وزير العدل السوداني وتعديل القوانين.. فيديو

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

وزير العدل السوداني وتعديل القوانين.. فيديو

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

https://www.youtube.com/watch?v=IM0buwn9RV4

https://www.youtube.com/v/IM0buwn9RV4

[quote]لقاء لقمان أحمد مع وزير العدل / نصر الدين عبد البارئ
6.165 Aufrufe
•11.07.2020
135
26
Teilen
Speichern
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

الإصلاح القانوني ولغو الجهلاء

النور حمد

صحيفة التيار 13 يوليو 2020

في البدء، لابد لي أن أعرب عن الشعور بالغبطة الذي غمرني، وأنا أتابع مجريات اللقاء مع الدكتور، نصر الدين عبد الباري، وزير العدل، وهو يجيب بمعرفةٍ، ومهنيةٍ، ورزانةٍ، على أسئلة الأستاذ لقمان أحمد، في برنامجه التوعوي، "حوار البناء". لقد بدا أن وزارة العدل قد أخذت تعود، بعد طول غياب إلى المهنيين الأكفاء، أهل المعرفة الأكاديمية، والحس العدلي السليم، والإلمام بمبادئ حقوق الإنسان، وبمجمل ثقافة العصر. وافقت مشاهدتي لهذه الحلقة المتميزة، قراءتي هذه الأيام لكتاب كليف تومسون "يوميات ثورة أكتوبر 1964"، الذي قام بترجمته الصديق، بروفيسور بدرالدين الهاشمي، وقدم له بروفيسور عبد الله علي إبراهيم. وكليف تومبسون أستاذ قانون أمريكي، بدأ حياته المهنية في جامعة الخرطوم في الستينات. وقد كتب مشاهداته ومتابعاته اليومية لمجريات ثورة أكتوبر؛ منذ الندوة التي استشهد فيها القرشي، إلى سقوط نظام الفريق عبود، وتشكيل الحكومة الانتقالية برئاسة سر الختم الخليفة. شفع تومسون تلك اليوميات، في السنوات اللاحقة، بمقابلات مُعمَّقة، أجراها مع طيفٍ واسعٍ ممن أداروا تلك الأحداث. فجاء كتابه سجلاً تاريخيًا فريدًا لأسبوعٍ عظيمٍ في التاريخ السوداني المعاصر. نشرت الكتاب، دار المصورات بالخرطوم، وهو كتابٌ جديرٌ بالقراءة وبالاقتناء.

جاء ذكري كتاب تومسون هذا لارتباط موضوعه، بالصورة المشرفة التي ظهر به وزير العدل في هذه المقابلة. فقد أورد الكتاب مواقف مضيئة ومشرفة لشخصيات عملت في النظام العدلي؛ كالقاضي أبورنات، والقاضي بابكر عوض الله، والقاضي عبد المجيد إمام، والمحاميين، محمد أحمد محجوب ومبارك زروق. من يقرأ الكتاب يعرف مستوى المهنية الرفيع، والاعتداد بالنفس وبشرف المهنة، والحرص على سلامتها من التلوث بدنس السلطة والسياسة لدى كل هؤلاء. لذلك، فإن ظهور وزير العدل بهذه الصورة المشرفة، بعد عقودٍ من تدنيس القضاء، ووزارة العدل، والنيابة العامة، في عهود الحكم الديكتاتوري، خاصة في عهد الانقاذ، بعث في نفسي الأمل أن ماضينا المشرق الذي كدنا أن نيأس من استنقاذه، قد أخذ الآن يبشر بعودةٍ أكثر إشراقا. ولا غرابة، فوزير العدل حاصلٌ على دكتوراه القانون من جامعة هارفارد، المشهود لها في كل العالم؛ شرقه وغربه، بأنها لا يرتادها ولا يتخرج منها سوى المميزين.

إذا أردنا نهضة يقودوها مهنيون، مجودون لمهنهم، ذوو أخلاقٍ مهنية رفيعة، فعلينا بالتعليم العصري الجيد. ولنذكر الآن الجهلاء الذين حاولوا الطعن في هذا الوزير المتقن لمهنته، المالك لمقتضيات سمتها أيام ترشيحة للوزارة. ولنقارنهم، هم الذين تعلموا وفقًا لمناهج القرون الوسطى بهذا الوزير. إنهم يدافعون عن جهالاتٍ وسخائم نفوسٍ متسخة، أسموها قوانين. من يقرأ صيغ قوانين الانقاذ لا يملك إلا أن يضحك ملء شدقيه، من غرابتها، وركتها، وحرصها اللئيم، على التجريم بغير حق. لا يمكن لدولة تحترم نفسها أن تسمح بوجود قانون ردة ضمن قوانينها. أو تمنح رجالها حق السيطرة المطلقة على حرية تنقل النساء الراشدات، لمجرد أنهم أصبحن زوجاتٍ لهم. كما لا ينبغي أن يسمح أي قانون يتوخى العدل، لبعض الرجال منعدمي الضمير، ممارسة الكيد لزوجاتهم المطلقات، ومنعهن اصطحاب فلذات أكابدهن، إلى الخارج، ولو كانوا في حضانتهن، وقس على ذلك من العسف والفجور الذكوري. فليعلم الذين لا يزالون يتاجرون بدغدغة الفج من العواطف الدينية، أن حكم الوقت قد أسدل عليهم الستار، مرَّةً، وإلى الأبد، فليكفوا عن اللغو الفارغ وليتركوا الحياة ترقى مراقي الرفعة والإنسانية.
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

موقع قناة الجزيرة يركز على نشر وإبراز الآراء المعارضة لتعديل القوانين بهذا العنوان:

السودان: غضب واسع بعد إقرار تعديلات قانونية تمس الشريعة


mubasher.aljazeera.net/news

.
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

إلغاء المادة 126 وانفتاح أفق الإصلاح القانوني بقلم محمد محمود


12:22 PM July, 15 2020

سودانيز اون لاين
محمد محمود-UK
مكتبتى
رابط مختصر



1

المادة 126 في القانون الجنائي لعام 1991 والتي تجرّم خروج المسلم من الإسلام وتعتبره "رِدّة" يُعاقب عليها بالقتل كانت بمثابة "عنوان " النظام الذي فرضه الإسلاميون عقب انقلاب يونيو 1989 وأبرز تعبير عن وجهه وتوجّهه (نعني بالإسلاميين في سياق مقالتنا هذه تحديدا حركة الإخوان المسلمين التي اتّخذت لنفسها في السودان مسميات مختلفة). ويمكن القول إن بذرة هذه المادة تعود لنوفمبر 1965 عندما نجح الإسلاميون في ابتزاز الجمعية التأسيسية وإرهابها لتُصدر قرارا بحلّ الحزب الشيوعي بدعوى أنه "حزب يروّج للإلحاد"، وهو انتصار أعقبه أن رفع أستاذان من جامعة أم درمان الإسلامية دعوى حسبة لمحكمة الخرطوم الشرعية العليا ضد محمود محمد طه تطالب بإعلان ردّته عن الإسلام وتطبيق ما يترتّب على ذلك من عقوبات. وأصدرت المحكمة في نوفمبر 1968 حكمها الذي قضى على طه بأنه "مرتدّ عن الإسلام" وأمرته "بالتوبة عن جميع الأقوال والأفعال الي أدّت إلى رِدّته". إلا أن محكمة 1968 ما كان بإمكانها أن تذهب أبعد من ذلك، وكان لابد للإسلاميين أن ينتظروا سبعة عشر عاما لتبعث محكمةٌ أخرى في ظل تحالفهم مع نظام العقيد جعفر نميري الحكمَ برِدّة طه ليُعدم شنقا في يناير 1985 وسط تهليل جماهيرهم وتكبيرها.

