لماذا تتخوف الحكومات السودانية من اتفاقية سيداو؟

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

لماذا تتخوف الحكومات السودانية من اتفاقية سيداو؟

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

هذا العام، أكملت اتفاقية الأمم المتحدة لـ "القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" المعروفة باسم اتفاقية سيداو CEDAW عامها الأربعين (أجازتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1979). والسودان من الدول التي وقعت على الاتفاقية لكن لم تصادق عليها. أتمنى أن نعمل على تكثيف الجهود من أجل المصادقة على هذه الاتفاقية. فالتوقيع على اتفاقية هو قبول مبدئي يتم على يد ممثلي الدول في الهيئات المعنية. بينما تعني المصادقة القبول الرسمي من جانب الدولة بحيث تكون الاتفاقية متماشية مع القوانين المعمول بها في البلد ولا تتعارض مع دستورها. مما يتطلب إجراء بعض التعديلات الدستورية في البلدان الموقِّعة.
تأتي أهمية اتفاقية سيداو من أنها تمثل خطوة هامة على صعيد القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء، وإنها ملزمة للدول التي تصادق عليها، فالقوانين الدولية المصادق عليها تعلو على القوانين المحلية والإقليمية.
لم تقبل الحكومات السودانية المتعاقبة بالمصادقة على هذه الاتفاقية، بما في ذلك الحكومة "الديمقراطية" المنتخبة في عام 1986. وهذا مفهوم، لأن رئيس الوزراء حينها، وأغلبيته البرلمانية، لم يقبلوا حتى بإلغاء قوانين سبتمبر والتي تتعارض، بالطبع، مع اتفاقية سيداو.
القبول بالمصادقة على هذه الاتفاقية في بلادنا ليس أمراً سهل.
يشير الاختصار CEDAW إلى الأحرف الأولى من اسم الاتفاقية باللغة الانجليزية.
Convention on the Elimination of All Forms of Discrimination against Women

نجد في هذا الرابط نص الاتفاقية باللغة العربية:
https://www.ohchr.org/…/ProfessionalIntere…/Pages/CEDAW.aspx
وهنا باللغة الانجليزية:
https://www.ohchr.org/Docume…/ProfessionalInterest/cedaw.pdf

ربما يكون رأي رئيس الوزراء في فترة الديمقراطية الثالثة، الصادق المهدي، مفيداً للنقاش، لأنه يمثل موقف عدد من السياسيين السودانيين المتحفظ تجاه انعتاق المرأة ونيل حقوقها كاملةً غير منقوصة. ففي كتابه "حقوق المرأة الإسلامية والإنسانية"، أفرد الصادق المهدي صفحات عديدة لتناول هذه الاتفاقية، ليقول في نهاية الأمر إنه يوافق على المصادقة عليها، لكن بما لا يتعارض مع الأديان وكريم المعتقدات. وهو يعلم أن المصادقة على أي اتفاقية دولية يعني الالتزام بكامل بنودها. لذلك يصبح هذا الشرط الذي يضعه تعجيزيا. إن أهم ما يثير تخوف الحكومات السودانية المتعاقبة هو تعارض الوثيقة مع الشريعة الإسلامية. لأن إزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة يعني، ضمن ما تنص عليه الاتفاقية، المساواة الكاملة في الميراث، المساواة في الإدلاء بالشهادة، المساواة في العصمة في الطلاق، الوصاية المتساوية على الأطفال للأم والأب، منع تعدد الزوجات، لا قانونية ولاية الذكور على النساء البالغات، زوجات كنَ أم بنات أو إخوات. والكثير غير ذلك. الغريب في الأمر أن كافة الدول الإسلامية، باستثناء السودان والصومال وإيران، وقعت على الاتفاقية وصادق معظمها عليها. وإذا ما كانت دولة محافظة للغاية كالسعودية صادقت عاى الاتفاقية، فما الذي يخيف حكوماتنا إلى هذه الدرجة؟ صحيح أن الدول التي وقعت على سيداو رغم تطبيقها للشريعة ـ على الأقل في قانون الأحوال الشخصية ـ قد أفرغت الكثير من بنود الاتفاقية من محتواها بصورة ربما تضعها تحت طائلة القانون الدولي. نحن أمام اتفاقية مثالية، بمعنى صعوبة تطبيقها على أرض الواقع في المجتمعات المحافظة والتي تخضع فيها قوانين الأحوال الشخصية لأديان هذه المجتمعات.

أضف رد جديد