فى 8 مارس اليوم ٍ العالمى

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
عبد المنعم الخضر
مشاركات: 10
اشترك في: الخميس نوفمبر 03, 2005 8:43 am

فى 8 مارس اليوم ٍ العالمى

مشاركة بواسطة عبد المنعم الخضر »

فى 8 مارس اليوم ٍ العالمى الحالي والوطن ينتفض وفى عين عاصفته النساء الباسلات اهدى حكايتى هذه كما حدثت لى فى مكافحات مضت ، لخالتي زينب وصبايا وصبيان برى المربكين..ولعساكر البوليس الذين كانوا يوما منا.
زينب.. والعريف سبت
بقلم : منعم الخضر محمود
لم افهم لحظتها نظرات الصول " الطيب" المركزة علىّ ساعة استلامه اوراق تحويلى لنقطة البوليس التى كان مسئولا عنها.. قام النبطشى بزجر احد المقبوضين وامره ان يتحرك الى الداخل ليتمكن من فتح باب الزنزانة واشار لي ان ادخل.. دخلت وجلست فى اقرب مساحة خالية وسط اجساد مكدسة من أناس معظمهم سودانيين جنوبيين ,.. العرق يتصبب من الاجسام شبه العارية, جردل البول تنبعث منه رائحة نفاذة..فكرت للحظة ان استعمل حذائى "كهبابة" ..جلت بنظرى فى انحاء الزنزانة الضيقة.. لفت انتباهى تلك البدلة الميرى المعلقة على باب الزنزانة والتى تكاد تمنع الهواء من الدخول ..فكرت ان اقوم بانزالها…سالت عن صاحبها فلكزنى برفق من كان جالسا على يمينى موجها سبابته لشخص اصفراني مربوع القامة يجلس تحتها.

