محاورة الهوية و الطبقة في" الوراق " [1و2]

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

محاورة الهوية و الطبقة في" الوراق " [1و2]

مشاركة بواسطة حسن موسى »


هاهو رابط فيديو محاورة "الوراق" مع الأستاذ غسان عثمان
[11يناير 2018] في قناة
S24

https://www.youtube.com/watch?v=9Y6C0mx ... e=youtu.be
آخر تعديل بواسطة حسن موسى في الخميس إبريل 12, 2018 8:52 am، تم التعديل مرة واحدة.
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

حول الريبة في مسألة التاريخ
إن التُراث التاريخي ، ومنْ يحملون أجندات ، يقوم صاحبها وتأسره كتابة التاريخ الذي يسجل نسخة المنتصر . وقد تطور التاريخ من تسجيل لوقائع يريد أن يراه المُنتصر على أنه الواقع الحقيقي ، إلى تحليل للوقائع بطرق علمية تكون أقرب للصحة ، وبعيداً عن الريبة والتوجُس .

لقد تطورت طرق معالجة التاريخ ، من نقل رواية المنتصر ، إلى تمحيص وغربلة للوقائع المُسجلة ، وإخضاعها للأسس العلمية لضبط الوقائع التاريخية ، وتصفيتها من عيوب مكر المنتصرين . وإعادة التاريخ إلى واحة العلوم المُنضبطة ، التي تخضع للمقاييس والمعايير التي تضبط الرواية التاريخية وتنتزع الوقائع من الكم المُريب. واستكمال دورة الحياة غير السياسية المباشرة .

يقول دكتور حسن موسى :"الماضي مُفبرك ومصنوع " ،
تلك مقولة تنهض أمام تاريخ المنتصر ، ولكنها ليست حُكماً نهائياً على التاريخ . وإن الاجتهاد لتنقية الحوادث من المكر وتغطية الثقرات أمام الظواهر التي يجلب لنا خامتها التاريخ ، تمضي في طريق المستقبل .

يقول دكتور حسن أن " التذكر " مُخاطرة مُكلفة ، ولكن كثيرون يقومون بتسجيل الوقائع في وقتها ، ولا يحملون طابع المنتصرالماكر . وأكثر التسجيل التاريخي يتعلق بالمذكرات الشخصية ، ولو أن بعضها يكون خاضعاً للتنقية وفق رؤى المجتمع . وقد ذكر الدكتور منصور خالد أنه يعتبر أن أصدق المذكرات الشخصية هي لكراسات ( حياتي ) الأستاذ بابكر بدري ، التي تمت طباعتها نهاية خمسينات القرن العشرين ، وليس كما تم بعد ذلك من تنقيح لتلك المذكرات .
*
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

سيرة التاريخ

مشاركة بواسطة حسن موسى »


أدناه رابط الحلقة الثانية من فيديو محاورة " الوراق" مع غسان عثمان.


https://www.youtube.com/watch?v=AOih82V ... e=youtu.be



سلام يا شقليني و شكرا على العناية بسيرة التاريخ باعتباره مباصرة مستديمة بين الذاكرة و المصلحة.
سأعود
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »



هاذين لقاءين ذات أهمية ، دار الحوار مع الدكتور حسن موسى ، وأدار اللقاء بإقتدار الأستاذ غسان ،
والمقابلتين يستنفران جزء من زخيرتنا حول المثقف والسلطة في السودان ، ومقولة المركز والهامش.
ونذكر مقال لنا منذ عام:

عين على المثقف ..

