قضية الارض

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
الفاضل البشير
مشاركات: 435
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:56 pm

قضية الارض

مشاركة بواسطة الفاضل البشير »

الراكوبة https://www.alrakoba.net/news-action-show-id-289567.htm

10-21-2017 01:40 AM

جذور الحرب: نهب الأراضي في جنوب كردفان

نهب الأراضي من قبل السلطات المركزية وعبر نافذين فيها، شكل أحد المداخل الأساسية لإنضمام أبناء جبال النوبة للكفاح المسلح، والان يطالبون بحق تقرير المصير، مما يزيد المخاوف بشأن إنفصال جديد سببه الموارد. عبر هذا التقرير الإستقصائي (عاين) تبرز حجم مشكلة النهب الممنهج للأراضي في ولاية جنوب كردفان.

كنت أنتظر هطول الأمطار لحصد زرع يُكفينا غلاء الحياة. عندما إقترب موعد زواجي؛ أقرّ الطبيب عملية سحب (ماء سوداء) من العين اليٌسرى للوالد. كان الأمل يحدوني بموسم حصاد يٌغطي هذه الإحتياجات، ولكن في صبح مُلبدةً سماؤه بالغيوم، رأيتُ بعض الناس يشرعون في تخطيط مزرعتنا بحجة تعثرنا في دفع رسوم تجديد الملكية، مع العلم أن هذه الأرض مملوكة لنا بالتوارث (نحن أصحاب حق)، وهي عبارة عن مشروع (١٥٠٠) فدان، جزءً منها نستغله للسكن، والآخر للزراعة، ولكن بين عشية وضحاها أصبحنا بلا مأوى. هكذا لخّص النور عثمان هبيلا لـ(عاين) قصته، وهي عيّنة من ممارسة رسمية رائجة تقضي بإستملاك أراضٍ زراعية وسكنية في أكثر من ولاية سودانية، وتزرع بذور عدم الإستقرار لخدمة مصالح خاصة.

من أجل إستعادة ملكية أرضه يقول النور “تابعنا الإجراءات الرسمية حتى حُفيت أقدامنا دون جدوى”. شكّل هذا الواقع المرير دافعاً أساسياً لإلتحاق (النور هبيلا) بالكفاح المسلح لحماية أرضه من النهب. وتعتبر عائلة (النور) واحدة من أصل ٥٠٠ عائلة هُجرت من مشروع هبيلا الزراعي الواقع شرق مدينة الدلنج.


حجم المشكلة
”عاين“ تنظر في هذا التقرير الموسّع عن ولاية جنوب كردفان، في أسباب ظاهرة سلب الأراضي، وأثرها في إستدامة الصراعات. بيد أن السودان – وبحسب تقرير للبنك الدولي عام ٢٠١٤ – بات في صدارة قائمة الدول التي تنزع الأراضي من الأفراد على نطاق واسع بحجة غياب وثائق تسجيل رسمية، إذ بلغت مساحة الأراضي المصادرة من الأفراد في الفترة من ٢٠٠٤ إلى٢٠١٣ حوالي ٤ مليون هكتار، سُلمت لمستثمرين أجانب ومحليين.

هذه ممارسة مقننة في السودان، وأساسها عدم الإعتراف بملكية أراض زراعية أو سكنية غير مسجلة، وتسجيل مساحات شاسعة منها بأسماء مستثمرين أجانب ورجال أعمال مقربين من النظام، ومسؤولين حكوميين وعسكريين، ذلك وفقاً لتقرير نشرته شبكة (الديمقراطية أولاً) المدنية الحقوقية. بيد أن السودان – وبفضل سياسة عدم الاعتراف بالملكية غير المسجلة رسمياً – تبوأ المرتبة الثانية في إستقطاب الإستثمارات الأجنبية في المنطقة، بعد السعودية.

هذه السياسات تشمل مناطق كثيرة من ولاية جنوب كردفان المعروفة بخصوبة أراضيها وكثافة إنتاج الحبوب الغذائية والفاكهة، فضلاً عن الصمغ العربي – ينتج السودان أكثر من ٨٠ ٪ من هذا المحصول في العالم – تضم ولاية جنوب كردفان مساحات صالحة للزراعة تُشكل ٣٥٪ من جملة الأراضي الخصبة في السودان، حسب تقدير (د. جمعة كُنده) المحاضر في جامعة بحري.

طبوغرافية المنطقة
تعتبر ولاية جنوب كردفان (جبال النوبة) من أكبر المناطق السودانية، تبلغ مساحتها ٧٩,٤٧٠ كلم مربع، حيث تضم سهولاً جبلية متفرقة، ومساحات ممتدة من تربة القوز الرميلة، وأودية مغطاة بالصخور، ويغلب على تربة الإقليم التربة السوداء والأشجار كبيرة الحجم، وتجاور هذه المنطقة الجزئين الشرقي والغربي من إقليم دارفور، وتعرف منطقة جنوب كردفان بطول موسم الأمطار، التي تبدأ من أواخر مايو وتزداد غزارة حتى نهاية اكتوبر، وتنمو في هذه الفترة نباتات السافانا الطبيعية التي تعكس جودة التربة وقدرتها الإنتاجية الزراعية.

تبلغ مساحة المنطقة الزراعية حوالي (٣١,٠٥٣,٤٨٠) فدان، تم تقييمها حسب صلاحيتها إلى (١٠,٩٤٠,١٠٠) فدان عبارة عن تربة ذات صلاحية عالية للزراعة، و(٦.٧٥٤,٤٤٠) فدان تربة ذات صلاحية متوسطة للإستخدامات الزراعية والرعوية، وهنالك (٧,٠٤٧,١٨٠) فدان تربة قليلة الصلاحية للنشاطات الزراعية، لكنها صالحة للزراعة التقليدية والرعي، بينما توجد (٢,٦٢٢,٧٦٠) فدان تربة فقيرة تصلح فقط للرعي، تبقت من المساحة الكلية (٣,٦٨٩,٠٠٠) فدان، وهي مساحة الأودية ومجاري المياه.

أهم محصول زراعي هو الذرة بكافة مسمياته، الدخن، السمسم، اللوبيا، البَفرة والعدس. كان القطن خلال سنوات مضت يعتبر أهم محصول نقدي ولكن وحالياً أصبح محصول السمسم في المركز الأول، وتمثل التربة الصالحة لزراعة القطن ٤٥٪ من جملة الأراضي في الإقليم، وتعتبر منطقة (هبيلا) الواقعة في الريف الجنوبي لمحلية (الدلنج) من أكبر المشاريع الزراعية في الاقليم، اضافة الى منطقة (الترتر) الواقعة في الجزء الشرقي المتاخم لجنوب السودان، وتنتج المنطقتين الحبوب الغذائية والزيتية بنسب عالية.


أسباب الحرب
السياسة الحكومية القاضية بتمليك الأراضي لا تنعكس فحسب على الأفراد والسكان الأصليين في المنطقة، بل أيضاً على الوضع الأمني المجمل بالولاية، بيد أن أبناء النوبة حملوا السلاح للمرة الأولى ضد الحكومة المركزية، في أعقاب مساءلة برلمانية تقدم بها النائب الإسبق الراحل (يوسف كوة مكي) حول قانون الأراضي في الثمانينات، في فترة حكم الرئيس الأسبق (المشير جعفر النميري)، وذلك وفقاً للمستشار السابق لحكومة جنوب كردفان (محمد مريود)، حينها أصدر وزير العدل (حسن الترابي) قراراً نص على تحويل الأراضي غير المسجلة إلى ملكية الدولة، ما شكل خرقاً لقوانين التسوية. وكانت لجان مكلفة أنجزت تسوية وتسجيل الأراضي في كل الشمال الجغرافي ومشَروع الجزيرة، ولكن الترابي قرر تعطيلها. قسّم قرار (الترابي) الأراضي لملكية الدولة في غرب السودان، وللمواطن في شماله، ما أسس – بحسب خبراء – لسياسة التمييز بين الولايات الشمالية وبقية البلاد في ظل حكم (الإنقاذ).

هذه كانت بداية (المؤامرة لنهب الأراضي) من المواطنين، وإنطلقت الإحتجاجات في المجالس التشريعية، وفي أروقة برلمان كردفان بقيادة (يوسف كوة مكى) الذي شرّدته السلطات، ليقود بعدها طريق (النضال) لحفظ الموارد. كانت هذه الحادثة كفيلة بإطلاق أول شرارة لحمل أبناء النوبة السلاح والانضمام للحركة الشعبية بقيادة الدكتور (جون قرنق).

هذا الرأي يتوافق مع آراء خبراء آخرين. الدكتور (جمعة كنده) المحاضر في جامعة بحري، الذي أكد لـ(عاين) أن الصراع بين الدولة وأصحاب الأراضي غير المسجلة في جبال النوبة كان قد بدأ عقب خروج المُستعمر ونهاية سياساته الواضحة في التعامل مع مواطني المنطقة، وأضاف “بسبب صراع الاراضي إنضم النوبة للحركة الشعبية”.

لماذا جنوب كردفان؟
بحسب كنده، تكتسي جنوب كردفان أهمية زائدة لأن ٤٥٪ من مساحتها أراضٍ صالحة للزراعة، أي ١٥٪ من جملة الأراضي الزراعية في السودان قبل إنفصال الجنوب. هذه المساحة اتسعت إلى نسبة ٣٥٪ عقب الانفصال؛ وهو ما يعكس الأهمية الإقتصادية لولاية جنوب كردفان بالنسبة للسودان.

