و كمالا

Forum Démocratique
- Democratic Forum
Ahmed Sid Ahmed
مشاركات: 900
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 3:49 pm

مشاركة بواسطة Ahmed Sid Ahmed »

صورة


صورة
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

kamala Mannerism

مشاركة بواسطة حسن موسى »

صورة





صورة




سلام للنور و أحمد
و شكرا على إضاءة الخيط بالتفاكير النيرات في شأن كنز كمالا العامر باللقيات.
أعلاه عمل قديم بالزيت لكمالا مؤرخ بتاريخ 1974. و قد حاولت أن ابذل جنبه تفصيل للطرف الأيمن من اللوحة التي أظن أنها كانت ضمن فترة التصاوير التي استلهمت فيها كمالا طرفا من تاريخ النوبة المسيحية.و كان ما نخاف الكضب فاللوحة ترجمة كمالاوية لـ " العشاء الأخير" رغم أن الشخوص المؤتلفة حول المائدة تبدو في هيئة الوجوه النسائية.و على كل فالإحالات التاريخية في تصاوير كمالا كثيرة و تستحق فصلا قائما بذاته فصبرا.






العشاء الأخير لليوناردو دافنشي





صورة
ايمان شقاق
مشاركات: 1027
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 8:09 pm

سلام وشويتين كلام!

مشاركة بواسطة ايمان شقاق »

سلام للجميع
اتابع خيط كمالا الممتع كلما سنحت لي سانحة، أتمنى أن اجد الوقت للمشاركة.

يا حسن، "تستلف" الصور* بدون إشارة للمصور والمصدر!
* الصور للعمل المذي شاركت به كمالا اسحق في المعرض الجماعي الذي اقيم في المركز الثقافي الفرنسي في مارس، بمناسبة اليوم العالمي لمرأة.

محبتي للجميع
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

اليدياء

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام يا إيمان
و شكرا على التنبيه.
معظم صور أعمال كمالا في أرشيفي منذ سنوات، و قيل " من سالف العصر و الأوان"، شي من الكاتالوجات و شي من المجلات و شي من فيس بوك و بعض المواقع السودانية.و اليوم و قد اختلط الحابل بالنابل و تشابه البقر على خراش إلخ، فقد يئست بالمرة من تحديد أصل كل صورة. و لو كان في وسعك رد الحقوق إلى مؤلفيها فلا تترددي و سوف أقوم بكل تعديل ضروري.و بإنتظار ان يرعى الحمل جوار الذئب فأنا أكتفي من الغنيمة بتلت المال و كدا. بالمناسبة الصورة أدناه من أعمال كمالا التي ساهمت بها في معرض "آفريكا 9" في صالة غاليري " وايت شابل" بلندن و أظن أن عنوانها كان " ندوة في مكعبات زجاجية". و كما ترين فنوعية صورتي متواضعة[ حتى لا أقول رديئة]. و لو كان في وسعك أو في وسع غيرك نسخة أفضل فوف نسعد بها كلنا
.




صورة














كمالا فنانة يدياء تفكر و تدبر و تقرر بيدها، و هذه الوضعية تغنيها أو تعصمها من الإنسياق وراء غوايات التعبير الأدبي التي تتغول على مقام المعالجة التشكيلية و تنتهي بصرف نظر المشاهدين عن لب الأثر التشكيلي كخطاب إيدائي يتوسل للمعرفة بالأدوات والخامات التي تمتثل لإرادة الفنان حين يقول لها كوني فتكون و تقول خطاب البصر و البصيرة و تهيّئ للمشاهدين معرفة الوجود في المقام الذي لا تطاله الكلمات.و قد نبهني عمل الخطاط ،من قبل ، لمحورية اليد التي تفكر و تدبر و تقرر، ذلك لأن في عمل الخطاط نوع من حائط منيع يفرز مقروئية الموضوع الأدبي عن مقروئية الموضوع التشكيلي، ربما لأن الخطاط يعرف أنه يدخل على حرم الأدب بجاه الصناعة التشكيلية دون أن يطالبه أحد بإحسان صناعة الأديب ، بينما يجد الرسام صعوبة في فرز المقروئيتين، أما لأنه يكلف نفسه بمشقات الصناعة الأدبية أو لأن الآخرون يكلفونه بها . و في نظري الضعيف، هو أثر باق من تقليد حركة الرسم الأوروبي الذي أورثنا بعض اشكاليات النظر المدرسية المرتبطة بتاريخ الثقافة الأوروبية وحدها.[ و هذه فولة تفيض عن سعة مكيالنا الراهن في خصوص يد كمالا فصبرا ]



أقول: اليد أداة ، بل هي أول ادوات الإنسان، و لو شئت قل : الإنسان يده، كون اليد ليست أداة العمل فحسب و إنما هي ايضا نتاج العمل، فمع العمل تعلم الإنسان ان يصنع الأدوات وأن يمدد بها أعضاءه و يرفع من كفاءتها مثلما ساهم استخدام الأدوات على تكييف اليد مع متطلبات الحياة الإنسانية . و لمولانا فريديريك إنجلز مبحث شيق في الدور الذي لعبته يد الإنسان في تطور الحضارة الإنسانية[ إنجلز، دور العمل في تطور القرد إلى إنسان"].لكن اليد هي ايضا مستودع التفرّد الإنساني سواء كتبت او رسمت أو نحتت او لمست أو أومأت.و هذا البعد الوجودي لعمل اليد هو الذي ألهم أنصار الـ"أسلوبية اليديائية"[ لو جاز لي ان أترجم المصطلح اللاتيني الأصل " مانيريزم" المنحوت من أصل عبارة تدل على اليد: " مان"
Manière, manniérisme ,main,
Manner,Mannerism]
و لسان العربان يخلّق من محورية دور اليد فعل الإيداء فيقولون: أيدى إيداءا عند فلان و إليه في معنى إتخذ عنده يدا ،أي أنعم عليه، فهو مُوْد و ذاك مُوْدى إليه و يقال: يَدِيَ فلان من فلان في معنى نال منه برا و إحسانا ، و يادى مياداة الرجلَ في معنى جازاه وأعطاه يدا بيد،. و في معني اليد القدرة و السلطة و الجاه، يقال:"ما لك عليه يد"، أي ولاية.و يقال: "هذا في يدي"، أي في ملكي.و تأتي اليد بمعنى الجماعة فيقال:" القوم عليه يد واحدة"أو مجتمعون على عداوته،و الشخص اليدي هو الحاذق اليدوي ،و الأنثى يدياء.و يقال عيش يدي للدلالة على رغد العيش "
وحين أزعم أن كمالا فنانة يدياء فزعمي يعتمد على قراءتي لتجربتها في بناء منهاجها الخاص الذي خلّقته من واقع تجربتها اليدوية الفريدة. و انا استخدم الإحالة الجمالية لليد، هنا، في معنى أنها فنانة " مانيريست " حسب العبارة التي سكها مؤرخو فن الرسم لأساطين القرن السادس عشر. و حركة الـ "مانيريزم" الإيطاليين تكشفت عن بدايات العناية بالأسلوب كعلامة هوية جمالية للفنان.و لا عجب فالقرن السادس عشر كان ـ في منظور التاريخ ـ هو زمن ظهور الفنان كشخصية ذات سيادة فردانية لا تقبل القسمة. و الحركة الإيدائية[ ترجم" مانيريزم"] ظهرت في إيطاليا بين نفر من رسامي فلورنسا و روما ، كجوليو رومانو[1499لـ 1546] و بارمينغيانو[1503ـ1540] و بنفينيتو سيلليني،
ممن يعتبرون بمثابة الورثة لرواد حركة الرسم في عصر النهضة الإيطالية [ مايكل آنجلو ورافائيل ودولسارتو ]. و إذا كان الرواد قد ارسوا دعائم فن الرسم على دراسة الطبيعة [ التشريح و المنظور] للتعبير عن الموضوعات الكلاسيكية التي كان يكلفهم بها الراعي الكنسي في الفاتيكان، فالتلاميذ من رهط الإيدائيين أهملوا دراسة الطبيعة و عكفوا على دراسة آثار السلف الصالح من رواد عصر النهضة. هذه النزعة الجديدة شجعت ورثة عصر النهضة على التركيز على المعالجة التشكيلية قبل الموضوع الأدبي للصورة.و قد قادهم شاغل الصورة كحدث جمالي ذي طبيعة مادية ، بحكم تحققه في مقام المسند و الخامة و الصناعة اليدوية، قادهم لإهمال المواضيع ذات الحظوة في مشهد السلف الصالح. فظهر الأمراء و الأعيان و الأميرات والعشيقات بالتدريج في تصاويرهم و احتلوا محل الأنبياء و القديسين و البابوات.و هو أمر كان محتوما بحكم تزامنه مع ضعف سلطة الفاتيكان تحت تأثير حركة الإصلاح الديني البروتستانتي .و هو عهد سادت فيه النزعات الإصلاحية و تواترت فيه التحوزلات الإجتماعية مع الإكتشافات الجغرافية [ الدنيا الجديدة] و العلمية [ كوبرنيكس] و ازدهار التجارة العابرة للقوميات و القارات. لقد قام الإيدائيون الإيطاليون بتقنين اللقيات التشكيلية لرواد حركة الرسم في عهد النهضة و نظموها كتصانيف أكاديمية و من ثم لعبوا عليها و استثمروها في صياغة تنويعات اسلوبية شخصية تمثلت في تحوير و تبديل النسب التشريحية للجسد و تمثيل الأجساد في وضعيات حركية ادخل في البهلوانية، أو اللعب على قوانين المنظور للحصول على تأثيرات تدعم التعبير، أو اللعب على قوانين توزيع الضوء و الظل بهدف تقوية التأثير المسرحي في الصورة إلخ. قالوا ان الفنان الإيطالي تيشيان[ أو تيسيان أو تيزيانو]
Titien
[1488ـ1576]
في آخر سنوات عمره لم يكن ليتورع عن رسم عارياته الميثالوجيات [ ديان و داناي و فينوس ..] مستخدما اصبعه بدلا من الفرشاة.و قد أوّل بعض دارسي الفن هذا المسلك كتعبير ايروسي يتوسل لـ اللبيدو بوسيلة الرسم، بينما الأمر، من وجهة الممارسة الفنية، لا يعدو وجها من وجوه البحث الأداتي المحموم الذي يرى في اصبع الفنان كفاءة لا تتوفر للفرشاة التقليدية. ربما لأن هذا الأصبع/ الأداة يلغي المسافة بين الجسد و المسند. و بسبب موقف الباحث الذي لا يتورع عن شيء تسنى لفنان مثل تيسيان أن يلعب دورا مهما في تحرير فن الرسم الإيطالي من جمود و كآبة التقاليد الفنية الموروثة من العصور الوسطى.
هذه المسافة القائمة بين الجسد و المسند تقصر عند كمالا بفضل تبنيها للأصطبّة كأداة بلا مقبض و بلا تاريخ أو تقليد أو أي إدّعاء جمالي نبيل من نوع الإدعاءات الجائرة و المبررة التي تلبّك تاريخ الأدوات و المساند بثرثرات تغرّق الحوت في لجة الأدب المباح. مجرد خرقة تملأ قبضة اليد و تتحرك وفق مشيئة اليد التي تدعك المسند لتمحو أثر الفرشاة.
لكن كمالا ، كفنانة يديائية ، تبقى نسيج وحدها، كونها لم ترث شيئا من أي سلف صالح ،كما سادتنا الطلاينة الأماجد ،[ سلف شنو يا زول؟!] ، و لم تعرف أبا روحيا تنهل من معينه ، و أي معين في سياق هذه الحركة التشكيلية السودانية التي نبتت يتيمة ، على حين غرة ، في وسط الجدب العام، و تأقلمت مع ظروف عدم المواتاة الثقافية فبقيت على قيد الحياة، كما شجيرات الصحراء الشوكية ، بل و تطورت و أثمرت، بالعون الذاتي [ من دقنه و افتل له]، حتى صارت حركة متميزة يشار إليها بالبنان الأجنبي ؟! .
أقول : كمالا من نوع الرسامين الذين يستغنون بالممارسة العملية عن ما سواها.و خلال سنوات جيرتنا السعيدة معها في ستوديو التلوين لم نعرف عنها ميلا للتنظير و صناعة المفاهيم حتى حين واتتها السانحة الكريستالية مع محمد شداد و نائلة الطيب و الدرديري محمد فضل، كونها بالفعل من جنس" الفنان الذي يعمل في صمت" ، حسب العبارة إياها، و لا يضيرها ذلك في شيء،كونها كشفت لنا ، نحن تلاميذها في قسم التلوين،و بكفاءة عالية، خلاصة تجربتها في لغة "البيان بالعمل" الخلاق، فكنا نتأمل في هذا الدرس العملي المشاتر، و فينا من وقف مفتونا و تأنـّى في تفاصيله،و فينا من زهد فيه وعبره لدروس مغايرة، مثلما فينا من فلت بالمرة من الجنة و سقطها.
إن فرادة كمالا تتمثل في كونها تعيد إختراع مبدأ المانيريزم على مقاسها الشخصي لأنها خلّقت طريقتها الخاصة في الرسم من واقع الممارسة العملية، كما البنـّاءة ، نحتت حجارتها حجرا حجرا من الصخر الخام المبذول في الطبيعة، ثم انثنت على الحجارة و بنت منها بيتها الأسلوبي الفريد، و حين طاب لها المقام داخل هذا البيت الذي أغناها عن السوح في تيه المفاهيم و الأساليب، سكنت فيه و استقرت تصنع تلك التصاوير الغنية التي تتواتر كتنويعات لا نهائية على موضوع[" ثيمة" ] واحد هو الوجه. و أي وجه؟!