وبعد الإطاحة بالعقيد جعفر نميري في أبريل 1985 وفي ظل الديمقراطية الثالثة قام الإسلاميون في فترة مشاركتهم في وزارة الصادق المهدي بتضمين مادة الرِّدّة في مشروع القانون الجنائي المقدّم للجمعية التأسيسية عام 1988. واصطدمت المادة بمعارضة حادّة عطّلت مسيرتها في مرحلة القراءة الثانية، إلا أنه تعطيل لم يدم طويلا إذ انبعثت المادة بعد ثلاثة أعوام لتصبح نصّا صريحا في صلب القانون الجنائي، نصّا تفرِضه وتحرسه هذه المرة البنادق والدبابات التي جاءت بالحركة الإسلامية للسلطة.



2

ما الذي عنته هذه المادة من دون كل مواد قوانين السودان؟ كانت هذه المادة انتهاكا صريحا واستباحة لأخصّ وأهم حقّ إنساني بعد حقّ الحياة — حقّ حرية الفكر وما يستتبعها من حقّ حرية التعبير. وكان محمود محمد طه من المفكرين والسياسيين السودانيين القلائل الذين انتبهوا ونبّهوا لضرورة هذا الحقّ عندما كتب عام 1968 قائلا: "ويمكن ... أن يقال إن الدستور هو "حق حرية الرأي" وإن كل مواد الدستور الأخرى، بل وكل مواد القانون، موجودة في هذه العبارة الموجزة كما توجد الشجرة في البذرة." وبقدرما انتبه طه لأهمية حرية الفكر فقد انتبه الإسلاميون لخطورة حرية الفكر على المشروع الإسلامي وتوجّه خطابهم ونشاطهم للهجوم عليها وقمعها.

ومحاربة حرية الفكر والتعبير تواجه مشكلة أصيلة في الواقع السوداني الذي يتّسم إسلامه الشعبي بتسامح عميق وأصيل لا ينفصل عن ميراث السودانيين المشبّع بجذوره الأفريقية والمنفتح على التعدّد والامتزاج والتداخل. ولكن إسلام السودانيين هذا في نهاية الأمر إسلامٌ "خام" وتقليدي تتوزّعه الولاءات الطائفية التي لا تنفصل عن القبلية وولاءات الطرق الصوفية. والإسلام الشعبي عادة ما يتراجع عندما يتعرّض للهجمة المنظّمة للإسلام "الرسمي"، وخاصة عندما يكون الإسلام الرسمي هو "إسلام دولة" مسنود بجهازها وترهيبها وترغيبها. والإسلاميون كممثلين لإسلام الدولة كانوا بالطبع يدركون فعالية وسهولة تطويع الإسلام كأداة قهر إيديلوجي على كل المستويات في حياة الناس. وعقب انقلابهم أُتيحت لهم تلك الفرصة التاريخية التي امتدّت لثلاثة عقود لتطبيق "تجربتهم" وهم يَعِدُون السودانيين ويُمنّونهم بأن ما سيقيمونه سيجعلهم يأكلون "من فوقهم ومن تحت أرجلهم". وكان ما قدّمه الإسلاميون للسودانيين هو العذابَ من فوقهم ومن تحت أرجلهم والقهر الشامل الذي جسّدت المادة 126 مبدأه وقامت على تنفيذه دولةُ مشروع إسلامي يستبيح كلّ ما يقف في طريقه ليفرض "مشروعه الحضاري".



3

وعندما انفجرت ثورة ديسمبر وهتف السودانيون بملايينهم "حرية، سلام، وعدالة"، وضعوا الحرية في صدر شعارهم العبقري لأنهم كانوا يدركون أن الحرية هي القيمة الأساسية والشرط الأولي الذي لا يمكن في غيابه أن يبنوا سودان السلام والعدالة وكل قيم المجتمع الأفضل الذي يحلمون به. كان الشباب، الذين نشأت أغلبيتهم الساحقة في ظلّ النظام العسكري الإسلامي، هم وقود الثورة وقوتها المحرّكة والدافعة. ثاروا رغم خضوعهم منذ طفولتهم لتلقين النظام وتشريبه العقائدي في المدارس وعبر المساجد ووسائل الإعلام وغيرها، وكان ذلك من أبرز مظاهر فشل المشروع الإسلامي. ما الذي جعل الإسلاميين يخسرون؟ خسروا لأسباب عديدة ولكننا سنركّز هنا على سببين يتعلقّان بنظام القيم. خسروا أولا لأن تربة السودان بتسامحها وتنوّعها وانفتاحها رفضت أن تُنْبِت ما حاولوا غرسه ولَفَظَته. وخسروا ثانيا لأننا نعيش اليوم في عالم أصبحت مرجعيته العليا هي قيم حقوق الإنسان، وهي قيم أقرب لعقول وقلوب السودانيين، وخاصة الشباب منهم، لأنها تخاطب إنسانيتهم وأفضل ما بدواخلهم. وهكذا كان من الطبيعي أن يثور السودانيون لأنهم ما كان من الممكن أن يقبلوا بسيادة القهر السياسي أو الديني ولأنهم أرادوا إعادة بناء ديمقراطيتهم السليبة ليوطّنوا قيمة الحرية كقيمة عليا وقيم السلام والعدالة والمساواة، محتفين بثراء تنوعهم ومنفتحين على عالمهم وإنسانية الآخرين.

إن قرار الحكومة الانتقالية برئاسة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بإلغاء المادة 126 واستبدالها بمادة تجرّم الوَلْغ التكفيري وإهدار دماء الآخرين قرار شجاع وتاريخي يعكس أعمق تجاوب مع أعمق شعار للثورة. إلا أن ما تحقّق ما هو إلا الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح. إن المسيرة لم تكتمل لأن مظاهر انتهاك حقوق الإنسان في القانون الجنائي وفي قوانين تمييزية أخرى وخاصة تلك المتعلّقة بالمرأة لم يتمّ إلغاؤها بالكامل. إن مسيرة الإصلاح القانوني الذي يعكس إرادة وطموحات الثورة السودانية لن تكتمل إلا عندما تتماشى كل قوانيننا وتنسجم مع المعايير العالمية لحقوق الإنسان بإلغاء كل العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المُهِينة والمُحِطّة بكرامة الإنسان وبإلغاء كل أشكال التمييز.



(*) لمن يريدون قراءة ما كتبناه عن المادة 126 في العدد الثاني من مجلة العقلاني الصادر في يناير 2015 والمكرّس للذكرى الثلاثين لإعدام محمود محمد طه يمكنهم الذهاب للرابط التالي:
[تمت إزالة الرابط حتى ينتهي تمدد البوست الأفقي الذي حدث بسببه]



محمد محمود أستاذ سابق بكلية الآداب بجامعة الخرطوم ومدير مركز الدراسات النقدية للأديان.

[email protected]


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

آخر تعديل بواسطة ياسر الشريف المليح في الجمعة يوليو 17, 2020 7:02 pm، تم التعديل مرة واحدة.
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

هل جاءت التعديلات بغير سند دستوري؟

النور حمد

صحيفة التيار 14 يوليو

في إشادتي بوزير العدل، في مقال الأمس، ركزت على قضيتين: هما إبطال مادة الردة، وإبطال حق الرجل منع الزوجة المسافرة، أو المطلقة، اصطحاب أطفالها، الذين هم في حضانتها. فهذان انجازان باهران لا مراء فيهما، رغم ما يثيره البعض من اعتراضٍ، بقولهم: إن ذلك ما كان ينبغي أن يجري دون وجود مجلس تشريعي. وأن الدستور وتشريع القوانين أو إصلاحها تقتضي مشاركةً واسعةً، وتفويضًا شعبيًا، ولا ينبغي أن تقوم بها النخب. لكن، هذه النخب لم تأت إلى الحكم بانقلاب عسكري، وإنما أتت بها ثورة شعبية، أهم شعاراتها الحرية والسلام والعدالة. ينطوي هذا النوع الشكلي الإجرائي من الاعتراضات، على رفضٍ دفينٍ مبطَّنٍ للثورة ولشرعيتها. بل، على عدم اعترافٍ بها، لا يفصح عن نفسه بوضوح. الوثيقة الدستورية، التي توافقت عليها كل قوى الثورة، ممثلةً في جماهير الثورة، وفي قوى الحرية والتغيير، وفي الحكومة الانتقالية بقسميها، هي دستور الفترة الانتقالية الذي شهدت عليه القوى الإقليمية والدولية.

