المطربة فاطمة الحاج ( 1915 – 1964)

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

المطربة فاطمة الحاج ( 1915 – 1964)

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

المطربة فاطمة الحاج ( 1915 – 1964)

مستحيل صد معرفتنا بك سيدتي ، لأننا نحبك للعطاء الثري الذي زينتِ به أغانينا في مواضي الأيام. مضى العمر كله بأحزانه وأفراحه ، ويتذكرك البعض وينساك كثيرون ، وكثير من تاريخنا الحافل بالبطولات التي صنعها بعض أبناء وبنات السودان ، لم يزل مختفياً تحت رماد نيران التاريخ الذي لا تنطفئ . تنطفئ نار لتقوم أخرى في مكان آخر، والجميع في حضور الغياب واجمون عند مصائب الدهر الذي لا تنقضي عجائبه .

(1)

لا أحد يتعرف على ريادة المعلم الكبير "بابكر بدري"، إلا من يقرأ مذكراته ، ففيها الكثير من الصدق الذي أورثه سلالته . قرأ الشيخ "البدوي "كراسات " بابكر بدري ، فأشعل فيها النار لأنه خاف على المعلم الكبير الفتنة ، فأعاد المعلم تسجيل مذكراته من جديد ،وندم على إرسالها للشيخ" البدوي". نهض هو من رماد " توشكي " التي ذهب إليها مع حملة ود النجومي ، خالية الوفاض من العُدة والعتاد ومئونة السفر ، وكانت الحملة الجهادية تلك وبالاً على قرى الشمال قبل أن تنتحر عند مصر المؤمنة !.
عاد "بابكر بدري" إلى الوطن بعد أن عاش سُخرة الإذلال في أرياف مصر، ووجد " الجهاديون " في زمن خليفة المهدي : صورة طبق الأصل من مُقبل جهاديي الإنقاذ . يضعون " التمباك " على جولات " الصمغ " ليصادروها لبيت المال ، أو تدفع لهم " المعلوم "!
عام 1907 افتتح في بيته مدرسة ابتدائية للبنات في رفاعة ، في وقت كان تعليم المرأة ينظره المجتمع على أنه الفجور ، فبدأ ببناته ليصمت أصحاب الأغراض. تلقفت الأُسر الأمر من بعد خوف من التعليم ومن ثمة النظر للمستقبل بذهن مفتوح ، بعد أن شاع منهاج البرجماتية أسلوباً جديداً قدم مع المستعمر، وانمحى جهاد الدين الذي دمر السودان بدل بنائه. فأصبحت رائدتنا " فاطمة الحاج " إحدى بنات العوائل السودانية ، التي وقفت مع " بابكر بدري " ملك التنوير ،من أجل تعليم المرأة.
كانت ولم تزل "رفاعة " هي موطن المعلمين والمعلمات .وطن يتقن الجدات فيه اللغة الإنكليزية ، إضافة لعلوم الحساب واللغة العربية . بون شاسع ما بين علوم" الخلاوي " وعلوم المدارس الابتدائية . وهي أيضاً وطن " محمد عثمان عبد الرحيم "و" الشيخ " حياتي " المادح ، وأسرة أبو سن والمسرحية النابهة " فائزة عمسيب ".
قدمت " فاطمة الحاج " من قرية " سفيتة تيراب " قرب " رفاعة " . وعلى الضفة الأخرى للنيل كانت " أربجي " أرض الحضارات القديمة والحروب. و هناك في مطلع عشرينات القرن الماضي ، التحقت بمدرسة " بابكر بدري" . إذن هي من " أرض المحنة في قلب الجزيرة ". نشأت في أسرة الحاج. والدها أصوله من شمال السودان ، ووالدتها من منطقة " الحلاويين" .

(2)

قدِمت " فاطمة الحاج " لأم درمان ، وكانت مسئولة الأناشيد المدرسية وفي سنة 1943م اكتشفها الموسيقار الراحل وعازف الكمان "بدر التهامي" عندما كان في رحلة فنية بمدينة "رفاعة" مع الفنان الشامل " إبراهيم الكاشف". وأتاح لها الفرصة لتغنى في نفس الحفل مع "إبراهيم الكاشف". سمعها الشاعر " عمر البنا " فسافر لقريتها ، والتقى أهلها ، وشرح لهم الموهبة الغنائية لفاطمة. وفي حفل زفاف بأم درمان عام 1949م كان يغني فيه المغني والشاعر "عوض جبريل" وكان يعزف له العود الفنان "الفاتح حاج سعد"، التقت فاطمة بعوض جبريل وغنت في هذا الحفل مع الفاتح حاج سعد أغنيات من الحقيبة ومن هنا بدا التعاون بينهما وغنت أول أغنياتها (لي حبيب شاغل بالي دائما محطم أمالي) كلمات "عوض جبريل"، والحان" أحمد زاهر" وأغنية (هل استحق صدك لاني حبيتك) . بدأت " فاطمة الحاج " بالإذاعة السودانية " وتعرف عليها أساطين الشعر والغناء والألحان . وتغنت بأغنية " زهر المواسم " ، كلمات الشاعر" حسين محمد حسن" وألحان " عبد الحميد يوسف " . وكانت أيقونة كاملة المُحيّا .