{ لا يوجد بلد يمكن أن تتطور حقا ما لم يتم تثقيف مواطنيها. }
نيلسون مانديلا .
*
من المعجم الوسيط :
ثقف الشيء : ظفر به ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) كما جاء في الذكر الحكيم.
ثاقفه مثاقفة وثِقافاً : خاصمه وجالده بالسلاح.
ثَقِف : صار حاذقاً فطناً ( مصطلح حديث ).
....
حول الثقافة :
(1)
يقولون مصطلح ( الثقافة ) ، وهو مصطلح له أكثر من معنى ، فهو كمقابل لمصطلح ( culture ) في اللغات الأوروبية تجعله يقابل حالة اجتماعية شعبية أكثر منها حالة علمية فردية رفيعة المستوى كما تبدو من مصطلح الثقافة في اللغة العربية .وقيل أن أول من استعمل مصطلح ثقافة ليقابل به لفظة cultureفي العصر الحديث هو " سلامة موسى ". حين ذكر في أحد أعداد "مجلة الهلال" المصرية :
{ كنت أول من أفشى لفظة الثقافة في الأدب العربي الحديث ولم أكن أنا الذي سكّها بنفسه فإني انتحلتها من ابن خلدون، إذ وجدته يستعملها في معنى شبيه بلفظة (كلتور) الشائعة في الأدب الأوروبي . الثقافة هي المعارف والعلوم والآداب والفنون يتعلمها الناس ويتثقفون بها، وقد تحتويها الكتب ومع ذلك هي خاصة بالذهن}. عن "سلامة موسى ": الثقافة والحضارة - مجلة الهلال
إن كلمة الثقافة بمعانيها المُتعددة العربية المستحدثة الأصل منها والأوروبية هُلامية الاستخدام ويتهيّب منها كثيرون من الناطقين العربية ، واستخدامها فيمن حذق العلوم والآداب والفنون كما وردت في نحت " ابن خلدون " تقف على جانب ويقف في الجانب لفظ ( culture ) .
(2)
من يسأل يضع مُخططاً ، ومن يتعين عليه الإجابة فلديه القليل من الزمن ليُجيب وفي ذهنه الهرب من مصيدة السؤال . الأسئلة المُتراصة المُحْكَمة تنتظر زلّة اللسان .يقولون إن الذي يسأل ينصب الفخاخ. ومن يُجيب يدخل المصيدة التي تُجبرك أن تُفكر قبل أن تُجيب .من هنا نعرف لماذا يقف رجال المباحث والأمن على الجانب الموجب من المعادلة ويقف الآخرون على الجانب السالب .
الثقافة في العربية كما يقول صديقنا الأستاذ" مصطفى آدم" مصطلح ضبابي مُلتبس ، وهو يتحاشاه . وأعتقد أن المصطلح ضبابي فخم يتهيّب منه الجميع ، فمن يقول : أنا مُثقف ، فقد قال بمعرفة أفقية لمعارف متعددة ، وفي ذات الوقت معرفة رأسية تتعمّق في المعارف والفنون والعلوم وفضاء كبير وسماوات لا حدود لها.
من هنا قلة منْ يسمُون أنفسهم بالمثقفين ، فالجميع يحمل منها ما تيسر . ومن هنا كان فخ السؤال وحيرة من يفكر ، والأزمة الحقيقية الأخرى في مصطلح " النُخب " فهو أكثر هلامية ويشترك الثقافة في بعض أجزائه . وعليه فمن أسهم في بلاء الوطن يرغب أن يُشرك جرثومة الداء الجميع ، فيقول : (إن أزمة الوطن هي أزمة النُخب منذ الاستقلال وما قبله !) .
(3)
من السهل عليك أن تُسيطر على الدولة وتفعل بالتاريخ ما تشاء ، ومن السهل أن تقول : أريد أن أعيد صناعة الإنسان السوداني ، ولكن الإجابة الحقيقية هو أنك لن تأتِ بالماضي السحيق لتصنع منه إنسان الحاضر ، أن تكون ماضوياً هو أنك ضد مسيرة الإنسان والطبيعة . ومن هنا تتضخم الكذبة حتى يأتي اليوم الذي تنفجر أمام صانعها !.
لم تكُن الثقافة بمعناها الحاضر المأزوم عند الناطقين بالعربية الفصيحة،بمعناها الحالي في الأزمان الغابرة. كان المفهوم الذي تسوقه لنا اللغة العربية في اللغة القرآنية ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم )، فهي بمعنى وجدتموهم .و تختلف عن المصطلح الحديث ، منذ تعريف ابن خُلدون . المثقفون هم أناس من العارفين لهم تفوقهم في مجمعاتهم . ويمكننا تعريف سحرة المعابد القديمة أنهم جزء من تعريف المثقف بالمصطلح الحديث في العربية ، وتجد له مثيل في قديم الزمان إذا جاز لنا التعبير . والكُهّان يصنعون ما هو غريب عند مجتمعاتهم . يتفوّقون بالمعرفة ويترفّعون بها، ولكنهم يحتفظون بجاذبيتهم لدى العامّة . وهذا هو الفرق بين مثقفي الماضي ومثقفي الحاضر ، إن جاز لنا اشتباك المصطلحات ، لأن العامة في الزمن الغابر في حاجة إلى أولئك عند الطقوس الدينية وعلاج الأمراض والمناسبات الاجتماعية . وارتبطت مفاتيح العقيدة بهؤلاء بتأويل أولئك . فلهم القدرة على التطبيب، الجسدي والنفسي ، ولم يكن أحد ينعتهم بالمثقفين . والمساحة التي تتراءى لهم بتجاربهم في معتقدات الناس والتحكُم في سيكولوجية الخوف ، وأنهم رُسل الآلهة لإنقاذ البشر.
(4)
و نقطف من سِفر علم النفس الفيزيولوجي للدكتور عبد الوهاب محمد كامل ، ما يعين في توضيح الرؤية حول جانب من الموضوع ، فالسفر هو مقدمة في الأسس السيكولوجية والنيورولوجية للسلوك - طبعة ثالثة 1997 ، وأنقل من ص 326 :
نموذج جوليان جانز :
وقد اقترحه سنة 1976 على أسس فلسفية . ويرى أن المخ البشري منذ حوالى من تسعة آلاف وحتى ألف سنة قبل الميلاد ، وهو عبارة عن كاميرا ثنائية . واقترح أن هناك منطقة مسئولة عن الهلوسة هي الفص الصدغي الأيمن ، ويقوم بتجهز المعلومات بصورة حُدسية ، وكأن ذلك الجزء يستقبل ما يشبه الوحي Godlike Command ، وذلك من خلال الجزء الأمامي من المقرن الأعظم في علاقته بمركز فيرنيك ( مركز فك شفرة اللغة المسموعة ) . وعموماً فإنه تصور أن المخ عقل ثنائي الكاميرا ( أيمن – أيسر) معاً ، ويرى في تصوره أن نصف المخ الأيمن يوحي لنصف المخ الأيسر (الإنسان ) بتنفيذ أوامره
انتهى الاقتباس.
(5)
إني أرى هؤلاء الذين أزعم أنهم مُثقفو الماضي ، قد أفادوا أيما فائدة من قدراتهم الذهنية .إن مشاغل حياتنا الراهنة ، التي تبعدنا عن التركيز والصفاء الذهني والقدرة على الإيحاء .إذ لم تكُن تشغل حياتهم الشواغل. كان الزمان صالحاً لإنبات قدرات التأثير الذهني على الآخرين . فهم يجرّبون التطبيب النفسي ويحفرون في أذهان المُريدين والخائفين صناعة يسمونها المعجزة في زمانهم . والتي تتحقق على أيدي هؤلاء المثقفين ( بالتعبير العربي للمصطلح). فهم الذين يدّعون أنهم يفتحون خزائن الربوبية ، ويستخرجون لآلئ الغموض من مكمنها في الأذهان ، ويمدّونها بالروح ، لتعيش بين البشر .
من هنا كان التاريخ يسير. وجاء الحاضر يُراكم المعارف ، ليبدأ الأذكياء سيرتهم لصناعة التميُّز . " الفقيه " في الدولة" السنارية "مثلاً، قبل خمسةقرون ،كان هو المثقف والطبيب ورجل الدين والمعلم والمُطاع من الجميع . حتى السلاطين يخشون بأسه. كأنه يحمل صكوكاً مهرها الربُ بخاتمه. لا تُعيي هؤلاء الصفوة النحت في الأذهان البشرية بالإيحاء، ويدخلون العوالم المظلمة للعقول الباطنة مثلما سردنا عن رفائهم في التاريخ . ويتحكمون في الخوف والرعُب من المجهول .يعيشون بالمعتقد ، وربما يعبثون به . ويصيرون حَمَلة مشاعل التأويل . وإذا استعصت عليهم الأجساد، أعملوا فيها الشواء بالسوط وبالكي ، كي تخرج الشياطين من أجساد المرضى ، فيختلط الواقع بالخرافة .
(6)
منْ هو مُثقف اليوم؟
لكل المجتمعات أبطالها في الخير وفي الشر. كثيرون يذهبون مع حركة الريح ، أو كحراك البذور في الأرض والريح والمطر في الخلاء ، تنمو أو تذوي .
في وطننا اعتدنا على قهر المثقف. و سدّ كل الأبواب في وجهه، فهو عصيٌ على الفهم .وبعيدٌ عن فهم العامّة .و عندما اقترب هو من الأسئلة الوجودية الكُبرى، وصفه المجتمع بالجنون. وعندما يصادم أهل السلطان ، يتغير الحال وتبرز الأزمة التي نسميها اليوم " أزمة المثقف والسلطة ".
راح منا في الماضي البعيد الأستاذ" معاوية محمد نور"، أو يذهب الحال فيما مضى بالشاعر الفخم المرهف الحسّ" إدريس محمد جماع" إلى المصح النفسي في بيروت و السودان ، أو يعلق الشاعر" شيبون" جسده. كثيرون لا نعرفهم ذابوا في رياح الرتابة. مبدعون ظهرت نُذر إبداعاتهم منذ الطفولة، ثم اختفوا مع مرور الزمن. كانوا بين نارين، إن عصوا مجتمعاتهم ذهبوا إلى الجنون، وإن استسلموا تذوب بذرة الإبداع ويتلاشى ملمح الإصباح في وجوههم ، فتتقوقع الملكة المُبدعة حتى تضمُر، ويعود المثقف رقماً ضمن العامة من الناس .و تنمحي هويته المُميَّزة.
ظلم جديد التفّ حول المبدعين، فأصحاب المصالح في دولتنا يحاربونهم،فقول الحق مدعاة النفي من الدُنيا . يدعونهم السلاطين لموائدهم ، إن استجابوا يصبحون مَطية العصر ، فالإبداع لا تحسه النفوسُ الظالمة .والحساسية المُفرِطة بالهمِّ العام لدى المثقف هو مَجلبة للرقابة والسجن والملاحقة .