كأني بالمعترضين يقولون: ليس من حق الثوار تغيير أي شيء تركته الإنقاذ، حتى يأتي المجلس التشريعي المنتخب، لاحقًا، أو المتوافق على تعيينه في الفترة الانتقالية. ينطوي هذا المنحى، في تقديري، على رغبةٍ دفينةٍ في إلغاء الثورة، إلغاءً تاما. رغم أن الثورة، هي في الأصل، قلبٌ للطاولة على النظام القديم، برمته، رأسًا على عقب. وأول ما تجري إزالته من تركة الإنقاذ المثقلة، إنما هو القوانين غير الدستورية، التي حرس بها النظام المدحور شموليته، واتكأ عليها لينكل بالمعارضين السياسيين، وليبسط بها هيمنة الذكور المطلقة على الإناث. من أوجب واجبات وزير العدل، بناءً على الوثيقة الدستورية، وعلى الأمانة التي وضعها الثوار على عاتق الحكومة الانتقالية، أن يصلح عوار قوانين الانقاذ. لا أن يربع يديه وينتظر هؤلاء المتباكين المشفقين مما يسمونه: "فوقية النخب". وهم قومٌ لم نر لهم دموعًا ولا إشفاقًا على أحد، حين كان النظام المدحور يقتل ويعذب ويقهر، بلا رقيب أو حسيب. وحين كانت بعض النساء ينتحرن من وطأة الانسحاق بالقهر، من عنت الأزواج وتسلطهم. لكن، يبدو أن الضمائر الميتة لا يحركها الظلم، بقدر ما تحركها الشكليات.

حق الحياة وحق الحرية ليسا حقين نسبيين، يمكن أن تؤمن بهما جماعة من الناس وتكفر بهما جماعة أخرى، ثم تكون الجماعتان على صواب. حق الحياة وحق الحرية حقان أصيلان لا ينبغي أن يتركا ليسلبهما الجهل الديني والعلماء والانقياد الطائفي. هذان الحرقان هما بذرة أي دستور وبغير كفالتهما، لا يكون هناك دستور. وأي وثيقة تجهض هذين الحقين لا يمكن أن تسمى دستورا.. لا ينبغي أن نعيد اختراع العجلة، وإنما نسير فيما يتعلق بحقي الحياة والحرية، فيما سار فيه العالم كله، قبلنا. كفالة حق الحياة وحق الحرية أمران في حكم البداهة، فقط، الاستبداد هو الذي شوَّه فهمهما، ولعب بعقول كثيرين بشأنهما. نحن لا نواجه قضايا الحقوق لأول مرة، وكأننا في نقطة فجر الخليقة. نحن نجلس على تراثٍ ضخم من الأدبيات الدستورية. ولا أعتقد أن ثورة قامت ضد القهر والاستبداد والاتجار بالدين، تحتاج لمن يصوت لها على إلغاء حد الردة، أو رفع حيف الرجال على النساء بمنعهن حقهن في اصطحاب أطفالهن خارج البلاد، متى ما أردن. (في اليومين القادمين أعرض تحفظاتي على التعديلات المتعلقة بشرب المواد الكحولية والدعارة).
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

الخمور بين التربية والقانون (1).. النور حمد

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

الخمور بين التربية والقانون (1)

النور حمد

صحيفة التيار 16 يوليو 2020

عاش السودان منذ انهيار الدولة المهدوية في عام 1898 وإلى سبتمبر 1983 حالة من الاستقرار النسبي. ولم يكن هناك أي جدل حول مسألة تعاطي المشروبات الكحولية. لم تحظ هذه القضية بأي اهتمام، لا من المؤسسة الدينية الرسمية، التي كانت تقف على الدوام إلى جانب مختلف السلطات، ولا من الطرق الصوفية، ولا من عامة المواطنين. باختصار، لم تكن قضية تعاطي المشروبات الكحولية تحتل أي أولوية فيما تجري مناقشته من قضايا في المجال العام. فالبيئات السودانية، المختلفة، منذ الممالك الكوشية القديمة، وإلى يوم الناس هذا، عرفت صناعة الخمر في البيوت، بصورةٍ من الصور. بل ظل تناول المشروبات الكحولية ممارسًا بلا انقطاع، عبر التاريخ الإسلامي، بل وفي بلاط الخلفاء أنفسهم. (راجع كتب شوقي ضيف عن العصر الأموي والعصر العباسي). كما أوردت كتب الأحاديث، بأدلةٍ متواترةٍ، وبوضوح لا لبس فيه، أن النبيذ كان يُشرب حتى في صدر الإسلام. فموضوع شرب الخمر في الإسلام موضوعٌ جدليٌّ مختلفٌ عليه.

تطبيق الشريعة ومنع الخمور قضية جرها إلى دائرة الجدل السياسي، في السودان، تنظيم الإخوان المسلمين. فهي تمثل في نظرهم وسيلةً سهلة الامتطاء، سريعة الإفضاء إلى كرسي السلطة. لكن، بعد أن وصلوا إلى السلطة، وجلسوا في كراسيها ثلاثين عامًا، لم يطبقوا، ولا حكمًا شرعيًا واحدا. لم نر أيادٍ تُقطع، رغم السرقات التي تحدث كل يوم، ولا زانٍ أو زانيةً رُجما، ولا قاطع طريق جرى قطعه من خلافٍ، وصلبه. حين كان نميري حاكمًا، وقفوا وراءه بشدة في تطبيق العقوبات الحدية على الفقراء، ليحتمل هو وزرها، من سبتمبر 1983، وحتى سقوط نظامه في أبريل 1985. كان الهم هو الوصول إلى كرسي السلطة، وما أن وصلوه تركوا الشحن الديني الذي شحنوا به البسطاء، حول تطبيق الشريعة، يتبخر في الهواء. وهاهم الآن، بعد أن أُبعدوا عن السلطة، يعودون، كرَّةً أخرى، إلى عادتهم القديمة في إثارة البلبلة.

لا يختلف جَرُّ موضوع الخمر إلى دائرة الجدل السياسي، عن الحملة المفتعلة الخسيسة، التي أدت إلى حل الحزب الشيوعي عام 1965، وطرد نوابه المنتخبين من البرلمان، ومحاكمة الأستاذ محمود بالردة عام 1968. أسلوب الحملتين واحد، وهو إثارة العاطفة الدينية لدى البسطاء، حتى يعموا عن رؤية واقعهم المجتمعي الحقيقي الذي يعيشونه. وهو واقعٌ ظل قائمًا دون أي تغيير، لآلاف السنين، ولم تستطع ولا الدولة المهدية، بكل نزعتها الطهرانية المفرطة، وحشرها أنفها في خصوصيات الناس، أن تغيره. على سبيل المثال، كان القائد المهدوي، النور عنقرة، يشرب خمره في بيته، الذي لا يبعد ميلاً من بيت الخليفة عبد الله. (راجع: مذكرات يوسف ميخائيل).

يقول الواقع التاريخي للشعوب السودانية، أن الناس ظلوا يصنعون، في كل أقاليم السودان، "الشربوت" و"الدكاي" و"المريسة" و" العسلية" وغيرها من المسميات، في المنازل، خاصةً في المناسبات. كما لم تخلُ، عبر التاريخ، قريةٌ أو مجموعة قرى متجاورة من أماكن لصنع وبيع الخمور البلدية. هذا واقع بالغ القدم، ولن تغيره القوانين المتعسفة، وجهالات المتشددين الدينيين، الذين لا يعرفون حرف الإسلام ولا روحه. هذا الواقع، يغيره الوعي، والتعليم، والتربية الدينية الصحيحة الحكيمة الموزونة، التي تتجه إلى ترفيع الشعور بالمسؤولية الفردية، وبالالتزام الداخلي بصحيح القيم. محاولة منع شرب الخمور بالقوانين لا تختلف في فشلها من محاولة خفض سعر الدولار بالقبضة الأمنية. فالضائع في هذا اللغو الباطل هو الحكمة. (يتواصل).
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

أخشى أن ترضح الحكومة الانتقالية للابتزاز تحت الضغط الإخواسلفي داخليا، وخارجيا من دول مثل قطر وتركيا..