وبالإمكان تتبع آثار سياسة التمليك الحكومية في الولاية من مساحة الأراضي التابعة لمؤسسة الزراعة الآلية، والتي قفزت من ٤ مليون فدان عام ١٩٨٢، إلى ٩ مليون فدان، أي ما يُقارب ما بين ٦٠-٧٠٪ من أراضي الزراعة التقليدية التي يمتلكها المواطن، ذلك وفقاً للخبير في الجغرافيا السياسية د. عطاء البطحاني . ويذهب في ذات الإتجاه المستشار (مريود) موضحاً توسع الرعاة داخل الأراضي يعتبر أكبر مدخل لنهب الأراضي ، وإستشهد بالقول”مواطن يمتلك ٤ ألف رأس من الماشية تحتاج لكافة المتطلبات من مأكل ومشرب، الأمر الذي جعل دم البهيمة أغلى من دم الإنسان”، موضحاً أنه استمع إلى العديد من شكوى في العام ٢٠٠٠ من قِبل نُظار وعُمد، كلها كانت ضد إغتصاب الأراضي الذي كاد أن يصبح صراع قبلي.

من جهته يرى المهندس (صديق يوسف) أن نهب الأراضي الزراعية في جبال النوبة بدأ منذ أن تمت تصفية مؤسسة جبال النوبة الزراعية، وهنا تجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية عمر البشير في آخر زيارة له في يوليو ٢٠١٧ إلى عاصمة كادوقلي عاصمة جنوب كردفان وجه بإعادة مؤسسة جبال النوبة الزراعية في إعتراف منه بأهميتها رغم الأعطاب التي طالتها.

ويصف (صديق) تصفية مؤسسة جبال النوبة بأنها أكبر عملية نهب ممنهج، طالت حتى الاثاثات بالمؤسسة، ويضيف “فضلاً عن النهب، كانت هناك عمليات تمويل لصغار الجلابة على حساب إنسان المنطقة، وذلك بتمليك أراضي زراعية يُمارس فيها النشاط الزراعي إما بإستئجار الأراضي الزراعية أو بإمتلاكها، وتلقائياً يتحول المواطن لعامل زراعي”، ويستشهد بالعام ١٩٩١ عندما كان الدكتور (بابكر علي التوم) وزيراً للزراعة، قائلاً “في عهد الوزير(بابكر التوم) تم تقسيم المشاريع في جبال النوبة على حسب القدرة المالية للأفراد، وذلك بمعدل ألف فدان لكل فرد، وكان مواطنوا المنطقة لا يملكون المال للدخول في التنافس”، ويضيف “كانت هذه القرارات لها أثر بالغ في إتساع التمرد، لأن المواطن البسيط جُرد من أرضه فلم يجد خيار سوى الإلتحاق بالتمرد”.

ويرى (يوسف) أن قضية الأرض ايضاً تنطبق على مناطق (صمغ الهشاب) في المنطقة الشرقية لجبال النوبة، حيث أصبح ملاّك الأراضي من خارج الولاية، بينما العمّال هم أصحاب الأرض الأصليين، ولكن وزير الزراعة في ولاية جنوب كردفان (علي دقاش) يعتقد في حديثه لـ(عاين) أن هنالك نسبة عالية من سكان المنطقة – حددهم بالفئة المستطيعة – يمتلكون نسبة من الأراضي الزراعية في الولاية، ويقول “هل من الأفضل أن يُمارس النشاط الزراعي على الأرض أم تظل أرضاً بور لفترات طويلة؟”، ويشير إلى أن دخول الشركات وبعض المستثمرين ساعد في تقليل البطالة، حيث إستوعبت هذه المشاريع نسبة عالية من العمالة في الولاية، ويقول إن نسبة الأراضي المستخدمة الآن وصلت إلى٧٠٪ من جملة الأراضي الزراعية، وهي التي رفعت من معدل الإيرادات ومستوى الدخل لأنها مملوكة للسكان المحليين.

غير أن الدكتور (جمعة كنده) قسّم نسب ملكية الأراضي الزراعية إلى ١١٪ مملوكة للسكان المحليين، ٦٪ مملوكة للجمعيات التعاونية، ٧٢٪ مملوكة للتجار مباشرةٌ، ٦٪ للمسئولين الحكوميين، و ٥٪ للمؤسسات، موضحاً أن بعد فترة من الزمن تحولت النسب لصالح التجار، لفشل السكان المحليين في إيجار الوابورات، إلى جانب عدم القدرة على سداد القروض والسلفيات من البنوك، مما دفع عدداً منهم لبيع أراضيهم الزراعية للتجار، ويقول (كنده) “بلغ الأمر ذروته في العام ١٩٩٨، حيث كان هنالك ٢٠٠ مشروع زراعي مؤجر، قسمت كالآتي : ٤ مشاريع مؤجرة للتجار المحليين، ٤ للمؤسسة التعاونية و١٩٢ للتجار خارج الولاية” موضحاً أن هذا يتعارض مع قانون الزراعة الآلية في السودان.

دين واقتتال
تعرضت منطقة جبال النوبة الى العديد من عمليات الإحلال والإبدال للسكان، حيث ظهرت حالات عديدة لإغتصاب الأراضي المخصصة للسكن والزراعة، أما عن طريق النزع عبر السلطات أو إحالة الأراضي السكنية إلى زراعية لأفراد من خارج المنطقة، أدى ذلك إلى إزدياد التشريد القسري لمواطني المنطقة.

حيث شهدت الفترة من العام ٢٠١١ إلى يومنا هذا عدد من حالات نزع الأراضي في مساحات شاسعة، راح ضحيتها مواطنوا المنطقة، أبرزها كانت حالة المحامي (عبد الله ود عجيب) الذي قتل في أرضه بسبب نزاع بينه وبين وافدين إلى المنطقة، كان قد تم تمليكهم الأرض بإيعاز من السلطات المحلية. وتعود قصة (ود عجيب) إلى إنه يمتلك مشروعاً زراعياً في منطقة (الجعفرية) وهي منطقة زراعية حدودية بين ولايتي جنوب وشمال كردفان يطلق عليها إسم مشاريع (أم دوم).

وتقول عائلته إن الصراع نشب حول ملكية المشروع بين (ود عجيب) وأحد سكان الجعفرية بالقرب من (العباسية تقلي)، مما إستدعى اللجوء إلى القضاء للفصل حول الصراع. وتضيف العائلة بأن المحكمة قضت بملكية المشروع للقتيل (ودعجيب). ويشير (عبد الله حسين) وهو أحد أقارب المجني عليه لـ(عاين) “ولكن بعد أن فصلت المحكمة في الدعوى قرر القتيل زيارة المشروع وإقامة (كرامة) بصحبة ثلاثة من أفراد الشرطة، لكن كانت المفاجأة أن خصومه كانوا يتربصون به، حيث قاموا بهجوم إستخدمت فيه أسلحة نارية وبيضاء أصيب فيها (ود عجيب) بضربة (فأس) في رأسه، كما تم إطلاق رصاص على أحد افراد الشرطة من الذين كانوا برفقة المجني عليه، تم نقل المصابين الى مستشفى ام روابة، غير أن (ود عجيب) فارق الحياة هناك متأثراً بجراحه.


التغول على الأراضي الزراعية
في محلية (الترتر) شكى المواطنين من التغول على الأراضي الزراعية بمختلف الوسائل، إما ببيعها بثمن زهيد لمصلحة نافذين في الدولة، أو التنازل عنها بإسم الدين إلى شيوخ الطرق الصوفية. وهذا ما حصل في مشاريع (جانديل) التي تصل مساحتها إلى ٥ ألف فدان، وباتت اليوم مملوكة بالكامل لشيوخ الطرق الصوفية من منطقتي (الشكينيبة) و(شبشبة) في عمق ولاية النيل الأبيض، وذلك وفقاً للمواطن (حميد) من (الترتر).

في ذات الاتجاه مضي المواطن (نصر أدم النيل) من محلية العباسية تقلي قائلاً إن إشكالية الأراضي تكمن بالمقام الأول في التخطيط، حيث يتم توزيعها لمجموعة من خارج المنطقة، ويضيف لـ(عاين) “نصيب أهالي المنطقة لا يتجاوز الـ١٠٪ وحتى هذه النسبة يمتلكها نافذون سياسياً وعسكرياً من أبناء المنطقة بعقلية التمكين التي إنتهجتها الإنقاذ بشكل مباشر في بداية سنوات حكمها، الذي يمثل امتداد للحكومات السابقة، فيما يختص بعملية نهب الاراضي في منطقة تقلي”.

وإستطرد (نصر) قائلاً “ايضاً التخطيط لا يراعي أهمية المحافظة على الغابات، التي أزيلت بشكل كامل في مناطق تقع في الحزام المتاخم لشمال كردفان”، مما أدى إلى تضرر الأهالي القاطنين بتلك المنطقة، وهي منطقة (جبل الداير) و(أم دوم) حيث تم تشريد ما يربو عن المئة عائلة، بسبب القطع الجائر والسيطرة على أراضيهم دون أدنى حق بواسطة مليشيات قبلية تتبع للسلطات، وهي بالطبع ذات أصول عربية رعوية تم تمليكها السلاح للاعتداء المنظم على الأراضي، آخرها كان الهجوم على منطقة (السَنادرة) الآهلة بالسكان، والتي تعود مشكلتها لصِراع في الأراضي، فتم ملاحقة السكان إلى داخل منازلهم، وحتى الآن لم يكشف التحقيق عن هوية الجناة. وأضاف متحدث (نصر) “تم تقسيم الأراضي المتاخمة لمنطقة العباسية تقلي في شكل (حواكير) لمجموعات أخرى، وإقامة عملية إحلال وإبدال في بعض المناطق التي هجرها أهلها بسبب الحرب في منطقة (السَنادرة) و(الموريب) وغيرها، في عملية استفزازية قادت بعض الناس للإنضمام للعمل المسلح.

