ندوة اتحاد الكتاب بمناسبة صدور مصرع الإنسان الممتاز

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

ندوة اتحاد الكتاب بمناسبة صدور مصرع الإنسان الممتاز

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


أقام اتحاد الكتاب السودانيين ندوة بداره، في يوم الخميس 13 يوليو 2017، بمناسبة صدور الطبعة الأول من كتاب عبد الله بولا "بداية مشهد مصرع الإنسان الممتاز"، تحرير وتقديم نجاة محمد علي.
علماً بأن طبعة خاصة محدودة صدرت عن مؤسسة الشارقة للفنون في نوفمبر 2016.
تحدث في هذه الندوة:
د. هشام عمر النور
د. محمد عبد الرحمن بوب
أ. فتح الرحمن باردوس
أدار الندوة أ. السر السيد، مسئول النشاط باتحاد الكتاب السودانيين

شارك عدد من الحضور في النقاش.
أرسلت من جانبي كلمة للمنظمين والمشاركين والحضور قرأها نيابة عني مشكوراً الأستاذ عثمان شنقر، السكرتير العام للاتحاد.

قام المخرج والمصور السينمائي مزمل نظام الدين بتصوير الندوة في فيديو سيقوم بإنزاله على يوتيوب.

بشرى الفاضل
مشاركات: 353
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:31 pm

كتاب يستحق الاهتمام به لأهميته التاريخية وتقديم إضاءة له

مشاركة بواسطة بشرى الفاضل »

صدور الطبعة الثانية من السودان لكتاب بداية مشهد مصرع الإنسان الممتاز للصديق عبدالله بولا وتقديم رفيقة دربه نجاة محمد على حدث مفرح وأعتقد أنه من المهم تكريماً لبولا إقامة مناسبات احتفالية بواسطة المشتغلين بالثقافة من السودانيين في عدد من المدن في المهجر وبالداخل ففضل عبدالله بولا عظيم على مختلف الأجيال وهو بالنسبة لي شخصياً أحد أهم المؤثرين على تجربتي منذ أن درسنا في مدرسة حنتوب الثانوية حين أتاها وهو متخرج حديثاً من كلية الفنون وأطلق عليه الطلاب في زماننا لقب بيكاسو.
سنسعى في جدة لعمل فعالية حول الكتاب ونأمل في تسجيلها ورفد سودانفور أول بها. التحية لبولا ولك يا نجاة على مجهوداتك الكبيرة المشهود بها الصادرة عن محبة لبولا في صون انتاجه على جميع الأصعدة.
بولا عازف عود ماهر حبذا لو سجلتم لنا في المنبر بعض مقطوعاته مما عزف.

صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


هنا مقاطع من الندوة قبل أن يتمم مزمل نظام الدين مونتاج الشريط



https://www.facebook.com/muzamil.nizama ... 2521784352

.
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

أُؤيِّد مقترَح بشرى.

بيد أنني أرغب في أضيف إليه المقترَح الآتي:

ليت أحد الذين أُتيح لهم أن يقرأوا - بتمعُّن - هذا الكتاب أن يجود/تجود علينا بعرض له. بعد ذلك أرى أن عرض مادة أية مناقشة ذات صلة سيساهم في خلق صورة - شبه مكتملة طبعاً - للمناقشة المعروضة.

*

محظوظٌ من ترك بولا بصمة في حياته/حياتها.

أنا محظوظ.
الفاضل البشير
مشاركات: 435
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:56 pm

مشاركة بواسطة الفاضل البشير »

ارسل: الاثنين مايو 19, 2008 11:58 am موضوع الرسالة: بولا و التجربة السودانية
سلام وتحية نجاة وبولا والاسرة والمحاورين