- آى ..انا سيدها ..ضايقتك ؟..جيت من وين ذاتك , ابوك ..لابوه..
الشخص الثانى على يسارى نبهنى راسما فى الهواء مايفيد انه " ما نصيح" .. صرفت النظر عنه باعتباره كلام عادى فى مثل هذه الامكنة ...سرحت اتفحص هؤلاء البؤساء ياترى مالذى اتى بهم الى هنا.. ؟ سالت احدهم :
- مالهم جابوك هنا.. يا....بعدين قاغد بالنكس مالك وينها هدومك
- ماجوك اسمى ..جينا مارين انا واخوان جنب عمارة ببنوا فيها قامو سكونا ’ اخوانى جرو وانا وقعت قامو قبضونى وجابونى هنا...شايفهم قالو للصول انه فى بلاغ مفتوح بسرقة سيخ ..انا ماسرقت حاجة ..دقونى وشالو هدومى. !!
الى الداخل قليلا اناس عيونهم بلون الدم ورائحتهم صعبة يبدو انهم احضروا جراء كشة فى مكان ما على شاطيء النيل الازرق وهم يحتسون العرقي واعتبروا كمشبوهين ..احدهم طويل القامة ذو قسمات صارمة يشبه الي حد كبير سكان صحارى دارفور. ..ينظر باستمر الى سقف الزنزانة كانه يبحث عن شيء ما.,
يازينب..زينب, فجأة قطع حبل تأملاتى صوت على وقد وقف منتصبا قابضا عل اسياخ الزنزانة بقوة مرتديا بدلته الميرى واطلق زئيرا أخر ..يازينب.
دقائق قليلة دخلت امرأة ستينية مربوعة القامة فوق رأسها بعضا من ارغفة داخل كيس وبيمينها عمود بطابقين وثيرمس شاى متواضع بيسراها ..جلست منهكة على بلاط ارضية برندة النقطة وشرعت فى اعداد المائدة الارضية ..تحرك النبطشى وفتخ باب الزنزانة واخرج عليا ..سار اليها منهكا هو ايضا جراء الجلوس الطويل على ارض الزنزانة الخشن نادى مرة اخرى بصوته العالى :
يابو نضارات.. -
عرفت انه يوجه كلامه لى حيث لم يكن احدا يلبس نظارات طبية غيرى
تعال افطر معاى.. -
لا شكرا انا مابفطر هسع ..نظر الى غاضبا وكاد ان يشتت ماعونى الاكل وصرخ فى امه زينب وقال لها:
انا ذاتى ماداير ..وقفت حاجة زبنب ورجت النبطشى ان يسمح لى بالخروج لكي اكابر على وافطر معه ..فتح النبطشى باب الزنزانة لكى اخرج ذهبت وجلست بالقرب منه وعيون حاجة زينب مليئة بحب وسرور عجيب ..حاولت ان الاطفه:
رد بصرامة .. عامل زوبعة مالك؟ -
اكل وانت ساكت..فسكت -
بعد الانتهاء من الاكل وشرب الشاى الاحمر ..قام من فوره ودخل الزنزاة ودخلت بعده مباشرة .
بعد قليل توقف كومر مهترئ امام بوابة النقطة واخرجوا كل من فى الزنزانة ماعدا على وشخصى..ذهبوا بهم الى القاضى لمحاكمتهم وخلت الزنزانة ولكن الى حين.. تجاذبت مع على اطراف الحديث بناء على معلومات قليلة ابلغتنى بها والدته " جناى ده ياحليلو كتبوه"
كان عصيا وشحيح الكلام عن حالته ..افهمته مرارا بانه ليس مريضا رفم علته البائنة وانه يجب ان يطرد هذه الاوهام , بذلت مجهودا ولم الاحظ انه مؤثر..بعد قليل دخلت زوجنى تحمل الافطار جلس القرفصا وسلط انظاره الحادة عليها , وبعد برهة سالنى :
دى مرتك.. اجبته بنعم ..وراح يتاملها مرة اخرى ..اكتشفت فاطمة انه غير طبيعى ..عندما اخرجونون لمقابلتها واستلام الفطور سالتنى ..الزول ده ماله ؟ اخبرتها انه عيان شوية ..جاءنى شعور انها توجست قليلا .
اعطيت افطاري لحضرة الصول واخبرته اننى تناولت فطورى مع على ..ورجوته ان يعطيه لعساكره أو المنتظرين..فشكرنى وعدت الى داخل الزنزانة بعد ان غادرت زوجتى ووجدت على وقد راح فى ثبات متقلب ..جلست وقد وضعت سفنجة كانت قد احضرتها لى فاطمة اسفلى حاميا نفسى من صلابة الارضية,.. سرحت وتذكرت رفاقى فوزى وحاتم وصلاح فى زنزانة الامن ..ياترى مالذى جرى لهم خاصة وان فوزى مثلى تم القبض عليه وهو يقوم بالاشراف على طباعة الميدان فى منزل سري ..اما صلاح فقد كان معلما للاقتصاد السياسى للمرشحين وقد قبض عليه وهو يحمل تلك الدراسات ..كنت امازحهم بانهم ناس التقيلة قياسا بى أنا الذى ضبطوا بحوزتى قوائم صغيرة بها افادات مالية..كانوا يردون على ..: امشى يا م.م.ل.م ومعناه المسئول المالى فى اللجنة المركزية ..كنا نضحك عاليا ضاربين ساعات المعاناة بعرض الحائط ..كانت ايام حميمة مليئة بالدكريات ..وكان حاتم الطالب الجامعى حديث التخرج اصغرنا وكنا نشفق عليه كثيرا ولكنه اثبت لنا بانه صبى صلب ... لقد حولونا ثلاثتنا الى المباحث الجنائية تمهيدا لتقديمنا الى المحكمة فى تقليد جديد للامن حيث كانت العادة ان يزجوا بالمناضلين فى اعتقال تحفظى (كحالة حاتم) طويل الامد تثبيتا عمليا لقهر واستبداد سلطة مايو ورئيسها السفاح المخلوع نميري ، وربما حدث ذلك نتيجة ضغط اهالى المعتقلين ونشاط المعارضة بالداخل والخارج وهو الاقرب للحقيقة.