سأعود
عادل عثمان
مشاركات: 845
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:14 pm
مكان: المملكة المتحدة
اتصال:

مشاركة بواسطة عادل عثمان »

صحيح يا د. حسن موسى. الاستاذة كمالا ابراهيم اسحق شاركت مع فنانين افارقة في هذا المعرض في سبتمبر 1995 في "وايتشابيل قاليري" بلندن. بحثت عن اللوحة التي اشرت اليها، موجودة في ارشيفهم، ولكنها ما معروضة في موقعهم الاسفيري. بوستر المعرض.

صورة
There are no people who are quite so vulgar as the over-refined.
Mark Twain
عادل عثمان
مشاركات: 845
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:14 pm
مكان: المملكة المتحدة
اتصال:

مشاركة بواسطة عادل عثمان »

ونشرت اعمال المعرض المشار اليه في هذا الكتاب/الكتالوج، ثمن النسخة 15£.
Hardback, 320 pages, 230 illustrations, 80 in colour. ISBN HB:2-08013-599-6

Published by the Whitechapel Gallery, 1995.

https://www.whitechapelgallery.org/shop/ ... uct_id/154

صورة
There are no people who are quite so vulgar as the over-refined.
Mark Twain
Ahmed Sid Ahmed
مشاركات: 900
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 3:49 pm

مشاركة بواسطة Ahmed Sid Ahmed »

Kamala Ibrahim Ishaq Sudanese
b. 1939 Artist
• educated at the College of Fine and Applied Art, Khartoum, Royal College of Art (London) in mural painting, lithography, typography, illustration
• exhibited in solo and group exhibitions in United States of America, Brazil, Sudan, Nigeria, Tunis, Egypt, United Kingdom, United Arab Emirates, and Jordan since 1962
• works in oil on canvas, acrylic on paper[/color]


وهذا ما كتبه عنها صلاح حسن ( الجرك ).:


" 1939 -
Sudanese painter.
Kamala Ibrahim Ishaaq (also Ishaq) was born in Sudan, and trained at the Faculty of Fine Arts in Khartoum and at the Royal College of Art in London. She taught at the Khartoum School of Fine and Applied Art and was a pioneering member of the group known as the Khartoum School, which is widely regarded as responsible for developing the modern art movement in the Sudan. Like many other artists from Arab and African countries, Ishaaq conducted extensive field research on local cultural practices as a basis for her own work. Her early paintings drew on her intensive study of and participation in zars, primarily female rituals of spirit possession and purification in northeast Africa. This exploration of local themes was in keeping with the Khartoum School's interest in articulating a distinct Sudanese cultural identity, which they believed consisted of a mixture of African and Islamic traditions. In the 1970s, Ishaaq departed from her earlier work when she joined with two of her students to create the Crystal Manifesto, which some argue was an implicit critique of the Khartoum School. Opposed to the heavy values placed on skill and craftsmanship and an empirical view of the world, the Crystalists argued that humankind was trapped in a crystal-like prism, whose nature looked different depending on the observer's angle, thus providing a source of possibility within the entrapment. This existentialist perspective shaped her later work, which explored women's oppression and possession more broadly, most notably in paintings of grossly distorted female subjects, some imprisoned in crystal cubes.
Bibliography
Hassan, Salah.[color=red] "Khartoum Connections: The Sudanese Story." In Seven Stories about Modern Art in Africa. New York: Flammarion, 1995.
Kennedy, Jean. New Currents, Ancient Rivers: ContemporaryAfrican Artists in a Generation of Change. Washington, DC: Smithsonian Institution Press, 1992.


ويا حسن أمتعنى وشغل الفكر تناولك المتعدد الزوايا فى هذا الخيط. " الكمالى الأوصاف "!
ووجدت نفسى أردد:
" يا "إيدى "، شيلينى ، ختينى ، فى بيت الله العاجبنى " ! فكانت مسألة كمالا " اليدياء " التى وضعت أنت يدك عليها.

وطبعا " اليد " ممكن تشيل الزول.! وشوف الكاتب فى مناولة النور أحمد على ( بوست كرة القدم )وهو يناجى حارس المرمى:


إقتباس


" لَكَم يخرج قلبي إليكَ، خروج الهواء إلى ظلّه، كلما رأيتُكَ واقفاً هذا الوقوف. أنتَ لا تعرف كم مرةً حاولتُ أن أخربط الهواء لأجعل الكرة تطيش عن المرمى، أو لأسألها أن تبحث عن يديكَ. لكنْ عبثاً. لا فائدة تُرجى.
إن هذا لَشيءٌ مهيبٌ لا يُحتمَل؛ بل همجيٌّ للغاية.
" هل قلتُ إنه محاولةٌ مقصودة للقتل الذليل؛ ناجحة في أغلب الأحيان؛ فاشلة في بعضها القليل؛ لكنّ آثارها – أياً تكن
لا تُمحى من ذاكرة يديك، التي هي روحٌ معذَّبة. فما أشدّ عذاب الروح، وخصوصاً إذا تجمّع في ذاكرة اليدين "!
لا يعنيني التأويل الأدبي لهذا الوقوف. بل يعنيني فقط، وآنذاك، امتناع وجودكَ الشخصي امتناعاً موضوعياً فادحاً، واقتصاره على الإحساس بأن كلّ شيء مختصَرٌ إلى لحظة الصفر هذه؛ اللحظة التي تصبح فيها، أنتَ، محض شلوٍ يتلوّى الجسمُ منكَ، والوجدان، تحت أنياب الانتظار. إنتهى



وأرجو أن أعود لموضعوع كمالا " اليدياء "، وتلك النقطةالهامة.

وفى مجال ربما أوسع دعنا نحاول فرز خيوط كمالا أو إلتقائها، أو " شربكتها " مع خيوط" الخرطوم " و " الكرستالية ".
و التفاكر حول إن كانت هي فعلا مدارس. !وهل هناك فعلا ما يمكن أن يطلق عليه مدرسة فى مجال الممارسة التشكيلية السودانية.؟

و " اليد ليها رافع ".
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

وجه الفنان

مشاركة بواسطة حسن موسى »

صورة







صورة




[size=24]

سلام يا عادل و أحمد و شكرا على " شوف العين " الذي قد لا يقتل غزال لكنه نافع في مقامات الرسم.