وعطفاً على ذلك، لعب التخطيط الحكومي دوراً أساسياً في إثارة النزاعات المحلية والقبلية. ويشير الخبير جمعة كُنده في ذلك إلى دراسة حديثة أجراها في منطقة (كَيقات) الواقعة بين محليتي الدلنج وكادوقلي، جاء فيها أن الحكومة خططت ٦٥ مشروعاً يُغطي مساحة ٦٠ الف فدان شمال (قرية الِزليطة)، ويقول إن مجموعة قبائل البقارة حصلت على ٤٦٪ منها، وذهبت ٩٪ منها إلى النوبة، و٢٪ لقبيلة التكارير، و٢٣٪ لأهل البرداب، فيما حصل أهل (كَيقا) على ٢٠٪ من الأراضي الزراعية. لعب هذا التوزيع دوراً كبير في توسيع دائرة الصراع القبلي القائمة على الموارد، إذ وصل عددها في العام ٢٠٠٥ إلى ٧٠ نزاعاً دموياً بين الأهالي. وعاد النزاع في عامي ٢٠٠٧ و٢٠٠٨ بمعدل ثلاثة نزاعات في كل عام.

ويجمع الباحثون على أن المنطقة قادرة – في حال استقرارها أمنياً – على إنتاج ما يزيد على حصة البلاد بأكملها من الحبوب والفاكهة وغيرهما من الإنتاج الزراعي، ولكن إستغلال وسلب حقوق المواطنين في أراضيهم شجّع على إشتعال الحرب في المنطقة.

حلول جذرية
ويجمع أهل الأرض والضحايا، والمظاليم، إضافة إلى الخبراء والباحثين، على أن إعادة تقسيم الأراضي بإلغاء القوانين المٌشرعة حديثاً، سيُشكل أعلى المداخل لإعلاء شأن حقوق الإنسان في المنطقة، وهو الطريق الوحيد لوقف نزيف الدماء.

وفقاً للمستشار (مريود) فإن الأرض هي المحور الأساسي للصراع في السودان، سيما في مناطق النزاعات، مطالباً بإلغاء كافة العُقود الحالية، على أن تقام لجنة تسوية وتسجيل لتلك الأراضي وتمليكها لأهلها. وأضاف”لابد من لجان لتسجيل الأراضي حسب أعراف الناس، خاصة بعد إعتراف الرئيس عمر البشير بأهمية مؤسسة جبال النوبة الزراعية“.

ويتابع (مريود) ”الأراضي الصالحة للزراعة يجب أن توزّع بعد التسجيل ، ويجب وإقامة مجمّعات زراعية للأسر، وللرعاة والماشية التي تقطع مسافات صغيرة، لكي لا تتضرر الأرض الزراعية، وهذه الأنواع يمكن أن تستجلب بواسطة خبراء. كما يجب إعادة هيكلة الإدارات الاهلية، وإبعادها عن العمل السياسي. ويجب مدها بصلاحيات إدارية لإقامة العدالة بين الناس“.

وبحسب (كنده)، يكمن الحل في إقرار مبدأ إعادة ملكية الأراضي إلى أصحابها (الحقيقيين)، وتقسيم الموارد حسب طبيعة المنطقة، وليس إفقار السكان لمصلحة الوافدين من خارج الإقليم. ولو تُرك الأمر بعيداً عن السياسة وأسندت إلى الإدارات الأهلية، ”لن تحدث أي صراعات قبيلة“.

عاين
آخر تعديل بواسطة الفاضل البشير في السبت أكتوبر 28, 2017 1:08 pm، تم التعديل 3 مرات في المجمل.
الفاضل البشير
مشاركات: 435
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:56 pm

مشاركة بواسطة الفاضل البشير »

عن موقع منتديات وادي شعير.

 https://www.wadishaeer.com/vb/showthread.php?s=ece4e980b9615f744bff6ed80a6f0301&p=8737

مشاكل ملكية واستخدام الأراضي الزراعية في السودان، مشروع الجزيرة نموذجاً
صديق عبد الهادي

