منقول عن صحيفة العرب .. 7- 9

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
عادل السنوسي
مشاركات: 839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:54 pm
مكان: Berber/Shendi/Amsterdam

منقول عن صحيفة العرب .. 7- 9

مشاركة بواسطة عادل السنوسي »

آرثر غابرييل: أكتب دراما الحرب لأفضح الصمت على الجريمة
أغلب الأعمال الأدبية في جنوب السودان اختزلت في كونها حكايات على لسان مؤلفين محليين تحدثوا عن تجارب الجنوبيين كضحايا الحرب الأهلية، ومعاناتهم في دول المهجر.
الجمعة 2018/09/07

آرثر غابرييل: الكتابة بالعربية تمثل جسرا لشعب جنوب السودان للالتقاء بأشقائه العرب
تبدو صورة الأدب في دولة جنوب السودان مشوشة وغامضة بسبب ندرة أعماله المترجمة إلى العربية. لكن هناك روائيين شبابا يحملون على عاتقهم مهمة التعريف به حاليا، أبرزهم آرثر غابرييل ياك، صاحب الرواية المثيرة “يوم انتحار عزرائيل”، التي تؤرخ للحرب الأهلية في البلد الوليد، وتروي حكايات الشعب ومعاناته، باعتبار أن مهمة المبدع تسجيل لحظات زهو وتهاوي أمته كي لا يمحوها الزمن. والتقت “العرب” في القاهرة غابرييل وأجرت معه حوارا كاشفا عن مكانة الأدب في جنوب السودان، وحدود الكتابة باللغة العربية.
السيد حسين- القاهرة- تنامى المنتج الأدبي المكتوب باللغة العربية في دولة جنوب السودان مؤخرا، بعد أن كان من الصعوبة بمكان إيجاد أدب لافت في هذا البلد، ضمن الدولة الأم السودان، أي قبل استقلال دولة الجنوب عام 2011، واقتصار الكتابات الإبداعية على اللغتين الإنكليزية والإسبانية، اللتين يجيدهما عدد من قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان، مثل لورنس كورباندي، وإدوارد لينو أبييي، وباقان أموم.
اختزلت أغلب الأعمال الأدبية في جنوب السودان في كونها حكايات على لسان مؤلفين محليين تحدثوا عن تجارب الجنوبيين كضحايا الحرب الأهلية، ومعاناتهم في دول المهجر، ومعظم الأعمال سُخرت وقتها كوثائق لتسجيل الانتهاكات التي حدثت كنتيجة للصراع، ما ينفي عن معظمها صفة الخيال، رغم تمتع عدد كبير من هذه الأعمال بحس فني وجمالي عال.
خارطة أدبية
يطرح الحوار الذي أجرته “العرب” مع الروائي والقاص الجنوب سوداني آرثر غابرييل ياك، تفاصيل كتابته لروايته الشهيرة “يوم انتحار عزرائيل”، والتي تعتبر أول رواية تصدر باللغة العربية لكاتب من جنوب السودان حول أحداث اندلاع الحرب الأهلية الأخيرة، وكشف غابرييل طبيعة هذا النوع من الأدب النادر وانعكاسه على الثقافة والفكر في بلاده.
يقدم غابرييل، الموجود في مصر حاليا، في إجاباته قراءات حول شخوص الرواية والأدوار التي لعبتها، في وقت ينفي إسقاطه لأي توجهات أيديولوجية على الشخوص التي أكد أنها خيالية لا تمت للواقع بصلة، على الرغم من أن الرواية تدور أحداثها حول أحداث ديسمبر عام 2013 التي وقعت بين قوات تابعة لرئيس جنوب السودان سلفا كير، وقوات نائبه السابق رياك مشار، لكن الكاتب الشاب استبعد أن تكون الرواية محاكمة تاريخية لقادة الحركة الشعبية.
يقول “المشهد الثقافي في جنوب السودان ما زال في طور التشكل، وقد يكون لعدم الاستقرار السياسي في البلاد دور سلبي، مع ذلك هناك حراك ثقافي جيد يقوم به فنانون تشكيليون عبر معارضهم من حين إلى آخر، رغم عدم توافر بنية تحتية ثقافية، مثل صالات لعرض اللوحات الفنية.