عبد الله الشقليني
4 مارس 2016
*
آخر تعديل بواسطة عبد الله الشقليني في الثلاثاء إبريل 17, 2018 11:19 am، تم التعديل مرة واحدة.
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »


حول المثقف والسلطة

الدكتور منصور خالد ، مثله مثل الدكتور " جعفر محمد علي بخيت " و" الدكتور محمد عبد الحي " و الأستاذ " جمال محمد أحمد " و" إبراهيم منعم منصور " و" بدر الدين سليمان " و" دكتور بشير عبادي " و" مأمون أحمد إبراهيم " وغيرهم ، استجارت بهم السلطة في سودان السبعينات والثمانينات في وقت انقسمت عواطفهم ما بين أن يقدموا ما في وسعهم من معارف في شق طريق أفضل للوطن وفق رؤاهم ،أو يتخذوا ما يستطيعون من سطوة مستحقة للعمل العام لرد دَيّن الوطن ،ولكن من تحت عباءة نظام حاكم ،جاء من إعسار نظام ديمقراطي لم يزل على بداوته ليس بقادر على استحداث رؤيا التجديد لإدارة وطن متنوع الشعوب والأعراق والثقافات ، مكنوز بثروات مطمورة لا يعرف أحد أفقاً لها ، وبين أن يسوِّقوا لنظامٍ : "جاء بليل العسكر لا خبرة لديه ولا أحد يعرف لأصحابه رؤى ، حين بدءوا حياتهم السلطانية " .
*
إن اختلفنا في أن السياسة المباشرة ليست من خبز همّنا اليومي الثقافي، رغم أنها حياتنا التي نحيا . ورغم خطرها على الشمائل والملامح. متراوحة بين التراث وقدرتنا على النهوض في تمام قمر المعاصرة والحداثة ،أو نستكين لتراث سلفي موغل في القدم.إن لأسفار الدكتور" منصور " في الشأن الثقافي وحياة الصفوة في السودان القديم وفي قضايا جنوب السودان أو السودان الجنوبي ، بحسبه صاحب رصيد الشراكة في صناعة اتفاقية " أديس أبابا " 1972 ، الأولى التي امتدت سلاماً أحد عشر عاماً ، ثم لاحقاً مستشاراً لقيادة الحركة الشعبية منذ الثمانينات و إلى اتفاق " نيفاشا " 2005 وما بعدها . له خبرة نسجت أسلوبه البلاغي المميز في التوثيق و الكتابة وفي تناول الوقائع و تحليلها وقراءة المستقبل ، ثم الخروج بنبوءات الحياة اللاحقة. ورسم هو لوحة لكيف ابتلعنا السمّ ونتذوق الآن مرارة فشل دولتين ،لما تزل الديمقراطية والسلام والتنمية فيهما أحلام لا تأتي ولو في النوم العميق .
**
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »


الأستاذ / علي محمد صديق و(25) مايو
في إجابتنا عن دور المثقفين :
درس الأستاذ "علي محمد صديق" في مدرس أولية ووسطى في غرب السودان، في منطقة كردفان. ودرس الثانوية في الأحفاد ، ودرس آداب جامعة الخرطوم ، وتخرج قبل نهاية السبعينات من القرن العشرين ، وعمل ضابطاً إدارياً، وتنقل في أرياف السودان ، وعمِل في منطقة أبيي . في تطور (25) مايو التحق بركبها ، وقاد العمل الشبابي خلال تطور سلطة مايو ، وقد دعوناه ليقدم لنا الصورة التي يراها هو عن (25) مايو . ولكن لم يتيسر لنا ذلك بسبب الحصار الذي عاناه " منتدي السودان الفكري " وبسبب رحيل الأستاذ .
لم يزل حتى تاريخه أحتفظ بورقة قدمها الأستاذ / علي محمد صديق ، ضمن مجموعة أوراق قدمها عدد من الأساتذة قبل انفضاض سامر الوطن ، وفصل الجنوب . لم أزل لا أعرف كيف يكون مآلها ؟
أذكر أنه كان يتحدث عن " الاتحاد الاشتراكي " ، ويتحدث عن أنه كان يضم تحالف قوى الشعب العامل : الطلاب ، العمال والمزارعين والمثقفين والرأسمالية الوطنية . ذات التجربة المنقولة عن مصر .وإن تركيبة هذا الاتحاد الاشتراكي ، ليست حزباً بل تحالفاً .وأنه أي " علي محمد صديق " كان يرى التجربة تناسب السودان والحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في السودان .
وعندما سألناه عن تجربة قوانين سبتمبر 1983 ، أجاب بأنها لوثة أدخلت السودان في نفق مظلم . وهو يرى أن التحالفات نقية وشفافة ، ليست طائفية .

*
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »


قصة صراع الهامش والمركز

يعيد الدكتور حسن موسى أصل أن مشكلة أصحاب مقولة (صراع الهامش والمركز ) ، هم يعتمدون على الجغرافية ، ويتجاوزون أن هنالك هامش حتى في مركز العاصمة ، وأن هنالك مركزيين في ذات الهوامش التي نوصمها بالفقر والتهميش . وإن القضية هي قضية طبقات ، وصراعها الذي يدور في التاريخ
*
كثير من قضايا أسباب تهميش الأطراف ، تأتي من أن المركز يستأثر بكافة الخدمات والبنى التحتية الاقتصادية وبالتالي التعليم ويحوز مستشفيات وكهرباء ومياه .
عندما يقرأ الواحد منا التاريخ ، يتعرف على أن مصر أنفقت في السودان ، وبريطانيا قامت بدور الإداري الكفء لإدارة هذه النفقات . أكمل الحكم الثنائي سكك حديد السودان : خطوط : حلفا أبو حمد إلى عطبرة وإلى الخرطوم .ومن عطبرة إلى بوتسودان . ومن الخرطوم إلى مدني . ومن مدني إلى القضارف وكسلا إلى بوتسودان. ومن مدني إلى سنار ومن سنار إلى كوستي والأبيّض . وتلك هي أن تتّبع خطوط الموصلات المشاريع الاقتصادية والتجارية بعد دراسة جدواها . وقد شيدت ميناء بوتسودان لذلك الغرض . وشيد خزان سنار لري مشروع الجزيرة ، وذهب طريق السكة حديد إلى الأبيّض لأنها مركز تجارة الصمغ .
انتشرت المدارس الثانوية ، في وادي سيدنا وخور طقت وحنتوب ، وكذلك رومبيك الثانوية في الجنوب . تم إنجاز مشروع القطن في إنزارا ، وانهارت أسعار القطن ، مع تكلفة الترحيل ، وأدى ذلك لتشريد عمال القطن في المشروع ، وتداعيات ذلك تمرد أغسطس 1955 الكارثي.
كانت تلك هي البنية التحتية للمواصلات والميناء ومشروع الجزيرة ، وبعض المشاريع .
*
لم تقم الحكومات العسكرية والحكومات الديمقراطية السودانية إلا بمد خط السكة حديد من الأبيّض إلى بابنوسة ، ومنها بطريقين أحدهما يوصل إلى نيالا والآخر إلى مدينة واو بجنوب السودان .
عندما نتحدث عن البنية التحتية للاقتصاد ، يذهب أصحاب مقولة ( صراع الهامس والمركز ) إلى أن الدولة لم تهتم بالأرياف والهوامش ، ولكن النظرة الاقتصادية تفيد أن الطرق والمشاريع ليست " عمل خير " ، بل لها دراسة جدوى . ومن يقوم بتطوير الهامش يتعين أن يكون لتطويره دراسة جدوى اقتصادية . لقد أنفق المصريون أموالهم في البنية التحتية للسودان طمعاً في مياه النيل . وقد وعدهم الإنكليز خيراً عندما وقفوا ضد مشروع الجزيرة عند بدايته. وقد أنفق المصريون 1.5 مليون جنيه لدعم الحزب الاتحادي ليفوز ببرلمان 1954 ، وتصوروا أنه مقدمة لضم السودان لمصر . ولم يحدث ذلك . وهي الخسارة التي ما فتأ المصريون يتحدثون عنها ، ولم تكن كل حكومات العسكر بعيدة عن منظار مصر الاقتصادي والسياسي ، والسد العالي هو المثال الحي .