الفاضل البشير
________________________________________
]بولا والتجربة السودانية
اسس بولا فى مطلع السبعينيات مدرسة تعرف بالتركيبية الجمالية وهى المدرسة المقابلة لمدرسة الخرطوم.
فى العام73 او 74 ذكر لنا بولا وكنا مجموعة من الطلاب بكلية الفنون انه بصدد صك عنوان لتلك المدرسة ورشح خلال هذا اسم التركيبية الجمالية.
ساهم كثيرون فى تبنى ونشر هذا المفهوم وخاضوا معاركه النقدية الضاريةبخاصة ضد مدرسة الخرطوم.ابرزهم واكثرهم نشاطا حسن محمد موسى الى جانب كل من محمد عبد الرحمن ابوسبيب, صلاح حسن عبدالله ,فتحى محمدعثمان,عبدالله على الفكى,فتح الرحمن باردوس.وتشارك احمد البشير الماحى مع حسن موسى فى ترسيخ تلك المفاهيم عبر صحيفة 1+1=2
هذه التركيبية الجمالية ظلت اطارا نظريا لممارسة امتدت لاربعين عام.رمزها ولاشك هو عبد الله احمد البشير بابكر بولا. نقول رمزها كما نقول ان التجانى الماحى رمز لمهنية وترسيخ العلاج النفسى فى السودان.
ان اعطاء اعتبار لتلك التجربة التشكيلية و رموزها يتوقف على شرط سابق,وهو ان نكون فى الاساس لدينا اعتبار لما يمكن تسميته بالتجربة السودانية فى مجالات نهضتنا الحديثة كافة.هذه مناسبة دعوة لتسليط ضوء اكثر واعتبار اكثر لها و لرموزها ,فى الطب والادارة والهندسة والقانون والقوات المسلحة.....الى الاخر.

اماهنا فى واقع التشكيل بقطبيه مدرسة الخرطوم والتركيبية الجمالية فتتكون تجربتنا السودانية في ساحة التشكيل .ولتلك الساحة الحق ان تتناقد فيها اكثر من اطروحة ومن تيار.بالطبع لايمكن هنا بل لا يليق تجاهل_ نظرية التحليل الفاعلي ,الشيخ محمد الشيخ--اسمحوا لى ان اقاطعكم فاطلب من ادارة الموقع ان تنظم سمنارا استكتابا لعدد من المهتمين لتناول الشيخ بنقد وشرح وتوسع حول جهده النظري فى يونيو او يوليو من العام القادم2009-
; اما بولا
اذا كان لبولا ان يتهم بالسرقة فليكن للاشتباه فى تقاربه من بندتو كروشيه
فCROCE
يفهم العمل الفنى كجمالية مكتفية بنفسها لا تحمل اية تصورات
CONCEPTIONS
كروشيه بهذا ينسجم مع مثاليته IDEALISM

حيث انه يبدا بالحدوس INTUITIONS
وهذا يتناقض مع تاسيس بولا المادي بالرغم من تطابق الخلاصات عند كل منهما
فملكة الجمال عند كروشيه , التى ترتكز على او ترتكز عليها الحدوس هي التى تبتدر الرد فتردع بالشكل والتشكيل الغائلات الكونية
imposes the form against the brute stimuli(sensations)
اما التصورات فلم تتكون الا فيما بعد كتركيبة من الحدوس نفسها مما يجعل منتجات ملكة الجمال السابقة لها تكون بالطبع نقية منها.
ان تجديد التناول النظري لهذه الاطروحة-التركيبية الجمالية - له اهميته ولاشك, لكن المقام هنا مقام شان اخر وهو ان نقول ان هذه الاطروحة ارتبطت بممارسة تعاقبت اجيال من التشكيليين عليها بامتداد اربعين سنة واضحت بهذا ضمن تجربتنا في مجالات نهضتنا الحديثة ومعها ايضا تكون جديرةبالاعتبار-لا التمجيد--
بخاصة لو كنا بصدد مسئوليةنقد وتطويرحقائق و مكونات حياتنا.

