الاسكندرية في غيمة قصة رومانسية ونضال الشيوعيين واليساريين

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
عباس محمد حسن
مشاركات: 521
اشترك في: الاثنين أكتوبر 09, 2006 12:39 am
اتصال:

الاسكندرية في غيمة قصة رومانسية ونضال الشيوعيين واليساريين

مشاركة بواسطة عباس محمد حسن »

[font=Comic Sans MS]الاسكندرية في غيمة قصة الشيوعيين واليساريين في حبهم الرومانسي ونضالهم الثوري

"في النصف الثاني من عام 1975 واخبار السادات تحتل الصحف بعد ان تحول 180 درجة تجاه الغرب .. واختار طريق الراسمالية الجديد ورفض انشاء الاحزاب واكتفي بفكرة المنابر داخل الاتحاد الاشتراكي" ... وتبدأ القصة في يوم من الايام العشرة الاخيرة من شهر نوفمبر وهي ايام نوة (المكنسة) في شتاء الاسكندرية ببردها الشديد وبمطرها المستمر حين تندفع السحب السوداء لتتصادم بقوة ويملأ البرق فضاء المدينة يتلوه رعد متتابع مزلزل ...
انها قصة مجموعة من الاصدقاء الطلبة ( نادر ويارا و كاريمان واحمد باسم وحسن حافظ وبشر زهران وعيسي سلماوي ) جمع بينهم الفكر الماركسي فعارضوا سياسات السادات فتعرضوا للمتابعة وللاعتقال من قبل جهاز امن الدولة المصري .. وقصة المواطنين الشرفاء كاحمد فؤاد نجم الذي كان يكتب قصائده الساخرة ويغنيها الشيخ امام بين المثقفين ... كتلك التي كتبها بعد وصل الرئيس فاليري جيسكار ديستان الي مصر واشاد بحرارة استقبال شعب مصر له.. فكتب نجم ساخرا وغني امام :
"فاليري جسكار ديستان
والست بتاعه كمان
حيجيب الديب من ديله
ويشبع كل جعان
ياسلام لم يا جدعان
ع الناس الجنتلمان"

انها قصة تاثير تطور جامعة الاسكندرية التي اقيمت في الاربعينيات بكليات قليلة وكان طلابها سكندريين لديهم عائلاتهم وبيوتهم ثم ازدادت كلياتها في الخمسينات وبدأ توافد الطلاب من الريف عليها وكانت المدينة الجامعية لاسكان الطلاب المغتربين التي تم بناؤها في منطقة سموحة بين المزارع والاشجار كافية لاستيعابهم وحين اعلن جمال عبد الناصر مجانية التعليم عام 1966 ازداد عدد الطلاب المغتربين وبدأ اصحاب البيوت القريبة يستثمرون بعض الشقق في اسكان الطلاب الغرباء ..
وهي قصة التطور العمراني الجشع والتخطيط المبني علي روح المنفعة المادية التي مكنت من اقامة منطقة الملاهي الليلية المقامة علي الكورنيش قريبا من مناطق سكن الطلاب فكان من الطبيعي ان تعرف نساء الملاهي الطريق الي شقق الطلاب .. مما كان له تداعياته الاجتماعية الخطيرة ...
...

انها قصة تشجيع السادات لائمة المساجد والتيارات الاسلامية فانطلقوا يملؤن الفضاء باصوات الميكرفون :"لقد حان الوقت لنعود الي الله..لقد انتصرنا واعدنا سيناء وقهرنا اليهود اعداء الله .. ورأي الجنود الملائكة تحارب معهم . المرأة السافرة رزيلة تمشي علي الارض .. الحجاب الحجاب قبل الحساب .. الحجاب في مواجهة الذئاب " ... في الوقت الذي كانت المفاوضات تجري بين مصر واسرائيل بين المسلمين واليهود برعاية الرئيس المؤمن "محمد انور السادات" في سخرية التاريخ المعروفة ...
انها قصة السادات الذي وعن طريق مكتب رعاية الطلبة اقام معسكرات في العامرية لتدريب الطلاب علي الكاراتية ثم اعطاؤهم محاضرات عن الراسمالية والحرية التي تنتظر مصر وضد الشيوعية باعتبارها فكرا شموليا وضد اليساريين وفي آخر الاسبوع يتم اعطاء كل طالب 10 جنيهات ....فكانت بداية العنف الذي اكتوي بناره هو قبل اي شخص آخر ..