وجه الفنان

و أنا أنظر في تصاوير كمالا المبثوثة أمامي تنبهت فجأة لكوني ـ على طول متابعتي لتصاوير كمالا ـ لم أر لها أبدا رسما، في معنى الرسم الخطي
drawing
الذي يمارسه التشكيليون عادة إما كتمرين أكاديمي غايته ترويض" شوف اليد" مع شوف العين، أو كتوطئة للتلوين
painting
أو لذاته كنوع مستقل بسيادته الجمالية الخاصة.و كمالا بحكم تدريبها الأكاديمي الطويل، و بحكم تعدد غواياتها الفنية و بحكم فضولها البحثي المتنوع الذي يلهمها العناية بالخط و الحفر و مباحث الأنثروبولوجيا [ الزار] و الآثار و الميثولوجيا الدينية ، فمن المستحيل أن لا تخلف وراءها أثرا مرسوما ، سواء في شكل سكتشات تحضيرية أو توثيقية ،أو في شكل مشاريع فنية مستقلة. و غياب الرسومات بين تصاوير كمالا المبذولة في فضاء التشكيل، يملك أن يُقرأ كإهمال عفوي لهذا النوع الفني بذريعة أن كمالا انشغلت عنه بما هو أكثر أولوية أو أنها، ضمن منهجها في الممارسة، لا تتصور إمكانية وجود للرسم إلا كجزء من النسيج العضوي لتصاويرها التي يتمازج فيها الرسم و التلوين باسلوب لا يطيق الفرز المدرسي العقيم بينهما. و في هذا الموقف فكمالا على مذهب الملونين الكبار من شاكلة مولانا" فرانسيس بيكون " الذي لم يكن يخفي ضيقه بالرسم المدرسوي:
"..أنا لا أرسم أبدا، لأني لا أحب الرسم. أنا أعمل مباشرة على اللوحة بالألوان. أحيانا أرسم على اللوحة بالفرشاة لا غير.أعتقد أنني لست بارعا في الرسم فضلا عن كوني لا أطيق مشاهدة رسم الآخرين." و حين يسأله " فيليب داجان" ناقد صحيفة " لوموند" : " كيف تنفذ لوحاتك؟"، يجيب "بيكون" : "بالألوان مباشرة ". و حين يطالبه "فيليب داجان" بالإستطراد يقول " بيكون" : " هذا كل شيئ، ليس بالإمكان الإستطراد في هذا الأمر الغريب.هناك عامل الصدفة أيضا.و في النهاية فالكلمات لا تنفع في هذا المقام، يجب ان نرى و أن نحس. إن كل الكلام الذي يمكن أن نقوله بلا فائدة.إنه يظل خارج الموضوع أو إصطناعي.أنظر لمجموعة صور رمبراندت الذاتية مثلا،ما الذي بوسعنا أن نقوله حول الطريقة التي نفذت بها هذه البورتريهات؟ لا شيئ.أو تقريبا لا شيئ.نحن ننظر إليها و هذا يكفينا".
Philippe Dagen,Un entretien avec Franci bacon,in Le Monde,24eptembre 1987.
لكن نسب كمالا الجمالي بـ " فرانسيس بيكون" لا يقتصر على الموقف من الرسم فحسب، لأن كمالا تلتقي مع بيكون في مرابط كثيرة يهمني منها في هذا المقام مربط الصورة الذاتية.
قلت أن كمالا تعمل منذ عقود على موضوع الصورة الذاتية.[ سيلف بورتريت] فكأن مجمل تصاويرها ما هي إلا سجل لإنعكاسات وقائع الحياة على مسند وجه واحد هو قناع وخريطة و حجاب وهوية وأنا وأنت وفرح وحزن وحياة وموت كلها في برنامج واحد!.و في هذا المشهد فكمالا نرجسانية[ حتى لا أقول "نرجسية"، حاشاها!]،و عبارتي في معنى أنها تنتمي لطائفة " نرجس"، ذلك الفتى الجميل الذي أنفق عمره مفتونا بانعكاس صورته على صفحة الماء، حتى أدركه هادم اللذات و هازم المسرات.[و أيّ لذة ؟ بل أي مسرة أعظم من مسرة الحضور في معية الكائن الوحيد الذي نعرف أكثر من غيره: الأنا الأمّارة بالخير و بالشر معا؟]، تقول الأسطورة أن أم نرجس حملته يوم مولده إلى المعبد و سألت تيريسياس العرافة إن كان ابنها سيعمّر طويلا؟و كانت الإجابة أن نرجس سيعمر طويلا إن امتنع عن رؤية وجهه.فكبر الطفل و صار صبيا وسيما تجري وراءه الخاطبات كما يجري وراءه الخاطبون. لكن نرجس لم يكن يأبه بالحب. اشتكى ضحاياه للآلهة، فعاقبه " نيميسيس" بأن يقع في حب صورته.و هكذا ما أن نظر نرجس لإنعكاس صورته على صفحة الماء حتى فتنته صورته فلازمها و ظل ينظر إليها حتى مات من الضنى. قالوا أن زهرة جميلة نبتت في موضع موته هي النرجس.
و هكذا نخلص من هذه الحكاية الإغريقية لهذه الفكرة الجميلة التي تحيل فن الصورة الذاتية لسيدنا نرجس كرم الله وجهه! و تجعل من رسام الصورة الذاتية شخصا مفتونا بذاته.
و الصورة الذاتية نوع فني قديم لا يكاد يفلت منه فنان. و قد لا اشتط إن زعمت أن منطق الصورة الذاتية قدر محتوم يفرض نفسه على الجميع كلما نظر أحدنا لإنعكاس وجهه على المرآة.ذلك ان الناظر في إنعكاس صورته على المرآة إما أن يستحسنها كتعبير إيجابي عن ما يتصوره عن نفسه،و بالتالي فهو يسعى لبذل هذه الصورة و تقديمها للآخرين، أو أن يستقبحها كتعبير سلبي يكشف له عيوبه، الحقيقية أو المصطنعة ، و بالتالي يحاول حجبها أو، على الأقل، تعديلها بحيث تبدو مقبولة لنظر الآخرين.و حسب هذا المنطق فالصورة الذاتية هي الصورة التي يجيزها نظر الآخرين في نظر صاحبها.و قد أورثنا تاريخ الفن الأوروبي و غير الأوروبي حصيلة ضخمة من التصاوير و النصوص التي تعالج موضوع الصورة الذاتية منذ صورة " فيدياس" النحات و المعماري الإغريقي الذي نحت صورته الشخصية في طرف الترس الذي تحمله الآلهة "أثينا"، في التمثال العملاق الذي صنعه لها في "الأوكروبول[ و قد فسر " سيسيرون" مسلك " فيدياس" بأن التقليد لم يكن يسمح له أن يضع اسمه على تمثال الآلهة] ، حتى الـ " سيلفي" الذي راج بفضل انتشار الهواتف الجوالة في إيدي الجميع، دون ان ننسى محاولات " مايكل جاكسون" المستميتة لإعادة رسم وجهه من خلال عمليات التجميل التي قيل أنها تجاوزت الخمسة عشر . و أذكر أنني شهدت في الـ " ناشونال غاليري" في لندن ، عام 1999، معرضا كبيرا للفنان الهولندي القدير "رمبراندت"[1606ـ1669]، اقتصر على مجموعة ضخمة من الصور الذاتية التي انجزها" رمبراندت" على مختلف المساند و بمختلف التقنيات خلال حياته الفنية العامرة.[ أنظر:
Rembrandt by himself,National Gallery publications,London,1999.
ومعرض ربمبراندت يبدو كما لو كان سجلا مخلصا لسيرة الفنان الذي ثابر على رسم نفسه في مختلف أحوالها، بل أنه كان ـ على أثر فيدياس ربما ـ يدس صورته الذاتية في الطلبيات التي يدفع ثمنها الرعاة المتنفذين الأثرياء دون أن يتنبه أحد لأن الفنان سجل حضورا دائما في اللوحة التي طلبوها منه.فهو حينا في وسط جماعة الأعيان أو في خلفية لوحة تاريخية وسط الجنرالات و الفرسان،أو في هيئة تاجر غني أو فارس إلخ. طبعا الفرق كبير بين الدوافع الجمالية لـ " فيدياس" و " رامبراندت" و " مايكل جاكسون" و الدوافع الدنيوية لهواة الـ " سيلفي" الذين يبذل وجوههم على ملأ الأسافير ، لكن القاسم المشترك بينهم كلهم هو أن كل منهم يسقط ذاته على صورة ما بملء إرادته ليقول للناس: انظروا! هكذا أنا..! و يبدو أن رمبراندت مثل أغلب الرسامين كان يستخدم صورته الذاتية كمسند بحثي ضمن استكشافاته التقنية المتعددة.ذلك أن الفنان لا يجد نموذجا أفضل من شخصه.لأنه يمتاز بكونه متوفر و صبور و رهن الإشارة في أي لحظة و في أي مكان، ناهيك عن كونه نموذج متواطئ لا يتحلى بذلك النظر الأجنبي الذي قد لا يوافق نظر الرسام في كل الأحوال. و معظم الرسامين الذين عاشوا تجربة الفقر وجدوا في الصورة الذاتية المنعكسة على المرآة مخارجة مريحة من معضلة النموذج، فضلا عن نوع العزاء الماثل في استئناس الرسام بخيال صورته الذي يتجسد آخرا يحاوره الفنان من أول ضربة فرشاة على المسند.
و في نظري الضعيف، فحوار الفنان مع آخره الماثل على المسند، لحظة ذات حظوة حميمية نادرة في منظور التأمل الذاتي الذي ينتفع به الفنانون و الأنبياء و الصالحين في تصفية الحسابات المعلقة مع الذات و مع الغير.و في مثل هذا السياق أزعم قراءة مجموعة الوجوه التي تسكن لوحات كمالا كلحظات تأمل وجودي يتوسل بالتنويعات على موضوع الصورة الذاتية وصولا لرؤية الذات في أحوال انمساخاتها المتواترة.و رغم أن زعمي، بأن كمالا لم ترسم إلا وجهها، قد لا يصمد طويلا أمام من يتحرّى المضاهاة بين تلك الوجوه المرسومة على الكنفاس و صورة كمالا الفتوغرافية [ و هيهات!]، ربما لأن كمالا، من جهة أولى ، لا ترسم انعكاس صورتها على المرآة ، كما قد يفعل الصلحي، أحيانا، ضمن هم الدرس الأكاديمي. و إنما ترسم انعكاس صورتها في مرآة النفس التي في ثنايا الداخل.و من الجهة الأخرى، فصلة القربى الأيقونية التي افترضتها أنا ، بين صورة كمالا في الواقع و وجوهها المرسومة على المسند ، هي ، في نهاية تحليل ما ، مجرد اسقاط مغرض مستنبط من جملة من الأسباب، معظمها مجلوب جلبا من خارج حدود الأثر المادي.إلاّ أن حدسي ـ على هشاشته ـ إنما يستمد مشروعيته من عكوفي المستديم على النظر في وجوه كمالا المتعددة و في طرائقها الفنية و جملة ما حصلته واعيتي من أحوال وجودها.
أقول قولي هذا و استغفر الله لي و لكم كوني ورّطتكم معي في منطقة الإشتباهات النقدية الغميسة بين حقيقة الصورة و صورة الحقيقة في سعيي لإنصاف هذه الكمالا الغريبة بين أهلها[ و طوبى للغرباء! ] و التي ظلت تواصل عملها دون أن تأبه لنقادها الذين تعودوا على دفن عملها تحت ركام التعميمات الكسولة التي لا تودي و لا تجيب . أقول قولي و كلي ثقة من أن استاذتنا كمالا ، ببصيرتها الحديدة، قمينة بقراءة مكتوبي هذا بما يليق من مسافة نقدية تراعي مواطن ضعفه فتقويها و مواطن قوته فتدعمها.و لا عجب فكمالا أيضا ناقدة رغم أن نقدها لا يتوسل بوسيلة الكلام المباح.
سأعود


