الدعوة للأنتخابات . المثقفون السودانيون يتحدثون بلسانين .

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
حامد بشرى
مشاركات: 137
اشترك في: الخميس يوليو 23, 2009 2:21 am

الدعوة للأنتخابات . المثقفون السودانيون يتحدثون بلسانين .

مشاركة بواسطة حامد بشرى »

الدعوة للأنتخابات . المثقفون السودانيون يتحدثون بلسانين
مثالاً النور حمد والفاضل عباس


سبق أن عقبت علي رأي الأستاذ السر سيداحمد ومؤيدوه في خطل دعوتهم للمعارضة بخوض الأنتخابات . يمكن الرجوع الي مقالي بسودانايل تحت عنوان رد علي " مراجعات في المشهد السياسي " بقلم السر سيداحمد ود . النور حمد والفاضل عباس . في عقابيل هذا الرد بمحض الصدفة عثرت علي مقابلة صحفية مع الدكتور النور أجراها الصحفي محمد الأقرع علي صحيفة الأهرام السودانية تم نشرها بتاريخ 14 فبراير 2018 وفيه شخص النور أزمة النظام وما ستتمخض عنه تجربة الانتخابات المزمع قيامها علي هذا الرابط :

https://alsudanalyoum.com/interviews/%D8 ... 8F-%D8%A7/
والمدهش حقاً أنها كانت خلافاً لطرحه الحالي الذي أتي به بعد أقل من شهرين من هذه المقابلة ونشره في سلسلة مقالات عنوانها " السر سيد احمد وخيار الأنتخابات لهزيمة النظام " بسودانايل وصحف اليكترونية أخري مؤيداً فيها لآراء السر سيد احمد بمناداة قوي المعارضة للدخول في الأنتخابات ومنافسة مرشح الحزب الوطني عمر البشير.

والي اللقاء الذي تم مع النور ، بتصرفٍ

كيف يقرأ النور حمد المستقبل القريب للسودان في ظل الواقع الاقتصادي والسياسي الخانق؟

النور : الوضع مقلق، وأفقه قاتم شديد القتامة. فقد جاء هذا الوضع نتيجة لسلسلة من الأخطاء التي تراكمت على مدى تسعة وعشرين عاما. المؤسف أن النظام يريد أن يستمر على ذات النهج الطغياني الانفرادي، رافضا الانفتاح على القوى السياسية المعارضة، محاولا حل الأزمة، فيما يبدو، بتغيير الدستور، والتمديد للرئيس لفترة أخرى، وربما، إنهاء المؤسسات الدستورية الصورية التي اختلقها، وربما، أيضا، إعادة تدوير بعض الوجوه القديمة، التي تسببت في الأزمات المتسلسلة، وأوصلت البلاد إلى هذا النفق المغلق. إن عدم الشفافية الذي تدار به البلاد يجعل المرء عاجزاً عن التكهن بما سوف يحدث. لكننا، قطعا، نمر بمنعطف بالغ الخطورة.

في ظل وضع السودان المتأزم الآن، هل باعتقادك ستكون الانتخابات القادمة هي المخرج منه؟ وكيف ترى الدعوات الخجولة للهبوط الناعم والتسوية السياسية؟

