إلى أماني في حزنها...إلى رقية في عليائها
أماني عبد الجليل، أماني الجندرية، امرأة من طينة خاصة. جعلت من قضايا المرأة مشروعها الأكاديمي والمهني ومحور اهتماماتها. لكنها في الوقت نفسه تختلف عن الجندريات "الحداثيات"، وأضع الكلمة بين مزدوجتين لأن لي شكوك مشروعة في حقيقة وجدية حداثة الكثيرات منهن، خاصة من ارتدن ساحة قضايا المرأة، أو فلنقل "الجندر"، ليس صدوراً عن اهتمام متأصل، وإنما لأغراض غالبها حياتية، سواءً للحصول على وظيفة تسمح بالترقي في السلم الاجتماعي، أو لتحسين صورتهن في وقت أصبح فيه مصطلح المجتمع المدني رديفاً لـ"الرقي المجتمعي"، أو لتمرد تقف أبوابه عند قضاياهن الشخصية والأذن صماء إزاء ما يحدث خارج عوالمهن الخاصة، والأمثلة كثيرة، ولكن هذه قضية أخرى. بيد أن أماني امرأة متصالحة مع نفسها تدافع عن القضية التي تبنتها بصدق، دون أن تتنازل أو تتحرج في الوقت نفسه عن تقاليد تعلقت بها، تمارسها وتحافظ عليها، بينما تنظر إليها "جندريات" أخريات كثيرات نظرة إزدراء. فرقص العروس، بين عادات أخرى، ليس هو عند أماني ابتذال للجسد، ولا عادة متخلفة، ولا مدعاة للحرج. إنه وسيلة من وسائل التعبير. التعبير عن الابتهاج بمناسبة أثيرة عبر هذا الاستعراض الجمالي الذي يمنح المرأة في مجتمع مثل مجتمعنا ربما فرصتها الوحيدة والعابرة لتوظيف جسدها في عمل مبدع لا تُفرض فيه قيود، لا على الجسد ولا على صاحبته. فرقص العروس ليس مجرد تعبير جسدي جمالي، لكنه أيضاً لحظة من لحظات الحرية التي تمنح المرأة ثقة في نفسها وفي جسدها. إنه أيضاً إبداع من إبداعات النساء السودانيات، فلا غرو أن تحتفي به امرأة كرست مشروع حياتها للدفاع عن النساء، ومن ضمن الدفاع عنهن الحفاظ على ابتكاراتهن وصونها.
وأماني لا تستحي من حبها للطبخ السوداني "التقليدي"، إذ تحتفي به وتعلن عن تجويدها له عبر صور إبداعاتها التي تنشرها على صفحتها في فيسبوك. بينما تنظر "جندريات" كثيرات لصنع الأطعمة التقليدية كممارسة عفى عليها الدهر، بل "متخلفة"، فقد رأيت أكثر من "جندرية" تتساءل، مصطنعة الحيرة والاستغراب: بالله بتعرفي تعوسي؟ أنا ما بعرف أعمل ملاح التقلية لكن حبوبة بتعرف تعمله... والجهل بصنعة من صنائع البشر ليس بأي حالٍ من الأحوال مدعاة افتخار. والمطبخ السوداني التقليدي، هو مثل رقص العروس، واحدٌ من ابتكارات نساء السودان، يحق لنا أن نفخر به. وأفخر بك يا أماني في احتفائك بإبداع يمثل جزءً من ميراث شعب.