الوقت يمر بطيئا ..استيقظ على ووقف فجأة وراح ينادى زينب ...يازينب ..دقائق ودخلت حاجة زينب تحمل الغداء..كنت مندهشا بالكامل لهذا التوقيت العجيب , انه ينادى على والدته فتاتى حالا حاملة له الاكل وكأن حبله السري الذى يربطه بامه لم ينقطع حتى الان ..لقد تكررت هذه المناداة والحضور الدقيق على مدى شهر كامل وهى الفترة التى قضيتها معه فى الزنزانة ..قلت فى نفسي صحيح ان القلوب شواهد..تكررت ككل مرة دعوتى للاكل ومناداتى يابو نضارات..كنت مغتبطا بهده التسمية التى كان ينادوني بها كل عساكر النقطة حيث كنت مستحسناَ ان لا يعرف احد اسمى الحقيقى.
ذات امسية ونحن عل هذه الحال نادانى الصول الطيب فاخرجونى .. ودخلت مكتبه المواجه للصالة التى بها الزنزانة ..اشار لى بالجلوس على المقعد الوحيد قبالته.. بعد قليل من التحيات أخرج من جيب قميصه الكاكى ورقة ملفوفة بلا عناية وطلب مني قراءتها ..الورقة بها حوالى عشرين اسما مكتوبة بحروف وخط واضح..رجعت اقرأها ببطء.. وعرفت معظم تلك الاسماء وقد كانت لناشطين سياسيين شيوعيين ويساريين . ..سألني الصول الطيب :
عرفتهم..!؟ -
- كيف يعنى عرفتهم
- ديل مش ناسك..؟
- ناسى كيف يعني !! لا ..ماعرفتهم
ارتسمت بسمة خافتة على فمه .. طوى الورقة وارجعها مرة اخرى الى جيبه قائلا :
- مافى مشكلة.. بس كنت عايزك باى طريقة تكلمهم..
- كيف؟..و اكلمهم كيف و انا مابعرفهم ياحضرة الصول..!
- الورقة دى رماها زول امبارح جوا النقطة بعد ربطها فى حجر.. نظام بيحرشنا عشان نقبضهم ..الموهوم دا..نحن مالنا ومالهم..هى دى شغلتنا؟..واردف ..خلاص ماعندك تعطيل يااستاذ.,
.بعدها ذهبت الى الزنزانة وجلست جوار على حيث عصفت بى الهموم عى نحو غير عادى.الا من ارتياح غامض عندما تذكرت فحأة تفسير نظراته الطويلة لى فى مقابلته الاولى عند حضورى للنقطة اول مرة.
صباح اليوم التالى زارنا حكمدار المنطقة ذو الرتبة الكبيرة ...طلبت مقابلته وعندما طلبت منه ترحيلى الى سجن كوبر المكان المعروف لتواجد المعتقلين السياسيين نظر الى الصول وقا ل بسرعة :
:.. شوفو موضوع الزول ده يا اشكدى ! ...وكان هذا اسم الصول المناوب للطيب , ...وخرج سريعا بدون ان يعر طليى اى اهتمام .
فى مساء نفس اليوم ادخل الزنزانة شابين نظيفين يعتمران طواقى نظيفة وينتعلا ن مراكيب فهد.. بعد التحيات عرفت بسرعة انهما اصحاب مشاكل مالية ..كانت ونساتهم فارغة وكان على لا يكلف نفسه النظر اليهم.. جاء اشكدى الى باب الزنزانة وتبادلا كلاما خافتا ..بعد قليل حدثت زوبعة وضجيجا خارج النقطة ..دلف اشكدى الى مكتبه وكان شخصا فاخرا مهابا ..نادى على عسكرى ان يدخل عليه مسببي هذه الفوضى ..دخلن حوالى خمسة نساء جنوبيات.. وقف وصرخ فيهن بشتائم وزجر والفاظ غاية فى البذاءة والاهانة .. كان كمن له غبينة ..بل ذهب به الحد بان رفع بعصاته جلباب احدى الفتياب فبان نصفها الاسفل وصارت عارية تماما ثم لطمها على وجهها كان ..منظرا مهينا ومن جرائها انفلتت فتاة اخرى ونزعت كامل ثيابها بنفسها ووقفت فى منتصف صالة النقطة عارية بالكامل وهتفت بكلمات لم افهم منها شيئا غير ووي يييا ...وييا ويا ...كأنها تنادى اخوانها هناك فى احراش الجنوب لياخذوا لها بثأرها ..كانت افعال اشكدى مهينة وغير انسانية وكانت ردور فعلهن عنيفة وبطريقة غير مالوفة ..كانت جريمتهن يبع الخمور البلدية.
مرت ايام وليالى مملة رتيبة كان يحضر فيها اقاربى لزيارتى ..وكانت تزعجنى زيارات الاصدقاء الذين كنت اخاف من ملاحقة الامن لهم ..كنت اطردهم واحذرهم من العودة ..وفى ذات صبا ح حضرت حاجة زينب واخيها الى النقطة فى غير مواعيد الفطور ..استغربت واجتاحنى بعضا من قلق ..جاء النبطشى الى على وقال له :
امرق... وقف ممسكا بالباب رافضا الخروج.. اعتقدت انه لاحظ مجيء زينب خالية اليدين.. ..كان كمن يتوقع حدثا ما سيؤدى الى اذيته ..ناداه خاله ان يخرج اليهم فزجره على معتبره كأنه طفل غرير لا يعرفه ..جاءت اليه زينب ورجته ان يخرج ويذهب معهم ..ورفض رفضا باتَأ