تفاعل بولا:
عزيزي الفاضل،
أخلص تحياتي ومودتي،

أسعدني كثيراً أن أقرأ اسمك في المنبر، في معنىً أساسي بالنسبة لي، وبالنسبة لكل أحبابك وأصدقائك وصديقاتك وزميلاتك وزملائك: كون ذلك دلالة على بلوغك مستوى عالياً من استعادة الصحة الجسدية والنفسية بعد تلك المعاناة التي لا يتحملها سوى من يملكون مثلك قدرةً وبسالةً من طرازٍ رفيع قلَّ مثيله، في الصمود على الحق. فألف ألف سلامة يا عزيزنا لك وللأسرة، و سَعداً لكم جميعا بلم الشمل.

والشكر لك أيضاً على إثارة هذا الموضوع الهام في حركة التشكيل وقضايا علم الجمال والهوية الثقافية في السودان. الذي لعبت "المدرسة"، أو بالأحرى التيار النقدي والفكري في علم الجمال وعلوم التشكيل في بلادنا، وفي بعض أنحاء العالم أيضاً: تيار "الجمالية التركيبية".
واسمح لي أن اضيف أن نِسبته إليَّ كتيارٍ تشكيلي في السودان، هي مما لا أجرؤ على أن أدعيه، أما نسبته كتيارٍ نقدي وفلسفي، فإنني أتحمل مسئوليتها كاملةً، وإن كنتُ قد "تخطتُ" وعدلتُ بعدها بسنواتٍ لا تتجاوز الست أو السبع، جوانب كثيرة في تكوين مقولاته.

أعني أن التيار التشكيلي الذي تجاوز دوغما "مدرسة الخرطوم"، وغيرها من "مدارس" وتيارات التراث والأصالة والمعاصرة، أعني دوغما مقولاتها الأساسية، ونماذج عملها التشكيلي المؤسِّسة، كان موجوداً في الواقع قبل تنظيري المنهجي الأول، أو الجنيني، له بعدة سنوات، وقد نضج "واستوى على سوقه" بدخول "جيلَي" نهاية الستينيات وبداية السبعينيات" من طلاب كلية الفنون الجميلة ونشطاء الساحة التشكيلية على المستويين النظري والعملي. وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر خلف الله عبود، وحسن موسى والنور محمد حمد، وأحمد البشير الماحي، (طابت ذكراه) وكوثر ابراهيم علي، والباقر موسى، وعبد الله محمد الطيب (اب سفة)، وهاشم محمد محمد صالح، وعلاء الدين الجزولي، وعمر الأمين، وفتح الرحمن باردوس، وصلاح حسن عبد الله، وأسامة عبد الرحيم وصالح التوم (طابت ذكراهما) والفاضل البشير. وليس لترتيب الأسماء أية دلالةٍ على أهمية المساهمة وقدرها في نظري. وهؤلاء هم رواد ندوة الأحد الشهيرة التي أعلن فيها المفهوم، وخرج منها في صورته "الناضجة" الثانية بعد مساهماتهم العملية والنظرية. وللجميع الحق في إضافة أية أسماء أخرى لم تسعفني الذاكرة الخربة على تسجيلها وتسجيل فضل أهلها في تأسيس ذلك التيار.

وحتى لا أُصاب بمرض التواضع الكاذب، الذي هو شديد الضرر بالذات في مسائل التوثيق. فإنني أجد أنه من واجبي أن أتفق معك في أن الاسم الذي اشتهر به ذلك التيار ومقولاته الأساسية هو بخيره وشره من عندي, وأنا أتحمل مسئولية أية أوجه قصورٍ في مفاهيمه وأطروحاته المؤسسة. علماً بأن بين التاسيس والتطوير والإثراء فرقٌ لا بُدأن يراعى. وربما قلت أن التطوير هو الأهم. وهوما لا أدعيه لنفسي.