و هذه صورة فرانسيس بيكون الفتوغرافية لزوم المضاهاة مع تصاويره الذاتية و تليها صورة نرجس من أثر كارافاجيو:






صورة






صورة







صورة












صورة







صورة
عادل عثمان
مشاركات: 845
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:14 pm
مكان: المملكة المتحدة
اتصال:

مشاركة بواسطة عادل عثمان »

صورة
There are no people who are quite so vulgar as the over-refined.
Mark Twain
عادل عثمان
مشاركات: 845
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:14 pm
مكان: المملكة المتحدة
اتصال:

مشاركة بواسطة عادل عثمان »

معرض في السفارة الفرنسية الخرطوم بمناسبة يوم المرأة العالمي 2014


صورة
There are no people who are quite so vulgar as the over-refined.
Mark Twain
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

كمالا المستوحشة

مشاركة بواسطة حسن موسى »

صورة المستوحشة
في الحوار المشهود الذي اجراه الناقد دافيد سيلفستر مع فرانسيس بيكون ، فسر بيكون موضوعات الصور الذاتية بأنها تمت في لحظات الإحساس بالوحشة حين يغيب الآخرون:
« There wasn’t anyone else around to paint »
David Sylveter,Interview with Francis Bacon,1962-1979,Themes and Hudson,1980
هذه القولة تخارج رسام الصورة الذاتية من موقف "نرجس " لتموضعه في موقف المستوحش المستأنس بذاته.و في مشهد بيكون يبدو رسم الصورة الذاتية كمحاولة[ يائسة؟] لمقاومة قدر الإستيحاش الذي يترصد الرسامين ، من واقع كون صناعتهم ، التي هي أدخل في صناعة العابد المستفرد،لا تكون إلا في ظلام الإستيحاش، فالرسام، على خلاف الموسيقيين و الأدباء و أهل الفنون المشهدية، يرسم داخل وحشته المجيدة حتى و هو وسط الزحام.و في مسرح هذه الوحشة تتوارد أحداث كثيرة لا يدري كنهها إلا الرسام [ و هيهات].و هي الأحداث التي يتخلق من خامتها المحتوى الحقيقي [ في المعنى الديني لمفهوم الحقيقة] للأثر الفني.
أقول قولي هذا و في خاطري الإستيحاش الخلاق الذي اختارته كمالا كشرط أولي لممارسة الرسم.و كمالا، في نظري الضعيف، فنانة مستوحشة، بل هي من أعظم المستوحشين الذين جادت بهم حركة الخلق الفني في السودان. و أول استيحاشها سياسي، إقرأ : "جندري "، في معنى أنها امرأة رادت أرض الفن الوعرة وسط جماعة من الذكور الذين أرسوا دعائم الحداثة الفنية في السودان.و هذه الوضعية الفريدة حفزت بعض الكتاب و الصحافيين على توصيفها بصفة " فنانة السودان "! و هذا اللقب :" فنانة السودان الأولى " الذي انعمت به عليها الصحافة السودانية ، هو شهادة على هذا الإستيحاش، لأن اللقب يستبعد الفنانات السودانيات الأخريات الواقفات في عتمة الضوء الواقع على كمالا. فكأن كمالا خرجت فجأة من قمقم سحري ظل مدفونا في غياهب النسيان منذ الأزل.ترى ماذا حل اليوم بكل التشكيليات السودانيات اللواتي جايلن كمالا في سنوات الدراسة ؟!
و ثاني أوجه استيحاشها سياسي ، ترجم : "جمالي" ،في معنى أنها ظلت تبدع وسط تلاميذ " شيخ غرينلو" الذين آلوا على أنفسهم إختراع " مدرسة" وطنية تحمل شواغل النسخة السودانية للحداثة في منطقة التشكيل . "هؤلاء الناس "[ الحقوق محفوظة للطيب صالح]، الذين دخلوا أرض الرسم بمزاجهم القروي المحافظ و بتجربة الخلاوي التي تلبّك وجدانهم، فبركوا مفاهيمهم الجمالية على مبدأ استلهام التراث الإسلامي و فاوضوا صناعة مفرداتهم التشكيلية على فرضيات أيقونوغرافية مبسّطة و زائفة قوامها مزج الخط العربي و الزخرف الإفريقي ، و في خاطرهم قناعة عرقية ملتوية تنفي عن عرب السودان واقع كونهم أفارقة، مثل غيرهم من الأقوام التي تمنح القارة الإفريقية تعددها الخصيب. وسط هؤلاء المَزَّاجين الوطنيين البواسل ما كان لكمالا أن تكون إلا كما تكون المرأة وسط جماعة الذكور العربسلاميين ، أي منفية في عتمة الهامش الذي يؤطر آيديولوجيا العربسلامية المسودنة.و على شقائها الجمالي المستوحش انتحل لها نفر من نقاد التشكيل الـ " جزافيين " [ الحقوق محفوظة لعبد الله ] عضوية " مدرسة الخرطوم" فانطلت عليها،" لا إيدا لا كراعا " حتى صار الناس يلحقونها بذيل القائمة الشهيرة التي يتصدرها الصلحي و شبرين و هلمجرا!.[ سأعود لناس " هلمجرا" فصبرا ]. و لا أحد يلوم كمالا على هذه الوضعية الإستبعادية التي أدركتها ضمن اللبس المفهومي الكبير المخيم على حال الحركة التشكيلية المعاصرة ، لكنها أقدار الثقافة الوطنية السودانية التي يصعدها الأدب السياسي الذكوري لمقام موقف بطولي لا مكان فيه لجنس الإناث إلا كمزغردات محمّسات للمحاربين أو كثاكلات نائحات على الشهداء .
وسط هذا الشقاء الجمالي المقيم يبدو إلحاح كمالا على موضوعة الصورة الذاتية كما لو كان نوعا من مسلك دفاعي يتيح لها صيانة هويتها الجمالية بعيدا عن الخطرفات الزخرفية المكرورة التي يشحن بها الخرطوميون مساحة اللوحة.و عند رسام الوجوه، كما عند رسامي الطبيعة الصامتة عموما، ميزة عملية تجعل تركيز نظر الرسام على موضوعه يلغي كل الموجودات التي تحيط بموضوعه. أما حين يتعلق الموضوع بوجه الرسام نفسه، سواء تم الرسم من المرآة أو من صورة فتوغرافية، فعزلة الرسام تزداد من واقع حرصه على إلغاء المسافة بين ما تراه عينه و ما تصنعه يده على المسند. لكن صور كمالا الذاتية ليست من نوع الصور الذاتية المعمولة من النظر في المرآة أو في وثائق الفتوغرافيا. كمالا تنظر لوجهها في تلك المرآة السحرية الموجودة في تلافيف النفس الأمارة بكل شيئ، مرآة الداخل. و النظر في مرآة الداخل يلغي كل ما هو واقع خارج حدود هذا الداخل.و في داخل هذا الحصن الحصين الذي يمتنع على الآخرين، وكّرت كمالا نفسها و استقرت آمنة ترسم و تمحو و تبدل في أحوال صورتها و كل يوم هي في شأن.

في السبعينات انشغلت كمالا بتصاوير الوجوه عن نسخ الشرافات و الأحجبة و القباب و المآذن زخارف البروش و البيوت النوبية و حشو اللوحات بتراكيب الخط العربي و بـالزخرف المزعوم إفريقيا ، وأنا أقول " المزعوم " لأن هذا " الزخرف الإفريقي " لم يكن في الحقيقة سوى إفتراء سياحي كسول لنوع "فن المطارات" [ أيربورت آرت] الذي يلخص به الخيال الأوروبي الكولونيالي كل خلق الأفارقة. و رغم أن انشغال كمالا بصناعة الوجوه لم يعصمها تماما من غواية إستلهام الماضي العريق، إلا أن كمالا لم تتبع عادات الرسم التي ثبتها أساتذة "مدرسة الخرطوم" و إنما تلمّست دربها الإستلهامي الخاص و الذي يمكن التعرف على ملامحه في مجموعة أعمالها التي استلهمت تصاوير فترة التاريخ النوبي البيزنطي.و لا عجب فقد كان ذلك العهد بمثابة العصر الذهبي لفنون الإستلهام التي تحيل الممارسة ناحية جماليات التحرر الوطني و موضوعات التميز الهويولوجي التي راجت ضمن زخم النضال ضد الإستعمار. و تصاوير كمالا "البيزنطونوبية"[ عفوا على هذا التخريج حتى أجد أفضل منه!] هي أعمال تستند على تجربة كمالا المهنية في متحف السودان حيث عملت في السبعينات في ترميم و استنساخ جداريات الكنائس النوبية. و في تلك الفترة كانت أعمال كمالا مشحونة بالمراجع الأيقونية لطرز الرسم البيزنطي الماثل على جداريات الكنائس النوبية كما يمكن القول بأن سلسلة صور كمالا الذاتية كانت تشتبه ببورتريهات "القديسة آن" أو بـ "السيدة مريم " الماثلة في آثار كتدرائية فرس. لكن كمالا ليست" القديسة آن" و لا هي" السيدة مريم العذراء". إنها بنت زمانها، و أي زمان؟َ!