مقدمة :
تُعنى هذه الورقة بواحدة من أهم القضايا التي تواجه الوطن، وذلك ما لها من ارتباط وثيق بحياة الناس، وباستقرارهم اقتصاديا واجتماعيا وسياسياً، بل وبمسألة وجودهم في المكان الأول. إنها قضية الأرض في عموم السودان، ولكن بتركيزٍ خاص على قضية الأرض في مشروع الجزيرة، وذلك لما لها من تاريخ معروف وواضح، هذا من جانب، وأما من الجانب الآخر فهو أن مشروع الجزيرة يمثل، وبكل المقاييس، ركناً أساساً في وجود القطاع الحديث الذي انبنى عليه الاقتصاد السوداني، وفي مسيرته كذلك. والاهم من ذلك ان في مسيرة المشروع وتطوره كان ان لعبت القوانين المنظمة له، ومنذ إنشائه، دوراً كبيراً في ترسيخ تلك المسيرة وفي دفع ذلك التطور.
هناك حقيقة تاريخية أصبحت تتكشف امام العالم وبشكل أكثر وضوح، وفي كل يوم، فلابد لنا من وضعها والإشارة اليها بدءاً، ونحن نتناول قضايا الأرض في السودان. وتلك الحقيقة هي بروز الظاهرة العالمية التي أضحت معروفة بظاهرة “الاستيلاء على الأرض.”(Land Grabbing) وهي ظاهرة لم تعد محل اهتمام الاقتصاديين لوحدهم، وانما كذلك استرعت انتباه قادة الرأي في العالم والمدافعين عن حقوق الانسان، بشكلٍ عام، وعن حقوق المواطنين الأصليين في امتلاك أرضهم، بشكلٍ خاص، ”إنه، وبناءاً على ما اورده البنك الدولي ان هناك 464 مشروعاً لأجل الاستيلاء على الأرض بدأ تنفيذها فيما بين 2008 و2009، وان 22 مليون هكتار (اي ما يعادل 54 مليون فدان _ الكاتب) قد تمّ الاستيلاء عليها فيما بين 2010 و2011 لوحدها. إن اهم سبب من وراء التكالب على الأرض هو محاولة السماسرة العالميين تامين الغذاء اللازم للأقطار ذات الكثافة السكانية العالية، والتي تُوَاجَهُ بمواسم زراعية متذبذبة وغير طبيعية (مثل الصين، الهند وكوريا الجنوبية). فهذا التكالب والاستيلاء المسعور على الأرض تمّ بشكل واضح في سبعة دول افريقية حيث ان سعر الهكتار الواحد كان بأقل من دولار (اي ان الفدان بأقل من نصف دولار – الكاتب).” (روس، اليكساندر، استرداد الأرض، اوكلاند، آي كى للنشر، 2014، ص 9-10.)
في ضوء هذه الحقيقة يأتي تناولنا لقضية “مشاكل ملكية واستخدام الأراضي الزراعية في السودان”. وهي حقيقة مخيفة، ولكن، وبقدر ما انها تزيد من تعقيد تلك المشاكل، إلا انها تحفز وتعطي دافعاً حقيقياً لأجل التصدي المسئول، ومن ثم لبذل المساهمة التي لا غنى عنها لأجل حلحلة تلك المشاكل.
امتلاك الأرض وتمليكها، أضحى محل اهتمام عالمي:
يكاد ان يكون هناك اتفاق عام بين كل المدارس الفكرية سوى كانت الاقتصادية او غيرها، بان أحد العوامل المزكية للحروب المنتشرة حول العالم، هو عامل امتلاك الأرض وتملكيها، بل وهو يمثل العامل الأهم. وقد أصبح هذا الامر محل الاهتمام والبحث والدراسة ليس من قبل البحاثة الأفراد وإنما من قبل الهيئات الدولية كذلك، وحيث توصلت جل تلك البحوث والدراسات إلى نفس النتيجة. وفي هذا المقام نود ان نشير إلى بعض الامثلة التي توكد ما ذهبنا اليه في شأن الصلة بين مشاكل ملكية الأرض واشتعال الحروب.
ففي افغانستان، مثلاً، وهي أكثر الدول معاناة بسبب حروبها الاهلية الطويلة، وضح ان ازدياد التناحر على ملكية الأرض أصبح يحمل وجهين حيث يدخل كعامل في تزكية الحروب واستمرارها، من جهة، ويقف كذلك كنتيجة مترتبة على اتساعها من الجانب الآخر. وفي هذا الصدد أشار مسئول البرامج في المعهد الأمريكي للسلام، بارماك باجواك إلى أنه،” سيكون هذا هو الصراع الكبير المقبل في أفغانستان. ويشكل هذا الأمر خطراً كبيراً، لأن الصراع سيشمل جميع أنحاء البلاد، وسيكون حقاً خارج نطاق السيطرة.” (موقع منظمة إرين في 10 سبتمبر 2013).
وفي الحقيقة، ان الشيء الذي فاقم من امر الوضع في افغانستان هو وجود عاملين آخرين خطرين، هما، الاول تكاثر وانتشار “مافيا الأراضي”، والثاني، هو انتشار السلاح. فهذان العاملان يمثلان ظاهرة طاغية الوجود في كل الدول التي تعاني من عدم الاستقرار نتاج الحروب الاهلية، وهي حالة تنطبق تماماً على ما يجري الآن في السودان.
وفي هذا الاتجاه من طرح الأمثلة الحية بصدد مشاكل الأرض، تقف منطقة جبال النوبة كواحد من تلك الأمثلة، حيث الصراع حول الأرض بين السكان الأصليين كطرف، ومجموعة المستثمرين الوافدين تحت حماية حكومات المركز كطرف آخر. وفي ذلك كمنتْ وتكمنُ جذور الغبن الذي لم تكن الحروب الدائرة ولعقودٍ في المنطقة إن هي إلا مظهره الجلي، “توجد حوالي (200) مشروعاً للزراعة الآلية تمت مراجعتها بمنطقة هبيلا، والتي أنشئت بتمويل من البنك الدولي ويدعمها البنك الزراعي التابع للدولة، ولقد منحت الحكومة عقود إيجار أربع مشاريع تعاونية محلية، وأربع مشاريع لتجار محليين. ومنح مشروع إيجار واحد لمجموعة من تجار هبيلا، أما البقية والتي تبلغ (191) مشروعاً لقد منحت لأفراد من غير أهل منطقة جبال النوبة، معظمهم من تجار وموظفين حكوميين وجنرالات متقاعدين من القوات النظامية من شمال السودان والجزيرة. ” (آدم جمال أحمد، ملكية الأرض وانفجار النزاع في جبال النوبة، موقع حركة العدل والمساواة، 31يوليو 2010).
إن الانسان في جبال النوبة، كشأن كل الشعوب الأصيلة، لا ينفصل عن الأرض وهو ملتصق بها دون انفصام، فلذلك ما يحكم العلاقة بينه وبينها تقاليد وأعراف تليدة، ضاربة في التاريخ. إن الأرض في جبال النوبة معلوم استخدامها وملكيتها امتداداً من سفح الجبل إلى حدود المجموعات الاخرى، وذلك من جبلٍ إلى جبل. وقد يحس الباحث ثقل الغبن الذي يحط على مواطني الجبال وهم يرون أرضهم تُهدى وتُباع وتُشترى، ليس لهم، وإن كانوا يُحرِّمون ذلك على أنفسهم، وإنما للآخرين، “فالشاهد أن الأرض الطينية في عرف تقلي وعموم أهل الجبال لا تُباع ولا تُشترى. فهي تُعتبر امٌ محرمٌ أكل ثمنها. باعتقاد أن الإنسان خلق من طينة الأرض. لذلك جاء تقديسها عند مواطن الجبال. فلم يرد عبر تاريخ تقلي إن احداً ملك أرضاً باستثناء أبناء الملوك عند زيانة شعر أحد منهم وقت الصغر فتسمى أرضاً باسمه. فالأرض الطينية ملك القبيلة ينظم استعمالها شيوخ محددون مأذون لهم دون سواهم بالتصرف في الأرض وفق تدابير من رئاسة المملكة”. (محمد مريود محمد علي، مملكة تقلي التاريخ والثورات، ونظم الإدارة والحكم، حصاد للطباعة والنشر، توزيع مكتبة مروي، بدون تاريخ).
فلذلك لن يمر السلام إلا عبر الأرض ووفق تأكيد حق ملكيتها وبحرية استعمالها بواسطة أهلها الحقيقيين.
وليس الامر بأقل منه في دارفور. إن الأرض هي محور التغيرات التي انتظمت كامل المنطقة. اتسم الوضع الجديد باستغلال النفوذ وبالقمع وبالفساد المرتبط بجشع الاستثمار، والذي من نتائجه المباشرة استعار الحرب، ” إن الأراضي كانت تستخدم في السابق لغرضين الأول للسكن، والثاني للاكتفاء الذاتي من الزراعة، والمستفيد الاول هو المواطن، ولكن مع بداية نظام الانقاذ دخلت أغراض الاستثمار في الغابات والمزارع ولحق بها التنقيب العشوائي والنفط ولكن السلطات أدخلت الاستثمار عبر شركات أجنبية تستفيد من الأراضي وتُصدر الناتج، فتحول مالك الاراض إلى مستخدم وليس مالك”. (د. جمعة كندة، تحقيق قامت به شبكة عاين بعنوان، “نزاع الاراضي في السودان: دارفور … نزع الاراضي وتغيير التركيبة السكانية”، 23 فبراير 2016”). والمفجع أنه لم يتوقف الامر عند حد ان يبقى الملاك الحقيقيين أجراء، وإنما تمت عملية إحلال او بمعنى أكثر دقة عملية استيطان، وليزج على إثرها بالسكان الأصليين في معسكراتٍ للجوء داخل أراضيهم! وهنا نقف جميعاً لنشهد تكراراً مأساوياً لفصولٍ بائسةٍ من التاريخ الانساني، عموماً.
نشر البنك الدولي في عام 2010 واحدة من اوسع دراساته حول حقوق ملكية الأرض. وقد جاءت إشارة بالغة الأهمية في العرض لتلك الدراسة تقول بــــــ “أنه مع ارتفاع أسعار الأغذية والوقود الذي يخلق حوافز لشراء الأراضي على نطاق واسع في شتى أنحاء العالم، أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى أن تعمل الحكومات والمجتمع الدولي لحماية حقوق ملكية الأراضي للسكان المحليين.”(حقوق ملكية الأراضي مفتاح للاستثمارات السليمة، موقع البنك الدولي، الشبكة العنكبوتية، بتاريخ 8سبتمبر 2010).هذا يوكد بعضاً مما ذكرناه عاليه حول اهم الاسباب التي تكمن وراء اندياح ظاهرة “الاستيلاء على الأرض” للحد الذي كاد فيه ذلك الاندياح ان يغطي كل اطراف المعمورة. كما وانه في نفس الوقت يشير إلى مسئولية الدول فيما يتعلق بضرورة حماية حق ملكية الأرض بالنسبة للمواطنين. وقد وردت في الدراسة إشارة اخرى ذات مغزى تخص امر ملكية الاراضي في السودان، وهو موضوع ورقتنا هذه، حيث قالتْ،” وفي الواقع، فإن بعض المستثمرين في أفريقيا يبدون أكثر اهتماما بالمضاربة على رفع أسعار الأراضي من اهتمامهم بزراعة المحاصيل، وهم لا يزرعون بشكل كامل الأراضي التي تَملَكُوها. فعلى سبيل المثال، في السودان، حيث يشكو كثير من المزارعين المحليين من فقدان حقوق ملكية أراضيهم”.
ولكن، لا اكثر وضوحاً حول قضية ملكية الأرض ووجوب حمايتها، باعتبار انها تقع ضمن مسئوليات الدول، لا اوضح مما ورد في اعلان الامم المتحدة حول “حقوق السكان الاصليين” (Declaration on the Rights of Indigenous People) ,(DRIP)، والمجاز في 13سبتمبر 2007، حيث جاء في المادة (8)(2) ما يلي:
“على الدول ان تقوم بتوفير الآليات الكفيلة بالحماية، وبتدارك:
ب/ أي فعل يكون الهدف منه او الغرض تجريدهم من ملكية اراضيهم، ومناطقهم او مواردهم”.