لن تكون الانتخابات مخرجًا أبدا. وهي لم تكن مخرجًا، في أي مرة سابقة جرت فيه، منذ مجيء الانقاذ. لقد قادت متسلسلة الانتخابات الصورية الزائفة إلى تأزيم الأوضاع، بصورة مستمرة، حتى وصلنا إلى هذه الدرجة المفرطة من التأزم، ومن انغلاق سبل الخروج. إجراء انتخابات أخرى، سواءً ترشح فيها الرئيس البشير، أو أي فرد آخر من أفراد طاقمه، لا تعني سوى شراءٍ للزمن من غير هدف؛ أي شراء زمن من أجل البقاء في السلطة، وحسب. الهبوط الناعم، والتسوية السياسية، إن تيسرا، فهما أفضل الحلول. فأنا أدعو، وأرجو أن تجد دعوتي هذه آذانا صاغية، ويجري الشروع في تفكيك الانقاذ سلميا، وفي هدوء، ثم التوافق على فترة انتقالية طويلة، (عشرة سنوات)، تدير فيها البلاد حكومة تكنوقراط غير متحزبين. في هذه الفترة تعاد الدولة إلى منصة التأسيس لتسود فيها المؤسسية، وحكم القانون، بعد القضاء على الصراع غير المنتج. فالبلاد بحاجة لإصلاحات هيكلية ضخمة، لا تنجزها سوى حكومة موحدة، خالية من الصراعات، ينصب همها على البناء وفق خطة عمل محددة، مجدولة. في هذه الفترة تُطلق الحريات العامة، وترفع القيود عن الصحافة، وترفع سيطرة الدولة على وسائل الإعلام. تستثمر الأحزاب السياسية، هذه الفترة، في العمل على بناء نفسها، فتصبح مؤسسات، بعد أن كانت ملكيات لأسر؛ فتطور برامجها، وتستعد للانتخابات العامة في نهاية هذه الفترة الانتقالية. ويجب ألا يُستثنى الإسلاميون من إعادة تشكيل أنفسهم في حزب، أو عدة أحزاب. وفي هذا تفاصيل كثيرة وصعوبات محتملة لا يتسع المجال لعرضها.

في محور الانتخابات أيضا، كيف تقيم مسألة تعديل الدستور وترشيح البشير خاصة وان بعض القوى تقول إنه صمام أمان السودان والضامن لتنفيذ وثيقة الحوار الوطني؟

أعتقد أن إجاباتي السابقة تضمنت الإجابة على هذا السؤال. فالدستور لا ينبغي أن يعدل ليقنن لبقاء فرد، بالغا ما بلغ ذلك الفرد. بل، إن الرئيس البشير هو مركز الأزمة القائمة الآن. والحديث عن أنه يمثل صمام أمان للسودان، قول لا تقول به سوى بطانته، التي ما فتئت تضلله. أما ما يسمى "الحوار الوطني"، فقد كان مجرد هراء. وقد نقض الرئيس البشير نفسه غزل هذا الحوار أنكاثا، وبدأ ينصرف عن حكومته، التي شكلها باسمه. ويبدو أنه يتجه، الآن، لكي يلتف حولها ليجترح مسارًا جديداً.

لوّحت بعض القوى السياسية السودانية، مبكرا، بمقاطعة الانتخابات، في الوقت الذي يعتقد فيه البعض بأن المقاطعة جُربت ولم تقدح في شرعية النظام؟

في رأيي، ليس أمام الأحزاب المعارضة خيار سوى أن تقاطع الانتخابات لو أصر النظام على ترشح البشير. وهذا في تقديري، أضعف الإيمان. فإذا جعلت الإنقاذ أصابعها في آذانها، واستغشت ثيابها، وأصرت، واستكبرت استكبارا، كما ظلت تفعل دائما، فإن الانتخابات الزائفة سوف تجري. وسوف لن يقدم أو يؤخر شيئا، سواء شاركت فيها الأحزاب، أو قاطعتها. وسيقود هذا الاتجاهُ الانقاذ إلى وضعٍ تجد نفسها تتحطم، من تلقاء نفسها، تحت ثقل خطاياها. وقد بدت بشائر هذه النهاية في الظهور، الآن، على ما أرى.

في الشأن السياسي أيضا: أين يقف النور حمد من مسألة تسجيل الحزب الجمهوري؟

الحزب الجمهوري حزب سوداني له تاريخ عريق، يعود إلى نشأة الأحزاب السودانية في أربعينات القرن الماضي. ومن حقه أن يُسجل مثله مثل غيره من الأحزاب. ورغم أني لست عضوًا فيه، إلا أنني أدافع وبقوة عن حقه الديمقراطي في التسجيل. فإذا كان الحزب الشيوعي، وهو حزب علماني قح، جرى قبوله وتسجيله، فما الذي يمنع تسجيل الحزب الجمهوري، وهو حزب إسلامي! هل، يا ترى، بسبب أن استنطاقه للنصوص الدينية يختلف عن استنطاق الإخوان المسلمين لها؟ ومن ذا الذي جعل الإخوان المسلمين الناطقين الأوحدين، باسم السماء؟ الفرق بين رؤى الجمهوريين، ورؤى الإخوان المسلمين، مثلها مثل الفرق بين رؤى الشيعة، مقارنةً برؤى السنة، في العراق، مثلا، أو في غيرها من البلاد الإسلامية. الشاهد، أن نظام الانقاذ، قام، يوم أن قام، على نسق متطرف، وعلى جهالات موبقة.