*
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

على مهلتك

مشاركة بواسطة حسن موسى »


سلام يا شقليني
و الله متابعين و مستمتعين فكمّل كلامك على مهلتك.
حتى أعود
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »


كتب الدكتور حيدر غيبة في سِفره ( هكذا تكلم العقل ) :

المشكلة الأساسية هي أن الممارسات المُكبِّلة للعقل ، وبالتالي للعلم والإنماء لا تقتصر على العامة من الناس ومنْ تغُلب عليهم الأميّة أو الجهل ، بل تشمل أعداد كبيرة من المتعلمين من أصحاب الشهادات الثانوية والجامعية في أحيان ومواقع كثيرة . وفي هذه الحالة ، تنقسم البلاد الواحدة إلى عالمين متمايزين : عالم مثقف ، مُدرك ، واعٍ ، يشُدّ الإنماء إلى الأمام ، وعالم ناقص الثقافة والوعي ، إما أمي أو شبه أمي ، وإما متعلم مدرسياً ولكنه محدود الثقافة والفاعلية حضارياً ، ومحدود التفكير علمياً وموضوعياً ، يشد الإنماء إلى الوراء . ولا شك في أن هذا التقسيم موجود في كل بلدان العالم ، ولكنه أعم وأظهر في الدول النامية ( محدودة النمو) ، الموصوفة بالعالم الثالث ودول الجنوب ، منه في الدول المعروفة بدول الشمال ذات النمو المتقدم . فإذا قُبل التعميم على أساس الغلبة النسبية لصفة الموصوف ، يمكننا القول ، بشيء من التحفظ ، إن الدول المتقدمة ،متقدمة بسبب تقدمها الثقافي ، بالإضافة إلى عوامل أخرى . وإن الدول التخلفة محدودة النمو بسبب تخلفها الثقافي ، بالإضافة إلى أسباب أخرى . وتعميم المعرفة والموضوعية – أي حياد الفكر – من أهمّ عناصر التقدم الثقافي.

وينتج عن هذا التمايز بروز فجوة كبيرة جداً بين المستوى الإنمائي – والثقافي طبعاً – للمجتمعات المتقدمة ومثيله في الدول ذات النمو المحدود . تتمثل هذه الفجوة ليس في تمتع الأولى بمستوى دخل أعلى بكثير ، يبلغ عدة أضعاف مستوى الدخل في الدول الثانية ، فحسب ، بل وبمستوى قوة اقتصادية ،فعسكرية وسياسية ، يجعلها في موقع السيادة والهيمنة على مقدرات الدول الثانية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ، بل يجعل هذه الدول الثانية تابعة للدول الأولى ، لا سيما الكبيرة منها ، لا تبعية الأقمار للكواكب فحسب ، بل وتبعية الخدم للأسياد ، ضمن نطاق عالم لا يعرف منطقاً غير منطق القوة .
*
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

https://www.youtube.com/watch?v=rvRxY0EiYAI&t=90s

هنا أعلاه رابط وداع الأستاذ "علي محمد صديق" قبل رحيله بعام ، وقد انتهى عمله في
مركز الدراسات الاستراتيجية في أبوظبي ،
وقد كان عضواً فاعلا في ( منتدى السودان الفكري ) ، وقد يتلمس المشاهد لحفل الوداع ، ذكر مسيرة "علي محمد صديق"
يرويها زميله وصديقه الدكتور " علي زايد بريمة " . وهي مسيرة حياة وعبر ليست حياة عادية .
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

أفكار نيرة وبناءة.. سلامات حسن موسى
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

هوية النرجس

مشاركة بواسطة حسن موسى »




[1]

سلام يا باشمهندس عبد الله بيكاسو الشقليني[ شايف التنابذ بالألقاب؟] و مثله لمحمد جمال و و شكرا على تكبد مشقة الخوض في هذا الموضوع الشائك.
طبعا "الماضي مفرك و مصنوع" ، و كان ما نخاف الكضب فصورة الحاضر نفسها لا تنجو من شبهة الفبركة، ذلك أننا نفبرك وفق هوانا و هوانا يتخلّق رهن مصالحنا. و من لحظة أن بدأ مسار دمجنا في ثقافة إقتصاد رأس المال، التي لا نملك لها زماما ،فنحن رهائن في فك الفبركة المفروضة علينا ،لا إيدنا لا كراعنا، و نحاول البقاء ، بأقل الخسائر الممكنة، ضمن هامش ضيق للمفاوضة بين حدي الفناء الوشيك و التسويف التراجيدي بسبيل كسب المزيد من الوقت.و قد نحتال و نتظاهر بالإندماج و الإمتثال التام للوائح و قيم مجتمع رأس المال طمعا في اغتنام شيء من خيرات مجتمع رأس المال، أو قد نعتقد صادقين بأننا طرف اصيل في ثقافة مجتمع رأس المال فنسوّغ لذواتنا فرص المطالبة بحقنا المشروع، قسمتنا و«  شليّتنا » في تركة مجتمع رأس المال،بوصفنا أنداد متساوين في الحقوق و الواجبات التي تعرّفها قوانين ثقافة مجتمع رأس المال، لكننا ، يا صاح ،سرعان ما نكتشف أن ثقافة مجتمع رأس المال لا تعرف لنا حقا و سدنتها لا يعتبروننا أهلا لتدبير شؤون إقتصادنا و مواردنا و تنمية مجتمعاتنا.و لو نظرت في تفاصيل الحملة الجائرة ،التي يقودها اليمين المحافظ و العنصري في أوروبا ضد المسلمين اليوم بذرائع معاداة السامية، للمست أن القوم لا يعتبروننا أهلا لتدبير أمور إصلاح ديننا و فيهم من يتبرع علينا بالتعليمات الضرورية من شاكلة « يجب عليكم أن تلغوا هذا الركن من أركان دينكم أو أن تبطلوا العمل بهذه الآية أو تلك الشعيرة » و غير ذلك كثير. ثقافة مجتمع رأس المال التي خلقت عالما تستحوذ الأقلية فيه على الثروة و السلطة بينما تعاني الأغلبية من شظف العيش ، هذه الثقافة تستبعدنا نحن الحفاة العراة رعاة الشاء، على تباين سحناتنا وأعراقنا و عقائدنا و مواقعنا الجغرافية، تستبعدنا إلى هامش مجتمع رأس المال المعاصر كبروليتاريا في خدمة إقتصاد السوق أو كشغيلة في حروب رأس المال العبثية و حين نتمرد على خططهم فنحن ننمسخ لـ "إرهابيين" و متعصبين و غير ذلك من آيات التغرير الآيديولوجي الغليظ. دوائر رأس المال المعولم قادرة على أن تفرض على بلداننا حكاما يستأسدون على شعوبهم ببأس قوات حلف الأطلنطي أو بقوات حلف وارسو أو بقوات حلف واق الواق و الأجر على الله، مثلما هي قادرة أن تفرض على شعوبنا نسختهم الخاصة من فعل الثورة و الإنتفاض على الإستبداد، و كان مكضبني شوف المصير المفجع لـ «  الربيع العربي » المزعوم ثورة ضد الإستبداد.بل أن بعض أعلام دوائر رأس المال تتحدث اليوم عن «  ربيع عربي » تقوده السلطات الملكية من القمة نحو القاعدة في المملكة السعودية !.

