا أملّ.! وما رأيك والأخ عبدالله والأخ النور كمان ومن شاء/ت فى الصورتين أدناه،
وما تحكيان.؟


صورة


THE SON


صورة

THE FUTURE-SON-IN-LAW


أدناه مقال كتبه الأستاذ محمود لمجلة " صوت المرأة " فى أواخر الخمسينيات من
القرن الماضى.؟! (أحتاج للتدقيق فى التاريخ.) لا أدرى إن كان المقال مضمنا فى الكتاب
أم لا. وإن لم يكن فاعتبره هدية للملاحق المستقبلية.( أعتقد أنه يستحق التأمل والتفاكر حوله ).


صورة
عبدالله الفكي البشير
مشاركات: 138
اشترك في: السبت مايو 22, 2010 3:49 am

مشاركة بواسطة عبدالله الفكي البشير »

...
الأستاذ صلاح النصري
خالص شكري وكثير تقديري على الكلمات والمقترح.. إن ما كتبه حسن موسى بشأن الصور، وما أثاره من حراك وإهتمام، جعلني أقطع شوطاً عملياً في خطة حضور الصور في الطبعة القادمة من الكتاب.. فقد بدأت في عمليات الفرز والتصنيف ومتطلبات جودة طباعة الصور ضمن الكتاب...إلخ.. كما جاءتني إرشادات بشأن جمع صور إضافية، ووصلتني اقتراحات فنية وعملية من بعض الأساتذة الأجلاء: عصام البوشي وعبدالله عثمان.. كما اقترح الأستاذ ياسر عبيدي، عبر الهاتف، أن تكون هناك إلى جانب بعض الصور في الطبعة القادمة من الكتاب، إصداره منفصلة تحتوي على الصور وبعض الشروح والكلمات المختصرة.. ثم جاءت مداخلتك المؤكدة والمكملة، واقتراحك الرائع، والذي سأستأنس به، بشأن الاصدارة المنفصلة وهيكلتها: "ومقترح من شخصي الضعيف أن تكون هناك اصدارة منفصلة, مقسمة علي المدي الزمني للفكرة الجمهورية وحياة الاستاذ"..
مع ودي وتقديري
عبدالله
أضف رد جديد