تحدثت الأخت أسماء محمود حديثا متميزا حول مسألة الشريعة وهي مسألة يتجنبها المثقفون والسياسيون على السواء.

أسماء محمود محمد طه حول محور الإصلاح الدستوري
ملتقى جامعة الخرطوم للبناء الوطني والانتقال الديموقراطي



في هذا الرابط


.
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

الخمور بين القانون والأخلاق (2)

النور حمد

صحيفة التيار 17 يوليو 2020

من الملاحظات اللافتة للكاتب الكبير الطيب صالح قوله: رغم أننا قطر هامشي في منظومة الأقطار العربية والإسلامية، وليست لنا آدابٌ مكتوبةٌ، ولا آثارٌ يُعتد بها في بنية الحضارة الإسلامية، إلا أنا، رغم ذلك، حاولنا مرتين، ادعاء أن لنا دورًا مركزيًا في العالم الإسلامي، بل وفي العالم أجمع. قام الإمام محمد أحمد المهدي بثورته العظيمة في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، وحقق إنجازين عظيمين على المستوى الداخلي، هما: تحرير القطر من المستعمر المصري، التركي، ومنح السودان حدوده الجغرافية الشاسعة. غير أن المهدي توهّم أن دعوته ودولته تحتلان موقعًا محوريًا ينبغي أن يلف حوله جميع العالم. ألغت المهدية العمل بالمذاهب، كما ألغت الطرق الصوفية، وكفَّرت كل من لا يؤمن بمهدية المهدي، وجعلت من منشورات المهدي وراتبه مرتكزا جديدًا للعقيدة، يَجِبُّ كل ما قبله. وبناءً على تصور أن المهدية رسالةٌ إلهيةٌ إلى الناس أجمعين، سيرت المهدية الجيوش لفتح مصر والحبشة. ووثب في الربع الأخير من القرن العشرين، الدكتور حسن الترابي وجماعته إلى السلطة بانقلاب عسكري. جاعلين من فكرتهم ودولتهم منصة ينطلق منها البعث الاسلامي ليعم مشارق الأرض ومغاربها. ولم يتعظ الدكتور الترابي ورهطه من التجربة المهدوية. فانتهت تجربتهم إلى كوارث متلاحقة ودمارٍ فظيعٍ فاق كل ما جرى في الحقبة المهدوية.

مصر هي موطن الأزهر، أعرق الجامعات الإسلامية. وتركيا هي مركز الخلافة الإسلامية العثمانية، حتى الربع الأول من القرن العشرين. غير أن هذين القطرين لا يحرمان صناعة الخمور، ولا الاتجار فيها، ولا تعاطيها. أما جمهورية باكستان الإسلامية فتمنع تعاطي المسلمين لها، ولا تمنع أن يتعاطاها غيرهم من أهل الديانات، وبها مصنع للخمور. أما ماليزيا وإندونيسيا فتسيران على نهج تركيا ومصر والمغرب وتونس والجزائر ولبنان والعراق وسوريا والأردن، أي نهج السماح بلا قيد. وتختلف درجة السماح قليلًا في دول الخليج. فسلطنة عمان والإمارات وقطر والبحرين، تسمح باستيراد الخمور وتقديمها في الفنادق، وبعض المطاعم. وفي هذه الدول منافذ لشراء المواد الكحولية، لكنها لا تبيع إلا لمن يحمل تصريحًا حكوميًا. لذا يستغرب المرء في تحريض عبد الحي يوسف للجيش للإطاحة بالحكومة المدنية، بدعوى أنها تهدم الدين. لماذا يا ترى يصمت عبد الحي، عن تقديم نفس الطلب للجيش التركي ليطيح بأردوغان؟

أرجو ألا يظنن أحدٌ أن سبب عدم تشدد هذا العدد الكبير من الدول الإسلامية، يعود لقلَّةٍ في المعرفة بالدين، أو تنكُّرٍ لأحكامه. في كل هذه البلدان علماء أجلاء. بل إن علماءنا تتلمذوا، عبر التاريخ، على علماء الأزهر منذ أيام السلطنة الزرقاء. السبب في تقديري، هو المعرفة بمقاصد الدين، وتوخي الحكمة في التشريع، وفهم الواقع العملي القائم. يضاف إلى ذلك، أن الأحاديث والوقائع المروية في أمر الخمر ورد في بعضها ما يؤكد أن العقوبة تنصب على السُّكْر، وليس على مجرد الشرب. وكما هو معلوم، فإن روايات الأحاديث وروايات الوقائع التاريخية، وردت بصورٍ مختلفة، تصل حد التعارض، أحيانًا. فالفقهاء المتشددون يعتمدون منها ما هو أكثر تشدُّدًا فيجعلوا منه تشريعًا عاما. أما المعتدلون فيميلون إلى النصوص والوقائع التاريخية التي تبتعد عن التشدد والغلواء. وسوف أورد نماذج من هذه الروايات المختلفة في عمود الغد، ومع ذلك، تبقى للحديث بقية. (يتواصل).
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الخيط مفتول

مشاركة بواسطة حسن موسى »


سلام يا ياسر و كافة أصحاب المهارات الرقمية
الخيط متمدد افقيا بطريقة لا تساعد على القراءة
و ربما كان السبب طول الروابط و الله أعلم
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

سلام يا حسن وشكرا

قمت بإزالة الروابط التي تسببت في تمدد البوست أفقيا لدى البعض. أنا لم يكن البوست متمدد عندي.

صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

سلام دكتور ياسر
ليه مسحتها؟ أنا صلحتها.

ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

سلام يا أستاذة نجاة

معليش لم أفهم ولم ألاحظ تصليحك للبوست. المهم أن الأخ عثمان حامد أورد مقال الدكتور محمد أحمد محمود في بوست منفصل وبه الرابط المقصود.

https://sudan-forall.org/forum/viewtopic ... 95190e1598

ياسر.
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

سلامات دكتور ياسر
معليش حصل خير
كنت قد صلحت كل الروابط. ولا زال تصليحي لرابط محاضرة الأستاذة أسماء موجود. ربما كان تعليقي الذي كتبته، ببروفايل إدارة الموقع، غير مفهوم مع الوجه الضاحك معه. كتبت ما معناه وأخيرا انتهت شغلانية كانت طويلة. أرجو المعذرة لسوء الفهم الذي حدث.
وعلى كل حال، العملية ليست طويلة حينما تتم منذ البداية. وهي تتم بالضغط على الأيقونة الخضراء في شكل الكرة الأرضية وتحتها علامة الروابط. حينها سيظهر لك مستطيل لتنسخ فيه الرابط ثم تضغط للإرسال. سيظهر لك الرابط في حيز كتابة المداخلة تحيط به أقواس معلقة بداخلها مكتوب url وفي وسط الرابط مكتوب Web Page Name، تظلله وتضع بدلاً عنه عنوان الرابط. حينما ترسل المداخلة لن يظهر الرابط، وإنما فقط اسم الرابط الذي وضعته، كما في تعديلي للرابط الخاص بمحاضرة الأستاذة أسماء.
أتمنى أن يكون شرحي واضحا لك وللجميع.
مودتي

ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

الخمور بين القانون والأخلاق (3)