زمان كمالا
و داخل ملابسات "زمان كمالا" يمكن إضاءة ما غمض من مواقفها الجمالية و السياسية. في النصف الثاني من السبعينات كان نظام النميري يتلمس فرص الخروج من الأزمة السياسية في طمأنة قوى المحافظة الشرقأوسطية و المحلية على أن النظام لم يعد يشكل خطرا على مصالحهم بعد التخلص من العناصر اليسارية التي تحالف معها في البداية. في تلك الفترة نشطت أجهزة البروباغاندا المايوية في بذل خطاب" المصالحة الوطنية "و "العودة للجذور" و إحياء التراث الديني ،. و غلب على الخط السياسي الغالب للنظام موقف التراجع عن جملة المبادئ الـ " ثورية" التي أعلنها النظام عشية إنقلاب " الضباط الأحرار " في 25 مايو 1969 ..في تلك السنوات شرع النظام في التقرب لرموز الثقافة الدينية من زعماء الطوائف و شيوخ الطرق. و كان صدور كتاب جعفر نميري " النهج الإسلامي لماذا ؟" بمثابة إعلان إفتتاحي رسمي لسنوات الأسلمة السياسية التي انتهت بالبلاد إلى الكارثة السياسية المستديمة حتى اليوم. و قد حلل أستاذنا عبد الله علي ابراهيم، في مطبوعة " كاتب الشونة " التي كان يصدرها الحزب الشيوعي المحظور حينها، في مقالته: " الماركسية و مسألة اللغة في السودان"،[ يناير 1977] ، إنعكاس واقع " الردة اليمينية" الإسلاموية على الحياة الثقافية للبورجوازية الصغيرة،في اشكال عديدة منها أن " توقف المثقف من صفوة البرجوازية الصغيرة عن الكدح الثقافي و تبعاته، أفرغ وجدان تلك الطبقة و كل القوى الواقعة تحت نفوذها من اليقين، و زج بهم في زعزعة روحية وخيمة. و اضطرت تلك الطبقة للإستعانة بالمثقف التقليدي ،" الولي"، لكي تتعلق بأسباب الإطمئنان و السلامة" . يقول عبد الله :" و ربما كان هذا جانبا من تفسير أوسع للإنبعاث الماثل للمثقف التقليدي ، و الحظوة التي يلقاها بين الرموز القائدة و غير القائدة للردة.و ليس غريبا أن تتركز الأنظار في العصا التي يحملها السفاح بيده ، و التي يعزى إليها ثبات حكمه و نجاة عنقه من تدابير المتآمرين و التي خصّها بالبركة " الشريف راجل كركوج". و الشريف ليس إلاّ صدارة نظام كامل من الأولياء يستبطن أغوار صفوة البرجوازية الصغيرة و جماعاتها تهرع إليه في أدق تفاصيل حياتها".." مثل التطهير و الترقية و مكائد المنافسين و خلافها ليثبت فيها التماسك و الثقة في النفس ".
لقد انعكس هذا الواقع على الحركة التشكيلية في اشكال شتى أذكر منها ظاهرة الفنان " عبد الوهاب الصوفي" ، الذي احتفت به وسائل الأعلام الرسمي من إذاعة و تلفزيون و صحف مطبوعة، و قدمته للجمهور كتجسيد للفنان المسلم المتصوّف الذي تكون أعماله حصيلة عفوية لـ " حضرات " صوفية يزوره فيها الأولياء و الصالحون،[ كالشيخ عبد القادر الجيلاني]، و يملون عليه مواضيع لوحاته. هذا " الصوفي"، و اسمه عبد الوهاب أحمد خليل،من مواليد الأبيض 1932، كان يعمل موظفا في مصلحة الإحصاء بالخرطوم. و قد ظهر في البداية بمساعدة الصلحي الذي قدمه في التليفزيون كنموذج للفنان المتصوف.و بما أن الصلحي كان في ذلك الوقت يحتل منصب وكيل وزارة الثقافة و الأعلام، فقد وجد اعلاميو النظام في دعم الصلحي نوعا من ضمانة ثقافية و سياسية حفزتهم على قبول ترهات الرجل و شطحاته الغريبة. بل و جعلت المسؤولين السياسيين يغمرونه برعايتهم فكان عبد الوهاب أول [ و آخر ] فنان تشكيلي يحصل على منحة تفرغ لعام بحاله، ليتمكن من ممارسة فنه.و قد اقتنت الوزارات و المصالح الحكومية المايوية لوحاته بأثمان عالية مقارنة بما كانت شُعبة التشكيل في" المجلس القومي لرعاية الآداب و الفنون" أو قسم المقتنيات بـ "مصلحة الثقافة" يدفعانه للفنانين مقابل إقتناء أعمالهم.فاقتنى أعمال عبد الوهاب أعيان النظام مثل وزير الثقافة [ عمر الحاج موسى] و وزير الحكم الشعبي [ جعفر بخيت ] الذي كان في تلك الفترة رئيسا لتحرير جريدة " الصحافة"، كما افتتح الرئيس نميري معرضه الفردي في "قاعة الصداقة" عام 1976. و لعله المعرض التشكيلي الفردي الوحيد الذي قام رئيس الجمهورية بإفتتاحه في ذلك العهد. و قد سخّرت له السلطات المايوية المنابر الإعلامية فصار له برنامج إذاعي يومي في راديو أم درمان حول التصوّف ، يذيع فيه على المستمعين كلاما أدخل في الشعوذة منه في الأدب الصوفي. و يحكي عبد الوهاب بداية علاقته بالرسم في معرضه السادس الذي قدم في إطار مهرجان الثقافة الثالث[ ديسمبر 1980] بقوله :
" في ذات ليلة و أنا نائم شعرت بشيئ ثقيل يجثم على رأسي، ثم يتحرك و يجثم على صدري فأصحو من النوم مرهقا، و تكرر ذلك عدة مرات.و كلما أفقت من النوم وجدت نفسي مرهقا و منساقا إلى الكتابة و الرسم بهذا الشكل الذي تعرفونه، و إذا لم أكتب أصاب بمرض.".." و كان رسمي كله عن الإسلام، و فيه وحدانية الله و القرآن الكريم و محمد رسول الله [ ص]، و تنوعت أساليب رسمي من تشكيل عادي إلى سيريالي معقد إلى تجريد .."[ أنظر عبد الوهاب الصوفي في كاتالوج معرض " الفنان و الأفكار"، و زارة الثقافة و الأعلام، قاعة الصداقة، من 25/11 إلى 2/12/1980].
أذكر أننا، هاشم محمد صالح و شخصي، و ربما علاء الدين الجزولي، قابلنا عبد الوهاب أحمد خليل مرة في مكاتب جريدة "الأيام"، و كنا قد انتقدناه في الصحف و في بعض الندوات فابتدرنا محتجا : " يا أولادي مالكم و مالي كاشفين حالي في الجرايد؟ أنا داير أربي أولادي و أبني بيتي.خلونا ناكل عيشنا بسترتنا "! . حقيقة كنا نتوقع من الرجل هجوما قويا أو خطابا يهوّم بنا في علياء التصوف مما عهدناه عنه في وسائل الأعلام الرسمي، لكنه باغتنا بمنطق المعايش الجبارة فلم ندر كيف نخارج أنفسنا من الحرج الملتبس بالإثم تجاه ذنب لم نقترفه.و ربما كانت هذه كرامة من كراماته و الأجر على الله!.
و حين نتساءل عن الأسباب التي حفزت الصلحي على دعم هذا العبدالوهاب الذي يدعو نفسه بـ " الفنان الصوفي" ، فهناك ثلاثة إحتمالات لتفسير موقف الصلحي: أولا ،من المحتمل جدا أن الصلحي ، وكيل وزارة الثقافة و الأعلام آنذاك، قد تلقى تعليمات صريحة بتصعيد و دعم الفنان الصوفي، من طرف ولاة الأمر في الوزارة أو في رئاسة الجمهورية ،و ثانيا، من المحتمل جدا جدا أن الصلحي الإنسان، بأريحيته العالية و بطيبته المشهودة، تولى الرجل بعنايته مثلما كان يتولى غيره من الفنانين الشعبيين ـ و غير الشعبيين ـ الذين قصدوه طلبا للمساعدة. و ثالثا، من المحتمل جدا جدا جدا، أن الصلحي الفنان "الساحر" المعروف بميوله الشامانية [ ترجم " الكجورية" ] قد توسم في شخصية عبدالوهاب الصوفي فرص تجسيد الفنان " الشامان" المتصوف الفطري الذي يمارس الرسم عندما تتقمصه حالة خاصة أو روح ما تستخدمه و تجعله ينطق و يرسم عنها تلك الأشياء التي لا يمكن أن تصدر عن شخص عقلاني في كامل وعيه.و الإحتمال الأخير يجد سنده في سيرة الصلحي الذي لا يتردد في التأكيد على كونه يباشر الرسم أحيانا تحت تأثير حالات نفسية أو/و صوفية تتقمصه و تملي عليه نوع التصاوير الغريبة التي لا يدري كيف يعقلنها في مشهد الوعي.
" و في أحاديث الصلحي عن تجربته البصرية حكايات و أحاجي مدهشة عن تداخل الخيال و الواقع.فهو يملك أن يرى مشاهد غريبة أشبه بالاحلام ، غير أنه يراها ضمن واقع الحياة اليومية ، مثل رؤيته للأموات ، كما يقول في حواره مع أولي باير[ ×]):
« ..I used to see the dead.I saw my nephew three days after he had died « .. »I used to see “..” a man galloping on a hourse, coming in by one window and going out by the next. I had never told anybody about i
[×] (Ibrahim El Salahi, conversation with Ulli Beier,
Iwalewa- Haus,Universitàt Bayreuth,September,1983,P 26)
(
"
أنظر نصي " الصلحي، العدو العاقل " في الرابط:
https://sudan-forall.org/forum/viewtopic ... ba5129c33c