بالله عليك يا شقليني أنظر إلينا كيف نأكل و كيف نلبس و كيف نسكن و كيف نفكر و كيف نحب و كيف نحيا و كيف نموت ؟
يسخر المتعلمون بيننا ـ حين لا يستهجنون ـ ميل المراهقات الخضراوات في مجتمعنا لتبييض بشرتهن بما تجود به صناعات تجميل القبح الإصطلاحي حتى يندمجن في لائحة الجمال الإصطلاحي المعولم على مراجع الثقافة الأوروبية النصرانية، لكنهم قلما يتجاسرون على السخرية من ميل حكامنا لتبني قيم الفكر السياسي و قيم الفكر الإقتصادي لمجتمع رأسمالي نيوليبرالي كل شيئ فيه قابل للبيع و الشراء.
[ يا شقليني لو تسنى لك براح فتأمل في موضوع صورة الإمام محمد أحمد المهدي التي فبركها لنا البريطانيون ثم تبنيناها و نصبّناها أيقونة وطنية منزهة من اي طعن. و على هذا المثال يمكن قياس جملة التصاوير و التصاويت و التفاكير التي نتداولها في مجتمعنا السوداني المعاصر بوصفها "  ثقافتنا"  السودانية الأصيلة[ شوف الرابط

https://www.sudan-forall.org/forum/viewt ... 91aa2ae01c



أن إقتصاد رأس المال المعولم يقسم فئات المجتمع حسب موقع كل من عملية الإنتاج : الفئة الأولى هي فئة المنتجين الذين يبذلون قوة عملهم لإنتاج الخيرات المادية للمجتمع ، و الفئة الثانية، و هي الأقلية، هي فئة المستهلكين الذين يمتلكون قوة شرائية عالية تمكنهم من تدوير عجلة إقتصاد الإستهلاك. لكن هناك فئة ثالثة مستبعدة من آلية إقتصاد رأس المال هي فئة الـ " بدون" التي هي بدون مساهمة في عملية الإنتاج و بدون مشاركة في عملية الاستهلاك ، يعني "لا يجدّعوا و لا يجيبوا الحجار". هؤلاء الناس الذين يشكلون مركز ثقل مجتمعات العالم الثالث [ و بينهم جزء مهم من مستبعدي مجتمعات "العالم الرابع" في حواضر المجتمع الصناعي في أوروبا و أمريكا ]،هم الغبش الصابرون على العسف وأنواع الجور السياسي و الإقتصادي و الثقافي. هؤلاء الناس موجودون في نفس العالم مع كل الآخرين من أهل الإمتياز، و هم يملكون القدرة على النظر في التشبيك الثقافي و السياسي و الإقتصادي و هم قمينون باستنباط الحلول الجذرية التي ستمكنهم من قلب المائدة على رؤوس المزورين من كل لون و من كل دين، مثلما هم قمينون بإعادة كتابة نسختهم من التاريخ بالطريقة التي تراعي مصالحهم.

و تقول يا شقليني أن "تلك مقولة تنهض أمام تاريخ المنتصر ، ولكنها ليست حُكماً نهائياً على التاريخ . وإن الاجتهاد لتنقية الحوادث من المكر وتغطية الثغرات أمام الظواهر التي يجلب لنا خامتها التاريخ ، تمضي في طريق المستقبل"

طبعا الإجتهاد في تنقية التاريخ " علميا" مطلوب و ضروري لكني اضع صفة " علميا" بين الأهلة لأن العلم نفسه لا ينجو من شبهة الفبركة. العلم لا يعرف الحيدة طالما احتاج البحاث العلميون لدعم الرعاة الضالعين في تناقض المصالح الطبقية و المحكومين بقانون السوق. و قدرنا أن نتوجس من كل تاريخ و من كل مؤرخ حتى تثبت براءته و هيهات.
.
ثم أنك تستشهد بقول للدكتور منصور خالد في كونه "
يعتبر أن أصدق المذكرات الشخصية هي لكراسات ( حياتي ) الأستاذ بابكر بدري ، التي تمت طباعتها نهاية خمسينات القرن العشرين ، وليس كما تم بعد ذلك من تنقيح لتلك المذكرات . « 
طبعا بعد هذا الإقتطاف لا مفر لنا من " هيهات" تانية كبيرة ،للضمان و كدا، لغاية ما نمشي نفحص دوافع بابكر بدري لكتابة مذكراته. و كان ما نخاف الكضب مافي سوداني كتب مذكراته قبل بابكر بدري.. و كل هذا يردنا للمنازعة الطبقية التي استشرت تحت شروط العولمة المتكاملة و فرضت علينا جملة من إعادات النظر في ما كنا نأخذه كمسلمات مفهومية تستغني عن المناقشة.


أما رابط وداع الأستاذ علي صديق فهو شيق جدا لكني لم أعثر على الجزء الثاني الذي قال مقدم المحفل أنك و بشرى الفاضل تشاركان فيه بكلمات في حق المحتفى به.