النور حمد

صحيفة التيار 18 يوليو 2020

ذكرت في العمود السابق، أن الفقهاء صنفان: صنف متشدِّد وآخرٌ معتدل. يميل الصنف المتشدد إلى العنت، والمعتدل إلى اليسر. يضاف إلى ذلك، أن روايات الأحاديث النبوية والوقائع التاريخية الإسلامية، يقع فيها الاختلاف. وقد يجد المرء حديثًا مرويًا بعدة صيغ، أو رواية لحادثة بعدة صيغ، تخلق اقدرًا من الاختلاف في المضمون. وسوف أورد نماذج لهذا في ذيل هذا المكتوب. أيضًا، من المعروف تاريخيًا والموثق، أن جمع الأحاديث جرى بعد أكثر من قرنٍ من بداية التاريخ الهجري. لذلك، فإن درجة الموثوقية العالية التي يمنحها المشتغلون بالفقه للأحاديث، ليست بالتماسك كما يظنون، ويظن كثيرون. وقد كثرت في الفترة الأخيرة الآراء الداعية إلى أخذ روايات الأحاديث بحذرٍ شديد، خاصة حين تتعارض مع نصوص القرآن، ومع المعقولية اللائقة بدينٍ رباني. وقد ذهب البعض إلى ضرورة الاستناد إلى القرآن بوصفه النص الأوثق، الذي ينبغي أن يكون المرتكز النهائي، حين تستشكل الأمور. وعمومًا، فإن العصر الذي جرى فيه تدوين الأحاديث لم يكن عصر تقوى، كصدر الإسلام، وإنما كان عصر ملك عضوض، أصبحت أهواء السياسة حاضرةٌ فيه بشدة.

أكثر من ذلك، يورد بعض الباحثين أن هناك أحاديث صحيحةً تنهى عن كتابة أحاديث النبيّ، مطلقًا. فقد روى أحمد، ومسلم، والدارِميّ، والترمذيّ، والنسائيّ، عن أبي سعيد الخدريّ، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم قال: "لا تكتبوا عنّي شيئاً إلاّ القرآن، فمَنْ كتب عنّي شيئاً غير القرآن فليمحه". الشاهد، أن الظن بأن الأحكام المستنبطة من جانب الفقهاء هي أحكامٌ نهائية غير قابلة للمراجعة، أبدًا، ظنٌّ غير صحيح.

من أمثلة الروايات المختلفة للأمر الواحد، ما رواه أبو موسى الأشعري من أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه هو ومعاذًا إلى اليمن. قال أبو موسى: قلنا يا رسول الله إن بها (أي اليمن)، شرابين يُصنعان من البر والشعير، أحدهما يقال له المزر والآخر يقال له البتع، فما نشرب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اشربا ولا تسكرا". أما الرواية المغايرة فقد ورد فيها أن النبي قال لهما: "اشربا، ولا تشربا مُسكرا". فرواية "اشربا ولا تسكرا"، أباحت لهما الشرب بشرط ألا يسكرا. أما الرواية الثانية فتقول: اشربا ولا تشربا مسكرا" وفي هذه غرابة. لأن السائلين ما سألا إلا لأنهما يعلمان أن هذين الشرابين مسكرين. ولذلك، كان رد النبي الكريم، "اشربا ولا تسكرا". فهذه الرواية أكثر تماسكًا من الأخرى التي قالت: "اشربا ولا تشربا مسكرا". فهما لم يسألا عن مطلق شراب، وإنما سألا تحديدًا عن شرابين، مسكرين، باسميهما.

أيضًا، من الأدلة على أن العقوبة إنما تنصب على السكر، ما جاء في سنن البيهقي من: "أن رجلا أتى سطيحةً لعمر، فشرب منها فسكر، فأتي به عمر فاعتذر إليه، وقال: "إنما شربت من سطيحتك"، (أي من نفس وعائك). فقال عمر: "إنما أضربك على السكر"، وضربه عمر." حاول هذا الرجل أن يُعفى من العقوبة لكونه قد شرب من نفس الشراب الذي يشرب منه عمر. فرد عليه عمر بأن السبب في معاقبته ليس مجرد الشرب، وإنما السكر. وهذا واضح جدًا في قول عمر: "إنما أضربك على السكر". واجبنا اليوم أن نجتهد، لا أن نستسلم كليًّا للأقدمين. (يتواصل)




المصدر بالضغط هنا

شكرا يا أستاذة نجاة قمت باتباع الخطوات وهذه هي النتيجة
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

Asma Mahmoud
23 Std.

اجابة على أسئلة وردتني من أحد الصحفيين:
اود ان ابادر واهنيئ د. نصرالدين عبدالباري وزير العدل في أدائه المتميز ومهنيته العالية التي طالعنا بها في برنامج الحوار الذي قدم له السيد لقمان مدير التلفزيون القومي. وأود ان أهنئه ثانيا اذ انه في تقديري الشخصي قد أرخ لنفسه ولوزارة العدل في هذه الفترة الانتقالية تاريخا ناصع البياض لشجاعته وعدم رضوخه للفهم السلفي التقليدي والهوس الديني الذي يرعب ويرهب الآخرين بدعوى حماية الدين والفضيلة. ثم إنه بالغائه لمادة الردة واستبدالها بتجريم من يكفر الآخرين قد عزز حرية الرأي والاعتقاد وكرم الوثيقة الدستورية وحقوق الإنسان مما يجعله مؤهلا لحمل امانة الحرية والعدالة. واشكره باسمي والحزب الجمهوري وكل من انتمى إلى أفكار الاستاذ محمود وآمن بها انه قد اعترف لنا بحقنا الدستوري في الحياة وحقنا في اعتناق فهمنا التقدمي للإسلام، ولأول مرة في تاريخنا القريب منذ حكم محكمة الردة الجائر على الأستاذ محمود نوفمبر 1968. الآن أنا مواطنة استمتع بهذه الحقوق كما يستمتع بها جميع المواطنين. وهذا في حد ذاته إنجاز عظيم لو لم يقم د. عبدالباري بغيره لكفاه.
** بسأل عن صمود الحكومة امام هجوم السلفيين على التعديلات الجديدة
اما في ما يخص صمود الحكومة أمام هجوم السلفيين على التعديلات الجديدة لا أعتقد أن هناك موجبا او منطقا لكي لا تصمد الحكومة أمام هجوم السلفيين على ما قامت به من تعديلات. للأسباب الآتية:
اولا: هذه الحكومة تمتعت بإجماع شعبي لم يتسنى لأي حكومة سودانية من قبل حتى بعد ثورتي أكتوبر 64 وابريل 85. وكذلك رئيسها حمدوك فقد وجد من التأييد والوقوف إلى جانبه ما كان يمكن أن يستغل احسن استغلال بالشرعية الثورية وقبول الثوار له لأحداث تغيير أساسي في المجتمع ومحو كل آثار حكومة الإنقاذ من قوانين مقيدة لحريات الأفراد ومن سياسات محطة لقدر الإنسان السوداني ولكرامته من الأيام الأولى بعد توقيع الوثيقة الدستورية.
ثانيا: شهدنا بأعيننا ما قامت به الإنقاذ من فساد يزكم الانوف مع ادعاء(لا لدنيا قد عملنا) وكثرة الصراخ عن الدعوة لتطبيق الشرع. وبالرغم من المفارقة الصارخة لقيم الدين من الحكومة المندحرة، لم نقرأ أو نشهد للصائحين الآن بكاء على ضياع الشريعة، لم نر لهؤلاء السلفيين اي غيرة على الدين أو احتجاج على صور الفساد الذي يرتكب من السلطة الغابرة كل يوم جديد، وباسم الدين. ولذلك فلا وزن لهم ولا دين ولا ينبغي أن يصغي لهم الثوار ولا حكومتهم التي اختاروها.
ثالثا: يمكن الجزم بأن الإسلام لا وجود له في حياتنا اليوم. الإسلام موجود بين دفتي المصحف فقط. وما يمارس في حياتنا اليومية إنما هو مظهر للدين بلا دين. هناك المساجد في كل ربوع البلاد وهناك مظاهر الثفنة واللحى والنقاب ومع ذلك هناك الكذب والنفاق والتدليس والقطيعة والنميمة مع اكل الحرام والربا وحيث ما التفت تجد مساوئ الأخلاق يمارسها من هم على سدة الحكم أكثر من غيرهم من عامة الشعب، مع ان نبينا عليه افضل الصلاة وأتم التسليم قد قال (الدين المعاملة) و قال (إنما بعثت لإتمم مكارم الأخلاق) فلا مجال اذن والحال كما ذكرت للتباكي على هدم الدين. أو التباكي على عدم تطبيق الشريعة التي لم ير الشعب السوداني في تطبيقها سوى السوط والسيف..مع غياب تام لعدالة السماء وسماحة الدين.
رابعا التعديلات التي تمت تتسق تماما مع روح الدين حيث (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فاليكفر) وحيث (فذكر انما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطر* إلا من تولى وكفر* فيعذبه الله العذاب الأكبر) وقوله (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) وغيرها من الآيات التي تدل على حرية الضمير. كما ان هذه التعديلات تجسد معاني عدالة مواثيق حقوق الإنسان التي وقع وصادق عليها السودان.
فليس هناك أي حق من المتشددين الدينيين مع عدم صدقهم الذي ذكرته الاعتراض على هذه القوانين كما ليس هناك أي موجب لعدم صمود الحكومة في الوقوف بصلابة للدفاع عنها.