انها قصة الحب الرومانسي بين نادر ( الشاعر المرهف) ويارا اليساريان الشيوعيان اللذان يحبان الموسيقي الكلاسيكية بسيمفونياتها وسوناتاتها .. والتي كتب نادر عن رقتها شعرا عاطفيا ملهما ...
هذا هو ما صوره الكاتب ابراهيم عبد المجيد في روايته (الاسكندرية في غيمة) باسلوبه السلس الرائع وبتصويره للاماكن والناس في تفاعلاتهم الدينية والسياسية ... اتمني ان يقرأها الناس ليروا كيف تتحول مدينة من روح تسامحها الديني حين تضربها امواج التطرف الديني المتحالف مع النظام السياسي "فتتغير فيها الامكنة وعادات الناس" ...

صورة العضو الرمزية
عباس محمد حسن
مشاركات: 521
اشترك في: الاثنين أكتوبر 09, 2006 12:39 am
اتصال:

مشاركة بواسطة عباس محمد حسن »

[font=Comic Sans MS]من سيرة الكاتب ابراهيم عبد المجيد نفهم انه درس الفلسفة وحصل علي جائزة الدولة التقديرية للآداب وترجمت له اربع روايات للغة الفرنسية وخمس الي الانجليزية .. وهذه الرواية احدي روايات ثلاثية الاسكندرية ...وتمتاز لغته واسلوبه بالتعبير والوصف التفصيلي المباشر .. كما انه لا يتقيد بالاطار الزمني للاحداث في تسلسلها فقد كان من المنتظر ان يحدثنا مثلا عن نادر وهو يجلس في حجرته ثم يأتي مخبر امن الدولة لمنزله ليستدعيه الي مقر مباحث امن الدولة ثم يذهب نادر الي المقر حيث يدور التحقيق . ولكن الكاتب بدأ من لحظات انتظار نادر في صالة امن الدولة واصوات انين الذين يعذبون تطرق مسامعه .. ثم رجع بنا الي ما كان قد حدث من حضور المخبر واخفاء نادر امر الاستدعاء مما جعل الامور تسير بشكل طبيعي في المنزل كصلاة والده وعمل امه في المطبخ الخ .. ثم انتقل ليصف لنا شخصية نادر واحاسيسه تجاه محبوبته يارا وتوجهاته اليسارية .. الخ .. فانظر اليه يقول :
"كانت الساعة قد دخلت العاشرة ، ونادر لا يزال يجلس في الصالة الصغيرة ذات الضوء الكابي ، ويشعر انه في مكان قديم لم يمر عليه من قبل احد .. اكثر من ساعة وهو ينتظر ، ولا ينقطع صوت الانين الذي لا يعرف مصدره . المخبر الذي وصل الي بيته في حوالي الخامسة مساء، اعطاه ورقة صغيرة ، تعلنه ان يذهب الليلة الي مقر مباحث أمن الدولةبشارع الفراعنة في الساعة الثامنة والنصف ... لو يستغرق الأمر غير دقيقة عند الباب حين خرج ليري من الطارق وعاد واجما .. كان ابوه قد انتهي للتو من صلاة المغرب ، وامه في المطبخ تعد صينية السمك ، واخوه الصغيرمع الام في المطبخ يستعجل الطعام . رآه ابوه يعود واجما فسأله :
من كان بالباب؟
لم يرد نادر للحظة بدا فيها شاردا ، ثم قال :
لا احد .. شخص أخطا في العنوان .. يريد جيراننا
ودخل الي غرفته صامتا .. غرفة بسيطة بها سرير قديم .... الخ"

ونواصل...
صورة العضو الرمزية
عباس محمد حسن
مشاركات: 521
اشترك في: الاثنين أكتوبر 09, 2006 12:39 am
اتصال:

مشاركة بواسطة عباس محمد حسن »