وترجع فكرة المقولات والمفاهيم الأولى المؤسسة لذك التيار عندي إلى نهايات فترة دراستي بالكلية (عامي 66 و67)، على وجه الخصوص). وفي تلك الفنرة، وقبلها أيضاً، ساهم في تطويره الأول عندي، على وجه الخصوص، كما ذكرت في مناسبات أخرى عديدة، الصديقين سالم موسى (طابت ذكراه)،و الفاتح عبد الله رجب، ثم بابكر عبد الله فيما بعد، وأستاذي الكبير ابراهيم الصلحي بالطبع، دون أن أنسى أيضاً فضل أساتذتي الأجلاء تاج السر أحمد، ومحمد عمر خليل، ومحمد أحمد عبد الله أبارو، وعلى المستوى النظري البحت أستاذيَّ الجليلين أيضاً أحمد الزين صغيرون وعلى الخاتم. وسأعود للأخيرين عودةً طويلةً فهما أول من قرآ "النص التأسيسي"، لأجنة مفاهيم ومقولات مساهمتي في تأسيس هذا التيار.

مع عظيم تقديري لكل الإضافات التي ساهمت في تطوير المفاهيم الجنينية الأولى، واللاحقة.

https://www.sudan-forall.org/forum/viewtopic.php?p=23409&highlight=&sid=8b8e0b8456d75743c444e79c393cad42#23409
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


أطيب التحايا للجميع

بشرى الفاضل
أسعى الآن لأن تصلكم نسخكم مع الماحي على الماحي أو مع أحمد صادق، فهما الآن بالخرطوم.

عادل القصاص
كما كلمتك، سترسل لك نسخة من الكتاب من السودان
كتبت يا عادل: "ليت أحد الذين أُتيح لهم أن يقرأوا - بتمعُّن - هذا الكتاب أن يجود/تجود علينا بعرض له".
لا يمكنني وقتي من ذلك، لكن ربما يكون في تقديمي للكتاب بعض مما ترغب. سأنزله كاملاً بعد هذه المداخلة.

الفاضل البشير
مداخلتك التي أضفتها هنا وتعقيب بولا عليها سيتضمنهما كتاب قادم يضم عدداً من كتابات بولا في الفن التشكيلي ونماذج من أعماله.

مودتي

صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


تقديـــــــم

مساهمة في مشروع مفتوح للحداثة


تقع سلسلة بداية مشهد مصرع الإنسان الممتاز ضمن كتابات الكاتب والفنان التشكيلي عبد الله بولا التي بدأ بها، منذ عام 1974، مشاركته النشطة في الساحة الثقافية السودانية. وقد جاءت كتاباته تلك في فترةٍ شهدت مساهمات أخرى شاركت أيضاً في مطلع السبعينيات في تأسيس حركة فكرية اتَّسمت بمواقفها النقدية تجاه المسلَّمات فيما يتعلق بقضايا التعدد الثقافي وباحتكار الدولة والسلطة، ومن ثمَّ تجاه مصادرة السلطة السياسية للمعرفة لصالح صفوتها "الممتازة"، النخبة الداعمة لسياساتها. وقد كانت صفحة ألوان الفن والأدب بصحيفة الأيام التي نُشرت بها هذه السلسلة واحدةً من المنافذ التي وجد فيها ذلك التيار النقدي مِعْبَراً لتوصيل آرائه ورؤاه، مثلما اتخذها معارضوه أيضاً ساحةً للرأي والتعبير، وذلك منذ إطلاقها في منتصف عام 1974 إلى حين إيقافها في منتصف عام 1977 بقرارٍ من سلطات النظام المايوي. أشرف على تلك الصفحة أولاً الصحفي ورسام الكاريكاتير عز الدين عثمان، ثم أعقبه في الإشراف عليها الكاتب والفنان التشكيلي حسن محمد موسى، أحد المساهمين في ذلك التيار أيضاً.