حينما رأيت أماني تكتب عبارات من نوع "أهلاً ود أبواتي"، رأيت للوهلة الأولى أن كلماتها تناقض دعواها "الجندرية" ومناهضتها للسلطة الذكورية، لكن حينما تعرفت عليها أكثر، تنبهت إلى أن عبارتها، وإن كنت لا استخدم مثلها، هي جزء من رصيد مصطلحي في مجتمعٍ تمثل العلاقات الأسرية ركيزة أساسية في تكوينه. فما الذي يمنع أماني إذن في أن تخاطب واحداً من عشيرة والدها بـ"ود أبواتي" ما دامت هذه الكلمات التي تعبر هنا عن رابط أسري لم تمنعها من مواصلة دفاعها الأصيل عن حقوق المرأة؟ رأيت في ما بعد أن أماني كثيراً ما تستخدم الأمثال والتعبيرات السودانية القديمة التي تتآلف في انسجام مع لغتها المعاصرة. وعلى كل حال، أماني هي واحدة من الأقلام النسائية التي تنتقد قمع السلطة الذكورية للمرأة. وقد رأيتها مرةً تقدم نموذجاً للتعرض لهذا القمع أستاذتها يمنى العيد التي اختارت اسماً مستعاراً تتخفى وراءه من سطوة مجتمع موغل في ذكوريته.
أماني امرأة تحتفي بأمها وتضع صورتها على "بروفايلها". امرأة جميلة تكشف صورتها عن ثقة في النفس. تحتل صور رقية أكثر من حيّز على صفحة أماني. وتضع أغنيات أمها المحببة، وتستعير عباراتها. رأيت أماني تفتخر بالحب الذي ربط بين والديها، عبر صورة جميلة في شبابهما يحملان فيها مولودهما الجديد. رحلت رقية قبل أيام، واختفت أماني متوارية وراء حزنها.
هذه التحية لمسارك يا أماني ولدفاعك الصادق الأصيل عن قضية تكرسين لها وقتك وجهدك على الصعيدين المهني والأكاديمي، هي تعبير عن تضامني معك في لحظات حزنك. هي أيضاً تحية لرقية في عليائها. وهبتنا يا رقية امرأة في مثل جمالك، في مثل ثقتك واعتدادك بنفسك الذي لمحته في صورتك. لكِ، أماني، الود وصادق العزاء.
نجاة
إلى أماني في حزنها...إلى رقية في عليائها
- نجاة محمد علي
- مشاركات: 2809
- اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
- مكان: باريس
-
- مشاركات: 693
- اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:21 pm
- مكان: الشارقة
يا سلام يا نجاة
على هذه الكتابة المنصفة المحبة
اعجبتنى انتباهتك لما فى شخصية امانى من صفات واستخدامها لمفردات شعبية حنونة
دون ان تبتعد عن تبنيها لقضايا الجندر
امانى صديقتنا فى صنعاء
الشخص الوحيد القدر يفرض علينا التوقف عن التخزينة ((تعاطى القات))لحضور امسية ادبية
اتوقف امام مشهد لامانى
يوم زواج اخونا شمس الدين فى صنعاء عثمان وامانى عملو حفلة فى منزلهم
تولت امانى شمس الدين برعاية ومحبة ام
اقعد يا شمس اخت ليك الحنة
واربط ليك الحريرة
شمس اقيف ما تمرق
يا ولدى امك ما كحلتك
تعال انا بكحلك وانت عريس
قلوبنا مع امانى حتى تتجاوز هذه المحنة
على هذه الكتابة المنصفة المحبة
اعجبتنى انتباهتك لما فى شخصية امانى من صفات واستخدامها لمفردات شعبية حنونة
دون ان تبتعد عن تبنيها لقضايا الجندر
امانى صديقتنا فى صنعاء
الشخص الوحيد القدر يفرض علينا التوقف عن التخزينة ((تعاطى القات))لحضور امسية ادبية
اتوقف امام مشهد لامانى
يوم زواج اخونا شمس الدين فى صنعاء عثمان وامانى عملو حفلة فى منزلهم
تولت امانى شمس الدين برعاية ومحبة ام
اقعد يا شمس اخت ليك الحنة
واربط ليك الحريرة
شمس اقيف ما تمرق
يا ولدى امك ما كحلتك
تعال انا بكحلك وانت عريس
قلوبنا مع امانى حتى تتجاوز هذه المحنة
- عادل القصاص
- مشاركات: 1539
- اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm
حار العزاء يا أماني
حار عزائي و تضامني يا أماني و عثمان و الأسرة.
-
- مشاركات: 900
- اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 3:49 pm