صعوبات ميثاق التعاون الأمني الأوروبي السوداني. حامد فضل الله

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

صعوبات ميثاق التعاون الأمني الأوروبي السوداني. حامد فضل الله

مشاركة بواسطة حسن موسى »




تعاون الاتحاد الأوروبي مع السودان
ميثاق مشكوك فيه

Petra Sorge بترا سورقا

ترجمة وتعليق د. حامد فضل الله \ برلين


يتعرض النظام العسكري في السودان للنقد المستمر، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان. وهذا لا يوقف الاتحاد الأوروبي عن توثيق أكثر للتعاون مع الحكومة السودانية حول مراقبة الهجرة، إذ من المقرر أن يبدأ مركز العمليات أعماله في خريف هذا العام.
أنه يوم جمعة في أيلول / سبتمبر 2017، حيث عقد اجتماع رفيع المستوى وبصورة سرية في باريس حضره ممثلو الأجهزة الأمنية لأربع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي. شاركت المانيا بمسؤول من الشرطة الاتحادية ومقرر شؤون اللاجئين بوزارة الخارجية. وشاركت فرنسا بممثل من جهاز المخابرات، كما ساهم ممثلون عن ايطاليا وبريطانيا وبحضور الإنتربول.
" روك " ، ليس اختصاراً لمبادرة موسيقية: أنه مشروع حساس للاتحاد الأوروبي في أفريقيا و لمركز العمليات في العاصمة السودانية ومركز العمليات الاِقليمية في الخرطوم.
ويعد هذا المشروع (روك) جزءاً أساسياً من عملية الخرطوم ومنبرا للحوار بين الاتحاد الأوروبي ودول القرن الأفريقي، إذ تم الاتفاق عليه في قمة الاتحاد الأوروبي لعام 2015 في مالطا، بتكليف إدارة الهجرة في المنطقة ومركز العمليات الاِقليمية، لمحاربة الاتجار بالبشر والجريمة عبر الحدود، ولكن قبل كل شيء لمعالجة أسباب الهجرة غير النظامية.
تريد العديد من الدول الأفريقية - بما في ذلك مصر وكينيا وجيبوتي والصومال وإريتريا والسودان وجنوب السودان وإثيوبيا وتونس - تبادل البيانات. وسيحصل الاتحاد الأوروبي أيضًا على إمكانية الوصول إلى هذه البيانات. ومن المقرر افتتاح مركز العمليات مباشرة في معهد إبراهيم محمود لتدريب ضباط الشرطة في الخرطوم.
تأتي الأموال من صندوق الاتحاد الأوروبي لأفريقيا وتم تخصيص خمسة ملايين يورو للمشروع.
بعد عام واحد فقط من الاجتماع في باريس، من المقرر افتتاح المركز في خريف هذا العام. " وحسب علم الحكومة الاتحادية ووفقا للتخطيط الحالي سيبدأ عمل المركز في نوفمبر 2018 ". كانت هذه هي اجابة وزارة التنمية والتعاون الاقتصادي الاتحادية الألمانية، عن سؤال من المجموعة البرلمانية اليسارية.
تعاون مشكوكا فيه
إنها محاولة أوروبا الاستعانة بنظام استبدادي يهرب منه السكان أنفسهم، للسيطرة على الهجرة. فقد هرب 3.7 مليون شخص من السودان، وفقاً لمنظمة العفو الدولية. وقد تلقى الرئيس عمر البشير مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية.
السودان هو أيضا بلد العبور المهم. من هنا، يحاول أشخاص من إريتريا والصومال الوصول إلى ليبيا ومن هناك عبر البحر المتوسط إلى أوروبا. يقوم النظام بقمع المهاجرين ويتم مراراً وتكراراً رفض طالبي اللجوء أو اعتقالهم على الحدود، حسب منظمة العفو الدولية.