قصدت من هذا الإستطراد الطويل في شأن عبد الوهاب الصوفي بذل الملابسات السياسية و الجمالية التي طبعت تلك الفترة التي انشغلت فيها كمالا بتصاويرها البيزنطونوبية. ذلك أن تجربة صعود الفنان الصوفي على أشلاء الذوق و الحس السليم، لم تكن سوى البداية لإنخراط قطاع كامل من الفنانين "المثقفين"، ممن تلقوا تدريبهم النظري و العملي في " مدرسة الخرطوم " ، في تيار الغوغائية الدينية التي كانت سلطات النظام ترعاها بحدب. فانطلق القوم رافعين شعار الأسلمة و التصوف بحماس غايته الرئيسية هي التنصّل من كل مناهج التفكير العقلاني التي ثبتتها تجربة التعليم العلماني في الحياة الحديثة.
سأعود










صورة






صورة







صورة
آخر تعديل بواسطة حسن موسى في الاثنين يوليو 28, 2014 6:22 pm، تم التعديل مرة واحدة.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

كمالا البيزنطونوبية

مشاركة بواسطة حسن موسى »

صورة
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

بيزنطا النوبية

مشاركة بواسطة حسن موسى »



[size=24]وقعت كمالا في سحر تصاوير النوبة البيزنطية حتى أنها جعلت منها مرجعا محوريا في أعمال فترة السبعينات.و لا عجب فتصاوير النوبة البيزنطية كنز جمالي جبار لم يتنبه له الكثيرون في السودان العربسلامي الذي يتصور بعض أهله أن تاريخ السودان بدأ مع دخول العرب البلاد.مرة قرأت كلاما للبروفسور ميخالوفسكي
Michalowski

رئيس البعثة الآثارية البولندية ،التي كشفت الغطاء عن آثار النوبة البيزنطية، ورد فيه "إن مجموعةتصاوير جداريات كتدرائية فرس تمثل إضافة نوعية أساسية للفن البيزنطي ".و الصورة الأخيرة تفصيل من جدارية تعود لنهاية القرن العاشر الميلادي ،تمثل القديسة النوبية" داميان "، و هي ابنة أحد حكام الدلتا، اعتنقت المسيحية و استشهدت في عام 284 في عهد ديوكلوسيان.
الصورة لجورج غريستر ، رافو ، باريس. نشرت في مجلة اليونسكو ، فبراير/مارس /size]1980


في التعليق السابق وضعت عمل كمالا المنشور في ديوان المجذوب " البشارة، القربان ، الخروج "[ دار جامعة الخرطوم للنشر ،الطبعة الأولى، 1976]،و في نظري الضعيف جدا فالعمل يستند على صورة القديسة آن التي بين تصاوير كتدرائية فرس في متحف السودان القومي بالخرطوم، و الله أعلم. أما الصورة الملونةالمهترئة تحت صورة القديسة آن فلها قصة أخرى أحكيها لكم لاحقا.
سأعود
عادل عثمان
مشاركات: 845
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:14 pm
مكان: المملكة المتحدة
اتصال:

مشاركة بواسطة عادل عثمان »

بوست رائع وكتابة وافية وشاملة ومتعددة الطبقات نتعلم منها، ونتعرف عن طريقها على فنانة تستحق التنويه باعمالها وسيرتها وسبر مفاهيمها ومحفزاتها الوجودية والجمالية والحرفية.

كمالا ابراهيم اسحاق

اسمها الاول (كمالا) اسم نادر في بيئة السودان النيلي. هل يمكن اعتباره مصدرآ من مصادر اشتغالها بالفنون وجماليات اسلوبها الخاص بها؟ بمعنى انها تستقصي على نحو تاريخي ومعرفي، وبنهم شخصي، واستغراق وجودي هويوي، جذور حياتها، ميلادها، اسمها، ابواها، اسرتها؟

من يطالع صورة كمالا يرى في ملامحها تمازج واختلاط اعراق وامشاج متعددة ومتنوعة، تتبّعها ايضآ قد يفسر رحلة كمالا الفنانة والباحثة في وجودها الشخصي والعياني ومصادره التاريخية.

انظر الى ملامح وجهها القوية، ترى طبقات من حضارات وملامح عبر الاف السنوات، فيها الزنجي والمصري القبطي والاغريقي والفينيقي والهندي. كما ترى غموضآ آسرآ ينطوي على اسرار وخفايا. هل لديها تسجيلات صوتية او تلفزيونية نستطيع ان نسمعها تتحدث او تحاضر او نشاهدها تعبر عن نفسها بغير اللوحات والالوان والفرشاة؟

كمالا سلالة لوحدها، تلد نفسها وتستولدها عبر الفن.
There are no people who are quite so vulgar as the over-refined.
Mark Twain
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


العزيز عادل عثمان
سلامي

في السودان عدد من النساء في عمر كمالا إسحق يحملن هذا الاسم. وكنت قد سمعت من أمي، طابت ذكراها (وهي امرأة تحب المعرفة ولديها كم هائل من المعلومات، استقتها من والدي، ومن أشقائي الذين تعلمت منهم القراءة والكتابة خلال اهتمامها بدراستهم وأداء واجباتهم المدرسية)، أن كمالا هو اسم والدة رئيس الوزراء الهندي الراحل جواهر لال نهرو. مع قراءة مداخلتك طافت بخاطري تلك المعلومة، فبحثت في الانترنت عن نهرو، فوجدت أن كمالا كانت زوجته.


https://en.wikipedia.org/wiki/Jawaharlal_Nehru

يبدو أن هذا الاسم انتشر في الثلاثينيات بعد وفاة كمالا نهرو في عام 1936، وفي حيّز ضيق في أوساط أسر المتعلمين في ذلك الوقت، من باب التضامن مع مؤسس حزب المؤتمر الهندي، ولإحياء ذكرى امرأة عُرفت بالدفاع عن الحريات، في وقت كان فيه المتعلمون السودانيون يستلهمون تجارب الدول الأخرى التي تسعى لنيل استقلالها. علماً بأن إبراهيم عثمان إسحق كان من بين مؤسسي مؤتمر الخريجين.

من ناحية أخرى، علمت من ابنة عم لكمالا إسحق تعرفت عليها في بداية سنوات دراستي بفرنسا، أن أسرتهم تنتمي للمحس. ومنطقة المحس، كما نعلم، شهدت تمازج بين أعراق متعددة، محلية ووافدة، هذا التمازج الذي لمحته أنت في صورة كمالا.

نجاة

عادل عثمان
مشاركات: 845
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:14 pm
مكان: المملكة المتحدة
اتصال:

مشاركة بواسطة عادل عثمان »

شكرآ يا نجاة على المعلومات القيمة. إذن كمالا ابراهيم اسحاق سميت على كمالا زوجة الزعيم الهندي نهرو.
قوقل اضاف الى معلوماتك ان كمالا ونهرو انجبا طفلة صارت رئيسة وزراء الهند، مسجلة سبقآ تاريخيآ، وهي انديرا غاندي.
مؤتمر الخريجين السوداني تم انشاءه على خطى حزب المؤتمر الهندي ونضاله السلمي من اجل الاستقلال. ووالد كمالا الفنانة السودانية عثمان ابراهيم اسحاق من مؤسسي مؤتمر الخريجين. يمكننا القول إن اسمها (كمالا) وثقله السياسي والوطني ربما اشتغل في لا وعيها كامرأة طليعية في مجال الفنون السودانية، رغم انها لم يعرف عنها اشتغال مباشر بالسياسة السودانية. هذا مبحث آخر.

صورة كمالا ونهرو وبنتهما انديرا طفلة تحبو في 1918.


صورة
There are no people who are quite so vulgar as the over-refined.
Mark Twain
صدقي كبلو
مشاركات: 408
اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 9:02 pm

مشاركة بواسطة صدقي كبلو »

أولا أشيد بالبوست وأنه فعلا يعلمنا جميعا فشكرا حسن.
يا نجاة ناس إبراهيم أسحق صحيح محس ولكنهم محس بري ومنهم البروفسير مصطفى حسن اسحق، ومنهم قاضي لقضاة السودان، أظنه والد كمالا نفسها، كان متضامنا مع نساء السودان واستجاب لطلب الاتحاد النسائي فأصدر عدة منشورات قضائية حول الزواج (أحدها حول ضرورة مشوارة الفتاة قبل الزواج وما زال يعمل به وآخر عن الطلاق) ,أظن أن أحد آل اسحاق كان عمدة للخرطوم. ومحس بري لهم قرابة بمحس توتي وحلة حمد والخوجلاب والتي وسوبا غرب والكلاكلات. ورغم أن بعضهم يحاول إيجاد نسب عربي، غير أني أظن أنهم ما تبقى من مملكة سوبا.
آخر تعديل بواسطة صدقي كبلو في السبت أغسطس 02, 2014 6:47 pm، تم التعديل مرة واحدة.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

" ظهور الإسلام" الفني !

مشاركة بواسطة حسن موسى »




سلام يا صدقي و عادل و نجاة و شكرا على النظر. علاقة الأصل العرقي بمآل الفنان أمر عامر بالمزالق و أرجو أن نجد براحا لمناقشته مستقبلا.






" ظهور الإسلام" الفني!