ان هذا الاعلان الذي توافقت عليه الامم املته ضرورة التصدي لظاهرة الهجوم الفالت على حقوق ملكية الاراضي، والذي اصبحت تعاني منه، وبشكل اساس، مجتمعات الشعوب الاصيلة في كل انحاء العالم. وهو امر يرتبط ولحدٍ كبير بضعف تطور تلك المجتمعات مع تركيز الهيمنة والقرار في ايدي قوى اجتماعية غاشمة، إذا كان ذلك على المستوى المحلي في الدول نفسها او على المستوى العالمي. إنه ومما لا شك فيه ان ما سلف سرده يؤكد، وللأسف الشديد، الحقيقة المرعبة بانه، وفي ظل العولمة الجارفة، قد تمّ إلحاق “الأرض” وكمورد نادر بالسوق الرأسمالي العالمي، وقد تم بذلك عملياً تحويلها الى سلعة تستلزم المنافسة، وتغري بالحصول عليها!
إنه وعلى ضوء هذه الخلفية نحاول معالجة قضية الأرض في السودان وفي مشروع الجزيرة على وجه التحديد.
الأرض وملكيتها في السودان:
كانت ملكية الأرض في السودان ملكية عامة، مشاعية بين السكان الاصليين، إذا كان ذلك في دارفور او بين المجموعات النوبية في شمال السودان او في الوسط في مناطق الجبال او المناطق الأخرى، وذلك بالطبع قبل ظهور الدولة، ولو بشكلها البدائي، كتطور طبيعي في تاريخ السودان، وكتعبير عن التمايز الاجتماعي الناتج عن ذلك التطور. ولكن نقطة التحول المهمة في تاريخ ملكية الأرض هو ان نحا شكل الملكية منحاً حاسماً مع ظهور الدولة الحديثة، أي بعد ان انتظمته القوانين التي انتجتها تلك الدولة الحديثة، والتي استعانت في استكمال دورها بالتقاليد والاعراف التي صاغتها تلك المجتمعات لتنظيم حياتها، ولتنظيم علاقتها بأرضها عبر مراحل تاريخية ضاربة في القدم.
إننا ولأجل الاقتراب من غرض هذه الورقة نرى ان ننظر إلى قضية الأرض في السودان من أكثر جوانبها اهمية من الناحية الاقتصادية، اي من ناحية توظيفها كموضوع للإنتاج الزراعي. وذلك بالقطع من منطلق ان القطاع الزراعي يمثل الركيزة لاقتصاد البلاد، حيث نجد ان الزراعة ظلتْ تساهم بأكثر من 45% من الناتج القومي الإجمالي، وتساهم بأكثر من 90% من الصادرات. (موقع بنك السودان ووزارة الزراعة)، وذلك إلى وقتٍ قريب قبل ان يصبح معدل نموه سالباً، إذ تدهور نصيب القطاع الزراعي في الناتج المحلي ليصل إلى 32% فقط، (موقع وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، العرض الاقتصادي للعام 2014). وذلك بالقطع يرجع لأسباب كثيرة والتي من ضمنها، كما هو معلوم، المعضلات المتعلقة بقضايا الأرض!.
فبالإضافة إلى ما ذكرناه، يعمل بالقطاع الزراعي أكثر من 75,7% من القوى العاملة. كما وأنه يمثل القاسم المشترك بين كل القطاعات الاقتصادية الأخرى، من صناعة وتجارة وبنوك ونقل…الخ.
ولإعطاء صورة أكثر دقة عن القطاع الزراعي في السودان بشقيه النباتي والحيواني، وكلاهما متأثران بقضية ملكية الأرض ومشاكلها، تشير التقديرات إلى ان المساحة الصالحة للزراعة في السودان بعد الانفصال حوالي 60 مليون هكتار اي ما يعادل 144 مليون فدان، والمساحة المستغلة منها حوالي 28 مليون فدان، أي ما يعادل 13.50% من مساحة الأرض الصالحة للزراعة. وتاريخياً تنتظم الاراضي الزراعية ثلاثة نظم للزراعة، وهي، :
• أولاً/ الري المنتظم ويغطي حوالي 3.3 مليون فدان تقريباً،
• وثانياً/ النظام المطري الآلي ومساحته تقدر بحوالي 9.9 مليون فدان تقريباً،
• وثالثاً وأخيراً/ النظام المطري التقليدي ويغطي مساحة وقدرها 14.8 مليون فداناً بالتقريب.(*)
وعلى ضوء هذا الواقع نأتي لننظر لأراضي مشروع الجزيرة والمناقل. يحتوي المشروع على مساحة قدرها 2,2 مليون فداناً. وقد اخذ المشروع 97 عاماً بالتمام والكمال ليصل إلى هذه المساحة، وهي سنوات امتدت منذ السنة التجريبية الأولى للمشروع بمنطقة طيبة الشيخ عبد الباقي في العام 1911، حيث بدأ المشروع بـ ـــ250 فداناً فقط، وليصل إلى مساحته الحالية في العام 2008، (د. سلمان محمد أحمد، أراضي مشروع الجزيرة بين الملكية والحيازة والنزع، موقع الراكوبة).
عليه، فإن نسبة مساحة المشروع (2,2 مليون فدان) إلى مساحة قطاع الري المنتظم (3.3 مليون فدان)، تساوي 66,67%، اي ثلثيه. فهذه النسبة او السمة، إذا صح لنا القول، هي العامل الاساس في تفاقم مشاكل مشروع الجزيرة، إذ انها وبشكل واضح، ظلتْ تمثل الدافع وراء محاولات إعادة صياغة الملكية بالنسبة لأراضيه! وهي محاولات بدأ التفكير فيها بعد فترة وجيزة من انتهاء عقد الشركة الزراعية (1950)، والتي حل محلها “مجلس إدارة مشروع الجزيرة”. وبالتحديد نجد أن محاولات التمهيد للخصخصة بدأت العام 1960 من قبل البنك الدولي، وبواسطة لجنته التي عُرِفتْ في تاريخ المشروع بـ”لجنة ريتس”.
وهنا يتبادر السؤال، ولما السعي لإعادة صياغة ملكية الأرض في المشروع، ومحاولة مصادرة حق ملكيتها من اصحابها، إذا كان إغراءاً او قهراً، وبنص القانون في الحالتين؟!.
إن واحدة من الاجابات على هذا السؤال، والمرتبطة بالحقيقة التي ذكرناها اعلاه حول حجم المشروع المغري، حين مقارنته بالنسبة للقطاع المروي عموماً، كان ان اوردناها في مقام آخر، حيث تقول، “فهذا مشروع جاهز وبنياته التحتية الاساسية لا تحتاج سوى بضع ملايين من الدولارات لتعود لفعاليتها وسابق كفاءتها، فإذا كان الامر كذلك فلِمَ المخاطرة في مناطق زراعية اخرى؟!”، هذا بالإضافة إلى حقيقة في غاية الاهمية، وهي توفر طريقة الري الانسيابي غير المكلفة، وذلك مما يساعد على تخفيض تكلفة الانتاج، وكما كان حادث بالفعل منذ قيام المشروع. ففي ذلك توسيع اكيد لهامش الربح. عليه فهذه هي الاجابة المباشرة، ودونما مواراة!.
………………
(*) هذه الأرقام تم التوصل اليها نتيجة تعديل حسابي (Calculation Adjustment) أجريناه على ضوء الارقام الواردة في موقع وزارة الزراعة، قبل الانفصال، وعلى اساس النسبة 69.8%.
……………………
ملكية الأرض في مشروع الجزيرة والمناقل:
إن قضية ملكية الأرض في مشروع الجزيرة والمناقل تمثل واحدة من الحالات النادرة، ليس بالنسبة لقضايا الأرض في السودان وانما على مستوى العالم. فهي حالة نادرة، حيث تتوزع ملكية الأرض فيه بين ارضٍ مملوكة ملكاً حراً للأهالي، وقدرها 900,000 (تسعمائة ألف فداناً)، وتمثل 41% من ارض المشروع، وارض مملوكة ملكية عامة، اي تملكها الدولة، وقدرها 1,300,000(مليون وثلاثمائة ألف فدان)، وتمثل 59% من أرض المشروع. وأما من حيث أن الأرض وسيلةٌ للإنتاج، اي حواشات، ففيها مزارعون يملكون ملكاً حراً، ومزارعون يملكون ملك منفعة، وكلاهما يعتبر مستأجر(Tenant)، وفقاً لقوانين المشروع، ثم هناك الدولة المالكة للمشروع بحكم ما تملكه وبحكم ما قامت بإيجاره إيجاراً قسرياً من اصحاب الملك الحر، وأعطته للذين لا يملكون ارضاً، أي أعطته لهم كملك منفعة. وحتى اصحاب الملك الحر ينقسمون إلى فئتين، فئة تقيم بالمشروع ويسكنون فيه، وفئة اخرى يملكون ارضاً بالمشروع ولكن لا يقيمون في منطقة الجزيرة، ومن امثال ذلك عدد من الاقباط السودانيين، (إبراهيم علي إبراهيم، الجوانب القانونية لمشكلة الأراضي بمشروع الجزيرة، موقع الاقتصادي السودان
www.sudaneseeconomist.com).
وقد يكون من المفيد ان نشير أيضاً إلى ان مساحة الملك الحر، ومن حيث توزعيها الجغرافي، يقع منها 410 ألف فدان في منطقة الجزيرة الأم، اي 45.6%، و490 ألف فدان منها في منطقة امتداد المناقل، اي 54.4% (راجع د. سلمان م. أ. سلمان، سابق). هذا هو التركيب العضوي لأرض مشروع الجزيرة من حيث ملكيتها وجغرافيتها والانتفاع بها. ولكن لنأتي لملكيتها وهذا هو الأهم.
سننظر لقضية ملكية ارض مشروع الجزيرة من ثلاث منطلقات:
• اولاً/ من منطلق قوانين الأرض في السودان،
• وثانياً/ من منطلق تقارير اللجان التي حاولت ان تعالج مشكلة الأرض في مشروع الجزيرة بشكلٍ خاص،
• ثم ثالثاً وأخيراً/من خلال القوانين الخاصة بمشروع الجزيرة والخاصة بتنظيم العمل وبعلاقات الانتاج والشراكة فيه.
بخصوص قوانين الأرض، إن اول قانون خاص بالأراضي في السودان صدر في العام 1899، ووفقاً له تم ولأول مرة تسجيل الاراضي للأفراد، “بعد ذلك صدرت عدة قوانين بلغت ثلاثة عشر قانونا للأراضي أهمها: قانون ملكية الأراضي لسنة 1905 وقانون تسجيل الحجج لسنة 1907 ثم قانون تحديد الأراضي غير المشغولة ومساحتها لسنة 1922، ثم أخيرا قانون تسوية وتسجيل الأراضي لسنة 1925 والذي يعتبر أهم القوانين المتعلقة بتسجيل الأراضي والتعامل فيها. عملت جملة هذه القوانين على مسح الأراضي، وتسجيلها، ووضع الضوابط الخاصة بالتصرف في الأراضي سواء بالبيع أو الهبة أو الميراث أو غيرها، حيث اشترط التسجيل كشرط للتصرف في الأرض.” (إبراهيم علي إبراهيم، لجوانب القانونية لمشكلة الأراضي بمشروع الجزيرة، موقع الاقتصادي السودان www.sudaneseeconomist.com)
في العام 1927 صدر القانون المعروف بـــــــ”قانون اراضي الجزيرة للعام 1927″، ومن اهم ما جاء في هذا القانون هو موضوع ما عُرف بالإيجار القسري للأرض من الملاك، حيث نصت المادة (8) منه على:
“(1) يجب أن تستأجر الأرض التي تنزع بموجب أحكام هذا القانون في أول الأمر لفترة لا تزيد على أربعين سنة تحسب من اليوم الذي حصل فيه الإعلان الوارد في المادة 5، ومع ذلك يكون للحكومة الحق في أن تستأجر الأرض بصفة مؤقتة لأغراض تتعلق بالمشروع لأي مدة من السنوات تقل عن الأربعين سنة يقررها المحافظ.
(2) يكون للحكومة الحق في أي وقت خلال المدة التي تكون الأرض فيها أو خلال أي امتداد لتلك المدة بمقتضى أحكام المادة 15 أن تشتري أية أرض مضمنة في أي إعلان صدر بموجب أحكام المادة (5) إذا كانت الأرض مطلوبة أو قد تطلب لعمل أية تشييدات أو مبانٍ دائمة أو لتأسيس حقل تقاوي أو حقل أبحاث أو لغرض عام آخر يتعلق بالمشروع.
(3) يجوز للحكومة عند انقضاء مدة استئجار الأرض أو عند انقضاء أي امتداد لتلك المدة أن تخصص أية أرض تقع داخل المنطقة المروية ولم يتم شراؤها وفقاً لأحكام البند (2) لخدمة المشروع والصالح العام، لمالكي الأراضي التي تقع داخل المساحة المروية إذا كانت تلك الأرض مما لا يراد ريها بل هي مطلوبة أو قد تطلب لعمل التشييدات أو مباني دائمة أو لأي غرض آخر لازم للمشروع ويجوز للحكومة أن تعلن أن ملكية تلك الأراضي ستؤول للحكومة تبعاً لذلك ويتحمل التعويض عن تلك الأراضي جميع ملاك الأراضي الواقعة في المنطقة المذكورة بنسبة مساحة الأرض التي يملكها كل منهم”.