هذا الفيديو ـ حسب قراءتي ـ يحدث عن صورة عجائبية لمؤسسة تعليمية عليا من وزن " جامعة الخرطوم" مثلما هو يضيئ و جها معتما من وجوه جالية الطبقة الوسطى السودانية في بلاد العرب. و قد تمعنت فيه و رأيت جماعة من المعارف و الأصدقاء و قد التأم شملهم في المهجر على جملة من الإتفاقات الإجتماعية و الفكرية و المهنية التي تخص صفوة الطبقة الوسطى العربسلامية في حواضر السودان.فهؤلاء الناس الذين فرختهم مؤسسات التعليم العالي في السودان و التحقوا بالعمل في الخدمة المدنية أو في مؤسسات التعليم ، قبل أن تضطرهم ملابسات السياسة السودانية للهجرة لم يتخلوا أبدا عن الوهم الطبقي القديم بكونهم رسل مهمة إنسانية غايتها إخراج المجتمع السوداني من ظلمات التخلف و سوء التنمية لأنوار التنمية و الديموقراطية و التقدم.و حتى حين اخرجتهم تناقضات السياسة و الإقتصاد من السودان وفدوا لبلاد المهجر النفطي على زعم طوباوي بكونهم هم أنفسهم رسل حضارة في مجتمع بلاد النفط. و هناك صورة شهيرة متداولة في وسائط التواصل الإجتماعي فيها مهندس سوداني معروف يعانق الشيخ زايد عناقا أخويا حميما. تقول الأخبار الشائعة وسط السودانيين بأن هذا المهندس أوكلت له سلطات الأمارات مهمة تخطيط و إعمار مدينة أبو ظبي و قيل أن الرجل أخلص في إنجاز مهمته و حاز على اعجاب الأماراتيين إلخ..كان هذا في اول نهضة بلاد النفط في منتصف السبعينيات . ثم دارت عجلة الزمان و تضخمت بلاد النفط و تزايد عدد المهاجرين السودانيين و تنوعت مؤهلاتهم المهنية حتى صار بينهم العمال و الحرفيين و الرعاة,[أنظر سيرة " راعي الغنم السوداني الأمين" على صفحات يوتيوب و شركاه]
وكانت النتيجة أن ذاب المتعلمون في جمع المهاجرين ففقدوا خصوصيتهم المهنية و الأكاديمية و نكّرتهم الدياسبورا بنت الغول و العنقاء و مسختهم لمجرد مستخدمين تحت إمرة الكفيل التجاري و الكفيل السياسي و الكفيل الديني و الكفيل الفني فصاروا يغضون الطرف عن البغال التي تسكن الأباريق باسم " المعايش الجبارة" إياها، بل أن "شعراء الشعب" السوداني صاروا يخمسون القصائد في مدح السلاطين و الأجر على الله كما تعبر بلاغة الغبش.في هذا السياق أقرأ فيديو وداع الأستاذ علي محمد صديق الذي قدمه الشقليني كأحد أعلام الجالية السودانية في الخليج وقد انتهى عمله في مركز الدراسات الإستراتيجية بالأمارات، أقرأه كوثيقة أنثروبولوجية عن واقع الهجرة السودانية في شروط العولمة. و في الفيديو يتعاقب على المنصة اصدقاء و رفاق دراسة الاستاذ علي صديق بدءا من المتحدث الأول الدكتور زايد رفيق دراسة علي صديق في الأحفاد الثانوي و في الجامعة.مرورا بالدكتور الريح و قد نوّه الدكتور زايد بأن دخول الجامعة في ذلك الزمان كان نوعا من مأثرة أكاديمية لا تتاح للجميع" ما كان في ناس كتار بيدخلوا جامعة الخرطوم من الأحفاد". و قد ثنى الدكتور الريح على حظوة الجامعة " حينما كانت الجامعة شعاع و شمس الحركة الفكرية في السودان"[ ترجم : مش زي الجامعة بتاعة آخر الزمن التي صارت وكالة من غير بواب مفتوحة للغاشي و الماشي] . و تبارى المتحدثون في ذكر المآثر الأكاديمية و المهنية و الأخوانية لعلي صديق حتى جاء دور الأستاذ علي صديق نفسه في شكر المحتفين به في مشهد مؤثر سالت فيه دموعه و انطلق لسانه يمدح السودان و أهله و يعلن حبه الإستثنائي لكل ما هو سوداني " مافي حاجة غير سودانية بتعجبني " .." لا أستمع إلا إلى الفن السوداني و لا يعجبني إلا الشعر السوداني، يعني شرقان بالسودان دا لدرجة الغرق".أما مسك الختام في فيديو الإحتفالية فقد تمثل في اللحظة التي أهدى فيها الشاعر و المسرحي الدكتور عز الدين هلالي ديوانه الشعري للأستاذ علي صديق. و قد نوّه عز الدين هلالي بقيمة الديوان العالية كونه يحتوي على " أحسن قصيدة رثاء في الشيخ زايد" و أنها[ القصيدة] «  كانت فخرا لكل السودانيين". و قال الشاعر هلالي أنه يهدي الديوان لعلي صديق " لمحبتنا الإتنين للشيخ زايد".
غايتو، يا عز الدين ياخ و الله الشيخ زايد دا الناس قالوا كان زول أخو أخوان و كمان كان يحب السودانيين كثيرا، لكن يا عز الدين إنت شاعر و محبة الشعر عند الشاعر أكبر من أي محبة تانية. فبالله راعي لينا أنحنا " الغاوون" المبارين الشعراء نراعي و نسمع و نقرأ و نستحسن و أحيانا نحسد الشعراء على إحمرار مواهبهم، و " الحسد" رياضة قومية بين السودانيين [و العهدة على د.عبد الله الطيب]، لكن "ماذا يفعل الحاسد مع الرازق؟"

سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الماضي المفرّك

مشاركة بواسطة حسن موسى »


كتبت:
طبعا "الماضي مفرك و مصنوع"

و المقصود " مفبرك" فعفوا، و في رواية فالماضي " المفرّك" قد تسوّغ التصحيف و الله أعلم.
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