** كما أن هناك أحزاب داخل قوى التغيير ترفض التعديلات.
اعتقد ونحن نرسخ لدولة المؤسسات ونتجه لتحول ديمقراطي لابد أن يكون هذا الاختلاف في وجهات النظر محتملا ومقبولا إذا كان متسقا مع مواقف الأحزاب أو الجهات التي تتبناه. والا فإن على الرافضين لهذا التغيير إقناع الثوار ودعاة التغيير على ماذا يعترضون؟ ثم على ماذا يقوم الاعتراض هل على الشكل ام على المضمون؟ اما من حيث الشكل غني عن القول أن اجازتها قد تمت من قبل مجلس الوزراء ومجلس السيادة مجتمعين ولا يعيبها ان اجازتها لم تتم من المجلس التشريعي طالما ان الوثيقة الدستورية نصت على أن يقوم هذين المجلسين بإجازة القوانين في غياب المجلس التشريعي. وقد تأخر تشكيل المجلس كثيرا عن ما هو محدد له في الوثيقة الدستورية فاضيرت حقوق المواطنين جراء هذا التأخير. وعليه فإن هذه التعديلات دستورية وقد تمت وفق وثيقتنا الدستورية ولا مجال للاعتراض عليها من حيث الشكل. أما حجة الانتظار إلى أن يكون المجلس التشريعي والذي رهن تكوينه بالتوقيع على اتفاقية السلام وإكمال صفقات المحاصصة، بالرغم من ما نراه من تعثر التوقيع على اتفاقية السلام فلا مجال لرهن حقوق وحريات الناس لتأجيلات غير مبررة وغير محددة. الحقوق أولى بأن تدفع إلى من يستحقها بلا تأخير لأن تأخير العدالة هو ظلم في مستوى من المستويات. أما من الناحية الموضوعية فعلى ماذا يقوم الرفض هل تدفع هذه التعديلات لتحقيق مطالب الثورة الحرية والسلام والعدالة ام هي خصما عليها؟ هل من الأكرم للفرد والجماعة أن يجعل فردا أو أفراد قلائل يتحكمون في ضمائر الآخرين ويوزعون صكوك الغفران ام اكرم لنا جميعا ان يعتبر كل فرد منا حرا في تفكيره وفي اعتقاده وان المحاسب لنا جميعا الله وحده. للأستاذ محمود مقولة تشدني كثيرا يقول (ليس هنالك رجل هو من الكمال بحيث يؤتمن على حريات الآخرين) ليس هناك حق لأي شخص في واقعنا اليوم بان يكفر احد احدا بكل المقاييس ولا يمكن ان نترك النصوص القرآنية الواضحة ونتجاهلها لنأخذ برأي الفقهاء واجتهاداتهم التي اختلفوا هم حولها. وضع تغيير المادة 126 اصبعه على الداء واوجد الدواء ليس هناك منذ اليوم مجال الي فئة من الناس تفترض انها مسؤولة مسؤولية كاملة عن دين الله ثم تتجه لتكفير الآخرين واخراجهم من الدين. ثم وتاديبهم بإرسال التهم والحكم بالقتل كما حدث لوالدي شهيد الفكر. . وهناك قضية مريم الشهيرة التي تزوجت مسيحيا وغيرت دينها وقد شهدنا ما تم في القرن الواحد وعشرين من الاذلال والإهانة لها ما تقشعر له الأبدان. وقضية القرآنيين ليست بعيدة عن الأذهان وما حدث للأستاذ شمس الدين ضو البيت من محاكمات ومضايقات هذه مجرد أمثلة قليلة من كثير مثلها. فهل أفضل هذا الواقع ام الاتجاه إلى التأسيس لحرية الرأي وحرية العقيدة وهي أهم مبادئنا الدستورية.
** هل التعديلات خطوة في الاتجاه الصحيح؟
اعتقد لو لم تقم الحكومة الانتقالية بشيء غير هذه التعديلات لكفاها، وبرر بقاءها. اجازة هذه التشريعات وتغيير المادة 126 من مادة للردة إلى مادة تجرم التكفير تمثل إنجازا كبيرا ضامنا لتحقيق السلام الاجتماعي وقافلا للباب أمام النزعات الداعشية التكفيرية المدمرة للسلم الأهلي والعلاقات الدولية. فنحن في الحزب الجمهوري عانينا كثيرا من النزعات التكفيرية بل لقد دفعنا بإغتيال الأستاذ محمود الثمن الأفدح كما دفعنا ثمنا باهظا بتشويه سمعتنا بلغت حد الطعن في عقود زواجنا القائمة على كتاب الله وسنة رسوله. ثم كإمراة شعرت ولأول مرة ومنذ سنين أن المرأة السودانية قد بدأت تستعيد حقوقها المسلوبة وبدأت الإصلاحات القانونية التي تحمي حقوقها وتحقق لها المساواة مع الرجل . فالتعديل الذي أتاح للمرأة اخذ أطفالها معها أينما تشاء فيه تحقيق للعدالة. فالمرأة شريكة للرجل في المسؤولية عن الأطفال ولها حق رعايتهم والارتباط اللصيق بهم، خاصة حين يكونوا في حضانتها. فالمرأة هي التي تحمل الطفل في رحمها تسعة شهور وهي التي تلده عبر معاناة المخاض المعروفة. وهي التي ترضعه وتهتم بتغذيته وتربيته والسهر على راحته. لكن رغم كل ذلك نجد أن القانون القديم لا يمنحها حق اصطحاب أطفالها في حالة السفر إلا بإذن زوجها!! أعتقد في ذلك تركيز لمفهوم الذكورية بلا وجه حق وفي زمن تغيرت فيه المفاهيم ونادت مواثيق حقوق الإنسان ومنظماته بالحقوق المتساوية بين النساء والرجال. ويمكن القول بأن نصوص القانون القديم في هذا الشان غير دستورية لأنها تميز بين الرجل والمرأة في أهم القوانين قانون الأحوال الشخصية الذي يؤثر في جميع أفراد الأسرة سلبا وإيجابا واتمنى إلا يطول انتظارنا لتغييره لتحقيق واقع افضل واكرم وأعدل بالنسبة للمرأة بل للاسرة جميعها.
وفي ما يخص تحريم الخفاض يمكن أن نسأل المعترضين هل أفضل للفتاة أن تشوه أعضاؤها التناسلية مع ما عرف من مضاره ام الأفضل أن تبقى كماخلقها الله الذي قال في كتابه العزيز ( لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم)؟
أما التعديل الذي طال أمر الخمر والفصل أو التمييز بين المسلم وأصحاب الأديان الأخرى فلا أرى له مبررا، لأنه يقنن للتمييز بين المسلمين وغير المسلمين ولأنه يحدث شرخا في المجتمع وفي حرية الأفراد التي كفلها الدستور. ثم إنه يجعل الدولة وصية ومراقبة ومتدخلة في حياة الأفراد الخاصة مما يكون له أسوأ الأثر في تربية الأفراد.
وكنت أتمنى أن يجري نقاش واسع في جميع قطاعات المجتمع ليجيب على السؤال هل سنبقى على بقايا قوانين سبتمبر التي قامت ثورة أبريل من أجل الغائها وهزمت حكومة أبريل الانتقالية مطالب الثوار كما هزمته الحكومة المنتخبة القانونية برئاسة السيد الصادق، هل سنبقى عليها على ما شابها من قصور ومن بعد عن الدين ومقاصده ام جاء الوقت لالغائها استجابة لمطالب الثوار؟ قوانين سبتمبر فرضت بقرار جمهوري ولم يصادق عليها برلمان أو أي جهة قانونية ومع هذا العيب الذي يخرجها من نطاق الشرعية والدستورية فقد ظلت مسلطة على رقابنا وذلك بادعاء انها قوانين شريعة اسلامية. وحقيقة الامر فهي ابعد ما تكون عن الشريعة الإسلامية وقد جاء الوقت للحوار حولها وازالتها ومحوها من حياة هذا الشعب الكريم الطيب واستبدالها بقوانين تتسق مع روح الإسلام وحقيقته في الدعوة للحرية والعدالة والسلام كما تتسق مع مواثيق واتفاقيات حقوق الإنسان المصدق عليها السودان. اتمنى ان تفتح وسائل الإعلام الحوار حول هذا الموضوع المهم حتى نستطيع أن نقيم دولة القانون والمؤسسات على أساس متين.