ففي مقارنة ذلك بما ورد في قانون مشروع الجزيرة لعام 2005، والذي ادى عملياً لتعقيد مشاكل ملكية الأرض، نجد، اي في قانون 2005 تهديداً غير مسبوق لمبدأ الملكية الخاصة. وهو ما يتناقض ومبدأ “الخصخصة” الذي يقول به النظام الحالي، والذي قصد به ان تؤول ملكية الأرض لمؤسسات الرأسمال الطفيلية المحلية والعالمية. وحيث ورد في المادة 16-1 منه:
16″ـ (1) تعتبر جميع الحواشات المخصصة للمزارعين بالمشـروع قبل صدور هذا القانون كما لو تم تمليكها بموجب أحكام هذا القانون”.
وذلك تمهيداً لتضمين النص الذي بموجبه يتم الاستيلاء على أرض المشروع من باب منح حق التصرف في الملكية، حيث جاء النص في المادة 17-1:
” التصرف في الحواشة:
17ـ (1) مع مراعاة أحكام البند (5) (ج) من المادة 16 يجوز للمزارع المالك التصرف في الحواشة بالبيع أو الرهن أو التنازل وفق الموجهات التي يضعها المجلس”.
وبالطبع، يجئ كل ذلك مقروناً بشروط التمويل المجحفة والظالمة من البنوك والمصارف الإسلامية، التي لا تجعل خياراً آخر للمالك غير ان يتنازل عن ملكيته تحت شرط الرهن!، “فلقد كان ان وصل سعر الفائدة التي طبقتها البنوك على قروض المزارعين في مشروع الجزيرة إلى 54%” !، (دراسات تحالف المزارعين، اورده صديق عبد الهادي، مشروع الجزيرة وبؤس الحركة الإسلامية، 2016 ص 136). وقد كان على العكس من ذلك تماماً ما تضمنه قانون 1927، وهو قانون المستعمر، حيث ورد في المادة 13 منه:
” بطلان بعض المعاملات:
13- (1) كل بيع أو نقل أو تحويل أو أي تصرف آخر في المحصول المزروع أو الذي قصدت زراعته على الأرض المضمنة في إجارة زراعية أو في إيراد ذلك المحصول وكل رهن أو حق ينشئه المزارع و المستأجر باعتبار أنه مضمون أو يراد ضمانه بالمحصول المذكور أو بإيراده يكون باطلاً بطلاناً مطلقاُ ولا أثر له إذا حصل أو أنشئ بدون موافقة الحكومة كتابة.
(2) كل تعاقد يكون المزارع المستأجر طرفاً فيه ويكون بمقتضاه ملزماً أو يمكن أن يكون ملزماً بدفع أي مبلغ من المال يحسب بالإسناد الصريح أو الضمني إلى قيمة أي محصول مزروع أو يراد زرعه على الأرض المضمنة في إجارة زراعية يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً ولا أثر له إذا أبرم ذلك العقد بدون موفقة الحكومة كتابة”.
ويتضح من النص ان في ذلك ليس منع للمرابين من السطو على جهد المزارعين وحسب وانما فيه صيانة وحفاظ على ملكية الأرض ضمناً. بل والاكثر من ذلك ان قانون 1927 وضع الضمانات لبقاء ملكية الأرض، اي الحواشة، داخل الاسرة الواحدة، وهو ما نصت عليه المادة (16) منه.
ومن جهة ثانية ولخصوصية حالة ملكية الأرض في مشروع الجزيرة، جاء استثناءٌ خاصٌ في “قانون نزع ملكية الأراضي لسنة 1930″، حيث نصت المادة (32) على الآتي:
“لا يفسر هذا القانون على انه يغير او يعدل احكام قانون ارض الجزيرة لسنة 1927 فيما يتعلق بنزع ملكية الأرض بموجب أحكام هذا القانون”.
هذا هو الارث القانوني المتعلق بملكية الأرض في مشروع الجزيرة، والذي نرى أنه ليس من العقل ولا من العدل بمكان إسقاطه جملة وتفصيلاً.
ومن منطلق تقارير اللجان التي تناولت البحث في قضايا المشروع بشكل عام، نستخلص وقوفها عند مسالة ملكية الأرض كإحدى اهم المسائل. ومن أبرز اللجان هي"
1. لجنة البنك الدولي، والمعروفة رسمياً باسم “بعثة دراسة الجزيرة”، “Gezira Study Mission” ، ولكنها في ادب الاقتصاد السياسي لمشروع الجزيرة فقد اندرجت وعُرِفت بـ”لجنة ريتس”. انتبهت هذه اللجنة لمشكلة الأرض وإيجارها في المشروع، وجاء تنبيهها حول ذلك الامر مبكراً، اي في اكتوبر 1966. رأت اللجنة بان يتم تجديد عقد إيجار الأرض لمدة اربعين عاماً أخرى. وورد في تقريرها ما نصه:
“The mission suggests that since, in a number of cases, this period has now elapsed, it would be wise for the government to take action to officially renew the lease for another period of say, 40 years, in order to avoid any confusion or future contestations”(Report P. 58)
وترجمته المباشرة هي،
“تقترح البعثة، وطالما ان هناك عدة حالات، لانتهاء هذه المدة، بانه من الأعقل للحكومة ان تتخذ خطوة رسمية لتجديد الإيجار لمدة 40 سنة أخرى، وذلك تجنباً لأي تعقيداتٍ او مواجهاتٍ مستقبلية” (تقرير البعثة ص 58).
والان، يحدث بالضبط ما نبهت اليه تلك البعثة او اللجنة. لأنه وبعدم قيام الحكومة آنذاك، والحكومات التي اعقبتها، بخطوة تجديد عقد الايجار مع الملاك كان ان اضعفت الثقة بينها والملاك، مما اضطرَّ بعد ذلك كل الحكومات لمحاولة معالجة المشكلة بطرقٍ اصبحت تهدد حق الملكية للأرض! وقد جاءت الترجمة الحقيقية لذلك منعكسة في صدور قانون 2005!.
2. أما اللجنة المهمة الثانية، فهي اللجنة التي تتبع لوزارة الزراعة والغابات، والمعروفة بـ “لجنة معالجة أيجار أراضي مشروع الجزيرة”. وهي من أكثر اللجان التي خاطبت جذر المشاكل المتعلقة بملكية الأرض في الجزيرة. وذلك لأنها اطلعت على عمل جملة لجان، تصدت من قبل وبالتحديد لمشاكل الأرض وايجارها في المشروع، وذلك مثل “لجنة مراجعة فئة الايجار للأراضي المؤجرة من قبل الدولة بمشروع الجزيرة، مايو 1991″، و “لجنة إعادة النظر ومراجعة فئة الإيجار للأراضي المؤجرة من قبل الدولة بمشروع الجزيرة، ديسمبر 1999″، وكذلك “مذكرة رئيس الإدارة القانونية بمشروع الجزيرة حول أراضي الملك الحر داخل مشروع الجزيرة، 15 سبتمبر 2002”. وقد كانت اهم توصية تقدمت بها، هي “6. ضرورة الحفاظ على وحدة اراضي المشروع وذلك للأهمية الاستراتيجية للمشروع كوحدة بكل ابعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”.(تقرير اللجنة ص 6). كما وأنها، أي نفس اللجنة، تبنت نزع الأراضي على ضوء قانو نزع الاراضي لعام 1930، وذلك بعد أن يتم الغاء المادة (32) من ذلك القانون، والخاصة باستثناء اراضي مشروع الجزيرة.
3. إن آخر لجنة تصدت لقضية الأرض في مشروع الجزيرة هي لجنة “مراجعة الأداء بمشروع الجزيرة”، تحت رئاسة د. تاج السر مصطفى. تبنت هذه اللجنة ما جاء به قانون 2005 حول الأراضي في مشروع الجزيرة. لا غرو، فرئيس هذه اللجنة كان رئيساً للجنة تكونت في عام 1998 وكان ان تقدمت بتوصية شهيرة لخصخصة مشروع الجزيرة. شكل تقرير تلك اللجنة الأرضية الصلبة التي انبنى عليها تقرير لجنة البنك الدولي والمعروف بـ ”السودان وخيارات التنمية المستدامة في مشروع الجزيرة،27اكتوبر 2000″، (Sudan, Options for the Sustainable Development of the Gezira Scheme, October 27, 2000) ، والذي على ضوئه صدر قانون 2005.وهو القانون، الذي وفي تصديه ومعالجته لقضية الأرض في مشروع الجزيرة فتح الباب علي اسوأ الاحتمالات، والتي تتمثل في أن تؤول ملكية الأرض في مشروع الجزيرة للرأسمال والمؤسسات المشبوهة، ليست المحلية لوحدها وانما العالمية العابرة للأمم.
هناك ملاحظة مهمة حول ملكية الأرض في مشروع الجزيرة لابد من إدراجها. إن نسبة امتلاك الأرض بين النساء في السودان تصل في متوسطها إلى 13%، (عواطف عقيد، ملكية الأرض وختان البنات من أبرز مشاكل المرأة في السودان، عرض مونيكا هوغن، موقع قنطرة، 03/03/2005). إن تدني نسبة ملكية النساء للأرض يمثل ظاهرة عامة في البلدان المتخلفة خاصة في افريقيا. ففي مشروع الجزيرة يوجد 17,500 مزارعة من جملة 125 ألف مزارع، أي بنسبة تصل الى 14%. قد لا يكون هناك فرق كبير في النسبة، ولكن الاختلاف النوعي يأتي من جوانب أخرى مهمة، وهي اولاً أن هؤلاء النساء يعتبرن عضوات في أكبر نقابة وتنظيم ديمقراطي في السودان، اي في اتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل، ثم ثانياً ليس فقط باعتبار الدور الذي لعبه الاتحاد وانما باعتبار الدور الذي قام به مشروع الجزيرة في دفع مسيرة الاقتصاد السودان لعقود، وكن النساء كمالكات للأرض منتجات وفاعلات في صياغة ذلك الدور.
خلاصات الورقة:
1- ملكية الأرض في عموم السودان تمثل عاملاً اساساً في تأجيج الصراع الاجتماعي وفي نشوب الحروب، وبالتالي عاملاً في عدم الاستقرار، مما يهدد الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للسودان، بل ووجوده ككيان ودولة.
2- إن قضية الأرض في مشروع الجزيرة والمناقل، إن كان إيجارها او ملكيتها، تمثل مهدداً حقيقياً، وبذات المستوى المذكور عاليه، فهي تحتاج لمعالجة عاجلة وجادة.
اقتراحات في سبيل المعالجة:
1- الاتفاق حول مبدأ ان المشروع يمثل وحدة اقتصادية واجتماعية وتنموية واحدة، وغير قابلة للتجزئة.
2- مطالب ملاك الأراضي هي مطالب مشروعة، يجب مواجهتها بكل صدق دونما تذاكي وتحايل من قبل الدولة.
3- ان تقوم الدولة بدورها كمالكة وراعية للمشروع، والبعد عن تسييس قضاياه وعدم تجييرها في خدمة اجندة الدولة السياسية
4- الإشراك الحقيقي للمزارعين، ملاك وغير ملاك، في أيجاد الحلول لقضايا الأرض، وذلك عبر ممثليهم الحقيقيين الذين يتم اختيارهم ديمقراطياً.
الخاتمة :
إن المعالجات التي تمت بخصوص مشاكل ملكية الأرض في مشروع الجزيرة حتى الآن، وإلى حدٍ كبير، لم تكن في مستوى الخطورة التي تشكلها هذه القضية. إن مشاكل ملكية الأرض في الجزيرة تمثل، ودونما تضخيم، قنبلة موقوتة تهدد ليس الجانب الاقتصادي للمشروع لوحده، وانما تهدد وجود التماسك والتساكن الاجتماعي، وفي نهاية المطاف تهدد كذلك وجود الانسان في هذه المنطقة، التي يرجع تاريخ السلام الاجتماعي فيها إلى القرن الخامس عشر، اي إلى ما قبل بدايات الظهور الأول لدولة الفونج
++++++.
صديق عبد الهادي.
الفاضل البشير
مشاركات: 435
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:56 pm