و من يتفحّص عمل كمالا الغزير المتواصل عبر السنين، يلمس بسهولة أنها لم تهتم كثيرا بـ " مزج" الخط العربي و الزخرف الإفريقي الذي فتن مجايليها من "حيران" " مدرسة الخرطوم "، و أنها انشغلت بصناعتها، صناعة الـ " صورة الذاتية المتخيلة "[سأعود لموضوع "الصورة الذاتية المتخيلة"]، عن ركوب موجة الرسم الإستلهامي التي طغت في مطلع السبعينات و التي طبعها الإحتفال غير النقدي بمواريث الثقافات البائدة .و سواء على صعيد الخيارات التقنية أو على صعيد الموضوعات التي تتردد في لوحاتها، فمن الواضح أن كمالا أدارت ظهرها لـ "مدرسة الخرطوم" دون أن تكلف نفسها عناء بذل المفاهيم النقدية اللازمة لإخلاء طرفها من شبهة الإنخراط الصامت في حزب الإستلهاميين.و علاقة كمالا بـ "مدرسة الخرطوم " سؤال مركب لا بد أن كمالا ستباشر الإجابة عليه في يوم من الأيام و لو من باب " إخلاء الطرف " الأخلاقي. لكن ما أراه أنا هو أن المناخ السياسي المطبوع بالغوغائية الدينية لم يترك للفنانين ـ و كمالا بينهم ـ هامش مناورة يتيح لهم النجاة بفنهم بعيدا عن طوفان " الشريعة السودانية" الصائر حربا أهلية و " مشروعا حضاريا " للـ " إنقاذ " عندما يتوصل الإسلاميون للإستفراد بالسلطة في إنقلاب 1989 .
ولفهم طبيعة التحولات السياسية وسط حركة التشكيليين السودانيين في تلك الفترة ، أتوقف عند وثيقتين مفتاحيتين ، الأولى هي كتالوج "معرض الفنان و الأفكار" الذي اصدرته وزارة الثقافة[1980]، تحت إشراف الفنان أحمد عبد العال . و قد احتوت المطبوعة على مستنسخات لتصاوير الفنانين مع نصوص قصيرة مكتوبة من طرف كل مشارك غرضها تلخيص موقف الفنان من الظاهرة الفنية،و قيل من الوجود بحاله!.
و من يقرأ النصوص المنشورة في كتالوج معرض " الفنان و الأفكار " يلمس التوجه العام لمعظم المشاركين في إعلاء القيم الروحية الدينية و الإحتفاء بمواقف و مفاهيم التصوف الإسلامي. فعبد العال يكتب مقدما لعمله في الكتالوج:
"ثمة معان عظيمة مطمورة فينا،و من حولنا معان منسية لا يطفو منها إلى سطح الوعي إلا القليل القليل".." و قد أنزل القرآن بقصد تحقيق ذكرى هذه المعاني في قوله تعالى " و لقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مُدّكر " ". و من هذا يخلص عبد العال لأن
" اللوحة هي المهبط المادي لمشروع الذكرى ". و من الواضح في نص عبد العال أن الرجل يستثمر رأس المال الروحي الذي حصّله في رفقة " الأخوان الجمهوريين" ، قبل أن يهجر مصلاهم المتقشف لمائدة الإتحاد الإشتراكي الدسمة . لكن قارئ " الأفكار " التي بثها بعض الفنانين المشاركين المعروفين بقلة عنايتهم بالروحانيات لا يملك إلا أن ينبهر بالشطحة الصوفية لفنانين من شاكلة أستاذنا حسن الهادي الذي كتب في كتالوج معرض الفنان و الأفكار:
" الرؤيا هي صورة متشابكة متداخلة مركبة متحركة، نراها في حالة صحونا و نراها في منامنا.و في حالة الصحو نسميها إيحاءا أو إلهاما أو خيالا، و في حالة النوم نسميها حلما، و في كلتا الحالتين فهي تحتاج منا إلى التأويل و التفسير أو الفتوى و التعبير " يا أيها الملأ افتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون" صدق الله العظيم ".
"و هكذا يا سادتي"، إن كان في وسع فنان،" زول دنيا"،[ ترجم: بوهيمي] من نوع حسن الهادي ، أن يبحث عن مسوغات فنه " الإسلامي" الجديد في ثنايا النص القرآني [سورة يوسف]. فلا أحد يستغرب كمالا التي تخوض في أمور " الماوراء" المشتبهات، حين تكتب : " الرسم في بعدين فقير و غير ذي بال في رؤيتي " ثم تدعو لـ " الخروج إلى رحابة الأبعاد الأخرى من بعد ثالث و رابع و ما فوقه، لو جاز ذلك، هو القصد و إليه السعي.و هو ما يسمونه بـ " الماوراء " ". هذا " البعد الرابع" الكمالاوي يطرح صلة قربى مفهومية مع "بُعد رابع" مجاور، صنع منه استاذنا عثمان وقيع الله،[ 1925 ـ2007]، نظرية دينية في ممارسة الخط راجت في الثمانينات. يشرح عثمان وقيع الله بعده الرابع بقوله:"..و تبلورت رؤية البعد الرابع عندي بتخطيط الحرف المفرد و الكلمة المفردة في صفحة كاملة. و كان موضوع هذه التخطيطات الحروف المفردة الواردة في القرآن الكريم.و المعرّفة بـ " الحروف النورانية".و أول ما نزل منها كان حرف النون. و اتضح لي أن أجمل ما تكون هذه الحروف حينما تكتب بالفرشاة و بالمداد على الورق الأبيض.هناك لا يرى الناظر بعدا ثانيا فقط، بل يبصر ثالثا و رابعا ، و يرى كل ألوان قوس قزح منبثقة من درجات الأسود إلى الرمادي الفاتح في تشكيل رائع لا يتأتـّى حتى بالألوان أحيانا." [" الأيام " 7 فبراير 1988 ]
و رغم أن شرح وقيع الله يبدو أدخل في "طبخ " الرسام منه في شطح الصوفي المجذوب إلا أن تخصيصه لـ "الحروف النورانية" ينطوي على شيئ من العسف المفهومي، بالذات حين يصدر من تشكيلي يحمل ضمن متاعه النظري تجارب الحداثة التشكيلية التي تخلّقت في رحاب مدرسة" الباوهاوس"[واسيلي كاندنسكي و بول كلي ].و في نظري [الضعيف؟] فتخصيص عثمان للحروف النورانية، دون غيرها من العناصر الغرافيكية للكتابة العربية، مريب كونه يجلب لبحثه التشكيلي ضمانة دينية تصعّد عمل الرسام لمقام العبادة.و ريبتي تجد سندها في ظاهرة التشكيليين العرب [ المسلمين و غير المسلمين ] الذين حفزهم رعاة الفن "المؤمنون" في بلاد النفط على العودة لحظيرة الإيمان.أنظر نصي " جنازة الخط .." على الرابط
https://sudan-forall.org/forum/viewtopic ... 03f75daaac


أما الوثيقة الثانية فهي تتعلق بتقديم "معرض المخطوطات والجماليات الإسلامية "الذي نظم ضمن إحتفالية مرور خمسة عشر قرنا على الإسلام في السودان. هذه الوثيقة هي خطاب عام من" لجنة معرض المخطوطات و الجماليات الإسلامية" ، المنبثقة من" اللجنة القومية للإحتفال بالقرن الهجري الخامس عشر"، و التابعة بدورها لـ "المجلس الأعلى للشئون الدينية و الأوقاف".
و قد احتوى معرض المخطوطات و الجماليات الإسلامية الذي نظم في" قاعة الصداقة" لمدة اسبوعين من 28 مارس 1981، احتوى على تصانيف وثائقية متنوعة تتراوح بين المصاحف و المخطوطات و المصنوعات اليدوية و صور فتوغرافية وثائقية من أقاليم السودان المختلفة و مطبوعات اسلامية و تسجيلات صوتية.