من أبرز المساهمات التي قدَّمتها تلك الحركة النقدية مساهمتها المتميزة في بلورة مفهوم الحداثة وإثراء النقاش حول مسألة الهوية في السودان والقضايا المنبثقة عنها، كالتعدد الثقافي، الهوية الثقافية، ديمقراطية المعرفة... عن هذه المساهمة في ترسيخ مفهوم الحداثة، كتب عبد الله بولا في ورقته "ملاحظات نقدية من وحي ندوة 'الفنانون الأفارقة، المدرسة، المرسم والمجتمع"'، التي نظَّمتها "مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية" بلندن، في 23 سبتمبر 1995:
    "في بداية السبعينيات وُلدت حركة نقدية جديدة هدفت إلى تأسيس مشروع مفتوح للحداثة قام على اختيارٍ نقديٍّ عسير(...) لمجمل مسلَّمات حركة الحداثة، سواءً في "الغرب" أو في خلافه من بقاع الأرض. لم يكن من أغراض هذا التيار إثبات "أصالةٍ" صَمْدَةٍ مُصْمَتَةٍ نزكِّي بها ذواتنا ونستعلي بها على الآخرين. ولم يكن من أغراضه تحديد مواصفات وخطوط حمراء تبدأ وتنتهي عندها سودانوية الإنتاج التشكيلي و"وطنيته"، ولم يكن يدعو لطرد التراث الإبداعي المحلي واستبداله بـ"عالمية" صادرة عن فراغ، كما زعم خصومه (...). وإنما كان همه ألا تمر أي أطروحةٍ كانت وأي إنجازٍ كان دون اختبارٍ نقدي يضيِّق عليهما مخارج التسليم السهل ويزجرهما عن التبسيط والطمأنينة. وهذا في تقديري أصل كل حداثة تستحق اسمها بالفعل. حداثة لا تكون تابعاً ذليلاً ومطيعاً لما يُسمى بالمجرى الرئيسي لحركة "المعاصرة العالمية"، ولا تلهث في اللحاق بـ"العصر"، لأنها تملك القدرة النظرية والتقنية والجمالية على المساهمة في صنعه، ولأنها خِلْوٌ من المخاوف ومن الشعور بالدونية إزاء الآخرين (...).
    ولم يكن مبعث هذا النقد (...) تعلُّقاً طائشاً أو انبهاراً عديم البصيرة بـ"موضات الحداثة الغربية وتقاليعها البرَّاقة". ولم يصدر عن عقليةٍ للمنع والحجر على حرية تعبير الفنان واختياره لمصادر إلهامه ورؤيته، وإنما انصبَّ على الدعاوى المستعجلة والمحفوزة بدواعٍ وتشهِّياتٍ أيديولوجيةٍ محضة في قراءة خارطة إشكاليات ومفاهيم الحداثة، وبصفةٍ خاصة إشكالية العلاقة بين تاريخ إبداعية الثقافة وحاضرها والعلاقة بين أبعاد انتمائها المحلي وانتمائها الإنساني."
قوبلت هذه السلسلة باهتمامٍ شديد، وأثارت نقاشاً واسعاً ثرَّاً حولها لحظة كتابتها، ولا تزال. وعلى الرغم من الترقب والاهتمام العام بإعادة نشرها، خاصةً من قِبَل المهتمين من الأجيال اللاحقة، أبدى عبد الله بولا في البدء تحفظاً شديداً تجاه هذه الفكرة. وراء ذلك التحفظ ما أسماه "سوءَ ظنٍ مقيمٍ بكتاباتـ[ه]"، وقد عبَّر عنه بقوله: "على كلِّ حال، ففي علاقتي بنصوصي الكثير من الحسرة والندم. فقد قرأتُ قبل أيام نصوصاً لي سبعينية وثمانينية احتفى ويحتفي بها جمهرة القراء والقارئات كثيراً، ومنها "مصرع الإنسان الممتاز"، فأزعجتني أيَّما إزعاج لغتُها، والنزعة اليقينية في بعض مقولاتها ومفاهيمها، وتمنيتُ لو أنني أستطيع أن أستعيد دورة الزمن لأمحوها." (منبر الحوار الديمقراطي، بموقع سودان للجميع، 7 مايو 2006). وهذا، بلا شك، شأن صاحب كلِّ مشروعٍ منفتحٍ على التجديد والمواكبة، ومتَّسمٍ بروح المسئولية والالتزام. لكنه، وبعد تفكيرٍ طويل، قرر نشرها، ولكن مع كتابة تقديم لها يوضح فيه السياق السياسي – الفكري الذي كُتبت فيه. كما أراد أيضاً وضع هوامش لهذه النصوص بهدف إضافة الملاحظات التوضيحية اللازمة، وتثبيت المراجع، وتنقيحها مما أصابها من أخطاء الطباعة، وهي كثيرة في صحافتنا، كما نعلم، وهو المدقِّق الشديد الحساسية إزاءها. فقد عانت هذه السلسلة من كمٍّ هائلٍ من الأخطاء، الطباعية أو الناتجة عن السهو والتعجُّل، التي كثيراً ما أدت إلى سقوط عباراتٍ أو كلماتٍ، أو إلى تغييرٍ في ترتيب الفقرات أحياناً.