ومع ذلك، ظل الاتحاد الأوروبي يعمل منذ فترة طويلة مع المستبد البشير. تدفقت على السودان أكثر من 200 مليون يورو منذ عام 2015 لإدارة الهجرة. تتم إدارة 46 مليون يورو من صناديق الاتحاد الأوروبي والمانيا من قبل الجمعية الالمانية للتعاون الدولي في برنامج " إدارة أفضل للهجرة" وينصب التركيز على القرن الأفريقي، حيث يهرب حوالي 9 ملايين شخص على حسب معلومات جمعية التعاون الدولي.
كانت هناك دائماً انتكاسات في خطط مشروع الروك.
أرادت الدول الأربع المؤسسة، في الواقع، تكوين اتحاد مؤقت، وفوق ذلك، عقد اتفاق مكتوب. كانت عملية تقديم الطلبات في باريس جارية بالفعل في سبتمبر 2017، وكان مطلوباً منسق لمشروع الروك. أعلنت الحكومة الألمانية الفيدرالية في نوفمبر ردا على استفسار مجموعة اليسار في البرلمان، " بأنها لن تنضم للاِتحاد المؤقت".
هل كان لدى برلين أي ندم؟ ليس بالضرورة! أن حقوق الاِنسان لا يبدو أنها تلعب دوراً في الانسحاب من المشروع، حسب ما جاء في رد وزارة التنمية والتعاون الاقتصادي:
" قررت الحكومة الألمانية عدم الالتزام كشريك في المشروع بسبب محدودية الموارد البشرية والأولويات في المنطقة ". لم تعد فرنسا وبريطانيا العظمى وإيطاليا ترغب في التوصل إلى اتفاقية مشتركة. بدلا من ذلك، فإنهم يفضلون "الالتزامات الثنائية". وهذا لا يتعارض مع خطة عمل الاتحاد الأوروبي الخاص بمشروع الروك، المنصوص عليه صراحة من قبل الدول الأعضاء فحسب، بل أنه يجعل من غير الواضح تماما كيف يمكن تأمين الإدارة والأشراف على مركز العمليات الذي تم إنشاؤه من خلال العديد من الاتفاقات الثنائية.
الشرطة الاتحادية تتعاون مع الشرطة السودانية
ومع ذلك تجعل الحكومة الالمانية الفيدرالية انضمامها لمشروع الروك لا يزال مفتوحاً." يتابع المرء افتتاح مركز عمليات " نشط " وربما لاحقاً بالتنسيق مع المشاركين الأخرين لتعزيز التزامها الخاص"، مما يعني، أن الورقة المقدمة من الحكومة الفيدرالية، لا تقول لا، ولكن ربما.
تعمل الشرطة الاتحادية والشرطة السودانية معاً منذ فترة طويلة. قام في أكتوبر / تشرين الأول 2016، على سبيل المثال وفد من الخرطوم بزيارة برلين، وقد تحملت الشرطة الفيدرالية تكاليف السفر. وتم التدريب على المستندات والوثائق. فكان الهدف حسب وزارة التنمية والتعاون الاقتصادي هو الدعم الفني واللوجستي وكذلك فرص التدريب. كما أكدت وزارة التنمية والتعاون الاقتصادي ايضا بأن الشرطة الاتحادية وشرطة الحدود السودانية تتبادلان المعلومات حول وثائق الجرائم المرتكبة.
من الواضح أن هذا الأمر يتعلق أيضاً بوقف الهجرة: غالباً ما يعمل اللاجئون بجوازات سفر مزورة للخروج من البلاد. كما يتم تدريب حرس الحدود على مشروع " إدارة الهجرة الأفضل ".
وتعتبر منظمة العفو الدولية هذا الأمر إشكاليا بالنسبة للسودان. تم ايضا تكليف القوات الخاصة المسلحة السودانية بحماية الحدود. ويقال إن بعض ضباط قوات الدعم السريع انتموا في السابق لقوات الجنجويد المتورطة في الإبادة الجماعية في دارفور. كما أن قوات الدعم السريع تنتمي من الناحية التنظيمية الى جهاز المخابرات السودانية العامة (المخابرات السرية) وكذلك يشارك جهاز المخابرات العامة في حماية الحدود، هذا ما أكدته وزارة التنمية والتعاون الاقتصادي. أن جهاز الأمن والمخابرات ضالع (مرتبط) كسلطة دولة في مجال الهجرة، هذا فيما يتعلق بوظيفته القانونية.
