حضور من لا يعتريهم الغياب قراءة في كتاب عفيف اسماعيل

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صافيناز حاج الطاهر
مشاركات: 29
اشترك في: الجمعة أغسطس 24, 2012 2:46 am

حضور من لا يعتريهم الغياب قراءة في كتاب عفيف اسماعيل

مشاركة بواسطة صافيناز حاج الطاهر »

حضور من لا يعتريهم الغياب
قراءة في كتاب عفيف اسماعيل
( نثرات من عطر الغائبين)


الكتاب شهاده انيقه عن كل ماهو ايجابي وبناء فى الثقافه السودانيه- اجتماعي، سياسي كان أو ديني. شهد الكتاب شهادته هذه بصدق حقيقي بعيد عن ال rhetoric الذي يغلب فيه العاطفي المنحاز والبليد احيانا والقائل بأن السودانيين هم أعظم شعوب الأرض قاطبه.

من خلال سرده عن شخصيات لصيقه به وصف عفيف وسلط الضوء علي ماهو أكبر من الحزن لغياب هذه الشخصيات عن حياته. فى تعبيره عن حزنه على غياب هذه الشخصيات وثق عفيف، وبدقه، لسياسي، اجتماعي، وديني الحياة السودانيه متمثله فى منطقة الجزيره كنموذج. تحدث صديق عفيف العراقي يوم تدشين الكتاب فى استراليا عن أن عفيف ذكر ١٥٠ شخصيه فى كتابه الصغير الذى لا تتجاوز صفحاته ال ١٢٠ صفحه من الحجم الصغير. ليس هذا سوى شهاده بأن الكتاب أكبر من نعي لخمسه شخصيات فى حياة عفيف.

فى الكتاب "المعلم" ووالد الكاتب مثال للاب الذي يعي أن دور تنشئة الابناء، الذكور منهم والاناث، يكمن فى مدهم بالحب غير المشروط (الابوي، المثالي، الصادق) والمتجاوز لضيق الانا فى جو صحي يسمح لكل فرد من أفراد الاسره بالنمو والتطور حسب مقدراته وحسب رغباته، دون وصايه من سلطه عليا يمكن لها، أن أرادت، أن تحول حياة جميع من فى الاسره الي جحيم حقيقي. يُقزم من نمو الأطفال الوجداني ويمكن أن يحولهم مستقبلا إلى ذوات مرتبكه وقلقه ليست كفيله باسعاد نفسها، دع عنك مساعدة وإسعاد الآخرين.

الاب اسماعيل عبد الرازق، وكما جاء فى سرد الكاتب، تمكن من حياكة وتطريز مجال حركته الأسري بمرونه شديده وبراح واسع- سقي فيه زهراته وفلذات كبده بماء الود و الحريه والشجاعة فنموا ليصبحوا رجالا ونساء اصحاء قادرين على تقديم كل ما من شأنه دفع الإيجابي فى الحياه. حياة اسماعيل عبد الرازق كانت من الاصاله والصمود بحيث " ان يوم رحيله ارتجت له أرض السودان اذ صادف ان قامت فى ذلك اليوم عاصفه ترابيه قويه، لم يري اهل السودان مثلها من قبل وكأنما أرادت أن تجسد صحة مقولة الاساطير الافريقيه التي تقول "عندما يغادر احد اركان الارض الى الضفه الاخري تمارس الطبيعه حزنها عليه بشكل او باخر، لأن ركنا ركينا قد انهد" وهنا حدثنا عفيف عن كيف يكون الوالد والمربي الانيق سودانيا.

تحدث عفيف عن لقائه الأول، وهو بعد ابن العاشره، بالاستاذ محمود محمد طه ليصف حضور الاستاذ الطاغي الذي كان يحاصر حلقه كامله من الحضور كما تحاصر عينا الموناليزا مشاهديها من كل الاتجاهات. بحديثه عن الاستاذ محمود محمد طه حدثنا عفيف عن كيف تكون هيئة النبي السوداني*.

تحدث عفيف عن الشاب اسامه "الفراح عوان الحله" وعرفنا كيف يكون اليسار سودانيا. شهادة عفيف و سرده عن اسامه ورفاقه شهادة قويه فى حق الحزب الشيوعي السوداني " المتعافي" وحراكه المعافي وسط جماهير وجموع غفيره وصاحبة مصلحه فى التغيير.

تحدث عفيف عن الحراك الثقافي فى انديه الأحياء فى الحصاحيصا لينورنا كيف يكون اتحاد الشباب سودانيا-يقدم الشاعر عاطف خيري و يشحذ همم الشباب لمد يد المساعده والتطوع لحفر مجري سدته مياه الأمطار او للتعاضد لمساعدة ارمله انهار جدار منزلها .

تحدث عفيف عن زوجته الاستاذه نازك ووصفها فى كل مره جاء الحديث عنها ب " رفيقة الأهوال والمحبة". هنا رسم لنا عفيف صورة كيف تكون العلاقه الزوجيه بين المثقف السوداني الحقيقي وزوجته ورفيقة دربه. فى ذات الإطار تحدث عفيف عن علاقة زوجته بصديقه اسامه وقال" بين اسامه ورفيقة الاهوال والمحبه "نازك" احترام وتقدير وود متبادل غير خافِ، ومحبه صادقه تنتمي إلى ذلك التواصل الإنساني الحميم النبيل بغير حواجز، والدفء الرفاقي فى العلاقه والاحترام بين الشيوعيات والشيوعين،..... نازك و اسامه يجسدان معا احدي قواعد جلال الدين الرومي للعشق: أن عدم المشاركه فى عزف موسيقي الكون دليل على جهل مطلق". لنا دائما أن نتذكر أن حرية الزوجه في اختيار من تود من الأصدقاء الرجال أمر ليس بالعادي، إنه استثنائي ولا ينبع الا من وعي كبير بأن المرأه إنسان كامل بعقل كامل ليس منقوص كما تعتقد الثقافه السائده: المرأه ناقصة عقل ودين.

اخيرا تحدث عفيف عن الاستراليه "شيلا" صديقته وصديقة اسرته ليرسم لنا صورة كيف يكون الوداد سودانيا، انيقا وعابرا للقارات.

الكتاب اذا شهاده حول الكيفية التى يجسد ويمارس بها السودانيون "الاصحاء" انحيازهم لقيم الانسانيه الكبيره من ود، محبه، تعاضض، مبادره، تنوير...الخ

الحزن كل الحزن ونحن نري معاول الإسلاميين تهد، عن قصد لئيم، كل ما تحدث عنه عفيف. أملنا أنه يظل فى هذه الأرض ما ينفع الناس وما عداه زبد يذهب جفاء.


شكرا على الاهداء يا عفيف وشكرا يا عاطف على احضار الكتاب
صافيناز حاج الطاهر
القاهره
نوفمبر/١٨ ٢٠

* حادث الحركه الذي غيب خالكم الشجاع محمود رزق اوجعني ولم أشعر الا ودمعه سخيه تنحدر منى
أضف رد جديد