كتب عبد الله بولا في حوارٍ له مع الصحفي الراحل وديع خوجلي (في موضوعٍ آخر خلاف سلسلة مصرع الإنسان الممتاز)*: "فالذي لا يُحْدِثُ في آرائه ورؤيته تطويراً جوهرياً خلال مثل هذا الأمد الطويل (منذ السبعينيات)، عنده مشكلةٌ أساسية عليه معالجتها والانتباه إليها" . بدأ نشرُ هذه السلسلة وكاتبها في عامه الثالث والثلاثين؛ لذا، فقد كان من الطبيعي أن ينوي كتابة تقديمٍ لها وهوامش يضيفها - بعد مُضي ما يقارب الأربعة عقود على كتابتها-، من منظور "آراء ورؤية تطورت تطوراً جوهرياً"، صقلها تفكيرٌ متواصلٌ ومساءلةٌ دائمةٌ للنفس جعلته مواكباً ومتفاعلاً مع مجريات ومشكلات الواقع، في نفس الوقت الذي ظلَّ فيه ثابتاً على مبادئه الأصيلة.

إلا أن سيف المرض قد كان أمضى؛ خفتت ذاكرته النابضة ووهن ذهنه الوقَّاد. فكان لا بد من إنجاز ما كان ينوي الشروع فيه. فعملتُ على تجميع حلقات هذه السلسلة التي كان يأمل في "العثور على نسخةٍ كاملة منها". وحاولتُ بقدرِ ما أستطيع أن أقدِّمها بشكلٍ يرقى إلى ما كان يتطلع إليه من ناحية التنقيح والمراجعة والتنسيق.

وبذلك، مع تعذُّر وجود التقديم الذي كان ينوي بولا كتابته، رأيت أن يكون استهلال هذا الكتاب بمدخلٍ يضم نصين عن مصرع الإنسان الممتاز كان قد كتب أولهما في عام 2006، والثاني في عام 2008.

بقي لي أن أتقدم بكلمة شكر لكلِّ من أبدت وأبدى تضامنه في سبيل أن ترى سلسلة مصرع الإنسان الممتاز النورَ من جديد. كما أتقدم بخالص الشكر لمؤسسة الشارقة للفنون لقيامها بنشر طبعة خاصة محدودة من هذا الكتاب، في نوفمبر 2016. وأحيي الجهد الذي بذله الصديق الفنان مأمون أحمد في تصميم هذه النسخة المنقحة. وأخيراً، لميسون عبد القادر تحية خاصة على الجهد الكبير الذي بذلته في عملية البحث عن هذه النصوص.

نجاة محمد علي



* الجزء الثاني من حوار أجراه معه وديع خوجلي، صحيفة الخرطوم، السبت 25 سبتمبر 1993.
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


القضايا التي يثيرها بولا ببصيرته الناقدة النافذة وحسه
الأخلاقي المشتعل الذي لا يعرف المساومة تتجاوز أفق السبعينيات
لأنها لا تزال حية وتمسنا مسا غليظا خشنا في العصب الحي،
خاصة بعد انقضاض المشروع الإسلامي على الديمقراطية وما صاحب هيمنته من
انمساخ وتشوهات عميقة في حاضر السودانيين.

محمد محمود
24 فبراير 2016

أضف رد جديد