[font=Comic Sans MS]ثم انظر اليه وهو يصف لنا جزءا من حياة نادر في غرفته قبل ان يعود بنا الي مباني مباحث امن الدولة المصرية وما دار فيها من تحقيق معه :
"دخل الي غرفته صامتا .. غرفة بسيطة بها سرير قديم ، ومكتب قديم ، ودولاب معدني قديم ايضا ، وارفف خشبية علي الحائط عليها عدد قليل من الكتب .. تعود ان يستعير الكتب من مكتبة الكلية ، واكثر الكتب الصادرة حديثا ان لم يستطع شراءها يستعيرها من عم السيد ، بائع الكتب في محطة الرمل ، نظير قرش صاغ للكتاب ، او قرشين او حتي خمسة قروش اذا كان الكتاب غاليا .. روايات دستوفسكي تشغل مكانا واضحا بين الكتب بحجمها الكبير .. لماذا حقا كان حريصا علي شرائها رغم انه كان يمكن ان يستعيرها ايضا؟؟ ولماذا قرأها دائما في ليالي الشتاء الباردة وصوت المطر كما هو الليلة لا يكف عن الوصول اليه ؟؟ يحلم دائمابيوم يزور فيه روسيا ، ويسهر حتي الصباح وسط ليلي الجليد البيضاء ..كان قد انتهي اليوم من قراءة رواية "دكتور زيفاجو" بعد اسبوع من المتعة والالم .. توقف عند الاشعار الاخيرة .. توقف عند كل شيء فيها ، ويردد الآن لنفسه :

"لا يزال ظلام الليل مخيما
ولم يحن بعد للفضاء ان ينثر
حتي هذا الوقت
نجومه التي لا تعد.."
دائما كانت "لارا" تجري امامه في فضاء الحقول ، والبنايات التي يحاصرها الجليد والموت ، والحرب ومعسكرات الاعتقال ، كان اسم حبيبته "يارا" ووجهها يمشيان فوق صفحات الرواية ويجد نفسه يقول يارا ، يارا وكثيرا ما يقرأ "لارا" "يارا" ، ويطرد عن نفسه هاجس الفراق الذي اصاب "لارا" وزيفاجو..

في هذه اللحظات وهو في غرفته كانت مقطوعة "مارش السلاف" " March Slav " لتشايكوفسكي تملأ من الراديو الفضاء حوله .. وكما يحدث في كل مرة يندهش كيف ينطقها المذيع "مارش العبيد" ولا ينتبه الي ان السلاف " Slav " اسم جنس يشري وليس ""Slaves العبيد . كان اللحن تمجيدا للشعوب السلافية ضد الدولة العثمانية عام 1876 ، ووقفت روسيا الارثوذكسية مع صربيا ، وارسلت جنودها ليحاربوا معها .. لكن ليس هذا هو المهم الآن ، فهو مرتبك لا يعرف ما سيحدث الليلة ، والرجل الذي جاءه بورقة الاستدعاء ، لابد يمشي الآن تحت المطر والريح ، او يقف بينهما علي شاطيء المكس الخالي ينتظر الاتوبيس .. هل استدعاؤه امر مهم جدا ليأتي هذ الرجل وسط هذا الجو وبهذه السرعة ؟ وماذا يحدث لو لم يذهب ؟؟"
صورة العضو الرمزية
عباس محمد حسن
مشاركات: 521
اشترك في: الاثنين أكتوبر 09, 2006 12:39 am
اتصال:

مشاركة بواسطة عباس محمد حسن »