أنتهت المقابلة المنقولة بتصرف مع د. النورحمد وكما ذكرنا تاريخها في فبراير عام 2018 وبعد ستة أسابيع فقط خرج لنا النور برأي آخر يناقض ويعارض جملة وتفصيلا ما أدلي به لصحيفة الأهرام سطره في عدة مقالات يدعو فيها المعارضة لخوض الأنتخابات تماشياً مع أقتراح السر سيداحمد .

ولو كنت مكان النور لما تراجعت خطوتين الي الوراء ولواصلة الأسهاب في بشائر نهاية النظام التي أشار اليها في فبراير ولم يفصح عنها بل تراجع عنها في أبريل . بشائر نهاية النظام التي بدأت تظهر علي السطح هي تلاحم قوي المعارضة ظهور أحزاب ومنظمات مجتمع مدني جديدة فرضت وجودها في العمل العام ، أستمرار الأبادة والتهجير القسري والنزوح في أقليم دارفور مواصلة الحرب في أقليمي النيل الأزرق وجبال النوبة ، البطالة والمجاعة التي عمت القطر ، قيام حركات أحتجاجات تندد بسياسة الحكومة فيما يتعلق بالأراضي والسدود ، ولوج المرأة السودانية مختلف الميادين ودخولها معركة العمل السياسي مضافاً اليها فساد الحزب الحاكم والأنهيار الأقتصادي الذي أصبح يُحسبُ بالساعات ، ويقف علي رأس كل هذه البلاوي فشل مشروع الأسلام السياسي الذي أشرف عليه حسن الترابي . كل هذه العوامل شكلت هبة الجماهير في يناير وبها أنكسر حاجز الخوف والأرهاب وتأكد لذوي الضمائر الحية عدم جدوي تكرار لعبة الأنتخابات بشروط المؤتمر الوطني لانها تمثيلية سيئة الأخراج .

الكتابة مسؤولية أخلاقية في المقام الأول والألتزام بها واجب مقدس خاصة من المثقفين حاملي راية التغير والأستنارة والنهضة ، ويحق لنا أن نتسآل ماذا أصاب أكاديميينا واعلاميينا حتي أصبح الشخص منهم مستعد لتغير أفكاره ومعتقداته قبل أن يجف الحبر الذي سطر به مقاله السابق؟ كتابة الشئ وضده ليست من صفات المثقف العضوي وأذا فقد الكاتب والمفكر المصداقية والأمانة تصبح كتاباته باهتة بلا طعم او رائحة يصعبُ تذوقها . نتمني من الدكتور النور أن يُفسّر لقرائه الكثيرين مسبباته التي دعت الي تغير مواقفه في هذه الفترة الزمنية القصيرة تماشياً مع توضيح الأستاذ الفاضل عباس الذي سماه ( أعادة نظر) وفيه تمت مراجعة الي موقفه الداعي لخوض الأنتخابات .

مضت علي مقالات النور حمد " السر سيد أحمد وخيار الانتخابات لهزيمة النظام" قرابة الشهرين وبحكم الأمكانيات التي أتاحتها ثورة المعلومات أجد نفسي بأنتظام أطلع علي ما يكتبة المفكرون والمثقفون السودانيون الأ أني لم أقرأ أي من الأراء للأخوة الجمهوريين وخاصة الدكتور عمر القراي فيما يطرحه النور بخصوص دعوته لقوي المعارضة بالمشاركة في الأنتخابات ، وهذا الصمت في حد ذاته يُدخلُ الريبة والشك عند القُراء مع قرأته متزامناً للكتابات الراتبة للدكتور القراي مع العلم بأن هذا الطرح (خوض الأنتخابات ) أذا اتي من الصادق المهدي لوقف له صديقنا القراي بالمرصاد وأتحفنا بمجلدات تطعن فيه . وهو أدري بقول بعض العلماء الساكت عن الحق شيطان أخرس . وبقوله سبحانه وتعالي وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( أل عمران104) . وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ (التوبة71)، وقول النبي عليه السلام من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه .

وقبل أن أختتم مقالي لا يفوتني الأ أن الفت نظر الدكتور النور حمد في وصفه للحزب الشيوعي في هذه المقابلة الآنفة الذكر (بالعلماني القح) . أولاً لا يحق للدكتور أطلاق الألفاظ علي عواهنها ليس هذا فحسب وأنما لا تليق بمقامه وتعليمه الأكاديمي وتربيته في أحضان فكر مستنير ك(الفكر الجمهوري) وثانياً بالرجوع الي الوصف الذي أطلقه علي الحزب الشيوعي لا يجوز علمياً جمع الصفتين علماني وقح لانهما نقيضين أي لا يمكن أن نصف شخصاً بانه مسلم وكافر في آن واحد . وبالرجوع الي المعجم الوسيط نجد تفسير (علماني) نسبة الي العِلم بمعني العَالم وهو خلاف الديني أو الكهنوتي . أما (قح) فهي من القحاح وهي تعني الخالي من الشوائب الغريبة . يقال أعرابي قحاح وتعني أنه لم يدخل الأمصار ولم يختلط بأهلها . فهل تري يادكتور أن هذه الأوصاف تننطبق علي الحزب الشيوعي أو الشيوعيين السودانيين ؟ الله أعلم . نعوت الأحزاب والأشخاص بدأها حزب السلطة وليس بمقدور أي شخص اللحاق بهم .

أما الأستاذ الفاضل عباس فكتب في 22 مارس " أضم صوتي لصوت صديقي وإبن خالي الكاتب السر الفكي محمد سيداحميدي (المشهور صحفياً ب: السر سيداحمد)، الذى دعى في سلسلة مقالاته الأخيرة لضرورة خوض الإنتخابات القادمة بعد عامين بواسطة كل القوي السياسية، لا سيما تلك التى تتململ وتنتفض الآن بغرض الإطاحة بالنظام الحاكم عن طريق الثورة السلمية (أو المحروسة) وغير ذلك من الآليات التى جربت ونجحت من قبل – في أكتوبر 1964 وفي إبريل 1985، والتى نجحت كذلك في التخلص من نظام حسني مبارك في مصر وبن علي في تونس. ولقد أورد السر تحليلات وحيثيات مقنعة (بالنسبة لي على الأقل) تشهد بإمكانية كسب سياسي هائل جراء خوض الإنتخابات، فإن لم تنجم عن تبديل النظام بآخر يعبر عن رغبة الشعب، فإن آفاق الحرية وحقوق الإنسان لا مفر من أن تتوسع قبل وأثناء الإنتخابات، وإن الرقابة المتشعبة والمكثفة من قبل الجهات المتعددة المشاركة سوف تجعل من تزويرها أمراً عسيراً، وسوف تفرض واقعاً جديداً من عدم الإنفراد لم يعهده المؤتمر الوطني منذ ثلاثة عقود، في ظل الرقابة الإقليمية والدولية الحريصة الدقيقة القادمة مع جماعات المعارضة " كذلك لم يفوت علي الأستاذ الفاضل عباس أن يذكرنا بان المؤتمر الوطني " سمح بمبادرة الوثبة، ثم بالحوار الوطني، ثم بحكومة الوفاق الوطني التى ضمت شخصاً مثل السياسي المنافح المخضرم مبارك المهدي، ومثل حاتم السر علي المعارض الأصيل لمدى 28 سنة" ويواصل في حديثه

" كلما بدأت المشاركة مبكراً – أي منذ اليوم وليس غداً - كلما جاءت ثمراتها نجاحاً ونصراً مؤزراً، فعلي قدر أهل العزم تأتي العزائم، خاصة إذا توحدت المعارضة ونسقت فيما بينها بمنتهى الثقة المتبادلة والشفافية والوطنية والأمانة والحصافة والذكاء، وأقبلت على حملتها بتخطيط محدد وتكتيكات مدروسة واستخدامات مواكبة لمعطيات العصر من تقنيات المعلومات. ويواصل الأستاذ في ذكر محاسن المشاركة في الانتخابات حيث يقول :