ــــــــــــــ

من صفحة أسماء محمود في الفيسبوك
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

https://www.youtube.com/v/iUoogo2A8Cs
دائرة الحدث - تعديلات القوانين.. حاجة الحريات وحدود الشريعة - أحداث السودان
12.276 Aufrufe
•13.07.2020
157
29
Teilen
Speichern
Sudania 24 TV
تعديلات القوانين.. حاجة الحريات وحدود الشريعة
الضيوف:
د. عادل عبد الغني ـ خبير قانوني
أ. معتز المدني ـ خبير قانوني
أ. تاج الدين الصديق جمال الدين ـ محامي
الاحد 12-7-2020
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

هذا مقال متميز كالعادة للدكتور معتصم الأقرع حول الموضوع، وقد نشر هنا في سودان فور أوول بتاريخ 12 يوليو الجاري.

ــــــــــــــــ

ملاحظات حول التعديلات القانونية: قاري يا عبد الباري

معتصم أقرع




لقد استمتعت كثيرا بالاستماع إلى د. نصرالدين عبد الباري مع لقمان. يتضح ان دكتور عبدالباري مهني مؤهل بشكل واضح ويمتلك من الذكاء والتعليم والفهم للقضايا بما يؤهله للعمل كوزير للعدل. كما أنه يصرف اللغة بطلاقة ووضوح ، ويوصل رأيه بلغة واضحة تشير إلى وعيه بـما يتحدث عنه وأنه صادق وصريح ولا يخفي شيئا. الاستماع إلى دكتور عبد البري تغيير منعش يعوض عن الاستماع إلى ب الآخرين الذين لا يظهرون جودة مماثلة وبعضهم يختار الغموض والمراوغة والقفز من موقف لأخر كقطع الجلي .

قرار الدكتور عبدالباري بإلغاء جريمة الردة موقف تاريخي بكل المقاييس يؤهله لان يتذكره التاريخ باعتباره الرجل الذي الغي اجرام الدولة الأكثر غباء وبربرية وفظاعة. لهذا ترفع القبعات للدكتور باري.

ومع ذلك ، هناك نقاط ملتبسة في خطاب الدكتور باري ، لكنها لا تقدح فيه بأي حال من الأحوال بما إنها تحديات للحركة الديمقراطية السودانية بأكملها في سعيها من أجل مجتمع أفضل.

د. باري امتلك الشجاعة لإعطاء غير المسلمين حق صنع وشرب الكحول إذا رغبوا في ذلك. هذه خطوة كبيرة إلى الأمام نحو الديمقراطية والمساواة واحترام حقوق وثقافات السودانيين الذين أراد الله لهم ان يكونوا من غير المسلمين. مرة أخرى هذا قرار تاريخي ساهم ل فيه الدكتور باري مع اخرين .

ومع ذلك ، هناك أشكالات تتعلق بالمسلمين والكحول في خطاب عبد الباري الذي أكد ان تعاطي المسلم مع الكحول يظل جريمة يعاقب عليها القانون. والأسوأ من ذلك ، أن غير المسلم سوف يعتبر مجرما إذا قام ببيع أو تقديم الكحول لمسلم. هذا الموقف يثير العديد من القضايا الهامة.

أولاً ، هذه العقلية تدل علي ان الدولة لا تزال تدخلية تتحشر في تنظيم الحياة الشخصية للمواطنين وهذه سمة دول القرون الوسطى الاستبدادية. أضف إلى ذلك ان حظر أو تجريم الكحول عمليا لم ينجح أبدًا في أي مكان في العالم. من يرغبون في الشرب يشربون دائمًا والفرق الوحيد في المكان والكيف. طرد ثقافة وممارسة الكحول الِي تحت الأرض تجعلها أسوأ بكثير وغير صحية بغض النظر عن موقف الفرد الشخصي منها. في تبريره ، ذكر الدكتور باري قانون منع الكحول الذي تم تنفيذه في الولايات المتحدة من 1920 إلى 1933 واستشهد به في أنه يمكن حظر الكحول لعدة أسباب. لكن الدكتور لم يذكر الجانب الآخر من الجدل القائل بأن الكحول اليوم مشروعة في معظم الدول الإسلامية مثل الإمارات وماليزيا وتركيا والأردن والمغرب وفلسطين لديها مهرجان بيرة سنوي جميل. إن شرعية الكحول لم تجعل هذه البلدان أقل إسلامًا ولم يجعل الحظر السودانيين أبدًا أحسن اسلاما.

ثانيا , يذهل خطاب الدكتور باري عن تعقيدات وتداخلات الثقافة مع الدين . فمثلا بالنسبة لأنسان فورواري فان ثقافته وتقاليده تبيح الخمر وتحتفل بها رغم انه مسلم. فاذا شرب وليد دارفور هل سيعاقبه قانون الدكتور باري كمسلم ام يعفيه كمنتمي لثقافة اخري؟ وفي هذا الحال, اذا تم اعفاء وليد دافور بحجة انه ينتمي الِي ثقافة اخري فما هي الثقافة المرجعية وهل سيعطي ذلك ثقافة الوسط النيلي مركزية غير مستحقة يصنف القانون ما عداها كآخرين؟

ثالثا ، يقع الدكتور باري في تناقض. فهو في وقت مبكر من المقابلة ، يقول إن النظام القانوني الجيد لا يميز بين المواطنين ويعاملهم على قدم المساواة. لكن الطريقة التي يتعامل بها قانونه مع الكحول تمييزية بامتياز ، فهناك قانون للمسلمين وآخر لغير المسلمين وهذا يهزم تصريحه السابق.

علاوة على ذلك من يقرر إذا كان المرء مسلمًا أم لا؟ هل هو العرق؟ الاسم؟ صدفة الميلاد؟ هل يجوز للشخص أن يختار بنفسه ويخبر منفذ القانون بدينه ام انه من حق الشرطي والقاضي تقرير ان كان المتهم مسلماً أم لا؟ وماذا لو أراد المرء أن يكون مسلماً ولكنه اختار أن يؤسس مدرسة إسلامية جديدة أو ان ينتمي إلى مدرسة موجودة لا مشكلة فيها مع الكحول – هل يحق للدولة ان تختار للشخص دينه والمدرسة الفقهية التي ينتمي لها؟ هل لا يزال للدولة الحق في اختيار الدين لشخص واختيار مدرسة الفكر الإسلامي التي يجب أن يتبعها؟ هذا مظهر اخر من مظاهر دولة الاستبداد القرو-وسطية.