[font=Comic Sans MS]ثم يمضي الكاتب في تنقله بين احداث الرواية وفي الوقت نفسه ينقل القاريء الي اجواء الاسكندرية الشتوية بامطارها العنيفة وبرودة (نواتها) وسحبها الداكنة وبرقها الخاطف وامطارها التي تفيض علي الارصفة واسطح المنازل وشوارع الاسفلت ..فيحكي لنا كيف استطاع نادر ان يتخلص من استجواب رئيس المباحث حين حول دفة التحقيق الي ان قسم الفلسفة بالكلية يدرسون فيه مختلف النظريات الفلسفية والاجتماعية والتاريخية كالماركسية والوجودية الخ ...ثم استفاض في شرح الوجودية مدعيا انه وجودي يؤمن بما تراه الوجودية من ان الانسان يولد من دون ارادة ويموت من دون ارادة وبين الميلاد والموت يعيش الانسان كما يريد له الناس فهو اذن غير حر ، الآخرون هم الجحيم والحرية الوحيدة هي في الانتحار..وان الوجودية قد انتجت الهيبز والمغنيين الفوضويين وان الخروج عن المألوف هو المعني الوحيد للوجودوان الانسان لا يحب ان يكون ملتزما بشيء بل يحب ان يكون لا ملتزما بشيء .. مما اربك (سيد بيه عبد الباري) رئيس المياحث فاشار اليه بالخروج قائلا انك (لن تنفعنا بشيء) !!!!
وينتقل بنا الكاتب الي قرارات السادات الاقتصادية وخروج جماهير المصريين بطلابها وعمالها وفلاحيها في حشود هادرة وهم يهتفون (مش كفاية لبسنا الخيش جايين ياخدوا رغيف العيش ، يا حكومة الوسط وهز الوسط كيلو اللحمة بقي بالقسط ، يسقط يسقط انور السادات ) .. وامتلأت شوارع المكس والبحرية والنصر وجمال عبد الناصر قادمين من الوردان والميناء وكرموز الخ يهتفون (ياحاكمنا برأس التين .. باسم الحق وباسم الدين .. فين الحق وفين الدين ..هو بيلبس آخر موضة واحنا بنسكن عشرة في اوضة .. قولوا للنايم في عابدين العمال بيباتوا جعانين .. نحن الطلبة مع العمال ضد تحالف رأس المال ) .. وتراجع السادات عن قراراته ولكنه فرض حظر التجوال ثم اعتقل الآلاف وخاصة اعضاء الاحزاب الشيوعية الاربعة وحزب التجمع .. وكان من ضمن الذين اعتقلوا :يارا وكريمان ونادر وبشر وحسن ووزعوا علي السجون (طره والقناطر والاستئناف وابوزعبل الخ ..) .. وكان الشيوعيون يقيمون الندوات داخل السجون في المساء ويغنون اغاني من شعر صلاح جاهين وعبد الرحمن الابنودي واحمد فؤاد نجم وزين العابدين فؤاد ونجيب شهاب الدين...
وعند خروجهم من السجن كانت احداث كثيرة قد حدثت ، بعضهم اعتبرها ملهاة وبعضم مأساة .. ولكن في النهاية تلك هي الحياة .. !!!

تلك كانت قراءتي لهذه الرواية....

وطبعا كل كاتب يطوع عناصر وآليات اللغة من استعارة ومجاز وغيرها الي صور جمالية تخدم مقاصده ... وهذا هو بالضبط ما يؤدي الي تعدد القراءات وهو ما يعطي لكل قاريء الحق في تأويل ما قرأه ... ...
صورة العضو الرمزية
عباس محمد حسن
مشاركات: 521
اشترك في: الاثنين أكتوبر 09, 2006 12:39 am
اتصال:

مشاركة بواسطة عباس محمد حسن »

[font=Comic Sans MS]بعض كتب الروائي ابراهيم عبد المجيد المترجمة الي لغات اخري (خمس روايات للانجليزية واربع روايات للغة الفرنسية ) :

Birds of Amber (طيور العنبر)
Clouds Over Alexandria (الإسكندرية في غيمه)
No One Sleeps In Alexandria (لا احد ينام في الاسكندرية)
The House of Jasmine (بيت الياسمين)
The Other Place (البلدة الاخري)

وله اكثر من 18 عملا أدبيا وحصل علي عدد من الجوائز وتحولت بعض اعماله الي مسلسلات تلفزيونية وافلام سينمائية ... تعتبر (لا احد ينام في الاسكندرية) و (طيور العنبر) و(الاسكندرية في غيمة) ثلاثيته عن الاسكندرية .. كما دخلت (لا احد ينام في الاسكندرية) قائمتي أفضل 100 عمل في تاريخ الإنسانية ، وأفضل 100 رواية عربية.... ( 3 أدباء عرب دخلت رواياتهم قائمة أفضل 100 عمل روائي في تاريخ الإنسانية، هم المصري نجيب محفوظ، الحاصل على جائزة نوبل للآداب،والمصري ابراهيم عبد المجيد ، والسوري خالد خليفة... ) ....

من مؤلفات :

في الصيف السابع والستين.
المسافات.
ليلة العشق والدم.
الصياد واليمام.
بيت الياسمين.
البلدة الأخرى.
قناديل البحر.
لا أحد ينام في الأسكندرية.
طيور العنبر.
مشاهد صغيرة حول سور كبير(مجموعة)
إغلاق النوافذ(مجموعة)
سفن قديمة(مجموعة)
مذكرات عبد أمريكي (ترجمة)
غواية الأسكندرية(كتاب)
شهد القلعة.
في كل أسبوع يوم جمعة.
الإسكندرية في غيمة
هنا القاهرة
أضف رد جديد