بيع الإنسان والذهب بين دورتين من تاريخنا

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

بيع الإنسان والذهب بين دورتين من تاريخنا

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

.
https://www.youtube.com/v/xd-LnoddSt4


هذا الفيلم منتشر بشدة في وسائط التواصل الاجتماعي بين السودانيين هذه الأيام.يتم تبادله بافتخار مصحوب بعبارات من شاكلة "كنا وين وبقينا وين"، "الله أكبر ديل أجدادنا"...إلخ. لو كان التاريخ يُدرَّس بصدق في مدارسنا (وفي مدارس كل بلدان العالم)، لتحولت عبارات الإستحسان والتمجيد المصاحبة لهذا الفيلم إلى عبارات إدانة لصفحات مشينة من تاريخ البشرية. صفحة بيع البشر في أسواق النخاسة والتعامل مع الإنسان في أفريقيا كشيء، لا كائن له كرامة.
مقررات التاريخ في مدارسنا ملأى بالتزوير والدسدسة. تعلمنا أن محمد علي باشا فتح السودان "للرجال والذهب". عبارة مبهمة لا شرح فيها للتلاميذ عن ما أراده محمد علي باشا بهؤلاء "الرجال". صحيح أن كلمة "العبيد" بدل الرجال وقعها مؤذٍ وشرحها صعب في بلاد مارس فيها أهلها الرق حتى فيما بينهم، والكلمة توحي بالشتيمة والإهانة. فكيف يكون وقعها في أذن التلميذ والمعلم معاً؟ وكيف يمكن لكرامتنا الجمعية أن تتواءم مع حقيقة أن أجدادنا كانوا يباعون في أسواق النخاسة عبر العالم؟
لكن، كيف كان سيكون من الممكن لواضعي مقررات التاريخ أن يجدوا مخرجاً مشرِّفاً يتجنبون به وصف حالة الاستعباد التي تعرضنا لها في فترة من تاريخنا، بينما كانت ممارسة الرق تتم في بلادنا حتى تاريخ قريب ولا زالت أثارها ماثلة؟ وضع لا نُحسد عليه كان من الأسهل التخفي منه وراء العبارات المبهمة.
طوال فترة الحكم التركي ظلَّ الأتراك ينهبون الذهب ويبيعون الرجال لمن أراد أن يشتري. مثل هؤلاء الرجال الذين اشتراهم نابليون لينخرطوا في جيوش فرنسا في حرب المكسيك ويشيد الفيلم بشجاعتهم وقوة أجسادهم التي جعلت محمد علي يغزو بلادنا. الفيلم لا يقول بالطبع أن نابليون اشتراهم، لكنه أيضاً لا يقول إلى أين ذهبوا بعد أن حققوا نصراً كبيراً لفرنسا. لا يقول إلى أين ذهبت بهم أن دورة شرائهم وبيعهم.
نهب الأتراك الذهب وباعوا الرجال وأهدوا آثارنا التاريخية لمتاحف العالم تحت صمت مقرراتنا الدراسية وصمت العالم. وها نحن الآن أمام دورة جديدة من دورات التاريخ يُباع فيها العيال والذهب وتُهدى فيها ثرواتنا وأراضينا للأفراد وللشركات العابرة للقارات من الخليج إلى ضفتي المحيط الأطلسي، عطاء من لا يملك لمن لا يستحق. لكن متى كان بيع الأرض والعرض مُستحقاً؟!


https://www.youtube.com/watch?v=xd-LnoddSt4

.
أضف رد جديد