مشاركة بواسطة الفاضل البشير »

من https://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2 ... 1280568461

بقلم/ آدم جمال أحمد – سدنى


تبدو ملكية الأرض ذات أهمية قصوى ، وسبب مباشر فى إنفجار النزاع والصراع فى جبال النوبة ، والتى تتمثل فى إنتهاك الزراعة الآلية لحرمة الملكيات الصغيرة من الأراضى فى المنطقة ، مما أدى ذلك الى إحداث تأثير بليغ على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للتركيبة السكانية للنوبة ، والتى قادت فى نهاية المطاف الى تحطيم وتدمير أواصر التعايش السلمى ما بين النوبة وقبائل عرب البقارة.

لقد أنشئت الزراعة الآلية عام ١۹٦٨ م بتمويل من البنك الدولى ، للإشراف على نشر الزراعة بمناطق عديدة من السودان ، ولم تشذ عن ذلك إمتداداتها الواسعة النطاق لمشاريعها فى منطقة هبيلا شمال الدلنج منذ أواخر العقد السادس من القرن العشرين ، وإمتداداتها فى أم لوبيا – البيضاء – كركندى – القردود – الفوس – كركراية – كرتالا ...إلخ ، وقد قارب عددها ( 650 ) مشروعاً ، يبلغ متوسط مساحة الواحد منها حوالى ( 422 ) هكتار أى ( ألف فدان ) .. تم التصديق بها على أثر نزع هذه الأراضى من أصحابها ، فلم تراع فى توزيعها أدنى أى معايير للعدالة ، كما أنها لم تساهم بأى قدر يذكر فى تنمية المنطقة ، بل أن كل عائداتها يتم تحويله الى خارج نطاق المنطقة ، حتى أن مؤسسة تنمية جبال النوبة التى أنشئت فى عام ١۹۷۰ م ، للمساهمة بشكل مباشر فى تطوير القدرة الآجتماعية لطرق زراعة النوبة التقليدية ، لم تخصص إلا ( 37% ) من مساحة الأرض وخدماتها الى قبائل النوبة ، وخصصت ما يقارب اﻠ ( 45 % ) منها للقبائل العربية ، و ( 18 % ) الباقية تقاسمتها قبائل الفلاتة والهوسا والبرقو الوافدة الى منطقة جبال النوبة من غرب السودان.

توجد حوالى ( 200 ) مشروعاً للزراعة الآلية تمت مراجعتها بمنطقة هبيلا ، والتى أنشئت بتمويل من البنك الدولى ويدعمها البنك الزراعى التابع للدولة ، ولقد منحت الحكومة عقود إيجار أربع مشاريع تعاونية محلية ، وأربع مشاريع لتجار محليين .. ومنح مشروع إيجار واحد لمجموعة من تجار هبيلا ، أما البقية والتى تبلغ ( 191 ) مشروعاً لقد منحت لأفراد من غير أهل منطقة جبال النوبة ، معظمهم من تجار وموظفون حكوميون وجنرالات متقاعدون من القوات النظامية من شمال السودان والجزيرة.



ولا بد من توضيح الحقائق للقارئ ومواطنى جبال النوبة والمهتمين بالشأن النوبى ، حتى نستطيع أن نقف على الحقيقة الغائبة ، بأن للزراعة الآلية فى سلب أراضى النوبة سببان هما:



١- هناك مشاريع التى تخططها الحكومة وتمنحها من الخرطوم عن طريق وزارة الزراعة ، ودون وضع أى إعتبار لحقيقة الوضع فى المنطقة ، تمنح الأرض لبعض الأشخاص الذين هم بصورة عامة جنرالات متقاعدون أو موظفون فى الخدمة المدنية أو تجار أثرياء من شمال السودان ، كما تمنح لجلابة محليين ظلوا يقيمون فى المنطقة لفترة طويلة تمكنوا فيها من جمع ثروات كبيرة ، ولهؤلاء علاقة وثيقة بالخرطوم وبدوائر الحكومة المركزية ، بحكم أنهم أصلاً من الشمال ، ولقد حاز هؤلاء أراضى لأنفسهم ، ثم أوعوزوا الى ذويهم بأنهم أيضاً يستطيعون الحصول على حيازة أراضى من خلال وزارة الزراعة ، وهكذا تحالفوا من أجل الحصول على مزيد من الأراضى ، ولأن النوبة لا يملكون شيئاً ولا حتى نفوذاً سياسياً لهم فى مجالات إتخاذ القرارات ، وكذلك ليس بينهم سوى نفر قليل من ذوى الصلة بمجال توزيع الأراضى ، أما الحكومة فإنها تقوم برسم الحدود بين المشاريع دون إعتبار لواقع المنطقة ، وحتى السلطات الحكومية لا تضع أى إعتبار إذا كانت هناك قرى على هذه الأراضى أم لا ... مما جعلت الزراعة الآلية فى منطقة هبيلا أحاطت بالعديد من القرى ، ولم تبقى هناك أرض للنوبة .. لا أرض للزراعة ولا للرعى ، ولقد أطبق الخناق على النوبة ، وصار عليهم أن يختاروا إحدى الخيارين أما أن يتركوا المنطقة ويذهبوا للعمل فى الحكومة كجنود ، أو يصيروا عمالاً زراعيين فى مشاريع الزراعة الآلية.

٢- هناك الحيازة غير المخططة ( العشوائية ) للأرض ، إذ تجد شخصاً متنفذاً وثرياً أتى لتوه وأزال الأعشاب عن قطعة أرض يملكها أهل المنطقة بصورة جماعية ، وبحكم أن الوافد الجديد مسنود فإنه يزيل الأعشاب ويحضر جراراته وعماله ويبدأ فى الزراعة ، وإذا إعترضته أى مقاومة فإنه يذهب للسلطات محتجاً ومطالباً بتوفير الحماية له ، ولأنه يستطيع رشوة السلطات فيمكنه أن يدفع ثم يفعل ما يشاء ، ومن لم يفعل ذلك يكون له صديق من السياسيين أو آخر من ضباط الجيش يملك من السطوة ما يجعله يرسل أوامره لكى يحصل صديقه على الأرض ، وهناك طرق أخرى للحصول على الأرض مثلاً أن تحرق قرية ما ويجبر سكانها على الذهاب الى مكان آخر.