"وثمة فوائد أخرى عديدة للمشاركة فى الإنتخابات؛ من أهمها أن المؤتمر الوطني نفسه عندما يحس بوجود أفيال أخرى بالغرفة سوف يرعوي وينتبه وربما يغير جلدته بالمرة ويتحاشى بشيء من الخجل ممارسات الفساد ومظاهر البذخ الاستفزازي، وربما يتجه صوب الحكم الراشد بجدية أكثر. وقد يصاحب عودة الأحزاب لممارسة نشاطها بالداخل بعثاً نشطاً لمنظمات النفع العام وجمعيات وروابط الأقاليم والحركة النقابية الأصيلة الشفافة المعبرة عن عضويتها بصدق ونزاهة. وسوف يحاول كل حزب وتنظيم أن يصدر صحيفته الخاصة به، مما يفاقم العبء اللوجستي على أجهزة الأمن المضطلعة بالرقابة، ومما يربكها ويشتت طاقاتها. أي أن الحياة سوف تعود للشارع برمته، وتكثر مناسبات وآليات وسناريوهات التعبير عن النفس، من ندوات الأندية والدور الحزبية، لتحركات النقابات والمؤسسات الجماهيرية في سبيل تحقيق مطالبها، إلى الحركة الثقافية والفنية والأدبية والمسرحية الموازية، إلى مجمل الزحف نحو بوابات القرن الحادي والعشرين، نحو عصر التنوير الجديد والديمقراطية وحقوق الإنسان .

أذا كان المؤتمر الوطني بهذه المواصفات التي ذكرها الأستاذ الفاضل " من الأحزاب التي ترعوي وتغير جلدتها وتتحاشى بشيء من الخجل ممارسات الفساد ومظاهر البذخ الاستفزازي ،" لما أنفصل الجنوب والحركة الشعبية مشاركة في الحكم ولما أستمرت الحرب في دارفور خمسة عشر عاماً ولما أستشهد طلابنا في سبتمبر .

أتت المفاجأة في 20 أبريل أي في أقل من شهر بمقال من الفاضل عباس " الانتخابات وما أدراك ما الإنتخابات " أعادة نظر " جاء فيه :

"وفي هذه الأثناء، دار جدل كثيف حول المشاركة فى الإنتخابات فجره الأستاذ السر سيد أحمد عبر خمس مقالات بالصحف الإسفيرية، وقد أعجبت بذلك الطرح الذى يتمشي مع الرؤية التى أتفقنا عليها في القاهرة بالشتاء المنصرم - الخاصة بالنضال عن طريق صندوق الاقتراع . ولقد استرشد الأستاذ السر بالنموذج السنغالي وببعض الدول الإفريقية الأخرى التى حققت التصالح الوطني وجبر الكسر والتوافق بين كافة القوى السياسية؛ و(شالتني الهاشمية)...بلا روية، ودبجت مقالين فى الدعوة لعدم مقاطعة الانتخابات. بيد أن في ذلك خفة وعجلة وخطأ تكتيكي فادح، (وكاد أن ينطبق علي قول المتنبي: أماتهم قبل يومهم الجهل....وجرهم من خفة بهم النمل!). ولا يقلل من خطأي الشرح الذى قدمته والتحوطات التى وضعتها كإشتراطات تقع تبعتها على الحكومة.

أعتراف الفاضل عباس بخطأه في تدبجيه للمقالات التي دعا فيها لخوض الأنتخابات يعبر عن موقف شجاع وأمين وأصيل ( العتره بتصلح الجري ) و( العرجه لمراحها ) . لم أتعرض للأستاذ السر سيد أحمد ولا أعتقد أن مواقفه متناقضة قياساً لما سمعته منه في محاضرة قدمها لنا بمدينة أتاوا قبل حوالي 15 عاماً أو يزيد حينما لبي دعوة القائم بالأعمال آنذاك ووكيل وزارة الخارجية الحالي عبدالغني النعيم تخص أنجازات حكومة المؤتمر الوطني وأظنها كانت تعني بالبترول .

وفي الختام أتمني أن لا يكون مثقفونا حالهم كحال من وصفهم علاء الأسواني في مقاله الذي أختار له عنوان نظرية حسن المكوجي (بأنهم يسكتون عن الحق أما خوفاً من عواقب الأعتراض أو طمعاً في رضا النظام الذي يستطيع أن يغرقهم بالنعم ويستطيع أيضاً أن يفتح عليهم أبواب الجحيم).


حامد بشري
9 مايو2018






أضف رد جديد