رواية تكشف فظائع الصراع القبلي في جنوب السودان

ويضيف “تحاول الفرق المسرحية تقديم فنها عن طريق إقامة مسارح بالشارع في الأحياء الشعبية، لإيصال العروض المسرحية إلى غالبية الشعب الذي لا يستطع الوصول إلى المسرح الوحيد الموجود في العاصمة، علاوة على مهرجان للأفلام القصيرة التي تنتج محليا لتشجيع الإنتاج السينمائي، في ظل غياب بنية تحتية لصناعة السينما، حيث يقوم المخرجون والمنتجون بتقديم أفلام بأدوات لا ترتقي إلى المستوى العالمي، والمشهد الأدبي ليس استثناء، لكنه سوف يشهد نقلات في السنوات المقبلة، لأنه في الغالب الأعم يعتمد على الجهد الفردي”.
عن موقع الرواية الجنوب سودانية على الخارطة العربية، يقول غابرييل “الروايات التي صدرت حتى الآن باللغة الإنكليزية أو العربية، لا تتعدى العشر، ربما في المستقبل يكون للأدب في بلدنا موقع على الخارطة العالمية، وأنا متفائل بذلك”.
ويتابع “الكتابة بالعربية تمثل جسرا لشعب جنوب السودان للالتقاء بأشقائه العرب، ليطلعوا على ثقافته ويعلموا الكثير عن هموم هذا البلد وما يعيشه من ويلات الحرب والفقر”.
يعيش أغلب الكتاب الجنوب سودانيين الرواد في الخارج ويكتبون بالإنكليزية، كجوناثان ميان وأغنيس لوكودو والشاعر أكول ميان وإدوارد لينو، والشاعر لورنس كوربندي الذي يكتب بالأسبانية. أما الاسم الأبرز على الإطلاق، الذي يواصل الكتابة هو البروفسور تعبان لوليونق، الذي نشر أكثر من خمسة عشر مؤلفا بين القصة والرواية والشعر والنقد الأدبي، وهو من أشهر الكتاب في شرق وجنوب أفريقيا، وعمل لسنوات عديدة في التدريس في كينيا وجنوب أفريقيا واليابان والآن يعمل أستاذا بجامعة جوبا.
على مدار العقود الماضية، لم تُكتب في جنوب السودان أعمال بالعربية سوى للأديبة استيلا قايتانو، التي أصدرت مجموعتين قصصيتين “زهور ذابلة” و”العودة”، والروائي والشاعر بوي جون الذي أصدر روايتين “كوميان”، و”جنة الخفافيش”.
يرجع غابرييل ياك السبب إلى أن اللغة العربية “كانت تاريخيا محل مقاومة من قبل سكان جنوب السودان، وظلت المحاولات الرسمية لفرض الثقافة العربية في جنوب السودان من أهم مغذيات الحرب الأهلية التي استمرت نحو نصف قرن، إلا أن نزوح الآلاف من الجنوبيين، منتصف الثمانينات، صوب الخرطوم وغيرها من مدن السودان الشمالي، أفرز جيلا من الكتّاب الذين تلقوا تعليمهم بالعربية، وتفاعلوا مع ثقافتها بحيوية أكثر من آبائهم وأجدادهم، واستطاعوا بلورة وعي مبكر بقضيتهم السياسية وتشابكاتها مع قضية الهوية القومية”.
مثلت رواية “يوم انتحار عزرائيل” جدلا واسعا، ليس فقط لكونها أولى الروايات الجنوبية المكتوبة بالعربية المتحدثة عن فترة الحرب الأهلية في جنوب السودان، لكن لقوة تعبيرها عن فترة شديدة التعقيد في تاريخ البلد، ونجح غابرييل من خلالها في عمل مزيج أدبي بديع بين الزمان والمكان، ونقل القارئ العربي الذي لا يعرف الكثير عن جنوب السودان حاليا، إلى تلك المنطقة الرمادية، وأبرزت الرواية جزءا من التراث الجنوب سوداني باللغة العربية.
الهدف الأساسي من كتابة آرثر غابرييل لرواية "يوم انتحار عزرائيل" لفت أنظار العالم إلى المجازر في جنوب السودان
يبين آرثر غابرييل ياك أسباب كتابة روايته هذه بالعربية، واختيار العنوان الذي اختاره لها، والذي يراه البعض غامضا ويحمل دلالة دينية، قائلا “هي رواية تعتمد بالأساس على مجازر حدثت في ثلاث مدن جراء الحرب الأهلية التي اندلعت في ديسمبر عام 2013، وفيها تم القتل على أساس طائفي بصورة بشعة للغاية”.
عزرائيل المنتحر
يضيف “اسم عزرائيل يحمل دلالة دينية خاصة، فهو المسؤول عن تدوين أسماء كل المواليد في العالم، وقبض أرواح الناس وتسليمها إلى الله بحسب الأديان. هذه هي المهمة التي يؤديها كولونيل فرانكو (عزرائيل الرواية) بإزهاق أرواح الناس وفقا لأوامر قادته في الجيش. عزرائيلنا وعزرائيل الدين لا يتصرفان ويقبضان على الأرواح بمزاج شخصي، بل وفقا للأوامر التي يتلقيانها من أعلى، وكلاهما عبد مأمور”.
ويؤكد “رسمت المجتمع الجنوبي من خلال الأحداث التي تمت في زمن الحرب، والتي لا ناقة للمجتمع فيها ولا جمل، لقد زُجّ بالمجتمع بأسره في هذه الحرب اللعينة، وبالتالي كان لا بد من تناول ذلك ليفهم العالم أنّ القبائل المتحاربة ضحايا لاستغلالية وانتهازية الساسة”.
قدمت الرواية تداخلا في الأزمنة بدا مشوقا وغريبا، بعد أن انتقلت فصولها بين الماضي والحاضر بتلقائية. يقول غابرييل إن “الكتابة عن شخوص في خضم أحداث دارت في فترة زمنية معينة، وهي ثلاثة شهور فقط، زمن أحداث الرواية، تتطلب استخدام تقنيات تلقي الضوء على ماضي هذه الشخوص بتطبيق تقنية الومضة الورائية flash back أو الارتداد، وهو سرد لاحق لأحداث سابقة حدثت في حياة شخص ما، ولها علاقة بلحظة القصة مثلا، وكان لابد من سرد لاحق لأحداث وقعت في حياة فرانكو في السابق لفهم اللحظة الآنية للقصة”.
قتل الاختلاف
تناقش الرواية بشكل عام موت الإنسان، ليس من حيث منظور الموت كأمر طبيعي مناقض للحياة، لكن بوصفه الحياة التي يُحرّمها إنسان على أخيه الإنسان لأنه يختلف عنه، ومثل هذا الموت الذي يقع على الفرد لأنه ينتمي إلى إثنية غير إثنية القاتل، يصعب تصنيفه كقضاء وقدر.