ينتقد المتحدث السياسي الأوروبي لمجموعة اليسار اندريه هونكو بحدة، خطط مركز العمليات. ويعتبر التعاون بين الاتحاد الأوروبي وجمهورية ألمانيا الاتحادية مع السودان "إشارة قاتلة للانتخابات في عام 2020"، إذا أراد الرئيس بشير الترشح مرة أخرى ويقول: " تتم التضحية بحقوق الإنسان هنا لمصالح السياسة الخارجية".
تعليق من المترجم.
أزمة اللجوء وتبعاتها ليست جديدة في العالم، حيث عرف القرن العشرين أزمات لاجئين متعددة مع اشتعال الحروب والصراعات المسلحة، ابان الحربين العالميتين الأولى والثانية، أو حرب التسعينيات العرقية في أوروبا وإفريقيا. أن تصاعد أزمة اللاجئين من مناطق الصراعات المسلحة، تضاف الى سلسلة الاختبارات الكاشفة عن معضلات الدولة القومية، والنظامين الاِقليمي والدولي. إذ فرض تدفق ملايين اللاجئين، خاصة من سوريا وإفريقيا الى الجوار الاِقليمي أو الدول الغربية، ضغوطا داخلية وخارجية على الدول المضيفة التي واجهت معادلة صعبة بين الالتزام بالحقوق الانسانية للاجئين، وفقا للاتفاقيات والمواثيق الدولية، وممارسة سياسات تحد من تأثير تدفقاتهم في أمنها وسيادته.
كما لا تزال تسيطر ازمة اللاجئين منذ بدايتها، على العناوين الرئيسة في المانيا وأوروبا. لقد كانت سياسة الباب المفتوح وثقافة الترحيب والمقولة الشهيرة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل "نحن قادرون"، والاستقبال الحار وتطوع عشرات الآلاف من الألمان لمساعدة اللاجئين دون مقابل، لفتة انسانية رائعة. والآن انعكست الصورة تماماً بعد الاستثمار الشرس لأحزاب اليمين المتطرف للقضية وربطها بقضايا التهديد الأمني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، مستخدمة صحافة الاِثارة الشعبوية، مع مسايرة بعض الأحزاب السياسية لهذا الاتجاه، خوفا من الخسارة في الانتخابات، كما يفعل الآن حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي (CSU) والمشارك في الحكومة ويتعاون ويستقبل بترحاب رئيس وزراء الحكومة اليمينية الشعبوية، المجري فيكتور أوربان المعروف بعنصريته وعدائه للاجئين، وخاصة المسلمين، وقوله بكل وضوح ودون مواربة: " لا نعتبر هؤلاء الناس كلاجئين مسلمين ولكن كغزاة مسلمين" !!! وكذلك الخلافات العميقة بين دول الاتحاد الأوروبي حول التعامل مع أزمة اللاجئين، مما ادى الى تغيير بعض قوانين اللجوء لتتحول من الترحيب الى الترحيل.
الاتحاد الأوروبي الذي يضم 28 دولة، ويبلغ متوسط الناتج المحلي الاجمالي لكل دولة فيه 15 تريليون يورو، يقوم الآن بأغلاق حدوده بشكل محكم وإقامة الاسوار والاسلاك الشائكة والتعاون مع أنظمة دكتاتورية تضطهد شعوبها، وتستخدمها كحراس وبوابين، لمنع اللاجئين الفارين من عسف حكوماتهم ومن الفقر والجوع.
لم تتعرض وحدة الاتحاد الأوروبي إلى التمزق، بسبب "أزمة اللاجئين!"، الذين جاءوا طلبا للحماية، بل بسبب تنامي الاتجاهات والنزعات العنصرية والشعبوية والعداء للأجانب في دول الاتحاد الأوروبي.
برلين، 10 . 08 . 2018
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Spiegelonline Sonntag, 05.08.2018
هذا المقال هو تعاون مع الصحافة الاستقصائية لأوروبا
وجزء من البحث عبر الحدود "الحدود غير المرئية"، الذي يشارك فيه صحفيون من ألمانيا وبريطانيا العظمى وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وإسبانيا والسنغال.

أضف رد جديد