(3)

يقول الدكتور " محمد عجاج " إن صوت المطربة " فاطمة الحاج " هو من فصائل السوبرانو . ولها قدرة متمكنة في تطويع صوتها خلال الصعود والهبوط . لها قوة في الصوت ودربة في تطويعه، خاصة عند بلوغها الختام ،رغم أن زمانها لم يجد بالتدريب المناسب ، ولكنها كانت تسكن في " حي البوستة " بأم درمان ، وفي زمانها كانت السينما وسيلة للمعرفة . كانت تدخل دار سينما " برمبل بيه " أو " السينما الوطنية ". ولدار السينما أثر عميق في نقل الثقافة . وتأثرت بالموسيقى الشرقية من مشاهدتها للأفلام وسماعها " أم كلثوم " و " ليلى مراد" و " أسمهان " . ويقول دكتور " محمد عجاج " أن صوتها كان الأقرب " لأسمهان ".
يمكننا أن نحسبها ميسورة الحال بمقاييس زمانها . كانت معتدلة الجمال، ينقسم شَعرها بمسيرتين ، والشلوخ بادية على خديها ، وعادة " دق الشفاه " جزء من أساليب المجتمع لطمر الشهوات الطبيعية باسم الجمال ، رغم قساوتها في ذاك الزمان . كانت تتزين بأسورة ذهبية في أذرعتها ، وترتدي الثوب السوداني .

سبقنها للغناء والطرب الرائدات : " ست الحسن الشايقية " و " مهلة العبادية " و " فاطمة خميس " و " عائشة الفلاتية " و " رحمة مكي " . وهؤلاء جميعاً بدأن بأغاني " البنات" في مواسم الأفراح ، قبل امتهانهنَّ لفن الغناء ، ولكنها الوحيدة التي بدأت بالإذاعة السودانية.

(4)

ويعترف الشاعر عوض جبريل بأن المطربة " فاطمة الحاج" هي التي وضعته كشاعر غنائي في قائمة الشعراء الكبار أمثال "سيد عبد العزيز" و"إبراهيم العبادي" و"عبيد عبد الرحمن "و" محمد بشيرعتيق" و"عبد الرحمن الريّح" .
غنت مع المطرب" عثمان الشفيع" أغنية "محمد عوض الكريم" القرشي (حبيتو ما حباني) وقد أبدعت فاطمة الحاج في أداءها .

(5)

من أغانيها :
حبيب الروح – لي حبيب شاغل بالي – نسيم الصباح – قماري الريد – لاقيتو باسم – لوتسأل عني – قاسي الغرام – وردة – خياله مسهرني – حبي الواحد – حبيبي راح – في قلبي سهام – زهر الخميل – كيف حالك – أستحق صدك.
وهب لها الشاعر" عوض جبريل " الكثير من الأغنيات ، وبعضها من ألحانه أو ألحان غيره .
سجلت للإذاعة السودانية (29) أغنية ، وجميعها كانت مسجلة في اسطوانات فحمية ، وعند تحويلها لشراط التسجيل ، لم يتم الحفظ الدقيق ، فاندثرت الكثير من الأغنيات لفاطمة الحاج وكذلك اختفت كمية هائلة من الأغنيات والحوارات التوثيقية، للكثير من المطربين والمطربات.
كان يرافقها في الغناء كوس نسائي : " أمونة ، ودلقونة والرضية " .
من الشعراء الذين تغنت لهم : ، " عوض جبريل " " حسين محمد حسن " و" عمر البنا" و" إسماعيل خورشيد" و " بشير محسن " .
من الملحنين الذين صدحت بألحانهم : "عبد الحميد يوسف" و " عوض جبريل " و" علاء الدين حمزة " و" التاج مصطفى " و " أحمد زاهر" و " أحمد مرجان " و " سيف عبد القادر " و " يوسف الشيخ " وغيرهم.





عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »


لاقيتو باسم زهر المواسم


أهدي هذا المقال للصديق ، عالي المقام : " عبد الله بشير بولا " عله يسمع الأغنية بهمته العالية ، منذ السبعينات كانت أغنيته المحببة . ومنذ ذلك التاريخ ، نبهنا لرواد فن الغناء في السودان ، وجعلنا ننظر إليهم نظرة جديدة لأنهم من رواد الحداثة في زمنهم القديم . تحدوا قيود المجتمع وأغلاله الاجتماعية الثقيلة على النفس .
من هنا نقف وقفة إجلال وتقدير لرواد فن الغناء والموسيقى ، الذين حملوا الراية من رواد ما اصطلح على تسميتهم بشعراء وملحنين ومطربي " حقيبة الفن " .

