في تخليد ماء ديسمبر: قطرات ديسمبرية - سيد أحمد بلال

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

في تخليد ماء ديسمبر: قطرات ديسمبرية - سيد أحمد بلال

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

في تخليد ماء ديسمبر:

قطرات ديسمبرية

سيد أحمد بلال




عموماً، لكل منا معركته التي يختارها، ويعطيها الأولوية


بالنسبة لي أرى أن التاريخ الحديث في السودان شهد بروز دعوات للتظاهر والاحتجاج السلميين، بل شهد حركات سلمية كاملة؛ وكان هذا بالنسبة لي وعد بفجر جديد، لكن هذه الوعد واجهه عنف تصفوي غير مسبوق، آخره تلك التصفية الدموية القذرة للمعتصمين أمام ميدان القيادة. لذلك فإن ميزان العدالة مختل ويتطلب تعديله مساهمة كل من شكَّل له ميدان الاعتصام وعداً بالسلام.

*

شهادات التعذيب الحية

من المؤكد أن السجون والمعتقلات قد تحررت وصارت تحت إدارة سلطات تابعة للحكومة الانتقالية (وليس العميقة). ولا شك أن أكثر فئة تعتبر من أصحاب المصلحة والشأن في هذه المرحلة هي فئة من تعرضوا للتعذيب؛ وبما أنهم يعرفون سرديات تعذيبهم وأماكنها، فإن عليهم مسئولية التعاون مع الفنانين الذين يستطيعون تحويل معاناتهم في المعتقلات والسجون وبيوت الأشباح إلى أعمال تصور اًو تسرد من مواقع حدوثها (في المعتقلات وأماكن التعذيب وبيوته) لتُضاف لجداريات الاعتصام التي تناقلنا صورها في موبايلاتنا وصارت جزء من نسيج إبداعاتنا وثقافتنا الجديدة.

*

زيارة أسر الشهداء لا تكفي!

إذن ماهو المطلوب؟ مطلوب زيارات عديدة حتى يتشكل تصور للكتابة عن حياة الشهداء وعن أيامهم في الاعتصام، عن أيامهم الأخيرة فيه، وموقعهم في الاعتصام وأماكن تواجدهم فيه وعن يومهم الأخير، إن كان ذلك ممكناً؛ وأن يُسجَّل كل ما يتعلق بهم، ليس فقط ليصير جزءً من التحقيق الجاري الآن حول اغتيالهم واستشهادهم، وإنما ليكون أيضاً سِجِّلاً ووثيقة أو صحيفة مبذولة مزودة بالصور والتفاصيل للاطلاع وتحفظ في موقع تكون متاحة فيه للجميع.

*

مساطب وأقداح طعام سيدات الأطعمة الشعبية

لإحياء ذكرى مساهمة من شاركن في الاعتصام، وهذا يعني بناء مساطب ومقار ثابتة لتطوير صناعة الكسرة، والكسرة المتمرة، والزوادة، والزلابيا، والطعمية، وكعك الأعياد وغيرها تقديراً لمهنتهنَّ ودورهنَّ.

*

أطفال الشارع

لإثبات أن استخدام الثورة للغة أطفال الشوارع لم تكن موضة وادعاء انتساب لفئة عانت من القهر والتهميش ولكي لا يكون التهميش اطاراً جغرافياً، أتمنى نشوء معاهد تعليم وتدريب وتأهيل مهني لأطفال الشوارع. لذلك، خصوصاً بمناسبة الذكرى الثانية للثورة، يكون جميلاً إنشاء وحدات تعليمية صغيرة تمت بنسب لتجربة الاعتصام التعليمية لأطفال الشوارع من فاقدي الوالدين ومن الذين صنعتهم الحروب المستمرة وغيرهم من الذين انتقصت طفولتهم.

*

استفتاء للمواطنة الكاملة التي حلت محل التمكين

لا شك أن المواطنة الكاملة هي النداء الأعمق لثورة ديسمبر. والمواطنة الكاملة ليست ديباجة قانون لنتجادل في صياغتها، وإنما هي، باختصار: (حق الجميع في الوطن). لذلك فإن تعيين يوم لإجراء استفتاء أو ما يشبه الاستفتاء بدولة المواطنة في إطار احتفالي يعطي الزخم المطلوب لدولة مابعد دولة التمكين.

*

الخيلاء والتبجح

هناك وثائق كثيرة وفرتها وسائط الاتصال الاجتماعي يظهر فيها أجلاف الإنقاذ وهم يمارسون خيلاءهم وبجاحتهم؛ يظهر ذلك في غمضة عين علي عثمان محمد طه اليسرى وهو يهدد بكتائب الظل وغيرها في تفلتات وتشنجات وتحديات واهتزازات البشير، ونافع، أحمد هارون، حسين خوجلي وغيرهم.
الارشيف متاح، المادة متاحة، والوليمة كبيرة ودسمة تحتاج لخيال المسرحيين/المسرحيات وكتائب الفكاهيين/الفكاهيات والمتهكمين/المتهكمات ، نحتاج لمن يقلد ونحتاج لمن يتمسخر ولمن يصنع النكات، ماذا ستفعل المحاكم بهم إذا لم يسبقها إبداع يصنع من هؤلاء الأجلاف مادة للهزء و كاراكاتورات وأرجوزات؟
نعم لقد حكموا وأذلوا الناس وتماهوا بخيلائهم وبجاحتهم ظناً منهم أنهم طغاة كبار وأن طغيانهم قد ترسخ وأنهم يخرقون الأرض ويبلغون الجبال طولا؛ لذلك يجب ممارسة اللعب بالطغاة حتى يخرجوا من ثقب باب مفتاح التاريخ كما تنطفئ الفقاعة.

*

الدائرة تضيق

ظل مخططو ومنفذو مذبحة يونيو يتوهمون أن موضوع المذبحة سيتلاشى مع الزمن لكن موضوع المذبحة صار هو الثورة نفسها،، وصارت دائرة المذبحة والثورة كلما اتسعت تضيق الدائرة حول رقاب مخططيها ومنفذيهاً، "وبشر القاتلين بالقتل ولو بعد حين".

*

وكما قيل فإن الماء أكثر الأشياء ليونة لكنه يكسر كل شيء

ذات حين، بعد كل فترة زمنية يصعب تحديدها، يتنفس المجتمع، تتنفس الحياة وتتجدد؛ يمكن تحليل ذلك عقلانياً لكن من عمق الحياة والأحياء تهب هذه العاصفة القوية؛ وهذا ليس قانون داروين الذي يقول بالبقاء للأقوى وإنما نقيضه: البقاء للأضعف، لليونة، للمرونة، للندى، للدمع، للرحيق، لعودة السيف إلى غمده، وعودة الرعونة إلى الكمون، ولا شك أن محبة الناس خير من الاستقواء عليهم.
وداعا أيتها القوة الغاشمة لأن ما ينفع الناس هو الذي يمكث في الأرض!
أضف رد جديد