الكتابة بالعربية تمثل جسرا لشعب جنوب السودان للالتقاء بأشقائه العرب

أكثر ما يلفت النظر في كتابات غابرييل تلك الرغبة في التغيير التي تسيطر على أبطاله الرافضين للكسل والاستسلام للأمر الواقع، وهو يؤكد دوما “الكتابة في حد ذاتها فعل من أفعال التغيير، ورفض الاستسلام للأمر الواقع، وأكاد لا أعترف به”.
تعبر تلك الصلات عن شخصية غابرييل المثيرة، فقد قرر تغيير مسار حياته فجأة من مهنة الطب إلى الكتابة الروائية، وأضحى هذا التحول بعد ذلك وسيلة جعلته غير مرغوب فيه، يتعرض للتنكيل والملاحقات الأمنية في جنوب السودان ليبدأ خطة الهروب من جوبا بعد صدور روايته الأخيرة، ومصادرة نسخها من قبل جهاز الأمن،
لينتقل بعدها للإقامة في الخرطوم.
عن الدور الذي تلعبه اللغة في أعماله، يقول “اللغة تلعب دورا أساسيا في أساليب القص مثل الحوار والسرد والوصف، فمثلا عندما يكون الحوار بين العسكر، لا بد أن تكون اللغة هي لغة العسكر وليست لغة قساوسة ورهبان، أي أن كل شيء يُقال دون أدنى حياء، وإن أتيت برهبان أو شيوخ يتحدثون بلغة العسكر لشعر القارئ باغترابه عن النص ورمى بالعمل بعيدا”.
ويبيّن “إذا كنت متمكنا من اللغة واستخدمت العبارات الوصفية بدقة في رسم الشخوص لتلاشت حدود الخيال وأصبحت الشخصيات حقيقية للقارئ، لأن اللغة هي العمود الفقري الذي تستند عليه كل تقنيات العمل الفني”.
ويرى أن الهدف الأساسي من كتابة آرثر غابرييل لرواية “يوم انتحار عزرائيل” لفت أنظار العالم إلى المجازر التي وقعت في جنوب السودان، بعد أن شعر أن الحكومة والمعارضة، تتستران عليها عمدا، ومعظم سكان البلاد لا يعلمون ما حدث، والمثير أنّ المنظمات الدولية التي كانت تعمل في جنوب السودان تدرك تفاصيل ما حدث، وغضت الطرف عن ذكرها بالتفصيل عمدا لأسباب تعلمها هي.
ويقول “الإسقاط على الحاضر هو الجوهر الأساسي للرواية التاريخية، التي إن لم تكن ذات علاقة بالواقع الحاضر، ستكون مجرد قصة عن ماض ويلقيها المرء جانبا بمجرد إكمالها، وقد ألقت ضوءا على جانب مهم يشكل المعضلة الأساسية للدولة الوليدة وهي القبلية التي طغت على الحرب في الجنوب وما زالت تلقي بظلالها الثقيلة على الواقع اليومي المعيش”.
وأفصح غابرييل في حواره مع “العرب” عن يقينه بأن الكتابة بالنسبة له “سلطة قوية تفوق سلطات الساسة، لذلك تجدهم دائما يحاولون قمع الكتاب، لأن الكلمة قوية ومؤثرة في نفوس الناس وعقولهم أكثر من طلقة رصاص”.
الفكر الديني ضعيف، لذا فإنه يلجأ الي العنف عندما تشتد عليه قوة المنطق، حيث لايجد منطقاً يدافع به، ومن ثم يلجأ الي العنف.( ... )
أضف رد جديد