*
]
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

بكامل إعزازنا بأسرة الفنان الشامل : عبدالله بولا، يسعدني أن يكون هذا المقال
وقفاً وامتناناً لما قدمته أسرته الصغيرة ، الكبيرة في ميزان الإنسانية ، ونخُص الأستاذة " نجاة محمد على " ونُشيد بإسهامها المتصل لتظهر كنوز "الدكتور عبدالله بولا" ، ومخطوطاته الثقافية كرائد من رواد الحداثة . تعلمنا ولم نزل نتعلم من نهج مدرسته المُتفردة ، الطموحة ، ليصبح الحداثيين أعلام الريادة والثقافة والإبداع ، داخل وخارج الوطن المُثقل بالجراح ، لاسيما بعد أن هيمنت " المهدية تو " على المشهد السوداني . أباحت الكثير من كنوز الوطن للأجلاف ووضيعي الأغراض والأهداف .
بهذا نُثمّن على مجهود الدكتور " عبدالله بولا" : في فن الرسم ، وفي مساهمته منذ أن كان في كلية الفنون ومُعلماً في حنتوب الثانوية ، وتكوينه أجنحة ثقافية تتحدث بآمال خارج نطاق المحدود . منها الشفهي ، ومنها الذي دونه صاحبه في مدوّنة " سودان فور أول " ومنها ما ساهم في تدوينه على مر عصوره الثرية المتنوعة .

*
صورة العضو الرمزية
إبراهيم جعفر
مشاركات: 1948
اشترك في: الاثنين نوفمبر 20, 2006 9:34 am

مشاركة بواسطة إبراهيم جعفر »

شكراً يا عبد الله [بيكاسو] الشقليني على الكتابة الوفية عن الفنانة السودانية الكبيرة فاطمة الحاج. لي تصحيح صغير هو إنو أغنية "حبي الواحد" هي لرائدة مهلة العبادية وليس فاطمة الحاج. نعم هنالك موقع على الشبكة الإلكترونية الدولية ("الإنترنيت") أورد تلك الأغنية ضمن قسمه الخاص بالمطربة فاطمة الحاج، لكم ذلك، كما أعلم، خطأ ينبغي على ذلك الموقع (https://www.abdwap2.com/singer/1826-fa6 ... songs.html) تصحيحه.

ولك الود يا سيدي...
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

ألف شكر بيكاسو على اللمسة اللطيفة
تجد في هذا الرابط أغنية فاطمة الحاج "مع الصباح"، أو "زهر الخميل".


https://soundcloud.com/noon-omdurman/fa ... 3a-alsaba7

هذه الأغنية سمعتها لأول مرة وأنا في الرابعة من عمري وكنت في بيت عمي. أقول إنني كنت في الرابعة من عمري، لأنني في تلك اللحظة التي سمعت فيها الأغنية وأدهشني لحنها، كنت في زيارة من زياراتي شبه اليومية لبنت عمي الشابة وكانت لا تزال في بيت أهلها قبل زواجها وأنا طفلة في الخامسة.
لم أسمع الأغنية بعد تلك اللحظة ولكن لحنها ظلّ عالقا بذهني وتلاشت كلماتها إلا من عبارة "وردة بيضا ووردة حمرا".
في عام 1983 انبعثت الأغنية من تسجيل قديم وأنا في بيت أصدقائي صلاح عبد الرحمن وسارة الفحيل. وصلاح، إلى جانب دراسته للغة الفرنسية، موسيقي وعازف ماهر على الأوكورديون ومكتبته الموسيقية زاخرة بما لا يخطر على بال. سجّلت الأغنية نقلاً عن تسجيله، لكن استقر بالشريط المقام في بيت صديقة عزيزة عشقت موسيقانا أخذته مني ضمن تسجيلات غنائية سودانية أخرى.
ثم عدنا إلى السودان وسافرنا إلى ليبيا ثم عدنا إلى فرنسا والشريط مع صديقتي، ولم يعد لي للآن. وهذه حكاية أخرى. التحية لصديقتي سوزي في عليائها.
لكن ظلت الأغنية تلازمني في الحل والترحال، أغنيها وقد حفظتها من الذاكرة ويعزفها بولا على العود وأصبحت فاكهة جلساتنا مع الأصدقاء والصديقات. قبل ثلاث سنوات، عثرت على هذا التسجيل النادر للأغنية، فكنت أسعد من أرخميدس وهو يهتف "وجدتها...وجدتها".



.
أضف رد جديد