و خطاب لجنة معرض المخطوطات و الجماليات الإسلامية التي كان يشرف عليها الفنان أحمد شبرين، العميد السابق لكلية الفنون [بين 1976 و 1980]، يبدأ بـ " الشكر الواجب لله أن جعل أرض هذا الوطن مستقرا لنداء لا إله إلا الله محمد رسول الله ".." نداء لم يخب صوته منذ أن ارتفع أول صوت بالآذان في بلدنا الحبيب.نداء لبّى فرائضه و شعائره أهل السودان ، رجالا و نساءا و شبابا ، رحلة إيمان امتدت أربعة عشر قرنا ، مفعمة بالحب.. محققة للخلق و موثقة بالود لمجتمع المؤمنين "
بين معرض "الفنان و الأفكار" الدينية في ديسمبر 1980 و معرض " المخطوطات و الجماليات الإسلامية في مارس 1981 فترة زمنية قصيرة نشطت فيها أجهزة البروباغندا الرسمية لإقناع السودانيين بانهم فعلا مسلمين منذ " أربعة عشر قرنا"، و أن ثقافتهم إسلامية ميّة الميّة، و " أن قرى السودان و مدنها، كانت و ما زالت، أقلاما تكتب و ألواحا تحفظ في الصدور. إن القرى كانت ، و ما زالت ، مصاحف تحبّر بخط اليد و يتوارث التقليد جيل بعد جيل. إن حلقات التدارس الخلوي و المساجد كانت و ما زالت و تبقى قاهرة للظلام.. إن المؤسسات الإسلامية الجديدة أخذت تحتل مكانها في المجتمع، موطّنة العصرية لخدمة الأصالة في السياسة و الفكر و الإجتماع و الثقافة و الإقتصاد " و ترجمة هذا الكلام باختصار هي أن الدولة المايوية التائبة عن العلمانية و المتبرأة من الشيوعية تحتفل معهم بالقرن الهجري الخامس عشر و تطمئن الحلفاء الجدد، المحليين و الإقليميين ، و الدوليين ، باستعدادها لفتح صفحة جديدة و أن " الثقة في الغد القريب ، بإذن الله، هي دائما الزاد الذي ينفذ [ كذا!] و الوقود الذي يعين الإنفعال بالمثل الكبرى في الكتاب و السنة "
يقول محرر الخطاب، [ أحمد شبرين كان ما نخاف الكضب!]:
" إن السنة الغراء فوق النظرات و النظريات.. فوق الفلسفات و التأملات.. فوق الأمل و التصورات ". و" أن هذا المعرض يعتبر مقدمة متعجلة لنشاط مستقبلي واسع ، يمكن له التخطيط ليؤسس للمتحف الإسلامي و المكتبة الإسلامية في السودان ". طبعا لم في وسع أحد حينها، أو على الأقل لم يكن في وسع أحمد شبرين ، أن يتنبأ بأن " النشاط المستقبلي الواسع" الذي ابتدرته مقدمة معرضه الـ " متعجلة " يمكن أن يتجاوز حجم المتحف و المكتبة ليصبح " قوانين سبتمبر" و حربا أهلية [ 1983] ستشتعل لأكثر من عقدين من الزمان ، و محاكم للشريعة الناجزة التي مثـّلت بالسودانيين على إختلاف دياناتهم و جرّمت قطاعات واسعة من المواطنين بجرم الإنتماء لغير جماعة المسلمين.و أنـّى لأحمد شبرين و صحبه، من أفندية عيال المسلمين الذين تعودوا على الوقوف بأبواب السلاطين، على إختلاف الأنظمة!، أنـّى لهم أن يتخيلوا أن معرضهم بصدد "نشاط مستقبلي" يتجاوز هم المتحفة و التوثيق؟ لا،فـ "نظرية المؤامرة" التي يمكن أن نخيط منها قميص"عمالة " لتحالف القوى الرجعية العربسلاموية مع قوى الإمبريالية، لأحمد شبرين و عبد العال و شركاهم ، لا تؤدي في هذا المقام. ببساطة لأن " هؤلاء الناس" كانوا ، و ما زالوا ، على ما هم عليه من السذاجة السياسية الغليظة و انسداد البصيرة الإنسانية و ضيق الأفق الجمالي، حتى أنهم لم يروا من السودان سوى الجزء الذي أشار نحوه أصبع السلطان الجاهل . لا، أحمد شبرين و شركاه ليسوا من الذكاء بحيث ينخرطون في مسارات العمالة التي تتطلب دراية و علما . إنهم، في كسلهم الفكري الأسطوري، مثل تنابلة السلطان، يطعمون من جاه السلطان و يعربدون في حماه و يعمرون مهرجاناته فيوسمهم بأوسمة الإنتهاز المتبادل و يمنحهم عطاياه التافهة و يهرج بهم في محافله الموسمية و الأجر على الله! [ من يغشى دار الوثائق سيحصل بسهولة على قائمة الفنانين و الأدباء و الحلاقين الذين تعود النميري على تدبيس أوسمتة المزفرة على صدورهم في كل مهرجان ]. يواصل أمين لجنة معرض المخطوطات و الجماليات الإسلامية خطاب التقديم بقوله أن " لجنة المعرض التشكيلي ".." استطاعت أن تضع يدها على أعمال تشكيلية تتميز بالملامح الأساسية المعاصرة لحركة الجماليات المعاصرة في السودان . "و يختتم الخطاب بـ " أن النماذج المعروضة لخطط المؤسسات السودانية، و التي وجدت مكانها في هذا المعرض تعتبر خططا إيجابية تفصح عن معنى جديدا في مجال العمل القائم على النهج الإسلامي. إن مشاركة بعض الدول العربية لهذا المعرض لتعتبر التعاون الوثيق لخدمة الإسلام و المسلمين في بلادنا ". و إذا تأنـّينا عند عبارة " مشاركة بعض الدول العربية " فسوف نجد في مقدمتها المملكة العربية السعودية التي تبرعت للمجلس الأعلى للشئون الدينية و الأوقاف [ و زارة الأوقاف و الشئون الدينية سابقا ] بمبلغ مليون جنيه لدعم أكبر إحتفالية بالقرن الهجري الخامس عشر في تاريخ السودان [ الأيام،28 مارس 1981]. لكن من زاروا المعرض، أيامها،و أنا بينهم، شهدوا تظاهرة متواضعة تشبه معارض مهرجانات الثقافة العادية التي لم تبلغ ميزانيتها المليون أبدا!. يعني"ّ بحر حفروُه و ترابُو وين ودُّوه؟!".
في هذا المعرض أذكر أن كمالا عرضت مجموعة من اللوحات منفذة على الورق و مبنية في غالبيتهاعلى تكوينات الشرافة التي كانت تتصدر المصاحف المنسوخة باليد مركبة مع نصوص قرآنية و تخاريج خطوطية من يد كمالا. بدت لي هذه الأعمال أدخل في الرسومات التوضيحية منها في اسلوب تصاوير كمالا. و أظن أن التصنـّع الجمالي الظاهر فيها طبعها بطابع خطاب البروباغندا الإسلاموية الذي ساد في ذلك المعرض.سأحاول العثور عليها بين الأضابير المنسية و بذلها للقراء ، ليس لأنها مهمة جماليا و إنما لأنها شهادة ذات قيمة عن مدى الضغوط التي كان يكابدها التشكيليون في ذلك الزمان. زمان ظهور الإسلام الفني في سماء حركة الرسم في السودان.يبقى السؤال: ما الذي حفز كمالا على دخول هذه الكوميديا الإلهية؟ مندري؟! حتى تكتمل وثائقي. لكن ما يستحق التأمل في هذا الأمر هو إن كانت فنانة في وزن كمالا مضطرة للإنخراط في موجة الهرج الإسلاماني الذي اجتاح حركة التشكيل السودانية في مطلع الثمانينات، فهذا يعني أن الضغط السياسي و المادي الواقع على التشكيليين السودانيين في تلك الظروف ، كان من القوة بحيث لا يوفر أحدا مهما علا كعبه. و قد انعكست آثار هذا المد العربسلامي على تيار" مدرسة الخرطوم" فضعفت النبرة التهجينية الأولى التي كانت تطبع خطاب الخرطوميين، من شاكلة التمازج و التوليف بين المكونات العربية و المكونات الزنجية " فيفتي فيفتي "!.في تلك الأيام خفت صوت المهجنين و أهمل فصحاء الخرطوميين البعد الزنجي الإفريقي في كتاباتهم مقابل الإحتفاء المفرط بالميراث العربسلامي.بل أن بعض الخرطوميين أخذوا ينكرون حتى وجود شيئ اسمه " مدرسة الخرطوم "!. و لعل الحظوة الكبرى التي نالها نمط الخط العربي في تظاهرات نهاية السبعينات و مطلع الثمانينات، تعبر بشكل مباشر طغيان المد العربسلامي ضمن تيار" مدرسة الخرطوم" أو " مدرسة إحياء التراث "، أكثر منه اهتماما حقيقيا بالطاقة الجمالية المستبطنة في الشكل الغرافيكي للحرف العربي. فالعربية ليست مجرد لغة إتصال بين العربسلاميين، بل هي لغة مقدسة لأنها لغة القرآن.[" إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون" سورة يوسف2]
و يعبر الفنان ابراهيم العوام، الخرطومي السابق، عن طغيان المد العربسلامي بين الخرطوميين، في مقالة قدّم بها لمعرض مهرجان القرن الخامس عشر الهجري : " إن الخط العربي هو أرفع الفنون الإسلامية، و هو تجسيد للحرف، هو ماعونه الذي ينشر الرفعة برفعته. و الحرف العربي رفيع، و دليل رفعته نزول القرآن به [ كذا!]"، [ الأيام، 27مارس 1981]. طبعا العوام لا يجهل أن القرآن الذي نزل على النبي الأمّي [ " قال: إقرأ، قال :ما أنا بقارئ"!]، لم يكتب في حياة النبي و إنما كتب في عهد عثمان بن عفان، الخليفة الثالث، مثلما هو لا يجهل أن الكتابة العربية في ذلك العهد كانت مجرد تخطيطات بدائية، بدون نقاط و بدون علامات ضبط ،و أنها اضطرت للإنتظار لأكثر من قرنين من الزمان حتى تتضافر جهود الخطاطين الرواد و رعاتهم من الخلفاء و الأمراء المرهفين على إثراء رسمها و تصعيدها لما صار يعرف اليوم بـ " فن الخط". لا ،إبراهيم العوام لا يجهل هذه البديهيات حول تاريخ الكتابة العربية، لكنه هنا يؤدي مهمته كقلم مأجور في خدمة بروباغندا النظام المايوي العائد لحظيرة الإيمان الوهابي و "العرجا لمراحها" في نهاية تحليل طبقي ما.!.
المهم يا زول ، في مجموعة الوثائق الفتوغرافية المنشورة هنا [ شكرا لكاميرا طبطب ] و في المواقع الإسفيرية الأخرى، عن معرض كمالا الأخير، يلاحظ المراقب أن هذا المعرض كان مناسبة لمّت شمل التشكيليين على اختلاف مشاربهم [ و مآكلهم ] الجمالية و السياسية، و في هذا العرس السعيد تبدو كمالا في مركز الفوضى" تاخد و تدّي" مع "الأخوة الأعداء! و هو أمر،من الوهلة الأولى ، يملك أن يضاف لحسنات كمالا، كونها نجحت دوما في المحافظة على موقع وسطي يجعلها على مسافة شبه متساوية من جملة الفرقاء المتنازعين في ساحة التشكيل السوداني.بل هي تمثل اليوم ، عبر كتابات و تعليقات الكثيرين على معرضها و على شخصيتها، كما لو كانت مخلّصة يسوعية بعثت بها العناية لتخلص التشكيليين السودانيين من شقاقاتهم المتناسلة عفو الخاطر. لكن الوقوف في موقف " الحياد المفهومي " يملك في بعض الحالات، بالذات في مثل حالة كمالا التشكيلية الواقفة بين فئات الخرطوميين و الكريستاليين و الإسلامانيين و الماركسيين و الهلمجرّاوين ،يملك أن يموّه، تحت غشاء المجاملات السودانية المألوفة، إما كيدا عاليا في فنون البقاء رغم الداء و الأعداء ،أو لا مبالاة غامرة تجاه كل الهرج و المرج الدائر من حولها بينما هي عاكفة على حكّ و جوهها العديدة مستغنية بها عن سواها. فكيف البصارة؟
سأعود
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

(ما الذي حفز كمالا على دخول هذه الكوميديا الالهية؟)

هذه جملة نورانية يا حسن.
نتابع,
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

صورة
من اليمين للشمال: سيف اللعوته، صلاح حسن عبد الله (بالجلابية)، كمالا إسحق، لا يحضرني الاسم، فأرجو المعذرة، نجاة محمد علي، عبد الله بولا، حسن موسى
تصوير ساري أحمد عوض

صورة
من اليمين للشمال: صلاح حسن عبد الله، سيف اللعوتة، كمالا إسحق، ساري أحمد عوض، عبد الله بولا، حسن موسى
تصويري

في معرض كمالا
المركز الثقافي الفرنسي، الخرطوم
فبراير 2015

أضف رد جديد