تحية لك دكتور حسن موسى ، رغم أنك تكره الألقاب الأكاديمية ، وتعتبرها أنت تنابذاً بالألقاب !.
لم نزل نرواح مكاننا في أن الرأسمالية تنعم في زينة شبابها ، ولا تلد للعالم المسحوق إلا صنعة فاجرة أخرى كالعولمة والفوضى الخلاقة ، وذلك لا يمنع أنها تُحيل معظم ما يسمى بفقراء العالم ، ولم تزل ( تلعب بي شبابنا) كما تقول الأغنية .
انهار العالم الإشتراكي ( الطبعة السوفيتية ) . وذابت أحلام الإشتراكية في فنجان قهوة وصارت دعوات لأنسنة العالم كما كان يقول مُفكرنا الراحل " الشيخ " . وصار الحفاظ على البيئة وتجمعات الخُضر هي" شذر مزر" المشروع الفكري الإشراكي في واقع اليوم ، وهنالك مجهودات فكرية في العالم لاختراع نغمة فكرية جديدة ونحن لا نبخس حقها .
*
أما ما ذكرت أنت من ملاحظات أن النظام الرأسمالي يرغب تقليم أظافر العقيدة السمحاء ،فرأيي هو مشروع متقدم .لأن ما يحتمل هو بدرجة أخف تحمله اليهودية والمسيحية أيضاً بدرجات . لسنا نُدافع عن عن النظام الرأسمالي ، ولكننا نوضحة أنه لم يزل شاباً وفي ريعان شبابه ، ومقولة أن الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية ، عفى عليها الزمان. وأن سلطة البروليتاريا صاحبة الطبقة الواحدة ، هي أوتوبيا تصلُح لأفلام الأطفال !. وسلسلة من سيادة النظام الشيوعي تصبح أفلام كرتون للأطفال لا غير. رضينا نحن بذلك أم أبينا .
عن إسرائيل الدولة العنصرية الإستيطانية ، التي تُرهب كل الأوروبيين بحكم القانون ( من يُنكر أو يتشكك في رقم مجزرة الوليكوس يعاقب بالسجن لمدة سنتين!) فهو وجه سافر من تخلف سيطرة رأس المال على الآخرين.
*
أما عن الدولة ( البطحانية ) العالمية الكُبرى ، فهي الصين . بدأت دولة بنظامين ، ثم دخلت النظام الرأسمالي بدون حقوق فكرية وصارت ألعن . تحُف العالم الرأسمالي بدكتاتورية شمولية كاسحة للديمقراطية . ساهمت في بقاء رئيسها في منصبه مدى الحياة . نهبتْ بترول السودان في الجنوب ، لدرجة قيامها بتخزين خام البترول في أحواض أرضية على سطح الأرض دون عازل !، واسترخصت اللفائف البلاستيكية لتمنع تسرب الخام للتربة الزراعية وتفسدها إلى الأبد . والسودانيون ينظرون بهبل !!
هذا ما تم بشأن الصين التي تمرغت في الميري الأفريقي، وأخذت 500 ألف فدان من مشروع الجزيرة استرجاعاً لمال السُحت الذي أخذه الكيزان في السودان .
*
وعاد الاتحاد السوفيتي من جديد ، ولكن بسلاح النظام الرأسمالي ( الأظرط ) . وقد سُئل رجل الاستخبارات بوتن فقال ( لو كنتُ مسئولاً فاعلاً لما وافقت على انهيار الاتحاد السوفيتي . وصار يحرث بآلية رأسمالية دكتاتورية جديدة بأصول قديمة .
وقالت كما قال المثل : ( نحن الساس ووجع الراس )
*
نسأل من الذي أزاح صدام حسين وهدم العراق وقتل نصف مليون فرد في العراق ؟. وسرق بترولها وسلمها لإيران التي استقوت بالعراق بعد وراثته من بوش الأبن . وصارت أمريكا ترقص على صراع الأديان . ولا أحد يحاسب بوش الإبن على أخطائه ، لأن كل رئيس جديد أول قرار يوقعه هو إعفاء الرئيس السابق من الملاحقة القانونية ، فيصبح كما ولدته أمه الرأسمالية !.
من الذي صنع القاعدة و داعش والنصرة والشباب وبوكو حرام !؟
أليس غريباً ألا تُطلق داعش رصاصة واحدة تجاه إسرائيل ؟!
بل صرحت إسرائيل في العلن بأنها تُعالج جرحى نجوم داعش في مستشفيات إسرائيل !؟
*
ألم يأخذ رئيس أمريكا المليارات لضرب إيران ، ويترك كل ذلك ويضرب سوريا!!؟
*
العالم الرأسمالي كريه ولكنه في عز شبابه ، فماذا يفعل الفقراء الجُدد عزيزي دكتور حسن؟
*
أما إن انتظرت الجزء الثاني الذي تعلق بتقديم الكاتب والشاعر بشرى الفاضل ، وتلك قصة أخرى ، تحتاج لملف جديد وهو النصف الآخر من أعمال المنتدى الفكري ، فكان تقديمي له في المنتدى الفكري ، ليقدم تجربته على هذا الرابط أدناه وهو في القسم الثاني الذي بدأ بحفل وداع الأستاذ " علي صديق ":
:
https://www.youtube.com/watch?v=tG2AKrHhSpg&t=191s

معلومة:
دكتور علي زايد بريمة ، الذي قدم مطولاً صديقه "علي صديق" ، أنجز ماجستير في إنجلترا ، وماجستير أخرى ودكتوراه في أمريكا . وموضوع الدكتوراه الرئيس عن إدارة منطقة ( أبيي) فقد كان في المنطقة ضابطاً إدارياً. لم تستدعه الإنقاذ أو الحركة الشعبية لمحادثات( نيفاشا) لأنه لم ينتم لحركة الإخوان ، وكانت أصوله القبلية من قبيلة المسيرية ، لذلك لم تحبه الحركة الشعبية !!.
*
يحتاج العالم لمنظار جديد ، لتعديل دوران هذا النجم الرأسمالي ، ليصبح أكثر إنسانية ، بدلاً عن الدوران في فلكه البشع .
*
أضف رد جديد