سالت الحاجة عن الحاصل همسا وقد كانت قريبة من باب الزنزانة فاخبرتنى بان القاضى امر بترحيل على الى مصحة كوبر ورجتنى ان اقنعه ..
جاءنى الصول الطيب واخرجنى من الزنزانة وشرح لى الموقف وطلب منى ان اساعد فى ترحيل على الى المصحة , اخبرته انني ساكون خلف الزنزانة فى الحوش الخلفى للنقطة وعليه ان يوجه على ليقابلنى هناك ..بعد هنية حضر وجلسنا سويا على بعض اعشاب الحوش العشوائية الجافة وسالته :
- مالك يازول..؟
- الناس ديل مودينى وين ؟
- مودنك عشان تتعالج فى المصحة ..
- مصحة كوبر مش..؟ ات عارف المصحة دي فيها ناس كعبين يلمو فى اى زول اصقرانى يقومو..,...
يازول ديل انت ديل ماعارفهم ساكت..
- والقال ليك الحتة اللى حيختوك فيها دى، فيها الناس ديل ..منو؟..ات ياعلى كده ماحتتعالج ..انا بكلمهم يختوك مع أولاد ناس جت ..اها رايك شنو؟
- خلاص ارح معاى نمشى سوا.!!
- ارح وين .. مابخلونى .. انا ماشى سجن كوبر الكبير ومن هناك ممكن اجى ازورك..
..سكت لفترة طويلة خلالها تملكنى حزن وعطف جارف على هذا الانسان التائه ..اخذته بيد واليد الاخرى على كتفه وانا اشجعه .وفى منتصف الصالة تركنى و ذهب.فى خط مستقيم الى خارج النقطة وركب الكومر من الامام جوار السواق ولحقته حاجة زينب سريعاً ولم تعر اى احد اى التفات.
صباخ اليوم الثانى شعرت بوحدة قاتلة حيث ذهب صديقى على وخلت النقطة من صحبته .. قررت ان اغادرهذا المكان بأى طريقة..ذهبت من توى الى الصول ورجوته ان ينقلنى الى سجن كوبر قال لى.:
.والله نحن ماعندنا مانع لكن لانمتلك اي وسيلة لنقلك الى هناك.. قلت له هذه مشكلة بسيطة يمكننى ان اؤجر تاكسيا ..تردد قليلا لمباغتة اقتراحى الغريب .ولكى احاصره قلت له وسيذهب معى العريف سبت هذا.. واشرت على احد عساكر النقطة المعروفين.., يوصلنى هناك ويرجع ليك ..تردد مرة ثانية ثم قال:
يازول اقول ليك انا موافق ..لكين خليها بكرة ..ووافقته فورا .
فى فترة الظهيرة حضرت فاطمة زوجتى واخبرتها اننى مغادر الى سجن كوبر ..اشارت بقلق ان كانوا موافقين..! اى ناس الامن ..اخبرتها اننى الان سجبن سياسى لدى المباحث الجنائية وبعد ان اذهب الى كوبر ان شاء الله يتطاحنو..
فى الصباخ الباكر "لملمت" اشيائى التى احضرتها لى زوجتى .. سروال وعراقى نظيف وفرشة اسنانى وحذائى فى كيس وحضر سبت ليصحبنى.. وقبل ان اغادر النقطة اختليت بالصول الطيب وشكرته..واخبرته اننى قلق خوفا عليه ان لا يكون قد تصرف بشكل غير قانونى فاخبرنى بانى كان من المفروض ان أرحل منذ اليوم الاول لحضورى فقط لان وجود شخص سياسى مثلك وسط من نعتبرهم مجرمبن يشكل خطرا فى التاثير عليهم وتوعيتهم وضحك بسرور وطيبة قائلا ..ونحن ماناقصين..شددت على يده مودعا..وبقيت مارق وذهبنا انا و سبت الى( سوق اربعة) فى حلتنا برى بارجلنا.. ومن هناك ركبنا تاكسيا وانا خائف ان يرانى احد من الجيران .., وسرعان ما انساب التاكسى شمالا على كوبرى برى متجهين صوب كوبر ولم يفتنى ان انظر الى الاسفل ليجتاحنى فرح غامض من تذكرعادة اهلى فى الشمال وهم ياخذون العريس والعروس نهاية احتفالات العرس ليصافحا النيل .
على باب سجن كوبر نزلت وارشدت سبت لمكتب النقيب سجون وسلمه سبت الاوراق وقال النقيب :
- مرحب خلاص ياامباشى استلمناه..
خلعت ساعتى وبعض من المال امامه ووضعت جزء منه فى جيبى واستاذنت النقيب لتوديع سبت ..فسمح لى ان اخرج مما اصاب سبت بالدهشة..وكانه يسال كيف يتركنى اخرج هكذا.خارج المكتب... وضعت باقى القروش فى جيبه قائلا له:
- حاجة بسيطة ياسبوت عشان المواصلات..وودعته
كان سبت عسكرى البوليس الطيب لا يدرى اننى زبون سابق لسجن كوبر العتيق وان النقيب يعرفنى.



أضف رد جديد