فليس هناك أى خطة أو نية من الحكومة للإحتفاظ ببعض الأراضى للنوبة ، فالأرض إما أن تمنح للعرب الرحل بغرض الرعى ، أو يستولى عليها الإقطاعيون الأثرياء من الشمال ، ولا يبقى للنوبة سوى الكفاح ضد هذه التصرفات أو البحث عن وسيلة لحماية أنفسهم ، وبالفعل لقد بدأوا فى بناء منظماتهم السياسية وإحياء منظماتهم القديمة .



وسوف نقوم بذكر بعض من النماذج الإستفزازية الصارخة الجديرة بالتسجيل منها:



♦ فى عام ١۹۷٨ م تم سجن المك حسين الأحيمر من منطقة ريفى دلامى ، وذلك لرفضه مصادرة أراضى المواطنين لصالح مشاريع الزراعة الالية المملوكة لتجار الجلابة.

♦ ما حدث لقرية ( فايو ) فى منطقة ريفى دلامى فى عام ١۹٨١ م حينما تم محاصرتها بمشاريع الزراعة الآلية من جميع الجهات عائدة لأحد تجار الجلابة ، الذى لم يكلف نفسه بزيارة المنطقة حتى ولو مرة واحدة ، وبنهاية عام ١۹٨٤ م كانت كل أراضى القرية تحت سيطرته ، وعند إحتجاج الأهالى تم إستخدام قوة القانون والشرطة لإبعادهم عن نطاق المشاريع الزراعية لقد تضافرت عوامل أخرى ساعدت على زيادة حدة التوتر والإستقطاب فى المنطقة ، من أهمها هو تقلص منسوب الأمطار فى غرب السودان منذ العام ١۹٦۷ م الى أقل من نصف معدله السنوى ، ونتيجة لذلك نزح الى المنطقة رعاة من القبائل العربية من غير سكانها ، بحثاً عن مكان إقامة لفترة طويلة الأمد أو دائمة فى منطقة جبال النوبة المطيرة ذات الأراضى الخصبة ، ولكن بإستمرار الجفاف فى أوائل الثمانيات صاحبتها زيادة كبيرة فى أعداد السكان والحيوانات فى المنطقة ، وكانت أيضاً أحد الأسباب الرئيسية للنزاع.

ولكن لقد تسارعت الأحداث بتأسيس الجلابة أصحاب مشاريع الزراعة اآلية والبقارة الرعاة حلفاً مؤقتاً يستند الى قوة السلاح ، والتى كانت ممثلة فى ( مليشيات المراحيل والفرسان ) التى إندمجت فيما بعد لتكون ( كتائب الدفاع الشعبى ) لتشريد سكان المنطقة والإستيلاء على أرضهم ، فلذلك أن من أخطر إفرازات الحرب الأهلية فى منطقة جبال النوبة هو هيمنة قيادات المليشيات الميدانية على المجالس الإدارية وسيطرتها على إنتخابات المؤسسات السياسية والتشريعية ( المحلية والإقليمية والقومية ) ، لقد كانت هذه التغيرات نقطة تحول أخرى فى سلسلة إختلال ميزان القوى بين قبائل النوبة وعرب البقارة ، والتى حدثت تحت تأثير قانون الحكم الشعبى المحلى الصادر عام ١۹۷١ م ، وإعادة بناء الهياكل الإدارية فى المنطقة وتأسيس وحدات الإتحاد الإشتراكى خلال حقبة حكم الرئيس الأسبق جعفر نميرى ( ١۹٦- ١۹٨٥ م ) ، وهى نقطة التحول الأخرى التى تمكنت فيها القبائل العربية فى المنطقة لأول مرة من ترجمة وجودها الى وحدات إدارية معترف بها من قبل السلطات المركزية ، وتنظيم نفسها سياسياً فى المنطقة بشكل رسمى.

طفت بوادر هذا الصراع والذى جاهدت الحكومة بأن لا يسفر عن وجهه كاملاً الى السطح ، وذلك عندما أعلنت حكومة ولاية كردفان فى الربع الأول من العام ١۹۹۲ م عن كشف تلاعبات وتجاوزات خطيرة فى تصديقات أراضى الزراعة الآلية بجنوب كردفان ، وقد قامت بنزع ( ۷١٢ ) مشروعاً زراعياً فى مناطق كرتالا وهبيلا الجديدة والقديمة والبيضاء ورشاد وأبوجبيهة ، بحجة أن بعضها كان ممنوحاً لأطفال ، وأن بعضه تم بيعه أو تأجيره من الباطن مخالفة للقوانين ، غير أن مصادر الجلابة تؤكد أن ما تم كان بغرض إعادة توزيعها لقيادات المليشيات ومشائخ قبائل البقارة ، مكافأة لهم لمشاركتهم فى عمليات دحر ( التمرد ) عن المنطقة ، وهى محاولة مكشوفة من الحكومة لخلق قواعد موالية لها فى المنطقة ، وبعض الدلائل تشير بوضوح الى أن مجموعات الجلابة الأقوياء ذوى النفوذ السياسى والاقتصادى الكبير فى مركز السلطة ، سيتخدمون قبائل البقارة لضمان تحقيق أهدافهم ثم يحرمونهم لاحقاً من السيطرة على أجود الأراضى.

فالسلام بالنسبة للنوبة يتعلق بالأرض والمحافظة عليها ، وهذا يوضح أن أفضل حارس للأرض هم السكان الأصليون أنفسهم ، وليست المجموعة الصفوية التى إكتسبت وسيطرت عبى مساحات واسعة من الأراضى عبر المحاباة السياسية ، مما أدى الى إجبار مزارعو النوبة على التحول الى عمال زراعيين بلا أرض فى المشاريع الزراعية الكبيرة ، والتى تنتهك الحقوق الإنسانية والإقتصادية والأرض الخصبة التى تعتمد عليها البلاد.

إن إستغلال الزراعة الآلية لقد أدى الى تدمير التربة الهشة العالية الخصوبة فى جنوب كردفان ، ولقد إستمر ذلك لوقت طويل بواسطة ملاك غائبين ، وبعض الهيئات الدولية التى تلعب دور الشريك فى الجرم ، وذلك من خلال مضاعفة الأرباح ، بينما تتصاعد الكارثة البيئية ، والتى تحتاج لوقفة من الحكومة الولائية بجنوب كردفان وبممارسة ضغوط على المركز بتوقف هذا العبث الذى يضيف من عملية وقود النزاع ، ويجب أن يكون هناك إحترام لخبرة المزارعيين المحليين حيث إن من الغالب الأعم أن تؤدى تقنياتهم الى تنمية زراعية مستدامة ، والتى تتطلب الى إتخاذ قرار شجاع بإنتزاع كل هذه المشاريع وإعادة النظر فيها بإرجاعها لملاكها وأصحابها الحقيقيين من أبناء المنطقة الذين ورثوها كابر عن جد ، ولكن لجهلهم وعدم درايتهم بالإجراءات والمسوحات والتخطيط وإستخراج الأوراق الثبوتية منذ فترة الحكم الإنجليزى ، أدت الى إستغلالهم من قبل الدولة وأصحاب النفوذ والسلطة والمال ، ولا بد من تجميد فورى لكل التسجيلات التى تمت ، وإقرار قانون بأعراف الأراضى وبالطبيعة العادلة للحقوق العرفية الخاصة بالأرض من خلال الآتى:



١- إنشاء لجنة أراضى للتحقيق وإصدار توصيات تضمين أعراف الأرض فى تشريعات الأراضى.

٢- مراجعة تسجيلات ما بعد ١۹٨۹م فى المناطق الريفية بغرض تحديد التسجيلات المشروعة وغير المشروعة ، وفى حالة النزاع حول الملكية فإن الإفتراض ينبغى ان يكون التسجيل غير شرعى ويقع عبء إثبات العكس على المالك الجديد.

۳- إعادة توزيع الأراضى التى تم الإستيلاء عليها بشكل غير مشروع بعد حقبة ١۹٨۹ م.

٤- وضع سياسة تتعلق بحقوق أراضى المرعى.

٥- المساواة بين النساء والرجال فى حقوق الأراضى.



سدنى – استراليا ٢٥ يوليو ٢۰١۰ م
الفاضل البشير
مشاركات: 435
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:56 pm

مشاركة بواسطة الفاضل البشير »

[][align=left]What does land mean to Aboriginal people?
Non-Indigenous people and land owners might consider land as something they own, a commodity to be bought and sold, an asset to make profit from, but also a means to make a living off it or simply ‘home’. They ‘develop’ land, as if it was unfinished or raw.
For Aboriginal people the relationship is much deeper. Palyku woman Ambelin Kwaymullina explains:
“For Aboriginal peoples, country is much more than a place. Rock, tree, river, hill, animal, human – all were formed of the same substance by the Ancestors who continue to live in land, water, sky. Country is filled with relations speaking language and following Law, no matter whether the shape of that relation is human, rock, crow, wattle. Country is loved, needed, and cared for, and country loves, needs, and cares for her peoples in turn. Country is family, culture, identity. Country is self.” ]
They have a profound spiritual connection to land. Aboriginal law and spirituality are intertwined with the land, the people and creation, and this forms their culture and sovereignty.
The health of land and water is central to their culture. Land is their mother, is steeped in their culture, but also gives them the responsibility to care for it. They “feel the pain of the shapes of life in country as pain to the self”.




Aboriginal elder: “The land owns us
أضف رد جديد