نقطة أخرى مثيرة للقلق هي أن الدكتور باري ذكر أنه سيكون جريمة إذا قام غير المسلم ببيع الكحول لمسلم. هذا لا ينتهك حق المسلم فحسب ، بل ينتهك حق غير المسلم. إذا لم يكن لغير المسلم في ثقافته أو دينه ما يمنعه من بيع الكحول لمعتنقي الديانات الاخري، فلماذا يعاقبه قانون بـاري ؟ لماذا يجبر القانون غير المسلم على التمييز ضد المسلمين في تجارة الكحول برفض البيع لهم؟

من ناحية اخري يجب ان نتذكر ان الدكتور باري كان واضحًا في القول بـأنه لا يملك سلطة مطلقة لتقنين ما يراه صحيحا وكما يحلو له ، بما أنه ملزم بالوثائق الدستورية. وهذه النقطة معقولة وإشكالية في نفس الوقت. فهو محق في الإشارة إلى أن بعض التحديات يجب معالجتها خارج وزارة العدل ، على مستوى العملية السياسية. هذا صحيح. ولكن كان يمكنه أن يشير إلى الرأي العام بأن القوانين التي يقترحها ، بناءً على تفسيره لقيود الوثيقة الدستورية بها سمات غير مرغوب فيها مثل تطفل الدولة على الحياة الشخصية للمسلمين ، وانتهاك مبدأ المساواة جميع المواطنين امام القانون وانتهاك حقوق غير المسلمين في التعامل بلا تمييز ضد المسلمين.

ومع ذلك هذا المقال يشيد بقرارات الدكتور باري التاريخية ولا يتزيد عليه ولكنه فقط يطرح هذه القضايا كإشكاليات تستحق المعالجة في جولات قادمة من قبل جميع أصحاب المصلحة في بناء دولة حديثة يسود فيها حكم القانون والحرية والمساواة.

في قضية خلافية اخري حاول الدكتور باري التعامل مع قضية الدعارة بتوفيقية ذكية. وبحسب ما قاله في المقابلة (وانا لم اري النص المكتوب) ، فإن جريمة الدعارة تثبت أذا حدثت في مكان (بيت؟) مخصص للدعارة. وهذا قد, مجرد قد, يعني أن القانون لن يمتد خارج بيوت الدعارة الرسمية. لو كان الامر كذلك فان هذه خطوة إلى الأمام حتى لو كانت لا تزال رمادية. فهي تعطي الأمل في أن تتوقف الشرطة عن ترويع الشباب والكبار- لأغراض سياسية و ابتزازية - حين يتصادف وجودهم في مكان خاص أو مكان لا تستسيغه الشرطة. لكن تظل المشكلة ان قانون باري , كما فهمت, لا يزال يعرّف الدعارة على نطاق واسع بأنها أي علاقة حميمة خارج الزواج ، ولا يقصر التعريف على بيع وشراء خدمات بدنية خاصة. هذا التعريف الفضفاض مؤسف لأنه لأ يأتي الا من دولة عبيطة متطفلة تدس أنفها في ملابس المواطنين وغرف نومهم.

من المؤكد ان هناك حجج معقولة - معترف بها جيدًا خارج الدوائر المحافظة - تدعو لتنظيم النشاط الايروسي بقيود ناعمة طوعية. تجادل سوزان سونتاغ ، على سبيل المثال بأن الجنسانية إحساس فوضوي بطبيعته ، وبالتالي يجب أن يكون مقيدًا بطريقة ما لخدمة أهداف أعلى مثل حماية الانسجام الاجتماعي والحياة الأسرية والصحة أو أيا كان. لكن النزعة الجنسية يجب أن تنظمها الثقافة ، والحس الأخلاقي الخاص والمجتمع ، والأسرة ، والمعتقدات الدينية الشخصية ، وليس الدولة لأن الدولة لا تملك من الأخلاق ما يؤهلها لتحديد ما هو أخلاقي وفرضه بأدوات قمعها الغليظة.

آخر ملاحظة لدي تتعلق بسفر النساء والأطفال. بالطبع يجب أن تتمتع النساء بالحق الكامل في السفر ، مثل الرجال تمامًا ، دون الحاجة لإذن من أي شخص أو حكومة. لكن الأمر يصبح معقدًا في وجود أطفال واشكالات حضانة. في حالة فسخ الزواج، يجب أن يقرر القانون الحضانة على أساس مصلحة الأطفال بشكل رئيسي وعلى أساسها يعطي أحد الوالدين الحضانة ، مع ضمان حصول الوالد الآخر على إمكانية التواصل مع الأطفال بانتظام وديمومة تتيح له حضور كامل في حياتهم. هذه ليست حقوق الوالدين فقط فاهم من ذلك ان الطفل أيضًا له الحق في الاستمتاع بحضور الوالدين في حياته. التواصل مع الأطفال يعني أن كلا الوالدين يجب أن يبقيا في مدينة الإقامة عند فسخ الزواج. إذا أراد الوالد الحاضن الانتقال بعيدًا ، الِي مدينة أو بلد مختلف ، فيجب أن يوافق الوالد الآخر وديًا إن أمكن. ولكن على سبيل المثال ، إذا كان الزوج لديه حضانة ، وقرر المغادرة إلى أستراليا ، فإن هذا سيحرم الأم من الوصول المنتظم للأطفال. والعكس صحيح. وهذا ينتهك حقوق كل من الطفل وألام أو الأب غير الحاضن. فعندما يكون هناك أطفال في الوسط ، يصبح الأمر أكثر تعقيدا من حق السفر لفرد . بمعنى اخر فان حق السفر للمرأة كفرد يختلف جوهريا عن حقها في تغيير مكان الإقامة مع الاطفال. فالاول قضية حقوق شخصية للمرأة والثاني سؤال يستدعي التوفيق بين حق المرأة وحق الطفل وحق الوالد الآخر.

كان ينبغي للدكتور باري أن يبت في قضية السفر مع الأطفال في سياق قانون متكامل للحضانة بما يضمن العدالة والمساواة لكلا الوالدين ويضمن أيضاً حق الطفل ومصلحته العليا بالتمتع بوجود والدين في حياته. بمعنى آخر ، كان ينبغي له أن يميز بين حق المرأة في السفر الحر كما تشاء كفرد وحقها عندما يتعلق الأمر بوجود أطفال قصر في المعادلة لأن ذلك يغير القضية الِي مدار اخر يشمل حق الطفل في التمتع بوجود ام واب في حياته ويشمل الحق الطبيعي للوالد غير الحاضن – سواء ان كان اب أو ام - في الوصول المنتظم للأطفال . كان من الممكن حاليا تحقيق المساواة بـحظر سفر الأطفال القصر مع الاب ، ما لم توافق الأم غير الحاضنة ، الِي ان يتم التعامل مع قضية السفر مع الأطفال بأكملها في سياق إحكام وتمتين القوانين المنظمة للحضانة بما يضمن حقوق الطفل ويوازن بين حقوق الأم والأب .

ختاما كما ذكرنا, بشكل عام ، الدكتور باري يدفع بعجلة العدالة السودانية إلى الأمام لذا فقد وجب الاحترام والثناء. ونؤكد أن الإشكاليات والتعقيدات أعلاه تحديات لمجمل الحركة الوطنية بما فيها وزارة العدل وخبراء القانون مثل الدكتور النابه نصر الدين عبد الباري.
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

بدر الدين يوسف السيمت معلقا على تعديل القوانين ومواضيع أخرى

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »


يمكن مشاهدة الفيديو بالضغط على الرابط
https://www.facebook.com/Jazwwat/videos ... 195079248/
أضف رد جديد